الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام12%

الإمام علي الهادي عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام
الصفحات: 477

الإمام علي الهادي عليه السلام
  • البداية
  • السابق
  • 477 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 163708 / تحميل: 7497
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي الهادي عليه السلام

الإمام علي الهادي عليه السلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

قال في التوسل والوسيلة/٣٢٧:

وحتى أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلب من أويس القرني أن يستغفر للطالب، وإن كان الطالب أفضل من أويس بكثير.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليّ، فإنه من صلى عليّ مرة صلى الله عليه عشراً... انتهى.

فمن أين عرف ابن تيمية أفضلية عمر على أويس؟! وكيف جعل طلب الإستغفار كطلب الدعاء؟!

وكيف شبه أمر النبي لعمر أن يطلب الإستغفار من أويس، بطلب الرسول منا أن نصلي عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ !! مع الفارق الكبير بينهما؟!

فطلب الرسول منا أن ندعو له بالصلاة عليه إنما هو من أجلنا، ولم يستمد منا المساعدة!

أما توجيهه أحداً أن يطلب الإستغفار من أحد، فلا يكون إلا إذا كان للثاني مقام عند الله تعالى يؤمل به أن ينفع الأول!! فهو من قبيل قوله تعالى ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول... ).

٤ - وفضلوا أموياً على أويس القرني!

في حلية الأولياء: ٩/٢٢٣:

قال وسمعت أبا سليمان وأبا صفوان يتناظران في عمر بن عبد العزيز وأويس، فقال أبو سليمان لأبي صفوان: كان عمر بن عبد العزيز أزهد من أويس!

فقال له: ولم؟

قال: لأن عمر بن عبد العزيز ملك الدنيا فزهد فيها.

فقال له أبو صفوان: وأويس لو ملكها لزهد فيها مثل ما فعل عمر!

٤١

فقال أبو سليمان: أتجعل من جرب كمن لا يجرب، إن من جرت الدنيا على يديه ولم يكن لها في قلبه موقع.

وقال في البداية والنهاية: ٩/٢٣٣:

قال أبو سليمان الداراني: كان عمر بن عبد العزيز أزهد من أويس القرني، لأن عمر ملك الدنيا بحذافيرها وزهد فيها، ولا ندري حال أويس لو ملك ما ملكه عمر كيف يكون؟! ليس من جرب كمن لم يجرب! انتهى.

فهل تعامى الداراني وأبو نعيم وابن كثير أن أويساً شهد له سيد المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنه من كبار أولياء الله تعالى، والشفعاء عنده يوم القيامة، وأن معنى ذلك أن الملك والخلافة ومغريات الدنيا لو عرضت له وقبلها فسوف لا تغير منه شيئاً!

بينما لم يشهدصلى‌الله‌عليه‌وآله لعمر بن عبد العزيز بحرف من ذلك!

فتفضيله على أويس وجعله في درجته، ماهو إلا الظن والتعصب لبني أمية!

٥ - ثم حاولوا إنكار شهادة أويس في صفين

في سير أعلام النبلاء: ٤/٢٥:

وروى نحواً من ذلك عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه، وزاد فيها: ثم إنه غزا أذربيجان فمات، فتنافس أصحابه في حفر قبره. انتهى.

وقد حاول المعلق على سير الذهبي أن يؤكد الشك في شهادة أويس في صفين، فقال في هامشه: هناك أخبار مختلفة حول موته والمكان الذي دفن فيه، ذكرها أبو نعيم في الحلية ٢/٨٣، وابن عساكر في تاريخه ٣/١١٠، وما بعدها.

وفي حلية الأولياء: ٢/٨٤:

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني زكريا بن يحيى بن زحمويه، ثنا الهيثم بن عديّ، ثنا عبد الله بن عمرو بن مرة، عن أبيه، عن عبد الله بن سلمة، قال غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب، ومعنا أويس القرني، فلما رجعنا

٤٢

مرض علينا - يعني أويس - فحملناه، فلم يستمسك فمات، فنزلنا فإذا قبر محفور وماء مسكوب، وكفن وحنوط، فغسلناه وكفناه!!

وفي لسان الميزان: ١/٤٧٣:

وأخرج مسلم عن أسير بن جابر فذكر اجتماع عمررضي‌الله‌عنه بأويس، وفيه:

قال أين تريد؟

قال: الكوفة.

قال: ألا أكتب لك الى عاملها فيستوصى بك؟

قال: لا، بل أكون في غبرات الناس أحب الي.. الحديث، وفي آخره أنه مات بالحيرة. انتهى.

وإذا كان يقصد أن الحديث الآخر في مسلم، فلم نجد فيه ذكراً لموته في الحيرة! وهذا يوجب الشك في أن نسخ صحيح مسلم متفاوتة، وأنه أضيف الى بعضها أنه مات بالحيرة!

وفي لسان الميزان: ١/٤٧٥:

وقال ابن حبان في ثقات التابعين: أويس بن عامر القرني من اليمن، من مراد سكن الكوفة، وكان زاهداً عابداً، يروي عن عمر، اختلفوا في موته، فمنهم من يزعم أنه قتل يوم صفين في رجالة عليرضي‌الله‌عنه ، ومنهم من يزعم أنه مات على جبل أبي قبيس بمكة، ومنهم من يزعم أنه مات بدمشق، ويحكون في موته قصصاً تشبه المعجزات التي رويت عنه.

وقد كان بعض أصحابنا ينكر كونه في الدنيا، حدثني عبد الله بن الحسين الرحبي ثنا عباس بن محمد قراد أبو نوح، فذكر ما تقدم، والأثر الذي تقدم عن لوين أخرج أحمد في مسنده عن أبي نعيم عن شريك به، وفي آخره سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من خير التابعين أويساً القرنيرضي‌الله‌عنه . انتهى.

٤٣

وفي تاريخ الطبري: ١٠/١١٦:

( ذكر من هلك من التابعين سنة ٣٢ )

ومنهم أويس بن الخليص القرني. كذلك ذكر ضمرة بن ربيعة عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه قال: سمعت من رجل من قومي يعني من قوم أويس وأنا أحدث بحديثه، فقال تدري يا أبا عثمان أويس ابن من؟

قلت: لا.

قال أويس بن الخليص.

وأما يحيى بن سعيد القطان فإنه قال: حدثنا يزيد بن عطاء، عن علقمة بن مرثد بأنه قال: أويس بن أنيس القرني.

واختلف في وقت مهلكه فقال بعضهم: قتل مع عليعليه‌السلام بصفين، روى محمد بن أبي منصور قال: حدثنا الحماني قال: حدثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: نادى منادي عليّعليه‌السلام يوم صفين ألا اطلبوا أويساً القرني بين القتلى، فطلبوه فوجدوه فيهم. أو كلاماً هذا معناه. انتهى.

وفي تاريخ الطبري: ١٠/١٤٥:

وأويس القرني، من مراد وهو يحابر بن مالك بن مذحج، وهو أويس بن عامر بن جزء بن مالك بن عمرو بن سعد بن عصوان بن قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد وهو يحابر بن مالك.

وكان ورعاً فاضلاً روى أنه قتل يوم صفين: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا هشام عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر. قال هشام فأخبرني حوشب أنه قال هو أويس القرني.

وفي وقعة صفين لنصر بن مزاحم/٣٢٤:

نصر، عن حفص بن عمران البرجمي، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري قال: أصيب أويس القرني مع علي بصفين.

٤٤

وفي أنساب الأشراف/٣٢٠:

وبعض الرواة يزعم أن أويساً القرني العابد، قتل مع علي بصفين. ويقال: بل مات بسجستان. قالوا: وكان علي بصفين في خمسين ألفاً، ويقال: بل في مئة ألف. وكان معاويةرحمه‌الله !! في سبعين ألفاً، ويقال: في مأة ألف، فقتل من أهل الشام خمسة وأربعون ألفاً، ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفاً، والله أعلم.

وقال في هامشه:

وهذا هو الشائع المعروف بين العلماء، لم يتردد فيه إلا بعض النواصب، وقد ذكر الكثيرون من منصفي أهل السنة استشهاد أويس بصفين، وذكره ابن عساكر بطرق في ترجمة أويس من تاريخ دمشق: ٦/٦٩، وفي ترجمة زيد بن صوحان: ١٩/١٣١، وفي تهذيبه: ٦/١٤

قال في مجمع الزوائد: ١٠/٢٢: وعن ابن أبي ليلى قال: نادى رجل من أهل الشام يوم صفين أفيكم أويس القرني؟

قالوا نعم.

قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من خير التابعين أويس. رواه أحمد بن حنبل وإسناده جيد.

وقال ابن مسكويه في الحكمة الخالدة/ ١٣٤: وذكر ابن أبي ليلى الفقيه أن أويساً وجد في قتلى رجالة علي بن أبي طالب يوم صفين.

وقال الحاكم في ترجمة أويس من المستدرك: ٣/٤٠٢:

سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: قتل أويس القرني بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوم صفين.

وبالسند المتقدم عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن عباس بن الدوري، حدثنا أبو نعيم، حدثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى قال:

٤٥

ولما كان يوم صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي: أفيكم أويس القرني؟ قالوا: نعم فضرب دابته حتى دخل معهم ثم قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: خير التابعين أويس القرني.

