• البداية
  • السابق
  • 69 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 22256 / تحميل: 5888
الحجم الحجم الحجم
دليل النصّ بخبر الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام

دليل النصّ بخبر الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام

مؤلف:
العربية

أ - الشيخ عبّاس القمّي في الكنى والالقاب (1) .

ب - الآقا بزرك في أعلام الشيعة (2) .

ج - المامقاني في تنقيح المقال (3) .

بيد أنّ تتبعي في المصادر المختلفة لم يرشدني الى وجود قرية بهذا الاسم على باب واسط، عدا ما ذكره السمعاني في أنسابه من نسبة الكراجكة الى هذه القرية المجهولة بالنسبة اليه والتي حدّثه عنها استاذه ابوالقاسم أسماعيل بن محمّد بن الفضل الحافظ بإصبهان لما سأله عنها، على حد قوله (4) .

ولم يتحدّث عنها الحموي في معجم بلدانه الا باعتماد رواية السمعاني هذه عن استاذه فحسب دون زيادة أو نقصان (5) .

ثم إن السمعاني لم يقطع بوجود مثل هذه القرية، أو بمعرفته بها، وان كان أورد اسمان لراويان تتطابق نسبتهما مع نسبة مترجمنا، ذكر أنّهما يعودان بنسبهما الى تلك القرية، وهما: أحمد بن عيسى الكراجكي، واخوه علي بن عيسى الكراجكي، الا أنّه ضبط النسبة بفتح الجيم لا بضمها كما ضبطها الآخرون (6) .

كما أنّه لا عبرة باعتماد روايته عن أبي عبد الله الحسين بن عبيدالله بن علي الواسطي (7) كدليل على ذلك، لانّه - وكما ذكر ذلك بعض مترجميه - كان سائحاً في البلاد، وغالباً في طلب الفقه والحديث والادب وغيرهما، فلا غرابة أنْ يروي عن هذا وذاك في أمصار ومدن مختلفة، وهذا بين لمن طالع كتبه، وبالاخص منها

__________________

(1) الكنى والالقاب 3: 88.

(2) النابس في القرن الخامس ‎‎ / طبقات أعلام الشيعة: 177.

(3) تنقيح المقال 3: 159.

(4) الانساب 11: 58 / 3414.

(5) معجم البلدان 4: 443.

(6) الانساب 11: 58 / 3414.

(7) انظر كنز الفوائد 1: 184.

٢١

كنز الفوائد.

وأما الطائفة الثانية فقد ذهبت الى ان مصدر النسبة هي عمل الخيم، وان اكتفى البعض منهم بكلمة الخيمي فحسب دون الكراجكي، غير أن وجود القاسم المشترك بينهم دفعنا لتصنيفهم ضمن الطائفة الثانية.

ومن القائلين بالتفسير الثاني:

أ - السيّد الامين في أعيان الشيعة (1) .

ب - ابن حجر في لسان الميزان (2) .

ج - الذهبي في العبر (3) .

د - اليافعي في مرآة الجنان (4) .

ه‍ - ابن العماد في شذرات الذهب (5) .

و - كحالة في معجم المؤلفين (6) ..

ويبدو أن هذه النسبة - عند افتراضنا صحّة ما فسّره هؤلاء الاعلام من اعتبار كلمة كراجك هي عمل الخيم - هي الأقرب الى الصواب، ولعلّها قد لحقتة نتيجة عمله بها أو عمل أحد آبائه، فعُرفوا بها.

بيد أن عدم صواب هذا التفسير - الذي لم أجد له مرجّحاً في كتب اللغة - يعني تجزئة الخيمي عن الكراجكي، ولحاق الاولى به من أحد المدن التي كان يجوب فيها في البلاد المصرية، وبقاء الثانية بحاجة الى تفسير.

__________________

(1) أعيان الشيعة 9: 400.

(2) لسان الميزان 5: 300 / 1016، وقد تصفحت هذه الكلمة في النسخة المطبوعة الى الجسم بدل الخيم.

