طبّ الإمام الصادق عليه السلام

طبّ الإمام الصادق عليه السلام0%

طبّ الإمام الصادق عليه السلام مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
تصنيف: الإمام الصادق عليه السلام
الصفحات: 102

طبّ الإمام الصادق عليه السلام

مؤلف: محمّد الخليلي
الناشر: منشورات الشريف الرضي
تصنيف:

الصفحات: 102
المشاهدات: 57577
تحميل: 4855

توضيحات:

طبّ الإمام الصادق عليه السلام
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 102 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 57577 / تحميل: 4855
الحجم الحجم الحجم
طبّ الإمام الصادق عليه السلام

طبّ الإمام الصادق عليه السلام

مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
العربية

الادوية وهي ألوان مختلفة وعقاقير متباينة في بلدان متفرقة ، فمنها عروق ومنها لحاء ومنها ورق ومنها ثمر ومنها عصير ومنها مايع ومنها صمغ ومنها دهن ومنها ما يعصر ويطبخ ومنها ما يعصر ولا يطبخ مما سمى بلغات شتى لا يصلح بعضها إلا ببعض ، ولا يصير دواء إلا باجتماعها ومنها مرائر السباع والدواب البرية والبحرية ، وأهل هذه البلدان مع ذلك متعادون مختلفون متفرقون باللغات متغالبون بالمناصبة ومتحاربون بالقتل والسبي أفترى من ذلك الحكيم نتبع هذه البلدان حتى عرف كل لغة وطاف كل وجه وتتبع هذه العقاقير مشرقاً ومغرباً آمناً صحيحاً لا يخاف ولا يمرض سليماً لا يعطب حياً لا يموت هادياً لا يضل قاصداً لا يجور حافظا لا ينسى نشيطا لا يمل حتى عرف وقت أزمنتها ومواضع منابتها مع اختلاطها واختلاف صفاتها وتباين ألوانها وتفرق أسمائها ثم وضع مثالها على شبهها وصفتها ، ثم وصف كل شجرة بنباتها وورقها وثمرها وريحها وطعمها أم هل كان لهذا الحكيم بد من أن يتتبع جميع أشجار الدنيا وبقولها وعروقها شجرة شجرة وورقة ورقة شيئاً فشيئا ؟ وهبه وقع على الشجرة التي أراد ، فكيف دلته حواسه على أنها تصلح للدواء والشجر مختلف فمنه الحلو والحامض والمر والمالح فان قلت يستوصف في هذه البلدان ويعمل بالسؤال ، وأنى له أن يسأل عما لم يعاين ولم يدركه بحواسه أم كيف يهتدي إلى من يسأله عن تلك الشجرة وهو يكلمه بغير لسانه وبغير لغته والأشياء كثيرة.

وهبه فعل ، فكيف عرف منافعها ومضارها وتسكينها وتهييجها وباردها وحارها ومرارتها وحراقتها ولينها وشديدها. فلئن قلت بالظن فان ذلك لا يدرك ولا يعرف بالطبايع والحواس ، وإن قلت بالتجربة والشرب فلقد كان ينبغي له أن يموت في أول ما شرب وجرب تلك الأدوية بجهالته بها وقلة معرفته بمنافعها ومضارها وأكثرها السم القاتل. وان قلت بل طاف في كل بلد وأقام في كل أمة يتعلم لغاتهم ويجرب أدويتهم بقتل الأول فالاول منهم ما كان ليبلغ معرفته الدواء الواحد إلا بعد قتل قوم كثير ، فما كان أهل تلك البلدان الذين قتل منهم

٤١

ما قتل بتجربته بالذين يتفادون اليه بالقتل ولا يدعونه يجاورهم. وهبه تتبع هذا كله وأكثره سم قاتل أن زيد على قدره قتل وان نقص عن قدرة بطل ، وهبه تتبع هذا كله وطاف مشارق الارض ومغاربها وطال عمره فيها بتتبعه شجرة شجرة وبقعة بقعة كيف كان له تتبع مالم يدخل في ذلك من مرارة الطير والسباع ودواب البحر هل كان بد حيث زعمت أن ذلك الحكيم تتبع عقاقير الدنيا شجرة شجرة حتى جمعها كلها فمنها ما لا يصلح ولا يكون دواء إلا بالمرار هل كان بد من أن يتتبع جميع طير الدنيا وسباعها ودوابها دابة دابة وطائراً طائراً يقتلها ويجرب مرارها كما بحث في تلك العقاقير على ما زعمت بالتجارب ، ولو كان ذلك فكيف بقيت الدواب وتناسلت وليست بمنزلة الشجرة إذا قطعت شجرة نبتت أخرى وهبه أتى على طير الدنيا كيف يصنع بما في البحر من الدواب التي كان ينبغي أن يتتبعها بحراً بحراً ودابة دابة حتى أحاط به كما أحاط بجميع عقاقير الدنيا التي بحث عنها حتى عرفها ، فانك مهما جهلت شيئاً من هذا لا تجهل أن دواب البحر كلها تحت الماء فهل يدلك العقل والحواس على أن هذا يدرك بالبحث والتجارب قال : لقد ضيعت عليّ المذاهب فما أدري بماذا أجيبك.

