الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب0%

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب مؤلف:
الناشر: انتشارات دارالتفسير
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 564

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عبدالباقي قرنة الجزائري
الناشر: انتشارات دارالتفسير
تصنيف: الصفحات: 564
المشاهدات: 79672
تحميل: 5199

توضيحات:

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 564 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 79672 / تحميل: 5199
الحجم الحجم الحجم
الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

مؤلف:
الناشر: انتشارات دارالتفسير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وأخرج الطّبراني وغيره أنّ عمر بن الخطّاب قال لكعب الأحبار: كيف تجد نعتي؟ قال: أجد نعتك قرنا من حديد! قال: وما قرن من حديد؟ قال: أمير شديد، لا تأخذه في الله لومة لائم. قال: ثمّ مه؟ قال: ثمّ يكون من بعدك خليفة تقتله فئة ظالمة، قال: ثمّ مه؟ قال: ثمّ يكون البلاء(1) .

أقول:

لطالما ضحك كعب الأحبار على المسلمين! أين يجد نعت عمر؟! وفي أيّ كتاب؟ ثمّ انظر إلى قوله يكون من بعدك خليفة تقتله فئة ظالمة! فلماذا لم يدافع عنه الصّحابة ضدّ الفئة الظّالمة؟ ولماذا تركوه يقتل أمامهم. ولقد كان في الفئة الظّالمة طلحة والزّبير وعبد الرّحمن بن عديس البلوي، وكلّهم ممّن بايع تحت الشّجرة! فهل يكون الذين بايعوا تحت الشجرة فئة ظالمة؟ أم أنّهم خير القرون؟!

وعن واصل عن مجاهد قال: كنّا نحدّث أو كنّا نتحدّث أنّ الشّياطين كانت مصفّدة في زمان عمر فلما أصيب بثّت(2) .

أقول:

انظر أيّدك الله إلى مبلغ جهل الرّواة - إن لم يكن استخفافا بالدّين - وهم يذكرون هذا وأمثاله ولا يجدون من يردعهم! أيعقل أن تصفّد الشّياطين في إمارة عمر ولا تصفّد في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!

عن سالم بن عبد الله قال: أبطأ عمر على أبي موسى الأشعري فأتى امرأة في بطنها شيطان فسألها عنه فقالت: حتى يجيء شيطاني! فجاء فسألته عنه فقال: تركته مؤتزراً وذاك رجل لا يراه شيطان إلاّ خرّ لمنخريه، الملك بين عينيه، وروح القدس ينطق

____________________

(1) مصنف ابن أبي شيبة، ج 6 ص 356 والمعجم الكبير، ج 1 ص 84 والإصابة في تمييز الصحابة، ج 1 ص 208 والخصائص الكبرى، ج 1 ص 54 وتاريخ الطبري، ج 1 ص 272 وتاريخ الخلفاء ج 1 ص 121 و الآحاد والمثاني، ج 1 ص 126 والفتن لنعيم بن حماد، ج 1 ص 123.

(2) مصنف ابن أبي شيبة، ج 6 ص 354 تحت رقم 31982.

١٠١

بلسانه(1) .

أقول:

أين أبو موسى الأشعري من قول الله تعالى( شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى‏ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ) ، وهو يزور امرأة في بطنها شيطان يستعلم منها! وقد رووا أنّ (من أتى عرّافا أو كاهنا فصدّقه فقد كفر بما أنزل على محمد)(2) ؛ وإذاً يكون أبو موسى قد كفر بما أنزل على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فعلى السّلفيين أن يصدروا عكمهم على أبي موسى الأشعريّ وفق ما جرى عليه أسلافهم. وإن تعجب فعجب قوله وروح القدس ينطق بلسانه بعد أن قالوا عنه فظّ غليظ. وقد قال شيطان المرأة: (وذاك رجل لا يراه شيطان إلاّ خرّ لمنخريه، الملك بين عينيه، وروح القدس ينطق بلسانه)، فلماذا لم يفرّ منه مرحب يوم خيبر، ولماذا لم يفرّ منه عمرو بن عبدود ويوم الأحزاب، وهما من مردة شياطين الإنس؟

قال السيوطي: ويضمّ إلى هذا ما أخرجه عثمان بن سعيد الدّارمي في كتاب الردّ على الجهميّة من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أنّ كعب الأحبار قال: (ويل لملك الأرض من ملك السّماء)، فقال عمر: (إلاّ من حاسب نفسه). فقال كعب: (والذي نفسي بيده إنّها في التّوراة لتابعتها). فخرّ عمر ساجدا!(3) .

أقول: والذي نفس كعب بيده إنّ كعب الأحبار لكذّاب، وإلا فهذه التّوراة متداولة بين النّاس مترجمة إلى كثير من اللّغات، فهل يوجد فيها شيء ممّا ضحك به كعب

____________________

(1) تاريخ الإسلام، الذهبي، ج 3 ص 259.

(2) مجمع الزوائد ج 5 ص 118 وسنن ابن ماجه ج 1 ص 209 وسنن البيهقي الكبرى ج 8 ص 135 وسنن البيهقي الكبرى ج 8 ص 136 وسنن الدارمي ج 1 ص 275 ومصنف ابن أبي شيبة ج 5 ص 42 ومصنف عبد الرزاق ج 11 ص 210 والمستدرك على الصحيحين ج 1 ص 49 والمعجم الأوسط ج 2 ص 123 ومسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 429 ومسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 476 ومسند ابي يعلى ج 9 ص 280 ومسند إسحاق بن راهويه ج 1 ص 434 ومسند ابن الجعد ج 1 ص 77 ومسند البزار ج 5 ص 256 ومسند البزار ج 5 ص 315 ومسند البزار ج 9 ص 52 ومسند الطيالسي ج 1 ص 50.

(3) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج 1 ص 125.

١٠٢

أحبار على عقول المسلمين؟! وإذا كان كعب الأحبار قد فارق اليهوديّة واعتنق الإسلام فلماذا بقي يقرأ من التّوراة المحرّفة؟! ولماذا يصدّقه عمر في كلّ ما يقول، ولا يصدّق زيد بن ثابت وأبا موسى وغيرهما إلا بضمّ شهادة صحابي آخر؟!

