الأسرار الفاطميّة

الأسرار الفاطميّة0%

الأسرار الفاطميّة مؤلف:
تصنيف: السيدة الزهراء سلام الله عليها
ISBN: 1420
الصفحات: 534

الأسرار الفاطميّة

مؤلف: الشيخ محمد فاضل المسعودي
تصنيف:

ISBN: 1420
الصفحات: 534
المشاهدات: 128450
تحميل: 6815

توضيحات:

الأسرار الفاطميّة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 534 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128450 / تحميل: 6815
الحجم الحجم الحجم
الأسرار الفاطميّة

الأسرار الفاطميّة

مؤلف:
ISBN: 1420
العربية

للايثار ما طفحت به كتب الحديث والتفسير من تقديم الزهراءعليها‌السلام وزوجها وولديها لطعامهم لثلاثة ايام متوالية لمسكين ويتيم واسير وبقائهم جياعا طيلة هذه المدة قربة لوجه الله الكريم ، فنزل بشأنهم :( إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا *عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا *يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا *وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا *إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا ) . ومن المواقف التي خلدت من خلالها الزهراءعليها‌السلام الزهد والايثار والقناعة انهاعليها‌السلام قد طلبت من ابيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله ان يكون مهرها الشفاعة للمذنبين من امته يوم القيامة ، فنزل جبرئيل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مخبرا اياه بتلبية الله تعالى لطلب فاطمةعليها‌السلام وبما ان درع عليعليه‌السلام كان المهر التقليدي لفاطمةعليها‌السلام فان اغلى قيمة ذكرت لذلك الدرع هي خمسمائة درهم(1) .

* الأمر الثالث

وتستطيع معرفة فاطمة وشخصيتها الربانية من خلال نور كلامها الشريف الذي هو عبارة عن صورة حقيقية وانعكاس صادق لشخصيتها الالهية ، فمن خلال اقوالها وكلماتها نستطيع ان نستدل عليها ، ونكتشف حقيقتها في سهولة ويسر وبساطة. ولقد تجلت انوار كلماتها المضيئة في مختلف أبواب العلوم والفنون كعلم الفقه والاخلاق وسائر العلوم الاخرى التي تكلمت فيها ، او روى عنها على اختلاف انواعها من علوم رتيبة او غريبة ، ظاهرة او باطنة ، نقلية او عقلية ، علمية او ادبية ، انسانية او طبيعية ، الهية او دنيوية فانها سلام الله عليها قد كشفت القناع عن الكثير من الأسرار التي تخص هذا الوجود وبينت الكثير من عجائبه وفي كل ذلك نستطيع ان نلتمس منه وفيه شيئا يسيرا من معرفتها سلام الله عليها اما انوار كلامها فهذا ما بينته الكثير من الكتب الروائية التي نقلت لنا بين طياتها احاديثها وعد ذاتها احرازها وادعيتها وولايتها وغير ذلك فراجع المطويات للاطلاع والوقوف على هذه الأنوار الفاطمية.

__________________

(1) السفينة : 5 « الشيخ جعفر الباقري ».

