حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء ٢

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام0%

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 529

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام

مؤلف: باقر شريف القرشي
الناشر: دار البلاغة
تصنيف:

الصفحات: 529
المشاهدات: 207633
تحميل: 5627


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 529 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 207633 / تحميل: 5627
الحجم الحجم الحجم
حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام

حياة الامام الحسن بن علي عليهما السلام الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دار البلاغة
العربية

وسفين بن الليل ، وعمرو بن قيس الكوفيون(1) وقد ازدهرت يثرب بهذه الكوكبة من العلماء والرواة فكانت من أخصب البلاد الإسلامية علما ، وأدبا ، وثقافة.

وكما كان يتولى نشر العلم في يثرب ، كان يدعو الناس الى مكارم الأخلاق ، ومحاسن الأعمال ، والتأدب بسنة النبي (ص) ، وقد رفع (ع) منار الأخلاق التي جاء بها جده الرسول لإصلاح المجتمع وتهذيبهم فمن سمو أخلاقه انه كان يصنع المعروف والاحسان حتى مع أعدائه ومناوئيه ، وقد بلغه أن الوليد بن عاقبة قد ألم به السقم فمضى لعيادته مع ما عرف به الوليد من البغض والعداء لآل البيت ، فلما استقر المجالس بالإمام انبرى إليه الوليد قائلا :

« إني أتوب الى الله تعالى مما كان بيني وبين جميع الناس إلا ما كان بيني وبين أبيك فاني لا أتوب منه. »(2)

وأعرض الإمام عنه ولم يقابله بالمثل ولعله أوصله ببعض ألطافه وهداياه.

عطفه على الفقراء :

وأخذ (ع) يفيض الخير والبر على الفقراء والبائسين ، وينفق جميع ما عنده عليهم وقد ملأ قلوبهم سرورا باحسانه ومعروفه ، ومن كرمه انه جاءه رجل في حاجة فقال له : « اكتب حاجتك في رقعة وادفعها إلينا » فكتبها ذلك الشخص ورفعها إليه ، فأمر (ع) بضعفها له ، فقال بعض الحاضرين :

__________________

(1) تأريخ ابن عساكر ج 12 ، صورة فوتوغرافية في مكتبة الامام أمير المؤمنين.

(2) شرح ابن أبي الحديد 1 / 364.

٢٨١

« ما كان أعظم بركة هذه الرقعة عليه يا ابن رسول الله؟! »

فأجابه (ع) :

« بركتها علينا أعظم ، حين جعلنا للمعروف أهلا. أما علمت أن المعروف ما كان ابتداء من غير مسألة ، فأما من أعطيته بعد مسألة ، فإنما أعطيته بما بذل لك من وجهه. وعسى أن يكون بات ليلته متململا أرقا يميل بين اليأس والرجاء ، لا يعلم بما يرجع من حاجته ، أبكآبة أم بسرور النجح ، فيأتيك وفرائصه ترعد ، وقلبه خائف يخفق ، فان قضيت له حاجته فيما بذل من وجهه ، فان ذلك أعظم مما نال من معروفك. »

لقد كان موئلا للفقراء والمحرومين ، وملجأ للأرامل والأيتام ، وقد تقدم في الجزء الأول من هذا الكتاب بعض بوادر جوده ومعروفه ، التي كان بها مضرب المثل للكرم والسخاء.

الاستجارة به :

كان (ع) في عاصمة جده كهفا منيعا لمن يلجأ إليه ، وملاذا حصينا لمن يلوذ به ، قد كرّس أوقاته على قضاء حوائج الناس ، ودفع الضيم والظلم عنهم ، وقد استجار به سعيد بن سرح من زياد فأجاره ، فقد ذكر الرواة انه كان معروفا بالولاء لأهل البيت (ع) فطلبه زياد من أجل ذلك فهرب الى يثرب مستجيرا بالإمام ، ولما علم زياد ذلك عمد الى أخيه وولده وزوجه فحبسهم ، ونقض داره ، وصادر أمواله ، وحينما علم الامام الحسن ذلك شقّ عليه الأمر ، فكتب رسالة الى زياد يأمره فيها بأن يعطيه الأمان ، ويخلي سبيل عياله وأطفاله ، ويشيّد داره ، ويرد عليه أمواله ، وهذا نص كتابه :

٢٨٢

« أما بعد : فانك عمدت الى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم ، فهدمت داره ، وأخذت ماله ، وحبست أهله وعياله ، فان أتاك كتابي هذا فابن له داره ، واردد عليه ماله ، وشفعني فيه ، فقد أجرته والسلام ».

