موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٤

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام18%

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مؤلف:
المحقق: باقر شريف القرشي
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: 310

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
  • البداية
  • السابق
  • 310 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 133896 / تحميل: 6469
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
ISBN: ٩٦٤-٩٤٣٨٨-٦-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

الفصل الثالث و الخمسون في الفتن و الشبه و البدع

١٦١

١ في أوّل الباب الثالث من النهج باب المختار

من حكم امير المؤمنينعليه‌السلام و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله و الكلام القصير الخارج في ساير أغراضه .

قالعليه‌السلام :

كُنْ فِي اَلْفِتْنَةِ كَابْنِ اَللَّبُونِ لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ وَ لاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ قول المصنّف : « باب المختار » هو القسم الأخير من كتابه « من حكم أمير المؤمنينعليه‌السلام » اقتصر عليه في ( المصرية ) و زاد ابن أبي الحديد و ابن ميثم : « و مواعظه » و هو الصحيح لأصحية نسختيهما لا سيما الأخير الذي نسخته بخط المصنف .

و لأنّ فيه مواعظ كثيرة و منها في العنوان ( ١٥٠ ) كلامهعليه‌السلام لرجل سأله أن يعظه الذي قال المصنف فيه « و لو لم يكن في هذا الكتاب إلاّ هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة » .

١٦٢

و وصف الشعبي كلامهعليه‌السلام في الحكم و غيرها فقال : تكلّم أمير المؤمنينعليه‌السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة و أيتمن جواهر الحكمة و قطعن جميع الأنام عن اللحاق بواحدة منهن ، ثلاث منهن في الحكمة و ثلاث في المناجاة و ثلاث في الأدب ، أما اللائي في الحكمة فقال : قيمة كلّ امرى‏ء ما يحسنه ، و ما هلك امرؤ عرف قدره ، و المرء مخبوء تحت لسانه .

و أما اللائي في المناجاة فقال : اللّهم كفى بي عزّا أن أكون لك عبدا ، و كفى بي فخرا أن تكون لي ربا ، أنت كما أحب فاجعلني كما تحب و أما اللائي في الأدب فقال : امنن على من شئت تكن أميره ، و استغن عمّن شئت تكن نظيره و احتج إلى من شئت تكن أسيره(١) .

« و يدخل في ذلك المختار من أجوبة مسألته » ترى أجوبة مسألته في العناوين ( ١٦ ) ( ٣٠ ) ( ٩٤ ) ( ١٢٠ ) ( ١٥٠ ) ( ٢٢٧ ) ( ٢٢٩ ) ( ٢٣٥ ) ( ٢٦٦ ) ( ٢٨٧ ) ( ٢٩٤ ) ( ٣٠٠ ) ( ٣١٨ ) ( ٣٥٦ ) ( ٤٧٠ ) .

« و الكلام القصير » كان حاجب هشام بن عبد الملك يأمر منتجعيه بالإيجاز في الكلام ، فقام أعرابي فقال : إنّ اللَّه تعالى جعل العطاء محبة و المنع مبغضة فلأن نحبك خير من أن نبغضك فأعطاه و أجزل له .

« الخارج في سائر أغراضه » أي باقي مقاصده ، و الأصل في ( الغرض ) الهدف و ( سائر ) يأتي بمعنى الجميع و معنى الباقي ، و الأخير هو المراد هنا .

قوله « كن في الفتنة » الأصل في « الفتنة » قولهم « دينار مفتون » فتن بالنار ، و كلّ شي‏ء ادخل النار فقد فتن ، و قالوا « الناس عبيد الفتانين » أي الدرهم و الدينار .

« كابن اللبون » ابن اللبون : ولد الناقة الذكر إذا دخل في الثالثة ، لأن امّه

____________________

( ١ ) الخصال للصدوق : ١٨٦ .

١٦٣

وضعت غيره فصار لها لبن ، و الانثى بنت اللبون ، و يجمعان بنات اللبون .

« لا ظهر فيركب و لا ضرع فيحلب » نظيره قول حاجب بن زرارة في القعقاع :

ما هو رطب فيعصر و لا يابس فيكسر .

و في المثل : لا تكن حلوا فتزدرد و لا مرّا فتلفظ .

و من الأمثال في الاعتزال قولهم : لا ناقة لي في هذا و لا جمل و قالوا : ان كنت من أهل الفطن فلا تدر حول الفتن .

ثم كما لا ينتفع بابن اللبون لصغره كذلك بالثلب لكبره ، و هو الذي انكسرت أنيابه من شدّة هرمه ، و إنما الانتفاع الكامل بالناب الذي في وسط الشباب ، قال بعضهم :

ألم تر أن الناب يحلب علبة

و يترك ثلب لا ضراب و لا ظهر

قال ابن أبي الحديد : أيام الفتنة هي أيام الخصومة بين رئيسين ضالين يدعوان كلاهما إلى ضلالة ، كفتنة عبد الملك و ابن الزبير و فتنة مروان و الضحاك و فتنة الحجاج و ابن الأشعث ، و أما إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين(١) .

قلت : إن جانبوا العصبية و أرادوا فهم الحقيقة فأول أيام الفتنة أيام أوّلهم ، ففي ( الطبري ) : قال أبو مويهبة مولى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : بعث إليّ النبي من جوف الليل فقال : يا أبا مويهبة إنّي قد امرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال : السّلام عليكم أهل المقابر ، ليهن لكم ما أصبحتم ممّا أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أوّلها ، الآخرة شرّ من الاولى إلى أن قال ثم انصرف فبدأ

____________________

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

١٦٤

بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعه الذي قبض فيه(١) .

و في ( بلاغات نساء أحمد بن أبي طاهر البغدادي ) من رجالهم في ذكره خطبة سيّدة نساء العالمين باتفاق فرق المسلمين لما منعها أبو بكر فدك و في الخطبة : فأنقذكم اللَّه برسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد اللتيا و التي ، و بعد ما مني ببهم الرجال و ذؤبان العرب ، كلّما حشوا نارا للحرب أطفأها و نجم قرن للضلال و فغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها ، فلا ينكفي حتى يطأ صماخها بأخمصه و يخمد لهبها بحده ، مكدودا في ذات اللَّه قريبا من رسول اللَّه سيّدا في أولياء اللَّه ، و أنتم في بلهنية و ادعون آمنون ، حتى إذا اختار اللَّه تعالى لنبيه دار أنبيائه ظهرت خلّة النفاق و سمل جلباب الدين و نطق كاظم الغاوين و نبغ خامل الآفلين و هدر فنيق المبطلين ، فخطر في عرصاتكم و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم ، فوجدكم لدعائه مستجيبين و للغرة فيه ملاحظين ، فاستنهضكم فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا ، فوسمتم غير أبلكم و أوردتموها غير شربكم ، هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجراح لما يندمل ، بدارا زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا و إنّ جهنم لمحيطة بالكافرين(٢) .

و روى الإسكافي منهم في نقضه ( عثمانية الجاحظ ) عن أبي رافع قال :

أتيت أبا ذر بالربذة اودّعه ، فلما أردت الانصراف قال لي و لا ناس معي :

ستكون فتنة فاتقوا اللَّه و عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه ، فإني سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول له : أنت أوّل من آمن بي و أوّل من يصافحني يوم القيامة ، و أنت الصدّيق الأكبر ، و أنت الفاروق الذي تفرّق بين الحق و الباطل ،

____________________

( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٤٣٢ .

