الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام12%

الإمام علي الهادي عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
الصفحات: 477

الإمام علي الهادي عليه السلام
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 154480 / تحميل: 6631
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام

مؤلف:
العربية

١

٢

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا

محمد وآله الطيبين الطاهرين.

هل يكون الطفل نبياً! حدثَ ذلك عندما جاءت مريم (ع) تحمل طفلها، فثارت في وجهها نساء بني إسرائيل ورجالهم، واتهموها ووبخوها: فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً. قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً . فأنطقه الله تعالى بلسان فصيح وقول بليغ، فبُهِتَ المفترون وأسقط في أيديهم!

وبعد عيسى (ع) بمدة وجيزة، صار طفلٌ آخر نبياً، هويحيى بن زكريا (ع)!

وقبل عيسى ويحيى (ع) جعل الله سليمان نبياً ورسولاً، وحاكماً بعد أبيه داود (ع) وهوابن عشر سنين! فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاً آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا .

ثم حدث ذلك في عترة النبي (ص) فكان محمدُ الجواد بن الإمام الرضا (ع) طفلاً وظهرت منه علائم الإمامة، فآمن به المأمون وتحدى بشخصيته وعلمه العباسيين وفقهاء الخلافة! قال لهم المأمون: « ويحكم إن أهل هذا البيت خِلْوٌ من هذا الخلق! أوَمَا علمتم أن رسول الله بايع الحسن والحسين وهما صبيَّان غير بالغين، ولم يبايع طفلاً غيرهما! أَوَمَا علمتم أن علياً آمن بالنبي وهوابن عشر سنين، فقبل الله ورسوله منه إيمانه، ولم يقبل من طفل غيره، ولادعا النبي طفلاً

٣

غيره إلى الإيمان! أوَمَا علمتم أنها ذرية بعضها من بعض، يجري لآخرهم ما يجري لأولهم »! « الإختصاص / ٩٨ ».

فكان الإمام الجواد أول إمام من أهل البيت يتحمل أعباء الإمامة في السابعة، أما علي والحسنان (ع) فكانوا أئمة وهم صغار، لكنهم كانوا في ظل النبي (ص).

وبعد الإمام الجواد تحمل الإمامة ابنه علي الهادي (ع) وكان عمره نحوسبع سنين أيضاً، فكان الإمام الثاني صغير السن.

أما الثالث فهوالإمام المهدي الموعود (ع) الذي توفي أبوه وعمره خمس سنين، فكان أصغر الأئمة سناً، ولكنه سيكون أكبرهم أثراً في الحياة، كما أخبر جده المصطفى (ص) فقال: يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، بعد أن ملئت ظلماً وجوراً !

وهذا الكتاب في سيرة الإمام علي الهادي (ع)، الطفل المعجزة، والإمام الرباني، وسترى فيه تصديق قوله تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ.

كتبه بقم المشرفة جمادى الأولى ١٤٣٤

علي الكَوْراني العاملي عامله الله بلطفه

٤

الفصل الأول:

الإمام الهادي (ع) في عهد المأمون والمعتصم والواثق

الطفل المعجزة افتخر به المأمون وأنكره المعتصم!

كان المأمون معجباً بالإمام الجواد (ع) فعقد زواجه على ابنته أم الفضل وكان عمره (ع) تسع سنين. ثم تركه يعود الى المدينة، وكانت الشيعة ترجع اليه من أنحاء البلاد، كما شرحنا ذلك في سيرته (ع).

وعاش الإمام الجواد (ع) في المدينة، وفي سن الثامنة عشرة تزوج جارية مغربية مؤمنة، هي السيدة سمانة رضي الله عنها، متناسياً زوجته بنت المأمون.

وبعد سنة أي سنة ٢١٢، رزقه الله منها ابنه علياً الهادي (ع)، ثم ابنه موسى، وثلاث بنات: خديجة، وحكيمة، وأم كلثوم. « دلائل الإمامة / ٣٩٧ ».

روى الطبري في دلائل الإمامة / ٤١٠، عن محمد بن الفرج، عن السيد (ع) أنه قال: « أمي عارفة بحقي وهي من أهل الجنة، لايقربها شيطانٌ مارد ٌ، ولا ينالها كيدُ جبارٍ عنيد، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، ولا تتخلف عن أمهات الصديقين والصالحين ».

ومات المأمون في آخر سنة ٢١٨، وحكم بعده أخوه المعتصم ثمان سنوات، الى سنة ٢٢٧. وكان القاضي أحمد بن أبي دؤاد مستشار المعتصم ومدبِّر أموره،

٥

فهوالذي دَبَّر له الخلافة أصلاً، وأجبر العباس بن المأمون على خلع نفسه وبيعة عمه المعتصم، ثم سجنه القاضي وقتله!

وقد أقنع ابن دؤاد المعتصمَ بأن لا يقع في خطأ المأمون في الإمام الجواد فيعترف بإمامة ابنه الهادي (ع)، بل عليه أن ينكر إمامته ويعمل للتخلص منه!

الإمام الهادي (ع) عرف بشهادة أبيه في بغداد

أحضر المعتصم الإمام الجواد (ع) سنة ٢٢٠، الى بغداد، وسَمَّهُ بواسطة زوجته بنت المأمون! وكان الإمام الهادي في المدينة، فَعَرَفَ بقتل أبيه وعمره سبع سنين وأخبر أهله وأمرهم بإقامة المأتم، وذهب بنحوالإعجاز الرباني الى بغداد لتجهيز جنازة أبيه والصلاة عليه، ورجع الى المدينة في ذلك اليوم!

روى في الكافي « ١ / ٣٨١ »: « عن هارون بن الفضل قال: رأيت أبا الحسن علي بن محمد في اليوم الذي توفي فيه أبوجعفر (ع) فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، مضى أبو جعفر! فقيل له: وكيف عرفت؟ قال: لأنه تداخلني ذِلَّةٌ للهِ لم أكن أعرفها ».

وفي إثبات الإمامة / ٢٢١: « بينا أبوالحسن جالسٌ مع مؤدِّب له يكنى أبا زكريا، وأبوجعفر عندنا أنه ببغداد، وأبوالحسن يقرأ من اللوح إلى مؤدبه، إذ بكى بكاءً شديداً فسأله المؤدب: ممَّ بكاؤك؟ فلم يجبه. فقال: إئذن لي بالدخول فأذن له، فارتفع الصِّياح والبكاء من منزله، ثم خرج إلينا فسألنا عن البكاء، فقال: إن أبي قد توفي الساعة! فقلنا: بما علمت؟ قال: دخلني من إجلال الله ما لم أكن أعرفه قبل ذلك، فعلمت أنه قد مضى.

٦

فتعرفنا ذلك الوقت من اليوم والشهر، فإذا هوقد مضى في ذلك الوقت ».

وفي عيون المعجزات / ١١٩: « عن الحسن بن علي الوشاء قال: جاء المولى أبوالحسن علي بن محمد (ع) مذعوراً حتى جلس عند أم موسى عمة أبيه فقالت له: مالك؟ فقال لها: مات أبي والله الساعة، فقالت: لا تقل هذا، فقال: هووالله كما أقول لك، فكتب الوقت واليوم، فجاء بعد أيام خبر وفاته (ع) وكان كما قال (ع) ».

وانتشر خبر شهادة الإمام الجواد (ع) في المدينة، وكان كثيرٌ من أهلها يحبونه لمكانته من رسول الله (ص)، وإحسانه اليهم.

فرضوا عليه الإقامة الجبرية وهوطفل!

بعد قتله الإمام الجواد (ع) نفذ المعتصم سياسته مع ابنه الهادي (ع) فأنكر أن يكون إماماً أوتيَ العلم صبياً كأبيه، وقرر أن يعامله على أنه صبيٌّ صغير، حتى لا يُفْتَن به الناس كما فُتنوا بأبيه. وأوفد وزيره عمر بن الفرج الرخجي الى المدينة ليرتب حبس الإمام الهادي (ع) عن الناس، بحجة كفالته وتعليمه!

