ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام0%

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام مؤلف:
المحقق: محمد جعفر الطبسي
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 303

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام

مؤلف: الشيخ محمد السماوي
المحقق: محمد جعفر الطبسي
تصنيف:

الصفحات: 303
المشاهدات: 119282
تحميل: 5448

توضيحات:

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 303 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 119282 / تحميل: 5448
الحجم الحجم الحجم
ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام

ابصار العين في انصار الحسين عليه السلام

مؤلف:
العربية

١
٢

٣
٤

٥
٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

مقدّمة مركز الدراسات الإسلاميّة

التابع لممثليّة الوليّ الفقيه في حرس الثورة الإسلاميّة

الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحا لذكره ودليلا على نعمه وآلائه

والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين

وبعد : فإنّ أهمّ حدث شهده العالم الإسلامي خاصّة والعالم عامّة في نهاية القرن الرابع عشر من الهجرة النبويّة الشريفة هو حدث انتصار ثورة إسلاميّة في منطقة قلب العالم الإسلامي ، بقيادة الرجل الفذّ الإمام الراحل روح الله الموسوي الخمينيقدس‌سره ، وإقامة الجمهوريّة الإسلاميّة في إقليم إيران.

وبعد نجاح هذه الثورة المباركة كان المسلمون خاصّة ومستضعفو العالم عامّة ، الساعون إلى تغيير أوضاعهم السياسيّة والاجتماعيّة ، وتحرير بلدانهم من كلّ هيمنة استبداديّة واستعماريّة ، قد اتخذوا هذه الثورة نبراسا وأسوة في الجهاد والنضال للتحرّر من سيطرة الاستعمار وهيمنته الفكريّة والسياسيّة والاقتصاديّة على بلادهم.

ولقد شهد العالم الإسلامي خاصّة والعالم عامّة في حركة الأحداث خلال العقد الأوّل من عمر هذه الثورة متغيّرات وتحوّلات كثيرة وكبيرة على الأصعدة السياسيّة والفكريّة ، كان أثر هذه الثورة الإسلاميّة أساسيّا وواضحا في كثير منها.

وكان لشخصيّة الإمام الخمينيقدس‌سره المتكاملة في جميع أبعادها الأثر الكبير في كلّ ما جرى ، وفي التغيير الفكري والروحي والعملي الذي صبغ النفوس والأشياء

٧

والأحداث بالصبغة الإسلاميّة الناصعة.

ولقد حدّدقدس‌سره هدف هذه الثورة وهو الجهاد لتطبيق الإسلام المحمّدي الخالص ، وحدّد طريقتها على هدي النهج الحسيني في الثورة لإزالة الفساد والظلم ، وإقامة العدل ، ونشر الصلاح ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..

ولقد دعاقدس‌سره إلى ضرورة أن تتواصل هذه الثورة على جميع الأصعدة وفي كلّ الأبعاد ، خصوصا في البعد الثقافي الذي يجسّد هويّتها الفكريّة التي لا تقيّدها حدود جغرافيّة وموانع سياسيّة في الدعوة إلى الإسلام المحمّدي الخالص ، وفي مواجهة الغزو الثقافي الكافر الذي كانت ولم تزل رياحه تهبّ بقوّة وشراسة على عالمنا الإسلامي.

وبعد ارتحال الإمام الخمينيقدس‌سره واصل قائد الثورة الإسلاميّة آية الله السيّد علي الخامنه اي التأكيد على استمرار ومواصلة هذه الثورة في كلّ الأبعاد أيضا وفي بعدها الثقافي بشكل خاص ، وذلك لاشتداد قوّة الغزو الفكري والحضاري الكافر في وقت أحكمت وسائل الإعلام الكافر قبضتها على كلّ العالم بطريقة حديثة ومتفوّقة وشاملة ، الأمر الذي جعل مواجهة هذا الغزو الفكري الكافر عملا يحتاج إلى مستوى رفيع من المعرفة والتخطيط والفنّ ، من أجل إيصال الكلمة الإسلاميّة الهادية ، كلمة الفطرة الإنسانيّة ، إلى كلّ القلوب بأساليب متعدّدة ومحبّبة ومؤثرة ، حتّى تتوجّه هذه القلوب إلى دين الله بإقبال واعتقاد ، وتنصرف عن زخارف ضلال الشيطان عن معرفة وتدبّر.