فقلت سأبرهن لك بغير هذا مما هو أوضح وأبين مما اقتصصت عليك ألست تعلم أن هذه العقاقير التي منها الأدوية والمرار من الطير والسباع لا يكون دواء إلا بعد الاجتماع ؟ قال هو كذلك. قلت : فاخبرني كيف أدركت حواس هذا الحكيم الذي وضع هذه الأدوية مثاقيلها وقراريطها فانك أعلم الناس بذلك لأن صناعتك الطب ، وأنت قد تدخل في الدواء الواحد من اللون الواحد وزن أربعمائة مثقال ومن الآخر ثلاثة أو أربعة مثاقيل وقراريط فما فوق ذلك أو دونه حتى يجيء بقدر واحد معلوم إذا سقيت منه صاحب البطنة بمقدار عقد بطنه ، وإن سقيت صاحب القولنج أكثر من ذلك استطلق بطنه ، والآن فكيف أدركت حواسه على هذا ، أم كيف عرف بحواسه ان الذي يسقى لوجع الرأس لا ينحدر إلى الرجلين والانحدار أهون عليه من الصعود والذي يسقى لوجع

٤٢

القدمين لا يصعد إلى الرأس وهو أقرب منه ، وكذلك كل دواء يسقى صاحبه لكل عضو لا يأخذ إلا طريقه في العروق التي تسمى له وكل ذلك يصير الى المعدة ومنها يتفرق ، أم كيف لا يسفل منه ما صعد ولا يصعد منه ما انحدر؟ أم كيف عرفت الحواس هذا حتى علم أن الذي ينبغي للاذن لا ينفع العين وما تنفع به العين لا يغني من وجع الاذن وكذلك جميع الأعظاء يصير كل دواء منها إلى ذلك العضو الذي ينبغي له بعينه ، فكيف أدركت العقول والحواس هذا ، وهو غائب في الجوف والعروق واللحم وفوق الجلد لا يدرك بسمع ولا ببصر ولا بشم ولا بلمس ولا بذوق ؟ قال : لقد جئت بما أعرف إلا أننا نقول ان الحكيم الذي وضع هذه الأدوية وأخلاطها كان إذا سقى أحداً شيئاً من هذه الأدوية فمات شق بطنه وتتبع عروقه ونظر مجاري تلك الادوية وأتى المواضع التي تلك الأدوية فيها. قلت : فاخبرني ألست تعلم أن الدواء كله إذا وقع في العروق اختلط بالدم فصار شيئاً واحداً قال : بلى. قلت : أما تعلم أن الانسان إذا خرجت نفسه برد دمه وجمد ؟ قال بلى ، قلت : فكيف عرف ذلك الحكيم دواؤه الذي سقاه المريض بعد أن صار عبيطاً ليس بأمشاج يستدل عليه بلون فيه غير لون الدم ؟ قال : لقد حملتني على مطية صعبة ما حملت على مثلها قط ولقد جئت باشياء لا أقدر على ردها. إلى آخر الحديث الطويل.

فيمضي الإمام «ع» في إستدلاله على إثبات الوحدانية والربوبية من طرق أخرى مفصلة يستدرجها من حديث الاهليلجة التي هي بين يدي الطبيب الهندي ونحن لا حاجة لنا بها في موضوعنا هذا والحديث كله منتشر في كتب الأخبار.

ولقد ظهر لنا ولكل ذي إدراك وإنصاف غير مكابر مما تقدم بعض ما لدى الامامعليه‌السلام من الاطلاع الواسع والمعرفة الكاملة بخواص الادوية ومنافعها ومضارها بل وكل خاصة فيها مفردة ومركبة مع معرفة منابتها وطباعها دون أن يسند ذلك إلى معلم أو طبيب أخذه منهما بل لم يعرفه كل طبيب أو عقاري في عصره

٤٣

أوليس ذلك علماً إلهامياً أو وراثياً عن سلفه الطاهرين والذين خصهم الله تعالى به دون ساير الخلق وجعلهم معدنه ومنبعه لانهم هم الراسخون في العلم وهم حاملوا أعباء إرشاده وتعاليمه الحكيمة.

[[ وصفاته الطبية (1) ]]

ليس الامامعليه‌السلام سوى من اختاره الله بلطفه العام على العباد خلفاً عن النبي الكريم (ص) ليرجع الخلق اليه في جميع مهماتهم ، ويدع الناس نحوه في كل حادث لا يرون منه ملجأ الاّ لديه ، سواءا اكانت تلك المهمة روحية أم بدنية أم دنيوية أم أخروية ، لأنه هو الكفيل بارشادهم إلى صالح معادهم ومعاشهم لذلك فقد كانوا يردون على الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام من كل فج وقطر ليسألوه عن مشكلة في الدين أو ملمة في الدنيا فيجدون عنده الجواب الكافي والعلاج الشافي وكثيراً ما كان الوفاد تستشفي بوصفاته النافعة وتستوصفه في كل ما يعتريها من الأسقام والأمراض وهو يجيبهم بما يجدون به الشفاء العاجل والنفع الآجل ، أجل وكيف لا يكون كذلك وهو طبيب النفوس والأرواح وهادي الأمة إلى الصلاح والإصلاح ، وها أني أذكر لك بعض وصفاته الطبية في علاج ما يسأل عنه من الأمراض ، لتعلم أنهعليه‌السلام الطبيب العالم والإمام المرشد ، وإليك ذلك :

[[ 1 ـ الصداع ]]

عن سالم بن إبراهيم عن الديلمي عن داود الرقي قال : حضرت أبا عبدالله الصادقعليه‌السلام وقد جاء خراساني حاج ، فدخل عليه وسلم وسأله عن شيء من أمر الدين ، فجعل الصادق «ع» يفسره له ، ثم قال له : يا بن رسول الله ما زلت شاكياً منذ خرجت من منزلي من وجع الرأس. فقال له «ع» : قم من

__________________

(1) أخذنا أغلب هذه الوصفات من الفصول المهمة للحر العاملي وتذكر برمتها في بحار الأنوار ج 14 ص 522.

