فضل الجمعة والجماعة

فضل الجمعة والجماعة0%

فضل الجمعة والجماعة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 69

فضل الجمعة والجماعة

مؤلف: الشيخ عبد الزهراء الكعبي الاهوازي
تصنيف:

الصفحات: 69
المشاهدات: 25154
تحميل: 5058

توضيحات:

فضل الجمعة والجماعة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 69 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 25154 / تحميل: 5058
الحجم الحجم الحجم
فضل الجمعة والجماعة

فضل الجمعة والجماعة

مؤلف:
العربية

تختص الجمعة باستحضار أن يومها يوم عظيم وعيد شريف، خص اللّه تعالى به هذه الامة وجعله وقتاً شريفاً لعبادته، ليقربهم فيه من جواره، ويبعدهم من طرده وناره، وحثّهم فيه على الاقبال بصالح الأعمال، وتلافي ما فرط منهم في بقية الاسبوع من الاهمال، وجعل أهم ما يقع فيه من طاعته وما يوجب الزلفى والقرب الى شريف حضرته صلاة الجمعة، وعبّر عنها في محكم كتابه العزيز الكريم بذكر اللّه الجسيم، وخصها من بين سائر الصلوات التي هي أفضل القربات بالذكر الخاص، فقال سبحانه(يا أيها الذي آمنو إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر اللّه وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كمنتم تعلمون) (١) .

وفي هذه الآية الشريفة من التنبيهات والتأكيدات ما يتنبّه من له حظ من المعاني لا يليق بسطه بهذه الرسالة، ومن أهم رمزها هنا التعبير عن الصلاة بذكر اللّه ونبه بذلك على أن الغرض الاقصى من الصلاة ليس هو مجرد الحركات والسكنات والركوع والسجود بل ذكر اللّه بالقلب، وإحضار عظمته بالبال، فإن هذا وأشباهه هو السر في كون الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر في قوله تعالى(إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) اذا كان سببهما القوة النزوعية اذا خرجت عن حكم العقل. وهذا كله إنما يتم مع التوجه التام الى اللّه تعالى، وملاحظة جلاله الذي هو الذكر الأكبر الكثير، على ما ورد في بعض تفسيراته فضلاً عن أن يكون ذكراً مطلقاً وإذا كان الاستعداد بهذه المثابة - لا جرم - وجب الاهتمام به زيادة على غيرها من الصلوات والتهيؤ والاستعداد للقاء اللّه تعالى، والوقوف بين يديه في الوقت الشريف والنوع الشريف من العبادات، واحضر ببالك أن لو أمرك ملك عظيم من ملوك الدنيا بالمثول في حضرته والفوز بمخاطبته في وقت معين أما كنت متأهب له بتمام الاستعداد والتهيئة والسكينة والوقار والتنظيف والتطيب، وغير ذلك مما يليق بحال الملك، ومن هنا جاء استحباب الغسل يوم الجمعة والتنظيف والتطييب

______________________________

(١) الجمعة: ٩.

٢١

والتعمم وحلق الرأس وقصّ الشارب والأظفار، وغير ذلك من السنن فبادر عند دخول الجمعة الى ذلك بقلب مقبل صاف، وعمل مخلص، وقصد متقرب ونية خالصة كما تعمل ذلك في لقاء ملك الدنيا إن لم تعظّم همّتك من ذلك، ولا تقصد بهذه الوظائف حظّك من الرفاهية، وتطيب نفسك من الطيب والزينة، فتخسر صفقتك وتظهر بعد ذلك حسرتك، وكلما أمكنك تكثير المطالب التي يترتب عليها الثواب بعملك فاقصدها، يضاعف ثواب عملك بسبب قصدها(١) انتهى كلام الشهيد - قدس سره -.

ما قاله الشهيد الثاني أيضاً في الجمعة

وقال الشهيد الثاني «في روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان»(٢) في بحث صلاة الجمعة:

هي واجبة بالنص والاجماع قال اللّه تعالى(يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر اللّه) أجمع المفسرون على أن المراد به صلاة الجمعة.

وقال تعالى في السورة التي يذكر فيها المنافقون(يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم اموالكم ولا أولادكم عن ذكر اللّه ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون) (٣) قيل المراد بالذكر صلاة الجمعة وقرينة الذكر السابق في الجمعة تدل عليه ومن ثم استحب قراءة السورتين فيها وفي صلاة يوم الجمعة، ليكرر على الأسماع الحث عليها.

وقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم: إن اللّه تعالى قد فرض عليكم الجمعة، فمن تركها

______________________________

(١) اسرار الصلاة: ص ١٦١ ضمن رسائله المطبوعة.

(٢) روض الجنان: ص ٢٨٤.

(٣) المنافقون: ٩.

٢٢

في حياتي أو بعد موتي استخفافاً بها أو جحوداً لها، فلا جمع شمله ولا بارك له في أمره، ألا ولا صلاة له، ألا ولا زكاة له، ألا ولا حج له، ألا ولا صوم له، ألا ولا برّ له حتى يتوب(١) .

