موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٧

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام25%

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 143

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
  • البداية
  • السابق
  • 143 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 61240 / تحميل: 5313
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

والضابط ما ذكرناه من اعتبار الاسم كالمقيس عليه ، وعلف الاُمّهات لا يسري إلى الأولاد.

ويبعد ما قيل في غنم مكّة ، لأنّها لو كانت متولّدة من جنسين لم يكن لها نسل كالسِّمع المتولّد من الذئب والضبع(١) ، وكالبغال.

وقال الشافعي : لا تجب سواء كانت الاُمّهات من الظباء أو الغنم ، لأنّه متولّد من وحشي أشبه المتولّد من وحشيّين.

ولأنّ الوجوب إنّما يثبت بنصّ أو إجماع أو قياس ، والكلّ منفي هنا ، لاختصاص النصّ والإِجماع بالإِيجاب في بهيمة الأنعام من الأزواج الثمانية وليست هذه داخلة في اسمها ولا حكمها ولا حقيقتها ولا معناها ، فإنّ المتولّد بين شيئين ينفرد باسمه وجنسه وحكمه عنهما كالبغل فلا يتناوله النصّ ، ولا يمكن القياس ، لتباعد ما بينهما واختلاف حكمهما ، فإنه لا يجزئ في هدي ولا اُضحية ولا دية(٢) ، ولا نزاع معنا إذا لم يبق الاسم.

وقال أبو حنيفة ومالك : إن كانت الاُمّهات أهليةً وجبت الزكاة وإلّا فلا ، لأنّ ولد البهيمة يتبع اُمّه في الاسم والملك فيتبعها في الزكاة ، كما لو كانت الفحول معلوفةً(٣) . ونمنع التبعيّة في الاسم.

____________________

(١) اُنظر : الصحاح ٣ : ١٢٣٢.

(٢) المجموع ٥ : ٣٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٥ ، المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣٠ ، المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٥ ، المجموع ٥ : ٣٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٥.

٨١

الفصل الثالث

في زكاة الغنم‌

الزكاة واجبة في الغنم بإجماع علماء الإِسلام.

قالعليه‌السلام : ( كلّ صاحب غنم لا يؤدّي زكاتها بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر تمشي عليه فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها كلّما انقضى آخرها عاد أولها حتى يقضي الله بين الخلق في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة )(١) .

إذا ثبت هذا فإنّ شرائط الزكاة هنا كما هي في الإِبل والبقر بالإِجماع ، نعم تختلف في مقادير النصب ، والضأن والمعز جنس واحد بإجماع العلماء ، والظباء مخالف للغنم إجماعاً.

مسألة ٥٢ : أول نصاب الغنم : أربعون ، فلا زكاة فيما دونها‌ ، فإذا بلغت أربعين ففيها شاة.

الثاني : مائة وإحدى وعشرون فلا شي‌ء في الزائد على الأربعين حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرين ففيه شاتان.

الثالث : مائتان وواحدة ، فلا زكاة في الزائد حتى تبلغ مائتين وواحدة ففيه ثلاث شياه ، والكلّ بالإِجماع.

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٦٨٢ / ٢٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٢٤ / ١٦٥٨ ، سنن البيهقي ٤ : ٨١.

٨٢

وحكي عن معاذ أنّ الفرض لا يتغيّر بعد المائة وإحدى وعشرين حتى تبلغ مائتين واثنتين وأربعين ليكون مثلَي مائة وإحدى وعشرين فيكون فيها ثلاث شياه(١) .

والإِجماع على خلافه ، على أنّ الراوي لها الشعبي وهو لم يلق معاذاً(٢) .

الرابع : ثلاثمائة وواحدة وفيه روايتان : إحداهما : أنّه كالثالث ثلاث شياه ، فلا يتغيّر الفرض بعد مائتين وواحدة حتى تبلغ أربعمائة فتجب في كلّ مائة شاة ، وبه قال المفيد والسيد المرتضى(٣) ، وهو قول أكثر الفقهاء ، والشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين(٤) .

لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتابه للسُّعاة : ( إنّ في الغنم السائمة إذا بلغت أربعين شاةٌ إلى مائة وعشرين ، فإذا زادت ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين ، فإذا زادت ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة ، فإذا زادت ففي كلّ مائةٍ شاة )(٥) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٦٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥.

(٢) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن من أعيان الصحابة ، شهد بدراً وما بعدها ، مات بالشام سنة ١٨.

والشعبي هو : عامر بن شراحيل أبو عمرو ، مات بعد المائة وله نحو من ثمانين.

اُنظر : اُسد الغابة ٤ : ٣٧٨ ، الاستيعاب بهامش الإِصابة ٣ : ٣٥٥ - ٣٦٠ ، وتهذيب التهذيب ٥ : ٥٩ / ١١٠ و ١٠ : ١٧٠ / ٣٤٩.

(٣) المقنعة : ٣٩ ، جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ١٢٣.

(٤) المجموع ٥ : ٤١٧ - ٤١٨ ، فتح العزيز ٥ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٥٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٢ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٨ ، اللباب ١ : ١٤٢ ، المغني ٢ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥.

٨٣

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « ليس فيما دون الأربعين شي‌ء ، فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى المائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة ، فإذا كثرت الغنم ففي كلّ مائة شاة »(١) .

الثانية(٢) : أنّها إذا زادت على ثلاثمائة وواحدة ففيها أربع شياه ، ثم لا يتغيّر الفرض حتى تبلغ خمسمائة ، وهو اختيار الشيخ -(٣) رحمه‌الله - وأحمد في الرواية الاُخرى ، وبه قال النخعي والحسن بن صالح بن حي(٤) .

لقول الباقرعليه‌السلام في الشاة : « في كلّ أربعين شاةً شاةٌ ، وليس فيما دون الأربعين شاةً شي‌ء حتى تبلغ عشرين ومائة ، فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها مثل ذلك شاة واحدة ، فإذا زاد على عشرين ومائة ففيها شاتان ، وليس فيها أكثر من شاتين حتى تبلغ مائتين ، فإذا بلغت المائتين ففيها مثل ذلك ، فإذا زادت على المائتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياه ، ثم ليس فيها أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمائة ، فإذا بلغت ثلاثمائة ففيها مثل ذلك ثلاث شياه ، فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياه حتى تبلغ أربعمائة ، فإن تمّت أربعمائة كان على كلّ مائة شاة شاة »(٥) .

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل ثلاثمائة حدّاً للوقص وغايةً له(٦) ؛

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ / ٦٢.

(٢) أي : الرواية الثانية.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٩ ، الخلاف ٢ : ٢١ ، المسألة ١٧.

(٤) المغني ٢ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥١٥ - ٥١٦.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٥ / ٥٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٢ / ٦١ ، وفيها عن الإِمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام .

(٦) اُنظر : سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٦.

٨٤

فتجب أن يتعقّبه النصاب كالمائتين.

إذا ثبت هذا ، فلا خلاف في أنّ في أربعمائة أربع شياه ، وفي خمسمائة خمس ، وهكذا بالغاً ما بلغت.

* * *

٨٥

الفصل الرابع

في الأشناق‌

الشّنق بفتح النون : ما بين الفرضين(١) ، والوقص قال الفقهاء : بسكون القاف(٢) .

وقال بعض أهل اللغة : بفتحه(٣) ، لأنّه يجمع على ( أوقاص ) و ( أفعال ) جمع ( فَعَلْ ) لا جمع ( فَعْلْ ) فإنّ ( فَعْلاً ) يجمع على ( أفْعُل ).

وقد جاء - كما قال الفقهاء - هول وأهوال ، وحوْل وأحوال ، وكبْر وأكبار ، وبالجملة فهو ما بين النصابين(٤) أيضاً.

قال الأصمعي : الشنق يختص بأوقاص الإِبل ، والوقص بالبقر والغنم(٥) .

