أدب الطف الجزء ٥
0%
مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 379
مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 379
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين على هذه الخطوة الخامسة من مراحل موسوعة أدب الطف بهذا الجزء الخامس متمشين مع شعراء القرون. ها نحن الآن نعيش بين شعراء القرن العاشر والحادي عشر والثاني عشر، باحثين ومنقبين، ساهرين على تسجيل تاريخهم وسيرتهم، منتقين أجمل ما جادت به قرائحهم ودبجته أقلامهم، نحرص على الشاردة والواردة عنهم على حد قول القائل:
ترى الفتى ينكر فضل الفتى |
في دهره حتى إذا ما ذهب |
|
جدّ به الحرص على نكتة |
يكتبها عنه بماء الذهب |
دفع دخل:
قلت لصديق لي أثق به وأرتاح إلى ذوقه الأدبي: هل ترى ان من وحدة الموضوع ان يكون في جملة شعراء الحسين عليهالسلام ذاك الذي يقول في محبوبه - واسمه حسين ـ
تركت جفني واصلا والكرى |
راء (1) فجد بالوصل، فالوصل زين |
|
ولا تجبني على سؤالي بلا |
فالقلب يخشى كرب ( لا ) يا حسين |
ذاك هو الشاعر شهاب الدين أحمد الفيومي (2) المتوفى سنة نيف وسبعين وسبعمائة للهجرة.
__________________
1 - يشير الى واصل بن عطاء وتعذر نطقه بالراء.
2 - وفيوم كقيوم: اسم ناحية بمصر.
قال انها تورية جميلة تنبّه الأفكار إلى يوم الحسين عليهالسلام ، قلت إنه لم يقصد بقوله هذا إلا محبوبه، لكن لشهرة يوم الحسين بن علي ولحادث كربلاء الذي هزّ العالم الاسلامي والذي أصبح شاهداً على الأيام وبارزاً بين حوادث العالم جاء به هذا الشاعر وغيره من الأدباء دليلاً وشاهداً، وشاهدي على ذلك ما رواه البويني الحنبلي في ذيل مرآة الزمان ج 1 ص 359 قال:
في السنة الثامنة والخمسين والستمائة في يوم الاثنين السابع والعشرين من جمادي الاولى طيف بدمشق برأس مقطوع مرفوع على رمح قصير معلق بشعره وهو في قطعة شبكة زعموا انه رأس الملك الكامل محمد بن الملك المظفر شهاب الدين غازي ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب ميافارقين وتلك النواحي ودام في حصار الشام أكثر من سنة ونصف ولم يظهر عليهم الى ان فنى أهل البلد لفناء زادهم فوجد مع من بقي من أصحابه موتى أو مرضى فقطع رأسه وطيف به البلاد ثم علق على باب الفراديس الخارج فقال قائل في ذلك:
ابن غاز غزا وجاهد قوماً |
أثخنوا في العراق والمشرقين |
|
ظاهراً غالباً ومات شهيداً |
بعد صبر عليهم عامين |
|
لم يشنه ان طيف بالراس منه |
فله أسوة برأس الحسين |
|
وافق السبط في الشهادة والحمل |
لقد حاز أجره مرتين |
|
جمع الله حسن زين الشهيدين |
على فتح تينك القلعتين |
|
ثم واروا في مشهد الرأس ذاك |
الرأس فاستعجبوا من الحالين |
|
وارتجوا انه يجيء لدى البعث |
رفيق الحسين في الجنتين |
ثم وقع الاتفاق العجيب ان دفن في مسجد الراس داخل باب الفراديس في المحراب في أصل الجدار وغربي المحراب في طاقة يقال ان رأس الحسين دفن بها.