وقد أمر الامام زيادا في هذه الرسالة بالمعروف ونهاه عن المنكر ، فقد أوصاه أن يردّ على سعيد ما أخذه منه ، وأن لا ينكّل به ، لأنه لم يحدث فسادا في الأرض حتى يستحق العذاب والتنكيل ، ولما قرأ زياد هذه الرسالة ورم أنفه من الغضب ، لأن الامام لم ينسبه الى أبي سفيان ، فأجاب الامام بجواب ينم عن مدى خبثه ، ولؤم عنصره ، وهذا نصه :

« من زياد بن أبي سفيان الى الحسن بن فاطمة.

أما بعد : فقد أتاني كتابك ، تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب حاجة وأنا سلطان ، وأنت سوقة وتأمرني فيه بأمر المطاع المسلّط على رعيته كتبت إليّ في فاسق آويته إقامة منك على سوء الرأي ، ورضا منك بذلك وأيم الله لا تسبقني به ولو كان بين جلدك ولحمك ، وإن نلت بعضك غير رقيق بك ، ولا مرع عليك ، فإن أحب لحم عليّ أن آكله اللحم الذي أنت منه ، فسلمه بجريرته إلى من هو أولى به منك ، فان عفوت عنه لم أكن شفعتك فيه ، وإن قتلته لم أقتله إلا لحبه أباك الفاسق والسلام ».

وقد أعرب زياد بهذه الرسالة عن صفاقته ، وعدم حيائه ونكرانه المعروف فقد تناسى الأيادي البيضاء التي أسداها عليه أمير المؤمنين وولده الحسن (ع) في توليته فارس ، فقابل ذلك المعروف بالاساءة ، والنعمة بالكفران.

أف لك يا زمان ، وتعسا لك يا دهر ، أمثل ابن سمية يتطاول على

٢٨٣

سبط النبي وريحانته ، وينال من كرامته ، إن الذي دعاه لأن يشمخ بأنفه ليس إلا السلطة التي يتمتع بها ، وإلا فأي فضيلة أو مكرمة ماثلة فيه حتى يعتز بها ويفتخر ، ولما وصلت رسالته الى الامام (ع) قرأها وتبسم وعلم سر غضبه وثورته ، لأنه لم ينسبه الى أبي سفيان ، وانبرى (ع) فكتب الى معاوية كتابا عرّفه فيه بمهمته ، وأودع في جوفه رسالة زياد ، ورسم (ع) رسالة أخرى الى زياد حطم بها كيانه ، ورد غلواءه ، وأفسد التحاقه بأبي سفيان ، وقد تقدم ذكرها(1) .

ولما وصلت رسالة الامام الى معاوية واطّلع على جراءة زياد واستهتاره واستخفافه بمركز الامام رفع من فوره رسالة الى زياد ، وهذا نصها :

« أما بعد : فان الحسن بن علي بعث إليّ بكتابك إليه جوابا عن كتاب كتبه إليك في ابن سرح ، فأكثرت العجب منك!!! وعلمت أن لك رأيين أحدهما من أبي سفيان ، والآخر من سمية ، فأما الذي من أبي سفيان حلم وحزم ، وأما الذي من سمية فما يكون رأي مثلها ، من ذلك كتابك الى الحسن ، تشتم أباه ، وتعرض له بالفسق ، ولعمري انك أولى بالفسق من أبيه ، فأما ان الحسن بدأ بنفسه ارتفاعا عليك ، فان ذلك لا يضعك لو عقلت ، وأما تسلطه عليك بالأمر فحق لمثل الحسن أن يتسلط وأما تركك تشفيعه فيما شفع فيه إليك فحظ دفعته عن نفسك الى من هو أولى به منك ، فاذا ورد عليك كتابي فخل ما في يديك لسعيد بن أبي سرح وابن له داره ، واردد عليه ماله ، ولا تعرض له فقد كتبت الى الحسنعليه‌السلام أن يخيره إن شاء أقام عنده ، وإن شاء رجع الى بلده ، ولا سلطان لك عليه لا بيد ولا لسان ، وأما كتابك الى الحسن (ع) باسمه

__________________

(1) يراجع ص 175.

٢٨٤

واسم أمّه ولا تنسبه الى أبيه ، فان الحسن ويحك من لا يرمى به الرجوان والى أي أم وكلته لا أم لك ، أما علمت أنها فاطمة بنت رسول الله (ص) فذاك أفخر له لو كنت تعلمه وتعقله ».

