الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام8%

الإمام علي الهادي عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
الصفحات: 477

الإمام علي الهادي عليه السلام
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 165883 / تحميل: 7627
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

لعلي أقف على معرفة داره من غير أن أسأل أحداً. قال: فجعلت الدراهم في كاغدة وجعلتها في كمي، وركبت فكان الحمار يخرق الشوارع والأسواق يمر حيث يشاء، إلى أن صرت إلى باب دار، فوقف الحمار، فجهدت أن يزول فلم يزل، فقلت للغلام: سل لمن هذه الدار؟ فقيل: هذه دار ابن الرضا (ع) فقلت: الله أكبر، دلالة والله مقنعة!

قال: فإذا خادمٌ أسودُ قد خرج فقال: أنت يوسف بن يعقوب؟قلت: نعم. قال: إنزل فنزلت، فأقعدني في الدهليز ودخل، فقلت في نفسي: وهذه دلالةٌ أخرى! من أين يعرف هذا الخادم إسمي وليس في هذا البلد أحدٌ يعرفني ولادخلته قط!

قال: فخرج الخادم وقال: المائة دينار التي في كمك في الكاغذ هاتها. فناولته إياها وقلت: هذه ثالثة، ثم رجع إليَّ وقال: أدخل، فدخلت إليه وهو في مجلسه وحده، فقال: يا يوسف أما بَانَ لك؟ فقلت: يا مولاي، قد بان من البراهين ما فيه كفاية لمن اكتفى. فقال: هيهات هيهات، أما إنك لا تسلم، ولكن سيسلم ولدك فلان وهو من شيعتنا. يا يوسف، إن أقواماً يزعمون أن ولايتنا لا تنفع أمثالك. كذبوا والله، إنها لتنفع أمثالك، إمض فيما وافيت فإنك سترى ما تحب!

قال: فمضيت إلى باب المتوكل، فنِلت كلما أردت، وانصرفت.

قال هبة الله: فلقيت ابنه بعد هذا وهومسلم حسن التشيع، فأخبرني أن أباه مات على النصرانية، وأنه أسلم بعد موت والده وكان يقول: أنا بشارة مولاي (ع) ».

٤٠١

ملاحظات

١. هذا المسيحي من الموصل من كفرتوثا، وهي قرب رأس عين على الحدود العراقية السورية. وكان شخصية لأن المتوكل طلب حضوره للتحقق من قضية أو لتكليفه بأمر مهم. وكان يعرف إمامة أهل البيت وخصائص الإمام (ع) وينذر له، ويعتقد أنه بنذره يؤمِّن نفسه من خطر المتوكل. وهذا من مؤشرات انتشار التشيع في بقاع العالم الإسلامي، وقد ورد أن أحد العمال الشيعة هناك دعا شخصاً الى التشيع، وأرسله ليرى الإمام الهادي (ع) فرآه واستبصر.

٢. لاحظ أن المتوكل كان منع الإمام الهادي (ع) من الركوب، أي الخروج من سامراء والمشاركة في مناسباتها الإجتماعية، فهويخاف أن « يفتن » به الناس!

٣. يظهر أن يعقوب بن يوسف كان يخاف من المتوكل إن هو أسلم وأعلن تشيعه. ومع ذلك بشره الإمام (ع) بأن إيمانه به نوع من الولاية وأنه ينفعه: إنها لتنفع أمثالك. ثم بشره بأنه يرزق ولداً يكون مؤمناً، فكان كما أخبر (ع).

وفي الحديث دليل على أن ولاية أهل البيت (ع) قد توجد بدرجة ما في غير المسلم وأنها تنفعهم في الآخرة.

١٠. طبيب نصراني يسلم على يد الإمام (ع):

قال الطبري الشيعي في دلائل الإمامة / ٤١٩: « وحدثني أبوعبد الله القمي، قال: حدثني ابن عياش، قال: حدثني أبوالحسين محمد بن إسماعيل بن أحمد الفهقلي

٤٠٢

الكاتب بسر من رأى سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة، قال: حدثني أبي قال: كنت بسر من رأى أسير في درب الحصاء فرأيت يزداد النصراني تلميذ بختيشوع وهومنصرف من دار موسى بن بغا، فسايرني وأفضى بنا الحديث إلى أن قال لي: أترى هذا الجدار، تدري من صاحبه؟ قلت: ومن صاحبه؟ قال: هذا الفتى العلوي الحجازي، يعني علي بن محمد بن الرضا (ع) وكنا نسير في فناء داره، قلت ليزداد: نعم، فما شأنه؟ قال: إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو!

قلت: وكيف ذلك؟ قال: أخبرك عنه بأعجوبة لن تسمع بمثلها أبداً، ولا غيرك من الناس، ولكن لي الله عليك كفيلٌ وراعٍ أنك لا تحدث به عني أحداً، فإني رجل طبيب ولي معيشة أرعاها عند هذا السلطان، وبلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فَرَقاً منه، لئلا ينصرف إليه وجوه الناس، فيخرج هذا الأمر عنهم، يعني بني العباس.

قلت: لك علي ذلك، فحدثني به وليس عليك بأس، إنما أنت رجل نصراني، لا يتهمك أحد فيما تحدث به عن هؤلاء القوم، وقد ضمنت لك الكتمان.

قال: نعم، أعلمك أني لقيته منذ أيام وهوعلى فرس أدهم، وعليه ثياب سود، وعمامة سوداء، وهوأسود اللون، فلما بصرت به وقفت إعظاماً له، لا وحق المسيح ما خرجت من فمي إلى أحد من الناس وقلت في نفسي: ثياب سودٌ، ودابةٌ سوداء ورجلٌ أسود « كان (ع) شديد السمرة » سواد في سواد في سواد! فلما بلغ إلي وأحدَّ النظر قال: قلبك أسود مما ترى عيناك من سواد في سواد في سواد! قال

٤٠٣

أبي (رحمه الله): قلت له: أجل فلا تحدث به أحداً، فما صنعتَ وما قلت له؟ قال: سقط في يدي فلم أجد جواباً. قلت له: أفما ابيض قلبك لما شاهدت؟

قال: الله أعلم. قال أبي: فلما اعتل يزداد بعث إليَّ فحضرت عنده فقال: إن قلبي قد ابيض بعد سواده، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن علي بن محمد حجة الله على خلقه وناموسه الأعظم، ثم مات في مرضه ذلك، وحضرت الصلاة عليه (رحمه الله) ».

١١. عزم المتوكل على قتل علي بن جعفر:

روى الكشي « ١ / ٦٠٧ »: « عن علي بن جعفر قال: عُرض أمري على المتوكل، فأقبل على عبيد الله بن يحيى بن خاقان فقال له: لا تُتعبن نفسك بعرض قصة هذا وأشباهه، فإن عمه أخبرني أنه رافضي، وأنه وكيل علي بن محمد! وحلف أن لا يخرج من الحبس إلا بعد موته! فكتبت إلى مولانا: أن نفسي قد ضاقت، وأني أخاف الزيغ! فكتب إلي: أما إذا بلغ الأمر منك ما أرى فسأقصد الله فيك! فما عادت الجمعة حتى أخرجت من السجن.

وفي رواية ثانية: كان عليّ بن جعفر وكيلاً لأبي الحسن (ع) فسعيَ به إلى المتوكل فحبسه فطال حبسه، واحتال من قبل عبيد الله بن خاقان بمال ضمنه عنه ثلاثة آلاف دينار، وكلمه عبيد الله فعرض جامعهُ على المتوكل فقال: يا عبيد الله لوشككت فيك لقلت إنك رافضي، هذا وكيل فلان وأنا على قتله.

٤٠٤

قال: فتأدّى الخبر إلى علي بن جعفر، فكتب إلى أبي الحسن (ع): يا سيدي اللهَ اللهَ فيَّ فقد والله خفتُ أن أرتاب، فوقَّع (ع) في رقعته: أما إذا بلغ بك الأمر ما أرى فسأقصد الله فيك. وكان هذا في ليلة الجمعة، فأصبح المتوكل محموماً فازدادت علته حتى صُرخ عليه يوم الإثنين، فأمر بتخلية كل محبوس عُرض عليه إسمه حتى ذكر هوعلي بن جعفر فقال لعبيد الله: لِمَ لم تعرض عليَّ أمره؟فقال: لا أعود إلى ذكره أبداً. قال: خل سبيله الساعة، وسله أن يجعلني في حل، فخلى سبيله وصار إلى مكة بأمر أبي الحسن (ع) فجاور بها، وبرأ المتوكل من علته ».

١٢. قصة زينب الكذابة:

روى في الخرائج « ١ / ٤٠٤ » عن أبي هاشم الجعفري قال: « ظهرت في أيام المتوكل امرأة تدعي أنها زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (ص)! فقال لها المتوكل: أنت امرأة شابة، وقد مضى من وقت وفاة رسول الله (ص) ما مضى من السنين. فقالت: إن رسول الله (ص) مسح على رأسي وسأل الله أن يرد علي شبابي في كل أربعين سنة، ولم أظهر للناس إلى هذه الغاية، فلحقتني الحاجة فصرت إليهم.

