موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٤

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام18%

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مؤلف:
المحقق: باقر شريف القرشي
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: 310

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
  • البداية
  • السابق
  • 310 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 133847 / تحميل: 6462
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
ISBN: ٩٦٤-٩٤٣٨٨-٦-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

والضابط ما ذكرناه من اعتبار الاسم كالمقيس عليه ، وعلف الاُمّهات لا يسري إلى الأولاد.

ويبعد ما قيل في غنم مكّة ، لأنّها لو كانت متولّدة من جنسين لم يكن لها نسل كالسِّمع المتولّد من الذئب والضبع(١) ، وكالبغال.

وقال الشافعي : لا تجب سواء كانت الاُمّهات من الظباء أو الغنم ، لأنّه متولّد من وحشي أشبه المتولّد من وحشيّين.

ولأنّ الوجوب إنّما يثبت بنصّ أو إجماع أو قياس ، والكلّ منفي هنا ، لاختصاص النصّ والإِجماع بالإِيجاب في بهيمة الأنعام من الأزواج الثمانية وليست هذه داخلة في اسمها ولا حكمها ولا حقيقتها ولا معناها ، فإنّ المتولّد بين شيئين ينفرد باسمه وجنسه وحكمه عنهما كالبغل فلا يتناوله النصّ ، ولا يمكن القياس ، لتباعد ما بينهما واختلاف حكمهما ، فإنه لا يجزئ في هدي ولا اُضحية ولا دية(٢) ، ولا نزاع معنا إذا لم يبق الاسم.

وقال أبو حنيفة ومالك : إن كانت الاُمّهات أهليةً وجبت الزكاة وإلّا فلا ، لأنّ ولد البهيمة يتبع اُمّه في الاسم والملك فيتبعها في الزكاة ، كما لو كانت الفحول معلوفةً(٣) . ونمنع التبعيّة في الاسم.

____________________

(١) اُنظر : الصحاح ٣ : ١٢٣٢.

(٢) المجموع ٥ : ٣٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٥ ، المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣٠ ، المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥ ، المجموع ٥ : ٣٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٥.

٨١

الفصل الثالث

في زكاة الغنم‌

الزكاة واجبة في الغنم بإجماع علماء الإِسلام.

قالعليه‌السلام : ( كلّ صاحب غنم لا يؤدّي زكاتها بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر تمشي عليه فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها كلّما انقضى آخرها عاد أولها حتى يقضي الله بين الخلق في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة )(١) .

إذا ثبت هذا فإنّ شرائط الزكاة هنا كما هي في الإِبل والبقر بالإِجماع ، نعم تختلف في مقادير النصب ، والضأن والمعز جنس واحد بإجماع العلماء ، والظباء مخالف للغنم إجماعاً.

مسألة ٥٢ : أول نصاب الغنم : أربعون ، فلا زكاة فيما دونها‌ ، فإذا بلغت أربعين ففيها شاة.

الثاني : مائة وإحدى وعشرون فلا شي‌ء في الزائد على الأربعين حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرين ففيه شاتان.

الثالث : مائتان وواحدة ، فلا زكاة في الزائد حتى تبلغ مائتين وواحدة ففيه ثلاث شياه ، والكلّ بالإِجماع.

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٦٨٢ / ٢٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٢٤ / ١٦٥٨ ، سنن البيهقي ٤ : ٨١.

٨٢

وحكي عن معاذ أنّ الفرض لا يتغيّر بعد المائة وإحدى وعشرين حتى تبلغ مائتين واثنتين وأربعين ليكون مثلَي مائة وإحدى وعشرين فيكون فيها ثلاث شياه(١) .

والإِجماع على خلافه ، على أنّ الراوي لها الشعبي وهو لم يلق معاذاً(٢) .

الرابع : ثلاثمائة وواحدة وفيه روايتان : إحداهما : أنّه كالثالث ثلاث شياه ، فلا يتغيّر الفرض بعد مائتين وواحدة حتى تبلغ أربعمائة فتجب في كلّ مائة شاة ، وبه قال المفيد والسيد المرتضى(٣) ، وهو قول أكثر الفقهاء ، والشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين(٤) .

لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتابه للسُّعاة : ( إنّ في الغنم السائمة إذا بلغت أربعين شاةٌ إلى مائة وعشرين ، فإذا زادت ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين ، فإذا زادت ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة ، فإذا زادت ففي كلّ مائةٍ شاة )(٥) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٦٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥.

(٢) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن من أعيان الصحابة ، شهد بدراً وما بعدها ، مات بالشام سنة ١٨.

والشعبي هو : عامر بن شراحيل أبو عمرو ، مات بعد المائة وله نحو من ثمانين.

اُنظر : اُسد الغابة ٤ : ٣٧٨ ، الاستيعاب بهامش الإِصابة ٣ : ٣٥٥ - ٣٦٠ ، وتهذيب التهذيب ٥ : ٥٩ / ١١٠ و ١٠ : ١٧٠ / ٣٤٩.

(٣) المقنعة : ٣٩ ، جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ١٢٣.

(٤) المجموع ٥ : ٤١٧ - ٤١٨ ، فتح العزيز ٥ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٥٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٢ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٨ ، اللباب ١ : ١٤٢ ، المغني ٢ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥.

٨٣

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « ليس فيما دون الأربعين شي‌ء ، فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة ، فإذا كثرت الغنم ففي كلّ مائة شاة »(١) .

الثانية(٢) : أنّها إذا زادت على ثلاثمائة وواحدة ففيها أربع شياه ، ثم لا يتغيّر الفرض حتى تبلغ خمسمائة ، وهو اختيار الشيخ -(٣) رحمه‌الله - وأحمد في الرواية الاُخرى ، وبه قال النخعي والحسن بن صالح بن حي(٤) .

لقول الباقرعليه‌السلام في الشاة : « في كلّ أربعين شاةً شاةٌ ، وليس فيما دون الأربعين شاةً شي‌ء حتى تبلغ عشرين ومائة ، فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها مثل ذلك شاة واحدة ، فإذا زاد على عشرين ومائة ففيها شاتان ، وليس فيها أكثر من شاتين حتى تبلغ مائتين ، فإذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك ، فإذا زادت على المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه ، ثم ليس فيها أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة ، فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه ، فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة ، فإن تمّت أربعمائة كان على كلّ مائة شاة شاة »(٥) .

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل ثلاثمائة حدّاً للوقص وغايةً له(٦) ؛

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ / ٦٢.

(٢) أي : الرواية الثانية.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٩ ، الخلاف ٢ : ٢١ ، المسألة ١٧.

(٤) المغني ٢ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥ - ٥١٦.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٢ / ٦١ ، وفيها عن الإِمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام .

(٦) اُنظر : سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٦.

٨٤

فتجب أن يتعقّبه النصاب كالمائتين.

إذا ثبت هذا ، فلا خلاف في أنّ في أربعمائة أربع شياه ، وفي خمسمائة خمس ، وهكذا بالغاً ما بلغت.

* * *

٨٥

الفصل الرابع

في الأشناق‌

الشّنق بفتح النون : ما بين الفرضين(١) ، والوقص قال الفقهاء : بسكون القاف(٢) .

وقال بعض أهل اللغة : بفتحه(٣) ، لأنّه يجمع على ( أوقاص ) و ( أفعال ) جمع ( فَعَلْ ) لا جمع ( فَعْلْ ) فإنّ ( فَعْلاً ) يجمع على ( أفْعُل ).

وقد جاء - كما قال الفقهاء - هول وأهوال ، وحوْل وأحوال ، وكبْر وأكبار ، وبالجملة فهو ما بين النصابين(٤) أيضاً.

قال الأصمعي : الشنق يختص بأوقاص الإِبل ، والوقص بالبقر والغنم(٥) .

وبعض الفقهاء يخصّ الوقص بالبقر أيضاً ، ويجعل ناقص الغنم والنقدين والغلّات عفواً ، وكلّ ذلك لفظي.

وقيل : الوقص ما بين الفرضين كما بين الثلاثين إلى الأربعين في البقر ،

____________________

(١) الصحاح ٤ : ١٥٠٣.

(٢) المجموع ٥ : ٣٩٢ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٤ : ١٩٣.

(٣ و ٤ ) الصحاح ٣ : ١٠٦١.

(٥) المجموع ٥ : ٣٩٢ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٤ : ١٩٣.

٨٦

والشنق ما دون الفريضة كالأربع من الإِبل(١) .