وأخبرني أحمد بن كامل القاضي ببغداد، حدثنا عبدالله بن روح المدائني، حدثنا عبيد الله ابن محمد العبسي، حدثني إسماعيل بن عمرو البجلي، عن حبان بن علي العنزي عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال:

شهدت علياًرضي‌الله‌عنه يوم صفين وهو يقول:

من يبايعني على الموت؟ - أو قال: على القتال؟

فبايعه تسع وتسعون قال: فقال:

أين التمام؟ أين الذي وعدت به؟

قال: فجاء رجل عليه أطمار صوف محلوق الرأس فبايعه على الموت والقتل [كذا] قال فقيل: هذا أويس القرني. فما زال يحارب بين يديه حتى قتلرضي‌الله‌عنه .

وقال في تاريخ الخميس: ٢/٢٧٧ : وقتل مع علي خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأويس القرني زاهد التابعين.

وقال في المختصر الجامع: قتل من أهل العراق خمسة وعشرون ألفا، منهم عمار بن ياسر، وأويس القرني، وخمسة وعشرون بدريا.

وقال ابن عساكر قبل ختام ترجمة أويس بحديث: أنبأنا أبو الغنائم محمد بن علية [كذا] بن الحسن الحسيني، حدثنا القاضي محمد بن عبدالله الجعفي، حدثنا الحسين بن محمد ابن الفرزدق، أنبأنا الحسن بن علي بن بزيع، حدثنا محمد بن عمر، حدثنا ابراهيم بن إسحاق، حدثنا عبدالله بن أذنية البصري، عن أبان بن أبي عباش عن سليمان [كذا] بن قيس العامري: قال رأيت أويساً القرني بصفين صريعاً بين عمار وخزيمة بن ثابت.

وتقدم في تعليق الحديث ( ٣٤٧ ) في ص ٢٨٦ عن ترجمة زيد بن صوحان من تاريخ

٤٦

دمشق: ١٩/١٣٠، وفي تهذيبه: ٦/١٤، بسند آخر أن أويس القرني قتل في الرجالة يوم صفين. انتهى.

وكان ينبغي لهؤلاء المؤرخين أن يتقيدوا بمنهجهم في الأخذ بالأحاديث الصحيحة التي نصت على شهادة أويس مع عليعليه‌السلام في صفين، وأن لا يشككوا الناس بسرد أحاديث ضعيفة في مقابلها.

ولكن بغضهم لعليعليه‌السلام يدفعهم دائماً الى ترك منهجهم والتشبث بالطحلب لكي يتخلصوا من أويس، هذه الآية الربانية النبوية التي شهدت على حق عليعليه‌السلام وباطل خصومه ومقاتليه، وحكمت عليهم بنصوص صحيحة عندهم بأنهم الفئة الباغية المحاربة لله ورسوله!!

ترى أحدهم لا يشهد بأن الحق مع عليعليه‌السلام إلا مجبوراً، كأنه يساق الى الموت!! ويبقى قلبه مشرباً بحب أعداء علي ومقاتليه، وكأنه يقول لهم ( أحسنتم وتقبل جهادكم وطاعاتكم )!!

قال الحاكم في المستدرك: ٣/٤٠٢:

ذكر مناقب أويس بن عامر القرنيرضي‌الله‌عنه .

أويس راهب هذه الأمة ولم يصحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنما ذكره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ودل على فضله، فذكرته في جملة من استشهد بصفين بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه .

سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: قتل أويس القرني بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوم صفين.

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا أبو نعيم، ثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لما كان يوم صفين نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي أفيكم أويس القرني؟ قالوا:

٤٧

نعم، فضرب دابته حتى دخل معهم، ثم قال سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: خير التابعين أويس القرني.

أخبرني أحمد بن كامل القاضي ببغداد، ثنا عبد الله بن روح المدايني، ثنا عبيد الله بن محمد العبسي، حدثني اسمعيل بن عمرو البجلي، عن حبان بن على العنزي، عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال: شهدت علياًرضي‌الله‌عنه يوم صفين وهو يقول: من يبايعني على الموت، أو قال على القتال؟ فبايعه تسع وتسعون.

قال فقال: أين التمام أين الذي وعدت به؟

قال فجاء رجل عليه أطمار صوف، محلوق الرأس، فبايعه على الموت والقتل، قال فقيل هذا أويس القرني، فما زال يحارب بين يديه حتى قتلرضي‌الله‌عنه .

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا علي بن حكيم، ثنا شريك قال ذكروا في مجلسه أويس القرني فقال: قتل مع علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه في الرجالة. انتهى.

وقد تقدم من صحيح مسلم وغيره أن أويساً كان في صفين.

راجع أيضاً: طبقات ابن سعد: ٦/١١٣ - ١١٤، وغيره.

٦ - وجعلوا له قبرين في الشام ليبعدوه عن صفين

في رحلة ابن بطوطة: ١/٩٣:

أن جماعه من الصحابة صحبهم أويس القرني من المدينة الى الشام، فتوفي في أثناء الطريق في برية لا عمارة فيها ولا ماء، فتحيروا في أمره فنزلوا فوجدوا حنوطاً وكفناً وماء فعجبوا من ذلك وغسلوه وكفنوه...

بعض المشاهد والمزارات بها ( الشام ): فمنها بالمقبرة التي بين باب الجابية والباب الصغير... وقبر بلال مؤذن رسول الله ( ص )، وقبر أويس القرني، وقبر كعب الأحبار. انتهى.

٤٨

أما ابن تيمية الذي مذهبه تحريم زيارة القبور، فقد صرح بأن قبر أويس الذي في الشام لا أصل له، قال في كتابه زيارة القبور/٤٤٦: أما هذه المشاهد المشهورة فمنها ما هو كذب قطعاً مثل المشهد الذي بظاهر دمشق المضاف الى اُبيّ بن كعب، والمشهد الذي بظاهرها المضاف الى أويس القرني، والمشهد الذي بمصر المضاف الى الحسينرضي‌الله‌عنه ، الى غير ذلك من المشاهد التي يطول ذكرها بالشام والعراق ومصر وسائر الأمصار، حتى قال طائفة من العلماء منهم عبد العزيز الكناني كل هذه القبور المضافة الى الأنبياء لا يصح شيء منها إلا قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أثبت غيره أيضاً قبر الخليلعليه‌السلام !!

٧ - وزعم بعضهم أن قبر أويس طار من الأرض

قال في حلية الأولياء: ٢/٨٤:

حدثنا أبو بكر بن مالك، ثنا عبد الله بن أحمد، حدثني زكريا بن يحيى بن زحمويه، ثنا الهيثم بن عدي، ثنا عبد الله بن عمرو بن مرة، عن أبيه عن عبد الله بن سلمة، قال غزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب ومعنا أويس القرني، فلما رجعنا مرض علينا - يعني أويس - فحملناه فلم يستمسك فمات، فنزلنا فإذا قبر محفور وماء مسكوب وكفن وحنوط، فغسلناه وكفناه وصلينا عليه ودفناه!

فقال بعضنا لبعض: لو رجعنا فعلمنا قبره، فرجعنا فإذا لا قبر ولا أثر!!

وقال اللواتي في تحفة النظار في غرائب الأمصار: ١/٥٥:

فمن بعض المشاهد والمزارات بدمشق التي بين باب الجابية والباب الصغير قبر أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين، وقبر أخيها أمير المؤمنين معاوية، وقبر بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم،رضي‌الله‌عنهم أجمعين، وقبر أويس القرني وقبر كعب الأحباررضي‌الله‌عنهما .

ووجدت في كتاب المعلم في شرح صحيح مسلم للقرطبي أن جماعة من

٤٩

الصحابة صحبهم أويس القرني من المدينة الى الشام فتوفي في أثناء الطريق في برية لا عمارة فيها ولا ماء، فتحيروا في أمره فنزلوا فوجدوا حنوطاً وكفناً وماء، فعجبوا من ذلك وغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه، ثم ركبوا فقال بعضهم: كيف نترك قبره بغير علامة، فعادوا للموضع فلم يجدوا للقبر من أثر. انتهى.

ومن الواضح أنهما روايتان أمويتان تريدان إبعاد قبر أويس عن صفين، وتنفيان استشهاده مع عليعليه‌السلام !!

٨ - ورووا عن مالك أنه أنكر وجود أويس

في سير أعلام النبلاء: ٤/٣٢:

قال أبو أحمد بن عدي في الكامل: أويس ثقة صدوق، ومالك ينكر أويساً! ثم قال: ولا يجوز أن يشك فيه. أخبار أويس مستوعبة في تاريخ الحافظ أبي القاسم ابن عساكر.

ميزان الاعتدال: ١/٢٧٩:

قال ابن عدي: ليس لأويس من الرواية شيء، إنما له حكايات ونتف في زهده، وقد شك قومه فيه، ولا يجوز أن يشك فيه لشهرته ولا يتهيأ أن يحكم عليه بالضعف، بل هو ثقة صدوق. قال: ومالك ينكر أويساً يقول: لم يكن. انتهى.

ولعل إنكار مالك لوجوده فيه إن صح مبني على أن القرنيين قالوا لا نعرف نسبه فينا، أو شككوا في وجوده بينهم!

وقد تقدم أن مخابرات الخلافة كلفت ابن عمه بأذاه وتسقيط شخصيته، فلا يبعد أن تكون هذه الشائعة من صنعهم.