فدعا المتوكل كل مشايخ آل أبي طالب، وولد العباس وقريش فعرفهم حالها. فروى جماعة وفاة زينب في سنة كذا، فقال لها: ما تقولين في هذه الرواية؟ فقالت: كذب وزور، فإن أمري كان مستوراً عن الناس، فلم يعرف لي حياة ولا موت. فقال لهم المتوكل: هل عندكم حجة على هذه المرأة غير هذه الرواية؟ قالوا: لا. قال: أنا برئ من العباس إن لا أنزلها عما ادعت إلا بحجة تلزمها. قالوا: فأحضر ابن الرضا فلعل عنده شيئاً من الحجة غير ما عندنا.

٤٠٥

فبعث إليه فحضر فأخبره خبر المرأة فقال: كذبت فإن زينب توفيت في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا. قال: فإن هؤلاء قد رووا مثل هذه الرواية وقد حلفت أن لا أنزلها عما ادعت إلا بحجة تلزمها. قال: ولا عليك فهاهنا حجة تلزمها وتلزم غيرها. قال: وما هي؟ قال: لحوم ولد فاطمة (ع) محرمة على السباع، فأنزلها إلى السباع فإن كانت من ولد فاطمة فلا تضرها.

فقال لها: ما تقولين؟ قالت: إنه يريد قتلي. قال: فهاهنا جماعة من ولد الحسن والحسين فأنزل من شئت منهم.

قال: فوالله لقد تغيرت وجوه الجميع! فقال بعض المتعصبين: هويحيل على غيره لم لا يكون هو؟ فمال المتوكل إلى ذلك رجاء أن يذهب من غير أن يكون له في أمره صنع. فقال: يا أبا الحسن لم لا يكون أنت ذلك؟ قال: ذاك إليك.

قال: فافعل، قال: أفعل إن شاء الله. فأتى بسلم وفتح عن السباع وكانت ستة من الأسد. فنزل أبوالحسن (ع) إليها، فلما دخل وجلس صارت إليه، ورمت بأنفسها بين يديه، ومدت بأيديها، ووضعت رؤوسها بين يديه!

فجعل يمسح على رأس كل واحد منها بيده، ثم يشير له بيده إلى الإعتزال فيعتزل ناحية، حتى اعتزلت كلها وقامت بإزائه.

فقال له الوزير: ما كان هذا صواباً، فبادر بإخراجه من هناك قبل أن ينتشر ـ خبره. فقال له: أبا الحسن ما أردنا بك سوءً، وإنما أردنا أن نكون على يقين مما قلت، فأحب أن تصعد. فقام وصار إلى السلم وهي حوله تتمسح بثيابه، فلما وضع رجله على أول درجة التفت إليها وأشار بيده أن ترجع. فرجعت وصعد فقال: كل من زعم أنه من ولد فاطمة فليجلس في ذلك المجلس.

٤٠٦

فقال لها المتوكل: إنزلي. قالت: اللهَ الله ادعيتُ الباطل، وأنا بنت فلان، حملني الضر ـ على ما قلت! فقال المتوكل: ألقوها إلى السباع، فبعثت والدته واستوهبتها منه، وأحسنت إليها ».

١٣. بستان الآس:

كان المتوكل يسمي ابنه المنتصر الرافضي لأنه يتشيع ويسخر منه! قال المنتصر: « زرع والدي الآس في بستان وأكثر منه، فلما استوى الآس كُلُّهُ وحَسُن، أمَرَ الفرَّاشين أن يفرشوا له على دكان في وسط البستان، وأنا قائم على رأسه، فرفع رأسه إليَّ وقال: يا رافضي سل ربك الأسود عن هذا الأصل الأصفر ماله من بين ما بقي من هذا البستان قد اصفرَّ، فإنك تزعم أنه يعلم الغيب! فقلت: يا أمير المؤمنين إنه ليس يعلم الغيب، فأصبحت إلى أبي الحسن من الغد وأخبرته بالأمر فقال: يا بني، إمض أنت واحفر الأصل الأصفر، فإن تحته جمجمة نخرة، واصفراره لبخارها ونتنها! قال ففعلت ذلك فوجدته كما قال، ثم قال لي: يا بني لاتخبرن أحداً بهذا الأمر إلا لمن يحدثك بمثله ». « الثاقب في المناقب / ٥٣٨ ».

فقد وصفه المتوكل بالرافضي، واتهمه بأنه يعبد إمامه (ع) ووصف سمرة الإمام (ع) بالسواد سخريةً منه. أما الجمجمة فقد تكون لأحد ندمائه الذين قتلهم!

١٤. معرفة الإمام (ع) باللغات:

« عن أبي هاشم الجعفري، قال: كنت بالمدينة حين مرَّ بنا بَغَا أيام الواثق، في طلب الأعراب، فقال أبوالحسن: أخرجوا بنا حتى ننظر إلى تعبئة هذا التركي،

٤٠٧

فخرجنا فوقفنا، فمرت بنا تعبئته فمر بنا تركي، فكلمه أبوالحسن (ع) بالتركي فنزل عن فرسه فقبل حافر فرس الإمام (ع)! فَحَلَّفْتُ التركي فقلت له: ما قال لك الرجل؟ قال: هذا نبي؟! قلت: ليس هو بنبي. قال: دعاني باسم سميت به في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد إلى الساعة ». « الثاقب في المناقب لابن حمزة / ٥٣٩ ».

« عن علي بن مهزيار قال: أرسلت إلى أبي الحسن الثالث (ع) غلامي وكان صقلابياً فرجع الغلام إلي متعجباً، فقلت له: ما لك يا بني؟ قال: وكيف لا أتعجب! ما زال يكلمني بالصقلابية كأنه واحد منا »! « الإختصاص للمفيد / ٢٨٩ ».

١٥. لسنا في خان الصعاليك:

« عن صالح بن سعيد، قال: دخلت على أبي الحسن (ع) فقلت: جعلت فداك، في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك، حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك، فقال: هاهنا أنت يا ابن سعيد، ثم أومأ بيده فقال: أنظر، فنظرت، فإذا بروضات آنفات، وروضات ناظرات، فيهن خيرات عطرات، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون، وأطيار وظباء، وأنهار تفور، فحار بصري وحسرت عيني، فقال: حيث كنا فهذا لنا عتيد، ولسنا في خان الصعاليك ».

١٦. برذون أبي هاشم الجعفري:

« عن أبي الهيثم عبد الله بن عبد الرحمن الصالحي، قال: إن أبا هاشم الجعفري شكا إلى مولانا أبي الحسن (ع) ما يلقى من الشوق إليه إذا انحدر من عندنا إلى بغداد، فقال له: ادع الله تعالى يا سيدي، فإني لا أستطيع ركوب الماء خوف الإصعاد والإبطاء عنك،

٤٠٨

فسرت إليك على الظهر ومالي مركوب سوى برذوني هذا على ضعفه، فادع الله تعالى أن يقويني على زيارتك على وجه الأرض، فقال: قواك الله يا أبا هاشم وقوى برذونك. قال: فكان أبوهاشم يصلي الفجر ببغداد ويسير على البرذون، فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سر من رأى، ويعود من يومه إلى بغداد إذا سار على ذلك البرذون، وكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت ».

أقول: المسافة بين بغدا وسامرء نحو مئة كيلو متر، ومعناه أن بغل أبي هاشم كان يقطعها في أربع ساعات أو خمس، وأن الله تعالى استجاب دعاء الإمام (ع) بتقوية البغل، أو طيِّ الأرض إذا ركبه أبو هاشم. فكان يتحرك من بغداد صباحاً ويزور الإمام (ع) ويبقى الى العصر، ويعود الى بغداد في نفس اليوم.

١٧. المتوكل يستعين بمشعوذ:

« عن زرافة حاجب المتوكل، قال: وقع رجل مشعبذ من ناحية الهند إلى المتوكل يلعب لعب الحقة ولم ير مثله، وكان المتوكل لعاباً، فأراد أن يُخجل علي بن محمد الرضا (ع)، فقال لذلك الرجل: إن أخجلته أعطيتك ألف دينار.

قال: تقدم بأن يخبز رقاقاً خفافاً واجعلها على المائدة وأقعدني إلى جنبه، فقعدوا وأحضر علي بن محمد (ع) للطعام، وجعل له مسورة عن يساره، وكان عليها صورة أسد، وجلس اللاعب إلى جنب المسورة، فمد علي بن محمد (ع) يده إلى رقاقة فطيرها ذلك الرجل في الهواء ومد يده إلى أخرى، فطيرها ذلك الرجل، ومد يده إلى أخرى فطيرها فتضاحك الجميع، فضرب علي بن محمد (ع) يده المباركة الشريفة على تلك الصورة التي في المسورة وقال: خذيه. فابتلعت الرجل

٤٠٩

وعادت كما كانت إلى المسورة. فتحير الجميع ونهض أبوالحسن علي بن محمد، فقال له المتوكل: سألتك إلا جلست ورددته. فقال: والله لا تراه بعدها، أتسلط أعداء الله على أولياء الله! وخرج من عنده، فلم يُرَ الرجل بعد ذلك ». « الثاقب ٤٩٩ ».