وقال الحسن: كان عمر يمرّ بالآية من ورده فيسقط حتى يعاد منها أياما(1) .

أقول:

فكيف غاب عنه إذاً( وَمَا مُحمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ.. ) حتّى قال لأبي بكر: أفي كتاب الله هذا؟. وإذا كان كثير التدبّر للقرآن ويسقط حتى يعاد فما أطول غياباته!

وقال ابن عمر: ما رأيت عمر غضب قطّ فذكر الله عنده أو خوّف أو قرأ عنده إنسان آية من القرآن إلا وقف عمّا كان يريد(2) .

أقول:

هل كان كذلك يوم هجم على بيت فاطمة عليها السلام؟! أليس لفاطمة حرمة في كتاب الله تعالى؟ أوليس فيه تطهيرها! أليست من أهل بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه؟ ألم تقرأ عليه وعلى جماعة السقيفة آيات فيها عبرة؟

وحتى لا ينفرد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن عمر بأيّ شيء، وحتى يكون شريكه في كلّ شيء حتّى في خصائصه، هذه رواية تزيد المؤمن بصيرة في دينه. فعن عبد الله قال: ركب عمر فرسا فانكشف ثوبه عن فخذه فرأى أهل نجران بفخذه شامة سوداء فقالوا هذا الذي نجد في كتابنا أنّه يخرجنا من أرضنا(3) .

أقول:

لقد كان في وسع ابن مسعود أن يقول لهم: (كيف عرفتم هذا بشامة في فخذه ولم

____________________

(1) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج 1 ص 129.

(2) تاريخ الخلفاء، السيوطي ج 1 ص 130.

(3) الطبقات الكبرى، ابن سعد، ج 3 ص 326 والخصائص الكبرى ج 1 ص 53.

١٠٣

تعرفوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي بشّرت به الأنبياء والرّسل وهو مكتوب عندكم في التّوراة ( النّبِيّ الْأُمّيّ الّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التّورَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلّ لَهُمُ الطّيّبَاتِ وَيُحَرّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ..)(1) ؟ وما أكثر ذكر عمر في كتب أهل الكتاب! أراد العمريّون أن يبرّروا أخراجه أهل نجران من ديارهم فلم يكتفوا باختلاق أحاديث حتى اختلقوا آيات زعموا أنّها في التّوراة والإنجيل. وبما أنّ لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علامة بين كتفيه فلابدّ لعمر ايضا من علامة! لكنّها على فخذه لا بين كتفيه! والمعلوم أنّ العلامة إنّما تكون حيث ترى لا حيث لا يراها أحد إلاّ عند انكشاف الثّوب. ومن الفقهاء من يرى أنّ الفخذ عورة(2) . قال الشّوكانيّ: (.. والحديث يدلّ على أن الفخذ عورة وقد ذهب إلى ذلك العترة والشافعي وأبو حنيفة. قال النوويّ: ذهب أكثر العلماء إلى أنّ الفخذ عورة وقد ذهب إلى ذلك العترة والشافعي وأبو حنيفة. قال النوويّ: ذهب أكثر العلماء إلى أنّ الفخذ عورة. وعن أحمد ومالك في رواية العورة القبل والدبر فقط وبه قال أهل الظّاهر وابن جرير الإصطخري. قال الحافظ: في ثبوت ذلك عن ابن جرير نظر، فقد ذكر المسألة في تهذيبه وردّ على من زعم أنّ الفخذ ليست بعورة واحتجّوا بما سيأتي في الباب الذي بعد هذا. والحقّ أن الفخذ من العورة..(3) .

وعن الأسود بن سريع قال أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت: قد حمدت ربّي بمحامد ومدح وإيّاك فقال: إنّ ربّك عزّ وجلّ يحبّ الحمد؛ فجعلت أنشده فاستأذن رجل طويل أصلع فقال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أسكت! فدخل، فتكلّم ساعة ثمّ خرج، فأنشدته ثمّ جاء فسكّتني

____________________

(1) الأعراف: 15.

(2) سنن الدار قطني ج 1 ص 225 ومجمع الزوائد ج 2 ص 52 ومصنف ابن أبي شيبة ج 5 ص 340 ومصنف ابن أبي شيبة ج 5 ص 341 والمستدرك على الصحيحين ج 4 ص 200 ومعرفة السنن والآثار ج 2 ص 96 والآحاد والمثاني ج 4 ص 341 ومسند أبي يعلى ج 2 ص 229 وكنز العمال ج 7 ص 137 وج 8 ص 10 و ج 8 ص 14 وآمالي المحاملي ج 1 ص 152 وفتح الباري ج 1 ص 476 وعمدة القاري ج 4 ص 74 وتحفة الأحوذي ج 8 ص 66 وعون المعبود ج 11 ص 37 ومرقاة المفاتيح ج 2 ص 437 وتهذيب الكمال ومسائل أحمد بن حنبل رواية ابنه عبد الله ج 1 ص 62 وإعانة الطالبين ج 1 ص 114 والمجموع ج 3 ص 167 أسنى المطالب في شرح روض الطالب ج 1 ص 176.

(3) نيل الأوطار، الشوكاني، ج 2 ص 49.

١٠٤

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتكلّم ثمّ خرج، ففعل ذلك مرّتين أو ثلاثا، فقلت: يا رسول الله من هذا الذي أسكتّني له؟ فقال: هذا عمر، رجل لا يحب الباطل(1) !

أقول:

نعم، لا يحبّ عمر بن الخطّاب الباطل، أمّا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا يبالي أن يكون أحد أطراف الباطل - والعياذ بالله تعالى - يغيّر سلوكه حين يدخل عمر فيتوقّف عن سماع الشّعر، حتى إذا خرج عمر استأنف سماع الشّعر! فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يستشعر حضور الله تعالى في كلّ حركاته وسكناته وإنّما يستشعر حضور عمر بن الخطّاب. يستمع إلى الباطل حتى إذا دخل عمر توقّف عن الاستماع إلى الباطل، فإذا خرج عمر عاد يستمع إلى الباطل. كأنّ حسابه على عمر! هذا مبلغ تقديرهم لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتلك حرمته عندهم. لأجل أن يرفعوا قدر ابن الخطّاب أهانوا سيّد الكائنات.