(3) العبر 2: 294.

(4) مرآة الجنان 2: 70.

(5) شذرات الذهب 3: 283.

(6) معجم المؤلفين 11: 27.

٢٢

المؤلِّف في كتب المترجمين

* قال ابن حجر في لسان الميزان: محمّد بن علي الكراجكي، بفتح الكاف، وتخفيف الراء وكسر الجيم ثم كاف، نسبة الى عمل الجسم (1) ، وهي الكراجك، بالغ ابن طي في الثناء عليه في ذكر الامامية، وذكر أنّ له تصانيف في ذلك (2) .

* وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: الكراجكي، شيخ الرافضة وعالمهم ‎ ، أبو الفتح، محمّد بن علي، صاحب التصانيف (3) .

* وقال في العبر: أبو الفتح الكراجكي، والكراجكي الخيمي، رأس الشيعة، وصاحب التصانيف، محمّد بن علي، مات بصور، وكان نحوياً، لغوياً، طبيباً، متكلّماً، متفنناً، من كبار أصحاب الشريف المرتضى، وهو مؤلف كتاب تلقين أولاد المؤمنين (4) .

* وأما اليافعي فعرفه في مرآة الجنان بقوله: رأس الشيعة، صاحب التصانيف، كان نحوياً، لغوياً، منجماً، طبيباً، متكلّماً، من كبار أصحاب الشريف المرتضى (5) .

* وقال عنه ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب: أبو الفتح الكراجكي الخيمي، رأس الشيعة، وصاحب التصانيف، محمّد بن علي، مات بصور في ربيع الآخر، وكان نحوياً، لغوياً، منجماً، طبيباً، متكلّماً، متفنناً، من كبار أصحاب

__________________

(1) صوابها الخيم ولكنّها صحفت كما هو واضح.

(2) لسان الميزان 5: 300 / 1016.

(3) سير أعلام النبلاء 18: 121 / 61.

(4) العبر 2: 294.

(5) مرآة الجنان 3: 70.

٢٣

الشريف المرتضى، وهو مؤلف كتاب تلقين أولاد المؤمنين (1) .

* وفي أعلامه قال الزركلي: باحث امامي، من كبار أصحاب الشريف المرتضى (2) .

* وقال عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين: محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي، الخيمي، نزيل الرملة، أبو الفتح، نحوي، لغوي، طبيب، متكلّم، منجم، فرضي، من تصانيفه الكثيرة: معونة الفارض (3) .

* وقال عنه الشيخ منتجب الدين في فهرسته: الشيخ العالم الثقة أبو الفتح محمّد بن علي الكراجكي، فقيه الأصحاب، قرا على السيّد المرتضى علم الهدى، والشيخ الموفق أبي جعفر [ الطوسي ] رحمهم الله تعالى (4) .

* وقال السيّد بحر العلوم في رجاله: الشيخ الفقيه القاضي أبو الفتح، له كتاب كنز الفوائد، من تلامذه الشيخ المفيد (5) .

* وذكره الافندي في رياض العلماء فقال: عالم فاضل، متكلّم فقيه، محدّث ثقة، جليل القدر، له كتب (6) .

* وفي الكنى والالقاب قال عنه الشيخ عبّاس القمّي: الفقيه الجليل، الذي يعبر عنه الشهيد كثيراً ما في كتبه بالعلامة مع تعبيره عن العلامة الحلّي بالفاضل (7) .

* وقال عنه الخونساري في روضاته: فقيه الاصحاب، قرأ على السيد

__________________

(1) شذرات الذهب 3: 283.

(2) الاعلام 6: 276.

(3) معجم المؤلفين 11: 27.

(4) فهرست منتجب الدين: 154 / 355.

(5) رجال السيّد بحر العلوم 3: 302.

(6) رياض العلماء 5: 139.

(7) الكنى والالقاب 3: 88.

٢٤

المرتضى علم الهدى، والشيخ الموفق أبي جعفر [ الطوسي ] رحمهما الله تعالى (1) .