وفي رواية أنه قال للمتوكل: « إن كانت عصا موسى ردت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيهم، فإن هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل »!

ويظهر أن هذا النوع من الشعبذة كان معروفاً في الهند والعراق مما ورثه البابليون عن هاروت وماروت، فقد استعمله المنصور مع الصادق (ع) والرشيد مع الكاظم (ع). راجع: الإمام الكاظم سيد بغداد / ٢١٢.

١٨. وعُلِّمْنَا منطقَ الطير:

في الخرائج « ١ / ٤٠٤ »: « قال أبوهاشم الجعفري: إنه كان للمتوكل مجلس بشبابيك كيما تدور الشمس في حيطانه، قد جعل فيها الطيور التي تصوت، فإذا كان يوم السلام جلس في ذلك المجلس فلا يَسمع ما يقال له، ولا يُسمع ما يقول من اختلاف أصوات تلك الطيور، فإذا وافاه علي بن محمد بن الرضا (ع) سكتت الطيور فلا يُسمع منها صوتٌ واحد إلى أن يخرج من عنده، فإذا خرج من باب المجلس عادت الطيور في أصواتها.

قال: وكان عنده عدة من القوابج في الحيطان، وكان يجلس في مجلس له عالٍ ويرسل تلك القوابج تقتتل وهوينظر إليها ويضحك منها، فإذا وافى علي بن محمد (ع) إليه في ذلك المجلس، لصقت تلك القوابج بالحيطان، فلا تتحرك من مواضعها حتى ينصرف، فإذا انصرف عادت في القتال ».

٤١٠

١٩ . إخباره (ع) بأجله:

في الهداية الكبرى / ٣٤٢: « عن أحمد بن داود القمي، ومحمد بن عبد الله الطلحي، قالا: حملنا ما جمعنا من خمس ونذور وبر من غير ورق وحلي وجوهر وثياب من بلاد قم وما يليها، وخرجنا نريد سيدنا أبا محمد الحسن (ع) فلما وصلنا إلى دسكرة الملك تلقانا رجلٌ راكبٌ على جمل، ونحن في قافلة عظيمة فقصد إلينا وقال: يا أحمد الطلحي معي رسالة إليكم، فقلنا من أين يرحمك الله، فقال: من سيدكم أبي محمد الحسن (ع) يقول لكم: أنا راحل إلى الله مولاي في هذه الليلة فأقيموا مكانكم حتى يأتيكم أمر ابني محمد، فخشعت قلوبنا وبكت عيوننا وقرحت أجفاننا لذلك، ولم نظهره. وتركنا المسير.

واستأجرنا بدسكرة الملك منزلاً وأخذنا ما حملنا إليه، وأصبحنا والخبر شائع بالدسكرة بوفاة مولانا أبي محمد الحسن (ع)، فقلنا لا إله إلا الله ترى الرسول الذي أتانا بالرسالة أشاع الخبر في الناس، فلما تعالى النهار رأينا قوماً من الشيعة على أشد قلق لما نحن فيه، فأخفينا أمر الرسالة ولم نظهره، فلما جَن علينا الليل جلسنا بلا ضوء حزناً على سيدنا الحسن (ع)، نبكي ونشكي إلى فقده، فإذا نحن بيدٍ قد دخلت علينا من الباب فضاءت كما يضئ المصباح وهي تقول: يا أحمد هذا التوقيع إعمل به وبما فيه، فقمنا على أقدامنا وأخذنا التوقيع فإذا فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم: من الحسن المسكين لله رب العالمين، إلى شيعته المساكين: أما بعد، فالحمد لله على ما نزل منه ونشكره إليكم جميل الصبر عليه،

٤١١

وهوحسبنا في أنفسنا وفيكم، ونعم الوكيل، ردوا ما معكم ليس هذا أوان وصوله إلينا، فإن هذا الطاغي قد دنت غشيته إلينا، ولوشئنا ما ضركم، وأمرنا يرد عليكم، ومعكم صرة فيها سبعة عشر ديناراً في خرقة حمراء، إلى أيوب بن سليمان، الآن فردوها فإنه حملها ممتحناً لنا بها بما فعله، وهوممن وقف عند جدي موسى بن جعفر (ع) فردوا صرته عليه، ولا تخبروه!

فرجعنا إلى قم، فأقمنا بها سبع ليال، ثم جاءنا أمر ابنه: قد بعثنا إليكم إبلاً غير إبلكم، إحملا ما قِبَلَكُما عليها واخليا لها السبيل، فإنها واصلةٌ إليَّ! وكانت الإبل بغير قائد ولا سائق، على وجه الأول منها بهذا الشرح، وهومثل الخط الذي بالتوقيع التي أوصلته إلى الدسكرة، فحملنا ما عندنا واستودعناه وأطلقناهم، فلما كان من قابل خرجنا نريده (ع) فلما وصلنا إلى سامرا دخلنا عليه فقال لنا: يا أحمد ومحمد، أدخلا من الباب الذي بجانب الدار، وانظرا ما حملتماه على الإبل، فلا تفقدا منه شيئاً. فدخلنا من الباب فإذا نحن بالمتاع كما وعيناه وشددناه لم يتغير، فحللناه كما أمرنا وعرضنا جمعه، فما فقدنا منه شيئاً، فوجدنا الصرة الحمراء والدنانير فيها بختمها، وكنا قد رددناها على أيوب، فقلنا: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقلنا: إنها من سيدنا، فصاح بنا من مجلسه: فما لكما بدت لكما سؤاتكما! فسمعنا الصوت فأتينا إليه فقال: من أيوب، وقتَ وردت الصرة عليه فقبل الله إيمانه وقبل هديته، فحمدنا الله وشكرناه على ذلك، فكان هذا من دلائله (ع) ».

٤١٢

الفصل الخامس عشر:

شخصيات من تلاميذ الإمام الهادي (ع) وأصحابه

روى عن الإمام الهادي (ع) مئات الرواة

عَدَّ الشيخ الطوسي والبرقي قدس الله روحيهما، أسماء خمس مئة وستة عشر راوياً رووا عنه (ع). وعَدَّ السيد القزويني في موسوعة الإمام الهادي (ع) ثلاث مئة وسبعة وتسعين راوياً.

وترجم الباحث عبد الحسين الشبستري في كتابه: النور الهادي الى أصحاب الإمام الهادي (ع)، لمئة وثلاثة وتسعين من أصحابه (ع).

ويتسع المجال لأن نذكر نماذج من أصحابه وتلاميذه، صلوات الله عليه.

١. الصقر بن أبي دلف:

١. لما أحضرالمتوكل الإمام الهادي (ع) الى سامراء، خاطر الصقر بنفسه وذهب الى زيارته، وكان يعرف حاجب المتوكل فأدخله الى السجن، وزار الإمام (ع)، فرآهم حفروا له قبراً بجانبه! وأمره الإمام أن يودع ويذهب، لئلا يبطشوا به! وروى الصقرعدة أحاديث في تنزيه الله تعالى، منها أن الإمام الهادي (ع) قال له: « إنه ليس منا من زعم أن الله عز وجل جسم ونحن منه بَراءٌ في الدنيا والآخرة. يا ابن أبي دلف: إن الجسم محُدث والله محدثه ومجسمه ». « التوحيد للصدوق / ١٠٤ ».

٤١٣

٢. ذكرنا في فصل إحضار الإمام الى سامراء، أنه لا يبعد أن يكون الصقر من أولاد أبي دلف العجلي القائد المعروف، الذي خرج على هارون الرشيد، ثم تصالح معه وصار والياً من قبله على بلاد الجبل من إيران، وأسس مدينة كرج قرب طهران. وكتبنا عنه في القبائل العراقية، في قبيلة عجل بن لُجَيْم.

وكان أبو دلف شيعياً متشدداً، وسكن بعض أولاده بغداد، وبعضهم الحلة، وبقي بعضهم في إيران، وكان منهم ولاةٌ في زمن الواثق والمتوكل.

وقد ترجم المؤرخون لشعراء وعلماء من ذرية أبي دلف، ومنهم ابن إدريس الحلي الفقيه الشيعي المشهور، ومنهم الأمير أبو نصر بن ماكولا صاحب كتاب الإكمال في تراجم الرجال. « وفيات الأعيان: ٣ / ٣٠٦ ».

وقال ابن الأثير في الكامل‏ « ٧ / ٤٧٩ »: « ذكر الحرب بين عسكر المعتضد وأولاد أبي دلف. وفيها سار عبيد الله بن سليمان إلى عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف بالجبل فسار عمر إليه بالإمان في شعبان، فأذعن بالطاعة، فخلع عليه وعلى أهل بيته ».

٢ ـ ٣. شخصيتان من أولاد المنصور الدوانيقي:

١. وهما: أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى بن المنصور، وعم أبيه: أبو موسى: عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور.

ونلاحظ أن محمداً يروي كثيراً عن عم أبيه عيسى، وأن رواياته ذات أهمية خاصة ودلالات كبيرة، فموضوعاتها علاقة الإمام الهادي (ع) بالنظام أو مكانة

٤١٤

أميرالمؤمنين علي (ع) والعترة عند الله تعالى ورسوله (ص). فهي سياسية أو عقائدية من الدرجة الأولى، وقد تبلغ أربعين رواية.