وانظر إلى كلام أبي نعيم بعد ذكره القصّة: (فالاستدعاء من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه رخصة وإباحة لاستماع المحامد والمدائح، فقد كان نشيده والثّناء على ربّه عزّ وجلّ والمدح لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإخباره عليه الصّلاة والسلام أنّ عمررضي‌الله‌عنه لا يحبّ الباطل أي من اتّخذ التّمدّح حرفة واكتسابا فيحمله الطّمع في الممدوحين على أن يهيم في الأودية، ويشين بفريته المحافل والأندية، فيمدح من لا يستحقّه ويضع من شأن من لا يستوجبه إذا حرمه نائله، فيكون رافعا لمن وضعه الله عزّ وجلّ لطمعه أو واضعا لمن رفعه الله عزّوجلّ لغضبه، فهذا الاكتساب والاحتراف باطل؛ فلهذا قال النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّه لا يحبّ الباطل؛ فأمّا الشّعر المحكم الموزون فهو من الحكم)(2) .

أقول:

كان الرّجل ينشده، وهذا معناه أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يستمع إليه، فلمّا استأذن عمر قال

____________________

(1) حلية الأولياء، ج 1 ص 46.

(2) حلية الأولياء، أبو نعيم، ج 1 ص 46.

١٠٥

له: (اسكت، هذا عمر رجل لا يحبّ الباطل)؛ وتحصّل من ذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحبّ الباطل وعمر رجل لا يحبّ الباطل! هكذا ينظرون إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وأمّا ما ذكره الشيخ من التبرير والتأويل فعذر اقبح من ذنب، لأن الباطل إما أن يكون باطلا على الجميع وإما لا يكون باطلا على أحد.

قال ابن كثير: وقيل إنه [أي عمر] كان إذا حدثه الرجل بالحديث فيكذب فيه الكلمة والكلمتين فيقول عمر: أحبس هذه، احبس هذه) فيقول الرجل: والله كلما حدثتك به حق غير ما أمرتني أن أحبسه(1) .

أقول: إن صحّ فمعناه أن الصحابة والتابعين كانوا يتعاطون الكذب، وكان عند عمر بن الخطاب آلة كاشفة يعرف بها الكلمة الصادقة من الكلمة الكاذبة؛ واعترافهم بالكذب واضح في قول الواحد منهم لعمر: (والله كل ما حدّثتك به حقّ غير ما أمرتني أن أحبسه).

أشعار في مدح عمر:

قال ابن حجر: روى عمر بن شبة هذا الحديث عن سليمان بن داود الهاشمي عن إبراهيم بن سعد بإسناد آخر فقال: عن الزهري عن إبراهيم عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن أم كلثوم بنت أبي بكر عن عائشة أن عمر أذن لأزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحججن في آخر حجّة حجّها عمر، فلما ارتحل عمر من الحصبة من آخر الليل أقبل رجل فسلم وقال: أينء كان أمير المؤمنين ينزل؟ فقال له قائل وأنا أسمع: هذا كان منزله. فأناخ في منزل عمر ثمّ رفع عقيرته يتغنى: عليك سلام من أمير وباركت * يد الله في ذاك الأديم الممزق.. الأبيات. قالت عائشة: فقلت لهم اعلموا لي علم هذا الرّجل؛ فذهبوا فلم يروا أحدا، فكانت عائشة تقول إنّي لأحسبه من الجنّ.

____________________

(1) البداية والنهاية، ابن كثير، ج 7 ص 134.

١٠٦

أقول:

يبدو أنّ الجنّ مع دولة السقيفة على طول الخطّ، في السراء والضراء! ولابد من إضفاء لمسات غيبية على وفاة عمر ونسبة ذلك إلى الجنّ، وما من معرتض، لأنّ الجنّ ليس لهم من يدافع عنهم لا من المحدّثين ولا من المفسّرين ولا من المؤرّخين. لكن غاب عن هؤلاء أن الجنّ ليسوا من بني آدم، فلا هم من العرب ولا هم من العجم. وقد صرح القرآن أنّ فيهم مسلمين. وإذاً فقد حضر منهم من حضر يوم الغدير، وشائع بين العلماء أن الجنّ يعمّرون حتى أنّ فيهم من يعيش مئات السّنين. فمسألة (أوس) و (خزرج) و (قريش) , (ثقيف) لا تعنيهم، وباعتبار طول أعمارهم لا يحتاجون إلى (إسناد) و (علم رجال)؛ فهل آن لبني آدم (المسلمين) أن يتركوا الجنّ وشأنهم ويجتبوا توريطهم في أمور لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟

قال ابن شهاب: أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أن أمّه أم كلثوم بنت أبي بكر حدّثته عن عائشة قالت: لما كان آخر حجّة حجّها عمر بأمّهات المؤمنين، إذ صدرنا عن عرفة مررت بالمحصّب سمعت رجلا على راحلته يقول: أين كان عمر أمير المؤمنين؟ فسمعت رجلا آخر يقول: هاهنا كان أمير المؤمنين. قال فأناخ راحلته ثم رفع عقيرته فقال:

عليك سلام من إمام وباركت

يد الله في ذاك الأديم الممزق

فمن يسع أن يركب جناحي نعامة

ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق

قضيت أمورا ثم غادرت بعدها

بوائق في أكمامها لم تفتق(1)

وأخرج الحاكم عن مالك بن دينار قال سمع صوت بجبل تبالة حين قتل عمررضي‌الله‌عنه :

لبيك على الإسلام من كان باكيا

فقد أوشكوا صرعى وما قدم العهد

____________________

(1) الطبقات الكبرى، ج 3 ص 333.

١٠٧

وأدبرت الدّنيا وأدبر خيرها

وقد ملّها من كان يوقن بالوعد(1)

وعن الحكم بن أبان عن عكرمة( وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) قال: كان عمر من أولي الأمر(2) .

وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو كان بعدي نبيّ كان عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه (3) .

