أدب الطف الجزء ١٠

أدب الطف0%

أدب الطف مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 320

أدب الطف

مؤلف: العلامة السيد جواد شبر
الناشر: دار المرتضى للنشر
تصنيف:

الصفحات: 320
المشاهدات: 120679
تحميل: 9000


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 320 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 120679 / تحميل: 9000
الحجم الحجم الحجم
أدب الطف

أدب الطف الجزء 10

مؤلف:
الناشر: دار المرتضى للنشر
العربية

واستنزل البدر المشعشع مشرقا

منه البدور تغار في اشراقها

واستخطف الاسد الملبد باسلا

تعنوا له الآساد من اشفاقها

وانحط عن أوج الفخار بنسرها

مردي نسور الجو في آفاقها

من سام هضب علاك يا سامي الذرى

هضما فحطك عن سماء رواقها

هذا الذي خطبته أبكار العلى

عن رغبة في مجده بصداقها

ذا حائز قصب المفاخر أن جرى

كان المجلي فائزا بسباقها

وفي كتاب جنة المأوى من مؤلفات المترجم له قصيدة في يوم الغدير نظمها قبل أربعين سنة وتحتوي على 25 بيتا مثبتة في ديوانه الموجود في مكتبته العامة، أولها.

امام الهدى هل أبدع الله آية

لمعناه أسمى منك شأنا وأشمخا

كم استصرخ الاسلام يدعو فلم يجد

لصرخته الا حسامك مصرخا(1)

__________________

1 - أثبتناها في سوانح الافكار في منتخب الاشعار ج 4.

٦١

الشيخ محمد علي قسّام

المتوفى 1373 ه‍

يا راكبا هيماء اجهدها السرى

تطوي مناسمها ربى ووهادا

عرج على وادي البقيع معزيا

أسد العرين السادة الامجادا

اسد فرائسها الاسود اذا سطت

ولرب اسد تفرس الآسادا

ماذا القعود وجسم سيدكم لقى

في كربلا تخذ الرمال وسادا

تعدو عليه العاديات ضوابحا

جريا فتوسع جانبيه طرادا

وتساق نسوتكم على عجف المطي

أسرى تكابد في السرى الاصفادا

قوموا فقد ظفرت علوج أمية

بزعيمكم وشفت به الاحقادا

رامت ودون مرامها بيض الضبا

مشحوذة لم تألف الاغمادا

رامت تقود الليث طوع قيادها

وأبى أبو الاشبال ان ينقادا

فسطاعليهم كالعفرني مفردا

وأبادهم وهم الرمال عدادا

يسطو فيختطف النفوس بعضبه

الماضي الشبا ويوزع الاجسادا

فتراه يخطب والسنان لسانه

فيهم وظهر جواده أعوادا

فجلا عجاجتها ولف خيولها

وطوى الرجال وفرق الاجنادا

وأباد فيلقها ابن حيدر بالظبى

والسمر طعنا مخلسا وجلادا

حتى اذا شاء القضا انجازه

العهد القديم فأنجز الميعادا

ومضى نقي الثوب تكسوه العلى

فخرا طرائف عزة وتلادا

سهم أصابك يا ابن بنت محمد

قلبا أصاب لفاطم وفؤادا

وأمض داء اي داء معضل

أوهى القلوب وزعزع الاطوادا

سبي الفواطم للشام حواسرا

أسرى تجوب فدافدا ووهادا

ولرب زاكية لاحمد ابرزت

حسرى فجلببها الحيا أبرادا

٦٢

تدعو أباها الندب نادبة له

والطرف منها بالمدامع جادا

أتغض طرفا والحرائر أبردت

من كربلا نحو الشام تهادى

الشيخ محمد علي قسام خطيب شهير، فارس المنابر شارك في الثورة العراقية وجلجل صوته الجهوري وكنا نستمد من براعته واساليبه ونتعلم منه أساليب الخطابة ويظهر من أسلوبه الخطابي أنه درس المبادئ وأتقن النحو والصرف والمنطق والبلاغة والفقه والاصول وأضاف الى ذلك مطالعة الكتب الحديثة فأكسبته مرونة وعذوبة فكان يمتاز بتجسيد القصة وتجسيم الوقعة التي يتحدث عنها كواقعة كربلاء أو غيرها حتى كأنك تشاهدها وهو أقدر الخطباء على التأثير في النفوس.

كتب كثيرا والف ولا زلنا نحتفظ بمجاميع من خطه الجيد الذي يفوق ببراعته على الخطاطين وكل مؤلفاته في التاريخ والاخلاق والسيرة وقد طبع له بعد وفاته (الدروس المنبرية) ونظم الشعر في شبابه وراسل اخوانه وأخدانه وقد وقفت على مجموع له فيه عدة قصائد في آل الجواهر وآل القزويني وآل السيد صافي وال الكيشوان وفي قصاصات بخطه احتفظ بقصيدة له قالها في زواج السيد محمد الكيشوان مادحا بها عمه السيد كاظم الكيشوان ومطلعها:

قد قلب الصب في لحظ وقد

ريم صقيل العارضين ذو غيد

وأخرى في زفاف الشيخ محمد حسين نجل المرحوم الشيخ علي آل الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر وأولها:

برزت لنا من خدرها تتهادى

بيضاء تعطف اسمرا ميادا

ورنت بمقلة جؤذر متذعر

في مسقط الوادي رأى صيادا

نار الجمال توقدت في خدها

شعلا فشبت بالحشى ايقادا

٦٣

وله في زفافه أيضا مهنيا بها ابن عمه الشيخ محمد حسن مطلعها:

أهاج قلبي بارق على أضم

ألم في جنح من الليل ادلهم

وقد أثبت في مؤلفي سوانح الافكار في منتخب الاشعار، الجزء الثالث صفحة 73 قصيدته التي يرثي بها الامام الحسينعليه‌السلام ، ومنها:

قلبي تصدع من وجد ومن ألم

ومهجتي لم تزل مشبوبة الضرم

وها فؤادي بعد الظاعنين وها

انسان عيني بعد البين لم ينم

كم لي وقد صوت الحادي بركبهم

مدامع قد جرت ممزوجة بدم

يا راكبا حرة هيماء قد طبعت

على المسير وقطع البيد والاكم

تشق قلب الفيافي في مناسمها

فلا تكاد ترى من خفة القدم

عج بالمدينة واندب اسد غابتها

من طبق الكون في باس وفي كرم

والضاربين بيوت العز فوق ذرى

العلياء مثبتة الاطناب والدعم

هبو بني مضر الحمراء وانبعثوا

كالاسد تحت شبا الهندية الخذم

لا صبر حتى تقودوا الخيل مسرجة

جردا عليها من الفرسان كل كمي

لا صبر حتى تهزوا السمر مشرعة

من كل أسمر في اللبات منحطم

فما لكم قد قعدتم والحسين لقى

في كربلا قد قضى صادي الفؤاد ظمي

ورأسه فوق رأس الرمح مرتفع

كالبدر اشرق في داج من الظلم

ما بال هاشم قد قرت ونسوتها

بين العدى لم تجد من كافل وحمي

تغض طرفا وقدما كنت أعهدها

على المذلة لم تهجع ولم تنم

وفي آخرها خطاب للامام الحسينعليه‌السلام :

ان تمس منعفرا فوق الصعيد لقى

دامي الوريد برغم المجد والكرم

فقد قتلت نقي الثوب من دنس

مهذبا من مسيس العار والوصم

والخطيب قسام يستحق أن يكتب عنه أكثر من هذا لان هناك جوانب من حياته مليئة بالعبقرية وما ظنك بخطيب جال أكثر المدن وملأها يقظة وكمالا، ولد سنة 1299 بالنجف الاشرف في اسرة شريفة معروفة في الاوساط ولاشتهاره بالخطابة فقد حبب الى ابني

٦٤

اخيه الشيخ جعفر والشيخ جواد ان يسلكا مسلكه فكانا خطيبين ناجحين مرموقين. عاش الخطيب قسام 74 عاما فقد وافاه الاجل ببغداد في المستشفى الملكي ليلة الجمعة 24 جمادي الاولى 1373هـ 29 كانون الثاني 1954 م وكان يوم مجيء جثمانه للنجف من الايام المشهودة فقد اقيمت على روحه عدة فواتح كما تبارى الخطباء والشعراء يوم أربعينه في مسجد الهندي بالنجف وكنت ممن شارك بقصيدة مطلعها:

سند الشريعة في جميع الاعصر

هذي الروائع من خطيب المنبر

ذاك الذي يمسي ويصبح ناشرا

علم الجهاد كقائد في عسكر

أمعلم الاجيال تنثر جوهرا

فكأن صدرك معدن من جوهر

يا منبر الاسلام دمت متوجا

بالانجبين وكل ليث قسور

يا منبر الاسلام دمت منورا

طول الزمان بكل عقل انور

يا منبر الاسلام دمت مضمخا

بالرائعات من الفم المتعطر

ومجالس هي كالمدارس روعة

أم لكل مهذب متنور

المنبر العالي حكيم مبصر

يصف الدواء بحكمة المتبصر

يا فارس الميدان عز علي أن

تهوي وحولك سابغات الضمر

يا من اذا أرسلت لفظك لؤلؤا

جرت العيون بلؤلؤ متحدر

أو قمت في أعلى المنابر خاطبا

فكأن قولك ريشة لمصور

والقصيدة بكاملها نشرتها مجلة العرفان اللبنانية م 41 / 1164 وكانت رائعة الاستاذ حسن الجواهري - أمين مكتبة النجف يومذاك هي من أفخر الشعر ويحضرني مطلعها:

قالوا نعيت فقلت المنبر اضطربا

غاض البيان ومصباح الندي خبا

٦٥

الشيخ عبد الكريم العوامي

المتوفى 1373

هل المحرم فاستهلت ادمعي

وورى زناد الحزن بين الاضلع

مذ أبصرت عيني بزوغ هلاله

ملأ الشجا جسمي ففارق مضجعي

وتنغصت فيه علي مطاعمي

و مشاربي وازداد فيه توجعي

الله يا شهر المحرم ما جرى

فيه على آل الوصي الانزع

الله من شهر اطل على الورى

بمصائب شيبن حتى الرضع

شهر لقد فجع النبي محمد

فيه واي موحد لم يفجع

شهر به نزل الحسين بكربلا

في خير صحب كالبدور اللمع

فتلألات تلك الربوع بنوره

و علت على هام السماك الارفع

هو أحد الفضلاء وعلماء المنطق والبيان يتحلى بالنباهة والفقاهة، ولد سنة 1319 وتوفي سنة 1373 ودفن بكربلاء المقدسة وكانت دراسته في النجف الاشرف اكثرها عند المصلح الشيخ محمد حسين كاشف الغطاءرحمه‌الله ، ومن آثاره وتآليفه كتاب (الدر النضيد في رد مستنكر مأتم الامام الشهيد) وديوان شعره الذي اسماه ب‍ (سبحات القدس) و (تعليقة على الكفاية) للسيد الخونساري. ترجم له الخطيب الاديب صديقنا الشيخ سعيد آل ابي المكارم في مؤلفه (اعلام العوامية في القطيف) وذكر جملة من القصائد التي قيلت في تأبينه كما ذكر عدة قصائد من شعره في الامام الحسينعليه‌السلام جزاه الله خير الجزاء.

٦٦

محمد هاشم عطية

المتوفى 1372

سما فوق النجم محتده الاسمى

وحير في آثاره النظم والنثرا

وأرمد أجفان العلا من طلابه

معاقد مجد توهن العزم والحزما

وجارته هوج الريح تبغيه ضلة

فما أدركت شأوا ولا بلغت مرمى

حسين ومن مثل الحسين وانه

لمن نبعة الوحي المقدس اذ يسمى

أبوه علي نافح الشرك قبله

ورد على أعقابه الجور والظلما

بناها فأعلى والسوابق ترتمي

بابطال بدر دونها تعلك اللجما

وصبحها هيجاء من حيث شمرت

فانسى الجبان الحرب والبطل القدما

فصار له ذاك الفخار الذي به

علت شوكة الاسلام دون الورى قدما

ولم يخش يوم الغار ان أرصدوا له

على الحتف سيفا او يرشوا له سهما

فقام وفي برديه أنوار غرة

يكاد لدى اشراقها يبصر الاعمى

فلما رأوه عاينوا الموت جاثما

فطاروا شعاعا لم يجد لهم عزما

وقالوا: علي سله الله صارما

ليوسع دار الكفر من بأسه هدماً

علي بناه الله اكرم ما بنى

وعلمه من فضله العلم والحلما

حوى بالحسين الحمد والمجد والندى

ونور الهدى والبأس والجسد الضخما

ولكن قوما تبر الله سعيهم

أرادوا به حربا وكان لهم سلما

فاخفوا دبيب الكيد عنه وجردوا

كتائب تستسقي الدماء اذا تظمى

فلما رأى أن لا مقام وانها

لنفس الابي الحر لا تحمل الضيما

تيمم من ارض الفراتين مزجيا

قلائص لم يعرفن في دوها وسما

عليهن من آل الرسول عصابة

تدانى عليها من يمانية رقما

كواكب حول ابن البتول اذا اعتزوا

توسمته من بينهم قمرا تما

٦٧

ومن مثله في الناس أكرم والد

ومن هي كالزهراء فاطمة اما

مشى ركبه لو تعلم البيد أنه

الحسين لعلت من مواطئه لثما

كما مسحت ركن الحطيم يد ابنه

فكاد اشتياقا يمسك الراحة العظمى

فالقى على الطف الرحال ومادرى

بأن القضاء الحتم في سبطه حما

فيا بؤس يوم الطف لم يبق مشرق

ولا مغرب لم يسقه الحزن والهما

ولا بقعة الا مضرجة دما

ولا قلب الا وهو منفطر يدمى

ومال الضحى بالشمس فيه وبدلت

من النور في الافاق أرديه سحما

لمستشهد في كربلاء زهت به

مفاخر عدنان لخير الورى ينمى

لافضل من لبى وأكرم من سعى

وأطهر من ضم الحجيج ومن أما

فشلت يمين أيتمت من بناته

عقائل لم يعرفن من قبله اليتما

من الخفرات البيض ماذقن ساعة

هوانا ولا بؤسا رأين ولا عدما

رأتها الفيافي سادرات ومارعوا

لهن ذماما لا ولا عرفوا رحما

عتاقا على الاقتاب يخمشن أوجها

ملوحة تشكو بأعينها السقما

وفيهن مرنان النحيب تولهت

فأنحت بكفيها على خدها لطما

اذا رجعت منها الحنين تقطعت

نياط وهزت من قواعدها الشما

ومن يك مثلي بالحسين متيما

فلا عجب أن يحرز النصر والغنما

مناط مثوبات ومهبط حكمة

وكنز تقى تمت به وله النعمى

محمد هاشم عطية استاذ بارع وأديب كبير له شهرته في مصر والعراق والعالم العربي فهو أستاذ الادب العربي بجامعة فؤاد الاول بالقاهرة، وهو استاذ الادب العربي بدار المعلمين العالية في بغداد يعجبك أسلوبه وأدبه ظهر ذلك في مواقف له منها رائعته التي نشرتها مجلة الاعتدال النجفية عنوانها: النجف الاغر وهذه هي:

أمن بغداد أزمعت الركابا

وخليت المنازل والصحابا

وأنت بغيدها كلف تمنى

لو أنك قد لبست بها الشبابا

وانك كنت لا تقني حياء

ولا تخشى على فند عتابا

لخود قد زهاها الحسن حتى

خلعن له من الدل النقابا

يرحن موائسا ويفحن عطرا

وما ضمخن من عطر ثيابا

٦٨

يساقطن الحديث كأن سلكا

نثرن به لآلئه الرطابا

وانك اذ ترجيها لوعد

لكا الضمأن اذ يرجوالسرابا

وان لبست عبائتها وأرخت

مآزرها وآثرت الحجابا

ارتك اذا انثنت للحين كفا

تزين من أناملها الخضابا

وجيدا حاليا ورضاب ثغر

تذم لطعمه الشهد المذابا

تسائلني وانت بها عليم

كأنك لست معمودا مصابا

أجدك هل سألت بها حفيا

فصدق عن دخيلتها الجوابا

وهل أخفيت شجوك عن مليم

تهانف حينما شهدت وغابا

وهل ارسلت من زفرات قلب

تعلقها على مقة(1) وتابا

وأقصر عنه باطله وماذا

يرجي المرء ان قوداه شابا

وليس له على الستين عذر

اذا قالوا تغازل أو تصابى

فعد عن الصبا والغيد واطلب

الى الاشياخ في النجف الرغابا

ففي النجف الاغر أروم صدق

حلا صفو الزمان بها وطابا

عشقت لهم - ولم أرهم - خلالا

تر الاحساب والكرم اللبابا

متى ماتأث منتجعا حماهم

تربعت الاباطح والهضابا

لقيت لديهم أهلى وساغت

الى قلبي موتهم شرابا

وهل انا ان أكن أنمى لمصر

لغير نجارهم أرضى انتسابا

عجبت لمادح لهم بشعر

ولا يخشى لقائلهم معابا

وان ينظم وليدهم قريضا

أراك السحر والعجب العجابا

غرائب منهم يطلعن نجدا

ويزحمن الكواكب والسحابا

أولئك هم حماة الضاد تعزى

عروقهم لاكرمها نصابا

واوفاها اذا حلفت بعهد

واطولها اذا انتسبت رقابا

وكيف وفيهم مثوى علي

بنوا من فوق مرقده قبابا

وقدما كان للبطحاء شيخا

وكان لقبة الاسلام بابا

نجي رسالة وخدين وحي

اذا ضلت حلومهم أصابا

وماكأبي الحسين شهاب حرب

اذا الاستار ابرزت الكعابا

وليس كمثله ان شئت هديا

ولا ان شئت في الاخرى ثوابا

ولا كبنيه للدنيا حليا

ومرحمة اذا الحدثان نابا

متى تحلل بساحتهم تجدها

فسيحات جوانبها رحابا

وان شيمت بوادقهم لغيث

تحدر من سحائبه وصابا

__________________

1 - المقة: الحب.

٦٩

هم خير الائمة من قريش

واذكاهم وأطهرهم اهابا

حباهم ربهم حلما وعلما

ونزل في مديحهم الكتابا

وحببهم الى الثقلين طرا

وزادتهم لسدته اقترابا

فمن يك سائلا عنهم فاني

أنبئه اذا احتكم الصوابا

فلن تلقى لهم ابدا ضريبا

اذا الداعي لمكرمة أهابا

مصابيح على الافواه تتلى

مدائحهم مرتلة عذابا

وما دعي الاله بهم لامر

تعذر نيله الا استجابا

نشرت مجلة البيان النجفية في سنتها الاولى صفحة 521 تحت عنوان: الاستاذ هاشم عطية في النجف. وقال زار سعادة الاستاذ الكبير هاشم عطية الاديب الكبير والاديب المصري المشهور وأستاذ الادب العربي بدار المعلمين العالية ببغداد وزار جمعية الرابطة الادبية وقوبل بالترحاب والتقدير وحفاوة بالغة وكانت زيارته مساء 4 / 4 / 1947 وقد دعت الجميعة طبقات الادباء والشعراء والشباب المثقف وكان مع المحتفى به الاستاذ حسين بستانة فحياه من أعضاء الرابطة الاستاذ صالح الجعفري بكلمة والعلامة الشيخ علي الصغير بقصيدة والشاعر عبد الرسول الجشي بقصيدة والشاعر الرفيق السيد محمودالحبوبي سكرتير الجمعية بقصيدة ثم تقدم المحتفى به الاستاذ هاشم عطية فألقى قصيدة عنوانها: تحية النجف وكانت من الشعر العالي. ولا عجب فالشاعر عطية أديب كبير وشاعر فحل وعالم فذ، وأعقبه الشاعر هادي الخفاجي بقصيدة جارى بها قصيدة المحتفى به وزنا وقافية وفكرة فكانت مفاجئة بديعة سارة، وفي صباح اليوم الثاني زار الاستاذ عطية مرقد الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وانجذب كثيرا لتلك الروحانية.

توفي بتاريخ 13 / 10 / 1953 ترجم له الاستاذ يوسف اسعد داغر في كتابه (مصادر الدراسة الادبية في البلاد العربية) المطبوع ببيروت سنة 1972.