وبعض الفقهاء يخصّ الوقص بالبقر أيضاً ، ويجعل ناقص الغنم والنقدين والغلّات عفواً ، وكلّ ذلك لفظي.

وقيل : الوقص ما بين الفرضين كما بين الثلاثين إلى الأربعين في البقر ،

____________________

(١) الصحاح ٤ : ١٥٠٣.

(٢) المجموع ٥ : ٣٩٢ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٤ : ١٩٣.

(٣ و ٤ ) الصحاح ٣ : ١٠٦١.

(٥) المجموع ٥ : ٣٩٢ ، وتهذيب الأسماء واللغات ٤ : ١٩٣.

٨٦

والشنق ما دون الفريضة كالأربع من الإِبل(١) .

مسألة ٥٣ : ما نقص عن النصاب الأول لا شي‌ء فيه‌ إجماعاً ، وكذا ما بين النصابين عند علمائنا ، وإنّما تتعلّق الزكاة بالنصاب خاصّة - وبه قال الشافعي في كتبه القديمة والجديدة ، وأبو حنيفة ، والمزني(٢) - لأنّه عدد ناقص عن نصاب إذا بلغه وجبت فيه الزكاة ، فلا تتعلّق به كالأربع.

ولقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس فيما بين الثلاثين إلى الأربعين شي‌ء حتى يبلغ أربعين - إلى أن قالاعليهما‌السلام - وليس على النيّف شي‌ء ، ولا على الكسور شي‌ء »(٣) .

وقال الشافعي في الإِملاء : تتعلّق الزكاة بالنصاب وبما زاد عليه من الوقص ، وبه قال محمد بن الحسن.

لقولهعليه‌السلام : ( فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض )(٤) .

ولأنّه حقّ يتعلّق بنصاب فوجب أن يتعلّق به وبما زاد عليه إذا وجد معه ولم ينفرد بحكم كالقطع في السرقة(٥) .

والنصّ أقوى من المفهوم والقياس.

فعلى قولنا ، لو ملك خمسين من الغنم وتلفت العشرة الزائدة قبل‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٥٤.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، المجموع ٥ : ٣٩١ و ٣٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧ - ٣٨ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩٩ ، اللباب ١ : ١٤١.

(٣) الكافي ٣ : ٥٣٤ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٤ / ٥٧.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٦ / ١٥٦٧ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ - ٦٢١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٤ / ١٧٩٩ ، سنن النسائي ٥ : ١٩ و ٢٨ ، مسند أحمد ١ : ١١ و ٢ : ١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

(٥) فتح العزيز ٥ : ٥٤٨ و ٥٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٨.

٨٧

التمكّن من الأداء بعد الحول لم يسقط هنا شي‌ء ، لأنّ التالف لم تتعلّق الزكاة به ، ولو تلف عشرون سقط ربع الشاة ، لأنّ الاعتبار بتلف جزء من النصاب ، وإنّما تلف من النصاب ربعه.

فروع :

أ - لو تلف بعض النصاب قبل الحول فلا زكاة ، وبعده وبعد إمكان الأداء يجب جميع الفرض ، لأنّه تلف بعد تفريطه في التأخير فضمن ، وإن تلف بعد الحول وقبل إمكان الأداء سقط عندنا من الزكاة بقدر التالف.

وللشافعي قولان بناءً على أنّ إمكان الأداء شرط في الوجوب أو الضمان ، فعلى الأول لا شي‌ء ، لنقصه قبل الوجوب(١) .

ب - لو كان معه تسع من الإِبل فتلف أربع قبل الحول أو بعده وبعد الإِمكان وجبت الشاة(٢) ، وبه قال الشافعي(٣) .

وإن كان بعد الحول وقبل الإِمكان فكذلك عندنا.

وعند الشافعي كذلك على تقدير أن يكون الإِمكان شرطاً في الوجوب ، لأنّ التالف قبل الوجوب إذا لم ينقص به النصاب لا حكم له ، وعلى تقدير أن يكون من شرائط الضمان فكذلك إن لم تتعلّق بمجموع النصاب والوقص ، وإن تعلّقت بهما سقط قدر الحصّة أربعة أتساع الشاة(٤) .

وقال بعضهم - على هذا التقدير - : لا يسقط شي‌ء ، لأنّ الزيادة لمـّا لم تكن شرطاً في وجوب الشاة لم يسقط شي‌ء بتلفها وإن تعلّقت بها ، كما لو شهد ثمانية بالزنا ورجع أربعة بعد قتله لم يجب عليهم شي‌ء ، ولو رجع خمسة وجب‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٥ ، الوجيز ١ : ٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٧ - ٥٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢.

(٢) في نسخة « ط » : الزكاة.

(٣ و ٤ ) المجموع ٥ : ٣٧٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

٨٨

عليهم الضمان ، لنقص ما بقي من العدد المشترط(١) .

ج - لو ذهب خمس من التسع قبل الحول فلا زكاة ، وإن كان بعده وقبل إمكان الأداء سقط خمس الشاة ، وبه قال الشافعي على تقدير أنّ الإِمكان من شرائط الضمان وتعلّق الزكاة بالنصاب.

وعلى تقدير كونه شرطاً في الوجوب فكقبل الحول لنقص النصاب قبل الوجوب.

وعلى تقدير كونه شرطاً في الضمان وتعلّق الزكاة بالمجموع تسقط خمسة أتساع الشاة(٢) .

د - لو كان معه خمس وعشرون وأوجبنا بنت المخاض فيه فتلف منها خمسة قبل إمكان الأداء وجب أربعة أخماس بنت مخاض - وبه قال الشافعي على تقدير كونه شرطاً في الضمان(٣) ، وأبو يوسف ومحمد(٤) - لأنّ الواجب بحؤول الحول بنت مخاض ، فإذا تلف البعض لم يتغيّر الفرض ، بل كان التالف منه ومن المساكين.

وقال أبو حنيفة : تجب أربع شياه(٥) . فجعل التالف كأنّه لم يكن.

قال الشيخ : لو كان معه ستّ وعشرون فهلك خمس قبل الإِمكان فقد هلك خُمس المال إلّا خُمس الخُمس فيكون عليه أربعة أخماس بنت مخاض إلّا أربعة أخماس خُمسها ، وعلى المساكين خُمس بنت مخاض إلّا أربعة أخماس خُمسها(٦) .

ه- حكم غير الإِبل حكمها في جميع ذلك ، فلو تلف من نصاب الغنم‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٧٥ و ٣٩٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

(٢) المجموع ٥ : ٣٧٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٩.

(٣) المجموع ٥ : ٣٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٨ - ٣٩.

(٤ و ٥ ) حلية العلماء ٣ : ٣٩.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٤‌

٨٩

شي‌ء سقط من الفريضة بنسبته.

وهل الشاتان في مجموع النصاب الثاني أو في كلّ واحد شاة؟

احتمالان(١) ، فعلى الأول لو تلف شي‌ء بعد الحول بغير تفريط نقص من الواجب في النصب بقدر التالف ، وعلى الثاني يوزّع على ما بقي من النصاب الذي وجب فيه التالف.

مسألة ٥٤ : لا تأثير للخلطة عندنا في الزكاة‌ سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف ، بل يزكّى كلٌّ منهما زكاة الانفراد ، فإن كان نصيب كلّ منهما نصاباً وجب عليه زكاة بانفراده.

وإن كان المال مشتركاً كما لو كانا مشتركين في ثمانين من الغنم بإرث أو شراء أو هبة فإنّه يجب على كلّ واحد منهما شاة بانفراده.

ولو كانا مشتركين في أربعين فلا زكاة هنا ، وبه قال أبو حنيفة والثوري(٢) ، لقولهعليه‌السلام : ( إذا لم تبلغ سائمة الرجل أربعين فلا شي‌ء فيها )(٣) .

وقال : ( ليس على المرء في ما دون خمس ذود من الإِبل صدقة )(٤) ولم يفصّل.

وقالعليه‌السلام : « في أربعين شاةً شاةٌ »(٥) .

