أبوالغنائم نجم الدين محمد بن علي بن فارس الواسطي الشاعر المشهور، أحد من سار شعره وانتشر ذكره، وبينه وبين ابن التعاويذي تنافس، حكي عنه قال: كنت ببغداد فاجتزت يوماً بموضع رأيت الخلق مزدحمين، فسألت بعضهم عن سبب الزحام فقال هذا ابن الجوزي الواعظ جالس، فزاحمت وتقدمت حتى شاهدته وسمعت كلامه وهو يعظ حتى قال مستشهداً على بعض إشاراته: ولقد أحسن ابن المعلم حيث يقول:
يزداد في مسمعي تكرار ذكركم |
طيباً ويحسن في عيني تكرره |
فعجبت من اتفاق حضوري واستشهاده بشعري ولم يعلم بحضوري لا هو ولا غيره من الحاضرين. توفي بالهرث سنة 592. والهرث - بضم الهاء وسكون الراء - قرية بينها وبين واسط نحو عشرة فراسخ وكانت وطنه ومسكنه الى ان توفي بها. انتهى عن الكنى للشيخ القمي.
وقال ابن خلكان ج 2 ص 29:
أبو الغنائم محمد بن علي بن فارس بن علي بن عبدالله بن الحسين بن القاسم المعروف بابن المعلم والواسطي الهرثي الملقب نجم الدين الشاعر المشهور، وكان شاعراً رقيق الشعر لطيف حاشية الطبع يكاد شعره يذوب من رقته، وهو أحد من سار شعره، واشتهر ذكر ونبه بالشعر قدره، وحسن به حاله وأمره، وطال في نظم القريض عمره، وساعده على قوله زمانه ودهره، وأكثر القول في الغزل والمدح وفنون المقاصد، وكان سهل الألفاظ صحيح المعاني يغلب على شعره وصف الشوق والحب وذكر الصبابة والغرام، فعلق بالقلوب
ولطف مكانه عند اكثر الناس ومالوا اليه وحفظوه وتداولوه بينهم واستشهد به الوعاظ واستحلاه السامعون. سمعت من جماعة من مشايخ البطائح يقولون ما سبب لطافة شعر ابن المعلم إلا أنه كان اذا نظم قصيدة حفظها الفقراء المنتسبون الى الشيخ أحمد بن الرفاعي وغنوا بها في سماعهم وطابوا عليها فعادت عليه بركة أنفاسهم ورأيتهم يعتقدون ذلك اعتقاداً لا شك عندهم فيه. وبالجملة فشعره يشبه النوح ولا يسمعه من عنده أدنى هوى إلا افتتن وهاج غرامه، وكان بين ابن المعلم المذكور وبين ابن التعاويذي المذكور قبله تنافس، وهجاه ابن التعاويذي بأبيات جيمية لا حاجة الى ذكرها، ولابن المعلم قصيدة طويلة أولها:
ردّوا عليَّ شوارد الاظعان |
ما الدار إن لم تغن من أوطاني |
|
ولكم بذاك الجذع من متمنع |
هزأت معاطفه بغصن البان |
|
أبدى تلوَّنه باول موعد |
فمن الوفي لنا بوعد ثاني |
|
فمتى اللقاء ودونه من قومه |
أبناء معركة وأسد طعان |
|
نقلوا الرماح وما أظن أكفهم |
خلقت لغير ذوابل المرّان |
|
وتقلدوا بيض السيوف فما ترى |
في الحي غير مهند وسنان |
|
ولئن صددت فمن مراقبة العدا |
ما الصد عن ملل ولا سلوان |
|
يا ساكني نعمان أين زماننا |
بطويلع، يا ساكني نعمان |
وله من أخرى:
أجيراننا إن الدموع التي جرت |
رخاصا على أيدي النوى لغوالى |
|
اقيموا على الوادي ولو عمر ساعة |
كلوث أزار أو كحل عقّال |
|
فكم ثمَّ لي من وقفة لو شريتها |
بنفسي لم أغبن فكيف بمالي |
وله من أخرى:
قسما بما ضمت عليه شفاههم |
من قرقف في لؤلؤ مكنون |
|
ان شارف الحادي العذيب لأقضين |
نحبي ومن لى أن تبرّ يميني |
|
لو لم يكن آثار ليلى والهوى |
بتلاعه ما رحت كالمجنون |
قال: وكان سبب عمل هذه القصيدة ان ابن المعلم المذكور والابله وابن التعاويذي المذكورين قبله لما وقفوا على قصيدة صر در المقدم ذكره في حرف العين التي اولها:
اكذا يجازى ودُّ كل قرين |
أم هذه شيم الظباء العين |
وهي من نخب القصائد أعجبتهم فعمل ابن المعلم من وزنها هذه القصيدة وعمل ابن التعاويذي من وزنها قصيدة أبدع منها وأرسلها الى السلطان صلاح الدين رحمه الله تعالى وهو بالشام يمدحه بها وأولها:
ان كان دينك في الصبابة ديني |
فقف المطيَّ برملتي يبرين |
وعمل الابله قصيدة اخرى، وأحسن الكل قصيدة ابن التعاويذي. وفي وقعة الجمل على البصرة قبل مباشرة الحرب ارسل علي بن ابي طالب رضياللهعنه ابن عمه عبدالله بن العباس رضى الله عنهما الى طلحة والزبير برسالة يكفهما عن الشروع في القتال، ثم قال له: لا تلقين طلحة فانك إن تلقه تجده كالثور عاقصا أنفه يركب الصعب ويقول هو الذلول ولكن القى الزبير فانه ألين عريكة منه وقل له يقول لك ابن خالك: عرفتني بالحجاز وانكرتني بالعراق فما عدا مما بدأ. وعلي رضياللهعنه أول من نطق بهذه الكلمة فأخذ ابن المعلم المذكور هذا الكلام وقال:
منحوه بالجذع السلام وأعرضوا |
بالغور عنه فما عدا مما بدا |
وهذا البيت من جملة قصيدة طويلة ورسالة نقلها في كتاب نهج البلاغة ولابن المعلم في أثناء قصيدة أيضاً.
يوهي قوى جلدي من لا ابوح به |
ويستبيح دمي من لا اسميّه |
|
قسما فما في لساني ما يعاتبه |
ضعفا بلى في فؤادي ما يقاسيه |
ولا حاجة الى الاطالة بذكر فرائده مع شهرة ديوانه وكثرة وجوده بايدي الناس، وكانت ولادته في ليلة سابع عشر جمادي الاخرة سنة احدى وخمسمائة وتوفي رابع رجب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة بالهرث رحمه الله تعالى والهرث بضم الهاء وسكون الراء بعدها ثاء مثلثة وهي قرية من أعمال نهر جعفر بينهما وبين واسط نحو عشرة فراسخ وكانت وطنه ومسكنه الى ان توفي بها رحمهالله .
أحمد بن عيسى الهاشمي
قال أحمد بن عيسى الهاشمي - والد الواثق - يعتذر من الكحل في يوم عاشوراء.
لم أكتحل في صباح يوم |
أريق فيه دمُ الحسين |
|
إلا لحزني وذاك أني |
سوّدت حى بياض عيني |
عن كتاب:
تراجم رجال القرنين السادس والسابع والمعروف بالذيل على الروضتين للحافظ المؤرّخ شهاب الدين أبي محمد عبد الرحمن بن اسماعيل المعروف بأبي شامة المقدسي الدمشقي. المطبوع بالقاهرة - ص 11.
قال: وفي سنة 593 هـ توفي أحمد بن عيسى الهاشمي والد الواثق بالله ويعرف بابن الغريق من أهل الحريم الظاهري، وكان شاعراً فاضلاً فمن شعره ما اعتذر به عن الاكتحال يوم عاشوراء.
لم أكتحل في صباح يوم |
أُريق فيه دم الحسين |
|
إلا لحزني وذاك أني |
سوّدت حتى بياض عيني |
وكانت وفاته في ذي القعدة عن ثمانين سنة ودفن بباب حرب.
قال سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص، وأنشدنا ابو عبدالله النحوي بمصر قال: كحّل بعض العلماء عينيه يوم عاشوراء فعوتب على ذلك فقال:
وقائل لم كحلَّتَ عينا |
يوم استباحوا دم الحسين |
|
فقلت كفّوا أحقُّ شيء |
تلبس فيه السواد عيني |
ولقد نظم الشعراء بهذا المعنى كثيراً من بكاء السماء والأرض والأحجار
والأشجار على شهيد كربلاء عليهالسلام ، ومما تقدم تستشعر أن العناية بيوم مقتل الحسين والحزن يوم عاشوراء كان ولم يزل منذ أكثر من ألف عام بل من يوم مقتل الحسين وحتى يومنا هذا، هكذا حدثنا أبو الفداء في تاريخه والمقريزي في خططه قال:
وفي يوم عاشوراء من سنة ست وتسعين وثلثمائة جرى الامر فيه على ما يجري كل سنة من تعطيل الاسواق وخروج المنشدين الى جامع القاهرة ونزولهم مجتمعين بالنوح والنشيد ثم جمع بعد هذا اليوم قاضي القضاة عبد العزيز بن النعمان سائر المنشدين الذين يتكسَّبون بالنوح والنشيد، وقال لهم لا تلزموا الناس أخذ شيء منهم اذا وقفتم على حوانيتهم ولا تتكسبوا بالنوح والنشيد ومن أراد ذلك فعليه بالصحراء.
