أدب الطف الجزء ٤
0%
مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 342
مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 342
بسم الله الرحمن الرحيم
وهذا هو الجزء الرابع يتضمن أدباء القرن السابع والثامن والتاسع من شعراء الحسين بن علي بن أبي طالب، وهناك طائفة منهم بعد لم يتسن لنا الوقوف على شعرهم حيث غطت على آثارهم يد العصبية المقيتة وأخفتها النفوس المريضة.
لقد كان من الأولى أن اسجل في هذه الموسوعة كل من نظم وقال الشعر في يوم الحسين، سواءً وجدت أشعاره أم فقدت، لكني قد نويت يوم شرعت بتأليف هذا الكتاب أن أجمع الرائق من الشعر الذي جاء في سيد الشهداء لذا أطلقت عليها اسم ( أدب الطف ). وإليك انموذجاً من الشعراء الذين عدوا من هذه الحلبة وإن لم يكتب لهم الجري في الميدان.
1 - ابراهيم بن هرمة من أهل المائة الثانية، كان حياً سنة 146 هـ.
قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: هو شاعر مفلق، فصيح مسهب، مجيد محسن القول، سائر الشعر.
ادرك الدولتين: الاموية والعباسية، وكان ممن اشتهر بالانقطاع إلى الطالبيين.
قال السيد الامين في الجزء 5 من اعيانه: ويكفي دليلاً واضحاً على تشيعه أن يكون مشهوراً بالانقطاع إلى الطالبيين في العصر الاموي والعباسي عصر الملك العضوض واكثاره من مدائح الطالبيين ورثائهم منها قصائد كثيرة في عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وزيد بن الحسن بن علي، ومراث في الحسين عليهالسلام . وله قصائد تعرف بالهاشميات يرويها الرواة.
ومن شعره ما رواه ابن عساكر في تاريخه.
مومهما الام على حبهم |
فإني أحبُّ بني فاطمه |
|
بني بنت من جاء بالمحكمات |
وبالدين والسنن القائمة |
|
ولست أبالي بحبي لهم |
سواهم من النعم السائمة |
2 - محمد بن وهيب الحميري البصري البغدادي، من شعراء القرن الثالث. قال الصفدي في الوافي بالوفيات ج 5 ص 179: وكان يتشيع وله مراث في آل البيت ولد بالبصرة، وتوفي سنة مائتين ونيف وعشرين ببغداد.
قال أبو الفرج في الاغاني: حدثني علي بن الحسين الوراق حدثنا ابو هفان قال: كان محمد بن وهيب يتردد إلى مجلس يزيد بن هارون فلزمه عدة مجالس يملي فيها فضائل الخلفاء الثلاثة، ولم يذكر شيئاً من فضائل علي عليهالسلام فقال فيه ابن وهيب.
آتي يزيد بن هارون أدالجه |
في كل يوم ومالي وابن هرون |
|
فليت لي بيزيد حين أشهده |
راحاً وقصفاً وندماناً يسليني |
|
أغدو إلى عصبة صمت مسامعهم |
عن الهدى بين زنديق ومأفون |
|
لا يذكرون علياً في مشاهدهم |
ولا بنيه بني البيض الميامين |
|
إني لأعلم اني لا احبهم |
كما هموا بيقين لا يحبوني |
|
لو يستطيعون من ذكرى أبا حسن |
وفضله، قطعوني بالسكاكين |
وفيه: اخبرني محمد بن خلف بن المرزبان حدثني اسحق بن محمد بن القاسم ابو يوسف قال: كان محمد بن وهيب يأتي أبي، فقال له أبي يوماً انك تأتينا وقد عرفت مذاهبنا فنحب أن تعرفنا مذهبك فنوافقك أو نخالفك، فقال له في غد أبين لك أمري، فلما كان من غد كتب إليه.
