حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ١

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام0%

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 530

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام

مؤلف: باقر شريف القرشي
الناشر: دار البلاغة
تصنيف:

الصفحات: 530
المشاهدات: 199687
تحميل: 6679


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 530 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 199687 / تحميل: 6679
الحجم الحجم الحجم
حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
العربية

من ابغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وادر الحق معه حيث دار الا فليبلغ الشاهد الغائب »(1)

ولما انهى6 خطابه الشريف الحافل بتكريم أمير المؤمنين7 وتقليده للخلافة العظمى انبرى الى النبي (ص) حسان ابن ثابت فاستأذنه ان يتلو احدى روائع نظمه ليصف بها هذه المناسبة الخالدة فاذن له في ذلك فانطلق يقول :

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخم واسمع بالرسول مناديا

فقال فمن مولاكم ونبيكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت نبينا

ولم تلق منا في الولاية عاصيا

فقال له : قم يا على فانني

رضيتك من بعدى إماما وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليه

فكونوا له اتباع صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليه

وكن للذى عادى عليا معاديا(2)

واقبل المسلمون على اختلاف طبقاتهم يبايعونه بالخلافة ويهنئونه بامرة المؤمنين ، وأمر الرسول6 أمهات المؤمنين أن يسرن إليه ويهنئنه(3) وممن هنأه عمر بن الخطاب فقد صافحه وقال له :

__________________

(1) حديث الغدير من الاحاديث المتواترة القطعية ، اجمع المسلمون على روايته ، وقد بحث عنه من حيث السند والدلالة نابغة الاسلام سماحة الحجة الاميني سلمه الله في موسوعته الخالدة « الغدير » وقد خص الجزء الاول من كتابه في البحث عن ذلك ، وصحب معه في بقية الاجزاء جيشا من الشعراء والادبا الذين أشادوا بذكرى الغدير فترجم لهم وذكر ما لهم من التراث الأدبى والعلمي.

(2) الغدير 2 / 34

(3) الغدير 1 / 271 نقلا عن روضة الصفا للمؤرخ خاوندشاه في الجزء الثانى ص 1 / 273

١٠١

« هنيئا يا ابن أبي طالب اصبحت وامسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة »(1)

وفي ذلك اليوم الخالد في دنيا الحق والفضيلة نزلت هذه الآية الكريمة :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (2)

لقد تمت النعمة الكبرى ، وكمل الدين بولاية أمير المؤمنين ، وامام المتقين ، وقد خطا النبي6 بذلك الخطوة الاخيرة للمحافظة على المجتمع الاسلامي وعلى التشريع الاسلامي فلم يترك الامة حيرى تسودها الفوضى والانحلال بل نصب لها علما وهاديا ومرشدا الى سواء السبيل.

ان بيعة الغدير من اوثق الادلة واكثرها وضوحا على اختصاص الخلافة والامامة بالامام أمير المؤمنين7 ، وقد احتج بها الامام الحسن على احقية أبيه بالخلافة وذلك في خطابه الذي القاه بعد الصلح فقد جاء فيه : « إنا أهل بيت أكرمنا الله بالاسلام ، واختارنا واصطفانا واذهب عنا الرجس ، وطهرنا تطهيرا ، لم تفترق الناس فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما من آدم الى جدي محمد صلى الله فلما بعثه الله للنبوة واختاره للرسالة وانزل عليه كتابه ثم امره بالدعاء الى الله عز وجل فكان أبي اول من استجاب لله ولرسوله ، وأول من آمن وصدق الله ورسوله6 وقد قال الله في كتابه المنزل على نبيه المرسل :( أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ ) فجدى الذي على بينة من ربه وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه « إلى أن قال » وقد سمعت هذه الامة جدي

__________________

(1) مسند احمد 4 / 281

(2) سورة المائدة ذكر نزول الآية في يوم الغدير السيوطي فى الدر المنثور والخطيب البغدادي في تاريخه 8 / 290 وغيرهما

١٠٢

يقول : ما ولت امة امرها رجلا ، وفيهم من هو اعلم منه الا لم يزل يذهب أمرهم سفالا حتى يرجعوا الى ما تركوه. وسمعوه يقول لابي : أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي. وقد رأوه وسمعوه حين أخذ بيد أبي بغدير خم ، وقال لهم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وآل من والاه وعاد من عاده ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب »(1)

لقد حفلت كتب التاريخ الاسلامي بذكر احتجاج أهل البيت: واعلام شيعتهم ببيعة الغدير على أحقية الامام أمير المؤمنين بمنصب الخلافة الاسلامية ، ولكن القوم أعرضوا عن الحديث وأولوه حسب ميولهم وأهوائهم.