٧٠

الشيخ قاسم المُلا

المتوفى 1374 ه‍

هل العيش بالدهناء يا مي راجع

وهل بقيت للشوق فيك مطامع

ربوع عفت من ساكنيها فأصبحت

برغم أهيل الحي وهي بلاقع

وقفت بها والقلب يقطر عندما

من الجفن اذ عزت عليه المدامع

اسائلها والوجد يذكي أواره

وقد حنيت مني عليه الاضالع

عراص الغضا أقوت ربوعك بعدما

بهن لارباب الغرام المجامع

كأن لم يجدك الغيث بعدي بدره

ولا روضت منك الربى والاجارع

ولا رفرف النسم الشمالي موهنا

ولا أو مضت فيك البروق اللوامع

ولا خطرت فيك الظباء سوانحا

وغنت على البانات منك السواجع

ولآئمة قد صارعتني بلومها

غداة رأتني للهموم أصارع

وقالت أتبكي أرسما بان أهلها

وطوح فيها السير والسير شاسع

اميم فما أبكي لحي ترحلوا

ولا أنا للدارات والجزع جازع

ولكن بكائي للحسين ورهطه

ومن لهم بالطف جلت مصارع

بيوم به هبت الى الضرب غلمة

عزائمهم والماضيات قواطع

بكل فتى ما بارح الطعن رمحه

ولا بارحت منه النزال الوقايع

* * *

اذا ما دعاه صارخ بعد هجعة

فقبل انقطاع الصوت منه يسارع

تغذى بثدي الحرب إذ هي امه

وكلهم من ذلك الثدي راضع

يروعون اما اقدموا في نزالهم

وما راعهم في حومة الموت رائع

كأن الردينيات بين اكفهم

صلال ذعاف الموت فيهن ناقع

لقد رفعت من عثير النقع خيلهم

سماء بها نجم الاسنة طالع

٧١

الى أن هووا صرعى وما لغليلهم

بهاجرة الرمضا سوى الدم ناقع

فعاد ابن طه لم يجد من مدافع

فديتك يا من بان عنك المدافع

فأيقضت الاعداء منه ابن نجدة

على الضيم منه الطرف ما قط هاجع

تراه الاعادي دارعا في مضافة

ولكنه بالصبر في الروع دارع

اذا رن طبل الحرب غنى حسامه

قفا نبك من رقص الطلى يا قواطع

وان أظلم الميدان من نقع طرفه

فأحسابه والماضيات نواصع

وان غيمت يوما سحائب عزمه

بماء الطلى تنهل فهي هوامع

الى أن هوى فوق الثرى وجبينه

بلألائه للشمس والبدر صادع

وغودر في عفر الرغام رمية

ورضت بقب الخيل منه الاضالع

فضجت له السبع الطباق وأعولت

وعجت على الآفاق سود زعازع

يعلى على الخطي جهرا كريمه

فيبصر بدر منه في الافق طالع

عجبت له رأسا بأبرجة القنا

ترائى خطيبا فهو بالذكر صادع

وعادت نساه للمغاوير مغنما

تجاذب ابراد لها وبراقع

يعز على الندب الغيور سباؤها

يجاب بها فج الفلا والاجارع

وهاك استمع ما يعقب القلب لوعة

وتسكب فيه للعيون المدامع

يفاوضها شتما يزيد بمجلس

وما هي الا للنبي ودائع

ويوضع راس السبط تحت سريره

فيا شل اذ يغدو له وهو قارع

بني الوحي لا أحصي جميل ثنائكم

وقد خرست فيه الرجال والمصاقع

عليكم سلام الله ما بعزاكم

من العين تهمي فيه سحب هوامع

الشيخ قاسم من خطباء الحلة ناظما وناثرا وخطيبا محققا له شهرته الخطابية، واذكر أني راسلته مرة مستوضحا منه عن قائل القصيدة الهائية التي تنسب لاحد أشراف مكة فأجابني بأنها تنسب لاكثر من واحد منهم ولا شك أنها لهم ومنهم خرجت. ولد سنة 1290 ه‍ وقد تقدمت ترجمة والده المرحوم الشيخ محمد الملا وقد سار هذا الولد على ضوء الوالد وتأدب على يده ومنه تلقى فن الخطابة ورواية الشعر، ويقول اليعقوبي في البابليات: وكان جل تحصيله الادبي من الشاعر المجيد الحاج حسن القيم فكان يعرض عليه كثيرا من قصائده ورأيت في هذه السنة وهي سنة 1398 ه‍ وأنا في الحلة في منزل ولد المترجم له، الملا عبد الوهاب ابن الشيخ قاسم الملا أقول رأيت من آثاره الادبية والشعرية مخطوطات كثيرة

٧٢

تدل على أدب واسع وتضلع في الاخبار والعقائد والمناظرات كما حدثني ابن اخته السيد حبيب الاعرجي - احد خطباء النجف - بكثير من روائعه ومواقفه الخطابية.

عاش 84 سنة حيث ودع الحياة ليلة الاربعاء رابع ربيع الثاني 1374 ه‍ وحمل الى النجف بموكب من الحليين ودفن بوادي السلام واقيمت له الفواتح ورثي بكثير من القصائد، وقد استعرت ديوانه من الاخ البحاثة السيد جودت القزويني وتصفحته ونقلت عنه بعض ما اردت اذ أن الديوان يضم كثيرا من الشعر وهو وثيقة تأريخية مفيدة والجدير بالذكر أن أكثر ما في الديوان هو في الاسرة القزوينية المشهورة بعلمها وأدبها وشرفها في الحلة الفيحاء.

