حياة الامام الحسين عليه السلام الجزء ٣

حياة الامام الحسين عليه السلام12%

حياة الامام الحسين عليه السلام مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 496

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 496 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 307861 / تحميل: 5962
الحجم الحجم الحجم
حياة الامام الحسين عليه السلام

حياة الامام الحسين عليه السلام الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

يزرعون، فألقى الله بينه وبين ولد آدم العداوة.

وروي: لا تقتلوا الخطاطيف، فإنهن يبتن على بيت المقدس حتى كسر.

[١٩٣٣٨] ٤ - وفي الخرائج: عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سأله رجل عن الخطاف، فقال: « لا تؤذوه، فإنه لا يؤذي شيئا، وهو طير يحبنا أهل البيت ».

٢٨ -( باب كراهة قتل الهدهد والصرد والصوام والنحل والنمل والضفدع، وجواز قتل الغراب والحداة والحية والعقرب والكلب العقور)

[١٩٣٣٩] ١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لا تقتلوا الهدهد لرسالة سليمان، ولا الضفدع لأنه كان يطفئ نار إبراهيم، ولا النمل لأنه كان منذرا من النمل، ولا النحل لأنه فيه الشفاء، ولا الصرد لأنه كان دليلا على بناء الكعبة ».

[١٩٣٤٠] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « خمس فواسق تقتل في الحل والحرم: الغراب، والحداة والكلب، والحية، والفأرة ».

[١٩٣٤١] ٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن قتل أربعة من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد.

[١٩٣٤٢] ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: من ترك الحيات

__________________

٤ - الخرائج والجرائح ص ١٦٠.

الباب ٢٨

١ - لب اللباب: مخطوط.

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٦ ح ٢٢.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧٨ ح ٢٢٥.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٠ ح ١٣٤.

١٢١

مخافة طلبهن فليس منا، ما سالمناهن منذ حاربناهن.

[١٩٣٤٣] ٥ - محمد بن الحسن الصفار في البصائر: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن عبد الله بن فرقد قال: خرجنا مع أبي عبد اللهعليه‌السلام متوجهين إلى مكة، حتى إذا كنا بسرف(١) استقبله غراب ينعتق في وجهه، فقالعليه‌السلام : « مت جوعا، ما تعلم شيئا إلا ونحن نعلمه، إلا أنا أعلم بالله منك » فقلنا: هل كان في وجهه شئ؟ قال: « نعم، سقطت ناقة بعرفات ».

[١٩٣٤٤] ٦ - البحار، عن دلائل الطبري: عن عبد الله بن هبة الله، عن الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد البرقي، عن النضر، مثله.

[١٩٣٤٥] ٧ - الصدوق في الخصال: عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن الحسن بن زياد، عن داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - أنه قال: « لقد أخبرني أبي، عن جدي: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن قتل الستة: النحلة، والنملة، والضفدع، والصرد، والهدهد، والخطاف، فأما النحلة فإنها تأكل طيبا وتضع طيبا وهي التي أوحى الله عز وجل إليها، ليست من الجن ولا الانس، وأما النملة فإنهم قحطوا على عهد سليمان بن داود، فخرجوا يستسقون فإذا هم بنملة قائمة على رجلها، مادة

__________________

٥ - بصائر الدرجات ص ٣٦٥ ح ٢١.

(١) سرف بفتح السين وكسر الراء: موضع على ستة أميال من مكة. تزوج به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ميمونة بنت الحارث.. ( معجم البلدان ج ٣ ص ٢١٢ ).

٦ - بحار الأنوار ج ٦٤ ص ٢٦١ ح ١٣ عن دلائل الطبري ص ١٣٥.

٧ - الخصال ص ٣٢٦ ح ١٨.

١٢٢

يدها إلى السماء، وهي تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، لا غنى بنا عن فضلك، فارزقنا من عندك، ولا تؤاخذنا بذنوب سفهاء ولد آدم، فقال لهم سليمان: ارجعوا إلى منازلكم، فإن الله تبارك وتعالى قد سقاكم بدعاء غيركم، وأما الضفدع فإنه لما أضرمت النار [ على إبراهيم ](١) شكت هوام الأرض إلى الله عز وجل واستأذنته أن تصب عليها الماء، فلم يأذن الله عز وجل لشئ منها الا للضفدع، فاحترق منه(٢) الثلثان وبقي منه الثلث، وأما الهدهد فإنه كان دليل سليمان إلى ملك بلقيس، وأما الصرد فإنه كان دليل آدم من بلاد سرانديب إلى بلاد جدة شهرا » الخبر.

٢٩ -( باب كراهة قتل القنبرة، وأكلها، وسبها، واعطائها الصبيان يلعبون بها)

[١٩٣٤٦] ١ - الشيخ الطوسي في مجالسه: عن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان، عن أبيه، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن علي بن محمد القاساني، عن أبي أيوب المدني، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام ، قال: « لا تأكلوا القبرة، ولا تسبوها، ولا تعطوها الصبيان يلعبون بها )(١) ، فإنها كثيرة التسبيح لله، وتسبيحها: لعن الله مبغضي آل محمدعليهم‌السلام ».

[١٩٣٤٧] ٢ - وبهذا الاسناد قال: « كان علي بن الحسينعليهما‌السلام ، يقول: ما أزرع الزرع لطلب الفضل فيه، وما أزرعه إلا ليتناوله الفقير وذو

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في الحجرية: « منها » وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٩

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٩٩.

(١) في المصدر: لا تقتلوا القنبرة ولا تأكلوا لحمها.

٢ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٩٩.

١٢٣

الحاجة، وليتناوله القنبرة خاصة من الطير ».

[١٩٣٤٨] ٣ - الحافظ البرسي في مشارق الأنوار: عن محمد بن مسلم قال: خرجت مع أبي جعفرعليه‌السلام ، فإذا نحن بقاع مجدب يتوقد حرا، وهناك عصافير فتطايرن ودرن حول بغلته فزجرها، وقال: « لا، ولا كرامة » قال: ثم صار إلى مقصده، فلما رجعنا من الغد وعدنا إلى القاع، فإذا العصافير قد طارت ودارت حول بغلته ورفرفت، فسمعته يقول: « اشربي وأروي » فنظرت وإذا في القاع ضحضاح من الماء، فقلت: يا سيدي، بالأمس منعتها واليوم سقيتها، فقال: « اعلم أن اليوم خالطها القنابر فسقيتها، ولولا القنابر لما سقيتها » فقلت: يا سيدي، وما الفرق بين القنابر والعصافير؟ فقال: « ويحك أما العصافير فإنهم موالي زفر لأنهم منه، وأما القنابر فإنهم من موالينا - أهل البيت - وإنهم يقولون في صفيرهم: بوركتم أهل البيت، وبوركت شيعتكم، ولعن الله أعداءكم » الخبر.

٣٠ -( باب جواز قتل الحيات، وقتل كل حيوان يوجد في البرية من الوحش إلا الجان وما نص على النهي عنه، وكراهة قتل حياة البيوت، وكراهة تركهن مخافة تبعتهن)

[١٩٣٤٩] ١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن سليمان الجعفري، عن الرضاعليه‌السلام : أن عصفورا وقع بين يديه وجل يصيح ويضطرب، فقال: « أتدري ما يقول؟ » فقلت: لا، فقال: « قال لي: إن حية تريد أن تأكل فراخي في البيت، فقم وخذ تلك النسعة(١) ، وادخل البيت واقتل الحية » فقمت وأخذت النسعة ودخلت البيت، فإذا هي حية

__________________

٣ - مشارق الأنوار ص ٩٠ باختلاف يسير، وعنه في البحار ج ٦٤ ص ٣٠٣ ح ٦.

الباب ٣٠

١ - لب اللباب: مخطوط.

(١) النسعة: سير ينسخ عريضا تشد به رحال الإبل ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٣٩٧ ).

١٢٤

تجول في البيت فقلتها.

[١٩٣٥٠] ٢ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « سمعت ( رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: من قتل حية )(١) فكأنما قتل كافرا، ومن تركهن خشية ثأرهن، فقد كفر بما أنزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٩٣٥١] ٣ - المولى سعيد المزيدي في كتاب تحفة الاخوان: عن الصادقعليه‌السلام في خبر طويل في كيفية خلقه آدم ودخوله الجنة واخراجه منها، - إلى أن قال -: ثم أتى بالحية، وقد جذبتها الملائكة جذبة هائلة وقطعوا يديها ورجليها، وإذا هي مسحوبة على وجهها، مبطوحة على بطنها، لا قوائم لها، وصارت ممدودة شرحة، ومنعت النطق وصارت خرساء مشقوقة اللسان، فقالت لها الملائكة: لا رحمك الله، ورحم الله من يرحمك، ونظر إليها آدم وحواء، والملائكة يرجمونها من كل ناحية.

