الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام0%

الإمام علي الهادي عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
الصفحات: 477

الإمام علي الهادي عليه السلام

مؤلف: الشيخ علي الكوراني
تصنيف:

الصفحات: 477
المشاهدات: 144560
تحميل: 5821

توضيحات:

الإمام علي الهادي عليه السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 144560 / تحميل: 5821
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام

مؤلف:
العربية

3. وأعاد المسلمون قبر الحسين (ع) في زمن هارون، ورتبت أمه الخيزران خَدَماً له، وأمرت الوزير الشيعي الحسن بن راشد، أن يجري عليهم راتباً شهرياً!

فقد روى الطبري في تاريخه « 6 / 536 » عن: « القاسم بن يحيى قال: بعث الرشيد إلى ابن أبي داود والذين يخدمون قبر الحسين بن علي في الحير « أي كربلاء » قال فأتيَ بهم فنظر إليه الحسن بن راشد وقال: ما لك؟ قال بعث إليَّ هذا الرجل يعني الرشيد فأحضر ـ ني ولست آمنه على نفسي! قال له: فإذا دخلت عليه فسألك فقل له: الحسن بن راشد وضعني في ذلك الموضع! فلما دخل عليه قال هذا القول، قال: ما أخلق أن يكون هذا من تخليط الحسن، أحضروه! قال فلما حضر قال: ما حملك على أن صيرت هذا الرجل في الحير؟ قال: رحم الله من صيَّره في الحير، أمرتني أم موسى « الخيزران » أن أصيره فيه، وأن أجري عليه في كل شهر ثلاثين درهماً! فقال: ردوه إلى الحير، وأجروا عليه ما أجرته أم موسى »! وابن راشد معاون الوزير ابن يقطين (رحمه الله). « تاريخ اليعقوبي: 2 / 401 ».

نهب الوهابية لقبر الحسين (ع)

1. لم يهدم أحدٌ قبر الحسين (ع) بعد المتوكل، طوال أحد قرناً، حتى هاجم الوهابية كربلاء غدراً، وهدموا القبر الشريف سنة 1216 هجرية!

وعُقدة الوهابيين من قبر الحسين (ع) وزواره نفس عقدة المتوكل! ولا عجب فالمتوكل إمامهم ومؤسس مذهبهم في التجسيم وعداوة أهل البيت (ع)!

أخذه من بني أمية وكعب الأحبار، وجعله حزباً وجماعة، وسماهم أهل الحديث والأثر، وجعل ابن حنبل إمامهم!

١٤١

وقد أغار الوهابيون على كربلاء سنة 1216، في يوم عيد الغدير، وكان أغلب أهل كربلاء في زيارة أمير المؤمنين (ع) في النجف. وكان والي بغداد يومها سليمان باشا الكبير، ووالي كربلاء عمرآغا، وكان غائباً عن كربلاء، وقيل إنه تواطأ مع الوهابية، ولذلك لم تدافع الحامية التركية عن البلد. وكان المهاجمون بقيادة محمد بن سعود، وعددهم نحوألفين، فدخلوا البلد بدون مقاومة تقريباً، وعند دخولهم المدينة تعالت أصواتهم: أقتلوا المشركين! وقتلوا من صادفوه، وهدموا قبر الحسين (ع) وسرقوا تحفه وذهبه، وقلعوا القضب المعدنية والسياج والمرايا، ونهبوا النفائس من هدايا الباشوات والأمراء والملوك، والشمعدانات والسجاد الفاخر والمعلقات الثمينة والأبواب المرصعة، وكل ما وجدوا فيها، وقيل إن من جملة ما أخذه لؤلؤة كبيرة، وعشرين سيفاً محلاة بالذهب مرصعة بالأحجار الكريمة، وأوانٍ ذهبية وفضية، وفيروزاً وألماساً، وغيرها. وقتلواقرابة خمسين شخصاً بالقرب من الضريح الشريف، وخمس مائة في الصحن الشريف، ولم يرحموا شيخاً ولا طفلاً.

وقدر بعضهم عدد القتلى بألف نسمة، وقدرهم آخرون خمسة أضعاف ذلك.

ولم يلبثوا فيها إلا ضحوةً، وخرجوا من كربلاء قرب الظهر، حاملين تلك الأموال، المنهوبة من حرم الحسين (ع) ومن بيوت المسلمين!

2. وبعد هذه الحادثة هاجم الوهابيون النجف مرات ففشلوا في اقتحامها، وهاجموا كربلاء ثانية ففشلوا أيضاً. قال السيد الأمين في كشف الإرتياب / 20: « وفي سنة 1216، جهز سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود الوهابي، جيشاً عظيماً من أعراب نجد، وغزا به العراق وحاصر كربلاء، ثم دخلها عنوة وأعمل في

١٤٢

أهلها السيف، ولم ينج منهم إلا من فر هارباً، أواختفى في مخبأ، أوتحت حطب ونحوه، ولم يعثروا عليه وهدم قبر الحسين (ع) واقتلع الشباك الموضوع على القبر الشريف، ونهب جميع ما في المشهد من الذخائر ولم يرعَ لرسول الله (ص) ولا لذريته حرمةً، وأعاد بأعماله ذكرى فاجعة كربلاء ويوم الحرة، وأعمال بني أمية والمتوكل العباسي. ويقول أهل العراق وهم أعلم بما جرى في بلادهم: إنه ربط خيله في الصحن الشريف، وطبخ القهوة ودقها في الحضرة الشريفة!

