موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٤

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام18%

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مؤلف:
المحقق: باقر شريف القرشي
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: 310

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
  • البداية
  • السابق
  • 310 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 133876 / تحميل: 6465
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
ISBN: ٩٦٤-٩٤٣٨٨-٦-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وأخلصهم له أنّ الإمام عليه‌السلام كان يقول في سجوده :

اناجيك يا سيّدي كما يناجي العبد الذّليل مولاه ، وأطلب إليك طلب من يعلم أنّك تعطي ، ولا ينقص ممّا عندك شيء ، وأستغفرك استغفار من يعلم أنّه لا يغفر الذّنوب إلاّ أنت ، وأتوكّل عليك توكّل من يعلم أنّك على كلّ شيء قدير (١) .

٢ ـ روى الإمام الصادق عليه‌السلام أنّ جدّه أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يقول في سجوده :

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن تبتليني ببليّة تدعوني ضرورتها على أن أتلوّث بشيء من معاصيك.

اللهمّ ولا تجعل لي حاجة إلى أحد من شرار خلقك ولئامهم ، فإن جعلت لي حاجة إلى أحد من خلقك فاجعلها إلى أحسنهم وجها ، وخلقا ، وخلقا ، وأسخاهم بها نفسا ، وأطلقهم بها لسانا ، وأسمحهم بها كفّا ، وأقلّهم بها عليّ امتنانا (٢) .

٣ ـ من أدعيته الشريفة التي كان يدعو بها في سجوده :

اللهمّ ارحم ذلّي بين يديك ، وتضرّعي إليك ، ووحشتي من النّاس ، وانسي بك يا كريم ، فإنّي عبدك أتقلّب في قبضتك ، يا ذا المنّ والفضل والجود والغناء والكرم ، ارحم ضعفي وشيبتي من النّار يا كريم (٣) .

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٢٥٥.

(٢) قرب الإسناد : ١.

(٣) فقه الرضا : ١٤١.

٨١

دعاؤه عليه‌السلام

بعد السجود

روى عديّ بن حاتم الطائي ، وهو من أفذاذ أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ومن خيارهم قال : دخلت على عليّ عليه‌السلام فوجدته قائما يصلّي متغيّرا لونه ، فلم أر مصلّيا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أكثر ركوعا ولا سجودا منه ، فسعيت نحوه ، فلمّا سمع بحسّي أشار إليّ بيده ، فوقفت حتى صلّى ركعتين أوجزهما ، وأكملهما ، ثمّ سلّم وسجد سجدة أطالها فقلت في نفسي : نام والله ، فرفع رأسه ، ثمّ قال :

لا إله إلاّ الله حقّا حقّا ، لا إله إلاّ الله إيمانا وتصديقا ، لا إله إلاّ الله تعبّدا ورقّا.

يا معزّ المؤمنين بسلطانه ، يا مذلّ الجبّارين بعظمته ، أنت كهفي حين تعييني المذاهب عند حلول النّوائب ، فتضيق عليّ الأرض برحبها ، أنت خلقتني يا سيّدي رحمة منك لي ، ولو لا رحمتك لكنت من الهالكين ، وأنت مؤيّدي بالنّصر على أعدائي ، ولو لا نصرك لكنت من المغلوبين.

يا منشئ البركات من مواضعها ، ومرسل الرّحمة من معادنها ، ويا من خصّ نفسه بالعزّ والرّفعة ، فأولياؤه بعزّه يعتزّون ، ويا من وضع له الملوك نير المذلّة على أعناقهم ، فهم من سطواته خائفون ، أسألك بكبريائك الّتي شققتها من عظمتك ، وبعظمتك الّتي استويت بها على عرشك ، وعلوت بها في خلقك ،

٨٢

فكلّهم خاضع ذليل لعزّتك ، صلّ على محمّد وآله ، وافعل بي أولى الأمرين بك تباركت يا أرحم الرّاحمين (١) .

وحكت هذه الكلمات مدى طاعة الإمام وإخلاصه في عبادته لله تعالى ، فقد أعرض عن جميع ما في الدنيا ، وتعلّق بالله الواحد الأحد الذي لا شريك له.

دعاؤه عليه‌السلام

في قنوت صلاة الفجر

كان الإمام عليه‌السلام يؤدّي صلاة الفجر في مسجده المعروف بمسجد بني كاهل (٢) وكان يدعو في قنوته بهذا الدعاء :

اللهمّ إنّا نستعينك ، ونستغفرك ، ونستهديك ، ونؤمن بك ، ونتوكّل عليك ، ونثني عليك بالخير كلّه ، ونخلع ونترك من ينكرك.

اللهمّ إيّاك نعبد ، ولك نصلّي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد (٣) ، ونرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إنّ عذابك كان بالكافرين محيطا.

اللهمّ اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولّنا فيمن تولّيت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا شرّ ما قضيت ، إنّك تقضي ولا يقضى عليك ، إنّه لا يذلّ من واليت ، ولا يعزّ من عاديت ، تباركت ربّنا وتعاليت ، أستغفرك

__________________

(١) الصحيفة العلوية الثانية : ١٧٠.

(٢) عفي أثر هذا المسجد ولم يعرف مكانه.

(٣) نحفد : أي نسرع.

٨٣

وأتوب إليك.

ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ربّنا ولا تحمل علينا إصرا (١) كما حملته على الّذين من قبلنا ، ربّنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به ، وأعف عنّا ، واغفر لنا ، وارحمنا ، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين (٢) .

دعاؤه عليه‌السلام

عقيب صلاة الفجر

كان إمام المتّقين عليه‌السلام يسارع إلى الجامع النبوي قبل الفجر حينما كان في يثرب ، وإلى الجامع الأعظم حينما كان في الكوفة فيؤدّي صلاة الليل والنوافل ويعقّب بذكر الله تعالى ، وكان يدعو بهذا الدعاء الجليل عقيب صلاة الصبح كما كان يدعو به في المهمّات ، وكان يدعو به الأئمّة الطاهرون من أبنائه ، وهذا نصّه :

اللهمّ إنّي أسألك يا مدرك الهاربين ، ويا ملجأ الخائفين ، ويا غياث المستغيثين.

اللهمّ إنّي أسألك بمعاقد العزّ من عرشك ، ومنتهى الرّحمة من كتابك ، وباسمك العظيم الأعظم ، الكبير الأكبر ، الطّاهر المطهّر ، القدّوس المبارك ، ولو أنّ ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمدّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إنّ الله عزيز حكيم ، يا الله ـ وكان يقول بذلك عشر مرّات ـ ، يا ربّاه

__________________

(١) الإصر : الذنب.

(٢) الصحيفة العلوية الثانية : ٧٤.

٨٤

- وكان يقول بذلك عشر مرّات.

يا مولاه ، يا غاية رغبتاه ، يا هو ، يا من هو ، يا من لا يعلم ما هو إلاّ هو ، ولا كيف هو إلاّ هو ، يا ذا الجلال والإكرام والإفضال والإنعام ، يا ذا الملك والملكوت ، يا ذا العزّ والكبرياء ، والعظمة والجبروت ، يا حيّ لا يموت ، يا من علا فقهر ، يا من ملك فقدر ، يا من عبد فشكر ، يا من عصي فستر ، يا من لا يحيط به الفكر ، يا رازق البشر ، يا مقدّر القدر ، يا محصي قطر المطر ، يا دائم الثّبات ، يا مخرج النّبات ، يا قاضي الحاجات ، يا منجح الطّلبات ، يا جاعل البركات ، يا محيي الأموات ، يا رافع الدّرجات ، يا راحم العبرات ، يا مقيل العثرات ، يا كاشف الكربات ، يا نور الأرض والسّماوات ، يا صاحب كلّ غريب ، يا شاهدا لا يغيب ، يا مؤنس كلّ وحيد ، يا ملجأ كلّ طريد ، يا راحم الشّيخ الكبير ، يا عصمة الخائف المتسجير ، يا مغني البائس الفقير ، يا فاكّ العاني الأسير ، يا من لا يحتاج إلى التّفسير ، يا من هو بكلّ شيء خبير ، يا من هو على كلّ شيء قدير ، يا عالي المكان ، يا شديد الأركان ، يا من ليس له ترجمان ، يا نعم المستعان ، يا قديم الإحسان ، يا من هو كلّ يوم في شأن ، يا من لا يخلو منه مكان ، يا أجود الأجودين ، يا أكرم الأكرمين ، يا أسمع السّامعين ، يا أبصر النّاظرين ، يا أسرع الحاسبين ، يا وليّ المؤمنين ، يا يد الواثقين ، يا ظهر اللاّجئين ، يا غياث المستغيثين ، وجار المستجيرين ، يا ربّ الأرباب ، يا مسبّب الأسباب ، يا مفتّح الأبواب ، يا معتق الرّقاب ، يا منشئ السّحاب ، يا وهّاب ، يا توّاب ، يا من حيث ما دعي أجاب ، يا فالق الإصباح ، يا باعث الأرواح ، يا من بيده كلّ مفتاح ، يا سابغ النّعم ، يا دافع النّقم ، يا بارئ

٨٥

النّسم ، يا جامع الأمم ، يا ذا الجود والكرم ، يا عماد من لا عماد له ، يا سند من لا سند له ، يا عزّ من لا عزّ له ، يا حرز من لا حرز له ، يا غياث من لا غياث له ، يا جزيل العطاء ، يا جميل الثّناء ، يا حليما لا يعجل ، يا عليما لا يجهل ، يا جوادا لا يبخل ، يا قريبا لا يغفل ، يا صاحبي في وحدتي ، يا عدّتي في شدّتي ، يا كهفي حين تعييني المذاهب ، وتخذلني الأقارب ، ويسلمني كلّ صاحب ، يا رجائي في المضيق ، يا ركني الشّديد ، يا إلهي بالتّحقيق ، يا ربّ البيت العتيق ، يا شفيق يا رفيق ، اكفني ما اطيق وما لا اطيق ، وفكّني من حلق الضّيق إلى فرجك القريب ، واكفني ما أهمّني وما لا يهمّني من أمر دنياي وآخرتي برحمتك يا أرحم الرّاحمين (١) .

