موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٥

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام0%

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مؤلف:
المحقق: باقر شريف القرشي
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 143

  • البداية
  • السابق
  • 143 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 13688 / تحميل: 4036
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء 5

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

العامل في الإسلام ).

167

موبقات ومنجيات

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، ثلاث موبقات ، وثلاث منجيات :

فأمّا الموبقات : فهوى متّبع ، وشحّ مطاع ، وإعجاب المرء بنفسه.

وأمّا المنجيات : فالعدل في الرّضى والغضب ، والقصد في الغنى والفقر ، وخوف الله في السّرّ والعلانية كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك » (1) .

وهذه الموبقات والمنجيات مشتقّة من صميم الواقع ، فقد عرضها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام عليه‌السلام لتكون منهاجا للأمّة.

168

خصال مذمومة وخصال كريمة

كان من وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى باب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام هذه الوصيّة القيّمة :

« يا عليّ ، أنهاك عن ثلاث خصال عظام : الحسد والحرص والكذب.

يا عليّ ، سيّد الأعمال ثلاث خصال : إنصافك النّاس من نفسك ،

__________________

(1) بحار الأنوار 74 : 63.

١٢١

ومواساتك الأخ في الله عزّ وجلّ ، وذكرك الله تبارك وتعالى على كلّ حال.

يا عليّ ، ثلاث فرحات للمؤمن في الدّنيا : لقى الإخوان ، والإفطار من الصّيام ، والتّهجّد من آخر اللّيل.

يا عليّ ، ثلاث من لم تكن فيه لم يقم له عمل : ورع يحجزه عن معاصي الله عزّ وجلّ ، وخلق يداري به النّاس ، وحلم يردّ به جهل الجاهل.

يا عليّ ، ثلاث من حقائق الإيمان : الإنفاق في الإقتار ، وإنصاف النّاس من نفسك ، وبذل العلم للمتعلّم.

يا عليّ ، ثلاث خصال من مكارم الأخلاق : تعطي من حرمك ، وتصل من قطعك ، وتعفو عمّن ظلمك » (1) .

وهذه الوصية من مناجم التربية الاسلامية الهادفة إلى ايجاد مجتمع متكامل في سلوكه وآدابه.

169

المحاسن والقبائح

قال عليه‌السلام : قال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« ثلاث يحسن فيهنّ الكذب : المكيدة في الحرب ، وعدتك زوجتك ، والإصلاح بين النّاس.

وقال : ثلاث يقبح فيهنّ الصّدق : النّميمة ، وإخبارك الرّجل عن أهله بما يكرهه ، وتكذيبك الرّجل عن الخبر.

__________________

(1) الخصال 1 : 62.

١٢٢

وقال : ثلاثة مجالستهم تميت القلب : مجالسة الأنذال ، والحديث مع النّساء ، ومجالسة الأغنياء » (1) .

وحكى هذا الحديث محاسن الأخلاق ومكارم الآداب ، كما حكى الخصال الذميمة التي يشقى بها الإنسان.

170

اعطيت ما لم يعط أحد

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« اعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء.

فقلنا : يا رسول الله ، ما هو؟

قال : نصرت بالرّعب ـ أي في نفوس المشركين ـ ، واعطيت مفاتيح الأرض ، وسمّيت أحمد ، وجعل التّراب لي طهورا ، وجعلت أمّتي خير الامم » (2) .

لقد امتاز النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على جميع الأنبياء بمكوّناته النفسية وبما وهبه الله له من الفضائل التي لا تحصى.

171

التقيّة

روى الإمام عليه‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :

__________________

(1) الخصال 2 : 43.

(2) مجمع الزوائد 1 : 260 ـ 261.

١٢٣

« لا دين لمن لا تقيّة له » (1) .

وشرّع الإسلام التقيّة حفظا لدماء المسلمين وأرواحهم ، وقد مرّت على شيعة أهل البيت ظروف عصيبة ولو لا التزامهم بالتقية لم تبق لهم باقية.

