موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٧

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام37%

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 143

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
  • البداية
  • السابق
  • 143 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 61264 / تحميل: 5315
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ماذا سميتموه ؟ فقلنا : سمّيناه حرباً ، فقال : لا ولكن اسمه محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم ببني هارون : شبّر ، وشبيراً ، يقول : حسن وحسين.

الثاني من المصادر هو مسند أبي داود الطيالسي(1) ( ت 204 ه‍ ) ، فقد ورد فيه الحديث مرّة واحدة كما يلي :

حدّثنا أبو داود قال : حدّثنا قيس عن أبي إسحاق قال : سمعت هانئ بن هانئ يحدّث عن عليّ قال : لما ولد الحسن بن عليّ قلت : سمّوه حرباً ـ وقد كنت أحب أن أكتني بأبي حرب ـ فأتى رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فدعا به ، قلنا : سمّيناه حرباً ، قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : بل هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سمّيناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : هو حسين.

وراجع منحة المعبود في ترتيب مسند أبي داود للساعاتي(2) تجد الحديث أيضاً.

الثالث من المصادر : الطبقات الكبرى لابن سعد(3) ( ت 231 ه‍ ) الطبقة الخامسة ، جاء فيه الحديث بصورتين :

1 ـ قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ، ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ، ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو محسّن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّرا.

__________________

(1) مسند أبي داود الطيالسي 1 : 19 ، ح 129.

(2) منحة المعبود في ترتيب مسند أبي داود للساعاتي 2 : 129 ـ 130.

(3) الطبقات الكبرى لابن سعد 1 : 240.

٢١

2 ـ قال : أخبرنا الحسن بن موسى ، قال : حدّثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق قال : لما ولد الحسن سمّاه عليّ حرباً ، قال : وكان يُعجبه أن يكنّى أبا حرب ، فقال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : وما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، قال : ما شأن حرب وهو حسن.

فلمّا ولد حسين سماه عليّ حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما شأن حرب ؟ بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سمّاه حرباً ، فقال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، فقال : ما شأن حرب هو محسِن أو محسّن.

الرابع من المصادر هو مسند أحمد بن حنبل(1) ( ت241 ه‍ ) ، فقد ورد فيه الحديث كما يلي :

حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا يحيى بن آدم ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وأورده مرّة ثانية وثالثة(2) بسند آخر ، وتفاوت في اللفظ وإليك نصّه :

حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا حجاج ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين قال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد

__________________

(1) مسند أحمد بن حنبل 1 : 98.

(2) المصدر نفسه 1 : 118.

٢٢

الثالث جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وأخرجه عن أحمد الديار بكري في تاريخ الخميس ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب(1) ، وأخرجه أحمد أيضاً في كتاب الفضائل كما في ( الحسين والسنة )(2) .

والغريب أنّ من الشيعة من أخرج ذلك دون التنبيه إلى ما فيه من خفايا البلايا ، كما مرّ في ذكر المصادر الشيعية التي تسرّب إليها الحديث.

الخامس من المصادر هو الأدب المفرد للبخاري(3) ( ت 256 ه‍ ) ، جاء فيه الحديث بصورة واحدة :

حدّثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسنرضي‌الله‌عنه سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسن.

فلما ولد الحسينرضي‌الله‌عنه سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباًَ ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وعقّب المحقق على ذلك فقال : ليس في شيء من الكتب الستة ، وجاء في كتاب فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد(4) ، تأليف فضل الله الجيلاني استاذ في الجامعة العثمانية ما يلي : أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب من طريقين

__________________

(1) تاريخ الخميس 1 : 418 , كفايه الطالب : 352.

(2) الحسين والسنة : 15.

(3) الأدب المفرد للبخاري : 213.

(4) فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد تأليف فضل الله الجيلاني 2 : 288.

٢٣

كلاهما عن إسرائيل إلى آخره ، والحاكم وقال : صحيح الاسناد ، وأحمد ، وقال الحافظ في الإصابة : إسناده صحيح.

السادس من المصادر هو أنساب الأشراف للبلاذري(1) ( ت 279 ه‍ ) ، فقد جاء فيه :

حدّثني أبو عمرو الزيادي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق أنّ علياً قال : لمّا ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، فقال : هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سميناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، فقال : هو الحسين ، فلما ولد الثالث جاء فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً قال : هو محسن ، إنّما سميتهم بأسماء ولد هارون شبر شبير ومشبر.

حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق بنحوه ، ورواه أيضاً بسندٍ آخر عن ابن سعد ، ذكره في ترجمة الحسينعليه‌السلام (2) .

السابع من المصادر هو المعجم الكبير للطبراني(3) ( ت 360 ه‍ ) ، جاء فيه الحديث بخمسة أسانيد :

1 ـ حدّثنا عثمان بن عمر الضبّي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، أخبرنا إسرائيل ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميناه حرباً ، فأتى رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ائتوني بابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بولد هارون شبر وشبير ومشبّر.

__________________

(1) أنساب الأشراف للبلاذري 1 : 404.

(2) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام 3 : 144.

(3) المعجم الكبير للطبراني 3 : 100 ـ 101.

٢٤

2 ـ حدّثنا محمّد بن يحيى بن سهل بن محمّد العسكري ، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن ابن عليّرضي‌الله‌عنه جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين بن عليّرضي‌الله‌عنه جاء فقال مثل قوله ، فقلت : سميته حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث جاء فقال مثل قوله ، فقلت : سميته حرباً ، فقال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بولد هارون شبر وشبير ومشبر.

3 ـ حدّثنا محمّد بن أبان الأصبهاني ، حدّثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ، ثنا قيس بن الربيع ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : كنت أحبّ أن أكتني بأبي حرب ، فلمّا ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ما سميتم ؟ فقلت : سميته حرباً ، فقال : هو الحسن.

4 ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا أبو كريب ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي : لا ولكن سمّه حسناً ، ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ فقلت : حرباً ، قال : بل سمّه حسيناً ، ثم ولد آخر فسميته حرباً ، فقال( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : سمّه محسناً.

5 ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ، ثنا يحيى بن عيسى الرملي التميمي ، ثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد قال : قال عليّرضي‌الله‌عنه : كنت رجلاً أحب الحرب ، فلمّا ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً ، فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسن ، فلما ولد الحسين هممت أن أسميه حرباً فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسين ، وقال( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سميت إبنيّ هذين باسم إبني هارون شبراً وشبيراً.

الثامن من المصادر هو المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري(1) ( ت 405 ه‍ ) ، جاء فيه بصورتين :

__________________

(1) المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 3 : 165.