ويروي العم عن الزبير بن بكار « دلائل الإمامة / ٤٧٥ » ويقول إنه من حواريِّي الإمام الهادي (ع). وكان يسكن سامراء من سنة ٢٣٩ ، كما نسبه النجاشي، وروى عنه الجوهري في سامراء، في مقتضب الأثر / ١١ .

٢. روى عنه الطوسي في أماليه / ٢٧٥ ، روايات عديدة، وسنده: الفحام، أي عمير بن يحيى الفحام، عن المنصوري الصغير، عن عم أبيه.

ومنها الرواية المتقدمة المليئة بالدلالة: « الفحام، قال: حدثني المنصوري، قال: حدثني عم أبي، قال: دخلت يوماً على المتوكل وهو يشرب، فدعاني إلى الشرب فقلت: يا سيدي ما شربته قط. فقال: أنت تشرب مع علي بن محمد! فقلت له: ليس تعرف من في يدك، إنما يضرك ولا تضره، ولم أُعِد ذلك عليه.

قال: فلما كان يوماً من الأيام، قال لي الفتح بن خاقان: قد ذَكر الرجل يعني المتوكل، خبر مال يجئ من قم، وقد أمرني أن أرصده لأخبره به، فقل لي: من أي طريق يجئ حتى أجتنبه! فجئت إلى الإمام علي بن محمد (ع) فصادفت عنده من أحتشمه فتبسم وقال لي: لايكون إلا خيرٌ يا أبا موسى، لمَ لمَْ تُعِد الرسالة الأوَّلَة؟ فقلت: أجللتك يا سيدي. فقال لي: المال يجئ الليلة وليس يصلون إليه، فبِتْ عندي، فلما كان من الليل وقام إلى ورده قطع الركوع بالسلام، وقال لي: قد جاء الرجل ومعه المال، وقد منعه الخادم الوصول إليَّ فاخرج وخذ ما معه، فخرجت

٤١٥

فإذا معه الزنفيلجة فيها المال، فأخذته ودخلت به إليه فقال: قل له: هات المخنقة التي قالت لك القُمِّيَّة: إنها ذخيرة جدتها! فخرجتُ إليه فأعطانيها فدخلت بها إليه فقال لي: قل له: الجبة التي أبدلتها منها ردها إلينا، فخرجت إليه فقلت له ذلك، فقال: نعم، كانت ابنتي استحسنتها فأبدلتها بهذه الجبة، وأنا أمضي فأجئ بها. فقال: أخرج فقل له: إن الله تعالى يحفظ ما لنا وعلينا، هاتها من كتفك، فخرجت إلى الرجل فأخرجها من كتفه فغشي عليه، فخرج إليه (ع) فقال له: قد كنتُ شاكاً فتيقنتُ »!

٣. تدل الرواية على أن عيسى المذكور كان من شخصيات بني العباس، ومن المحترمين عند المتوكل، بحيث يدخل عليه وهو يشرب الخمر.

وكان المتوكل يعرف علاقته بالإمام (ع) وتشيعه له، فدعاه ليشرب الخمر معه، ثم استثنى وقال له أنت لاتشرب معي، بل تشرب مع إمامك علي بن محمد!

وهذه خباثة من المتوكل، لأنه يعرف أن الإمام (ع) لا يشرب، وقد أجابه عيسى بجواب وقال إنه لم يُعده عليه، حتى لايغضبه!

قال له: « ليس تعرف من في يدك إنما يضرك ولا تضره. ولم أعد ذلك عليه ».

ومعناه: أنك لاتعرف علي بن محمد (ع) من هو، وإنك بحبسك إياه وكلامك عليه تضر نفسك، ولا تضره!

٤١٦

٤. يظهر أن عيسى هذا كان لا يقبل الولاية، أو كان المتوكل لا يوليه بلداً بسبب ولائه للعلويين! وقد ولى على المدينة ومكة عمه وابن عمه: محمد بن عيسى، وابن عمه: علي بن عيسى بن جعفر بن المنصور. « صبح الأعشى: ٤ / ٢٧١ ».

٥. وكان عيسى (رحمه الله) يعيش في سامراء، وله مخصصات من المتوكل كبقية شخصيات العباسيين، فقد قال (رحمه الله) كما في أمالي الطوسي / ٢٨٥: « قصدتُ الإمام (ع) يوماً فقلت: يا سيدي، إن هذا الرجل قد اطَّرَحني وقطع رزقي ومَلَّني، وما أتهم في ذلك إلا علمه بملازمتي لك، فإذا سألتَهُ شيئاً منه يلزمُهُ القبول منك، فينبغي أن تتفضل علي بمسألته. فقال: تكفى إن شاء الله.

فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل، رسولٌ يتلو رسولاً، فجئت والفتح على الباب قائم فقال: يا رجل، ماتأوي في منزلك بالليل؟ كَدَّ هذا الرجل مما يطلبك! فدخلتُ وإذا المتوكل جالس في فراشه، فقال: يا أبا موسى نشغل عنك وتنسينا نفسك، أيُّ شئ لك عندي؟ فقلت: الصلة الفلانية، والرزق الفلاني، وذكرت أشياء، فأمر لي بها وبضعفها.

فقلت للفتح: وافى عليُّ بن محمد إلى هاهنا؟فقال: لا. فقلت: كتب رقعة؟ فقال: لا. فوليت منصرفاً فتبعني، فقال لي: لست أشكُّ أنك سألته دعاءً لك، فالتمس لي منه دعاء! فلما دخلت إليه (ع) قال لي: يا أبا موسى هذا وجهُ الرضا. فقلت: ببركتك يا سيدي، ولكن قالوا لي: إنك ما مضيت إليه ولا سألته. فقال: إن الله تعالى علم منا أنا لا نلجأ في المهمات إلا إليه، ولا نتوكل في الملمات إلا عليه وعودنا إذا سألنا الإجابة، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا.

٤١٧

قلت: إن الفتح قال لي كيت وكيت. قال: إنه يوالينا بظاهره، ويجانبنا بباطنه، الدعاء لمن يدعو به. إذا أخلصتَ في طاعة الله، واعترفتَ برسول الله (ص) وبحقنا أهل البيت، وسألت الله تبارك وتعالى شيئاً لم يحرمك.

قلت: يا سيدي فتعلمني دعاء أختص به من الأدعية. قال: هذا الدعاء كثيراً ما أدعو الله به، وقد سألت الله أن لا يُخيب من دعا به في مشهدي بعدي، وهو:

يا عُدَّتي عند العُدد، ويا رجائي والمعتمد، ويا كهفي والسند، ويا واحد يا أحد ويا قل هو الله أحد، أسالك اللهم بحق من خلقته من خلقك، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحداً، أن تصلي عليهم، وتفعل بي كيت وكيت ».

٦. العجيب أن الفتح بن خاقان وزير المتوكل أخبر عيسى أن المتوكل أمره أن يراقب مجئ أموال الى الإمام (ع) من قم، وطلب منه أن يخبره بطريق مجيئها، ليبتعد عن مراقبة ذلك الطريق! وطبيعي أن يراجع عيسى إمامه الهادي (ع) فراجعه، وكان المعجز الذي حكاه عيسى (رحمه الله) ويظهر منه أن عيسى تعود أن يرى من الإمام (ع) الآيات والكرامات!

٧. كان عيسى ملازماً للإمام الهادي (ع)، وقد استفاد منه أنه ألَّفَ كتاباً مما رواه عنه، ويروي كتابه ابن أخيه أحمد، ولم يصل الينا مع الأسف.

قال النجاشي في فهرس أسماء مصنفي الشيعة / ٢٩٧: « عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور أبو موسى السر من رائي، روى عن أبي الحسن علي بن محمد (ع). أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن داود الفحام قال: حدثنا أبو الحسن

٤١٨

محمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى قال: حدثنا عم أبو موسى عيسى بن أحمد، عن أبي الحسن (ع) بالنسخة ».

٨. ويظهر من الرواية حسن فهم الفتح بن خاقان وزير المتوكل، فقد فهم أن الإمام الهادي (ع) دعا لعيسى فليَّن الله له قلب المتوكل، فأوصى عيسى أن يطلب من الإمام (ع) أن يدعو له، وأجاب الإمام (ع) عن طلبه بقوله: الدعاء لمن يدعو به. إذا أخلصت في طاعة الله، واعترفت برسول الله (ص) وبحقنا أهل البيت، وسألت الله تبارك وتعالى شيئاً لم يحرمك.

ومعناه: أن استجابة الدعاء متوقفة على نوعية الشخص الذي يدعو، وكل مسلم يطيع الله ويوالي النبي وعترته الطاهرين (ع)، إذا دعا، لايحرمه الله تعالى.

وتعبيره (ع) عن الفتح: يوالينا بظاهره ويجانبنا بباطنه، تعبير دقيقٌ، وهو حالة أقل من العداء الصريح.

٩. نلاحظ أن عيسى يستعمل كلمة الإمام مطلقة بدون قيد للإمام الهادي (ع) فيقول دخلت على الإمام، قلت للإمام الخ. وهذا يدل على أنها في القرن الثالث صارت كالعلم لإمام العترة من أهل البيت (ع).