( ٢ ) بلاغات النساء لابن طيفور : ١٣ ١٤ .

١٦٥

و أنت يعسوب المؤمنين و المال يعسوب الكافرين ، و أنت أخي و وزيري و خير من أترك بعدي(١) .

ثم ما قاله ابن أبي الحديد : من فتنة الحجاج و ابن الأشعث خلاف عقيدة أهل نحلته ، فإنّ عندهم كان قيام ابن الأشعث فتنة ، و أمّا الحجاج فكان عامل من بايعه جميع الناس و كان عندهم خليفة حقّا و أميرا للمؤمنين به .

و كذلك قوله « فتنة عبد الملك و ابن الزبير » غير صحيح عند أهل ملته ، فانّه عندهم كان ابتداء ابن الزبير ولي اللَّه و عبد الملك عدوّ اللَّه ، و لما غلب عبد الملك صار هو ولي اللَّه و ابن الزبير عدوّ اللَّه(٢) .

ففي ( كامل المبرد ) : خرج مصعب بن الزبير إلى باجميراء ، ثم أتى الخوارج خبر مقتله بمسكن و لم يأت المهلب و أصحابه ، فتواقفوا يوما على الخندق ، فناداهم الخوارج : ما تقولون في المصعب ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : ضالّ مضل فلما كان بعد يومين أتى المهلب قتل صعب و إنّ أهل الشام اجتمعوا على عبد الملك ، و ورد عليه كتاب عبد الملك بولايته ، فلما تواقفوا ناداهم الخوارج : ما تقولون في مصعب ؟ قالوا : لا نخبركم قالوا : فما تقولون في عبد الملك ؟ قالوا : إمام هدى قالوا : يا أعداء اللَّه بالأمس ضال مضل و اليوم امام هدى ، يا عبيد الدّنيا عليكم لعنة اللَّه(٣) .

و الخوارج و إن طعنوا عليهم بكون ما عليهم خلاف العقل و خلاف الفطرة التي فطر الناس عليها ، إلاّ أنّه يقال لهم : إنّ ذلك لازم لكم أيضا بموافقة العامة في إمامة صديقهم و صديقه ، فلا يمكن القول بالملزوم و ترك اللازم .

____________________

( ١ ) نقض العثمانية لأبي جعفر الإسكافي : ٢٩٠ ملحقة بالعثمانية .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٨٢ .

( ٣ ) الكامل في الأدب للمبرّد ٣ : ١١٠١ ١١٠٢ .

١٦٦

و أما قوله « إذا كان أحدهما صاحب حق فليست أيام فتنة كالجمل و صفين » فأيضا أهل ملّته غير معترفين به ، فهذا ابن عبد البر من أئمتهم قال في سعد بن أبي وقاص الذي لم يشهد الجمل و صفين مع أمير المؤمنينعليه‌السلام :

كان ممّن قعد و لزم بيته في الفتنة و أمر أهله أن لا يخبروه من أخبار الناس بشي‏ء حتى تجتمع الامة على إمام(١) .

و قال في ترجمة ابن فاروقهم : قيل لنافع : ما بال ابن عمر بايع معاوية و لم يبايع عليّا ؟ فقال : كان ابن عمر لا يعطي يدا في فرقة و لا يمنعها من جماعة ، و لم يبايع معاوية حتى اجتمعوا عليه(٢) .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي يصير معاوية الذي كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعنه في غير موطن و عدوّ الدين أولى بالإمامة من أمير المؤمنينعليه‌السلام الذي جعله اللَّه تعالى في كتابه كنفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله .( و أنفسنا و أنفسكم . ) (٣) و جعله النبي بمنزلة نفسه في المتواتر منه في قوله للناس : من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من نفسه .

لا يقال : انّما قال « من كنت مولاه فعلي مولاه » لا ما قلت قلت : ما ذكرته ان لم يكن لفظه هو معناه ، ألم يكن قال تلك الجملة بعد قوله للناس « ألست بكم أولى من أنفسكم » و قول الناس له « بلى أنت أولى بنا من أنفسنا » فهل يصير معناها غير ما قلناه .

قبّح اللَّه هذا الدين الذي هو خلاف ناموس الإنسانية ، حتى ان الحجاج الذي قال عمر بن عبد العزيز الذي هو أحد خلفائهم : لو أنّ جميع الامم جاءت

____________________

( ١ ) الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ٢ : ٦٠٩ .

( ٢ ) المصدر نفسه ٣ : ٩٥٣ .

( ٣ ) آل عمران : ٦١ .

١٦٧

يوم القيامة كلّ واحدة منهم بشرارهم و جئناهم بالحجاج لغلبنا جميعهم لم يرضه ، فقال الاسكافي أحد أئمتهم في نقض ( عثمانيته ) : امتنع ابن عمر من بيعة عليعليه‌السلام و طرق على الحجاج بابه ليلا ليبايع لعبد الملك كيلا يبيت تلك الليلة بلا إمام ، زعم لأنّه روي ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال « من مات و لا إمام له مات ميتة جاهلية »(١) و حتى بلغ من احتقار الحجاج له و استرذاله حاله أن أخرج رجله من الفراش فقال : اصفق بيدك عليها قال و رواه بعضهم و زاد : و لما خرج قال الحجاج : ما أحمق هذا يترك بيعة علي و يأتيني مبايعا في ليله .

٢ الخطبة ( ٩١ ) إِنَّ اَلْفِتَنَ

إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ يُنْكَرْنَ مُقْبِلاَتٍ وَ يُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ يَحُمْنَ حَوْلَ اَلرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً وَ يُخْطِئْنَ بَلَداً أقول : رواه الثقفي في أول ( غاراته ) باسنادين عن زر بن حبيش عنهعليه‌السلام : الأول عن إسماعيل بن ابان عن عبد الغفار بن القاسم عن المنصور بن عمرو عن ذر و الثاني عن أحمد بن عمران الأنصاري عن أبيه عن أبن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن زر قال : خطب عليعليه‌السلام بالنهروان إلى أن قال فقام إليه رجل آخر فقال لهعليه‌السلام : حدّثنا عن الفتن قال : ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت ، يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات ، ان الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا و يخطئن اخرى(٢) .

« ان الفتن إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت نبهت » في ( نهاية الجزري ) : التشابه قسمان ، قسم إذا ردّ إلى المحكم يفهم معناه ، و قسم لا سبيل إلى معرفة

____________________

( ١ ) نقض العثمانية : ٣٠١ .

( ٢ ) الغارات للثقفي : ٧ .

١٦٨

حقيقته ، فالمتتبع له متتبع للفتنة ، لأنّه لا يكاد ينتهي إلى شي‏ء تسكن إليه نفسه ، و منه حديث ذكر فيه فتنة « تشبه مقبلة و تبين مدبرة » أي أنّها إذا أقبلت شبهت على القوم و أرتهم أنّهم على الحق حتى يدخلوا فيها و يركبوا منها ما لا يجوز ، فإذا أدبرت بان أمرها فعلم من دخل فيها أنّه كان على الخطأ(١) .

« ينكرن مقبلات و يعرفن مدبرات » قد عرفت أنّ ( غارات الثقفي ) رواه « يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات » .

« يحمن حول الرياح » هكذا في ( المصرية )(٢) ، و الصواب : « حوم الرياح » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية )(٣) ، مع أنّه لا معنى لما في ( المصرية ) ، فالفتن لا يدرن حول الرياح بل يدرن حول الناس دور الرياح ، من قولهم « حام الطائر حول الشي‏ء حوما » أي دار .

« يصبن بلدا و يخطئن اخرى » أي كما أن الرياح الشديدة تصيب بلدا و تخطى‏ء بلدا كذلك الفتن يصبن بلدا فيبتلى الناس بوخامتهن و يخطئن بلدا فيسلمون منها .

٣ الحكمة ( ٧٦ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ اَلْأُمُورَ إِذَا اِشْتَبَهَتْ اُعْتُبِرَ آخِرُهَا بِأَوَّلِهَا كان العباسيون يدّعون إجراء العدالة إذا ظهروا إلاّ انّه كان حالهم في الآخر معلومة من أوّلها .

____________________

( ١ ) النهاية لابن الأثير للجزري ٢ : ٤٤٢ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ٢٣٤ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٧ : ٤٤ الخطبة ( ١٩٢ ) ، أمّا شرح ابن ميثم ٢ : ٣٨٨ ، بلفظ « حول » ، أما الخطبة ٧٤ بلفظ « حوم » .

١٦٩

و لما بايعت الأوس أبا بكر لئلا يصير الأمر إلى الخزرج و كانت بينهما رقابة من الجاهلية ، قال لهم المنذر بن الحباب : فعلتموها أما و اللَّه لكأني بأبنائكم على أبواب أبنائهم قد وقفوا يسألونهم بأكفّهم و لا يسقون الماء .

و صار كما قال(١) .

٤ الحكمة ( ٩٣ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ اَلْفِتْنَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ إِلاَّ وَ هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى فِتْنَةٍ وَ لَكِنْ مَنِ اِسْتَعَاذَ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ مُضِلاَّتِ اَلْفِتَنِ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ وَ اِعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ١ ٧ ٨ : ٢٨ وَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَخْتَبِرُهُمْ بِالْأَمْوَالِ وَ اَلْأَوْلاَدِ لِيَتَبَيَّنَ اَلسَّاخِطَ لِرِزْقِهِ وَ اَلرَّاضِيَ بِقِسْمِهِ وَ إِنْ كَانَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمَ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ لَكِنْ لِتَظْهَرَ اَلْأَفْعَالُ اَلَّتِي بِهَا يُسْتَحَقُّ اَلثَّوَابُ وَ اَلْعِقَابُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ اَلذُّكُورَ وَ يَكْرَهُ اَلْإِنَاثَ وَ بَعْضَهُمْ يُحِبُّ تَثْمِيرَ اَلْمَالِ وَ يَكْرَهُ اِنْثِلاَمَ اَلْحَالِ و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير « لا يقولن أحدكم اللّهم اني أعوذ بك من الفتنة » قال ابن بابويه في ( توحيده ) :

الفتنة على عشرة أوجه : فوجه الضلال ، و الثاني : الاختبار و هو قوله تعالى .( و فتناك فتونا ) .(٢) ( ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون ) (٣) و الثالث : الحجّة و هو قوله تعالى( ثم لم تكن فتنتهم إلاّ أن قالوا

_ ___________________

( ١ ) التوحيد للصدوق : ٣٨٦ .

( ٢ ) طه : ٤٠ .

( ٣ ) العنكبوت : ١ ٢ .

١٧٠

 و اللَّه ربنا ما كنّا مشركين ) (١) و الرابع : الشرك و هو قوله تعالى .( و الفتنة أشدّ من القتل ) .(٢) و الخامس : الكفر و هو قوله تعالى .( ألا في الفتنة سقطوا ) .(٣) و السادس : الإحراق بالنار و هو قوله تعالى( إن الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ) . .(٤) و السابع : العذاب كقوله تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٥) ( ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون ) (٦) .( و من يرد اللَّه فتنته فلن تملك له من اللَّه شيئا ) . .(٧) و الثامن : القتل كقوله تعالى .( إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ) .(٨) ( فما آمن لموسى إلاّ ذريّة من قومه على خوف من فرعون و ملئهم أن يفتنهم ) .(٩) و التاسع : الصدّ كقوله تعالى( و ان كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا اليك ) .(١٠) و العاشر : شدّة المحنة كقوله تعالى .( ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) (١١) ، و قد زاد علي بن ابراهيم وجها آخر ، و هو المحبة كقوله تعالى .( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(١٢) و عندي أنّه المحنة بالنون لا المحبة بالباء لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله « الولد مجبنة مبخلة »(١٣) .

____________________

( ١ ) الأنعام : ٢٣ .

( ٢ ) البقرة : ١٩١ .

( ٣ ) التوبة : ٤٩ .

( ٤ ) البروج : ١٠ .

( ٥ ) الذاريات : ١٣ .

( ٦ ) الذاريات : ١٤ .

( ٧ ) المائدة : ٤١ .

( ٨ ) النساء : ١٠١ .

( ٩ ) يونس : ٨٣ .

( ١٠ ) الاسراء : ٧٣ .

( ١١ ) يونس : ٨٥ .

( ١٢ ) الأنفال : ٢٨ .

( ١٣ ) بحار الأنوار ١٠٤ : ٩٧ رواية ٦٠ ب ٢ .

١٧١

قلت : و المفهوم من الخليل أن الأصل في معناه الإحراق ، فقال : الفتن الإحراق(١) ، قال تعالى( يوم هم على النار يفتنون ) (٢) ، و ورق فتين أي فضة محرقة و يقال للحرة فتين كأن حجارتها محرقة .

هذا ، و عن الأصمعي لا يقال أفتنته بل فتنته ، ورد عليه بقول أعشى همدان في سعيد بن جبير :

لئن أفتنتني فهي بالأمس أفتنت سعيدا فأمسى قد قلى كلّ مسلم(٣) و عن ام عمرو بنت الأهتم : مررنا بمجلس فيه سعيد بن جبير و نحن جوار و معنا جارية تغني بدف معها و تنشد البيت « لئن أفتنتني . » ، فقال سعيد : كذبتن كذبتن .

« لأنّه ليس أحد إلاّ و هو مشتمل على فتنة » و لو بالمال أو الولد ، و لأنّ سنته تعالى فتن عباده و لن تجد لسنته تبديلا ، قال تعالى( أحسب الناس ان يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون و لقد فتنا الذين من قبلهم فَليعلمنَّ اللَّه الذين صدقوا و ليعلَمَنَّ الكاذبين ) (٤) .

« و لكن من استعاذ فليستعذ باللَّه من مضلاّت الفتن » كما في فتنة بني اسرائيل بالعجل الذي أضلّهم السامري به حتى تركوا هارون و أرادوا قتله .

و كما في فتنة المسلمين بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمثل فتنة بني اسرائيل بجعل الثاني الأول عجله حتى تركوا خليفة نبيّهم و أرادوا قتله ، و كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لهم في المتواتر : لتتبعن بني إسرائيل حذوا بحذو حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه .

____________________

( ١ ) العين لأحمد الفراهيدي ٨ : ١٢٧ مادة ( فتن ) .

( ٢ ) الذاريات : ١٣ .

( ٣ ) العين للفراهيدي ٨ : ١٢٨ مادة ( فتن ) .

( ٤ ) العنكبوت : ٢ ٣ .