* * *

وامتثالا لتوصيات القيادة الإسلاميّة الحكيمة كان « حرس الثورة الإسلاميّة » وليد الثورة الإسلاميّة الأغرّ قد أولى مواصلة الثورة الثقافية عناية فائقة وتركيزا خاصّا ، إيمانا بأنّ للكلمة والفكر والمعرفة دورا كبيرا في تثبيت وتوضيح أصول

٨

ومنطلقات الثورة الإسلاميّة ونشرها ، وفي الدعوة إلى الحقّ والخير والدفاع عنهما ، جنبا إلى جنب مع إعداد القوّة التي ترهب عدوّ الله وعدوّ المؤمنين.

فكان ولم يزل للمؤسسات الثقافيّة والعلميّة التابعة لحرس الثورة الإسلاميّة دور ظاهر في نشر الثقافة والتربية الإسلاميّة بين قوّات الحرس خاصّة وفي أوساط الأمّة عامّة.

وإيمانا من « حرس الثورة الإسلاميّة » بانتمائه الصميمي إلى نهج الإمام الحسينعليه‌السلام في الجهاد ومقارعة الفساد والظلم والكفر ، وشعورا منه بواجب أداء بعض ما للإمام الحسينعليه‌السلام من دين وفضل في أعناق أبناء حرس الثورة الإسلاميّة ، كانت قيادة هذا الحرس قد أقدمت بشكل خاص على تأسيس وحدة خاصّة أطلق عليها « مديريّة دراسات عاشوراء المستقلّة » في مركز الدراسات الإسلاميّة العائد لحرس الثورة الإسلاميّة.

وتهتم هذه المديريّة بنشر التراث الحسيني ، وترويج ثقافة عاشوراء ، وتقديم التحقيقات الجديدة فيما يرتبط بتأريخ الثورة الحسينيّة على جميع الأصعدة وفي مختلف الأبعاد ، وإحياء الآثار العلميّة والتأريخيّة والأدبيّة المرتبطة بتأريخ الإمام الحسينعليه‌السلام .

وعلى سبيل المثال لا الحصر ، فقد شرعت هذه المؤسسة بتدوين موسوعة ( دائرة معارف الإمام الحسينعليه‌السلام ) ، وتدوين دراسة تأريخيّة تحليليّة جديدة مفصّلة لفترة إمامة الإمام الحسينعليه‌السلام تحت عنوان ( الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة ) ، ونشر كتب ذات مناهج متنوّعة للتعريف بنهضة عاشوراء ، كمثل كتاب ( بلاغات عاشوراء ) ، وكتاب ( ممهّدات الثورة الحسينيّة ) ، وكتاب ( وقائع آثار عاشوراء ).

وفي إطار إحياء آثار المكتبة الحسينيّة ، تقدّم مديريّة دراسات عاشوراء بين يدي القارئ الكريم جهدا تحقيقيّا قيّما لكتاب نفيس من المكتبة الحسينيّة ، وهو

٩

كتاب ( إبصار العين في أنصار الحسين عليه وعليهم السلام ) للمرحوم المحقّق المتتبع الشيخ محمّد السماوي ، وقد قام بهذا الجهد التحقيقي سماحة المحقّق الشيخ محمّد جعفر الطبسي ، ذو الخبرة الطويلة في عالم التتبع والتحقيق ، ومن تحقيقاته : تحقيق كتاب ( منية الراغب في إيمان أبي طالب ) لوالده آية الله الشيخ محمّد رضا الطبسي النجفيرحمه‌الله ، وتحقيق كتاب ( المسالك ) للشهيد الثانيرحمه‌الله إلى كتاب المضاربة ، و ( معجم أحاديث الإمام المهديعليه‌السلام ) بالاشتراك مع مجموعة من المحقّقين.

ندعو الله تبارك وتعالى لمحققنا صاحب الفضيلة الشيخ محمّد جعفر الطبسي دوام الموفقيّة على طريق خدمة الدين الإسلامي الحنيف ، وخصوصا في مجال نشر وترويج الأهداف السامية لثورة الإمام الحسينعليه‌السلام .

مركز الدراسات الإسلاميّة لممثليّة

الولي الفقيه في حرس الثورة الإسلاميّة

١٠

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

مقدّمة التحقيق

الحمد لله ، والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريّته محمّد المصطفى وعلى آله المعصومين ، حجج الله على عباده ، سيّما بقيّة الله الأعظم روحي وأرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء.