172

حلّية المتعة

اجتمع الإمام عليه‌السلام مع عثمان بن عفان بعسفان ، فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة ، فقال عليّ :

« ما تريد إلى أمر فعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، تنهى عنها ».

فقال عثمان : دعنا منك (2) .

وشرّع الإسلام المتعة ، ونطق القرآن بحلّيّتها إلاّ أنّ عمر ومن سار على خطّه حرّمها.

وأمّا أئمّة الهدى فقد أباحوها مستندين إلى كتاب الله تعالى ، وإنّ آية الحلّ غير منسوخة.

وقد تعرّض بصورة موضوعية علماء الإمامية إلى جوازها (3) .

__________________

(1) كنز العمّال 3 : 96.

(2) مسند أحمد بن حنبل 1 : 156 ، رقم الحديث 758.

(3) يراجع في حلّيتها إلى ما كتبه الحجّة السيّد محمّد تقي الحكيم والعلاّمة توفيق الفكيكي ، وغيرهما.

١٢٤

173

منى

قال عليه‌السلام :

« إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتى المنحر بمنى فقال : هذا المنحر ، ومنى كلّها منحر » (1) .

إنّ منى هي من المواقف التي يجب على الحاجّ أن يقف بها ، وفي اليوم العاشر من ذي الحجّة ـ وهو يوم العيد ـ يجب عليه أن يضحّي ، وفي مكان منى مكان مخصوص للذبح ، وقد توسّع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فجعل جميع منى مكانا لذبح الهدي.

174

الزكاة

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« فيما سقت السّماء ففيه العشر ، وما سقي بالغرب (2) والدّالية ففيه نصف العشر » (3) .

على ضوء هذا الحديث وغيره ممّا اثر عن أئمّة الهدى عليهم‌السلام أفتى فقهاء الإمامية في مقدار الزكاة ، فإنّ كانت الغلّة تسقى من ماء المطر ففيها العشر ، وإن كانت تسقى بالواسطة ففيها نصف العشر.

__________________

(1) مسند أحمد بن حنبل 1 : 123 ، رقم الحديث 563.

(2) الغرب : الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد الثور.

(3) المنتقى 1995. مسند أحمد بن حنبل 1 : 235 ، رقم الحديث 1244.

١٢٥

175

إبل الصدقة

قال عليه‌السلام :

« مرّت إبل الصّدقة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأهوى بيده إلى وبرة من جنب بعير ، فقال : ما أنا أحقّ بهذه الوبرة من رجل من المسلمين » (1) .

وهذا غاية العدل الذي لا مثيل له في تاريخ الامم والأديان ، لقد أسّس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله معالم المساواة ، وحطّم الامتيازات ودعا إلى العدل بكلّ افقه ومفاهيمه.

176

الغنم والحرث

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« عليكم بالغنم والحرث ، فإنّهما يغدوان بخير ، ويروحان بخير » (2) .

وحرّض الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله على الزراعة وجنيان الأغنام فإنّهما من المصادر الأوّليّة للثراء والنعمة.

177

الذبيحة لغير الله

قال الإمام عليه‌السلام : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

__________________

(1) مسند أحمد بن حنبل 1 : 88 ، رقم الحديث 667.

(2) المحاسن : 553.

١٢٦

« لعن الله من ذبح لغير الله ، لعن الله من تولّى غير مواليه ، لعن الله من غيّر منار الأرض ، لعن الله من عقّ والديه » (1) .

لقد لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هؤلاء الاصناف لأنهم لا علاقة لهم بالله ، وبعضهم من المفسدين ، وهم من غيّروا منار الأرض ، وذلك بتغييرهم للسنة القائمة والمناهج الكريمة.

178

حيوانات لا يضحّى بها

قال عليه‌السلام :

« نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يضحّى بالمقابلة ، أو بمدابرة ، أو شرقاء ، أو خرقاء ، أو جدعاء » (2) .

أمّا الحيوانات التي لا يضحّى بها حسب هذا الحديث ، هي :

1 ـ المقابلة : وهي التي يقطع من طرف اذنها شيء ثمّ يترك معلّقا.