١٧٢

و في ( خلفاء ابن قتيبة ) في قصة السقيفة فأخرجوا عليّا فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع فقال : إن أنا لم أفعل فمه ؟ قالوا : إذن و اللَّه الذي لا إله إلاّ هو لضرب عنقك قال : إذن تقتلون عبد اللَّه و أخا رسوله قال عمر : أما عبد اللَّه فنعم و أما أخو رسوله فلا و أبو بكر ساكت لا يتكلّم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه ؟ فقال : لا اكرهه على شي‏ء ما كانت فاطمة إلى جنبه فلحق علي بقبر رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصيح و يبكي و ينادي : يابن امّ إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني إلى آخر ما ذكر(١) .

هذا ، و روى ( توحيد الصدوق ) أنّه تعالى قال : إنّ من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فأكفّه عنه لئلا يدخله عجب فيفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالفقر و لو أغنيته لأفسده ، و إنّ منهم لمن لا يصلح ايمانه إلاّ بالغنى و لو أفقرته لأفسده ، و ان منهم لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالسقم و لو صححت جسده لأفسده ذلك ، و إنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلاّ بالصحّة و لو أسقمته لأفسده ، و إنّي ادبر عبادي بعلمي بقلوبهم فإنّي عليم خبير(٢) .

« فإنّ اللَّه سبحانه يقول( و اعلموا أنّما أموالكم و أولادكم فتنة و أن اللَّه عنده أجر عظيم ) (٣) .

« و معنى ذلك أنّه سبحانه » سقطت كلمة « سبحانه » من ( المصرية )(٤) مع وجودها في ( ابن ميثم و ابن أبي الحديد و الخطية )(٥) .

____________________

( ١ ) الخلفاء لابن قتيبة : ١٣ .

( ٢ ) التوحيد للصدوق : ٣٩٨ ح ١ .

( ٣ ) الأنفال : ٢٨ .

( ٤ ) الطبعة المصرية : ٦٧٧ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ٢٤٨ ، و ابن ميثم ٥ : ٢٨٧ .

١٧٣

« يختبرهم » أي : يمتحنهم .

« بالأموال و الأولاد ليتبيّن الساخط لرزقه » في الأموال .

« و الراضي بقسمه » في الأولاد .

« و إن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم » .( فليعلمن اللَّه الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين ) (١) .

« و لكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب و العقاب » لأن الجزاء على العمل لا مجرّد النيّة و مقتضى الطوية ، و إن كان هو تعالى يثيب على مجردهما تفضلا و لا يؤاخذ على صرفهما تكرّما .

« لأنّ بعضهم يحب الذكور و يكره الاناث » حتى قال تعالى( في مثلهم و إذا بُشّر أحدهم بالانثى ظلّ وجهه مسودّا و هو كظيم يتوارى عن القوم من سوء ما بُشّر به أيمسكه على هون أم يدسّه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) (٢) .

قالوا : و لحب الناس الذكور و كراهتم للإناث و كان الواجب عليهم التسليم لمشيته تعالى شأنه قدّم عز و جل هبة الإناث على الذكور فقال .( يهب لمن يشاء إناثا و يهب لمن يشاء الذكور ) (٣) .

« و بعضهم يحبّ تثمير المال و يكره انثلام الحال » أي وقوع الخلل فيه ، قال تعالى( و إنّه لحبّ الخير لشديد ) (٤) و فسر الخير هنا بالمال .

و قال تعالى في امتحان عبيده بالمال و الولد و غيرهما( و لنبلونكم بشي‏ء من الخوف و الجوع و نقص من الأموال و الأنفس و الثمرات

_ ___________________

( ١ ) العنكبوت : ٣ .

( ٢ ) النحل : ٥٨ ٥٩ .

( ٣ ) الشورى : ٤٩ .

( ٤ ) العاديات : ٨ .

١٧٤

 و بشّر الصابرين ) (١) .

« و هذا من غريب ما سمع منه في التفسير » و لو كان قال ما روي عنهعليه‌السلام بدل ما سمع منهعليه‌السلام كان أحسن .

جعله من غريب التفسير لأنّ المتبادر من كون الأموال فتنة أنّ الانسان يطغى أن رآه استغنى ، و أنّ كثيرا من الناس يميل المال بهم إلى الشهوات كما أنّ كثيرا منهم يصعب عليهم إخراج الحقوق التي أوجب اللَّه تعالى عليهم في المال فيهلكون كما ان المتبادر من كون الأولاد فتنة أنّهم يصيرون سببا للتخلّف عن الجهاد ، و البخل عن الزكاة ، و تحصيل المال لهم من غير طريق المشروع لو ضاق عليه المشروع و لموافقة الآباء غالبا أهواء أبنائهم المهوية ، كما اتفق للزبير مع ابنه ، فقالعليه‌السلام : ما زال الزبير منّا حتى نشأ ابنه الميشوم .

و روت العامة في تفسير الآية عن بريدة : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخطب فجاء الحسن و الحسينعليهما‌السلام و عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران ، فنزل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إليهما فأخذهما و وضعهما في حجره على المنبر و قال : صدق اللَّه تعالى( انّما أموالكم و أولادكم فتنة ) .(٢) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان و يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي و رفعتهما(٣) .

هذا ، و مما روي عنهعليه‌السلام من غريب التفسير غير ما مرّ أنّهعليه‌السلام قال :

الاستثناء في اليمين متى ما ذكر و لو بعد أربعين صباحا ثم تلا هذه الآية . و اذكر ربّك إذا نسيت .(٤) .

و أنّهعليه‌السلام قال : تستحب المقاربة مع أهله ليلة أول شهر الصيام لقوله

____________________

( ١ ) البقرة : ١٥٥ .

( ٢ ) التغابن : ١٥ .

( ٣ ) سنن الترمذي ٥ : ٦١٦ ح ٣٧٧٤ .

( ٤ ) الكافي ٧ : ٤٤٨ الرواية ٦ ، و الآية ٢٤ من سورة الكهف .

١٧٥

تعالى( اُحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) . .(١) .

٥ في الخطبة ( ١٤٣ ) منها :

وَ مَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إِلاَّ تُرِكَ بِهَا سُنَّةٌ فَاتَّقُوا اَلْبِدَعَ وَ اِلْزَمُوا اَلْمَهْيَعَ إِنَّ عَوَازِمَ اَلْأُمُورِ أَفْضَلُهَا إِنَّ مُحْدَثَاتِهَا شِرَارُهَا « و ما احدثت بدعة إلاّ ترك بها سنة » قال ابن أبي الحديد : البدعة كلّ ما لم يكن في عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمنها الحسن كصلاة التراويح و منها القبيح كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية و إن كانت قد تكلّفت الأعذار عنها(٢) .

قلت : صلاة التراويح أيضا من بدع ، قالعليه‌السلام ترك بها سنة ، و كيف تكون حسنة و كانت تشريعا في قبال الدين ، و إنما التشريع للَّه تعالى( ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إنّ لكم فيه لما تخيرون ) (٣) .

ما كان للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يشرّع شيئا من قبل نفسه إلاّ بوحي منه تعالى إليه ، فكيف كان لعمر الذي أفحمته مرأة في أنفها فطس في حظره جعل الصداق أكثر من خمسمائة درهم بأنّه تعالى قال .( و آتيتم إحداهن قنطاراً ) .(٤) فقال : كل الناس أفقه من عمر .