وحكى هذا الدعاء مدى تذلّل الإمام عليه‌السلام أمام الله تعالى وانقطاعه إليه ، وعبوديّته المطلقة له.

__________________

(١) البلد الأمين : ٤٩٤ و٤٩٥.

٨٦

ادعيته عليه‌السلام

في الاستغفار عقيب صلاة الفجر

وكان الإمام عليه‌السلام يدعو الله بهذا الدعاء الجليل عقيب صلاة الفجر ، ويستغفر الله سبعين مرّة حافلة بآيات التعظيم والتبجيل له تعالى شأنه ، وهذا نصّ الدعاء مع الاستغفار :

١

اللهمّ إنّي اثني عليك بمعونتك على ما نلت به من الثّناء عليك ، وأقرّ لك على نفسي بما أنت أهله ، والمستوجب له في قدر فساد نيّتي ، وضعف يقيني.

اللهمّ نعم الإله أنت ، ونعم الرّبّ أنت وبئس المربوب أنا ، ونعم المولى أنت وبئس العبد أنا ، ونعم المالك أنت وبئس المملوك أنا ، فكم قد أذنبت فعفوت عن ذنبي ، وكم قد أجرمت فصفحت عن جرمي ، وكم قد أخطأت فلم تؤاخذني ، وكم قد تعمّدت فتجاوزت عنّي ، وكم قد عثرت فأقلتني عثرتي ، ولم تؤاخذني على غرّتي ، فأنا الظّالم لنفسي ، المقرّ بذنبي ، المعترف بخطيئتي ، فيا غافر الذّنوب أستغفرك لذنبي ، وأستقيلك لعثرتي ، فأحسن إجابتي ، فإنّك أهل الإجابة وأهل التّقوى وأهل المغفرة.

وحفل هذا المقطع بالثناء على الله تعالى ، وطلب العفو منه وذكر ما أسداه عليه من النعم والألطاف ، ويستمرّ الإمام بالاستغفار فيقول بخضوع وخشوع :

٨٧

٢

اللهمّ إنّي أستغفرك لكلّ ذنب قوي بدني عليه بعافيتك ، أو نالته قدرتي بفضل نعمتك ، أو بسطت إليه يدي بتوسعة رزقك ، أو احتجبت فيه من النّاس بسترك ، أو اتّكلت فيه عند خوفي منه على أناتك ، ووثقت من سطوتك عليّ فيه بحلمك ، وعوّلت فيه على كرم عفوك ، فصلّ على محمّد وآله ، واغفره لي يا خير الغافرين.

طلب الإمام عليه‌السلام بهذه الكلمات من الله تعالى أن يغفر له ويعفو عنه ، كما ذكر الأسباب التي تؤدّي العبد إلى الذنب ، واقتراف الخطيئة. ويستمرّ الإمام عليه‌السلام في استغفاره :

٣

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يدعو إلى غضبك ، أو يدني من سخطك ، أو يميل بي إلى ما نهيتني عنه ، أو ينأى بي عمّا دعوتني إليه فصلّ على محمّد وآله ، واغفره لي يا خير الغافرين.

بهذه الكلمات يتعوّذ الإمام عليه‌السلام من الذنوب التي تدعو إلى غضب الله وتحيل به إلى سخطه ، وإلى ما ينهى عنه.

٤

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب استملت إليه أحدا من خلقك بغوايتي ، أو خدعته بحيلتي فعلّمته منه ما جهل ، وعمّيت عليه منه ما علم ، ولقيتك غدا بأوزاري ، وأوزار مع أوزاري ، فصلّ على محمّد وآله ، واغفره لي يا خير الغافرين.

٨٨

طلب الإمام عليه‌السلام من الله أن يعفو عن الذنوب التي تقترف من أجل استمالة الناس وجلب عواطفهم ، ثمّ يستمرّ الإمام بالاستغفار.

٥

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يدعو إلى الغيّ ، ويضلّ عن الرّشد ، ويقلّ الرّزق ، ويمحق البركة ، ويخمل الذّكر ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

لقد استغفر الإمام عليه‌السلام من الذنوب التي تدعو إلى الغيّ وتصدّ عن الطريق القويم ، والتي تقلّل الرزق وتمحق البركة وتخمل الذكر ، ويقول عليه‌السلام :

٦

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب أتعبت فيه جوارحي في ليلي ونهاري ، وقد استترت فيه من عبادك بستري ، ولا ستر إلاّ ما سترتني ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره يا خير الغافرين.

ويستغفر الإمام سلام الله عليه من الذنوب والآثام التي يستتر فيها الناس لئلا يطّلع عليها أحد فتوجب سقوط المقترف بها من أعينهم.

٧

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب رصدني فيه أعدائي لهتكي فصرفت كيدهم عنّي ، ولم تعنهم على فصيحتي ، كأنّي لك وليّ فنصرتني ، وإلى متى يا ربّ أعصي فتمهلني ، وطالما عصيتك فلم تؤاخذني ، وسألتك على سوء فعلي فأعطيتني ، فأيّ شكر

٨٩

يقوم عندك بنعمة من نعمك عليّ ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

طلب إمام المتّقين من الله تعالى العفو عن الذنوب التي يترصّدها الأعداء لهتك الشخص وفضيحته ، ويقدّم الإمام عليه‌السلام شكره إلى الله تعالى على ألطافه وفضله المستمرّين عليه.

٨

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب قدّمت إليك فيه توبتي ، ثمّ واجهت بتكرّم قسمي بك ، وأشهدت على نفسي بذلك أولياءك من عبادك أنّي غير عائد إلى معصيتك ، فلمّا قصدني بكيده الشّيطان ، ومال بي إلى الخذلان ، ودعتني نفسي إلى العصيان استترت حياء من عبادك جرأة منّي عليك ، وأنا أعلم أنّه لا يكنّني منك ستر ولا باب ، ولا يحجب نظرك إليّ حجاب ، فخالفتك في المعصية إلى ما نهيتني عنه ، ثمّ كشفت السّتر عنّي ، وساويت أولياءك كأنّي لم أزل لك طائعا ، وإلى أمرك مسارعا ، ومن وعيدك فازعا ، فلبّست على عبادك ، ولا يعرف بسريرتي غيرك ، فلم تسمني بغير سمتهم ، بل أسبغت عليّ مثل نعمهم ، ثمّ فضّلتني في ذلك عليهم ، حتّى كأنّي عندك في درجتهم ، وما ذلك إلاّ بحلمك وفضل نعمتك ، فلك الحمد مولاي ، فأسألك يا الله كما سترته عليّ في الدّنيا أن لا تفضحني به في القيامة يا أرحم الرّاحمين.

ويستغفر الإمام العظيم عليه‌السلام من الذنوب التي يعلن فيها الإنسان توبته منها ، ثمّ يقسم على أن لا يعود إليها ، فيغريه الشيطان ويغويه على العودة إليها ، ولكنّ الله تعالى بفضله يسترها عليه ، ولم يفضحه بين عباده.

٩٠

٩

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب سهرت له ليلي في التّأنّي لإتيانه ، والتّخلّص إلى وجوده حتّى إذا أصبحت تخطّيت إليك بحلية الصّالحين ، وأنا مضمر خلاف رضاك يا ربّ العالمين ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ويستغفر الإمام عليه‌السلام من الذنوب التي يسهر الإنسان فيها لياليه على الدنيا ولكنّه إذا أصبح برز بزيّ الصالحين كأنّه لم يقترف شيئا.

١٠

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب ظلمت بسببه وليّا من أوليائك ، أو نصرت به عدوّا من أعدائك ، أو تكلّمت فيه بغير محبّتك ، أو نهضت فيه إلى غير طاعتك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

واستغفر الإمام من الذنوب التي يقترفها بعض الناس والتي تؤدّي إلى ظلم وليّ من أولياء الله تعالى ، كما استغفر من الذنوب التي ينصر بها عدوّا من أعداء الله تعالى ، وغير ذلك من الخطايا التي ذكرها عليه‌السلام .

١١

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب نهيتني عنه فخالفتك إليه ، أو حذّرتني إيّاه فأقمت عليه ، أو قبّحته لي فزيّنته لنفسي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استغفر الإمام عليه‌السلام من كلّ ذنب يعمله بعض الناس وقد نهاهم الله تعالى عنه

٩١

وحذّرهم منه فاقترفوه لأنّ النفس الأمّارة بالسوء قد دفعتهم إليه.

