• البداية
  • السابق
  • 323 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 45897 / تحميل: 7729
الحجم الحجم الحجم
العمل وحقوق العامل في الإسلام

العمل وحقوق العامل في الإسلام

مؤلف:
العربية

صفات المؤمنين التي يستحقون بها الكرامة الكبرى ؟ (والذين اذا أصابهم البغي هم ينتصرون. وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على اللّه انه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم)(1) .

إن الشيوعيين قد تنكروا لجميع الأديان لانها تحول بينهم وبين مقاصدهم من سفك الدماء وإذاعة الذعر والفزع وإشاعة المرأة وغير ذلك من الوسائل التي يأباها الدين ولا يقرها بأي حال من الأحوال.

ولم يكتف الشيوعيون بمجرد الاقوال والتصريحات المعادية للاديان بل اتخذوا جميع الاجراءات الحاسمة لاستئصاله من البلاد. فان أول عمل قام به الشيوعيون في روسيا ان أصدروا قانوناً في فبراير سنة 1918 نص على ما يلي:

1 - فصل الدين عن الدولة.

2 - الغاء القسم بالدين.

3 - فصل التعليم عن الدين، وتحريم التعليم الديني في كافة الهيئات والمنشآت، وإباحة تعليم الدين للمواطنين فرادى.

____________________

1 - الاسلام: ص 118.

١٠١

4 - لا يجوز للكنائس وأماكن العبادة، والجمعيات الدينية ان تمتلك، ولا يحق لها اكتساب صفة « الشخص المعنوي ».

5 - كافة أملاك الكنائس والهيئات الدينية تعتبر ملكاً للشعب.

وكان إصدار هذا القانون ضربة هائلة للكنيسة (الارثوذكسية) وقتل عدد كبير من رجال الدين، وفي كثير من المدن والقرى حولت الكنائس الى مدارس وأندية أو مخازن، وانشئت متاحف لنشر الالحاد، بعضها في الكنائس نفسها، وتعرض فيها على الشباب ما يفسد أخلاقهم.

وتألفت الجماعات والهيئات للدعاية اللادينية، وأصدرت مجلة اسبوعية هي (بلا دين) وفي عام (1925) عقد بموسكو مؤتمر لوضع الاجراءات الخاصة بالقضاء على النزعة الدينية، وبث روح الالحاد في المدارس والجيش وفي صفوف الاقليات القومية، وفي المدن والقرى، ووحدت الهيئات الالحادية جهودها في (اتحاد الالحاد) الذي بث فروعه في كافة انحاء الاتحاد السوفياتي، وفي عام (1929) بلغ عدد فروعه تسعة آلاف فرع وفي عام (1935) بلغ عدد فروع الاتحاد سبعين ألفاً تضم الملايين، وبلغ من تأثير تلك الدعاية أن أصبح

١٠٢

معظم السكان ملحدين وفي سبتمبر عام (1929) ذكرت صحيفة (المناهضة للدين) انه تم في مارس (1929) إغلاق (423) كنيسة (243 في المدن و 180 في القرى) كما حولت من الكنائس (156) كنيسة الى مسارح وسينما ومتاحف و 138 الى مدارس و 14 الى محال عامة تعاونية، و 10 الى مراكز بيطرية.

وفي 15 مايو سنة 1932 صدر قانون هدفه القضاء على الهيئات الدينية في غضون خمسة أعوام ومما جاء فيه «في أول مايو سنة (1937) لن يبقى في كافة أرجاء الاتحاد السوفياتي أي مكان للعبادة، ويجب القضاء على فكرة الاله من الاتحاد السوفياتي بحسبانها من بقايا القرون الوسطى وأداة لاضطهاد الجماهير العاملة»(1) .

وعمل الشيوعيون بهذا المخطط المرسوم لهم من قادتهم فحملوا معول الهدم على جميع الأديان، ويبدو هذا الاتجاه واضحاً عند كل شيوعي اعتنق الفلسفة الماركسية عن إيمان وتدبر وقد أضفى لينين هذا الطابع الخاص على حزبه، فعرفهم بانهم يؤمنون بالماركسية، ولا يقيمون للدين ولا للعواطف وزناً في

____________________

1 - الدستور السوفيتي ص 137 - 139.