مسألة ٥٣ : ما نقص عن النصاب الأول لا شي‌ء فيه‌ إجماعاً ، وكذا ما بين النصابين عند علمائنا ، وإنّما تتعلّق الزكاة بالنصاب خاصّة - وبه قال الشافعي في كتبه القديمة والجديدة ، وأبو حنيفة ، والمزني(٢) - لأنّه عدد ناقص عن نصاب إذا بلغه وجبت فيه الزكاة ، فلا تتعلّق به كالأربع.

ولقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس فيما بين الثلاثين إلى الأربعين شي‌ء حتى يبلغ أربعين - إلى أن قالاعليهما‌السلام - وليس على النيّف شي‌ء ، ولا على الكسور شي‌ء »(٣) .

وقال الشافعي في الإِملاء : تتعلّق الزكاة بالنصاب وبما زاد عليه من الوقص ، وبه قال محمد بن الحسن.

لقولهعليه‌السلام : ( فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض )(٤) .

ولأنّه حقّ يتعلّق بنصاب فوجب أن يتعلّق به وبما زاد عليه إذا وجد معه ولم ينفرد بحكم كالقطع في السرقة(٥) .

والنصّ أقوى من المفهوم والقياس.

فعلى قولنا ، لو ملك خمسين من الغنم وتلفت العشرة الزائدة قبل‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٥٤.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، المجموع ٥ : ٣٩١ و ٣٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧ - ٣٨ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩٩ ، اللباب ١ : ١٤١.

(٣) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٦ / ١٥٦٧ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ - ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٤ / ١٧٩٩ ، سنن النسائي ٥ : ١٩ و ٢٨ ، مسند أحمد ١ : ١١ و ٢ : ١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

(٥) فتح العزيز ٥ : ٥٤٨ و ٥٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٨.

٨٧

التمكّن من الأداء بعد الحول لم يسقط هنا شي‌ء ، لأنّ التالف لم تتعلّق الزكاة به ، ولو تلف عشرون سقط ربع الشاة ، لأنّ الاعتبار بتلف جزء من النصاب ، وإنّما تلف من النصاب ربعه.

فروع :

أ - لو تلف بعض النصاب قبل الحول فلا زكاة ، وبعده وبعد إمكان الأداء يجب جميع الفرض ، لأنّه تلف بعد تفريطه في التأخير فضمن ، وإن تلف بعد الحول وقبل إمكان الأداء سقط عندنا من الزكاة بقدر التالف.

وللشافعي قولان بناءً على أنّ إمكان الأداء شرط في الوجوب أو الضمان ، فعلى الأول لا شي‌ء ، لنقصه قبل الوجوب(١) .

ب - لو كان معه تسع من الإِبل فتلف أربع قبل الحول أو بعده وبعد الإِمكان وجبت الشاة(٢) ، وبه قال الشافعي(٣) .

وإن كان بعد الحول وقبل الإِمكان فكذلك عندنا.

وعند الشافعي كذلك على تقدير أن يكون الإِمكان شرطاً في الوجوب ، لأنّ التالف قبل الوجوب إذا لم ينقص به النصاب لا حكم له ، وعلى تقدير أن يكون من شرائط الضمان فكذلك إن لم تتعلّق بمجموع النصاب والوقص ، وإن تعلّقت بهما سقط قدر الحصّة أربعة أتساع الشاة(٤) .

وقال بعضهم - على هذا التقدير - : لا يسقط شي‌ء ، لأنّ الزيادة لمـّا لم تكن شرطاً في وجوب الشاة لم يسقط شي‌ء بتلفها وإن تعلّقت بها ، كما لو شهد ثمانية بالزنا ورجع أربعة بعد قتله لم يجب عليهم شي‌ء ، ولو رجع خمسة وجب‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٥ ، الوجيز ١ : ٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٧ - ٥٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢.

(٢) في نسخة « ط » : الزكاة.

(٣ و ٤ ) المجموع ٥ : ٣٧٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

٨٨

عليهم الضمان ، لنقص ما بقي من العدد المشترط(١) .

ج - لو ذهب خمس من التسع قبل الحول فلا زكاة ، وإن كان بعده وقبل إمكان الأداء سقط خمس الشاة ، وبه قال الشافعي على تقدير أنّ الإِمكان من شرائط الضمان وتعلّق الزكاة بالنصاب.

وعلى تقدير كونه شرطاً في الوجوب فكقبل الحول لنقص النصاب قبل الوجوب.

وعلى تقدير كونه شرطاً في الضمان وتعلّق الزكاة بالمجموع تسقط خمسة أتساع الشاة(٢) .

د - لو كان معه خمس وعشرون وأوجبنا بنت المخاض فيه فتلف منها خمسة قبل إمكان الأداء وجب أربعة أخماس بنت مخاض - وبه قال الشافعي على تقدير كونه شرطاً في الضمان(٣) ، وأبو يوسف ومحمد(٤) - لأنّ الواجب بحؤول الحول بنت مخاض ، فإذا تلف البعض لم يتغيّر الفرض ، بل كان التالف منه ومن المساكين.

وقال أبو حنيفة : تجب أربع شياه(٥) . فجعل التالف كأنّه لم يكن.

قال الشيخ : لو كان معه ستّ وعشرون فهلك خمس قبل الإِمكان فقد هلك خُمس المال إلّا خُمس الخُمس فيكون عليه أربعة أخماس بنت مخاض إلّا أربعة أخماس خُمسها ، وعلى المساكين خُمس بنت مخاض إلّا أربعة أخماس خُمسها(٦) .

ه- حكم غير الإِبل حكمها في جميع ذلك ، فلو تلف من نصاب الغنم‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٧٥ و ٣٩٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

(٢) المجموع ٥ : ٣٧٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

(٣) المجموع ٥ : ٣٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٨ - ٣٩.

(٤ و ٥ ) حلية العلماء ٣ : ٣٩.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٤‌

٨٩

شي‌ء سقط من الفريضة بنسبته.

وهل الشاتان في مجموع النصاب الثاني أو في كلّ واحد شاة؟

احتمالان(١) ، فعلى الأول لو تلف شي‌ء بعد الحول بغير تفريط نقص من الواجب في النصب بقدر التالف ، وعلى الثاني يوزّع على ما بقي من النصاب الذي وجب فيه التالف.

مسألة ٥٤ : لا تأثير للخلطة عندنا في الزكاة‌ سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف ، بل يزكّى كلٌّ منهما زكاة الانفراد ، فإن كان نصيب كلّ منهما نصاباً وجب عليه زكاة بانفراده.

وإن كان المال مشتركاً كما لو كانا مشتركين في ثمانين من الغنم بإرث أو شراء أو هبة فإنّه يجب على كلّ واحد منهما شاة بانفراده.

ولو كانا مشتركين في أربعين فلا زكاة هنا ، وبه قال أبو حنيفة والثوري(٢) ، لقولهعليه‌السلام : ( إذا لم تبلغ سائمة الرجل أربعين فلا شي‌ء فيها )(٣) .

وقال : ( ليس على المرء في ما دون خمس ذود من الإِبل صدقة )(٤) ولم يفصّل.

وقالعليه‌السلام : « في أربعين شاةً شاةٌ »(٥) .

____________________

(١) ورد في النُسخ الخطية : احتمال. وما أثبتناه من الطبعة الحجرية هو الصحيح.

(٢) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٤ ، المجموع ٥ : ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٣.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، مسند أحمد ١ : ١٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥ ، و ١٠٠ بتفاوت يسير.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٧٥ / ٩٨٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٤ و ١٠٧ و ١٢٠.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ و ٥٧٨ / ١٨٠٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٨ / ١٥٦٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١٦.

٩٠

فإذا ملكا ثمانين وجب شاتان.

ولأنّ ملك كلّ واحد منهما ناقص عن النصاب فلا تجب عليه الزكاة ، كما لو كان منفرداً.

وقال الشافعي : الخلطة في السائمة تجعل مال الرجلين كمال الرجل الواحد في الزكاة سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف بأن يكون ملك كلّ منهما متميّزاً عن الآخر ، وإنّما اجتمعت ماشيتهما في المرعى والمسرح - على ما يأتي(١) - سواء تساويا في الشركة أو اختلفا بأن يكون لرجل شاة ولآخر تسعة وثلاثون ، أو يكون لأربعين رجلاً أربعون شاةً لكلّ منهم شاة ، وبه قال عطاء والأوزاعي والليث وأحمد وإسحاق(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا يجمع بين متفرّق ولا يفرّق بين مجتمع )(٣) أراد إذا كان لجماعة لا يجمع بين متفرّق فإنّه إذا كان للواحد يجمع للزكاة وإن تفرّقت أماكنه ، وقوله : ( ولا يفرّق بين مجتمع ) يقتضي إذا كان لجماعة لا يفرّق ، ونحن نحمله على أنّه لا يجمع بين متفرّق في الملك ليؤخذ منه الزكاة زكاة رجل واحد فلا يفرّق بين مجتمع في الملك فإنّ الزكاة تجب على الواحد وإن تفرّقت أمواله.