* وأمّا السيّد الامين فقد عرّفه في أعيان الشيعة بقوله: من أجلة العلماء والفقهاء والمتكلّمين، رأس الشيعة، صاحب التصانيف الجليلة.

كان نحوياً، لغوياً، عالماً بالنجوم، طبيباً، متكلّماً، فقيهاً، محدثاً، أسند عنه جميع أرباب الاجازات، من تلامذة الشيخ المفيد والشريف المرتضى والشيخ الطوسي، روى عنهم وعن آخرين من أعلام الشيعة والسنّة، وروى وقرأ عليه جماعة من علماء عصره.

كان نزيل الرملة، وأخذ عن بعض المشايخ في حلب والقاهرة ومكّة وبغداد وغيرها من البلدان (2) .

* وقال عنه الحر العاملي في أمل الآمل: عالم فاضل، متكلّم فقيه، ثقة جليل القدر (3) .

* وأخيراُ فقد قال عنه السيّد حسن الصدر: شيخ الفقهاء والمتكلّمين، وحيد عصره، وفريد دهره في الفقه والكلام والحكمة والرياضي باقسامه.

مصنف في الكل، مكثر في التصانيف، متفنّن فيه، قرأ على السيّد المرتضى علم الهدى وعلى طبقة مشايخ ذلك العصر (4) (5) .

__________________

(1) روضات الجنات 6: 209 / 579.

(2) أعيان الشيعة 9: 400.

(3) أمل الآمل 2: 287 / 857.

(4) تأسيس الشيعة: 386.

(5) راجع كذلك: لؤلؤة البحرين: 337 / 112، هدية العارفين 2: 7، مستدرك الوسائل 3: 497 ( الطبعة الحجرية )، طبقات أعلام الشيعة ( القرن الخامس ): 177، الفوائد الرضوية: 571، معالم العلماء: 118 / 788، بحار الأنوار 1: 35، ريحانة الادب 3: 352 / 550، وغيرها.

٢٥

مشايخه:

الاستقراء في متون كتب المؤلّف رحمه‌الله تعالى يظهر أنّه يروي عن جملة من المشايخ الاجلاء، أمثال:

1 - الشيخ المفيد محمّد بن محمّد البغدادي.

2 - السيّد المرتضى علي بن الحسين الموسوي.

3 - أبو يعلى سلار بن عبدالعزيز الديلمي.

4 - أبو عبدالله الحسين بن عبيدالله بن الحسيني الواسطي.

5 - أبو عبدالله محمّد بن عبيدالله بن الحسين الحسيني. ‎

6 - أبو منصور أحمد بن حمزة العريضي.

7 - أبو الرجا محمّد بن علي بن طالب البلدي.

8 - أبوالحسن محمّد بن أحمد بن علي بن شاذان القمي.

9 - أبوالحسن طاهر بن موسى الحسيني.

10 - أبوالحسن اُسد بن ابراهيم بن كليب القمي.

11 - أبوالفرج الكاتب محمّد بن علي بن يعقوب.

12 - أبوالعباس أحمد بن علي بن العبّاس السيرافي.

13 - أبومحمد بن هارن بن موسى التلعكبري.

14 - أبوالحسين أحمد بن محمّد الكوفي الكاتب.

كما أنّ المؤلّف رحمه‌الله تعالى برحمته الواسعة قد روى عن جملة من محدثي العامة، فراجع ترجمته في المصادر المختلفة التي سبقت الاشارة اليها.

٢٦

مصنفاته:

تقدّم منّا القول في طيات حديثنا السابق أنّ المؤلّف رحمه‌الله كان مكثراً في التصنيف والتأليف، وفي علوم ومناهج شتى، ولذا فلا غرو أن يخلف تراثاً واسعاً متنوعاً أدركه بعض معاصريه فاغترفوا من معينه وتزودوا من عطائه.

بلى فقد ذكر مؤرخو سيرته ومترجموه أن له مؤلّفات كثيرة قيمة قد تتجاوز السبعين، سنحاول هنا أن نورد شطراً منها:

1 - كنز الفوائد.