____________________

(١) ورد في النُسخ الخطية : احتمال. وما أثبتناه من الطبعة الحجرية هو الصحيح.

(٢) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٨٤ ، المجموع ٥ : ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٣.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، مسند أحمد ١ : ١٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥ ، و ١٠٠ بتفاوت يسير.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٧٥ / ٩٨٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٤ و ١٠٧ و ١٢٠.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٧ / ١٨٠٥ و ٥٧٨ / ١٨٠٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٨ / ١٥٦٨ ، سنن الترمذي ٣ : ١٧ / ٦٢١ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١٦.

٩٠

فإذا ملكا ثمانين وجب شاتان.

ولأنّ ملك كلّ واحد منهما ناقص عن النصاب فلا تجب عليه الزكاة ، كما لو كان منفرداً.

وقال الشافعي : الخلطة في السائمة تجعل مال الرجلين كمال الرجل الواحد في الزكاة سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف بأن يكون ملك كلّ منهما متميّزاً عن الآخر ، وإنّما اجتمعت ماشيتهما في المرعى والمسرح - على ما يأتي(١) - سواء تساويا في الشركة أو اختلفا بأن يكون لرجل شاة ولآخر تسعة وثلاثون ، أو يكون لأربعين رجلاً أربعون شاةً لكلّ منهم شاة ، وبه قال عطاء والأوزاعي والليث وأحمد وإسحاق(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا يجمع بين متفرّق ولا يفرّق بين مجتمع )(٣) أراد إذا كان لجماعة لا يجمع بين متفرّق فإنّه إذا كان للواحد يجمع للزكاة وإن تفرّقت أماكنه ، وقوله : ( ولا يفرّق بين مجتمع ) يقتضي إذا كان لجماعة لا يفرّق ، ونحن نحمله على أنّه لا يجمع بين متفرّق في الملك ليؤخذ منه الزكاة زكاة رجل واحد فلا يفرّق بين مجتمع في الملك فإنّ الزكاة تجب على الواحد وإن تفرّقت أمواله.

وقال مالك : تصحّ الخلطة إذا كان مال كلّ واحد منهما نصاباً(٤) .

____________________

(١) يأتي في المسألة اللاحقة (٥٥).

(٢) المجموع ٥ : ٤٣٢ - ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٩ - ٣٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٦٠ - ٦١ ، الاُم ٢ : ١٤ ، مختصر المزني : ٤٣ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٤ ، سنن النسائي ٥ : ٢٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٦ / ١٨٠١ و ٥٧٧ / ١٨٠٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨٣ ، مسند أحمد ١ : ١٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠٥.

(٤) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٣١ و ٣٣٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٠٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢ ، المجموع ٥ : ٤٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩١ ، المغني ٢ : ٤٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٧.

٩١

وحكى بعض الشافعيّة عن الشافعي وجها آخر : أنّ العبرة إنّما هي بخلطة الأعيان دون خلطة الأوصاف(١) .

مسألة ٥٥ : قد بيّنا أنّه لا اعتبار بالخلطة بنوعيها‌ - خلافاً للشافعي ومن تقدّم(٢) - فلا شرط عندنا وعند أبي حنيفة ، لعدم الحكم.

أمّا الشافعي فقد شرط فيها أموراً :

الأول : أن يكون مجموع المالين نصاباً.

الثاني : أن يكون الخليطان معاً من أهل فرض الزكاة ، فلو كان أحدهما ذمّيّاً أو مكاتباً لم تؤثّر الخلطة ، وزكّى المسلم والحرّ كما في حالة الانفراد ، وهذان شرطان عامّان ، وفي اشتراط دوام الخلطة السنة؟ ما يأتي.

وتختصّ خلطة الجوار باُمور :

الأول : اتّحاد المسرح ، والمراد به المرعى.

الثاني : اتّحاد المراح ، وهو مأواها ليلاً.

الثالث : اتّحاد المشرع وهو أن يرد غنمهما ماءً واحداً من نهر أو عين أو بئر أو حوض.

وإنّما شرط(٣) اجتماع المالين في هذه الاُمور ليكون سبيلها سبيل مال المالك [ الواحد ](٤) وليس المقصود أن لا يكون لها إلّا مسرح أو مرعى أو مراح واحد بالذات ، بل يجوز تعدّدها لكن ينبغي أن لا تختص ماشية هذا بمسرح ومراح ، وماشية الآخر بمسرح ومراح.

الرابع : اشتراك المالين في الراعي أو الرعاة - على أظهر الوجهين عنده - كالمراح.

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٩٠ - ٣٩١ ، المجموع ٥ : ٤٣٣.

(٢) تقدّم ذكرهم في المسألة السابقة (٥٤).

(٣) في نسختي « ن وف » : شرطوا.

(٤) زيادة يقتضيها السياق.

٩٢

الخامس : اشتراكهما في الفحل ، فلو تميّزت ماشية أحدهما بفحولة ، وماشية الآخر باُخرى فلا خلطة - على أظهر الوجهين - عنده.

السادس : اشتراكهما في موضع الحلب ، فلو حلب هذا ماشيته في أهله ، والآخر في أهله فلا خلطة(١) .

وهل يشترط الاشتراك في الحالب والمحلب؟ أظهر الوجهين عنده عدمه ، كما لا يشترط الاشتراك في الجازّ وآلات الجزّ(٢) .

وإن شرط الاشتراك في المحلب فهل يشترط خلط اللبن؟ وجهان ، أصحهما عنده : المنع ، لأدائه إلى الربا عند القسمة إذ قد يكثر لبن أحدهما(٣) .

وقيل : لا ربا كالمسافرين يستحب خلط أزوادهم وإن اختلف أكلهم(٤) .

وربما يفرّق بأنّ كلّ واحد يدعو غيره إلى طعامه فكان إباحةً ، بخلافه هنا.

وهل يشترط نيّة الخلطة؟ وجهان عندهم : الاشتراط ، لأنّه معنى يتغيّر به حكم الزكاة تخفيفاً كالشاة في الثمانين ، ولو لا الخلطة لوجب شاتان ، وتغليظاً كالشاة في الأربعين ، ولولاها لم يجب شي‌ء فافتقر إلى النيّة ، ولا ينبغي أن يغلظ عليه من غير رضاه ، ولا أن ينقص حقّ الفقراء إذا لم يقصده.

والمنع ، لأنّ تأثير الخلطة لخفّة المؤونة باتّحاد المرافق وذلك لا يختلف‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٣٤ - ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٢ - ٣٩٤ ، الاُم ٢ : ١٣ ، مختصر المزني : ٤٣ ، المغني ٢ : ٤٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٨ - ٥٣٠.

(٢) المجموع ٥ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٧ - ٣٩٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٨ - ٣٩٩.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٥ - ٤٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٩.

٩٣

بالقصد وعدمه(١) .

وهل يشترط وجود الاختلاط في أول السنة واتّفاق أوائل الأحوال؟

قولان(٢) .

وفي تأثير الخلطة في الثمار والزرع ثلاثة أقوال له : القديم : عدم التأثير ، وبه قال مالك وأحمد في رواية.

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والرعي )(٣) وإنّما تتحقّق في المواشي.

والجديد : عدمه(٤) ، وتأثير خلطة الشيوع دون الجوار(٥) ، فعلى الجديد تؤثّر ، لحصول الاتّفاق باتّحاد العامل والناطور(٦) والنهر الذي تسقى منه.

وقال بعض أصحاب مالك : لا يشترط من هذه الشروط شي‌ء سوى الخلطة في المرعى ، وأضاف بعض أصحابه إليه الاشتراك في الراعي أيضاً(٧) ، والكلّ عندنا باطل.

فروع على القول بشركة الخلطاء :

أ - إذا اختلطا خلطة جوار ولم يمكن أخذ مال كلّ منهما من ماله كأربعين لكُلٍّ عشرون ، أخذ الساعي شاةً من أيّهما كان ، فإن لم يجد الواجب إلّا في‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ ، المجموع ٥ : ٤٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣٩٩ - ٤٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٦١.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٠٢ - ٤٠٣.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ١٠٤ / ١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٦ وفيهما : ( الراعي ) بدل ( الرعي ).