وقال العلامة السيد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة، وفي عصره كان غزوهم للعراق: إن سعوداً الوهابي الخارج في أرض نجد، اخترع ما اخترع في الدين، وأباح دماء المسلمين وتخريب قبور الأئمة المعصومين (ع)، فأغار في السنة المذكورة على مشهد الحسين (ع) وقتل الرجال والأطفال، وأخذ الأموال وعاث في الحضرة المقدسة، فأفسد بنيانها وهدم أركانها.

قال: وفي الليلة التاسعة من شهر صفر سنة 1221 قبل الصبح هجم علينا سعود

الوهابي في النجف ونحن في غفلة، حتى أن بعض أصحابه صعد السور وكادوا يأخذون البلد، فظهرت لأمير المؤمنين (ع) المعجزات الظاهرة والكرامات الباهرة، فقتل من جيشه كثير ورجع خائباً.

قال: وفي جمادى الآخرة سنة 1222 جاء الخارجي الذي إسمه سعود إلى العراق بنحومن عشرين ألف مقاتل أوأزيد، فجاءت النذر بأنه يريد أن يدهمنا في النجف الأشرف غيلة، فتحذرنا منه وخرجنا جميعاً إلى سور البلد، فأتانا ليلاً فرآنا على حذر قد أحطنا بالسور بالبنادق والأطواب.

١٤٣

فمضى إلى الحلة، فرآهم كذلك. ثم مضى إلى مشهد الحسين (ع) على حين غفلة نهاراً فحاصرهم حصاراً شديداً فثبتوا له خلف السور، وقتل منهم وقتلوا منه، ورجع خائباً، وعاث في العراق، وقتل من قتل.

قال: وفي سنة 1225 أحاطت الأعراب من عنزة القائلين بمقالة الوهابي بالنجف الأشرف ومشهد الحسين (ع)، وقد قطعوا الطريق، ونهبوا زوار الحسين (ع) بعد منصرفهم من زيارة نصف شعبان، وقتلوا منهم جماً غفيراً وأكثر القتلى من العجم، وربما قيل إنهم مائة وخمسون، وبقي جملة من الزوار في الحلة، ما قدروا أن يأتوا إلى النجف كأنها في حصار، والأعراب ممتدة من الكوفة، إلى فوق مشهد الحسين (ع) بفرسخين أوأكثر ».

أقول: مصادر هذه الغارات الوهابية كثيرة: ومنها سجلات الخلافة العثمانية، والإنكليز الذين كانوا وراء الوهابية! راجع: أعيان الشيعة: 4 / 307 وتحفة العالم: 10 / 289، وشهداء الفضيلة / 288 ودائرة المعارف الإسلامية للأمين: 1 / 192 وتأريخ العراق للعزاوي: 6 / 144. وبغية النبلاء في تاريخ كربلاء، وتراث كربلاء: للسيد سلمان آل طعمة.

3. يتبجح الوهابية بوقاحةٍ الى يومنا بأنهم هاجموا كربلاء وهدموا قبر الحسين صلوات الله عليه! ويسمونها غزوة الإمام محمد بن سعود لكربلاء!

وقد كتب أحدهم: « وقفة مع غزوة كربلاء، واغتيال الإمام العادل الزاهد عبد العزيز بن محمد بن سعود: قال العلامة المؤرخ عثمان بن عبد الله بن بشر الناصري التميمي رحمه الله تعالى: ثم دخلت السنة السادسة عشرة بعد المائتين والألف، وفيها سار سعود بالجيوش المنصورة، والخيل والعناق المشهورة، من جميع حاضرة نجد وباديتها، والجنوب، والحجاز، وتهامة، وغير ذلك، وقصد أرض كربلاء ونازل أهل بلد الحسين رضي الله عنه. وذلك في ذي القعدة، فحشد عليها المسلمون، وتسوروا جدرانها، ودخلوها عنوة، وقتلوا غالب أهلها في الأسواق والبيوت، وهدموا القبة

١٤٤

الموضوعة بزعم من اعتقد فيها على قبر الحسين رضي الله عنه. وأخذوا ما في القبة وما حولها، وأخذوا النصيبة التي وضعوها على القبر، وكانت مرصوفة بالزمرد والياقين والجواهر. وأخذوا جميع ما وجدوا في البلد من أنواع الأموال، والسلاح، واللباس، والفرش، والذهب والفضة، والمصاحف الثمينة، وغير ذلك، ما يعجز عنه الحصر، ولم يلبثوا فيها إلا ضحوة، وخرجوا منها قرب الظهر بجميع تلك الأموال، وقتل من أهلها قريب ألفي رجل. ثم إن سعود ارتحل منها على الماء المعروف بالأبيض المعروف فجمع الغنائم، وعزل أخماسها، وقسم باقيها في المسلمين غنيمة للراجل سهم وللفارس سهمان، ثم ارتحل قافلاً إلى وطنه ». « عنوان المجد في تاريخ نجد: 1 / 122 ».

