حياة الامام الحسين عليه السلام الجزء ٢

حياة الامام الحسين عليه السلام12%

حياة الامام الحسين عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 471

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 471 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 260755 / تحميل: 5239
الحجم الحجم الحجم
حياة الامام الحسين عليه السلام

حياة الامام الحسين عليه السلام الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

٥٠ ـ في بصائر الدرجات محمد بن الحسين عن يزيد شعر عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمة خاصة( وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ) فزعم ان من عرف الامام والآيات، ممن يعقل ذلك.

٥١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم ثم خاطب اللهعزوجل نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال جل ذكره:( اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) قال: من لم تنه الصلوة عن الفحشاء والمنكر لم تزده من اللهعزوجل إلّا بعدا.

٥٢ ـ في كتاب التوحيد وقد روى عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال: الصلوة حجزة الله وذلك انها تحجز المصلى عن المعاصي ما دام في صلوته، قال اللهعزوجل :( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) .

٥٣ ـ في أصول الكافي علي بن محمد عن علي بن العباس عن الحسين بن عبد الرحمن عن سفيان الحريري عن أبيه عن سعد الخفاف عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت جعلت فداك يا أبا جعفر وهل يتكلم القرآن؟ فتبسم ثم قال: رحم الله الضعفاء من شيعتنا انهم أهل تسليم. ثم قال: نعم يا سعد والصلوة تتكلم ولها صورة وخلق تأمر وتنهى قال: فتغير لذلك لوني وقلت: هذا شيء لا أستطيع ان أتكلم به في الناس، فقال أبو جعفر: وهل الناس إلّا شيعتنا فمن لم يعرف الصلوة فقد أنكر حقها، ثم قال: يا سعد أسمعك كلام القرآن؟ قال سعد: فقلت: بلى صلى الله عليك فقال:( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) فالنهى كلام والفحشاء والمنكر رجال، ونحن ذكر الله ونحن أكبر، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٤ ـ في مجمع البيان وروى انس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: من لم تنهه صلوته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلّا بعدا.

٥٥ ـ وأيضا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: لا صلوة لمن لم يطع الصلوة وطاعة الصلوة ان ينتهى عن الفحشاء والمنكر.

١٦١

٥٦ ـ وروى أنس ان فتى من الأنصار كان يصلّي الصلوات مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويرتكب الفواحش، فوصف ذلك لرسول الله فقال: إنّ صلوته تنهاه يوما ما.

٥٧ ـ وعن جابر قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ فلانا يصلّي بالنهار ويسرق بالليل؟ فقال: إنّ صلوته لتردعه.

٥٨ ـ وروى أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من أحب أن يعلم قبلت صلوته أم لم تقبل فلينظر هل منعته صلوته عن الفحشاء والمنكر فبقدر ما منعته قبلت صلوته.

٥٩ ـ * في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله وقد روينا في الجزء الاول من كتاب المهمات والتتمات صفة الصلوة الناهية عن الفحشاء والمنكر.

٦٠ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) يقول: ذكر الله لأهل الصلوة أكبر من ذكرهم إياه ألآ ترى أنّه يقول: أذكروني أذكركم.

٦١ ـ في مجمع البيان وروى أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ ) قال: ذكر الله عند ما أحل وحرم.

٦٢ ـ وعن معاذ بن جبل قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أي الأعمال أحب إلى الله؟قال: ان تموت ولسانك رطب من ذكر اللهعزوجل .

٦٣ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا معاذ إنّ السابقين الذين يسهرون بذكر اللهعزوجل ، ومن أحب ان يرتفع في رياض الجنة فليكثر من ذكر اللهعزوجل .

٦٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: نحن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا.

٦٥ ـ وقال أبو محمد الحسن العسكريعليه‌السلام : ذكر عند الصادقعليه‌السلام الجدال في الدين، وأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والائمةعليهم‌السلام قد نهوا عنه، فقال الصادقعليه‌السلام : لم ينه عنه مطلقا ولكنه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن، أما تسمعون الله يقول:( وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) قيل: يا ابن رسول الله ما الجدال بالتي

١٦٢

هي أحسن وبالتي ليست بأحسن؟ قال: اما الجدال الذي بغير التي هي أحسن ان تجادل مبطلا فيورد عليك مبطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله، ولكن تجحد قوله أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخالفة ان يكون له عليك فيه حجة لأنك لا تدري كيف المخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا، أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين، اما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلة وضعف في يده، حجة له على باطله، واما الضعفاء منكم فتعمى قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل، واما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه ان يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياءه له، فقال الله حاكيا عنه:( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) فقال الله في الرد عليه: «قل» يا محمد( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ) فأراد الله من نبيه ان يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز ان يبعث هذه العظام وهي رميم، قال: فقل( يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) أفيعجز من ابتدأه لا من شيء ان يعيده بعد ان يبلى، بل ابتداءه أصعب عندكم من إعادته، ثم قال:( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً ) أي إذا كمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ثم يستخرجها فعرفكم انه على اعادة من بلى، اقدر، ثم قال:( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ) أي إذا كان خلق السموات والأرض أعظم وابعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من اعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم، ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من اعادة البالي؟ قال الصادقعليه‌السلام : فهذا الجدال بالتي هي أحسن، لان فيها قطع عذر الكافرين وازالة شبههم، واما الجدال بغير التي هي أحسن فان تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله، وانما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق فهذا هو المحرم لأنك مثله جحد هو حقا، وجحدت أنت حقا آخر. قال أبو محمد الحسن العسكريعليه‌السلام : فقام إليه رجل آخر فقال: يا ابن رسول الله أيجادل رسول الله

١٦٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال الصادقعليه‌السلام : مهما ظننت برسول الله من شيء فلا تظنن به مخالفة الله تعالى أليس الله قال:( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) و( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ) لمن ضرب الله مثلا فتظن ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خالف ما أمره الله به فلم يجادل ما أمره به، ولم يخبر عن أمر الله بما أمره أن يخبره به.

٦٦ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وذكر حديثا طويلا قال فيهعليه‌السلام بعد ان قال: إنّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها: وفرض الله على اللسان القول والتعبير عن القلب بما عقد عليه وأقر به قال الله تبارك وتعالى:( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ) وقال:( قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ ) إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) فهذا ما فرض الله على اللسان وهو عمله.

٦٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم واما قوله:عزوجل :( فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ) فهم آل محمد صلوات الله عليهم ومن هؤلاء من يؤمن به يعنى أهل الايمان من أهل القبلة وقولهعزوجل : وما يجحد بآياتنا يعنى ما يجحد بأمير المؤمنين صلوات الله عليه والائمة صلوات الله عليهم إلّا الكافرون.

٦٨ ـ وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ) وهو معطوف على قوله تعالى في سورة الفرقان:( اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) فرد الله عليهم فقال: كيف تدعون ان الذي تقرأه أو تخبر به تكتبه عن غيرك وأنت( ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ ) أي شكوا.

٦٩ ـ في عيون الأخبار في باب مجلس للرضاعليه‌السلام مع أهل الأديان والمقالات في التوحيد قال الرضاعليه‌السلام في أثناء المحاورات: وكذلك أمر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وما جاء به وأمر كل نبي بعثه الله، ومن آياته انه كان يتيما فقيرا راعيا أجيرا لم يتعلم كتابا و

١٦٤

لم يختلف إلى معلم، ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الأنبياءعليهم‌السلام وأخبارهم حرفا حرفا، وأخبار من مضى ومن بقي إلى يوم القيامة.

٧٠ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول في هذه الآية( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) فأومى بيده إلى صدره.

٧١ ـ عنه عن محمد بن علي عن ابن محبوب عن عبد العزيز العبدي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمةعليهم‌السلام .

٧٢ ـ ـ وعنه عن محمد بن علي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : هذه الآية( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) ثم قال: اما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف، قلت: من هم جعلت فداك؟ قال: من عسى أن يكون غيرنا؟.

٧٣ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن بريد عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمة خاصة.

٧٤ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمةعليهم‌السلام خاصة.

٧٥ ـ في بصائر الدرجات يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قلت له:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) فقال: أنتم هم من عسى ان يكونوا؟.

٧٦ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن ابن مسكان عن حجر عن حمران عن أبي جعفرعليه‌السلام وأبى عبد الله البرقي عن أبي الجهم عن أسباط عن

١٦٥

أبى عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: نحن.

٧٧ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام انه قرأ هذه الآية:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: يا أبا محمد والله ما قال بين دفتي المصحف، قلت: من هم جعلت فداك؟ قال: من عسى أن يكونوا غيرنا؟.

٧٨ ـ محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير والحسن بن علي بن فضال عن مثنى الحناط عن الحسن الصيقل قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: نحن، وإيانا عنى.

٧٩ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أيوب بن حسن عن حمران قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) أنتم هم؟ قال: من عسى أن يكونوا؟.

٨٠ ـ محمد بن الحسين عن يزيد شعر عن هارون بن حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قال: هم الائمة خاصة،( وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ ) ، فزعم ان من عرف الامام والآيات ممن يعقل.

٨١ ـ محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن أبي بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) قلت: أنتم هم؟ قال: من عسى ان يكونوا؟.