١٠٣

تنفيذ مبادئهم(1) وقد ألم هذا التحديد الذي أدلى به لينين بصفات الشيوعيين فهم لا يؤمنون بالأديان، ولا يقيمون وزناً لجميع قيمها، كما لا يعتنون باي عاطفة من العواطف الانسانية النبيلة.

ومن هنا يتضح لك ان محاربة الشيوعيين للاديان من النقاط الرئيسية التي تبتني عليها فكرتهم المجافية للعدل والحق.

3 - معاداة الاسلام

إن في الاسلام من النظم الاقتصادية الخلاقة ما تبيد الفقر وتقضي على البؤس والحرمان، وإن في تعاليمه من الطاقات الندية ما تقضي على جميع مشاكل الحياة ومصاعبها، فهو يجمع الناس على الحق، ولا يفرقهم، ويوحدهم ولا يشتتهم ويتسامح ولا يتعصب، ويجاري الاعصار ولا يتخلف، فلذا لا يحذر الشيوعيون إلا منه، ولا يقف أمامهم إلا الوعي الاسلامي اذا ساد في البلاد، ولذا دعا (ل أكليموفيتش) الى الامعان في الطرق التي ينبغي أن تتخذ لمحاربة الاسلام قال ما نصه:

«إن الحاجة لماسة الى تبصر سياسي كبير، وفهم عميق للعمليات الاجتماعية المعاصرة، وذلك من أجل الكفاح

____________________

1 - نفس المصدر: ص 258.

١٠٤

ضد الاسلام كفاحاً سليماً»(1) .

وقد جهد الشيوعيون في محاربته، وبذلوا قصارى جهودهم في اقصائه عن حياة المسلمين القاطنين هناك، وقد بلغوا ما أرادوا فقد حالوا بين المسلمين وبين دينهم، فقد ذكروا ان القوانين الاسلامية القائمة على الشريعة قد استؤصلت من الاتحاد السوفياتي(2) .

ولا يزال هجومهم على الاسلام مستمراً حيث اتهموه بضد ما جاء به ونطقت به تعاليمه، فقد اتهموه بانه يناهض العلم، ويشل نشاط الناس وإبداعهم(3) مع انه من المسلم به ان العلم مظهر من مظاهر الاسلام فقد بني على العلم، ونطق القرآن الكريم في بيان خطره، وفي تبجيل حملته قال اللّه تعالى:( يَرْ‌فَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَ‌جَاتٍ ) (4) وقال اللّه تعالى:( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِ‌بُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا

____________________

1 - الاسلام اصله وروحه الاجتماعي.

2 - القاموس السياسي السوفيتي.

3 - الاسلام اصله وروحه الاجتماعي.

4 - سورة المجادلة: آية 11.

١٠٥

إِلَّا الْعَالِمُونَ ) (1) ويقول تعالى:( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ‌ أُولُو الْأَلْبَابِ ) (2) ، ويقول تعالى:( إِنَّمَا يَخْـشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ) (3) ويقول الرسول (ص): «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» وقال صلى اللّه عليه وآله وسلم: «العلم رأس الخير كله والجهل رأس الشر كله» الى غير ذلك من الاخبار المتواترة التي وردت في فضل العلم وتقدير أصحابه، حتى اشتهر ان الاسلام هو الدين الوحيد الذي أرسى قواعده على العلم والفضيلة وعلى تحطيم الجهل والازدراء بالجاهلين، ولكن الشيوعيين الذين تنكروا لكل معنى أصيل من معاني الحياة أخذوا يطعنون في الاسلام، ويكيلون له التهم ويلصقون به هذه الاكاذيب التي دلت على حقدهم البالغ لكل مبدأ تسعد به الانسانية، ويزيح عنها كابوس الظلم والشقاء.

إن أهم دعوة يتجه الشيوعيون الى محاربتها، ويبذلون جميع قواهم في زعزعتها وتحطيمها هي الدعوة لانشاء دولة اسلامية

____________________

1 - سورة العنكبوت: آية 43.

2 - سورة الزمر: آية 9.

3 - سورة فاطر: آية 28.