وقال المقريزي في الخطط: كانوا - يعني الفاطميين - ينحرون في يوم عاشوراء عند القبر، الابل والغنم والبقر ويكثرون النوح والبكاء ويسبّون من قتل الحسين ولم يزالوا على ذلك حتى آخر دولتهم وحتى زالت.
عاشوراء في دولة بني بويه
وفي تاريخ المؤيد أبي الفداء في حوادث سنة 352 في عاشر المحرم أمر معز الدولة الناس أن يغلقو دكاكينهم وأن يظهروا النياحة وأن يخرج النساء منشرات الشعور مسوَّدات الوجوه قد شققن ثيابهن ويلطمن وجوههن على الحسين بن علي ففعل الناس ذلك ولم يقدر السنّية على منع ذلك لكثرة الشيعة والسلطان معهم.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية كان في عصر آل بويه في حدود الاربعمائة وما حولها تضرب الدرادل ببغداد ونحوها من البلاد، في يوم
عاشوراء ويذرى الرماد والتبن في الطرقات وتعلق المسوح على الدكاكين ويظهر الناس البكاء والحزن، وكثير منهم من لا يشرب الماء ليلتئذ موافقة للحسين عليهالسلام حيث قتل عطشانا، حتى قال السوسي محمد بن عبد العزيز (1) .
أأذوقُ طعم الماء وابنُ محمد |
لم يرو حتى للمنون أذيقا |
|
لا عذر للشيعيِّ يرقى دمعه |
ودم الحسين بكربلاء أريقا |
ويقول السيد حيدر الحلي (2) من قصيدة طويلة:
أللهاشميِّ الماء يحلو ودونه |
ثوت آله حرىَّ القلوب على الثرى |
|
وتهدأ عين الطالبي وحوله |
جفون بني مروان ريَّا من الكرى |
اقول ويذكر المؤرخان الشهيران ياقوت الحموي في معجمه وابن خلكان في وفياته قضية الناشي الاصغر علي الشاعر المشهور.
__________________
1 - هو من شعراء القرن الرابع وقد تقدمت ترجمته.
2 - من شعراء القرن الرابع عشر، وتأتي ترجمته بعون الله.
صفوان بن ادريس المرسي
أمرنة سجعت بعود أراكِ |
قولي مولّهة علام بكاك |
|
أجفاكِ إلفك أم بليت بفرقة |
أم لاح برق بالحمى فشجاك |
|
لو كان حقاً ما ادَّعيت من الجوى |
يوماً لما طرق الجفون كراك |
|
أو كان روّعك الفراق اذاً لما |
صنّت بماء جفونها عيناك |
|
ولما ألفت الروض يأرج عرفه |
وجعلت بين فروعه مغناك |
|
ولما اتخذت من الغصون منصة |
ولما بدت مخضوبة كفاك |
|
ولما ارتديت الريش برداً معلماً |
ونظمت من قزح سلوك طلاك |
|
لو كنت مثلي ما أنفت من البكا |
لا تحسبي شكواي من شكواك |
|
إيه حمامة خبريني، إنني |
أبكي الحسين، وأنت ما أبكاك |
|
أبكي قتيل الطف فرع نبينا |
أكرم بفرغ للنبوّة زاكي |
|
ويل لقوم غادروه مضرّجاً |
بدمائه نضواً صريع شكاك |
|
متعفّراً قد مزَّقت أشلاءه |
فرياً بكل مهنَّد فتاك |
|
أيزيد لو راعيت حرمة جده |
لم تقتنص ليث العرين الشاكي |
|
إذ كنت تصغي إذ نقرت بثغره |
قرعت صماخك أنّه المسواك |
|
أتروم ويك شفاعة من جَّده |
هيهات، لا ومدّبر الأفلاك |
|
ولسوف تنبذ في جهنم خالداً |
ما الله شاء ولات حين فكاك |
وقوله معارضاً قول الحريري ( خلِّ ادكار الاربع )
أومض ببرق الاضلع |
واسكب غمام الادمع |
|
واحزن طويلا واجزع |
فهو مكان الجزع |
|
وانثر دماء المقلتين |
تألمأ على الحسين |
|
وابك بدمع دون عين |
إن قلَّ فيض الادمع |
|
قضى لهيفا فقضى |
من بعده فصل القضا |
|
ريحانة الهادي الرضا |
وابن الوصي الانزع |
أبو بحر صفوان بن ادريس بن عبدالرحمن بن عيسى بن ادريس التجيبي المرسي.