ثم كتب في آخر الكتاب أبياتا في مدح الإمام من جملتها :

أما حسن فابن الذي كان قبله

إذا سار سار الموت حيث يسير

وهل يلد الرئبال إلا نظيره

وذا حسن شبه له ونظير

ولكنه لو يوزن الحلم والحجا

بأمر لقالوا يذبل وثبير(1)

وقد اعترف معاوية بهذه الرسالة بمواهب الإمام وملكاته وشرفه وعظيم شأنه ، وإنه لو وزن حلمه بثبير لرجح عليه ، فتعسا للزمن الهزيل الذي جرّأ زيادا أن ينال من كرامته ، ويعتدي عليه.

مع حبيب بن مسلمة :

وحبيب بن مسلمة الفهري(2) من أوغاد قريش ومن عملاء معاوية الذين يحقدون على آل البيت ، التقى به الإمام في الطواف فقال له (ع) :

« يا حبيب رب مسير لك في غير طاعة الله ».

فانبرى إليه حبيب بسخرية قائلا :

« أما مسيري من أبيك فليس من ذلك ».

__________________

(1) شرح ابن أبي الحديد 4 / 72.

(2) حبيب بن مسلمة بن مالك القرشي الفهري ، كان يقال له حبيب الروم لكثرة دحوله إليهم ونيله منهم ، وكان من خلص أصحاب معاوية ولم يفارقه في حروبه بصفين وغيرها ، وجهه معاوية واليا الى أرمينية فمات بها سنة 42 ه‍ جاء ذلك فى الإستيعاب 1 / 327.

٢٨٥

فردّ عليه الإمام مقالته قائلا :

« بلى والله ، ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة ، فلئن قام بك في دنياك ، لقد قعد بك في آخرتك ، ولو كنت إذ فعلت قلت خيرا كان ذلك كما قال الله تعالى : « وآخرون اعترفوا بذنبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا »(1) . ولكنك كما قال الله سبحانه : « كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون »(2) ، ثم تركه وانصرف(3) .

رفضه لمصاهرة الامويين :

ورام معاوية أن يصاهر بني هاشم ليحوز بذلك الشرف والمجد ، فكتب الى عامله على المدينة مروان بن الحكم أن يخطب ليزيد زينب بنت عبد الله بن جعفر على حكم أبيها في الصداق ، وقضاء دينه بالغا ما بلغ ، وعلى صلح الحيين بني هاشم وبني أميّة ، فبعث مروان خلف عبد الله ، فلما حضر عنده فاوضه في أمر كريمته ، فأجابه عبد الله :

« إن أمر نسائنا بيد الحسن بن علي فاخطب منه ».

فأقبل مروان الى الإمام فخطب منه ابنة عبد الله ، فقال (ع) :

اجمع من أردت ، فانطلق مروان فجمع الهاشميين والأمويين في صعيد واحد وقام فيهم خطيبا قائلا :

« أما بعد : فان أمير المؤمنين معاوية أمرني أن أخطب زينب بنت عبد الله بن جعفر ليزيد بن معاوية على حكم أبيها في الصداق ، وقضاء دينه

__________________

(1) سورة التوبة : آية 102.

(2) سورة المطففين : آية 13.

(3) أحكام القرآن للرازي 3 / 181 ، وزهر الآداب لأبي اسحاق 1 / 55.

٢٨٦

بالغا ما بلغ ، وعلى صلح الحيين بني هاشم وبني أميّة ، ويزيد بن معاوية كفؤ من لا كفؤ له ، ولعمري لمن يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبط يزيد بكم فيزيد ممن يستسقى بوجهه الغمام ».

ومروان يرى أن قيم الرجال إنما هي بالإمرة والسلطان ، وقد أعرب بذلك عن حماقته وجهله ، فردّ الإمام عليه أباطيله ، وعلّق على كل جملة من كلامه ، فقال بعد حمد الله والثناء عليه :

« أما ما ذكرت من حكم أبيها في الصداق ، فانا لم نكن لنرغب عن سنّة رسول الله (ص) فى أهله وبناته »(1) .

« وأما قضاء دين أبيها فمتى قضت نساؤنا بمهورهن ديون آبائهن ».

« وأما صلح الحيين ، فنحن عادينا كم لله وفي الله ، فلا نصالحكم للدنيا ».

« وأما قولك يزيد كفؤ من لا كفؤ له ، فأكفاؤه اليوم أكفاؤه بالأمس لم يزده سلطانه ».

« وأما قولك : من يغبطنا بيزيد أكثر ممن يغبطه بنا ، فان كانت الخلافة قادت النبوة(2) ، فنحن المغبطون ، وإن كانت النبوة قادت الخلافة فهو المغبوط بنا ».

« وأما قولك : إن الغمام يستسقى بوجه يزيد ، فان ذلك لم يكن إلا لآل رسول الله (ص) ».