أقول:

ومادام عمر قد عبد الصّنم عشرات السّنين ووأد ابنته في الجاهلية فهذا يعني أنه يجوز على الأنبياء الشرك ووأد بناتهم قبل نبوّتهم! أي يجوز أن يتحوّل الشّخص من عابد صنم إلى نبيّ! ما شاء الله!

وعن عبد الملك بن ميسرة عن مصعب بن سعد عن معاذ قال: إن كان عمر لمن أهل الجنّة. إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ما رأى في يقظته أو نومه فهو حقّ، وإنّه قال: بينما أنا في الجنّة إذ رأيت فيها دارا فقلت لمن هذه فقيل لعمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه (4) .

أقول:

لكن هناك أحاديث يقول فيها عمر إنّه لا يشهد لأحد بالنّجاة باستثناء رسول الله؛ فعن ابن شهاب أنّ مالك بن أوس بن الحدثان كان يحدّث أنّ عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه خرج في مجلس وهو في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم يذكرون سريّة من السرايا هلكت في سبيل الله فيقول قائل منهم هم عمال الله هلكوا في سبيله وقد وجب لهم أجرهم عليه، ويقول قائل الله أعلم بهم لهم ما احتسبوا، فلما رأوا عمر مقبلا متوكّئا على عصاه سكتوا، فأقبل عمر حتى سلّم عليهم فقال: ما كنتم تتحدّثون؟ قالوا: كنّا نذكر هذه

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 100 حلية الأولياء ج 2 ص 376 تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج 1 ص 145.

(2) تفسير ابن أبي حاتم، ج 3 ص 989.

(3) المعجم الكبير ج 17 ص 310 تحت رقم 857.

(4) مسند أحمد بن حنبل، ج 5 ص 245 تحت رقم 22173.

١٠٨

السّريّة التي هلكت في سبيل الله، يقول قائل منا هم عمّال الله هلكوا في سبيله وقد وجب لهم أجرهم عليه، ويقول قائل الله أعلم بهم لهم ما احتسبوا، فقال عمر: الله أعلم؛ إنّ من النّاس ناسا يقاتلون وإن همّهم القتال فلا يستطيعون إلا إيّاه، وإنّ من النّاس ناسا يقاتلون رياء وسمعة، وغنّ من النّاس ناسا يقاتلون ابتغاء وجه الله، فأولئك الشّهداء وكل امرئ منهم يبعث على الذي يموت عليه. والله ما تدري نفس ماذا مفعول بها ليس هذا الرّجل الذي قد بيّن لنا أنّه قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط البخاريّ ولم يخرجاه، إنّما اتّفقا من هذا الباب على حديث أبي موسىرضي‌الله‌عنه من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله(1) .

أقول:

لو كان حديث العشرة المبشّرين يومها معروفا لما قال عمر هذا الكلام، وهذا يعني أنّ حديث العشرة اختلق بعد جيل الصّحابة بزمان.

وعن هشام بن الحسن قال: كان عمر يمرّ بالآية في ورده فتخنقه فيبكي حتى يسقط، ثمّ يلزم بيته حتّى يعاد يحسبونه مريضا(2) .

أقول:

لقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتقى خلق الله وأعبدهم وأورعهم وأخشاهم لله وأعلمهم به، وعليه أنزل القرآن، ولم يكن يظهر عليه شيء من هذه الأمور التي روّج لها الوعّاظ والقصّاص، وامتلأت بها كتب الصّوفية؛ ثمّ فكيف يكون عمر بهذا الصورة من الرقّة ورهافة الحس ثمّ يداوم على شرب النّبيذ إلى آخر لحظة من عمره.

أقوال في عمر

قال ابن عبد البرّ: كان إسلامه عزّا ظهر به الإسلام بدعوة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فروى التّرمذي

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين، ج 2 ص 119، والجهاد لابن المبارك، ج 1 ص 33.

(2) حلية الأولياء، أبو نعيم، ج 1 ص 51.

١٠٩

من حديث ابن عمر أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اللهمّ أعزّ الإسلام بأحبّ هذين الرّجلين إليك، بأبي جهل أو بعمر بن الخطّاب؛ قال وكان أحبّهما إليه عمر. قال: هذا حديث حسن صحيح(1) .

وفي صحيح البخاريّ عن ابن مسعود قال: مازلنا أعزّة منذ أسلم عمر.

وفي الصّحيحين من حديث سعد بن أبي وقّاص أن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ايها يا ابن الخطّاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجّا إلاّ سلك فجّا غير فجّك. ولهما من ديث أبي هريرة: لقد كان فمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال مكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمّتي أحد فعمر. ورأى له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قصرا في الجنّة، ورأى أنه سقاه فضله، قالوا: فما أوّلته؟ قال: العلم. ورأى عليه قميصا يجرّه قالوا: فما أوّلته؟ قال: الدّين. ورأى أنّه ينزع على قليب ثمّ نزع أبوبكر ذنوبا أو ذنوبين ثم نزع حتى روي الناس فكان ذلك إشارة للخلافة! وكلّ هذه الأحاديث في الصّحيحين ورؤيا الأنبياء وحي(2) . وللتّرمذي وصحّحه من حديث ابن عمر مرفوعا: إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه.

أقول:

إذاً فقوله الذي أتّهم فيه النّبيّ بالهجر حقّ لا شكّ فيه، وساعتها يغدو قوله تعالى( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى‏ * إِنْ هُوَ إِلّا وَحْيٌ يُوحَى ) مما يطعن به أعداء الإسلام في القرآن الكريم، لأنّ الذي يهجر ينطق عن الهوى.

قالوا: ومناقبه كثيرة وأوصى إليه أبوبكر بالخلافة فاقام فيها عشر سنين ونصفا واستشهد يوم الأربعاء لأربع أو ثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح الذي جزم ابن إسحاق والجمهور، وصحّ ذلك عن معاوية وأنس، وقيل خمس وستّون وقيل ستّ وستون وقيل واحد وستّون وقيل ستّون

____________________

(1) طرح التثريب في شرح التقريب، ج 1 ص 76.

(2) إذا فلماذا يقول عمر عن بيعة أبي بكر فلته إن كانت وحيا؟!