أمّا بعد : فما ذا يمكن لأهل الثناء والتعظيم أن يقولوا في حقّ أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام ؟ وفي وصف منزلتهم وسمو شأنهم؟

وهل لغير معصوم ، قاصر ، أن يؤدّي في المدح والثناء والوصف حقّهم كما هم أهل له!؟

إنني أعترف بقصوري وعجزي ، ولا أجد مفرّا في لا بدّيّة الحديث عن رفعة مقامهم من أن ألجأ إلى نقل بعض ما ورد عن أهل بيت العصمةعليهم‌السلام في وصفهم والتعريف بمنزلتهم :

إنّهم على صعيد الصحبة أوفى وخير أصحاب منذ أن كانت الدنيا وإلى أن تنقضي ، هذه الحقيقة شعّ بها ثناء الإمام الحسينعليه‌السلام عليهم حين خطب فيهم قائلا : « أثني على الله أحسن الثناء ، وأحمده على السرّاء والضرّاء ، اللهمّ إنّي أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة ، وعلّمتنا القرآن ، وفقّهتنا في الدين ، فاجعلنا لك من الشاكرين.

١١

أمّا بعد : فإنّي لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله جميعا عنّي خيرا »(1) .

وأمّا على صعيد الشهادة ، فلا شهداء كشهداء عاشوراء من الأوّلين والآخرين!! هذا ما ورد عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصف رتبتهم ، فقد ورد عن الباقرعليه‌السلام أنّه قال : « خرج عليّ يسير بالناس ، حتّى إذا كان بكربلاء على ميلين أو ميل ، تقدّم بين أيديهم حتّى طاف بمكان يقال له المقدفان ، فقال : قتل فيها مائتا نبيّ ومائتا سبط كلّهم شهداء ، ومناخ ركاب ومصارع عشّاق شهداء ، لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم من بعدهم »(2) .

وإن كانت بعض الروايات قد ألحقت شهداء بدر بشهداء كربلاء في رتبتهم ، كما روى الطبراني بسنده المتصل إلى شيبان بن مخرم ـ وكان عثمانيا ـ قال : إنّي لمع عليرضي‌الله‌عنه إذ أتى كربلاء ، فقال : « يقتل في هذا الموضع شهداء ليس مثلهم شهداء إلاّ شهداء بدر »(3) .

لكنّ ابن نما في ( مثير الأحزان ) قد أورد عن ميمون بن شيبان بن مخرم ، وكان عثمانيا قال : إنّا لنسير مع عليعليه‌السلام إذ أتى كربلاء ، فقعد على تلّ ، فقال : « يقتل في هذا الموضع شهداء الأشهداء »(4) .

ويكفي للقطع بأنّ شهداء الطفّ ليس كمثلهم شهداء مطلقا ما ورد في قول الإمام الحسينعليه‌السلام من إطلاق في مدحهم حيث قال : « لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي » لشمول تفضيلهم فيه على من سبقهم ومن يأتي بعدهم.

__________________

(1) الكامل في التأريخ : 4 / 57 وتأريخ الطبري : 3 / 315.

(2) بحار الأنوار : 41 / 295 ، باب 114 ، حديث رقم 18.

(3) المعجم الكبير : 3 / 111.

(4) مثير الأحزان : 79.

١٢

ولسموّ منزلتهم ورد في الأثر أنّ أمّ سلمة ( رضي الله عنها ) رأت في المنام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرها أنّه قد فرغ لتوّه من حفر قبور للحسينعليه‌السلام وأصحابه.

فقد روى الشيخ الطوسيقدس‌سره بسنده إلى غياث بن إبراهيم ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « أصبحت يوما أمّ سلمة تبكي ، فقيل لها : ممّ بكاؤك؟ قالت : لقد قتل ابني الحسين الليلة ، وذلك أنني ما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منذ مضى إلاّ الليلة ، فرأيته شاحبا كئيبا ، فقالت :

قلت : مالي أراك يا رسول الله شاحبا كئيبا!؟

قال : ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين وأصحابه! »(1) .

فكفاهم عزّا وفخرا ومجدا أن يكون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحفر قبورهم بيديه المقدّستين.