كما تقدم قول أويس عن رد فعل الخلفاء وعمالهم على نصحه لهم ( حتى والله لقد يقذفوننا بالعظائم، ووالله لا يمنعني ذلك أن أقول بالحق ).

وقوله ( نأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر، فيشتمون أعراضنا، ويرموننا

٥٠

بالجرائم والمعايب والعظائم، ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين، إنه والله لا يمنعنا ذلك أن نقوم فيهم بحق الله )! .

ومن المعروف للجميع أن الخلفاء ( ماعدا علياًعليه‌السلام ) لم يكن يتسع صدرهم للانتقاد، وأن سياستهم قامت على أن المنتقد عدو، بل الممتنع عن البيعة عدو.. وقد أرادوا قتل سعد بن عبادة في السقيفة، وأشعلوا الحطب في اليوم الثاني لوفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في دار علي وفاطمة ليحرقوه بمن فيه! إن لم يبايعوا!! الخ.

وعندما يكون منتقد الخليفة شخصية مهمة مبشراً به مشهوداً له من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فإن جرمه يكون أكبر، لأن كلامه يكون مؤثراً في الناس أكثر!

وعليه فليس بعيداً أن تكون السلطة طلبت من القرنيين إنكار أويس، أو تبرعوا هم بإنكاره خوفاً من تحميلهم مسؤولية معارضته!

وهو عمل مألوف حتى في عصرنا من العشيرة التي لا تريد أن تتحمل مسؤولية ابنها المعارض للسلطة.

ويؤيد ذلك سلوك أويس الفريد في العناية بالفقراء، وتربيته مجموعة من الزهاد السائرين على نهجه، وكان مركزهم في مسجد بالكوفة.. وأنه ورد عنه أنه كان يكرر ( ماذا لقيت من عمر ) وهو شبيه بالكلام الذي كانت تكرره فاطمة الزهراءعليها‌السلام ..

هذا، ومن المحتمل أن محبي بني أمية أشاعوا عن مالك تشكيكه في وجود أويس القرني، لأن أويساً كعمار بن ياسررضي‌الله‌عنهما ظل شهادة صارخة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على أنهم أهل الباطل!

**

ومن طريف ما جرى في عصرنا أن الإيرانيين بنوا في صفين ( الرقة ) مسجداً كبيراً ضمنوه قبر عمار بن ياسر وأويس القرنيرضي‌الله‌عنهما ، وعندما كمل المشروع أقاموا لافتتاحه احتفالاً ودعوا بعض العلماء والمؤرخين لالقاء خطبهم فيه، ومنهم

٥١

الدكتور سهيل زكار المحب للأمويين، فتكلم في افتتاح مسجد أويس، وأنكر وجود شخصيته من أساسها!!

والطريف أن الملحقية الثقافية الايرانية نشرت خطابه في مجلتها!!

فإذا كنا الى الآن نرى أن المتعصبين لبني أمية مثل الدكتور زكار، يثقل عليهم وجود أويس القرني، ويحاولون إنكاره، فإن أسلافهم الذين عاصروه أو رأوا تأثيره العميق على الأمة، أجدر من المتأخرين بإنكار وجوده للتخلص منه!

**

آراء مضادة مغالية في أويس القرني!

من جهة أخرى غالى بعضهم في أويس وجعلوه خليل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

ففي طبقات ابن سعد: ٦/١٦٣:

أخبرنا مسلم بن ابراهيم قال: حدثنا سلام بن مسكين قال: حدثني رجل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خليلي من هذه الأمة أويس القرني.

ورواه في الجامع الصغير: ٣/٢٩٨، برقم ٣٩٤٢ وفي مختصر تاريخ دمشق: ٣ جزء ٨٩٥ وفي كنز العمال: ١٢/٧٤. انتهى.

وهذه الرواية لا تصح عندنا ولا عند غيرنا.

أما عندنا فلأنه ثبت أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليعليه‌السلام : أنت أخي، وخليلي، وأول من يصافحني يوم القيامة.

وأما عندهم، فلأنهم رووا حديثاً ينفي وجود خليل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنه لو كان متخذاً خليلاً لاتخذ أبا بكر خليلاً!

وحديثهم عن أبي بكر كحديثهم عن أويس يراد بهما نفي أن يكون خليل النبي علياًعليه‌السلام ! كما وضعوا حديث أن عمر أول من يصافح الرحمن يوم القيامة، مقابل حديث أن يكون علياً أول من يصافح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة!

٥٢

قال أحد المعلقين في هامش المجروحين لابن حبان: ٣/١٥١:

وأخبار أويس أورد الكثير منها ابن سعد في الطبقات، وأورد ابن الجوزي خبراً منها ثم قال: قد وضعوا خبراً طويلاً في قصة أويس من غير هذه الطريق. وإنما يصح في الحديث عن أويس كلمات يسيرة جرت له مع عمر، وأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يأتي عليكم أويس فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل. فأطال القصاص وعرضوا في حديث أويس بما لا فائدة في الاطالة بذكره. انتهى.

وقد حصر هذا المحشي سبب الوضع في أحاديثه بالقصاص، ولكن عرفت مشكلة الخلافة والأمويين مع أويس، وهي دواع للانكار والوضع معاً!!

رووا أنه أوصى الى هرم بن حيان وبكى على عمر

في مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٦:

أخبرنا أبو العباس القاسم بن القاسم بن عبد الله بن معاوية السياري شيخ أهل الحقائق بخراسان قال: أنا أبو الموجه محمد بن عمرو بن الموجه الفزاري، أنا عبدان بن عثمان، أنا عبد الله بن الشميط بن عجلان، عن أبيه أنه سمع أسلم العجلي يقول: حدثني أبو الضحاك الجرمي، عن هرم بن حيان العبدي قال:

قدمت الكوفة فلم يكن لي بها هم إلا أويس القرني أطلبه وأسأل عنه حتى سقطت عليه جالساً وحده على شاطيء الفرات نصف النهار يتوضأ ويغسل ثوبه، فعرفته بالنعت فاذا رجل لحم آدم شديد الادمة، أشعر محلوق الرأس يعني ليس له جمة، كث اللحية عليه إزار من صوف ورداء من صوف بغير حذاء، كبير الوجه مهيب المنظر جداً، فسلمت عليه فرد عليّ، ونظر إليّ فقال: حياك الله من رجل، فمددت يدي اليه لأصافحه فأبى أن يصافحني وقال: وأنت فحياك الله.

فقلت رحمك الله يا أويس وغفر لك، كيف أنت رحمك الله؟

ثم خنقتني العبرة من حبي إياه ورقتي له، لما رأيت من حاله ما رأيت حتى بكيت وبكى. ثم قال: وأنت فرحمك الله يا هرم بن حيان، كيف أنت يا أخي، من دلك

٥٣

عليّ؟ قلت: الله. قال: لا الَه إلا الله سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، حين سماني والله ماكنت رأيته قط ولا رآني.

ثم قلت: من أين عرفتني وعرفت اسمي واسم أبي؟ فوالله ما كنت رأيتك قط قبل هذا اليوم!

قال: نبأني العليم الخبير، عرفت روحي روحك حيث كلمت نفسي نفسك. إن الأرواح لها أنفس كأنفس الأحياء، إن المؤمنين يعرف بعضهم بعضاً ويتحدثون بروح الله وإن لم يلتقوا، وإن لم يتكلموا ويتعارفوا، وإن نأت بهم الديار وتفرقت بهم المنازل.

قال قلت: حدثني عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحديث أحفظه عنك.

قال: إني لم أدرك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم تكن لي معه صحبة، ولقد رأيت رجالاً قد رأوه وقد بلغني من حديثه كما بلغكم، ولست أحب أن أفتح هذا الباب على نفسي أن أكون محدثاً أو قاضياً ومفتياً. في النفس شغل يا هرم بن حيان.

قال فقلت: يا أخي اقرأ عليّ آيات من كتاب الله أسمعهن منك فإني أحبك في الله حباً شديداً، وادع بدعوات وأوص بوصية أحفظها عنك.

قال فأخذ بيدى على شاطيء الفرات وقال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم، قال فشهق شهقة ثم بكى مكانه، ثم قال قال ربي تعالى ذكره وأحق القول قوله وأصدق الحديث حديثه وأحسن الكلام كلامه: وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين، ما خلقناهما الا بالحق.. حتى بلغ الى من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم. ثم شهق شهقة ثم سكت، فنظرت اليه وأنا أحسبه قد غشي عليه، ثم قال: يا هرم بن حيان، مات أبوك، وأوشك أن تموت ومات أبو حيان. فإما الى الجنة وإما الى النار. ومات آدم ومات حواء.

يا ابن حيان ومات نوح وابراهيم خليل الرحمن.

يا ابن حيان ومات موسى نجي الرحمن.

يا ابن حيان ومات داود خليفة الرحمن.

٥٤

يا ابن حيان ومات محمد رسول الرحمن.

ومات أبو بكر خليفة المسلمين.

يا ابن حيان ومات أخي وصفيي وصديقي عمر بن الخطاب.

ثم قال: واعمراه، رحم الله عمر وعمر يومئذ حي!! وذلك في آخر خلافته.

قال فقلت له: رحمك الله إن عمر بن الخطاب بعد حي!

