موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٧

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام0%

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 143

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

مؤلف: باقر شريف القرشي
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف:

الصفحات: 143
المشاهدات: 57253
تحميل: 4514


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 143 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57253 / تحميل: 4514
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء 7

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

عفّان ، ولكنّه سرعان ما نكث بيعته ، فقد انضمّ إلى حزب عائشة التي أعلنت التمرّد على حكومة الإمام.

إنّ مروان لم يتمتّع بأيّة نزعة كريمة ، فقد انغمس في الباطل والموبقات ، وقد لعنه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في صلب أبيه ، فقد

روت عائشة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعن أبا مروان ومروان فى صلبه (1) وجيء به بعد ولادته إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :

« هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون » (2) .

واجتاز الحكم على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :

« ويل لامّتي ممّا في صلب هذا » (3) .

لقد استشفّ النبيّ من وراء الغيب ما تعانيه الامّة الإسلامية من الأحداث الجسام من مروان وأبنائه فلعنهم وتبرّأ منهم.

2 ـ أنّ الإمام عليه‌السلام أخبر عن قصر المدّة التي يحكم فيها مروان ، وشبّهها بلعقة الكلب أنفه ، وهو كناية عن قذارة حكمه ، وسوء سلطانه وكان سبب هلاكه أنّه عيّر خالد بن يزيد بن معاوية بامّه التي هي زوجته ، ففزع إلى امّه يبكي ، فتألّمت ، وسارعت مع جواريها إلى اغتياله ، وبذلك انتهت صفحة من صفحات الخزي والعار ، وانطوى ملف من ملفات الخيانة والإثم.

3 ـ أنّ الإمام عليه‌السلام أخبر عمّا تعانيه الامّة في عهده وعهد أبنائه من الكوارث والخطوب ، وقد جرى ذلك ، فقد تجرّع العالم الإسلامي ألوانا قاسية ومريرة من المحن الشاقّة ، والتي كان منها أنّ عبد الملك بن مروان ولّى على الامّة أشرّ خلق الله ، وهو الحجّاج الثقفي الذي جهد على ظلم الناس ، وارغامهم على ما يكرهون.

__________________

(1) تفسير القرطبي 16 : 197. تفسير الرازي 7 : 497. اسد الغابة 2 : 134.

(2) مستدرك الحاكم 4 : 497.

(3) اسد الغابة 2 : 34.

١٠١

إخباره عن ملك معاوية

أخبر الإمام عليه‌السلام من حضر في مجلسه عن استيلاء معاوية على الحكم ، وما تعانيه الامّة في عهده من الظلم والجور قائلا :

« أمّا إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن (1) ، يأكل ما يجد ، ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ، ولن تقتلوه! ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي ؛ فأمّا السّبّ فسبّوني ، فإنّه لي زكاة ، ولكم نجاة ؛ وأمّا البراءة فلا تتبرّءوا منّي ؛ فإنّي ولدت على الفطرة ، وسبقت إلى الإيمان والهجرة » (2) .

وحكت هذه الكلمات الصفات القذرة الماثلة في معاوية من نهمه وجشعه على الطعام ، وصفاته الجسدية التي منها اندحاق البطن وغيرها وأنّه سيفرض على المسلمين سبّ الإمام والبراءة منه ؛ لأنّه رائد العدالة الاجتماعية ، وقد فضحه وفضح غيره من ملوك الظلم والجور وذلك بما سار عليه أيام حكومته من العدل الخالص والحقّ المحض.

__________________

(1) مندحق البطن : أي عظيم البطن.

(2) نهج البلاغة 1 : 105.

١٠٢

إخباره عن استيلاء الأمويّين على الحكم

أخبر الإمام عليه‌السلام عن استيلاء الأمويّين على الحكم ، وما تعانيه الامّة في ظلّ حكمهم من الظلم والجور ، قال عليه‌السلام :

« ألا وإنّ أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني اميّة ، فإنّها فتنة عمياء مظلمة ، عمّت خطّتها ، وخصّت بليّتها ، وأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطأ البلاء من عمي عنها.