2 - التلقين لأولاد المؤمنين.

3 - الابانة عن الممثالة.

4 - المنهاج الى معرفة مناسك الحاج.

5 - الغاية في الاصول.

6 - معدن الجواهر ورياضة الخواطر.

7 - النوادر.

8 - التعجب من أغلاط العامة.

9 - الاستطراف في ذكر ما ورد من الفقه في الانصاف.

10 - رياض الحكم.

11 - مختصر دعائم الاسلام.

12 - معارضة الاضداد باتفاق الاعداد.

13 - البستان في الفقه.

14 - نصيحة الاخوان.

15 - روضة العابدين ونزهة الزاهدين.

٢٧

16 - تهذيب المسترشدين.

17 - التأديب.

18 - مختصر البيان عن دلالة شهر رمضان.

19 - الاستبصار في النصّ على الائمة الاطهار.

20 - عدة البصير في حج يوم الغدير.

21 - موعظة العقل للنفس.

22 - غاية الانصاف في مسائل الخلاف.

23 - معونة الفارض في استخراج سهام الفارض.

24 - الاصول في مذهب آل الرسول.

25 - نظم الدرر في مبنى الكواكب والدرر.

26 - الرسالة الدامغة للنصارى.

27 - مختصر كتاب تنزيه الانبياء للسيد المرتضى.

28 - نهج البيان في مسائل النسوان.

29 - المقنع للحاج والزائر.

30 - رياضة العقول في مقدمات الاصول.

31 - التعريف بوجوب حق الوالدين.

32 - الانساب.

33 - ردع الجاهل وتنبيه الغافل.

34 - حجّة العالم في هيئة العالم.

35 - ايضاح السبيل الى علم أوقات الليل.

36 - التحفة في الخواتيم.

37 - الرسالة العلوية في فضل أمير المؤمنين عليه‌السلام على سائر البرية سوى سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٨

38 - انتفاع المؤمنين بما في أيدي السلاطين.

39 - الزاهد في آداب الملوك.

40 - المجالس في مقدمات صناعة الكلام.

وغير ذلك مما تكفّلت مصادر ترجمته بذكرها، بالاضافة الى غيرها من المؤلّفات الاخرى التي لم تتم مثل: هداية المسترشد، نصيحة الشيعة، مسألة العدل في المحاكمة الى العقل، الكتاب الباهر في الاخبار، وغيرها، فراجع.

* * *

٢٩

منهجية التحقيق:

سبق لكتاب كنز الفوائد - والذي تندرج رسالتنا ضمنه - أن خرج محقّقاً من قبل دار الاضواء في بيروت، بتحقيق الشيخ عبدالله نعمة، بذل فيه المحقّق جهداً لا يستهان به، وأخرج الكتاب من حلتة الحجرية السقيمة التي طفحت بالاخطاء والتصحيفات، والتي كانت قد طبعت عام 1322 ه‍ .

بيد أنّ اعتماد المحقّق في تحقيقه على هذه النسخة فحسب أربك عمله الى حد ما، فخرج هذا الكتاب دون ما كان مؤمل له، وما يتناسب والجهد الذي بذله، والذي يتضح من خلال المراجعة البسيطة له.

ومن هنا فقد عمدنا - وبعد حصولنا على نسخة مخطوطة نفسية - الى اعادة تحقيق بعض رسائل هذا الكتاب، ومن ضمنها هذه الرسالة الماثلة بين يدي القارئ الكريم.

وقد اعتمدت هذه المخطوطة المحفوظة في المكتبة الرضوية بمدينة مشهد المقدسة برقم ( 226 ) والتي يرجع تأريخ نسخها الى عام ( 677 ه‍ ) واعتبرتها نسخة الاصل.

كما استعنت بالنسخة المطبوعة المحقّقة كمساعد لي في عملي.

وبعد اتمام المقابلة والتصحيح عمدت الى تخريج الأحاديث والاخبار والاقوال من مصادرها الاصلية.