وقام الرُّخَّجي بالمهمة، وحبس الهادي (ع) في بيت جده الكاظم (ع)، الذي يقع خارج المدينة، ليمنعه من الإتصال بشيعته، وعين له الجنيدي « ليعلمه » العربية والأدب بزعمه، وأمر والي المدينة أن ينفذ أوامره، ويقدم له كل ما يحتاج!

روى المسعودي في دلائل الإمامة / ٢٣٠، عن محمد بن سعيد، قال: « قدم عمر بن الفرج الرُّخَّجي المدينة حاجاً بعد مضي أبي جعفر الجواد (ع) فأحضر جماعة من أهل المدينة والمخالفين المعادين لأهل بيت رسول الله (ص) فقال لهم: أُبْغُوا لي

٧

رجلاً من أهل الأدب والقرآن والعلم، لا يوالي أهل هذا البيت، لأضمه إلى هذا الغلام وأُوكله بتعليمه، وأتقدم إليه بأن يمنع منه الرافضة الذين يقصدونه!

فأسمَوْا له رجلاً من أهل الأدب يكنَّى أبا عبد الله ويعرف بالجنيدي، وكان متقدماً عند أهل المدينة في الأدب والفهم، ظاهر الغضب والعداوة « لأهل البيت »! فأحضره عمر بن الفرج وأسنى له الجاري من مال السلطان، وتقدم إليه بما أراد وعرفه أن السلطان « المعتصم » أمره باختيار مثله، وتوكيله بهذا الغلام.

قال: فكان الجنيدي يلزم أبا الحسن (ع) في القصر بِصِرْيَا « بيت الإمام في مزرعة صريا بضاحية المدينة » فإذا كان الليل أغلق الباب وأقفله، وأخذ المفاتيح إليه! فمكث على هذا مدة، وانقطعت الشيعة عنه وعن الإستماع منه والقراءة عليه.

ثم إني لقيته في يوم جمعة فسلمت عليه وقلت له: ما حال هذا الغلام الهاشمي الذي تؤدبه؟ فقال منكراً عليَّ: تقول الغلام، ولا تقول الشيخ الهاشمي! أُنشدك الله هل تعلم بالمدينة أعلم مني؟ قلت: لا. قال: فإني والله أذكر له الحزب من الأدب، أظن أني قد بالغت فيه، فيملي عليَّ بما فيه أستفيده منه، ويظن الناس أني أُعلمه، وأنا والله أتعلم منه!

قال: فتجاوزت عن كلامه هذا كأني ما سمعته منه، ثم لقيته بعد ذلك فسلمت عليه وسألته عن خبره وحاله، ثم قلت: ما حال الفتى الهاشمي؟ فقال لي: دع هذا القول عنك، هذا والله خير أهل الأرض، وأفضل من خلق الله تعالى، وإنه لربما همَّ بالدخول فأقول له: تَنَظَّرْ حتى تقرأ عُشْرَك فيقول لي: أيَّ السور تحب أن أقرأها؟ وأنا أذكر له من السور الطوال ما لم يبلغ إليه، فيهذُّهَا بقراءة لم أسمع أصح منها من أحد قط، بأطيب من مزامير داود النبي (ع)، التي بها من قراءته

٨

يضرب المثل! قال ثم قال: هذا مات أبوه بالعراق وهوصغيرٌ بالمدينة، ونشأ بين هذه الجواري السود، فمن أين عَلِمَ هذا؟ قال: ثم ما مرَّت به الأيام والليالي حتى لقيته فوجدته قد قال بإمامته، وعرف الحق وقال به »!

دلالة فرض الإقامة الجبرية على الإمام (ع)؟

يعطينا النص المتقدم أضواءً كافية على خطة المعتصم ضد الإمام الهادي (ع) وكيف كانت متقنةً، لكنها فشلت من أساسها، لأن الشخص الذي انتدبه لهذه المهمة انبهر بالإمام (ع) وآمن به!

كما يدل النص على أن شخصية الإمام (ع) وشعبيته، كانت في نظر المعتصم خطراً على خلافته. ومن حقه أن يفكر كذلك، لأن القوة الحقيقية كانت بيد قادة الجيش الأتراك، وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد، فهم الذين خلعوا ابن أخيه العباس بن المأمون وبايعوه، فصار خليفة. فمن الممكن أن يقتنعوا يوماً بالإمام الهادي (ع) ويبايعوه ويخلعوا المعتصم ويفرضوا ذلك على بني العباس وغيرهم،خاصة أن العلويين أبناء فاطمة الزهراء (ع) أقرب الى النبي (ص) من بني العباس. فهم عترة النبي (ص) الذين شهد لهم وأوصى الأمة باتباعهم.

كان المعتصم يرى أن أخاه المأمون أخطأ في إظهار اعتقاده بإمامة الرضا والجواد وإعلانه للناس أن علياً وأبناءه (ع) مميزون بأن علمهم من الله، فلا يحتاجون الى تعليم معلم، وأن صغارهم كبار.

فقد أعطاهم بذلك مقاماً فوق مقام بني العباس، بل نزع الشرعية عن بني العباس ودعواهم أنهم يستحقون الخلافة بقرابتهم بالنبي (ص) بعمه العباس، وأنهم أولى من أولاد علي وفاطمة (ع).

٩

ولذلك اختار المعتصم سياسة أبيه الرشيد، فقتل الإمام الجواد (ع) وأنكر أن يكون ابنه الهادي (ع) مثله، أوتي العلم والحكمة صبياً.

وفي نفس الوقت أظهر أنه يحفظ حق الرحم مع النبي (ص) في عترته، فأمر أن يكون الإمام الهادي (ع) في بيتهم خارج المدينة، ووكل به والي المدينة، واختار له الجنيدي كمعلم في الظاهر، وأعطاه المفتاح ليغلق الباب يومياً على الإمام (ع) فلا يصل اليه شيعته القائلون بإمامته!

استبصر « معلمه » الجنيدي وثبت على الإيمان

راوي خبر الجنيدي، هومحمد بن سعيد، وهوابن غزوان الأزدي، روى عنه الكليني والصدوق والمسعودي وغيرهم، وذكره النجاشي / ٣٧٢ في مصنفي الشيعة، قال: « محمد بن سعيد بن غزوان: له كتاب. قال ابن نوح: أخبرنا محمد بن أحمد بن داود قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عثمان الآجري، عن غزوان بن محمد الأزدي، عن أبيه محمد بن سعيد بن غزوان بكتابه ».

وهذا كاف في توثيقه، كما قال الميرزا جواد التبريزي « تنقيح مباني العروة: ٧ / ٢٦٢ ».

وأبوعبد الله الجنيدي الذي عينه المعتصم معلماً للإمام الهادي (ع) غيرالفقيه المعروف محمد بن أحمد بن الجنيد، وغير الجنيد بن محمد البغدادي الصوفي المشهور، وغير الجنيدي الذي ترجم له السمعاني « ٢ / ٩٩ »، فقال: « وأبوعبد الله بن الجنيد الإسكاف كان يتكلم بكلام الجنيد بن محمد البغدادي كثيراً فلقب به ». فالجنيد والجنيدي متعددٌ في مصادر التاريخ والرواة.

والظاهر أن الجنيدي هذا قد تشيع على يد الإمام الهادي (ع)، وثبت على تشيعه وسكن بغداد، وأنه هوالذي ذكره الصدوق في كمال الدين / ٤٤٢، فيمن رأى

١٠

الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه )، قال: « ورآه من الوكلاء ببغداد: العمري وابنه، وحاجز، والبلالي، والعطار. ومن الكوفة: العاصمي. ومن أهل الأهواز: محمد بن إبراهيم بن مهزيار. ومن أهل قم: أحمد بن إسحاق. ومن أهل همدان: محمد بن صالح. ومن أهل الري: البسامي والأسدي يعني نفسه. ومن أهل آذربيجان: القاسم بن العلاء. ومن أهل نيسابور: محمد بن شاذان.

ومن غير الوكلاء من أهل بغداد: أبوالقاسم بن أبي حليس، وأبوعبد الله الكندي، وأبوعبد الله الجنيدي، وهارون القزاز الخ. ».

صَرْيا مزرعة الإمام موسى بن جعفر (ع)

صَرْيَا: إسم مصدر بمعنى الفصل في الحكم. وهو إسم قرية قرب المدينة أنشأها الإمام موسى بن جعفر (ع).