وايم الله لتجدنّ بني أميّة لكم أرباب سوء بعدي ، كالنّاب الضّروس (1) ، تعذم بفيها (2) ، وتخبط بيدها ، وتزبن برجلها (3) ، وتمنع درّها ، لا يزالون بكم حتّى لا يتركوا منكم إلاّ نافعا لهم ، أو غير ضائر بهم.

ولا يزال بلاؤهم عنكم حتّى لا يكون انتصار أحدكم منهم إلاّ كانتصار العبد من ربّه ، والصّاحب من مستصحبه ، ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشيّة ، وقطعا جاهليّة ، ليس فيها منار هدى ، ولا علم يرى (4) .

__________________

(1) الناب الضروس : هى الناقة السيّئة.

(2) تعذم بفيها : أي تعضّ بفيها ، أو تأكل بجفاء.

(3) تزبن برجلها : أي تدفع برجلها.

(4) منهاج البراعة 7 : 86. نهج البلاغة 1 : 183.

١٠٣

أعرب الإمام في حديثه عن استيلاء الأمويّين على الحكم ، وعمّا تعانيه الامّة في عهدهم من الظلم والجور ، ولا يسلم من شرّهم إلاّ من كان عميلا لهم ، وخادما لرغباتهم ، أمّا من حاد عنهم فمصيره السجن والإعدام.

١٠٤

ظلم الأمويّين وجورهم

وأحاط الإمام عليه‌السلام أصحابه علما بما تعانيه الامّة من ظلم الأمويّين وجورهم بعد تسلّمهم لقيادة الحكم قائلا :

« والله لا يزالون حتّى لا يدعوا لله محرّما إلاّ استحلّوه ، ولا عقدا إلاّ حلّوه ، وحتّى لا يبقى بيت مدر ولا وبر إلاّ دخله ظلمهم ونبا به سوء رعيهم ، وحتّى يقوم الباكيان يبكيان : باك يبكي لدينه ، وباك يبكي لدنياه ، وحتّى تكون نصرة أحدكم من أحدهم كنصرة العبد من سيّده ، إذا شهد أطاعه ، وإذا غاب اغتابه » (1) .

وعاث الأمويّون في الأرض فسادا ، وملئوا الدنيا ظلما وجورا حتى قال القائل في عهد زياد الأخ اللاّشرعي لمعاوية : أنج سعد فقد هلك سعيد ، ولم يبق ظلم إلاّ صبّوه على المسلمين خصوصا على شيعة أهل البيت عليهم‌السلام .

__________________

(1) نهج البلاغة 1 : 190.

١٠٥

مع جيشه المتخاذلين

وأخبر الإمام عليه‌السلام جيشه المتخاذل ما يجري عليهم من الذلّ والهوان من بعده قائلا :

« أما إنّكم ستلقون بعدي ذلاّ شاملا ، وسيفا قاطعا ، وأثرة يتّخذها الظّالمون فيكم سنّة ، فيفرّق جماعتكم ، ويبكي عيونكم ، ويدخل الفقر بيوتكم ، وتتمنّون عن قليل أنّكم رأيتموني فنصرتموني فستعلمون حقّ ما أقول لكم ، ولا يبعد الله إلاّ من ظلم وأثم » (1) .

وتحقّق ما أنبأ به الإمام عليه‌السلام جيشه الذي أعلن عليه العصيان ، فقد ألبسهم الله ذلاّ شاملا وسلّط عليهم أرجاس البشرية من الأمويّين فجهدوا في ظلمهم وإذلالهم ، وأخذوا البريء منهم بالسقيم ، والمقبل بالمدبر ، وقتلوا منهم على الظنّة والتهمة ، وقد ندم أهل الكوفة بعد أن آل الحكم إلى معاوية كأشدّ ما يكون الندم على خذلانهم للإمام ، وتمنّوا وجوده لينصروه ويحموه.

__________________

(1) نهج البلاغة : 92 ، الخطبة 58.