وقال مالك : تصحّ الخلطة إذا كان مال كلّ واحد منهما نصاباً(٤) .

____________________

(١) يأتي في المسألة اللاحقة (٥٥).

(٢) المجموع ٥ : ٤٣٢ - ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٩ - ٣٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٦٠ - ٦١ ، الاُم ٢ : ١٤ ، مختصر المزني : ٤٣ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٤ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٦ / ١٨٠١ و ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨٣ ، مسند أحمد ١ : ١٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠٥.

(٤) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٣١ و ٣٣٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢ ، المجموع ٥ : ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩١ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧.

٩١

وحكى بعض الشافعيّة عن الشافعي وجها آخر : أنّ العبرة إنّما هي بخلطة الأعيان دون خلطة الأوصاف(١) .

مسألة ٥٥ : قد بيّنا أنّه لا اعتبار بالخلطة بنوعيها‌ - خلافاً للشافعي ومن تقدّم(٢) - فلا شرط عندنا وعند أبي حنيفة ، لعدم الحكم.

أمّا الشافعي فقد شرط فيها أموراً :

الأول : أن يكون مجموع المالين نصاباً.

الثاني : أن يكون الخليطان معاً من أهل فرض الزكاة ، فلو كان أحدهما ذمّيّاً أو مكاتباً لم تؤثّر الخلطة ، وزكّى المسلم والحرّ كما في حالة الانفراد ، وهذان شرطان عامّان ، وفي اشتراط دوام الخلطة السنة؟ ما يأتي.

وتختصّ خلطة الجوار باُمور :

الأول : اتّحاد المسرح ، والمراد به المرعى.

الثاني : اتّحاد المراح ، وهو مأواها ليلاً.

الثالث : اتّحاد المشرع وهو أن يرد غنمهما ماءً واحداً من نهر أو عين أو بئر أو حوض.

وإنّما شرط(٣) اجتماع المالين في هذه الاُمور ليكون سبيلها سبيل مال المالك [ الواحد ](٤) وليس المقصود أن لا يكون لها إلّا مسرح أو مرعى أو مراح واحد بالذات ، بل يجوز تعدّدها لكن ينبغي أن لا تختص ماشية هذا بمسرح ومراح ، وماشية الآخر بمسرح ومراح.

الرابع : اشتراك المالين في الراعي أو الرعاة - على أظهر الوجهين عنده - كالمراح.

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٩٠ - ٣٩١ ، المجموع ٥ : ٤٣٣.

(٢) تقدّم ذكرهم في المسألة السابقة (٥٤).

(٣) في نسختي « ن وف » : شرطوا.

(٤) زيادة يقتضيها السياق.

٩٢

الخامس : اشتراكهما في الفحل ، فلو تميّزت ماشية أحدهما بفحولة ، وماشية الآخر باُخرى فلا خلطة - على أظهر الوجهين - عنده.

السادس : اشتراكهما في موضع الحلب ، فلو حلب هذا ماشيته في أهله ، والآخر في أهله فلا خلطة(١) .

وهل يشترط الاشتراك في الحالب والمحلب؟ أظهر الوجهين عنده عدمه ، كما لا يشترط الاشتراك في الجازّ وآلات الجزّ(٢) .

وإن شرط الاشتراك في المحلب فهل يشترط خلط اللبن؟ وجهان ، أصحهما عنده : المنع ، لأدائه إلى الربا عند القسمة إذ قد يكثر لبن أحدهما(٣) .

وقيل : لا ربا كالمسافرين يستحب خلط أزوادهم وإن اختلف أكلهم(٤) .

وربما يفرّق بأنّ كلّ واحد يدعو غيره إلى طعامه فكان إباحةً ، بخلافه هنا.

وهل يشترط نيّة الخلطة؟ وجهان عندهم : الاشتراط ، لأنّه معنى يتغيّر به حكم الزكاة تخفيفاً كالشاة في الثمانين ، ولو لا الخلطة لوجب شاتان ، وتغليظاً كالشاة في الأربعين ، ولولاها لم يجب شي‌ء فافتقر إلى النيّة ، ولا ينبغي أن يغلظ عليه من غير رضاه ، ولا أن ينقص حقّ الفقراء إذا لم يقصده.

والمنع ، لأنّ تأثير الخلطة لخفّة المؤونة باتّحاد المرافق وذلك لا يختلف‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٣٤ - ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٢ - ٣٩٤ ، الاُم ٢ : ١٣ ، مختصر المزني : ٤٣ ، المغني ٢ : ٤٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٨ - ٥٣٠.

(٢) المجموع ٥ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٧ - ٣٩٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٨ - ٣٩٩.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٥ - ٤٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٩.

٩٣

بالقصد وعدمه(١) .

وهل يشترط وجود الاختلاط في أول السنة واتّفاق أوائل الأحوال؟

قولان(٢) .

وفي تأثير الخلطة في الثمار والزرع ثلاثة أقوال له : القديم : عدم التأثير ، وبه قال مالك وأحمد في رواية.

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والرعي )(٣) وإنّما تتحقّق في المواشي.

والجديد : عدمه(٤) ، وتأثير خلطة الشيوع دون الجوار(٥) ، فعلى الجديد تؤثّر ، لحصول الاتّفاق باتّحاد العامل والناطور(٦) والنهر الذي تسقى منه.

وقال بعض أصحاب مالك : لا يشترط من هذه الشروط شي‌ء سوى الخلطة في المرعى ، وأضاف بعض أصحابه إليه الاشتراك في الراعي أيضاً(٧) ، والكلّ عندنا باطل.

فروع على القول بشركة الخلطاء :

أ - إذا اختلطا خلطة جوار ولم يمكن أخذ مال كلّ منهما من ماله كأربعين لكُلٍّ عشرون ، أخذ الساعي شاةً من أيّهما كان ، فإن لم يجد الواجب إلّا في‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٩ - ٤٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٦١.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٠٢ - ٤٠٣.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ١٠٤ / ١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٦ وفيهما : ( الراعي ) بدل ( الرعي ).

(٤) أي عدم عدم التأثير الملازم للثبوت.

(٥) المجموع ٥ : ٤٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٧١ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٤٣ ، بلغة السالك ١ : ٢١٠ - ٢١١ ، المغني ٢ : ٤٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٤.

(٦) الناطور : حافظ الزرع والثمر والكرم. لسان العرب ٥ : ٢١٥ « نطر ».

(٧) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٧ و ١٣٨ ، المغني ٢ : ٤٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٣١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢.

٩٤

مال أحدهما أخذ منه.

وإن أمكن أخذ ما يخصّ كلّ [ واحد ](١) منهما لو انفرد فوجهان : أن يأخذ من كلّ منهما حصّة ماله ليغنيهما عن التراجع ، وأن يأخذ من عرض المال ما يتّفق ، لأنّهما مع الخلطة كمال واحد ، والمأخوذ زكاة جميع المال(٢) .

فعلى هذا لو أخذ من كلّ منهما حصّة ماله بقي التراجع بينهما ، فإذا أخذ من هذا شاةً ، ومن هذا اُخرى رجع كلٌّ منهما على صاحبه بنصف قيمة ما اُخذ منه.

ولو كان بينهما سبعون من البقر أربعون لأحدهما ، وثلاثون للآخر ، فالتبيع والمسنّة واجبان على الشيوع ، على صاحب الأربعين أربعة أسباعهما ، وعلى صاحب الثلاثين ثلاثة أسباعهما.

فإن أخذهما من صاحب الأربعين رجع على صاحب الثلاثين بثلاثة أسباعهما وبالعكس.

ولو أخذ التبيع من صاحب الأربعين والمسنّة من الآخر رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع التبيع على الآخر ، والآخر بقيمة أربعة أسباع المسنّة على الأول.

وإن أخذ المسنّة من صاحب الأربعين والتبيع من الآخر رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع المسنّة على الآخر ، والآخر عليه بقيمة أربعة أسباع التبيع ، هذا كلّه في خلطه الجوار.

أمّا خلطة الأعيان فالأخذ منه يقع على حسب ملكهما ، فلو كان لهما ثلاثمائة من الإِبل فعليهما ستّ حقاق ولا تراجع.

ولو كان لأحدهما ثلاثمائة وللآخر مائتان فله عشر حقاق بالنسبة ، وهذا‌

____________________

(١) زيادة يقتضيها السياق.