١٠. في الختام لا بد أن نسجل تعجبنا من إهمال علماء العامة للمنصورييْن، وعدم رواياتهم عنهما، وعدم ترجمتهما في مصادرالجرح والتعديل، مع أنهما عباسيان من أولاد المنصور مؤسس التسنن الجديد. ولعل السبب في ذلك أن رواياتهما رحمهما الله صريحة في التشيع، لا يحتملها حتى بعض الشيعة، كالذي

٤١٩

رواه الرضي في خصائص الأئمة (ع) / ٧٨: « حدثني أبو محمد هارون بن موسى، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى بن المنصور قال: حدثني أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور، قال: حدثني الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر (ع) قال: حدثني أبي علي قال: حدثني أبي محمد قال: حدثني أبي علي، قال: حدثني أبي موسى، قال: حدثني أبي جعفر، قال: حدثني أبي محمد، قال: حدثني أبي علي، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين (ع)، والصلاة، قال، قال رسول الله (ص): يا علي، مَثَلُكُم في الناس مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق فمن أحبكم يا علي نجا، ومن أبغضكم ورفض محبتكم هوى في النار.

ومَثَلُكُم يا علي مثل بيت الله الحرام، من دخله كان آمناً، فمن أحبكم ووالاكم كان آمناً من عذاب النار، ومن أبغضكم ألقي في النار. يا علي: ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) . ومن كان له عذرٌ فله عذرُهُ، ومن كان فقيراً فله عذره، ومن كان مريضاً فله عذره، وإن الله لا يعذر غنياً ولا فقيراً ولا مريضاً ولا صحيحاً ولا أعمى ولا بصيراً، في تفريطه في موالاتكم ومحبتكم »!

فهذا الحديث ثقيل عليهم، لأنه يجعل ولاية علي والعترة (ع)، من أصول الدين.

٤. خيران الأسباطي:

جعل السيد الخوئي في رجاله « ٨ / ٨٧ » خيران الأسباطي، وخيران الخادم، وخيران بن إسحاق الزاكاني واحداً، وهو الظاهر. وقال: ثقةٌ من أصحاب الهادي (ع) وقال الكشي: وجدت في كتاب محمد بن الحسن بن بندار القمي بخطه: حدثني

٤٢٠

الحسين بن محمد بن عامر، قال: حدثني خيران الخادم القراطيسي قال: حججت أيام أبي جعفر محمد بن علي بن موسى (ع) وسألته عن بعض الخدم، وكانت له منزلة من أبي جعفر (ع) فسألته أن يوصلني إليه، فلما صرنا إلى المدينة، قال لي: تهيأ فإني أريد أن أمضي إلى أبي جعفر (ع)، فمضيت معه ولخيران، هذا: مسائل يرويها عنه وعن أبي الحسن (ع). أقول: بعدما ثبتت وثاقة الرجل، فلا بد من تصديقه فيما أخبر به، وفيه دلالة على جلالته وعظم منزلته عند الإمام (ع) ».

وعده النجاشي / 155 ، في مصنفي الشيعة. وقال في منتهى المقال « 3 / 189 » : « وفي الكشي ما يدل على جلالته. وفي آخره قال (ع): إعمل في ذلك برأيك، فإن رأيك رأيي ومن أطاعك أطاعني. قال أبو عمرو: هذا يدل على أنه كان وكيله ».

أقول: وذكروا لخيران ابناً بإسم الخيراني، روى عن أبيه، وروى عنه في الكافي « 1 / 322 » عن الإمام الرضا، النص على إمامة ولده الجواد (ع).

5. عبد العظيم بن عبد الله الحسني:

1. تقدم في فصل نقض الإمام الهادي (ع) لعقيدة المتوكل وابن حنبل، أن عبد العظيم الحسني عرض دينه على الإمام (ع) فقال له: « يا أبا القاسم، هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه، ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ».

2. قال في النور الهادي إلى أصحاب إمام الهادي (ع) « 1 / 154 »: « عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الإمام الحسن المجتبى أبو القاسم،

٤٢١

المعروف بالشاه عبد العظيم. من كبار علماء الشيعة الإمامية كان مؤمناً عابداً زاهداً تقياً ورعاً، صحب الإمامين الجواد والهادي (ع) وروى عنهما.

هرب من ظلم وجور السلطة العباسية الى بلاد فارس، فدخل الري مستتراً وأقام بها في دار أحد الشيعة بساربانان، ولم يزل بها مدة طويلة من دون أن يُعَرف الناس بنفسه وسلالته الشريفة، حتى توفي بها في النصف من شهر شوال سنة 252 هـ ودفن بها، وأصبح ضريحه من المشاهد المتبركة ومن المزارات المقدسة لدى المسلمين عامة، والشيعة خاصة. روى عنه سهل بن زياد الآدمي، وأحمد بن أبي عبد الله البرقي، وعبيد الله بن موسى الروياني وغيرهم. من آثاره كتاب: خطب أمير المؤمنين (ع)، وكتاب: اليوم والليلة ».

3. ورد الحث على زيارة قبره (رحمه الله)، ففي جواهر الكلام « 20 / 103 »: « قال الكاظم (ع): من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي إخوانه، يكتب له ثواب زيارتنا، ومن لم يقدر أن يصلنا فليصل صالحي إخوانه يكتب له ثواب صلتنا.

وكذا يستحب زيارة عبد العظيم بالري فإنها كزيارة الحسين (ع)، وقبر فاطمة بنت موسى بن جعفر (ع) بقم، فإن من زارها له الجنة. وجميع قبور العلماء والصلحاء والأولياء، وكافة إخوانه أحياءً وأمواتاً.

ولكل ذلك آداب ووظائف، قد تكفلت بها الكتب المعدة لذلك، والرجاء بالله تعالى شأنه أن يوفقنا بعد إتمام هذا الكتاب إلى تأليف كتاب يجمع جميع ما ورد عنهم (ع) في ذلك، والله الموفق والمؤيد والمسدد ».

٤٢٢

ولعبد العظيم الحسني (رحمه الله) مشهد في الري هو أكبر معالمها، ويقصده الشيعة للزيارة.

4 . أهم نص في سيرة عبد العظيم (رحمه الله) ما قاله النجاشي / 247: « عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) أبو القاسم. له كتاب خطب أمير المؤمنين (ع) قال أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله: حدثنا جعفر بن محمد أبو القاسم قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي قال: كان عبد العظيم ورد الري هارباً من السلطان، وسكن سرباً في دار رجل من الشيعة في سكة الموالي، فكان يعبد الله في ذلك السرب ويصوم نهاره ويقوم ليله، وكان يخرج مستتراً فيزور القبر المقابل قبره وبينهما الطريق، ويقول: هو قبر رجل من ولد موسى بن جعفر (ع).

فلم يزل يأوي إلى ذلك السرب، ويقع خبره إلى الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمد (ع) حتى عرفه أكثرهم. فرأى رجل من الشيعة في المنام رسول الله (ص) قال له: إن رجلاً من وُلدي يحمل من سكة الموالي، ويدفن عند شجرة التفاح، في باغ « بستان » عبد الجبار بن عبد الوهاب، وأشار إلى المكان الذي دفن فيه، فذهب الرجل ليشترى الشجرة ومكانها من صاحبها فقال له: لأي شئ تطلب الشجرة ومكانها. فأخبر بالرؤيا، فذكر صاحب الشجرة أنه كان رأى مثل هذه الرؤيا، وأنه قد جعل موضع الشجرة مع جميع الباغ وقفاً على الشريف والشيعة يدفنون فيه. فمرض عبد العظيم ومات (رحمه الله)، فلما جرد ليغسل وجد في جيبه

٤٢٣

رقعة فيها ذكر نسبه، فإذا فيها: أنا أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع).

أخبرنا أحمد بن علي بن نوح قال: حدثنا الحسن بن حمزة بن علي قال: حدثنا علي بن الفضل قال: حدثنا عبيد الله بن موسى الروياني أبو تراب قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله، بجميع رواياته ».

5. لم يذكر الرواة لماذا طلبه السلطان، ومتى قدم الى الري، وقد ورد في رواية الشجري أن منزله كان بالري، قال في أماليه « 1 / 177 »: « أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي، قال حدثني أبي، قال حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الرازي في منزله بالري، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضي عن أبيه وفي رواية أخرى: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني بالري ».

وهذا يدل على أنه كان يسكن الري وله بيت يقصده الناس ويحدثهم! ومن المرجح عندي أنه اضطر للإختفاء بعد فشل ثورة أحد العلويين في الري.

ففي مقاتل الطالبيين / 406: « لما وليَ المتوكل تفرق آل أبي طالب في النواحي، فغلب الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد على طبرستان، ونواحي الديلم. وخرج بالري محمد بن جعفر بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين يدعو إلى الحسن بن زيد، فأخذه عبد الله بن طاهر فحبسه بنيسابور، فلم يزل في حبسه حتى هلك. حدثني بذلك أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن الحسن وأم محمد ابن جعفر رقية بنت عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي: وكان

٤٢٤

ممن خرج معه عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. ثم خرج من بعده بالري أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، يدعو إلى الحسين بن زيد.