٢٥

1 ـ أخبرنا أبو العباس محمّد بن أحمد المحبوبي بمرو ، ثنا سعيد بن مسعود ، ثنا عبيد الله بن يونس ، أنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولدت فاطمة الحسن جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن.

فلمّا ولدت الحسين جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، ثم ولدت الثالث جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : إنّما سميتهم باسم ولد هارون شبر وشبير ومشبر.

وعقّب الحاكم على الحديث بقوله : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، وتبعه الذهبي في التلخيص ، فذكر الحديث مبتدءاً بالسند من هانئ بن هانئ ثم قال في آخره : صحيح ، رواه إسرائيل عن جدّه.

ثم إنّ الحاكم أخرج الحديث مرّة ثانية(1) كما يلي :

2 ـ حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني بالكوفة ، حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري ، ثنا جعفر بن عون ، ثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما أن ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسين ، فلما ولد محسن قال : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال هو محسن ، ثم قال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سمّيت بَنيّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه شبّراً وشبيراً ومشبّراً.

وعقّب الحاكم على الحديث بقوله : هذا الحديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، وذكره الذهبي في التلخيص مختصراً وعقب بقوله : قلت مرّ من حديث إسرائيل.

__________________

(1) المصدر نفسه 3 : 168.

٢٦

التاسع من المصادر هو السنن الكبرى للبيهقي(1) ( ت 458 ه‍ ) ، جاء فيه :

أخبرنا أبو عليّ الروذباريّ ، أنبأ عبد الله بن عمر بن أحمد بن شوذب المقري بواسط ، أنبأ شعيب بن أيوب ، ثنا عبيد بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسن.

ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ماسميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

ثم قال البيهقي : رواه يونس بن أبي إسحاق عن أبيه ، وقال في الحديث : إنّي سميت بَنيّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه ، وروي في هذا المعنى أخبار كثيرة.

وجاء فيه أيضاً(2) : أخبرنا عليّ بن أحمد بن عبدان ، أنبأ أحمد بن عبيد ، ثنا عثمان بن عمر ، ثنا ابن رجا ، ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، ح ( حيلولة ) وحدّثنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني بالكوفة ، ثم ساق الحديث سنداً ومتناً كما مرّ في الحديث الثاني عند الحاكم في المستدرك حرفاً بحرف ، ثم عقّب البيهقي بقوله : لفظ حديث يونس ، وفي رواية إسرائيل : أروني ابني ما سميتموه ؟ والباقي بمعناه.

العاشر من المصادر هوتاريخ دمشق لابن عساكر ( ت 571 ه‍ ) ، ( ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام بتحقيق المحمودي )(3) جاء الحديث فيه بثلاث صور :

__________________

(1) السنن الكبرى للبيهقي 6 : 163.

(2) المصدر نفسه 7 : 63.

(3) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من تاريخ دمشق : 17 ـ 18.

٢٧

1 ـ أخبرنا أبو العز بن كادش ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، أخبرنا عليّ بن محمّد بن أحمد ابن نصير ، أخبرنا جعفر بن محمّد بن عتيب ، أخبرنا محمّد بن خالد بن خداش ، أخبرنا سالم بن قتيبة ، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسن.

فلما ولد الحسين سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسين ، فلما ولد محسن سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : فهو محسن ، ثم قال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سميت بَنيّ هؤلاء تسمية هارون بنيه شبراً وشبيراً ومشبراً.

2 ـ أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوس ، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني ، أخبرنا محمّد بن القاسم بن زكريا ، أخبرنا أبو كريب ، أخبرنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، أنّه حدّثه عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : لا ولكن اسمه حسن ، ثم ولد لي الحسين سميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، فقال : لا اسمه حسين ، ثم ولد لي فقال : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، فقال : لا اسمه محسن.

قال الدارقطني : تفرد به إبراهيم بن يوسف عن أبيه.

3 ـ أخبرنا أبو عليّ بن السبط ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، وأخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أخبرنا أبو عليّ ابن المذهب ، قالا : أخبرنا أحمد بن جعفر ، أخبرنا عبد الله ، حدّثني أبي ، أخبرنا يحيى بن آدم ، أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن.

٢٨

فلما ولد الحسين سمّاه حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سمّيته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر شبير مشبر.

الحادي عشر من المصادر هو أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير(1) ( ت 630 ه‍ ) ، جاء فيه في ترجمة الحسن :

قال عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه : لما ولد الحسن جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلما ولد الحسين سمّيناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر.

وجاء أيضاً ثانياً(2) ذكر الحديث الآنف الذكر في ترجمة الحسين مع ذكر اسناده المنتهي إلى أحمد بن حنبل ، وحيث تقدّم في المصدر الثالث فلا حاجة إلى إعادته.

وجاء فيه أيضاً(3) في ترجمة المحسن اعادة الحديث بنفس السند السابق.

الثاني عشر من المصادر هو ( مجمع الزوائد )(4) للهيثمي ( ت 807 ه‍ ) ، جاء فيه ذكر الحديث المروي عن هانئ بن هانئ ، ثم قال الهيثمي : رواه أحمد والبزار إلاّ أنّه قال : سميتهم بأسماء ولد هارون جبر وجبير ومجبّر. والطبراني ، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير هانئ بن هانئ ، وهو ثقة.

__________________

(1) اُسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير 2 : 10 ـ 18.

(2) المصدر نفسه 2 : 18.

(3) المصدر نفسه 4 : 308.

(4) مجمع الزوائد للهيثمي 8 : 52.

٢٩

ثم ورد في المصدر المذكور الحديث الآخر : وعنه ـ عن عليّ ـ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، وكنت أحب أن أكتني بأبي حرب ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فحنكه ، فقال : ما سميتم ابني ؟ فقلنا : حرباً ، فقال : هو الحسن ، ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فأتى النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فحنكه فقال : ما سميتم ابني ؟ فقلنا : حرباً ، فقال : هو الحسين.

ثم قال الهيثمي : رواه البزار والطبراني بنحوه بأسانيد ، ورجال أحدهما رجال الصحيح.

الثالث عشر من المصادر هو عيون الأخبار وفنون الآثار(1) للداعي المطلق إدريس عماد الدين القرشي ( ت 872 ه‍ ) ، جاء فيه ما لفظه :

وروي عن أبي غسان بإسناده عن عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : لما ولد الحسن بن عليّ سمته أمّه حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا بل هو حسن.