٣٦١

قصيدة للشيخ المنصوري

لك ذكرى تمر في كل عام

وعليها تمر مر الكرام

هي ذكرى لها نقيم احتفالا

بابتهاج وفرحة وابتسام

هي ذكرى ولادة سرِّ فيها

سيد المرسلين خير الانام

بصبوح يشع في الكون شمسا

لا كشمس الضحى وبدر التمام

هي شمس والشمس يا صاح فيها

ان تقسمها فما لها من مقام

هي شمس الهدى وشمس المعالي

وهي احرى بالذكر والاحترام

من سواها فخلني وسروري

لحظات بعد الدموع السجام

ان قلبي من الهموم مليء

ومليء من الخطوب الجسام

ثم أمسى خلي بال طروبا

راقدا بين ، نايه ، والمدام

ان ضرب الامثال في مثل هذا

هو ضرب ، ومن فضول الكلام

فالتزامي بحب آل رسول الله

يغني عن البيان التزامي

فمصاب الزهراء روحي فداها

هو في وسط قلبي المستظام

والحسين الشهيد في الطف ليلا

يتراءى لمقلتي في المنام

فكأن السيوف تنهل منه

نصب عيني والظالمون امامي

هو مرمى فوق الصعيد ومرمى

بعد وخز الضبا لرشق السهام

فسماحا ام الحسين اذا ما

شط بى مزبرُ الشجا عن مرامي

وطأةُ الرزء أثقلتني فراحت

دون قصد تخطه أقلامي

علمتها اناملي ان تطيل

القول في وذم اللئام

فعليك السلام مني يترى

ان تفضلت في قبول سلامي

يا ابنة المصطفى ويا خير ام

لبني المرتضى الهداة الكرام

امنحينا بنظرة منك فضلا

فسماها ملبد بالظلام

انت باب النجاة من كل سوء

فادفعي السوء عن ربى الاسلام

واحرسينا من خصنا بدعاء

هو امضى من الف الف حسام

٣٦٢

المستوى الرابع

المعرفة النورانية لهاعليها‌السلام

وذلك بالاطلاع على حقيقة نورها سلام الله عليها والمبدأ الذي منه انحدر وفيه علا ذلك النور ، ويمكن مراجعة الكثير من الروايات الواردة في المقام لكي تعرف هذه المعرفة النورانية لها والتي هي كفوا لعليعليه‌السلام والذي يقول هو نفسهعليه‌السلام عندما سأله أبوذر الغفاري وسلمان رضوان الله عليهما عن معرفته بالنورانية فقالعليه‌السلام :

« انه لا يستكمل احد الإيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فاذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للايمان وشرح صدره للاسلام وصار عارفاً مستبصرا ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاك مرتاب. يا سلمان ويا جندب ، قالا : لبيك يا أمير المؤمنين ، قالعليه‌السلام : معرفتي بالنورانية معرفة الله عز وجل ، ومعرفة الله عز وجل معرفتي بالنورانية وهو الدين الخالص الذي قال الله تعالى :( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) . إلى ان يقولعليه‌السلام : ( يا سلمان ويا جندب ، قالا : لبيك صلوات الله عليك ، قالعليه‌السلام : أنا أمير كل مؤمن ومؤمنة ممن مضى وممن بقي ، وايدت بروح العظمة ، وانما انا عبد من عبيد الله لا تسمونا اربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم فانكم لن تبلغوا من فضلنا كنه ما جعله الله لنا ، ولا معشار العشر ». وهذا يؤيده ما ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة « من عرفكم فقد عرف الله » اى ان معرفتكم من شأنها ان تؤدي إلى معرفة الله تعالى لانهم هم الدالين عليه تعالى لذا ورد في الحديث عن جابر عن عبد الله الأنصاري يقول : « سمعت ابا جعفرعليه‌السلام يقول : انما يعرف الله عز وجل ويعبده من عرفه وعرف امامه منا أهل البيت ومن لا يعرف الله عز وجل ولا يعرف الإمام منا أهل البيت فانما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالا »(1) . اذن معرفة فاطمة بالنورانية

__________________

(1) الكافي : 1 / 181 ح 4.

٣٦٣

كمعرفة عليعليه‌السلام بالنورانية « نحن أهل البيت عجنت طينتنا بيد العناية بعد رش علينا فيض الهداية ثم خمرت بخميرة النبوة وسقيت بماء الوحي ونفخ فيها روح الأمر فلا أقدامنا تنزل ، ولا أبصارنا تضل ، ولا أنوارنا تفل ، واذا ضللنا فمن بالقوم يدل ». الناس من شجرة شتى وشجرة النبوة واحدة محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اصلها وانا فرعها وفاطمة الزهراء ثمرها ، والحسن والحسين اغصانها ، أصلها نور وفرعها نور وثمرها نور ، وغصنها نور ، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ، نور على نور »(1) .

على ان هناك مراتب عديدة للمعرفة فهي كلي مشكك له مراتب طولية وعرضية وقد قسموها إلى :

1 ـ المعرفة البرهانية : والتي تكون بالدليل العقلي

2 ـ المعرفة الإيمانية : والتي تكون بالدليل النقلي من الكتاب والسنة.

3 ـ المعرفة الشهودية : والتي تكون بالاشراف والكشف والشهود بالقلب. ولقد أضاف اليها سيدنا الاستاذ آية الله السيد عادل العلوي ( دام ظله ) تقسيماً آخر كما يلي :

1 ـ المعرفة الجلالية : وهي تعني معرفة الشيء في حدوده وشكله الهندسي كمعرفة الجبل من بعيد.

2 ـ المعرفة الجمالية : وهي تعني معرفة الشيء من باطنه وجوهره.

3 ـ المعرفة الكمالية : وهي تعني الوقف على هدف الشيء وغايته.