١٢

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب نسيته فأحصيته ، وتهاونت به فأثبتّه ، وجاهرتك فيه فسترته عليّ ، ولو تبت إليك منه لغفرته ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استغفر الإمام عليه‌السلام من الذنوب التي ينساها الإنسان ، ولكنّ الله تعالى أحصاها وأثبتها ، ولو علم بها لأستغفر منها.

١٣

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب توقّعت فيه ـ قبل انقضائه ـ تعجيل العقوبة ، فأمهلتني ، وأدليت عليّ سترا فلم آل في هتكه عنّي جهدا ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين .

استغفر الإمام عليه‌السلام من الذنوب التي يتوقّع فيها تعجيل العقوبة ، ولكنّ الله تعالى بلطفه ورحمته يؤخّر نقمته ويمهل عبده.

١٤

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يصرف عنّي رحمتك ، أو يحلّ بي نقمتك ، أو يحرمني كرامتك ، أو يزيل عنّي نعمتك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استغفر الإمام من الذنوب التي تصرف رحمة الله تعالى عن العبد وتحلّ به

٩٢

نقمته وتحرمه كرامته.

١٥

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يورث الفناء ، أو يحلّ البلاء ، أو يشمت الأعداء ، أو يكشف الغطاء ، أو يحبس قطر السّماء ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استعاذ الإمام عليه‌السلام بالله تعالى من بعض الذنوب التي تورث الفناء ، وتحلّ البلاء ، وتؤدّي إلى شماتة الأعداء.

١٦

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب عيّرت به أحدا من خلقك ، أو قبّحته من فعل أحد من بريّتك ، ثمّ تقحّمت عليه ، وانتهكته جرأة منّي على معصيتك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استعاذ الإمام عليه‌السلام من بعض الذنوب التي ينتقم الله بها ممّن يقترفها ويتعمّدها.

١٧

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب تبت إليك منه وأقدمت على فعله فاستحييت منك وأنا عليه ، ورهبتك وأنا فيه ، ثمّ استقلتك منه وعدت إليه ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استعاذ عليه‌السلام من الذنوب التي يقترفها الإنسان ثمّ يعلن توبته عنها ثمّ يعود إليها.

٩٣

١٨

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب تورّك عليّ ، ووجب في فعلي بسبب عهد عاهدتك عليه ، أو عقد عقدته لك ، أو ذمّة آليت بها من أجلك لأحد من خلقك ، ثمّ نقضت ذلك من غير ضرورة لرغبتي فيه ، بل استزلّني عن الوفاء به البطر ، واستحطّني عن رعايته الأشر ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استعاذ الإمام عليه‌السلام من العهد الذي قطعه الإنسان على نفسه أو العقد الذي يعقده لأحد من الخلق ثمّ ينقض ذلك ولا يفي به ، فإنّه من أفحش الذنوب.

١٩

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب لحقني بسبب نعمة أنعمت بها عليّ فقويت بها على معصيتك ، وخالفت بها أمرك ، وقدمت بها على وعيدك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين .

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي يقترفها الإنسان بسبب نعمة من نعم الله تعالى أسداها عليه فخالف أمر الله وصرفها في معاصيه.

٢٠

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب قدّمت فيه شهوتي على طاعتك ، وآثرت فيه محبّتي على أمرك ، وأرضيت نفسي فيه بسخطك ، إذ أرهبتني منه بهيبتك ، وقدّمت إليّ فيه بأعذارك ، واحتجبت عليّ فيه بوعيدك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استغفر الإمام من الذنوب التي يقترفها الإنسان فيقدّم فيها شهواته على طاعة

٩٤

الله ، أو أرضى فيه الإنسان نفسه بسخط الله تعالى.

٢١

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب علمته من نفسي ، أو نسيته ، أو ذكرته ، أو تعمّدته ، أو أخطأته ، ممّا لا أشكّ أنّك سائل عنه ، وأنّ نفسي مرتهنة لديك ، وإن كنت قد نسيته وغفلت عنه ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استغفر الإمام عليه‌السلام من الذنوب التي يعملها الإنسان وهو إمّا عالم بها أو ذاكر لها متعمّدا في ارتكابها أو أخطأ في فعلها ، فقد استعاذ الإمام عليه‌السلام منها جميعا.

٢٢

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب واجهتك به وقد أيقنت أنّك تراني عليه ، واغفلت أن أتوب إليك منه ، وأنسيت أن أستغفرك له ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

طلب الإمام عليه‌السلام من الله تعالى العفو عن بعض الذنوب التي يرتكبها الإنسان ظنّا منه أن لا يعذّبه الله عليها ، وغفل أن يتوب منها إلى الله تعالى.

٢٣

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب دخلت فيه بحسن ظنّي بك أن لا تعذّبني عليه ورجوتك لمغفرته ، فأقدمت عليه ، وقد عوّلت على معرفتي بكرمك أن لا تفضحني بعد أن سترته عليّ ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

٩٥

وهذا الاستغفار قريب من الاستغفار الذي سبقه.

٢٤

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب استوجبت منك به ردّ الدّعاء ، وحرمان الإجابة ، وخيبة الطّمع ، وانفساخ الرّجاء ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

طلب إمام المتّقين عليه‌السلام من الله تعالى أن يعفو عن كلّ ذنب يقترفه الناس وهو يوجب ردّ الدعاء وحرمان الإجابة.

٢٥

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يعقب الحسرة ويورث النّدامة ويحبس الرّزق ويردّ الدّعاء ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي توجب حسرة الإنسان ، وتورث الندامة ، وتحبس الرزق ، وتردّ الدعاء.

٢٦

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب يورث الأسقام والفناء ، ويوجب النّقم والبلاء ، ويكون في القيامة حسرة وندامة ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي تورث الأمراض وتسبّب الفناء وتوجب النقمة ، وتكون حسرة وندامة يوم القيامة على من يقترفها.

٩٦

٢٧

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب مدحته بلساني ، أو أضمره جناني ، أو هشّت إليه نفسي ، أو أتيته بفعالي ، أو كتبته بيدي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استعاذ الإمام عليه‌السلام من بعض الذنوب التي يتلفّظ بها الإنسان أو يضمرها جنانه ، أو يرغب إليها أو يرتكبها أو يكتبها فإنّها جميعا توجب البعد من الله تعالى.

٢٨

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب خلوت به في ليل أو نهار ، وأرخيت عليّ فيه الأستار حيث لا يراني إلاّ أنت يا جبّار ، فارتابت فيه نفسي ، وتحيّرت بين تركه لخوفك وانتهاكه لحسن الظّنّ بك ، فسوّلت لي نفسي الإقدام عليه فواقعته ، وأنا عارف بمعصيتي فيه لك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي يرتكبها الإنسان ويستتر بها لئلاّ يراه الناس ، وهو مع ذلك يتردّد في ارتكابها لعلمه بمعصية الله تعالى وبين أن يقدم عليها ، ولكن سوّلت له نفسه فقدم على ارتكابها مع علمه بمعصيته لله تعالى.

٢٩

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب استقللته ، أو استكثرته ، أو استعظمته ، أو استصغرته ، أو ورّطني جهلي فيه ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

٩٧

استعاذ الإمام عليه‌السلام بالله تعالى من كلّ ذنب يستقلّه الإنسان أو يستكثره أو يستعظمه أو يستصغره فإنّها جميعا توجب البعد عن الله تعالى.

٣٠

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب مالأت فيه على أحد من خلقك ، أو أسأت بسببه إلى أحد من بريّتك ، أو زيّنته لي نفسي ، أو أشرت به إلى غيري ، أو دللت عليه سواي ، أو أصررت عليه بعمدي ، أو أقمت عليه بجهلي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

أدلى الإمام عليه‌السلام ببعض الذنوب وهي أن يساعد الإنسان شخصا على ارتكاب الذنب ، أو يسيء إلى أحد من الخلق ، أو ما زيّنته النفس من عمل بعض السيّئات وغير ذلك.

٣١

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب خنت فيه أمانتي ، أو بخست بفعله نفسي ، أو احتطبت به على بدني ، أو آثرت فيه شهواتي ، أو قدّمت فيه لذّاتي ، أو سعيت فيه لغيري ، أو استقويت عليه من تابعني ، أو كاثرت فيه من منعني ، أو قهرت عليه من غالبني ، أو غلبت عليه بحيلتي ، أو استزلّني عليه ميلي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

عدّ عليه‌السلام من الذنوب خيانة الأمانة ، وما احتطبه الإنسان على نفسه من السيّئات ، وما ارتكبه من الشهوات ، أو ما قهر به غيره من الضعفاء ، وغير ذلك من الذنوب التي ذكرها.

٩٨

٣٢

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب استعنت عليه بحيلة تدني من غضبك ، أو استظهرت بنيله على أهل طاعتك ، أو استملت به أحدا إلى معصيتك ، أو رأيت فيه عبادك ، أو لبّست عليهم بفعالي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي تبعد الإنسان عن ربّه ، وتلقيه في شرّ عظيم ، والتي منها ما يستعين به الإنسان على معصية توجب غضب الله ، وما يستظهره من الوسائل المحرّمة لقهر عباد الله الصالحين وما يستميل به الناس إلى معاصي الله تعالى.