وقد فنّد (ع) بكلامه مزاعم مروان ، ورد عليه بهتاته ، ثم أخذعليه‌السلام في إحباط مساعيه ، وتحطيم آماله قائلا :

« وقد رأينا أن نزوجها ( يعني زينب ) من ابن عمها القاسم محمد بن

__________________

(1) كانت سنّة رسول الله (ص) في مهر أزواجه وبناته اربعمائة درهم.

(2) كذا فى الأصل ، ولعل المراد ان الخلافة تابعة للنبوة والنبوة قائدة لها.

٢٨٧

جعفر ، وقد زوجتها منه ، وجعلت مهرها ضيعتي التي لي بالمدينة ، وقد أعطاني بها معاوية عشرة آلاف دينار ».

ولما سمع ذلك مروان فقد شعوره وصاح بلا اختيار :

« أغدرا يا بني هاشم ».

إن مروان أولى بالغدر والخبث ، وقد صنع الإمام خيرا حيث لم يزوج العلوية من يزيد الفاسق الفاجر.

ورفع مروان في الوقت رسالة الى معاوية أخبره بالحادث ، فلما وصلت إليه قال متأثرا :

« خطبنا إليهم فلم يفعلوا ، ولو خطبوا إلينا لما رددناهم »(1) .

لقد كان (ع) يعلم بدوافع معاوية وبما يبغيه من تشييد أسرته فكان يسعى لإحباط الوسائل التي يتخذها ويفسد عليه أمره وقد بلغه أنه قال :

« لا ينبغي أن يكون الهاشمي غير جواد ، ولا الأموي غير حليم ، ولا الزبيري غير شجاع ، ولا المخزومى غير تياه ».

وعرف (ع) أن غرض معاوية بذلك إنما هو تحطيم هذه الأسر ،

__________________

(1) مقتل الحسين للخوارزمى 1 / 124 ، وجاء في مجمع الزوائد 4 / 278 عن معاوية بن خديج قال : أرسلني معاوية بن أبي سفيان الى الحسن بن على أخطب على يزيد بنتا له ـ أو أختا له ـ فأتيته فذكرت له يزيد فقال : إنا قوم لا نزوج نساءنا حتى نستأمرهن ، فأتيتها فذكرت لها يزيد فقالت : والله لا يكون ذلك حتى يسير فينا صاحبك كما سار فرعون فى بني اسرائيل يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم ، فرجعت الى الحسن فقلت له : أرسلتني الى قلقة تسمي أمير المؤمنين فرعون ، قال (ع) : يا معاوية إياك وبغضنا ، فان رسول الله (ص) قال : لا يبغضنا ولا يحسدنا أحد إلا زيد يوم القيامة عن الحوض بسياط من نار.

٢٨٨

وتشييد أسرته ، فردّ عليه مقالته وقال.

« قاتله الله ، أراد أن يجود بنو هاشم فينفذ ما بأيديهم ، ويحلم بنو أميّة فيتحببوا إلى الناس ، ويتشجع آل الزبير فيفنوا ، ويتيه بنو مخزوم فيبغضهم الناس »(1) .

وهكذا كانعليه‌السلام يندد بأعمال معاوية ويكشف الستار عن خبثه وسوء سريرته ، غير مكترث بسلطته ، ولا هياب لسلطانه.

مع معاوية في يثرب :

وروى الخوارزمى أن معاوية سافر الى يثرب فرأى تكريم الناس وحفاوتهم بالإمام وإكبارهم له ، فساءه ذلك فاستدعا أبا الأسود الدؤلي ، والضحاك بن قيس الفهري ، فاستشارهم في أمر الحسن وأنه بما ذا يوصمه ليتخذ من ذلك وسيلة الى الحط من شأنه ، والتقليل من أهميته أمام الجماهير فأشار عليه أبو الأسود بالترك قائلا :

« رأي أمير المؤمنين أفضل ، وأرى ألا يفعل فان أمير المؤمنين لن يقول فيه قولا إلا أنزله سامعوه منه به حسدا ، ورفعوا به صعدا ، والحسن يا أمير المؤمنين معتدل شبابه ، أحضر ما هو كائن جوابه ، فأخاف أن يرد عليك كلامك بنوافذ تردع سهامك ، فيقرع بذلك ظنوبك(2) ، ويبدي به عيوبك ، فاذن كلامك فيه صار له فضلا ، وعليك كلاّ ، إلا أن تكون تعرف له عيبا في أدب ، أو وقيعة في حسب ، وإنه لهو المهذب ، قد أصبح من صريح العرب فى عز لبابها ، وكريم محتدها ، وطيب عنصرها ، فلا تفعل يا أمير المؤمنين ».

__________________

(1) عيون الأخبار لابن قتيبة 1 / 196.