__________________

(1) عن الإمام علي ع من حبه عنوان الصحيفة 38 نقلها عن عبقات الانوار.

٣٦٤

٣٦٥

٣٦٦

للشيخ محمد علي اليعقوبي

ولقد يعز على رسول

الله ما جنت الصحابة

قد مات فانقلبوا على

الاعقاب لم يخشوا عقابه

منعوا البتولة ان تنوح

عليه او تبكي مصابه

نعش النبي أمامَهم

ووراءهم نبذوا كتابه

لم يحفظوا للمرتضى

رحمَ النبوة والقرابة

لو لم يكن خير الورى

بعد النبي لما استنابه

قد اطفأوا نور الهدى

مذ أضرموا بالنار بابه

وعَدوا على بنت الهدى

ضرباً بحضرته المهابة

في أي حكمٍ قد أباحوا

ارث فاطمَ واغتصابه

بيت النبوة بيتها

شادت يد الباري قبابه

اذن الاله برفعه

والقوم قد هتكوا حجابه

بأبي وديعة احمد

جرعاً سقاها الظلم صابه

عاشت معصبة الجبين

تئن من تلك العصابة

حتى قضت وعيونها

عبرى ومهجتها مذابة

وأمضَّ خطب في حشا

الاسلام قد اورى التهابة

بالليل واراها الوصي

وقبرها عفى ترابه(1)

__________________

(1) القصيدة للمرحوم الشيخ محمد علي اليعقوبي / الذخائر : ص 12.

٣٦٧

٣٦٨

البحث الثالث عشر

فاطمةعليها‌السلام وليلة القدر

« من عرف فاطمة حق معرفتها فقد ادرك ليلة القدر وانما سميت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها ».

في فاطمة الزهراءعليها‌السلام سر مستودع كما تقدم ذلك في حديثنا حول هذا الموضوع ـ أي السر الستودع ـ وايضا في ليلة القدر سر عظيم لا يعرفه إلاّ المقربون الذين امتحن الله قلوبهم للايمان والتقوى ، فليلة القدر رفعها الباري عز وجل وجعلها خيراً من الف شهر وفيها تشويق لذيذ لمعرفة ذلكم السر المكنون في اعماقها،( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) حيث خاطب الله تعالى المؤمنين في ضمائرهم لكي يحرك فيهم أمواج المعرفة عبر وسائل العلم والوعي ولتنفتح لهم اسرار ليلة القدر بالتمعن والتدقيق فيها ، على ان معرفة ليلة القدر تفوق الادراك البشري العادي أي انها تفوق ادراك سائر الناس من السواد الاعظم فانه لابد ان يكون فيها سر عظيم ، والسر تقتضي معرفته استيعابا كاملا لمعنى ليلة القدر والغاية التي نزلت ليلة القدر من اجلها ولاجل تحقيقها في الأرض.

وعلى هذا الاساس لابد من معرفة الاساس الذي بنى عليه الحديث الذي ذكرناه في أول بحثنا حول علاقة معرفة فاطمةعليها‌السلام بليلة القدر فانه لابد من وجود الترابط في هذا الموضوع المهم ، ففاطمة فيها سر مستودع وكذلك ليلة القدر فيها سر مكنون ، فمن عرف فاطمة والسر المستودع فيها عرف سر ليلة القدر وعظمتها ، فليلة القدر عظيمة كعظمة فاطمةعليها‌السلام لذا كانت مجهولة في اثباتها ودقتها من حيث الزمان المختص بليالي شهر رمضان.

على ان عرف فاطمة فقد ادرك ليلة القدر هذا كونه ناتج عن معرفة فاطمة التي

٣٦٩

تجعلنا ندرك الاسلام ونستوعب اهمية ليلة القدر من خلال هذه المعرفة ، ولقد طرح الكثير من العلماء أوجه للشبه بين ليلة القدر وفاطمةعليها‌السلام (1) ومنها :

* ليلة القدر وعاء وظرف زماني لنزول كل القرآن الكريم( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ،( ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ، وفيه كل شيء ، وتبيان كل شيء ، وسعادة الدارين. وكذلك الحوراء الانسية فاطمة الزكية ، فان قلبها ظرف مكاني وروحاني ، وصدرها وعاء الهي للقرآن الكريم والمصحف الشريف ، وانها كانت محدثة تحدثها الملائكة ، فهي وعاء للامامة وللمصحف الشريف.