2 ـ المدابرة : وهي التي قطع من مؤخر اذنها ثمّ يترك معلّقا.

3 ـ الشرقاء : المشقوقة الاذن باثنتين.

4 ـ الخرقاء : التي في اذنها ثقب مستدير.

5 ـ الجدعاء : المقطوعة الاذن أو الأنف أو الشفة.

ـ روى الإمام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه نهى أن يضحّى بعضباء القرن والاذن (3) .

__________________

(1) مستدرك الحاكم 4 : 153.

(2) مسند أحمد بن حنبل 1 : 41 ، رقم الحديث 609.

(3) المصدر السابق : 52 ، رقم الحديث 633.

١٢٧

المراد من عضباء القرن مكسورة القرن ، وعضباء الاذن مشقوقة الاذن.

179

رفع القلم عن ثلاثة

قال عليه‌السلام : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

« رفع القلم عن ثلاثة : عن النّائم حتّى يستيقظ ، وعن المعتوه ـ أو قال :

المجنون ـ حتّى يعقل ، وعن الصّغير حتّى يشبّ » (1) .

والمرفوع في هذا الحديث الحكم التكليفيّ عن هؤلاء الأشخاص دون الحكم الوضعي كالضمان وغيره.

180

الأمان من الغرق

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« يا عليّ ، أمان لامّتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الرّحمن ( وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (2) ، ( بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) (3) » (4) .

__________________

(1) مسند أحمد بن حنبل 1 : 197 ، رقم الحديث 956.

(2) الزمر : 67.

(3) هود : 41.

(4) عيون الأخبار 1 : 137.

١٢٨

إن الأدعية التي أثرت عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعن أهل بيته لها أثرها الحاسم في دفع المكروه والوقاية من الشر ، وقد دلت التجارب على ذلك.

181

رؤية الهلال

من وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، إذا رأيت الهلال فكبّر ثلاثا وقل : الحمد لله الّذي خلقني وخلقك ، وقدّرك منازل ، وجعلك آية للعالمين » (1) .

إنّ الهلال آية من آيات الله تعالى ، فهو يسبّح في الفضاء كما تسبّح بقيّة الكواكب والمجرّات ، ومن نظر إلى الهلال فليذكر الله ويكبّره على ما فيه من العجائب في بداية غزوه وفي تدرجه حتى يستدير ثم يأخذ بالنقصان بالاضافة إلى ما له من الآثار الوضعيّة في جزر البحور ومدها فتبارك الله أحسن الخالقين.

182

النظر في المرآة

من وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، إذا نظرت في مرآة فكبّر ثلاثا ، وقل : اللهمّ كما حسّنت خلقي فحسّن خلقي » (2) .

ودعا الإسلام إلى حسن الأخلاق الذي هو من أهم الركائز الاجتماعية في

__________________

(1) تحف العقول : 10.

(2) المصدر السابق : 11.

١٢٩

الحياة الإسلامية.

183

النظر إلى المجذومين

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« لا تديموا النّظر إلى المجذّمين ، وإذا كلّمتموهم فليكن بينكم وبينهم قيد رمح » (1) .

من تعاليم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الصحية النهي المشدّد عن مجالسة المجذومين والاختلاط بهم ، فإنّ الجرائيم والميكروبات سريعة الانتقال منهم إلى من جالسهم واختلط بهم ، فلذا أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بالابتعاد عنهم.

184

حثو التراب على الميّت

قال الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

« من حثا على ميّت ، وقال : إيمانا بك ، وتصديقا ببعثك ، هذا ما وعد الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله أعطاه الله بكلّ ذرّة حسنة » (2) .

وهذه الكلمات تنمّ عن واقع الإيمان ، والرضا بما كتب الله تعالى. كما أن حثو التراب على الميّت من الآداب الإسلامية التي حثّ عليها الإسلام.

__________________

(1) مسند أحمد بن حنبل 1 : 28 ، رقم الحديث 581.

(2) وسائل الشيعة 2 : 855.