(٢) الوجهان للشافعية ، راجع فتح العزيز ٥ : ٤٠٨.

٩٥

يأتي على مذهبنا.

ب - لو ورثا أو ابتاعا شائعاً وأداما الخلطة زكّيا - عندهم - زكاة الخلطة ، وكذا لو ملك كلٌّ منهما دون النصاب ثم خلطا وبلغ النصاب(١) .

ولو انعقد الحول على مال كلّ منهما منفرداً ثم طرأت الخلطة ، فإن اتّفق الحولان بأن ملكا غرّة المحرّم وخلطا غرّة صفر ، ففي الجديد : لا يثبت حكم الخلطة في السنة الاُولى - وبه قال أحمد - لأنّ الأصل الانفراد ، والخلط عارض فيغلب حكم الحول المنعقد على الانفراد ، وتجب على كلّ منهما شاة إذا جاء المحرّم(٢) .

وفي القديم - وبه قال مالك - ثبوت حكم الخلطة نظراً إلى آخر الحول ، فإنّ الاعتبار في قدر الزكاة بآخر الحول ، فيجب على كلّ منهما نصف شاة إذا جاء المحرّم(٣) .

ولو اختلف الحولان ، فملك أحدهما غرّة المحرّم والآخر غرّة صفر وخلطا غرّة ربيع ، فعلى الجديد ، إذا جاء المحرّم فعلى الأول شاة ، وإذا جاء صفر فعلى الثاني شاة.

وعلى القديم ، إذا جاء المحرّم فعلى الأول نصف شاة ، وإذا جاء صفر فعلى الثاني نصف شاة.

ثم في سائر الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين ، فعلى الأول عند غرّة كلّ محرّم نصف شاة ، وعلى الثاني عند غرّة كلّ صفر كذلك ، وبه قال مالك وأحمد(٤) .

وقال ابن سريج : إنّ حكم الخلطة لا يثبت في سائر الأحوال ، بل‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٤٤١.

(٢ و ٣ ) المجموع ٥ : ٤٤٠ ، الوجيز ١ : ٨٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٤٣ - ٤٤٦ ، المغني ٢ : ٤٧٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٩.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٤٤٧ - ٤٤٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٠ - ٤٤١.

٩٦

يزكّيان زكاة الانفراد أبداً(١) .

ولو انعقد الحول على الانفراد في حق أحد الخليطين دون الآخر كما لو ملك أحدهما غرّة المحرّم والآخر غرّة صفر ، وكما ملك خلطا ، فإذا جاء المحرّم فعلى الأول شاة في الجديد ، ونصف شاة في القديم(٢) .

وأمّا الثاني فإذا جاء صفر فعليه نصف شاة - في القديم - وفي الجديد ، وجهان : شاة ، لأنّ الأول لم يرتفق بخلطته فلا يرتفق هو بخلطة الأول ، وأظهرهما : نصف شاة ، لأنّه كان خليطاً في جميع الحول ، وفي سائر الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين إلّا عند ابن سريج(٣) .

ولو طرأت خلطة الشيوع على الانفراد كما لو ملك أربعين شاة ، ثم باع بعد ستّة أشهر نصفها مشاعاً ، فالظاهر أنّ الحول لا ينقطع ، لاستمرار النصاب بصفة الاشتراك ، فإذا مضت ستّة أشهر من وقت البيع فعلى البائع نصف شاة ولا شي‌ء على المشتري إن أخرج البائع واجبة من المشترك ، لنقصان النصاب.

وإن أخرجها من غيره ، وقلنا : الزكاة في الذمة ، فعليه أيضاً نصف شاة عند تمام حوله ، وإن قلنا : تتعلّق بالعين ففي انقطاع حول المشتري قولان : أرجحهما : الانقطاع ، لأنّ إخراج الواجب من غير النصاب يفيد عود الملك بعد الزوال لا أنّه يمنع الزوال(٤) .

ج - إذا اجتمع في ملك الواحد ماشية مختلطة ، واُخرى من جنسها منفردة كما لو خلط عشرين شاة بمثلها لغيره وله أربعون ينفرد [ بها ](٥) ففيما يخرجان الزكاة؟ قولان مبنيّان على أنّ الخلطة خلطة ملك أي يثبت حكم الخلطة في‌

____________________

(١) الوجيز ١ : ٨٣ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٤٩.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ - ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٣.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ - ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٢ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٩ - ٤٦٢.

(٥) زيادة يقتضيها السياق.

٩٧

كلّ ما في ملكه ؛ لأنّ الخلطة تجعل مال الاثنين كمال الواحد ، ومال الواحد يضمّ بعضه إلى بعض وإن تفرّقت أماكنه ، فعلى هذا كان صاحب الستّين خلط جميع ماله بعشرين ، فعليه ثلاثة أرباع شاة ، وعلى الآخر ربعها.

أو أنّها خلطة عين أي يقتصر حكمها على عين المخلوط ، لأنّ خفّة المؤونة إنّما تحصل في القدر المخلوط وهو السبب في تأثير الخلطة ، فعلى صاحب العشرين نصف شاة ، لأنّ جميع ماله خليط عشرين ، وفي أربعين شاة ، فحصّة العشرين نصفها(١) .

وفي صاحب الستّين وجوه : أصحّها عنده : أنه يلزمه شاة ، لأنّه اجتمع في ماله الاختلاط والانفراد فغلّب حكم الانفراد ، كما لو انفرد بالمال في بعض الحول فكأنّه منفرد بجميع الستّين ، وفيها شاة.

والثاني : يلزمه ثلاثة أرباع شاة ، لأنّ جميع ماله ستّون ، وبعضه مختلط حقيقةً ، وملك الواحد لا يتبعّض حكمه فيلزم إثبات حكم الخلطة للباقي ، فكأنّه خلط جميع الستّين بالعشرين ، وواجبها شاة حصّة الستّين ثلاثة أرباعها.

الثالث : يلزمه خمسة أسداس شاة ونصف سدس جمعاً بين اعتبار الخلطة والانفراد ، ففي الأربعين حصّتها من الواجب لو انفرد بالكلّ وهو شاة حصّة الأربعين ثُلثا شاة ، وفي العشرين حصّتها من الواجب لو خلط الكلّ وهي ربع شاة لأنّ الكلّ ثمانون ، وواجبها شاة.

الرابع : أنّ عليه شاة وسدس شاة من ذلك نصف شاة في العشرين المختلطة ، كما أنّه واجب خليطه في ماله ، وثُلثا شاة في الأربعين المنفردة وذلك حصة الأربعين لو انفرد بجميع ماله.

الخامس : أنّ عليه شاة في الأربعين ونصف شاة في العشرين ، كما لو‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦٩ - ٤٧٠.

٩٨

كانا لمالكين(١) .

ولو خلط عشرين بعشرين لغيره ولكلّ منهما أربعون منفردة ، إن قلنا بخلطة الملك فعليهما شاة ، لأنّ الكلّ مائة وعشرون

وإن قلنا بخلطة العين فوجوه : أصحها : أنّ على كلّ منهما شاة.

الثاني : ثلاثة أرباع ، لأنّ كلّاً منهما يملك ستّين بعضها خليط عشرين فيغلب حكم الخلطة في الكلّ ، والكلّ ثمانون ، حصّة ستّين ما قلنا.

الثالث : على كلّ منهما خمسة أسداس شاة ونصف سدس جمعاً بين الاعتبارين ، فيقدّر كلّ واحد منهما كأنّه منفرد بالستّين ، وفيها شاة ، فحصّة الأربعين منها ثُلثا شاة ، ثم يقدّر أنّه خلط جميع الستّين بالعشرين والمبلغ ثمانون ، وفيها شاة ، فحصّة العشرين منها ربع شاة.

وقيل : على كلّ واحد خمسة أسداس شاة بلا زيادة تجب في العشرين بحساب ما لو كان جميع المالين مختلطاً وهو مائة وعشرون وواجبها شاة ، فحصة العشرين سدس شاة وفي الأربعين ثُلثا شاة(٢) .

الرابع : على كلّ منهما شاة وسدس شاة ، نصف شاة في العشرين المختلطة قصراً لِحكم الخلطة على الأربعين ، وثُلثا شاة في الأربعين المنفردة.

الخامس : على كلّ واحد شاة ونصف شاة ، شاة للأربعين المنفردة ، ونصف للعشرين المختلطة(٣) .

د - لو خالط الشخص ببعض ماله واحداً وببعضه آخر ولم يتشارك الآخران بأن يكون له أربعون فخلط منها عشرين بعشرين لرجل لا يملك غيرها ،

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٤ ، الوجيز ١ : ٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧١ - ٤٧٣.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٧٤.