٤٤

ساعتك هذه فادخل الحمام ولا تبتدأن بشيء حتى تصب على رأسك سبعة أكف ماء حار وسم الله تعالى في كل مرة فإنك لا تشتكي بعد ذلك منه أبداً ففعل ذلك وبريء من ساعته.

أقول : لا شك أنك لم تجد قبل التأمل في الحديث أي علاقة بين الصداع وصب الماء الحار على الرأس مع البسملة ولكن إذا فكرت وتأملت علمت أن البشر مهما بلغ القمة من العلوم لم يستطع أن يعرف معرفة كاملة علل الأمور وأسباب الحوادث لأنه قد يتصور لحدوث شيء سبباً كان في الواقع غيره وقد لا يتصور له علة وهي في الحقيقة موجودة لم يدركها ، وبديهي أن عدم معرفته للسبب ليس معناه أن ليس له علة ولا سبب أو أنه لا علاقة هناك بين الشيء وسببه ، ولعلمت ثانياً أن الأسباب والعلل قسمان مادية جسمية ومعنوية روحية وأن كلاً منهما متعدد فمثلاً هذا الصداع قد يحصل عن ـ إمتلاء المعدة ـ أو سوء الهضم ـ أو الاستبراد أو الزكام ـ أو ضعف الأعصاب ـ أو إضطرابها ـ أو الضغط على الدماغ ـ أو إزعاجه بالأصوات القوية والروائح الحادة ـ أو حرارة الكبد ـ أو من ألم العين أو الأذن ـ أو من بعض الحميات أو الانفلونزا وأمثالها ، كما قد يحصل عن الهم والغم والأرق والخوف أو الفكر الكثير أو أشباهها من النفسيات.

وهنا ليس على الطبيب المعالج إلا أن ينظر إلى السبب فيرفعه وإلى العلة فيزيلها وبهذا يرتفع ويزول المرض ( الصداع ).

ولعل هذا المريض الخراساني الذي يشكو الصداع أدرك الإمام «ع» لصداعه سببين روحي وهو إضطراب فكر وقلق نفسي مع حدوث زكام له في الطريق أو عند أهله كانا هما علة صداعه فعالجه روحياً بذكر البسملة مع إدخال الطمأنينة عليه بأنه سيشفى حالاً ويصب الماء الحار المتعدد على الرأس لتحليل المواد الزكامية وهذا مما يصفه أكثر الأطباء للزكام الحادث من إستبراد أو إختلاف الأهوية الواردة على الدماغ وهذا ما لا يعرفه إلا الطبيب الروحي الحاذق ، كما انا

٤٥

لا يجوز أن نقيس على هذا العلاج في غير هذا المريض إلا أن نعرفه أنه مثله ولا يعرفه إلا الطبيب الروحي المادي فتأمل.

[[ 2 ـ الزكام ]]

شكا إليه بعض أصحابه الزكام ، فقال «ع» : صنع من صنع الله ، وجند من جنوده بعثه إلى علتك ليقلعها ، فاذا أردت قلعه فعليك بوزن دانق شونيز ونصف دانق كندس(1) يدق وينفخ في الانف ، فانه يذهب بالزكام ، وإذا أمكنك أن لا تعالجه بشيء فافعل فان فيه منافع كثيرة.

أقول : الزكام هو إلتهاب الغشاء المخاطي الأنفي الحاصل من باشلوس فريد لندر كما عرفه الطب وهو يحصل عن البرد أو الانتقال السريع من محل حار إلى محل بارد أو من ضعف البنية أو من العدوى من شخص آخر مصاب ، وعلاماته وأعراضه هو الشعور بالبرد والقشعريرة وارتشاح الماء من المنخرين مع مادة مخاطية ودمع العينين واحمرارهما وتغير الصوت ومدتها لثلاثة أيام ( دورته ) وعلاجه ملازمة البيت والدفء التام خصوصاً في الشتاء مع تقليل الأكل وتناول الأشربة المسخنة ، وقد اعتبرته الأطباء مرضا سارياً معدياً ولكن أخيراً اكتشف بانه ليس هو بنفسه مرض بل هو حدث طبيعي بحركة الاستبراد أو غيره لرفع بعض أمراض الدماغ والرئة والجهاز التنفسي وتنقيتها من الأخلاط والبلاغم وهذا هو المراد بقول الإمام وإذا أمكنك أن لاتعالجه بشيء فافعل كما أن قوله «ع» صنع من صنع الله وجند من جنوده بعثه لعلتك ليقلعها ، إشارة إلى أنه حدث طبيعي لخدمة الأبدان فهو كجند يهجم على الامراض فيخرجها من الدماغ بالترشيح ونزول الدمع قال بعض الأطباء : مساكين اولئك الذين يقابلون هذه الخدمة الطبيعية التي تريد تطهير البدن من الفضولات بالعقاقير غافلين عن

__________________

(1) الشونيز هي الحبة السوداء والكندس هو صمغ اللبان.