٨٢ ـ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد الجوهري عن محمد بن يحيى عن عبد الرحيم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: إنّ هذا العلم انتهى إلى في القرآن ثم جمع أصابعه ثم قال:( بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) .

٨٣ ـ في مجمع البيان( إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) وقيل :

١٦٦

إن قوما من المسلمين كتبوا شيئا من كتب أهل الكتاب فهددهم سبحانه في هذه الآية ونهاهم عنه وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : جئتكم ببيضاء نقية.

٨٤ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ ) يقول: لا تطيعوا أهل الفسق من الملوك فان خفتموهم أن يفتنوكم عن دينكم فان أرضى واسعة، وهو يقول:( فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ) فقال:( أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها ) .

٨٥ ـ في مجمع البيان وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : معناه إذا عصى الله في ارض أنت بها فاخرج منها إلى غيرها.

٨٦ ـ في جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من فر بدينه من أرض إلى أرض وان كان شبرا من الأرض استوجب الجنة، وكان رفيق إبراهيم ومحمدعليهما‌السلام .

٨٧ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الاخبار المجموعة وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لـمّا نزلت هذه الآية( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) قلت: يا رب أيموت الخلائق كلهم وتبقى الأنبياء؟ فنزلت:( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ ) .

٨٨ ـ في تفسير العياشي عن زرارة قال: كرهت ان أسأل أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجعة واستخفيت ذلك قلت: لأسألن مسئلة لطيفة أبلغ فيها حاجتي، فقلت: أخبرنى عمن قتل أمات؟ قال: لا، الموت موت والقتل قتل: قلت: ما أحد يقتل إلّا وقد مات؟فقال: قول الله أصدق من قولك، فرق بينهما في القرآن فقال:( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ ) وقال( لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ ) وليس كما قلت يا زرارة، الموت موت والقتل قتل قلت: فان الله يقول:( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ) ؟ قال: من قتل لم يذق الموت، ثم قال: لا بد من أنْ يرجع حتى يذوق الموت.

٨٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن الحسن بن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول :

١٦٧

أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن عليعليهما‌السلام حتى يسيل على خده، بوأه الله بها في الجنة عرفا يسكنه أحقابا.

٩٠ ـ وقال علي بن إبراهيمرحمه‌الله في قولهعزوجل :( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ ) قال: كانت العرب يقتلون أولادهم مخافة الجوع فقال اللهعزوجل : الله يرزقهم وإياكم.

٩١ ـ في مجمع البيان وعن عطا عن ابن عمر قال: خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى دخلنا بعض حيطان الأنصار فجعل سقط من التمر ويأكل، فقال: يا ابن عمر ما لك لا تأكل؟ فقلت: لا أشتهيه يا رسول الله، قال: لكني أشتهيه وهذه صبح رابعة منذ لم أذق طعاما ولو شئت لدعوت ربي فأعطانى مثل ملك كسرى وقيصر، فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت مع قوم يخبأون رزق سنتهم لضعف اليقين، فو الله ما برحنا حتى نزلت:( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) .

٩٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قولهعزوجل :( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا ) أي صبروا وجاهدوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لنهدينهم سبلنا أي نثبتهم( وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: هذه الآية لال محمد صلوات الله عليهم ولاشياعهم.

٩٣ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام أنّه قال: الأواني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا ان تغلبوا عليها فتضلوا في دينكم، انا المحسن يقول اللهعزوجل :( إِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦٨

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا أبا محمد من أهل الجنة لا استثنى فيه أبدا ولا أخاف أن يكتب الله على في يميني إثما، وان لهاتين السورتين من الله مكانا.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ومن قرأها كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كل ملك سبح الله بين السماء، والأرض، وأدرك ما ضيع في يومه وليلته.

٣ ـ في كتاب الاستغاثة للشيخ ميثم ولقد روينا من طريق علماء أهل البيتعليهم‌السلام في أسرارهم وعلومهم التي خرجت منهم إلى علماء شيعتهم، ان قوما ينسبون من قريش وليسوا من قريش، وحقيقة النسب وهذا مما لا يجوز أن يعرفه إلّا معدن النبوة وورثة علم الرسالة، وذلك مثل بنى امية ذكروا انهم ليسوا من قريش وان أصلهم من الروم، وفيهم تأويل هذه الآية( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) معناه انهم غلبوا على الملك وسيغلبهم على ذلك بنوا العباس.

٤ ـ في روضة الكافي ابن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عن ذكره:( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) قال: فقال: يا أبا عبيدة ان لهذا تأويلا لا يعلمه إلّا الله والراسخون في العلم من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا هاجر إلى المدينة وأظهر الإسلام كتب إلى ملك الروم كتابا وبعث به مع رسوله يدعوه إلى الإسلام، وكتب إلى ملك فارس كتابا يدعوه إلى الإسلام، وبعثه إليه مع رسوله، فاما ملك الروم فعظم كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأكرم رسوله، واما ملك فارس فانه استخف بكتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومزقه واستخف

١٦٩

برسوله، وكان ملك فارس يومئذ يقاتل ملك الروم وكان المسلمون يهوون ان يغلب ملك الروم فارس، وكانوا لناحيته أرجى منهم لملك فارس، فلما غلب ملك فارس ملك الروم كره ذلك المسلمون واغتموا به، فأنزل اللهعزوجل بذلك كتابا قرآنا( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) يعنى غلبتها فارس في ادنى الأرض وهي الشامات وما حولها «وهم» يعنى فارس( مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) يعنى يغلبهم المسلمون( فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ ) عزوجل فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها فرح المسلمون بنصر اللهعزوجل ، قال: قلت: أليس اللهعزوجل يقول:( فِي بِضْعِ سِنِينَ ) وقد مضى للمؤمنين سنون كثيرة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . وفي إمارة أبي بكر وانما غلب المؤمنون فارسا في إمارة عمر؟ فقال: ألم أقل لك ان لهذا تأويلا وتفسيرا، والقرآن يا أبا عبيدة ناسخ ومنسوخ أما تسمع لقول اللهعزوجل ( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) يعنى إليه المشية في القول أن يؤخر ما قدم ويقدم ما أخر في القول إلى يوم يحتم القضاء بنزول النصر فيه على المؤمنين، وذلك قولهعزوجل :( وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ ) أي يوم يحتم القضاء بالنصر.

٥ ـ في الخرائج والجرائح في أعلام الحسن العسكريعليه‌السلام ومنها ما قال أبوها سأل محمد بن صالح أبا محمدعليه‌السلام عن قوله تعالى:( لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) فقال: له الأمر من قبل أن يأمر به، وله الأمر من بعد أن يأمر به بما يشاء.

٦ ـ في مجمع البيان وسئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن قولهعزوجل :( يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) فقال: الزجر(١) والنجوم.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) يعنى ما يرونه حاضرا( وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ ) قال: يرون حاضر الدنيا ويتغافلون عن الاخرة.

٨ ـ في كتاب الخصال وسئل الصادقعليه‌السلام عن قول الله تعالى:( أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ) فقال: معناه أو لم ينظروا في القرآن.

قال عز من قائل:( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ) الآية.

__________________

(١) الزجر: التيمن والنشاؤم بالطير.

١٧٠

٩ ـ في كتاب الخصال عن عليٍّعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تقوم الساعة يوم الجمعة بين صلوة الظهر والعصر.

١٠ ـ وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: السبت لنا والأحد لشيعتنا إلى أنْ قالعليه‌السلام : وتقوم القيامة يوم الجمعة.

١١ ـ وعن أبي لبابة بن عبد المنذر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ يوم الجمعة سيد الأيام إلى قوله: وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بر ولا بحر إلّا وهن يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة.

٢ ١ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ) قال: إلى الجنة والنار( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) أي يكرمون.

١٣ ـ في مجمع البيان( فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ ) قيل: يلذذون بالسماع عن يحيى بن أبي كثير الأوزاعي أخبرنا أبو الحسن عبد الله بن محمد بن أحمد البيهقي قال: أخبرنا جدي الامام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال: حدّثنا أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن بندار قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسن القرباني(١) قال: حدّثنا سليمان بن عبد الرحمان الدمشقي قال حدّثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن خالد بن معدان عن أبي أمامة الباهلي ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما من عبد يدخل الجنة إلّا ويجلس عند رأسه وعند رجليه ثنتان من الحور العين تغنيانه بأحسن صوت سمعه الانس والجن، وليس بمزمار الشيطان، ولكن بتمجيد الله وتقديسه.

١٤ ـ وعن أبي الدرداء قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يذكر الناس فذكر الجنة وما فيها من الأزواج والنعيم وفي القوم أعرابى فجثا لركبته وقال: يا رسول الله هل

__________________

(١) وفي بعض النسخ الغربانى بالغين والمختار هو الموافق لنسخة المصدر.

١٧١

في الجنة من سماع؟ قال: نعم يا أعرابى، ان في الجنة نهرا حافتاه الأبكار من كل بيضاء يتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها قط، فذلك أفضل نعم الجنة، قال الراوي: سألت أبا الدرداء بم يتغنين؟ قال: بالتسبيح.