أيها السائل قد بينت |
إن كنت ذكيا |
|
أحمد الله كثيراً |
بأياديه عليا |
|
شاهد أن لا إلهاً |
غيره ما دمت حيا |
|
وعلى أحمد بالصد |
ق رسولاً ونبيا |
|
ومنحت الود قربا |
ه وواليت الوصيا |
3 - شاعر يحدثنا عنه الثعالبي وقد نظم في أهل البيت عليهمالسلام خمسين قصيدة، ولم نعثر على واحدة من الخمسين، وإليك القصة كما رواها في ( اليتيمة ) ج 1 ص 422.
في ترجمة أبي القاسم علي بن بشر الكاتب قال.. قال لي الزاهر: أخبرني ابن بشر أنه كان له جد لأم يعرف بكولان، وكان هو من أهل الأدب والكتابة، وحسن الشعر والخطابة، قال لي: حججت سنة من السنين، وجاورت بمكة حرسها الله فاعتللت علة تطاولت بي وضاق معها خلقي ثم صلحت منها بعض الصلاح ففكرت في أنني عملت في أهل البيت تسعاً وأربعين قصيدة مدحاً فقلت: أكملها خمسين ثم ابتدأت فقلت:
بني أحمد يا بني أحمد
ثم أرتج على، فلم أقدر على زيادة فعظم ذلك علي واجتهدت في أن أكمل البيت فلم أقدر فحدث لي من الغم بهذة الحالة ما زاد على همي بإضاقتي وعلتي
فنمت اهتماماً بالحال فرأيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فجئت إليه فشكوت إليه ما أنا فيه من الأضافة وما أجده من العلة وأخرى من القلة فقال لي: تصدق يوسع عليك وصم يصح جسمك فقلت له: يا رسول الله وأعظم ما شكوته إليك أنني رجل شاعر أتشيع وأخص بالمحبة ولدك الحسين وتداخلني له رحمة لما جرى عليه من القتل وكنت قد عملت في أهل بيتك تسعاً وأربعين قصيدة فلما خلوت بنفسي في هذا الموضع حاولت أن أكملها خمسين فبدأت قصيدة قلت فيها مصراعاً وارتج على إجازته ونفر عني كل ما كنت أعرفه فما أقدر على قول حرف قال: فقال لي قولاً نحا فيه إلى أنه ليس هذا إلي؛ لقول الله تعالى: ( وما عملناه الشعر وما ينبغي له ) ثم قال لي: اذهب إلى صاحبك وأومأ بيده الشريفة إلى ناحية من نواحي المسجد وأمر رسولاً أن يمضي بي إلى حيث أومأ فمضى بي الرسول على ناس معهم علي بن أبي طالب رضياللهعنه فقال له الرسول: أخوك وجه اليك بهذا الرجل، فاسمع ما يقوله قال: فسلمت عليه: وقصصت عليه قصتي كما قصصت على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال لي: فما المصراع؟ قلت:
بني احمد يا بني احمد
فقال للوقت: قل:
بني أحمد يا بني أحمد |
بكت لكم عمد المسجد |
|
بيثرب واهتز قبر النبي |
أبي القاسم السيد الأصيد |
|
وأظلمت الأفق أفق البلاد |
وذرَّ على الأرض كالأثمد |
|
ومكة مادت ببطحائها |
لإعظام فعل بني الاعبد |
|
ومل الحطيم بأركانه |
وما بالبنية من جلمد |
|
وكان وليكم خاذلا |
ولو شاء كان طويل اليد |
قال: ورددها علي ثلاث مرات، فانتبهت وقد حفظتها.
* * *
أما مازال به القلم، والإنسان معرض للخطأ والنسيان. فهو ما يلي:
1 - جاء في الجزء الأول من أدب الطف في ترجمة مصعب بن الزبير هذا البيت:
وإن الأولى بالطف من آل هاشم |
تأسوا فسنوا للكرام التأسيا |
وقد تحقق لدينا أنه لسليمان بن قتة كما ذكره أبو الفرج في الأغاني وليس لمصعب كما روى ذلك الطبرسي في مجمع البيان ج 1 ص 507 طبع صيدالبنان.