وكقول الشيخ حسين الكركي العاملي:
جودي بوصل أو ببينِ |
فاليأس احدى الراحتين |
|
أيحلّ في شرع الهوى |
أن تذهبي بدم الحسين (1) |
وكقول محمد بن عمر النصيبي الشافعي - من شعراء القرن التاسع - (2) :
حسينٌ ان هجرت فلستُ أقوى |
على الهجران من فرح الحسود |
|
ودمعي قد جرى نهراً ولكن |
عذولي في محبته ( يزيد ) |
وقول الوزير المغربي - وهو من شعراء القرن الخامس الهجري، وكان الحاكم قد قتل أهله بمصر كما رواها في معجم البلدان:
اذا كنت مشتاقاً إلى الطف تائقا |
إلى كربلا فانظر عراص المقطم |
|
ترى من رجال المغربي عصابة |
مضرجة الاوساط والصدر بالدم |
ومثله بل أجلى منه قول أبي جفعر البحاني الخازن يرثي أبا الحسين ابن سيمحون:
لهفي عليك أبا الحسينِ |
عيناً رمتك بكل عينِ |
|
جرعتني غصص الجوى |
وأريتني يوم الحسين (3) |
ومما يناسب هذا من التورية ما رأيته في ( جواهر البلاغة ) من قول أحدهم:
يا سيداً حاز لطفاً |
له البرايا عبيد |
__________________
1 - الشيخ الكركي من أفذاذ العلم له مؤلفات كثيرة ذكرها الحر العاملي في أمل الآمال. توفي سنة 1076 هـ.
2 - ترجم له السخاوي في الضوء اللامع لاهل القرن التاسع - ج 8 ص 259.
3 - عن كتاب سمير الخاطر وأنيس السافر مخطوط العلامة البحاثة الشيخ علي كاشف الغطاء المتوفى 1350 هـ، مكتبة كاشف الغطاء العامة - قسم المخطوطات ـ.
أنت ( الحسين ) ولكن |
جفاك فينا ( يزيد ) |
ومما يناسب ذلك قول بعضهم كما روى ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة:
قالوا أتى العيد والأيام مشرقة |
وأنت باك وكل الناس مسرور |
|
فقلت ان واصل الاحباب كان لنا |
عيداً وإلا فهذا اليوم عاشور |
ان الصديق يرى ان أمثال هؤلاء الأدباء لما أشاروا إلى يوم الحسين وتحسسوا بنهضته وتأثروا بها ولمحوا اليها أو صرحوا من قريب أو بعيد، حق لهم أن يكونوا من فرسان هذه الحلبة. اما أنا فلم أقتنع كل الاقتناع وان كنت ذكرت أمثالهم في ثنايا هذه الموسوعة وقد مضى أمس بما فيه. لذا أشرت اليهم هنا. والله من وراء القصد.
المؤلف
القرن العاشر
هو العصر الذي ركد فيه الأدب وخمدت جذوته، وكمّت أفواه الشعر والشعراء وإليك ما قاله الخطيب اليعقوبي عنه في ( البابليات ):
قال: انتابت العراق في هذا القرن من أعالي الشمال إلى أقاصي الجنوب نكبات ومحن واضطرابات وفتن أثارتها العصبيات القومية والنعرات الطائفية وظلت البلاد أكثر من مئة عام « لا تستقر على حال من القلق » حروب وغارات وذحول وثارات تحت استعمار الفرس مرة وإرهاق الأتراك أخرى وذلك منذ هجوم الشاه اسماعيل الصفوي ملك ايران سنة 914 هـ على بغداد واستيلاء أولاده وأحفاده بعده كالشاه طهماسب والشاه عباس والشاه صفي وحروبهم مع « التركمان » أولا وملوك آل عثمان ثانياً منذ عهد السلطان سليمان القانوني إلى دخول السلطان مراد الى بغداد عام 1048 هـ كل ذلك وأبناء الرافدين تقاسي ما لا يستغرقه الوصف من القتل والتمثيل والانتقام والتنكيل وما الى ذلك من ردم المدارس والمعاهد وتخريب المعابد والمشاهد - وخاصة في دار السلام بغداد - ومما لا ريب فيه ان تلك الحوادث المؤلمة أدت إلى القضاء على روح النهضة العلمية وشلّ يد الحركة الأدبية فتضاءلت أصوات العلماء وخمدت قرائح الأدباء فلا تكاد تسمع يومئذ للعربية وآدابها صوتاً. وإذا كان هناك آحاد من القوم يستحقون الذكر فقد طوى متأخروا المؤرخين عنهم كشحاً وضربوا على أسمائهم حجاباً كثيفاً من الاهمال والخمول فعميت على
الناس أخبارهم وانطمست آثارهم. حتى انبرى إمام أئمة الأدب وأشهر أعلامه في القرن الحادي عشر العلامة الأديب الشهير السيد علي خان المدني المتوفى سنة 1119 هـ فعرفنا في كتابه « سلافة العصر » بأسماء بضعة رجال نبغوا في الحلة والنجف كانوا قد نشأوا في أخريات القرن العاشر وعاشوا في أواسط الحادي عشر « عصر المؤلف » ثم اقتفى أثره معاصره ومادحه الشيخ محمد علي بشارة النجفي فترجم في كتابه الذي سماه « نشوة السلافة » لجماعة آخرين من الحلة والنجف وكربلاء ممن لم يصل الى صاحب السلافة شيء من أحوالهم ولولاهما لما عرفنا عن أولئك النفر شيئا.