استغفاره لاهل البقيع :

ولما رجع الرسول الله عليه وآله من حجه إلى يثرب اقام بها حفنة من الايام ، وقد احاطت به الهواجس والهموم وارق ليلة طال فيها أرقه فاستدعى أبا مويهبة(2) في الليل البهيم فلما مثل عنده أمره بمصاحبته الى البقيع وقال له :

« لقد أمرت بالاستغفار لاهل البقيع فلذا بعثت إليك للانطلاق معى »

وسار الرسول6 حتى انتهى الى البقيع فسلم على الاموات وهنأهم بما هم فيه وأخذ يخبر عن الفتن السود التي ستنصب على أمته من بعده قائلا :

__________________

(1) الغدير 1 / 197

(2) ابو مويهبة مولى لرسول الله اشتراه واعتقه

١٠٣

« السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنئكم ما اصبح الناس فيه ، فقد اقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها اولها ، الآخرة شر من الاولى »

وانطلق يحدث ابا مويهبة عن مغادرته لهذه الحياة قائلا له :

« إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلود فيها ثم الجنة بعد ذلك فاخترت لقاء ربي والجنة »

فقال له أبو مويهبة : بأبي أنت وأمي ألا تأخذ مفاتيح خزائن الدنيا وتكون مخلدا فيها ثم الجنة بعد ذلك؟ »

فاجابه الرسول6 عن رغبته الملحة في ملاقاة الله « لا والله لقد اخترت لقاء ربي » ثم استغفر لاهل البقيع وانصرف الى منزله(1)

سرية اسامة :

ولما علم الرسول6 أن لقاءه بربه لقريب أراد أن يعزز خلافة أمير المؤمنين7 التي عقد أواصرها فى « غدير خم » وأن يقضي على روح الشغب والتمرد ليتم الامر بعد وفاته بسهولة الى الامام7 فرأى أن خير ضمان لتحقيق ذلك اخلاء عاصمته من جميع المناوئين للامام7 وارسالهم الى ساحة الجهاد لغزو الروم فأمر أصحابه بالتهيؤ الى ذلك ولم يبق احدا من أعلام المهاجرين والانصار كابي بكر وعمرو أبي عبيدة وبشير بن سعد وامثالهم(2) وأمر

__________________

(1) سيرة ابن هشام 3 / 93 تاريخ الطبري 3 / 190 وذكر المجلسي في بحاره 6 / 121 ان رسول الله (ص) لما احس بالمرض اخذ بيد علي7 وتبعه فريق من الناس فتوجه الى البقيع واستغفر لاهله.

(2) كنز العمال 5 / 312 ، طبقات ابن سعد 4 / 46 ، تاريخ الخميس 2 / 46

١٠٤

عليهم اسامة بن زيد(1) وذلك لأربع ليال بقين من صفر سنة احدى عشر للهجرة ، وقال لاسامة : « سر الى موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش ، فاغز صباحا على أهل ابنى(2) وحرّق عليهم ، واسرع السير لتسبق الاخبار ، فان أظفرك الله عليهم فاقل اللبث فيهم ، وخذ معك الأدلاء ، وقدم العيون والطلائع معك »

وفى اليوم الثامن والعشرين من شهر صفر ألم المرض به فاصابته حمى ملازمة وصداع شديد قيل انهما كانتا مسببين عن الطعام المسموم الذي ذاقه في خيبر فكان يقول! « ما زلت أجد ألم الطعام الذي اكلته بخيبر(3)

ولما اصبح اليوم التاسع والعشرين من صفر رأى أصحابه وقد دب فيهم التمرد والتخاذل خرج بنفسه مع ما مني به من المرض فحثهم على

__________________

(1) اسامة بن زيد : بن حارثة بن شراجيل بن كعب بن عبد العزى الكلبي أمه أم ايمن ، واسمها بركة مولاة رسول الله (ص) وحاضنته اختلف فى سنه يوم مات رسول الله (ص) فقيل ابن عشرين سنة ، وقيل ابن تسع عشرة ، وقيل ابن ثمان عشرة سنة ، سكن بعد موت النبي (ص) وادى القرى ثم رجع الى المدينة فمات بالجرف في آخر خلافة معاوية وكانت وفاته سنة ثمان او تسع وخمسين من الهجرة وقيل سنة اربع وخمسين جاء في الاستيعاب المطبوع عن هامش الاصابة 1 / 34 ـ 35 ، ومما يؤسف انه انحرف عن الحق فانه لم يبايع امير المؤمنين حينما آلت إليه الخلافة والسبب في ذلك ان هبات الامويين واموالهم الوفيرة التي اغدقوها عليه حرفته عن امير المؤمنين.