٣٣

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب كتبته عليّ بسبب عجب كان منّي بنفسي ، أو رياء ، أو سمعة ، أو خيلاء ، أو فرح ، أو حقد ، أو مرح ، أو أشر ، أو بطر ، أو حميّة ، أو عصبيّة ، أو رضى ، أو سخط ، أو شحّ ، أو سخاء ، أو ظلم ، أو خيانة ، أو سرقة ، أو كذب ، أو نميمة ، أو لهو ، أو لعب ، أو نوع ممّا يكتسب بمثله الذّنوب ، ويكون في اجتراحه العطب ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

استعاذ الإمام عليه‌السلام من الذنوب التي تنشأ من ضعف النّفس وعدم استطاعتها ردع الشيطان ، وذكر منها العجب ، والرياء والسمعة ، والخيلاء ، والفرح ، والحقد ، والبطر ، والحميّة ، والعصبية ، والشحّ ، والسخاء الذي لا يقصد به وجه الله تعالى ومرضاته ، وغير ذلك من الأمراض النفسية التي أدلى بها عليه‌السلام والتي توجب بعد الإنسان عن ربّه.

٩٩

٣٤

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب سبق في علمك أنّي فاعله بقدرتك الّتي قدرت بها على كلّ شيء ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي يعلم الله تعالى أنّه يرتكبها الشخص في حياته فاستعاذ به منها.

٣٥

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب رهبت فيه سواك ، أو عاديت فيه أولياءك ، أو واليت فيه أعداءك ، أو خذلت فيه أحبّاءك ، أو تعرّضت فيه لشيء من غضبك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي يرتكبها بعض الناس ، ويرهب ويخاف غيره منها ، ومن الذنوب التي فيها معاداة أولياء الله وموالاة أعدائه ، وخذلان المتّقين والأخيار.

٣٦

اللهمّ وأستغفرك لكلّ ذنب تبت إليك منه ، ثمّ عدت ونقضت العهد فيما بيني وبينك جرأة منّي عليك لمعرفتي بكرمك وعفوك ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفره لي يا خير الغافرين.

ذكر عليه‌السلام بعض الذنوب التي يرتكبها بعض الناس ، وقد تاب منها إلى الله تعالى ثمّ عاد عليها بشقوته وجهله.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

الفصل الثالث :

توطئة في أهل البيتعليهم‌السلام وفضائلهم

مقدمة الفصل :

نبدأ الفصل ببحث قيّم حول معنى (أهل البيت) والألفاظ المختلفة التي تطلق عليهم ، مثل : آل الرسول ـ عترة النبي ـ ذوو القربى. فهم بالمعنى الضيّق الخمسة أصحاب الكساء. وبالمعنى الموسّع المعصومون الأربعة عشر ؛ وهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفاطمة والأئمة الاثنا عشرعليهم‌السلام . وبالمعنى الأوسع كل أقرباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعشيرته الذين حرموا الصدقة من بعده.

ويلجئنا هذا إلى الحديث حول ثبوت إمامة الأئمة الاثني عشر من أهل البيتعليهم‌السلام الذين أولهم عليعليه‌السلام وآخرهم المهديعليه‌السلام .

وبعد هذه المقدمة نشرع في ذكر فضائل أهل البيتعليهم‌السلام مبتدئين بالإمام عليعليه‌السلام وزوجته فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، ثم بفضائل الخمسة أصحاب الكساءعليهم‌السلام والذين من ضمنهم الفرقدان الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ثم بفضائل الأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام . ومن أبرز هذه الفضائل توصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمحبة أهل البيتعليهم‌السلام ومودتهم وموالاتهم ونصرتهم والمحافظة عليهم. والفرق بين المحبة والمودة ، أن المحبة شيء قلبي ، بينما المودة فشيء تطبيقي ، يقول تعالى على لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣].

١ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟

٣١ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

نستخدم عبارة (أهل البيت) كثيرا في كتاباتنا وخطبنا. كما نطلق عبارات أخرى على أهل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل (آل الرسول)و (عترة النبي).

و (ذوي القربى). فلنحدد مدلول هذه العبارات والمصطلحات ، التي يحتلّ الحسينعليه‌السلام ذروة سنام المجد منها.

١٢١

ولم أجد لهذه الغاية أفضل من فضل عقده محبّ أهل البيتعليهم‌السلام كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي في أول كتابه :

(مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول)

هذا الكتاب الّذي فتّشت عنه كثيرا حتّى وجدت نسخة حجرية منه في مكتبة الأسد ، مطبوعة في ذيل كتاب لسبط ابن الجوزي هو :

(تذكرة خواص الأمة في معرفة الأئمة)

وهي طبعة حجرية قديمة طبعت في إيران سنة ١٢٨٧ ه‍.

يقول ابن طلحة الشافعي في سبب تأليفه لكتابه الجليل (مطالب السّؤول) : كنت في شبابي ألّفت كتابا باسم (زبدة المقال في فضائل الآل) ثم وسّعته وألّفت كتاب (مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول).

وفي مقدمة الكتاب (ص ٣ ـ ٥) يقولرحمه‌الله :

هناك أربعة ألفاظ يوصف بها (أهل النبي) وتطلق عليهم ، هي :

١ ـ آل الرسول

٢ ـ أهل البيت

٣ ـ العترة

٤ ـ ذوو القربى.

ثم يشرع في شرح مضمون هذه الألفاظ ، فيقول :

٣٢ ـ من هم آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ :

قد تعددت أقوال الناس في تفسير (الآل). فذهب قوم إلى أن آل الشخص أهل بيته. وقال آخرون : إن آل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم الذين حرّمت عليهم الزكاة ، وعوّضوا عنها خمس الخمس. وقال آخرون : آل الشخص من دان بدينه وتبعه فيه. فهذه الأقوال الثلاثة أشهر ما قيل.

واستدل من قال بالقول الأول بما أورده القاضي الحسين بن مسعود البغوي في كتابه الموسوم «بشرح سنة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الأحاديث المتفق على صحتها «يرفعه بسنده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي إليك هدية سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. فقلت : بلى ، فاهدها إليّ. فقال : سألنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟. قال : قولوا :«اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم ؛

١٢٢

وبارك على محمّد وآل محمّد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم. إنك حميد مجيد». فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسّر أحدهما (أي الأهل والآل) بالآخر ، فالمفسّر والمفسّر به سواء في المعنى ، فقد بدّل لفظا بلفظ مع اتحاد المعنى ، فيكون آله أهل بيته ، وأهل بيته آله. فيتحدا به في المعنى على هذا القول. ويكشف حقيقة ذلك أن أصل (آل) أهل ، فأبدلت الهاء همزة. ويدل عليه أن الهاء ترد في التصغير ، فيقال في تصغير (آل) أهيل ، والتصغير يردّ الأسماء إلى أصولها.

واستدل من قال بالتفسير الثاني بما خرّجه الأئمة في أسانيدهم المتفق على صحتها : الإمام مسلم وأبو داود والنسائي ، يرفعه كل واحد منهم بسنده في صحيحه ، إلى عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ، قال سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ ، وإنها لا تحلّ لمحمد ولا لآل محمّد. وبما نقل إمام دار الهجرة مالك بن أنس في موطئه بسنده إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا تحل الصدقة لآل محمّد ، إنما هي أوساخ الناس. فجعل حرمة الصدقات من خصائص آلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وقد قيل لزيد بن أرقم : من آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين حرّمت عليهم الصدقات؟ قال : آل علي وآل جعفر وآل عباس وآل عقيل. وهذا التفسير قريب من الأول.

واستدل من قال بالتفسير الثالث بقوله تعالى :( إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ) (٥٩) [الحجر : ٥٩]. وأجمع المفسرون على أن المراد ب (آله) من آمن به وتبعه في دينه.

وإذا ظهر ما قيل في تفسير (الآل) ، فالمعاني كلها مجتمعة فيهمعليهم‌السلام :فهم أهل بيته ، وتحرم عليهم الزكاة ، وهم دائنون بدينه ومتّبعون منهاجه وسبيله ، فإطلاق اسم الآل عليهم حقيقة فيهم بالاتفاق.

٣٣ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

وأما اللفظة الثانية وهي (أهل البيت) فقد قيل هم من ناسبه إلى جده الأدنى ، وقيل من اجتمع معه في رحم ، وقيل من اتصل به بنسب أو سبب.

وهذه المعاني كلها موجودة فيهمعليهم‌السلام . فإنهم يرجعون بنسبهم إلى جده عبد المطلب ، ويجتمعون معه في رحم ، ويتصلون به بنسبهم وسببهم ، فهم أهل بيته حقيقة. فالآل وأهل البيت سواء ، اتحد معناهما على ما شرح أولا ، واختلف على ما ذكر ثانيا ، فحقيقتهما ثابتة لهمعليهم‌السلام .

١٢٣

وقد روى مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن حيان ، قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلما جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ؛ رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت خلفه ، لقد لقيت خيرا كثيرا. حدّثنا يا زيد ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال :يابن أخي لقد كبر سني وقدم عهدي ، ونسيت بعض الّذي كنت أعي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما أحدثكم فاقبلوه وما لا فلا تكلّفونيه.

ثم قال : قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما خطيبا بماء يدعى (خما) بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، وعظ وذكّر ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس إنما أنا بشر ، يوشك أن يأتيني رسول ربي (أي ملك الموت) فأجيب ، وأنا تارك فيكم الثّقلين :أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي.

فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ، أليس نساؤه بأهل بيته؟. قال : لا ، أهل بيته من حرموا الصدقة بعده.

٣٤ ـ من هم العترة؟ :

وأما اللفظة الثالثة وهي (العترة) ، فقد قيل : العترة هي العشيرة ، وقيل العترة هم الذرية ، وقد وجد الأمران فيهم ؛ فإنهم عترته وذريته. وأما العشيرة فالأهل الأدنون ، وهم كذلك. وأما الذرية ، فإن أولاد بنت الرجل ذريته. ويدل عليه قوله تعالى عن إبراهيمعليه‌السلام :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥]. فجعل الله سبحانه وتعالى هؤلاء المذكورين ، من ذرية إبراهيم ، ومن جملتهم عيسىعليه‌السلام ، ولم يتصل بإبراهيم إلا من جهة أمه مريمعليها‌السلام .

قصة الشعبي مع الحجاج :

وقد نقل أن الشعبي كان يميل إلى عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكان لا يذكرهم إلا ويقول : هم أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته. فنقل ذلك عنه إلى الحجاج بن يوسف الثقفي وتكرر ذلك ، وكثر نقله عنه إليه ، فأغضبه ذلك منه ونقمه عليه.

فاستدعاه الحجاج يوما إلى مجلسه ، وقد اجتمع لديه أعيان المصرين الكوفة

١٢٤

والبصرة وعلماؤهما وقراؤهما. فلما دخل الشعبي عليه وسلّم ، فلم يبشّ به ، ولا وفّاه حقه من الرد عليه. فلما جلس قال له : يا شعبي ما أمر تبلّغني عنك يشهد عليك بجهلك؟. قال : ما هو يا أمير؟. قال : ألم تعلم أن أبناء الرجل من ينسبون إليه ، وأن الأنساب لا تكون إلا للآباء؟ فما بالك تقول عن أبناء علي أنهم أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته ، وهل لهم اتصال برسول الله إلا بأمهم فاطمةعليها‌السلام ؟ ، والنسب لا يكون بالبنات ، وإنما يكون بالآباء. فأطرق الشعبي ساعة ، حتّى بالغ الحجاج في الإنكار عليه ، وقرّع إنكاره مسامع الحاضرين ، والشعبي ساكت.

فلما رأى الحجاج سكوته أطمعه ذلك في زيادة تعنيفه. فرفع الشعبي صوته وقال : يا أمير ، ما أراك إلا متكلما كلام من يجهل كتاب الله وسنة رسوله ، ومن يعرض عنهما. فازداد الحجاج غيظا منه ، وقال : ألمثلي تقول هذا ، يا ويلك!. قال الشعبي : نعم ، هؤلاء قرّاء المصرين حملة الكتاب العزيز ، فكلّ منهم يعلم ما أقول.أليس قد قال الله تعالى حين خاطب عباده بأجمعهم بقوله( يا بَنِي آدَمَ ) [وقال( يا بَنِي إِسْرائِيلَ ) [المائدة : ٧٢]. وقال عن إبراهيم :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ ) [الأنعام : ٨٤] إلى أن قال :( وَيَحْيى وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥] أفترى يا حجاج اتصال عيسى بآدم وباسرائيل الله.

(أي يعقوب) وبإبراهيم خليل الله ، بأي آبائه كان؟. أو بأي أجداد أبيه؟ هل كان إلا بأمه مريمعليها‌السلام . وقد صحّ النقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال للحسن : «إنّ ابني هذا سيّد ...».

فلما سمع الحجاج ذلك منه أطرق خجلا. ثم عاد يلطف بالشعبي ، واشتدّ حياؤه من الحاضرين.

وإذا وضح ذلك ، فالعترة الطاهرة هم ذريتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبناؤه وعشيرته ، فقد اجتمعت فيهم المعاني بأسرها.

٣٥ ـ من هم ذوو القربى؟ :

وأما اللفظة الرابعة وهي (ذوو القربى) فمستندها ما رواه الإمام أبو الحسن علي ابن أحمد الواحدي في تفسيره ، يرفعه بسنده إلى ابن عباس ، قال :

لما نزل قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) [الشورى : ٢٣] قالوا :يا رسول الله ، من هؤلاء الذين أمرنا الله تعالى بمودتهم؟. قال : علي وفاطمة وأبناؤهماعليهم‌السلام .

١٢٥

٢ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الأئمة الاثنا عشر

ثم يخصص ابن طلحة الشافعي القسم الثاني من مقدمته الرائقة (ص ٥) لذكر المعاني التي ذكر اختصاصهم بها ، وهي الإمامة الثابتة لكل واحد منهم ، وكون عددهم منحصرا في اثني عشر إماما.

٣٦ ـ ثبوت الإمامة لأئمة أهل البيتعليهم‌السلام :

يقول ابن طلحة الشافعي في (مطالب السّؤول) ص ٥ :

أما ثبوت الإمامة لكل واحد منهم ، فإنه حصل ذلك لكل واحد بمن قبله.فحصلت للحسن النقي من أبيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام . وحصلت بعده لأخيه الحسين الزكي منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الحسين لابنه زين العابدين منهعليه‌السلام .وحصلت بعد زين العابدين لولده محمّد الباقر منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الباقر لولده جعفر الصادق منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الصادق لولده موسى الكاظم منهعليه‌السلام .وحصلت بعد الكاظم لولده علي الرضا منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الرضا لولده محمّد القانع منهعليه‌السلام . وحصلت بعد القانع لولده علي المتوكل منهعليه‌السلام .وحصلت بعد المتوكل لولده الحسن الخالص منهعليه‌السلام . وحصلت بعد الخالص لولده محمّد الحجة المهدي منهعليه‌السلام .

وأما ثبوتها لأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فمستقصى على أكمل الوجوه في كتب الأصول. انتهى كلامه.

٣٧ ـ الخلفاء بعدي اثنا عشر :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي)

أخرج ابن حنبل في مسنده عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في حجة الوداع : لا يزال هذا الدين ظاهرا على من ناواه ، ولا يضرّه مخالف ولا مطارق ، حتّى يمضي من أمتي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش.

وذكر القندوزي الحنفي في (ينابيع المودة) باب ٧٧ ، عن كتاب (مودة القربى) بسنده عن جابر بن سمرة ، قال : كنت مع أبي عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «بعدي اثنا عشر خليفة». ثم أخفى صوته. فقلت لأبي : ما الّذي أخفى صوته؟.(قال) قال :«كلهم من بني هاشم».

١٢٦

وروى أيضا في ينابيعه عن جابر (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنا سيد النبيين ، وعليّ سيد الوصيين ، وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر ، أولهم علي وآخرهم المهدي».

٣٨ ـ من هم الاثنا عشر خليفة غير أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ؟ :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي)

وروي عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود ، أنه عهد إلينا نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه يكون بعده اثنا عشر خليفة ، بعدد نقباء بني إسرائيل.

وقال القندوزي في (ينابيع المودة) أيضا : ذكر يحيى بن الحسن في كتاب

(العمدة) من عشرين طريقا ، أن الخلفاء بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ؛ في البخاري من ثلاثة طرق ، وفي مسلم من تسعة طرق ، وفي أبي داود من ثلاثة طرق

ثم قال : ذكر بعض المحققين أن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر ، قد اشتهرت من طرق كثيرة. فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان ، علم أن مراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حديثه هذا ، الاثنا عشر من أهل بيته وعترته ، إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن حمله على الملوك الأموية لزيادتهم على اثني عشر ، ولظلمهم الفاحش إلا عمر بن عبد العزيز ، ولكونهم غير بني هاشم ، لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «كلهم من بني هاشم». وفي رواية عبد الملك عن جابر ، وإخفاء صوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا القول ، يرجّح هذه الرواية ، لأنهم لا يحبون خلافة بني هاشم. ولا يمكن أن يحمله على الملوك العباسية لزيادتهم عن العدد المذكور ، ولقلة رعايتهم للقربى.

٣٩ ـ إمامة أهل البيتعليهم‌السلام منصوصة في كتب السنّة :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٩)

يقول الفاضل الدربندي : فيا ليتهم قد تأملوا في الأخبار المتكاثرة المتضافرة المتواترة المفيدة القطع واليقين ، والمروية عن طرقهم عن سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في باب أن الخلفاء والأئمة من قريش ، بعد تأملهم في قصة يوم الطف ، وما جرى على آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يزيد الطاغي الكافر الزنديق وجنوده. فلو كانوا متأملين في ذلك لعلموا أن إمامة أهل بيت العصمة آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منصوصة في طرقهم ، بالنصوص المتضافرة المتواترة. فإنكار قطعيات الشرع وضرورياته كفر ، وحمل

١٢٧

ما في تلك الأخبار المتضافرة على غير آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفر وجهل ، واستيقنتها أنفسهم ، وعتوا عتوّا كبيرا.

وبيان ذلك أنه قد روى البخاري ومسلم والترمذي والنّسائي وابن ماجة وابو داود والسجستاني في صحاحهم الستة ، ومالك في موطّئه ، وصاحب المصابيح ، وصاحب المشكاة ، وصاحب كتاب الفردوس ، وأحمد بن حنبل في مسنده ، والفقيه ابن المغازلي في مناقبه ، والحافظ أبو نعيم في حليته ، وغيرهم من حذقة الحديث من العامة ، بأسانيدهم المصححة عندهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أن الخلفاء والأئمة بعده اثنا عشر ، لا يزال الدين بهم مستقيما إلى أن تقوم الساعة.