(2) الظنوب : العظم اليابس من الساق.

٢٨٩

وقد أشار عليه أبو الأسود بالصواب ، ومنحه النصيحة ، فأي نقص أو عيب في الإمام حتى يوصمه به ، وهو المطهّر من كل رجس ونقص كما نطق بذلك الذكر الحكيم ، ولكن الضحاك بن قيس قد أشار على معاوية بعكس ذلك فحبذ له أن ينال من الإمام ويتطاول عليه قائلا :

« امض يا أمير المؤمنين فيه برأيك ولا تنصرف عنه بدائك ، فانك لو رميته بقوارص كلامك ، ومحكم جوابك ، لذل لك كما يذل البعير الشارف(1) من الإبل ».

واستجاب معاوية لرأي الضحاك ، فلما كان يوم الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على نبيه ، ثم ذكر أمير المؤمنين وسيد المسلمين علي بن أبي طالب (ع) فانتقصه ، ثم قال :

« أيها الناس ، إن صبية من قريش ذوي سفه وطيش ، وتكدر من عيش ، أتعبتهم المقادير ، فاتخذ الشيطان رءوسهم مقاعد ، وألسنتهم مبارد فباض وفرخ فى صدورهم ، ودرج في نحورهم ، فركب بهم الزلل ، وزين لهم الخطل ، وأعمى عليهم السبل ، وأرشدهم الى البغي والعدوان ، والزور والبهتان ، فهم له شركاء وهو لهم قرين ( ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا ) ، وكفى لهم مؤدبا ، والمستعان الله ».

فوثب إليه الإمام الحسن مندفعا كالسيل رادا عليه افتراءه وأباطيله قائلا :

« أيها الناس ، من عرفني فقد عرفنى ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن ابن علي بن أبي طالب ، أنا ابن نبي الله ، أنا ابن من جعلت له الأرض مسجدا وطهورا ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن البشير النذير ، أنا ابن خاتم النبيين ، وسيد المرسلين ، وامام المتقين ، ورسول رب العالمين ، أنا ابن من بعث الى الجن والأنس ، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين ».

__________________

(1) البعير الشارف : المسن الهرم.

٢٩٠

وشق على معاوية كلام الإمام فبادر الى قطعه قائلا :

« يا حسن عليك بصفة الرطب ». فقالعليه‌السلام : الريح تلقحه ، والحر ينضجه ، والليل يبرده ويطيبه ، على رغم أنفك يا معاوية ، ثم استرسلعليه‌السلام فى تعريف نفسه قائلا :

« أنا ابن مستجاب الدعوة ، أنا ابن الشفيع المطاع ، أنا ابن أول من ينفض رأسه من التراب ، ويقرع باب الجنة ، أنا ابن من قاتلت الملائكة معه ولم تقاتل مع نبي قبله ، أنا ابن من نصر على الأحزاب ، أنا ابن من ذلت له قريش رغما ».

وغضب معاوية واندفع يصيح :

« أما انك تحدث نفسك بالخلافة ».

فأجابه الإمامعليه‌السلام عمن هو أهل للخلافة قائلا :

« أما الخلافة فلمن عمل بكتاب الله وسنّة نبيه ، وليست الخلافة لمن خالف كتاب الله ، وعطّل السنّة ، إنما مثل ذلك مثل رجل أصاب ملكا فتمتع به ، وكأنه انقطع عنه وبقيت تبعاته عليه ».

وراوغ معاوية ، وانحط كبرياؤه فقال :

« ما في قريش رجل إلا ولنا عنده نعم جزيلة ويد جميلة ».

فردّ عليه الإمام قائلا :

« بلى ، من تعززت به بعد الذلة ، وتكثرت به بعد القلة ».

« من أولئك يا حسن؟ ».

« من يلهيك عن معرفتهم ».

ثم استمر (ع) في تعريف نفسه الى المجتمع فقال :

« أنا ابن من ساد قريشا شابا وكهلا ، أنا ابن من ساد الورى كرما

٢٩١

ونبلا ، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالجود الصادق ، والفرع الباسق ، والفضل السابق ، أنا ابن من رضاه رضى الله ، وسخطه سخطه ، فهل لك أن تساميه يا معاوية؟ ». فقال معاوية : أقول لا ، تصديقا لقولك. فقال الحسن : « الحق أبلج ، والباطل لجلج ، ولم يندم من ركب الحق ، وقد خاب من من ركب الباطل ، ( والحق يعرفه ذوو الألباب ) ».

فقال معاوية على عادته من المراوغة : لا مرحبا بمن ساءك.