(2) ابنى ـ بضم الهمزة وسكون الباء ثم نون مفتوحة بعدها الف مقصورة ـ : ناحية بالبلقاء من ارض سوريا بين عسقلان والرملة وهي قرب موتة التي استشهد عندها زيد بن حارثة وجعفر بن ابي طالب.

(3) مستدرك الحاكم 3 / 58

١٠٥

المسير وحفزهم على الخروج ، وعقد اللواء بنفسه لأسامة وقال له :

« اغز بسم الله ، وفي سبيل الله ، وقاتل من كفر بالله »

فخرج بلوائه معقودا ودفعه الى بريدة ، وعسكر بالجرف ، وتثاقل القوم من الالتحاق به واظهروا التمرد والتخاذل يقول عمر لاسامة :

« مات رسول الله6 وأنت علي امير؟! »(1)

وانطلقت السنتهم بالنقد اللاذع والاعتراض المر على تأمير أسامة ، وتثاقلوا من الالتحاق بالجيش فوصلت كلماتهم الى مسمع الرسول6 وقد ازدادت به الحمى المبرحة واخذ منه الصداع القاسي مبلغا ليس بالقليل فغضب6 وخرج وهو معصب الرأس مدثر بقطيفته وقد برّح به الحزن لانه رأى أن الوسيلة التي مهدها لغايته ستبوء بالفشل وعدم النجاح فصعد المنبر وذلك في يوم السبت لعشر خلون من ربيع الاول ، فاظهر سخطه البالغ وغضبه الشديد على عدم تنفيذهم لأوامره قائلا :

« أيها الناس ، ما مقالة بلغتنى عن بعضكم في تأميرى أسامة؟ ولئن طعنتم في تاميرى اسامة لقد طعنتم في تأميرى أباه من قبله وايم الله إنه كان لخليقا بالامارة وان ابنه من بعده لخليق بها »

ثم نزل عن المنبر ودخل بيته(2) وجعل يوصى بالالتحاق به وهو يقول :

« جهزوا جيش اسامة »

« نفذوا جيش اسامة »

« لعن الله من تخلف عن جيش أسامة »

__________________

(1) السيرة الحلبية 3 / 34 وغيره من المحدثين والمؤرخين

(2) السيرة الحلبية 3 / 34

١٠٦

ولم تثر حفائظ نفوسهم هذه الأوامر المشددة ، ولم يرهف عزيمتهم هذا الاهتمام البالغ من النبي6 وهو في ساعاته الأخيرة فقد تثاقلوا عن الخروج ، وتخلفوا عن الجيش ، واعتذروا للرسول6 بشتى المعاذير وهو ـ بأبي وأمي ـ لم يمنحهم العذر ، وأظهر لهم الغيظ والسخط ، والمتأمل في هذا الحادث الخطير يستنتج ما يلي :

1 ـ إن اهتمام النبيّ6 بشأن اخراج القوم من يثرب ولعنه لمن تخلف من الالتحاق بجيش اسامة يدل بوضوح لاخفاء فيه على غايته المنشودة وهي اخلاء عاصمته من الحزب المعارض لامير المؤمنين7 ليصفو له الأمر بسهولة ، وتتم له الخلافة بهدوء وسلام.

2 ـ ان تخلف القوم عن الجيش وطعنهم في تأمير اسامة ما كان المقصود منه الا الظفر بالسلطة والحكم ، واحكام قواعد سياستهم فانهم اذا انصرفوا الى الغزو ونزحوا عن عاصمة الرسول6 فان الخلافة لا محالة تفوت من أيديهم ، ولا مجال لهم حينئذ الى التمرد والخلاف.

3 ـ ان السبب في عدم تولية الرسول6 قيادة الجيش لذوي السن والموجهين من الصحابة انما هو للاحتياط على مستقبل الأمة ، وصيانتها من الاضطراب والفتن من بعده ، فانه لو اسند القيادة إليهم لاتخذوها وسيلة الى أحقيتهم بالخلافة ومطالبتهم بالحكم فسد6 عليهم هذه النافذة لئلا يتصدع شمل الامة ، ويضطرب أمنها.

وأما الحكمة من تأميره6 لأسامة وهو حدث السن فقد كان عمره آنذاك سبعة عشر عاما او يزيد عليها بيسير فهي ما يلي :

( أ ) ـ سد جميع نوافذ الخلاف والطعن في خلافة امير المؤمنين عليه

١٠٧

السلام لأنه حدث السن فان أسامة اصغر منه سنا وقد اسند إليه اهم الوظائف العسكرية في جيشه.