أقول: هذا المنطق غايةُ الصلف والتبجح بجريمة لا تبرير لها شرعاً ولا قانوناً! لكنهم الوهابية أبناء بني أمية، يفعلون الجرائم ولا يخجلون، بل يفتخرون بها!

4. وعلى أثر مهاجمة كربلاء تمكن أحد الشيعة الذي قتل الوهابية ابنه فيها، أن ينتقم من أميرهم عبد العزيز بن محمد بن سعود، ويقتله في مقره في نجد!

قال المدعو: ابن بشر، في تاريخ نجد: « ثم دخلت السنة الثامنة عشرة بعد المائتين والألف، وفي هذه السنة في العشر الأواخر من رجب قُتل الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود في مسجد الطريف المعروف في الدرعية، وهوساجد أثناء صلاة العصر. انقض عليه رجل قيل إنه كردي من أهل العمارية بلد الأكراد المعروفة عند الموصل، ادعى أن إسمه عثمان أقبل من وطنه لهذا القصد محتسباً، حتى وصل الدرعية في صورة درويش وادعى أنه مهاجر، وأظهر التمسك والطاعة، وتعلم شيئاً من القرآن، فأكرمه عبد العزيز وأعطاه وكساه، وطلب الدرويش منه أن يعلمه أركان الإسلام، وشروط الصلاة وأركانها وواجباتها مما كانوا يعلمونه الغريب المهاجر إليهم، وكان قصده غير ذلك. فوثب عليه من الصف الثالث والناس في السجود، فطعنه في خاصرته أسفل البطن بخنجر معه قد أخفاه وأعدها لذلك، وهوقد تأهب للموت، فاضطرب أهل

١٤٥

المسجد وماج بعضهم في بعض، ولم يكن يدرون ما الأمر، فمنهم المنهزم، ومنهم الواقف، ومنهم الكار إلى وجهة هذا العدوالعادي، وكان لما طعن عبد العزيز أهوى على أخيه عبد الله وهوإلى جانبه وبرك عليه ليطعنه، فنهض عليه وتصارعا، وجرح عبد الله جرحاً شديداً، ثم إن عبد الله صرعه وضربه بالسيف وتكاثر عليه الناس وقتلوه، وقد تبين لهم وجهة الأمر.

ثم حمل الإمام إلى قصره وقد غاب ذهنه وقرب نزعه، لأن الطعنة قد هوت إلى جوفه فلم يلبث أن توفي بعدما صعدوا به إلى القصر. رحمه الله تعالى وعفى عنه. واشتد الأمر بالمسلمين وبهتوا، وكان ابنه سعود في نخله المعروف بمشيرفه في الدرعية فلما بلغه الخبر أقبل مسرعاً واجتمع الناس عنده، وقام فيهم ووعظهم موعظة بليغة، وعزاهم فقام الناس وبايعوه خاصتهم وعامتهم وعزوه بأبيه. ثم كتب إلى أهل النواحي نصيحة يعظهم ويخبرهم بالأمر ويعزيهم، ويأمرهم بالمبايعة. وكل أهل بلد وناحية يبايعون أميرهم سعود فبايع جميع أهل النواحي والبلدان، وجميع رؤساء قبائل العربان ولم يختلف منهم اثنان، ولا انتطح عنزان. إن هذا الدرويش الذي قتل عبد العزيز من أهل بلد الحسين رضي الله عنه: رافضي خبيث، خرج من وطنه لهذا القصد بعد ما قتلهم سعود فيها، وأخذ أموالهم كما تقدم، فخرج ليأخذ الثأر، وكان قصده سعود فلم يقدر عليه، فقتل عبد العزيز، وهذا والله أعلم أحرى بالصواب، لأن الأكراد ليسوا بأهل رفض، ولا في قلوبهم غل على المسلمين ». « عنوان المجد: « 1 / 125 ».

أقول: رحم الله ذلك الشهيد الذي خطط وتلطف في أمره وحمل روحه على كفه، حتى جاءت ساعة الثأر لرسول الله (ص) وسبطه الحسين (ع) وللمؤمنين المغدورين في حرمه فتقدم من رأس النواصب وطعنه متقرباً بذلك الى الله تعالى.

ثم قتل شهيداً بيد النواصب، فحشره الله مع نبيه وأهل بيته الذين بذل فيهم مهجته.

١٤٦

الفصل السابع:

الوهابية أبناء المتوكل وبناته

إصرار الوهابية على تفجير قبر الحسين (ع)

ما زال هدم قبر الحسين (ع) هدفاً للوهابية! وما زالت فتاوى علمائهم العميان والعوران تصرُّ على ذلك، وهم يضمون الى قبر الحسين (ع) قبور الأولياء في العراق والعالم، بل قبة قبر النبي (ص).