كما قمت بشرح المفردات اللغوية تسهيلا لعمل القارئ واتماماً للفائدة.

ثم عمدت الى ترجمة الاعلام الواردين في متن الرسالة بشكل توخيت فيه الوضوح والاختصار.

وألحقت عملي هذا بذكر فهرس لمصادر التحقيق التي استعنت بها في عملي ومراكز نشرها، لتيسير رجوع الباحث إليها.

٣٠

وأخيراً وأنا أقدم هذا الجهد المتواضع بين يدي القارئ لا يسعني الا أن أتقدم بشكري الجزيل لمؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث / قم، لمبادرتها بنشر هذه الرسالة على صفحات مجلتها الغراء تراثنا سائلا المولى جل اسمه لها دوام التوفيق في خدمة تراث العترة الطاهرة، أنّه الموفق لكل خير.

وأخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين. وصلى الله على محمّد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

علاء آل جعفر

٣١

٣٢

٣٣

٣٤

٣٥

٣٦

دليل النصّ بخبر الغدير

على إمامة أمير المؤمنين

صلوات الله عليه

اعلم أنّه مما يدلّ أنّه المنصوص بالإمامة عليه ما نقله الخاصّ والعامّ من أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما رجع من حجّة الوداع نزل بغدير خم (1) - ولم يكن منزلا - ثم أمر مناديه فنادى في الناس بالاجتماع، فلما اجتمعوا خطبهم ثم قررهم على ما جعله الله تعالى له عليهم من فرض طاعته، وتصرفهم بين أمره ونهيه بقوله: « ألست أولى بكم منكم بأنفسكم »؟

فلما أجابوه بالاعتراف، وأعلنوا بالإقرار، رفع بيد أمير المؤمنين عليه‌السلام وقال - عاطفا على التقرير الذي تقدّم به الكلام -: « فمن كنت مولاه فهذا عليٌ

__________________

(1) خم في اللغة: قفص الدجاج، فان كان منقولاً من الفعل فيجوز أن يكون مما لم يسم فاعله من قولهم: خم الشيء إذا ترك في الخمّ، وهو حبس الدجاج، وخمّ إذا نطف، كلّه عن الزهري.

قال السُّهيلي عن ابن اسحاق: وخمّ بئر كلاب بن مرّة، من خمت البيت إذا كنسته، ويقال: فلان مفهوم القلب أيّ نقيه، فكأنها سمّيت بذلك لنقائها.

قال الزمخشري: خمُّ اسم رجل صباغ اضيف إليه الغدير الذي هو بين مكّة والمدينة بالجحفة، وقيل: هو على ثلاثة أميال من الجحفة، وذكر صاحب المشارق أن خُمّاً اسم غيضة هناك وبها غدير نسب إليها؛ وخمّ موضع تصب فيه عين بين الغدير والعين، وبينهما مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقال عرام: ودون الجحفة على ميل غدير خمّ وواديه يصب في البحر، لانبت فيه غير المرخ والثمام والأراك والعُشر، وغدير خمّ هذا من نحو مطلع الشمس لا يفارقه ماء المطر أبداً، وبه أناس من خزاعة وكنانة غير كثير.

وقال الحازمي: خم واد بين مكّة والمدينة عند الجحفة به غدير، عنده خطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال محمّد بن إسحاق الفاكهي في كتاب « مكّة »: بئر خم قريبة من الميثب حفرها مرّة بن كعب بن لؤي.

اُنظر: معجم البلدان - خم - 2: 389.

٣٧

مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله (2) .

فجعل لأمير المؤمنين عليه‌السلام من الولاء في أعناق الامة مثل ما جعله الله له عليهم مما أخذ به إقرارهم، لأن لفظة « مولى » تفيد ما تقدّم من التقرير من ذكر الأولى، فوجب أن يريد بكلامه الثاني ما قررهم عليه في الأول، وأن يكون المعنى فيهما واحداً حسبما يقتضيه استعمال أهل اللغة وعرفهم في خطابهم.