ولد سنة 560 وتوفي سنة 598
كان كاتباً بليغاً وشاعراً بارعاً من أعيان أهل المغرب كما في الطليعة.
قال لسان الدين بن الخطيب انفرد برثاء الحسين وقال ابن الأبار له قصائد جليلة خصوصاً في الحسين. رحل الى مراكش فقصد دار الخلافة مادحاً فما تيسر له شيء فقال: لو مدحت آل البيت لبلغت أملي فمدح، وبينما هو عازم على الرجوع طلبه فقضى الخليفة مأربه فعكف على مدح آل البيت عليهمالسلام ورثائهم.
ومن شعره:
قلنا وقد شام الحسام مخوّفاً |
رشاً بعادية الضراغم عابث |
|
هل سيفه من طرفه أم طرفه |
من سيفه أم ذاك طرف ثالث |
وقوله:
يا قمراً مطلعه أضلعي |
له سواد القلب فيها غسق |
|
وربما استوقد نار الهوى |
فناب فيها لونها عن شفق |
|
عندي من حبك ما لو سرت |
في البحر منه شعلة لاحترق |
وفي فوات الوفيات ج 1 ص 392.
صفوان بن ادريس، ابو بحر، الكاتب البليغ:
كان من جلَّه الادباء، وأعيان الرؤساء، فصيحاً جليل القدر، له رسائل بليغة، وكان من الفضل والدين بمكان، توفي وله سبع وثلاثون سنة.
ومن شعره:
يا حسنه والحسن بعض صفاته |
والسحر مقصور على حركاته |
|
بدر لو أن البدر قيل له اقترح |
أملاً لقال أكون من هالاته |
|
والخال ينقط في صحيفة خدّه |
ما خط حبر الصدغ من نوناته |
|
وإذا هلال الافق قابل وجهه |
أبصرته كالشكل في مرآته |
|
عبثت بقلب محبّه لحظاته |
يارب لا تعبث على لحظاته |
|
ركب المآثم في انتهاب نفوسنا |
فالله يجعلهنَّ من حسناته |
|
ما زلت أخطب للزمان وصاله |
حتى دنا والبعد من عاداته |
|
فغفرت ذنب الدهر منه بليلة |
غطت على ما كان من زلاته |
|
غفل الرقيب فنلت منه نظرة |
يا ليته لو دام في غفلاته |
|
ضاجعته والليل يذكى تحته |
نارين من نفسي ومن جناته |
|
بتنا نشعشع والعفاف نديمنا |
خمرين: من غزلي ومن كلماته |
|
حتى إذا ولع الكرى يجفونه |
وامتدّ في عُضديّ طوع سناته |
|
أوثقته في ساعدى لأنه |
ظبي خشيت عليه من فلتاته |
|
فضممته ضمَّ البخيل لماله |
يحنو عليه من جميع جهاته |
|
عزم الغرام عليَّ في تقبيله |
فنقضت أيدي الطوع من عزماته |
|
وأبى عفافي أن أقبل ثغره |
والقلب مطوّيٌ على جمراته |
|
فاعجب لملتهب الجوانح غلة |
يشكو الظما والماء في لهواته |
وقال رحمهالله من قصيدة:
حكمتم زمناً لولا اعتدالكم |
في حكمكم لم يكن للحكم يعتدل |
|
فإنما أنتم في أنفه شمم |
وإنما أنتم في طرفه كحل |
|
يرى اعتناق العوالي في الوغى غزلا |
لانّ خرصانها من فوقها مقل |