٤٦

أن الزكام إذا عولج أعقب أمراضاً كثيرة.

[[ 3 ـ ضعف البصر ]]

شكا بعض أصحابه فتاة له ضعف بصرها ، فقال له «ع» : اكحلها بالمر والصبر والكافور أجزاء سواء قال ! فكحلتها فانتفعت به.

أقول : إن ضعف البصر في مثل عمر الفتاة لم يحصل عن ضعف الاعصاب أو قلة النور وإنما يحدث غالباً عن كثرة أمراض العين من رمد أو إلتهابات أو تراخوما أو أشباه ذلك وهذه العوارض ترتفع غالباً بالصبر والمر إذا كان الضعف عن كثرة النزلات والرمد وبالكافور إذا كانت إلتهابات فاذا اجتمعت كحلاً تنفع من الجميع.

[[ 4 ـ بياض العين ]]

في طب الأئمة : شكا إلى أبي عبدالله «ع» رجل بياضاً في عينيه فأمره أن يأخذ فلفلاً أبيض ودار فلفل(1) من كل واحد درهمين(2) ونشادر صافي جيد(3) وزن درهم ، فيسحقها كلها ثم ينخلها ويكتحل بها في كل عين ثلاث مراود(4) وإن يصبر عليها ساعة فانه يقطع البياض وينقي لحم العين ، ويسكن الوجع باذن الله تعالى ثم يغسل عينيه بالماء ثم يتبعه بالأثمد إكتحالاً(5) .

__________________

(1) الفلفل أبيضه وأسوده حب مدحرج صغار حريف الطعم والدار فلفل هو أول ثمر الفلفل على هيئة أكياس مليئة بحب الفلفل.

(2) وزن طبي أقل من المثقال.

(3) مادة قلوية ذات طعم حاد.

(4) الميل الذي يكتحل به العين.

(5) يسمى الكحل الأصفهاني وهو في معدنه في الجبال يتركب بالحرارة من كبريت وزئبق.

٤٧

[[ 5 ـ وجع البطن وإسهالها ]]

وجاءه رجل فقال له : يابن رسول الله : إن إبنتي ذبلت ، وبها البطن ، فقال له «ع» : وما يمنعك من الأرز مع الشحم ، ثم علمه طريقة طبخه ففعل ذلك كما أمره فشفيت إبنته به.

أقول : معلوم طباً أن الأرز يقبض المعدة يطبخ دون تصفية ويخلط معه الشحم دون تذويب فان السمن مطلقاً وخاصة سمن اللحوم يزيد في الأسهال ولا كذلك الشحم غير المذاب.

[[ 6 ـ الاسهال ]]

عن عبد الرحمن بن كثير ، قال : مرضت بالمدينة واطلق بطني ، فقال لي أبو عبدالله «ع» وأمرني أن أخذ سويق الجاورس(1) واشربه بماء الكمون ففعلت فامسك بطني.

[[ 7 ـ قراقر البطن مع الألم ]]

شكا ذريح قراقر في بطنه إليه «ع» فقال له : أتوجعك ؟ قال : نعم فقال له ما يمنعك من الحبة السوداء والعسل ، فاستعمله فنفعه.

أقول : ويكون الاستعمال الحبة مع العسل هو أن تدق الحبة دقاً ناعماً ثم تمزج مع العسل جيداً ، ثم تستعمل يوميا ثلاث مرات صبحا وعصراً وليلاً قدر البندقة.

[[ 8 ـ الرياح الموجعة ]]

كتب جابر بن حسان إلى أبي عبدالله «ع» فقال : يابن رسول الله ، منعتني

__________________

(1) الجاورس هو الذرة وسويقها هو ممزوج طحينها مع التمر أو الدبس.

٤٨

ريح شابكة شبكت بين قرني إلى قدمي ، فادع الله لي. فدعا له وكتب إليه : عليك بسعوط العنبر والزئبق ، تعافى إن شاء الله. ففعل ذلك فعوفي.

أقول : ليس المراد من الرياح الموجعة هي الرياح الهوائية التي إذا دخلت البدن اماتت ( كما زعم بعضهم ) ولكنها الغازات المتجمعة داخل البدن فهي إذا اشتدت وكثرت ولم تجد مخرجاً أوجعت بضغطها وقد توجب الورم باجتماعها ثم أقلقت بالحريق والحكة. فأمره الامام «ع» باستعمال هذا السعوط ليسبب في البدن ولا سيما في الأعصاب الدماغية هزة وارتجاجاً فتنفتح المسام وتتحرك الغازات فتخرج إلى الخارج فيستريح المريض ـ وهكذا فعل فشفي.

[[ 9 ـ ضعف البدن ]]

قال له رجل : اني أجد الضعف في بدني. فقال له «ع» : عليك باللبن فانه ينبت اللحم ويشد العظم ، فقال له آخر : أني أكلت لبناً فضرني. فقال له «ع» ما ضرك اللبن ولكنك أكلته مع غيره فضرك الذي أكلته معه فظننت أن ذلك من اللبن.