وهذا يوجب أن يكون أمير المؤمنين عليه‌السلام أولى بهم من أنفسهم، ولا يكون أولى بهم إلا وطاعته فرض عليهم وأمره ونهيه نافذ فيهم، وهذه رتبة الإمام في الأنام قد وجبت بالنص لأمير المؤمنين عليه‌السلام .

واعلم - أيدك الله - أنّك تسأل في هذا الدليل عن أربعة مواضع:

أولها: أن يقال لك: ما حجتك على صحّة الخبر في نفسه، فإنا نرى من يبطله؟

وثانيها: أن يقال لك: ما الحجّة على أن لفظة « مولى » تحتمل « أولى » وأنها أحد أقسامها؟

وثلاثها: إذا ثبت أنّها أحد محتملاتها، فما الحجّة على أنّ المراد بها في الخبر « الأولى » دون ما سوى ذلك من أقسامها؟

ورابعها: ما الحجّة على أنّ « الأولى » هو الإمام، ومن أين يُستفاد ذلك في الكلام؟

__________________

(2) الحديث مروي في معظم كتب الحديث وبطرق لا يمكننا حصرها هنا، ولكن انظر: أمالي الصدوق: 460، إرشاد المفيد: 94، خصائص الرضي 42، الشافي الإمامة 2: 258، الفصول المختارة: 235، إعلام الورى: 200 من طرق الخاصة؛ ومن طرق العامة: سنن ابن ماجد 1: 43 / 116 و 45 / 121، سنن ترمذي 5: 633 / 3763، خصائص الإمام علي عليه‌السلام للنسائي: 96 / 79 و 99 / 83، مسند أحمد 1: 84 و 88، 4: 368 و 372، 5: 366 و 419، تأريخ بغداد 7: 377 و 8: 290 و 12: 343، اُسد الغابة 2: 233 و 3: 93، الإصابة 1: 304 مستدرك الحاكم 3: 109 و 3: 110 و 116، كفاية الطالب: 64، ترجمة الإمام علي عليه‌السلام من تأريخ دمشق 2: 5 / 501 - 531، الرياض النضرة 2: 175، مناقب الإمام علي عليه‌السلام للمغازلي: 16 - 26، مصنف ابن أبي شيبة 12: 59 / 12121. وغيرها كثير.

٣٨

الجواب عن السؤال الأول:

أمّا الحجّة على صحّة خبر الغدير، فما يطالب بها إلا متعنّت، لظهوره وانتشاره، وحصول العلم لكلّ من سمع الأخبار به، ولا فرق بين مَن قال: ما الحجّة على صحّة خبر الغدير؟، وهذه حاله، وبين من قال: من الحجّة على أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجّ حجّة الوداع؟ لأنّ ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة.

وبعد:

فقد اختصّ هذا الخبر بما لم يشركه فيه سائر الأخبار، فمن ذلك أن الشيعة نقلته وتواترت به، وقد نقله أيضاً أصحاب السير نقل المتواترين به، يحمله خلف منهم عن سلف، وضمنه جميعهم الكتب بغير إسناد معيّن، كما فعلوا في إيراد الوقايع الظاهرة والحوادث الكائنة، التي لا يحتاج في العلم بها إلى سماع الأسانيد المتّصلة.

ألا ترى إلى وقعة بدر وحنين وحرب الجمل وصفّين، كيف لا يفتقر في العلم بصحّة شيء من ذلك إلى سماع إسناد ولا اعتبار أسماء الرجال، لظهوره المغني، وانتشاره الكافي، ونقل الناس له قرنا بعد قرن بغير إسناد معيّن، حتى عَمّت المعرفة به، واشترك الكلّ في ذكره.

وقد جرى خبر يوم الغدير هذا المجرى، واختلط في الذكر والنقل بما وصفنا، فلا حجّة في صحّته أوضح من هذا.

ومن ذلك أنّه قد ورد أيضاً بالأسانيد المتّصلة، ورواه أصحاب الحديثين (3) من الخاصة والعامة من طرق في الروايات كثيرة، فقد اجتمع فيه الحالان، وحصل له البيان (4) .