* وفي ليلة القدر يفرق كل أمرٍ أحكمه الله خلال السنة ، فيفرق ما يحدث فيها من الامور الحتمية وغيرها ، وينزل بها روح القدس على ولي العصر والزمان وحجة الله على الخلق الذي بيمنه رزق الورى وبوجوده ثبتت الأرض والسماء ، وان الإيمان بليلة القدر فارق بين المؤمن والكافر. كذلك بفاطمة الزهراء الطيبة الطاهرة المطهرة يفرق بين الحق والباطل ، والخير والشر ، والمؤمن والكافر ، وقد ارتد الناس في العمل وفي الولاية بعد رحلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلا ثلاث.

أو خمس أو سبع ، وفيهم سيدة النساء فهم على حق ، وغيرهم استحوذ عليهم الشيطان فاغرهم وأضلهم فكانوا أئمة الضلال.

* وفي ليلة القدر معراج الأنبياء والأولياء إلى الله سبحانه فيزاد في علمهم اللدني والرباني ويكسبوا من الفيض الاقدس الالهي. كذلك ولاية فاطمة المعصومة النقية التقية ، فهي مرقاة لوصولهم إلى النبوة ومقام الرسالة والعظمة الشموخ الانساني والروحاني ، فما تكاملت النبوة لنبي حتى أقر بفضلها ومحبتها وذلك في عالم( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) أو في عالم الذر أو عالم الانوار أو الارواح أو النشأة الإنسانية التي وراء نشأتنا هذه ، وهذه انما هي صورة لتلك كما عند بعض الاعلام.

ففاطمة ، الزهراء قطب الأولياء والعرفاء ومعراج الأنبياء والأوصياء ، صدرها خزانة

__________________

(1) راجع فاطمة الزهراء ليلة القدر ـ لآية الله السيد عادل العلوي حفظه الله.

٣٧٠

الأسرار ، ووجودها ملتقى الانوار ، فهي حلقة الوصل بين أنوار النبوة وأنوار الإمامة ، فأبوها محمد رسول الله ، وبعلها علي وصيه وخليفته امام المتقين وامير المؤمنين ، ومنها أئمة الحق والرشاد وأركان التوحيد وساسة العباد.

* وليلة القدر خيرٌ من الف شهر فيضاعف فيها العمل والثواب كل واحدٍ بألف ، فالتسبيح والتمجيد والتهليل والتكبير والصلاة وكل عمل كل واحد بالف ، فكذلك محبة الزهراء وولايتها يوجب مضاعفة الاعمال فان تسبيحها ( 34 مرة الله اكبر و33 مرة الحمد الله و33 مرة سبحان الله ) بعد كل صلاة واجبة او نافلة يجعل كل ركعة بألف ركعة كما ورد في الخبر الشريف. فمودتها هي الاكسير الاعظم ، يجعل من كان معدنه الحديد ذهباً ، وان الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، فمن والاها واحبها وأطاعها واطاع ابنائها الاطهار ، وعادى عدوها واعداء ذريتها ، فانه يكون كالذهب المصفى وباقي الناس كلهم التراب ، وان الله يضاعف الاعمال بحبها كما تضاعف في ليلة القدر ، وامتازت ليلة القدر عن كل ليالي السنة بالخير والبركة والشرافة والعظمة وعلو الشأن والرفعة ، كذلك خير نساء الاولين والاخرين فاطمة الزهراءعليها‌السلام فهي خير أهل الأرض والسماء عنصرا وشرفا وكرامة بعد ابيها الرسول المصطفى وبعلها الوصي المرتضى.

* وليلة القدر ليلة مباركة( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، والبركة بمعنى النماء والزيادة والخير المستمر والمستقر الدائم والثابت وما يأتي من قبله الخير الكثير ، ومن ألقاب فاطمة الزهراء انها ( المباركة ) ففيها كل بركات السماوات والأرض ، فهي الكوثر في الدنيا والاخرة ، وهي المنهل العذب والمعين الصافي لكل من اراد البركة ، فما ادراك ما فاطمة ، خير من الوجود بعد أبيها وبعها.