( ب ) ـ الغاء التقدم في السن ، وعدم الاعتناء به في استحقاق المناصب الرفيعة مع حرمان الشخص من القابليات والمواهب ، فان ادارة شئون الامة وقيادتها انما يستحقها ذوو الكفاءات والحزم والادارة وقد صرح6 بهذه الفكرة الاصلاحية بقوله :

« من تقدم على قوم من المسلمين وهو يرى أن فيهم من هو أفضل منه فقد خان الله ورسوله ، والمسلمين »(1)

وقال6 : « من استعمل عاملا من المسلمين ، وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين »(2) ان الاسلام يحرص كل الحرص على تعيين خيرة الرجال واكثرهم كفاءة للعمل في جهاز الحكم ليضعوا المصلحة العامة نصب اعينهم ويكونوا أمناء فيما يجبونه من الناس وفيما ينفقونه على المرافق العامة ، وان يسيروا بين الناس بسيرة قوامها العدل الخالص ، ولا يكون ذلك بتقدم السن وانما يكون بالدراية والاطلاع على ما تحتاج إليه الامة في جميع مجالاتها العامة(3)

( ج ) ـ انه6 في تاميره لاسامة قد كبح جماح المناوئين لأمير المؤمنين ، وكسر شوكتهم وحطم معنوياتهم ، واقصاهم الى حد بعيد ، وقد فطنوا الى ما دبر6 فطعنوا في تأمير

__________________

(1) سنن البيهقي : 10 / 111 مجمع الزوائد

(2) تمهيد الباقلاني : ص 190

(3) قد بسطنا البحث فى هذه الجهة في كتابنا الماثل للطبع نظام الحكم والادارة فى الاسلام.

١٠٨

أسامة ، وتثاقلوا من الالتحاق بكتيبته ، ولم يبرحوا مقيمين بالجرف حتى لحق الرسول6 بالرفيق الاعلى.

هذه بعض البوادر التي تطل على المتأمل في سرية أسامة وهي صريحة الدلالة على قصده6 من تمهيد الأمر للامام امير المؤمنين بعد وفاته بهدوء وسلام(1) كما تدل بوضوح على وجود الموامرة الخطيرة التي دبرها القوم ضد خليفته ووصيه كما ولعلنا سنذكر ذلك مفصلا فى بعض الفصول.

اشتداد مرضه :

واشتدت الحمى عليه حتى كأن به لهبا منها ، وكانت عليه قطيفة فاذا وضع أزواجه وعواده أيديهم عليها شعروا بحرها(2) ووضعوا الى جواره إناء فيه ماء بارد فما زال يضع يده فيه ويمسح به وجهه ، واقبل المسلمون يهرعون الى عيادته وقد خيم عليهم الجزع والذهول فازدحمت حجرته بهم فنعى إليهم نفسه واوصاهم بما يضمن لهم السعادة والنجاح قائلا :

« أيها الناس يوشك أن اقبض قبضا سريعا فينطلق بي ، وقد قدمت إليكم القول معذرة إليكم الا اني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل وعترتى أهل بيتي »

ثم اخذ بيد علي فرفعها وقال :

« هذا علي مع القرآن ، والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض »(3)

__________________

(1) المراجعات والنص والاجتهاد للامام شرف الدين ، وقد حلل فيهما سرية اسامة ، تحليلا رائعا.

(2) حياة محمد لهيكل ص 484.

(3) الصواعق المحرقة لابن حجر

١٠٩

وكان الاجدر بالأمة أن تتابع الرسول6 وتواكب أرائه فتتبع أمير المؤمنين وتسلم له قيأتها لانه يسير بمنهج القرآن ويحكم بما انزل الله ، ولو انها حققت ذلك بعد وفاة رسول الله6 لنجت من جميع النكسات وما اصيبت به من الفتن والخطوب ، ولتقدم الاسلام بخطى ثابتة متزنة وسادت في العالم مبادئ الحق والعدالة.

اعطاء القصاص من نفسه :

وخرج علة الكائنات وسيد الموجودات وهو مثقل قد تعصب بعمامته ليعلن المساواة العادلة التي جاء بها ، ويعطي القصاص من نفسه لو كان منه اعتداء على اي انسان فاعتلى أعواد المنبر وبين للمسلمين مدى ما عاناه من الجهود في سبيل ارشادهم وهدايتهم ثم قال :

« ان ربي عز وجل حكم واقسم أن لا يجوزه ظلم ظالم ، فانشدكم بالله أي رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة الا قام ليقتص مني فالقصاص في دار الدنيا أحب الى من القصاص فى دار الآخرة على رءوس الملائكة والأنبياء »