(٣) المجموع ٥ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٣ - ٤٧٥.

٩٩

وعشرين بعشرين لآخر كذلك ، فإن قلنا بخلطة الملك فعلى صاحب الأربعين نصف شاة ، لأنّه خليطهما ومبلغ الأموال ثمانون ، وحصّة الأربعين منها النصف ، وكلّ واحد من خليطيه يضمّ ماله إلى جميع مال صاحب الأربعين.

وهل يضمّه إلى مال الآخر؟ وجهان : الضمّ ، لينضمّ الكلّ في حقّهما كما انضمّ في حق صاحب الأربعين ، فعلى كلّ واحد منهما ربع شاة.

والعدم ، لأنّ كلّاً منهما لم يخالط الآخر بماله بخلاف صاحب الأربعين فإنه خالط لكلِّ واحد منهما ، فعلى كلّ واحد ثُلث شاة.

وإن قلنا بخلطة العين فعلى كلّ من الآخَرَين نصف شاة ، لأنّ مبلغ ماله وما خالط ماله أربعون(١) .

وفي صاحب الأربعين وجوه :

أحدها : تلزمه شاة تغليباً للانفراد وإن لم يكن منفرداً حقيقةً لكن ما لم يخالط به أحدهما فهو منفرد عنه فيعطى حكم الانفراد ، ويغلب حتى يصير كالمنفرد بالباقي أيضاً ، وكذا بالإِضافة إلى الخليط الثاني فكأنّه لم يخالط أحداً.

الثاني : يلزمه نصف شاة ، تغليباً للخلطة ، فإنّه لا بدّ من إثبات حكم الخلطة حيث وجدت حقيقةً ، واتّحاد المال يقتضي ضمّ أحد ماليه إلى الآخر ، فكلّ المال ثمانون ، فكأنّه خلط أربعين بأربعين.

الثالث : يلزمه ثُلثا شاة جمعاً بين اعتبار الخلطة والانفراد ، بأن يقال : لو كان جميع ماله مع [ مال ](٢) زيد لكان المبلغ ستّين وواجبها شاة ، حصّة العشرين الثُلث ، وكذا يفرض في حقّ الثاني فيجتمع عليه ثُلثان(٣) .

مسألة ٥٦ : قد بيّنا أنّه إذا ملك أربعين وجب عليه الشاة وإن تعدّدت‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٦ - ٤٧٧.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) المجموع ٥ : ٤٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٧ - ٤٧٨.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

ادعيته عليه‌السلام

في بحر الاسبوع

وهام الإمام عليه‌السلام بذكر الله تعالى وعبادته فكان في جميع أوقات حياته يلهج بحمده ودعائه ، وقد ذكرنا عرضا لأدعيته الجليلة كان يدعو بها في الليل والنهار ، وفي كلّ مناسبة مرّت عليه ، وبالإضافة لها فقد اثرت عنه أدعية خاصّة كان يدعو بها في بحر الاسبوع كان منها ما يلي :

دعاؤه عليه‌السلام

يوم الجمعة

وقد ذكرناه في طليعة هذا الكتاب ، وقد حفل ببحوث كلامية عرضنا لشرحها وبيان بعضها.

دعاؤه عليه‌السلام

يوم السبت

الحمد لله الّذي قرن رجائي بعفوه ، وفسح أملي بحسن تجاوزه وصفحه ، وقوّى متني وظهري وساعدي ويدي بما عرّفني من جوده وكرمه ، ولم يخلني مع مقامي على معصيته وتقصيري في طاعته ، وما يحقّ عليّ من اعتقاد خشيته ، واستشعار خيفته من تواتر مننه ، وتظاهر نعمه.

٢٢١

وسبحان الله الّذي يتوكّل كلّ مؤمن عليه ، ويضطرّ كلّ جاحد إليه ، ولا يستغني أحد إلاّ بفضل ما لديه.

ولا إله إلاّ الله المقبل على من أعرض عن ذكره ، والتّوّاب على من تاب إليه من عظيم ذنبه ، السّاخط على من قنط من واسع رحمته ويئس من عاجل روحه ، والله أكبر خالق كلّ شيء ومالكه ، ومبيد كلّ شيء ومهلكه.

والله أكبر كبيرا كما هو أهله ومستحقّه.

اللهمّ صلّ على محمّد عبدك ونبيّك ورسولك وأمينك وشاهدك التّقيّ النّقيّ ، وعلى آل محمّد الطّيّبين الطّاهرين.

اللهمّ إنّي أسألك سؤال معترف بذنبه ، نادم على اقتراف تبعته ، وأنت أولى من اعتمد وعفا ، وجاد بالمغفرة على من ظلم ، فقد أوبقتني الذّنوب في مهاوي الهلكة ، وأحاطت بي الآثام وبقيت غير مستقلّ بها ، وأنت المرتجى وعليك المعوّل في الشّدّة والرّخاء ، وأنت ملجأ الخائف الغريق ، وأرأف من كلّ شفيق ، وإليك قصدت سيّدي ، وأنت منتهى القصد للقاصدين ، وأرحم من استرحم في تجاوزك عن المذنبين.

اللهمّ أنت الّذي لا يتعاظمك غفران الذّنوب ، وكشف الكروب ، وأنت علاّم الغيوب ، وستّار العيوب ، وكشّاف الكروب ، لأنّك الباقي الرّحيم الّذي تسربلت بالرّبوبيّة ، وتوحّدت بالإلهيّة.

ومن بنود هذا الدعاء قوله :

إلهي أتقرّب إليك بسعة رحمتك الّتي وسعت كلّ شيء ، فقد ترى يا ربّ

٢٢٢

مكاني ، وتطّلع على ضميري ، وتعلم سرّي ، ولا يخفى عليك أمري ، وأنت أقرب إليّ من حبل الوريد ، فتب عليّ توبة لا أعود بعدها فيما يسخطك ، واغفر لي مغفرة لا أرجع معها إلى معصيتك يا أكرم الأكرمين.

إلهي أنت الّذي أصلحت قلوب المفسدين ، فصلحت بإصلاحك إيّاها فاصلحني بإصلاحك ، وأنت الّذي مننت على الضّالّين فهديتهم برشدك عن الضّلالة ، وعلى الجاحدين عن قصدك فسدّدتهم ، وقوّمت منهم عثر الزّلل فمنحتهم محبّتك وجنّبتهم معصيتك ، وأدرجتهم درج المغفور لهم ، وأحللتهم محلّ الفائزين ، فأسألك يا مولاي أن تلحقني بهم يا أرحم الرّاحمين.

اللهمّ إنّي أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن ترزقني رزقا واسعا حلالا طيّبا في عافية ، وعملا يقرّب إليك يا خير مسئول.

اللهمّ وأتضرّع إليك ضراعة مقرّ على نفسه بالهفوات وأتوب إليك يا توّاب.

فلا تردّني خائبا من جزيل عطائك يا وهّاب ، فقديما جدت على المذنبين بالمغفرة ، وسترت على عبيدك قبيحات الفعال ، يا جليل ، يا متعال ، أتوجّه إليك بمن أوجبت حقّه عليك إذ لم يكن لي من الخير ما أتوجّه به إليك ، وحالت الذّنوب بيني وبين المحسنين ، وإذ لم يوجب لي عملي مرافقة النّبيّين فلا تردّ سيّدي توجّهي بمن توجّهت أتخذلني يا ربّ وأنت أملي ، أم تردّ يدي صفرا من العفو وأنت منتهى رغبتي ، يا من هو موجود معروف بالجود ، والخلق له عبيد وإليه مردّ الأمور ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، وجد عليّ بإحسانك الّذي فيه الغنى عن القريب والبعيد والأعداء والإخوان والأخوات وألحقني بالّذين غمرتهم

٢٢٣

بسعة تطوّلك وكرامتك لهم ، وتطوّلك عليهم ، وجعلتهم أطايب أبرارا أتقياء أخيارا ، ولنبيّك محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله في دارك جيرانا ، واغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات مع الآباء والأمّهات والإخوة والأخوات يا أرحم الرّاحمين (١) .

__________________

(١) الصحيفة العلوية : ٤٥٠ ـ ٤٥٥.

٢٢٤

دعاؤه عليه‌السلام

يوم الأحد

كان الإمام عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء في يوم الأحد وهذا نصّه :

الحمد لله على حلمه وأناته ، والحمد لله على علمي بأنّ ذنبي وإن كبر صغير في جنب عفوه ، وجرمي وإن عظم حقير عند رحمته.