2 - وجاء في الجزء الأول أيضاً عند ذكر النجاشي وأبياته في الحسين وأخيراً وقفت على تاريخ ابن كثير ج 8 ص 44 والمسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 427 ان الأبيات في الإمام الحسن السبط عليهالسلام وهي أنسب بالمقام لأن النجاشي مات قبل مقتل الحسين على الأكثر ولم يدرك وقعة الطف ولا يوم الحسين (ع) ولا أدري كيف رواها مصعب الزبيري في الحسين وهو مؤرخ قديم توفي سنة 236 هـ.
على أن الدكتور عمر فروخ في تاريخ الأدب العربي ج 1 ص 313 يقول أنه أدرك مقتل الحسين.
3 - ذكرنا في الجزء الثالث لشعراء القرن السادس الشاعر ( صردر ) المتوفي سنة 465 كما ذكر ابن خلكان فكان من الواجب عده في شعراء القرن الخامس، وقد أوقعنا في ذلك السيد الأمين رحمه لله إذ عده من شعراء القرن السادس حيث ذكر وفاته سنة 565.
4 - ترجمنا في الجزء الثالث للشاعر صفوان المرسي، وليس لدينا من
شعره غير قصيدة واحدة، أما وقد عثرنا على محاضرة الأديب المغربي عبد اللطيف السعداني من مدينة ( فاس ) وقد نشرها في مجلة العرفان م 59 فكان في ثنايا محاضرته القيمة قصيدة لشاعرنا المرسي، وقد اقتطفنا جزءً من المحاضرة مع القصيدة.
وكان عنوان المحاضرة: حركات التشيع في المغرب ومظاهره.
وبعد أن أتى على ما يقوم به المغربيون من مظاهر شعائر الحسين عليهالسلام في شهر المحرم والرواسب القديمة منذ العصور المتقدمة قال:
ان أحد أعلام الفكر والمفكرين في القرن الثامن الهجري هو لسان الدين ابن الخطيب أتحفنا باشارة ذات أهمية كبرى. والفضل في ذلك يعود إلى إحدى النسخ الخطية الفريدة من مؤلفه التأريخي ( إعلام الأعلام فيمن بويع بالخلافة قبل الاحتلام ).
التي حفظتها لنا خزانة ( جامعة القرويين ) بمدينة فاس من عاديات الزمن (1) وبهذه الإشارة تنحل العقدة المستعصية وينكشف لنا ما كان غامضاً من قبل مما أغفل الحديث عنه المؤرخون مما كان يجري في الأندلس من أثر التشيع. ذلك ان ابن الخطيب عند حديثه عن دولة يزيد بن معاوية انتقل به الحديث إلى ذكر عادات الأندلسيين وأهل المغرب خاصة في ذكرى مقتل سيدنا الحسين من التمثيل بإقامة الجنائز وانشاد المراثي.
وقد أفادنا عظيم الفائدة حيث وصف إحدى هذه المواسيم وانشاد المراثي وصفاً حياً شيقاً حتى ليخيل اننا نرى أحياء هذه الذكرى في بلد شيعي. وذكر
__________________
1 - يعود.
أن هذه المراثي كانت تسمى الحسينية وإن المحافظة عليها بقيت مما قبل تاريخ عهد ابن الخطيب إلى أيامه. ونبادر الآن إلى نقل هذا الوصف على لسان صاحبه:
« ولم يزل الحزن متصلا على الحسين والمآتم قائمة في البلاد يجتمع لها الناس ويختلفون لذلك ليلة يوم قتل منه بعد الأمان من نكير دول قتلته ولا سيما بشرق الأندلس فكانوا على ما حدثنا به شيوخنا من أهل المشرق ( يعني مشرق الأندلس ) يقيمون رسم الجنازة حتى في شكل من الثياب يستخبى خلف سترة في بعض البيت وتحتفل الأطعمة والشموع ويجلب القراء المحسنون ويوقد البخور ويتغنى بالمراثي الحسنة ».