شعراء
القرن العاشر
الوفاة |
||
الشيخ مفلح بن الحسن بن راشد الصيمري |
حدود 900 |
|
حسين بن مساعد |
910 |
|
محمد السبعي |
920 |
|
الشيخ محمد البلاغي |
القرن العاشر |
|
السيد حسين الغريفي |
1001 |
|
ابن أبي شافين البحراني |
حدود 1001 |
|
الشيخ جمال الدين بن المطهر وطائفة من الشعراء |
حدود 1000 |
الشيخ مفلح الصيمري
المتوفى سنة 933
أعدلك يا هذا الزمان محرمُ |
أم الجور مفروض عليك محتم |
|
أم أنت ملوم والجدود لئيمة |
فلم ترع إلا للذي هو ألوم |
|
فشأنك تعظيم الأراذل دائماً |
وعرنين أرباب الفصاحة ترغم |
|
اذا زاد فضل المرء زاد امتحانه |
وترعى لمن لا فضل فيه وترحم |
|
اذا اجتمع المعروف والدين والتقى |
لشخص رماه الدهر وهو مصمم |
|
وذاك لأن الدين والعلم والندى |
له معدن أهلوه يؤخذ عنهموا |
|
فمعدنه آل الني محمد |
وخيرهم صنو النبي المعظم |
|
فأقبلت الدنيا اليه بزينةٍ |
وألقت اليه نفسها وهي تبسم |
|
فأعرض عنها كارهاً لنعيمها |
وقابلها منه الطلاق المحرّم |
|
فمالت الى أهل الرذائل والخنا |
وأومت اليهم أيها القوم اقدموا |
|
فشنوا بها الغارات من كل جانب |
وخصّوا بها آل النبي وصمموا |
|
أزالوهم بالقهر عن ارث جدهم |
عناداً وما شاؤا أحلّوا وحرّموا |
|
وأعظم من كل الرزايا رزية |
مصارع يوم الطف أدهى وأعظم |
|
فما أحدث الأيام من يوم أنشئت |
ولا حادث فيها الى يوم تعدم |
|
بأعظم منها في الزمان رزيّة |
يقام لها حتى القيامة مأتم |
|
ولم أنس سبط المصطفى وهو ضامئ |
يذاد عن الماء المباح ويحرم |
|
تموت عطاشاً آل بيت محمد |
ويشرب هذا الماء ترك وديلم |
أهذا الذي أوصى به سيد الورى |
ألم تسمعوا أم ليس في القوم مسلم |
|
سيجمعُنا يوم القيامة محشر |
واقبل فيه شاكياً أتظلّم |
|
فخصمكم فيه النبي وحيدر |
وفاطمة، والسجن فيه جهنم |
|
فمالوا عليه بالسيوف وبالقنا |
فبارزهم وهو الهزبر الغشمشم |
|
وحكّم فيهم سمهرياً مقوّماً |
وأبيض لا ينبو ولا يتثلّم |
|
وصال عليهم صولة علوية |
فكانوا كضأل صان فيهنّ ضيغم |
|
فنادى ابن سعد بالرماة ألا اقصدوا |
اليه جميعاً بالسهام ويمموا |
|
ففوق كل سهمه وهو مغرق |
من النزع نحو السبط وهو مصممُ |
|
فخرّ صريعاً في التراب معفراً |
يعالج نزع السهم والسهم محكم |
|
ويأخذ من فيض الوريد بكفه |
ويرمي به نحو السما يتظلّم |
|
فنادى ابن سعد مَن يجيء برأسه |
فسار اليه الشمر لا يتبرّم |
|
وبادر ينعاه الحصان مسارعاً |
الى خيم النسوان وهو يحمحم |
|
فلما رأين المهر والسرج خالياً |
خرجن وكل حاسر وهي تلطم |
|
ونادين هذا اليوم مات محمد |
ومات عليٌ والزكي وفاطم |
|
فهذا الذي كنا نعيش بظلّه |
يلوذ به طفل رضيعٌ وأيّم |
|
فيا لك من يوم به الكفر ناطق |
ودين الهدى أعمى أصم وأبكم |
* * *
أيا سادتي يا آل بيت محمد |
بكم مفلح مستعصم متلزم |
|
فأنتم له حصن منيع وجُنّة |
وعروته الوثقى بداريه أنتمُ |
|
ألا فاقبلوا من عبدكم ما استطاعه |
فعبدكمُ عبدٌ مقلّ ومعدم |
عن ( المنتخب ) للطريحي - طبعة النجف
الشيخ مفلح بن الحسن بن راشد أو رشيد بن صلاح الصيمري البحراني.