[١٩٣٥٢] ٤ - وروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من قتل الحية فله سبع حسنات، ومن تركها ولم يقتلها مخافة شرها لم يكن له في ذلك أجر، ومن قتل وزغة فله حسنة، ومن قتل حية فله حسنات مضاعفة ».

وقال ابن عباس: من قتل حية أحب إلي من قتل كافر.

٣١ -( باب تحريم صيد حمام الحرم)

[١٩٣٥٣] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن علي بن الحسينعليهما‌السلام :

__________________

٢ - الجعفريات ص ٢٤٦.

(١) ما بين القوسين بياض في المصدر.

٣ - تحفة الاخوان ص ٧٢.

٤ - تحفة الاخوان ص ٧٢.

الباب ٣١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٣٣٦ ح ١٢٦٧.

١٢٥

أنه نظر إي حمام مكة فقال: « هل تدرون ما أصل كون هذا الحمام [ بالحرم ](١) ؟ فقالوا: أنت أعلم يا بن رسول الله فأخبرنا، قال: » كان فيما مضى رجل قد آوى إلى داره حمام، فاتخذ عشا في خرق في جذع نخلة كانت في داره، فكان الرجل ينظر إلى فراخه، فإذا همت بالطيران رقى إليها فأخذها فذبحها، والحمام ينظر إلى ذلك ويحزن له حزنا عظيما، فمر له على ذلك دهر طويل لا يطير له فرخ، فشكا ذلك إلى الله عز وجل، فقال الله تبارك وتعالى: لئن عاد هذا العبد إلى ما يصنع بهذا الطائر لأعجلن منيته قبل أن يصل إليه(٢) ، فلما أفرخ الحمام واستوت أفراخه، صعد الرجل للعادة، فلما ارتقى بعض النخلة وقف سائل ببابه فنزل فأعطاه شيئا، ثم ارتقى فأخذ الفراخ فذبحها(٣) [ والطير ينظر ما يحل به فقال: ما هذا يا رب؟ ](٤) فقال الله عز وجل: إن عبدي سبق بلائي بالصدقة، وهي تدفع البلاء، ولكني سأعوض هذا الحمام عوضا صالحا، وأبقي له نسلا لا ينقطع(٥) ، فألهمه الله عز وجل المصير إلى هذا الحرم، وحرم صيده، فأكثر ما ترون من نسله، وهو أول حمام سكن الحرم.

٣٢ -( باب جواز قتل كلاب الهراش(*) ، دون كلب الصيد والماشية والحائط وجواز بيع كلب الصيد)

[١٩٣٥٤] ١ - عوالي اللآلي: وفي الحديث: أن جبرئيل نزل إلى النبي ( صلى

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: إليها.

(٣) في الحجرية: « فذبحه » وما أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه المصدر.

(٥) في المصدر زيادة: ما أقامت الدنيا، فقال الطير: رب وعدتني بما وثقت بقولك وإنك لا تخلف الميعاد.

الباب ٣٢

* الهراش: المقاتلة بين الكلاب ( لسان العرب ج ٦ ص ٣٦٣ ).

١ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ١٤٨ ح ٤١٤

١٢٦

الله عليه وآله ) فوقف بالباب واستأذن، فأذن له فلم يدخل، فخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال: « مالك؟ » فقال: إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة، فنظروا [ فإذا ](١) في بعض بيوتهم كلب، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا أدع كلبا بالمدينة إلا قتلته » فهربت الكلاب حتى بلغت العوالي(٢) ، فقيل: يا رسول الله، كيف الصيد بها وقد أمرت بقتلها؟ فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجاء الوحي باقتناء الكلاب التي ينتفع بها، فاستثنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كلاب الصيد، وكلاب الماشية وكلاب الحرث، واذن في اتخاذها.

[١٩٣٥٥] ٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لولا أن الكلاب أمة لأمرت بقتلها، ولكن اقتلوا منها كل أسود بهيم ».

وقال: « الأسود شيطان ».

الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن عبد الله بن معقل، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

[١٩٣٥٦] ٣ - وعن أبي رافع: أن جبرئيل نزل يوما إلى باب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاستأذن فأذن له، وقال: « ادخل »، فوقف بالباب ولم يدخل، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مالك لا تدخل، وقد أذنت؟ » فقال: يا رسول الله، كذلك، ولكن لا ندخل في بيت فيه صورة أو كلب، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « انظروا » فوجد جرو كلب في بعض البيوت، فأمر فأخرج.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) العوالي: بساتين بينها وبين المدينة أربعة أميال ( معجم البلدان ج ٤ ص ١٦٦ ).

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٦ ح ٢١.

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ١٠٣.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ١٠٢.

١٢٧

قال أبو رافع: فأمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن أقتل كلاب المدينة، فطلبت في المدينة وقتلت كل كلب رأيته، وسرت إلى أعلى المدينة، وكان لامرأة كلب يحرسها فرحمتها واطلقت كلبها، ورجعت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبرته فقال لي: « اذهب إليه فاقتله » فقتلته.

قال: فلما أمر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقتلوا الكلاب، قال له أصحابه: يا رسول الله، ليس شئ من الكلاب التي أمرتنا بقتلها حلالا لنا؟ فلم يجبهم بشئ فأنزل الله قوله:( وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِ‌حِ مُكَلِّبِينَ ) (١) الآية، فلما نزلت الآية رخصصلى‌الله‌عليه‌وآله في اقتناء كلب الصيد، وكل كلب فيه منفعة، مثل كلب الماشية، وكلب الحائط والزرع، رخصهم في اقتنائه، ونهى عن اقتناء ما ليس فيه نفع، وأمرنا أن نقتل الكلب المجنون والعقور، ورفع القتل عن كلب ليس بعقور ولا مضر.

[١٩٣٥٧] ٤ - الشيخ الطوسي في التبيان: عن سلمى أم رافع، عن أبي رافع قال: جاء جبرئيل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يستأذن عليه فأذن له، فقال: « قد أذنا(١) لك [ يا ](٢) رسول الله »، قال: أجل ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب.

قال أبو رافع: فأمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن أقتل كل كلب بالمدينة، فقتلت حتى انتهيت إلى امرأة عندها كلب ينبح عليها(٣) ، فتركته رحمة لها، وجئت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته، فأمرني فرجعت وقتلت الكلب، فجاؤوا فقالوا: يا رسول الله، ما يحل لنا

__________________

(١) المائدة ٥: ٤.

٤ - التبيان ج ٣ ص ٤٣٩ ومجمع البيان ج ٢ ص ١٦٠.

(١) في الحجرية: « اذن » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) ينبح عليها: كناية عن حراسة الكلب لها.

١٢٨

من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأنزل الله:( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ) (٤) الآية.

٣٣ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الصيد)

[١٩٣٥٨] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الحمامات الطيارات حاشية المنافقين ».

[١٩٣٥٩] ٢ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : « أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رأى رجلا يرسل طيرا فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : شيطان يتبع شيطانا ».

[١٩٣٦٠] ٣ - أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد بن محمد الأشعث قال: حدثني خست بن أحرم الششتري، حدثنا أبو عصام، حدثنا أبو سعد الساعدي، عن أنس بن مالك: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رأى رجلا يطلب حماما، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « شيطان يطلب شيطانا ».

[١٩٣٦١] ٤ - دعائم الاسلام: قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « ولا يصاد من الطير إلا ما أضاع التسبيح ».

[١٩٣٦٢] ٥ - البرقي في المحاسن: عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن أبي عاصم، عن هاشم بن ماهويه المداري، عن الوليد بن أبان الرازي قال:

__________________

(٤) المائدة ٥: ٤.

الباب ٣٣

١ - الجعفريات ص ١٧٠.

٢ - الجعفريات ص ١٧٠.

٣ - الجعفريات ص ١٧٠.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦٨ ح ٦٠١.

٥ - المحاسن ص ٦٢٧ ح ٩٤.

١٢٩

كتب ابن زاذان فروخ إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، يسأله عن الرجل يركض في الصيد، لا يريد بذلك طلب الصيد، وإنما يريد بذلك التصحيح، قال: « لا بأس بذلك إلا اللهو ».

[١٩٣٦٣] ٦ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: في آداب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان يأكل الدجاج ولحم الوحش ولحم الطير الذي يصاد، وكان لا يبتاعه ولا يصيده، ويحب أن يصاد له ويؤتى به مصنوعا فيأكله، أو غير مصنوع فيصنع له فيأكله.