وروى محمد بن مسلم وأبو بصير قالا: سمعنا أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام يقول: من ترك الجمعة ثلاثاً متواليات بغير علّة طبع اللّه على قلبه(٢) .

وروى زرارة عنه عليه السلام قال: صلاة الجمعة فريضة، والاجتماع اليها فريضة مع الامام، فإن ترك رجل من غير علة ثلاث جمع فقد ترك ثلاث فرائض، ولا يدع ثلاث فرائض من غير علة إلا منافق(٣) .

انتهى كلام الشهيد - رحمه اللّه -.

خطبة أمير المؤمنين عليه السلام

خطب أمير المؤمنين عليه السلام في الجمعة فقال:

الحمد للّه الولي الحميد، الحكيم المجيد، الفعال لما يريد، علام الغيوب وخالق الخلق، ومنزل القطر، ومدبر أمر الدنيا والآخرة، ووارث السماوات والأرض الذي عظم شأنه فلا شيء مثله تواضع كل شيء لعظمته، وذل كل شيء لعزته واستسلم كل شيء لقدرته، وقر كل شيء قراره لهيبته، وخضع كل شيء لمملكته وربوبيته الذي يمسك السماء أن تقع على الارض إلا بإذنه، وأن تقوم الساعة إلا بأمره، وأن يحدث في السماوات والأرض شيء إلا بعلمه نحمده على ما كان، ونستعينه من أمرنا على ما يكون، ونستغفره ونستهديه.

ونشهد أن لا أله إلا اللّه، وحده لا شريك له، ملك الملوك، وسيد السادات وجبار الأرض والسماوات القهار الكبير المتعال، ذو الجلال والاكرام، ديان يوم الدين، رب آبائنا الأولين، ونشهد أن محمد عبده ورسوله، أرسله بالحق

______________________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ٧ ب ١ من أبواب صلاة الجمعة ح ٢٨.

(٢) و (٣) الوسائل: ج ٥ ص ٤ ب ١ من أبواب صلاة الجمعة ح ١١ و ١٢.

٢٣

داعياً الى الحق، وشاهدا على الخلق، فبلغ رسالات ربه كما أمره لا متعدياً، ولا مقصراً، وجاهد في اللّه أعدائه لا وانياً ولا ناكلاً، ونصح له في عباده صابراً محتسباً، فقبضه اللّه اليه، وقد رضي عمله، وتقبل سعيه، وغفر ذنبه، صلى اللّه عليه وآله.

أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه، واغتنام ما استطعتم عملاً به من طاعته في هذه الأيام الخالية، وبالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تكونوا تحبون تركها، والمبلية لكم وإن كنتم تحبون تجديدها، فإنما مثلكم ومثلها كركب سلكوا سبيلاً فكأن قد قطعوه، وأفضوا الى علم فكأن قد بلغوه، وكم عسى المجري الى الغاية أن يجري اليها حتى يبلغها، وكم عسى أن يكون بقاء من يوم لا يعدوه وطالب حثيث في الدنيا يحدوه حتى يفارقها، فلا تتنافسوا في عز الدنيا وفخرها ولا تعجبوا من زينتها ونعيمها، ولا تجزعوا من ضرائها وبؤسها، فإن عزّها وفخرها الى انقطاع، وإن زينتها الى زوال، وإن ضرها وبؤسها الى نفاد، وكل مدة منها الى منتهى، وكل حي منها الى فناء وبلاء أوليس لكم في آثار الأولين وفي آبائكم الماضين معتبر وتبصرة إن كنتم تعقلون ؟ ألم تروا الى الماضين منكم لم يرجعون، والى الخلف الباقين منكم لا يبقون ؟.

قال اللّه تبارك تعالى(وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون) (١) وقال:(كل نفس ذائقة الموت وأنما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) (٢) أولستم ترون إلى أهل الدنيا وهم يصبحون ويمسون على أحوال شتى فميت يبكى، وآخر يعزى وصريع يتلوى، وعائد ومعود، وآخر بنفسه يجود وطالب الدنيا والموت يطلبه وغافل وليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضين يمضي الباقي.

______________________________

(١) الانبياء: ٩٥.

(٢) آل عمران: ١٨٥.

٢٤

والحمد للّه رب العالمين، رب السماوات السبع، ورب الأرضين، ورب العرش العظيم، الذي يبقى ويفنى ما سواه، وإليه يؤول الخلق ويرجع الأمر، ألا إن هذا اليوم يوم جعله الله لكم عيداً، وهو سيد أيامكم وأفضل أعيادكم، وقد أمركم اللّه في كتابه بالسعي فيه الى ذكره، فلتعظم رغبتكم فيه، ولتخلص نيتكم فيه، وأكثروا فيه التضرع والدعاء، ومسألة الرحمة والغفران، فإن اللّه عز وجل يستجيب لكل من دعاه، ويورد النار من عصاه وكل مستكبر عن عبادته، قال اللّه عز وجل:(ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) .