١٠٦

كبرى تجمع شتات المسلمين، وتوحد كلمتهم، وتحكم فيهم بنظام القرآن، وتسير بهداه، وطبق أهدافه، فان هذه الدعوة الرفيعة أعظم خطر يهدد كيان الشيوعيين والمستعمرين ويقضي على مآربهم الرخيصة، ويبدد أحلامهم الدنيئة، فانها تعيد للاسلام مكانته العليا، وترجع للمسلمين عزهم السليب، وقد أوصى لينين أتباعه بضرورة الاجهاز على هذه الفكرة قال:

«يجب أن لا ننسى - أولاً - الى جميع الاحزاب الشيوعية، ضرورة تقديم المساعدة الى حركة التحرر الديمقراطية البرجوازية - ثانياً - ضرورة مكافحة الاكليروس وغيره - ثالثاً - ضرورة مكافحة فكرة الدولة الاسلامية الكبرى»(1) .

إن الشيوعيين يعملون مستميتين لمحاربة تأسيس دولة إسلامية لأنها تقضي على أطماعهم وعلى مصالحهم ولا تبقي لهم ولا للمستعمرين ظلاً في الوطن الاسلامي الكبير.

وعلى المسلمين أن يقوموا بنهضة شاملة الى تدمير القوى المعادية لهم التي تكيد لهم في النهار اذا تجلى وفي الليل اذا يغشى.

إن من العار على المسلمين أن توجد في بلادهم خلايا

____________________

1 - حركة التحرر الوطني في الشرق تأليف لينين ترجمة الياس مرقص ص 177.

١٠٧

للكفر والالحاد وقواعد للمستعمرين، وهي تعمل على جر أوطانهم تحت مناطق النفوذ، تناهض استقلالهم وتحارب مبادءهم وتقاوم أي وعي فيهم، وهيهات أن يظفر المسلمون باستقلالهم أو يسترجعوا مجدهم السليب ما لم تتحد كلمتهم وتتضامن شعوبهم على أن يسود فيهم حكم القرآن، وتطبق أهدافه ومعالمه.

5 - التنكر للاخلاق

إن الانسان منذ وجد على الأرض يشعر من أعماق نفسه ودخائل ذاته بحاجته الماسة الى الاخلاق المثالية، وانه بدونها يعيش باضطراب نفسي غير مرتاح الضمير ولا ناعم الفكر ولكن الشيوعيين قد تنكروا لهذه الظاهرة النفسية وجعلوها من ضروب الخرافة لأن الاخلاق في عقيدتهم تحمي البرجوازيين والرأسماليين، واذا سادت الاخلاق الرفيعة في المجتمع فانه لا يمكن إيجاد ثورة على البرجوازيين تحطمهم وتسلب رؤوس الاموال منهم، فلذا انطلقوا يعملون على مسخ الانسان وتجريده من عواطفه حتى لا يرى بأساً في ارتكاب الجرائم والموبقات التي تتركز عليها ثورتهم ضد التقاليد الاجتماعية، بالاضافة الى أن الاخلاق المثالية هي من توابع الروح، والفلسفة المادية لا تؤمن بذلك وقد أعرب عن هذه الجهة لينين بقوله:

١٠٨

«علمنا (فرديك انجلز) إن أساس مبادئنا هو إيماننا بالمادة لا بالروح ولهذا فان الأخلاق التي نؤمن بها أخلاق مستمدة من الواقع المادي لا من عالم الروح المثالي. ولما كان الواقع يفرض علينا أن نحقق الشيوعية فانه لأمر طبيعي أن تكون الأخلاق الصالحة في نظرنا مرادفة تماماً للوسائل التي تحقق الأهداف الشيوعية».

إن الأخلاق التي يؤمنون بها هي الأخلاق التي تستمد من الواقع المادي الذي يحطم كل صرح بنته الانسانية منذ أقدم العصور من قواعد الأخلاق والدين والفضيلة والمروءة وعلينا أن ننظر الى مفهوم الأخلاق الذي يومنون به والى الصفات الخلقية التي يعتنقونها، ويعملون على تنميتها، وتركيزها في نفوس أتباعهم والى القراء ذلك:

1 - مفهوم الأخلاق

وحدد إنجلز مفهوم الاخلاق الذي يذهبون اليه، فقال: «إننا نرفض شتى المحاولات التي تحاول أن نفرض علينا اخلاقاً تستند الى (المثاليات) ذلك إننا نؤمن ان الاخلاق هي نتاج الاوضاح الاجتماعية ولما كانت الاوضاع الاجتماعية متغيرة فان مفاهيم الاخلاق لا بد أن تتغير.