[١٩٣٦٤] ٧ - زيد الزراد في أصله: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « أما الصيد فإنه سعي باطل، وإنما أحل الله الصيد لمن اضطر إلى الصيد، وليس المضطر إلى طلبه سعيه فيه باطل - إلى أن قال - وإن كان ممن يطلبه للتجارة، وليست له حرفة إلا من طلب الصيد فإن سعيه حق ».

[١٩٣٦٥] ٨ - القضاعي في الشهاب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من قتل عصفورا عبثا، جاء يوم القيامة وله صراخ حول العرش، يقول: رب سل هذا فيم قتلني من غير منفعة؟ ».

[١٩٣٦٦] ٩ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من اتبع الصيد غفل ».

__________________

٦ - مكارم الأخلاق ص ٣٠.

٧ - بل أصل زيد النرسي ص ٥٠.

٨ - شهاب الاخبار ص ٢٢١ ح ٣٩٥، ورواه في دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٥ ح ٦٢٩ باختلاف يسير.

٩ - شهاب الاخبار ص ١٤٤ ح ٢٧٦، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٨١ ح ٢٩.

١٣٠

أبواب الذبائح

١ -( باب أنه لا يجوز تذكية الذبيحة بغير الحديد، من ليطة(*) أو مروة(*) أو عود أو حجر أو قصبة ونحوها، في حال الاختيار)

[١٩٣٦٧] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن الذبح بغير الحديد.

[١٩٣٦٨] ٢ - وعن علي وأبي جعفر وأبي عبد اللهعليهم‌السلام ، أنهم قالوا: « لا ذكاة إلا بحديدة ».

٢ -( باب كيفية الذبح والنحر، وجملة من أحكامه)

[١٩٣٦٩] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من ذبح ذبيحة فليحد شفرته، وليرخ(١) ذبيحته ».

__________________

أبواب الذبائح

الباب ١

* الليطة: القطعة المحددة من القصب ( لسان العرب ج ٧ ص ٣٩٧ ).

* المروة: حجر أبيض براق، وعقب ابن الأثير هذا بقوله: والمراد بالذبح جنس الأحجار لا المروة نفسها. وقد تكرر ذكرها في الحديث ( النهاية ج ٤ ص ٣٢٤ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٦ ح ٦٣٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٧ ح ٦٣٧.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٤ ح ٦٢٤.

(١) كذا في الطبعة الحجرية، وفي المصدر: وليرم

١٣١

[١٩٣٧٠] ٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا أردت أن تذبح ذبيحة فلا تعذب البهيمة، أحد الشفرة، واستقبل القبلة، ولا تنخعها(١) حتى تموت ».

[١٩٣٧١] ٣ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « يرفق بالذبيحة ولا يعنف بها قبل الذبح ولا بعده » وكره أن يضرب عرقوب(١) الشاة بالسكين.

[١٩٣٧٢] ٤ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن الشاة تذبح قائمة، قال: « لا ينبغي ذلك، السنة أن تضجع ويستقبل بها القبلة ».

[١٩٣٧٣] ٥ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن البعير يذبح أو ينحر، قال: « السنة أن ينحر » قيل: كيف ينحر؟ قال: « يقام قائما حيال القبلة، وتعقل يده الواحدة، ويقوم الذي ينحره حيال القبلة، فيضرب في لبته بالشفرة حتى تقطع وتفرى(١) ».

٣ -( باب أنه لا يحل الذبح من غير المذبح، ولا يجوز أكل الذبيحة بذلك في حال الاختيار)

[١٩٣٧٤] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤ ١٧ ح ٦٢٥.

(١) نخع الذبيحة: هو أن يقطع نخاعها قبل موتها. ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٣٩٥ ).

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٩ ح ٦٤٨.

(١) عرقوب الدابة: العصب الغليظ المؤثر خلف الكعبين بين مفصل الساق والقدم.

( مجمع البحرين ج ٢ ص ١١٩ ).

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٩ ح ٦٥١.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨٠ ح ٦٥٢.

(١) الفري: الشق والقطع ( لسان العرب ج ١٥ ص ١٥٢ ).

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٦ ح ٦٣٦.

١٣٢

نهى عن الذبح إلا في الحق(١) .

[١٩٣٧٥] ٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « ولا تؤكل ذبيحة لم تذبح من مذبحها ».

وعنهعليه‌السلام أنه قال: « اذبح من المذبح » الخبر(١) .

[١٩٣٧٦] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل من ذبيحة لم تذبح من مذبحها.

٤ -( باب أن الإبل مختصة بالنحر، وما سواها بالذبح، وأنه لو ذبح المنحور أو نحر المذبوح لم يحل أكله وكان ميتة)

[١٩٣٧٧] ١ - الصدوق في المقنع: وإذا ذبحت البقر من المنحر فلا تأكلها، فإن البقر تذبح ولا تنحر، وما نحر فليس بذكي.

[١٩٣٧٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن البقر ما يصنع بها تنحر أن تذبح؟ قال: « السنة أن تذبح وتضجع للذبح، ولا بأس إن نحرت ».

٥ -( باب كراهة نخع الذبيحة قبل أن تموت)

[١٩٣٧٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن علي

__________________

(١) الحلق: مخرج النفس، ومساغ الطعام والشراب وهو المذبح ( لسان العرب ج ١٠ ص ٥٨ ).

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٦ ح ٦٣٦.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ١٧٥ ح ٦٣١.

٣ - المقنع ص ١٣٩.

الباب ٤

١ - المقنع ص ١٣٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨٠ ح ٦٥٣.

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٥ ح ٦٣١.

١٣٣

عليهما‌السلام ، أنه قال: « اذبح في المذبح - يعني دون الغلصمة(١) - ولا تنخع الذبيحة، ولا تكسر الرقبة حتى تموت ».

[١٩٣٨٠] ٢ - وعن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عمن ينخع الذبيحة من قبل أن تموت، قال: « أساء، ولا بأس بأكلها ».

[١٩٣٨١] ٣ - وعن أبي جفرعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولا تنخعها حتى تموت » يعني بقوله: لا تنخعها: قطع النخاع وهو عظم في العنق.

[١٩٣٨٢] ٤ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه ركب بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الشهباء بالكوفة، فأتى سوقا سوقا، فأتى طاق اللحامين، فقال بأعلى صوته: « يا معشر القصابين، لا تنخعوا، ولا تعجلوا الأنفس حتى تزهق » الخبر.

[١٩٣٨٣] ٥ - مجموعة الشهيد: في مناهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن النخع، قال: وهو القتل الشديد، وهو قطع النخاع مبالغة، وهو خيط الرقبة، والبخع بالباء أيضا: القتل الشديد، وبه نطق القرآن.

٦ -( باب أن الذبيحة إذا سخلت قبل أن تموت، لم يحل أكلها)

[١٩٣٨٤] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه

__________________

(١) الغلصمة: هي الموضع الناتئ في الرقبة ( انظر لسان العرب ج ١٢ ص ٤٤١ ).

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٥ ح ٦٣٢.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٤ ح ٦٢٥.

٤ - الجعفريات ص ٢٣٨.

٥ - مجموعة الشهيد: مخطوط.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٥ ح ٦٣٠.

١٣٤

نهى أن تسلخ الذبيحة، أو يقطع رأسها، قبل أن تموت وتهدأ.

٧ -( باب أن من قطع رأس الذبيحة غير متعمد، لم يحرم أكلها)

[١٩٣٨٥] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن قطع رأس الذبيحة في وقت الذبح.

[١٩٣٨٦] ٢ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « ولا يعتمد الذابح قطع الرأس، فإن ( ذلك جهل )(١) ».

[١٩٣٨٧] ٣ - وعنه وعن أبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قالا فيمن لم يتعمد قطع رأس الذبيحة في وقت الذبح، ولكن سبقه السكين فأبان رأسها، قالا: « تؤكل إذا لم يتعمد ذلك ».

[١٩٣٨٨] ٤ - الصدوق في المقنع: وإذا ذبحت فسبقت الحديدة فأبانت الرأس، فكله إذا خرج الدم.

٨ -( باب أن الذبيحة إذا استصعبت وامتنعت من الذبح، أو سقطت في بئر ونحوه، جاز قتلها بالسلاح، وحل أكلها بشرط التسمية، فإن أدرك ذكاتها بعد لم تحل إلا بالذكاة)

[١٩٣٨٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ولو تردى ثور أو بعير في بئر أو حفرة، أو هاج

__________________

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٦ ح ٦٣٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٦ ح ٦٣٥.

(١) في المصدر: جهل ذلك فلا بأس.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٦ ح ٦٣٥.