ولو كن النساء كمثل هذه

لفضلت النساء على الرجال

ولا التأنيث لاسم الشمس عار

ولا التذكير فخر للهلال

وقال آخر :

هي مشكاة نور الله جل جلاله

زيتونة عم الورى بركاتها

فهي الكوثر ، والكوثر ، الخير الكثير( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) ، ومنها ذرية الرسول

٣٧١

الاكرم ، وعدم انقطاع نسله إلى يوم القيامة ، وفي وصف النبي ، انما نسله من مباركة لها بيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب ، والعبادة في ليلة القدر تكون منشأ للفيوضات الالهية ، والكمالات الربانية والفيوضات القدسية ، والبركات السماوية ، كذلك التوسل بفاطمة الزهراء فهي منشأ البركات والخيرات ، ونزل القرآن الكريم وهو النور والفرقان والبيان والتبيان في ليلة القدر ، فليلة القدر نزول النور الالهي ، وفاطمة الزهراءعليها‌السلام هي نور الله ، وهي الكوكب الدري ، كما جاء ذلك في تفسير آية النور في قوله تعالى :( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ) (1) . عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر قال : سألت ابا الحسن ـ الإمام الكاظمعليه‌السلام ـ عن قول الله عز وجل( كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) ، قال : المشكاة فاطمة والمصباح الحسن والحسين.( كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) قال : كانت فاطمة كوكباً دريا من نساء العالمين.( يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ ) ، الشجرة المباركة ابراهيم( لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ ) ، لا يهودية ولا نصرانية( يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ) قال : يكاد العلم ان ينطق( وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ) ، قال : يهدي الله عز وجل لولايتنا من يشاء(2) .

عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها : اعلم يا أبا الحسن ان الله تعالى خلق نوري وكان يسبح الله جل جلاله ، ثم أودعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت ، فلما دخل ابي الجنة اوحى الله إليه الهاما ان اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وادرها في لهواتك ، ففعل ، فأوعني الله سبحانه صلب ابيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم اودعني خديجة بنت خويلد فوضعتني ، وانا من ذلك النور اعلم ما كان وما يكون وما لم يكن ، يا أبا الحسن المؤمن ينظر بنور الله تعالى(3) . وما أروع ما يقوله الشاعر :

__________________

(1) سورة النور : آية 66.

(2) المناقب لابن المغازلي : ( من علماء العامة ) : 317.

(3) عوالم العلوم والمعارف 6 : 7.

٣٧٢

مشكاة نور الله جل جلاله

زيتونة عم الورى بركاتها

هي قطب دائرة الوجود ونقطة

لما تنزلت اكثرت كثراتها

هي أحمد الثاني واحمد عصرها

هي عنصر التوحيد في عرصاتها

ويقول المحقق العلامة الشيخ محمد باقر صاحب ( الخصائص الفاطمية ) في كتابه : سبحانك اللهم يا فاطر السماوات العلى وفالق الحب والنوى ، انت الذي فطرت اسما من اسمك واشتقته من نورك ، فوهبت اسمك بنورك حتى يكون هو المظهر لظهورك ، فجعلت ذلك الاسم اصل لجملة اسمائك وذلك النور ارومة لسيدة امائك ، وناديت بالملا الاعلى : أنا الفاطر وهي فاطمة ، وبنورها ظهرت الاشياء من الفاتحة إلى الخاتمة ، فاسمها اسمك ونورها نورك وظهورك ظهورها ، ولا اله غيرك ، وكل كمالٍ ظلك وكل وجود ظل وجودك ، فلما فطرتها فطمتها عن الكدورات البشرية واختصصتها بالخصائص الفاطمية ، مفطومة عن الرعونات العنصرية ، ونزهتها عن جميع النقائص مجموعة من الخصائل المرضية بحيث عجزت العقول عن ادراكها ، والناس فطموا عن كنه معرفتها ، فدعا الاملاك في الافلاك بالنورية السماوية وبفاطمة المنصورة ام السبطين واكبر حجج الله على الخافقين ، ريحانة سدرة المنتهى وكلمة التقوى والعروة الوثقى وستر الله المرخى والسعيدة العظمى والمريم الكبرى والصلاة الوسطى والانسية الحوراء التي بمعرفتها دارت القرون الاولى. وكيف احصي ثناها وان فضائلها لا تحصى وفواضلها لا تقضى ، البتول العذراء الحرة البيضاء ام ابيها وسيدة شيعتها وبنيها ، ملكة الأنبياء الصديقة فاطمة الزهراء عليها سلام الله(1) .