وفيه ساعة مباركة لا يسأل اللّه عبد مؤمن فيها شيئاً إلا أعطاه، والجمعة واجبة على كل مؤمن، إلا على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والأعمى والمسافر والمرأة والعبد المملوك ومن كان على رأس فرسخين، غفر اللّه لنا ولكم سالف ذنوبنا فيما خلا من أعمارنا، وعصمنا وإياكم من اقتراف الآثام بقية أيام دهرنا، إن أحسن الحديث وأبلغ الموعظة كتاب اللّه عز وجل، أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم إن اللّه هو الفتاح العليم، بسم اللّه الرحمن الرحيم - ثم يبدأ بعد الحمد بـ(قل هو اللّه أحد) أو بـ(قل يا ايها الكافرون) أو بـ(إذا زلزت الأرض زلزاله) ، أو بـ(ألهكم التكاثر) أو بـ(العصر) ، وكان مما يدوم عليه(قل هو اللّه أحد) ثم يجلس جلسة خفيفة، ثم يقوم فيقول: -

الحمد للّه، نحمده ونستعينه، ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونشهد أن لا إله إلا اللّه، وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، صلوات اللّه وسلامه عليه وآله، ومغفرته ورضوانه، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك صلاة نامية زاكية، ترفع بها درجته، وتبيّن بها فضله، وصل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد

٢٥

اللّهم عذب كفرة اهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويجحدون آياتك، ويكذبون رسلك اللهم خالف بين كلمتهم وألق الرعب في قلوبهم، وأنزل عليهم رجزك ونقمتك وبأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين.

اللهم انصر جيوش المسلمين وسراياهم ومرابطيهم في مشارق الأرض ومغاربها، إنك على كل شيء قدير.

اللهم أغفر للمؤمنين و المؤمنات والمسلمين والمسلمات اللهم اجعل التقوى زادهم والايمان والحكمة في قلوبهم، وأوزعهم أن يشكروا نعمتك التي أنعمت عليهم، وأن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه، إله الحق وخالق الخلق، اللهم اغفر لمن توفي من المؤمنين والمؤمنات المسلمين والمسلمات ولمن هو لاحق بهم من بعدهم منهم إنك أنت العزيز الحكيم(إن اللّه يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) اذكروا اللّه يذكركم فإنه ذاكر لمن ذكره، واسألوا اللّه من رحمته وفضله فإنه لا يخيب عليه داع دعاه، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار(١) .

لزوم كون الجمعة جماعة

قال اللّه تبارك وتعالى(وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) (٢) . فأمر اللّه بالجماعة كما أمر بالصلاة، وفرض اللّه تبارك وتعالى على الناس من الجمعة الى الجمعة خمساً وثلاثين صلاة. فيها صلاة واحدة فرضها اللّه في جماعة وهي الجمعة، فأما سائر الصلوات فليس الاجماع اليها بمفروض ولكنه سنة من تركها رغبة عنها وعن جماعة المسلمين من غير علة فلا صلاة له، ومن ترك ثلاث جمعات متواليات من غير علة فهو منافق، وصلاة الرجل في جماعة تفضل على

_____________________________

(١) الفقيه ج ١ ص ٢٧٥ ب ٥٧ في وجوب الجمعة وفضلها ح ٤٦.

(٢) البقرة: ٤٣.

٢٦

صلاة الرجل وحده بخمس وعشرين درجة في الجنة، والصلاة في الجماعة تفضل صلاة الفرد بأربع وعشرين صلاة فيكون خمساً وعشرين صلاة(١) .

صلاة الجمعة و«المذاهب الخمسة»

وهنا نذكر ما كتبه العلامة الشيخ محمد جواد مغنية في كتابه «الفقه على المذاهب الخمسة» قال - رحمة اللّه -

وجوبها: أجمع المسلون كافة على وجوب صلاة الجمعة، لقوله تعالى:(يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللّه وذروا البيع) وللأحاديث المتواترة من طريق السنة والشيعة.

واختلفوا هل يشترط في وجوبها وجود السلطان، أو من يستنيبه لها، أو أنها واجبة على كل حال ؟

وقال الحنفية والامامية: يشترط وجود السلطان أو نائبه، وسقط الوجوب مع عدم وجود أحدهما. واشترط الامامية عدالة السلطان، وإلا كان وجوده كعدمه. واكتفى الحنفية بوجود السلطان ولو غير عادل.

ولم يعتبر الشافعية والمالكية والحنابلة وجود السلطان. وقال كثير من الامامية إذا لم يوجد السلطان أو نائبه ووجد فقيه عادل يخيّر بينها وبين الظهر مع ترجيح الجمعة.

شروطها: اتفقوا على أنه يشترط في صلاة الجمعة ما يشترط في غيرها من الطهارة والستر والقبلة، وأن وقتها من أول الزوال الى أن يصير ظل كل شيء مثله وانها تقام في المسجد وغيره، ما عدا المالكية فإنهم قالوا: لا تصح إلا في المسجد.

واتفقوا على أنها تجب على الرجال دون النساء، وأن من صلاها تسقط عنه الظهر، وأنها لا تجب على الأعمى، وأنها لا تصح إلا جماعة.

______________________________

(١) الفقيه: ج ١ ص ٢٤٥ ب ٥٦ في الجماعة وفضلها.