١٠٩

إن الاخلاق التي نؤمن بها هي كل عمل يؤدي الى تحقيق انتصار مبادئنا مهما كان هذا العمل منافياً للاخلاق المعمول بها».

إن مفهوم الاخلاق عندهم ليس حقيقة ثابتة بل هو مفهوم متغير، وان الذي يؤمنون به من مفاهيم الاخلاق هي التي تحقق انتصار مبادئهم وأفكارهم المجافية لروح العدل والمنطق وصرح ستالين بعين ما أدلى به إنجلز فقال:

«الاخلاق الصالحة - في نظرنا - هي التي تيسر لنا القضاء على النظام القديم، وهي التي تدعم النظام الشيوعي، ولا شىء غير هذا يمكن أن يسمى أخلاقاً فاضلة».

وقال لينين: عندما يتحدث الينا الناس عن الاخلاق نقول لهم:

إن الاخلاق الشيوعية هي - بصفة قاطعة الوسائل التي نلجأ اليها للقضاء على أعدائنا إننا لا نؤمن بما يسميه الناس «الاخلاق الثابتة الابدية» ونحن نرفض رفضاً قاطعاً كل نوع آخر من الاخلاق فيما عدا أخلاقنا نحن بل اننا نطالب بان تكون تربية النشء مستندة الى الاخلاق بمفهومها الذي نعرفه، لا بمفهومها العاطفي المثالي.

واستنكر لينين كل مفهوم أخلاقي لا يؤدي الى انتصارهم فقال:

١١٠

«إننا نستنكر كل ضرب من ضروب الاخلاق الذي لا يؤدي الى تحقيق أهدافنا الشيوعية، ذلك لأن الاخلاق التي نأخذ بها إنما ترتبط كل الارتباط بمصالح الطبقة التي ندافع عنها، بل انني أرى في الاخلاق المثالية التي تختلف عن الاخلاق التي نؤمن بها ضرباً من ضروب الخداع والغش والتضليل لانها لا تساعد على تحقيق أهدافنا»(1) .

إن مفهوم الاخلاق عندهم يغاير مفهوم الاخلاق التي دان بها الناس منذ أقدم عصورهم، حتى عرف الشيوعيون بمسخ الحقائق، والتنكر لكل معنى أصيل من معاني الحياة.

وأما الصفات التي يؤمنون بها ويعملون على تنيمتها وتركيزها في نفوس أتباعهم فهي:

2 - العنف

إن الشيوعيين لا يؤمنون بالتسامح ولا بالتساهل فقد بني نظامهم على العنف ولذلك لا يقفون عن الهدم والتدمير وإزهاق الارواح وإراقة الدماء فان كل وسيلة تتكفل بتحقيق أهدافهم هي وسيلة جائزة ومشروعة وقد تناول ستالين هذه الجهة فقال:

«أوصانا لينين بان نكون قساة عتاة في معاملتنا لاعدائنا

____________________

1 - النظام الشيوعي.

١١١

في الداخل والخارج، ونحن لا نريد أن ندع أعدائنا في الداخل والخارج يعملون ضدنا بل انه يتعين علينا أن نمنعهم - بالقوة - من ذلك، ولهذا نعتبر الوسائل العنيفة القاسية التي نعامل بها خصومنا عملاً مشروعاً له ما يبرره مهما بدا هذا العمل استبدادياً وطاغياً».

وقال ستالين أيضاً:

يجب أن يكون مفهوماً أننا نؤمن بالاستبداد، ونؤمن بالطغيان، ونؤمن بالعنف لان نظامنا الثوري القائم على أساس القضاء على الطبقات يتطلب الالتجاء الى كل هذه الوسائل.