* وكثير من الناس ادركتهم السعادة في ليلة القدر ، فهي ليلة السعادة ، وكذلك السيدة فاطمة الزهراء فهي سر السعادة ، ومحبتها ومعرفتها والاقتداء بها واطاعتها ونصرتها يوجب السعادة الابدية ، ويحلق الإنسان في آفاق الكمال ويسبح في يم الجلال. وكم من شاهد وقصة تدل على ان هناك من ادركتهم السعادة ببركة فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، كما ان الله هدى ذلك المجوسي وأهل بيته إلى الاسلام فأسلموا جميعا لما

__________________

(1) فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى : 24 / عن الخصائص الحسينية : 1.

٣٧٣

اكرم العلوية التي جاءت إليه تشكو حالها ، كما يحدثنا بذلك العلامة المجلسيقدس‌سره في كتابه القيم ( بحار الانوار 93 : 225 ـ 236 ) ، فراجع.

* ان الله سبحانه جعل حريماً لكل امر مقدس ومعظم ، فانه لا صلاة إلاّ بطهور وتكبيرة الاحرام ، وان الحجر الاسود ومكة المكرمة جعل لها حرما ، فلا يدخلها إلاّ من كان محرما ، وقد حرم على نفسه الملاذ ، كالنساء واستعمال الطيب ولبس المخيط وطلب الراحة كالاستظلال ، فكان الحجر الاسود مواقيت ، وتقدست بقعة من الأرض لاجله ، ولأنّ مكة المكرمة والكعبة المعظمة مهبط الوحي ونزول الرسالة المحمدية السمحاء المتمثلة بالقرآن الكريم ، فمكة المكرمة مكان نزول القرآن وليلة القدر زمان نزوله ، وصار للكعبة حرما اثر عظمة الوحي ، وكذلك شهر رمضان ، فانه نزل القرآن كله في ليلة قدره ، ولكن سرت القداسة والتكريم والتعظيم إلى كل ايام وليالي الشهر ، بل تشرف ذلك العصر الذي نزل فيه القرآن فأقسم به الله في سورة العصر ، كما أقسم بالمكان الذي نزل فيه الوحي( لا أُقْسِمُ بِهَٰذَا الْبَلَدِ ) فشعاع الوحي والقرآن الكريم قد نور ميدانا وسيعا في الزمان والمكان. فما تقدس عند ربك الاكرم الذي علم الإنسان ما لم يعلم ، فانه يكون له حريم مقدس وتوابع مقدسة ، كليلة القدر بشرفها تشرفت ليالي شهر رمضان وايامه ، وكذلك فاطمة الزهراء تقدست عند ربها ، فوجب اجلالها واكرامها ، بل وينبغي تعظيم ذريتها ومودتهم وتكريمهم ، فانه الف عين لاجل عين تكرم ، فوجب على كل مسلم اكرام السادة والذرية الطيبة ، من ولد فاطمة الزهراء وعلي المرتضىعليهما‌السلام ، فالصالح منهم يكرم الله والطالح منهم لرسوله وعترته. ان الله سبحانه وتعالى قد دعا عباده لضيافتهم العامة في شهر رمضان المبارك ، فالصائم وافد على الله وضيفه ولكل ضيف قرى ، وقرى الله الاعتاق من النار ودخول الجنة ، وان الله ليغفر لعباده الصائمين ويعتق الرقاب من جهنم في الشهر كله ، فانها خير من الف شهر ، كما جاء نص ذلك في الأخبار ، وفاطمة الزهراءعليها‌السلام سميت فاطمة ، لانها تفطم شيعتها من النار ، وتعتق رقابهم وتدخلهم الجنة( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ

٣٧٤

النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ) (1) . عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انما سميت ابنتي فاطمة لأنّ الله فطمها وفطم محبيها عن النار(2) . قال النبي : انما سميت فاطمة ابنتي لأنّ الله فطمها ومحبيها عن النار(3) . وانفردت ليلة القدر بعظمتها وشموخها من بين ليالي السنة ، فليس لها مثيل ولا نظير ، فهي سيدة الليالي والأيام. وفاطمة الزهراءعليها‌السلام لا مثيل لها بين النساء ، فهي سيدة نساء العالمين من الاولين والاخرين في الدنيا والاخرة ، ولولا امير المؤمنين علي المرتضىعليها‌السلام لما كان لها كفؤ من الرجال آدم ومن دونه ، وهذا ما نصت عليه الأخبار الشريفة عند الفريقين السنة والشيعة ، ذات الله سبحانه سر لا يعلمه إلاّ هو ، وله في خلقه اسرار لا يعلمها إلاّ هو ورسوله والراسخون في العلم من عترة النبي الهادي المختارعليهم‌السلام .