وقال أيضاً رحمه الله تعالى:
أحمى الهوى خدَّه وأوقد |
فهو على أن يموتُ أوقد |
|
وقال عنه العذول سالٍ |
قلده الله ما تقلَّد |
|
وباللوى شادن عليه |
جيد غزال ووجه فرقد |
|
علله ريقه بخمر |
حتى انثنى طرفه وعربد |
|
لا تعجبوا لانهزام صبري |
فجيش أجفانه مؤيد |
|
أناله كالذي تمنىَّ |
عبد، نعم عبده وأزيد |
|
له عليَّ امتثال أمر |
ولي عليه الجفاء والصدَّ |
|
إن سلمت عينه لقتلي |
صلَّى فؤادي على محمد |
وعارضها شيخ الشيوخ شرف الدين عبدالعزيز الأنصاري بقصيدة بديعة، وهي:
ويلاه من غمضي المشرَّد |
فيك ومن دمعى المردّد |
|
يا كامل الحسن ليس يطفي |
ناري سوى ريقك المبرَّد |
|
يا بدر تمٍّ، إذا تجلى |
لم يبق عذرا لمن تجلد |
|
أبديت من حالي المورَّى |
لما بدا خدك المورد |
|
رفقا بولهان مستهام |
أقامه وجده وأقعد |
مجتهداً في رضاك عنه |
وأنت في إثمه المقلد |
|
ليس له منزل بأرض |
عنك ولا في السماء مصعد |
|
قيدته في الهوى فتمم |
واكتب على قيده مخلد |
|
بان الصبا عنه فالتصابي |
أنشأ أطرابه فأنشد |
|
من لي بطفل حديث سحر |
بابل عن ناظريه مسند |
|
شتت عني نظام عقلي |
تشتيت ثغر له منصد |
|
لو اهتدى لاثمي عليه |
ناح على نفسه وعدد |
|
ألبسني نشوة بطرف |
سكرت من خمره فعربد |
|
لا سهم لي في سديد رأي |
يحرس من سهمه المسدد |
|
غصن نقاحلَّ عقد صبري |
بلين خصر يكاد يعقد |
|
فمن رأى ذلك الوشاح الـ |
ـصائم صلى على محمد |
|
خير نبي نبيهُ قدرٍ |
عودي إلى المدح فيه أحمد |
ومن ههنا خلص إلى مدح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
ومن شعر صفوان:
والسرحة الغناء قد قبضت بها |
كف النسيم على لواء أخضر |
|
وكأن شكل الغيم منجل فضة |
يرمي على الأفاق رطب الجوهر |
وقال أيضاً رحمه الله تعالى:
وكأنما أغصانها أجيادها |
قد قلّدت بلآلىء الأنوار |
|
ما جاءها نفس الصبا مستجدياً |
إلا رمت بدراهم الأزهار |
وقال في مليح يرمى نارنجا في بركة:
وشادن ذي غنج دلّه |
يروقنا طوراً وطوراً يروع |
|
يقذف بالنارنج في بركة |
كلاطخ بالدم سرد الدروع |
|
كأنها اكباد عشاقه |
يقذفها في لجِّ بحر الدموع |
وقال أيضاً رحمهالله :
أولع من طرفه بحتفى |
هل يعجب السيف للقتيل |
|
تهيبوا بالحسام قتلى |
فاخترعوا دعوة الرحيل |
وقال ابن سعيد في كتابه ( المغرب ): هو أنبه الاندلس في عصره، له كتاب زاد المسافر. قصر إمداحه على أهل البيت عليهمالسلام واكثر من تأبين الحسين (ع).