ولسموّ منزلتهم وعلوّ شأنهم وتفرّد مقامهم وردت أخبار الملاحم وأنباء الغيب بأسمائهم وأسماء آبائهم! فقد ورد في الأثر أنّ ابن عبّاس لمّا عنّف على تركه الحسينعليه‌السلام قال : « إنّ أصحاب الحسين لم ينقصوا رجلا ولم يزيدوا رجلا ، نعرفهم بأسمائهم من قبل شهودهم!! »(2) .

وقال محمّد بن الحنفيّة : « وإنّ أصحابه عندنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم!! »(3) .

وما أحسن ما وصفهم به المؤرّخ السيّد محمّد بن أبي طالب الموسوي حيث يقول : « رجال صدقت عهودهم ، ووفت وعودهم ، وخلص يقينهم ، وصفا معينهم ، لم

__________________

(1) أمالي الطوسي : 90 المجلس 3 وأمالي المفيد : 319 ، المجلس 38 ، ح 6.

(2) مناقب آل أبي طالب : 4 / 53.

(3) مناقب آل أبي طالب : 4 / 53.

١٣

يلبسوا الظلم إيمانهم ، ولم يشوبوا بشكّ إنفاقهم ، بذلوا الأجساد في طاعتهم ، وجادوا بالأرواح في نصرتهم ، فأثبتهم سبحانه في ديوان خواصّه ، وشرّفهم بتشريفه واختصاصه ، وألحقهم بدرجة ساداتهم ، ورقى بهم إلى منزل قادتهم ، لمّا بذلوا الأرواح والأجساد في جهاد الأعداء طاعة لربّهم ، وتلقّوا الصفاح والصعاد من أكفّ الأشقياء في حربهم ، وقويت بامتثال عزائم الله منهم العزائم ، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ، جعلهم أشرف أهل الجنّة بعد الأنبياء والمرسلين ، وسادة الشهداء من الأوّلين والآخرين »(1) .

وأمّا عن عددهم فقد تفاوتت المصادر التأريخية في هذا الصدد ، لكنّ أعلا عدد ذكره التأريخ لهم أنّهم تجاوزوا المائة بقليل ( لمن حضر كربلاء مع الحسينعليه‌السلام ) ، وكذلك فقد تفاوتت المصادر التأريخيّة في عدد الشهداء ، غير أنّ المشهور ـ كما عن المفيدرحمه‌الله ـ أنّهم كانوا اثنين وسبعين شخصا(2) .

وكان فيهم من غير بني هاشم خمسة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأربعة وعشرون من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام عدا أولئك الخمسة من الصحابة ، كما أثبت ذلك المرحوم الشيخ محمّد السماوي في هذا الكتاب.

يقول صاحب كتاب ( الحسين سماته وسيرته ) : « أصحاب الحسينعليه‌السلام ـ على قلّة العدد ـ ضربوا أروع الأمثلة في الوفاء والفداء ، وكانوا أكبر من جيش الكوفة في الشجاعة والبطولة والإقدام ، وقد مجّد الإمام الحسينعليه‌السلام بموقفهم العظيم في كلماته وخطبه في « يوم عاشوراء » أمّا هم ، فكانوا يقفون ذلك الموقف عن بصائر نافذة وعن خبرة وعلم اليقين بالمصير ، ولقد أصبح إيثارهم بأرواحهم لسيّدهم الإمام

__________________

(1) تسلية المجالس : 2 / 346.

(2) راجع الإرشاد : 2 / 113 ، الأخبار الطوال : 259 ، تاريخ الطبري : 3 / 336.

١٤

الحسينعليه‌السلام عين اليقين للتأريخ ، ومضرب الأمثال للأجيال »(1) .

من هو السماوي :

« هو الشيخ محمّد بن طاهر بن حبيب بن حسين بن محسن بن تركي الفضلي الشهير بالسماوي. عالم جليل ، وشاعر شهير ، وأديب معروف. ولد في السماوة ( 27 ذي الحجة عام 1292 ه‍ ق )(2) ، ونشأ بها على أبيه ، وبعد عشر سنوات من عمره توفي والده ، فهاجر إلى النجف الأشرف لطلب العلم ، وبقي فيها ما يقرب من شهر ثمّ مرض ، وبعد برئه عاد إلى السماوة ، وبقي فيها سنة كاملة ثمّ رجع إلى النجف عام ( 1304 ه‍ ) ، فقرأ المبادئ على مشايخه ، وأشهرهم الشيخ شكر بن أحمد البغدادي ، والشيخ عبد الله بن معتوق القطيفي ، وأخذ الرياضيّات على الشيخ آقا رضا الأصفهاني ، والأصول والفقه على الشيخ علي ابن الشيخ باقر صاحب الجواهر ، والشيخ آغا رضا الهمداني ، والسيد محمد الهندي ، والشيخ محمد طه نجف ، والشيخ حسن المامقاني ، والشيخ فتح الله المعروف بشيخ الشريعة الأصفهاني ، وأعلام آخرين.