ومن شعره في علي الاكبر بن الحسين شهيد الطف:

وحق الهوى العذري لست ارى عذرا

لصب يواتي بعد بعدكم الصبرا

ولست أرى يحلو لعيني منامها

وما عاشق من لم تكن عينه سهرى

يقولون لي بالعرف صابر هواهم

واني أرى صبري بشرع الهوى نكرا

أجيرتنا بالجزع جار غرامكم

وجرعتموني يوم ودعتم مرا

سلوا الليل عني هل أذوق رقاده

وهل انا قد سامرت الا به الزهرا

ولم يشجني ركب أجد مسيره

كركب حسين حين جد به المسرى

سروا عن مغاني طيبة وحدت بهم

نجائب تطوي في مناسمها القفرا

الى ان اناخوا بالطفوف قلاصهم

وحادي نواهم بعد شقشقة قرا

فما عشقوا فيها سوى البيض رونقا

ولا سامروا الا المثقفة السمرا

فواثكل خيرالرسل اكرم فتية

بهم عرقت للفخر فاطمة الزهرا

فيا راكب الوجناء تسبق طرفه

اذا ما فلت اخفافها السهل والوعرا

تجوب الفيافي لا تمل من السرى

اذا غرد الحادي وحنت الى المسرى

أقم صدرها ان جئت اكناف طيبة

ومن طيبها تستنشق الند والعطرا

هنالك فاخضع واخلع النعل والتثم

ثراها وقل والعين باكية عبرى

اليك رسول الله جئت معزيا

بقاصمة للدين قد قصمت ظهرا

شبيهك في الاخلاق والخلق أودعت

محاسنه في كربلا بثرى الغبرا

ذوى غصنه من بعدما كان يانعا

وبالرغم ريح الحتف تقصمه قسرا

فيا ليل طل حزنا فليلى بنوحها

وأجفانها ان جنها ليلها سهرى

٧٣

تعط الحشا لا البرد حزنا على ابنها

وأدمت اديم الخد من خدشها الظفرا

فما أم خشف أدركته على ظما

وخوف حبالات نأت في الفلا ذعرا

بأوجد منها حين للسبط عاينت

ومنه صقيل الوجه حزنا قد اصفرا

أعيدي دعاء الام يا ليل انني

أرى ابنك في اعداه يغتنم النصرا

فأرخت على الوجه المصون اثيثها

وطرف أبيه السبط من طرفها أجرى

ولم أنسه لما عليه قد انحنى

واحشاؤه حزنا مسعرة حرى

ينادي على الدنيا العفا ونداؤه

عليه عظيم شجوه يصدع الصخرا

بني جرحت القلب مني فلم أجد

لجرحك طول الدهر غورا ولا سبرا

بني تركت العين غرقى بدمعها

وجذوة قلبي حرها يضرم الجمرا

اذا رمت أن اسلو مصابك برهة

تهيجني فيه الكئابة بالذكرى

ومن شعره في أهل البيت يذكر مصائبهم:

أغار الاسى بين الضلوع وأنجدا

فصوب طرفي الدمع حزنا وصعدا

ولي كبد رفت لفقد احبتي

غداة نأوا والعيس طار بها الحدا

وقد كنت رغد العيش في قرب دارهم

فمذ بعدوا عني غدا العيش أنكدا

اسرح طرفي في ملاعب حورهم

فلم أر لا خودا هناك وخردا

وما كان يعشو الطرف قبل فراقهم

لانهم كانوا لطرفيه اثمدا

وبالتلعات الحمر من بطن حاجر

غرام أقام القلب مني وأقعدا

ظللت أنادي والركائب طوحت

بصبري وماري الندا بسوى الصدى

أأحبابنا هل أوبة لاجتماعنا

أم الشمل بعد الظاعنين تبددا

ولم يشجني ربع خلا مثل ماشجى

فؤادي ربع قد خلا من بني الهدى

نوى العترة الهادين أضرم مهجتي

وبين حنايا أضلعي قد توقدا

خلت منهم تلك العراص فأقفرت

وقد عصفت فيهن عاصفة الردى

وكانوا مصابيحا لخابطة الدجى

اذا قطعت في الليل فجا وفدفدا

تنير به أحسابهم ووجوههم

فبعدهم ياليت أطبق سرمدا

ونار قراهم قد رآها كليمه

فعاد بها في أهله واجدا هدى

وسحب أياديهم يسح ركامها

ومنهلهم للوفد قد ساغ موردا

قضوا بين من أرداه سيف ابن ملجم

فأبكى أسى عين البتول واحمدا

ومابين من أحشاه بالسم قطعت

وقد نقضوا منه عهودا وموعدا

وصدوه عن دفن بتربة جده

وأدنوا اليه من له كان أبعدا

٧٤

ولم تخب نيران الضغائن منهم

ولا قلب رجس من لظى الغيظ ابردا

الى أن تقاضوا من حسين ديونهم

فروت دماه المشرفي المهندا

أتته بجند ليس يحصى عديده

ولكنه من يوم بدر تجندا

وساموه ذلا أن يسالم طائعا

يزيد وأن يعطي لبيعته يدا

فهيهات ان يستسلم الليث ضارعا

ويسلس منه لابن ميسون مقودا

فجرد بأسا من حسام كانما

بشفرته الموت الزؤام تجردا

اذا ركع الهندي يوما بكفه

تخر له الهامات للارض سجدا

وأعظم ما أدمى مآقيه فقده

أخاه ابا الفضل الذي عز مفقدا

رآه وبيض الهند وزع جسمه

وكفيه ثاو في الرغام مجردا

فنادى كسرت الآن ظهري فلم اطق

نهوضا وجيش الصبر عاد مبددا

وعاد الى حرب الطغاة مبادرا

عديم نصير فاقد الصحب مفردا

ومازال يردي الشوس في حملاته

الى أن رمي بالقلب قلبي له الفدا

فمال على الرمضا لهيف جوانح

بعينيه يرنو النهر يطفح مزبدا

مصاب له طاشت عقول ذوي الحجى

اذا ما تعفى كل رزء تجددا

وما بعده الا مصاب ابي الرضا

كسا الدين حزنا سرمديا مخلدا

أتهدأ عين الدين بعد ابن جعفر

وقد مات مظلوما غريبا مشردا

فعن رشده تاه الرشيد غواية

وفارق نهج الحق بغيا وأبعدا

سعى بابن خير الرسل يا خاب سعيه

فغادره رهن الحبوس مصفدا

ودس له سما فأورى فؤاده

فكل فؤاد منه حزنا توقدا

وهاك استمع ما يعقب القلب لوعة

وينضحه دمعا على الخد خددا

غداة المنادي اعلن الشتم شامتا

على النعش يا للناس ما أفضع الندا

أيحمل موسى والحديد برجله

كما حمل السجاد عان مقيدا

وللشيخ جاسم الملة خطيب الفيحاء يهنئ الشيخ شمعون في عرسه ويهنئ به السيد ابراهيم السيد محمدرحمه‌الله .

اسفرت تخجل ضوء القمر

بنت حسن بين أقمار الكلل

طاف قلبي في هواها وسعى

حين الفاه طريقا مهيعا

ولها لبى فؤادي مسرعا

فأظلته بليل الشعر

فاهتدى التشبيب فيها والغزل

٧٥

نشأت بين سجوف وستور

ونمت انسية في زي حور

أكؤس السحر بعينيها تدور

فحبتني من لماها المسكر

قرقفا صرفا بعل ونهل

ان رنت في لحظها قلت الحسام

أوبدت قلت هي البدر التمام

اسقمتني فعلى جسمي السلام

ورمت عيني بداء مسهر

اي وما في الرأس شيبي اشتعل

يا خليلي انشرا ذكر الدمى

واطويا عني تذكار الحمى

وارحما صبا بليلى مغرما

ودعاني اليوم اقضي وطري

ولام العاذل اليوم الهبل

اقول ويستمر في التشبيب والغزل الى أن يقول:

همت في ذكر المعالي شغفا

وزلال الوصل لي منها صفا

حيث في عرس ابن حمون الصفا

تنثني العليا كغصن نضر

قد كساها حسنها أبهى الحلل

نال بالتقوى وبالزهد المرام

واليه العلم قد القى الزمام

فارتقى من غارب المجد السنام

وزكا فيه زكي العنصر

وسما فيه الى اسمى محل

منطق التصريح فيه أعلنا

حيث قد كان اللبيب الفطنا

قمع الغي وأحيا السننا

وبه جاء صحيح الخبر

انه في العلم فرد والعمل

وقال وقد اهدى نبقا الى أحد اخوانه:

مكارمك البيض التي لا أطيقها

بعد وقد جازت بك الغرب والشرقا

فأهديت نبقا نحوكم متفائلا

به اننا في لطفكم ابدا نبقى

٧٦

رثاؤه للامام الحسين في مطلع قصيدة حسينية:

أهاجك برق كاظمة لموعا

فزدت به على شغف ولوعا

وقال في مطلع هلال محرم الحرام قصيدة مطلعها:

غب يا هلال محرم بحداد

حزنا على آل النبي الهادي

وأخرى في الامام الحسن الزكي السبط الاكبر وأولها:

هجرت الكرى ولذيذ الوسن

لما ناب سبط النبي الحسن

وله رائعة في عقيلة الوحي زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين أولها:

تجنى علي الحب وهو محبب

وأمرضني وهو الطبيب المجرب

ومنها في تعيين قبرها في ضيعة (راوية) بالشام:

لمرقدها بالشام تروي ثقاتها

وقيل بمصر، ان هذا لاعجب

لمرقدها بالشام دلت خوارق

بها ينجلي من ظلمة الشك غيهب

وفي آخرها:

واني ارجو أن أزورك قاصدا

فمنك ومن آبائك الخير يطلب

عليكم سلام الله ما دام ذكركم

أفوه به بين الانام واخطب

للشيخ قاسم الملا لما زار مرقد الامام الحسينعليه‌السلام في العشرين من صفر سنة 1311.

زرت ابن خير الورى جميعا

والنفس قد ادركت مناها

شممت روح الجنان لما

شممت ريحانة ابن طاها

٧٧

الحاج عبد الحسين الازري

المتوفى 1374

رسول الاباء.