ووجم الحاضرون عن الجواب ، وذهلوا حتى عن نفوسهم ، وساد فيهم صمت رهيب أى واحد له ظلامة او حق عند الرسول6 وهو مشرع العدالة الكبرى ومثال اللطف الالهي ، وقد خيم عليهم الجزع لأنهم عرفوا أن كلامه كلام مودع لهذه الحياة ، وانبرى من اقصى القوم شخص يسمى سوادة بن قيس فادعى ان رسول الله6 اصابه بسوط في بطنه ، وهو يريد القصاص منه فأمر6 بلالا أن يحضر له السوط ليقتص منه سوادة وانطلق بلال وهو مبهور قد ملكت احاسيس نفسه هذه العدالة الكبرى فراح يجوب في ازقة يثرب

١١٠

وهو رافع عقيرته قائلا :

« أيها الناس اعطوا القصاص من أنفسكم في دار الدنيا ، فهذا رسول الله قد اعطى القصاص من نفسه »

ومضى الى دار النبي6 فاخذ السوط ، وجاء به الى رسول الله6 فأمره أن يدفعه الى سوادة ليقتص منه وتوجه المسلمون بقلوبهم قبل ابصارهم الى سوادة ينظرون هل يقتص من النبي6 ؟ وهو بتلك الحالة قد فتك به المرض وأضناه السقام ، وانبرى سوادة وهو مرتعش الخطا قد غمرته عظمة الرسول وهيبته فقال له :

« يا رسول الله اكشف لي عن بطنك »

فكشف6 عن بطنه فقال له سوادة بصوت خافض :

يا رسول الله ، أتاذن لي أن اضع فمي على بطنك؟

فاذن له6 فوضع سوادة فمه على بطن رسول الله6 ودموعه تتبلور على خديه وهو يقول :

« اعوذ بموضع القصاص من رسول الله من النار يوم النار »

فقال له النبي6 : اتعفو يا سوادة أم تقتص؟

بل اعفو يا رسول الله

فرفع6 يده بالدعاء له قائلا :

اللهم ، اعفو عن سوادة كما عفا عن نبيك محمد(1)

وتصدعت قلوب المسلمين ، وبلغ بهم الحزن الى قرار سحيق ، وايقنوا بنزلة القضاء المرهوب والرزء القاصم

__________________

(1) البحار 6 / 1035

١١١

توجع الزهراء

واحاط الاسى بابنة الرسول وألم بها الخطب واضر الحزن بقلبها الرقيق المعذب ، فقد شاهدت أباها يعاني اشد الألم والكرب وهو يقول :

( وا كرباه )

ويمتلئ قلبها باللوعة والحزن فتجيبه

« وا كربا لكربك يا أبتي »

فنظر إليها وقد غام بصرها بالدموع فاشفق عليها وقال لها :

« لا كرب على أبيك بعد اليوم »

ولما اشتدت حالته تغير وضع الزهراء (ع) فكانت شاحبة اللون خائرة القوى ذاهلة اللب قد ساورتها الهواجس والهموم واحاطت بها الآلام والاحزان فلما رآها تصدع قلبه وأراد أن يزيل عنها كابوس الحزن فاجلسها الى جنبه فاسر إليها بحديث فلم تملك عند سماعه الا ان تجرى عيناها بالدموع ومال6 إليها ثانية فالقى عليها كلاما قابلته ببسمات فياضة بالبشر والرضا ، وعجبت عائشة من هذا الصنيع وراحت تقول :

« ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن!! »

وسألتها عما قال لها رسول الله6 فامتنعت عن اجابتها ، ولما تصرمت الايام اخبرت عن سبب ذلك البكاء والسرور فقالت أخبرني :

« ان جبرئيل كان يعارضني بالقرآن فى كل سنة مرة ، وانه عارضني هذا العام مرتين ، وما اراه الا قد حضر أجلى »

فهذا سبب لوعتها وبكائها واما سبب سرورها فتقول أخبرني.

١١٢

« انك اول أهل بيتي لحوقا بي ، ونعم السلف انا لك ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الامة »

لقد دفع6 عن حبيبته الأسى باخبارها بعدم طول الفراق بينها وبينه ، ولما علمت أن لقاء أبيها بربه لقريب انطلقت الى بيتها فجاءت بولديها وهي تذرف من الدموع مهما ساعدتها الجفون فقالت له : « أبه هذان والداك فورثهما منك شيئا »

فافاض عليهما الرسول من مكرمات نفسه ، وورثهما من كمالاته قائلا :

« اما الحسن فان له هيبتي ، وسؤددي ، وأما الحسين فان له جرأتى وجودي »(1)

ويقوم الحسن من عنده وقد ورث منه الهيبة والسؤدد ، وورث منه سيد الشهداء الجرأة والجود ، وهل هناك مما تحويه البسيطة ميراث خير من هذا الميراث الحاوي لكمالات النبوة وسؤددها ، وقد كان الحسن بحكم ميراثه رمزا للهيبة الأحمدية ، ومثالا للسؤدد النبوي فقد روى ( أنه كان عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك. )(2)

التصدق بما عنده

وكانت عند الرسول6 قبل مرضه سبعة دنانير فخاف أن يقبضه الله إليه وهي عنده فأمر أهله أن يتصدقوا بها ، ولكن انشغالهم بتمريضه والقيام بخدمته انساهم تنفيذ أمره ، فلما افاق من مرضه سألهم ما فعلوا بها؟ فاجابوه أنها ما تزال باقية عندهم فطلب منهم أن

__________________

(1) كنز العمال 7 / 110 شرح النهج 4 / 4.