(٤) أي عدم عدم التأثير الملازم للثبوت.

(٥) المجموع ٥ : ٤٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٧١ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٣٤٣ ، بلغة السالك ١ : ٢١٠ - ٢١١ ، المغني ٢ : ٤٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٤.

(٦) الناطور : حافظ الزرع والثمر والكرم. لسان العرب ٥ : ٢١٥ « نطر ».

(٧) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٣٧ و ١٣٨ ، المغني ٢ : ٤٧٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٣١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٦٢.

٩٤

مال أحدهما أخذ منه.

وإن أمكن أخذ ما يخصّ كلّ [ واحد ](١) منهما لو انفرد فوجهان : أن يأخذ من كلّ منهما حصّة ماله ليغنيهما عن التراجع ، وأن يأخذ من عرض المال ما يتّفق ، لأنّهما مع الخلطة كمال واحد ، والمأخوذ زكاة جميع المال(٢) .

فعلى هذا لو أخذ من كلّ منهما حصّة ماله بقي التراجع بينهما ، فإذا أخذ من هذا شاةً ، ومن هذا اُخرى رجع كلٌّ منهما على صاحبه بنصف قيمة ما اُخذ منه.

ولو كان بينهما سبعون من البقر أربعون لأحدهما ، وثلاثون للآخر ، فالتبيع والمسنّة واجبان على الشيوع ، على صاحب الأربعين أربعة أسباعهما ، وعلى صاحب الثلاثين ثلاثة أسباعهما.

فإن أخذهما من صاحب الأربعين رجع على صاحب الثلاثين بثلاثة أسباعهما وبالعكس.

ولو أخذ التبيع من صاحب الأربعين والمسنّة من الآخر رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع التبيع على الآخر ، والآخر بقيمة أربعة أسباع المسنّة على الأول.

وإن أخذ المسنّة من صاحب الأربعين والتبيع من الآخر رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع المسنّة على الآخر ، والآخر عليه بقيمة أربعة أسباع التبيع ، هذا كلّه في خلطه الجوار.

أمّا خلطة الأعيان فالأخذ منه يقع على حسب ملكهما ، فلو كان لهما ثلاثمائة من الإِبل فعليهما ستّ حقاق ولا تراجع.

ولو كان لأحدهما ثلاثمائة وللآخر مائتان فله عشر حقاق بالنسبة ، وهذا‌

____________________

(١) زيادة يقتضيها السياق.

(٢) الوجهان للشافعية ، راجع فتح العزيز ٥ : ٤٠٨.

٩٥

يأتي على مذهبنا.

ب - لو ورثا أو ابتاعا شائعاً وأداما الخلطة زكّيا - عندهم - زكاة الخلطة ، وكذا لو ملك كلٌّ منهما دون النصاب ثم خلطا وبلغ النصاب(١) .

ولو انعقد الحول على مال كلّ منهما منفرداً ثم طرأت الخلطة ، فإن اتّفق الحولان بأن ملكا غرّة المحرّم وخلطا غرّة صفر ، ففي الجديد : لا يثبت حكم الخلطة في السنة الاُولى - وبه قال أحمد - لأنّ الأصل الانفراد ، والخلط عارض فيغلب حكم الحول المنعقد على الانفراد ، وتجب على كلّ منهما شاة إذا جاء المحرّم(٢) .

وفي القديم - وبه قال مالك - ثبوت حكم الخلطة نظراً إلى آخر الحول ، فإنّ الاعتبار في قدر الزكاة بآخر الحول ، فيجب على كلّ منهما نصف شاة إذا جاء المحرّم(٣) .

ولو اختلف الحولان ، فملك أحدهما غرّة المحرّم والآخر غرّة صفر وخلطا غرّة ربيع ، فعلى الجديد ، إذا جاء المحرّم فعلى الأول شاة ، وإذا جاء صفر فعلى الثاني شاة.

وعلى القديم ، إذا جاء المحرّم فعلى الأول نصف شاة ، وإذا جاء صفر فعلى الثاني نصف شاة.

ثم في سائر الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين ، فعلى الأول عند غرّة كلّ محرّم نصف شاة ، وعلى الثاني عند غرّة كلّ صفر كذلك ، وبه قال مالك وأحمد(٤) .

وقال ابن سريج : إنّ حكم الخلطة لا يثبت في سائر الأحوال ، بل‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٤٤١.

(٢ و ٣ ) المجموع ٥ : ٤٤٠ ، الوجيز ١ : ٨٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٤٣ - ٤٤٦ ، المغني ٢ : ٤٧٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢٩.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٤٤٧ - ٤٤٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٠ - ٤٤١.

٩٦

يزكّيان زكاة الانفراد أبداً(١) .

ولو انعقد الحول على الانفراد في حق أحد الخليطين دون الآخر كما لو ملك أحدهما غرّة المحرّم والآخر غرّة صفر ، وكما ملك خلطا ، فإذا جاء المحرّم فعلى الأول شاة في الجديد ، ونصف شاة في القديم(٢) .

وأمّا الثاني فإذا جاء صفر فعليه نصف شاة - في القديم - وفي الجديد ، وجهان : شاة ، لأنّ الأول لم يرتفق بخلطته فلا يرتفق هو بخلطة الأول ، وأظهرهما : نصف شاة ، لأنّه كان خليطاً في جميع الحول ، وفي سائر الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين إلّا عند ابن سريج(٣) .

ولو طرأت خلطة الشيوع على الانفراد كما لو ملك أربعين شاة ، ثم باع بعد ستّة أشهر نصفها مشاعاً ، فالظاهر أنّ الحول لا ينقطع ، لاستمرار النصاب بصفة الاشتراك ، فإذا مضت ستّة أشهر من وقت البيع فعلى البائع نصف شاة ولا شي‌ء على المشتري إن أخرج البائع واجبة من المشترك ، لنقصان النصاب.

وإن أخرجها من غيره ، وقلنا : الزكاة في الذمة ، فعليه أيضاً نصف شاة عند تمام حوله ، وإن قلنا : تتعلّق بالعين ففي انقطاع حول المشتري قولان : أرجحهما : الانقطاع ، لأنّ إخراج الواجب من غير النصاب يفيد عود الملك بعد الزوال لا أنّه يمنع الزوال(٤) .

ج - إذا اجتمع في ملك الواحد ماشية مختلطة ، واُخرى من جنسها منفردة كما لو خلط عشرين شاة بمثلها لغيره وله أربعون ينفرد [ بها ](٥) ففيما يخرجان الزكاة؟ قولان مبنيّان على أنّ الخلطة خلطة ملك أي يثبت حكم الخلطة في‌

____________________

(١) الوجيز ١ : ٨٣ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٤٩.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ - ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٣.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٨ - ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤١ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٢ ، فتح العزيز ٥ : ٤٥٩ - ٤٦٢.

(٥) زيادة يقتضيها السياق.

٩٧

كلّ ما في ملكه ؛ لأنّ الخلطة تجعل مال الاثنين كمال الواحد ، ومال الواحد يضمّ بعضه إلى بعض وإن تفرّقت أماكنه ، فعلى هذا كان صاحب الستّين خلط جميع ماله بعشرين ، فعليه ثلاثة أرباع شاة ، وعلى الآخر ربعها.

أو أنّها خلطة عين أي يقتصر حكمها على عين المخلوط ، لأنّ خفّة المؤونة إنّما تحصل في القدر المخلوط وهو السبب في تأثير الخلطة ، فعلى صاحب العشرين نصف شاة ، لأنّ جميع ماله خليط عشرين ، وفي أربعين شاة ، فحصّة العشرين نصفها(١) .

وفي صاحب الستّين وجوه : أصحّها عنده : أنه يلزمه شاة ، لأنّه اجتمع في ماله الاختلاط والانفراد فغلّب حكم الانفراد ، كما لو انفرد بالمال في بعض الحول فكأنّه منفرد بجميع الستّين ، وفيها شاة.