وخرج الكوكبي وهو الحسين بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله الأرقط بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

ولهؤلاء أخبار قد ذكرناها في الكتاب الكبير، لم يحتمل هذا الكتاب إعادتها لطولها، ولأنا شرطنا ذكر خبر من قتل منهم دون من خرج فلم يقتل ».

وفي مقاتل الطالبيين / 434: « وقُتل بالري: جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين، في وقعة كانت بين أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وبين عبد الله بن عزيز، عامل محمد بن طاهر بالري. وقتل إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن الحسن بن عبد الله بن العباس بن علي. وأمه أم ولد. قتله طاهر بن عبد الله في وقعة كانت بينه وبين الكوكبي بقزوين ».

فلعل منزل عبد العظيم كان مركزاً لبعض هذه الثورات، أو موجهاً لها، وبعد فشل قائدها صار عبد العظيم مطلوباً للسلطة، فاختفى عند أحد من يثق بهم من الشيعة.

6. ذكر بعضهم أنه لم يكن لعبد العظيم الحسني عقب، وذكر بعضهم له بنات، قال ابن عنبة في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب / 94: « وأولد عبد العظيم محمد بن عبد العظيم كان زاهداً كبيراً. وانقرض محمد بن عبد العظيم ولا عقب له ».

٤٢٥

وذكرابن عنبة ذرية من بنته سلمة، قال في / 91: « أمهم سلمة بنت عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد ».

وذكر له العمري أخاً إسمه أحمد، قال في المجدي في أنساب الطالبين / 35: « وأما أحمد فمن ولد السبيعي، وهو أبو محمد القاسم وأمه أم ولد يقال لها مونس، وأبوه الحسين نقيب الكوفة بن القاسم بن أحمد بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ». والذي تحته خط هو نسب عبد العظيم .

6. أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري:

قال السيد الخوئي في معجمه « 8 / 122 »: « قال النجاشي: داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أبوهاشم الجعفري (رحمه الله): كان عظيم المنزلة عند الأئمة (ع)، شريف القدر، ثقة، روى أبوه عن أبي عبد الله (ع).

وقال الشيخ: داود بن القاسم الجعفري، يكنى أبا هاشم، من أهل بغداد، جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمة (ع)، وقد شاهد جماعة منهم: الرضا والجواد والهادي والعسكري وصاحب الأمر، وقد روى عنهم كلهم (ع).

وله أخبار ومسائل، وله شعر جيد فيهم، وكان مقدماً عند السلطان، وله كتاب أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل، عن ابن بطة، عن أحمد بن أبي عبد الله عنه روى عن أبي الحسن (ع) وروى عنه سهل بن زياد، كامل الزيارات: الباب90، في أن الحائر من المواضع التي يحب الله أن يدعى فيها ..

٤٢٦

وعن ربيع الشيعة أنه من السفراء والأبواب المعروفين الذين لايختلف الشيعة القائلون بإمامة الحسن بن علي (ع) فيهم.

روى الكليني في الكافي عن داود بن القاسم الجعفري قال: دخلت على أبي جعفر (ع) ومعي ثلاث رقاع غير معنونة واشتبهت عليَّ فاغتممت، فتناول إحداها وقال: هذه رقعة زياد بن شبيب، ثم تناول الثانية فقال: هذه رقعة فلان فبهتُّ أنا، فنظر إليَّ فتبسم، فقلت: جعلت فداك إني لمولع بأكل الطين، فادع الله لي. فسكت، ثم قال لي بعد ثلاثة أيام ابتداءً منه: يا أبا هاشم قد أذهب الله عنك أكل الطين. قال أبوهاشم: فما شئ أبغض إلي منه اليوم وكيف كان فلا إشكال في وثاقة الرجل وجلالته ».

أقول: ترجمنا له في سيرة الإمام الجواد (ع)، وذكرنا هنا في فصل الثوار العلويين مواجهته لحاكم بغداد ابن طاهر في سنة 250 ، عندما أراد صَلْبَ رأس الثائر يحيى بن عمر الزيدي، فانتقده أبو هاشم وخرج مغضباً، وهو يهددهم بانتقام الله:

يا بني طاهرٍ كُلُوه وبِيًّا

إنَّ لحم النبيِّ غَيْرُ مَرِيِّ

إن وتراً يكون طالبه الله

لوِتْرٌ بالفوْتِ غَيْرُ حَرِيِّ

فخاف ابن طاهر: « وأمر محمد بن عبد الله حينئذ أخته ونسوة من حرمه بالشخوص إلى خراسان، وقال: إن هذه الرؤس من قتلى أهل هذا البيت لم تدخل بيت قوم قط إلا خرجت منه النعمة وزالت عنه الدولة، فتجهزن للخروج »! « مقاتل الطالبيين / 423، والتفصيل في الطبري: 7 / 425، ومروج الذهب « 4 / 63 ».

٤٢٧

وكان أبوهاشم الجعفري رضي الله عنه من أصحاب الأئمة الإثني عشر (ع) ولم يكن خطهم الثورة كالعلويين الثائرين من الزيديين وغيرهم، ولكنهم كانوا يتضامنون مع الثائرين إذا فشلوا أونُكبوا، ويدافعون عنهم.

هذا وقد ذكرنا في معجزات الإمام الهادي (ع) أن بيت أبي هاشم كان في بغداد وكان الإمام (ع) في سامراء، فشكا اليه طول الطريق وطلب منه أن يدعو له أن يقويه على زيارته، فقال الإمام (ع): « قَوَّاكَ الله يا أبا هاشم وقَوَّى بِرْذَوْنَك. قال: فكان أبوهاشم يصلي الفجر ببغداد ويسير على البرذون، فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سر من رأى، ويعود من يومه إلى بغداد إذا سار على ذلك البرذون، وكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت ».

أقول: المسافة من بغداد الى سامراء مئة وعشرون كيلو متراً، فهي تحتاج الى نحو عشر ساعات على البغل السريع. وكان أبو هاشم بعد دعاء الإمام (ع) يقطعها في نحو خمس ساعات. وهذا ليس غريباً على دعاء الإمام (ع) وليس غريباً أن تطوى الأرض بدعائه (ع)!

وفي مستدرك سفينة البحار « 5 / 228 » أن أبا هاشم الجعفري توفي سنة 261، بعد أن تشرف برؤية الإمام المهدي صلوات الله عليه.

7. العالم اللغوي يعقوب بن السٍّكِّيت:

كان من أصحاب الإمام الكاظم الرضا والجواد والهادي (ع) وترجمنا له في أصحاب الإمام الجواد (ع) ونكتفي هنا ببعض النصوص:

قال أبوالفدا في تاريخه « 2 / 40 »: « وفيها « سنة 245 » قَتَلَ المتوكل أبا يوسف يعقوب بن إِسحاق المعروف بابن السكيت، صاحب كتاب إصلاح المنطق في اللغة

٤٢٨

وغيره، وكان إماماً في اللغة والأدب، قتله المتوكل لأنه قال له: أيمُّا أحب إليك: ابناي المعتز والمؤيد أم الحسن والحسين؟ فغض ابن السكّيت من ابنيه وذكر عن الحسن والحسين ما هما أهله، فأمر مماليكه فداسوا بطنه، فحمل إلى داره فمات بعد غد ذلك اليوم. وقيل إن المتوكل لما سأل ابن السكيت عن ولديه وعن الحسن والحسين قال له ابن السكيت: والله إن قنبراً خادم علي خير منك ومن ولديك! فقال المتوكل: سُلُّوا لسانه من قفاه، ففعلوا به ذلك فمات لساعته، في رجب في هذه السنة المذكورة، وكان عمره ثمانياً وخمسين سنة ».

ولايصح قوله عن عمر ابن السكيت، لأنه كان شاباً سنة 183، عند شهادة الإمام الكاظم (ع) فلا بد أن يكون عمره عندما قتل في السبعينات أوالثمانينات.

وقد أجمع المؤرخون على ذم المتوكل العباسي لقتله هذا العالم ظلماً، وبغضاً لعلي وأهل البيت (ع). وترجموا لابن السكيت ومدحوه، وذكروا أن مؤلفاته بلغت نحوثلاثين مؤلفاً، والذي وصلنا منها كتاب إصلاح المنطق فقط. راجع: مقدمة المعارف لابن قتيبة، ووفيات الأعيان: 6 / 395، والنجوم الزاهرة 2 / 285. وغيرها من المصادر.

وقال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب: 2 / 106: « فأمر بسلِّ لسانه من قفاه رحمه الله ورضي عنه، ويقال أنه حمل ديته إلى أولاده »!

وقال النجاشي في رجاله / 449: « يعقوب بن إسحاق السكيت، أبو يوسف كان متقدماً عند أبي جعفر الثاني وأبي الحسن (ع)، وله عن أبي جعفر رواية ومسائل، وقتله المتوكل لأجل التشيع، وأمره مشهور، وكان وجهاً في علم العربية واللغة ثقة صدوقاً لا يطعن عليه ».