قال الخليل « ٤ / ٤٠٢ »: « يوم بِغَاث: وقعة كانت بين الأوس والخزرج. ويقال: هو بِغاث على ميل من المدينة، قريب من صَرْيَا. وهوموضع اتخذه موسى بن جعفر أبوالرضا. وصَرْيا معمورة بهم اليوم ».

وقال ابن السكيت / ٣١٠: « يقال: اختصمنا إلى الحاكم فقطع ما بيننا وفصل ما بيننا، وصرى ما بيننا وهو يصري صَرْياً ».

وقال ابن منظور « ١٤ / ٤٥٧ »: « وصَرَى ما بينَنا يَصْري صَرْياً: أَصْلَحَ ».

ويظهر من أخبارها أن مساحتها واسعة وفيها زرع ونخيل.

١١

وكان يتواجد فيها الأئمة من أبناء الكاظم وهم الرضا والجواد والهادي (ع)، وقد ولد فيها الإمام الهادي (ع) سنة ٢١٢، وعاش فيها مدةً من عمره الشريف.

لذلك رأى الرُّخجي مبعوث المعتصم أنها مكانٌ مناسبٌ لفرض الإقامة الجبرية على الإمام الهادي (ع) لحفظ احترامه في الظاهر، وقطعه عن جمهوره من البلاد.

فشلت خطة المعتصم في محاصرة الإمام (ع)

الأخبار قليلة عن المرحلة التي كان فيها الإمام الهادي (ع) تحت الإقامة الجبرية وماذا جرى بينه وبين الجنيدي، وكم طالت مدتها، وكيف كان برنامج الإمام في زيارة قبر جده النبي (ص)، ولقاء شيعته؟ لكن المؤكد أن التغيرات السياسية وتسديد الله تعالى لوليه (ع)، قد أفشلا خطة المعتصم.

ويدل عليه أن الجنيدي المسؤول عن حصاره، انبهر بعلمه (ع) وشخصيته، وآمن بأنه حجة الله على أرضه. فمن الطبيعي أن يُسهِّلَ ذلك على شيعته وعامة الناس، أن يكسروا محاصرته، خاصةً في موسم الحج.

١٢

كان الواثق ليناً مع العلويين ومعجباً بالإمام الهادي (ع)

لما مات المأمون كان الإمام الهادي (ع) طفلاً في السادسة من عمره في ظل أبيه الإمام الجواد (ع). ولما مات المعتصم سنة ٢٢٧، انتهى قراره بمحاصرة الإمام الهادي (ع) وكان الإمام يومها في السادسة عشرة. ثم حكم الواثق نحو ست سنين ومات سنة ٢٣٢، وكان عمر الإمام (ع) يومها نحو ٢١ سنة.

وقد ترجمنا للواثق في سيرة الإمام الجواد (ع)، وذكرنا أنه رغم استغراقه في شهواته، كان ليناً مع الطالبيين فلم يقتل منهم أحداً، مع أن كبار شخصياتهم كانوا عنده في سامراء، تحت الإقامة الجبرية.

قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين / ٣٩٤: « لا نعلم أحداً قُتل في أيامه « يقصد من الطالبيين » إلا أن علي بن محمد بن حمزة، ذكر أن عمرو بن منيع قتل علي بن محمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين، ولم يذكر السبب في ذلك، فحكيناه عنه على ما ذكره، فقتل في الواقعة التي كانت بين محمد بن مكيال ومحمد بن جعفر. هذا بالري. وكان آل أبي طالب مجتمعين بسر من رأى في أيامه، تُدَرُّ الأرزاق عليهم، حتى تفرقوا في أيام المتوكل ».

وكان الواثق معجباً بالإمام الهادي (ع) وربما أظهر ذلك، بخلاف أبيه المعتصم، فقد طَرَحَ يوماً سؤالاً على الفقهاء فعجزوا عنه، فقال لهم: أنا آتيكم بمن يعرف الجواب، وأحضر الإمام الهادي (ع)!

١٣

روى في تاريخ بغداد « ١٢ / ٥٦ »: « قال يحيى بن أكثم في مجلس الواثق والفقهاء بحضرته: مَن حَلَقَ رأسَ آدم حين حجَّ؟ فتعايى القوم عن الجواب فقال الواثق: أنا أحضركم من ينبؤكم بالخبر! فبعث إلى علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فأحضر فقال: يا أبا الحسن، مَن حلق رأس آدم؟ فقال: سألتك بالله يا أمير المؤمنين إلا أعفيتني. قال: أقسمت عليك لتقولن. قال: أما إذا أبيت فإن أبي حدثني عن جدي، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله (ص): أمر جبريل أن ينزل بياقوتة من الجنة، فهبط بها فمسح بها رأس آدم فتناثر الشعر منه، فحيث بلغ نورها صار حرماً ».

وكان هذا السؤال مطروحاً قبل الواثق، وعجز علماء السلطة عن جوابه، ففي تاريخ بغداد « ١٣ / ١٦٧ »: « قال مقاتل بن سليمان بمكة: سلوني ما دون العرش! فقام قيس القيَّاس فقال: من حلق رأس آدم في حجته؟ فبقي! ».

والظاهر أن هذه القصة كانت في موسم الحج، في مكة أوالمدينة، لأن الإمام الهادي (ع) لم يذهب الى سامراء في زمن الواثق. وقد حج الواثق مرة واحدة قبل وفاته سنة ٢٣١، ومعناه أن الإمام الهادي (ع) كان يومها في سن العشرين.

قال ابن تغري في مورد اللطافة « ١ / ١٥٣ »: « وحج الواثق مرة، ففرق بالحرمين أموالاً عظيمة، حتى لم يبق بالحرمين فقير ». واليعقوبي: ٢ / ٤٨٣.

١٤

المتوكل يضطهد الإمام الهادي (ع)

عاش الإمام الهادي (ع) في خلافة المتوكل وابنه المنتصر، ثم في خلافة المستعين والمعتز، الذي ارتكب جريمة قَتْل الإمام (ع) بالسم، وذلك في الثالث من رجب سنة ٢٥٤، هجرية.

وقد ضيق المعتصم على الإمام (ع)، ثم شدَّد عليه المتوكل في أول خلافته وأحضره الى سامراء، وحاول قتله فلم يجد حجة، فعاد الإمام (ع) الى المدينة.

ثم أحضره المتوكل ثانيةً، وفرض عليه الإقامة في سامراء، واضطهد كل بني هاشم، وأفقرهم، وقتلهم، وشردهم. وهدم قبر الحسين (ع) ومنع من زيارته. فنقم عليه المسلمون، حتى كتبوا شتمه على جدران البيوت في بغداد. وثار عليه الأتراك وقتلوه، وولوا ابنه المنتصر فحكم شهوراً، ثم قتله الأتراك.

ومن يومها صار الأتراك القوة الأولى التي تنصب الخليفة وتعزله! حتى جاء البويهوين الفرس بعد نحو قرن، وحلوا محلهم!

قال اليعقوبي في البلدان « ١ / ١٦ » يصف حكم خمسة خلفاء عباسيين في بضع سنوات: « مات المنتصر بسر من رأى في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين. ووليَ المستعين أحمد بن محمد بن المعتصم، فأقام بسر من رأى سنتين وثمانية أشهر، حتى اضطربت أموره فانحدر إلى بغداد في المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين، فأقام بها يحارب أصحاب المعتز سنة كاملة، والمعتز بسر من رأى معه الأتراك وسائر الموالي. ثم خُلع المستعين ووليَ المعتز، فأقام بها حتى قتل ثلاث سنين

١٥

وسبعة أشهر بعد خلع المستعين، وبويع محمد المهتدي بن الواثق في رجب سنة خمس وخمسين ومائتن، فأقام حولاً كاملاً ينزل الجوسق حتى قُتل.

وولي أحمد المعتمد بن المتوكل فأقام بسر من رأى في الجوسق وقصور الخلافة، ثم انتقل إلى الجانب الشرقي بسر من رأى، فبنى قصراً موصوفاً بالحسن سماه المعشوق فنزله فأقام به حتى اضطربت الأمور فانتقل إلى بغداد، ثم إلى المدائن ».