وفي عهد ابن الخطيب كان ما يزال لهذه المراثي شأن ايضا فانه في سياق حديثه السابق زادنا تفصيلا وبيانا عن الحسينية وطقوسها فقال:
« والحسينية التي يستعطها الي اليوم المستمعون فيلوون لها العمائم الملونه ويبدلون الاثواب في الرقص كانهم يشقون الاعلي عن الاسفل بقية من هذا لم تنقطع بعد وان ضعفت ومهما قيل الحسينية او الصفة لم يدر اليوم اصلها. وفي المغرب اليوم ما يزال اولئك المسمعون الذين اشار اليهم ابن الخطيب يعرفون بهذا الاسم وينشدون وكثرت في انشادهم على الاخص الامداح النبوية. كما ان الموسيقي الاندلسيه الشائعه اليوم في بلاد المغرب تشتمل في اكثرها علي الامداح النبوية ايضا.
كما أفادنا ابن الخطيب بنقله نموذجاً لهذه المراثي مدى عناية الشعراء بهذا الموضوع وعرفنا باحد شعراء الشيعة في الأندلس الذي اشتهر برثاء سيدنا الحسين وهو أبو البحر صفوان بن ادريس التجيبي المرسي ( 561 - 598 ). وهذه القصيدة كانت مشهورة ينشدها المسمعون وهي كما يلي:
سلام كأزهار الربى يتنسم |
على منزل منه الهدى يتعلم |
|
على مصرع للفاطميين غيبت |
لأوجههم فيه بدور وأنجم |
|
على مشهد لو كنت حاضر أهله |
لعاينت أعضاء النبي تقسم |
|
على كربلا لا أخلف الغيث كربلا |
وإلا فان الدمع أندى وأكرم |
|
مصارع ضجت يثرب لمصابها |
وناح عليهن الحطيم وزمزم |
|
ومكة والاستار والركن والصفا |
وموقف جمع والمقام المعظّم |
|
وبالحجر الملثوم عنوان حسرة |
ألست تراه وهو أسود أسحم |
|
وروضة مولانا النبي محمد |
تبدّى عليه الشكل يوم تخرّم |
|
ومنبره العلوي للجذع أعولا |
عليهم عويلا بالضمائر يفهم |
|
ولو قدّرت تلك الجمادات قدرهم |
لدكَّ حراء واستطير يلملم |
|
وما قدر ما تبكي البلاد وأهلها |
لآل رسول الله والرزؤ أعظم |
|
لو أن رسول الله يحيى بعيدهم |
رأى ابن زياد أمّه كيف تعقم |
|
وأقبلت الزهراء قدّس تربها |
تنادي أباها والمدامع تسجم |
|
تقول أبي هم غادروا ابني نهبه |
كما صاغه قيس وما مجَّ أرقم |
|
سقوا حسناً للسم كأساً رويّة |
ولم يقرعوا سنّاً ولم يتندموا |
|
وهم قطعوا رأس الحسين بكربلا |
كأنهم قد أحسنوا حين أجرموا |
|
فخذ منهم ثاري وسكّن جوانحاً |
وأجفان عين تستطير وتسجم |
|
أبي وانتصر للسبط وأذكر مصابه |
وغلّته والنهر ريان مفعم |
|
وأسر بنيه بعده واحتمالهم |
كأنهم من نسل كسرى تغنّموا |
|
ونقر يزيد في الثنايا التي اغتدت |
ثناياك فيها أيها النور تلثم |
|
إذا صدق الصديق حملة مقدم |
وما فارق الفاروق ماض ولهذم |
|
وعاث بهم عثمان عيث ابن مرة |
وأعلى عليٌ كعب من كان يهضم |
|
وجبَّ لهم جبريل أتعك غارب |
من الغي لا يعلى ولا يتسنم |
ولكنها أقدار رب بها قضى |
فلا يتخطى النقض ما هو يبرم |
|
قضى الله أن يقضى عليهم عبيدهم |
لتشقى بهم تلك العبيد وتنقم |
|
هم القوم اما سعيهم فمخيب |
مضاع وأما دارهم فجهنم |
|
فيا أيها المغرور والله غاضب |
لبنت رسول الله ابن تيمم |
|
ألا طرب يقلى ألا حزن يصطفى |
ألا أدمع تجري ألا قلب يضرم |
|
قفوا ساعدونا بالدموع فإنها |
لتصغر في حق الحسين ويعظم |
|
ومهما سمعتم في الحسين مراثياً |
تعبر عن محض الأسى وتترجم |
|
فمدوا أكفاً مسعدين بدعوة |
وصلوا على جد الحسين وسلموا (1) |
__________________
1 - أعلام الأعلام فيمن بويع بالخلافة قبل الاحتلام، ابن الخطيب نسخة خطية ص 38 - 37.