(2) مناقب ابن شهر اشوب.

١١٣

يحضروها فلما جيء بها إليه وضعها فى كفه وقال :

« ما ظن محمد بربه لو لقى الله وعنده هذه »(1)

ثم تصدق بها على فقراء المسلمين ، ولم يبق منها عنده شيء.

الرزية الكبرى

واستشف الرسول6 من وراء الغيب أن امته من بعده سوف تنصب عليها الفتن كقطع الليل المظلم وتتوالى عليها الخطوب السود فترتد على اعقابها بعد الايمان ـ كما اخبر6 ـ فكبر ذلك وعظم عليه ، وزاد في حزنه وأساه وهو في ساعاته الأخيرة اطلاعه على المؤامرة الكبرى التي دبرت ضد وصيه وخليفته وباب مدينة علمه وذلك بتخلف القوم وتثاقلهم عن الالتحاق بسرية أسامة فرأى6 أن يسلك طريقا آخر يصون امته من الضلال ويحميها من الفتن والاخطاء فقال6 :

« ائتوني بالكتف والدواة ، اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا(2)

ما اعظمها من نعمة ، واغلاها من فرصة لو استغلوها وسارعوا الى تنفيذها وتحقيقها لوقوا انفسهم ووقوا الاجيال اللاحقة من الزيغ والانحراف ولكنهم حرموا أنفسهم السعادة ، وسدوا نوافذ الرحمة والهداية عليهم وعلى من يليهم من الاجيال ، فقد خدعتهم الدنيا وتهالكوا على الامرة وعلموا قصد الرسول6 وعرفوا غايته انه سيوصي بامير المؤمنين ويعزز بيعة يوم الغدير فتفوت بذلك أهدافهم وتضيع مصالحهم فانبرى إليه أحدهم بكل وقاحة

__________________

(1) مسند احمد 1 / 355 وغيره.

(2) الرواية اخرجها الطبراني فى الاوسط ، والبخاري ومسلم.

١١٤

وصلافة رادا عليه قائلا :

« حسبنا كتاب الله »

والمتأمل في هذا الرد تنفتح أمامه الكوة التي تطل على تآمرهم وعلى مخططاتهم في اقصاء أمير المؤمنين عن جهاز الحكم فانهم لو كانوا يحتملون ان رسول الله6 لا يوصي بالخلافة إليه وانما يوصي بحماية الثغور أو بالمحافظة على طقوسه الدينية لما قابلوه بهذه الجرأة وماردوا رغبته ، ولكنهم علموا ما يريده فقاموا بعمليات التخريب والافساد ، وعلى اي حال فقد كثر الخلاف والتشاجر فى ذلك ، وانطلقت النسوة من وراء الستر فقلن لهم :

« الا تسمعون ما يقول رسول الله :؟ »

فثار عمر وصاح فيهن لئلا يفسد عليهم الامر قائلا :

« انكن صويحبات يوسف إذا مرض عصرتن اعينكن ، واذا صح ركبتن عنقه »

فرمقه الرسول6 بطرفه وقد ازعجه كلامه فقال له :

« دعوهن فانهن خير منكم »

وكادت أن تفوز الجبهة التي رغبت في تنفيذ ارادة الرسول فانبرى احد المعارضين فسدد لهم سهما افسد عليهم أمرهم فقال : ويا لهول ما قال :

« إن النبي ليهجر »(1)

__________________

(1) ذكر الحادثة البخاري عدة مرات في 4 / 69 وص 99 وفي ج 6 / 8 وكتم اسم القائل لهذه الكلمة وصرح ابن الاثير فى نهاية غريب الحديث وغيره ان القائل هو عمر بن الخطاب ، وقد اعترف عمر في حديثه مع ابن عباس انه صد النبي (ص) عن الكتابة فى علي وعترته ، كما في شرح النهج المجلد الثالث ص 114

١١٥

اي خطب حل بالاسلام مثل هذا الخطب ، وأى رزية مني بها المسلمون مثل هذه الرزية أفيحكم على علة الموجودات وسيد الكائنات بالهجر؟ لقد رجع القوم الى جاهليتهم الاولى وتناسوا مقام النبي6 فقابلوه بأمر الكلام وأقساه ، فانا لله وإنا إليه راجعون.