قال السيد الامين في الاعيان: توفي في حدود سنة 900 وقبره في قرية سنماباد من قرى البحرين وقبر ابنه الشيخ حسين بجنبه.
نسبته:
( الصيمري ) نسبة الى صيمرة بصاد مهملة مفتوحة ومثناة تحتية ساكنة وميم مفتوحة وراء مهملة وهاء. في معجم البلدان كلمة أعجمية وهي في موضعين احدهما بالبصرة على فم نهر معقل وفيها عدة قرى تسمى بهذا الاسم، وبلد بين ديار الجبل وديار خوزستان وهي مدينة بمهرجان قُذف وهي للقاصد من همذان الى بغداد عن يساره. قال الاصطخري واما صيمرة والسيروان فمدينتان صغيرتان. ( وفي انساب السمعاني ): الصيمري هذه النسبة الى موضعين احدهما منسوب الى نهر من أنهار البصرة يقال له الصيمري عليه عدة قرى واما الصيمرة فبلدة بين ديار الجبل وخوزستان، وسألت بعضهم عن هذا النسب فقال صيمرة وكودشت قريتان بخوزستان « ا هـ ».
وقال الشيخ سليمان البحراني: ان المترجم أصله من صيمر البصرة وانتقل الى البحرين وسكن قرية سنم آباد. قال اقا بزرك الطهراني العسكري فيما كتبه الينا: الذي وجدناه في جميع النسخ ابن الحسن مكبرا حتى في اجازته التي بخطه لناصر بن ابراهيم البويهي فما في نسخة الآمل المطبوعة من انه ابن الحسين غلط وفي رسالة الشيخ سليمان الماحوزي البحراني التي كتبها في ذكر بعض علماء البحرين في نسخة ابن الحسن ابن رشيد وفي أخرى ابن راشد وفي اجازة الشيخ مفلح لناصر بن ابراهيم البويهي التي بخطه سنة 873 هكذا:
مفلح بن حسن رشيد بن صلاح الصيمري اما والده فلعله لم يكن من العلماء لأن الشيخ سليمان في الرسالة المذكورة ذكر الشيخ مفلح وابنه الحسين بن مفلح ولم يذكر والده ولو كان من العلماء لذكره ويحتمل سقوطه من قلمه أو تركه له ككثير من مشاهير البحرانيين ويحتمل اتحاده مع الحسن بن محمد بن راشد البحراني صاحب نظم ألفية الشهيد أو الحسن بن محمد بن راشد صاحب كتاب مصباح المهتدين.
أقوال العلماء فيه
في أمل الآمل: فاضل علامة فقيه معاصر الشيخ علي بن عبد العالي الكركي وفي رسالة للشيخ سليمان البحراني وصفه بالفقيه العلامة. قال المؤلف: وأقواله وفتاواه مشهورة مذكورة في كتب الفقهاء المبسوطة.