و روى سليم بن قيس الهلالي في كتابه أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام خطب فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه

____________________

( ١ ) البقرة : ١٨٧ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

( ٣ ) القلم : ٣٦ ٣٨ .

( ٤ ) النساء : ٢٠ .

١٧٦

ناقضين لعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها تفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي و قليل من شيعتي ، و اللَّه لقد أمرت أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي يا أهل الاسلام لقد غيرت سنّة عمر نهينا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و قد خفت أن يثوروا في ناحية عسكري(١) .

و روى محمد بن علي بن بابويه عن الباقر و الصادقعليهما‌السلام : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان في جماعة بدعة ، و صلاة الضحى بدعة ، ألا و إنّ كلّ بدعة ضلالة و كلّ ضلالة سبيلها إلى النار(٢) .

و روى محمد بن يعقوب الكليني : إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام مر برجل يصلّي الضحى في مسجد الكوفة ، فغمز جنبه بالدرة و قال : نحرت صلاة الأوابين نحرك اللَّه(٣) .

و أما أعمال عثمان و لم قال كالمنكرات التي ظهرت أواخر الخلافة العثمانية كنفيه أبا ذر و ضربه عمارا و نهبه بيت المال لأقاربه و توليته لهم حتى يصلّوا بالناس سكارى و يصلّوا الصبح أربعا و يغنوا في الصلاة و غيرها من نظائرها فشنائع ينكرها الموحد و الملحد و المسلم و الكافر .

و أما ما قاله من تكلّف الأعذار الذي نوريهم ، فالتكلّف لعدم منكرية عداوة أبي جهل مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أقرب إلى العقول منه .

ثم جعلها في عداد البدع كصلاة التراويح في غير محله .

____________________

( ١ ) سليم بن قيس ، لا وجود له في الطبعة النجفية ، لعل المؤلف أخذه من البحار حيث ذكر المجلسي في ٩٦ : ٢٠٣ الرواية ٢١ باب ٢٤ .

( ٢ ) الفقيه للصدوق ٢ : ١٣٧ الرواية ١٩٦٤ باب ٢ .

( ٣ ) الكافي ٣ : ٤٥٢ رواية ٨ .

١٧٧

« فاتقوا البدع » روى ابن بابويه عن الصادقعليه‌السلام : من مشى إلى صاحب بدعة فوقرها فقد مشى في هدم الإسلام(١) .

« و الزموا المهيع » أي الطريق الواسع و هو طريق الاسلام ، قال تعالى( و إنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ) . .(٢) .

« إنّ عوازم الامور أفضلها » قال ابن أبي الحديد : عوازم ما تقادم منها من قولهم « عجوز عوزم » أي مسنّة ، و يجوز أن يكون جمع عازمة بمعنى مفعول أي معزوم عليها ، أي مقطوع معلوم بيقين صحتها ، و الأول أظهر لأن في مقابلته « و ان محدثاتها » و المحدث في مقابلة القدم(٣) .

قلت : بل الظاهر أن « عوازم » محرف « قدائم » جمع قديم للتشابه الخطي بينهما ، لأن العزم في مقابل الرخصة لا المحدث ، يقال عزائم القرآن و رخصه ، ثم جمع العوزم بالعوازم كما قاله غير معلوم .

٦ الخطبة ( ٥٠ ) و من كلام لهعليه‌السلام :

إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ اَلْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ وَ أَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اَللَّهِ وَ يَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً عَلَى غَيْرِ دِينِ اَللَّهِ فَلَوْ أَنَّ اَلْبَاطِلَ خَلَصَ مِنْ مِزَاجِ اَلْحَقِّ لَمْ يَخْفَ عَلَى اَلْمُرْتَادِينَ وَ لَوْ أَنَّ اَلْحَقَّ خَلَصَ مِنْ اَلْبَاطِلِ اِنْقَطَعَتْ عَنْهُ أَلْسُنُ اَلْمُعَانِدِينَ وَ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا ضِغْثٌ وَ مِنْ هَذَا

____________________

( ١ ) الفقيه للصدوق ٣ : ٥٧٢ ح ٤٩٥٧ الباب ٢ .

( ٢ ) الأنعام : ١٥٣ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٩ : ٩٤ .

١٧٨

ضِغْثٌ فَيُمْزَجَانِ فَهُنَالِكَ يَسْتَوْلِي اَلشَّيْطَانُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ وَ يَنْجُو اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ ٢ ٤ ٢١ : ١٠١ مِنَ اَللَّهِ اَلْحُسْنى‏ ٦ ٦ ٢١ : ١٠١ أقول : رواه الكليني في ( بدع كافيه ) بإسنادين عن عاصم بن حميد عن محمد ابن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : أيها الناس إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب اللَّه ، يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا ، فهنا لك استحوذ الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم منه الحسنى(١) .

و رواه في ( روضته ) مع زيادات ، فروى عن سليم بن قيس قال : خطب عليعليه‌السلام فقال : إنّما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع و أحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم اللَّه ، يتولى فيها رجال رجالا ، إنّ الحق لو خلص لم يكن اختلاف و لو أنّ الباطل خلص لم يخف على ذي حجى ، لكنّه يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث فيمزجان فيجتمعان فيجللان معا ، فهنا لك يستولي الشيطان على أوليائه و نجا الذين سبقت لهم الحسنى ، إنّي سمعت رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

كيف أنتم إذا لبستكم فتنة تربو فيها الصغير و يهرم فيها الكبير يجري الناس عليها و يتخذونها سنة ، فإذا غيّر منها شي‏ء قيل قد غيّرت السنّة ، و قد أتى الناس منكرا ثم تشتدّ البلية و تسبى الذريّة و تدقهم الفتنة كما تدقّ النار الحطب و كما تدقّ الرحى بثفالها ، و يتفقهون لغير اللَّه و يتعلمون لغير العمل و يطلبون الدنيا بأعمال الآخرة .

ثم أقبل بوجهه و حوله ناس من أهل بيته و خاصته و شيعته فقال : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله متعمّدين لخلافه ناقضين بعهده مغيّرين لسنّته ، و لو حملت الناس على تركها و حوّلتها إلى مواضعها

____________________

( ١ ) الكافي ١ : ٥٤ رواية ١ و أيضا ٨ : ٥٨ الرواية ٢١ .