١٠٦

ظلم الحجّاج وجوره

وأدلى الإمام عليه‌السلام في بعض خطبه ما سيحلّ بأهل الكوفة الذين جرّعوه نغب التهام ، وملئوا قلبه الشريف آلاما بعصيانهم وخذلانهم ، وإنّ الله تعالى سيسلّط عليهم الحجّاج بن يوسف الثقفي فيسقيهم كأس مصبرة ، قال عليه‌السلام :

« أما والله ، ليسلّطنّ عليكم غلام ثقيف الذّيّال (1) الميّال ؛ يأكل خضرتكم ، ويذيب شحمتكم ، إيه أبا وذحة! » (2) .

ولم تمض الأيام حتى سلّط الله على أهل الكوفة الحجّاج بن يوسف الثقفي ، وهو أقذر ارهابي لا يعرف الرحمة ، ولا عهد له بالرأفة ، وقد اقترف من الفضائع والآثام في أهل الكوفة ما لا يوصف لمرارته وقسوته.

وقد أجمع المؤرّخون على ظلمه وجوره ، وأنّه كان لا يلتذ إلاّ بسفك الدماء ، وإشاعة الرعب والفزع بين الناس ، وقد مرّ على الكوفة في عهده دور قاس ورهيب لم تشاهد في مثله إلاّ في عهد الطاغية زياد بن أبيه ، وابنه عبيد الله لقد سجن آلاف الأبرياء من النساء والرجال من غير ذنب اقترفوه ، وإنّما كان يقتل ويسجن على الظنّة والتهمة من غير تحقيق.

__________________

(1) الذيال : الطويل القدّ المتبختر في مشيته.

(2) نهج البلاغة 1 : 230.

١٠٧

أمّا سبب هلاكه فتعزوه المصادر إلى أنّه رأى خنفساء تدبّ إلى مصلاّه فطردها فعادت ، فطردها فعادت ، فأخذها بيده فلسعته ، فورمت يده ، وأخذته الحمى من اللسعة ، حتى هلك بأضعف مخلوقات الله ، وهذا هو المراد من قوله عليه‌السلام :

« إيه أبا وذحة! ».

لقد عانى أهل الكوفة هذا البلاء العاصف من جرّاء تخاذلهم عن الإمام وعصيانهم له.

١٠٨

المقتولون من أصحابه

والناجون من الخوارج

ولمّا صمّم الإمام عليه‌السلام على حرب الخوارج أخبر عن عدد المقتولين من أصحابه ، والناجين من الخوارج قال عليه‌السلام :

« مصارعهم دون النّطفة (1) ، والله لا يفلت منهم عشرة ، ولا يهلك منكم عشرة » (2) .

وتحقّق ما أخبر به الإمام ، فقد استشهد من أصحابه عشرة أشخاص ، وبقي من الخوارج عشرة أشخاص ، وهم الذين أشاعوا فكرة الخوارج بين المسلمين.

__________________

(1) قال الرضي : يعني بالنطفة ماء النهر ، وهي أفصح كناية.

(2) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد 5 : 1.

١٠٩

مقتل زرعة

ذكر ابن أبي الحديد : أنّ عليّا عليه‌السلام لمّا دخل الكوفة دخلها معه كثير من الخوارج ، وتخلّف منهم بالنخيلة وغيرها خلق كثير لم يدخلوها ، فدخل حرقوص بن زهير السعدي ، وزرعة بن البرج الطائي ـ وهما من رءوس الخوارج ـ على عليّ عليه‌السلام فقال له حرقوص : تب من خطيئتك ، واخرج بنا إلى معاوية نجاهده ، فقال له عليّ عليه‌السلام :

« إن كنت نهيتكم عن الحكومة فأبيتم ، ثمّ الآن تجعلونها ذنبا! أما إنّها ليست بمعصية ، ولكنّها عجز من الرّأي ، وضعف في التّدبير ، وقد نهيتكم عنه ».

فقال زرعة : أما والله لئن لم تتب من تحكيمك الرجال لأقتلنّك ...