٤ - المقنع ص ١٣٩.

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٦ ح ٦٣٦.

١٣٥

فلم يقدر على منحره ولا مذبحه، فإنه يسمي الله عليه ويطعن حيث أمكن منه ويؤكل ».

[١٩٣٩٠] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه سئل عن ثور(١) وحشي ابتدره قوم بأسيافهم وقد سموا فقطعوه بينهم، قال: « ذكاة وحية ولحم حلال ».

[١٩٣٩١] ٣ - الصدوق في المقنع: وإن امتنع عليك بعير وأنت تريد نحره، أو بقرة أو شاة أو غير ذلك، فضربتها بالسيف وسميت، فلا بأس بأكله.

٩ -( باب أن حد ادراك الذكاة أن يتحرك شئ من بدنه حركة اختيارية، ولا يشترط استقرار الحياة أكثر من ذلك)

[١٩٣٩٢] ١ - العياشي: عن عيوق بن قرط(١) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله:( الْمُنْخَنِقَةُ ) (٢) قال: « التي تختنق في رباطها،( وَالْمَوْقُوذَةُ ) : المريضة التي لا تجد ألم الذبح ولا تضطرب ولا يخرج لها دم،( وَالْمُتَرَ‌دِّيَةُ ) : التي تردى من فوق بيت أو نحوه،( وَالنَّطِيحَةُ ) : التي تنطح صاحبها ».

[١٩٣٩٣] ٢ - الصدوق في المقنع: والشاة إذا طرفت عينها، أو ركضت برجلها، أو حركت ذنبها فهي ذكية.

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧١ ح ٦١٥.

(١) في المصدر: حمار.

٣ - المقنع ص ١٣٩.

الباب ٩

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٢ ح ١٨، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٣٢٤ ح ٣٠.

(١) في الحجرية: « عنون بن قسوط » وفي المصدر: « عيوق بن قسوط » وكلاهما تصحيف وما أثبتناه من معاجم الرجال هو الصواب وعده الشيخ الطوسي من أصحاب الصادقعليه‌السلام ( راجع رجال الشيخ ص ٧٦٨ ح ٧٣٤ ومعجم رجال الحديث ج ١٣ ص ٢١٧ ).

(٢) المائدة ٥: ٣.

٢ - المقنع ص ١٣٩.

١٣٦

١٠ -( باب أنه لا بد بعد الذكاة من الحركة الاختيارية ولو يسيرا، أو خروج الدم المعتدل لا المتثاقل، وإلا لم يحل)

[١٩٣٩٤] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « علامة الذكاة أن تطرف العين، أو تركض الرجل، أو يتحرك الذنب أو الاذن، فإن لم يكن من ذلك شئ، وأهرق منه دم عند الذبح وهي لا تتحرك لم تؤكل ».

[١٩٣٩٥] ٢ - الصدوق في المقنع وإن ذبحت شاة ولم تتحرك، وخرج منها دم كثير عبيط فلا، تأكل إلا أن يتحرك شئ منها.

١١ -( باب حكم ما لو وقعت الذبيحة بعد الذكاة من مرتفع أو في ماء فماتت)

[١٩٣٩٦] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن الذبيحة تتردى بعد أن تذبح من مكان عال، أو تقع في ماء أو نار، قال: « إن كنت قد أجدت الذبح وبلغت الواجب منه فكله ».

١٢ -( باب اشتراط استقبال القبلة بالذبيحة مع الامكان، فلا تحل بدونه، إلا أن يكون جاهلا أو ناسيا)

[١٩٣٩٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا أردت أن تذبح ذبيحة فلا تعذب الذبيحة، أحد الشفرة، واستقبل

__________________

الباب ١٠

١ - دائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٩ ح ٦٤٧.

٢ - المقنع ص ١٣٩.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٩ ح ٦٤٩.

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٤ ح ٦٢٥.

١٣٧

القبلة » الخبر.

[١٩٣٩٨] ٢ - وعنه وعن أبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما قالا فيمن ذبح لغير القبلة: « إن كان أخطأ أو نسي أجهل فلا شئ عليه، وتؤكل ذبيحته، وإن تعمد ذلك فقد أساء، ولا نحب أن تؤكل ذبيحته تلك إذا تعمد خلاف السنة ».

وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث: « ويستقبل بها القبلة »(١) .

[١٩٣٩٩] ٣ - الصدوق في المقنع: وإذا ذبحت فاستقبل بذبيحتك القبلة، ولا تبخعها حتى تموت.

١٣ -( باب اشتراط التسمية عند التذكية، والا لم تحل، إلا أن يكون ناسيا فيسمي عند الذكر أو عند الأكل)

[١٩٤٠٠] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا ذبح أحدكم فليقل: بسم الله والله أكبر ».

[١٩٤٠١] ٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « وإن ترك التسمية متعمدا لم تؤكل ذبيحته، وإن جهل ذلك أو نسيه يسمي إذا ذكر وأكل ».

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٤ ح ٦٢٦.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ١٧٩ ح ٦٥١.

٣ - المقنع ص ١٣٩.

الباب ١٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٤ ح ٦٢٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٥.

١٣٨

١٤ -( باب أنه يجزئ في التسمية عند الذبح، التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد)

[١٩٤٠٢] ١ - العياشي في تفسيره: عن محمد بن مسلم قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الرجل يذبح الذبيحة، فيهلل أو يحمد أو يكبر، قال: « هذا كله من أسماء الله تعالى ».

[١٩٤٠٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « ويجزؤه أن يذكر الله وما ذكر الله عز وجل به أجزأه، وإن ترك التسمية متعمدا لم تؤكل ذبيحته » الخبر.

١٥ -( باب أنه يجوز للمجنب أن يذبح، وكذا الأغلف)

[١٩٤٠٤] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه أنه سئل عن

الذبح على غير طهارة، فرخص فيه.

١٦ -( باب أن الجنين ذكاته ذكاة أمه، إذا كان تاما بأن أشعر أو أوبر، ومات في بطن أمه، فيحل أكله، وإلا فلا، وإن خرج حيا لم يحل إلا بالتذكية)

[١٩٤٠٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن قول الله عز وجل:( أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ) (١) قال: « الجنين في بطن أمه، إذا أشعر وأوبر، فذكاتها ذكاته، وإن لم يشعر ولم يوبر فلا

__________________

الباب ١٤

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٧٥ ح ٨٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٥.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤٣.

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤٥.

(١) المائدة ٥: ١.

١٣٩

يؤكل ».

[١٩٤٠٦] ٢ - عوالي اللآلي: روى أبو سعيد الخدري قال: سألنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلنا: يا رسول الله، إنا نذبح الناقة ونذبح البقرة، وفي بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ قال: « كلوه إن شئتم، فإن ذكاة الجنين ذكاة أمه » فروي ذكاة الثاني بالرفع وروي بالنصب، وعلى الأول لا يحتاج على ذكاة، وعلى الثاني لا بد من تذكيته.

الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن أبي سعيد، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(١) .

[١٩٤٠٧] ٣ - وعن قابوس، عن أبيه: أنه ذبح يوما بقرة في بطنها جنين، فمر به عبد الله بن عباس، فأخذ بذنب الجنين، وقال: هذا من بهيمة الأنعام التي أحلت لكم.

[١٩٤٠٨] ٤ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ) (١)

قال: الجنين في بطن أمه إذا أوبر وأشعر، فذكاته ذكاة أمه، فذلك الذي عناه الله.

[١٩٤٠٩] ٥ - الصدوق في المقنع: إذا ذبحت ذبيحة في بطنها ولد، فإن كان تاما فكل، فإن ذكاته ذكاة أمه، وإن لم يكن تاما فلا تأكله.

وروي: إذا أوبر أو أشعر، فذكاته ذكاة أمه.

__________________

٢ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٣٢٢ ح ١٧.

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٨٨.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٨٨.

٤ - تفسير القمي ج ١ ص ١٦٠.

(١) المائدة ٥: ١.

٥ - المقنع ص ١٣٩.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

ولم تشاهد أمة من الأمم محنة أوجع ولا أفجع من كارثة كربلا ، فلم تبق رزية من رزايا الدهر ، ولا فاجعة من فواجع الدنيا الا جرت على سبط رسول اللّه وريحانته وقد الهبت رزاياه العواطف حزنا وأسى وأثارت اللوعة حتى عند اقل الناس احساسا واقساهم قلبا وقد أثرت على الباغي اللئيم عمر بن سعد فراح يبكي من أهوال ما جرى على الامام من فوادح الخطوب.