٢٧

واختلفوا في العدد الذي تنعقد به الجماعة، فقال المالكية: أقله (١٢) ما عدا الامام. وقال الامامية: (٤) غيرالامام. وقال الشافعية والحنابلة: (٤٠) مع الامام وقال الحنفية: (٥)، وقال بعضهم:(٧).

واتفقوا على عدم جواز السفر لمن وجبت عليه الجمعة، واستكمل الشروط بعد الزوال قبل أن يصليها، ما عدا الحنفية فإنهم قالوا بالجواز.

الخطبتان: اتفقوا على أن الخطبتين شرط في انعقاد الجمعة، وأن مكانهما قبل الصلاة، وفي الوقت لا قبله.

واختلفوا في وجوب القيام حال الخطبتين، فقال الامامية والشافعية والمالكية: يجب. وقال الحنفية والحنابلة: لا يجب.

أما كيفيتها فقال الحنفية: تتحقق الخطبة بأقل ما يمكن من الذكر، فلو قال: الحمد للّه، أو استغفر اللّه أجزأه، ولكن يكره الاقتصار على ذلك.

وقال الشافعية: لابد في كل من الخطبتين من حمد اللّه، والصلاة على النبي والوصية بالتقوى، وقراءة آية في أحدهما على الأقل، وكونها في الأولى أفضل والدعاء للمؤمنين في الثانية.

وقال المالكية: يجزي كل ما يسمى خطبة في العرف على أن تكون مشتملة على تحذير أو تبشير.

وقال الحنابلة: لابد من حمد اللّه والصلاة على النبي، وقراءة آية، والوصية بالتقوى.

وقال الامامية: يجب في كل خطبة حمد اللّه والثناء عليه، والصلاة على النبي وآله، والوعظ، وقراءة شيء من القرآن، وأن يزيد في الخطبة الثانية الاستغفار والدعاء للمؤمنين والمؤمنات.

وقال الشافعية والامامية: يجب على الخطيب أن يفصل بين الخطبتين بجلسة قصيرة. وقال المالكية والحنفية: لا يجب بل يستحب.

٢٨

وقال الحنابلة: يشترط في الخطبة أن تكون بالعربية مع القدرة.

وقال الشافعية: تشترط العربية اذا كان القوم عرباً، أما اذا كانوا عجماً فله ان يخطب بلغتهم وإن كان يحسن العربية.

وقال المالكية: يجب أن يخطب بالعربية وإن كان القوم عجماً لا يفهمون شيئاً من العربية، فاذا لم يوجد فيهم من يحسن العربية سقطت عنهم صلاة الجمعة وقال الحنفية والامامية: ليست العربية شرطاً في الخطبة.

كيفية الصلاة: صلاة الجمعة ركعتان كصلاة الصبح. وقال الامامية والشافعية يستحب أن يقرأ في الركعة الاولى الجمعة، وفي الثانية المنافقين بعد الحمد في كل من الركعتين.

وقال المالكية: يقرأ في الاولى الجمعة وفي الثانية الغاشية.

وقال الحنفية: يكره تعيين سورة بالخصوص(١) تم كلام العلامة محمد جواد مغنية - رحمه اللّه -.

تاريخ صلاة الجمعة في الاسلام

اقيمت صلاة الجمعة في المدينة المنورة بأمر من الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم وبإمامة أسعد بن زرارة أو مصعب بن عمير، هذا ما جاء في التاريخ حول صلاة الجمعة.

فضل امة محمد صلى الله عليه وآله على سائر الامم في صلاة الجمعة

جاء في مناجاة موسى عليه السلام مع ربه تعالى قال: يارب لم فضلت امة محمد على سائر الامم ؟ فقال اللّه تعالى: فضلتهم لعشر خصال، قال موسى: وما تلك الخصال التي يعملونها حتى آمر بني إسرائيل يعملونها ؟ قال اللّه تعالى: الصلاة والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والجمعة، والجماعة، والقرآن، والعلم، والعاشوراء(٢) .

_____________________________

(١) الفقه على المذاهب الخمسة: ص ١٢٠.

(٢) مجمع البحرين: ج ٣ ص ٤٠٥ نشر المكتبة المرتضوية.

٢٩

ما جاء في «الميزان» حول تفسير سورة الجمعة

قال العلامة الطباطبائي - رحمه اللّه - في تفسير الميزان بعد ذكر آية الجمعة:

(بيان) تأكيد إيجاب صلاة الجمعة وتحريم البيع عند حضورها، وفيها عتاب لمن انفضّ إلى اللهو والتجارة عند ذلك واستهجان لفعلهم.

قوله تعالى(يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر اللّه وذروا البيع) ... إلخ المراد بالنداء للصلاة من يوم الجمعة الأذان كما في قوله(وإذا ناديتم الى الصلاة أتخدوها هزواً ولعب) (١) .

والجمعة - بضمتين أو بالضم فالسكون - أحد أيام الاسبوع، وكان يسمى أولاً يوم العروبة، ثم غلب عليه اسم الجمعة، والمراد بالصلاة من يوم الجمعة المشرّعة يومها، والسعي هو المشي بالاسراع، والمراد بذكر اللّه الصلاة، كما في قوله(ولذكر اللّه أكبر) (٢) على ما قيل. وقيل: المراد بالخطبة قبل الصلاة.