* وليلة القدر سر من اسرار الله ، وفاطمة الزهراءعليها‌السلام عصمة الله وسر من اسراره العظمى ، لا يعرف حقيقتها ومقامها الرفيع وآياتها الباهرة إلاّ الله ورسوله وأهل بيته الاطهارعليهم‌السلام ، فهي سر في وجودها وفي ولادتها وحياتها ورحلتها إلى جوار ربها.

* وليلة القدر قد جهلها الناس من حيث الليالي ومن حيث القدر والمنزلة فقطعوا وفطموا عن معرفتها ، كذلك البضعة الاحمدية والجزء المحمدي فهي مجهولة القدر ( وانما سميت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها ) ، كما جهل قدرها اولئك الكفرة احرقوا بابها وكسروا ضلعها واسقطوا جنينها وغصبوا فدكها وحقها ، ولم ينصروها فخفى على الناس مقامها وقدرها حتى قبرها الشريف وتأريخ وفاتها ، ليكون شاهدا في التأريخ على مظلوميتها وشهادتها ومظلومية بعلها ( اللهم العن اول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك ).

عن مجاهد : خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو آخذ بيد فاطمة فقال : من عرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد ، وهي بضعة مني وهي قلبي وهي روحي التي

__________________

(1) سورة آل عمران : الآية 185.

(2) فرائد السمطين : 2 : 58.

(3) البحار 43 : 16.

٣٧٥

بين جنبي من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله(1) . ومن اذى الله لعنه الله ملأ السماوت والأرض(2) ومن طرق العامة ، عن نصر بن مزاحم ، عن زياد بن المنذر ، عن زادان ، عن سلمان ، قال : قال النبي : يا سلمان ، من احب فاطمة بنتي فهو في الجنة معي ومن ابغضها فهو في النار ، يا سلمان ، حب فاطمة ينفع في مائة من المواطن ، ايسر ذلك المواطن الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة ، فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ومن رضيت عنه رضي الله عنه ، ومن غضبت عليه غضبت عليه ، ومن غضبت عليه غضب الله عليه ، يا سلمان ، ويل لمن يظلمها ويظلم بعلها امير المؤمنين عليا وويل لمن يظلم ذريتها وشيعتها(3) .

وأخيراً نختم هذا الموضوع بحديث ورد في معرفة ليلة القدر وما الذي يفرق في هذه الليلة حيث جاء عن زرارة عن حمران قال : « سألت ابا عبد الله عما يفرق في ليلة القدر هل هو ما يقدر سبحانه وتعالى فيها ؟ قال : لا توصف قدرة الله تعالى إلاّ انه قال فيها يفرق كل امر حكيم فكيف يكون حكيما إلاّ ما فرق ولا توصف قدرة الله سبحانه لانه يحدث ما يشاء واما قوله « خير من ألف شهر » يعني فاطمة في قوله تعالى( تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ) والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الذين يملكون علم آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله والروح روح القدس وهي فاطمةعليها‌السلام « من كل امر سلام » يقول كل امر سلمه حتى يطلع الفجر يعني حتى يقوم القائم « عج »(4) .

__________________

(1) نور الابصار : 52.

(2) البحار : 43 / 54.

(3) فرائد السمطين : 2 / 67.

(4) تفسير البرهان : 3 / 487 ح 24.