١١٠

وقيل تسع وخسمون وقيل سبع وخسمون وقيل ست وخمسون وقيل خمس وخمسون [!]. والذي طعنه أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة فاستجاب الله دعاءه لأنّه كان يدعو اللّهم ارزقني شهادة في سبيلك وموتا في بلد نبيّك كما رواه البخاريّ في صحيحه(1) .

أقول:

قد عرض الله عليه الشهادة في مواطنها في بدر وأحد وحنين وخيبر، ففضّل العيش مع الفرار على الشّهادة! ولو كان صادقا في طلبها لفعل فعل حمزة وجعفر! وقد كان بينه وبين أبي بكر كلام فقال له أبو بكر: (أجبّار في الجاهليّة خوّار في الإسلام)(2) .

وعن نافع عن ابن عمر أنّه أدرك عمر بن الخطّاب في ركب وهو يحلف بأبيه فناداهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله وإلاّ فليصمت(3) ..:

خطب (عمر) أم أبان بنت عتبة بن ربيعة فكرهته وقالت: يغلق بابه ويمنع خيره، يدخل عابسا ويخرج عابسا(4) .

أقول:

هذه أخت هند بنت عتبة آكلة الأكباد، كرهت أن يكون عمر زوجاً لها، وذكرت أسباب كراهيتها ذلك فقالت: يغلق بابه ويمنع خيره، وإغلاق الباب يعني أنّه لم يكن يأتيه ضيوف، ومعنى يمنع خيره فيه إشارة إلى البخل. وقولها يدخل عابسا ويخرج عابسا فيه إشارة إلى مواج لا يتحمّل، لأنّ المؤمن طلق الوجه، بشره في وجهه وحزنه

____________________

(1) طرح التثريب في شرح التقريب ج 1 ص 76.

(2) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج 1 ص 73.

(3) صحيح البخاريّ ج 5 ص 2265 وصحيح البخاريّ وصحيح البخاريّ ج 5 ص 2265: ج 6 ص 2449 وصحيح البخاريّ ج 6 ص 2450 وصحيح البخاريّ ج 6 ص 2693 وصحيح مسلم ج 3 ص 1266 و صحيح مسلم ج 3 ص 1267.

(4) ابن الأثير في الكامل في التاريخ ج 3 ص 55، والطبري في تاريخ الطبري ج 5 ص 17..

١١١

في قلبه.

وذكر ابن الأثير أنّ عمر بن الخطّاب خطب إلى قوم من قريش بالمدينة فردّوه وخطب إليهم المغيرة بن شعبة فزوّجوه(1) .

وهذا معناه أنّهم فضلوا عليه المغيرة بن شعبة، ومنه يستشفّ أن قضيّة تفضيل عمر على كلّ من سوى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر لم تكن رائجة في زمان عمر!

وقال ابن أبي الحديد: كان في أخلاق عمر وألفاظه جفاء وعنجهيّة ظاهرة(2) .

وعن ابن عبّاس في حديث طويل بينه وبين عمر، قال عمر: ثمّ خرجت حتّى دخلت على أمّ سلمة لقرابتي منها فكلّمتها فقالت أمّ سلمة: عجبا لك يا ابن الخطّاب! دخلت في كلّ شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله وأزواجه؛ فأخذتني والله أخذا كسرتني عن بعض ما كنت أجد(3) ..

تقول المرأة الصّالحة أمّ سلمة زوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمر بن الخطّاب: (دخلت في كلّ شيء) وهذا يعني أنّ الرّجل كان فضوليّا يتدخّل في شؤون غيره؛ وقد رووا أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

وروي عن عامر الشّعبيّ أنّه قال: ما قتل عمر حتّى ملّته قريش واستطالت خلافته(4) .

أقول:

ومعنى ملّته قريش ههنا واضح، أي لم تعد تتحمّل وجوده في الحكم، ويفسّره المعطوف بعده وهو قوله: استطالت خلافته. وهذا أمر يدعو إلى التساؤل، فإنّ الرّجل لم يزل يعنى بقريش حتّى جعل الرّعاة منها ولاة في الأمصار، وكان حريصا على تفضيل قريش على من سواها، كما كان الناطق الرّسمي بلسانها، فلماذا ملّته قريش؟ هل

____________________

(1) أسد الغابة ابن الأثير، ج 4 ص 65.

(2) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ج 1 ص 183.

(3) صحيح البخاريّ، ج 4 ص 1867. وصحيح مسلم، ج 2 ص 1109 والمسند المستخرج على صحيح مسلم، ج 4 ص 161 وعمدة القاري ج 19 ص 250.

(4) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ج 1 ص 58.

١١٢

كان بينه وبين قريش عقد خرم - هو - بعض بنوده؟ أم أنّه وعد قريشا وعودا ثمّ لم يف بها؟

وقال طلحة بن عبيد الله لأبي بكر في مرضه الذي مات فيه: (يا خليفة رسول الله، إنّا كنّا لا نحتمل شراسته وأنت حيّ تأخذ على يديه، فكيف يكون حالنا معه وأنت ميت)(1) ؟

ويرد على قول طلحة يا خليفة رسول الله إشكال كبير، لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يستخلف أبابكر، وإنّما صار حاكما ببيعة جماعة إثر خلاف كبير بين المهاجرين والأنصار كاد يتحوّل إلى فتنة؛ بايعه أبو عبيدة بن الجراح وعمر بن الخطّاب وبشير بن سعد. فإن يكن خليفة فهو خليفة هؤلاء لا خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج: كان عمر سريعا إلى المساءة كثير الجبه والشّتم والسّبّ(2) .

يقول ابن أبي الحديد عن عمر كثير الجبه والسبّ!! وهذا يعني أنّ سوء الخلق صار ملكة عنده، لأنّه لم يكن يسبّ بين الحين والحين، وإنما كان كثير الجبه والشّتم والسبّ. والجبه مواجهة النّاس بما يكرهون. والشّتم معلوم والسّبّ معلوم. وقد رووا أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: سباب المؤمن فوسق وقتاله كفر. وأنّه قال أيضا (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)(3) ، على العموم فإنّ الغلظة أمر تمجّه الفطرة والعقول السّليمة، لا يكاد يختلف في ذلك اثنان. وليست من الأخلاق المقبولة في الإسلام، وقد قال الله تعالى لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً

____________________

(1) شرح نهج البلاغة، ج 2 ص 120 (طبعة مصر 1329 هـ).