قال مفتيهم ابن باز في فتاويه عن الأولياء « 12 / 114 »: « فلا ينفعون أنفسهم ولا غيرهم ولا يضرون، لأنهم قد فقدوا الحياة، وفقدوا القدرة على التصرف، وهكذا في الحياة لا ينفعون ولايضرون إلا بإذن الله. هم بزعمهم أنهم يستقلون بالنفع والضر وهم أحياء كفروا أيضاً! بل النافع الضار هو الله وحده سبحانه وتعالى، ولهذا لا تجوز عبادتهم ولا دعاؤهم ولا الإستغاثة بهم ولا النذر لهم ولا طلبهم المدد، ومن هذا يعلم كل ذي بصيرة أن ما يفعله الناس عند قبر البدوي، أوعند قبر الحسين، أوعند قبر الكاظم، أوعند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني، أوما أشبه ذلك من طلب المدد والغوث أنه يكفر بالله، بل يشرك بالله سبحانه وتعالى، فيجب الحذر من ذلك والتوبة من ذلك والتواصي بترك ذلك.

ولا يصلى خلف هؤلاء، لأنهم مشركون بعملهم هذا شركاً أكبر، فلا يصلى خلفهم ولا يصلى على ميتهم، لأنهم عملوا الشرك الأكبر الذي كانت عليه

١٤٧

الجاهلية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان عليه أبوجهل وأشباهه من كفار مكة، وعليه كفار العرب وهودعاء الأموات والإستغاثة بالأموات والأشجار والأحجار، هذا عين الشرك بالله عز وجل، والله يقول سبحانه: ولوأشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ».

فقد افترى هذا المفتي على زائري قبر النبي (ص) والأولياء (ع) بأنهم يعبدونهم! وبنى على افترائه حكم تكفيرهم وقتلهم واستباحة أموالهم ونسائهم، وتحريم الصلاة خلفهم، والصلاة على جنائزهم، ودفنهم في مقابر المسلمين!

فهويقول لك: أنت قلت: يا رسول الله إشفع لي، فأنت تعتقد أنه إلهٌ، فقد كفرتَ فيجب أن أقتلك وآخذ مالك ونساءك غنيمة، ويحرم أن نصلي على جنازتك وأن ندفنك في مقابر المسلمين، بل يجب أن ترمي جنازتك للكلاب!

هذه ثقافتهم ومنطقهم: فتاوى فجَّة متعجرفة! بعيدة عن الفقاهة وعن أدب الحياة.

ويكفي أن نسأل هذا المفتي: أخبرنا، هل يحاسب الله زائري نبيه (ص) وأوليائه (ع) على نياتهم واعتقادهم هم، أم على ما تدعيه أنت فيهم؟!

لكنك ترى الوهابي عاقصاً قرنيه، يزعم أن قوله قول الله تعالى، ثم لايفقه غيره! ولذلك ما زالوا مصرين على هدم قبور الأنبياء والأولياء (ع)، وفي طليعتها قبة قبر النبي (ص) وقبر الحسين (ع).

وقد حاولوا بعد احتلال أمريكا للعراق، إقناع الأمريكان بأن يسلموهم الحكم في العراق، أي الى حفنة السلفية عملاء السعودية!

١٤٨

لكن الأمريكان بشروا العراقيين بالديمقراطية والإنتخابات، فكان لابد لهم من العملية الديمقراطية، حتى لوكانت نتيجتها أن تحكم الأغلبية الشيعية.

ومن يومها نشط الوهابية في مجموعاتهم الإرهابية في تفجير مواكب الشيعة الزائرين للمشاهد المشرفة، وركزوا محاولاتهم لتفجير مشاهد الأئمة (ع)!

وقد شهد العراق جرائمهم الوحشية على مدى سنوات، ووثقتها وسائل الإعلام المحلية والعالمية، ووثقناها في موقع خاص باسم: طريق كربلاء.

وقد حاولوا مراراً تفجير ضريح الإمام الحسين (ع)، ففشلت محاولاتهم.

قام الوهابيون بتفجير قبر الإمام الهادي (ع)

قام إرهابيون نواصب يرتدون زي الشرطة العراقية، بتفجير مرقد الإمامين الهادي والعسكري (ع)، وذلك بتاريخ: 23 / محرم الحرام / 1428 ـ الموافق22 فبراير 2006.

وكان للخبر وقع الصاعقة على المسلمين في العراق وغيره، وكان من ردات فعله أن مجموعات من شباب الشيعة هاجمت في بغداد عدداً من مساجد السنة، فسارع المراجع الى الدعوة الى ضبط النفس، وعدم الانجرار وراء فتنة طائفية.

وعمت مظاهر الغضب مدن العراق، وخرج آلاف الشيعة في مظاهرات احتجاجية على تفجير المشهد، وخرج جيش المهدي في مدينة الصدر والسماوة إلى الشوارع، وهم يرتدون الملابس السوداء ويحملون الأعلام والرايات، ويرددون هتافات منددة بمن وصفوهم بالبعثيين والوهابية والنواصب.

١٤٩

وحدثت أعمال قتل عشوائي في بغداد والمناطق المجاورة لها، وعثر على رفات 47 مدنياً في حفرة بالقرب من بغداد، وأفاد الوقف السني أن مايقرب 168مسجداً سنياً تعرض للهجوم، وتم قتل 10 أئمة في المساجد، وخطف 15 آخرين في بغداد، وأفادت جهات أمنية أن حصيلة العنف بعد التفجير قد تتجاوز 100 قتيلاً، وبالقرب من سامراء قام مسلحون بقتل مراسلة قناة العربية أطوار بهجت مع اثنين من المصورين، الذين قصدوا المكان لتغطية الأحداث.