١٣٠

185

مفارقة الأحباب

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« قال لي جبرئيل : أحبب من شئت فإنّك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنّك ملاقيه ، وعش ما شئت فإنّك ميّت » (1) .

وحفلت هذه الكلمات الرائعة بما يلي.

1 ـ إنّ كلّ إنسان لا بدّ أن يفارق سواء أكان أخاه أم صديقه ، وسواء أحب شيئا من متع الدنيا ، فإنّه لا بدّ من مفارقته لها.

2 ـ إنّ جميع ما يعمله الإنسان من خير أو شر لا بدّ أن يلاقي جزاءه في قبره وحشره قال الله تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ) (2) .

3 ـ ان الإنسان مهما عاش وقطع من السنين لا بدّ أن يفارق الحياة يقول الشاعر :

كل ابن انثى وإن طالت سلامته

يوما على آلة حدباء محمول

186

التأمّل في المواعظ

       

روى الإمام عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :

« لقد سبق إلى جنّات عدن أقوام ، ما كانوا أكثر النّاس صلاة ولا صياما

__________________

(1) حلية الأولياء 3 : 202.

(2) النجم : 39 ـ 40.

١٣١

ولا اعتمارا ـ أي الاتيان بالعمرة ـ ، ولكنّهم عقلوا عن الله مواعظه فوجلت قلوبهم ، واطمأنّت إليه النّفوس ، وخشعت منه الجوارح ، ففاقوا الخليقة بطيب المنزلة ، وبحسن الدّرجة عند النّاس ، وعند الله في الآخرة » (1) .

إنّ التأمّل والتدبّر في المواعظ ممّا يوجب صلاح النفس واستقامتها وإقبالها على طاعة الله تعالى ، واجتناب معاصيه ، وقد أعدّ الله المنزلة الكريمة في الفردوس الأعلى للمتّعظين.

187

أربعة تذهب ضياعا

من وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله للامام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، أربعة تذهب ضياعا : الأكل على الشّبع ، والسّراج في القمر ، والزّرع في السّبخة ، والصّنيعة عند غير أهلها » (2) .

إنّ صنع هذه الامور تذهب ضياعا ولا أثر لها ، وقد اعطانا الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك منهجا كاملا للحياة ، وصاغ لنا الأساليب التي نعملها وننجح بها.

188

أنواع الكلام

روى الإمام عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :

__________________

(1) كنز العمّال 3 : 149.

(2) الخصال 1 : 12. الوسائل 6 : 533.

١٣٢

« الكلام ثلاثة : فرابح ، وسالم ، وشاحب.

فأمّا الرّابح فالّذي يذكر الله.

وأمّا السّالم فالّذي يقول : ما أحبّ الله.

وأمّا الشّاحب فالّذي يخوض في النّاس » (1) .

قسّم الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله الكلام إلى ثلاثة أنواع : وذكر خصائصها ، وما يترتب عليها من آثار.

189

سريرة الإنسان وعلانيته

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« يا عليّ ، ما من عبد إلاّ وله جوّانيّ وبرّانيّ (2) ، فمن أصلح جوّانيّه أصلح الله برّانيّه ، ومن أفسد جوّانيّه أفسد الله برّانيّه ، وما من أحد إلاّ له صيت في أهل السّماء وضع له ذلك في أهل الأرض ، فإذا ساء صيته في أهل السّماء وضع له ذلك في الأرض » (3) .

إنّ للإنسان صورتين : سريرته ، وما يطويه في أعماق نفسه ودخائل ذاته ، وظاهره ، وهو ما يظهره للناس وإن كان مخالفا لما انطوت عليه سريرته ، فإذا حسنت سريرته أصلح الله شأنه ، ورفع مكانه ، وإذا ساءت سريرته فلا نصيب له عند الله.

__________________

(1) بحار الأنوار 71 : 289.

(2) الجواني : السريرة. البراني : العلانية والظاهر.

(3) أمالي الطوسي 2 : 73.

١٣٣

190

الاهتمام بالرزق

روى الإمام عليه‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :

« يا عليّ ، لا تهتمّ لرزق غد فإنّ كلّ غد يأتي رزقه » (1) .