فلما ولد الحسين سمته أمّه أيضاً حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا بل هو حسين ، فلمّا ولد محسن سمّته أمه حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا ، بل هو محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم بأسماء أولاد هارون شبر وشبير ومشبر.

وعقّب المؤلف على ذلك بقوله : ومن هذه الرواية دليل على أنّ محسن ولد على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأشهر الذي عليه الإجماع أيضاً أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاه وهو في بطن فاطمة ، وأنّها أسقطته حين راعها عمر بن الخطاب ودفع على بطنها الباب ، والله أعلم بالصواب.

تعقيب على صور الحديث :

هذه نماذج من صور الحديث في مختلف المصادر ، وهي من الأمهات التي يرجع إليها المتأخرون وعنها يأخذون ، وحسب القارئ هذه المصادر الإثنى عشر

__________________

(1) عيون الأخبار وفنون الآثار 4 : 6.

٣٠

فهي تُغني عن غيرها ، ولنعد الآن إلى صور الحديث فنُلقي عليها نظرة فاحصة ، لنعرف مدى التفاوت الذي حصل بين ما جاء في أقدم مصدر ، وبين ما جاء بعده ، مع العلم بأنّ الحديث واحد ، وراويه الأول واحد ، ثم الذي رواه عنه أيضاً هو واحد ، فلماذا نجدُ التفاوت ؟

ومهما كان ذلك لفظياً أو بسيطاً ، فهو بالتالي يكشف عن عدم الدقة في النقل ، ويورث ذلك عدم الثقة بالناقل ، وبالتالي إلى عدم اعتبار الحديث ، فخذ أمثلة على ذلك :

1 ـ جاء في ثاني المصادر وهو كتاب ( مسند الطيالسي ) فقد روى حديث أبي إسحاق بن يحيى ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ، وقد ورد فيه أنّ علياً كان يحب أن يكتنى بأبي حرب فسمّى ولده حرباً ، فغيّره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمّاه حسناً ، ثم ولد الحسين سماه عليّ حرباً وغيّره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمّاه حسيناً.

وإلى هنا انتهى الحديث ولم يأت عن ولادة الثالث شيئاً ، ولا عن تسمية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لهما باسم ابني هارون ، بينما نجد نفس الحديث بنفس السند في المصادر التالية فيه نقص وفيه زيادة ، ففي بعضها ليس فيه ذكر لمحبة عليّ أن يكتني بأبي حرب ، بينما فيه زيادة ذكر ولادة المحسن وأنّ علياً سمّاه حرباً ، فغيّره النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) وسمّاه المحسن ، مضافاً إلى زيادة قوله( صلّى الله عليه وسلّم ) : سميتهم بأسماء ولد هارون الخ. فمن أين جاءت تلك الزيادة ؟ ولماذا طرأ ذلك النقصان ، فاختفت محبة عليّ أن يكتنى بأبي حرب !!

2 ـ وخذ مثالاً ثانياً ما جاء في الحديث الثاني الذي رواه ابن سعد في الطبقات ، وهو الثالث في سُلّم المصادر ، تجد الحديث يرويه أبو إسحاق مرسلاً ليس فيه ذكر عمّن أخذه ، وفيه تجد حبّ عليّ أن يكتني بأبي حرب ، وفيه زيادة أخرى هي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كل ولادة : ( ما شأن حرب وهو حسن ) ( ما شأن حرب وهو حسين ) ( ما شأن حرب وهو محسن أو محسّن ) [ بالتشديد ] وهذه الزيادة

٣١

الأخيرة لم ترد إلاّ في حديث أبي إسحاق المرسل الذي أخرجه ابن سعد في الطبقات ، ولم ترد في بقية المصادر التي أوردت الحديث.

3 ـ وخذ مثالاً ثالثاً حديث هانئ بن هانئ عن عليّ ، وقارن بين ألفاظه في مختلف مصادره تقف على التفاوت فيها ، ولابدّ لنا من الإشارة إلى أنّ هانئ بن هانئ الذي حدّث عن عليّعليه‌السلام لم يروِ عنه غير أبي إسحاق ، كما سيأتي بيان ذلك.

فهذا التفاوت والاختلاف إما أن يكون منه أو من أبي إسحاق ، وفي كلتا الحالتين يتطرق الريب إلى صدقهما في النقل ، أما الحمل على رجال السند من بعد أبي إسحاق حتى أصحاب المصادر ربّما كان فيه تجنٍ عليهم ، لأنّهم رووا ما سمعوا ، وإن كانت المؤاخذة قد ترد عليهم حين رووا ذلك على ما فيه من تفاوتٍ وتهافت.

4 ـ وخذ مثالاً رابعاً ما جاء في المصدر الثاني عشر ، ففيه مضافاً إلى إرساله أنّ الذي سمّى الأبناء بحرب هي أمهم فاطمةعليها‌السلام ، وهذا بخلاف ما مرّ أنّ علياًعليه‌السلام هو الذي سمى أو أحبّ أن يسمّي ، فجميع هذه الملاحظات تسقط الحديث المذكور عن الاعتبار.

والآن لنقرأ شيئاً عن الرواة لنعرف وزنهم في ميزان الجرح والتعديل.

٣٢
٣٣

الفصل الثاني

البحث عن رجال الاسناد

ولنبدأ بهم حسب ذكرهم في المصادر ، فرجال الحديث فيالمصدر الأول ـ وهو سيرة ابن إسحاق ـ قال : أنا ( أخبرنا ) يونس ، عن يونس بن عمرو ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ.

فيونس الأول هو : ابن بكير ، قال الآجري عن أبي داود : ليس هو عندي بحجة ، كان يأخذ ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث ، ومع ذلك قالوا عنه : كان صدوقاً إلاّ أنّه كان يتبع السلطان ، وكان مرجّئاً ، ومع ذلك روى له مسلم متابعة !!

ويونس الثاني هو : ابن عمرو ـ أبي إسحاق ـ السبيعي روى عن أبيه ، وقد أثنوا عليه في كتب الرجال ، ومن الثناء عليه : كان يقدم عثمان على عليّ ، ولعل ذلك هو سبب قول أبي حاتم : صدوق لا يحتج به ( خلاصة تهذيب الكمال ).

وفي المصدر الثاني : وهو ( مسند أبي داود الطيالسي ) : حدّثنا قيس ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّعليه‌السلام .

فأما قيس ـ شيخ أبي داود ـ فقد قال هو نفسه عنه : ما أخرجت له إلاّ ثلاثة أحاديث ، حدّث بأحاديث عن منصور هي عن عبيدة ، وأحاديث عن مغيرة هي

٣٤

عن فراس ، وقال أحمد : روى أحاديث منكرة ، وكان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن قيس ، وكان ابن معين يقول عنه : ليس بشيء ، وقال : ضعيف الحديث لا يساوي شيئاً(1) .