فيما قام مسلحون يرتدون زي الشرطة بقتل 11شخص سني في البصرة، كما قام مسلحون بالهجوم على أحد السجون، وأخذوا بعض الأشخاص وقتلوهم.

وقد استنكرت الجريمة دول وشخصيات عديدة، منهم وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط، قال: إن مثل هذه العمليات تتنافى مع جميع المعتقدات ‏‏والأديان السماوية، وتهدف إلى تقويض وحدة العراقيين.

وعَبَّرَ كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة عن صدمته وأسفه البالغ لوقوع هذه الجريمة الشنعاء. وأدان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج عبد الرحمن بن حمد العطية، التفجير الذي استهدف مرقد الإمامين الهادي والعسكري في مدينة سامراء، مجدداً رفض دول مجلس التعاون للتطرف والعنف بمختلف أشكاله وصوره. وأدانت الحكومة الفرنسية بشدة عملية التفجير عبر بيان لها أكدت فيه أنها تدين بأشد لهجة ممكنة هذا الهجوم ضد أحد المواقع الأكثر

١٥٠

قداسة في العراق، وشدد البيان على ضرورة وضع حد لكافة الأعمال التي تنشر الكراهية والعنف.

وكذلك أدان مصدر رسمي سوري بشدة الإعتداءات الإجرامية النكراء، والتعرض الآثم للأضرحة القدسية والمساجد والمؤسسات الدينية، ووصفه بأنه عمل يستهدف إثارة الفتنة في العراق، وتمزيق وحدته الوطنية.

وأدان وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ ‏التفجير الذي استهدف مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في مدينة سامراء.

ووصف رئيس كتلة تيار المستقبل سعد الحريري الإعتداء بأنه محاولة للإيقاع بين المسلمين في العراق، معرباً عن استنكاره لهذا العمل ‏الذي يناقض كل القيم الدينية والحضارية.

وبعث أميرالكويت برقية إلى الرئيس العراقي جلال الطالباني عبر فيها عن استنكار الكويت وإدانتها الشديدة لعملية التفجير، مؤكداً أن هذه الأعمال التي تستهدف الإماكن المقدسة وقتل الأبرياء بعيدة كل البعد عن تعاليم الدين الاسلامي الحنيف، وتتنافى مع كل القيم الانسانية.

وبعث العاهل الأردني عبد الله الثاني برقية إلى الرئيس العراقي جلال الطالباني يؤكد فيها أن التعرض للمرقد إساءة لكل المسلمين من مختلف المذاهب، مؤكداً وقوفه قيادة وشعباً إلى جانب العراق.

وأصدر مراجع النجف بيانات استنكروا فيها الجريمة، ودعوا الناس الى ضبط النفس.

١٥١

وجاء في بيان المرجع السيد الحسيني السيستاني:

« يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْكَرِهَ الْكَافِرُونَ »

إن الكلمات قاصرة عن إدانة هذه الجريمة النكراء، التي قصد التكفيريون من ورائها إيقاع الفتنة بين أبناء الشعب العراقي، ليتيح لهم ذلك الوصول إلى أهدافهم الخبيثة. إن الحكومة العراقية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى ـ إلى تحمل مسؤولياتها الكاملة في وقف مسلسل الأعمال الإجرامية التي تستهدف الإماكن المقدسة، وإذا كانت أجهزتها الأمنية عاجزة عن تأمين الحماية اللازمة، فإن المؤمنين قادرون على ذلك بعون الله تبارك وتعالى.

إننا إذ نعزي إمامنا صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف بهذا المصاب الجلل نعلن الحداد العام لذلك سبعة أيام، وندعوالمؤمنين ليعبروا خلالها بالأساليب السلمية، عن احتجاجهم وإدانتهم لانتهاك الحرمات واستباحة المقدسات، مؤكدين على الجميع وهم يعيشون حال الصدمة والمأساة للجريمة المروعة، أن لا يبلغ بهم ذلك مبلغاً يجرّهم إلى اتخاذ ما يؤدي إلى ما يريده الأعداء من فتنة طائفية، طالما عملوا على إدخال العراق في أتونها. 23 / المحرم الحرام / 1427 هـ

رُعونة الوهابية في تفجير مآذن المشهد الشريف!

سلمت من معالم مشهد الروضة العسكرية مئذنتان ذهبيتان، فلم يرق ذلك للوهابيين، فقاموا بعد نحو سنة بتفجيرها أيضاً، ظناً منهم أن المسلمين لن يعيدوا بناءها، وقد خاب ظنهم ومسعاهم، فقد أعاد المسلمون مشهد ابن بنت نبيهم (ص) بأحسن مما كان، وافتتحوه للزيارة رغم أنوف النواصب.

١٥٢

رُعونة الوهابية في الدفاع عن المتوكل!

يتضح لكل باحث بنظرة فاحصة، في شخصية المتوكل وحياته، أنه:

ـ شاب مترف كان يطيل شعره من الخلف، ليكون كشعر المرأة، على طريقة المخنثين، ويعيش مع أصدقائه أبناء القادة الأتراك الفاسدين.