قال: بلى إن تفهم فقد علمت ما قلت! وأنا وأنت في الموتى. وكان قد كان ثم صلى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ودعا بدعوات خفاف ثم قال:

هذه وصيتي اليك يا هرم بن حيان: كتاب الله واللقاء بالصالحين من المسلمين والصلاة والسلام على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولقد نعيت على نفسي ونعيتك، فعليك بذكر الموت، فلا يفارقن عليك طرفة، وأنذر قومك إذا رجعت اليهم، وانصح أهل ملتك جميعاً واكدح لنفسك، وإياك أن تفارق الجماعة فتفارق دينك وأنت لا تعلم، فتدخل النار يوم القيامة!

قال ثم قال: اللهم إن هذا يزعم أنه يحبني فيك وزارني من أجلك، اللهم عرفني وجهه في الجنة، وأدخله عليّ زائراً في دارك دار السلام، واحفظه ما دام في الدنيا حيث ما كان، وضم عليه ضيعته ورضه من الدنيا باليسير، وما أعطيته من الدنيا فيسره له، واجعله لما تعطيه من نعمتك من الشاكرين، واجزه خير الجزاء.

استودعتك الله يا هرم بن حيان، والسلام عليك ورحمة الله.

ثم قال لي: لا أراك بعد اليوم رحمك الله فإني أكره الشهرة والوحدة أحب اليّ لاني شديد الغم كثير الهم مادمت مع هؤلاء الناس حياً في الدنيا، ولا تسأل عني ولا تطلبني واعلم أنك مني على بال ولم أرك ولم ترني!! فاذكرني وادع لي فاني سأذكرك وأدعو لك إن شاء الله تعالى.

انطلق ها هنا حتى آخذ هاهنا.

قال فحرصت على أن أسير معه ساعة فأبى عليّ، ففارقته يبكي وأبكي!

٥٥

قال فجعلت أنظر في قفاه حتى دخل في بعض السكك، فكم طلبته بعد ذلك وسألت عنه فما وجدت أحداً يخبرني عنه بشيء، فرحمه‌الله وغفر له.

وما أتت عليّ جمعة إلا وأنا أراه في منامي مرة أو مرتين! أو كما قال.

وفي سير أعلام النبلاء: ٤/٢٨:

أخبرنا إسحاق بن أبي بكر، أنبأنا يوسف بن خليل، أنبأنا أبو المكارم المعدل، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا حبيب بن الحسن، حدثنا أبو شعيب الحراني، حدثنا خالد بن يزيد العمري، حدثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن علقمة بن مرثد، قال: انتهى الزهد الى ثمانية: عامر بن عبد الله بن عبد قيس، وأويس القرني، وهرم بن حيان، والربيع بن خثيم، ومسروق بن الإجدع، والأسود بن يزيد، وأبي مسلم الخولاني، والحسن بن أبي الحسن.

وروي عن هرم بن حيان، قال: قدمت الكوفة، فلم يكن لي هم إلا أويس أسأل عنه، فدفعت اليه بشاطيء الفرات يتوضأ ويغسل ثوبه، فعرفته بالنعت...الى آخر القصة، وقال: أوردها أبونعيم في الحلية، ولم تصح، وفيها ما ينكر. انتهى.

ويكفي لرد هذه القصة أنها تنسب الى أويس أن الله تعالى نعى اليه عمر، وأنه لو صح أنه أخبر بوفاة عمر في الكوفة قبل أن يعرف الناس لشاع ذلك ورواه غير هرم. مضافاً الى تعارض ما فيها، وما يعارضها من أن هرما هذا كان يبحث عن أويس ولم يجده.

ثم إن هذه القصة شهادة من هرم لنفسه بأنه الوارث الشرعي لزهد أويس، وكان ينبغي أن يشهد له بذلك غيره، كما شهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والمسلمون لأويس.

وأخيراً، فإن الكرامات الباطلة التي رووها عن هرم توجب الشك في أصل تدينه وفي كل ماروي عنه وله.. فقد رووا أنه سمي هرما لأنه هرم في بطن أمه وبقي حملا لمدة سنتين، أو أربع سنين!! قال الذهبي فيسير أعلام النبلاء: ٤/٤٨:

وقيل: سمي هرماً لأنه بقي حملاً سنتين حتى طلعت أسنانه!

٥٦

قال أبو القاسم ابن عساكر: قدم هرم دمشق في طلب أويس القرني. انتهى.

وقال في اختيار معرفة الرجال: ١/٣١٣:

قال القتيبي: وإنما سمي هرماً لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين. انتهى.

فهذا هو هرم الذي هرموه، وكبروه على حساب أويس!

وادعوا أن أويساً ورث خرقة التصوف ثم ورثها لموسى الراعي

في طرائف المقال: ٢/٥٩٤:

عن تذكرة الأولياء أن علياًعليه‌السلام وعمر أعطيا خرقة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حسب الوصية أويساً فلما رآه الثاني أن ثوبه وكساه شعر الابل ووبره، ورأسه ورجليه مكشوفان، وكان له رئاسة الدنيا والدين تغير حاله فقال عمر: من يشتري الخلافة مني برغيف من الخبز؟

وفي لسان الميزان: ٦/١١٧:

( موسى ) بن زيد الراعي أبو عمران الديلمي نزيل بلخ.

لم أجد له ذكراً، وأظن أن بعض من في إسناد خبره اختلقه، فإنه أسندت عنه خرقة التصوف، فزعم أول من اختلقه أن أويساً القرني ألبسه الخرقة لما قدم بلاد الديلم، ومات بها، وأن عمر ألبسه قميصه بعرفات بحضور علي، وأن علياً ألبسه رداء ثم ألبسه قميصه بصفين، وهما لبسا من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ذكره الفخر الفارسي، وهو محمد بن ابراهيم الذي تقدمت ترجمته عن أبيه، عن نصر بن خليفة البيضاوي، عن ابراهيم بن شهريار، عن أبي محمد الحسن الأبار الشيرازي، عن محمد بن خفيف، عن ابن عمر الاصطخري، عن أبي تراب النخشبي، عن أبي عمران المذكور.

وفي السياق أن كلا من هؤلاء ألبس الذي دونه.

وهذا خبر باطل مشوش. وأويس قتل بصفين كما ذكرته في ترجمته، وقيل مات قبل ذلك، فالله أعلم. انتهى.

٥٧

وهذه الروايات وغيرها من الادعاءات الباطلة، تدل على المكانة التي كانت لأويسرضي‌الله‌عنه في وجدان المسلمين، وعلى تأثير شخصيته ومسلكه في نفوسهم، حتى كثرت الأحاديث عنه، وادعى كثير الارتباط به والقرب منه، أو ادعوا قربه من أئمتهم الذين يحبونهم!

وهو أمر يزيد من التأكيد على وجود شخصية أويس، وتأثير سيرته تأثيراً عميقاً في أجيال المسلمين ومتدينيهم.. رضوان الله عليه.

**

صورة عن أويس القرني من مصادرنا روائح الجنة تفوح من قرن!

في الفضائل/١٠٧:

مما روي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول: تفوح روائح الجنة من قبل قرن الشمس، واشوقاه اليك يا أويس القرني، ألا من لقيه فليقرأه عني السلام.

فقيل: يا رسول الله ومن أويس القرني؟

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن غاب لم يفقدوه، وإن ظهر لم يكترثوا له، يدخل في شفاعته الى الجنة مثل ربيعة ومضر، آمن بي ومارآني، ويقتل بين يدي خليفتي علي بن أبي طالب في صفين. انتهى. ورواه في بحار الأنوار: ٣٨/١٥٥

وفي شرح الأخبار: ٢/٣٥:

وأويس بن عامر القرني، قتل مع علي صلوات الله عليه بصفين، وهو الذي قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن من بعدي رجل يقال له: أويس به شامة بيضاء، من لقيه فليبلغه مني السلام، فإنه يشفع يوم القيامة لكذا وكذا من الناس.

٥٨

خير التابعين وَنَفَسُ الرحمن

في هامش مجمع البحرين: ٣/٤٩٨:

هو من التابعين الأخيار، ممن كانوا على الهدى وثبتوا عليه.

شهد مع عليعليه‌السلام حرب صفين، واستشهد في سبيل حقه. ووصفه المؤرخون بأنه من خواص أمير المؤمنين وحوارييه، وورد في شأنه مدح كثير وثناء من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله في وصفه: إنه نفس الرحمن وخير التابعين.

كان راعي إبل فصار الشفيع الموعود

في طرائف المقال: ٢/٥٩٧:

وروى ضمرة عن أصبغ بن زيد قال: أسلم أويس على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لكن منعه من القدوم بره بأمه.

واستشهد أويس وجماعة من أصحابه في الرجالة بين يدي عليعليه‌السلام ، وقد ذكرنا أن أويساً كان راعياً للابل ويأخذ الأجرة على الرعي، ويصرفها لأمة الصالحة الصادقة. فذات يوم استأذن من أمه أن يذهب الى زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأذنت له لكن لم إن يكن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في بيته فلا تتوقف وارجع معجلاً، فلما ذهب الى زيارته ولم يكن في البيت رجع الى اليمن، فلما أتىصلى‌الله‌عليه‌وآله الى بيته فرأى نوراً لم ير مثله، فسأل أنه هل أتى في درب البيت أحد؟ فأجيب جاء أحد من اليمن اسمه أويس، فحيا وذهب. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم هذا نور أويس، جعله هدية في بيتنا. راجع أيضاً: سير أعلام النبلاء: ٤/٢٧

أويس من أركان التشيّع لعليعليه‌السلام

في الاختصاص/٦:

ذكر السابقين المقربين من أمير المؤمنينعليه‌السلام :

حدثنا جعفر بن الحسين، عن محمد بن جعفر المؤدب: الأركان الأربعة: سلمان، والمقداد، وأبو ذر، وعمار، هؤلاء الصحابة.