أما باقي رجال السند فستأتي حالهم عند ذكر المصادر التالية حسب تسلسلها.

وفي المصدر الثالث : وهو الطبقات الكبرى فقد روى ابن سعد عن عبيد الله بن موسى ، قالوا عنه : ثقة يتشيع ، عن إسرائيل بن يونس : ثقة تكلّم فيه بلا حجة ، عن أبي إسحاق السبيعي ثقة عابد اختلط بآخره ، عن هانئ بن هانئ الهمداني الكوفي ، قال ابن المديني : مجهول ، وقال الشافعي : لا يُعرف ، وأهل العلم لا ينسبون حديثه لجهالة حاله(2) .

وقال ابن سعد في الطبقات(3) : كان يتشيع وهو منكر الحديث.

وقال الذهبي(4) : ليس بالمعروف ، وقد ورد ذكره في كتب الرجال الشيعية ، ولم يذكر فيه مدح ، نعم روي أنّه كان من آخر رسل أهل الكوفة إلى الحسينعليه‌السلام ، هو وسعيد بن عبد الله الحنفي يطلبون منه القدوم عليهم ، وأنّهم ينتظرونه ولا رأي لهم في غيره ، فأجابهمعليه‌السلام وأرسل الجواب مع الرسولين المذكورين ، كما ذكر ذلك الشيخ المفيد في الإرشاد(5) ، والطبري(6) وغيره ذكروا مثل ذلك.

__________________

(1) تهذيب التهذيب 8 : 393.

(2) المصدر نفسه 11 : 12.

(3) طبقات ابن سعد 6 : 155.

(4) المغني في الضعفاء 2 : 707.

(5) الارشاد : 203.

(6) تاريخ الطبري 6 : 198.

٣٥

ولدى التحقيق في أسماء شهداء الطف لم أقف على ذكر لهانئ بن هانئ المذكور بينهم ، بينما ورد اسم سعيد بن عبد الله الحنفي في عداد الشهداء ، وكان من المفترض فيه أن يكون كزميله الحنفي ولم يذكر أنه كذلك ، ونكتفي بهذا عنه ، ويتضح أنّ الرجل مجهول الحال أو مجروح ، ومَن وثقه لا يقوم بحجة ترفع أقوال الجارحين من أئمة الفن.

وقد قال ابن عبد البر في الاستقصاء ( ترجمة رقم 2182 ) : كل مَن لم يرو عنه إلاّ رجل واحد لا يعرف إلاّ بذلك ، فهو مجهول عندهم لا تقوم به حجة.

فتبيّن أنّ الحديث بهذا السند الضعيف لا يصح أن يحتج به.

أما الحديث الثاني في الطبقات فهو عن الحسن بن موسى ، وهو الأشيب أبو عليّ البغدادي ثقة ، عن زهير بن معاوية أبو خيثمة ثقة ثبت وسماعه عن أبي إسحاق بآخرة ، وقد تقدم أن أبا إسحاق اختلط بآخرة فلاحظ ذلك ، فالحديث مضاف إلى إرساله إذ لم يدرك أبو إسحاق الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ليروي عنه ، فأبو إسحاق في هذا إما مرسِل أو مدلِّس ، لأنّه روى الحديث كما مرّ بالسند الأول عن هانئ بن هانئ وهو هنا لم يذكره.

أما أسانيد المصادر الباقية فحيث أنّها تنتهي إلى إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، وقد عرفنا حال هؤلاء ، فلا حاجة إلى بسط القول في الرجال الّذين رووا الحديث عن إسرائيل ، يبقى لنا و قفة عابرة مع أولئك الّذين اهتموا بتصحيح الاسناد كالبزار والحاكم والهيثمي وغيرهم ممّن سبقت الإشارة إلى أقوالهم ، فإنّ حجتهم ـ الواهية ـ أنّ رجال بعض أسانيده هم رجال الصحيح ، كما مرّ عن رجال أحمد والبزار وحكاه الهيثمي. وكأنّ الصحيح عندهم هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وأسفي على تلك الجهود المضاعة لإثبات أنّ صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله ، مع كثرة ما فيه من هنات وهفوات ، وما أخذ عليه وفيه من مؤاخذات ، يعرفها أولئك المخرفون قبل غيرهم.

٣٦

ومهما يكن حالهم فلسنا بصددهم ، وإنّما الذي يهمنا أن نقوله : إنّ جميع الأسانيد في الحديث في جميع المصادر تنتهي إلى أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، ومرّت بنا كلمة الشافعي وغيره ، فلا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يحتج بالحديث المذكور ، وكذلك بالنسبة إلى الحديث الثاني الذي رواه أبو إسحاق مرسلاً.

بقى هنا شيء يجب أن ننبه عليه ، هو ما جاء مرسلاً عن سالم بن أبي الجعد ، قال عليّ : كنت رجلاً أحبّ الحرب ، فلما ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً ، فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسن ، قال : فلما ولد الحسين فهممت أن أسميه حرباً لأنّي كنت أحبّ الحرب ، وسماه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسين ، وقال : إنّي سميت ابنيّ هذين باسمي ابني هارون شبراً وشبيراً.

وهذا الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات(1) ، والهيثمي في مجمع الزوائد(2) ، والطبراني في المعجم الكبير(3) ، ولمّا كان مرسلاً فلا حاجة إلى عطف النظر إلى رجال السند فيه.

كما لا حاجة إلى البحث عن أبي غسان الراوي للحديث مرسلاً عن عليّعليه‌السلام كما في المصدر الثاني عشر ، فلا تغني معرفة حاله ، مع جهالة الراوي عنهم من رجاله ، وهذا هو المصدر الوحيد الذي ذكرته وصاحبه من غير أهل السنة ، كما أنّه ليس من الشيعة الإمامية ، بل هو من الإسماعيلية ، وإنّما ذكرته للتنبيه على تسرّب حديث الاكتناء بأبي حرب في التراث الإسلامي ، دون الالتفات إلى ما فيه من هناة.

__________________

(1) طبقات ابن سعد : 239.

(2) مجمع الزوائد 8 : 52.

(3) المعجم الكبير 3 : 97.

٣٧

الفصل الثالث

البحث عن متن الحديث

والبحث في هذا المجال يكون من خلال ست نقاط على النحو التالي :

النقطة الأولى : وفيها تحقيق المراد من اسم حرب ، فهل هو اسم المعنى الوصفي ؟ أم اسم العلم الشخصي ؟ وما المراد منهما في الحديث.