ـ أمر الواثق بحبسه ومنعه من الخروج، لئلا يكثر لغط الناس على بيت الخليفة.

ـ ولما مات الواثق جاؤوا به من سجن التخنث، وبايعوه خليفة.

ـ كان حقوداً قاتلاً، فلم يترك أحداً له فضل عليه إلا وقتله أو عزله. فقد قتل القائد إيتاخ التركي الذي رباه في بيته، وعزل القاضي ابن أبي دؤاد الذي اختاره خليفة. وهكذا أكثر وزرائه وكتابه! وكان يأمر بضرب الشخص ألف سوط حتى يموت، وهذا لا يقره شرع ولا عقل!

ـ كان مسرفاً في البذخ والترف، يبنى قصوراً لا يحتاجها، وينفق عليها وعلى حفلاته ألوف الملايين من أموال المسلمين.

ـ كان يبغض علياً والحسن والحسين (ع) ويعادي من يحبهم، ويعقد مجالس للغناء يسخر فيها من علي (ع)! وقد قتل ابن السكيت لأنه فضل علياً والحسنين (ع) عليه وعلى ولديه!

ـ لم يَدَّعِ المتوكل لنفسه ما ادعوه له: أنه من أهل الدين والتقوى!

فما هو الموجب إذن، لأن يتبناه الوهابية، ويقتلوا أنفسهم في الدفاع عنه؟

الجواب: أنهم أهل هوى وتعصب، ولاتوجد مقومات إيجابية في شخصية المتوكل، إلا أنه مؤسس حزبهم المجسم الناصبي التكفيري!

١٥٣

ولزيادة المعرفة بتهافت منطقهم نورد فقرة من حوارات شبكة النت، حيث سأل رجل شيخاً وهابياً عن هدم المتوكل لقبر الإمام الحسين (ع)، وكتب له:

فهل يكفيك أخي الكريم ما سبق لإثبات ما كان عليه المتوكل من نُصب؟ ألا يكون النُّصْب بدعةً عندك وانحرافاً عن منهج السلف، وهذه أعظم وأشنع وأشد، وأعيذك بالله منها، فالإ نحراف عن آل البيت انحراف عن الدين وتضييع لوصية لرسول الله، ونقص في محبته، وهو بدعةٌ ضلالة، ورذيلةٌ منكرة باء بكبرها بنو أمية، وورثها عنهم جماعة من المنتسبين إلى السنة، وأخاف أن يكون عدم استثنائك لهذا الناصبي الخبيث، من بقايا هذا الإرث!

لقد ورثت عن أجدادك العباسيين، بغضهم للعلويين، وإعلانهم الحرب عليهم بعد أن سلبوهم الحكم، ونقضهم ما عاهدوهم عليه من أخذ البيعة للرضا من آل محمد، بل قتلهم والتنكيل بهم كما فعلوا بمحمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم وكل أقاربهم وشيعتهم! ولئن كان هذا هو السبب فلبئس ما أتيت، إذ لو كان رسول الله محور حبنا وولائنا، فآل علي أحب إلينا من آل العباس، فهم أحفاد سيدة نساء العالمين، وأحفاد أمير ومولى المؤمنين، وأحفاد السبطين، وأجدادهم هم خاصة آل البيت، بل أولى الناس بذلك وأحراهم، فقد جللهم المصطفى بكسائه وقال هؤلاء أهل بيتي، ولم يجلل معهم العباس ولا الزوجات المرضيات رضي الله عن الجميع، وقد جمعهم دون غيرهم لمباهلة أهل نجران ولم يجمع معهم غيرهم، فكان أولى بك الإنتصار لهم، حباً لرسول

١٥٤

الله، وليس الإنتصار لمن آذاهم وأبغضهم من أمثال أبي جعفر وهارون، فهذه هي حقيقة المحبة لآل البيت، المحبة المجردة عن كل عصبية أو قبلية أو قومية.

أن تعتبر ما كان منه في قضية خلق القرآن، ماحياً لهذه السيئات العظيمة، والله ما ذلك بماحٍ ولا مكفر، فبدعة النصب أخزى وأشنع وأقبح. فبدعة الخلق لأصحابها تأويلات ومتمسكات قربت أو بعدت، أما النصب فلا متمسك له إلا العداء لآل البيت النبوي، وخاصة آل علي الذين هم خاصة آل البيت وخلاصتهم. وعليه فحتى لوكان موقفه ذلك حسنةً ودوافع ذلك محل دراسة، فهي مغمورة في بحر هذه السيئات والخطايا المقيتة، عليه من الله ما يستحق!

فأجابه الوهابي أبو عبد الرحمن، الذي يدعي أنه من ذرية العباسيين، قال:

الحمد لله الذي خلق الخلق فجعلهم قبائل وعشائر وبيوتاً، فجعلني من خيرهم قبيلةً وعشيرةً وبيتاً، والشكر له سبحانه الذي أراد كَوْناً تفرق المسلمين إلى فرق فجعلني من خيرهم فرقة أهل السنة والجماعة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، الذي أخبر أن كل الفرق في النار، إلا من كان على مثل ما كان عليه هو وأصحابه، أما بعد:

فنحن نرحب بأي نقد ورد، حتى لو كان نَفَسَ الرد والنقد نفَساً شيعياً واضحاً لأنه لاينقصنا ولله الحمد علم ولا حلم، فجدنا الحبر البحر، وحلمنا كما قال ابن كثير في البداية والنهاية المجلد الخامس عشر / 567 : حِلْمُ العباسيين غزير.