وقوله(وذروا البيع) أمر بتركه، والمراد به - على ما يفيده السياق - النهي عن الاشتغال بكل عمل يشغل عن صلاة الجمعة، سواء كان بيعاً أو غيره، وإنما علّق النهي بالبيع لكونه من أظهر مصاديق ما يشغل عن الصلاة، والمعنى: يا أيها الذين آمنوا إذا اذّن لصلاة الجمعة يومها فجدّوا في المشي الى الصلاة، واتركوا البيع، وكل ما يشغلكم عنها.

وقوله تعالى(فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل اللّه) ... إلخ المراد بقضاء الصلاة: إقامة صلاة الجمعة، والانتشار في الأرض: التفرق فيها وابتغاء فضل اللّه طلب الرزق نظراً الى مقال مقابلته ترك البيع في الآية السابقة، لكن تقدم أن المراد ترك كل ما يشغل عن صلاة الجمعة، وعلى هذا فابتغاء فضل

______________________________

(١) المائدة: ٥٨.

(٢) العنكبوت: ٤٥.

٣٠

اللّه: طلب مطلق عطيته في التفرق لطلب رزقه بالبيع والشراء، وطلب ثوابه بعيادة مريض، والسعي في حاجة مسلم وزيارة أخ في اللّه، وحضور مجلس علم، ونحو ذلك.

وقوله(فانتشروا في الأرض) أمر واقع بعد الحظر، فيفيد الجواز والاباحة دون الوجوب، وكذا قوله «وابتغوا، واذكروا».

وقوله تعالى(واذكروا اللّه لعلكم تفلحون) المراد بالذكر أعم من الذكر اللفظي.

ثم قال - رحمه اللّه - في تفسير قوله(وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائم) ... إلخ: الانفضاض - على ما ذكره الراغب - استعارة عن الانفضاض بمعنى انكسار الشيء وتفرق بعضه من بعض.

وقد اتفقت روايات الشيعة والسنة على أنه ورد المدينة عير معها تجارة، وذلك يوم الجمعة، والنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قائم يخطب، فضربوا بالطبل والدف لاعلام الناس، فانفض أهل المسجد إليهم، وتركوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائماً يخطب فنزلت الآية فالمراد باللهو استعمال المعازف وآلات الطرب ليجتمع الناس للتجارة، وضمير «اليها» راجع الى التجارة، لأنها كانت المقصودة في نفسها، واللهو مقصود لأجلها.

وقوله تعالى:(قل ما عند اللّه خير من اللهو ومن التجارة واللّه خير الرازقين) . أمر للنبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أن ينبههم على خطاهم فيما فعلوا - وما أفظعه - والمراد بما عند اللّه: الثواب الذي يستعقبه سماع الخطبة والموعظة.

وفي بحثه الروائي لآية الجمعة قال - قدس سره -:

روي أنه كان بالمدينة إذا أذن المؤذن يوم الجمعة نادى مناد: حرم البيع لقول اللّه عز وجل:(يا أيها الذين آمنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر اللّه وذروا البيع) (١) . وفي رواية ينادون في الأسواق: حرم البيع،

______________________________

(١) الفقيه: ج ١ ص ١٩٥ باب الاذان والاقامة ح ٥٢.

٣١

حرم البيع(١) .

وفي تفسير القمي(٢) : قوله تعالى(فاسعوا الى ذكر اللّه) قال: السعي: هو الاسراع في المشي. وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في الآية يقال: فاسعوا أي امضوا، ويقال اسعوا اعملوا لها وهو قص الشارب ونتف الابط وتقليم الأظفار والغسل ولبس انظف الثياب والتطيّب للجمعة فهو السعي، يقول اللّه تعالى(ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن) (٣) .

وفي المجمع: وروى انس عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال في قوله(فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض) الآية ليس بطلب الدنيا، ولكن عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في اللّه(٤) .

وعن عوالي اللئالي(٥) : روى مقاتل بن سليمان قال: بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قدم دحية الكلبي من الشام بتجارة وكان اذا قدم لم يبق في المدينة عاتق (أي: الجارية أوائل ما أدركت) إلا أتته، وكان يقدم بكل ما يحتاج اليه الناس من دقيق وبر وغيره، ثم ضرب الطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج الناس فيبتاعون منه. فقدم ذات جمعة - وكان قبل ان يسلم - ورسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يخطب على المنبر، فخرج الناس فلم يبق في المسجد إلا أثنا عشر، فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لولا هؤلاء لسوّمت عليهم الحجارة من السماء، وأنزل اللّه الآية في سورة الجمعة وهي(وإذا رأوا تجارة أو لهو) ... إلخ(٦) .

محاضرة للشهيد المطهري حول صلاة الجمعة

الاستاذ الشهيد المطهري - رضوان اللّه تعالى عليه - من الذين يؤكدون على ضرورة إقامة هذه الفريضة العبادية السياسية، وكان من المتألمين لترك صلاة الجمعة،

______________________________

(١) الدر المنثور: ج ٦ ص ٢٢٠.