١٧٩

و الى ما كانت في عهد رسول اللَّه لتفرّق عني جندي حتى أبقى وحدي أو مع قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي و فرض إمامتي من كتاب اللَّه و سنّة رسوله ، أرأيتم لو أمرت بمقام ابراهيم فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللَّه و رددت فدك إلى ذريّة فاطمة و رددت صاع رسول اللَّه كما كان و أمضيت قطائع أقطعها النبي لأقوام لم تمض لهم و لم تنفذ و رددت دار جعفر إلى ورثته و هدمتها من المسجد و رددت قضايا من الجور قضي بها و نزعت نساء تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن و استقبلت بهن الحكم ( في الفروج و الأحكام ) و سبيت ذراري بني تغلب و رددت ما قسم من أرض خيبر و محيت دواوين العطاء و أعطيت كما كان النبي يعطي بالسوية و لم أجعلها دولة بين الأغنياء و ألقيت المساحة و سويت بين المناكح و أنفذت خمس الرسول كما أنزل اللَّه عز و جل و فرضه و رددته إلى ما كان عليه و سددت ما فتح من الأبواب و فتحت ما سد منه و حرمت المسح على الخفين و حددت على النبيذ و أمرت باحلال المتعتين و أمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات و ألزمت الناس الجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم و أخرجت من ادخل مع رسول اللَّه في مسجده ممن كان رسول اللَّه أخرجه و أدخلت من اخرج بعد رسول اللَّه و حملت الناس على حكم القرآن ( في ) الطلاق على السنّة و أخذت الصدقات على أصنافها و حدودها و رددت الوضوء و الغسل و الصلاة إلى مواقيتها و شرائعها و حدودها و رددت أهل نجران إلى مواضعهم و رددت سبايا فارس و سائر الامم إلى كتاب اللَّه و سنّة نبيّه ، إذن لتفرّقوا عني ، و اللَّه لقد أمرت الناس ألا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة و أعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الاسلام غيّرت سنّة عمر نهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعا ، و لقد خفت أن

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

ولا مكافإ الإفضال ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله ، ونحن على ذلكم من الشّاهدين ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

دعاؤه عليه‌السلام

في صفّين حين بدأ القتال

ولمّا بدأ القتال في صفّين ، وزحف الإمام باللواء دعا بهذا الدعاء بعد البسملة :

لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ، اللهمّ إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ، يا الله يا رحمان ، يا رحيم ، يا أحد يا صمد ، يا إله محمّد ، إليك نقلت الأقدام ، وأفضت القلوب ، وشخصت الأبصار ، ومدّت الأعناق ، وطلبت الحوائج ، ورفعت الأيدي.

اللهمّ افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين ، لا إله إلاّ الله والله أكبر ، لا إله إلاّ الله والله أكبر ، لا إله إلاّ الله والله أكبر (٢) .

__________________

(١) كتاب صفّين : ٢٣١.

(٢) مستدرك الوسائل ـ كتاب الجهاد ١١ : ١١١ ـ ١١٢.

٢٦١

دعاؤه عليه‌السلام

في صفّين أيضا

من أدعية الإمام هذا الدعاء الجليل ، وقد دعا به في صفّين ، وهذا نصّه :

اللهمّ ربّ هذا السّقف المرفوع المكفوف المحفوظ ، الّذي جعلته مغيض اللّيل والنّهار ، وجعلت فيها مجاري الشّمس والقمر ، ومنازل الكواكب والنّجوم ، وجعلت ساكنه سبطا من الملائكة لا يسأمون العبادة ؛ وربّ هذه الأرض الّتي جعلتها قرارا للنّاس ، والأنعام والهوامّ ، وما نعلم وما لا نعلم ، ممّا يرى ، وممّا لا يرى من خلقك العظيم ، وربّ الجبال الّتي جعلتها للأرض أوتادا ، وللخلق متاعا ، وربّ البحر المسجور المحيط بالعالم ، وربّ السّحاب المسخّر بين السّماء والأرض ، وربّ الفلك الّتي تجري في البحر بما ينفع النّاس ، إن أظفرتنا على عدوّنا ، فجنّبنا الكبر ، وسدّدنا للرّشد ، وإن أظفرتهم علينا فارزقنا الشّهادة ، واعصم بقيّة أصحابي من الفتنة (١) .

وتناول هذا الدعاء الفضاء الخارجي ، وما أودع الله فيه من روائع التكوين ففيه مجاري الشمس والقمر ، ومنازل المجرّات التي لا يحصي ما فيها من النجوم والكواكب إلاّ الله ، وقد حار الفكر وذهل علماء الفضاء بما اكتشفوه من العجائب التي يقف العقل أمامها حائرا وهو حسير ، فقد اكتشفت السفن الفضائية الدقّة الهائلة في

__________________

(١) مهج الدعوات : ١٠٢.

٢٦٢

مسيرة الكواكب ودورانها في فلكها ، وسعة بعضها بما لا يعلمه إلاّ الله ، كما حفل هذا الدعاء بذكر الأرض ، وما احتوت من الجبال التي جعلها الله أوتادا لها ، والبحار المحيطة بها ، وغير ذلك ممّا حوته الأرض ، فسبحان الله الخالق العظيم.

دعاؤه عليه‌السلام

في ليلة الهرير

ومن أشدّ أيام صفّين هولا ، وأكثرها محنة وبلاء هي ليلة الهرير ويومه ، فقد اشتدّ القتال بين الفريقين كأعظم ما يكون ، وكان كالصاعقة دوي وقع السيوف وأعمدة الحديد ، وصيحات المحاربين ، وسمع الإمام عليه‌السلام في تلك الليلة يدعو بهذا الدعاء :

اللهمّ إنّي أعوذ بك من أن اضام في سلطانك.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أضلّ في هداك.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أفتقر في غناك.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أضيع في سلامتك.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن اغلب والأمر لك وإليك (١) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٩١ : ٢٤٢.

٢٦٣

دعاؤه عليه‌السلام

في يوم الهرير

دعا الإمام عليه‌السلام بهذا الدعاء في يوم الهرير ، وهو من أثقل الأيام وأشدّها محنة وبلاء ، وهذا نصّه :

يا الله ، يا رحمان ، يا واحد ، يا صمد ، يا إله محمّد. اللهمّ إليك نقلت الأقدام ، وأفضت القلوب ، ورفعت الأيدي ، وامتدّت الأعناق ، وشخصت الأبصار ، وطلبت الحوائج.

اللهمّ إنّا نشكو إليك غيبة نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكثرة عدوّنا ، وتشتّت أهوائنا ، ربّنا افتح بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الفاتحين (١) .

هذه بعض أدعية الإمام التي كان يدعو بها في ساحات الحروب وهي تحكي مدى ألمه ومحنته.

__________________

(١) وقعة صفّين : ٤٧٧.

٢٦٤

ادعيته في مواضيع مختلفة

٢٦٥
٢٦٦

أثرت عن الإمام عليه‌السلام مجموعة من الأدعية دعا بها في مناسبات مختلفة لا يجمعها جامع خاصّ سوى عنوان الدعاء فإنّه بشموله تندرج في ظلاله ، وهذه بعضها :

دعاؤه عليه‌السلام

عند تناول الطعام

حدّث ابن أعبد (١) قال : قال لي عليّ : يا ابن أعبد ، هل تدري ما حقّ الطعام؟

فقلت : وما حقّه؟ قال : تقول :

بسم الله اللهمّ بارك لنا فيما رزقتنا.

ثمّ قال : أتدري ما شكره إذا فرغت؟

قلت : وما شكره؟ قال : تقول :

الحمد لله الّذي أطعمنا وسقانا (٢) .

__________________

(١) في الخلاصة : ابن أغيد.

(٢) حلية الأولياء ١ : ٧٠.

٢٦٧

دعاؤه عليه‌السلام

عند النوم

كان الإمام عليه‌السلام إذا أراد النوم دعا بهذا الدعاء :

بسم الله ، وضعت جنبي لله على ملّة إبراهيم ، ودين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وولاية من افترض الله عليّ طاعته ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (١) .

دعاؤه عليه‌السلام

بعد النوم

وإذا جلس الإمام عليه‌السلام من نومه دعا بهذا الدعاء :

حسبي الرّبّ من العباد ، حسبي الّذي هو حسبي ، حسبي منذ كنت حسبي ، حسبي الله ونعم الوكيل (٢) .