النقطة الثانية : هل كان اسم حرب من الأسماء المبغوضة أم المحبوبة ؟

النقطة الثالثة : ماذا كان يعني إصرار الإمام ـ إن صدقت الأحلام ـ في تسمية أبنائه بحرب اسم المعنى الوصفي ، أم اسم العلم الشخصي ؟

النقطة الرابعة : ما هي الدوافع المغرية في شخصية حرب اسم العلم الشخصي ؟ بدءاً من آبائه ، ومروراً به ، وانتهاءاً بأبنائه ؟

النقطة الخامسة : في كنى الإمام وما هي أحبّ كناه إليه ؟

النقطة السادسة : وأخيراً ماذا وراء الأكمة من تعتيم وظلمة لتضليل الأمة ؟

٣٨
٣٩

النقطة الأولى

في تحقيق المراد من اسم حرب

النقطة الأولى : في تحقيق المراد من اسم حرب وهل هو اسم المعنى ؟ أم اسم العلم ؟ ومن المراد منهما في الحديث ؟

إذا رجعنا إلى المصدر الأول والحديث الثالث من المصدر الخامس ، وجدنا قول الإمام ـ فيما نسب إليه ـ : « وقد كنت أحبّ أن أكتني بأبي حرب » وفي مرسل أبي إسحاق كما في المصدر الثاني نقرأ قول أبي إسحاق : « وكان يعجبه أن يكنّى أبا حرب » ، أما في مرسل سالم بن أبي جعد نقرأ قول الإمام : « كنت رجلاً أحبّ الحرب ».

ومهما أغضينا النظر عن الاختلاف في معاني الكلمات الثلاث ، فإنّ هذا إن دل على شيء فيدلّ على أنّ المراد بحرب هو اسم المعنى الوصفي ، ولعله إستناداً إلى ذلك ذهب العقّاد ـ وربما غيره أيضاً ـ إلى أنّ المراد من حب الإمام أن يكتني بأبي حرب ؛ لأنّه رجل شجاع يحب الحرب ، فلنقرأ ما يقوله العقّاد ، وهو يتحدث عن سيرة الإمام مع بنيه ، بعد أن حكى قول الإمام في حق الوالد على الولد ، وحق الولد على الوالد وهو : ( أن يحسّن اسمه ، ويحسّن أدبه ، ويعلّمه القرآن ).

قال العقّاد : ومن إحسان التسمية أنّه همّ بتسمية ابنه حرباً ، لأنّه يرشحه للجهاد وهو أشرف صناعاته ، لولا أنّ رسول الله سمّاه الحسن وهو أحسن ، فجرى على

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

عفّان ، ولكنّه سرعان ما نكث بيعته ، فقد انضمّ إلى حزب عائشة التي أعلنت التمرّد على حكومة الإمام.

إنّ مروان لم يتمتّع بأيّة نزعة كريمة ، فقد انغمس في الباطل والموبقات ، وقد لعنه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في صلب أبيه ، فقد

روت عائشة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعن أبا مروان ومروان فى صلبه (١) وجيء به بعد ولادته إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :

« هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون » (٢) .

واجتاز الحكم على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :

« ويل لامّتي ممّا في صلب هذا » (٣) .

لقد استشفّ النبيّ من وراء الغيب ما تعانيه الامّة الإسلامية من الأحداث الجسام من مروان وأبنائه فلعنهم وتبرّأ منهم.

٢ ـ أنّ الإمام عليه‌السلام أخبر عن قصر المدّة التي يحكم فيها مروان ، وشبّهها بلعقة الكلب أنفه ، وهو كناية عن قذارة حكمه ، وسوء سلطانه وكان سبب هلاكه أنّه عيّر خالد بن يزيد بن معاوية بامّه التي هي زوجته ، ففزع إلى امّه يبكي ، فتألّمت ، وسارعت مع جواريها إلى اغتياله ، وبذلك انتهت صفحة من صفحات الخزي والعار ، وانطوى ملف من ملفات الخيانة والإثم.

٣ ـ أنّ الإمام عليه‌السلام أخبر عمّا تعانيه الامّة في عهده وعهد أبنائه من الكوارث والخطوب ، وقد جرى ذلك ، فقد تجرّع العالم الإسلامي ألوانا قاسية ومريرة من المحن الشاقّة ، والتي كان منها أنّ عبد الملك بن مروان ولّى على الامّة أشرّ خلق الله ، وهو الحجّاج الثقفي الذي جهد على ظلم الناس ، وارغامهم على ما يكرهون.

__________________

(١) تفسير القرطبي ١٦ : ١٩٧. تفسير الرازي ٧ : ٤٩٧. اسد الغابة ٢ : ١٣٤.

(٢) مستدرك الحاكم ٤ : ٤٩٧.

(٣) اسد الغابة ٢ : ٣٤.

١٠١

إخباره عن ملك معاوية

أخبر الإمام عليه‌السلام من حضر في مجلسه عن استيلاء معاوية على الحكم ، وما تعانيه الامّة في عهده من الظلم والجور قائلا :

« أمّا إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن (١) ، يأكل ما يجد ، ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ، ولن تقتلوه! ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي ؛ فأمّا السّبّ فسبّوني ، فإنّه لي زكاة ، ولكم نجاة ؛ وأمّا البراءة فلا تتبرّءوا منّي ؛ فإنّي ولدت على الفطرة ، وسبقت إلى الإيمان والهجرة » (٢) .

وحكت هذه الكلمات الصفات القذرة الماثلة في معاوية من نهمه وجشعه على الطعام ، وصفاته الجسدية التي منها اندحاق البطن وغيرها وأنّه سيفرض على المسلمين سبّ الإمام والبراءة منه ؛ لأنّه رائد العدالة الاجتماعية ، وقد فضحه وفضح غيره من ملوك الظلم والجور وذلك بما سار عليه أيام حكومته من العدل الخالص والحقّ المحض.

__________________

(١) مندحق البطن : أي عظيم البطن.

(٢) نهج البلاغة ١ : ١٠٥.

١٠٢

إخباره عن استيلاء الأمويّين على الحكم

أخبر الإمام عليه‌السلام عن استيلاء الأمويّين على الحكم ، وما تعانيه الامّة في ظلّ حكمهم من الظلم والجور ، قال عليه‌السلام :

« ألا وإنّ أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني اميّة ، فإنّها فتنة عمياء مظلمة ، عمّت خطّتها ، وخصّت بليّتها ، وأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطأ البلاء من عمي عنها.