١٥ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى عن الحسن بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام أنّه قال: جاء نفر من اليهود إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأل قال: أخبرنى عن اللهعزوجل إلى شيء فرض هذه الخمس الصلوات في خمسة مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها إلى أنْ قال صلوات الله عليه: واما صلوة المغرب فهي الساعة التي تاب اللهعزوجل فيها على آدمعليه‌السلام وكان ما بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب اللهعزوجل عليه ثلاثمأة سنة من أيام الدنيا، وفي أيام الاخرة يوم كألف سنة ما بين العصر إلى العشاء، وصلى آدم ثلاث ركعات: ركعة لخطيئته وركعة لخطيئة حواء، وركعة لتوبته، ففرض اللهعزوجل هذه الركعات الثلاث على أمتي، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربيعزوجل ان يستجيب لمن دعاه فيها وهي الصلوة التي أمرني ربي بها في قوله:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: من قال حين يمسى ثلاث مرات:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ) ، لم يفته خير يكون في تلك الليلة، وصرف عنه جميع شرها ومن قال ذلك حين يصبح لم يفته خير يكون ذلك اليوم وصرف عنه جميع شره.

١٧ ـ في عوالي اللئالى وفي الحديث عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرء حين يصبح:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) الآيات الثلاث إلى «تخرجون» أدرك ما فاته في يومه، وان قالها حين يمسى أدرك ما فاته ليلته.

١٨ ـ في جوامع الجامع وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من سره ان يكال له بالقفيز الأوفى

١٧٢

فليقل:( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ ) إلى قوله:( كَذلِكَ تُخْرَجُونَ ) .

١٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم وقولهعزوجل :( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ ) قال: يخرج المؤمن من الكافر ويخرج الكافر من المؤمن( وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ ) رد على الدهرية.

٢٠ ـ في الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن علي عن موسى بن سعدان عن عبد الرحمان بن الحجاج عن أبي إبراهيمعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ) قال: ليس يحييها بالقطر، ولكن يبعث الله رجالا فيحيون العدل فتحيى الأرض لإحياء العدل، ولا قامة العدل فيه أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا.

٢١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى حكيمة بنت محمد بن عليّ بن موسى الرضاعليه‌السلام عمة أبي محمد الحسنعليهما‌السلام انها قالت: كنت عند أبي محمدعليه‌السلام فقال: بيتي الليلة عندنا فانه سيلد المولود الكريم على اللهعزوجل الذي يحيى اللهعزوجل به الأرض بعد موتها، فقلت: ممن يا سيدي؟ ولست أرى بنرجس شيئا من أثر الحبل، فقال: من نرجس لا من غيرها، قالت: فوثبت إليها فقلبتها ظهر البطن فلم أر بها أثر الحبل، فعدت إليهعليه‌السلام فأخبرته بما فعلت، فتبسم ثم قال لي: إذا كان وقت الفجر يظهر لك الحبل لان مثلها مثل أم موسى لم يظهر بها الحبل ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها، لان فرعون كان يشق بطون الحبالى في طلب موسى، وهذا نظير موسىعليه‌السلام والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ) .

٢٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال فأخبرنى عن آدم لم سمى آدم؟ قال: لأنه خلق من طين الأرض وأديمها، قال: فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد؟ قال: بل من الطين كله، ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، وكانوا على صورة واحدة، قال: فلهم في الدنيا مثل؟ قال: التراب فيه ابيض وفيه أحضر وفيه أشقر وفيه اغبر وفيه

١٧٣

أحمر وفيه أزرق وفيه عذب وفيه ملح وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب، فلذلك صار الناس فيهم لين وفيهم خشن وفيهم أبيض وفيهم اصفر وأحمر واصهب واسود على ألوان التراب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) .

٢٣ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من سرية قد كان أصيب فيها ناس كثير من المسلمين فاستقبلته النساء يسألن عن قتلاهن فدنت منه امرأة فقالت: يا رسول الله ما فعل فلان؟ قال: وما هو منك؟ قال: أبي، قال: احمدي الله واسترجعي فقد استشهد، ففعلت ذلك فقالت: يا رسول الله وما فعل فلان؟ فقال: وما هو منك؟ فقالت: أخي فقال: احمدي الله واسترجعي فقد استشهد، ففعلت ذلك ثم قالت: يا رسول الله ما فعل فلان؟ فقال: وما هو منك؟ قالت: زوجي. قال: احمدي الله واسترجعي فقد استشهد، فقالت: وا ويلى فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كنت أظن ان المرأة تجد بزوجها هذا كله حتى رأيت هذه المرأة.

٢٤ ـ أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لابنة جحش: قتل خالك حمزة قال: فاسترجعت وقالت: احتسبه عند الله ثم قال لها: قتل أخوك فاسترجعت وقالت: احتسبه عند الله، ثم قال لها: قتل زوجك فوضعت يدها على رأسها وصرخت فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يعدل الزوج عند المرأة شيء.

٢٥ ـ في أصول الكافي أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن علي الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: إنّ الامام إذا ابصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه، وان سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو، ان الله يقول:( وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَ

١٧٤

اخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ ) لآيات للعالمين وهم العلماء فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به إلّا عرفه: ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٦ ـ وباسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: كفي لاولى الألباب بخلق الرب المسخر وملك الرب القاهر، إلى قوله: وما انطلق به ألسن العباد وما أرسل به الرسل وما انزل على العباد دليلا على الرب.

٢٧ ـ في توحيد المفضل بن عمر المنقول عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام في الرد على الدهرية: تأمل يا مفضل ما أنعم الله تقدست أسماؤه به على الإنسان من هذا النطق الذي يعبر به عما في ضميره وما يخطر بقلبه ونتيجة فكره، به يفهم غيره ما في نفسه(١) ولولا ذلك كان بمنزلة البهائم المهملة التي لا تخبر عن نفسها بشيء، ولا تفهم عن مخبر شيئا، وكذلك الكتابة التي بها تفيد اخبار الماضين للباقين، واخبار الباقين للآتين، وبها تجلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها، وبها يحفظ الإنسان ذكر ما يجرى بينه وبين غيره من المعاملات والحساب، ولولاها لا نقطع اخبار بعض الازمنة عن بعض، واخبار الغائبين عن أوطانهم، ودرست العلوم وضاعت الآداب، وعظم ما يدخل على الناس من الخلل في أمورهم ومعاملاتهم، وما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر دينهم وما روى لهم مما لا يسعهم جهله، ولعلك تظن انها مما يخلص إليه بالحيلة والفطنة، وليست مما أعطيه الإنسان من خلقه وطباعه، وكذلك الكلام انما هو شيء يصطلح عليه الناس فيجري بينهم، ولهذا صار يختلف في الأمم المختلفة بألسن مختلفة وكذلك الكتابة ككتابة العربي والسرياني والعبراني والرومي وغيرها من ساير الكتابة التي هي متفرقة في الأمم انما اصطلحوا عليها كما اصطلحوا على الكلام، فيقال لمن ادعى ذلك ان الإنسان وان كان له في الأمرين جميعا فعل أو حيلة

__________________

(١) وفي نسخة البحار: «وبه يفهم عن غيره ما في نفسه».

١٧٥

فان الشيء الذي يبلغ به ذلك الفعل والحيلة عطية وهبة من اللهعزوجل في خلقه، فانه لو لم يكن له لسان مهيأ للكلام وذهن يهتدى به للأمور لم يكن ليتكلم أبدا، ولو لم يكن له كف مهياة وأصابع للكتابة لم يكن ليكتب أبدا واعتبر ذلك من البهائم التي لا كلام لها ولا كتابة فاصل ذلك فطرة الباري جل وعز وما تفضل به على خلقه فمن شكر أثيب( وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ ) .

٢٨ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن حمّاد بن عبد الله الغرا عن معتب انه أخبره ان أبا الحسن الاول لم يكن يرى له ولد فأتاه يوما إسحق ومحمد أخواه وأبو الحسن يتكلم بلسان ليس بعربي، فجاء غلام سقلابي(١) فكلمه بلسانه، فذهب فجاء بعليّ ابنه فقال لإخوته: هذا عليٌّ إبني فضموه إليه واحدا بعد واحد فقبلوه ثم كلم الغلام بلسانه، فذهب به ثم تكلم بلسان غير ذلك اللسان، فجاء غلام اسود فكلمه بلسانه، فذهب فجاء بإبراهيم فقال: هذا إبراهيم إبني فكلمه بكلام، فحمله فذهب به فلم يزل يدعو بغلام بعد غلام ويكلمهم حتى جاء بخمسة أولاد، والغلمان مختلفون في أجناسهم وألسنتهم.

٢٩ ـ محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار قال: أرسلت إلى أبي الحسنعليه‌السلام غلامي وكان سقلابيا قال: فرجع الغلام إلى متعجبا فقلت: له ما لك يا بنى؟ قال: كيف لا أتعجب؟! ما زال يكلمني بالسقلابية كأنه واحد منا فظننت انه انما دار بينهم.

٣٠ ـ أحمد بن محمد عن أبي القاسم وعبد الله بن عمران عن محمد بن بشير عن رجل عن عمار الساباطي قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا عمار «أبو مسلم وظلله وكسا فكسحه مسطورا» قلت: جعلت فداك ما رأيت نبطيا أفصح منك، فقال: يا عمار وبكل لسان.