أقول: في هذه المرحلة غضب الله تعالى على العباسيين، فاضطرب نظام الخلافة.

فقد قتل المتوكل وقصرت أعمار الخلفاء، ووقع الصراع بينهم، وبينهم وبين قادة جيشهم الأتراك، وبين الأتراك أنفسهم.

وفي هذه الصراعات كانوا يقتلون الخليفة الذي لا يعجبهم، ويختارون عباسياً غيره. وكانت طريقة قتل الخليفة غالباً بعصر خصيتيه!

١٦

الفصل الثاني:

من مفردات صحيفة المتوكل

الهوية الشخصية

هو جعفر بن المعتصم، بن هارون، بن المهدي، بن المنصور العباسي. ولد سنة ٢٠٥ ، وحكم سنة ٢٣٢ ، وقتل سنة ٤٧، فمدة حكمه نحوخمسة عشرة سنة.

قالوا في صفته: « كان أسمرَ، جميلاً، مليح العينين، نحيف الجسم، خفيف العارضين، مربوعاً، وأمه أمةٌ قفقازية إسمها شجاع. وكانت له جُمَّةٌ إلى شحمة أذنيه ». « سير الذهبي: ١٢ / ٣٠، ومآثر الإنافة: ١ / ٢٢٨ ».

وقال محمد بن أبي الدنيا: « رأيت المتوكل أسمر حسن العينين، نحيف الجسم، خفيف العارضين وكان إلى القِصر أقرب، ويكنى أبا الفضل ». « تاريخ بغداد « ٧ / ١٨١ ».

وقال المسعودي في مروج الذهب « ٤ / ٣ »: « فلما كان في اليوم الثاني لقبه أحمد بن أبي دؤاد: المتوكل على الله. وذلك في اليوم الذي مات فيه الواثق أخوه، وهويوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، ويكنى بأبي الفضل، وبويع له وهو ابن سبع وعشرين سنة وأشهر، وقتل وهو ابن إحدى وأربعين سنة، فكانت خلافته أربع عشرة سنة وتسعة أشهر وتسع ليال، وأمه أم ولد خوَارزمية يقال لها شجاع، وقتل ليلة الأربعاء لثلاث خلون من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين ».

١٧

وفي المحبر لابن حبيب / ٤٤: « قال أبو العباس بن الواثق: أم المتوكل تركية، وهي خالة موسى بن بغا، ويقال لها شجاع. وإسم أختها أم موسى بن بغا: حُسْن ».

كان حضرة الخليفة مخنثاً يطلب الرجال!

قال الطبري « ٧ / ٣٤٣ »: « وكان الواثق قد غضب على أخيه جعفر المتوكل لبعض الأمور، فوكل عليه عمر بن فرج الرخجي، ومحمد بن العلاء الخادم، فكانا يحفظانه « من التخنث » ويكتبان بأخباره في كل وقت!

فصار جعفر إلى محمد بن عبد الملك يسأله أن يكلم له أخاه الواثق ليرضى عنه، فلما دخل عليه مكث واقفاً بين يديه ملياً لا يكلمه، ثم أشار إليه أن يقعد فقعد، فلما فرغ من نظره في الكتب التفت إليه كالمتهدد له فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت لتسأل أمير المؤمنين الرضا عني. فقال لمن حوله: أنظروا إلى هذا يُغضب أخاه، ويسألني أن أسترضيه له! إذهب فإنك إذا صلحتَ « تركت التخنث » رضي عنك.

فقام جعفر كئيباً حزيناً لما لقيه به من قبح اللقاء والتقصير به، فخرج من عنده فأتى عمر بن فرج ليسأله أن يختم له صكه ليقبض أرزاقه، فلقيه عمر بن فرج بالخيبة، وأخذ الصك فرمى به إلى صحن المسجد، وكان عمر يجلس في مسجد وكان أبو الوزير أحمد بن خالد حاضراً، فقام لينصرف فقام معه جعفر فقال: يا أبا الوزير، أرأيت ما صنع بي عمر بن فرج! قال: جعلت فداك، أنا زمامٌ عليه وليس يختم صكي بأرزاق إلا بالطلب والترفق به، فابعث إلى بوكيلك فبعث جعفر بوكيله فدفع إليه عشرين ألفاً، وقال: أنفق هذا حتى يهيئ الله أمرك

١٨

فأخذها، ثم أعاد إلى أبي الوزير رسوله بعد شهر يسأله إعانته، فبعث إليه بعشرة آلاف درهم. ثم صار جعفر من فوره حين خرج من عند عمر إلى أحمد بن أبي دؤاد، فدخل عليه فقام له أحمد واستقبله على باب البيت وقبَّله والتزمه، وقال: ما جاء بك جعلت فداك؟ قال: قد جئت لتسترضي لي أمير المؤمنين. قال: أفعلُ ونِعْمَةُ عَيْنٍ وكرامة، فكلم أحمد بن أبي دؤاد الواثق فيه فوعده ولم يرض عنه، فلما كان يوم الحلبة كلم أحمد بن أبي دؤاد الواثق، وقال معروفُ المعتصمِ عندي معروفٌ، وجعفرُ ابنه، فقد كلمتك فيه ووعدتَ الرضا، فبحق المعتصم يا أمير المؤمنين إلا رضيتَ عنه، فرضي عنه من ساعته وكساه. وانصر ـ ف الواثق وقد قلد أحمد بن أبي دؤاد جعفراً بكلامه حتى رضيَ عنه أخوه شكراً، فأحظاه ذلك عنده حين مَلَك.

وذكر أن محمد بن عبد الملك كان كتب إلى الواثق حين خرج جعفر من عنده: يا أمير المؤمنين، أتاني جعفر بن المعتصم يسألني أن أسأل أمير المؤمنين الرضا عنه، في زي المخنثين له شَعْرُ قَفَا! فكتب إليه الواثق: إبعث إليه فأحضره ومُرْ من يَجُزُّ شعر قفاه، ثم مُرْ من يأخذ من شعره ويضرب به وجهه، واصرفه إلى منزله!

فذُكِرَ عن المتوكل أنه قال: لما أتاني رسوله لبست سواداً لي جديداً وأتيته رجاءَ أن يكون قد أتاه الرضا عني، فأتيته فقال: يا غلام أدع لي حَجَّاماً فدعا به، فقال: خذ شعره واجمعه، فأخذه على السواد الجديد ولم يأته بمنديل، فأخذ شعره وشعر قفاه وضرب به وجهه!

١٩

قال المتوكل: فما دخلني من الجزع على شئ مثل ما دخلني حين أخذني على السواد الجديد، وقد جئته فيه طامعاً في الرضا. فأخذ شعري عليه ».

أقول: يتضح بذلك أن سبب غضب الواثق على المتوكل أنه كان مخنثاً شاذاً، أطال شعره كما يفعل المخنثون، الذين يتشبهون بالنساء، ويطلبون الرجال!

وكان على المخنث الغني أن يعطي الشاب التركي أجرة لواطه به، كما فعل عبَّادة المخنث! « خرج عَبَّادة يوماً في السحر إلى الحمام، فلقي غلاماً من أولاد الأتراك فأعطاه عشرة دراهم وقال: إقطع أمر عمك »!

وأتوا به من سجن المخانيث الى كرسي الخلافة!

أوصى الواثق بالخلافة الى ابنه محمد، لكن كبار أركان الدولة استصغروه، فجاؤوا بالمتوكل من سجنه، ونصبوه خليفة.

قال الطبري « ٧ / ٢٤١ »: « لما توفيَ حضر الدار أحمد بن أبي دؤاد، وإيتاخ، ووصيف وعمر بن فرج، وابن الزيات، وأحمد بن خالد أبوالوزير، فعزموا على البيعة لمحمد بن الواثق، وهوغلام أمرد فألبسوه دراعة سوداء وقلنسوة رصافية، فإذا هوقصير، فقال لهم وصيف « القائد التركي »: أما تتقون الله تولون مثل هذا الخلافة، وهولا يجوز معه الصلاة! قال فتناظروا فيمن يولونها فذكروا عدةً، فذُكر عن بعض من حضر الدار مع هؤلاء أنه قال: خرجت من الموضع الذي كنت فيه فمررت بجعفر المتوكل فإذا هوفي قميص وسروال قاعد مع أبناء الأتراك، فقال لي: ما الخبر؟ فقلت: لم ينقطع أمرهم. ثم دعوا به، فأخبره بغا الشر ـ ابي الخبر،

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الشافعي(١) - وسيأتي(٢) - فحينئذٍ تجب الزكاة عند الحول.