إنها الرزية الكبرى ، والرزء القاصم الذي يذيب هوله القلوب ، فقد حيل بين المسلمين وبين سعادتهم ، وأقصي عنهم الخير ، وكان ابن عباس اذا ذكر الحادث المؤلم يتفجع ويبكي حتى تسيل دموعه على خديه كأنها نظام اللؤلؤ ويتنهد ويقول : يوم الخميس ، وما يوم الخميس! قال رسول الله : ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا ان تضلوا بعده أبدا فقالوا ان رسول الله يهجر(1)

ولم يسمعوا نصوص القرآن الكريم وهي تتلى عليهم آناء الليل ، وأطراف النهار ، وقد دلت على عصمة النبي6 قال تعالى :( ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ) وقال تعالى :( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ) الى غير ذلك من الآيات التي نصت على عصمته من الهجر ، ولكن القوم قد غرتهم الدنيا ، وراقهم زبرجها فانحرفوا عن طريق الحق ، ومالوا عن سنن العدل ، وتركوا الأمة تتردى فى ميادين الجهالة والغواية ، وسدوا عليها نوافذ الرحمة والهداية.

الى الرفيق الاعلى

ولما قرب دنو النبي6 الى حظيرة القدس بعث الله

__________________

(1) مسند احمد 1 / 355

١١٦

إليه ملك الموت ليسمو بروحه الطاهرة الى جنة المأوى ، والى سدرة المنتهى وجاء ملك الموت فاستأذن من أهل بيت الوحي بالدخول على رسول الله6 فاخبرته الزهراء3 بأن النبي6 في شغل عنه لأنه كان قد أغمي عليه من شدة المرض ، وبعد برهة كرر الطلب فافاق الرسول6 من اغمائه فقال لابنته :

ـ أتعرفيه؟

ـ لا يا رسول الله

ـ إنه معمر القبور ، ومخرب الدور ، ومفرق الجماعات

فانهد كيانها ، واحاط بها الذهول ، وارسلت ما في عينها من دموع وراحت تقول بصوت خافت حزين النبرات « وا ويلتاه لموت خاتم الأنبياء وا مصيبتاه لممات خير الاتقياء ، ولانقطاع سيد الاصفياء ، وا حسرتاه لانقطاع الوحي من السماء ، فقد حرمت اليوم كلامك »

واشفق الرسول6 على بضعته فارسل لها كلمة فيها سلوى وعزاء فقال لها :

« لا تبكي فانك اول أهلي لحوقا بي »(1)

واذن6 لملك الموت بالدخول عليه فلما مثل عنده قال له :

« يا رسول الله ، إن الله ارسلني إليك وأمرني أن اطيعك فى كل ما تأمرني إن أمرتني أن اقبض نفسك قبضتها ، وان امرتني أن أتركها تركتها »

فقال6 أتفعل يا ملك الموت؟

بذلك أمرت أن أطيعك في كل ما أمرتني.

__________________

(1) درة الناصحين ص 66

١١٧

ثم دخل جبرئيل فقال : يا احمد ان الله قد اشتاق إليك »(1)

ولما علم أهل البيت أن النبي6 سيفارقهم فى هذه اللحظات اذهلهم الخطب وبلغ بهم الحزن الى قرار سحيق ، وجاء الحسن والحسين فالقيا بانفسهما على الرسول ليودعاه الوداع الأخير وهما يذرفان الدموع فجعل6 يقبلهما وهما يقبلانه وأراد أمير المؤمنين أن ينحيهما عنه فقال6 :

« دعهما يتمتعان مني واتمتع منهما فستصيبهما بعدي أثرة »

ثم التفت الى عواده فقال لهم :

« قد خلفت فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فالمضيع لكتاب الله كالمضيع لسنتي ، والمضيع لسنتي كالمضيع لعترتي انهما لن يفترقا حتى اللقاء على الحوض »(2)

واستدعى وصيه وخليفته امير المؤمنين فقال له :

« ضع رأسي فى حجرك فقد جاء أمر الله فاذا فاضت نفسي فتناولها وامسح بها وجهك ، ثم وجهنى الى القبلة وتولىّ أمرى ، وصل عليّ أول الناس ولا تفارقنى حتى تواريني فى رمسي واستعن بالله عز وجل »

واخذ أمير المؤمنين رأس النبي6 فوضعه في حجره ومد يده اليمنى تحت حنكه ، واذن6 لملك الموت باستلام روحه المقدسة ، واخذ6 يعاني آلام الموت وشدة النزع حتى فاضت نفسه الزكية فمسح بها الامام وجهه(3) ونعاه الى الحاضرين