(2) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 4 ص 457.

(3) صحيح ابن حبان ج 1 ص 421 والمستدرك على الصحيحين ج 1 ص 57 وسنن البيهقي الكبرى ج 10 ص 193 وسنن البيهقي الكبرى ج 10 ص 243 وسنن الترمذي ج 4 ص 350 والسنن الصغرى للبيهقي (نسخة الأعظمي) ج 9 ص 211 ومعرفة السنن والآثار ج 7 ص 447 والمعجم الأوسط ج 2 ص 225 و المعجم الكبير ج 10 ص 207 ومسند أبي يعلى ج 9 ص 20 ومسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 404 ومسند البزار ج 4 ص 330 ومسند ابن أبي شيبة ج 1 ص 239 ومجمع الزوائد ج 1 ص 97.

١١٣

غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضّوا مِنْ حَوْلِكَ ) . فالغلظة تقابل الرّحمة، والنّفوس بفطرتها ميّالة إلى صاحب الرّحمة نافرة من الغليظ؛ وإنّما تحمد اللغلظة إذا كانت على الكفّار( يَا أَيّهَا النّبِيّ جَاهِدِ الْكُفّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ... ) .

وقال الطّبريّ (عن عليّ بن محمد عن الذين سمّيت) قال بعضهم: جعل أبوبكر عمر قاضيا في خلافته فمكث سنة لم يخاصم إليه أحد قال: وقالوا كان يكتب له زيد بن ثابت(1) .

أقول:

من تتبّع تلك الأحداث بعين سليمة من الهوى لم يخف عليه أنّ النّاس لا يطلبون الأمر عادة إلاّ حيث يتوقّعون وجوده، وكيف يتوقّعون الحقّ والعدل عند من كذّب فاطمة المطهّرة عليها السّلام؟ أضف إلى ذلك أنّ عمر بن الخطّاب ليس أهلا للقضاء، فإنّه مات يجهل الكلالة، وقال في مسألة واحدة بأقوال متعدّدة مختلفة كما يأتي بيانه لاحقا.

وعن محمد بن منصور قال: كنّا مع المأمون في طريق الشّام فأمر فنودي بتحليل المتعة، فقال لنا يحيى بن أكثم: بكّرا غدا إليه، فإن رأيتما للقول وجها فقولا، وإلاّ فاسكتا إلى أن أدخل؛ قال: فدخلنا إليه وهو يستاك ويقول وهو مغتاظ: متعتان كانتا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما! ومن أنت يا أحول حتّى تنهى عما فعله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبوبكر؟!(2)

قال ابن أبي الحديد: واعلم أنّ هذه اللّفظة من عمر مناسبة للفظات كثيرة كان يقولها بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطّينة وجفاء الطّبيعة: ولا حيلة له فيها، لأنّه مجبول عليها لا يستطيع تغييرها [!](3) ، ولا ريب عندنا أنّه كان يتعاطى أن يتلطّف، وأن

____________________

(1) تاريخ الطبري ج 2 ص 617.

(2) وتهذيب الكمال للمزي ج 31 ص 214 وتاريخ بغداد ج 14 ص 203 وتاريخ مدينة دمشق ج 64 ص 71.

(3) هذه العبارة يشتمّ منها رائحة الجبر.

١١٤

يخرج ألفاظه مخارج حسنة لطيفة، فينزع به الطّبع الجاسي، والغريزة الغليظة إلى أمثال هذه اللّفظات، ولا يقصد بها سوءا، ولا يريد بها ذمّا ولا تخطئة، كما قدّمنا من قبل في اللّفظة التي قالها في مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكاللّفظات التي قالها عام الحديبية وغير ذلك والله تعالى لا يجازى المكلّف إلاّ بما نواه، ولقد كانت نيته من أطهر النيّات وأخلصها لله سبحانه وللمسلمين. ومن أنصف علم أن هذا الكلام حقّ، وأنّه يغني عن تأويل شيخنا أبي عليّ(2) .

أقول:

هذا كلام يشتمّ منه رائحة الجبر، خصوصا عند قوله بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطّينة وجفاء الطّبيعة، إذ يكون الله تعالى قد جبل عمر على الغلظة، ثمّ هو يطلب منه اللّين والرّفق، وهذا مخالف تماما لما عليه يعتقده ابن أبي الحديد وأصحابه من المعتزلة بخصوص العدل الإلهي؛ ومن العجيب أنّ هناك من ينسب ابن أبي الحديد إلى التّشيّع وهو يقرأ له هذا وأمثاله من الدّفاع عن عمر بن الخطّاب.

قال ابن عاشور: ولذلك تجد من يصحب الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد يكون قبل الإيمان جلفا، فإذا آمن انقلب حكيما مثل عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه (3) .

أقول:

هذا الفاضل ابن عاشور يضرب بعمر المثل للجلف، ومن حقّ المطّلع على سيرة عمر أن يوافق ابن عاشور في قوله كان جلفا ويخالفه في قوله انقلب حكيما.

وفي أصول أحمد بن حنبل: خير هذه الأمّة بعد نبيّها أبو بكر الصدّيق، ثمّ عمر بن الخطّاب، ثمّ عثمان بن عفان، نقدّم هؤلاء الثّلاثة كما قدّمهم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يختلفوا في ذلك(4) .

____________________

(1) هذا اعتراف من ابن أبي الحديد أنّ عمر بن الخطاب قال كلمة كبيرة في مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

(2) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 2 ص 27.

(3) التحرير والتنوير، ج 1 ص 2795.

(4) أصول السنة، أحمد بن حنبل، ج 1 ص 35.

١١٥

أقول:

يتبخّر هذا التّقديم أمام الحديث الصّحيح أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، فمنزلة عليّ في أمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عين منزلة هارون عليه السلام في أمّة موسى عليه السلام، وهارون يأتي في التّرتيب مباشرة بعد موسى عليه السلام. ثمّ إنّ الصحابة أنفسهم لم يكونوا يعتقدون بهذا التّرتيب، حتى أنّهم رفضوا أن يدفن عثمان في مقابر المسلمين!