وسبحان الله الّذي رفع السّماوات بغير عمد ، وأنشأ جنّات المأوى بلا أمد ، وخلق الخلائق بلا ظهير ولا سند.

ولا إله إلاّ الله المنذر من عند عن طاعته ، وعتى عن أمره ، والمحذّر من لجّ في معصيته ، واستكبر عن عبادته ، والمعذر إلى من تمادى في غيّه وضلالته ، لتثبيت حجّته عليه ، وعلمه بسوء عاقبته.

والله أكبر الجواد الكريم الّذي ليس لقديم إحسانه ، وعظيم امتنانه على جميع خلقه نهاية ، ولا لقدرته وسلطانه على بريّته غاية.

اللهمّ صلّ على محمّد وعلى أهل بيته ، وبارك على محمّد وعلى أهل بيته كأفضل ما صلّيت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد.

اللهمّ إنّي أسألك سؤال مذنب أوبقته معاصيه في ضيق المسالك ، وليس له مجير سواك ، ولا له أمل غيرك ، ولا مغيث أرأف به منك ، ولا معتمد يعتمد عليه غيرك ، أنت مولاي الّذي جدت بالنّعم قبل استحقاقها وأهّلتها بتطوّلك غير

٢٢٥

مؤهّليها ، ولم يعزّك منع ، ولا أكداك إعطاء ولا أنفد سعتك سؤال ملحّ ، بل أردت أرزاق عبادك تطوّلا منك عليهم.

اللهمّ كلّت العبارة عن بلوغ مدحتك ، وهفت الألسن عن نشر محامدك وتفضّلك ، وقد تعمّدتك بقصدي إليك ، وإن أحاطت بي الذّنوب وأنت أرحم الرّاحمين ، وأكرم الأكرمين ، وأجود الأجودين ، وأنعم الرّازقين ، وأحسن الخالقين ، الأوّل والآخر ، والظّاهر والباطن ، أجلّ وأعزّ وأرأف من أن تردّ من أمّلك ورجاك ، وطمع فيما عندك ، فلك الحمد يا أهل الحمد.

إلهي إنّي جرت على نفسي في النّظر لها ، وسالمت الأيّام باقتراف الآثام ، وأنت وليّ الإنعام ذو الجلال والإكرام ، فما بقي إلاّ نظرك لها ، فاجعل مردّها منك بالنّجاح ، وأجمل النّظر منك لها بالفلاح ، فأنت المعطي النّفاح ذو الآلاء والنّعم والسّماح ، يا فالق الإصباح ، امنحها سؤلها وإن لم تستحقّ يا غفّار.

اللهمّ إنّي أسألك باسمك الّذي تمضي به المقادير ، وبعزّتك الّتي تتمّ به التّدابير أن تصلّي على محمّد وآله ، وترزقني رزقا واسعا حلالا طيّبا من فضلك وأن لا تحول بيني وبين ما يقرّبني منك يا حنّان يا منّان.

اللهمّ وأدرجني فيمن أبحت له من غفرانك وعفوك ورضاك ، وأسكنته جنانك برأفتك وطولك وامتنانك.

يا إلهي أنت أكرمت أولياءك بكرامتك فأوجبت لهم حياطتك ، وأظللتهم برعايتك من التّتابع في المهالك ، وأنا عبدك فأنقذني ، وألبسني العافية ، وإلى طاعتك فمل بي ، وعن طغيانك ومعاصيك فردّني ، فقد عجّت إليك الأصوات

٢٢٦

بضروب اللّغات يسألونك الحاجات الّتي ترتجى لمحق العيوب وغفران الذّنوب يا علاّم الغيوب.

اللهمّ إنّي أستهديك فاهدني ، وأعتصم بك فاعصمني ، وأدّ عنّي حقوقك عليّ إنّك أهل التّقوى وأهل المغفرة ، واصرف عنّي شرّ كلّ ذي شرّ إلى خير ما لا يملكه أحد سواك ، واحتمل عنّي مفترضات حقوق الآباء والأمّهات ، واغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات والإخوة والأخوات والقرابات يا وليّ البركات وعالم الخفيّات (١) .

__________________

(١) الصحيفة العلوية : ٤٥٥ ـ ٤٥٩.

٢٢٧

دعاؤه عليه‌السلام

في يوم الاثنين

وكان الإمام عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء في يوم الاثنين ، وهو :

الحمد لله الّذي هداني للإسلام ، وأكرمني بالإيمان ، وبصّرني في الدّين ، وشرّفني باليقين ، وعرّفني الحقّ الّذي عنه يؤفكون ، والنّبإ العظيم الّذي هم فيه مختلفون.

وسبحان الله الّذي يرزق القاسط والعادل ، والعاقل والجاهل ، ويرحم السّاهي والغافل ، فكيف الدّاعي السّائل.

ولا إله إلاّ الله اللّطيف بمن شرد عنه من مسرفي عباده ليرجع عن عتوّه وعناده ، الرّاضي من المنيب المخلص بدون الوسع والطّاقة.

والله أكبر الحليم العليم ، الّذي له في كلّ صنف من غرائب فطرته ، وعجائب صنعته آية بيّنة توجب له الرّبوبيّة ، وعلى كلّ نوع من غوامض تقديره وحسن تدبيره دليل واضح ، وشاهد عدل يقضيان له بالوحدانيّة.

اللهمّ إنّي أسألك يا من يصرف البلايا ، ويعلم الخفايا ، ويجزل العطايا ، سؤال نادم على اقتراف الآثام ، وسالم على المعاصي من اللّيالي والأيّام ؛ إذ لم يجد مجيرا سواك لغفرانها ، ولا موئلا يفزع إليه لارتجاء كشف فاقته إلاّ إيّاك يا جليل ، الّذي عمّ الخلائق منّك ، وغمرتهم سعة رحمتك ، وسوّغتهم سوابغ

٢٢٨

نعمتك ، يا كريم المآب ، والجواد الوهّاب ، والمنتقم ممّن عصاه بأليم العذاب ، دعوتك مقرّا بالإساءة على نفسي ، إذ لم أجد ملجا ألجأ إليه في اغتفار ما اكتسبت من الآثام ، يا خير من استدعي لبذل الرّغائب ، وأنجح مأمول لكشف اللّوازب ، لك عنت الوجوه فلا تردّني منك بالحرمان ، إنّك تفعل ما تشاء ، وتحكم ما تريد.

إلهي وسيّدي ومولاي ، أيّ ربّ أرتجيه ، أم أيّ إله أقصده ، إذا ألمّ بي النّدم ، وأحاطت بي المعاصي ، ونكائب خوف النّقم ، وأنت وليّ الصّفح ، ومأوى الكرم؟

إلهي أتقيمني مقام التّهتّك وأنت جميل السّتر ، وتسألني عن اقترافي للسّيّئات على رءوس الأشهاد ، وقد علمت مخبيّات السّرّ ، فإن كنت يا إلهي مسرفا على نفسي ، مخطئا عليها ، بانتهاك الحرمات ، ناسيا لما اجترمت من الهفوات ، فأنت لطيف تجود على المسرفين برحمتك ، وتتفضّل على الخاطئين بكرمك ، فارحمني يا أرحم الرّاحمين ، فإنّك تسكّن يا إلهي بتحنّنك روعات قلوب الوجلين ، وتحقّق بتطوّلك أمل الآملين ، وتفيض سجال عطاياك على غير المستأهلين ، فآمنّي برجاء لا يشوبه قنوط ، وأمل لا يكدّره يأس ، يا محيطا بكلّ شيء علما.

وقد أصبحت سيّدي وأمسيت على باب من أبواب منحك سائلا ، وعن التّعرّض لسواك بالمسألة عادلا ، وليس من جميل امتنانك ردّ سائل مأسور ملهوف ، ومضطرّ لانتظار خيرك المألوف.

إلهي أنت الّذي عجزت الأوهام عن الإحاطة بك ، وكلّت الألسن عن نعت

٢٢٩

ذاتك ، فبآلائك وطولك صلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفر لي ذنوبي ، وأوسع عليّ من فضلك الواسع رزقا واسعا حلالا طيّبا في عافية ، وأقلني العثرة يا غاية الآملين ، وجبّار السّماوات والأرضين ، والباقي بعد فناء الخلق أجمعين ، وديّان يوم الدّين ، وأنت يا مولاي ثقة من لم يثق بنفسه لافراط خلله ، وأمل من لم يكن له تأميل لكثرة زلله ، ورجاء من لم يرتج لنفسه بوسيلة عمله.