لقد انتهكت في كارثة كربلا حرمة الرسول (ص) في عترته وذريته يقول الامام الرضا (ع) :

«ان يوم الحسين اقرح جفوننا وأذل عزيزنا ..»

ونعرض الى فصول تلك المأساة الخالدة في دنيا الأحزان ، وما رافقها من الاحداث الموجعة.

زحف الجيش :

وتدافعت القوى الغادرة التي ملئت نفوسها الشريرة بالأحقاد والأضغان على العترة الطاهرة التي تبنت حقوق المظلومين والمضطهدين ، وجاهدت من أجل احقاق الحق.

لقد زحفت طلائع جيش ابن سعد نحو الامام في عصر الخميس لتسع خلون من شهر محرم ، فقد صدرت إلى القيادة العامة الأوامر المشددة من ابن زياد بتعجيل القتال خوفا من أن يتبلور رأي الجيش ويحدث انقسام في صفوفه ، ولما زحف ذلك الجيش كان الحسين جالسا أمام بيته محتبيا بسيفه إذ خفق برأسه ، فسمعت أخته عقيلة بني هاشم زينب (ع) أصوات الرجال وتدافعهم نحو أخيها فانبرت إليه وهي فزعة مرعوبة

١٦١

فايقظته فرفع الامام رأسه فرأى أخته ، فقال لها بعزم وثبات :

«إني رأيت رسول اللّه (ص) في المنام ، فقال : إنك تروح إلينا ..».

وذابت نفس العقيلة ، وانهارت قواها فلطمت وجهها وقالت بنبرات حزينة :

«يا ويلتاه ..»(١)

والتفت ابو الفضل العباس إلى أخيه فقال له : يا أخي أتاك القوم فطلب منه الامام أن يتعرف على خبرهم قائلا له :

«اركب بنفسي أنت يا أخي حتى تلقاهم ، فتقول لهم : ما بدا لكم ، وما تريدون؟».

واسرع ابو الفضل نحوهم ، ومعه عشرون فارسا من اصحابه ، وفيهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر ، وسألهم العباس عن زحفهم ، فقالوا له :

«جاء أمر الأمير ان نعرض عليكم النزول على حكمه أو نناجزكم»(٢) وقفل العباس إلى أخيه يعرض عليه الأمر ، واقبل حبيب بن مظاهر على القوم فجعل يعظهم ، ويذكرهم الدار الآخرة قائلا :

«أما واللّه لبئس القوم يقدمون غدا على اللّه عز وجل ، وعلى رسوله محمد (ص) وقد قتلوا ذريته وأهل بيته المجتهدين بالاسحار ، الذاكرين اللّه كثيرا بالليل والنهار وشيعته الأتقياء الابرار»(٣) .

فرد عليه عزرة بن قيس قائلا :

__________________

(١) ابن الأثير ٣ / ٢٨٤

(٢) انساب الاشراف ق ١ ج ١ ، البداية والنهاية ٨ / ١٧٧

(٣) الفتوح ٥ / ١٧٧

١٦٢

«يا بن مظاهر انك لتزكي نفسك!!»

وانبرى إليه زهير بن القين قائلا :

«اتق اللّه يا بن قيس ، ولا تكن من الذين يعينون على الضلال ، ويقتلون النفس الزكية الطاهرة عترة خيرة الأنبياء»(١) ،

فقال له عزرة :

«كنت عندنا عثمانيا فما بالك؟»

فقال زهير :

«واللّه ما كتبت إلى الحسين ، ولا أرسلت إليه رسولا ، ولكن الطريق جمعني وإياه ، فلما رأيته ذكرت به رسول اللّه وعرفت ما تقدمون من غدركم ، ونكثكم ، وسبيلكم إلى الدنيا فرأيت أن انصره ، واكون في حزبه حفظا لما ضيعتم من حق رسول اللّه (ص)»(٢) .

وعرض ابو الفضل مقالة القوم على اخيه ، فقال له :

«ارجع إليهم فان استطعت أن تؤخرهم إلى غدوة لعلنا نصلي لربنا هذه الليلة ، وندعوه ، ونستغفره فهو يعلم أني أحب الصلاة وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار».

ورجع إليهم ابو الفضل العباس ، فأخبرهم بكلام أخيه ، وعرض ابن سعد الأمر على الشمر خوفا من وشايته اذا استجاب لطلب الامام وأخر القتال فقد كان المنافس الوحيد له على امارة الجيش كما كان عينا عليه ، أو انه أراد أن يكون شريكا له في المسئولية فيما إذا عاتبه ابن زياد على تأخير الحرب.

__________________

(١) الفتوح ٥ / ١٧٧

(٢) انساب الأشراف ق ١ ج ١

١٦٣

وعلى أي حال فان الشمر لم يبد رأيه في الموضوع ، وانما احاله لابن سعد ، وانبرى عمرو بن الحجاج الزبيدي فانكر عليهم احجامهم عن اجابة الامام قائلا :

«سبحان اللّه!! واللّه لو كان من الديلم ثم سألكم هذه المسألة لكان ينبغي أن تجيبوه : :»(١) .

ولم يزد ابن الحجاج على ذلك فلم يقل انه ابن رسول اللّه (ص) خوفا من أن تنقل الاستخبارات العسكرية حديثه الى ابن مرجانة فينال العقاب او العتاب والحرمان منه وايد ابن الأشعث مقالة ابن الحجاج فقال لابن سعد :

«أجبهم إلى ما سألوا فلعمري ليصحبنك بالقتال غدا»

وانما قال ابن الأشعث ذلك لأنه حسب ان الامام يتنازل لابن زياد فلذا رغب في تأخير القتال الا انه لما استبان له ان الامام مصمم على الحرب ندم على كلامه وراح يقول :

«واللّه لو اعلم أنهم يفعلون ما أخرتهم»(٢)

لقد اتخذ ابن الأشعث من خلقه واخلاق اهل الكوفة مقياسا يقيس به قيم الرجال فظن ان الامام سوف يستجيب للذل والهوان ويتنازل عن اداء رسالته الكبرى ، ولم يعلم ان الامام يستمد واقعه واتجاهاته من جده العظيم.

__________________

(١) تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٨٥ ، انساب الاشراف ق ١ ج ١

(٢) انساب الأشراف ق ١ ج ١

١٦٤

تأجيل الحرب الى الصبح :

واستجاب ابن سعد إلى تأجيل الحرب بعد أن رضيت به اكثرية القادة من جيشه ، وأوعز ابن سعد إلى رجل من أصحابه أن يعلن ذلك فدنا من معسكر الحسين وصاح : «يا أصحاب الحسين بن علي قد اجلناكم يومكم هذا إلى غد فان استسلمتم ونزلتم على حكم الأمير وجهنا بكم إليه وان ابيتم ناجزناكم»(١) وارجئ القتال إلى اليوم العاشر من المحرم وظل أصحاب ابن سعد ينتظرون الغد هل يجيبهم الامام أو يرفض ما دعوه إليه.

الامام يأذن لأصحابه بالتفرق :

وجمع الامام اصحابه واهل بيته ليلة العاشر من المحرم ، وطلب منهم أن ينطلقوا في رحاب الأرض ويتركوه وحده ليلقى مصيره المحتوم ، وقد اراد ان يكونوا على هدى وبينة من امرهم ، فقال لهم :

«أثني على اللّه احسن الثناء ، واحمده على السراء والضراء ...

اللهم اني احمدك على ان اكرمتنا بالنبوة وعلمتنا القرآن ، وفهمتنا في الدين وجعلت لنا اسماعا وابصارا وافئدة ولم تجعلنا من المشركين.

أما بعد : فاني لا أعلم اصحابا اوفى ولا خيرا من اصحابي فجزاكم اللّه جميعا عني خيرا ، الا واني لأظن يومنا من هؤلاء الأعداء غدا ، واني قد أذنت لكم جميعا فانطلقوا في حل ليس عليكم مني ذمام ، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من اهل بيتي

__________________

(١) الفتوح ٥ / ١٧٩

١٦٥

فجزاكم اللّه جميعا خيرا ، ثم تفرقوا في سوادكم ومدائنكم حتى يفرج اللّه فان القوم انما يطلبونني ، ولو اصابونني لهوا عن طلب غيري»(١) .