والثاني : يلزمه ثلاثة أرباع شاة ، لأنّ جميع ماله ستّون ، وبعضه مختلط حقيقةً ، وملك الواحد لا يتبعّض حكمه فيلزم إثبات حكم الخلطة للباقي ، فكأنّه خلط جميع الستّين بالعشرين ، وواجبها شاة حصّة الستّين ثلاثة أرباعها.

الثالث : يلزمه خمسة أسداس شاة ونصف سدس جمعاً بين اعتبار الخلطة والانفراد ، ففي الأربعين حصّتها من الواجب لو انفرد بالكلّ وهو شاة حصّة الأربعين ثُلثا شاة ، وفي العشرين حصّتها من الواجب لو خلط الكلّ وهي ربع شاة لأنّ الكلّ ثمانون ، وواجبها شاة.

الرابع : أنّ عليه شاة وسدس شاة من ذلك نصف شاة في العشرين المختلطة ، كما أنّه واجب خليطه في ماله ، وثُلثا شاة في الأربعين المنفردة وذلك حصة الأربعين لو انفرد بجميع ماله.

الخامس : أنّ عليه شاة في الأربعين ونصف شاة في العشرين ، كما لو‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٩ ، المجموع ٥ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٦٩ - ٤٧٠.

٩٨

كانا لمالكين(١) .

ولو خلط عشرين بعشرين لغيره ولكلّ منهما أربعون منفردة ، إن قلنا بخلطة الملك فعليهما شاة ، لأنّ الكلّ مائة وعشرون

وإن قلنا بخلطة العين فوجوه : أصحها : أنّ على كلّ منهما شاة.

الثاني : ثلاثة أرباع ، لأنّ كلّاً منهما يملك ستّين بعضها خليط عشرين فيغلب حكم الخلطة في الكلّ ، والكلّ ثمانون ، حصّة ستّين ما قلنا.

الثالث : على كلّ منهما خمسة أسداس شاة ونصف سدس جمعاً بين الاعتبارين ، فيقدّر كلّ واحد منهما كأنّه منفرد بالستّين ، وفيها شاة ، فحصّة الأربعين منها ثُلثا شاة ، ثم يقدّر أنّه خلط جميع الستّين بالعشرين والمبلغ ثمانون ، وفيها شاة ، فحصّة العشرين منها ربع شاة.

وقيل : على كلّ واحد خمسة أسداس شاة بلا زيادة تجب في العشرين بحساب ما لو كان جميع المالين مختلطاً وهو مائة وعشرون وواجبها شاة ، فحصة العشرين سدس شاة وفي الأربعين ثُلثا شاة(٢) .

الرابع : على كلّ منهما شاة وسدس شاة ، نصف شاة في العشرين المختلطة قصراً لِحكم الخلطة على الأربعين ، وثُلثا شاة في الأربعين المنفردة.

الخامس : على كلّ واحد شاة ونصف شاة ، شاة للأربعين المنفردة ، ونصف للعشرين المختلطة(٣) .

د - لو خالط الشخص ببعض ماله واحداً وببعضه آخر ولم يتشارك الآخران بأن يكون له أربعون فخلط منها عشرين بعشرين لرجل لا يملك غيرها ،

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٤ ، الوجيز ١ : ٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧١ - ٤٧٣.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٧٤.

(٣) المجموع ٥ : ٤٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٣ - ٤٧٥.

٩٩

وعشرين بعشرين لآخر كذلك ، فإن قلنا بخلطة الملك فعلى صاحب الأربعين نصف شاة ، لأنّه خليطهما ومبلغ الأموال ثمانون ، وحصّة الأربعين منها النصف ، وكلّ واحد من خليطيه يضمّ ماله إلى جميع مال صاحب الأربعين.

وهل يضمّه إلى مال الآخر؟ وجهان : الضمّ ، لينضمّ الكلّ في حقّهما كما انضمّ في حق صاحب الأربعين ، فعلى كلّ واحد منهما ربع شاة.

والعدم ، لأنّ كلّاً منهما لم يخالط الآخر بماله بخلاف صاحب الأربعين فإنه خالط لكلِّ واحد منهما ، فعلى كلّ واحد ثُلث شاة.

وإن قلنا بخلطة العين فعلى كلّ من الآخَرَين نصف شاة ، لأنّ مبلغ ماله وما خالط ماله أربعون(١) .

وفي صاحب الأربعين وجوه :

أحدها : تلزمه شاة تغليباً للانفراد وإن لم يكن منفرداً حقيقةً لكن ما لم يخالط به أحدهما فهو منفرد عنه فيعطى حكم الانفراد ، ويغلب حتى يصير كالمنفرد بالباقي أيضاً ، وكذا بالإِضافة إلى الخليط الثاني فكأنّه لم يخالط أحداً.

الثاني : يلزمه نصف شاة ، تغليباً للخلطة ، فإنّه لا بدّ من إثبات حكم الخلطة حيث وجدت حقيقةً ، واتّحاد المال يقتضي ضمّ أحد ماليه إلى الآخر ، فكلّ المال ثمانون ، فكأنّه خلط أربعين بأربعين.

الثالث : يلزمه ثُلثا شاة جمعاً بين اعتبار الخلطة والانفراد ، بأن يقال : لو كان جميع ماله مع [ مال ](٢) زيد لكان المبلغ ستّين وواجبها شاة ، حصّة العشرين الثُلث ، وكذا يفرض في حقّ الثاني فيجتمع عليه ثُلثان(٣) .

مسألة ٥٦ : قد بيّنا أنّه إذا ملك أربعين وجب عليه الشاة وإن تعدّدت‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٦ - ٤٧٧.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) المجموع ٥ : ٤٤٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٧ - ٤٧٨.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

البشارة بمولد الإمام زين العابدين عليه‌السلام

عند اقتران الإمام الحسين عليه‌السلام بالسيّدة الجليلة شاه زنان بارك الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام لولده قائلا :

« يا أبا عبد الله ، ليلدنّ لك منها غلام خير أهل الأرض » (١) .

وفعلا فقد تحقّق ما أخبر عنه الإمام عليه‌السلام ، فقد ولدت لولده الحسين عليه‌السلام سيّد الساجدين وتاج البكّائين زين العابدين صاحب رسالة الحقوق ، والتي هي من أذخر الرسائل الحقوقية ، والصحيفة السجّادية وهي إنجيل آل محمّد (٢) .

__________________

(١) الأحاديث الغيبية ٢ : ١٧٦.

(٢) قد ذكرنا مفصّلا عن حياة الإمام عليّ بن الحسين عليهما‌السلام في كتابنا : حياة الإمام زين العابدين عليه‌السلام في مجلّدين.

١٢١

مقتل الإمام الرضا عليه‌السلام

عن النعمان بن سعد قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام :

« سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسّمّ ظلما ، اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم ابن عمران موسى عليه‌السلام ، ألا فمن زاره في غربته غفر الله عزّ وجلّ له ذنوبه ما تقدّم منها وما تأخّر ... » (١) .

لقد تحقّق ما أخبر به عليه‌السلام فقد رزق الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام بالإمام الرضا ، والذي هو أثرى شخصية عرفها التأريخ بعلومه ومعارفه في زمانه ؛ إذ فتك به المأمون العباسي بالسمّ بعد ما غرّبه عن الأوطان فمضى عليه‌السلام شهيدا محتسبا (٢) .

__________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ : ٢٥٨.

(٢) قد ذكرنا عن حياته مفصلا في كتابنا : حياة الإمام عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام ، في مجلّدين.

١٢٢

مدينة بغداد

اجتاز الإمام عليه‌السلام على أرض بغداد ، فقال عليه‌السلام :

« ما تدعى هذه الأرض؟ ».

فقالوا له : بغداد.

قال : « نعم ، تبنى هاهنا مدينة » ، وذكر أوصافها (١) .