شعراء القرن السابع
سنة الوفاة |
||
ابن سناء الملك القاضي السعيد هبة الله بن جعفر |
608 |
|
الشيخ ابراهيم بن نصر |
610 |
|
أبو الحسن المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان |
614 |
|
علي بن المقرب الاحسائي |
629 |
|
عبد الرحمن الكتاني |
635 |
|
كمال الدين الشافعي محمد بن طلحة |
652 |
|
عبد الحميد بن ابي الحديد المعتزلي |
655 |
|
محمد بن عبد الله القضاعي الشهير بابن الابار |
658 |
|
احمد بن صالح السنبلي |
664 |
|
أبو الحسين الجزار يحى بن عبد العظيم |
672 |
|
شمس الدين محمد بن عبيد الله الكوفي الواعظ |
675 |
|
عبد الله بن عمر بن نصر الوزان |
677 |
|
نجم الدين الربعي جعفر بن نجيب الدين محمد |
680 |
|
علي بن عيسى الاربلي |
693 |
|
البوصيري محمد بن سعيد الصنهاجي |
694 |
|
سراج الدين الوراق |
695 |
ابن سناء الملك
قال ابن سناء الملك المتوفي 608 من قصيدة:
ونظمتُها في يوم عا |
شوراءَ من همّي وحزني |
|
يومٌ يناسب غَبن مَن |
قتلوه ظلماً مثل غبني |
|
يوم يساءُ به وفيـ |
ـه كلُ شيعيّ وسُنّي |
|
إن لم أعزِّ المسلميـ |
ـن به فإني لا أهنّى |
|
أو كنتُ ممن لا ينو |
ح به فأني لا أغني |
|
قُتِلَ الحسين بكل ضر |
بٍ للبغاة وكلّ طعن |
|
شَنّوا عليه وما سقو |
ه قطرةً من ماءِ شَنّ |
|
أنتَ الوليُّ له تصرّ |
حُ بالولاء ولستَ تكنى |
|
ولأنتَ أولى مَن يبا |
كر قاتليه بكل لعن |
|
وهو الشفيعُ لحاجتي |
ليزيدني مَن لم يُردنى |
|
وقصيدتي أطلقتها |
بالبثّ من صدرِ كسجن |
القاضي السعيد هبة الله بن جعفر بن المعتمد سناء الملك محمد السعدي المعروف بابن سناء الملك، ولد سنة 550 هـ كثير النعم وافر الثروة اشتهر بالنظم والنثر الجيّدين وسنّه دون العشرين، جرت بينه وبين القاضي الفاضل مراسلات كثيرة.
من آثاره: روح الحيوان، فُصوص الفصول، ديوان رسائل، ديوان شعره المطبوع بالقاهرة سنة 1388 هـ.
وكان ملماً ببعض اللغات الاجنبية، فهو يجيد الفارسية ويتقنها ويشير الى ذلك في احدى قصائده التي وجهها إلى القاضي الفاضل:
وعزّ على العرب اني حفظـ |
ـت برغمى بعضِ لغات العجم |
قال ابن سعيد في كتابه ( الاغتباط في حلي مدينة الفسطاط ) ج 2 ص 293 انه كان مغالياً في التشيع، أما شارح الديوان فينفي عنه ذلك، ومن قوله في مدح القاضي الفاضل:
أصبحت في مدح الاجل موحّداً |
ولكم أتتني من أياديه ثنى |
|
وغدوتُ من حُبّي له متشيّعاً |
يا من رأى متشيعاً متسنناً |
أبوه القاضي الرشيد كان يشغل منصباً هاماً ويعتني بتربية ولده هذا.