ومن ذلك أن كافة العلماء قد تلقوه بالقبول، وتناولوه بالتسليم، فمن شيعيٍّ

__________________

(3) كذا في نسخنا، والاولى: الحديث.

(4) في نسخة « ه‍ » السببان.

٣٩

يحتج به في صحّة النصّ بالإمامة، ومن ناصبيّ يتأوله ويجعله دليلاً على فضيلة ومنزلة جليلة، ولم ير للمخالفين قولاً مجرّداً في ابطاله، ولا وجدناهم قبل تأويله قد قدموا كلاماً في دفعه وإنكاره، فيكون جارياً مجرى تأويل أخبار المشبهة وروايتها بعد الإبانة عن بطلاتها وفسادها، بل ابتدأوا بتأويله ابتداء من لا يجد حيلة في دفعه، وتوفّره على تخريج الوجوه له توفّر من قد لزمه الإقرار به، وقد كان إنكاره أروح لهم لو قدروا عليه، وجحده أسهل عليهم لو وجدوا سبيلا أليه.

فأما ما يحكى عن [ ابن ] (5) أبي داود السجستاني (6) من إنكاره له، وعن الجاحظ (7)

__________________

(5) لم ترد في نسخنا، ولعله اشتباه وقع فيه النسّاخ.

(6) عبدالله بن سليمان الأشعث السجستاني، ويكنى بأبي بكر، ولد بسجستان في سنة ثلاثين ومائتين، أبوه صاحب السنن المعروف، أخذ عن أبيه، وطاف معه كثيراً من البلدان، وحضر دروس العديد من شيوخ أبيه حتى اعتبروه من كبار الحفّاظ، إلا أنّه يؤخذ عليه تجرّأه على الحديث نقل عن الذهبي ( ت 748 ه‍ ) في سير أعلام النبلاء 13: 222 / 118: « قال عبدالرحمن السلمي: سألت الدار قطني عن ابن أبي داود فقال: ثقة، كثير الخطأ في الكلام على الحديث » وكذا نقل مثله في تذكرة الحفّاظ 2: 771.

بل طعن فيه ابن عديّ ( 277 - 365 ه‍ ) في الكامل في ضعفاء الرجال 4: 1577 حيث قال: « سمعت علي اين عبدالله الداهري يقول: سمعت أحمد بن محمّد بن عمرو بن عيسى كركر يقول: سمعت عليّ بن الحسين بن الجنيد يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول: ابني عبدالله هذا كذّاب ».

وكان ابن صاعد يقول: « كفانا ما قال أبوه فيه.

سمعت عبدالله بن محمّد البغوي يقول له - وقد كتب إليه ابن داود رقعة يسأله عن لفظ حديث لجدّه لما قرأ رقعته -: أنت والله عندي منسلخ من العلم.

سمعت عبدان يقول: سمعت أبا داود السجستاني يقول: ومن البلاء أنّ عبدالله يطلب القضاء » انتهى.

(7) أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب البصري المعتزلي، له تصانيف كثيره، أخذ عن النظّام، روى عن أبي يوسف القاضي، وثمانة بن أشرس، وروى عنه أبو العيناء، ويموت بن المزرّع.

خبيث مطعون فيه، لا يؤخذ بأقواله و لا يعتدّ بآرائه، قال عنه الذهبي في ميزان الاعتدال 3: 247 / 6333، وفي سيرأعلام النبلاء 11: 526 / 149: « قال ثعلب: ليس بثقة ولا مأمون.

قلت: وكان من أئمّة البدع.

وعن الجاحظ: نسيت كنيتي ثلاثة أيام، حتى عرّفني أهلي!!.

قلت: كان ماجناً قليل الدين .. ‎ يظهر من شمائله أنّه يختلف » إنتهى.

وقال الحافظ ابن كثير ( ت 774 ه‍ ) في البداية والنهاية 11: 19: « وفي سنة خمس وخمسين ومائتين توفي

٤٠