وتحقّق ذلك ، فقد بنيت بغداد وازدهرت في العصر العباسي ، فكانت عاصمة الدنيا ، وذكر الرواة أنّ الحسن بن ذكوان الفارسي التقى بالإمام ، وطلب منه أن يدعو الله له.

فقال له الإمام : « إنّك ستعمّر ، وتحمل إلى مدينة يبنيها رجل من بني عمّي العبّاس تسمّى بغداد ، ولا تصل إليها ، وتموت بموضع يقال له المدائن ».

فكان كما قال عليه‌السلام (٢) .

__________________

(١) مناقب آل أبي طالب ١ : ٤٢٢.

(٢) بحار الأنوار ٤١ : ٣٠٧.

١٢٣

عدد ملوك بني العبّاس

وكان ممّا أخبر به الإمام عليه‌السلام أنّه عدد ملوك بني العباس الذين يحكمون العالم الإسلامي ، قال عليه‌السلام :

« ويل هذه الامّة من رجالهم الشّجرة الملعونة الّتي ذكرها ربّكم تعالى ، أوّلهم خضراء وآخرهم هزماء ، ثمّ يلي بعدهم أمر أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله رجال : أوّلهم أرأفهم ، وثانيهم أفتكهم ، وخامسهم كبشهم ، وسابعهم أعلمهم ، وعاشرهم أكفرهم ، يقتله أخصّهم به ، وخامس عشرهم كثير العناء ، قليل الغناء ، وسادس عشرهم أقضاهم للذمم ، وأوصلهم للرّحم ، كأنّي أرى ثامن عشرهم تفحص رجلاه في دمه بعد أن يأخذه جنده بكظمه ، من ولده ثلاث رجال : سيرتهم سيرة الضّلال ، الثّاني والعشرون منهم الشّيخ الهرم ، تطول أعوامه ، وتوافق الرّعيّة أيّامه ، السّادس والعشرون منهم يشرد الملك منه شرود النّقنق (١) ، ويعضده الهزرة المتفيهق ، لكأنّي أراه على جسر الزّوراء قتيلا ، ذلك بما قدّمت يداك ، وإنّ الله ليس بظلاّم للعبيد » (٢) .

__________________

(١) النّقنق : جمعه نقانق ، ذكر النّعامة.

(٢) بحار الأنوار ٤١ : ٣٢٢.

١٢٤

وأوضح المجلسي بنود هذه الخطبة قال :

« إنّ أوّلهم ـ أي أوّل بني العبّاس ـ هو السفاح كان أرأفهم (١) .

وأنّ ثانيهم هو المنصور كان أفتكهم ، أي أجرأهم ، وأشجعهم ، وأكثرهم قتلا للناس خدعة وغدرا.

وأنّ خامسهم وهو الرشيد كان كبشهم ؛ إذ لم يستقرّ ملك أحد منهم كاستقرار ملكه ، وأنّ سابعهم وهو المأمون كان أعلمهم ، واشتهار وفور علمه من بينهم يغني عن البيان.

وأنّ عاشرهم وهو المتوكّل أكفرهم بل أكفر الناس كلّهم أجمعين لشدّة نصبه وإيذائه لأهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم وسائر الخلق ، وأنّ من قتله كان من غلمانه الخاصّة.

وأنّ خامس عشرهم المعتمد على الله أحمد بن المتوكّل ، وهو وإن كان زمان خلافته ثلاث وعشرين سنة لكن كان في أكثر زمانه مشتغلا بحرب صاحب الزنج وغيره ، فلذا وصفه عليه‌السلام بكثرة العناء.

وسادس عشرهم المعتضد بالله رأى في النوم رجلا أتى دجلة فمدّ يده إليها ، فاجتمع مائها فيها ، ثمّ فتح كفّه ففاض الماء ، فسأل المعتضد أتعرفني؟ قال : لا ، قال : أنا عليّ بن أبي طالب إذا جلست على سرير الخلافة فأحسن إلى أولادي ، فلمّا وصلت إليه الخلافة أحبّ العلويّين وأحسن إليهم ، فلذا وصفه عليه‌السلام بقضاء العهد وصلة الرحم.

وثامن عشرهم هو جعفر الملقّب بـ المقتدر بالله ، وخرج مونس الخادم من جملة عسكره ، وأتى الموصل واستولى عليه ، وجمع عسكرا ورجع وحارب

__________________

(١) أي أرأفهم من بين ملوك بني العباس على العلويّين.

١٢٥

المقتدر في بغداد ، وانهزم عسكر المقتدر ، وقتل هو في المعركة ، واستولى على الخلافة من بعده ثلاثة من أولاده ، الراضي بالله محمّد بن المقتدر ، والمتّقي بالله إبراهيم بن المقتدر ، والمطيع لله فضل بن المقتدر.

وأمّا الثاني والعشرون منهم فهو المكتفي بالله عبد الله ، وادّعى الخلافة بعد مضي إحدى وأربعين سنة من عمره ـ سنة ثلاثة وثلاثين وثلاثمائة ـ ، واستولى أحمد ابن بويه في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة على بغداد ، وأخذ المكتفي وسمل عينه وتوفّي في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة.

ويقال : إنّه كانت أيام خلافته سنة وأربعة أشهر.

ويحتمل أن يكون من خطأ المؤرّخين أو رواة الحديث بأن يكون في الأصل الخامس والعشرون أو السادس والعشرون ، فالأوّل هو القادر بالله أحمد بن إسحاق ، وقد عمّر ستا وثمانين سنة ، وكانت مدّة خلافته إحدى وأربعين سنة ، والثاني القائم بأمر الله كان عمره ستّا وسبعين سنة وخلافته أربعا وأربعين سنة وثمانية أشهر.

ويحتمل أن يكون عليه‌السلام إنّما عبّر عن القائم بأمر الله بالثاني والعشرين لعدم اعتداده بخلافة القاهر بالله ، والراضي بالله والمقتدر بالله والمكتفي بالله لعدم استقلالهم وقلّة أيام خلافتهم.

فعلى هذا يكون السادس والعشرون الراشد بالله ، فإنّه هرب في حماية عماد الدين الزنجي ، ثمّ قتله بعض الفدائيّين ، فقد قتل في أصفهان.

ويحتمل أن يكون المراد بالسادس والعشرين المستعصم ، فإنّه قتل كذلك وهو آخرهم ، وإنّما عبّر عنه كذلك مع كونه السابع والثلاثين منهم لكونه السادس والعشرين من عظمائهم ، لعدم استقلال كثير منهم وكونهم مغلوبين للمماليك والأتراك.

ويحتمل أيضا أن يكون المراد السادس والعشرون من العباس وأولاده ، فإنّهم

١٢٦

اختلفوا في أنّه هل هو الرابع والعشرون من أولاد العباس أو الخامس والعشرون منهم ، وعلى الأخير يكون بانضمام العباس السادس والعشرون وعلى الأخيرين يكون مكان يعضده يقصده » (١) .

__________________

(١) بحار الأنوار ٤١ : ٣٢٣ ـ ٣٢٤.

١٢٧

فتنة الزنج

من الأحداث الجسام التي أخبر عن وقوعها الإمام عليه‌السلام هي فتنة صاحب الزنج ، فقد زعم أنّه علي بن محمّد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين عليه‌السلام ، وقد احتفّ به الزنج ، ووعدهم بالتحرير والظفر بأموال الدولة وتسخيرها لمصالحهم ، فانصاعوا له ، والتفّوا حوله ، وقد تحدّث المؤرّخون عن تفصيل الحادثة والفتوحات التي تمّت له ، وإلى ما جرى عليه.

وعلى أي حال فلنستمع إلى ما قاله الإمام عليه‌السلام في وصف جيشه وإلى الدمار الذي حلّ في البلاد من جرائمهم ، قال عليه‌السلام :

« يا أحنف ، كأنّي به ـ أي بصاحب الزنج ـ وقد سار بالجيش الّذي لا يكون له غبار ولا لجب ، ولا قعقعة لجم ، ولا حمحمة خيل يثيرون الأرض بأقدامهم كأنّها أقدام النّعام ».