٣٧٦

٣٧٧

٣٧٨

الشيخ صالح الكواز

هلْ بعدَ موقفِنا علىٰ يبرينِ

أحبي بطرفٍ بالدموعِ ضنينِ

وادٍ إذا عاينتُ بينَ طلولِهِ

أجريتُ عيني للظباءِ العينِ

لم تخبُ نارُ قطينةٍ حتى ذكت

نارُ الفراقِ بقلبيَ المحزونِ

وابتاعَ جدّته الزمانُ بمخلقٍ

ورمىٰ حماهُ بصفقةٍ المغبونِ

قال الحداةُ وقدْ حبستُ مطيهم

من بعدما أطلقتُ ماءَ شؤوني

ماذا وقوفُكَ في ملاعبِ خرّدٍ

جدَّ العفاءُ بربعِها المسكونِ

وقفوا معي حتى إذا ما استيأسوا

خَلصوا نجيباً بعدَما تركوني

فكأنّ يوسفَ في الديارِ محكمٌ

وكأنني بصواعِهِ اتهموني

ويلاهُ من قومٍ أساؤوا صحبتي

من بعدِ إحساني لكلِّ قرينِ

قد كدتُ لولا الحلمُ من جزعي لما

ألقاهُ أصفقُ بالشمالِ ويميني

لكنَّما والدهر يعلمُ أنني

ألقىٰ حوادثهُ بحلمِ رزينِ

قلبي يقلُّ من الهمومِ جبالَها

وتسيخُ عن حملِ الرداءِ متوني

وأنا الذي لا أجزعن لرزيةٍ

لولا رزاياكمْ بني ياسينِ

تلكَ الرزايا الباعثاتُ لمهجتي

ما ليسَ يبعثُهُ لظىٰ سجّينِ

كيفَ العزاءُ لها وكلُّ عشيةٍ

دمُكمْ بحُمرتها السماءُ تُريني

والبرقُ يذكرني وميضَ صوارمٍ

أردتكمُ في كفِّ كلِّ لعينِ

والرعدُ يُعربُ عن حنينِ نسائكم

في كلِّ لحنٍ للشجون مبينِ

يندبنَ قوماً ما هتفنَ بذكرهمْ

إلاّ تضعضعَ كلُّ ليثِ عرينِ

السالبينَ النفسَ أولَ ضربةٍ

والمبلسينَ الموتَ كلِّ طعينِ

لا عيبَ فيهمْ غير قبضهمُ اللّوا

عندَ اصطكاكَ السمرِ قبضَ ضنينِ

سلكوا بحاراً من دماءِ أميةٍ

بظهور خيلٍ لا بطونِ سفينِ

٣٧٩

ما ساهموا الموت الزؤامَ ولا اشتكوا

نَصَباً بيومٍ بالردىٰ مقرونِ

حتىٰ إذا التقمتهمُ حوتُ القنا

وهي الأماني دونَ خيرِ أمينِ

نبذتهمُ الهيجاء فوقَ تلاعِها

كالنونِ يَنبذُ بالعرا ذا النونِ

خُذ في ثناثِهمُ الجميلِ مقرضاً

فالقومُ قدْ جَلّوا عن التأبينِِ

هم أفضلُ الشهداءِ والقتلىٰ الأولىٰ

مُدحوا بوحيٍ في الكتابِ مبينِ

ليتَ الكواكبَ والوصيُ زعيمُها

وقفوا كموقِفهم علىٰ صفينِ

بالطفِّ كيْ يروا الأولىٰ فوقَ القنا

رَفَعَتْ مصاحفها إتقاءَ منونِ

جعلتْ رؤوسَ بني النّبي مكانَها

وشفتْ قديمَ لواعجٍ وضغونِ

الواثبينَ لظلمِ آلِ محمدٍ

ومحمدٌ ملقىً بلا تكفينِ

والقائلين لفاطمٍ آذيتنا

في طولِ نوحٍ دائمٍ وحنينِ

والقاطعينَ اراكةً كيْ لا تقيلُ

بظلِّ أوراقٍ لها وغصونِ

ومجمعي حَطَبٍ على البيت الذي

لمْ يجتمعْ لولا شملُ الدينِ

والداخلينَ على البتولةِ بيتهَا

والمسقطينَ لها أعزَّ جنينِ

والقائدين إمامهمْ بنجادِهِ

والطهرُ تدعو خلفهمْ برنينِ

خلوا ابن عمى أو لأكشفَ للدعا

رأسي وأشكو للإلهِ شجوني

ما كانَ ناقةُ صالحٍ وفصيلُها

بالفضلِ عندَ الله إلا دوني

ورنتْ الىٰ القبر الشريفِ بمقلةٍ

عبرىٰ وقلبٍ مكمدٍ محزونِ

نادتْ وأظفارُ المصابِ بقلبها

أبتاهُ عزَّ على العداةِ معيني

أبتاهُ هذا السامريُّ وعجلُهُ

تُبعا ومالَ الناسُ عنْ هرونِ

أيَّ الرزايا أتقي بتجلدٍ

هو في النوائبِ مذ حييتُ قريني

فقدي أبي أم غصبَ بعلي حقهُ

أمْ كسرَ ضلعي أم سقوطَ جنيني

أمْ أخذهمْ إرثي وفاضلَ نحلتي

أمْ جهلِهمْ حقي وقدْ عرفوني

قهروا يتميكَ الحسينَ وصنوَهُ

وسألتهُمْ حقي وقدْ نهروني

٣٨٠