أقول : المراد من اللبن هنا في قول الامام هو الحليب ، وإن الحليب غذاء كامل حاو لجميع الفيتامينات التي يحتاجها البدن ، لذلك فهو يوافق اكثر الأمزجة. ومن منافع المداومة عليه هي أن يسمن البدن ويقوي القلب والدماغ والنخاع ويفيد الباه مضافاً إلى إصلاحه الصدر وتسكينه للسعال فهو غذاء ودواء لضعف البدن لا سيما إذا كان الضعف من الحرارة أو من أثر السمومات الغذائية وعلى الأخص في دور نقاهة المرضى عموماً.

[[ 10 ـ حمى الربع ]]

عن عبدالله بن بسطام عن كامل عن محمد بن إبراهيم الجعفي عن أبيه ، قال :

٤٩

دخلت على أبي عبدالله الصادق «ع» فقال لي : مالي أراك شاحب الوجه ؟ قلت إن بي حمى الربع يا سيدي ، فقالعليه‌السلام : أين أنت عن المبارك الطيب إسحق السكر ، ثم خذه بالماء واشربه على الريق عند الحاجة إلى الماء ، قال : ففعلت ذلك ، فما عادت الحمى بعد.

أقول : حمى الربع هي حمى الملاريا وهي على الأغلب تحدث الشحوب والضعف العام ، وقد وصف له الإمام شرب السكر مع الماء على الريق ومراده السكر الطبيعي لا الصناعي الخالي من كل فيتامين يفيد البدن مثل سكر القصب والسكر الأحمر ومثل العسل الذي جعل الله تعالى فيه الشفاء من كثير من الأدواء كما صرح في القرآن الحكيم ، أما السكر الطبيعي فهو موجود في أكثر الفواكه كالعنب والتمر وأمثالهما مما هي معروفة بايجاد النشاط والقوة والدم الصافي ، فاذا قوى البدن قاوم الحمى حتى ترتفع ، وهكذا فعل المستوصف وشفى.

[[ 11 ـ المبطون من الألم ]]

عن خالد بن بخيج قال : شكوت إلى أبي عبدالله «ع» وجع بطني ، فقال لي : خذ الارز فاغسله ثم رضه وخذ منه قدر راحة ( راحة اليد ) في كل غذاء ثم قال : أطعموا المبطون خبز الارز ، فما دخل جوف مبطون شيء أنفع منه ، أما أنه يدبغ المعدة ويسل الداء سلاً.

[[ 12 ـ الوضح والبهق ]]

شكا رجل ذلك إلى أبي عبدالله «ع» فقال له : إدخل الحمام وخذ معك الحنا بالنورة وأطل بهما ، فانك لا تعاني بعد ذلك شيئاً ، قال فوالله ما فعلت ذلك غير مرة واحدة ، حتى عافاني الله تعالى.

اقول : إن الوضح والبهق مرضان جلديان كالبقع البيض أو السمر منتشرة

٥٠

في الجلد دون ألم أو رطوبة ، وقد كان القدماء يعتبرونها عن أسباب داخلية فيعالجونها بالقي والاسهال وتنقية المعدة ويمنعون المصاب عن المآكل الثقيلة والحادة والحريفة ، ولعل وصف الإمام «ع» كان بمقتضى الزمان والمكان أو جهات أخرى لم ندركها وإلا فان مثل هذين المرضين العسرين في العلاج مما يستبعد مداواتهما بهذه الأدوية وهذه السرعة اللهم إلا أن يكون علاجها من ناحية روحية قدسية لا يقدم عليه إلا روحي ذو قدسية كالإمامعليه‌السلام .

[[ 13 ـ البلغم الكثير ]]

قال «ع» : خذ جزء من علك الرومي وجزء من الكندر وجزء من الصعتر وجزء من النانخواه وجزء من الشونيز ، ودق كل واحد على حدة دقاً ناعماً ثم ينخل ويعجن بالعسل ، ويؤخذ منه كل ليلة قدر البندقة ، فانه نافع إنشاء الله.

[[ 14 ـ شدة البول ]]

عن الفضل قال : شكوت إلى أبي عبدالله ، إني ألقي من البول شدة ، فقال «ع» : خذ من الشونيز آخر الليل فأخذت منه مراراً فعوفيت.

[[ 15 ـ قلة الولد ]]

شكا عمر بن حسنة الجمال إليه قلة الولد ، فقال له «ع» إستغفر الله وكل البيض والبصل. وعنه من عدم الولد فليأكل البيض وليكثر.

أقول : لقد تقدم قولنا أن الإمام «ع» كان يعالج روحياً وجسمياً وهنا لما أمره بالإستغفار أراد أن يوجهه إلى الله تعالى باطمينان فيطلب منه الولد ثم وصف هذا العقار الذي من خواصه تحليل أرياح مجاري البول والمني وتطيرها من الرطوبات وبذلك تنشط الأعصاب فتجذب المني أكثر ولعل بذلك يحصل

٥١

المطلوب. أما البيض فقد ذكر من خواصه زيادة مادة المني وإصلاحها.

[[ 16 ـ ضعف الباه ]]

في طب الأئمة : قال رجل لأبي عبدالله الصادقعليه‌السلام سيدي إني أشتري الجواري وأحب أن تعلمني شيئاً أتقوى به عليهن ، فقالعليه‌السلام : خذ البصل الأبيض فقطعه واقله بالزيت ، ثم خذ بيضا وانفذه في ضرف وذر عليه شيئاً من الملح ، ثم اكبه على البصل والزيت واقله وكل منه ، فقال الرجل : ففعلته ، فكنت لا أريد منهن شيئاً إلا نلته.