٤٢٩

8. عبد الله بن جعفر الحميري:

اتفق علماؤنا على توثيقه، وأشهر مؤلفاته قرب الإسناد، وأشهر مروياته التواقيع عن الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه )، ووثقه الطوسي في الفهرست / 168، وابن شهراشوب في معالم العلماء / 108، وذكرا بعض كتبه.

وقال النجاشي في الرجال / 220: « عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري شيخ القميين ووجههم، قدم الكوفة سنة نيف وتسعين ومائتين، وسمع أهلها منه فأكثروا، وصنف كتباً كثيرة، يعرف منها: كتاب الإمامة، كتاب الدلائل، كتاب العظمة والتوحيد، كتاب الغيبة والحيرة، كتاب فضل العرب، كتاب التوحيد والبداء، والإرادة والاستطاعة والمعرفة، كتاب قرب الإسناد إلى الرضا (ع)، وكتاب قرب الإسناد إلى أبي جعفر الجواد بن الرضا (ع)، وكتاب ما بين هشام بن الحكم وهشام بن سالم، والقياس، والأرواح، والجنة والنار، وكتاب الحديثين المختلفين، ومسائل الرجال ومكاتباتهم أبا الحسن الثالث (ع)، ومسائل لأبي محمد الحسن (ع) على يد محمد بن عثمان العمري، وكتاب قرب الإسناد إلى صاحب الأمر (ع)، ومسائل أبي محمد وتوقيعاته، وكتاب الطب ».

قال الشبستري في أصحاب الإمام الهادي (ع) / 157: « محدث إمامي ثقة، مشارك في كثير من العلوم، وله فيها تآليف نافعة، كان من وجوه أهل قم وشيوخهم، قدم الكوفة سنة نيف وتسعين ومائتين. صحب الإمامين الهادي والعسكري (ع)

٤٣٠

جاء إسمه في75 مورداً في أسناد الروايات. روى عنه أحمد بن محمد بن يحيى العطار، ومحمد بن علي بن محبوب، ومحمد بن الحسن بن الوليد وغيرهم ».

وللحميري أولاد وأحفادٌ، ساروا على خطه (رحمه الله).

9. الفضل بن شاذان:

يوجد عدة أشخاص باسم الفضل بن شاذان، بعضهم جده جبرئيل، أوعيسى، أوصيفي الخ. ومقصودنا الذي جده الخليل الفراهيدي (رحمه الله).

قال الزركلي في الأعلام « 5 / 149 »: « الفضل بن شاذان بن الخليل، أبومحمد الأزدي النيسابوري: عالمٌ بالكلام، من فقهاء الإمامية. له نحو 180 كتاباً، منها الرد على ابن كرام، والإيمان، ومحنة الإسلام، والرد على الدامغة الثنوية، والرد على الغلاة، والتوحيد، والرد على الباطنية والقرامطة ».

وفي معالم العلماء / 125: « لقي علي بن محمد التقي (ع). دخل الفضل على أبي محمد (ع) فلما أراد أن يخرج سقط منه كتاب من تصنيفه، فتناوله أبومحمد (ع) ونظر فيه، وترحم عليه، وذُكر أنه قال: أغبطُ أهل خراسان مكانَ الفضل بن شاذان، وكونه بين أظهرهم ».

وقال الكشي « 2 / 818 »: « ذكر أبو الحسن محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري: أن الفضل بن شاذان بن الخليل، نفاه عبد الله بن طاهر عن نيسابور، بعد أن دعا به واستعلم كتبه وأمره أن يكتبها، قال فكتب تحته: الإسلام الشهادتان وما يتلوهما. فذكر أنه يحب أن يقف على قوله في السلف. فقال أبومحمد: أتولى أبا بكر وأتبرؤ

٤٣١

من عمر! فقال له: ولم تتبرأ من عمر؟فقال: لإخراجه العباس من الشورى. فتخلص منه بذلك ».

وفي معجم السيد الخوئي « 14 / 311 »: « سمعت الفضل بن شاذان آخر عهدي به يقول: أنا خلفٌ لمن مضى، أدركتُ محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى وغيرهما، وحملت عنهم منذ خمسين سنة. ومضى هشام بن الحكم (رحمه الله)، وكان يونس بن عبد الرحمن (رحمه الله) خلفه، كان يرد على المخالفين، ثم مضى يونس بن عبد الرحمان ولم يخلف خلفاً غير السكاك، فرد على المخالفين حتى مضى (ع)، وأنا خلف لهم من بعدهم، رحمهم الله ...

قال أبو علي: والفضل بن شاذان كان برستاق بيهق، فورد خبر الخوارج فهرب منهم، فأصابه التعب من خشونة السفر، فاعتل ومات منه، فصليتُ عليه ».

وقال الجلالي في فهرس التراث « 1 / 281 »: « زرتُ مرقده الشريف خارج مدينة نيشابور، على مقربة من قبر خَيَّام، وله سورٌ ولوحٌ فيه إسمه، وتبركتُ بقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة، وقد قصدتُ مرقده لثواب الآخرة، والناس يقصدون خيَّام للدنيا! وما أقربهما مرقداً وأبعدهما روحاً!

من آثاره: إثبات الرجعة: نسخة محفوظة في مكتبة السيد الحكيم (قدس سره) في النجف وعليها بخط الحر العاملي ».

أقول: ذكر في الذريعة نسخ كتبه. وأعجبها كتابه الرجعة والغيبة، فقد ألفه قبل ولادة الإمام المهدي (ع) من أحاديث أجداده عن غيبته وظهوره والرجعة بعده!

٤٣٢

10. أحمد بن إسحاق الأشعري:

قال الشيخ الطوسي في الفهرست / 70: « أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص، الأشعري، أبو علي، كبير القدر، وكان من خواص أبي محمد (ع)، ورأى صاحب الزمان (ع) وهو شيخ القميين ووافدهم.

وله كتب، منها كتاب علل الصلاة، كبير، ومسائل الرجال لأبي الحسن الثالث (ع). أخبرنا بهما الحسين بن عبيد الله، وابن أبي جيد، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن سعد بن عبد الله، عنه ».

أقول: هاجر جده الأحوص مع أخيه عبد الله، وجماعة من عشيرتهم من الكوفة في زمن الإمام زين العابدين (ع)، وأسسوا قماً، وسرعان ما صارت مركزاً علمياً، وحاضرةً مواليةً لأهل البيت (ع). وقد مدح الأئمة (ع) الأشعريين القميين، ونبغ منهم رواة كبار وعلماء أبرار.

وعده النجاشي وأباه في مصنفي الشيعة، قال / 73 و 91: « إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري، قمي ثقة، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (ع). وابنه أحمد بن إسحاق مشهور وكان وافد القميين، وروى عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن (ع) وكان خاصة أبي محمد (ع) ».

قال السيد الخوئي في رجاله « 2 / 54، و 48 »: « أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد= أحمد بن إسحاق بن سعد = أحمد بن إسحاق القمي.

٤٣٣

عده الشيخ في أصحاب الجواد (ع)، وفي أصحاب أبي محمد العسكري (ع) قائلاً: أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، قمي ثقة.

وقع بهذا العنوان، في إسناد عدة من الروايات، تبلغ سبعة وستين مورداً، فقد روى عن أبي الحسن، وأبي الحسن الثالث، وأبي محمد (ع)، وأبي هاشم الجعفري، وبكر بن محمد الأزدي، وسعدان بن مسلم، وسعدان عبد الرحمان، وياسر الخادم. وروى عنه: أبو علي الأشعري، وأحمد بن إدريس، وأحمد بن علي، وأحمد بن محمد بن عيسى، والحسين بن محمد الأشعري، وعبد الله بن عامر ».

في الغيبة للطوسي / 354: « أحمد بن إسحاق بن سعد القمي قال: دخلت على أبي الحسن علي بن محمد صلوات الله عليه في يوم من الأيام فقلت: يا سيدي أنا أغيب وأشهد، ولا يتهيأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كل وقت، فقولَ من نقبل، وأمر من نمتثل؟ فقال لي صلوات الله عليه: هذا أبو عمرو الثقة الأمين ما قاله لكم فعني يقوله وما أداه إليكم فعني يؤديه. فلما مضى أبو الحسن (ع) وصلت إلى أبي محمد ابنه الحسن العسكري (ع) ذات يوم فقلت له (ع) مثل قولي لأبيه، فقال لي: هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات فما قاله لكم فعني يقوله، وما أدى إليكم فعني يؤديه.

قال أبو محمد هارون: قال أبو علي: قال أبو العباس الحميري: فكنا كثيراً ما نتذاكر هذا القول، ونتواصف جلالة محل أبي عمرو ».

٤٣٤

وروى الكشي « 2 / 831 »: « كتب محمد بن أحمد بن الصلت القمي الآبي أبو علي إلى الدار كتاباً ذكر فيه قصة أحمد بن إسحاق القمي وصحبته، وأنه يريد الحج واحتاج إلى ألف دينار، فإن رأى سيدي أن يأمر باقراضه إياه، ويُسترجع منه في البلد إذا انصر فنا فافعل. فوقع (ع): هي له منا صلة، وإذا رجع فله عندنا سواها، وكان أحمد لضعفه لايطمع نفسه في أن يبلغ الكوفة، وفي هذه من الدلالة ». أي دلالةٌ على أنه يرجع من الحج سالماً، وكان تقدم به العمر (رحمه الله).