إلهي فأنقذني برحمتك من المهالك ، ونجّني يا مولاي من ضيق المسالك ، وأحللني دار الأخيار ، واجعلني مرافق الأبرار ، واغفر لي ذنوب اللّيل والنّهار ، يا مطّلعا على الأسرار ، واحتمل عنّي مولاي أداء ما افترضت عليّ للآباء والأمّهات ، والإخوان والأخوات بلطفك وكرمك يا ذا الجلال والإكرام ، وأشركنا في دعاء من استجبت له من المؤمنين والمؤمنات إنّك عالم جواد كريم وهّاب ، وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم تسليما (١) .

__________________

(١) الصحيفة العلوية : ٤٦٠ ـ ٤٦٤.

٢٣٠

دعاؤه عليه‌السلام

في يوم الثلاثاء

كان إمام المتّقين عليه‌السلام يدعو الله تعالى بهذا الدعاء في يوم الثلاثاء :

الحمد لله الّذي منّ عليّ باستحكام المعرفة والإخلاص بالتّوحيد له ، ولم يجعلني من أهل الغواية والغباوة والشّك والشّرك ، ولا ممّن استحوذ الشّيطان عليه فأغواه وأضلّه ، واتّخذ إلهه هواه.

وسبحان الله الّذي يجيب المضطرّ ، ويكشف الضّرّ ، ويعلم السّرّ ، ويملك الخير والشّرّ.

ولا إله إلاّ الله الّذي يحلم عن عبده إذا عصاه ، ويتلقّاه بالإسعاف والتّلبية إذا دعاه.

والله أكبر ، البسيط ملكه ، المعدوم شركه ، المجيد عرشه ، الشّديد بطشه.

اللهمّ إنّي أسألك سؤال من لم يجد لسؤاله مسئولا سواك ، وأعتمد عليك اعتماد من لم يجد لاعتماده معتمدا غيرك لأنّك الأوّل الّذي ابتدأت الابتداء فكوّنته بأيدي تلطّفك فاستكان على مشيّتك منشأ كما أردت بإحكام التّقدير ، وأنت أعزّ وأجلّ من أن تحيط العقول بمبلغ وصفك ، أنت العالم الّذي لا يعزب عنك مثقال ذرّة في الأرض والسّماء ، والجواد الّذي لا يبخّلك إلحاح الملحّين ، فإنّما أمرك لشيء إذا أردته أن تقول له كن فيكون ، أمرك ماض ، ووعدك حتم ،

٢٣١

وحكمك عدل ، لا يعزب عنك شيء ، وإليك مردّ كلّ شيء ، احتجبت بآلائك فلم تر ، وشهدت كلّ نجوى ، وتعاليت على العلى ، وتفرّدت بالكبرياء ، وتعزّزت بالقدرة والبقاء ، فلك الحمد في الآخرة والأولى ، ولك الشّكر في البدء والعقبى ، أنت إلهي حليم قادر ، رءوف غافر ، وملك قاهر ، ورازق بديع ، مجيب سميع ، بيدك نواصي العباد ونواحي البلاد ، حيّ قيّوم ، جواد ماجد ، كريم رحيم.

أنت إلهي المالك الّذي ملكت الملوك فتواضع لهيبتك الأعزّاء ، ودانت لك بالطّاعة الأولياء ، فاحتويت بإلهيّتك على المجد والثّناء ، ولا يؤودك حفظ خلقك ، وأنت علاّم الغيوب ، سترت عليّ عيوبي وأحصيت عليّ ذنوبي ، وأكرمتني بمعرفة دينك ، ولم تهتك عنّي جميل سترك يا حنّان ، ولم تفضحني يا منّان ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن توسّع عليّ من فضلك الواسع رزقا حلالا طيّبا ، وأن تغفر لي ذنوبا حالت بيني وبينك باقترافي لها فأنت أهل أن تجود عليّ بسعة رحمتك ، وتنقذني من أليم عقوبتك ، وتدرجني درج المكرمين ، وتلحقني مولاي بالصّالحين مع الّذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين يقولون : سلام عليكم ادخلوا الجنّة بما كنتم تعملون ، بصفحك وتغمّدك يا رءوف يا رحيم.

يا ربّ وأسألك الصّلاة على محمّد وآل محمّد ، وأن تحتمل عنّي واجب الآباء والأمّهات وأدّ حقوقهم عنّي ، وألحقني معهم بالأبرار والمؤمنين والمؤمنات ، وأغفر لي ولهم جميعا إنّك حميد مجيد وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين (١) .

__________________

(١) الصحيفة العلوية : ٤٦٤ ـ ٤٦٨.

٢٣٢

دعاؤه عليه‌السلام

في يوم الأربعاء

من أدعية الإمام عليه‌السلام في يوم الأربعاء هذا الدعاء :

الحمد لله الّذي مرضاته في الطّلب إليه ، والتماس ما لديه ، وسخطه في ترك الإلحاح في المسألة عليه.

وسبحان الله شاهد كلّ نجوى بعلمه ، والمباين لكلّ ذي جسم بنفسه ، ولا إله إلاّ الله الّذي لا يدرك بالعيون والأبصار ، ولا يجهل بالعقول والألباب ، ولا يخلو من الضّمير ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور.

والله أكبر المتجلّل عن صفات المخلوقين ، المطّلع على ما في قلوب الخلائق أجمعين.

اللهمّ إنّي أسألك سؤال من لا يملّ دعاء ربّه ، وأتضرّع إليك تضرّع غريق يرجو كشف كربه ، وأبتهل إليك ابتهال تائب من ذنوبه وخطاياه ، وأنت الرّءوف الّذي ملكت الخلائق كلّهم ، وفطرتهم أجناسا مختلفات الألوان والأقدار على مشيّتك ، وقدّرت آجالهم وأرزاقهم ، فلم يتعاظمك خلق خلق حتّى كوّنته كما شئت فتعاليت وتجبّرت عن اتّخاذ وزير ، وتعزّزت من مؤامرة شريك ، وتنزّهت عن اتّخاذ الأبناء ، وتقدّست عن ملامسة النّساء ، فليست الأبصار بمدركة لك ، ولا الأوهام بواقعة عليك ، وليس لك شريك ولا ندّ ، ولا عديل ولا نظير ،

٢٣٣

أنت الفرد الواحد الدّائم ، الأوّل والآخر ، والعالم الأحد ، الصّمد القائم ، الّذي لم تلد ولم تولد ، ولم يكن لك كفوا أحد ، لا توصف بوصف ، ولا تدرك بوهم ، ولا يغيّرك في مرّ الدّهور صرف ، كنت أزليّا لم تزل ، ولا تزال ، وعلمك بالأشياء في الخفاء كعلمك بها في الإجهار والإعلان ، فيا من ذلّت لعظمته العظماء ، وخضعت لعزّته الرّؤساء ، ومن كلّت عن بلوغ ذاته ألسن البلغاء ، ومن أحكم تدبير الأشياء ، واستعجمت عن إدراكه عبارة علوم العلماء.

يا سيّدي أتعذّبني بالنّار وأنت أملي ، أو تسلّطها عليّ بعد إقراري لك بالتّوحيد ، وخضوعي وخشوعي لك بالسّجود ، أو تلجلج لساني في الموقف ، وقد مهّدت لي بمنّك سبل الوصول إلى التّسبيح والتّحميد والتّمجيد ، فيا غاية الطّالبين ، وأمان الخائفين ، وعماد الملهوفين ، وغياث المستغيثين ، وجار المستجيرين ، وكاشف ضرّ المكروبين ، وربّ العالمين ، وأرحم الرّاحمين ، صلّ على محمّد وآل محمّد ، وتب عليّ وألبسني العافية ، وارزقني من فضلك رزقا واسعا ، واجعلني من التّوّابين.

اللهمّ إن كنت كتبتني شقيا عندك فإنّي أسألك بمعاقد العزّ من رحمتك ، وبالكبرياء والعظمة الّتي لا يقاومها متكبّر ولا عظيم أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تحوّلني سعيدا ، فإنّك تجري الأمور على إرادتك ، وتجير ولا يجار عليك ، وأنت على كلّ شيء قدير ، وأنت الرّءوف الرّحيم الخبير ، تعلم ما في نفسي ، ولا أعلم ما في نفسك ، إنّك أنت علاّم الغيوب فالطف بي ، فقديما لطفت بمسرف على نفسه فامنن عليّ فقد مننت على غريق في بحور خطيئته

٢٣٤

هائما أسلمته للحتوف كثرة زلله ، وتطوّل عليّ يا متطوّلا على المذنبين بالصّفح والعفو ، فإنّك لم تزل آخذا بالفضل على الخاطئين ، والصّفح على العاثرين ، ومن وجب له باجترائه على الآثام حلول دار البوار ، يا عالم الخفيّات والأسرار ، يا جبّار يا قهّار ، وما ألزمتنيه مولاي من فرض الآباء والأمّهات وواجب حقوقهم مع الإخوان والأخوات فاحتمل ذلك عنّي إليهم وأدّه يا ذا الجلال والإكرام ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات إنّك على كلّ شيء قدير (١) .