__________________

(١) و (٢) الصحيفة العلوية : ٢٨٢.

٢٦٨

دعاؤه عليه‌السلام

في الاستعاذة من الرياء

ولم يعمل الإمام عليه‌السلام عملا إلاّ بقصد التقرّب إلى الله تعالى ، وكان يناهض الرياء ، لأنّ الرياء من أفحش النزعات النفسية وينمّ عن نفس لا إيمان لها ، لأنّك تعمل بعض الأعمال الصالحة لا لله ، وإنّما لأجل غيره ، ولذا لا تثاب على عملك ، وقد استعاذ إمام المتّقين منه. وكان يدعو بهذا الدعاء :

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن تحسّن في لامعة العيون علانيّتي ، أو تقبّح فيما ابطن لك سريرتي ، محافظا على رياء النّاس من نفسي بجميع ما أنت مطّلع عليه منّي ، فأبدي للنّاس حسن ظاهري ، وافضي إليك بسوء عملي تقرّبا إلى عبادك ، وتباعدا من مرضاتك (١) .

دعاؤه عليه‌السلام

عند مدح الناس له

كان عليه‌السلام ينفر ويسأم من مدح الناس له ، وكان يدعو بهذا الدعاء عند مدحهم :

اللهمّ إنّك أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم. اللهمّ اجعلني خيرا ممّا يظنّون ، واغفر لي ما لا يعلمون (٢) .

__________________

(١) و (٢) الصحيفة العلوية : ٢٥٣ ـ ٢٥٤.

٢٦٩

دعاؤه عليه‌السلام

إذا دخل السوق

كان الإمام عليه‌السلام إذا دخل السوق دعا بهذا الدعاء ، وكان يأمر أصحابه به :

أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

اللهمّ إنّي أعوذ بك من صفقة خاسرة ، ويمين فاجرة ، وأعوذ بك من بوار الأيّم (١) (٢) .

دعاؤه عليه‌السلام

إذا نظر في المرآة

وكان الإمام عليه‌السلام إذا نظر إلى صورته الشريفة في المرآة دعا بهذا الدعاء :

الحمد لله الّذي خلقني فأحسن خلقي ، وصوّرني فأحسن صورتي ، وزان منّي ما شان من غيري ، وأكرمني بالإسلام (٣) .

__________________

(١) من كسادها ، وعدم الرغبة فيه.

(٢) و (٣) الصحيفة العلوية : ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ، ٢٥١.

٢٧٠

دعاؤه عليه‌السلام

في حفظ القرآن

وكان الإمام عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء الشريف لحفظ القرآن الكريم :

اللهمّ ارحمني بترك معاصيك أبدا ما أبقيتني ، وارحمني من تكلّف ما لا يعنيني ، وارزقني حسن المنظر فيما يرضيك عنّي ، وأن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علّمتني ، وارزقني أن أتلوه على النّحو الّذي يرضيك عنّي.

اللهمّ نوّر بكتابك بصري ، واشرح به صدري ، وفرّج به قلبي ، وأطلق به لساني واستعمل به بدني ، وقوّني على ذلك ، وأعنّي عليه ، إنّه لا معين عليّ إلاّ أنت ، لا إله إلاّ أنت (١) .

دعاؤه عليه‌السلام

في الخروج إلى السفر

وإذا أراد الإمام عليه‌السلام السفر دعا بهذا الدعاء :

اللهمّ إنّي أعوذ بك من وعثاء السّفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في النّفس والأهل والمال والولد. اللهمّ أنت الصّاحب في السّفر ، وأنت الخليفة في

__________________

(١) الصحيفة العلوية : ٢٤٩ ، ٢٥٥.

٢٧١

الأهل ، ولا يجمعها غيرك لأنّ المستخلف لا يكون مستصحبا ، والمستصحب لا يكون مستخلفا (١) .

دعاؤه عليه‌السلام

علّمه لولده الحسن عليه‌السلام

وعنى الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام بتربية ولده الإمام الحسن عليه‌السلام سيّد شباب أهل الجنّة وريحانة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد غذّاه بجميع ألوان التقوى ، وقد علّمه هذا الدعاء :

يا عدّتي عند كربتي ، يا غياثي عند شدّتي ، يا وليّي في نعمتي ، يا منجحي في حاجتي ، يا مفزعي في ورطتي ، يا منقذي من هلكتي ، يا كالئي في وحدتي ، اغفر لي خطيئتي ، ويسّر لي أمري ، واجمع لي شملي ، وانجح لي طلبتي ، واصلح لي شأني ، واكفني ما أهمّني ، واجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ، ولا تفرّق بيني وبين العافية أبدا ما أبقيتني ، وفي الآخرة إذا توفّيتني برحمتك يا أرحم الرّاحمين (٢) .

__________________

(١) كتاب صفين : ٢٣٢.

(٢) الصحيفة العلوية الاولى : ٢٨٣.

٢٧٢

دعاؤه عليه‌السلام

علّمه لولده الحسين عليه‌السلام

أمّا الإمام الحسين عليه‌السلام فهو من أعزّ أبناء الإمام عليه‌السلام عنده وأكثرهم حبّا وإخلاصا له لأنّه أمل الإسلام ، وسيّد شباب أهل الجنّة ، وريحانة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد غذّاه بجميع ألوان التقوى ليكون صورة مشرقة منه ، وكان ممّا علّمه هذا الدعاء :

اللهمّ إنّي أحمدك على كلّ نعمة ، وأشكرك على كلّ حسنة ، وأستغفرك من كلّ ذنب ، وأسألك من كلّ خير ، وأستعيذ بك من كلّ بلاء ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم (١) .

دعاؤه عليه‌السلام

لطلب الرزق

كان الإمام عليه‌السلام يدعو لطلب الرزق بهذا الدعاء :

الحمد لله الّذي عرّفني نفسه ، ولم يتركني عميّ القلب ، الحمد لله الّذي جعلني من أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، الحمد لله الّذي جعل رزقي في يده ، ولم يجعله في أيدي النّاس ، الحمد لله الّذي ستر عيوبي ،

__________________

(١) الصحيفة العلوية الاولى : ٢٨٣.

٢٧٣

ولم يفضحني بين النّاس (١) .

دعاؤه عليه‌السلام

إذا وضع الميّت في القبر

وإذا وضع الميّت في القبر كان يدعو له بهذا الدعاء :

بسم الله ، وعلى ملّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . اللهمّ افسح له في قبره ، ونوّره له ، وألحقه بنبيّه ، وأنت عنه راض غير غضبان (٢) .

وإذا حثا التراب في القبر دعا عليه‌السلام للميّت بهذا الدعاء :

اللهمّ إيمانا بك ، وتصديقا لرسلك ، وإيقانا ببعثك ، هذا ما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله (٣) .

دعاؤه عليه‌السلام

إذا مرّ على القبور

وإذا اجتاز الإمام عليه‌السلام على القبور وقف عليهم ، وقال لهم :

__________________

(١) الصحيفة العلوية : ٢٨١.

(٢) الصحيفة العلوية الثانية : ١٣٩.

(٣) دعائم الإسلام ١ : ٢٣٨.

٢٧٤

السّلام عليكم يا أهل الدّيار الموحشة ، والمحالّ المقفرة من المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، أنتم لنا سلف وفرط ونحن لكم تبع ، وعمّا قليل بكم لاحقون. اللهمّ اغفر لنا ولهم وتجاوز عنّا وعنهم (١) .