وفي معجم الأدباء: صفوان بن ادريس بن ابراهيم بن عبدالرحمن بن عيسى التجيبي أبو بحر، كان أديباً كاتباً شاعراً سريع الخاطر، أخذ عن أبيه والقاضي ابن ادريس وابن غلبون وأبي الوليد، وهو أحد أفاضل الأدباء المعاصرين بالاندلس. ولد سنة ستين وخمسمائة، وتوفي بمرسية سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ولم يبلغ الاربعين. وله تصانيف منها: كتاب زاد المسافر وراحلته وكتاب العجالة، مجلدان يتضمنان طرفاً من نثره ونظمه، وديوان شعر، ومن شعره:
قد كان لي قلباً فلما فارقوا |
سوَّى جناحاً للغرام وطارا |
|
وجرت سحاب للدموع فأوقدت |
بين الجوانج لوعة وأوارا |
|
ومن العجائب ان فيض مدامعي |
ماءً يمرُّ وفي ضلوعي نارا |
وقال في مدح النبي صلىاللهعليهوآله :
تحية الله وطيب السلام |
على رسول الله خير الأنام |
|
على الذي فتح باب الهدى |
وقال للناس ادخلوها بسلام |
|
بدر الهدى سحب الندو الجدا |
وما عسى أن يتناهى الكلام |
|
تحية تهزأ أنفاسها |
بالمسك لا أرضى بمسك الختام |
|
تخصَّه مني ولا تنثني |
عن آله الصِّيد السراة الكرام |
|
وقدرهم أرفع لكنني |
لم ألف أعلى لفظة من كرام |
وقوله - رواه الحموي في معجم الأدباء:
يقولون لي لما ركبتُ بطالتي |
ركوب فتى جمّ الغواية معتدي |
|
أعندك ما ترجو الخلاص به غداً |
فقلت نعم عندي شفاعة أحمد |
استدراك
على الجزئين: الاول والثاني
مسعود بن عبدالله القايني
لا بدّ ان ترد القيامة فاطم |
وقميصها بدم الحسين ملطّخُ |
|
ويل لمن شفعاؤه خصماؤه |
والصور في يوم القيامة ينفخُ (1) |
قال الشيخ الطريحي في المنتخب: ذكر أهل التاريخ أن سبط ابن الجوزي كان يعظ على الكرسي بجامع دمشق فطلب منه أهل المجلس أن يذكر شيئاً في مصرع الحسين بن علي عليه السالم فانشد يقول: لا بد ان ترد القيامة فاطم. ثم انه وضع المنديل على رأسه واستعبر طويلاً ونزل عن الكرسي وبذلك ختم مجلسه.
اقول ويظهر أن هذا الشعر قد قيل في القرون المتقدمة الثاني أو الثالث، إذ أن أبا فراس الحمداني المتوفي سنة 357 هـ يستشهد به متضمناً فيقول:
أهوى الذي يهوى النبي وآله |
أبداً وأشنأ كل من يشناه |
|
مذ قال قبلي في قريض قائل |
( ويل لمن شفعاؤه خصماه ) |
أما قائلهما مسعود كما يقول ابن شهراشوب فلا تعرف عنه شيئاً.
__________________
1 - قال السيد المقرم في ( مقتل الحسين ) ص 132 نقلا عن مناقب ابن شهراشوب ج 2 ص 91 انهما لمسعود بن عبدالله القايني.
وفي كتاب ( سيرتنا وسنتنا ) للشيخ الاميني نقلا عن كتاب الصراط السوي للسيد محمود الشيخاني المدني ان سليمان بن يسار الهلالي (1) يقول: وجد حجر مكتوب عليه:
لا بد أن ترد القيامة فاطم |
وقميصها بدم الحسين ملطخُ |
|
ويلٌ لمن شفعاؤه خصماؤه |
والصور في يوم القيامة ينفخ |
اخرج الفقيه ابن المغازلي في المناقب، والحافظ الجنابذي الحنبلي ابن الاخضر المتوفي سنة 611 في كتابه ( معالم العترة ) مرفوعاً من طريق اميرالمؤمنين علي عليهالسلام : تحشر ابنتي فاطمة ومعها ثياب مصبوغة بدم، فتتعلق بقائمة من قوائم العرش، وتقول: يا جبار أحكم بيني وبين قاتل ولدي، فيحكم لابنتي ورب الكعبة.
وروى الشيخ المجلسي في بحار الانوار ج 43 من الطبعة الجديدة ص 220 عن عيون أخبار الرضا عن احمد بن ابي جعفر البيهقي، عن احمد بن علي الجرجاني عن اسماعيل بن ابي عبدالله القطان، عن احمد بن عبدالله بن عامر الطائي عن ابي احمد بن سليمان الطائي عن علي بن موسى الرضا عن ابائه عليهمالسلام قال: قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تحشر ابنتي فاطمة يوم القيامة ومعها ثياب مصبوغة بالدماء، تتعلق بقائمة من قوائم العرش وتقول: يا عدل احكم بيني وبين قاتل ولدي.
قال رسول الله: فيحكم الله لأبنتي ورب الكعبة. وان الله عز وجل يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها.
__________________
1 - سليمان بن يسار المدني تابعي عظيم من رجال الصحاح الست، متفق على ثقته وعلمه وفقهه وامانته توفي سنة 107 عن (73) سنة. راجع تاريخ البخاري الكبير ج 2 ص 42 وطبقات ابن سعد ج 5 ص 130.