قالوا: كتب عمرو بن العاص إلى أبي بكر يذكر له أمر الروم ويستمده فكتب أبوبكر إلى خالد بن الوليد يأمره أن يمدّ أهل الشام فيمن معه من أهل القوة ويستخلف على ضعفة الناس رجلا منهم فلما أتاه كتاب أبي بكر قال خالد: هذا عمل الأعيسر ابن أم شملة يعنى عمر بن الخطاب حسدني أن يكون فتح العراق على يدي(1) .

ومن كلام الحسن بن عليّ عليه السلام في جمهرة خطب العرب يردّ على المغيرة بن شعبة في مجلس معاوية: وإنّ حدّ الله في الزّنا لثابت عليك. ولقد درأ عمر عنك حقّا الله سائله عنه، ولقد سألت النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل ينظر الرّجل إلى المرأة يريد أن يتزوّجها فقال: لا بأس بذلك يا مغيرة ما لم ينو الزّنا لعلمه بأنّك زان(2) !

فهذه شهادة من سيّد شباب أهل الجنّة على عمر بن الخطّاب أنّه درأ الحدّ عن المغيرة بغير حقّ. ومن كان هذا شأنه يكون من المحدّثين الذين يحدّثهم الحقّ تعالى في كلّ الأحوال؟! هل يحدّث الحق تعالى عباده بتعطيل الحدود؟

قال محمّد بن عقيل الشّافعيّ: وأخرج الزّبير بن بكّار في الموفّقيّات عن المطرف بن المغيرة بن شعبة قال: دخلت مع أبي على معاوية، فكان أبي يأتيه فيتحدّث معه، ثمّ ينصرف إليّ ويذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ورأيته مغتمّا! فانتظرته ساعة وظننت أنّه لأمرٍ حدث فينا، فقلت مالي أراك مغتمّا منذ اللّيلة؟ فقال يا بنيّ جئت من عند أكفر النّاس وأخبثهم (!) قلت: وما ذاك؟ قال:

____________________

(1) ثقات ابن حبان، ج 2 ص 185.

(2) جمهرة خطب العرب، ج 2 ص 22.

١١٦

قلت له وقد خلوت به: إنّك قد بلغت سنّا يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا فقد كبرت. ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه، وإنّ ذلك ممّا يبقى لك ذكره وثوابه. فقال: هيهات! هيهات! أيّ ذكر أرجو بقاءه؟ ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتّى هلك ذكره إلاّ أن يقول قائل أبوبكر. ثمّ ملك أخو عديّ فأجتهد وشمّر عشر سنين فما عدا أن هلك حتّى هلك ذكره إلاّ أن يقول قائل عمر. وإنّ ابن أبي كبشة ليصاح به كلّ يوم خمس مرات أشهد أنّ محمّدا رسول الله، فأيّ عمل يبقى وأيّ ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك؟ لا والله إلا دفنا، دفنا(1) .

أقول:

هذا معاوية بن أبي سفيان يشهد في ايّام حكمه أنّ عمر بن الخطّاب هلك ذكره، وهذا يعني أنّ النّاس كانوا قد نسوه ولم يعودوا يذكرونه بشيء. فكيف عاد إلى السّاحة إذاً، وبهذا الحجم الهائل؟!

وعن عاصم عن أبي عثمان أنّه كانت في يده قناة يمشي عليها وكان يكثر أن يقول والله لو أشاء أن تنطق قناتي هذه لنطقت. لو كان عمر بن الخطّاب ميزانا ما كان فيه ميط شعرة(2) .

وعن محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة قال: قال سعد: أما والله ماكان بأقدمنا إسلاما ولكن قد عرفت بأيّ شيء فضلنا. كان أزهدنا في الدنيا، يعني عمر بن الخطّاب(3) .

أقول:

الزّهد في الدّنيا يتمّ خقيقة حين يزهد المرء في المنصب والمقام والجاه، حيث

____________________

(1) النصائح الكافية، محمّد بن عقيل الشّافعيّ، ص 123.

(2) مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 357 تحت رقم 32008.

(3) مصنف ابن أبي شيبة، ج 6 ص 358 تحت رقم 32012.

١١٧

تغدو الخلافة المرغوب فيها عند النّاس أهون لديه من عفطة عنز. أمّا حين كيون مستعدّا لتحريق البيت على بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعلها وأولادها لأجل أن يصبح حاكما فإنّ بينه وبين الزّهد بعد المشرقين. وقد تظاهر بالزّهد في المطعم والملبس كثير من الناس أيّام بني أمية وبني العباس ولم ينفعهم ذلك لأن التّاريخ لا يرحم.

وعن إسماعيل عن زبيد قال: لما حضرت أبا بكر الوفاة أرسل إلى عمر ليستخلفه قال فقال النّاس: أتستخلف علينا فظّا غليظا؟ فلو ملكنا كان أفظّ وأغلظ. ماذا تقول لربّك إذا أتيته وقد استخلفته علينا؟ قال: تخوّفونني بربّي؟ أقول: اللّهم أمّرت عليهم خير أهلك(1) .

أقول:

انظر إلى قوله فقال النّاس وكلمة (النّاس) لا تطلق على فرد أو اثنين، ومع ذلك يقولون كانت خلافة عمر موضع القبول من جميع الصحابة! وعبارة أتستخلف علينا فظّا غليظا شهادة من صحابة يعترضون على أبي بكر في فعله، ويؤكّدون أنّ عمر بن الخطّاب فظّ غليظ! ثمّ انظر إلى الخليفة أبي بكر يدّعي أنّه سيقول لله تعالى (اللّهم أمّرت عليهم خير أهلك) فيقطع أنّ خير أهل الله تعالى عمر بن الخطّاب! وتحسبونه هيّنا وهو عند الله عظيم. بأي شيء يكون عمر بن الخطاب خير أهل الله تعالى؟! ولماذا لم يعرف له بقيّة الصّحابة ذلك وقالوا عنه (فظّ غليظ)؟ هل يكون الفظّ الغليظ خير أهل الله تعالى؟ لكن هنالك قصّة وقعت لأبي بكر في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تتعلق بهذا الباب، ذكرها مسلم وأحمد وغيرهما. فعن عائذ بن عمرو أنّ أبا سفيان أتىعلى سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله ما خذها! قال فقال أبو بكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟! فأتى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره، فقال: يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك. فأتاهم أبو بكر

____________________

(1) مصنف ابن أبي شيبة، ج 6 ص 358 تحت رقم 32013.