ففي صحيح مسلم مسندا إلى عامر بن سعيد بن أبي العاص ، قال : كتبت إلى ابن سمرة مع غلامي نافع أن أخبرني بشيء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فكتب إليّ :سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم جمعة ـ عشية رجم الأسلمي ـ يقول : «لا يزال هذا الدين قائما حتّى تقوم الساعة ، ويكون عليهم اثنا عشر خليفة».

وفي (مصباح البغوي) عن الصحاح عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة ، كلهم من قريش».

وأورد شيخ العامة جلال الدين السيوطي في (جامعه الصغير) في حرف الهمزة :إن عدة الخلفاء بعدي عدد نقباء موسىعليه‌السلام .

ثم يقول الفاضل الدربندي : ولا يخفى عليك أن علماء العامة لا بدّ أن يتدبروا ويتبصروا ويعطوا الإنصاف من أنفسهم. لأنهم لو حملوا هذه الأخبار المتضافرة على ما عندهم ، من كون أول السلسلة في باب الخلافة والإمامة ، الخلفاء الأربعة وهكذا ، لزم أن يكون يزيد الطاغي الكافر الزنديق هو سابع الخلفاء عندهم والأئمة المنصوصين بنصّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأي مسلم يرضى من نفسه أن ينسب أبغض خلق الله تعالى إلى الله وملائكته ورسله ، وأكفر الناس وأشرّهم ، إلى كونه منصوصا بالخلافة والإمامة ، متّصفا بالأوصاف الحسنة الموجودة في هذه الأخبار.

إذن فما عليه العامة من حمل هذه الأخبار ، لا يمكن أن يستصحّ بوجه من الوجوه. فإذا وجب بحكم الضرورة العقلية طرح هذا الحمل ، لزم حملها على ما عليها الإمامية الاثني عشرية ، مما قد استفاضت به كتب العامة.

١٢٨

٤٠ ـ الأئمة هم أهل البيتعليهم‌السلام :

(المصدر السابق)

ثم يقول الفاضل الدربندي : ومن أعجب العجاب غفلتهم وذهولهم وطيّهم الكشح عن الأخبار المستفيضة في طرقهم ، المفسرة لهذه الأخبار ، المذكورة بغاية التفسير والبيان.

فقد روى فخر خوارزم في مقتله بإسناده (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«فاطمة بهجة قلبي ، وابناها ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري ، والأئمة من ولدها أمناء ربي ؛ حبل ممدود بينه وبين خلقه ، من اعتصم به نجا ، ومن تخلفّ عنه هوى».

٤١ ـ رواية حذيفة بن اليمان :

(المصدر السابق)

ومن رواية حذيفة بن اليمان ، قال : صلى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم أقبل بوجهه الكريم علينا ، فقال : معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله كأني أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثّقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا ، من تمسّك بعترتي بعدي كان من الفائزين ، ومن تخلّف عنهم كان من الهالكين.

فقلت : يا رسول الله على من تخلّفنا؟. قال : على من خلّف موسى بن عمران قومه. قلت : على وصيّه يوشع؟. قال : وصيي وخليفتي من بعدي علي ابن أبي طالب ، قائد البررة ، قاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله.

قلت : يا رسول الله ، كم تكون الأئمة من بعدك؟. قال : عدد نقباء بني إسرائيل (أي اثنا عشر) ، التسعة من صلب الحسينعليه‌السلام ، أعطاهم الله تعالى علمي وفهمي ، خزّان علم الله ومعادن وحيه. قلت : يا رسول الله ، فما لأولاد الحسن؟قال : إن الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسينعليه‌السلام وذلك قولهعزوجل :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) [الزخرف : ٢٨].

٤٢ ـ رواية سلمان الفارسي :

(المصدر السابق ، ص ٣٠)

ومن رواية سلمان الفارسي ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : معاشر الناس ،

١٢٩

إني راحل عن قريب ، ومنطلق إلى الغيب. أوصيكم في عترتي خيرا ، وإياكم والبدع ، فإن كل بدعة ضلالة ، والضلالة وأهلها في النار.

معاشر الناس ، من افتقد الشمس فليتمسّك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين ، فإذا فقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزّهر بعدي.

قال : فلم يزل حتّى دخل بيت عائشة ، فدخلت إليه. فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، سمعتك تقول : إذا فقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر فما الشمس وما القمر ، وما الفرقدان ، وما النجوم الزهر؟. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا الشمس ، وعلي القمر ، فإذا فقدتموني فتمسّكوا به بعدي. وأما الفرقدان فالحسن والحسينعليهما‌السلام ، فإذا فقدتم القمر فتمسكوا بهما. وأما النجوم الزاهرة فهم الأئمة التسعة من صلب الحسينعليه‌السلام والتاسع مهديّهم.

ثم يقول الفاضل الدربندي : وبالجملة فإن روايات التنصيص على الأئمة الاثنا عشر وتسميتهم بأسمائهم ، وذكر أن أولهم عليعليه‌السلام وآخرهم المهدي (عج) يصلي خلفه المسيح بن مريمعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متواترة. وحديث جابر ابن عبد الله الأنصاري في ذلك مستفيض مشهور ، وكذلك غيره من الأحاديث.

(أقول) : وإليك رواية أخرى ، ذكرها الخوارزمي في مقتله ، فيها شفاء لما في الصدور ، وهدى ورحمة للمؤمنين.

٤٣ ـ رؤية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام حين أسري به :

(مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي ، ج ١ ص ٩٤)

ذكر ابن شاذان عن أبي سلمى ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ليلة أسري بي إلى السماء ، قال لي الجليل جلّ وعلا :( آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ) ، قلت :( وَالْمُؤْمِنُونَ ) [البقرة : ٢٨٥]. قال : صدقت يا محمّد. ومن خلّفت في أمّتك؟. قلت : خيرها. قال : علي بن أبي طالب؟. قلت : نعم يا ربّ.

قال : يا محمّد ، إني اطّلعت إلى الأرض اطّلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسما من أسمائي ، فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثم اطّلعت الثانية فاخترت عليا ، وشققت له اسما من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليعليه‌السلام . يا محمّد ، إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن

١٣٠

والحسين والأئمة من ولدهعليهم‌السلام من سنخ نور من نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل الأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين. يا محمّد ، لو أن عبدا من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشّنّ (أي الجلد اليابس المتجعد) البالي ، ثم أتاني جاحدا لولايتكم ، ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.

يا محمّد أتريد أن تراهم؟. قلت : نعم يا رب. فقال لي : التفت عن يمين العرش ، فالتفتّ فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام وعلي بن الحسين (زين العابدين) ومحمد بن علي (الباقر) وجعفر بن محمّد (الصادق) وموسى بن جعفر (الكاظم) وعلي بن موسى (الرضا) ومحمد بن علي (الجواد) وعلي بن محمّد (الهادي) والحسن بن علي (العسكري) والمهديعليهم‌السلام ، في ضحضاح من نور ، قياما يصلّون ، وهو وسطهم (يعني المهدي) كأنه كوكب درّي. قال : يا محمّد هؤلاء الحجج ، وهو الثائر من عترتك. وعزتي وجلالي إنه الحجة الواجبة لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي.

٤٤ ـ الإمام عليعليه‌السلام يؤكد كون الأئمة من بني هاشم :

وجاء عليعليه‌السلام يفسر حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويوضح إبهامه في نهج البلاغة ، فقال : إن الأئمة من قريش ، غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم (نهج البلاغة ، الخطبة ١٤٢).

٤٥ ـ الإنجيل يتنبّأ بالأئمة الاثني عشر :

جاء في الإصحاح الحادي عشر عن تنبؤات يوحنا اللاهوتي ما نصه :

«وظهرت آية عظيمة في السماء ، امرأة متسربلة بالشمس ، وتحت رجليها القمر ، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبا».

فكأنه يتكلم عن مولاتنا فاطمة الزهراءعليها‌السلام وقد تسربلت بالشمس يعني أبيها محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتزوجت بالقمر وهو علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وعلى رأسها إكليل من أبنائها المعصومين الاثني عشر ، الذين أولهم الحسن والحسين وآخرهم المهديعليه‌السلام . وليس هناك فيما تنبّأ به يوحنا اللاهوتي فيما سيحصل من أمور ، شيء شبيه بالذي ذكر ، غير فاطمة وأبيها وبعلها وبنيهاعليهم‌السلام .

١٣١

٤٦ ـ الحجة المهديعليه‌السلام هو الإمام الثاني عشر :

(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٤١)

قال الشيخ محمّد الصبان : يكون ظهور المهديعليه‌السلام في يوم عاشوراء. وقال سيدي عبد الوهاب الشعراني في كتابه (اليواقيت والجواهر) : المهديعليه‌السلام من ولد الإمام الحسن العسكري ، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة ٢٥٥ ه‍ ، وهو باق إلى أن يجتمع بعيسى بن مريمعليه‌السلام .