أشار الإمام عليه‌السلام إلى أوصاف جيش صاحب الزنج ، وأنّهم في منتهى التدريب العسكري ، لا غبار لهم ، ولا قعقعة لجم ، ولا حمحمة خيل ، وهذه الأوصاف أروع ما توصف به الجيوش المنظّمة التي بلغت الذروة في تدريبها.

ثمّ عرض الإمام عليه‌السلام إلى ما تعانيه البلاد من الدمار والخراب من ذلك الجيش قال عليه‌السلام :

« ويل لسكككم العامرة والدّور المزخرفة الّتي لها أجنحة كأجنحة

١٢٨

النّسور ، وخراطيم كخراطيم الفيلة ، من أولئك الّذين لا يندب قتيلهم ، ولا يفقد غائبهم ... » (١)

وقد عانت البلاد الإسلامية أقسى ألوان المحن والخطوب من جيش صاحب الزنج ، فقد تهدّمت الدور وتخرّبت المزارع وتدهور الاقتصاد العامّ ، وكان ذلك في سنة ٢٥٥ ه‍ ، وقد ذكرت مصادر التاريخ تفصيل تلك الأحداث المروعة المؤسفة.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٨ : ١٢٥.

١٢٩

حكومة بني بويه

أخبر الإمام عليه‌السلام عن حكومة بني بويه فقال :

« ويخرج من ديلمان بنو الصّيّاد (١) ، ثمّ يستشري أمرهم حتّى يملكوا الزّوراء ، ويخلعوا الخلفاء ... ».

فقام شخص وقال : كم مدّتهم يا أمير المؤمنين؟

فقال عليه‌السلام : « مائة ـ أي مائة عام ـ أو تزيد قليلا ».

واستطرد الإمام عليه‌السلام في ذكرهم قائلا :

« والمترف ابن الأجذم يقتله ابن عمّه على دجلة ... ».

أشار عليه‌السلام إلى عزّ الدولة بختيار بن معزّ الدولة أبي الحسين ، وكان معزّ الدولة أقطع اليد ، قطعت يده لنكوصه في الحرب ، وكان ابنه مترفا صاحب لهو وشرب ، قتله عضد الدولة فناخسرو ابن عمّه بقصر الجصّ على دجلة ، وسلب ملكه ، فأما خلعهم للخلفاء فإنّ معزّ الدولة خلع المستكفي ، وأقام عوضه المطيع ، وبهاء الدولة أبا نصر بن عضد الدولة ، وخلع الطائع ورتّب مكانه القادر ، وكانت مدّة ملكهم كما أخبر به الإمام عليه‌السلام (٢) .

__________________

(١) قال ابن أبي الحديد : كان أبوهم يصيد السمك ، ويتقوّت به هو وعياله ، فأخرج من ولده ملوكا ثلاثة ، ونشر رايتهم حتى ضربت الأمثال بملكهم.

(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٧ : ٤٩.

١٣٠

دولة المغاربة

من المغيّبات التي أخبر عنها الإمام عليه‌السلام ظهور دولة للعلويّين بالمغرب العربي بقيادة أبي عبد الله المهدي ، وهو أوّل ملوكهم ، قال عليه‌السلام :

« ثمّ يظهر صاحب القيروان الغضّ البضّ ، ذو النّسب المحض ، المنتجب من سلالة ذي البداء ، المسجّى بالرّداء » (١) .

قال ابن أبي الحديد : « كان عبيد الله المهدي أبيض ، مترفا ، مشربا بحمرة ، رخص البدن تار (٢) الأطراف ، وذو البداء هو إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام ، وهو المسجّى بالرداء ؛ لأنّ أباه سجّاه بردائه لمّا مات ، وأدخل عليه وجوه الشيعة يشاهدونه ليعلموا موته ، وتزول عنهم الشبهة في أمره » (٣) .

ومن المؤسف أنّه لم تؤمن بموت إسماعيل كوكبة من الشيعة وهم الإسماعيلية ، فقد اعتقدوا بحياته ، وأنّه ارتفع إلى السماء كما ارتفع السيّد المسيح.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٧ : ٤٩.

(٢) التار : الممتلئ جسمه ريا.

(٣) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٧ : ٤٩.

١٣١

الثورة في طبرستان

من المغيّبات التي أخبر عنها الإمام عليه‌السلام ظهور ثورة طبرستان يقوم بها بعض السادة كالناصر والداعي وغيرهما ، قال عليه‌السلام :

« وإنّ لآل محمّد بالطّالقان لكنز سيظهره الله إذا شاء دعاؤه حتّى يقوم بإذن الله فيدعو إلى دين الله » (١) .

وتحقّق ذلك ، فقد ثار هؤلاء السادة الأعلام في طالقان رافعين شعار الإسلام ، ومتبنّين الدعوة إلى حكم القرآن.

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٧ : ٤٨.

١٣٢

حكومة القرامطة

وأخبرنا الإمام عن القرامطة الفئة الضالّة التي لا عهد لها بالإسلام. قال عليه‌السلام فيهم :

« ينتحلون لنا الحبّ والهوى ، ويضمرون لنا البغض والقلى ، وآية ذلك قتلهم ورّاثنا ، وهجرهم أحداثنا » (١) .

ظهرت القرامطة على مسرح الحياة الإسلامية ، فأشاعت الفساد والقتل والنهب والدمار ، وقد أحلّت ما حرّم الله تعالى ، وحرّمت ما أحلّ الله ، وهي كالشيوعية في تعاليمها ومروقها من الدين ، وقد استباحوا قتل السادة العلويّين ، فقد قتلوا كوكبة من أعلامهم ذكر أسماءهم أبو الفرج الأصفهاني (٢) .

وقد عرفوا بالنصب والعداء لأهل البيت عليهم‌السلام ، فقد اجتاز أبو الطاهر سليمان بن الحسن الجنابي ، وهو من أعلامهم على مدينة النجف الأشرف وعلى مدينة كربلاء المقدّسة ، ولم يعرج على زيارة المرقدين المكرّمين (٣) .

__________________

(١) المصدر السابق ١٠ : ١٤.

(٢) مقاتل الطالبيّين : ٤٥٠.

(٣) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١٠ : ١٤.

١٣٣

التتر

من المغيّبات التي أخبر عنها الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والتي تحقّقت بعد مئات من السنين هي المحنة الكبرى التي امتحن بها المسلمون امتحانا عسيرا ، وهي افول الخلافة الإسلامية ، وانطواء حكم بني العباس الذين أسرفوا في اقتراف ما حرّم الله ، فقد كانت لياليهم الحمراء حافلة بالخمور والمجون ، ولم يكن للإسلام حكم واقعي وإنّما صورة حكم.

وعلى كلّ حال فقد زحف التتر إلى احتلال عاصمة الإسلام بغداد ، وسقطت بذلك الدولة الإسلامية العظمى ، وقد أمعنوا في قتل الأبرياء وإشاعة الخوف والارهاب بين المسلمين ، وعمدوا إلى تدمير المعالم الإسلامية في المدينة ، وكان من أفجعها تدمير المكتبة المستنصرية التي كانت تضمّ مئات آلاف الكتب ، فالقيت في حوض دجلة ، وبذلك فقد خسر العالم الإسلامي أهمّ ثرواته الفكرية والعلمية.

ولنستمع إلى ما قاله الإمام عليه‌السلام في وصف التتر ، وما يلحقونه في بلاد المسلمين من الدمار الشامل قال عليه‌السلام :

« كأنّي أراهم قوما كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة (١) ، يلبسون السّرق (٢)

__________________

(١) المجان : جمع مجن ـ بكسر الميم ـ : الترس ، سمّي مجنا لأنّه مستتر به.

(٢) السرق : شقق الحرير.