مؤلفاته
في الرسالة المتقدمة: له التصانيف المليحة الفائقة (1) غاية المرام في شرح شرائع الاسلام، في أنوار البدرين ولعله أول شروح الشرائع وفي الرسالة المتقدمة: وقد أجاد فيه وطبق المفصل وفرق فيه بين الرطلين في الزكاتين وفاقاً لابن فهد الحلي في المهذب والعلامة في التحرير (2) شرح الموجز لابن فهد الحلي وهو المسمى كشف الالتباس في شرح موجز أبي العباس. في الرسالة المتقدمة انه أظهر فيه اليد البيضاء (3) مختار الصحاح (4) منتخب الخلاف أو تلخيص الخلاف منه نسخة في مكتبة الحسينية بالنجف الأشرف (5) رسالة جواهر الكلمات في العقود والايقاعات. في الأمل وهي دالة على علمه وفضله واحتياطه وفي الرسالة المتقدمة: مليح كثير المباحث غزير العلم.
اشعاره
له شعر كثير في مناقب أهل البيت وفي المثالب ومن شعره قوله:
أعدلك يا هذا الزمان محرم |
أم الجور مفروض عليك محتم |
وله:
الى كم مصابيح الدجى ليس تطلع |
وحتّام غيم الجور لا بتقشع |
|
يقولون في أرض العراق مشعشع |
وهل بقعة إلا وفيها مشعشع (1) |
وقال الزر كلي في الأعلام: مفلح بن الحسن بن رشيد بن صلاح الصيمري: فقيه أمامي. نسبته إلى صيمر بقرب خوزستان. له كتب منها: جواهر الكلمات في صيغ العقود والايقاعات، فرغ من تأليفه سنة 870 و ( التبيينات ) رسالة في الفرائض والتنبيه على غرائب من لم يحضره الفقيه، وأجازة بخطه كتبها سنة 873.
أقول وترجم له الشيخ علي البلادي في ( أنوار البدرين ) ص 74 وقال: وقبره في قرية سلما باد من البحرين وقبر ابنه الصالح الشيخ حسين بجنبه. أقول وذكر ترجمة ولده الشيخ حسين ابن الشيخ مفلح المتوفي سنة 933.
وذكر البحاثة المعاصر الشيخ آغا بزرك الطهراني في عدة مواضع من ( الذريعة ) كتب الشيخ مفلح واجازاته.
وترجم له السيد الخوانساري في روضات الجنات وقال توفي سنة 933 وعمره يزيد على الثمانين، وكان له فضائل ومكرمات وكان يختم القرآن في كل ليلة الاثنين والجمعة مرة.
قصيدة الشيخ مفلح:
الى كم مصابيح الدجى ليس تطلع |
وحتّام غيمُ الجو لا يتقشع |
__________________
1 - عن أعيان الشيعة ج 48 ص 91.
لقد طبّق الآفاق شرقاً ومغرباً |
فلا ينجلي آناً ولا يتقطع |
|
وأمطر في كل البلاد صواعقاً |
وهبت له ريح من الشر زعزع |
|
منازل أهل الجور في كل بلدة |
عمار وأهل العدل في تلك بلقع |
|
يقولون في أرض العراق مشعشع |
وهل بقعة إلا وفيها مشعشع |
|
وأعظم من كل الرزايا رزية |
مصارع يوم الطف أدهى وأشنع |
|
فما انس لا أنس الحسين ورهطه |
وعترته بالطف ظلماً تصرع |
|
ولم أنسه والشمر من فوق رأسه |
يهشم صدراً وهو للعلم مجمع |
|
ولم أنس مظلوماً ذبيحاً من القفا |
وقد كان نور الله في الأرض يلمع |
|
يقبله الهادي النبي بنحره |
وموضع تقبيل النبي يقطع |
|
إذا حزّ عضواً منه نادى بجدّه |
وشمر على تصميمه ليس يرجع |
|
تزلزلت بأفلاك من كل جانب |
تكاد السما تنقض والأرض تقلع |
|
وضجت بأفلاك السما وتناوحت |
طيور الفلا والوحش والجن أجمع |
|
وترفع صوتاً أم كلثوم بالبكا |
وتشكو الى الله العلي وتضرع |