دعاؤه عليه‌السلام

في الاستعانة بالله

روى الإمام الصادق عليه‌السلام عن أبيه باقر علوم الأوّلين والآخرين عليه‌السلام قال : كان جدّي أمير المؤمنين عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء في السجود :

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن تبتليني ببليّة تدعوني ضرورتها على أن أتغوّث بشيء من معاصيك.

اللهمّ ولا تجعل لي حاجة إلى أحد من شرار خلقك ولئامهم ، فإن جعلت لي حاجة إلى أحد من خلقك فأجعلها إلى أحسنهم وجها وخلقا وخلقا ، وأسخاهم بها نفسا ، وأطلقهم بها لسانا ، وأسمحهم بها كفّا ، وأقلّهم بها عليّ امتنانا (٢) .

__________________

(١) وقعة صفّين : ٥٣١.

(٢) قرب الاسناد : ٢.

٢٧٥

دعاؤه عليه‌السلام

في الزهد عن الدنيا

كان الإمام يدعو بهذا الدعاء في رفض الدنيا والتخلّي عن مباهجها وزينتها :

اللهمّ إنّي أسألك سلوا عن الدّنيا ، ومقتا لها ، فإنّ خيرها زهيد ، وشرّها عتيد ، وصفوها يتكدّر ، وجديدها يخلق ، وما فات فيها لم يرجع ، وما نيل فيها فتنة ، إلاّ من أصابته منك عصمة ، وشملته منك رحمة ، فلا تجعلني ممّن رضي بها ، واطمأنّ إليها ، ووثق بها ، فإنّ من اطمأنّ إليها خانته ، ومن وثق بها غرّته (١) .

دعاؤه عليه‌السلام

في طلب الفقر

وكان من مظاهر رفضه للدنيا أنّه يدعو أن يتوفّاه الله فقيرا لا مال عنده ، استمعوا لدعائه :

اللهمّ توفّني فقيرا ، ولا تتوفّني غنيا ، واحشرني في زمرة المساكين (٢) .

__________________

(١) إرشاد القلوب : ٣٦.

(٢) ارشاد القلوب : ٢٦.

٢٧٦

دعاؤه عليه‌السلام

في الغاية لطلب المال

كان الإمام عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء ليوسّع الله عليه رزقه في دار الدنيا حتى ينفق ما عنده في سبيل الله ، وهذا نصّ دعائه :

اللهمّ إنّي أسألك من الدّنيا وما فيها ما اسدّد به لساني ، واحصن به فرجي ، وأؤدّي به أمانتي ، وأصل به رحمي ، وأتّجر به لآخرتي (١) .

دعاؤه عليه‌السلام

عند إرادة التزويج

وندب عليه‌السلام من أراد التزويج أن يصلّي ركعتين ، ثمّ يدعو الله تعالى بهذا الدعاء :

اللهمّ ارزقني زوجة صالحة ، ودودا ، ولودا ، شكورا ، قنوعا ، غيورا ، إن أحسنت شكرت ، وإن أسأت غفرت ، وإن ذكرت الله تعالى أعانت ، وإن نسيت ذكرت ، وإن خرجت من عندها حفظت ، وإن دخلت عليها سرّتني ، وإن أمرتها

__________________

(١) نظم درر السمطين : ١٥١.

٢٧٧

أطاعتني ، وإن أقسمت عليها أبرّت قسمي ، وإن غضبت عليها أرضتني يا ذا الجلال والإكرام (١) .

دعاؤه عليه‌السلام

في الشكر ودفع المكاره

كان الإمام عليه‌السلام يدعو بهذا الدعاء يذكر فيه نعم الله عليه ويسأله دفع المكاره عنه وهذا نصّه :

الحمد لله الّذي لم يصبح بي ميّتا ، ولا سقيما ، ولا مضروبا على عنقي بسوء ، ولا مأخوذا بسوء عملي ، ولا مقطوعا دابري ، ولا مرتدّا عن ديني ، ولا منكرا لربّي ، ولا مستوحشا من إيماني ، ولا ملتبسا على عقلي ، ولا معذّبا بعذاب الأمم من قبلي ، أصبحت عبدا مملوكا ظالما لنفسي ، لك الحجّة عليّ ، ولا حجّة لي ، لا أستطيع أن آخذ إلاّ ما أعطيتني ، ولا أتّقي إلاّ ما وقيتني.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أفتقر في غناك ، أو أضلّ في هداك ، أو اضام في سلطانك ، أو اضطهد والأمر لك.

اللهمّ اجعل نفسي أوّل كريمة ترتجعها من ودائعك.

اللهمّ إنّا نعوذ بك أن نذهب عن قولك أو نفتتن عن دينك ، أو تتابع بنا أهواؤنا دون الهدى الّذي جاء من عندك ، وصلّى الله على محمّد وآله (٢) .

__________________

(١) نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة : ٢٤٩.

(٢) بحار الأنوار ٩١ : ٢٤٦.

٢٧٨

دعاؤه عليه‌السلام

عند وفاته

ولما حضرته الوفاة كان يلهج بذكر الله تعالى ، ويدعو بهذا الدعاء :

اللهمّ اكفنا عدوّك الرّجيم.

اللهمّ إنّي أشهدك أنّك لا إله إلاّ أنت ، وأنت الواحد الصّمد ، الّذي لم يلد ولم يولد ولم يكن لك كفوا أحد ، فلك الحمد عدد نعمائك لديّ ، وإحسانك عندي ، فاغفر لي وارحمني وأنت خير الرّاحمين.

ولم يزل يقول :

لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله عدّة لهذا الموقف ، وما بعده من المواقف.

اللهمّ ألحقني به ، ولا تحل بيني وبينه ، إنّك سميع الدّعاء ، رءوف غفور رحيم (١) .

ولم يزل يردّد هذا الدعاء حتى التحق بالرفيق الأعلى تحفّه ملائكة الله تعالى.

__________________

(١) دعائم الإسلام ٢ : ٣٥٤.

٢٧٩

دعاؤه عليه‌السلام

في طلب الخير

من أدعية الإمام عليه‌السلام هذا الدعاء الجليل ، وكان يسأل به الرحمة والنور من الله تعالى :

اللهمّ إنّي أسألك يا ربّ الأرواح الفانية ، وربّ الأجساد البالية ، أسألك بطاعة الأرواح الرّاجعة إلى أجسادها ، وبطاعة الأجساد الملتئمة إلى أعضائها ، وبانشقاق القبور عن أهلها ، وبدعوتك الصّادقة فيهم ، وأخذك بالحقّ بينهم إذا برز الخلائق ينتظرون قضاءك ، ويرون سلطانك ، ويخافون بطشك ، ويرجون رحمتك ، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ، ولا هم ينصرون ، إلاّ من رحم الله ، إنّه هو العزيز الرّحيم.

أسألك يا رحمن أن تجعل النّور في بصري ، واليقين في قلبي ، وذكرك باللّيل والنّهار على لساني أبدا ما أبقيتني ، إنّك على كلّ شيء قدير (١) .

وبهذا العرض الموجز لبعض أدعيته التي كان يدعو بها في المناسبات المختلفة ننهي هذا الفصل.

__________________

(١) المناقب ٢ : ١١٩. بحار الأنوار ٩٢ : ٣.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310