إلى كثير من أمثال ذلك مما لا تسعه هذه الرسالة الوجيزة ، وقد إقتصرنا منه على هذا القليل روما للاختصار.

ولكن من المستحسن ذكر شطر مهم من الأدواء التي جاء العلاج لها مروياً عن الإمام الصادق «ع» في طب الأئمة والبحار وغيرهما من كتب الأحاديث والأخبار وهاك نماذج تلكم الأدواء:

1 ـ السعال

1 ـ الجروح والقروح

2 ـ السل

2 ـ الجدري

3 ـ وجع الحلق

3 ـ وجع البطن

4 ـ الزكام

4 ـ البواسير

5 ـ الأرياح

5 ـ طغيان البلغم

6 ـ وجع المثانة والحصاة

6 ـ اليبوسة

7 ـ أوجاع المفاصل

7 ـ وجع الظهر

8 ـ سلس البول

8 ـ كثرة العطش

9 ـ الاسهال

9 ـ السموم

10 ـ عرق النسا

20 ـ الوباء

٥٢

21 ـ الجذام

32 ـ السل في العين

22 ـ البرص

33 ـ وجع الرجلين ( الروماطيسم )

23 ـ البهق

34 ـ ضعف الباه

24 ـ البلة والرطوبة

35 ـ لدغة العقرب والهوام

25 ـ الفالج

36 ـ الحمى

26 ـ اللقوة

37 ـ وجع الاذن

27 ـ خفقان الفؤاد

38 ـ الجنون والصرع

28 ـ وجع الطحال والخاصرة

39 ـ علل الفم والأسنان

29 ـ ذات الجنب

40 ـ دود البطن

30 ـ الرمد

41 ـ الزحير ( الديزانتري )

31 ـ الصداع

42 ـ ساير الحميات

و انه ليجد الباحث في غضون التأليف كلمات قيمة ضافية عن الإمام جعفر بن محمد الصادق «ع» في الأدوية التي وصفها في الأمراض المذكورة. وغيرها مما تنم عن تخصصه بالفن وتضلعه فيه ولو جمعت تلكم الكلم لتأتى منها كتاب حافل. وإليك جملة من تلك الأدوية(1) :

1 ـ الحبة السوداء

7 ـ الصبر

2 ـ البنفسج

8 ـ الكافور

3 ـ الكمأة

9 ـ المر

4 ـ الفلفل الأبيض

10 ـ الكاشم

5 ـ دار فلفل

11 ـ الأرز

6 ـ النشادر

12 ـ السماق

__________________

(1) بحار الانوار ج 14ص 509 ـ 534 ـ 90.

٥٣

13 ـ الكمون

36 ـ السنا

14 ـ الجاورس ( الذرة )

37 ـ الزبيب

15 ـ السكر

38 ـ العناب

16 ـ حسو اللبن

39 ـ بزر القطونا

17 ـ أبوال اللقاح

40 ـ الحرمل

18 ـ الكندس

41 ـ اللبان

19 ـ العنبر

42 ـ الاشنان

20 ـ الزئبق

43 ـ الأهليلج الأصفر

21 ـ اهليلج الأسود

44 ـ الأهليلج الكابلي

22 ـ البليلج

45 ـ السكر السليماني

23 ـ الآملج

46 ـ البابونج

24 ـ الخل

47 ـ السلق

25 ـ الدارصين

48 ـ الكرنب

26 ـ الزنجبيل

49 ـ الشلجم

27 ـ الشقاقل

50 ـ القرع أو الدبا

28 ـ الانيسون

51 ـ الفجل

29 ـ الخولجان

52 ـ الرجلة

30 ـ الوج

53 ـ الجرجير

31 ـ الكراث

54 ـ الخس

32 ـ الجوز

55 ـ الكرفس

33 ـ الجبن

56 ـ السداب

34 ـ دهن الشيرج

57 ـ الحزاء

35 ـ الهندباء

58 ـ الثوم

٥٤

59 ـ البصل

64 ـ الجزر 65 ـ الحلبة

60 ـ الباقلاء

66 ـ عود البلسان وحبه

61 ـ الحوك

67 ـ علك الرومي

62 ـ الباذروج

68 ـ نار مشك

63 ـ الفرفخ

69 ـ سليخة مقشرة

أضف إلى ذلك كله ما ورد عنهعليه‌السلام في الفواكه والحبوب والألبان والأدهان والأشربة والاستشفاء بها.

و كان أبو عبدالله «ع» لم ير باساً من العمل الجراحي وإذا إحتاج المرضى إليه فقد قيل له : الرجل يشرب الدواء ويقطع العرق وربما إنتفع به وربما قتله ، فقال «ع» ! يقطع ويشرب(1) .

وكذلك يرى الاستشفاء بالسموم أيضاً(2) .

قال إسماعيل بن الحسن المتطبب : قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : إني رجل من العرب ولي بصر بالطب ، وطبي طب عربي ، فانا نبط الجرح ونكوي بالنار ، قالعليه‌السلام : لا بأس قال : وقلت : ونسقي السموم قال «ع» : لا بأس ، قلت ربما مات ، قال : وإن مات(3) .