الحزب السياسي :

واعتقد الدكتور طه حسين ان الإمام أيام مكثه في المدينة قد شكل حزبا سياسيا وتولى هو رئاسة الحزب ، ومن الخير سوق كلامه قال :

« واعتقد أنا ان اليوم الذي لقي الحسن فيه هؤلاء الوفد من أهل الكوفة فسمع منهم ما سمع ، وقال لهم ما قال ، ورسم لهم خطتهم ، هو اليوم الذي أنشئ فيه الحزب السياسي المنظم لشيعة علي وبنيه. نظم الحزب في ذلك المجالس ، وأصبح الحسن له رئيسا ، وعاد أشراف أهل الكوفة الى من وراءهم ينبئونهم بالنظام الجديد والخطة المرسومة ، ويهيئونهم لهذا السلم الموقوت ولحرب يمكن أن تثار حين يأتي الأمر باثارتها من الإمام المقيم في يثرب.

وكان برنامج الحزب في أول إنشائه كما ترى واضحا يسيرا ، لا عسر فيه ولا تعقيد ، طاعة الإمام من بني علي والانتظار في سلم ودعة حتى يؤمروا بالحرب فيثيروها. ورأى الدكتور رأي وثيق ويدل عليه سفر الإمام (ع) الى دمشق لنقد معاوية واذاعة مساوئه ومخازيه في عاصمته وبلاطه ، فان من جملة أهداف ذلك السفر التبشير بالحزب الذي عقده لقلب الحكم الأموي وارجاع الدولة الإسلامية الى نظامها العادل.

٢٩٢

الى دمشق

٢٩٣
٢٩٤

واتفق جمهور المؤرخين ان الإمام الحسن (ع) قد وفد على معاوية في دمشق ، واختلفوا فى أن وفادته كانت مرة واحدة أو أكثر ، واطالة الكلام في تحقيق هذه الجهة لا تغنينا شيئا ، وإنما المهم البحث عن سر سفره ، فالذي نذهب إليه ان المقصود منه ليس إلا الدعاية لمبدإ أهل البيت وابراز الواقع الأموي أمام ذلك المجتمع الذي ظلله معاوية وحرفه عن الطريق القويم ، أما الاستدلال عليه فانه يظهر من مواقفه ومناظراته مع معاوية ـ التي سنذكرها ـ فانه قد هتك بها حجابه. وأبدا عاره وعياره ، وفلّ بها عروش دولته ، ثم انه على تقدير أن يكون سفره لأخذ العطاء من معاوية ـ كما يقول به البعض ـ فقد قيل إنه كيف جاز له أن يأخذ صلاته مع أن جلها أموال مغصوبة ، وقد كفانا مئونة البحث عن هذه المسألة علماء الفقه الإسلامى فقد ذكروا أن صلاة السلطان الجائر وهداياه جائزة ما لم تشتمل على أموال مغصوبة يعلم غصبها على نحو التعيين ، فحينئذ لا يجوز أخذها ، وإن أخذت وجب ردها الى أهلها(1) ، وأكثر الأموال التي كانت بيد معاوية إنما هي من أموال الخراج والزكاة وما شاكل ذلك من الأموال التي تجبيها الدولة فان استيلاء معاوية عليها وإن كان غير مشروع لأنه من حكام الظلم والجور إلا ان لخيار المسلمين الحق في استنقاذها وردها الى أهلها ، فضلا عن الإمام الذي له الولاية العامة على جميع المسلمين.

أما الذاهبون الى أن سفره كان لأخذ العطاء فقد استندوا الى إحدى الروايات الموضوعة ـ فيما نحسب ـ فقد روي أنه كان يفد فى كل سنة الى معاوية فيوصله بمائة ألف ، فلم يمض في بعض السنين فنساه معاوية ولم يبعث له بصلة فهمّ الإمام أن يكتب له فرأى رسول الله (ص) فى منامه

__________________

(1) المكاسب للشيخ الأنصاري وقد بسط الكلام في هذه الجهة.

٢٩٥

وهو يقول له :

« يا حسن أتكتب الى مخلوق تسأله حاجتك وتدع أن تسأل ربك؟ »

فقال له : « ما أصنع يا رسول الله؟ »

فعلمه رسول الله (ص) بهذا الدعاء : « اللهم إني أسألك من كل أمر ضعفت عنه حيلتي ، ولم تنته إليه رغبتي ، ولم يخطر ببالي ، ولم يجر على لساني من الشيء الذي أعطيته أحدا من المخلوقين الأولين المهاجرين ، والآخرين الأنصار. »