وممن أجازه إجازة اجتهاد الشيخ علي بن الشيخ باقر صاحب الجواهر ، والسيد محمد الهندي ، والسيد حسن الصدر ، وبقي في النجف إلى عام 1322 ه‍ ، وبعدها رجع إلى مسقط رأسه فبقي إلى عام 1330 ه‍ ثمّ طلب من بغداد فعيّن عضوا في مجلس الولاية الخاص خمس سنين ، وفيها كانت الحرب العالميّة الأولى ،

__________________

(1) الحسين سماته وسيرته : 160 ـ 161.

(2) قد ذكر المرحوم السماوي في إجازته الروائيّة إلى المرحوم آية الله الوالد أنّها كانت في سنة 1293 ه‍ ق ، والإجازة بخطّه موجودة عندنا.

١٥

فارتحل منها إلى النجف عند الاحتلال الإنگليزي وبقي فيها إلى أن عيّن قاضيا ، فبقي طيلة زمن الاحتلال وعامين من الحكم الوطني ، ثمّ نقل إلى كربلاء فبقي فيها سنين ، ونقل إلى بغداد فبقي عشر سنوات بين القضاء والتمييز الشرعي ، وأخيرا نقل إلى النجف حسب طلبه فبقي فيها سنة واستقال على أثر سوء تفاهم وقع بينه وبين فخامة السيّد محمّد الصدر أدّى إلى ذلك ...

والسماوي شخصيّة علميّة أديبة فذّة ، جمعت كثيرا من أصول الفضائل وطمحت إلى أسمى الأهداف »(1) .

وقال الشيخ جعفر النقدي :

« فاضل ، سبقت دوحة فنونه في رياض الفضائل وجرت جداول عيونه في غضون الكمالات »(2) .

وقال عبد الكريم الدجيلي في جريدة اليقظة :

« كان السماوي خير من يمثّل العالم في المدرسة القديمة بأسلوب كلامه وطريقة حواره وهيئة بزّته واتزانه وتعقله ، وهو إذا حضر مجلسا يأسر قلوب الحاضرين بسرعة البادرة وحضور النكتة وقوة الحافظة وسعة الخيال ، فهو ينتقل بك من الشعر العالي المتسامي إلى طرف من التاريخ والآداب ، ثمّ إلى نوادر من الحديث والتفسير ، وهو إلى جانب ذلك يسند حديثه بإحكام ودقّة تعبير ، فيدلّك على الكتاب الذي يضمّ هذه النادرة أو تلك النكتة ، وعلى الصحائف التي تحويها ، وعلى السنة التي طبع فيها هذا الكتاب إن كان مطبوعا ، وإلى عدد طبعاته إن كانت متعددة ، وحتّى التحريف والتشويه بين الطبعات!

__________________

(1) راجع شعراء الغري : 10 / 475.

(2) شعراء الغري : 10 / 478.

١٦

وأنت إذ تسمع إليه فكأنّك تصغي إلى عالم من علماء العهد الأموي أو العبّاسي في طريقة حواره وأسلوب حديثه وانتقاله من فنّ إلى فنّ ، ومن علم إلى علم ، فهو يعيد لك عهد علم الهدى في مجالسه ، والقالي في أماليه ، والمبرد في كامله ، والجاحظ في بيانه وتبيينه ، ولا تفارقه الابتسامة التي تقرأ منها عمق التفكير وجلال العلم وغبار السنين ، ويده إلى جانب ذلك مشغولة في علبة البرنوطي.

توفي في النجف في الرابع من المحرّم عام 1370 ه‍ ، ودفن بها ، وأرّخ وفاته بعضهم ضمن تاريخ وفاة الشيخ جعفر النقدي الذي كانت وفاته بعده بأيّام »(1) .