إنّ الله تعالى قد تكفّل أرزاق عباده ، فلا تذهب نفس الإنسان حسرات على رزق مستقبل حياته.

191

رأس العقل خصلة

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« رأس العقل بعد الإيمان بالله عزّ وجلّ التّحبّب إلى النّاس » (2) .

حكى الحديث أهمية المداراة بين الأفراد ، مع تأكيده على ضرورة تكوين العلاقات الاجتماعية الحميمة. ومن الواضح أنّ غياب التحبّب يورث بين الناس الشكّ والارتياب.

192

الذهب والحرير

قال عليه‌السلام :

« أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذهبا بيمينه وحريرا بشماله ، فقال : هذا حرام

__________________

(1) تحف العقول : 14.

(2) الخصال 1 : 15.

١٣٤

على ذكور أمّتي » (1) .

وقد أخذ فقهاء الإمامية بهذه الرواية وبأمثالها ممّا روي عن أئمّة الهدى عليهم‌السلام فأفتوا بحرمة لبس الذهب والحرير للرجال دون النساء.

193

بيع غلامين أخوين

قال عليه‌السلام :

« أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما ، ففرّقت بينهما ، فذكرت ذلك للنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : أدركهما فأرجعهما ، ولا تبعهما إلاّ جميعا » (2) .

وقد أشفق النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله على الأخوين فكره مفارقتهما لأنّها تؤدي إلى شيوع الحزن في أنفسهما ، وهذه الجنبة الإنسانية هي التي دفعت الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى فسخ البيع.

194

الورد

قال عليه‌السلام :

« حباني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالورد بكلتا يديه ، فلمّا أدنيته إلى أنفي قال :

__________________

(1) سنن النسائي 2 : 285. سنن ابن ماجة 2 : 196.

(2) مجمع الزوائد 4 : 107.

١٣٥

أما إنّه سيّد ريحان الجنّة بعد الآس » (1) .

الورد من أجمل النباتات التي خلقها الله ، في روعة منظره ، وجمال صورته ، وبديع رائحته ، كلّ ذلك ممّا يدل على عظمة الخالق العظيم.

195

الفاكهة الجديدة

قال الإمام عليه‌السلام :

« كان النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رأى الفاكهة الجديدة قبّلها ووضعها على عينيه وفمه ثمّ قال : اللهمّ كما أريتنا أوّلها في عافية فأرنا آخرها في عافية » (2) .

الفاكهة نعمة من نعم الله تعالى وهبة لعباده ، تستوجب الشكر والثناء على الله.

196

الأكل على الجنابة

قال عليه‌السلام :

« نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الأكل على الجنابة ، وقال : إنّه يورث الفقر » (3) .

والنهي في الحديث محمول على الكراهة لا على الحرمة ، وقد علّل الأكل على الجنابة أنّه يورث الفقر.

__________________

(1) و (2) وسائل الشيعة 1 : 461.

(3) من لا يحضره الفقيه 1 : 47.

١٣٦

197

غسل جميع البدن من الجنابة

قال الإمام عليه‌السلام : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال :

« من ترك موضع شعرة من جسده من جنابة لم يغسله ، فعل به كذا وكذا من النّار ، قال عليّ : فمن ثمّ عاديت شعري » ، وكان يجز شعره (1) .

يجب استيعاب غسل جميع البدن في غسل الجنابة ، فمن ترك شعرة من بدنه لم يغسلها فان غسله باطل ، وبهذا أفتى فقهاء الامامية.

198

البول تحت الشجرة

قال عليه‌السلام :

« نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة أو على قارعة الطّريق » (2) .

لقد كره النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله البول تحت الشجرة المثمرة لأنّه يؤدي إلى تلوّث الثمرة ، وهذا الحكم من الوصايا الصحّية التي شرّعها الإسلام ، ولو كانت الشجرة في غير فصل ثمرها. فقد ذهب بعض علماء الاصول إلى كراهة التبوّل ؛ لأنّ المشتقّ حقيقة فيمن تلبس بالمبدإ فعلا ومن انقضى عنه المبدأ.