وايم الله لتجدنّ بني أميّة لكم أرباب سوء بعدي ، كالنّاب الضّروس (١) ، تعذم بفيها (٢) ، وتخبط بيدها ، وتزبن برجلها (٣) ، وتمنع درّها ، لا يزالون بكم حتّى لا يتركوا منكم إلاّ نافعا لهم ، أو غير ضائر بهم.

ولا يزال بلاؤهم عنكم حتّى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلاّ كانتصار العبد من ربّه ، والصّاحب من مستصحبه ، ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشيّة ، وقطعا جاهليّة ، ليس فيها منار هدى ، ولا علم يرى (٤) .

__________________

(١) الناب الضروس : هى الناقة السيّئة.

(٢) تعذم بفيها : أي تعضّ بفيها ، أو تأكل بجفاء.

(٣) تزبن برجلها : أي تدفع برجلها.

(٤) منهاج البراعة ٧ : ٨٦. نهج البلاغة ١ : ١٨٣.

١٠٣

أعرب الإمام في حديثه عن استيلاء الأمويّين على الحكم ، وعمّا تعانيه الامّة في عهدهم من الظلم والجور ، ولا يسلم من شرّهم إلاّ من كان عميلا لهم ، وخادما لرغباتهم ، أمّا من حاد عنهم فمصيره السجن والإعدام.

١٠٤

ظلم الأمويّين وجورهم

وأحاط الإمام عليه‌السلام أصحابه علما بما تعانيه الامّة من ظلم الأمويّين وجورهم بعد تسلّمهم لقيادة الحكم قائلا :

« والله لا يزالون حتّى لا يدعوا لله محرّما إلاّ استحلّوه ، ولا عقدا إلاّ حلّوه ، وحتّى لا يبقى بيت مدر ولا وبر إلاّ دخله ظلمهم ونبا به سوء رعيهم ، وحتّى يقوم الباكيان يبكيان : باك يبكي لدينه ، وباك يبكي لدنياه ، وحتّى تكون نصرة أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيّده ، إذا شهد أطاعه ، وإذا غاب اغتابه » (١) .

وعاث الأمويّون في الأرض فسادا ، وملئوا الدنيا ظلما وجورا حتى قال القائل في عهد زياد الأخ اللاّشرعي لمعاوية : أنج سعد فقد هلك سعيد ، ولم يبق ظلم إلاّ صبّوه على المسلمين خصوصا على شيعة أهل البيت عليهم‌السلام .

__________________

(١) نهج البلاغة ١ : ١٩٠.

١٠٥

مع جيشه المتخاذلين

وأخبر الإمام عليه‌السلام جيشه المتخاذل ما يجري عليهم من الذلّ والهوان من بعده قائلا :

« أما إنّكم ستلقون بعدي ذلاّ شاملا ، وسيفا قاطعا ، وأثرة يتّخذها الظّالمون فيكم سنّة ، فيفرّق جماعتكم ، ويبكي عيونكم ، ويدخل الفقر بيوتكم ، وتتمنّون عن قليل أنّكم رأيتموني فنصرتموني فستعلمون حقّ ما أقول لكم ، ولا يبعد الله إلاّ من ظلم وأثم » (١) .

وتحقّق ما أنبأ به الإمام عليه‌السلام جيشه الذي أعلن عليه العصيان ، فقد ألبسهم الله ذلاّ شاملا وسلّط عليهم أرجاس البشرية من الأمويّين فجهدوا في ظلمهم وإذلالهم ، وأخذوا البريء منهم بالسقيم ، والمقبل بالمدبر ، وقتلوا منهم على الظنّة والتهمة ، وقد ندم أهل الكوفة بعد أن آل الحكم إلى معاوية كأشدّ ما يكون الندم على خذلانهم للإمام ، وتمنّوا وجوده لينصروه ويحموه.

__________________

(١) نهج البلاغة : ٩٢ ، الخطبة ٥٨.

١٠٦

ظلم الحجّاج وجوره

وأدلى الإمام عليه‌السلام في بعض خطبه ما سيحلّ بأهل الكوفة الذين جرّعوه نغب التهام ، وملئوا قلبه الشريف آلاما بعصيانهم وخذلانهم ، وإنّ الله تعالى سيسلّط عليهم الحجّاج بن يوسف الثقفي فيسقيهم كأس مصبرة ، قال عليه‌السلام :

« أما والله ، ليسلّطنّ عليكم غلام ثقيف الذّيّال (١) الميّال ؛ يأكل خضرتكم ، ويذيب شحمتكم ، إيه أبا وذحة! » (٢) .

ولم تمض الأيام حتى سلّط الله على أهل الكوفة الحجّاج بن يوسف الثقفي ، وهو أقذر ارهابي لا يعرف الرحمة ، ولا عهد له بالرأفة ، وقد اقترف من الفضائع والآثام في أهل الكوفة ما لا يوصف لمرارته وقسوته.

وقد أجمع المؤرّخون على ظلمه وجوره ، وأنّه كان لا يلتذ إلاّ بسفك الدماء ، وإشاعة الرعب والفزع بين الناس ، وقد مرّ على الكوفة في عهده دور قاس ورهيب لم تشاهد في مثله إلاّ في عهد الطاغية زياد بن أبيه ، وابنه عبيد الله لقد سجن آلاف الأبرياء من النساء والرجال من غير ذنب اقترفوه ، وإنّما كان يقتل ويسجن على الظنّة والتهمة من غير تحقيق.

__________________

(١) الذيال : الطويل القدّ المتبختر في مشيته.

(٢) نهج البلاغة ١ : ٢٣٠.

١٠٧

أمّا سبب هلاكه فتعزوه المصادر إلى أنّه رأى خنفساء تدبّ إلى مصلاّه فطردها فعادت ، فطردها فعادت ، فأخذها بيده فلسعته ، فورمت يده ، وأخذته الحمى من اللسعة ، حتى هلك بأضعف مخلوقات الله ، وهذا هو المراد من قوله عليه‌السلام :

« إيه أبا وذحة! ».

لقد عانى أهل الكوفة هذا البلاء العاصف من جرّاء تخاذلهم عن الإمام وعصيانهم له.

١٠٨

المقتولون من أصحابه

والناجون من الخوارج

ولمّا صمّم الإمام عليه‌السلام على حرب الخوارج أخبر عن عدد المقتولين من أصحابه ، والناجين من الخوارج قال عليه‌السلام :

« مصارعهم دون النّطفة (١) ، والله لا يفلت منهم عشرة ، ولا يهلك منكم عشرة » (٢) .

وتحقّق ما أخبر به الإمام ، فقد استشهد من أصحابه عشرة أشخاص ، وبقي من الخوارج عشرة أشخاص ، وهم الذين أشاعوا فكرة الخوارج بين المسلمين.