فقال له عليّ عليه‌السلام :

« بؤسا لك ما أشقاك! كأنّي بك قتيلا تسفي عليك الرّياح! » (1) .

__________________

(1) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد 2 : 268.

١١٠

عدم نهاية الخوارج

ولمّا أباد الإمام عليه‌السلام معظم الخوارج ، قيل له : يا أمير المؤمنين ، هلك القوم بأجمعهم ، فقال عليه‌السلام :

« كلاّ والله ؛ إنّهم نطف في أصلاب الرّجال ، وقرارات النّساء ، كلّما نجم منهم قرن قطع ، حتّى يكون آخرهم لصوصا سلاّبين ».

وتحقّق ما أخبر به الإمام عليه‌السلام فلم يهلكوا جميعا ، وإنّما بقيت منهم عصابة اتّسعت وقاومت الولاة والحكّام.

١١١

خلافة عبد الملك

وأدلى الإمام عليه‌السلام ، وهو على المنبر بإمرة عبد الملك بن مروان ، وما يرافقها من سفك الدماء قائلا :

« كأنّي به قد نعق بالشّام ، وفحص براياته في ضواحي كوفان ، فعطف عليها عطف الضّروس ، وفرش الأرض بالرّؤوس. قد فغرت فاغرته ، وثقلت في الأرض وطأته ، بعيد الجولة ، عظيم الصّولة » (1) .

وحكى كلام الإمام عليه‌السلام ظهور عبد الملك بن مروان بالشام ، وملكه للعراق ، وما يقتل من المسلمين من جراء ذلك ، فقد ملئت الأرض بجثث القتلى في حربه لابن الزبير ، فقد انتشر الحزن ، وعمّ الحداد جميع أرجاء الوطن الإسلامي من كثرة القتلى.

__________________

(1) بحار الأنوار 41 : 356.

١١٢

ثورة ابن الزبير

من المغيّبات التي أخبر عنها إمام المتّقين ، وسيّد الموحّدين عليه‌السلام ثورة ابن الزبير ، وسعيه لطلب الملك بجميع طاقاته إلاّ أنّه لم يظفر به ، وقد وصفه عليه‌السلام وحكى نفسيّته بما يلي :

« خبّ ، ضبّ يروم أمرا لا يدركه ، ينصب حبالة الدّين لاصطياد الدّنيا ، وهو بعد مصلوب قريش ».

وألمّ حديث الإمام عليه‌السلام بأوصاف ابن الزبير ، وبنهايته وهي كما يلي :

1 ـ إنّ الإمام عليه‌السلام بأوصاف ابن الزبير بالخب ، وهو المخادع الخبيث (1) . كما وصفه بالضب ، وهو البخيل ، والعرب تشبّه كفّ البخيل إذا قصر عن العطاء بكفّ الضب (2) .

لقد كان ابن الزبير خدّاعا ، بخيلا ، سيئ الخلق ، حسودا ، لا يتمتّع بأيّة صفة كريمة ، وقد عانت الموالي في عهده الضيق والحرمان يقول الشاعر :

إنّ الموالي أمست وهي عاتبة

على الخليفة تشكوا الجوع والضما

ما ذا علينا وما ذا كان يرزؤنا

أي الملوك على من حولنا غلبا

2 ـ إنّ ابن الزبير رام الخلافة وسعى إليها جاهدا باذلا جميع طاقاته إلاّ أنّه لم

__________________

(1) و (2) لسان العرب 1 : 539.

١١٣

يظفر بها ـ كما قال الإمام ـ وذلك لبخله ، وفيه يقول الشاعر :

رأيت أبا بكر وربّكر غالب

على أمره يبغي الخلافة بالتمر (1)

وقد عانى المسلمون في حكمه القصير الأمد الجوع والحرمان ؛ لأنّه لم تكن عنده أيّة نفحة من نفحات الكرم والجود.