٥٩

ومن التابعين: أويس بن أنيس القرني، الذي يشفع في مثل ربيعة ومضر...

وفي الاختصاص/٨١:

أحمد بن هارون الفامي، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبدالله محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: شهد مع علي بن أبي طالبعليه‌السلام من التابعين ثلاثة نفر بصفين شهد لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالجنة ولم يرهم: أويس القرني، وزيد بن صوحان العبدي، وجندب الخير الأزدي، رحمة الله عليهم. انتهى. ورواه في بحار الأنوار: ٢٩/٦١٨

وفي اختيار معرفة الرجال: ١/٣١٤:

وكان أويس من خيار التابعين لم ير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يصحبه، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم لأصحابه: أبشروا برجل من أمتي يقال له أويس القرني، فإنه يشفع لمثل ربيعة ومضر.

روى يحيى بن آدم، عن شريك، عن ابن أبي زياد، عن ابن أبي ليلى عبد الرحمن، قال: خرج رجل بصفين من أهل الشام، فقال: فيكم أويس القرني؟ قلنا نعم. قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: خير التابعين، أو من خير التابعين أويس القرني، ثم تحول الينا. انتهى.

وروى الأول في روضة الواعظين/٢٨٩، وبحار الأنوار: ٣٨/١٥٦، وجامع الرواة: ١/ ١١٠، ووسائل الشيعة: ٢٠/١٤٤، ومعجم رجال الحديث: ٤/١٥٤

وفي طرائف المقال: ٢/٥٩٢:

وعن غوث المتأخرين السيد محمد النور بخشي نور الله مرقده في شجرة الأولياء قال: أويس القرني المجذوب قدس سره، هو الذي وصفه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالولاية، وقال: إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

الحسين بن محمد بن عامر، قال: حدثني خيران الخادم القراطيسي قال: حججت أيام أبي جعفر محمد بن علي بن موسى (ع) وسألته عن بعض الخدم، وكانت له منزلة من أبي جعفر (ع) فسألته أن يوصلني إليه، فلما صرنا إلى المدينة، قال لي: تهيأ فإني أريد أن أمضي إلى أبي جعفر (ع)، فمضيت معه ولخيران، هذا: مسائل يرويها عنه وعن أبي الحسن (ع). أقول: بعدما ثبتت وثاقة الرجل، فلا بد من تصديقه فيما أخبر به، وفيه دلالة على جلالته وعظم منزلته عند الإمام (ع) ».

وعده النجاشي / ١٥٥ ، في مصنفي الشيعة. وقال في منتهى المقال « ٣ / ١٨٩ » : « وفي الكشي ما يدل على جلالته. وفي آخره قال (ع): إعمل في ذلك برأيك، فإن رأيك رأيي ومن أطاعك أطاعني. قال أبو عمرو: هذا يدل على أنه كان وكيله ».

أقول: وذكروا لخيران ابناً بإسم الخيراني، روى عن أبيه، وروى عنه في الكافي « ١ / ٣٢٢ » عن الإمام الرضا، النص على إمامة ولده الجواد (ع).

٥. عبد العظيم بن عبد الله الحسني:

١. تقدم في فصل نقض الإمام الهادي (ع) لعقيدة المتوكل وابن حنبل، أن عبد العظيم الحسني عرض دينه على الإمام (ع) فقال له: « يا أبا القاسم، هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه، ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ».

٢. قال في النور الهادي إلى أصحاب إمام الهادي (ع) « ١ / ١٥٤ »: « عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الإمام الحسن المجتبى أبو القاسم،

٤٢١

المعروف بالشاه عبد العظيم. من كبار علماء الشيعة الإمامية كان مؤمناً عابداً زاهداً تقياً ورعاً، صحب الإمامين الجواد والهادي (ع) وروى عنهما.

هرب من ظلم وجور السلطة العباسية الى بلاد فارس، فدخل الري مستتراً وأقام بها في دار أحد الشيعة بساربانان، ولم يزل بها مدة طويلة من دون أن يُعَرف الناس بنفسه وسلالته الشريفة، حتى توفي بها في النصف من شهر شوال سنة ٢٥٢ هـ ودفن بها، وأصبح ضريحه من المشاهد المتبركة ومن المزارات المقدسة لدى المسلمين عامة، والشيعة خاصة. روى عنه سهل بن زياد الآدمي، وأحمد بن أبي عبد الله البرقي، وعبيد الله بن موسى الروياني وغيرهم. من آثاره كتاب: خطب أمير المؤمنين (ع)، وكتاب: اليوم والليلة ».

٣. ورد الحث على زيارة قبره (رحمه الله)، ففي جواهر الكلام « ٢٠ / ١٠٣ »: « قال الكاظم (ع): من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي إخوانه، يكتب له ثواب زيارتنا، ومن لم يقدر أن يصلنا فليصل صالحي إخوانه يكتب له ثواب صلتنا.

وكذا يستحب زيارة عبد العظيم بالري فإنها كزيارة الحسين (ع)، وقبر فاطمة بنت موسى بن جعفر (ع) بقم، فإن من زارها له الجنة. وجميع قبور العلماء والصلحاء والأولياء، وكافة إخوانه أحياءً وأمواتاً.

ولكل ذلك آداب ووظائف، قد تكفلت بها الكتب المعدة لذلك، والرجاء بالله تعالى شأنه أن يوفقنا بعد إتمام هذا الكتاب إلى تأليف كتاب يجمع جميع ما ورد عنهم (ع) في ذلك، والله الموفق والمؤيد والمسدد ».

٤٢٢

ولعبد العظيم الحسني (رحمه الله) مشهد في الري هو أكبر معالمها، ويقصده الشيعة للزيارة.

٤ . أهم نص في سيرة عبد العظيم (رحمه الله) ما قاله النجاشي / ٢٤٧: « عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) أبو القاسم. له كتاب خطب أمير المؤمنين (ع) قال أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله: حدثنا جعفر بن محمد أبو القاسم قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي قال: كان عبد العظيم ورد الري هارباً من السلطان، وسكن سرباً في دار رجل من الشيعة في سكة الموالي، فكان يعبد الله في ذلك السرب ويصوم نهاره ويقوم ليله، وكان يخرج مستتراً فيزور القبر المقابل قبره وبينهما الطريق، ويقول: هو قبر رجل من ولد موسى بن جعفر (ع).

فلم يزل يأوي إلى ذلك السرب، ويقع خبره إلى الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمد (ع) حتى عرفه أكثرهم. فرأى رجل من الشيعة في المنام رسول الله (ص) قال له: إن رجلاً من وُلدي يحمل من سكة الموالي، ويدفن عند شجرة التفاح، في باغ « بستان » عبد الجبار بن عبد الوهاب، وأشار إلى المكان الذي دفن فيه، فذهب الرجل ليشترى الشجرة ومكانها من صاحبها فقال له: لأي شئ تطلب الشجرة ومكانها. فأخبر بالرؤيا، فذكر صاحب الشجرة أنه كان رأى مثل هذه الرؤيا، وأنه قد جعل موضع الشجرة مع جميع الباغ وقفاً على الشريف والشيعة يدفنون فيه. فمرض عبد العظيم ومات (رحمه الله)، فلما جرد ليغسل وجد في جيبه

٤٢٣

رقعة فيها ذكر نسبه، فإذا فيها: أنا أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ع).

أخبرنا أحمد بن علي بن نوح قال: حدثنا الحسن بن حمزة بن علي قال: حدثنا علي بن الفضل قال: حدثنا عبيد الله بن موسى الروياني أبو تراب قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله، بجميع رواياته ».

٥. لم يذكر الرواة لماذا طلبه السلطان، ومتى قدم الى الري، وقد ورد في رواية الشجري أن منزله كان بالري، قال في أماليه « ١ / ١٧٧ »: « أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي، قال حدثني أبي، قال حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الرازي في منزله بالري، عن أبي جعفر محمد بن علي الرضي عن أبيه وفي رواية أخرى: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني بالري ».

وهذا يدل على أنه كان يسكن الري وله بيت يقصده الناس ويحدثهم! ومن المرجح عندي أنه اضطر للإختفاء بعد فشل ثورة أحد العلويين في الري.

ففي مقاتل الطالبيين / ٤٠٦: « لما وليَ المتوكل تفرق آل أبي طالب في النواحي، فغلب الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن زيد على طبرستان، ونواحي الديلم. وخرج بالري محمد بن جعفر بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين يدعو إلى الحسن بن زيد، فأخذه عبد الله بن طاهر فحبسه بنيسابور، فلم يزل في حبسه حتى هلك. حدثني بذلك أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن الحسن وأم محمد ابن جعفر رقية بنت عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي: وكان

٤٢٤

ممن خرج معه عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. ثم خرج من بعده بالري أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، يدعو إلى الحسين بن زيد.