وانتبه الحسن من منامه وهو حافظ للدعاء ، فدعا به ، فلم يلبث معاوية أن بعث إليه بصلته بعد ما نبهه بعض خواصه ان الإمام لم يفد عليه في تلك السنة(1) . وهذه الرواية لا يمكن الاعتماد عليها لأن الإمام قد عرف بالعزة والإباء والشمم ، فكيف يتنازل لابن هند فيهمّ أن يكتب له ويسأله العطاء ، فينهاه رسول الله (ص) عن ذلك ، على انه كان فى غنى عن صلاة معاوية لأن له ضياعا كبيرة في يثرب كانت تدر عليه بالأموال الطائلة مضافا الى ما كان يصله من الحقوق التي يدفعها خيار المسلمين وصالحاؤهم له ، على أن الأموال التي كان يصله بها معاوية على القول بذلك لم يكن ينفقها على نفسه وعياله. فقد ورد أنه لم يكن يأخذ منها مقدار ما تحمله الدابة بفيها(2) ، ومع هذا فكيف يكون سفره لمعاوية لأخذ العطاء منه؟!!

__________________

(1) تأريخ ابن عساكر ، مشارق الأنوار ، نور الأبصار.

(2) جامع أسرار العلماء مخطوط بمكتبة كاشف الغطاء العامة.

٢٩٦

مناظراته :

وضاق معاوية ذرعا بالإمام حينما كان في دمشق ، فقد رأى من اقبال الناس واحتفائهم به ما ساءه فعقد عدة مجالس حشدها بالقوى المنحرفة عن أهل البيت والمعادية لهم كابن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، ومروان بن الحكم والوليد بن عاقبة ، وزياد بن أبيه ، وعبد الله بن الزبير ، وأوعز لهم بالتطاول على ريحانة الرسول ، والنيل منه ، ليزهد الناس فيه ، ويشفي نفسه من ابن فاتح مكة ، ومحطم أوثان قريش ، وقد قابله هؤلاء الأوغاد بمرارة القول وبذاءة الكلام ، وبالغوا في الاستهتار والاعتداء عليه ، وكان (ع) يسدد لهم سهاما من منطقه الفياض فيرديهم صرعى ، يلاحقهم العار والخزي ، ويلمسهم مساوئهم وما عرفوا به من الزيغ والانحطاط ، كان يجيبهم ـ وهو مكره ـ ، ويرد على بذاءتهم وهو يقول : « أما والله لو لا أن بني أميّة تنسبني الى العجز عن المقال لكففت تهاونا » ، ولروعة كلامه ، وقوة حجته كان عبد الله بن عباس يقبل ما بين عينيه ويقول له : « أفديك يا ابن العم والله ما زال بحرك يزخر وأنت تصول حتى شفيتني من أولاد »

لقد كان الإمام في جميع تلك المناظرات هو الظافر المنتصر وخصومه الضعفاء قد عرتهم الاستكانة والهزيمة والذهول ، وقد أوصاهم كبيرهم بعد ما شاهد أشلاءهم مضرجة بطعناته ، أن يجتنبوا محاوراته(1) .

وعلى أي حال فان « نصوص هذه المشاجرات بصيغها البلاغية ، وقيمها الأدبية جديرة بالعرض ، كتراث عربي أصيل يدل بنفسه على صحة نسبه ، وتعطينا بأسلوبه وصياغته صورة عن ( أدب المشاجرات ) في عصره »

__________________

(1) أعلام الزركلى 2 / 215.

٢٩٧

وقد تركت نوادي دمشق ومحافلها مشغولة بها ترددها مقرونة بالإكبار والتقدير للإمام ، وبالاستهانة والاحتقار لخصومه ، وفيما يلي نصوصها :

1 ـ وأقبل معاوية على الإمام (ع) فقال له :

« يا حسن ، أنا خير منك!! »

ـ وكيف ذاك يا ابن هند؟!!

ـ لأن الناس قد أجمعوا عليّ ، ولم يجمعوا عليك.

وحيث أن الامرة لم تكن في الإسلام موجبة للتمايز ، وإنما توجبه التقوى وعمل الخير ، وقد انبرى (ع) مبطلا دعوى معاوية :

« هيهات!! لشر ما علوت به يا ابن آكلة الأكباد ، المجتمعون عليك رجلان ، بين مطيع ومكره ، فالطائع لك عاص لله ، والمكره معذور بكتاب الله ، وحاشا لله أن أقول أنا خير منك لأنك لا خير فيك ، فان الله قد برّ أني من الرذائل كما برّأك من الفضائل »(1) .

ان هذا هو منطق الثورة ، ومنطق الأحرار الذين يشجبون الظلم ، ويقاومون المنكر ، وليس هذا هو منطق من يريد العطاء والأموال.