١٥٥

أما بالنسبة لما كتبته، فكما أشرت في بداية كلامي أن النَّفَسَ الشيعي واضحٌ في كلامك وأسلوبك، وحنقك على بني العباس أبقاهم الله شوكة في حلوق أهل البدع أجمعين. وسأرد على كلامك رداً تفصيلياً، لكن سأبدأ بنقل كلام أئمة أهل السنة عن جدي الإمام ناصر السنة والدين، وقامع البدعة والمبتدعين، وعدو المعتزلة والروافض المشركين، أمير المؤمنين وخليفة المسلمين المتوكل (رحمه الله):

الإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: قال عبد الله بن الإمام أحمد في كتابه السنة: 1 / 134: كتب عبيد الله بن يحيى بن خاقان إلى أبي يخبره أن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، يعني المتوكل، أمرني أن أكتب إليك أسألك عن أمر القرآن، لا مسألة امتحان ولكن مسألة معرفة وبصيرة. وأملى علي أبي إلى عبيد الله بن يحيى: أحسن الله عاقبتك أبا الحسن في الأمور كلها، ودفع عنك مكاره الدنيا والآخرة برحمته، فقد كتبت إليك رضي الله عنك بالذي سأل عنه أمير المؤمنين أيده الله، من أمر القرآن بما حضرني، وإني أسأل الله عز وجل أن يديم توفيق أمير المؤمنين أعزه الله بتأييده، فقد كان الناس في خوض من الباطل واختلاف شديد ينغمسون فيه، حتى أفضت الخلافة إلى أمير المؤمنين أيده الله عز وجل، فنفى الله تعالى بأمير المؤمنين أعزه الله كل بدعة وانجلى عن الناس كل ما كانوا فيه من الذل وضيق المحابس، فصرف الله عز وجل ذلك كله، وذهب به بأمير المؤمنين أعز الله نصره، ووقع ذلك من المسلمين موقعاً عظيماً، ودعوا الله عز وجل لأمير المؤمنين. فأسأل الله تعالى أن يستجيب في أمير المؤمنين صالح الدعاء.

١٥٦

وأن يتم ذلك لأمير المؤمنين أدام الله عزه، وأن يزيد في نيته ويعينه.

قال الخلال في كتابه السنة « 184 »: أخبرنا أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، وذكر الخليفة المتوكل (رحمه الله) فقال: إني لأدعو له بالصلاح والعافية، وقال: لئن حدث به حدث لتنظرن ما يحل بالإسلام.

قال العباسي السلفي: وهذا من أصح الأسانيد للإمام أحمد (رحمه الله).

الإمام الدارمي (رحمه الله): قال في نقضه على المريسي الجهمي العنيد « 1 / 534 »: فلم تزل الجهمية سنوات يركبون فيها أهل السنة والجماعة، بقوة ابن أبي داؤد المحاد لله ولرسوله، حتى استخلف المتوكل (رحمه الله)، فطمس الله به آثارهم، وقمع به أنصارهم حتى استقام أكثر الناس على السنة الأولى، والمنهاج الأول.

الإمام شيخ الإسلام بن تيمية (رحمه الله): قال في مجموع الفتاوى « 4 21 »: وكان في أيام المتوكل قد عز الإسلام، حتى ألزم أهل الذمة بالشروط العمرية، وألزموا الصغار، فعزت السنة والجماعة، وقمعت الجهمية والرافضة ونحوهم. ففي عهده رفعت المحنة بخلق القرآن.

وقال في مجموع الفتاوى « 3 / 25 »: ثم إن الله كشف الغمة عن الأمة في ولاية المتوكل على الله، الذي جعل الله عامة خلفاء بني العباس من ذريته دون ذرية الذين أقاموا المحنة لأهل السنة، فأمر المتوكل برفع المحنة وإظهار الكتاب والسنة، وأن يروى ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين.

١٥٧

الإمام بن كثير (رحمه الله): قال في البداية والنهاية « 14 317 »: وقد دخل عبد العزيز بن يحيى الكناني، صاحب كتاب الحِيدة، على المتوكل وكان من خيار الخلفاء.

وقال أيضاً « 14 454 »: وكان المتوكل محبباً إلى رعيته قائماً في نصرة أهل السنة، وقد شبهه بعضهم بالصديق في قتله أهل الردة، لأنه نصر الحق ورده عليهم حتى رجعوا إلى الدين. وبعمر بن عبد العزيز حين رد مظالم بني أمية.

وقد أظهر السنة بعد البدعة، وأخمد أهل البدع وبدعتهم بعد انتشارها واشتهارها فرحمه الله. وقد رآه بعضهم في المنام بعد موته وهو جالس في نور، قال فقلت: المتوكل؟ قال: المتوكل. قلت: فما فعل بك ربك؟ قال: غفر لي. قلت: بماذا؟ قال: بقليل من السنة أحييتها.