وخرج الكوكبي وهو الحسين بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله الأرقط بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

ولهؤلاء أخبار قد ذكرناها في الكتاب الكبير، لم يحتمل هذا الكتاب إعادتها لطولها، ولأنا شرطنا ذكر خبر من قتل منهم دون من خرج فلم يقتل ».

وفي مقاتل الطالبيين / ٤٣٤: « وقُتل بالري: جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين، في وقعة كانت بين أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وبين عبد الله بن عزيز، عامل محمد بن طاهر بالري. وقتل إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن الحسن بن عبد الله بن العباس بن علي. وأمه أم ولد. قتله طاهر بن عبد الله في وقعة كانت بينه وبين الكوكبي بقزوين ».

فلعل منزل عبد العظيم كان مركزاً لبعض هذه الثورات، أو موجهاً لها، وبعد فشل قائدها صار عبد العظيم مطلوباً للسلطة، فاختفى عند أحد من يثق بهم من الشيعة.

٦. ذكر بعضهم أنه لم يكن لعبد العظيم الحسني عقب، وذكر بعضهم له بنات، قال ابن عنبة في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب / ٩٤: « وأولد عبد العظيم محمد بن عبد العظيم كان زاهداً كبيراً. وانقرض محمد بن عبد العظيم ولا عقب له ».

٤٢٥

وذكرابن عنبة ذرية من بنته سلمة، قال في / ٩١: « أمهم سلمة بنت عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد ».

وذكر له العمري أخاً إسمه أحمد، قال في المجدي في أنساب الطالبين / ٣٥: « وأما أحمد فمن ولد السبيعي، وهو أبو محمد القاسم وأمه أم ولد يقال لها مونس، وأبوه الحسين نقيب الكوفة بن القاسم بن أحمد بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ». والذي تحته خط هو نسب عبد العظيم .

٦. أبوهاشم داود بن القاسم الجعفري:

قال السيد الخوئي في معجمه « ٨ / ١٢٢ »: « قال النجاشي: داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، أبوهاشم الجعفري (رحمه الله): كان عظيم المنزلة عند الأئمة (ع)، شريف القدر، ثقة، روى أبوه عن أبي عبد الله (ع).

وقال الشيخ: داود بن القاسم الجعفري، يكنى أبا هاشم، من أهل بغداد، جليل القدر عظيم المنزلة عند الأئمة (ع)، وقد شاهد جماعة منهم: الرضا والجواد والهادي والعسكري وصاحب الأمر، وقد روى عنهم كلهم (ع).

وله أخبار ومسائل، وله شعر جيد فيهم، وكان مقدماً عند السلطان، وله كتاب أخبرنا به عدة من أصحابنا عن أبي المفضل، عن ابن بطة، عن أحمد بن أبي عبد الله عنه روى عن أبي الحسن (ع) وروى عنه سهل بن زياد، كامل الزيارات: الباب٩٠، في أن الحائر من المواضع التي يحب الله أن يدعى فيها ..

٤٢٦

وعن ربيع الشيعة أنه من السفراء والأبواب المعروفين الذين لايختلف الشيعة القائلون بإمامة الحسن بن علي (ع) فيهم.

روى الكليني في الكافي عن داود بن القاسم الجعفري قال: دخلت على أبي جعفر (ع) ومعي ثلاث رقاع غير معنونة واشتبهت عليَّ فاغتممت، فتناول إحداها وقال: هذه رقعة زياد بن شبيب، ثم تناول الثانية فقال: هذه رقعة فلان فبهتُّ أنا، فنظر إليَّ فتبسم، فقلت: جعلت فداك إني لمولع بأكل الطين، فادع الله لي. فسكت، ثم قال لي بعد ثلاثة أيام ابتداءً منه: يا أبا هاشم قد أذهب الله عنك أكل الطين. قال أبوهاشم: فما شئ أبغض إلي منه اليوم وكيف كان فلا إشكال في وثاقة الرجل وجلالته ».

أقول: ترجمنا له في سيرة الإمام الجواد (ع)، وذكرنا هنا في فصل الثوار العلويين مواجهته لحاكم بغداد ابن طاهر في سنة ٢٥٠ ، عندما أراد صَلْبَ رأس الثائر يحيى بن عمر الزيدي، فانتقده أبو هاشم وخرج مغضباً، وهو يهددهم بانتقام الله:

يا بني طاهرٍ كُلُوه وبِيًّا

إنَّ لحم النبيِّ غَيْرُ مَرِيِّ

إن وتراً يكون طالبه الله

لوِتْرٌ بالفوْتِ غَيْرُ حَرِيِّ

فخاف ابن طاهر: « وأمر محمد بن عبد الله حينئذ أخته ونسوة من حرمه بالشخوص إلى خراسان، وقال: إن هذه الرؤس من قتلى أهل هذا البيت لم تدخل بيت قوم قط إلا خرجت منه النعمة وزالت عنه الدولة، فتجهزن للخروج »! « مقاتل الطالبيين / ٤٢٣، والتفصيل في الطبري: ٧ / ٤٢٥، ومروج الذهب « ٤ / ٦٣ ».

٤٢٧

وكان أبوهاشم الجعفري رضي الله عنه من أصحاب الأئمة الإثني عشر (ع) ولم يكن خطهم الثورة كالعلويين الثائرين من الزيديين وغيرهم، ولكنهم كانوا يتضامنون مع الثائرين إذا فشلوا أونُكبوا، ويدافعون عنهم.

هذا وقد ذكرنا في معجزات الإمام الهادي (ع) أن بيت أبي هاشم كان في بغداد وكان الإمام (ع) في سامراء، فشكا اليه طول الطريق وطلب منه أن يدعو له أن يقويه على زيارته، فقال الإمام (ع): « قَوَّاكَ الله يا أبا هاشم وقَوَّى بِرْذَوْنَك. قال: فكان أبوهاشم يصلي الفجر ببغداد ويسير على البرذون، فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سر من رأى، ويعود من يومه إلى بغداد إذا سار على ذلك البرذون، وكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت ».

أقول: المسافة من بغداد الى سامراء مئة وعشرون كيلو متراً، فهي تحتاج الى نحو عشر ساعات على البغل السريع. وكان أبو هاشم بعد دعاء الإمام (ع) يقطعها في نحو خمس ساعات. وهذا ليس غريباً على دعاء الإمام (ع) وليس غريباً أن تطوى الأرض بدعائه (ع)!

وفي مستدرك سفينة البحار « ٥ / ٢٢٨ » أن أبا هاشم الجعفري توفي سنة ٢٦١، بعد أن تشرف برؤية الإمام المهدي صلوات الله عليه.

٧. العالم اللغوي يعقوب بن السٍّكِّيت:

كان من أصحاب الإمام الكاظم الرضا والجواد والهادي (ع) وترجمنا له في أصحاب الإمام الجواد (ع) ونكتفي هنا ببعض النصوص:

قال أبوالفدا في تاريخه « ٢ / ٤٠ »: « وفيها « سنة ٢٤٥ » قَتَلَ المتوكل أبا يوسف يعقوب بن إِسحاق المعروف بابن السكيت، صاحب كتاب إصلاح المنطق في اللغة

٤٢٨

وغيره، وكان إماماً في اللغة والأدب، قتله المتوكل لأنه قال له: أيمُّا أحب إليك: ابناي المعتز والمؤيد أم الحسن والحسين؟ فغض ابن السكّيت من ابنيه وذكر عن الحسن والحسين ما هما أهله، فأمر مماليكه فداسوا بطنه، فحمل إلى داره فمات بعد غد ذلك اليوم. وقيل إن المتوكل لما سأل ابن السكيت عن ولديه وعن الحسن والحسين قال له ابن السكيت: والله إن قنبراً خادم علي خير منك ومن ولديك! فقال المتوكل: سُلُّوا لسانه من قفاه، ففعلوا به ذلك فمات لساعته، في رجب في هذه السنة المذكورة، وكان عمره ثمانياً وخمسين سنة ».

ولايصح قوله عن عمر ابن السكيت، لأنه كان شاباً سنة ١٨٣، عند شهادة الإمام الكاظم (ع) فلا بد أن يكون عمره عندما قتل في السبعينات أوالثمانينات.

وقد أجمع المؤرخون على ذم المتوكل العباسي لقتله هذا العالم ظلماً، وبغضاً لعلي وأهل البيت (ع). وترجموا لابن السكيت ومدحوه، وذكروا أن مؤلفاته بلغت نحوثلاثين مؤلفاً، والذي وصلنا منها كتاب إصلاح المنطق فقط. راجع: مقدمة المعارف لابن قتيبة، ووفيات الأعيان: ٦ / ٣٩٥، والنجوم الزاهرة ٢ / ٢٨٥. وغيرها من المصادر.

وقال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب: ٢ / ١٠٦: « فأمر بسلِّ لسانه من قفاه رحمه الله ورضي عنه، ويقال أنه حمل ديته إلى أولاده »!

وقال النجاشي في رجاله / ٤٤٩: « يعقوب بن إسحاق السكيت، أبو يوسف كان متقدماً عند أبي جعفر الثاني وأبي الحسن (ع)، وله عن أبي جعفر رواية ومسائل، وقتله المتوكل لأجل التشيع، وأمره مشهور، وكان وجهاً في علم العربية واللغة ثقة صدوقاً لا يطعن عليه ».