انهم لا يؤمنون إلا بالعنف والاستبداد فان ذلك عنصر أساسي في دعوتهم وهذا هو السبب في فشلهم ونبذ الجماهير الشعبية لهم.

إن منطق العنف دليل على فساد المبدأ من الناحية العلمية ولو كان يمت الى البرهان بصلة لما التجأ مؤسسوه الى تطبيقه الى مثل هذا المنطق المفلوج الذي لا يسلكه إلا من لا يجد وسيلة غير العنف والقسر.

١١٢

3 - الخداع

ويفقد الشيوعيون كل وسيلة من وسائل الفضيلة في تدعيم أفكارهم فاعتمدوا في نشر دعوتهم على الخداع والاضاليل، وساير الصفات المرذولة وآمنوا بكل عمل غير مشروع ما دام يؤدي الى انتصارهم، وقد أوصى لينين أتباعه بذلك فقال:

« انه من الضرورة أن نستخدم كافة الوسائل مهما كانت غير مشروعة، ومهما اعتمدت على المكر والخديعة والكذب والمراوغة لتحقيق غاياتنا ».

وقال: اذا دعت الحاجة فيجب اللجوء الى أنواع الحيلة واستخدام كافة الوسائل حتى ولو كانت غير مشروعة للتغلغل في النقابات المهنية، ونشر الشيوعية في صفوف العمال باي ثمن »(1) .

إن استخدام جميع الوسائل القذرة التي أجمع الناس على عدم مشروعيتها هي في منطق لينين وأتباعه من الممسوخين مشروعة ما دامت تؤدي الى نشر الشيوعية.

إننا في عصر ازدهر فيه العلم وتقدم فيه الانسان في جميع المجالات فغزى الفضاء الخارجي، ومن العار أن يؤمن الانسان بمثل هذه الافكار الهزيلة التي تناقض العلم، وتطارد الوعي،

____________________

1 - شيوعية الجناح الايسر بقلم لينين ص 28 - 52.

١١٣

وتحارب المواهب، وتدعو أن يكون الانسان حيواناً أعجماً معرى من الرأى، ومجرداً من الوعي والأخلاق ان الشيوعية تنسف الاخلاق، وتحطم كل عنصر من عناصر الفضيلة والكرامة وتفرض على معتنقيها تغيير سلوكهم وأخلاقهم، واتصافهم بالخداع والاضاليل، وقد أكد هذه الناحية لينين بقوله:

« اذا لم يكن المناضل الشيوعي قادراً على أن يغير أخلاقه وسلوكه وفقاً للظروف مهما تطلب ذلك من كذب، وتضليل وخداع فانه لن يكون مناضلاً ثورياً حقيقياً »(1) .

إن تغيير الاخلاق، ومسخ الذات، ونزع الصفات الأصيلة من النفس كل ذلك يعتبر عنصراً أساسياً في الشيوعي الثوري - كما يقول لينين -.

وأضفى لينين على تعاليمه بانه لا يوجد فيها ظل للفضيلة، ولا منطق للعدل، ولا صورة للصدق وإن جميع ما عندهم يغاير جميع المفاهيم التي اصطلح الانسان على تقديسها فقال:

« إن الدعامة الأساسية التي يستند اليها مذهبنا، هي انه لا يوجد على الاطلاق أي شيء يسمى العدل الخالص، أو الخير الخالص أو الفضيلة الخالصة. فكل شيء نسبي في نظرنا

____________________

1 - التظام الشيوعي: ص 21.

١١٤

ما عدى الشيوعية التي نعتبرها مصدراً للصدق الخالص، والعدل الخالص، والخير الخالص، والفضيلة الخالصة »(1) .

وبعد: فهذه جملة من مظاهر سلوك الشيوعيين وأخلاقهم وإيمانهم بالصفات المرذولة التي لا يعتنقها إلا من تجردت ذاته عن جميع أفانين الانسانية والكرامة، أو كان مصاباً بعاهة أو نقص خلقي يدفعه الى محق الصفات الأصيلة، والحقد على جميع المثل الرفيعة التي امتاز بها الانسان عن الحيوان السائم.