[[ أقواله «ع» في خواص بعض النباتات ]]

لقد أصبح الطب الحديث ، كما تشهد به الصحف والمجلات الصحية والعلمية ، يتراجع عند بعض النطس من الأطباء إلى عصر الأعشاب والنباتات

__________________

(1) راجع وسائل الشيعة للحر العاملي ج 2 ص 281 ـ 312 وراجع مستدرك الوسائل للنوري ج 2 ص 99 ـ 125 وراجع البحار ج 14ص 509 ـ 869.

(2) الكافي.

(3) مختصر ما رواه الكافي.

٥٥

وينظر إليها نظر المقدر لمنافعها الصحية ، والمعتبر لنجاح أثرها الطبيعي في معالجة الأدواء المختلفة والأمراض الكثيرة. كما أصبحت الأطباء في مختلف الظروف والمناسبات تحث مرضاها على إستعمالها. ذلك لما وجدت فيها من بساطة الأستعمال ، ونجاح الأثر وعدم الضرر أو قلته.

ولا عجب ، فان تقدم الفكر البشري والسعي وراء طلب الحقيقة لابد وأن يصلا بالباحث من ذوي العقول السليمة ، والافكار الصافية إلى كنه بعض ما أودع الخالق الحكيم في تلك النباتات الطبيعية من المنافع والآثار التي خلقت هي لأجلها ونبتت للاستثمار بها.

فاذا ما غفل أولئك الفطاحل من العلماء والاطباء عن ذكر فوائدها أو ذهل المجربون عن إستعمالها في مواضعها طيلة هذه المدة المديدة فان علماء القرآن وأئمة الدين الحنيف لم يغفلوها ، بل ذكروا من فرائدها وخواصها ما ملأ الكتب ، واستفاضت بها الأحاديث الصحيحة المروية عنهم. أنظر إلى كتاب ( طب الأئمة ) و ( طب النبي «ص» ) و ( طب الرضا ) و ( كتاب كشف الأخطار) وكتاب ( البحار ) وغيرها من الكتب التي تجد فيها ما يغنيك ويغنينا عن الإطالة في هذا المقام.

ولكي لا نخرج عن موضوعنا. وهو البحث عن طب الامام الصادق «ع» فانا نذكر لك بعض أقواله الطبية وإرشاداته الصحية في النباتات التي لم تدرك الأطباء منافعها إلا بعد ردح من الزمن. ثم نرجيء باقي أقواله الكثيرة فيها إلى مفصلات الكتب طلباً للاختصار.

وإليك بعضها مع ذكر أقوال الاطباء المطابقة لها في هذا العصر كنموذج لها :

[[ 1 ـ الثوم ]]

قال الامام «ع» : تداووا بالثوم ولكن لا تخرجوا إلى المسجد(1) .

__________________

(1) البحار ج 14.

٥٦

وقال «ع» : قال النبي ( ص) : كلوا الثوم فانه شفاء من سبعين داء(1) .

كلمة ألقاها الامام على أصحابه مرشداً لهم ، ولكن أتراهم عرفوا الأدواء التي يشفيها هذا النبات العجيب ؟ اللهم لا ، حتى كشفها اليوم علم القرن العشرين وأظهر مغزى قوله «ع» بعد ان كان مختفياً على الكثير هذه المدة.

نشرت الصحف الافرنسية مقالاً للدكتور ( ريم ) عربته مجلة الحكمة اللبنانية تحت عنوان ( هنيئاً لمن يحب الثوم ) جاء فيه :

يسرك أن تعلم أن علماء الطب ، قد أعادوا الآن إلى هذا النبات مكانه اللائق به في ( الفارما كوبيا ) الحديث ، وذكروأ أن العمال الذين شادوا هرم ( خوفو ) سنة 5400 ق. م كانوا يكثرون من أكل الثوم لتقوية أبدانهم ووقايهتم من الأمراض.

وجاء في محل آخر من المجلة قوله :

وقد أظهرت تجارب الأطباء المشهورين مثل ( سالين ) و ( بيروث ) و ( لوثر ) و ( دوبريه ) وغيرهم : إن الثوم يذيب البلورات التي تتجمع في البنية فتسبب تصلب الشرايين. ويخفض ضغط الدم في الشرايين أيضاً.

وبالجملة فقد ثبت في الطب الحديث : أن الثوم منشط للعظلات القلبية وبهذا التنشيط تنتظم الدورة الدموية ، وهو منق فعال للدم ، وبهذا النقاء يتغلب البدن على أمراض فساد الدم مطلقاً كعسر الحيض عند النساء ، وكالشيخوخة المبكرة والبواسير والروماطيسم ، وهو مطهر للمسالك التنفسية والشعبية ، وبهذا التطهير يفيد الربو ( ضيق النفس ) ويشفي بعض أنواع السل الرئوي ، لاسيما إذا كان الثوم ممزوجاً مع اللبن ، وذلك لتأثيره على مكروب ( كوخ ) سبب السل المباشر وهو موجد للمناعة في البدن ضد كثير من الأمراض مثل الانفلونزا وحمى الضنك وغيرها وهو محسن للون البشرة ومحمر للوجه ومطهر للأمعاء من التعفنات لا سيما في الأطفال وبذلك

__________________

(1) نفس المصدر السابق.

٥٧

يكون واقياً من الاصابة بالتيفوئيد ومفيد للخناق ( ديفتريا ) مطلقاً ومسكناً للسعال الديكي ، إلى غير ذلك.

وقد قيل : ان البلاد التي يكثر فيها استعمال الثوم لابد وأن تطول أعمار أهلها وأن يتمتعوا بصحة جيدة في عمرهم المديد.