وتمثلت روعة الايمان بهذا الخطاب العظيم الذي كشف جانبا كبيرا عن نفسية الامام رائد الكرامة الانسانية ، فقد تجنب في هذا الموقف الدقيق جميع الوان المنعطفات ، فجعل أصحابه وأهل بيته أمام الأمر الواقع وحدد لهم النتيجة التي لا مفر منها وهي القتل والتضحية وليس هناك شيء آخر غيرها وقد رغب أن يخلوا عنه ، وينصرفوا تحت جنح الظلام فيتخذون منه ستارا دون كل عين فلعلهم يخجلون أن يبتعدوا عنه في ضوء النهار ، أو انهم يخشونه فجعلهم في حل من التزاماتهم تجاهه ، وعرفهم

__________________

(١) ابن الاثير ٣ / ٢٨٥ ، المنتظم لابن الجوزي ، وروي كلامه بصورة اخرى فقد جاء في مقتل الحسين لعبد اللّه ، انه (ع) قال : انتم في حل من بيعتي فالحقوا بعشائركم ومواليكم ، وقال لأهل بيته : قد جعلتكم في حل من مفارقتي فانكم لا تطيقوهم لتضاعف اعدادهم وقواهم وما المقصود غيري فدعوني والقوم فان اللّه عز وجل يعينني ولا يخليني من حسن نظره كعادته مع اسلافنا الطيبين ، ففارقه جماعة من معسكره فقال له اهله : لا نفارقك ويحزننا ما يحزنك ، ويصيبنا ما يصيبك ، وانا اقرب ما تكون الى اللّه اذا كنا معك ، فقال لهم : إن كنتم وطنتم انفسكم على ما وطنت نفسي عليه ، فاعلموا ان اللّه انما يهب المنازل الشريفة لعباده لاحتمال المكاره ، وان اللّه كان خصني مع من مضى من اهلي الذين أنا آخرهم بقاء في الدنيا من الكرامات بما يسهل علي معها احتمال المكروهات فان لكم شطرا من كرامات اللّه ، واعلموا ان الدنيا حلوها ومرها حلم والانتباه في الآخرة والفائز من فاز فيها والشقي من شقي فيها.

١٦٦

انه بالذات هو الهدف لتلك الوحوش الكاسرة فاذا ظفروا به فلا ارب لهم في طلب غيره.

جواب أهل بيته :

ولم يكد يفرغ الامام من كلماته حتى هبت الصفوة الطيبة من أهل بيته ، وهم يعلنون اختيار الطريق الذي يسلكه ، ويتبعونه في مسيرته ولا يختارون غير منهجه ، فانبروا جميعا وعيونهم تفيض دموعا قائلين :

«لم نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك لا أرانا اللّه ذلك أبدا»

بدأهم بهذا القول أخوه ابو الفضل العباس وتابعته الفتية الطيبة من ابناء الأسرة النبوية ، والتفت الامام إلى ابناء عمه من بني عقيل فقال لهم :

«حسبكم من القتل بمسلم اذهبوا فقد أذنت لكم»

وهبت فتية آل عقيل تتعالى اصواتهم قائلين بلسان واحد :

«اذن ما يقول الناس؟ : وما نقول؟ : إنا تركنا شيخنا وسيدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم ، ولم نطعن برمح ، ولم نضرب بسيف ولا ندري ما صنعوا؟ لا واللّه لا نفعل ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا نقاتل معك ، حتى نرد موردك فقبح اللّه العيش بعدك»(١) .

جواب اصحابه :

واترعت قلوب اصحاب الامام ايمانا فقد صهرهم ابو عبد اللّه بمثله التي لا تحد ، فقد رأوا فضائله ومزاياه ، واندفاعه نحو الحق ، وانه

__________________

(١) الطبري ٦ / ٢٣٨ ، تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٨٥

١٦٧

لم يكن يسعى بأي حال لجاه او مال أو سيادة ، وانه قد رفض كل مساومة على حساب أمته ودينه ، مما أثر في أعماق قلوبهم فاستهانوا بالحياة وسخروا من الموت ، وقد اندفعوا يعلنون له الفداء والتضحية وهذه كلمات بعضهم.

١ ـ مسلم بن عوسجة

وانبرى مسلم بن عوسجة ودموعه تتبلور على وجهه فخاطب الامام قائلا :

«أنحن نخلي عنك وبما ذا نعتذر الى اللّه في أداء حقك ، أما واللّه لا أفارقك حتى أطعن في صدورهم برمحي واضرب بسيفي ما ثبت قائمه بيدي ولو لم يكن معي سلاح اقاتلهم لقذفتهم بالحجارة حتى اموت معك».

وعبرت هذه الكلمات عن عميق ايمانه فهو يرى أنه مسئول امام اللّه عن اداء حق ريحانة رسول اللّه (ص) وانه سيبذل جميع طاقاته في الدفاع عنه.

٢ ـ سعيد بن عبد اللّه

وتكلم سعيد بن عبد اللّه الحنفي فاعلن ولاءه الصادق للامام قائلا :

«واللّه لا نخليك حتى يعلم اللّه أنا قد حفظنا غيبة رسوله فيك أما واللّه لو علمت أني اقتل ثم احيا ثم احرق ثم اذرى يفعل بي ذلك سبعون مرة لما فارقتك حتى القى حمامي دونك ، وكيف لا افعل ذلك وانما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها ابدا».

وليس في قاموس الوفاء انبل ولا اصدق من هذا الوفاء انه يتمنى انه تجرى عليه عملية القتل سبعين مرة ليفدي الامام ويحفظ غيبة رسول اللّه (ص)

١٦٨

وكيف لا يستطيب الموت في سبيله وانما هو مرة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها.

٣ ـ زهير بن القين

وانطلق زهير فاعلن نفس الاتجاه الذي اعلنه اخوانه قائلا : «واللّه لوددت أني قتلت ثم نشرت ، ثم قتلت حتى اقتل كذا الف مرة ، وان اللّه عز وجل يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن انفس هؤلاء الفتيان من اهل بيتك ..».

لقد ارتفع هؤلاء الأبطال الى مستوى من النبل لم يبلغه اي انسان ، فاعطوا الدروس المشرقة للفداء في سبيل الحق.

وانبرى بقية اصحاب الامام فاعلنوا الترحيب بالموت في سبيله والتفاني في الفداء من اجله فجزاهم الامام خيرا(١) واكد لهم جميعا انهم سيلاقون حتفهم فتهفوا جميعا :

«الحمد للّه الذي اكرمنا بنصرك ، وشرفنا بالقتل معك ، او لا نرضى ان نكون معك في درجتك يا ابن رسول اللّه».

لقد اختبرهم الامام فوجدهم من خيرة الرجال صدقا ووفاء ، قد اشرقت نفوسهم بنور الايمان ، وتحرروا من جميع شواغل الحياة ، وآمنوا انهم صائرون إلى الفردوس الأعلى ، وكانوا ـ فيما يقول المؤرخون ـ فى ظمأ الى الشهادة ليفوزوا بنعيم الآخرة.

__________________

(١) المنتظم ٥ / ١٧٩ ، تأريخ الطبري ٦ / ٢٣٩.

١٦٩

الامام يكشف مكيدة أهل الكوفة :

وكشف الامام (ع) لاصحابه مكيدة اهل الكوفة له في رسائلهم التي بعثوها إليه بالقدوم لمصرهم قائلا :

«ما كتب إلي من كتب الا مكيدة لي ، وتقربا لابن معاوية»(١) ان الرسائل التي كتبها اكثر اهل الكوفة انما كانت بايعاز من يزيد لأجل ان يقدم الامام إليهم فيقتلوه ، وما كتبوا إليه عن ايمان بعدالة قضيته.

مع محمد بن بشير :

ومن بين أصحاب الامام الذين بلغوا اعلى المستويات في الايمان محمد ابن بشير الحضرمي ، وقد بلغه ان ابنه قد أسر بثغر الري ، فقال :

ما أحب أن يؤسر ، وأنا ابقى بعده حيا ، وأستشعر الامام من هذه الكلمات رغبته في انقاذ ابنه من الأسر فاذن له في التخلي عنه قائلا : أنت في حل فاعمل في فكاك ولدك واندفع البطل العظيم يعلن تصميمه الصادق على ملازمة الامام والفداء في سبيله قائلا :

«اكلتني السباع حيا ان فارقتك ..»(٢) .

اليس هذا اصدق مثل للايمان العميق والفداء الرائع في سبيل الامام لقد احبوه واخلصوا له ، واستهانوا بالموت من اجله.