٣١ ـ وروى عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير وعن بعض رجاله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام يرفع الحديث إلى الحسن بن علي صلوات الله عليهما وعلى آبائهما أنّه قال: ان

__________________

(١) السلقب: جيل من الناس.

١٧٦

لله مدينتين إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد وعلى كل مدينة ألف ألف مصراعين ذهب، وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبه، وأنا أعرف جميع اللغات، وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجة غيري والحسين أخي.

٣٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: فأخبرنى عن آدم لم سمى آدم؟ قال: لأنه من طين الأرض وأديمها، قال: فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد؟ قال: بل من الطين كله ولو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا، وكانوا على صورة واحدة قال: فلهم في الدنيا مثل؟ قال: التراب فيه أبيض وفيه أخضر وفيه أشقر وفيه أغبر وفيه أحمر وفيه أزرق وفيه عذب وفيه ملح وفيه خشن وفيه لين وفيه أصهب فلذلك صار الناس فيهم لين وفيهم خشن وفيهم أبيض وفيهم أصفر وأحمر واصهب واسود على ألوان التراب، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٣ ـ وباسناده إلى سهل بن زياد الأدمي قال: حدّثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: سمعت عليّ بن محمّد العسكريعليه‌السلام يقول: عاش نوح ألفين وخمسمائة سنة وكان يوما في السفينة نائما فهبت الريح فكشفت عورته فضحك حام ويافث فزجرهما سامعليه‌السلام ونهاهما عن الضحك، وكان كلما غطى سام شيئا تكشفه الريح كشفه حام ويافث فانتبه نوحعليه‌السلام فرآهم وهم يضحكون، فقال: ما هذا؟ فأخبره سام بما كان، فرفع نوحعليه‌السلام يده إلى السماء يدعو ويقول: أللّهمّ غير ماء صلب حام حتى لا يولد له ولد إلّا السودان، أللّهمّ غير ماء صلب يافث فغير الله ماء صلبيهما فجميع السودان حيث كانوا من حام، وجميع الترك والسقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا، وجميع البيض سواهم من سام، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

قال عز من قائل:( وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ ) .

٣٤ ـ في توحيد المفضل بن عمر المنقول عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام في الرد على الدهرية: والكرى يقتضي النوم الذي فيه راحة البدن وإجمام

١٧٧

قواه(١) إلى أنْ قالعليه‌السلام : وكذلك لو كان انما يصير إلى النوم، بالتفكر في حاجته إلى راحة البدن وإجمام قواه كان عسى أن يتثاقل عن ذلك فيدفعه حتى ينهك بدنه(٢) .

٣٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى يعقوب بن شعيب قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : في بنى آدم ثلاثمأة وستين عرقا ثمانون ومأة متحركة وثمانون ومأة ساكنة، فلو سكن المتحرك لم ينم، أو تحرك الساكن لم ينم، فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أصبح قال: الحمد لله رب العالمين كثيرا على كل حال ثلاثمأة وستين مرة. وإذا أمسى قال مثل ذلك.

٣٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة حديث طويل يقول فيه الحسن بن علىعليهما‌السلام مجيبا للخضرعليه‌السلام بأمر أبيه أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقد سأله عن مسائل: أما ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه فان روحه متعلقة بالريح، والريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة، فان اذن اللهعزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الروح الريح وجذبت تلك الريح الهواء، فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وان لم يأذن اللهعزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح فجذبت الريح الروح فلم ترد على صاحبها إلى وقت ما يبعث.

٣٧ ـ في عيون الأخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنينعليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل: وفيه: وسأله عن النوم على كم وجه هو؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام صلوات الله عليه: النوم على أربعة أصناف: الأنبياء تنام على أقفيتها مستقبلة وأعينها لا تنام متوقعة لوحى ربهاعزوجل ، والمؤمنون ينامون على

__________________

(١) الكرى: السهر. والجمام. الراحة.

(٢) نهكته الحمى: هزلته وجهدته ونهكه: غلبه. وفي البحار «فيدمغه» بدل «فيدفعه» ويحتمل التصحيف.

١٧٨

يمينهم مستقبلين القبلة، والملوك وأبناءها على شمائلها ليستمر أو ما يأكلون(١) وإبليس وإخوانه وكل مجنون وذو عاهة ينامون على وجوههم منبطحين(٢) .

٣٨ ـ في كتاب الخصال عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالت أم سليمان بن داودعليه‌السلام لسليمان: إياك وكثرة النوم بالليل فان كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة.

٣٩ ـ عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثا: الاكل زاده وحده والراكب الفلاة وحده والنائم في بيت وحده.

٤٠ ـ فيما أوصى به النبي علياعليهما‌السلام : يا عليُّ ثلاث يتخوف منهن الجنون إلى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : والرجل ينام وحده.

٤١ ـ فيما علم أمير المؤمنينعليه‌السلام أصحابه من الاربعمأة باب إذا نام أحدكم فليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، فانه لا يدرى أينتبه من رقدته أم لا. لا ينام الرجل على المحجنة(٣) لا ينام الرجل على وجهه، ومن رأيتموه نائما على وجهه فانتبهوه ولا تدعوه إذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن وليقل: بسم الله وضعت جنبي لله على ملة إبراهيم ودين محمد وولاية من افترض طاعته، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فمن قال ذلك حفظ من اللص المغير والهدم، واستغفرت له الملائكة، من قرأ قل هو الله أحد حين يأخذ مضجعه وكل اللهعزوجل به خمسين ألف ملك يحرسونه ليلته. فاذا أراد أحدكم النوم فلا يضعن جنبه على الأرض حتى يقول: أعيذ نفسي وديني وأهلى ومالي وخواتيم عملي وما رزقني ربي وخولني(٤) بعزة الله وعظمة الله وجبروت الله وسلطان الله ورحمة الله ورأفة الله وغفران الله وقوة الله وقدرة الله وجلال الله وبصنع الله وأركان الله وبجمع الله وبرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبقدرة الله على ما يشاء من شر السامة والهامة ومن

__________________

(١) استمرأ الطعام: استطابه وعده ووجده مريئا.

(٢) بطحه على وجهه أي ألقاه على وجهه فانبطح.

(٣) المحجنة: العصا المنعطفة الرأس.

(٤) خوله الله مالا: أعطاه إياه متفضلا وملكه إياه.

١٧٩

شر الجن والانس ومن شر ما يدب في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن كل دابة ربي آخذ بناصيتها، إنّ ربي على صراط مستقيم وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم، فانّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعوّذ بها الحسن والحسينعليهما‌السلام وبذلك أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا انتبه أحدكم من نومه فليقل: لا إله إلّا الله الحليم الكريم الحي القيوم وهو على كل شيء قدير سبحان رب النبيين واله المرسلين وسبحان رب السموات السبع وما فيهن ورب الأرضين السبع وما فيهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، وإذا جلس من نومه فليقل قبل أن يقوم: حسبي الله حسبي الرب من العباد، حسبي الذي هو حسبي مذ كنت، حسبي الله ونعم الوكيل.

٤٢ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ثلاث خصال فيهن المقت من الله تعالى: نوم من غير سهر، وضحك من غير عجب، وأكل على الشبع.

٤٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ) قال: يعنى السماء والأرض هاهنا.

٤٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى حنان بن سدير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: وقوم وصفوة بيدين فقالوا( يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ ) وقوم وصفوه بالرجلين فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السماء، ووصفوه بالأنامل فقالوا: إنّ محمدا قال: إنّي وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات قال:( رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء، ولا يوصف ولا يتوهم فذلك المثل الأعلى.

٤٥ ـ في عيون الأخبار باسناده إلى ياسر الخادم عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضاعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : يا عليُّ أنت حجّة الله وأنت باب الله وأنت الطريق إلى الله، وأنت النبأ العظيم وأنت الصراط المستقيم، وأنت المثل الأعلى، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٦ ـ وفي عيون الأخبار أيضا في الزيارة الجامعة لجميع الائمةعليهم‌السلام

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

أو أربعون ألفاً(١) وهم ينادون بشعار المسلمين يوم البدر : يا منصور أمت(٢) .

وقام مسلم بتنظيم جيشه ، وأسند القيادات العامة في الجيش إلى مَنْ عُرفوا بالولاء والإخلاص لأهل البيت (عليهم السّلام) ، وهم :

١ ـ عبد الله بن عزيز الكندي : جعله على ربع كندة.

٢ ـ مسلم بن عوسجة : جعله على ربع مذحج.

٣ ـ أبو ثمامة الصائدي : جعله على ربع قبائل بني تميم وهمدان.

٤ ـ العباس بن جعدة الجدلي : جعله على ربع المدينة.

واتّجه مسلم بجيشه نحو قصر الإمارة فأحاطوا به(٣) ، وكان ابن زياد قد خرج مِن القصر ليخطب الناس على أثر اعتقاله لهانئ ، فجاء إلى المسجد الأعظم فاعتلى أعواد المنبر ، ثمّ التفت إلى أصحابه فرآهم عن يمينه وشماله وفي أيديهم الأعمدة ، وقد شهروا سيوفهم للحفاظ عليه فهدأ روعه ، وخاطب أهل الكوفة قائلاً : أمّا بعد ، يا أهل الكوفة ، فاعتصموا بطاعة الله ورسوله وطاعة أئمّتكم ولا تختلفوا ولا تفرّقوا فتهلكوا وتذلّوا وتندموا وتقهروا ، فلا يجعلنَّ أحد على نفسه سبيلاً وقد اُعذر مَنْ أنذر.