(٢) تفسير القمي: ج ٢ ص ٣٦٧.

(٣) الاسراء: ١٩.

(٤) مجمع البيان: ج ١٠ ص ٢٨٨.

(٥) عوالي اللئالي: ج ٢ ص ١٩٥ ح ٥٢.

(٦) تفسير الميزان: ج ١٩ ص ٢٧٣ - ٢٧٧.

٣٢

حيث يقول: أنا شخصياً من الذين لم أستطع أن أعرف لماذا تركت هذه الصلاة المباركة المهمة ذات الشرائط المؤكّدة؟ وأصبحت من المنسوخات والمتروكات عمداً، لكن - ولله الحمد - اليوم ببركة توجيهات القائد الملهم، الخميني الكبير - دام ظله الوارف على رؤوس المسلمين - وبهمة أمة حزب اللّه، تقام هذه الفريضة المهمة في كل أرجاء الجمهورية الاسلامية على أحسن وجه، ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم.

وقد ألقى رحمه اللّه - محاضرة في هذا الصدد قبل قيام الثورة الاسلامية المباركة وذلك في عام ١٣٨٠ هجري قمري في محل لجنة المهندسين المسلمين في طهران قال فيها بعد ذكر آية الجمعة:

الاسلام عنده صلاة اسبوعية. وقد جاء ذكرها في القرآن الكريم في سورة الجمعة، وقد تقدم ذكرها في الآية المباركة، وهذا النداء باتفاق تمام المفسرين - شيعة وسنة - المقصود منه صلاة الجمعة.

وصلاة الجمعة هي نفس صلاة الظهر يوم الجمعة، ولكن تختلف عن سائر الصلوات:

أولاً: كل ظهر أربع ركعات، أما في صلاة ظهر يوم الجمعة التي اسمها صلاة الجمعة ركعتان.

ثانياً: تجب مع الجماعة، ولكن سائر الصلوات - صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء - لا تجب مع الجماعة.

ثالثاً: أينما تقام صلاة الجمعة على شعاع فرسخين يجب على الناس السعي اليها.

رابعاً: في كل نقطة تقام صلاة الجمعة، وعلى شعاع فرسخ يحرم إقامة جمعة اخرى، وعلى الناس أن يجتمعوا إليها، ويستمعوا الخطبتين قبل الصلاة، لا يتكلمون ولا يصلون، ويتوجهون الى القبلة بكل وجودهم وشعورهم، وعليهم أن يصلوها

٣٣

ركعتين، لما جاء في الحديث: وإنما جعلت الجمعة ركعتين لمكان الخطبتين(١) .

ما هو الهدف من الاجتماع في صلاة الجمعة ؟

(يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر اللّه) ... إلخ قد تتعجبون من هذا النداء وتسألون ما هو الهدف من هذا الاجتماع والتشريفات ؟ ويزداد تعجبكم أن الهدف استماع الخطبتين. إذن ما أعظم هاتين الخطبتين ! نعم إنه واجب عظيم من حيث إنه اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة يجب رفض كل عمل، والسعي الى استماع الخطبتين، وإقامة صلاة الجمعة ثم أنت حرّ كما يقول الحق في سورة الجمعة(فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض) .. إلخ من عيادة مريض أو زيارة إخوان أو صلة أرحام.

ما هو محتوى خطبتي صلاة الجمعة ؟

لما اتضح أن سر الاجتماع في صلاة الجمعة هو الاستماع الى الخطبتين، بقي علينا ان نعلم ما يقال في الخطبتين

أولاً: حمد اللّه والثناء عليه.

ثانياً: الصلاة على خاتم الأنبياء وأئمة المسلمين.

ثالثاً: الحث على التقوى والموعظة.

رابعاً: قراءة سورة قصيرة من القرآن الكريم.

ولكي تعلموا أهمية الحضور في صلاة الجمعة فقد جاء في الروايات أن على الامام أن يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة الى الجمعة ويوم العيد الى العيد ويرسل معهم، فاذا قضوا الصلاة والعيد ردّهم الى السجن(٢) و(٣)

______________________________

(١) الوسائل: ج ٥ ص ١٠ ب ٣ من أبواب صلاة الجمعة ح ٢.

(٢) الوسائل: ج ٥ ص ٣٦ ب ٢١ من ابواب صلاة الجمعة ح ١.

(٣) مقتطف من مجلة «باسدار اسلام» مع بعض التصرف.

٣٤

القائلون بالوجوب العيني التعييني في عصر الغيبة

ورأينا من الضروري أن تذكر طائفة من أعلام الطائفة ذهبوا الى الوجوب العيني التعييني في زمان غيبة الامام الحجة - عجل اللّه فرجه - وهم:

١ - الشيخ المفيد في المقنعة.

٢ - أبو الصلاح الحلبي في كتابه الكافي في الفقه.

٣ - أبو الفتح الكراجكي في تهذيب المسترشدين.

٤ - عماد الدين الطبرسي في نهج العرفان.

٥ - الكليني في الكافي.

٦ - الصدوق في الفقيه.

٧ - الشهيد الثاني في رسالة وجوب الجمعة.