3 ـ من أوصاف ابن الزبير أنّه كان مرائيا لا يعرف الواقع ، فقد أظهر النسك والعبادة والتجرّد عن الدنيا ، مع أنّه كان ذئبا ، فقد اعتمد على الرياء لإغراء السذّج والبسطاء ، ولم يخف أمره على العارفين به ، فقد قال عبد الله بن عمر لزوجته حينما ألحّت عليه بمبايعته لأنّه تقي متعبّد ، فردّ عليها قائلا :

أما رأيت بغلات معاوية التي كان يحجّ عليها الشهباء فإنّ ابن الزبير ما يريد غيرها (2) .

ومن المؤكّد أنّه عار من جميع أرصدة التقوى والخوف من الله تعالى ، ولو كان يرجو الله واليوم الآخر لما حارب وصي رسول الله وباب مدينة علمه ، وكان من أعظم الحاقدين على الاسرة النبوية ، فقد كان يخطب ، ولا يصلّي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في خطابه ، وقيل له في ذلك فقال : إنّ له أهل بيت إن ذكرته اشرأبت أعناقهم ....

وبلغ من عدائه للاسرة النبوية أنّه حبسهم وهدّدهم بالحرق إن لم يبايعوه ، فأنقذهم بطل الإسلام المختار بن عبيدة من شرّه وبلائه ، وقد طلب الجيش من العلويّين أن ينزل العقاب الصارم من ابن الزبير عدوّهم الماكر فأبوا وتمسّكوا بأخلاقهم العلوية ، وهي مكافاة المسيء بالإحسان.

__________________

(1) المعارف ـ ابن قتيبة 3 : 25.

(2) المختار : 95.

١١٤

المختار رحمه‌الله

لمّا ظهر المختار بن أبي عبيدة بالكوفة فبايعه الناس وطالب بدم الحسين عليه‌السلام فجاء عبيد الله بن زياد من الشام بجيش جرّار فبعث إليهم ابن الأشتر فجال جيش ابن الأشتر منادين يا لثارات الحسين فناداهم الصبر الصبر ، فتراجعوا ، فقال لهم عبد الله بن يسار بن أبي عقيب الدؤلي : حدّثني خليلي ـ يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ إنّا نلقى أهل الشام على نهر يقال له الخازر ، فيكشفونا حتى نقول هي هي ثمّ نكرّ عليهم فنقتل أميرهم.

وفعلا فقد تحقّق ما أخبر به أمير المؤمنين عليه‌السلام فقد قتل في ليل ذلك اليوم الوغد الخبيث ابن مرجانة وتبدّد جيشه كما يتبدّد الظلام في النور.

وسئل الإمام زين العابدين : يا ابن رسول الله ، إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام ذكر من أمر المختار ولم يقل متى يكون؟ ولمن يقتل؟ فقال عليه‌السلام : « صدق أمير المؤمنين عليه‌السلام ».

« أولا اخبركم متى يكون؟ ». قالوا : بلى.

قال عليه‌السلام : « يوم كذا إلى ثلاث سنين من قولى هذا لكم ، وسيؤتى برأسي عبيد الله ابن زياد وشمر بن ذي الجوشن عليهما اللّعنة في يوم كذا وكذا ، وسنأكل وهما بين أيدينا ـ أي رأسيهما ـ ننظر إليهما » (1) .

__________________

(1) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليه‌السلام : 552.

١١٥

انقراض دولة بني اميّة

أدلى الإمام عليه‌السلام بحديث له عن حتمية انقراض دولة الأمويّين ، قال عليه‌السلام : « فأقسم بالله ، يا بنى أميّة ، عمّا قليل لتعرفنّها ـ أي الخلافة ـ في أيدي غيركم وفي دار عدوّكم! » (1)

لقد انقرضت الدولة الأموية على يد ألد أعدائهم وخصومهم العبّاسيّين ، فأشاعوا فيهم القتل والتنكيل ، وأبادوهم تحت كلّ حجر ومدر ، ولم يشفع فيهم أحد سوى سليل النبوة الإمام الصادق عليه‌السلام ، فقد كتب إلى السفاح يطلب منه أن لا يتعرّض بسوء لمن بقي منهم ، فبهر السفّاح ، وقال : قتلوا آباءهم وسبوا نساءهم ، ويتشفّع فيهم ، ولم يعلم السفاح أنّ الإمام الصادق عليه‌السلام من أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرحمة ، وأنّهم يفيضون بالإحسان لمن أساء إليهم.