عش في زمانك ما استطعت نبيلا

واترك حديثك للرواة جميلا

ولعزك استرخص حياتك انه

أغلى والا غادرتك ذليلا

شأن التي أخلفت فيك ظنونها

فجفتك واتخذت سواك خليلا

تعطي الحياة قيادها لك كلما

صيرتها للمكرمات ذلولا

كالخيل ان عرفتك من فرسانها

جعلتك تعتقد اللجام فضولا

العز مقياس الحياة وضل من

قد عد مقياس الحياة الطولا

قل: كيف عاش، ولا تقل كم عاش

من جعل الحياة الى علاه سبيلا

لا غرو ان طوت المنية ماجدا

كثرت محاسنه وعاش قليلا

* * *

ما كان للاحرار الا قدوة

بطل توسد في الطفوف قتيلا

بعثته اسفار الحقائق آية

لا تقبل التفسير والتأويلا

لا زال يقرؤها الزمان معظما

من شأنها ويزيدها ترتيلا

يدوي صداها في المسامع زاجرا

من عل ضيما واستكان خمولا

٧٨

أفديك معتصما بسيفك لم تجد

الاه في حفظ الذماركفيلا

خشيت أمية أن تزعزع عرشها

والعرش لولاك استقام طويلا

بثوا دعايتهم لحربك وافترى

المستأجرون بما ادعوا تضليلا

من أين تأمن منك ارؤس معشر

حسبتك سيفا فوقها مسلولا

طبعتك اهداف النبي وذربت

يدها شباتك وانتضتك صقيلا

فاذا خطبت رأوك عنه معبرا

واذا انتميت رأوك منه سليلا

أو قمت عن بيت النبوة معربا

وجدوا به لك منشأ ومقيلا

قطعوا الطريق - لذا عليك - والبوا

من كل فج عصبة وقبيلا

وهناك آل الامر اما سلة

أو ذلة فأبيت الا الاولى

ومشيت مشية مطمئن حينما

أزمعت عن هذي الحياة رحيلا

تستقبل البيض الصفاح كأنها

وفد يؤمل من نداك منيلا

فكأن موقفك الابي رسالة

وبها كأنك قد بعثت رسولا

نهج الاباة على هداك ولم تزل

لهم مثالا في الحياة نبيلا

وتعشق الاحرار سنتك التي

لم تبق عذرا للشجا مقبولا

* * *

قتلوك للدنيا ولكن لم تدم

لبني أمية بعد قتلك جيلا

ولرب نصر عاد شر هزيمة

تركت بيوت الظالمين طلولا

حملت (بصفين) الكتاب رماحهم

ليكون رأسك بعده محمولا

يدعون باسم (محمد) وبكربلا

دمه غدا بسيوفهم مطلولا

لو لم تبت لنصالهم نهبا لما

اجترأ (الوليد) فمزق التنزيلا

تمضي الدهور ولا ترى الاك في

الدنيا شهيد المكرمات جليلا

وكفاك تعظيما لشأوك موقف

أمسى عليك مدى الحياة دليلا

ما أبخس الدنيا اذا لم تستطع

أن توجد الدنيا اليك مثيلا

بسمائك الشعراء مهما حلقوا

لم يبلغوا من ألف ميل ميلا

الحاج عبد الحسين الازري(1) من شعراء العراق اللامعين حر

__________________

1 - لقب الشاعر بالازري من جهة اخواله الذين منهم الملا كاظم الازري المتوفى 1212.

٧٩

التفكير والعقيدة ومن اوائل دعاة التحرير وقد أصدر في العهد العثماني جريدة ببغداد كانت من اوائل الجرائد ان لم تكن أول جريدة طالبت بحقوق العرب وحريتهم وقد نفاه الاتراك وحبس في الانضول ولم يكن يعرف له هذه الشاعرية الفياضة الا القليل حتى ظهر لاول مرة بسوق عكاظ ببغداد، وكان من المجلين في تلك الحلبة، ثم اشتهر بعد ذلك كشاعر متحرر سلس العبارة محكم القافية، ولشعره طابع خاص قل الذين يجارونه فيه عذوبة، ومن رباعياته التي يرددها الناس في معرض الامثال قوله:

عبث الختل بالطباع وكانت

كنبات ثماره الاخلاق

صاح لولا النفاق لم يعش النا

س ولولاهم لمات النفاق

وله ديوان شعر يصور فيه أفكار جيل كامل بكل نزعاته تصويرا غاية في البراعة ولكن ليس من هم بطبع هذا الديوان مع وجود المبلغ الذي رصده له المرحوم نفسه مما خلف من الميراث.

وترجم له البحاثة الطهراني في نقباء البشر وقال: كان يتقن اللغة التركية والفارسية مضافا الى الفرنسية وقرض الشعر وهو دون الخامسة عشرة فأجاد وأبدع على صغر سنه وتعاطى التجارة واشتغل بالسياسة وجال في عالم الصحافة.

أصدر جريدة الروضة في سنة 1327 وكانت أدبية سياسية برز عددها الاول في 22 حزيران 1909 وعطلتها الحكومة بعد مرور اقل من سنة فأصدر في سنة 1328 جريدة (مصباح الشرق) وكانت سياسية ظهر العدد الاول منها في الأول من آب 1910 واستمرت تصدر بانتظام سنة كاملة ثم عطلتها الحكومة. وكان يدير ادارة مجلة (العلم) التي أصدرها العلامة السيد هبة الدين الشهرستاني في 1328 = 1910 عندما أصدرها اول الامر في بغداد، ثم اصدر جريدة المصباح في سنة 1329 وكان سياسية، وقد ظهر العدد الاول منها في سابع آذار سنة 1911 ثم اصدر جريدة (المصباح الاغر) وبرز

٨٠