وقال الشيخ محيي الدين بن العربي في (الفتوحات المكية) : اعلموا أنه لا بدّ من خروج المهديعليه‌السلام ، لكن لا يخرج حتّى تمتلئ الأرض جورا وظلما ، فيملؤها قسطا وعدلا. وهو من عترة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ولد فاطمةعليها‌السلام ، جده الحسين بن عليعليهم‌السلام ووالده الإمام حسن العسكري ابن الإمام علي النقي ، ابن الإمام محمّد التقي ، ابن الإمام علي الرضا ، ابن الإمام جعفر الصادق يواطئ اسمه اسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . يبايعه المسلمون بين الركن والمقام ، يشبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخلق ، وينزل عنه في الخلق ، إذ لا يكون أحد مثل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أخلاقه.

٣ ـ أهل البيتعليهم‌السلام هم الخمسة أصحاب الكساء

٤٧ ـ من هم أهل البيتعليهم‌السلام المقصودون في آية التطهير؟ :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١١٠)

يقول الشيخ مؤمن الشبلنجي : اختلف في المراد من (أهل البيت) فقيل :

١) ـ هم نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنهن في بيته.

٢) ـ هم علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

٣) ـ هم من تحرم عليهم الصدقة بعده ، وهم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.

وقال الفخر الرازي : والأولى أن يقال : هم أولاده وأزواجه ، والحسن والحسين. وعليعليهم‌السلام منهم ، لأنه كان من أهل بيته ، لمعاشرته فاطمة بنته وملازمته له.

١٣٢

تعليق المؤلف :

إن تعبير (أهل البيت) كما شرحنا سابقا يطلق على عدة أشياء ، فيقصد به الخمسة الذين ضمهم الكساء ، وقد يقصد به الأئمة الاثنا عشر ، وقد يقصد به ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم السادة الأشراف. وقد يقصد به نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . لكن إذا كنا نبحث بالمقصود بهم في آية التطهير ، وهي قوله تعالى :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) [الأحزاب : ٣٣] فهم حصرا الخمسة أصحاب الكساء ، الذين نزلت فيهم الآية على وجه الخصوص كما سترى. أما الزوجات فهن مختلفات في الفضل فيما بينهن ، لكنهن لا يرقين إلى درجة هؤلاء الخمسة الذين طهّرهم الله وعصمهم من كل رجس ، منذ ولادتهم وحتى وفاتهم.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ثم يقول الشبلنجي : هذا ويشهد للقول بأن (أهل البيت) هم علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام عدة آيات ودلالات ، منها : حديث الكساء ، وآية المباهلة ، وآية المودة.

٤٨ ـ حديث الكساء :

(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١١١)

ثم يقول الشبلنجي : وروي من طرق عديدة صحيحة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء ومعه علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ثم أخذ كلّ واحد منهما على فخذه ، ثم لفّ عليهم كساء ، ثم تلا هذه الآية :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

(وفي رواية) : الله م هؤلاء آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد ، كما جعلتها على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد.

١٣٣

(وفي رواية أم سلمة) قالت : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من يدي. فقلت : وأنا معكم يا رسول الله. فقال : إنك من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على خير.

وروى أحمد بن حنبل والطبراني عن أبي سعيد الخدري (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنزلت هذه الآية في خمسة : فيّ وفي علي وحسن وحسين وفاطمةعليهم‌السلام .

وروى سبط ابن الجوزي الحنفي المذهب في كتابه (تذكرة الخواص ، ص ٦٥٤ ط نجف) حديث الكساء بسنده عن واثلة بن الأسقع قال : أتيت فاطمة أسألها عن عليعليه‌السلام فقالت : توجّه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فجلست أنتظره ، فإذا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أقبل ومعه علي والحسن والحسين قد أخذ بيد كل واحد منهم ، حتّى دخل الحجرة ، فأجلس الحسن على فخذه اليمنى ، والحسين على فخذه اليسرى ، وأجلس عليا وفاطمة بين يديه ، ثم لفّ عليهم كساه (أي ثوبه) ، ثم قرأ :( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). ثم قال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي حقا».

وقد أخرج العلامة الفقيه محب الدين الطبري الشافعي في كتابه (ذخائر العقبى ، ص ٢١ ـ ٢٤) أحاديث متعددة في قصة الكساء. منها حديث عن عائشة قالت :خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات غداة وعليه مرط (كساء) مرجّل من شعر. فجاء الحسن بن علي فأدخله فيه ، ثم جاء الحسين فأدخله فيه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها فيه ، ثم جاء عليعليه‌السلام فأدخله فيه ، ثم قال :

( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). أخرجه مسلم. وأخرج أحمد معناه عن واثلة ، وزاد في آخره : «اللهم هؤلاء أهل بيتي ، وأهل بيتي أحقّ».

ومنها حديث عن أم سلمة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لفاطمة : ائتني بزوجك وابنيك. فجاءت بهم ، وأكفأ عليهم كساء فدكيا ، ثم وضع يده عليهم ، ثم قال :«اللهم إن هؤلاء آل محمّد ، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمّد ، إنك حميد مجيد».

قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال :«إنك على خير».(أخرجه الدولابي في كتاب الذرية الطاهرة).

١٣٤

وروى ابن شيبة وأحمد والترمذي وحسّنه ، وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصحّحه ، عن أنس ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد نزول هذه الآية (كما في رواية الترمذي) كان يمرّ ببيت فاطمةعليها‌السلام إذا خرج إلى صلاة الفجر ، ويقول :الصلاة أهل البيت( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وفي رواية ابن مردويه ، عن أبي سعيد الخدري ، أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء أربعين صباحا إلى دار فاطمة ، يقول : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلاة رحمكم الله( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وفي رواية له عن ابن عباس : سبعة أشهر. وفي رواية لابن جرير وابن المنذر والطبراني : ثمانية أشهر.

وذكر ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) آية التطهير ، ثم قال : ذكر الترمذي في صحيحه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان من وقت نزول هذه الآية إلى قريب من ستة أشهر إذا خرج إلى الصلاة يمر بباب فاطمة ، ثم يقول :( يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣).

وذكر ابن حجر أحاديث غير ما تقدم ، وقال : وأشار المحب الطبري إلى أن هذا الفعل (أي وضع الكساء عليهم) تكرر منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت أم سلمة وبيت فاطمة وغيرهما. وهذا يفسّر لنا تعدد الروايات بأشكال مختلفة ، في هيئة اجتماعهم وما جللهم به وما دعا به لهم.

وقال الشيخ كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي الشامي في كتابه (مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول ، ص ٨ ط إيران) بعد أن ذكر حديث الكساء : فهؤلاء أهل بيته المرتقون بتطهيرهم إلى ذروة أوج الكمال ، المستحقون لتوقيرهم مراتب الإعظام والإجلال ، الموفّقون لتأييدهم لانتهاج مناهج الاستقامة والاعتدال ، المستبقون لتسديدهم إلى مدارج الفضائل والافضال.

٤٩ ـ حديث المباهلة يؤيد حديث الكساء :

(محمّد وعلي وبنوه الأوصياء للشريف العسكري ، ص ٣٢٣ ـ ٣٢٦)

ومما يؤكد أن أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم الخمسة على وجه التحديد دون غيرهم ، ما وقع من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أراد المباهلة مع وفد نجران.

١٣٥

خرّج جماعة من علماء الجمهور حديث المباهلة بعبارات مختلفة في أحاديث مختلفة. وقصة المباهلة المشهورة حدثت في السنة العاشرة للهجرة. وهي أن وفدا من آل نجران وهم من النصارى ، جاؤوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجادلونه في المسيحعليه‌السلام ، فلما تعنّتوا في غلوائهم ، دعاهم الرسول إلى المباهلة ، وهي أن يجتمع فريق من كل طرف ، فيدعو الواحد على الآخر ، فتكون الغلبة لمن يستجيب الله دعاءه. فطلبوا منه الإنظار إلى صبيحة الغد. فقال لهم الأسقف : انظروا محمدا في غد ، فإن جاء بولده وأهله فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه ، فإنه على غير شيء. فلما جاء الغد جاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخذا بيد علي بن أبي طالب ، والحسن والحسين بين يديه ، وفاطمة خلفه. وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم ، فلما رآهم قال الأسقف : يا معشر النصارى ، إني لأرى وجوها لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها ، فلا تباهلوهم فتهلكوا. فامتنعوا عن المباهلة وفي ذلك نزلت الآية :( إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠)فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٦١)[آل عمران : ٥٩ ـ ٦١].

ذكر الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه (ينابيع المودة ، ص ٥٢) حديث المباهلة وقال : أخرج صاحب المناقب عن جعفر الصادقعليه‌السلام عن أبيه عن جده علي بن الحسينعليهم‌السلام ، أن الحسن بن عليعليهما‌السلام قال في خطبته : قال الله تعالى لجديصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين جحده كفرة أهل نجران وحاجّوه :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٦١) [آل عمران : ٦١]. فأخرج جديصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معه من الأنفس أبي ، ومن البنين أنا وأخي ، ومن النساء فاطمة أمي. فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ، ونحن منه وهو منا.