2 ـ ودخل الإمام على معاوية ، فلما رأى ابن العاص ما في الإمام من عظيم الهيبة والوقار ساءه ذلك ، وتميز من الغيظ والحسد فاندفع قائلا :

« قد جاءكم الفهه العي ، الذي كأن بين لحييه عقله. »

وكان عبد الله بن جعفر حاضرا فلذعه قوله فصاح به :

« مه ، والله لقد رمت صخرة ململمة ، تنحط عنها السيول ، وتقصر دونها الوعول ، ولا تبلغها السهام ، فإياك والحسن إياك ، فانك لا تزل راتعا في لحم رجل من قريش ، ولقد رميت فما برح سهمك ، وقدحت

__________________

(1) روضة الواعظين لأبي علي النيسابوري.

٢٩٨

فما أورى زندك ».

وسمع الإمام الحديث ، فلما اكتظ مجلس معاوية بالناس انبرى (ع) فوجّه خطابه الى معاوية ، فألقى عليه ذنب وزيره ابن العاص ، وتهدده باعلان الحرب عليه إن لم ينته عن مكره وغيه ، وذكر له الصفات الرفيعة الماثلة في شخصيته الكريمة قائلا :

« يا معاوية لا يزال عندك عبد راتعا في لحوم الناس ، أما والله لو شئت ليكونن بيننا ما تتفاقم فيه الامور ، وتحرّج منه الصدور ».

ثم أنشأ يقول :

أتأمر يا معاوي عبد سهم

بشتمي والملا منّا شهود

إذا أخذت مجالسها قريش

فقد علمت قريش ما تريد

أأنت تظل تشتمني سفاها(1)

لضغن ما يزول وما يبيد

فهل لك من أب كأبي تسامى(2)

به من قد تسامى أو تكيد

ولاجد كجدي يا ابن حرب(3)

رسول الله إن ذكر الجدود

ولا أم كأمي من قريش

إذا ما حصل الحسب التليد

فما مثلي تهكم يا ابن حرب

ولا مثلي ينهنهه الوعيد(4)

فمهلا لا تهج منا أمورا

يشيب لهولها الطفل الوليد(5)

__________________

(1) وروي قصدت إلي تشتمنى.

(2) وروي فما لك من أب.

(3) وروي ابن هند.

(4) وروي ولا مثلي تجاريه العبيد.

(5) المحاسن والأضداد للجاحظ ص 95 ، والمحاسن والمساوى للبيهقي 1 / 62 ، شرح ابن أبي الحديد 2 / 102 ، جمهرة الخطب 1 / 428.

٢٩٩

لقد عرض (ع) بعض فضائله ومآثره ، ونشر مساوئ معاوية ومخازيه بهذا الكلام الرائع الذي تمثلت فيه بلاغة الإعجاز ، وروعة الإيجاز ، وسرعة البديهة ، وقوة الحجة ، فحط به من غلواء معاوية ، وأصاب أبرز مقوماته من حسبه المعروف ، ونسبه الموصوف ، فأين الفهاهة والعي يا ابن العاص؟.

3 ـ وعظم أمر الإمام فى الشام ، فقد أقبلت الناس تترى لزيارته والى الاستماع لحديثه ، فملك (ع) القلوب والمشاعر والعواطف ، وتحدثت الأندية والمجالس بعظيم فضله ومواهبه ، ولما رأى ذلك أذناب معاوية وعملاؤه وهم : عمرو بن العاص ، والوليد بن عاقبة ، وعتبة بن أبي سفيان ، والمغيرة ابن شعبة ، فخافوا أن يحدث ما لا تحمد عقباه ، وينفلت الأمر من أيديهم ، وتندك عروش الدولة الأموية ، فعقدوا في البلاط الأموي اجتماعا ، وذكروا لمعاوية حفاوة الجماهير بالإمام ، وتكريمهم له ، وازدحامهم على زيارته ، وان وجوده فى دمشق خطر على الدولة الأموية ، وقد رأوا أن خير وسيلة للحط من كرامته ، ولإعراض الناس عنه ، أن يستدعوه فيتهمون أباه بقتل عثمان ، ويسبّونه على ذلك ، وهذا نص حديثهم :

« إن الحسن قد أحيا أباه وذكره ، وقال فصدّق ، وأمر فأطيع ، وخفقت له النعال ، وان ذلك لرافعه الى ما هو أعظم منه ، ولا يزال يبلغنا عنه ما يسوؤنا ».

فقال لهم معاوية : ما تريدون؟

قالوا : « ابعث عليه فليحضر لنسبه ونسب أباه ، ونعيّره ونوبخه ، ونخبره أن أباه قتل عثمان ، ونقرره بذلك ، ولا يستطيع أن يغير علينا شيئا من ذلك. »

٣٠٠