كانت وفاة الشاعر في العشر الأول من شهر رمضان سنة 608 هـ.
ودفن بالقاهرة كما ذكر ابن خلكان في الوفيات.
ولما كان قد حرم عطف أبويه بوفاتهما وهو في ريعان الشباب أكثر من رئائهما فيقول في رثاء امه.
ما لي أُنهنه عنك آمالي |
وأصدّ عنك كأنني قالي |
ويرثي أباه في لهفة عارمة كما رثى أمه.
أيا دار في جنات عدن له دار |
ويا جار إن الله فيها له جار |
وهي قصيدة بلغ فيها الذروة لأنها عصارة نفس.
سأبكي أبي بل ألبس الدمع بعده |
وإني لذيل الدمع فيه لجرّار |
|
وإن فنيت من ناظري فيه أدمع |
لما فنيت من مقولي فيه أشعار |
|
لعلي بعد الموت ألقاه شافعاً |
اذا أثقلتني في القيامة أوزار |
وقد بلغت هذه القصيدة تسعة وستين بيتاً وكثير من أبياتها فرائد نفيسة، وقال في رثاء امه في قصيدته التي مطلعها:
صح من دهرنا وفاة الحياء |
فليطل منكما بكاء الوفاء |
والقصيدة طويلة تبلغ تسعة وستين بيتاً، وفي هذه القصيدة يضيق صدره ولا ينطلق لسانه فيقول:
أنتِ عندي أجل من كل تأبين |
ولو صغت بالثريا رثائى |
|
في ضميري ما ليس يبرز شعري |
لا ولو كنت أشعر الشعراء |
ثم يخاطب القبر ويناجيه فيقول:
وإذا ما دعوتُ قبركِ شوقاً |
فبحقى ألا تجيبي ندائي |
|
هل درى القبر ما حواه وما أخـ |
ـفاه من ذلك السنى والسناء |
|
فلكم شفّ باهر النور منه |
فرأيت الإغضاء في إغضائي |
فاحتفظ أيها الضريح ببدر |
صرت من أجله كمثل السماء |
|
وترفّق به فإنك تسدي |
منّة جمّة إلى العلياء |
|
أنت عندي لما حويت من الطـ |
ـهر يُحاكيك مسجدٌ بقُباء |
|
لك حجّي وهجرتي ولمن فيـ |
ـك ثنائي ومدحتي ودعائي |
الجنة تحت أقدام الامهات:
اذكريني يوم القيامة يا أمّ |
لئلا أعدُّ في الأشقياء |
|
واشفعى لي فجنّتي تحت أقدا |
مك من غير شبهة وامتراء |
|
فقريب لا شك يأتيك عنى |
بقدومى عليك وفد الهناء |
|
عجّل الله راحتي من حياتي |
إنها في الزمان أعظم دائي |
|
وإذا ما الحياة كانت كمثل الدا |
كان الممات مثل الدواء |
وقوله في الفخر:
سوايَ يهاب الموت أو يرهبُ الردى |
وغيري يَهوى أن يعيش مخلّدا |
|
ولكنني لا أرهبُ الدهر إن سطا |
ولا أحذر الموت الزؤام إذا عدا |
|
ولو مدّ نحوي حادثُ الدهر كفّه |
لحدثتُ نفسي أن أمُدّ له يدا |
|
توقُّد عزمى يترك الماءَ جمرةً |
وحيلةُ حِلمي تترك السيفَ مُبردا |
|
وأظمأ إن أبدى لي الماء مِنّةً |
ولو كان لي نهرُ المجرّة مَوردا (1) |
|
ولو كان إدراك الهدى بتذللٍ |
رأيتُ الهدى ألا أميل الى الهُدى |
|
وإنك عبدي يا زمانُ وانني |
على الرغم مني أن أُرى لك سيّدا |
|
وما أنا راضٍ أنني واطئ الثرى |
ولي همّة لا ترتضي الأفق مَقعدا |
__________________
1 - المجرة: قطعة من السماء واسعة تشبه المكان المتسع من النهر.