__________________

(1) طبقات ابن سعد 2 / 48

(2) مقتل الحسين للخوارزمي 1 / 114

(3) المناقب 1 / 29 ، وتظافرت الاخبار بأن رسول الله (ص) توفى في حجر علي7 فقد جاء في كنز العمال 4 / 55 ان ابا غطفان قال سألت ابن عباس

١١٨

لقد انطوت ألوية العدالة في ذلك اليوم الخالد في دنيا الاحزان ، واخمدت مصابيح الكمال والفضيلة ، وما اصيبت الانسانية بكارثة كهذه الكارثة فقد مات المنقذ العظيم ، واحتجب النور الذي اضاء الطريق للانسان وهداه الى سواء السبيل.

وطاشت احلام المسلمين أمام هذا الخطب المريع فما بعد رسول الله6 للناس عزاء ولا للأسى على فقده مدى ولا انتهاء ، لقد ذهب محمد عن هذه الدنيا وغرب نور محياه فانطلقت الالسن نادبة والاعين باكية ، وعلى الصراخ والعويل من بيت النبي6 وكان اكثر أهل بيته لوعة واشدهم مصابا هي بضعته الزهراء فقد وقعت على جثمانه وهي مذهولة اللب من شدة الوله والحزن وهي تبكي امر البكاء وتقول :

« وا أبتاه ، الى جبرئيل انعاه! وا أبتاه جنة الفردوس مأواه! وا أبتاه أجاب ربا دعاه!!. »(1)

وسرى النبأ المفجع الى مدينة الرسول6 فتركها تمور في الحزن واجتمع المسلمون وهم حيارى قد أخرسهم الخطب وألم بهم الحادث المريع وهم ما بين وآجم وصائح ومشدوه ونائح ونتهوا الى

__________________

فقلت له لما توفى رسول الله 6 راسه فى حجر من؟ فقال توفى وهو الى صدر على ، فقلت له ان عروة حدثني عن عائشة انها قالت توفي رسول الله 6 بين سحرى ونحرى فقال لى : أتعقل؟! والله لتوفي رسول الله وهو الى صدر على وهو الذي غسله واخرجه ابن سعد فى ص 51 من القسم الثانى من الطبقات.

(1) سنن ابن ماجة وجاء فيه ان حماد بن زيد قال رايت ثابت راوى الحديث حينما يحدث به يبكى حتى تختلف اضلاعه

١١٩

واد من الالم ماله قرار.

وقام أمير المؤمنين وقد حفت به الآلام والاحزان فأخذ في تجهيز الرسول6 فغسله(1) وهو يقول : « بابي أنت وأمي طبت حيا وميتا »(2)

وبعد الفراغ من تجهيزه وضعه على السرير ، فاول من صلى عليه هو الله من فوق عرشه ثم جبرئيل ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم الملائكة زمرا زمرا(3) ودخل المسلمون يلقون على الجثمان المقدس نظرة الوداع ، ويؤدون فريضة الصلاة(4) وبعد الانتهاء قام الإمام فحفر القبر ولما فرغ منه

__________________

(1) وفاء الوفاء 1 / 227 وجاء في كنز العمال 4 / 53 ان الامام عليا غسل رسول الله (ص) وكان الفضل واسامة يناولانه الماء من وراء الستر ، وجاء فيه أيضا انه قد اختلف في كفنه فقيل كفن فى ثلاثة اثواب وقيل في حلة يمانية وقميص ، وذكر اقوالا اخرى فى كفنه (ص) ونقل ان ابا قلاعة كان يقول الا تعجب من اختلافهم فى كفن رسول الله (ص)

(2) طبقات ابن سعد ج 2 / القسم 2 / 63

(3) حلية الاولياء 4 / 77

(4) كنز العمال 4 / 54 وجاء فيه ان الامام امير المؤمنين (ع) لما وضع الجثمان ـ المعظم على السرير لاجل الصلاة عليه قال للمسلمين لا يقوم عليه امام منكم ، هو امامكم ، حيا وميتا فكان الناس يدخلون رسلا رسلا فيصلون عليه صفا صفا ليس لهم امام وامير المؤمنين (ع) واقف الى جانب الجثمان وهو يقول السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، اللهم ، انا نشهد انه قد بلغ ما انزل إليه ونصح لأمته وجاهد فى سبيل الله حتى اعز الله دينه وتمت كلمته ، اللهم فاجعلنا ممن يتبع ما انزل إليه وثبتنا بعده واجمع بيننا وبينه وكان الناس يقولون آمين آمين حتى صلى عليه الرجال والنساء والصبيان ، واختلف في تاريخ وفاته6 فقيل ـ

١٢٠