١٣٤

والدّيباج ، ويعتقبون (١) الخيل العتاق. ويكون هناك استحرار قتل حتّى يمشي المجروح على المقتول ، ويكون المفلت أقلّ من المأسور! » (٢) .

وانبرى بعض أصحاب الإمام قائلا له : لقد اعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب ...

فتبسّم الإمام عليه‌السلام وقال له :

« يا أخا كلب ، ليس هو بعلم غيب ، وإنّما هو تعلّم من ذي علم ـ يعني أنّه مستقى ومستمدّ من أخيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ. وإنّما علم الغيب علم السّاعة ، وما عدّده الله سبحانه بقوله : ( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) ، فيعلم الله سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى ، وقبيح أو جميل ، وسخيّ أو بخيل ، وشقيّ أو سعيد ، ومن يكون في النّار حطبا ، أو في الجنان للنّبيّين مرافقا. فهذا علم الغيب الّذي لا يعلمه أحد إلاّ الله ، وما سوى ذلك فعلم علّمه الله نبيّه فعلّمنيه ، ودعا لي بأن يعيه صدري ، وتضطمّ (٣) عليه جوانحي » (٤) .

وقد أوضح الإمام عليه‌السلام العلم الذي عنده إنّما هو مستمدّ من أخيه وابن عمّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه ليس بعلم الغيب الذي لم يطّلع عليه أحد سوى الله تعالى خالق الكون وواهب الحياة.

__________________

(١) يعتقبون الخيل : أي يجتنبونها لينتقلوا من غيرها إليها.

(٢) نهج البلاغة ـ محمّد عبده ٢ : ١٤.

(٣) تضطم : أي تجتمع عليها جوانح صدري.

(٤) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٨ : ٢١٥.

١٣٥

وعلى أي حال فقد تحقّق ما أخبر به الإمام عليه‌السلام ، فقد احتلّ الجناة التتر مدينة بغداد ، وسقطت بذلك الدولة الإسلامية ، وقد أمعن الغزاة في قتل الأبرياء وعاثوا فسادا في الأرض.

ومن المؤكّد أنّ السبب في هذه المأساة الخالدة سوء السياسة العباسية ، الذين اقترفوا كلّ ما حرّم الله ، ولم يؤثر عن الكثيرين منهم إلاّ الفسق والفجور ومناجزة المصلحين ، ومعاداة أهل البيت عليهم‌السلام والامعان في قتلهم ومطاردة شيعتهم وأنصارهم ، وبذلك فقد فتحوا الطريق لهولاكو في غزو بغداد والقضاء على الدولة الإسلامية.

١٣٦

الفتن بعد وفاته

وأحاط الإمام عليه‌السلام أصحابه بما يحدث بعد وفاته من الفتن والخطوب ، قال عليه‌السلام :

« وإنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفي من الحقّ ، ولا أظهر من الباطل ، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله ؛ وليس عند أهل ذلك الزّمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته ، ولا أنفق (١) منه إذا حرّف عن مواضعه ؛ ولا في البلاد شيء أنكر من المعروف ، ولا أعرف من المنكر! فقد نبذ الكتاب حملته ، وتناساه حفظته ؛ فالكتاب يومئذ وأهله طريدان منفيّان ، وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يؤويهما مؤو.

فالكتاب وأهله ـ وهم أهل البيت ـ في ذلك الزّمان في النّاس وليسا فيهم ، ومعهم وليسا معهم! لأنّ الضّلالة لا توافق الهدى ، وإن اجتمعا.

فاجتمع القوم على الفرقة ، وافترقوا عن الجماعة ، كأنّهم أئمّة الكتاب وليس الكتاب إمامهم ، فلم يبق عندهم منه إلاّ اسمه ، ولا يعرفون إلاّ خطّه وزبره (٢) . ومن قبل ما مثّلوا بالصّالحين كلّ مثلة ، وسمّوا

__________________

(١) أنفق : أي أروج.

(٢) الزبر : الكتابة.

١٣٧

صدقهم على الله فرية ، وجعلوا في الحسنة عقوبة السّيّئة » (١) .

وتحقّقت هذه الخطوب بعد وفاة الإمام عليه‌السلام ، فقد آل الحكم إلى معاوية ، ومن بعده إلى بني مروان ، ولم يألوا جهدا في محاربة الإسلام ، والبغي والقتل لحماته ، وقد جمد الكتاب ، وساد المنكر ، وراج الباطل ، وأقبل الناس على مآثم الحياة ، واقتراف الرذائل ، وأعرب عليه‌السلام عن ذلك في حديث آخر قال عليه‌السلام :

« وأخذوا ـ أي الناس ـ يمينا وشمالا ظعنا في مسالك الغيّ ، وتركا لمذاهب الرّشد. فلا تستعجلوا ما هو كائن مرصد ، ولا تستبطئوا ما يجيء به الغد. فكم من مستعجل بما إن أدركه ودّ أنّه لم يدركه. وما أقرب اليوم من تباشير غد! » (٢) .

__________________

(١) نهج البلاغة : ٦٣ ، الخطبة ١٤٧.

(٢) نهج البلاغة : ٦٤ ، الخطبة ١٥٠.

١٣٨

أحداث آخر الزمان

وتحدّث باب مدينة علم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عمّا يحدث في آخر الزمان من الفتن والبلاء ، وقد أدلى بذلك في كثير من المناسبات والتي منها :

١ ـ قال عليه‌السلام :

« يأتي على النّاس زمان لا يقرّب فيه إلاّ الماحل ، ولا يظرّف فيه إلاّ الفاجر ، ولا يضعّف فيه إلاّ المنصف ، يعدّون الصّدقة فيه غرما ، وصلة الرّحم منّا ، والعبادة استطالة على النّاس! فعند ذلك يكون السّلطان بمشورة النّساء ، وإمارة الصّبيان ! » (١)

إنّ البشرية تكون في قوس النزول ، وفي منتهى الانحطاط إذا سارت فيها هذه الامور التي تفضّل ببيانها الإمام.

٢ ـ قال عليه‌السلام :

« يأتي على النّاس زمان لا يبقى فيه من القرآن إلاّ رسمه ، ومن الإسلام إلاّ اسمه ، ومساجدهم يومئذ عامرة من البناء ، خراب من الهدى ، سكّانها وعمّارها شرّ أهل الأرض ، منهم تخرج الفتنة ، وإليهم تأوي

__________________

(١) نهج البلاغة ـ قصار الحكم ٤ : ٦٤٧.

١٣٩

الخطيئة ؛ يردّون من شذّ عنها فيها ، ويسوقون من تأخّر عنها إليها. يقول الله تعالى : فبي حلفت لأبعثنّ على أولئك فتنة تترك الحليم فيها حيران ، وقد فعل ، ونحن نستقيل الله عثرة الغفلة » (١) .

إنّ الإسلام العظيم الذي ارتضاه الله دينا لجميع البشرية أينما كانوا لا صلاح ولا سعادة ولا استقرار من دونه ، وقد يأتي زمان على المسلمين فينحرفون عنه ، ولا يبقى منه إلاّ اسمه ، وذلك أسوأ الأزمان وأكثرها قتاما.

٣ ـ قال عليه‌السلام :

« يأتي على النّاس زمان عضوض (٢) ، يعضّ الموسر فيه على ما في يديه ولم يؤمر بذلك ، قال الله سبحانه ( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) . تنهد فيه الأشرار ، وتستذلّ الأخيار ، ويبايع المضطرّون ، وقد نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع المضطرّين » (٣) .

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض الملاحم والمغيّبات التي أدلى بها الإمام عليه‌السلام ، وقد تحقّقت على مسرح الحياة ، وبها نطوي الحديث عن هذا الكتاب الذي هو جزء من موسوعة حياته.

__________________

(١) نهج البلاغة ـ قصار الحكم ٤ : ١٨٣.

(٢) العضوض : الشديد.

(٣) نهج البلاغة ـ قصار الحكم ٤ : ٤٦١.

١٤٠

141

142

143