مضافاً إلى مافيه من تطهير التعفنات الداخلية والالتهابات المعوية والقروح المعدية مزمنة كانت أوحادة ، كما انه يدر الحيض والبول وينفع الحصى والديدان في الاطفال.

هذا بعض ما وقفنا عليه مما وصل إليه الأطباء من فوائد هذا النبات النافع وقد أرجأنا معرفة باقي السبعين داءاً المشار إليها في الحديث إلى مفصلات الكتب الطبية. فانظر إلى جوامع كلم الامام «ع» الطبية وما أشار إليه ، وهو في عصر لا يمكن أن يدرك أهلوه ما أدركه أهل هذا العصر بعد حدوث الوسائل الكاشفة وبعد نمو العقل البشري بالتجارب واتساع العلوم.

[[ 2 ـ البصل ]]

قال أبو عبدالله «ع» : كل البصل فان له ثلاث خصال يطيب النكهة ويشد اللثة ويزيد في الماء والجماع(1) .

وقال أيضاً : البصل يطيب النكهة ويشد الظهر ويرق البشرة(1) .

وقال أيضاً : البصل يذهب بالنصب ويشد العصب ويزيد في الماء ويذهب الحمى(3) .

هذا قول الامام الصادق «ع» منذ القرن الثاني للهجرة وقبل إكتشاف

__________________

(1) الفصول المهمة للحر العاملي 137.

(2) أيضاً نفس المصدر.

(3) كشف الأخطار.

٥٨

منافعه في الطب يوم كان ولم ينظر إليه بعين الاعتبار. أما اليوم وقد أخذت التجارب تحوم حول هذه النباتات الطبيعية لتدرك ما أودع فيها من الأسرار والمنافع فقد تمكن الدكتور ( لاكوفسكي )(1) بعد الاختبارات العديدة من تقرير فوائد البصل النيء مثل أستخراج مصل خاص منه لمكافحة داء السرطان ذلك الداء الذي مازال حتى اليوم سر من الاسرار ، والذي أتعب العلماء كثيراً في كشف ميكروبه ومعرفة أسبابه وعلله.

قال الدكتور ( لاكوفسكي ) : ما زلنا نواصل التجارب ونأمل أن يصبح البصل النيء في المستقبل من أهم العلاجات الطبيعية لطائفة من الميكروبات.

وقال الدكتور ( دامر ) : البصل طعام ودواء في وقت واحد ويستعمله الأطباء لاستدرار البول وأمراض الكلى وللاستسقاء ، ويفضل اكله نياً.

وقال دكتور آخر : إن البصل يحتوي على مادة لها قيمتها الطبية في تخفيف الآلام في الانف والحلق ومجاري التنفس ، إلى غير ذلك.

هذا ماوصل إليه الطب الحديث من منافع البصل ، والمستقبل كفيل بمعرفة باقي ما ذكره الإمام منها ، فتأمل وأنصف في حكمك على معرفته الطبية ، وأنها مستقاة من آبائه وأجداده عن الوحي لا عن مدرس أو معلم أو أستاذ.

[[ 3 ـ الفجل ]]

قالت الاطباء في خواص هذا النبات : إنه مفرز للبول ، منبه للمعدة على الطعام ومقولها ومنشط لعصارتها ، ومسهل للهضم ، يعالج به الرماطيسم ، وهو ملطف ومحلل للأرياح ( الغازات ) وقد يولدها فيصلحها الملح والكمون ، ومطهر للصدر ، ومشهي للطعام وشاف من السعال مسلوقاً ، ومفتت للحصى ولاسيما حصى الكبد ، ومخرج للبلغم ومسكن للبواسير.

__________________

(1) مجلة الحكمة البيروتية.

٥٩

أقول : وهو على ما فيه من المواد المعدنية النافعة يحتوي على فيتامين ( بي ـ دي ـ سي ).

وقد قال الإمامعليه‌السلام قبل إثنى عشر قرناً :

كل الفجل فان فيه ثلاث خصال ، ورقه يطرد الرياح ولبه يسهل البول ويهضم وأصوله تقطع البلغم(1) وله فيه أقوال كثيرة بهذا المضمون.

[[ 4 ـ الجزر ]]

قالت الاطباء في خواصه : الجزر يحتوي على مقدار واف من السكر النباتي وهو سريع التمثل ، عسر الهضم في معد الاطفال ، عصيره يفيد اليرقان ويكون مع العسل مقوياً للباه كما أنه يفيد في علاج الأمعاء ويوصف للمصابين بضيق الصدر ، ومرض الاعصاب ، ويساعد في نمو الاجسام في سن الطفولة ، ويزيل الرمل ، ويقضي على الديدان إذا أكل غير مطبوخ ويزيد الدم وينشطه في البدن إلى غير ذلك من الخواص التى أدركها الطب اليوم ونصحت لأجلها المرضى أطباؤهم.

وقال الامام «ع» في حديث روي عنه :

الجزر أمان من القولنج ومفيد للبواسير ومعين على الجماع(2) .

وعنه «ع» : أكل الجزر يسخن الكليتين ويقيم الذكر(3) .

أقول : وهو يحتوي على فيتامين ( أ ـ بي ـ سي ).

__________________

(1) الكافي لثقة الاسلام الكليني.

(2) الفصول المهمة.

(3) كشف الأخطار.

٦٠