قال الشريف أبو عبد الرحمن العباسي السلفي حفيد المتوكل: فالحمد لله أن أهل السنة الفرقة الناجية أهل الحديث والأثر، يعرفون فضل هذا الإمام قديماً وحديثاً، ويثنون عليه ويترحمون عليه ولا يذكرونه إلا بالجميل، ولا يتتبعون زلاته، لأنهم يعلمون أنه لا أحد معصوم من الزلل، ولأنهم يعلمون حسناته الكبيرة وجهوده العظيمة في نصرة السنة وأهلها، ويعلمون مدى بغض أهل البدع له، وخاصة الروافض والمعتزلة.

وقد كتب في ذمه في هذا العصر المبتدع حسن المالكي، وقد رد عليه أهل السنة وذبوا عن المتوكل (رحمه الله)، راجع كتاب قمع الدجاجلة لعبد العزيز الراجحي، تقديم العلامة الفوزان.

١٥٨

وأما اتهامك له بالنصب (رحمه الله) فلنا مقال في تبرئته من هذه التهمة الخبيثة، والرد على ما استند عليه في اتهامه بذلك (رحمه الله) وأعلى درجته، وهي ثلاث حوادث أو قصص، فصلنا الكلام عنها في مقالنا ذلك.

وأنت في تسويدك هذا قد ذكرت كلام ثلاثة من المؤرخين، الأول منهم وهو إمامهم ابن جرير الطبري ولم يذكر شيئاً من النُّصب، بل نقل عملاً عظيماً من أعمال جدي «! » الخليفة المتوكل الجليلة في نصرة العقيدة والسنة، وهو هدم ما بني على قبر سيد شباب أهل الجنة الحسين رضي الله عنه، وقد ذكرنا هذا ضمن جهوده في نصرة العقيدة والسنة، في كتابنا عقيدة بني العباس.

والثاني هو الإمام الذهبي (رحمه الله) وقد اضطرب كلامه في هذا، فمرة يقول: وكان في المتوكل نصب. ومرة يقول: وكان معروفاً بالنصب. ومرة قال: ولم يصح عنه النصب. كما في تاريخ الإسلام. فلذلك كان لابد من الرجوع لما يذكرونه من قصص وحوادث يستدلون بها على نصبه (رحمه الله)، وحاشاه، فهو الذي قال عنه أحمد: إن الله نفى به كل بدعة، وهذا الذي فعلناه في مقالنا الآنف الذكر. انتهى.

أقول: لاحظ ما في جواب هذا الناصبي من عجرفة وتزوير:

1. فقد بدأ بالفخر بنفسه بأنه من خيرهم قبيلةً وعشيرةً وبيتاً! لأنه هاشمي عباسي كما يدعي، ففضل نفسه على الناس، لأنه من عشيرة رسول الله (ص)!

2. ثم تغاضى عن ظلامة العترة النبوية وهم أقرب منه الى النبي (ص)، ودافع عمن ظلمهم! فهو يفتخر بابن العشيرة ويغمط حق الإبن الصلب!

١٥٩

ويعطي الحق لنفسه بقرابة العشيرة، وينكر حق العترة بنص القرآن والسنة!

3. وبَّخ مخاطبه بأن كلامه فيه نَفَسٌ شيعي، فالنفَس المحب لعترة النبي (ص) جريمة، لكنه يفتخر بالنفس العباسي وكأنه هو الإسلام!

4. دافع عن المتوكل بكلمات من مؤيديه: ابن حنبل، والخلال، والدارمي، وابن تيمية، والذهبي، وابن كثير. فهل انتهى علماء الإسلام بهؤلاء؟

وأين آراء الذامين وهم أعظم منهم؟ ثم ماذا قال هؤلاء، وهل نفوا عنه النُّصب ونفوا عنه شرب الخمر، والتخنث، والزنا، والقتل، وهدم قبر الحسين (ع)؟

ثم لاحظ قوله: « فالحمد لله أن أهل السنة الفرقة الناجية أهل الحديث والأثر، يعرفون فضل هذا الإمام قديماً وحديثاً، ويثنون عليه ويترحمون عليه ولا يذكرونه إلا بالجميل ».

فهو يُدّلِّسُ على القارئ بأن أهل الحديث والأثر هم أهل السنة والجماعة، وأنهم يمدحون المتوكل، وإنما يثني عليه مجسمة الحنابلة، الذين نصحهم ابن الجوزي بكتابه: رد شبه التشبيه، وقال إنهم شانوا مذهب ابن حنبل وشوهوه!

5. وإذا كان المتوكل من أئمة الهدى كما زعم، فلماذا يمدحون ابن حنبل بأنه لم يدخل بيته، ولم يأكل من طعامه، ولا أخذ من ماله، لأنه حرام أو مشبوه!

6. ثم كابر الناصبي وأنكر أن المتوكل ناصبيٌّ، وهو أمرٌ أوضح من الشمس قال: وأما اتهامك له بالنصب (رحمه الله) فلنا مقال في تبرئته من هذه التهمة الخبيثة!

١٦٠