٨ - حفيده السيد محمد العاملي في المدارك.

٩ - الحسين بن عبد الصمد والد الشيخ البهائي في رسالته المسماة بالعقد الطهماسي.

١٠ - الحسن ابن الشهيد الثاني صاحب المعالم في رسالته الموسومة بالاثني عشرية.

١١ - ابنه محمد بن الحسن في شرح الرسالة المذكورة.

١٢ - فخر الدين بن طريح النجفي في شرح الرسالة المتقدمة.

١٣ - المحدث محمد تقي المجلسي في رسالة مبسوطة ألفها في وجوبها العيني.

١٤ - العلامة المجلسي الثاني محمد باقر في باب وجوب صلاة الجمعة من كتاب البحار.

١٥ - المولى محمد باقر السبزواري في رسالة ألفها في وجوبها التعييني.

١٦ - المولى المحسن الفيض الكاشاني في رسالة الشهاب الثاقب ألفها في

٣٥

وجوبها التعييني.

١٧ - أحمد بن محمد البحراني صاحب رياض المسائل.

١٨ - السيد أمير محمد زمان.

١٩ - الشيخ سليمان بن عبد اللّه البحراني في إسالة الدمعة للقائل بتحريم صلاة الجمعة.

٢٠ - عبد اللّه بن صالح البحراني تلميذ الشيخ سليمان البحراني.

٢١ - المولى عبد اللّه التستري.

٢٢ - ملا رفيعا المشهدي.

٢٣ - محمد بن الحسن الحر العاملي صاحب وسائل الشيعة.

٢٤ - علي بن جعفر البحراني.

٢٥ - أحمد بن عبد اللّه البحراني.

٢٦ - المولى الشريف أبو الحسن النجفي في شرحه على المفاتيح.

٢٧ - حكاية الفيض الكاشاني ووجوب هذه الصلاة عن السيد الداماد.

٢٨ - حكايته أيضاً عن السيد ماجد البحراني(١) .

٢٩ - المحدث الشيخ يوسف البحراني في كتاب الحدائق الناضرة.

٣٠ - أبو محمد المشتهر بمحمد أمان الكلهنوي.

٣١ - السيد جعفر بن الحسين بن قاسم الخوانساري.

٣٢ - المولى رفيع الجيلاني تلميذ العلامة المجلسي.

٣٣ - السيد حسين بن الحسن بن أحمد بن سليمان القزويني.

٣٤ - الشيخ سلمان بن عبد اللّه الماحوزي.

٣٥ - السيد صدر الدين القزويني مؤلف الرسالة الصدرية.

______________________________

(١) الى هنا تم نقله من الحدائق الناضرة: ج ٩ ص ٣٧٨.

٣٦

٣٦ - المولى محمد طاهر بن محمد حسين الشيرازي القمي.

٣٧ - الميرزا عبد اللّه بن عيسى الافندي صاحب رياض العلماء

٣٨ - السيد عبد العظيم بن عباس الاسترابادي.

٣٩ - الشيخ علي بن حسين المحقق الكركي على ما في الذريعة وقصص العلماء

٤٠ - الشيخ علي بن سليمان درويش.

٤١ - الشيخ علي بن محمد بن أحمد بن إبراهيم العصفوري.

٤٢ - المولى عوض التستري الكرماني.

٤٣ - ميرزا عيسى ابن الميرزا محمد صالح التبريزي.

٤٤ - الشيخ كلب علي، وليس هو الكاظمي كما ذكره رياض العلماء.

٤٥ - المولى محمد بن الحسن الشيرواني المعاصر للعلامة المجلسي.

٤٦ - العلامة السيد محمد الموسوي الجزائري نزيل الأهواز.

٤٧ - المولى محمد بن عبد الفتاح التنكابني ألف أربع رسائل في وجوبها التعييني.

٤٨ - المولى الحاج آقا رحيم أرباب الاصبهاني.

٤٩ - الآية الحجة المرحوم الحاج السيد محمد تقي الخوانساري.

٥٠ - العلامة الحجة الشيخ محمد رضا الحرقوئي الحائري.

٥١ - العلامة السيد هبة الدين الحسيني الشهرستاني.

ما ينبغي لخطيب الجمعة

ينبغي أن يكون الخطيب بليغاً مراعياً لمقتضيات الأحوال بالعبارات الفصيحة الخالية عن التعقيد، عارفاً بما جرى على المسلمين في الأقطار سيّما قطره، عالماً بمصالح الاسلام والمسلمين، شجاعاً لا يلومه في اللّه لومة لائم، صريحاً في إظهار الحق وإبطال الباطل حسب المقتضيات والظروف، مراعياً لما يوجب تأثير كلامه

٣٧

في النفوس من مواظبة أوقات الصلوات والتلبس بزي الصالحين والأولياء وأن تكون أعماله موافقاً لمواعظه وترهيبه وترغيبه، وأن يجتنب عما يوجب وهنه ووهن كلامه حتى كثرة الكلام والمزاح وما لا يعني كل ذلك إخلاصاً لله تعالى وإعراضه عن حب الدنيا والرئاسة فإنه رأس كل خطيئة، ليكون لكلامه تأثير في النفوس(١)

وقد جاء في وسائل الشيعة وعلل الشرائع وعيون أخبار الرضا عن الامام الرضا عليه السلام: أنه قال: إنما جعلت الخطبة يوم الجمعة لأن الجمعة مشهد عام، فأراد ان يكون للأمير سبب الى موعظتهم وترغيبهم في الطاعة وترهيبهم من المعصية وتوقيفهم على ما أراد من مصلحة دينهم ودنياهم، ويخبرهم بما ورد عليهم من الآفاق ومن الاهوال التي لهم فيها المضرة والمنفعة(٢) .