ومقتضى قول المانعين من الوجوب على المديون المنع هنا ، لأنّه دَين(٣) .

وقيل : لا تجب بمعنى آخر وهو عدم استقرار الملك ، إذ لصاحبها أخذها متى وجدها(٤) .

مسألة ٢٧ : إمكان الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب‌ ، فلو لم يتمكّن المسلم من إخراجها بعد الحول حتى تلفت لم يضمن ، ولو تلف بعض النصاب سقط من الفريضة بقدره ، وسيأتي(٥) البحث في ذلك إن شاء الله تعالى.

أمّا الكافر فإنّ الزكاة وإن وجبت عليه عندنا ، لأنّه مخاطب بالفروع ، وبه قال الشافعي(٦) - خلافا لأحمد وأبي حنيفة(٧) - إلاّ أنّه لا يصح منه أداؤها حال كفره.

فإذا أسلم سقطت عنه وإن كان النصاب موجوداً ، لأنّها عبادة فسقطت بإسلامه ، لقولهعليه‌السلام : ( الإِسلام يجبّ ما قبله )(٨) ويستأنف الحول حين الإِسلام.

ولو هلكت بتفريطه حال كفره فلا ضمان وإن أسلم.

وأما المرتدّ فلا يسقط عنه ما وجب عليه حال الإِسلام.

____________________

(١) حكاه ابنا قدامة في المغني ٢ : ٦٤٢ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٥٣.

(٢) يأتي في اللقطة ( المقصد الخامس من كتاب الأمانات ).

(٣) اُنظر : المغني ٢ : ٦٤٢ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٥٣.

(٤) القائل هو ابن عقيل من الجمهور. اُنظر : المغني ٢ : ٦٤٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٥٣.

(٥) يأتي في المسألة ١٢٤.

(٦) المجموع ٣ : ٤ و ٥ : ٣٢٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ٤.

(٧) بدائع الصنائع ٢ : ٤ ، المغني ٢ : ٤٨٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٣٧.

(٨) مسند أحمد ٤ : ١٩٩ و ٢٠٤ و ٢٠٥.

٤١

ثم إن كان عن فطرة انتقلت أمواله إلى ورثته في الحال وإلّا بقيت عليه ، فإذا حال الحول وجبت عليه.

وإذا أخرج في حال الردّة جاز ، وبه قال الشافعي(١) ، كما لو أطعم عن الكفارة ، وفيه له وجه آخر(٢) .

وأمّا الشرائط الخاصة فستأتي عند كلّ صنف إن شاء الله تعالى.

* * *

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٨ ، مغني المحتاج ١ : ٤٠٨.

(٢) وهو عدم إخراج المرتدّ زكاته حال ردّته. اُنظر : المجموع ٥ : ٣٢٨ ، وفتح العزيز ٥ : ٥١٩.

٤٢

٤٣

المقصد الثاني

في المحلّ‌

وقد أجمع المسلمون كافّة على إيجاب الزكاة في تسعة أشياء : الإِبل ، والبقر ، والغنم ، والذهب ، والفضة ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، واختلفوا في ما زاد على ذلك ، وسيأتي(١) ، فهنا مطالب :

الأول : في زكاة الأنعام‌ ، وفيه فصول :

____________________

(١) يأتي في المسائل ١١٠ - ١١٥.

٤٤

٤٥

الفصل الأول

في زكاة الإِبل‌

مسألة ٢٨ : يشترط فيها أربعة : الملك ، والنصاب ، والسوم ، والحول‌ ، أمّا الملك ، فلما تقدّم(١) : أنّ غير المالك لا زكاة عليه ، وأمّا النصاب فبإجماع المسلمين.

لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ليس فيما دون خمس ذود(٢) صدقة )(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « ليس فيما دون الخمس من الإِبل شي‌ء »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فالنُصُب في الإِبل ثلاثة عشر نصاباً : خمس ، عشر ، خمس عشرة ، عشرون ، خمس وعشرون ، ستّ وعشرون ، ستّ وثلاثون ، ستّ وأربعون ، إحدى وستّون ، ستّ وسبعون ، إحدى وتسعون ، مائة‌

____________________

(١) تقدّم في المسألة ١١.

(٢) الذود من الإِبل : ما بين الثنتين الى التسع. النهاية - لابن الأثير - ٢ : ١٧١ « ذود ».

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٧٣ / ١ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٤ ، سنن النسائي ٥ : ٤٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٨٥ و ١٢٠.

(٤) التهذيب ٤ : ٢٠ / ٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩ / ٥٦.

٤٦

وإحدى وعشرون ، ثم بعد ذلك أربعون أو خمسون بالغاً ما بلغت عند علمائنا أجمع ، وسيأتي(١) البحث في ذلك.

مسألة ٢٩ : يشترط فيها وفي غيرها من الأنعام السوم‌ ، وهي الراعية المعدّة للدرّ والنسل.

واحترزنا بذلك عن المعلوفة وإن كانت للدّر والنسل ، والعوامل وإن لم تكن معلوفةً ، فإنّه لا زكاة فيهما عند علمائنا أجمع ، وبه قال عليعليه‌السلام ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله ، ومن التابعين : سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد والحسن البصري والنخعي ، ومن الفقهاء : الشافعي وأبو حنيفة والثوري والليث بن سعد وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( في أربعين من الغنم السائمة شاة )(٣) دلّ بمفهومه على انتفاء الزكاة عن المعلوفة ، وإلّا كان ذكر الوصف ضائعاً ، بل موهماً للتخصيص ، ولو لم يكن مراداً كان قبيحاً.

وقالعليه‌السلام : ( ليس في البقر العوامل صدقة )(٤) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وليس على العوامل شي‌ء ، إنّما ذلك على السائمة الراعية »(٥) .

ولأنّ وصف النماء معتبر في الزكاة ، والمعلوفة يستغرق علفها نماءها.

____________________

(١) يأتي في المسائل ٣٥ - ٣٧.

(٢) المجموع ٥ : ٣٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢ ، مختصر المزني : ٤٥ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٦٥ ، المغني ٢ : ٤٣٨ و ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٥ و ٥٠١ ، عمدة القارئ ٩ : ٢٢ ، المحلّى ٦ : ٤٥.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، سنن الدارقطني ٢ : ١١٤ و ١١٥ / ٢ و ٣ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٠ بتفاوت فيها.

(٤) المعجم الكبير للطبراني ١١ : ٤٠ / ١٠٩٧٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٠٣ / ٢.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٢ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ / ٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢١ / ٥٩.

٤٧

وقال مالك : تجب في العوامل والمعلوفة. وبه قال ربيعة ومكحول وقتادة(١) .

وقال داود : تجب في عوامل البقر والإبل ومعلوفها دون الغنم(٢) .

لقولهعليه‌السلام : ( في أربعين شاة شاة ، وفي ثلاثين من البقر تبيع )(٣) ولأنه تجوز الأضحية به فأشبه السائمة.

والحديث يخصّه مفهوم الخطاب ، والفرق بين السائمة والمعلوفة لزوم المؤونة في المعلوفة ، والعوامل معدّة لاستعمال مباح فأشبهت الثياب.

مسألة ٣٠ : لو سامت بعض الحول ، وعلفها البعض الآخر‌ ، قال الشيخ تعالى : يحكم للأغلب(٤) . وبه قال أبو حنيفة وأحمد وبعض الشافعية ، لأنّ اسم السوم لا يزول مع القلّة ، وخفّة المؤونة موجودة فكانت زكاة السوم واجبةً كالزرع إذا سقي سيحاً وناضحاً(٥) .

وقال بعض الشافعية : إن علفها يوماً أو يومين لم يبطل حكم السوم ، وإن علفها ثلاثة أيّام زال حكم السوم ، لأنّ ثلاثة أيّام لا تصبر عن العلف ، وما دون ذلك تصبر عن العلف ، ولا تتلف بتركه(٦) .