وقال كحالة : « محمّد بن طاهر السماوي ، أديب ، ناظم ، ناثر. ولد في السماوة ونشأ بها ، وأرسل إلى النجف ، فدرس العلوم النقليّة والعقليّة ، ورجع إلى السماوة ، ثمّ سافر إلى بغداد وانتخب عضوا في مجلس الولاية ، ثمّ عاد إلى النجف ، وتولّى بها القضاء الشرعي ، وانتخب عضوا بالمجمع العلمي العراقي.

من آثاره : الطليعة في شعراء الشيعة ، إبصار العين في أنصار الحسين ، ظرفة الأحلام فيما نظم في المنام ، الكواكب السماويّة في شرح القصيدة الفرزدقيّة ، وشجرة الرياض في مدح النبي الفيّاض »(2) .

هذا الكتاب :

قال آغا بزرگ الطهراني : « إبصار العين في أنصار الحسينعليه‌السلام للعلاّمة الماهر الشيخ محمّد بن طاهر السماوي ، ألّفه أوان قضائه في النجف الأشرف ، وطبع

__________________

(1) شعراء الغري : 10 / 479.

(2) معجم المؤلفين : 10 / 97.

١٧

سنة 1343 بالنجف ، ثمّ أضاف إليه أشياء لم تطبع بعد »(1) .

وقد ذكر المؤلّفرحمه‌الله في هذا الكتاب أسماء مائة وعشرين من أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام ، سواء الذين استشهدوا بين يدي الإمامعليه‌السلام يوم الطفّ في كربلاء ، أو الذين جرحوا ولم يستشهدوا كالحسن المثنّى ، أو الّذين استشهدوا في نصرته قبل يوم الطف في البصرة كسليمان بن رزين ، أو في الكوفة كقيس بن مسهّر الصيداوي ، ومسلم بن عقيل ، وهاني بن عروة وغيرهم.

والكتاب يشتمل على فاتحة ذكر فيها المؤلّفرحمه‌الله أحوال الإمام الحسينعليه‌السلام من الولادة حتّى الشهادة باختصار.

وفي الكتاب سبعة عشر مقصدا ، تعرّض المؤلّفرحمه‌الله في كلّ واحد منها إلى قبيلة من القبائل التي كان منها نصير أو أكثر من أنصار الإمام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام .

أمّا خاتمة الكتاب فتحتوي على إشارة إلى عشرين فائدة ، جميعها ترتبط بأنصار الإمام الحسينعليه‌السلام .

طبعات هذا الكتاب :

طبع الكتاب أوّل مرّة في سنة 1341 ه‍ ق في المطبعة الحيدريّة في النجف الأشرف ، وفي سنة 1343 ه‍ ق كما أشار إلى ذلك صاحب الذريعة ، وطبع في مطبعة الآداب في النجف الأشرف بدون ذكر سنة الطبع ، وطبعته في إيران مكتبة بصيرتي في مدينة قم بطريقة الأوفست ، وصدر مرّة أخرى عن نفس المكتبة بدون ذكر سنة الطبع وبطريقة الأوفست أيضا ، وفي سنة 1414 ه‍ ق صدر عن منشورات الشريف الرضي في مدينة قم بالأوفست أيضا.

__________________

(1) الذريعة إلى تصانيف الشيعة : 1 / 65.

١٨

منهج التحقيق :

كانت تراودني الرغبة في تحقيق هذا الكتاب القيّم منذ مدّة ، ولمّا نفد الكتاب من السوق في وقت لم يزل يزداد طلبه وتتسع الاستفادة منه ، عزمت على تحقيقه وتقديمه إلى مريديه في طبعة جديدة قد صححت فيها الأخطاء التي احتوتها الطبعات السابقة ، وقوبل فيها كلّ ما نقله المؤلّفرحمه‌الله مع المصادر الأصليّة التي أخذ عنها ، مع الإشارة في المحلّ إلى المصدر المأخوذ عنه وموقع الأخذ منه.

والمؤلفرحمه‌الله في نقله المطالب عن مصادرها كان ينقل غالبا بطريقة النقل بالمعنى ، وقد أشرنا للتفاوت مع المصدر في الحالات التي يكون فيها التفاوت غير يسير رعاية للأمانة.

وأملي أن يتحفنا إخواننا المحقّقون والمتتبعون بملاحظاتهم كي نستفيد منها في طبعات أخرى إن شاء الله تعالى.

محمّد جعفر الطبسي

قم المقدسة

17 ربيع الأوّل 1419 ه‍ ق.

١٩
٢٠