__________________

(١) الصحيفة العلوية : ٤٦٨ ـ ٤٧٢.

٢٣٥

دعاؤه عليه‌السلام

في يوم الخميس

وكان من أدعيته الجليلة في يوم الخميس هذا الدعاء :

الحمد لله الّذي له في كلّ نفس من الأنفاس ، وخطرة من الخطرات منّا منن لا تحصى ، وفي كلّ لحظة من اللّحظات نعم لا تنسى ، وفي كلّ حال من الحالات عائدة لا تخفى.

وسبحان الله الّذي يقهر القويّ ، وينصر الضّعيف ، ويجبر الكسير ، ويغني الفقير ، ويقبل اليسير ، ويعطي الكثير ، وهو على كلّ شيء قدير.

ولا إله إلاّ الله السّابغ النّعمة ، البالغ الحكمة ، الدّامغ الحجّة ، الواسع الرّحمة ، المانح العصمة.

والله أكبر ذو السّلطان المنيع ، والبنيان الرّفيع ، والإنشاء البديع ، والحساب السّريع.

وصلّى الله على محمّد خير النّبيّين وآله الطّاهرين ، وسلّم تسليما.

اللهمّ إنّي أسألك سؤال الخائف من وقفة الموقف ، الوجل من العرض ، المشفق من الخشية لبوائق القيامة ، المأخوذ على الغرّة ، النادم على خطيئته ، المسئول المحاسب ، المثاب المعاقب ، الّذي لم يكنّه مكان عنك ، ولا وجد مفرّا إلاّ إليك ، متنصّلا ملتجئا من سيّئ عمله ، مقرّا بعظم ذنوبه ، قد أحاطت به

٢٣٦

الهموم ، وضاقت عليه رحائب التّخوم ، موقن بالموت ، مبادر بالتّوبة قبل الفوت ، إن مننت بها عليه وعفوت ، فأنت إلهي ورجائي إذا ضاق عنّي الرّجاء ، وملجئي إذا لم أجد فناء للالتجاء ، توحّدت يا سيّدي بالعزّ والعلاء ، وتفرّدت بالوحدانيّة والبقاء ، وأنت المتعزّز المتفرّد بالمجد ، فلك ربّي الحمد لا يواري منك مكان ، ولا يغيّرك دهر ولا زمان ، ألّفت بلطفك الفرق ، وفلقت بقدرتك الفلق ، وأنرت بكرمك دياجي الغسق ، وأجريت المياه من الصّمّ الصّياخيد عذبا واجاجا ، وأنهرت من المعصرات ماء ثجّاجا ، وجعلت الشّمس للبريّة سراجا وهّاجا ، والقمر والنّجوم أبراجا ، من غير أن تمارس فيما ابتدأت لغوبا ولا علاجا ، وأنت إله كلّ شيء وخالقه ، وجبّار كلّ مخلوق ورازقه ، فالعزيز من أعززت ، والذّليل من أذللت ، والسّعيد من أسعدت ، والشّقيّ من أشقيت ، والغنيّ من أغنيت ، والفقير من أفقرت ، أنت وليّي ومولاي وعليك رزقي ، وبيدك ناصيتي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد وافعل بي ما أنت أهله ، وعد بفضلك على عبد قد غمره جهله ، واستولى عليه التّسويف حتّى سالم الأيّام ، فارتكب المحارم والآثام ، فاجعلني سيّدي عبدا يفزع إلى التّوبة ، فإنّها مفزع المذنبين ، وأغنني بجودك الواسع عن المخلوقين ، ولا تحوجني إلى شرار العالمين ، وهب لي عفوك في موقف يوم الدّين ، فإنّك أرحم الرّاحمين ، وأجود الأجودين ، وأكرم الأكرمين ، يا من له الأسماء الحسنى ، والأمثال العليا ، وجبّار السّماوات والأرضين ، إليك قصدت راجيا فلا تردّ يدي عن سنيّ مواهبك صفرا ، إنّك جواد مفضال ، يا رءوفا بالعباد ، ومن هو لهم بالمرصاد ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تجزل

٢٣٧

ثوابي ، وتحسن مآبي ، وتستر عيوبي ، وتغفر ذنوبي ، وتنقذني مولاي بفضلك من أليم العقاب ، إنّك جواد كريم وهّاب ، فقد ألقتني السّيّئات والحسنات بين ثواب وعقاب ، وقد رجوتك أن تكون بلطفك تتغمّد عبدك المقرّ بفوادح العيوب بجودك وكرمك يا غافر الذّنوب ، وتصفح عن زلله فليس لي يا سيّدي ربّ أرتجيه غيرك ، ولا إله أسأله جبر فاقتي ومسكنتي سواك ، فلا تردّني منك بالخيبة ، يا مقيل العثرات ، وكاشف الكربات.

إلهي فسرّني فإنّي لست بأوّل من سررته يا وليّ النّعم ، وشديد النّقم ، ودائم المجد والكرم ، واخصصني منك بمغفرة لا يقارنها شقاء ، وسعادة لا يدانيها أذى ، وألهمني تقاك ومحبّتك ، وجنّبني موبقات معصيتك ، ولا تجعل للنّار عليّ سلطانا ، إنّك أهل التّقوى وأهل المغفرة ، وقد دعوتك ، وتكفّلت بالإجابة فلا تخيّب سائلك ، ولا تخذل طالبك ، ولا تردّ آملك ، يا خير مأمول ، وأسألك برأفتك ورحمتك وفردانيّتك وربوبيّتك ، يا من هو على كلّ شيء قدير ، وبكلّ شيء محيط ، فاكفني ما أهمّني من أمر دنياي وآخرتي ، فإنّك سميع الدّعاء ، لطيف لما تشاء ، وأدرجني درج من أوجبت له حلول دار كرامتك مع أصفيائك ، وأهل اختصاصك ، بجزيل مواهبك في درجات جنّاتك مع الّذين أنعمت عليهم من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين ، وحسن اولئك رفيقا ، وما افترضت عليّ فاحتمله عنّي إلى من أوجبت حقوقه من الآباء والأمّهات ، والإخوة والأخوات ، واغفر لي ولهم مع المؤمنين والمؤمنات إنّك قريب مجيب واسع البركات ، وذلك عليك يسير يا أرحم الرّاحمين ، وصلّى الله

٢٣٨

على محمّد النّبيّ وآله وسلّم تسليما (١) .

هذه بعض أدعيته الخاصّة في أيام الاسبوع ، ونقل الرواة عنه أبياتا من الشعر نظمها في خصوصيات تلك الأيام وهي :

٤٧%">

أرى الأحد المبارك يوم سعد

٤٧%">

لغرس العود يصلح والبناء

٤٧%">

وفي الإثنين للتّعليم أمن

٤٧%">

وبالبركات يعرف والرّخاء

٤٧%">

وإن رمت الحجامة في الثّلاثا

٤٧%">

فذاك اليوم إهراق الدّماء

٤٧%">

وإن أحببت أن تسقى دواء

٤٧%">

فنعم اليوم يوم الأربعاء

٤٧%">

وفي يوم الخميس طلاب رزق

٤٧%">

لإدراك الفوائد والغناء

٤٧%">

ويوم الجمعة التّزويج فيه

٤٧%">

ولذّات الرّجال مع النّساء

٤٧%">

ويوم السّبت إن سافرت فيه

٤٧%">

وقيت من المكاره والعناء (٢)

ونقف موقف المتأمّل في هذا الشعر لأنّ الأيام تتساوى في كثير من الآثار الوضعية ، اللهمّ إلاّ أن تكون قد وردت روايات صحيحة السند بها ، فنتعبّد بها ، كما أنّا نقف موقفا لا يتّسم بالتصديق والإذعان لبعض الأدعية لأنّ الركة وعدم الفصاحة بادية عليها ، وهي لا تتّفق بحال مع بلاغة أمير البيان الذي كان كلامه من مناجم الأدب العربي.

__________________

(١) الصحيفة العلوية : ٤٧٢ ـ ٤٧٨.

(٢) العقد المفصّل ٩ : ٧٠٢ ، ورويت في نزهة الجليس ١ : ٢٥١. مصباح الكفعمي إلاّ أنّها ذكرت في الديوان المنسوب إلى الإمام عليه‌السلام بصورة أخرى.

٢٣٩
٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310