وقال بعضهم : إنّما يثبت حكم العلف بأن ينوي علفها ويفعله وإن كان مرّة ، كما لو كان له ذهب فنوى صياغته وصاغه انقطع حوله(٧) .

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ٣١٣ ، القوانين الفقهية : ١٠٧ ، المغني ٢ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٥ ، عمدة القارئ ٩ : ٢٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢.

(٢) حلية العلماء ٣ : ٢٢.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ / ١٥٧٢.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٨.

(٥) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٦٦ ، المغني ٢ : ٤٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٦ ، المجموع ٥ : ٣٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.

(٦) المجموع ٤ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢.

(٧) حلية العلماء ٣ : ٢٣ ، المجموع ٥ : ٣٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٦.

٤٨

ولأنّ السوم موجب ، والعلف مسقط ، وإذا اجتمعا غُلّب الإِسقاط ، كما لو كان معه أربعون منها واحدة معلوفة لم تجب ، تغليباً للمسقط ، والزرع اعتبر فيه الأكثر ، لأنّه غير مسقط ، بخلاف مسألتنا.

والأقرب عندي اعتبار الاسم ، فإن بقي عليها اسم السوم وجبت وإلّا سقطت.

فروع :

أ - إذا خرجت عن اسم السوم بالعلف ، ثم عادت إليه استؤنف الحول من حين العود ، ولا فرق بين أن يعلفها مالكها أو غيره ، بإذنه أو بغير إذنه من مال المالك.

ولو علفها من ماله ، فالأقرب إلحاقها بالسائمة ، لعدم المؤونة حينئذٍ ، ولا فرق بين أن يكون العلف لعذر كالثلج أو لا.

ب - لو علفها بقصد قطع الحول وخرجت عن اسم السائمة انقطع الحول.

وقال الشافعي : لا ينقطع(١) . وسيأتي بحثه في قاصد الفرار بالسبك(٢) .

ج - لو تساوى زمان العلف والسوم ، فعندنا لا زكاة ، وعلى قول الشيخ من اعتبار الأغلب ينبغي السقوط أيضاً.

د - لو اعتلفت من نفسها حتى خرجت عن اسم السائمة سقطت الزكاة ، ومن اعتبر القصد من الشافعيّة لم يسقطها ، وأسقطها بعضهم ، لخروجها عن اسم السوم(٣) .

ه- لو غصب سائمته غاصب فلا زكاة عندنا.

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٥٨.

(٢) يأتي في الفرع « و» من المسألة ٧١.

(٣) المجموع ٥ : ٣٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٦ - ٤٩٧.

٤٩

ومن أوجبها في المغصوب فعنده وجهان : الوجوب ، لأنّ فعل الغاصب عديم الأثر ، وكذا لو غصب ذهباً واتّخذ منه حُليّاً لا تسقط. وهو ممنوع.

والعدم ، لفوات شرط السوم ، كما لو ذبح بعض الماشية(١) .

ولو غصب معلوفة وأسامها ، فوجهان : الوجوب ، لحصول الرفق ، كما لو غصب حنطة وبذرها يجب العشر في النابت ، والمنع(٢) ، لما تقدّم.

فإن وجبت قيل : تجب على الغاصب ، لأنّه من فعله. وقيل : على المالك.

ففي رجوعه على الغاصب وجهان : المنع ، لأنّ السبب في الوجوب ملك المالك ، والرجوع ، لأنّه لو لا الإِسامة لم تجب.

وهل يرجع قبل الإِخراج أو بعده؟ وجهان(٣) ؛ وهذا كلّه ساقط عندنا.

مسألة ٣١ : المال الذي تجب فيه الزكاة ضربان : ما هو نماء في نفسه ، وما يرصد للنماء ، فالأول الحبوب والثمار ، فإذا تكامل نماؤه وجبت فيه الزكاة ولا يعتبر فيه حول.

وما يرصد للنماء كالمواشي يرصد للدرّ والنسل ، والذهب والفضّة للتجارة ، فإنه لا تجب فيه الزكاة حتى يمضي حول من حين تمّ نصابه في ملكه ، وبه قال جميع الفقهاء(٤) .

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٥) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٤٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ ، المجموع ٥ : ٣٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٤٩ - ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.

(٣) المجموع ٥ : ٣٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ - ٤٩٨.

(٤) المجموع ٥ : ٣٦١.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ - ١٠١ / ١٥٧٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧١ / ١٧٩٢ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٠ - ٩١ / ٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٥.

٥٠

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « ليس على العوامل من الإِبل والبقر شي‌ء ، إنما الصدقات على السائمة الراعية ، وكلّ ما لم يحل عليه الحول عند ربّه فلا شي‌ء عليه فيه ، فإذا حال الحول وجب عليه »(١) .

وقول الباقرعليه‌السلام : « الزكاة على المال الصامت الذي يحول عليه الحول ولم يحرّكه »(٢) .

وحكي عن ابن عباس وابن مسعود أنهما قالا : إذا استفاد المال زكّاه في الحال ، ثم تتكرّر الزكاة بتكرّر الحول(٣) ؛ لأنّه مال تجب فيه الزكاة فوجبت حال استفادته كالحبوب والثمار.

والفرق : أن الغلّات يتكامل نماؤها دفعة ، ولهذا لا تتكرّر الزكاة فيها بخلاف هذه.

مسألة ٣٢ : يشترط بقاء النصاب طول الحول‌ ، فلو نقص في وسطه أو أحد طرفيه وكمل اعتبر ابتداء الحول من حين الكمال ، وسقط حكم الأول عند علمائنا ، وبه قال الشافعي وأحمد(٤) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٥) وهو يقتضي مرور الحول على جميعه.

ولأنّ ما اعتبر في طرفي الحول اعتبر في وسطه كالملك والإِسلام.

وحكي عن أبي حنيفة : أنّ النصاب إذا كمل طرفي الحول لم يضرّ نقصه‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٤ - ١ ، التهذيب ٤ : ٤١ - ١٠٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ - ٦٥.

(٢) التهذيب ٤ : ٣٥ - ٩٠.

(٣) المغني ٢ : ٤٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦١ ، المجموع ٥ : ٣٦١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥ ، الميزان للشعراني ٢ : ٢.

(٤) المجموع ٥ : ٣٦٠ ، المغني ٢ : ٤٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤.

(٥) تقدمت مصادره في المسألة ٣١.

٥١

في وسطه(١) . وليس بجيّد.

مسألة ٣٣ : وحولان الحول هو مضيّ أحد عشر شهراً كاملة على المال‌ ، فإذا دخل الثاني عشر وجبت الزكاة وإن لم تكمل أيامه ، بل تجب بدخول الثاني عشر عند علمائنا أجمع.

لقول الصادقعليه‌السلام ، وقد سئل عن رجل كانت له مائتا درهم فوهبها بعض إخوانه أو ولده أو أهله فراراً من الزكاة : « إذا دخل الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه الزكاة »(٢) .

فروع :

أ - في احتساب الثاني عشر من الحول الأول أو الثاني إشكال ينشأ من أنّه من تمام الأول حقيقةً ، ومن صدق الحولان باستهلال الثاني عشر.

ب - لو تلف بعض النصاب قبل الحول فلا زكاة ، وبعده يجب الجميع إن فرّط وإلّا فبالنسبة.

ج - لو ارتدّ في أثناء الحول عن فطرة استأنف ورثته الحول ، ولو كان عن غيرها أتمّ.

مسألة ٣٤ : لا تجب الزكاة في السخال‌ وهي أولاد الغنم أوّل ما تلدها حتى يحول عليها الحول من حين سومها ، ولا يبنى على حول الاُمّهات ، فلو كان عنده أربع ، ثم نتجت وجبت الشاة إذا استغنت بالرعي حولاً.

ولو كان عنده خمس ستة أشهر ، ثم نتجت خمساً ، وتمّ الحول وجبت الزكاة في الخمس لا غير عند علمائنا ، وبه قال الحسن البصري والنخعي(٣) .

لقولهعليه‌السلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول )(٤)

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، المغني ٢ : ٤٩٥.

(٢) الكافي ٣ : ٥٢٦ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٦ / ٩٢.