وما أتمّ الطاغية خطابه حتّى سمع الضجّة وأصوات الناس قد علت ، فسأل عن ذلك فقيل له :

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٢ / ٣٥١ ، تذهيب التهذيب ١ / ١٥٠ ـ الذهبي مِنْ مصوّرات مكتبة الإمام أمير المؤمنين.

(٢) هذا الشعار فيه تحريض للجيش على الموت في الحرب للتغلب على الأعداء ، وفيه تفاؤل بالنصر.

(٣) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧١.

٣٨١

الحذر الحذر ، هذا مسلم بن عقيل قد أقبل في جميع مَنْ بايعه.

واختطف الرعب لونه وسرت الرعدة بجميع أوصاله ، فأسرع الجبان نحو القصر وهو يلهث مِنْ شدّة الخوف فدخل القصر وأغلق عليه أبوابه(١) ، وامتلأ المسجد والسوق مِن أصحاب مسلم وضاقت الدنيا على ابن زياد وأيقن بالهلاك ؛ إذ لمْ تكن عنده قوّة تحميه سوى ثلاثين رجلاً مِن الشرطة وعشرين رجلاً مِن الأشراف الذين هم مِنْ عملائه(٢) .

وقد تزايد جيش مسلم حتّى بلغ فيما يقول بعض المؤرّخون ثمانية عشر ألفاً وقد نشروا الأعلام وشهروا السيوف ، وقد ارتفعت أصواتهم بقذف ابن زياد وشتمه وجرى بين اتباع ابن زياد وبين جيش مسلم قتال شديد ، كما نصّ على ذلك بعض المؤرّخين.

وأمعن الطاغية في أقرب الوسائل التي تمكّنه مِنْ إنقاذ حكومته مِن الثورة ، فرأى أنْ لا طريق له سوى حرب الأعصاب ودعايات الإرهاب فسلك ذلك.

حرب الأعصاب :

وأوعز الطاغية إلى جماعة مِنْ وجوه أهل الكوفة أنْ يبادروا ببث الذعر ونشر الخوف بين الناس ، وقد انتدب للقيام بهذه المهمّة الذوات التالية :

١ ـ كثير بين شهاب الحارثي.

__________________

(١) البداية والنهاية ٨ / ١٥٤ ، الفتوح ٥ / ٨٥.

(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧١.

٣٨٢

٢ ـ القعقاع بن شور الذهلي.

٣ ـ شبث بن ربعي التميمي.

٤ ـ حجّار بن أبجر.

٥ ـ شمر بن ذي الجوشن الضبابي(١) .

وانطلق هؤلاء إلى صفوف جيش مسلم فأخذوا يشيعون الخوف ويبثّون الأراجيف فيهم ، ويظهرون لهم الإخلاص والولاء خوفاً عليهم عن جيوش أهل الشام.

فكان ما قاله كثير بن شهاب : أيّها الناس ، الحقوا بأهاليكم ولا تعجلوا الشرّ ولا تعرّضوا أنفسكم للقتل ، فإنّ هذه جنود أمير المؤمنين ـ يعني يزيد ـ قد أقبلت ، وقد أعطى الله الأمير ـ يعني ابن زياد ـ العهد لئن أقمتم على حربه ولمْ تنصرفوا مِنْ عشيتكم أنْ يحرمَ ذريتكم العطاء ، ويفرّق مقاتلكم في مغازي أهل الشام مِنْ غير طمع ، وأنْ يأخذَ البريء بالسقيم والشاهد بالغائب حتّى لا تبقى فيكم بقيّة مِنْ أهل المعصية إلاّ ذاقها وبال ما جرت أيديها(٢) .

وكان هذا التهديد كالصاعقة على رؤوس أهل الكوفة ؛ فقد كان يحمل ألواناً قاسية مِن الإرهاب ، وهي :

أ ـ التهديد بجيوش أهل الشام : فقد زحفت إليهم ، وهي ستشيع فيهم القتل والتنكيل إنْ بقوا مصرّين على المعصية والعناد.

ب ـ حرمانهم مِن العطاء : وقد كانت الكوفة حامية عسكرية تتلّقى جميع مواردها الاقتصادية مِن الدولة.

ج ـ تجميرهم في مغازي أهل الشام : وزجّهم في ساحات الحروب

__________________

(١) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧٢.

(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٢٠٨.

٣٨٣

د ـ إنّهم إذا أصروا على التمرّد فإنّ ابن زياد سيعلن الأحكام العرفية ويسوسهم بسياسة أبيه التي تحمل شارات الموت والدمار حتّى يقضي على جميع ألوان الشغب والعصيان.

وقام بقيّة عملاء السلطة بنشر الإرهاب وإذاعة الذعر ، وكان مِنْ جملة ما أذاعوه بين الناس : يا أهل الكوفة ، اتّقوا الله ولا تستعجلوا الفتنة ولا تشقّوا عصا هذه الاُمّة ، ولا توردوا على أنفسكم خيول الشام فقد ذقتموها وجربتم شوكتها.

أوبئة الفزع والخوف :

وسرت أوبئة الخوف والفزع في نفوس الكوفيين وانهارت أعصابهم وكان الموت قد خيّم عليهم ، فجعل بعضهم يقول لبعض : ما نصنع بتعجيل الفتنة وغداً تأتينا جموع أهل الشام ، ينبغي لنا أنْ نقيم في منازلنا وندع هؤلاء القوم حتّى يصلح الله ذات بينهم(١) .

وكانت المرأة تأتي ابنها أو أخاها أو زوجها وهي مصفرّة الوجه مِن الخوف فتتوسّل إليه قائلة : الناس يكفونك(٢) . وكان الرجل يأتي إلى ولده وأخيه فيملأ قلبه رعباً وخوفاً ، وقد نجح ابن زياد في ذلك إلى حدّ بعيد ، فقد تغلّب على الأحداث وسيطر على الموقف سيطرة تامّة ، وقد خلع الكوفيون ما كانوا يرتدونه مِنْ ثياب

__________________

(١) الفتوح ٥ / ٨٧.

(٢) تاريخ أبي الفداء ١ / ٣٠٠ ، تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧٢.

٣٨٤

التمرّد على بني اُميّة ولبسوا ثياب الذلّ والعبودية ؛ مِنْ جراء ذلك الإرهاب الهائل والقسوة في الحكم ، فكانت الدماء تنرقرق بين العمائم واللحى.

هزيمة الجيش :

ومُنِيَ جيش مسلم بهزيمة مخزية لمْ يحدث لها نظير في جميع فترات التاريخ ، فقد هزمته الدعايات المضلّلة مِنْ دون أنْ تكون في قباله أيّة قوّة عسكرية.

ويقول المؤرّخون : إنّ مسلماً كلّما انتهى إلى زقاق انسلّ جماعة مِنْ أصحابه وفرّوا منهزمين ، وهم يقولون : ما لنا والدخول بين السلاطين؟!(١) .

ولمْ يمضِ قليل مِن الوقت حتّى انهزم معظمهم ، وقد صلّى بجماعة منهم صلاة العشاء في الجامع الأعظم فكانوا يفرّون في أثناء الصلاة ، وما أنهى ابن عقيل صلاته حتّى انهزموا بأجمعهم بما فيهم قادة جيشه ، ولمْ يجد أحداً يدلّه على الطريق ، وبقي حيراناً لا يدري إلى أين مسراه ومولجه(٢) ، وكان قد اُثخن بالجراح فيما يقوله بعض المؤرّخين(٣) ، وقد أمسى طريداً مشرّداً لا مأوى يأوي إليه ، ولا قلب يعطف عليه.

__________________

(١) الدر المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء ١ / ١٠٨.

(٢) مقامات الحريري ١ / ١٩٢.

(٣) الفتوح ٥ / ٨٧.

٣٨٥

في ضيافة طوعة :

وسار القائد العظيم سليل هاشم وفخر عدنان متلدّداً في أزقّة الكوفة وشوارعها ، ومضى هائماً على وجهه في جهة كندة(١) يلتمس داراً لينفق فيها بقيّة الليل ، وقد خلت المدينة مِن المارة وعادت كأنّها واحة موحشة ، فقد أسرع كلّ واحد مِنْ جيشه وأعوانه إلى داره وأغلق عليه الأبواب ؛ مخافة أنْ تعرفه مباحث الأمن وعيون ابن زياد بأنّه كان مع ابن عقيل فتلقي عليه القبض.

وأحاطت بمسلم تيّارات مذهلة مِن الهموم وكاد قلبه أنْ ينفجر مِنْ شدّة الألم وعظيم الحزن ، وقد هاله إجماع القوم على نكث بيعته وغدرهم به ، واستبان له أنّه ليس في المصر رجل شريف يقوم بضيافته وحمايته أو يدلّه على الطريق ؛ فقد كان لا يعرف مسالك البلد وطرقها.