ما يستحب لامام الجمعة

ويستحب له أن يتعمم في الشتاء والصيف ويتردى(٣) ببرد يمني أو عدني ويتزين ويلبس أنظف ثيابه متطيباً على وقار وسكينة، وأن يسلّم إذا صعد المنبر واستقبل الناس بوجهه ويستقبلونه بوجوههم، وأن يعتمد على شيء من قوس أو عصا أو سيف، وأن يجلس على المنبر أمام الخطبة حتى يفرغ المؤذنون(٤)

ما يجب على امام الجمعة

يجب في كل من الخطبتين التحميد ويعقبه بالثناء عليه تعالى على الأحوط والأحوط أن يكون التحميد بلفظ الجلالة، وإن كان الأقوى جوازه بكل ما يعد حمداً له تعالى، والصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم على الاحوط في الخطبة الاولى. وعلى الأقوى في الثانية، والايصاء بتقوى اللّه تعالى في الاولى على الأقوى، وفي الثانية

_____________________________

(١) راجع تحرير الوسيلة: ج ١ ص ٢١٣ ضمن مسألة ١٤ من مسائل شرائط صلاة الجمعة.

(٢) الوسائل: ج ٥ ص ٣٩ ب ٢٥ من أبواب صلاة الجمعة ح ٦.

(٣) تردى: لبس الرداء.

(٤) راجع تحرير الوسيلة: ج ١ ص ٢١٤ ضمن مسألة ١٤ من مسائل شرائط صلاة الجمعة.

٣٨

على الأحوط، وقراءة سورة صغيرة في الاولى على الأقوى، والأحوط الأولى في الثانية الصلاة على أئمة المسلمين عليهم السلام بعد الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم والاستغفار للمؤمنين والمؤمنات، والأولى اختيار بعض الخطب المنسوبة الى أمير المؤمنين سلام اللّه عليه أو المأثورة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام(١) .

يجب ان يكون الخطيب قائماً وقت إيراد الخطبة ويجب وحدة الخطيب والامام(٢) .

الأحوط لو لم يكن الأقوى وجوب رفع الصوت في الخطبة بحيث يسمع العدد، بل الظاهر عدم جواز الاخفات بها، بل لا إشكال في عدم جواز إخفات الوعظ والايصاء، وينبغي أن يرفع صوته بحيث يسمع الحضار، بل هو أحوط(٣) .

الأحوط إتيان الحمد والصلاة في الخطبة بالعربي وإن كان الخطيب والمستمع غير عربي وأما الوعظ والايصاء بتقوى اللّه تعالى فالأقوى جوازه بغيره، بل الأحوط أن يكون الوعظ ونحوه من ذكر مصالح المسلمين بلغة المستمعين، وإن كانوا مختلطين يجمع بين اللغات، نعم لو كان العدد أكثر من النصاب جاز الاكتفاء بلغة النصاب، لكن الأحوط أن يعظهم بلغتهم(٤) .

يجوز إيقاع الخطبتين قبل زوال الشمس، بحيث اذا فرغ منهما زالت، والأحوط إقاعهما عند الزوال(٥) .

ما ينبغي لمستمعي الخطبة

الأحوط بل الأوجه وجوب الاصغاء الى الخطبة، بل الأحوط الانصات وترك الكلام بينها وأن كان الأقوى كراهته، نعم لو كان التكلم موجباً لترك

______________________________

(١) راجع تحرير الوسيلة: ج ١ ص ٢١١ مسألة ٧ من شرائط صلاة الجمعة.

(٢) راجع تحرير الوسيلة: ج ١ ص ٢١٣ مسألة ١٢ من شرائط صلاة الجمعة.

(٣) راجع تحرير الوسيلة: ج ١ ص ٢١٣ مسألة ١٣ من شرائط صلاة الجمعة.

(٤) راجع تحرير الوسيلة: ج ١ ص ٢١٢ مسألة ٨ من شرائط صلاة الجمعة.

(٥) راجع تحرير الوسيلة: ج ١ ص ٢١٢ مسألة ١٠ من شرائط صلاة الجمعة.

٣٩

الاستماع وفوات فائدة الخطبة لزم تركه، والأحوط الأولى استقبال المستمعين الامام حال الخطبة، وعدم الالتفات زائداً على مقدار الجواز في الصلاة، وطهارة الامام حال الخطبة عن الحدث والخبث، وكذا المستمعين(١) .

______________________________

(١) راجع تحرير الوسيلة: ج ١ ص ٢١٣ مسألة ١٤ من شرائط صلاة الجمعة.

٤٠