(٣) المغني ٢ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٠ ، المجموع ٥ : ٣٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٤) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة ٣١.

٥٢

ولأصالة البراءة.

وقال الشافعي : السخال تضمّ إلى الاُمّهات في حولها بثلاث شرائط : أن تكون متولّدةً منها ، وأن تكون الاُمّهات نصاباً ، وأن توجد معها في بعض الحول ، فلو لم تكن متولّدةً منها ، بل كان الأصل نصاباً ، فاستفاد مالاً من غيرها ، وكانت الفائدة من غير عينها لم تضمّ إليها ، وكان حول الفائدة معتبراً بنفسها سواء كانت الفائدة من جنسها بأن يحول على خمسة من الإِبل ستة أشهر ، ثم تملّك خمساً منها أو من غير جنسها مثل أن حال على خمسة من الإِبل ستة أشهر ، ثمّ ملك ثلاثين بقرة.

ولو ملك عشرين شاة ستة أشهر فزادت حتى بلغت أربعين كان ابتداء الحول من حين كملت نصاباً سواء كانت الفائدة من عينها أو من غيرها ؛ لقصور الاُمّهات عن النصاب.

ولو وجدت بعد انقضاء الحول لم تضمّ إليها.

واحتجّ على التبعيّة : بقول عليعليه‌السلام : « اعتد عليهم بالكبار والصغار »(١) .

وقال عمر لساعيه : اعتد عليهم بالسخلة(٢) . ولا مخالف لهما فكان إجماعاً ، ولأنّ النماء إذا تبع الأصل في الملك تبعه في الزكاة كأموال التجارة(٣) .

والجواب : نقول بموجب الحديث ، فإنّ السخال والصغار تجب فيهما الزكاة مع حصول السوم ، ونمنع حكم الأصل.

ونازع أبو حنيفة الشافعي في الشرط الأول ، فقال : إذا استفاد سخالاً‌

____________________

(١و٢) أورد قولهما أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ١ : ١٥٠ - ١٥١ ، والرافعي في فتح العزيز ٥ : ٤٨٣ ، وانظر أيضاً لقول عمر : الموطأ ١ : ٢٦٥ ذيل الحديث ٢٦ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠١.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ - ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ - ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣.

٥٣

من غير غنمه في أثناء الحول ضمّ إلى ماله إذا كان من جنسه ، وكان حول الاُمّهات حول السخال ، وإن لم تكن من جنسه كسخال الإِبل مع الغنم لم تضمّ ، فلو كان عنده خمس من الإِبل حولاً إلّا يوماً فملك خمساً من الإِبل ، ثم مضى اليوم زكّى المالين معاً ، وبه قال مالك(١) .

لكن انفرد أبو حنيفة بأنّه إن زكّى بدلها لم تضمّ مثل أن كان عنده خمس من الإِبل ومائتا درهم أخرج زكاة المائتين ، ثم اشترى بها خمساً من الإِبل لم تضمّ إلى التي كانت عنده في الحول ، وإن لم يزكّ المبدل ضمّهما معاً ، ولو كان عنده عبد وأخرج زكاة الفطرة عنه ، ثم اشترى به خمساً من الإِبل ضمّها إلى ما عنده(٢) .

واحتجّ أبو حنيفة على الضمّ وإن لم يكن من أصله : بأنّ الحول أحد شرطي الزكاة فوجب أن يضمّ المستفاد إلى النصاب فيه كالنصاب - وينتقض بالمزكّى بدله - ولأنّ الضمّ في النصاب إنّما هو في المستقبل فكذا في الحول.

وينتقض بقولهعليه‌السلام : ( ليس في مال المستفيد زكاة حتى يحول عليه الحول )(٣) .

ولأنّها فائدة لم تتولّد ممّا عنده فلم تضمّ إليه في حوله كالتي زكّي بدلها أو كانت من غير جنسه.

ونازع مالك الشافعي في الشرط الثاني ، فقال : لو كانت الغنم أقلّ من أربعين ، ومضى عليها بعض الحول ، ثم توالدت وتمّت الأربعين اعتبر الحول من حين ملك الاُصول ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ؛ لأنّ السخال إنّما تضمّ في الزكاة فتجب أن تضمّ إلى ما دون النصاب كأرباح التجارات(٤) .

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣ - ٤٨٤ ، القوانين الفقهية : ١٠٧ - ١٠٨.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٨٤.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ٩٠ / ٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٤.

(٤) المدونة الكبرى ١ : ٣١٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٩٢ ، التفريع ١ : ٢٨٣ ، المغني ٢ : ٤٧٠ - ٤٧١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

٥٤

ونمنع الحكم في الأصل ، وللفرق بأنّ مراعاة القيمة في كلّ حال يشقّ فاعتبر آخر الحول بخلاف السخال ؛ لأنّ الزكاة تجب في عينها فلا يشقّ ذلك فيه فاعتبر في جميع الحول ، كما لو تمّت بغير سخالها.

فروع :

أ - لو نتجت بعد الحول وقبل إمكان الأداء لم تضمّ عندنا ، وهو ظاهر.

وللشافعي قولان مبنيّان على وجوب الزكاة هل يتعلّق بإمكان الأداء أم لا؟

فإن قيل : بأنّه شرط الوجوب ضمّت ، وإن قيل : إنّه شرط الضمان لم تضمّ(١) .

ب - لا تؤخذ السخلة في الزكاة إجماعاً ، أمّا عندنا ، فلعدم الوجوب ، وأمّا المخالف ، فلقول عمر : اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه ولا تأخذها منهم(٢) .

ولو كان النصاب كلّه صغاراً جاز أخذ الصغيرة ، وإنّما يتصوّر عندهم لو بدّل كباراً بصغار في أثناء الحول ، أو كان عنده نصاب من الكبار فتوالدت نصاباً من الصغار ثم ماتت الاُمّهات ، وحال الحول على الصغار ، وهو ظاهر قول أحمد(٣) .

وقال مالك : لا يؤخذ إلّا كبيرةً تجزي في الاُضحية(٤) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( إنّما حقّنا في الجذعة أو الثنيّة )(٥) .

وهو محمول على ما فيه كبار.

ج - لو ملك نصاباً من الصغار انعقد عليه حول الزكاة من حين ملكه إذا‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٣٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢.

(٢) نقله ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٠٩.

(٣و٤) المغني ٢ : ٤٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٦.

(٥) أورده ابنا قدامة في المغني ١ : ٤٧١ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٠٦.

٥٥

صدق عليه اسم السوم وإلّا فلا.

وقال أبو حنيفة وأحمد - في رواية - : لا ينعقد عليه الحول حتى يبلغ سنّاً يجزئ مثله في الزكاة ، وهو محكي عن الشعبي(١) .

لقولهعليه‌السلام : ( ليس في السخال زكاة )(٢) .

ولأنّ السنّ معنى يتغيّر به الفرض فكان لنقصانه تأثير في الزكاة كالعدد.

وفي رواية عن أحمد : أنّها ينعقد عليها الحول من حين الملك وإن لم تكن سائمةً ؛ لأنّها تعدّ مع غيرها فتعدّ منفردة كالامّهات(٣) ، والعلّة ممنوعة.

د - قد بيّنا أنّه لا زكاة في السخال ، ولا تضمّ مع الاُمّهات ، وعند الشافعي تضمّ بالشروط الثلاثة(٤) .

فلو اختلف الساعي وربّ المال في شرط منها ، فقال المالك : هذه السخال من غيرها ، أو كانت أقلّ من نصاب ، أو نتجتها بعد تمام الحول.

وخالف الساعي ، قدّم قول المالك ؛ لأنّه أمين فيما في يده ، لأنّها تجب على طريق المواساة والرفق ، فقبل قوله فيه من غير يمين.

ه- إذا ضمّت السخال إلى الاُمّهات - على رأي الشافعي - ثم تلف بعض الاُمّهات أو جميعها وبقي نصاب لم ينقطع الحول ، وبه قال مالك(٥) ؛ لأنّ السخال قد ثبت لها حكم الحول تبعاً للاُمّهات ، فصارت كما لو كانت موجودةً في جميع الحول ، فموت الاُمّهات أو نقصانها لا يبطل ما ثبت لها ، كما أنّ ولد أُمّ الولد ثبت له حكم الاستيلاد على وجه التبع لاُمّه ، فإذا ماتت‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٦٤.