وسار وهو حائر الفكر خائر القوى حتّى انتهى إلى سيّدة يُقال لها (طوعة) ، هي سيّدة مَنْ في المصر رجالاً ونساءً بما تملكه مِنْ إنسانية ونبل ، وكانت أولدت للأشعث بن قيس فأعتقها فتزوجها أسيد الحضرمي فولدت له بلالاً(٢) ، وكانت السيّدة واقفة على الباب تنتظر ابنها وترتقب طلوعه للأحداث الرهيبة التي حلّت في المصر ، ولمّا رآها مسلم بادر إليها فسلّم عليها فردّت عليه السّلام بتثاقل ، وقالت له :

ـ ما حاجتك؟

__________________

(١) الأخبار الطوال / ٢٤٠.

(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧٢ ، وفي الفتوح ٥ / ٨٨ أنّها كانت فيما مضى امرأة قيس الكندي ، فتزوّجها رجل مِنْ بعده مِنْ حضرموت يُقال له أسد بن البطين ، فأولدها ولداً يقال له أسد.

٣٨٦

ـ اسقني ماءً.

فبادرت إلى دارها وجاءته بالماء فشرب منه ، ثمّ جلس ، فارتابت منه ، فقالت له : ألمْ تشرب الماء؟

ـ بلى.

ـ اذهب إلى أهلك إنّ مجلسك مجلس ريبة(١) .

وسكت مسلم ، فأعادت عليه القول بالانصراف وهو ساكت ، وكرّرت عليه القول ثالثاً فلمْ يجبها ، فذعرت منه وصاحت به : سُبحان الله! إنّي لا أحل لك الجلوس على بابي.

ولمّا حرّمت عليه الجلوس لمْ يجد بداً مِن الانصراف فقال لها بصوت خافت حزين النبرات : ليس لي في هذا المصر منزل ولا عشيرة ، فهل لك إلى أجر ومعروف؟ ولعلّي اُكافئك بعد اليوم.

وشعرت المرأة بأنّ الرجل غريب ، وأنّه على شأن كبير وله مكانة عظمى يستطيع أنْ يجازيها على معروفها وإحسانها ، فبادرته قائلة : ما ذاك؟ فقال لها وعيناه تفيضان دموعاً : أنا مسلم بن عقيل ، كذّبني القوم وغرّوني.

فقالت المرأة في دهشة وإكبار : أنت مسلم بن عقيل؟!

ـ نعم(٢) .

__________________

(١) تذهيب التهذيب ـ الذهبي ١ / ١٥١.

(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧٢.

٣٨٧

وانبرت السيّدة بكلّ خضوع وتقدير فسمحت لضيفها الكبير بالدخول إلى منزلها وقد حازت الشرف والمجد ؛ فقد آوت سليل هاشم وسفير ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأدخلته في بيت في دارها غير البيت الذي كانت تأوي إليه ، وجاءته بالضياء والطعام فأبى أنْ يأكل ؛ فقد مزّق الأسى قلبه الشريف وأيقن بالرزء القاصم ، وتمثّلت أمامه الأحداث الرهيبة التي سيواجهها ، وكان أكثر ما يفكّر به كتابه للحُسين بالقدوم إلى الكوفة.

ولمْ يمضِ قليل مِنْ الوقت حتّى جاء بلال ابن السيّدة طوعة فرأى أمّه تُكثر الدخول والخروج إلى ذلك البيت لتقوم برعاية ضيفها ، فأنكر عليها ذلك واستراب منه فسألها عنه ، فأنكرته فألحّ عليها فأخبرته بالأمر بعد أنْ أخذت عليه العهود والمواثيق بكتمان الأمر.

وطارت نفس الخبيث فرحاً وسروراً وقد أنفق ليله ساهراً يترقّب بفارغ الصبر انبثاق نور الصبح ؛ ليخبر السلطة بمقام مسلم عندهم ، وقد تنكّر هذا الخبيث للأخلاق العربية التي تلزم بقرى الضيف وحمايته ، فقد كان هذا الخُلق سائداً حتّى في العصر الجاهلي ، وإنّا لنتّخذ مِنْ هذه البادرة مقياساً عاماً وشاملاً لانهيار القِيَم الأخلاقية والإنسانية في ذلك المجتمع الذي تنكّر لجميع العادات والقِيَم العربية.

وعلى أيّ حالٍ ، فقد طوى مسلم ليلته حزيناً ، قد ساورته الهموم وتوسّد الأرق ، وكان فيما يقول المؤرّخون قد قضى شطراً مِن الليل في عبادة الله ، ما بين الصلاة وقراءة القرآن ، وقد خفق في بعض الليل فرأى عمّه أمير المؤمنين (عليه السّلام) فأخبره بسرعة اللحاق به فأيقن عند ذلك بدنو الأجل المحتوم منه.

٣٨٨

تأكّد الطاغية مِنْ فشل الثورة :

ولمّا انهزمت جيوش أهل الكوفة وولّت الأدبار تصحب معها العار والخيانة ، وقد خلا الجامع الأعظم منهم ، فلمْ يطمئن الطاغية الجبان مِنْ ذلك ؛ خوفاً مِنْ أنْ يكون ذلك مكيدة وخديعة ، فعهد إلى أذنابه بالتأكد مِن انهزام جيش مسلم وأمرهم بأنْ يشرفوا على ظلال المسجد لينتظروا هل كمِن أحد مِن الثوار فيه؟ وأخذوا يدلون القناديل ويشعلون النار في القصب ويدلونها بالحبال فتصل إلى صحن الجامع ، وفعلوا ذلك بالظلّة التي فيها المنبر فلمْ يروا إنساناً ، فأخبروه بذلك فاطمئن بفشل الثورة وأيقن بالقضاء عليها(١) .

إعلان حالة الطوارئ :

وأعلن الطاغية في الصباح الباكر حالة الطوارئ في جميع أنحاء المصر ، وقد شدّد على المدير العام لشرطته الحصين بن تميم بتنفيذ ما يلي :

أ ـ تفتيش جميع الدور والمنازل في الكوفة تفتيشاً دقيقاً للبحث عن مسلم.

ب ـ الإحاطة بالطرق والسكك لئلا يهرب منها مسلم.

ج ـ الاعتقالات الواسعة لجميع المؤيدين للثورة ، وقد ألقت الشرطة القبض على هؤلاء :

١ ـ عبد الأعلى بن يزيد الكلبي.

٢ ـ عمارة بن صلخب الأزدي.

__________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.

٣٨٩

٣ ـ عبد الله بن نوفل بن الحارث.

٤ ـ مختار الثقفي.

٥ ـ الأصبغ بن نباتة.

٦ ـ الحارث الأعور الهمداني(١) .

راية الأمان :

وأوعز الطاغية إلى محمّد بن الأشعث أنْ يرفع راية الأمان ، ويعلن إلى الملأ أنّ مَنْ انضم إليها كان آمناً ؛ ولعلّ أسباب ذلك ما يلي :

١ ـ التعرّف على العناصر الموالية لمسلم لإلقاء القبض عليها.

٢ ـ إعلان الانتصار والقضاء على الثورة.

٣ ـ شلّ حركة المقاومة ، وإظهار سيطرة الدولة على جميع الأوضاع في البلاد.

ورُفعت راية الأمان فسارع الكوفيون الذين كانوا مع مسلم إلى الانضمام إليها ؛ لنفي التّهمة وإظهار إخلاصهم للحكم القائم آنذاك.

اشتباه :

ومِن الغريب ما ذكره ابن قتيبة(٢) ، والحر العاملي(٣) مِنْ أنّ مسلماً كان في بيت المختار ثمّ خرج لحرب ابن زياد ، وبعد فشل ثورته التجأ

__________________

(١) أنساب الأشراف ٥ / ٣١٤.

(٢) الإمامة والسياسة ٢ / ٤.

(٣) الدر المسلوك ١ / ١٠٨.

٣٩٠

إلى بيت هانئ فأجاره هانئ ، وقال له : ابن زياد يدخل داري فاضربْ عنقه ، فامتنع مسلم مِن الفتك به ، وقام ابن زياد باعتقال هانئ ، ثمّ أرسل شرطته لإلقاء القبض على مسلم فقاتلهم حتّى ضعف عن المقاومة فوقع أسيراً بأيديهم. وهذا الذي أفاداه لمْ يذهب إليه أحد مِن المؤرّخين ؛ فإنّ تفصيل الحادثة حسب ما ذكرناه ، وما عداه فهو مِن الأقوال الشاذّة التي نشأت مِنْ قلّة التتبّع.

خطبة ابن زياد :

ولمّا أيقن الطاغية بفشل ثورة مسلم ، وتفلل قواته المسلحة أمر بجمع الناس في الجامع ، فتوافدت الجماهير وقد خيّم عليها الذعر والخوف ، فجاء الطاغية وهو يرعد ويبرق ويتهدّد ويتوعّد ، فصعد المنبر فقال : أيّها الناس ، إنّ مسلمَ بن عقيل أتى هذه البلاد وأظهر العناد وشقّ العصا ، وقد برئت الذمّة مِنْ رجل أصبناه في داره ، ومَنْ جاء به فله ديته.