٤٢٩

٨. عبد الله بن جعفر الحميري:

اتفق علماؤنا على توثيقه، وأشهر مؤلفاته قرب الإسناد، وأشهر مروياته التواقيع عن الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه )، ووثقه الطوسي في الفهرست / ١٦٨، وابن شهراشوب في معالم العلماء / ١٠٨، وذكرا بعض كتبه.

وقال النجاشي في الرجال / ٢٢٠: « عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري شيخ القميين ووجههم، قدم الكوفة سنة نيف وتسعين ومائتين، وسمع أهلها منه فأكثروا، وصنف كتباً كثيرة، يعرف منها: كتاب الإمامة، كتاب الدلائل، كتاب العظمة والتوحيد، كتاب الغيبة والحيرة، كتاب فضل العرب، كتاب التوحيد والبداء، والإرادة والاستطاعة والمعرفة، كتاب قرب الإسناد إلى الرضا (ع)، وكتاب قرب الإسناد إلى أبي جعفر الجواد بن الرضا (ع)، وكتاب ما بين هشام بن الحكم وهشام بن سالم، والقياس، والأرواح، والجنة والنار، وكتاب الحديثين المختلفين، ومسائل الرجال ومكاتباتهم أبا الحسن الثالث (ع)، ومسائل لأبي محمد الحسن (ع) على يد محمد بن عثمان العمري، وكتاب قرب الإسناد إلى صاحب الأمر (ع)، ومسائل أبي محمد وتوقيعاته، وكتاب الطب ».

قال الشبستري في أصحاب الإمام الهادي (ع) / ١٥٧: « محدث إمامي ثقة، مشارك في كثير من العلوم، وله فيها تآليف نافعة، كان من وجوه أهل قم وشيوخهم، قدم الكوفة سنة نيف وتسعين ومائتين. صحب الإمامين الهادي والعسكري (ع)

٤٣٠

جاء إسمه في٧٥ مورداً في أسناد الروايات. روى عنه أحمد بن محمد بن يحيى العطار، ومحمد بن علي بن محبوب، ومحمد بن الحسن بن الوليد وغيرهم ».

وللحميري أولاد وأحفادٌ، ساروا على خطه (رحمه الله).

٩. الفضل بن شاذان:

يوجد عدة أشخاص باسم الفضل بن شاذان، بعضهم جده جبرئيل، أوعيسى، أوصيفي الخ. ومقصودنا الذي جده الخليل الفراهيدي (رحمه الله).

قال الزركلي في الأعلام « ٥ / ١٤٩ »: « الفضل بن شاذان بن الخليل، أبومحمد الأزدي النيسابوري: عالمٌ بالكلام، من فقهاء الإمامية. له نحو ١٨٠ كتاباً، منها الرد على ابن كرام، والإيمان، ومحنة الإسلام، والرد على الدامغة الثنوية، والرد على الغلاة، والتوحيد، والرد على الباطنية والقرامطة ».

وفي معالم العلماء / ١٢٥: « لقي علي بن محمد التقي (ع). دخل الفضل على أبي محمد (ع) فلما أراد أن يخرج سقط منه كتاب من تصنيفه، فتناوله أبومحمد (ع) ونظر فيه، وترحم عليه، وذُكر أنه قال: أغبطُ أهل خراسان مكانَ الفضل بن شاذان، وكونه بين أظهرهم ».

وقال الكشي « ٢ / ٨١٨ »: « ذكر أبو الحسن محمد بن إسماعيل البندقي النيسابوري: أن الفضل بن شاذان بن الخليل، نفاه عبد الله بن طاهر عن نيسابور، بعد أن دعا به واستعلم كتبه وأمره أن يكتبها، قال فكتب تحته: الإسلام الشهادتان وما يتلوهما. فذكر أنه يحب أن يقف على قوله في السلف. فقال أبومحمد: أتولى أبا بكر وأتبرؤ

٤٣١

من عمر! فقال له: ولم تتبرأ من عمر؟فقال: لإخراجه العباس من الشورى. فتخلص منه بذلك ».

وفي معجم السيد الخوئي « ١٤ / ٣١١ »: « سمعت الفضل بن شاذان آخر عهدي به يقول: أنا خلفٌ لمن مضى، أدركتُ محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى وغيرهما، وحملت عنهم منذ خمسين سنة. ومضى هشام بن الحكم (رحمه الله)، وكان يونس بن عبد الرحمن (رحمه الله) خلفه، كان يرد على المخالفين، ثم مضى يونس بن عبد الرحمان ولم يخلف خلفاً غير السكاك، فرد على المخالفين حتى مضى (ع)، وأنا خلف لهم من بعدهم، رحمهم الله ...

قال أبو علي: والفضل بن شاذان كان برستاق بيهق، فورد خبر الخوارج فهرب منهم، فأصابه التعب من خشونة السفر، فاعتل ومات منه، فصليتُ عليه ».

وقال الجلالي في فهرس التراث « ١ / ٢٨١ »: « زرتُ مرقده الشريف خارج مدينة نيشابور، على مقربة من قبر خَيَّام، وله سورٌ ولوحٌ فيه إسمه، وتبركتُ بقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة، وقد قصدتُ مرقده لثواب الآخرة، والناس يقصدون خيَّام للدنيا! وما أقربهما مرقداً وأبعدهما روحاً!

من آثاره: إثبات الرجعة: نسخة محفوظة في مكتبة السيد الحكيم (قدس سره) في النجف وعليها بخط الحر العاملي ».

أقول: ذكر في الذريعة نسخ كتبه. وأعجبها كتابه الرجعة والغيبة، فقد ألفه قبل ولادة الإمام المهدي (ع) من أحاديث أجداده عن غيبته وظهوره والرجعة بعده!

٤٣٢

١٠. أحمد بن إسحاق الأشعري:

قال الشيخ الطوسي في الفهرست / ٧٠: « أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص، الأشعري، أبو علي، كبير القدر، وكان من خواص أبي محمد (ع)، ورأى صاحب الزمان (ع) وهو شيخ القميين ووافدهم.

وله كتب، منها كتاب علل الصلاة، كبير، ومسائل الرجال لأبي الحسن الثالث (ع). أخبرنا بهما الحسين بن عبيد الله، وابن أبي جيد، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن سعد بن عبد الله، عنه ».

أقول: هاجر جده الأحوص مع أخيه عبد الله، وجماعة من عشيرتهم من الكوفة في زمن الإمام زين العابدين (ع)، وأسسوا قماً، وسرعان ما صارت مركزاً علمياً، وحاضرةً مواليةً لأهل البيت (ع). وقد مدح الأئمة (ع) الأشعريين القميين، ونبغ منهم رواة كبار وعلماء أبرار.

وعده النجاشي وأباه في مصنفي الشيعة، قال / ٧٣ و ٩١: « إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري، قمي ثقة، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (ع). وابنه أحمد بن إسحاق مشهور وكان وافد القميين، وروى عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن (ع) وكان خاصة أبي محمد (ع) ».

قال السيد الخوئي في رجاله « ٢ / ٥٤، و ٤٨ »: « أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد= أحمد بن إسحاق بن سعد = أحمد بن إسحاق القمي.

٤٣٣

عده الشيخ في أصحاب الجواد (ع)، وفي أصحاب أبي محمد العسكري (ع) قائلاً: أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري، قمي ثقة.

وقع بهذا العنوان، في إسناد عدة من الروايات، تبلغ سبعة وستين مورداً، فقد روى عن أبي الحسن، وأبي الحسن الثالث، وأبي محمد (ع)، وأبي هاشم الجعفري، وبكر بن محمد الأزدي، وسعدان بن مسلم، وسعدان عبد الرحمان، وياسر الخادم. وروى عنه: أبو علي الأشعري، وأحمد بن إدريس، وأحمد بن علي، وأحمد بن محمد بن عيسى، والحسين بن محمد الأشعري، وعبد الله بن عامر ».

في الغيبة للطوسي / ٣٥٤: « أحمد بن إسحاق بن سعد القمي قال: دخلت على أبي الحسن علي بن محمد صلوات الله عليه في يوم من الأيام فقلت: يا سيدي أنا أغيب وأشهد، ولا يتهيأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كل وقت، فقولَ من نقبل، وأمر من نمتثل؟ فقال لي صلوات الله عليه: هذا أبو عمرو الثقة الأمين ما قاله لكم فعني يقوله وما أداه إليكم فعني يؤديه. فلما مضى أبو الحسن (ع) وصلت إلى أبي محمد ابنه الحسن العسكري (ع) ذات يوم فقلت له (ع) مثل قولي لأبيه، فقال لي: هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات فما قاله لكم فعني يقوله، وما أدى إليكم فعني يؤديه.

قال أبو محمد هارون: قال أبو علي: قال أبو العباس الحميري: فكنا كثيراً ما نتذاكر هذا القول، ونتواصف جلالة محل أبي عمرو ».

٤٣٤

وروى الكشي « ٢ / ٨٣١ »: « كتب محمد بن أحمد بن الصلت القمي الآبي أبو علي إلى الدار كتاباً ذكر فيه قصة أحمد بن إسحاق القمي وصحبته، وأنه يريد الحج واحتاج إلى ألف دينار، فإن رأى سيدي أن يأمر باقراضه إياه، ويُسترجع منه في البلد إذا انصر فنا فافعل. فوقع (ع): هي له منا صلة، وإذا رجع فله عندنا سواها، وكان أحمد لضعفه لايطمع نفسه في أن يبلغ الكوفة، وفي هذه من الدلالة ». أي دلالةٌ على أنه يرجع من الحج سالماً، وكان تقدم به العمر (رحمه الله).