__________________

(١) قال الرضي : يعني بالنطفة ماء النهر ، وهي أفصح كناية.

(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٥ : ١.

١٠٩

مقتل زرعة

ذكر ابن أبي الحديد : أنّ عليّا عليه‌السلام لمّا دخل الكوفة دخلها معه كثير من الخوارج ، وتخلّف منهم بالنخيلة وغيرها خلق كثير لم يدخلوها ، فدخل حرقوص بن زهير السعدي ، وزرعة بن البرج الطائي ـ وهما من رءوس الخوارج ـ على عليّ عليه‌السلام فقال له حرقوص : تب من خطيئتك ، واخرج بنا إلى معاوية نجاهده ، فقال له عليّ عليه‌السلام :

« إن كنت نهيتكم عن الحكومة فأبيتم ، ثمّ الآن تجعلونها ذنبا! أما إنّها ليست بمعصية ، ولكنّها عجز من الرّأي ، وضعف في التّدبير ، وقد نهيتكم عنه ».

فقال زرعة : أما والله لئن لم تتب من تحكيمك الرجال لأقتلنّك ...

فقال له عليّ عليه‌السلام :

« بؤسا لك ما أشقاك! كأنّي بك قتيلا تسفي عليك الرّياح! » (١) .

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٢ : ٢٦٨.

١١٠

عدم نهاية الخوارج

ولمّا أباد الإمام عليه‌السلام معظم الخوارج ، قيل له : يا أمير المؤمنين ، هلك القوم بأجمعهم ، فقال عليه‌السلام :

« كلاّ والله ؛ إنّهم نطف في أصلاب الرّجال ، وقرارات النّساء ، كلّما نجم منهم قرن قطع ، حتّى يكون آخرهم لصوصا سلاّبين ».

وتحقّق ما أخبر به الإمام عليه‌السلام فلم يهلكوا جميعا ، وإنّما بقيت منهم عصابة اتّسعت وقاومت الولاة والحكّام.

١١١

خلافة عبد الملك

وأدلى الإمام عليه‌السلام ، وهو على المنبر بإمرة عبد الملك بن مروان ، وما يرافقها من سفك الدماء قائلا :

« كأنّي به قد نعق بالشّام ، وفحص براياته في ضواحي كوفان ، فعطف عليها عطف الضّروس ، وفرش الأرض بالرّؤوس. قد فغرت فاغرته ، وثقلت في الأرض وطأته ، بعيد الجولة ، عظيم الصّولة » (١) .

وحكى كلام الإمام عليه‌السلام ظهور عبد الملك بن مروان بالشام ، وملكه للعراق ، وما يقتل من المسلمين من جراء ذلك ، فقد ملئت الأرض بجثث القتلى في حربه لابن الزبير ، فقد انتشر الحزن ، وعمّ الحداد جميع أرجاء الوطن الإسلامي من كثرة القتلى.

__________________

(١) بحار الأنوار ٤١ : ٣٥٦.

١١٢

ثورة ابن الزبير

من المغيّبات التي أخبر عنها إمام المتّقين ، وسيّد الموحّدين عليه‌السلام ثورة ابن الزبير ، وسعيه لطلب الملك بجميع طاقاته إلاّ أنّه لم يظفر به ، وقد وصفه عليه‌السلام وحكى نفسيّته بما يلي :

« خبّ ، ضبّ يروم أمرا لا يدركه ، ينصب حبالة الدّين لاصطياد الدّنيا ، وهو بعد مصلوب قريش ».

وألمّ حديث الإمام عليه‌السلام بأوصاف ابن الزبير ، وبنهايته وهي كما يلي :

١ ـ إنّ الإمام عليه‌السلام بأوصاف ابن الزبير بالخب ، وهو المخادع الخبيث (١) . كما وصفه بالضب ، وهو البخيل ، والعرب تشبّه كفّ البخيل إذا قصر عن العطاء بكفّ الضب (٢) .

لقد كان ابن الزبير خدّاعا ، بخيلا ، سيئ الخلق ، حسودا ، لا يتمتّع بأيّة صفة كريمة ، وقد عانت الموالي في عهده الضيق والحرمان يقول الشاعر :

إنّ الموالي أمست وهي عاتبة

على الخليفة تشكوا الجوع والضما

ما ذا علينا وما ذا كان يرزؤنا

أي الملوك على من حولنا غلبا

٢ ـ إنّ ابن الزبير رام الخلافة وسعى إليها جاهدا باذلا جميع طاقاته إلاّ أنّه لم

__________________

(١) و (٢) لسان العرب ١ : ٥٣٩.

١١٣

يظفر بها ـ كما قال الإمام ـ وذلك لبخله ، وفيه يقول الشاعر :

رأيت أبا بكر وربّكر غالب

على أمره يبغي الخلافة بالتمر (١)

وقد عانى المسلمون في حكمه القصير الأمد الجوع والحرمان ؛ لأنّه لم تكن عنده أيّة نفحة من نفحات الكرم والجود.

٣ ـ من أوصاف ابن الزبير أنّه كان مرائيا لا يعرف الواقع ، فقد أظهر النسك والعبادة والتجرّد عن الدنيا ، مع أنّه كان ذئبا ، فقد اعتمد على الرياء لإغراء السذّج والبسطاء ، ولم يخف أمره على العارفين به ، فقد قال عبد الله بن عمر لزوجته حينما ألحّت عليه بمبايعته لأنّه تقي متعبّد ، فردّ عليها قائلا :

أما رأيت بغلات معاوية التي كان يحجّ عليها الشهباء فإنّ ابن الزبير ما يريد غيرها (٢) .

ومن المؤكّد أنّه عار من جميع أرصدة التقوى والخوف من الله تعالى ، ولو كان يرجو الله واليوم الآخر لما حارب وصي رسول الله وباب مدينة علمه ، وكان من أعظم الحاقدين على الاسرة النبوية ، فقد كان يخطب ، ولا يصلّي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في خطابه ، وقيل له في ذلك فقال : إنّ له أهل بيت إن ذكرته اشرأبت أعناقهم ....

وبلغ من عدائه للاسرة النبوية أنّه حبسهم وهدّدهم بالحرق إن لم يبايعوه ، فأنقذهم بطل الإسلام المختار بن عبيدة من شرّه وبلائه ، وقد طلب الجيش من العلويّين أن ينزل العقاب الصارم من ابن الزبير عدوّهم الماكر فأبوا وتمسّكوا بأخلاقهم العلوية ، وهي مكافاة المسيء بالإحسان.

__________________

(١) المعارف ـ ابن قتيبة ٣ : ٢٥.