اتّقوا الله عباد الله ، والزموا طاعتكم وبيعتكم ، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلاً ، ومَنْ أتاني بمسلمِ بن عقيل فله عشر آلاف درهم ، والمنزلة الرفيعة مَِنْ يزيد بن معاوية ، وله في كلّ يوم حاجة مقضيّة(١) .

وحفل هذا الخطاب بالقسوة والصرامة ، وفيه هذه النقاط التالية :

أ ـ الحكم بالإعدام على كلّ مَنْ آوى مسلماً مهما كانت لذلك الشخص مِنْ مكانة اجتماعية في المصر.

ب ـ إنّ دية مسلم تكون لمَنْ جاء به.

ج ـ إنّ مَنْ ظفر بمسلم تمنحه السلطة عشرة آلاف درهم.

__________________

(١) الفتوح ٤ / ٩٠.

٣٩١

د ـ إنّ مَنْ يأتي به يكون مِن القريبين عند يزيد وينال ثقته.

هـ ـ تُكافئ السلطة مَنْ جاء به بقضاء حاجة له في كلّ يوم.

وتمنّى أكثر اُولئك الأوغاد الظفر بمسلمٍ لينالوا المكافأة مِنْ ابن مرجانة والتقرّب إلى يزيد بن معاوية.

الإفشاء بمسلم :

وطالت تلك الليلة على بلال ابن السيّدة الكريمة طوعة التي آوت مسلماً ، فقد ظلّ يترقّب بفارغ الصبر طلوع الصبح ليخبر السلطة بمقام مسلم عندهم.

ولمْ يرقد تلك الليلة مِن الفرح والسرور ؛ فقد تمّت فيما يحسب بوارق آماله وأحلامه ، ولمّا طلع الصبح بادر إلى القصر بحالة تلفت النظر إليها مِن الدهشة ، فقصد عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث ، وهو مِن الاُسرة الخبيثة التي لا عهد لها بالشرف والمروءة ، فسارّه وأعلمه بمكان مسلم عنده ، فأمره عبد الرحمن بالسكوت لئلا يسمع غيره فيبادر بإخبار ابن زياد فينال الجائزة منه.

وأسرع عبد الرحمن إلى أبيه محمّد بن الأشعث فأخبره بالأمر ، وفطن ابن زياد إلى خطورة الأمر فبادر يسأل ابن الأشعث قائلاً : ما قال لك عبد الرحمن؟

ـ أصلح الله الأمير! البشارة العظمى.

ـ ما ذاك؟ مثلك مَنْ بشّر بخير.

ـ إنّ ابني هذا يخبرني أنّ مسلمَ بن عقيل في دار طوعة.

وسُرّ ابن زياد ، ولمْ يملك أهابه مِن الفرح ، فانبرى يُمني ابن الأشعث بالمال والجاه قائلاً :

٣٩٢

ـ قمْ فأتني به ، ولك ما أردت مِن الجائزة والحظّ الأوفى.

لقد تمكّن ابن مرجانة مِن الظفر بسليل هاشم ليجعله قرباناً إلى اُمويّته اللصيقة التي نحر في سبيلها هو وأبوه جميع القِيَم الإنسانية ، واستباحا كلّ ما حرّمه الله مِنْ إثم وفساد.

الهجوم على مسلم :

وندب الطاغية لحرب مسلم عمرو بن حريث المخزومي صاحب شرطته ومحمّد بن الأشعث(١) ، وضمّ إليهما ثلاثمئة رجل من صناديد الكوفة وفرسانها ، وأقبلت تلك الوحوش الكاسرة لحرب القائد العظيم الذي أراد أنْ يحرّرها مِن الذلّ والعبودية وينقذها مِن الظلم والجور.

ولمّا سمع وقْعَ حوافر الخيل وزعقات الرجال علم أنّه قد اُتي إليه ، فبادر إلى فرسه فأسرجه وألجمه وصبّ عليه درعه وتقلّد سيفه ، والتفت إلى السيّدة الكريمة طوعة فشكرها على ضيافتها وأخبرها أنّه إنّما اُتي إليه مِنْ قبل ابنها الباغي اللئيم قائلاً : رحمك الله ، وجزاك عنّي خيراً. اعلمي إنّما اُتيت مِنْ قِبل ابنك(٢) .

واقتحم الجيش عليه الدار فشدّ عليهم يضربهم بسيفه ففرّوا منهزمين ، ثمّ عادوا إليه فأخرجهم منها وانطلق نحوهم في السكّة شاهراً سيفه لمْ يختلج في قلبه خوف ولا رعب ، فجعل يحصد رؤوسهم بسيفه وقد أبدى مِن البطولات النادرة ما لمْ يشاهد لها التاريخ نظيراً في جميع

__________________

(١) تهذيب التهذيب ١ / ١٥١.

(٢) الفتوح ٥ / ٩٢ ـ ٩٣.

٣٩٣

عمليات الحروب ، وكان يقاتلهم وهو يرتجز :

هو الموتُ فاصنعْ ويكَ ما أنتَ صانعُ

فأنتَ بكأسِ الموتِ لا شكَّ جارعُ

فصبرٌ لأمرِ الله جلّ جلالهُ

فحكمُ قضاءِ اللهِ في الخلقِ ذائعُ(١)

وأبدى سليل هاشم مِن الشجاعة وقوة البأس ما حيّر الألباب وأبهر العقول ؛ فقد قتل منهم فيما يقول بعض المؤرّخين واحداً وأربعين رجلاً(٢) ما عدا الجرحى ، وكان مِنْ قوّته النادرة أنّه يأخذ الرجل بيده ويرمي به مِنْ فوق البيت(٣) ، وليس في تاريخ الإنسانية مثل هذه البطولة ولا مثل هذه القوّة ، وليس هذا غريباً عليه ؛ فعمّه علي بن أبي طالب أشجع الناس وأقواهم بأساً وأشدّهم عزيمة.

واستعمل معه الجبناء مِنْ أنذال أهل الكوفة ألواناً قاسية وشاذّة مِنْ الحرب ، فقد اعتلوا سطوح بيوتهم وجعلوا يرمونه بالحجارة وقذائف النار(٤) ، ولو كانت في ميدان فسيح لأتى عليهم ، ولكنّها كانت في الأزقة والشوارع.

فشل الجيوش :

وفشلت جيوش أهل الكوفة وعجزت عن مقاومة البطل العظيم ، فقد أشاع فيهم القتل وألحق بهم خسائر فادحة ، وأسرع الخائن الجبان

__________________

(١) (٢) مناقب ابن شهر آشوب ٢ / ٢١٢.

(٣) المنذر النضيد / ١٦٤ ، نفس المهموم / ٥٧.

(٤) المحاسن والمساوئ ـ للبيهقي ١ / ٤٣.

٣٩٤

محمّد بن الأشعث يطلب مِنْ سيّده ابن مرجانة أنْ يمدّه بالخيل والرجال ؛ فقد عجز عن مقاومة مسلم. ولامه الطاغية قائلاً : سُبحان الله! بعثناك إلى رجل واحد تأتينا به ، فثلم في أصحابك هذه الثلمة العظيمة(١) ؟!

وثقل هذا التقريع على ابن الأشعث ، فراح يشيد بابن عقيل قائلاً : أتظنّ أنّك أرسلتني إلى بقّال مِنْ بقالي الكوفة ، أو جرمقاني مِنْ جرامقة(٢) الحيرة؟!(٣) ، وإنّما بعثتني إلى أسد ضرغام وسيف حسام في كفِّ بطل همام مِنْ آل خير الأنام(٤) .

وأمدّه ابن زياد بقوى مكثّفة من الجيش فجعل البطل العظيم يقاتل وحده ، وهو يرتجز :

أقسمتُ لا اُقتلُ إلاّ حرّا

وإنْ رأيتُ الموتَ شيئاً نُكرا

أو يخلط البارد سخناً مُرّا

رُدّ شعاعُ الشمسِ فاستقرا

كلّ امرئ يوماً يلاقي شرّا

أخافُ أنْ اُكذبَ أو اُغرّا(٥)

لقد كنت يابن عقيل سيّد الأحرار ، فقد رفعت لواء العزّة والكرامة ورفعت شعار الحرية والإباء ، وأمّا خصومك الحقراء فهم العبيد الذين رضوا بالذلّ والهوان.

وحلّل الدكتور يوسف خليف هذا الرجز بقوله : هو رجز مِن الناحية النفسية صادق كلّ الصدق ، معبّر

__________________

(١) الفتوح ٥ / ٦٣.

(٢) الجرامقة : قوم من العجم صاروا إلى الموصل.

(٣) مقتل الحسين ـ المقرّم / ١٨٠.

(٤) الفتوح ٥ / ٩٣.

(٥) تاريخ الطبري.

٣٩٥

تعبيراً دقيقاً عن الموجات النفسية التي كانت تندفع في نفس الشاعر وهو في موقفه الضيّق الحرج ، فهو قبل كلّ شيء مصمم على أنْ يحتفظ بحريته ولو أدّى هذا إلى قتله ، وهو يعلن في صراحة وصدق أنّ الموت شيء منكر ، ولا يقول هذا كما يقوله غيره ممّن يغالطون أنفسهم أنّ الموت شيء محبّب إلى نفسه ، وإنّما يعبّر عن نفسيته تعبيراً صادقاً ، فالموت شيء لا يحبّه ، ولكنّه لا يفرّ منه ما دام قد صمم على الاحتفاظ بحريته.

