ذلك لأنه يمتد إلى مراكزهم الإجتماعية فيضعضعها. وينعكس الأمر عند طبقة العامة.
ولعل الحرمان المادي لم يثرا متعاض ذوى المصالح ولم يثر أحقادهم (نظراً للإثراء الفاحش الذي كانوا يتمتعون به) بمقدار ما أثار تطبيق مبدأ المساواة نفسه في التقسيم ذلك الامتعاض وهذا الحقد.
فقد عومل أولئك السادة كما يعامل غيرهم من المسلمين، وفي هذا ما فيه (بنظرهم ونظر كثير من الناس) من تصديع لهيبتهم وخدش لكرامتهم.
على أن الأمر لم يقف عند هؤلاء وحدهم لأن مبدأ المساواة قد شمل الأنصار كذلك، فلم يصبح هناك فضل لأحد على أحد.
ولهذا نجد علياً بعد أن فرغ من المهاجرين يخاطب عبد الله بن أبي رافع، كاتبه، على مرأى ومسمع من الناس بقوله:
(ثم ثن بالأنصار فافعل معهم مثل ذلك) أي أعط كلا منهم ثلاثة دنانير:
قلة في العطاء لم يألفوها منذ وفاة النبي، وضعضعة في النفوذ والجاه.
ثم انتقل الخليفة إلى موضوع المسلمين من غير العرب فقال لكاتبه:
(ومن حضر من الناس كلهم - الأحمر والأسود - فاصنع به مثل ذلك).
إعط ثلاثة دنانير لكل مسلم بغض النظر عن الجنس والمركز الاجتماعي وما شاكلهما من الاعتبارات الجاهلية التي مسخها الإسلام. فارتاع أصحاب المصالح المركزة (كما ذكرنا) وفرح بذلك أغلب المسلمين.
ومن الطريف أن نذكر في هذه المناسبة أن سهل بن حنيف (الصحابي الجليل المعروف) جاء مع المسلمين لتسلم حصته من المال (وجاء معه غلام له كان قد أعتقه في يوم القسمة، فقال للإمام: يا أمير المؤمنين هذا غلامي بالأمس وقد أعتقته