(٢) المختار : ٩٥.

١١٤

المختار رحمه‌الله

لمّا ظهر المختار بن أبي عبيدة بالكوفة فبايعه الناس وطالب بدم الحسين عليه‌السلام فجاء عبيد الله بن زياد من الشام بجيش جرّار فبعث إليهم ابن الأشتر فجال جيش ابن الأشتر منادين يا لثارات الحسين فناداهم الصبر الصبر ، فتراجعوا ، فقال لهم عبد الله بن يسار بن أبي عقيب الدؤلي : حدّثني خليلي ـ يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ إنّا نلقى أهل الشام على نهر يقال له الخازر ، فيكشفونا حتى نقول هي هي ثمّ نكرّ عليهم فنقتل أميرهم.

وفعلا فقد تحقّق ما أخبر به أمير المؤمنين عليه‌السلام فقد قتل في ليل ذلك اليوم الوغد الخبيث ابن مرجانة وتبدّد جيشه كما يتبدّد الظلام في النور.

وسئل الإمام زين العابدين : يا ابن رسول الله ، إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ذكر من أمر المختار ولم يقل متى يكون؟ ولمن يقتل؟ فقال عليه‌السلام : « صدق أمير المؤمنين عليه‌السلام ».

« أولا اخبركم متى يكون؟ ». قالوا : بلى.

قال عليه‌السلام : « يوم كذا إلى ثلاث سنين من قولى هذا لكم ، وسيؤتى برأسي عبيد الله ابن زياد وشمر بن ذي الجوشن عليهما اللّعنة في يوم كذا وكذا ، وسنأكل وهما بين أيدينا ـ أي رأسيهما ـ ننظر إليهما » (١) .

__________________

(١) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : ٥٥٢.

١١٥

انقراض دولة بني اميّة

أدلى الإمام عليه‌السلام بحديث له عن حتمية انقراض دولة الأمويّين ، قال عليه‌السلام : « فأقسم بالله ، يا بنى أميّة ، عمّا قليل لتعرفنّها ـ أي الخلافة ـ في أيدي غيركم وفي دار عدوّكم! » (١)

لقد انقرضت الدولة الأموية على يد ألد أعدائهم وخصومهم العبّاسيّين ، فأشاعوا فيهم القتل والتنكيل ، وأبادوهم تحت كلّ حجر ومدر ، ولم يشفع فيهم أحد سوى سليل النبوة الإمام الصادق عليه‌السلام ، فقد كتب إلى السفاح يطلب منه أن لا يتعرّض بسوء لمن بقي منهم ، فبهر السفّاح ، وقال : قتلوا آباءهم وسبوا نساءهم ، ويتشفّع فيهم ، ولم يعلم السفاح أنّ الإمام الصادق عليه‌السلام من أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرحمة ، وأنّهم يفيضون بالإحسان لمن أساء إليهم.

__________________

(١) منهاج البراعة ٧ : ٢١٦.

١١٦

حكومة بني العباس

أخبر الإمام عليه‌السلام مستشاره عبد الله بن العباس بانتقال الحكم إلى أبنائه :

١ ـ وذلك حينما ولد له ولد أسماه عليّا ، فحمله إلى الإمام للتبرّك به فأخذه الإمام وتفل في فيه ، وحنّكه بتمرة ودفعه إليه ، وقال له :

« خذه إليك أبا الأملاك ... » (١) .

٢ ـ وكذلك أخبره في حديث آخر بقوله عليه‌السلام : « يا ابن عبّاس ، إنّ ملك بني اميّة إذا زال فأوّل ما يملك من بني هاشم ولدك فيفعلون الأفاعيل » (٢) .

وتحقّق ما تنبأ به الإمام ، فقد آل الحكم إلى بني العباس الذين هم من ذرية عبد الله ، بعد أن انقرضت الدولة الأموية التي عاثت فسادا في الأرض.

__________________

(١) الكامل ـ المبرد ٢ : ٢١٧.

(٢) الفضائل ـ ابن شاذان : ١٤١.

١١٧

شخص يريد الاحتيال على الإمام

قال عليه‌السلام : « لو وجدت ثقة لبعثت معه بمال إلى شيعتي في المدائن » ، فقال رجل في نفسه لآتينه ولأقولنّ أنا ذاهب بالمال فيثق بي ، فإذا أخذته أخذت طريقي إلى الشام إلى معاوية ، فقصدت الإمام ، وقلت له : أعطني المال حتى أبعثه إلى شيعتك ، فنهره الإمام وقال له :

« إليك عنّي ، تأخذ طريقا إلى معاوية ... » (١) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٤١ : ٢٩٧.

١١٨

إخباره بمجيء ألف لمبايعته

كان الإمام عليه‌السلام بذي قار يأخذ البيعة ، فقال عليه‌السلام لأصحابه :

« يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلا ولا ينقصون رجلا ، يبايعوني على الموت ».

قال ابن عبّاس : فجزعت لذلك ، وخفت أن ينقص القوم من العدد أو يزيدون عليه ، فأخذت احصي القوم فاستوفيت عددهم تسعمائة رجل ، وتسعة وتسعين رجلا ثمّ انقطع مجيء القوم ، فداخلني الشكّ والريب فبينما أنا افكّر إذ رأيت شخصا قد أقبل ، وهو راجل عليه قباء صوف ومعه سيف وترس وأداوة ، فقال للإمام عليه‌السلام :

امدد يدك ابايعك ..

« علام تبايعني؟ ».

على السمع والطاعة والقتال بين يديك أو يفتح الله على يدك ..

« ما اسمك؟ ».

أويس القرني.

« الله أكبر ، أخبرني حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّي ادرك رجلا من أمّتي يقال له اويس القرنيّ يكون من حزب الله يموت على الشّهادة ، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر » (١) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٤١ : ٣٠٠.

١١٩

الصليب في عنق معاوية

قال عليه‌السلام : « لا يموت ابن هند حتّى يعلّق الصّليب في عنقه » (١) .

وقد تحقّق ذلك ، فقد ذكر الرواة أنّ معاوية لمّا ألمّت به الأمراض كان له طبيب نصراني ، فقال له :

إنّ آلاماً قد أخذتني فهل لي من سبيل للتخلّص منها؟

فقال له : نعم ، عندنا صليب ما علّقه مريض في عنقه إلاّ برئ ، فجاء بالصليب إليه فعلّقه في عنقه ، وتوفّي معاوية والصليب في عنقه (٢) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٤١ : ٣٠٥.

(٢) المناقب والمثالب ـ أبي حنيفة ( مخطوط ).

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143