إن ما ذكرناه من بعض معالم الشيوعية من العداء للاديان، والتنكر للاخلاق، وان كان بعضه لا يمت بصلة الى الموضوع الذي نحن بصدده، ولكن حرصنا الشديد وحبنا البالغ لابناء وطننا هو الذي جرنا للخوض في ذلك لاجل تنبيههم وتحذيرهم من السير في ركاب الدعايات المضللة والحركات الهدامة فقد عرفنا بعض شبابنا بالغيرة والحماس الوطني وقد انساب (ويا للاسف) مع الشيوعيين، وسار في ركبهم، وغرتهم دعاياتهم المضللة بان الشيوعية تحقق القضايا العادلة في وطننا العزيز، وهم لا يعلمون ان الشيوعيين من ألد الاعداء للأمة الاسلامية، وللعالم العربي فقد خانوا العرب والمسلمين فاقروا

____________________

1 - النظام الشيوعي: ص 20.

١١٥

احتلال اليهود لفلسطين، ومدوا لهم يد المعونة مع انه كيف يمكن أن تحقق الشيوعية العدل الاجتماعي مع عدائها للدين وتنكرها للاخلاق، ونبذها لجميع ما توحي به الفطرة الانسانية وعسى أن تكون هذه البحوث وغيرها مما ألف في هذا الموضوع، والتي كشفت عن واقع الشيوعية، وحقيقة الشيوعيين سبباً لايقاظ أبنائنا من سباتهم، وإرجاعهم الى حظيرة الحق وخدمة الوطن، وأن لا ينسابوا وراء الدعايات المزيفة التي تقضي على كرامتهم، وتجعل أوطانهم تحت مناطق النفوذ.

ونحن حينما نهاجم اللا أخلاقية الشيوعية فانما نهاجمها كمفهوم أنا حصل ومن أي جهة كان صادراً.

إن من المؤسف أن لا تهتم الدعوات الوضعية المختلفة بالجانب الاخلاقي اهتماماً عملياً وجدياً وإذا ذكرته في قاموسها فانما تذكره مجرد ألفاظ فارغة لا تطابق سلوكهم العملي الذي نشاهده ولا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم بلا أن يركز كيانه على دعامة أخلاقية متينة لانه المصدر لكل حضارة وتقدم ولذلك اهتم به الاسلام اهتماماً بالغاً حتى ورد عن رسول اللّه (ص) قوله (إنما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق).

إن الواجب على الشباب الواعي أن يعمل جاهداً في خدمة

١١٦

بلاده وتطوير صناعتها وتقدمها في جميع المجالات وأن يحاربوا كل تدخل استعماري في بلادهم بأي شكل كان نوعه وبأي اسم تستر. وأن يحاربوا أي عمل لا أخلاقي وأي سلوك يريد أن يعيد شريعة الغاب.

ولنعد بعد هذا الى البحث عن حقيقة العمل في الاسلام.

١١٧

١١٨

العمل

1 - في القرآن

2 - في السنة

3 - أحكامه

4 - أنواعه

١١٩

العمل في العرف الاسلامي يطلق تارة، ويراد به الجهد والمشقة التي تقابل بالمال، وعلى ذلك بنى الفقهاء قاعدتهم المشهورة (عمل المسلم محترم) والمراد بها ضمان عمله، وعدم ذهابه مجاناً، وقد استدلو بها في كثير من أبواب الفقه على ضمان العمل، وعدم ضياع جهد العامل.

والعمل الذي يحكم الشارع باحترامه، وضمانه ومقابلته بالمال إذا لم يكن محرماً، وأما اذا كان من المحرمات فانه يسقط في نظره عن الاحترام والضمان، وذلك لترتب المضار والمفاسد عليه، كما سنبينه.

ويطلق العمل ويراد به مطلق الفعل، وتترتب على بعضه المسؤولية والضمان والمؤاخذة، وذلك كاتلاف مال الغير، فان الاتلاف موجب للضمان سواء أكان صادراً من كبير أم صغير من عاقل أم مجنون كان بقصد الاضرار أو لم يكن، فان الشارع احترم أموال الناس، ودعا الى حماية ممتلكاتهم وصيانتها، واعتبر كل من يقوم باضرار الغير فانه يعرض نفسه للغرامة

١٢٠