__________________

(١) انساب الاشراف ق ١ ج ١

(٢) تأريخ ابن عساكر ١٣ / ٥٤ ، تذهيب التهذيب ١ / ١٥٠

١٧٠

انهزام فراس المخزومي :

وفراس بن جعدة المخزومي كانت له رحم ماسة مع الامام فان أباه جعدة أمه أم هانئ بنت أبي طالب ، وكان ممن كاتب الحسين بالثورة على الأمويين أيام معاوية ، وقد التحق بالامام في مكة وسايره في هذه المدة حتى انتهى إلى العراق الا انه لما رأى صعوبة الأمر وتضافر الجيوش على حرب الامام هاله الأمر ، وجبن عن الحرب ، واستولى عليه الرعب والخوف ، وقد ادرك الامام اضطرابه فأذن له في الانصراف ، فانهزم في جنح الليل البهيم(١) ولم يحض بالشهادة ، كما ان قوما آخرين قد انهزموا(٢) ولم يفوزوا بنصرة الامام.

الامام لا يأذن بالشهادة لمن كان عليه دين :

وروى الطبراني أن الامام أمر مناديا ينادي في اصحابه «لا يقتل معنا رجل وعليه دين» فقام إليه رجل من اصحابه فقال له :

__________________

(١) انساب الأشراف ق ١ ج ١

(٢) روت السيدة سكينة قالت : سمعت أبي يقول لمن كان معه انتم جئتم معي لعلمكم اني آتي إلى جماعة بايعوني قلبا ولسانا ، والآن تجدونهم قد استحوذ عليهم الشيطان ، ونسوا ذكر اللّه ، فليس لهم قصد الا قتلي وقتل من يجاهد معي وأخاف ان لا تعلموا ذلك ، او تعلموا ولا تتفرقوا حياء مني ، ويحرم المكر والخديعة عندنا أهل البيت ، فكل من يكره نصرتنا فليذهب الليلة الساترة ، قالت سكينة : فتفرق القوم من نحو عشرة وعشرين حتى لم يبق معه الا ما ينقص عن الثمانين ، جاء ذلك في بغية النبلاء الجزء الثاني.

١٧١

«ان علي دينا وقد ضمنته زوجتي»

فقال (ع) : وما ضمان امرأة؟(١) لقد اراد الامام ان يكون المستشهد بين يديه متحرجا في دينه خالي الذمة من حقوق الناس وأموالهم إلا انه هنا اشكالا فقد انكر الامام ضمان المرأة لما في ذمة زوجها من دين ، والحال ان القواعد الفقهية مجمعة على صحة ضمان المرأة للأموال وغيرها ومساواتها للرجل في هذه الجهة ، وفيما نحسب ان الجملة الأخيرة من الموضوعات ، فقد ذكر البلاذري الخبر الا انه لم يذكر قول الرجل ان علي دينا وقد ضمنته زوجتي.

الامام ينعى نفسه :

وأقبل الامام إلى خيمته فجعل يعالج سيفه ويصلحه ، وهو يقول :

يا دهر أف لك من خليل

كم لك بالاشراق والأصيل

من صاحب وطالب قتيل

والدهر لا يقنع بالبديل

وانما الأمر إلى الجليل

وكل حي سالك سبيل

وقد نعى نفسه الشريفة بهذه الابيات ، وكان في الخيمة الامام زين العابدين والعقيلة زينب اما الامام زين العابدين فلما سمع كلام أبيه عرف ما أراد فخنقته العبرة ، ولزم السكوت وعلم ان البلاء قد نزل ـ حسبما يقول ـ واما عقيلة بني هاشم فانها لما سمعت هذه الأبيات أحست ان شقيقها وبقية اهلها عازم على الموت ومصمم على الشهادة فامسكت قلبها في ذعر ، وو ثبت وهي تجر ذيلها ، وقد فاضت عيناها بالدموع ، فقالت لاخيها بنبرات لفظت فيها شظايا قلبها.

__________________

(١) المعجم الكبير ١ / ١٤١

١٧٢

«وا ثكلاه! وا حزناه! ليت الموت اعدمني الحياة ، يا حسيناه ، يا سيداه ، يا بقية اهل بيتاه ، استسلمت ، ويئست من الحياة ، اليوم مات جدي رسول اللّه (ص) وأمي فاطمة الزهراء وأبي علي واخي الحسن ، يا بقية الماضين وثمال الباقين»(١) .

فقال الامام لها بحنان :

«يا أخية لا يذهبن بحلمك الشيطان»

وانبرت العقيلة الى أخيها وهي شاحبة اللون قد مزق الأسى قلبها الرقيق المعذب فقالت له باسى والتياع :

«أتغتصب نفسك اغتصابا ، فذاك اطول لحزني واشجى لقلبي»

ولم تملك صبرها بعد ما ايقنت أن شقيقها مقتول ، فعمدت إلى جيبها فشقته ، ولطمت وجهها ، وخرت على الارض فاقدة لوعيها(٢) وشاركتها النسوة في المحنة القاسية ، وصاحت السيدة أمّ كلثوم.

«وا محمداه ، وا علياه ، وا أماه ، وا حسيناه ، وا ضيعتنا بعدك»

وأثر المنظر الرهيب في نفس الامام فذاب قلبه الزاكي أسى وحسرات وتقدم إلى السيدات من بنات الوحي فجعل يأمرهن بالخلود إلى الصبر والتحمل لاعباء هذه المحنة الكبرى قائلا :

«يا اختاه ، يا أم كلثوم ، يا فاطمة ، يا رباب ، انظرن اذا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن وجها ، ولا تقلن هجرا»(٣) .

__________________

(١) مقاتل الطالبيين (ص ١١٣)

(٢) انساب الأشراف ق ١ ج ١ ، المنتظم ٥ / ١٧٩ ، البداية والنهاية ٨ / ١٧٧ ، السيدة زينب واخبار الزينبيات (ص ٢٠ ـ ٢١)

(٣) تأريخ الطبري ٦ / ٢٤٠ ، انساب الأشراف ق ١ ج ١

١٧٣

لقد عانى الامام العظيم الوانا قاسية ومذهلة من المحن والخطوب كانت بقدر ايمانه باللّه فلم يكد يفرغ من محنة حتى يواجهه سيل من المحن الكبرى التي لا يطيقها أي انسان.

التخطيط العسكري :

ووضع الامام أرقى المخططات العسكرية وأدقها في ذلك العصر فنظم جبهته تنظيما رائعا ، واحاط معسكره بكثير من الحماية ، فقد خرج في غلس الليل البهيم ، وكان معه نافع بن هلال ، فجعل يتفقد التلاع والروابي وينظر إليها بدقة مخافة أن تكون مكمنا لهجوم الأعداء حين الحرب ، وقد أمر اصحابه بصنع ما يلي :

أولا ـ مقاربة البيوت بعضها من بعض ، بما في ذلك بيوت الهاشميين والأصحاب ، وفيما نحسب أنها كانت عدة صفوف من كل جهة لا صفا واحدا ، وانما صنع ذلك لئلا يكون هناك مجال لتسرب العدو وتخلله من بينها(١)

ثانيا ـ حفر خندق من الخلف محيط بخيم أهله وعياله ، وملئه بالحطب ، لاشعال النار فيه وقت الحرب(٢) وانما امر بذلك لما يلي :

أ ـ ان تكون عوائلهم في مؤمن من العدو اثناء العمليات الحربية فانه لا يتمكن من اقتحام النار والهجوم عليها

ب ـ استقبال العدو من جهة واحدة ، وعدم تعدد الجهات القتالية نظرا لقلة اصحاب الامام ، ولو لا هذا التدبير لأحاط بهم

__________________

(١) البداية والنهاية ٨ / ١٧٧

(٢) وسيلة المال في مناقب الآل (ص ١٩٠) البداية والنهاية ٨ / ١٨٧

١٧٤

العدو من الجهات الأربع وقضى عليهم في فترة وجيزة ، وما طالت الحرب يوما كاملا.

هذه بعض المخططات التي اتخذها الامام (ع) وهي تدل على مدى احاطته التامة في التنظيمات العسكرية ووقوفه على دقائقها.

احياء الليل بالعبادة :

واقبل الامام مع اهل بيته واصحابه على العبادة فاتجهوا الى اللّه بقلوبهم ومشاعرهم ، فكانوا ـ فيما يقول المؤرخون ـ لهم دوي كدوي النحل وهم ما بين راكع وساجد وقارئ للقرآن ، ولم يذق احد منهم طعم الرقاد.

فقد أقبلوا على مناجاة اللّه والتضرع إليه ، وهم يسألونه العفو والغفران

استبشار أصحاب الامام :

واستبشر أصحاب الامام بالشهادة بين يدي ريحانة رسول اللّه (ص) وقد حدث المؤرخون عنهم بما يبهر العقول ، فهذا حبيب بن مظاهر خرج إلى اصحابه وهو يضحك قد غمرته الافراح فأنكر عليه يزيد بن الحصين التميمي قائلا :

«ما هذه ساعة ضحك؟!»