وذهب جماعة آخرون إلى عدم الكراهة ؛ لأنّ المشتقّ حقيقة فيمن تلبّس بالمبدإ فعلا دون غيره.

__________________

(1) مسند أحمد بن حنبل 1 : 163 ، رقم الحديث 792.

(2) من لا يحضره الفقيه 2 : 194. وسائل الشيعة 1 : 230.

١٣٧

199

البول في النهر الجاري

جاء في وصيّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام :

« وكره البول على شفا نهر جار » (1) .

وهذا الحكم من الاحكام الصحّية التي شرعها الإسلام ، فإنّ البول في النهر الجاري ممّا يوجب تلوّث الماء ، وهو ممّا يؤدّي إلى انتشار الأمراض كالبلهارزيا ، وأمثالها.

200

البول قائما

روى الإمام عليه‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« البول قائما من غير علّة من الجفاء » (2) .

أنّ بول الإنسان وهو قائم ممّا يوجب أن يمسّ جسده وثيابه ثرثار البول. الأمر الذي يوجب نجاسة بدنه وثيابه ، وهو ممّا يتنافى مع ما يريده الإسلام من إشاعة النظافة التي هي من الإيمان ـ كما في الحديث.

201

تارك الوضوء

روى الإمام عليه‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(1) من لا يحضره الفقيه 2 : 335.

(2) المصدر السابق 1 : 10.

١٣٨

« أنّ ثمانية لا تقبل صلاتهم ، وعدّ منهم تارك الوضوء » (1) .

إنّ الوضوء من الشروط الواقعية لا العلمية في صحّة الصلاة ، ففي الحديث « لا صلاة إلاّ بوضوء » ، والنفي في الحديث للماهية.

202

دخول الحمام بمئزر

جاء في وصيّة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الإمام عليّ عليه‌السلام :

« إنّ الله كره لامّتي ـ وعدّ خصالا ، منها : ـ دخول الحمّام إلاّ بمئزر » (2) .

من الآداب التي شرّعها الإسلام عدم دخول الحمّام إلاّ بمئزر ؛ لأنّه لو دخل بلا مئزر لكان بادي العورة ، فإن رآه أحد فهو محرّم عليه ، بالإضافة إلى منافاته للآداب العامّة التي يحرص الإسلام على إشاعتها بين الناس.

203

الخضاب

جاء في وصيّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام :

« يا عليّ ، درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم ينفق في سبيل الله ، وفيه أربع عشرة خصلة ، والّتي منها : جلاء البصر ، وذهاب الغشيان » (3) .

أمّا الخضاب فهو زينة الرجل ، وبه تظهر الفتوّة ، وتذهب غائلة الشيخوخة.

__________________

(1) وسائل الشيعة 1 : 259.

(2) المصدر السابق : 369.

(3) ارشاد المفيد : 269.

١٣٩

204

السواك

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« إنّ أفواهكم طرق القرآن فطهّروها بالسّواك » (1) .

السواك مطهّر للفم ومعقّم له ، وهو من المناهج الصحّيّة التي تبنّاها الإسلام ،

وفي الحديث : « لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك » ، والأمر ـ في الحديث ـ هو الحكم الإلزامي.

205

الطهور مفتاح الصلاة

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« مفتاح الصّلاة الطّهور ، وتحريمها التّكبير ، وتحليلها التّسليم » (2) .

أمّا الطهور فهو مفتاح الصلاة ومن مقدّماتها الواقعية ، فلا تصحّ إلاّ به. وفي الحديث : « لا صلاة إلاّ بطهور » ، والنفي للماهية.

وأمّا بداية الصلاة ففي تكبيرة الإحرام ، فبها يحرم الكلام وغيره من منافيات الصلاة ، وبالتسليم الأخير يحلّ للمصلّي ما حرّم عليه بتكبيرة الإحرام.

__________________

(1) حلية الأولياء 4 : 296.

(2) المصدر السابق 7 : 124.

١٤٠