وفي دلائل الإمامة / 503: « وكان أحمد بن إسحاق القمي الأشعري رضي الله عنه الشيخ الصدوق، وكيل أبي محمد (ع)، فلما مضى أبو محمد (ع) إلى كرامة الله عز وجل أقام على وكالته مع مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه، تخرج إليه توقيعاته، ويحمل إليه الأموال من سائر النواحي التي فيها موالي مولانا فيتسلمها، إلى أن استأذن في المصير إلى قم فخرج الإذن بالمضي، وذكر أنه لايبلغ إلى قم، وأنه يمرض ويموت في الطريق، فمرض بحلوان ومات ودفن بها، رضي الله عنه ».

وقال الكشي « 2 / 831 »: « كتب أبو عبد الله البلخي إليَّ يذكر عن الحسين بن روح القمي أن أحمد بن إسحاق كتب إليه يستأذنه في الحج: فأذن له، وبعث إليه بثوب فقال أحمد بن إسحاق: نعى إلي نفسي، فانصرف من الحج فمات بحلوان.

أحمد بن إسحاق بن سعد القمي عاش بعد وفاة أبي محمد (ع)، وأتيت بهذا الخبر ليكون أصح لصلاحه وما ختم له به ».

٤٣٥

أقول: روى أحمد بن إسحاق الأشعري (رحمه الله) عن الإمام الرضا (ع) وتوفي بعد الإمام العسكري (ع)، ورأى من الأئمة خمسة: الرضا والجواد والهادي والعسكري والمهدي (ع). وأكبر دوره (رحمه الله) مع الإمام العسكري والمهدي (ع)، فستأتي ترجمته هناك.

٤٣٦

الفصل السادس عشر:

شهادة الإمام الهادي (ع)

شهادته (ع) بيد المعتز وليس المعتمد

كانت شهادة الإمام الهادي (ع) بيد الخليفة العباسي المعتز. وقد نسبت روايةٌ سُمَّهُ الى المعتمد، ولعل ذلك بسبب أن المعتمد نَفَّذَ أمر أخيه المعتز، أو جاء إسمه تصحيفاً. والمعتز هو الزبير بن المتوكل، ويعرف بابن قبيحة. والمعتمد أخوه أحمد بن المتوكل، ويعرف بابن فتيان، إسم أمه أيضاً.

قال المسعودي في مروج الذهب « 4 / 84 »: « كانت وفاة أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد في خلافة المعتز بالله، وذلك في يوم الإثنين لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومائتين، وهوابن أربعين سنة، وقيل ابن اثنتين وأربعين سنة، وقيل أكثر من ذلك، وسمع في جنازته جارية تقول: ما ذا لقينا في يوم الإثنين قديماً وحديثاً! وصلى عليه أحمد بن المتوكل « المعتمد » على الله، في شارع أبي أحمد، وفي داره بسامرا، ودفن هناك ».

وفي تاريخ اليعقوبي « 2 / 500 »: « وتوفي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، بسر من رأى، يوم الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة 254 ، وبعث المعتز بأخيه أحمد بن المتوكل، فصلى عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد، فلما كثر الناس واجتمعوا كثر

٤٣٧

بكاؤهم وضجتهم، فرُدَّ النعشُ إلى داره فدفن فيها، وسنهُ أربعون سنة، وخلَّفَ من الولد الذكور اثنين: الحسن، وجعفر ».

وفي دلائل الإمامة / 409: « كانت سِنُوُّ إمامته بقية ملك الواثق، ثم ملك المتوكل، ثم أحمد المستعين، ثم ملك المعتز، وفي آخر ملكه استشهد ولي الله، وقد كمل عمره أربعون سنة، وذلك في يوم الإثنين لثلاث خلون من رجب سنة خمسين ومائتين من الهجرة، مسموماً، ويقال إنه قبض الإثنين لثلاث خلون من شهر رجب سنة أربع وخمسين ومائتين من الهجرة. ويقال يوم الإثنين لخمس ليال خلون من جمادى سنة أربع وخمسين ومائتين. ودفن بسر من رأى في داره ».

وفي إعلام الورى « 2 / 109 »: « وكانت في أيام إمامته (ع) بقية ملك المعتصم، ثم ملك الواثق خمس سنين وسبعة أشهر، ثم ملك المتوكل أربع عشرة سنة، ثم ملك ابنه المنتصر ستة أشهر، ثم ملك المستعين وهوأحمد بن محمد بن المعتصم، سنتين وتسعة أشهر، ثم ملك المعتز وهوالزبير بن المتوكل ثماني سنين وستة أشهر وفي آخر ملكه استشهد ولي الله علي بن محمد (ع) ودفن في داره بسر من رأى ».

وقال ابن الجوزي في تذكرة الخواص « 1 / 324 »: « وكان سنه يوم مات أربعين سنة. وكانت وفاته في أيام المعتز بالله، ودفن بسر من رأى، وقيل إنه مات مسموماً ».

وقال الخطيب في تاريخ بغداد « 12 / 56 »: « أشخصه جعفر المتوكل على الله من مدينة رسول الله (ص) الى بغداد، ثم الى سر من رأى، فقدمها وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر، الى أن توفي ودفن بها في أيام المعتز بالله ».

٤٣٨

وقال ابن شهر آشوب « 3 / 505 »: « وألقابه: النجيب، المرتضى، الهادي، النقي، العالم، الفقيه، الأمين، المؤتمن، الطيب، المتوكل، العسكري.

ويقال له: أبوالحسن الثالث، والفقيه العسكري. وكان أطيب الناس بهجة، وأصدقهم لهجة، وأملحهم من قريب، وأكملهم من بعيد، إذا صمت علته هيبة الوقار، وإذا تكلم سماه البهاء، وهومن بيت الرسالة والإمامة، ومقر الوصية والخلافة، شعبة من دوحة النبوة منتضاةٌ مرتضاهْ. وثمرةٌ من شجرة الرسالة مجتناةٌ مجتباهْ. ولد بصرياء من المدينة للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين وقبض بسر من رأى الثالث من رجب سنة أربع وخمسين ومائتين وليس عنده إلا ابنه أبومحمد، وله يومئذ أربعون سنة، وقيل واحد وأربعون وسبعة أشهر. ومدة مقامه بسر من رأى عشرون سنة، وتوفي فيها. وقبره في داره. وكان في سني إمامته بقية ملك المعتصم، ثم الواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمستعين، والمعتز. وفي آخر ملك المعتز استشهد مسموماً ..

وأولاده: الحسن الإمام، والحسين، ومحمد، وجعفر الكذاب، وابنته علية. بوابه: محمد بن عثمان العمري. ومن ثقاته: أحمد بن حمزة بن اليسع، وصالح بن محمد الهمداني، ومحمد بن جزك الجمال، ويعقوب بن يزيد الكاتب، وأبوالحسين بن هلال، وإبراهيم بن إسحاق، وخيران الخادم، والنضر بن محمد الهمداني. ومن وكلائه: جعفر بن سهيل الصيقل. ومن أصحابه: داود بن زيد، وأبوسليم زنكان، والحسين بن محمد المدائني، وأحمد بن إسماعيل بن يقطين، وبشر بن

٤٣٩

بشار النيسابوري الشاذاني، وسليمان بن جعفر المروزي، والفتح بن يزيد الجرجاني، ومحمد بن سعيد بن كلثوم وكان متكلماً، ومعاوية بن حكيم الكوفي، وعلي بن معد بن محمد البغدادي، وأبوالحسن بن رجا العبرتائي.

ورواة النص عليه جماعة منهم: إسماعيل بن مهران، وأبوجعفر الأشعري، والخيراني. والدليل على إمامته: إجماع الإمامية على ذلك، وطريق النصوص والعصمة، والطريقان المختلفان من العامة والخاصة، من نص النبي (ص) على إمامة الاثني عشر، وطريق الشيعة النصوص على إمامته عن آبائه (ع) ».

مراسم جنازة الإمام (ع)

في الهداية الكبرى / 248: « الحسين بن حمدان قال: حدثني أبوالحسين بن يحيى الخرقي، وأبومحمد جعفر بن إسماعيل الحسني، والعباس بن أحمد، وأحمد بن سندولا، وأحمد بن صالح، ومحمد بن منصور الخراساني، والحسن بن مسعود الفزاري، وعيسى بن مهدي الجوهري الجنبلاني، والحسين بن غياث الجنبلاني، وأحمد بن حسان العجلي الفزاري، وعبد الحميد بن محمد السراج، جميعاً في مجالس شتى: أنهم حضروا وقت وفاة أبي الحسن بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق صلوات الله عليهم، والصلاة بسر من رأى، فإن السلطان لما عرف خبر وفاته أمر سائر أهل المدينة بالركوب إلى جنازته، وأن يحمل إلى دار السلطان حتى يصلي عليه، وحضرت الشيعة وتكلموا وقال علماؤهم: اليوم يَبِينُ فضل سيدنا أبي محمد الحسن بن علي على أخيه جعفر، ونرى خروجهما مع

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477