١١٨

فقال: يا أخوتاه أغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي(1) . فما أبعد ما بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبلال وسلمان وصهيب من جهة، وبين أبي بكر بن أبي قحافة من جهة أخرى. رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه يرون في أبي سفيان عدوّا لله تعالى، بينما يرى فيه أبوبكر بن أبي قحافة شيخ قريش وسيّدهم، ولا يستحي من الله تعالى أن يقول هذا ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيّ يرزق! فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قريش. ورغم هذا فقد بقي أبوبكر على هذا الموقف من أبي سفيان، والدّليل على ذلك أنه ترك بيده الصّدقات بعد بيعة السقيفة مع أنّها أموال المسلمين، وأخذ من فاطمة عليها السلام ما كان تحت يدها زعما منه أنّه مال المسلمين!! فمال المسلمين إذا كان بيد أبي سفيان لا بأس أن يحتفظ به أبو سفيان، أمّا ما يكون بيد فاطمة عليها السلام فلا! وولّى أبوبكر يزيد بن أبي سفيان على جيش كبير متوجّه إلى الشّام. ثمّ انظر إلى أبي بكر يشكو صحابة من خيرة المؤمنين دفاعا عن رجل جرى لعنه على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقد بان في هذه القصّة على الأقلّ أنّ المعايير والموازين التي يعتمدها أبوبكر في اعتبار مراتب الرّجال جاهلية محضة، ولهذا قال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكلّ صرامة: (لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربّك)؛ فرجل يرى أبا سفيان سيّد قريش في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كيف لا يرى عمر بن الخطّاب خير أهل الله؟!

قال زين الدّين العراقيّ في طرح التّثريب: قال ابن عبد البرّ كان إسلامه عزّا ظهر به الإسلام بدعوة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فروى التّرمذي من حديث ابن عمر أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اللّهمّ أعزّ الإسلام بأحبّ هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطّاب قال وكان أحبّهما إليه عمر قال: هذا حديث حسن صحيح(2) .

أقول:

لكن يبقى السؤال مطروحا متى أعزّ الله الإسلام بعمر في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

____________________

(1) صحيح مسلم ج 4 ص 1947 (الحديث 2504) وتفسير القرطبي ج 6 ص 435 والجمع بين الصحيحين ج 1 ص 377 وتفسير القرطبي ج 6 ص 435 ومسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 64 والاستيعاب ج 2 ص 637 وج 2 ص 733 وسير أعلام النبلاء ج 2 ص 25 وتاريخ مدينة دمشق ج 10 ص 463.

(2) طرح التثريب في شرح التقريب ج 1 ص 76.

١١٩

وبم كان ذلك؟ بفراره يوم أحد؟ أم بفراره يوم حنين؟ أم بفراره يوم خيبر؟ أم بجبنه وخوره يوم راح عمرو بن عبد ود يتحدّاه ويعرض عليه الذّهاب إلى الجنّة وهو الزّاهد في الدّنيا كما يقولون؟! وأشدّ ما في ذلك كلّه أنّه كان يفرّ من المعركة ويترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين الأعداء عرضة للقتل! المهمّ أن ينجو هو بجلده، أمّا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا بأس أن يقتل ويسلم عمر بن الخطّاب، لأنّه هو أيضا نبيّ بالقوّة! فقد رووا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لو لم أبعث لبعث عمر(1) !

وفي صحيح البخاريّ عن ابن مسعود قال: ما زلنا أعزّة منذ أسلم عمر.

وفي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقّاص أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إيها يا ابن الخطّاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشّيطان سالكا فجّا إلاّ سلك فجّا غير فجّك. ولهما من حديث أبي هريرة لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال مكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمّتي أحد فعمر. ورأى له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قصرا في الجنّة، ورأى أنّه سقاه فضله قالوا فما أوّلته؟ قال: العلم. ورأى عليه قميصا يجرّه قالوا فما أوّلته؟ قال: الدّين. ورأى أنّه ينزع على قليب ثمّ نزع أبو بكر ذنوبا أو ذنوبين ثمّ نزع حتى روي النّاس، فكان ذلك إشارة للخلافة. وكلّ هذه الأحاديث في الصّحيحين، ورؤيا الأنبياء وحي. وللتّرمذي وصحّحه من حديث ابن عمر مرفوعا إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه.

____________________

(1) هذا الحديث فيه كلام كثير، ورد في فضائل الصحابة لابن حنبل ج 1 ص 428 التفسير الكبير ج 16 ص 121 وكنز العمال ج 11 ص 266 وفيض القدير ج 5 ص 325 ومرقاة المفاتيح ج 11 ص 194 و الكامل في ضعفاء الرجال ج 3 ص 155 وج 3 ص 216 والكامل في ضعفاء الرجال ج 4 ص 194 وميزان الاعتدال في نقد الرجال ج 3 ص 76 وج 4 ص 221 وتاريخ مدينة دمشق ج 44 ص 114 وج 44 ص 116 و المغني عن حمل الأسفار ج 2 ص 833 والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ج 1 ص 336 واللآلئ المصنوعة ج 1 ص 277 والموضوعات ج 1 ص 238 وتلخيص كتاب الموضوعات ج 1 ص 99 تلخيص كتاب الموضوعات ج 1 ص 100 وتنزيه الشريعة ج 1 ص 373 والفردوس بمأثور الخطاب ج 3 ص 372 وذخيرة الحفاظ ج 4 ص 2003 وأسنى المطالب ج 1 ص 236 وكتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج 35 ص 384 ومجموع الفتاوى ج 11 ص 204 وج 35 ص 384 والفتاوى الكبرى ج 1 ص 468 وإعلام الموقعين ج 4 ص 142 ومنهاج السنة النبوية ج 6 ص 55 وشذرات الذهب ج 1 ص 33 وتاريخ الخلفاء ج 1 ص 92.

١٢٠