وفي دلائل الإمامة / ٥٠٣: « وكان أحمد بن إسحاق القمي الأشعري رضي الله عنه الشيخ الصدوق، وكيل أبي محمد (ع)، فلما مضى أبو محمد (ع) إلى كرامة الله عز وجل أقام على وكالته مع مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه، تخرج إليه توقيعاته، ويحمل إليه الأموال من سائر النواحي التي فيها موالي مولانا فيتسلمها، إلى أن استأذن في المصير إلى قم فخرج الإذن بالمضي، وذكر أنه لايبلغ إلى قم، وأنه يمرض ويموت في الطريق، فمرض بحلوان ومات ودفن بها، رضي الله عنه ».

وقال الكشي « ٢ / ٨٣١ »: « كتب أبو عبد الله البلخي إليَّ يذكر عن الحسين بن روح القمي أن أحمد بن إسحاق كتب إليه يستأذنه في الحج: فأذن له، وبعث إليه بثوب فقال أحمد بن إسحاق: نعى إلي نفسي، فانصرف من الحج فمات بحلوان.

أحمد بن إسحاق بن سعد القمي عاش بعد وفاة أبي محمد (ع)، وأتيت بهذا الخبر ليكون أصح لصلاحه وما ختم له به ».

٤٣٥

أقول: روى أحمد بن إسحاق الأشعري (رحمه الله) عن الإمام الرضا (ع) وتوفي بعد الإمام العسكري (ع)، ورأى من الأئمة خمسة: الرضا والجواد والهادي والعسكري والمهدي (ع). وأكبر دوره (رحمه الله) مع الإمام العسكري والمهدي (ع)، فستأتي ترجمته هناك.

٤٣٦

الفصل السادس عشر:

شهادة الإمام الهادي (ع)

شهادته (ع) بيد المعتز وليس المعتمد

كانت شهادة الإمام الهادي (ع) بيد الخليفة العباسي المعتز. وقد نسبت روايةٌ سُمَّهُ الى المعتمد، ولعل ذلك بسبب أن المعتمد نَفَّذَ أمر أخيه المعتز، أو جاء إسمه تصحيفاً. والمعتز هو الزبير بن المتوكل، ويعرف بابن قبيحة. والمعتمد أخوه أحمد بن المتوكل، ويعرف بابن فتيان، إسم أمه أيضاً.

قال المسعودي في مروج الذهب « ٤ / ٨٤ »: « كانت وفاة أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد في خلافة المعتز بالله، وذلك في يوم الإثنين لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومائتين، وهوابن أربعين سنة، وقيل ابن اثنتين وأربعين سنة، وقيل أكثر من ذلك، وسمع في جنازته جارية تقول: ما ذا لقينا في يوم الإثنين قديماً وحديثاً! وصلى عليه أحمد بن المتوكل « المعتمد » على الله، في شارع أبي أحمد، وفي داره بسامرا، ودفن هناك ».

وفي تاريخ اليعقوبي « ٢ / ٥٠٠ »: « وتوفي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، بسر من رأى، يوم الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة ٢٥٤ ، وبعث المعتز بأخيه أحمد بن المتوكل، فصلى عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد، فلما كثر الناس واجتمعوا كثر

٤٣٧

بكاؤهم وضجتهم، فرُدَّ النعشُ إلى داره فدفن فيها، وسنهُ أربعون سنة، وخلَّفَ من الولد الذكور اثنين: الحسن، وجعفر ».

وفي دلائل الإمامة / ٤٠٩: « كانت سِنُوُّ إمامته بقية ملك الواثق، ثم ملك المتوكل، ثم أحمد المستعين، ثم ملك المعتز، وفي آخر ملكه استشهد ولي الله، وقد كمل عمره أربعون سنة، وذلك في يوم الإثنين لثلاث خلون من رجب سنة خمسين ومائتين من الهجرة، مسموماً، ويقال إنه قبض الإثنين لثلاث خلون من شهر رجب سنة أربع وخمسين ومائتين من الهجرة. ويقال يوم الإثنين لخمس ليال خلون من جمادى سنة أربع وخمسين ومائتين. ودفن بسر من رأى في داره ».

وفي إعلام الورى « ٢ / ١٠٩ »: « وكانت في أيام إمامته (ع) بقية ملك المعتصم، ثم ملك الواثق خمس سنين وسبعة أشهر، ثم ملك المتوكل أربع عشرة سنة، ثم ملك ابنه المنتصر ستة أشهر، ثم ملك المستعين وهوأحمد بن محمد بن المعتصم، سنتين وتسعة أشهر، ثم ملك المعتز وهوالزبير بن المتوكل ثماني سنين وستة أشهر وفي آخر ملكه استشهد ولي الله علي بن محمد (ع) ودفن في داره بسر من رأى ».

وقال ابن الجوزي في تذكرة الخواص « ١ / ٣٢٤ »: « وكان سنه يوم مات أربعين سنة. وكانت وفاته في أيام المعتز بالله، ودفن بسر من رأى، وقيل إنه مات مسموماً ».

وقال الخطيب في تاريخ بغداد « ١٢ / ٥٦ »: « أشخصه جعفر المتوكل على الله من مدينة رسول الله (ص) الى بغداد، ثم الى سر من رأى، فقدمها وأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر، الى أن توفي ودفن بها في أيام المعتز بالله ».

٤٣٨

وقال ابن شهر آشوب « ٣ / ٥٠٥ »: « وألقابه: النجيب، المرتضى، الهادي، النقي، العالم، الفقيه، الأمين، المؤتمن، الطيب، المتوكل، العسكري.

ويقال له: أبوالحسن الثالث، والفقيه العسكري. وكان أطيب الناس بهجة، وأصدقهم لهجة، وأملحهم من قريب، وأكملهم من بعيد، إذا صمت علته هيبة الوقار، وإذا تكلم سماه البهاء، وهومن بيت الرسالة والإمامة، ومقر الوصية والخلافة، شعبة من دوحة النبوة منتضاةٌ مرتضاهْ. وثمرةٌ من شجرة الرسالة مجتناةٌ مجتباهْ. ولد بصرياء من المدينة للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين وقبض بسر من رأى الثالث من رجب سنة أربع وخمسين ومائتين وليس عنده إلا ابنه أبومحمد، وله يومئذ أربعون سنة، وقيل واحد وأربعون وسبعة أشهر. ومدة مقامه بسر من رأى عشرون سنة، وتوفي فيها. وقبره في داره. وكان في سني إمامته بقية ملك المعتصم، ثم الواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمستعين، والمعتز. وفي آخر ملك المعتز استشهد مسموماً ..

وأولاده: الحسن الإمام، والحسين، ومحمد، وجعفر الكذاب، وابنته علية. بوابه: محمد بن عثمان العمري. ومن ثقاته: أحمد بن حمزة بن اليسع، وصالح بن محمد الهمداني، ومحمد بن جزك الجمال، ويعقوب بن يزيد الكاتب، وأبوالحسين بن هلال، وإبراهيم بن إسحاق، وخيران الخادم، والنضر بن محمد الهمداني. ومن وكلائه: جعفر بن سهيل الصيقل. ومن أصحابه: داود بن زيد، وأبوسليم زنكان، والحسين بن محمد المدائني، وأحمد بن إسماعيل بن يقطين، وبشر بن

٤٣٩

بشار النيسابوري الشاذاني، وسليمان بن جعفر المروزي، والفتح بن يزيد الجرجاني، ومحمد بن سعيد بن كلثوم وكان متكلماً، ومعاوية بن حكيم الكوفي، وعلي بن معد بن محمد البغدادي، وأبوالحسن بن رجا العبرتائي.

ورواة النص عليه جماعة منهم: إسماعيل بن مهران، وأبوجعفر الأشعري، والخيراني. والدليل على إمامته: إجماع الإمامية على ذلك، وطريق النصوص والعصمة، والطريقان المختلفان من العامة والخاصة، من نص النبي (ص) على إمامة الاثني عشر، وطريق الشيعة النصوص على إمامته عن آبائه (ع) ».

مراسم جنازة الإمام (ع)

في الهداية الكبرى / ٢٤٨: « الحسين بن حمدان قال: حدثني أبوالحسين بن يحيى الخرقي، وأبومحمد جعفر بن إسماعيل الحسني، والعباس بن أحمد، وأحمد بن سندولا، وأحمد بن صالح، ومحمد بن منصور الخراساني، والحسن بن مسعود الفزاري، وعيسى بن مهدي الجوهري الجنبلاني، والحسين بن غياث الجنبلاني، وأحمد بن حسان العجلي الفزاري، وعبد الحميد بن محمد السراج، جميعاً في مجالس شتى: أنهم حضروا وقت وفاة أبي الحسن بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق صلوات الله عليهم، والصلاة بسر من رأى، فإن السلطان لما عرف خبر وفاته أمر سائر أهل المدينة بالركوب إلى جنازته، وأن يحمل إلى دار السلطان حتى يصلي عليه، وحضرت الشيعة وتكلموا وقال علماؤهم: اليوم يَبِينُ فضل سيدنا أبي محمد الحسن بن علي على أخيه جعفر، ونرى خروجهما مع

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477