فاجابه حبيب عن ايمانه العميق قائلا :

«أي موضع احق من هذا بالسرور؟! واللّه ما هو الا ان تميل علينا هذه الطغاة بسيوفهم فنعانق الحور العين»(١) .

__________________

(١) رجال الكشي (ص ٥٣)

١٧٥

وداعب برير عبد الرحمن الأنصاري فاستغرب منه وقال له :

«ما هذه ساعة باطل!!»

فأجابه برير :

«لقد علم قومي أني ما احببت الباطل كهلا ولا شابا ، ولكني مستبشر بما نحن لاقون ، واللّه ما بيننا وبين الحور العين الا أن يميل علينا هؤلاء بأسيافهم ، وودت انهم مالوا علينا الساعة»(١) .

وليس في اسرة شهداء العالم مثل هذا الايمان الذي تفجر عن براكين هائلة من اليقين والمعرفة وصدق النية ، وعظيم الاخلاص لقد استبشروا بالفوز في جنان الخلد مع النبيين والصديقين ، وايقنوا انهم يموتون اهنأ موتة واعظمها في تأريخ البشرية في جميع الأجيال والآباد.

سخرية الشمر بالامام :

وكان الامام يصلي ، وقد اشرف عليه الخبيث الدنس شمر بن ذي الجوشن(٢) فسمعه يقرأ في صلاته قوله تعالى :

( وَلاٰ يَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمٰا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمٰا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدٰادُوا إِثْماً ولَهُمْ عَذٰابٌ مُهِينٌ مٰا كٰانَ اَللّٰهُ لِيَذَرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلىٰ مٰا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّٰى يَمِيزَ اَلْخَبِيثَ مِنَ اَلطَّيِّبِ ) (٣) .

فجعل الشمر يهزأ بالامام ، واندفع رافعا صوته :

__________________

(١) الطبري ٦ / ٢٤١ ، البداية والنهاية ٨ / ١٨٧

(٢) وفي البداية والنهاية ٨ / ١٨٧ ان المشرف هو ابو حرب السبيعي عبيد اللّه بن شمير وكان مضاحكا بطالا.

(٣) سورة آل عمران آية ١٧٨

١٧٦

رؤيا الامام الحسين :

وخفق الامام الحسين خفقة بعد ما اعيته الآلام المرهقة ، فاستيقظ ، والتفت إلى أصحابه وأهل بيته فقال لهم :

ـ أتعلمون ما رأيت في منامي؟

ـ ما رأيت يا ابن رسول اللّه؟

ـ رأيت كأن كلابا قد شدت علي تناشبني(١) وفيها كلب أبقع أشدها علي ، وأظن الذي يتولى قتلي رجل ابرص من هؤلاء القوم ...

ثم اني رأيت جدي رسول اللّه (ص) ومعه جماعة من أصحابه ، وهو يقول لي : يا بني أنت شهيد آل محمد ، وقد استبشرت بك أهل السماوات وأهل الصفيح الأعلى ، فليكن افطارك عندي الليلة ، عجل ولا تؤخر هذا ما رأيت وقد أزف الأمر وأقترب الرحيل من هذه الدنيا(٢) .

وخيم على أهل بيته وأصحابه حزن عميق ، وأيقنوا بنزول الرزء القاصم واقتراب الرحيل عن هذه الحياة.

فزع عقائل الوحي :

وفزعت عقائل الوحي كأشد ما يكون الفزع ، فلم يهدأن في تلك الليلة الخالدة في دنيا الأحزان ، وقد طافت بهن تيارات من الهواجس

__________________

(١) تناشبني : مأخوذ من نشب في الشيء إذا وقع فيما لا مخلص منه وفي رواية تنهشني.

(٢) الفتوح ٥ / ١٨١.

١٧٧

والافكار ، وتمثل أمامهن المستقبل الملبد بالكوارث والخطوب ، فما ذا سيجري عليهن بعد مفارقة الحماة من أبناء الرسول (ص)؟ وهن في دار غربة قد أحاط بهن الأعداء الجفاة ، وخلدن الى البكاء والعويل والابتهال إلى اللّه لينقذهن من هذه المحنة التي تقصم الاصلاب.

وأما اعداء أهل البيت فقد باتوا وهم في شوق إلى اراقة تلك الدماء الزكية ليتقربوا بها إلى ابن مرجانة وكانت الخيل تدور وراء معسكر الحسين وعليها عزرة بن قيس الاحمسي(١) خوفا من أن يفوت الحسين من قبضتهم أو يلتحق بمعسكره أحد من الناس.

تطيب الامام وحنوطه :

واستعد الامام هو وأصحابه إلى لقاء اللّه ، ووطنوا نفوسهم على الموت ، وقد أمر (ع) بفسطاط فضرب له ، وأتي بجفنة فيها مسك ، كما أتي بالحنوط ، ودخل الفسطاط فتطيب وتحنط ، ثم دخل من بعده بربر فتطيب وتحنط ، وهكذا فعل جميع أصحابه(٢) استعدادا للموت والشهادة في سبيل اللّه.

يوم عاشوراء :

وما طلع فجر في سماء الدنيا كفجر اليوم العاشر من المحرم في ماسيه واحزانه ، ولا أشرقت شمس كتلك الشمس في كآبتها وآلامها ...

__________________

(١) البداية والنهاية ٨ / ١٨٧

(٢) انساب الأشراف ق ١ ج ١ ، البداية والنهاية ٨ / ١٨٧

١٧٨

فليس هناك حادث في التأريخ يفوق في كوارثه وآلامه تلك المشاهد الحزينة التي تم تمثيلها يوم عاشوراء(١) على صعيد كربلا ، فلم تبق محنة من محن الدنيا ولا غصة من غصص الدهر إلا جرت على ريحانة رسول اللّه (ص) يقول الامام زين العابدين (ع) :

«ما من يوم أشد على رسول اللّه (ص) من يوم أحد قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد اللّه ، وأسد رسوله ، وبعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب ، ثم قال : ولا يوم كيوم الحسين ازدلف إليه ثلاثون الف رجل يزعمون انهم من هذه الأمة كل يتقرب الى اللّه عز وجل بدمه ، وهو باللّه يذكرهم فلا يتعظون حتى قتلوه بغيا وظلما وعدوانا»(٢) .

وبدأ الامام العظيم في فجر اليوم العاشر بالصلاة ، وكان فيما يقول المؤرخون : قد تيمم هو واصحابه للصلاة نظرا لعدم وجود الماء عندهم وقد آتم به أهله وصحبه(٣) وقبل أن يتموا تعقيبهم دقت طبول الحرب من معسكر ابن زياد ، واتجهت فرق من الجيش وهي مدججة بالسلاح تنادي بالحرب أو النزول على حكم ابن مرجانة.

__________________

(١) عاشوراء : اسم لليوم العاشر من المحرم ، قيل ان التسمية قديمة وانما سمي بذلك لاكرام عشرة من الأنبياء فيه بعشر كرامات ، جاء ذلك في الأنوار الحسينية (ص ٢٢) للبلاوي.

(٢) بحار الأنوار ٩ / ١٤٧.

(٣) حجة السعادة في حجة الشهادة لاعتماد السلطنة حسن بن علي ، فارسي ترجمه إلى اللغة العربية الامام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء وهو من مخطوطات مكتبته العامة.

١٧٩

دعاء الامام :

وخرج أبي الضيم فرأى البيداء قد ملئت خيلا ورجالا ، وقد شهرت السيوف والرماح ، وهم يتعطشون إلى اراقة دمه ودماء البررة من أهل بيته وأصحابه لينالوا الأجر الزهيد من ابن مرجانة فدعا (ع) بمصحف فنشره على رأسه ، وأقبل على اللّه يتضرع إليه قائلا :

«اللهم أنت ثقتي في كل كرب ، ورجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة ، كم من هم يضاعف فيه الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو ، أنزلته بك وشكوته إليك رغبة مني إليك عمن سواك ففرجته وكشفته وكفيته ، فانت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل رغبة»(١) .

ويلمس في هذا الدعاء مدى ايمانه العميق فقد اناب الى اللّه واخلص له في جميع مهامه فهو وليه ، والملجأ الذي يلجأ إليه في كل نازلة نزلت به.

اشعال النار في الخندق :

وأمر الامام في أول الصبح باشعال النار في الخندق الذي كان محيطا بخيم النساء ليحميها من هجوم الخيل ، كما لا تتعدد عليهم جبهات القتال وتنحصر في جهة واحدة.

__________________

(١) تأريخ ابن عساكر ١٣ / ١٤ البداية والنهاية ٨ / ١٦٩ ، تأريخ ابن الأثير ٣ / ٢٨٧.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496