|
وتندب من عظم الرزية جدها |
فلو جدنا يرنو إلينا ويسمع |
|
أيا جدنا نشكو إليك أمية |
فقد بالغوا في ظلمنا وتبدعوا |
|
أيا جدنا لو أن رأيت مصابنا |
لكنت ترى أمراً له الصخر يصدع |
|
أيا جدنا هذا الحسين معفراً |
على الترب محزوز الوريد مقطع |
|
فجثمانه تحت الخيول ورأسه |
عناداً بأطراف الأسنة يرفع |
|
أيا جدنا لم يتركوا من رجالنا |
كبيراً ولا طفلاً على الثدي يرضع |
|
أيا جدنا لم يتركوا لنسائنا |
خماراً ولا ثوباً ولم يبق برقع |
|
أيا جدنا سرنا سبايا حواسراً |
كأنّا سبايا الروم بل نحن أوضع |
|
أيا جدنا لو ان ترانا أذلة |
أسارى الى أعدائنا نتضرع |
|
أيا جدنا زين العباد مكبّل |
عليل سقم مدنف متوجع |
فما فعلت عاد كفعل أمية |
ولكنهم آثار قوم تتبع |
|
فما قتل السبط الشهيد ورهطه |
سوى عصبة يوم السقيفة أجمعوا |
|
وما ذاك إلا سامري وعجله |
أهم أصلّوا للظلم والقوم فرعوا |
|
ألا لعن الله الذين توازروا |
على ظلم آل المصطفى وتجمعوا |
|
أيا سادتي يا آل بيت محمد |
بكم مفلح مستعصم متمنع |
|
وانتم ملاذي عند كل كريهة |
وأنتم له حصن منيع ومفزع |
|
اذا كنتم دُرعي ورمحي ومنصلي |
فلا اختشي بأساً ولا أتروع |
|
بكم أتقى هول المهمات في الدنا |
وأهوال روعات القيامة أدفع |
|
فدو نكموها من محب ومبغض |
له كبد حرّى وقلب مفجع |
|
ولا طاقتي إلا المدائح والهجا |
وليس بهذا علة القلب تنقع |
|
الا ساعة فيها أجرد صارماً |
وأضرب هام القوم حتى يصرعوا |
|
فحينئذ يشفى الفؤاد وحزنه |
مقيم ولو لم يبق للقوم موضع |
|
أيا سادتي يا آل بيت محمد |
ويا من بهم يعطي الإله ويمنع |
|
ألا فاقبلوا من عبدكم ومحبكم |
قليلاً فإن الحر يرضى ويقنع |
|
فإن كان تقصير بما قد أتيته |
فساحتة عذري يا موالي مهيع |
|
فلست بقوال ولست بشاعر |
ولكنّ من فرط الأسى أتولع (1) |
__________________
1 - عن منتخب الطريحي 145.
الحسين بن مساعد
قلبي لطول بعادكم يتفطرُ |
ومدامعي لفراقكم تتقطّرُ |
|
وإذا مررت على معاهدكم ولا |
ألفي بها من بعدكم من يخبر |
|
هاجت بلابل خاطري ووقفت في |
أرجائها ودموع عيني تهمر |
|
غدر الزمان بنا ففرّق شملنا |
والغدر طبع فيه لا يتغير |
|
ردّوا الركاب لعلّ مَن يهواكُم |
يوماً بقربكم يفوز ويظفر |
|
قد كدتُ لما غبتم عن ناظري |
لأليم هجركم أموت وأقبر |
|
لكن مصاب محمد في آله |
أنسى سواه فغيره لا يذكر |
|
السادة الأبرار أنوار الهدى |
قومٌ مآثر فضلهم لا تنكر |
|
اهل المكارم والفوائد والندى |
وبذلك القرآن عنهم يخبر |
|
الحافظون الشرع الهادون من |
أمسى بنور هداهُم يتبصر |
|
أفهل سمعت بهل أتى لسواهُم |
مدحاً وذلك بيّن لا ينكر |
|
فهم النجاة لمن غدا متمسكاً |
بهم وهم نورٌ لمن يتحيّر |
|
والرجس أذهبه المهيمن عنهم |
من فضله فتقدّسوا وتتطهّروا |
|
كم مثل ميكال وحق أبيهم |
بهم يسود وجبرئيل يفخر |
|
وكفاهم فخراً بأنّ أباهم الـ |
ـمتبتل المزمّل المدثر |
|
وبه تشرّفت البسيطة واغتدى |
ايوان كسرى هيبة يتفطّر |