ثمّ يحاول أن يهدّئ مِنْ روعه ، ويجعل هذه الموجة العالية الرهيبة تنحسر عن نفسه دون أنْ يجذبها في تيارات مِن الهلع والفزع ، فيحدّث عن نفسه بأنّ الدنيا متقلبة وكلّ امرئ فيها لا بد أنْ يلاقي ما يسوؤه ، وهو يعرض هذا الحديث النفسي في صورة فنيّة رائعة.

وأضاف يقول : إنّه حريص على الحياة ، ولكنّه حريص على الحرية بجعله متردّداً ؛ لأنّه يخشى ، بل يخاف أنْ يكذّب عليه أعداؤه ، أو يخدعوه فيقتلوه دون محاولة منه لتنفيذ عهده بأنْ يموت في سبيل حريته ، أو يأسروه فيفقد حريته التي يحرص عليها حرصه على الحياة.

أرأيت كيف استطاع أنْ يصوّر موقفه الضيّق الحرج هذا التصوير الفتيّ الرائع ، الذي يشمل روعته مِنْ تعبيره عن نفسيته تعبيراً صادقاً لا رياء فيه ولا تضليل؟

إنّ هذا هو السرّ الذي يجعل هذه الشطور القليلة تؤثّر في نفوسنا تأثيراً يجعلنا نشعر بما كان يعانيه قائلها مِنْ صراع داخلي هائل لا يعدله إلاّ صراعه الخارجي مع أعدائه(١) .

__________________

(١) حياة الشعر في الكوفة / ٣٧١ ـ ٣٧٢.

٣٩٦

أمان ابن الأشعث :

ولمّا سمع محمّد بن الأشعث رجز مسلم الذي أقسم فيه أنْ يموت ميتة الأحرار ، وأنْ لا يُخدع ولا يُغرّ انبرى إليه قائلاً : إنّك لا تُكذب ولا تُخدع ، إنّ القوم بنو عمّك وليسوا بقاتليك ولا ضارّيك(١) .

فلمْ يعتنِ به مسلم ، وإنّما مضى يقاتلهم أعنف القتال وأشدّه ففرّوا منهزمين مِنْ بين يديه ، واعتلوا فوق بيوتهم يرمونه بالحجارة فأنكر عليهم مسلماً ذلك قائلاً : ويلكم! ما لكمْ ترمونني بالحجارة كما تُرمى الكفار ، وأنا مِنْ أهل بيت الأبرار؟! ويلكم! أما ترعون حقّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وذريته؟!

ولمْ يستطيعوا مقابلته وجبنوا عن مقابلته ، وضاق بابن الأشعث أمره فصاح بالجيش : ذروه حتّى أكلّمه ، ودنا منه ، فخاطبه : يابن عقيل ، لا تقتل نفسك ، أنتَ آمن ، ودمك في عنقي.

ولمْ يحفل به مسلم ؛ فإنّه على علم بأنّ الأشعث لمْ يمرّ في تاريخه ولا في تاريخ اُسرته أيّ معنى مِنْ معاني الشرف والنبل والوفاء ، فاندفع يقول له : يابن الأشعث ، لا اُعطي بيدي أبداً وأنا أقدر على القتال. والله ، لا كان ذلك أبداً.

وحمل مسلم على ابن الأشعث ففرّ الجبان يلهث كأنّه الكلب ، وأخذ العطش القاسي مِنْ مسلمٍ مأخذاً عظيماً فجعل يقول :

اللّهم ، إنّ العطش قد بلغ منّي.

__________________

(١) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧٣.

٣٩٧

وتكاثرت الجنود عليه إلاّ إنّها مُنِيَتْ بالذعر والجبن ، وصاح بهم ابن الأشعث : إنّ هذا هو العار والفشل أنْ تجزعوا مِنْ رجلٍ واحدٍ هذا الجزع ، احملوا عليه بأجمعكم حملةً واحدةً(١) .

وحملوا عليه حملةً واحدةً ؛ فضربه بكير بن حمران الأحمري ضربةً منكرةً على شفته العليا ، وأسرع السيف إلى السفلى ، وضربه مسلم ضربةً أردته إلى الأرض.

أسره :

وبعدما اُثخن مسلم بالجراح ، وأعياه نزيف الدم ، انهارت قواه وضعف عن المقاومة ، فوقع أسيراً بأيدي اُولئك الأوغاد ، فتسابقوا إلى ابن زياد يحملون له البشرى بأسرهم للقائد العظيم الذي جاء ليحررهم مِن الذلّ والعبودية ، وقد طار الطاغية فرحاً ؛ فقد ظفر بخصمه وتمّ له القضاء على الثورة.

أمّا كيفية أسره ، فقد اختلفت فيها أقوال المؤرّخين ، وهذه بعضها :

١ ـ ما ذكره ابن أعثم الكوفي : أنّ مسلماً وقف ليستريح ممّا ألمَّ به مِن الجروح ، فطعنه مِنْ خلفه رجل مِنْ أهل الكوفة طعنة غادرة فسقط إلى الأرض فأسرعوا إلى أسره(٢) .

٢ ـ ما ذكره الشيخ المفيد : أنّ مسلماً لمّا اُثخن بالحجارة وعجز مِن القتال أسند ظهره إلى جنب دار ، فقال له ابن الأشعث : لك الأمان.

__________________

(١) الفتوح ٥ / ٩٤ ـ ٩٥.

(٢) الفتوح ٥ / ٥٩.

٣٩٨

فقال مسلم : أأمن؟ قال : نعم. فقال للقوم الذين معه : ألِيَ الأمان؟ قالوا : نعم ، إلاّ عبيد الله بن العباس السلمي فإنّه قال : لا ناقة لي في هذا ولا جمل. وتنحّى.

فقال مسلم : أما لو لمْ تؤمنوني ما وضعت يدي في أيديكم. واُتي ببغلة فحُمِلَ عليها فاجتمعوا حوله ، وانتزعوا سيفه فكأنّه عند ذلك أيس ، فقال : هذا أوّل الغدر(١) .

٣ ـ ما ذكره أبو مخنف : أنّهم عملوا له حفيرة وستروها بالتراب ثمّ انكشفوا بين يديه ، فحمل عليهم فانكشفوا بين يديه ، فلمّا انتهى إليها سقط فيها فازدحموا عليه وأسروه(٢) . وهذا القول لمْ يذهب إليه غير أبي مخنف.

مع عبيد الله السلمي :

ولمْ يفكر مسلم في تلك الساعة الحرجة بما سيعانيه مِن القتل والتنكيل على يد الطاغية ابن مرجانة ؛ وإنّما شغل فكره ما كتبه للإمام الحُسين بالقدوم إلى هذا المصر ، فقد أيقن أنّه سيلاقي نفس المصير الذي لاقاه ، فدمعت عيناه وظنّ عبيد الله بن العباس السلمي أنّه يبكي لما صار إليه مِن الأسر ، فأنكر عليه ذلك وقال له : إنّ مَنْ يطلب مثل الذي تطلب إذا نزل به مثل الذي نزل بك لمْ يبكِ.

فردّ عليه مسلم ما توهمّه فيه قائلاً :

__________________

(١) الإرشاد / ٢٣٨ ، تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧٣.

(٢) مقتل أبي مخنف ـ مخطوط بمكتبة السيّد محمود سعيد ثابت في كربلاء ، وذكر ذلك الطريحي في المنتخب / ٢٩٩.

٣٩٩

إنّي والله ما لنفسي بكيت ، ولا لها مِن القتل أرثي وإنْ كنت لمْ أحبّ لها طرفة عين تلقها ، ولكنْ أبكي لأهلي المقبلين. أبكي لحُسين(١) .

وازدحمت الشوارع والأزقة بالجماهير الحاشدة لتنظر ما يؤل إليه أمر القائد العظيم وما سيلاقيه مِن الاُمويِّين ، ولمْ يستطع أحد منهم أنْ ينبس ببنت شفة حذراً مِن السلطة العاتية.

مع الباهلي :

وجيء بمسلم أسيراً تحفُّ به الشرطة وقد شهرت عليه السيوف ، فلمّا انتهي به إلى قصر الإمارة رأى جرّة فيها ماء بارد وقد أخذ العطش منه مأخذاً أليماً ، فالتفت إلى مَنْ حوله قائلاً : اسقوني مِنْ هذا الماء.

فانبرى إليه اللئيم الدنس مسلم بن عمرو الباهلي فقال له : أتراها ما أبردها؟ والله ، لا تذوق منها قطرة حتّى تذوق الحميم في نار جهنم.

ولا حدّ لظلم الإنسان ولا منتهى لوحشيته وجفائه ، فما يضرّ اُولئك الجفاة لو سقوه الماء وهو أسير بين أيديهم لا يملك مِنْ أمره شيئاً ، وكان هذا السمت مِن التردّي وسقوط الأخلاق قد عُرف به جميع السفلة الساقطين مِنْ قتلة المصلحين.

فانبرى مسلم فأراد التعرّف على هذا الإنسان الممسوخ الذي تنكّر لأبسط القِيَم الإنسانية قائلاً له : مَنْ أنت؟!

__________________

(١) الإرشاد / ٢٣٨.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471