(وفيه أيضا ، ص ٥٣) : قال الإمام الرضا رضي الله عنه (في تفسير آية المباهلة) : عنى الله تعالى من( أَنْفُسَنا ) نفس عليعليه‌السلام . ومما يدل على ذلك قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوفد ثقيف : «لتنتهنّ بني وليعة ، أو لأبعثنّ إليكم رجلا كنفسي «يعني علي بن أبي طالب. فهذه خصوصية لا يلحقه فيها بشر.

(وفي ينابيع المودة أيضا ، ص ٢٦٦) قال : أخرج الدارقطني بسنده عن واثلة

١٣٦

(قال) قال الإمام عليعليه‌السلام يوم الشورى : والله لأحتجّنّ عليهم بما لا يستطيع قرشيّهم ولا عربيّهم ولا عجميّهم ردّه. ثم قال لهم خصالا صدّقوها.

(إلى أن قالعليه‌السلام ) : أنشدتكم بالله ، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مني؟. وهل فيكم من جعل الله نفس نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفسه ، وأبناءه أبناءه ، ونساءه نساءه ، غيري؟. قالوا : لا. قال : فأنشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت أبو ولدي ، غيري؟. قالوا : لا.

٥٠ ـ آية المودّة :

ويقول الشبلنجي في (نور الأبصار) : ما قدّمناه من أن أهل البيتعليهم‌السلام هم :علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام هو ما جنح إليه الفخر الرازي في تفسيره والزمخشري في كشافه. وعبارته عند تفسير قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) : روي أنها لما نزلت ، قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟. قال : علي وفاطمة وابناهماعليهم‌السلام . وسوف نتناول تفسير هذه الآية فيما بعد ، عند حديثنا عن محبة أهل البيتعليهم‌السلام ومودتهم.

٥١ ـ آية السلام :

قال الموفق بن أحمد الحنفي الخوارزمي في مناقبه : ومن الآيات التي نزلت في أهل البيتعليهم‌السلام ، آية السلام ، وهي قوله تعالى :( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (١٣٠) [الصافات : ١٣٠]. وقد عدّ ابن حجر في صواعقه هذه الآية من الآيات النازلة بحقهم.ونقل أن جماعة من المفسرين رووا عن ابن عباس أنه قال : المراد بها السلام على آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . إلى أن قال :

(وذكر الفخر الرازي) أن أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يساوونه في خمسة أشياء :

في السلام ، قال تعالى (السلام عليك أيها النبي) ، وقال :( سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ ) (١٣٠). وفي الصلاة عليه وعليهم في التشهد في الصلاة. وفي الطهارة ، قال تعالى( طه ) (١) [طه : ١] أي يا طاهر ، وقال :( وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣). وفي تحريم الصدقة. وفي المحبّة ، قال تعالى( فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) [آل عمران : ٣١] ، وقال :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) . ا ه.

٥٢ ـ الصلاة على محمّد وآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وقد أخرج البخاري في كتاب تفسير القرآن ، من الجزء الثالث من صحيحه ، في

١٣٧

تفسير قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (٥٦) [الأحزاب : ٥٦]. فقال الصحابة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا رسول الله ، أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة عليك؟. فقال :

«قولوا : اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد». وقد أخرج هذا الحديث مسلم في باب الصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كتاب الصلاة ، في الجزء الأول من صحيحه ، وأخرجه سائر المحدّثين فعلم أن الصلاة على آل محمّد جزء من الصلاة المأمور بها في هذه الآية. ولذا عدّها العلماء من الآيات النازلة بحقهم ، حتّى عدّها ابن حجر في صواعقه من آياتهم الخاصةعليهم‌السلام .

وحسبنا في إيثارهم على من سواهم ، إيثار اللهعزوجل إياهم ، حتّى جعل الصلاة عليهم جزءا من الصلاة المفروضة على جميع عباده ، فلا تصحّ بدونها صلاة أحد من العالمين أيا كان شأنه. بل لابدّ لكل من امتثل أمر الله بفرائضه ، أن يمتثل أمره في أثنائها بالصلاة عليهم ، كما يمتثل أمره بالشهادتين. ولذلك أثر عن جابر أنه كان يقول : لو صلّيت صلاة لم أصلّ فيها على محمّد وعلى آل محمّد ، ما رأيت أنها تقبل. وهذه منزلة عنت لها وجوه الأمة ، وخشعت أمامها أبصار العلماء الأئمة ، لذلك قال الشافعي إمام المذهب :

يا آل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الفضل أنّكم

من لا يصلّي عليكم لا صلاة له

٤ ـ فضائل أهل البيتعليهم‌السلام

٥٣ ـ منزلة أهل البيتعليهم‌السلام :

(الاتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٥٨)

قال بعض أهل العلم : إن آل البيتعليهم‌السلام حازوا الفضائل كلها ؛ علما وحلما ، وفصاحة وصباحة ، وذكاء وبديهة ، وجودا وشجاعة. فعلومهم لا تتوقف على تكرار درس ، ولا يزيد يومهم فيها على ما كان بالأمس ، بل هي مواهب من مولاهم ، من أنكرها وأراد سترها كان كمن أراد ستر وجه الشمس. فما سألهم في العلوم مستفيد ووقفوا ، ولا جرى معهم في مضمار الفضل قوم إلا عجزوا وتخلّفوا.

٥٤ ـ بعض فضائل أهل البيتعليهم‌السلام :

وحسب أئمة العترة الطاهرة أن يكونوا عند الله ورسوله بمنزلة الكتاب الكريم ، لا

١٣٨

يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهم أعدال القرآن ، وشجرة النبوة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومعدن العلم ، وأهل بيت الوحي.

فيهم نزلت آية التطهير في قوله تعالى :( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٣٣) [الأحزاب : ٣٣] وفيهم نزلت آية الرحمة والبركة في قوله تعالى :( رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) (٧٣) [هود : ٧٣].

وفيهم نزلت آية المباهلة في قوله تعالى :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) (٦١) [آل عمران : ٦١]. وفيهم نزلت آية الإطعام في قوله تعالى :( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨)إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً ) (٩) [الإنسان : ٨ ـ ٩]. وفيهم نزلت آية المودة في قوله تعالى :( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) (٣٣) [الشورى : ٢٣]. وفيهم نزلت آية النور في قوله تعالى:( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ) (٣٥) [النور : ٣٥]. وفيهم نزلت آية الهداية في قوله تعالى :( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٨٢) [طه : ٨٢]. وفيهم نزلت آية الولاية في قوله تعالى :( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٥٥) [المائدة : ٥٥]. وفيهم نزلت آية الطاعة في قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء : ٥٩]. وفيهم نزلت آية النعمة في قوله جلّ من قائل :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) [المائدة : ٣]. وفيهم نزلت آية الميثاق في قوله :( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا ) [المائدة : ٧]. يشير تعالى في هذه الآية إلى حادثة الغدير في حجة الوداع.

بعض فضائل الإمام عليعليه‌السلام

٥٥ ـ فضائل الإمام عليعليه‌السلام لا تحصى :

فضائل الإمام عليعليه‌السلام جمّة لا تحصى ، فهي بعدد ذرات الثرى. وكما قال ابن أبي الحديد المعتزلي في مقدمة شرحه لنهج البلاغة (ج ١ ص ١٧ ط مصر ، تحقيق أبي الفضل إبراهيم) :

وما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ، ولا كتمان فضائله. فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق

١٣٩

الأرض وغربها ، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره والتحريض عليه ، ووضع المعائب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعّدوا مادحيه ، بل حبسوهم وقتلوهم ، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة ، أو يرفع له ذكرا ، حتّى حظّروا أن يسمى أحد باسمه ، فما زاده ذلك إلا رفعة وسموا ، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه ، وكلما كتم تضوّع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة ، أدركته عيون كثيرة.

وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة ، وتنتهي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ؛ فهو رئيس الفضائل وينبوعها ، وأبو عذرها ، وسابق مضمارها ، ومجليّ حلبتها ، كلّ من بزغ فيها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفى ، وعلى مثاله احتذى. اه.

(أقول) : وإنما أحببت أن أسوق في هذه الموسوعة بعض مناقبه وفضائلهعليه‌السلام للتبرك بذكره وتعطير الكتاب بأريج عطره.

٥٦ ـ بعض الروايات في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٣ ط نجف)

عن الإمام الرضاعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يا علي إن الله قد غفر لك ولأهلك وشيعتك ، ومحبّي شيعتك ومحبّي محبّي شيعتك ، فأبشر فإنك الأنزع البطين ؛ منزوع من الشرك ، بطين من العلم.

وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادقعليهما‌السلام عن آبائه عن الحسينعليه‌السلام قال :سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من أحبّ أن يحيى حياتي ويموت ميتتي ، ويدخل الجنّة التي وعدني ربي ، فليتولّ علي بن أبي طالب وذريته ، فإنهم لن يخرجوك من باب الهدى إلى باب الضلالة.

وروى الحمويني في (فرائد السمطين) عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : من أحبّ أن يتمسّك بديني ، ويركب سفينة النجاة بعدي ، فليقتد بعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وليعاد عدوّه ، وليوال وليّه ، فإنه وصيي وخليفتي على أمتي ، في حياتي وبعد وفاتي ، وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي. قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهيي ، وتابعه تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليّ سيّد العرب. فقيل : ألست سيد العرب؟. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أنا سيد العالمين (فضائل الخمسة ، ج ٢ ص ٩٧).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310