__________________

(1) منهاج البراعة 7 : 216.

١١٦

حكومة بني العباس

أخبر الإمام عليه‌السلام مستشاره عبد الله بن العباس بانتقال الحكم إلى أبنائه :

1 ـ وذلك حينما ولد له ولد أسماه عليّا ، فحمله إلى الإمام للتبرّك به فأخذه الإمام وتفل في فيه ، وحنّكه بتمرة ودفعه إليه ، وقال له :

« خذه إليك أبا الأملاك ... » (1) .

2 ـ وكذلك أخبره في حديث آخر بقوله عليه‌السلام : « يا ابن عبّاس ، إنّ ملك بني اميّة إذا زال فأوّل ما يملك من بني هاشم ولدك فيفعلون الأفاعيل » (2) .

وتحقّق ما تنبأ به الإمام ، فقد آل الحكم إلى بني العباس الذين هم من ذرية عبد الله ، بعد أن انقرضت الدولة الأموية التي عاثت فسادا في الأرض.

__________________

(1) الكامل ـ المبرد 2 : 217.

(2) الفضائل ـ ابن شاذان : 141.

١١٧

شخص يريد الاحتيال على الإمام

قال عليه‌السلام : « لو وجدت ثقة لبعثت معه بمال إلى شيعتي في المدائن » ، فقال رجل في نفسه لآتينه ولأقولنّ أنا ذاهب بالمال فيثق بي ، فإذا أخذته أخذت طريقي إلى الشام إلى معاوية ، فقصدت الإمام ، وقلت له : أعطني المال حتى أبعثه إلى شيعتك ، فنهره الإمام وقال له :

« إليك عنّي ، تأخذ طريقا إلى معاوية ... » (1) .

__________________

(1) بحار الأنوار 41 : 297.

١١٨

إخباره بمجيء ألف لمبايعته

كان الإمام عليه‌السلام بذي قار يأخذ البيعة ، فقال عليه‌السلام لأصحابه :

« يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلا ولا ينقصون رجلا ، يبايعوني على الموت ».

قال ابن عبّاس : فجزعت لذلك ، وخفت أن ينقص القوم من العدد أو يزيدون عليه ، فأخذت احصي القوم فاستوفيت عددهم تسعمائة رجل ، وتسعة وتسعين رجلا ثمّ انقطع مجيء القوم ، فداخلني الشكّ والريب فبينما أنا افكّر إذ رأيت شخصا قد أقبل ، وهو راجل عليه قباء صوف ومعه سيف وترس وأداوة ، فقال للإمام عليه‌السلام :

امدد يدك ابايعك ..

« علام تبايعني؟ ».

على السمع والطاعة والقتال بين يديك أو يفتح الله على يدك ..

« ما اسمك؟ ».

أويس القرني.

« الله أكبر ، أخبرني حبيبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّي ادرك رجلا من أمّتي يقال له اويس القرنيّ يكون من حزب الله يموت على الشّهادة ، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر » (1) .

__________________

(1) بحار الأنوار 41 : 300.

١١٩

الصليب في عنق معاوية

قال عليه‌السلام : « لا يموت ابن هند حتّى يعلّق الصّليب في عنقه » (1) .

وقد تحقّق ذلك ، فقد ذكر الرواة أنّ معاوية لمّا ألمّت به الأمراض كان له طبيب نصراني ، فقال له :

إنّ آلاماً قد أخذتني فهل لي من سبيل للتخلّص منها؟

فقال له : نعم ، عندنا صليب ما علّقه مريض في عنقه إلاّ برئ ، فجاء بالصليب إليه فعلّقه في عنقه ، وتوفّي معاوية والصليب في عنقه (2) .

__________________

(1) بحار الأنوار 41 : 305.

(2) المناقب والمثالب ـ أبي حنيفة ( مخطوط ).

١٢٠