(٣) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٣.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ - ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ - ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣‌

(٥) التفريع ١ : ٢٨١ - ٢٨٢ ، بلغة السالك ١ : ٢٠٧ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧٩ - ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

٥٦

الاُمّ لم يبطل حكم الاستيلاد للولد.

وقال بعض الشافعية : إذا نقصت الاُمّهات عن النصاب بطل حكم الحول فيها وفي السخال ؛ لأنّ السخال إنّما ضمّت إليها على وجه التبع ، فإذا نقصت الاُمّهات لم تتبعها السخال ، كما لا تتبعها في الابتداء لو كانت ناقصةً(١) .

ولو تلفت جميع الاُمّهات ، قال الشافعي : لا ينقطع الحول إذا كانت نصاباً(٢) ؛ لأنّ كلّ نوع يعدّ في الزكاة مع غيره يعدّ وحده كالثنايا والجذاع.

وقال أبو حنيفة : ينقطع الحول وإن كانت نصاباً ، ولو بقي واحدة لم ينقطع(٣) .

ولو ملك أربعين صغيرة انعقد الحول عند الشافعي(٤) ، خلافاً له(٥) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( ليس في السخال زكاة )(٦) .

و - لو كانت في الإِبل فُصلان ، وفي البقر عجاجيل ، فإن سامت حولاً اعتبرت ، وإلّا فلا ، والمخالفون في السخال خالفوا هنا.

إذا عرفت هذا ، فلو كانت الإِبل كلّها فُصلاناً والبقر عجاجيل اُخذ واحد منها.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ - ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٢) الاُم ٢ : ١٢ ، مختصر المزني : ٤٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، و ٤٨٦.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٣١ - ٣٢ ، شرح العناية ٢ : ١٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ و ٤٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٧٦.

(٥) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، شرح فتح القدير ٢ : ١٣٩ - ١٤٠.

(٦) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في الفرع « ج ».

٥٧

وقال بعض الشافعية : لا يؤخذ إلّا السنّ المنصوص عليه ، لأنّا لو أخذنا واحداً منها لسوّينا بين خمس وعشرين وإحدى وستين ، وأخذنا فصيلاً من كلّ واحد من العددين وهو غير جائز ، فتؤخذ كبيرة بالقيمة بأن يقول : كم قيمة خمس وعشرين كباراً؟ فإذا قيل : مائة ، قيل : كم قيمة بنت مخاض؟ فإذا قيل : عشرة ، فيقال : كم قيمتها فُصلاناً؟ فيقال : خمسون. اُخذ بنت مخاض قيمتها خمسة(١) .

وقال بعض الشافعية : إنّما يفعل ذلك ما دام الفرض يتغيّر بالكبر ، فإذا تغيّر بالعدد كستّ وسبعين اُخذ من الصغار(٢) .

وليس بجيّد ؛ لأدائه إلى التسوية بين الأربعين والخمسين ، وبين الثلاثين والأربعين في البقر ، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فرّق بينهما(٣) .

مسألة ٣٥ : أوّل نُصب الإِبل خمس ، وفيها شاة‌ ، فلا يجب فيما دونها شي‌ء ، ثم عَشر ، وفيه شاتان ، ثم خمس عشرة ، وفيه ثلاث شياه ، ثم عشرون ، وفيه أربع شياه ، وهذا كلّه بإجماع علماء الإِسلام.

فإذا بلغت خمساً وعشرين ، فأكثر علمائنا على أنّ فيها خمس شياه إلى ست وعشرين ، ففيها حينئذٍ بنت مخاض(٤) .

لقول عليعليه‌السلام : « في خمس وعشرين خمس شياه »(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « في خمس‌

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ - ٣٨١.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٣٨١.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ و ١٠١ / ١٥٧٢ و ١٥٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٠ / ٦٢٢ ، سنن النسائي ٥ : ٢٥ - ٢٦ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٤ / ٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٨ - ٩٩.

(٤) منهم : السيد المرتضى في الانتصار : ٨٠ والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٩١ ، وسلّار في المراسم ١٢٩ - ١٣٠ ، والمحقّق في المعتبر : ٢٥٩.

(٥) سنن البيهقي ٤ : ٩٣.

٥٨

وعشرين خمس من الغنم »(١) .

ولأنّ الخمس الزائدة على العشرين كالخمس السابقة ، ولأنّا لا ننتقل من الشاة إلى الجنس بزيادة خمس في شي‌ء من نُصب الزكاة المنصوصة.

وقال ابن أبي عقيل منّا : في خمس وعشرين بنت مخاض(٢) ، وهو قول الجمهور(٣) كافة ؛ لأنّ أبا بكر كتب لأنس لمـّا وجّهه إلى البحرين كتاب الصدقة التي فرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض(٤) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « في كلّ خمسٍ شاةً حتى تبلغ خمساً وعشرين ، فإذا بلغت ذلك ففيها بنت مخاض »(٥) .

ونمنع الاحتجاج برواية أبي بكر ، لجواز أن يكون رأياً له ، أو يضمر فيها زيادة واحدة ، وهو جواب الثانية.

وقال ابن الجنيد : يجب بنت مخاض أو ابن لبون ، فإن تعذّر فخمس شياه(٦) .

مسألة ٣٦ : إذا بلغت ستّا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين‌ ، فإذا زادت واحدة ففيها حِقّة إلى ستين ، فإذا زادت واحدة وبلغت إحدى وستّين‌

____________________

(١) المعتبر : ٢٥٩ ، الفقيه ٢ : ١٢ / ٣٣ وفيه عن الإِمام الباقرعليه‌السلام ، والتهذيب ٤ : ٢٠ / ٥٢ ، والاستبصار ٢ : ١٩ / ٥٦ وفيهما عن الإِمام الصادقعليه‌السلام .

(٢) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٢٥٩.

(٣) المجموع ٥ : ٣٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٨ ، المغني ٢ : ٤٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٦ / ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ١٨ - ١٩ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

(٥) الكافي ٣ : ٥٣١ / ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ / ٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠ / ٥٩.

(٦) حكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٢٥٩.

٥٩

ففيها جذعة إلى خمس وسبعين ، فإذا صارت ستّاً وسبعين ففيها بنتا لبون إلى تسعين ، فإذا صارت إحدى وتسعين ففيها حقّتان إلى مائة وعشرين ، وهذا كلّه لا خلاف فيه بين العلماء ، لأنّه في كتاب أبي بكر لأنس(١) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « فإذا كانت خمساً وعشرين ففيها خمس من الغنم ، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين ، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر ، فإذا زادت واحدة على خمس وثلاثين ففيها ابنة لبون اُنثى إلى خمس وأربعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقّة إلى ستّين ، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى [ خمس و ](٢) سبعين ، فإذا زادت واحدة ففيها بنتا لبون إلى تسعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقّتان إلى عشرين ومائة ، فإذا كثرت الإِبل ففي كلّ خمسين حقّة »(٣) .

مسألة ٣٧ : إذا زادت على مائة وعشرين ولو واحدة وجب في كلّ خمسين حقّة‌ ، وفي كل أربعين بنت لبون ، فتجب هنا ثلاث بنات لبون إلى مائة وثلاثين ففيها حقّة وبنتا لبون إلى مائة وأربعين ففيها حقّتان وبنت لبون إلى مائة وخمسين ففيها ثلاث حقاق ، وعلى هذا الحساب بالغاً ما بلغ عند علمائنا ، وبه قال ابن عمر وأبو ثور والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين ، ومالك في إحدى الروايتين(٤) .

لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كلّ أربعين بنت لبون )(٥) والواحدة زيادة.

____________________

(١) تقدّمت الإِشارة إلى مصادره في المسألة السابقة (٣٥).

(٢) زيادة أثبتناها من المصدر.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٠ / ٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩ / ٥٦‌

(٤) الاُم ٢ : ٤ ، المهذّب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، المجموع ٥ : ٤٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٩ ، المغني ٢ : ٤٤٥ - ٤٤٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٦ - ٤٨٧ ، التفريع ١ : ٢٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٩.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن النسائي ٥ : ٢٠ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ / ١٥٦٧ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477