الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب0%

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب مؤلف:
الناشر: انتشارات دارالتفسير
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 564

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عبدالباقي قرنة الجزائري
الناشر: انتشارات دارالتفسير
تصنيف: الصفحات: 564
المشاهدات: 79681
تحميل: 5199

توضيحات:

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 564 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 79681 / تحميل: 5199
الحجم الحجم الحجم
الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

مؤلف:
الناشر: انتشارات دارالتفسير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أقوال عمر).

نعم! الطّاعة لمن ولاّه الله أمور المسلمين لا من ولّته السّقيفة، وبين الأمرين فرق كبير! ولوجاز ما يروّجون له لكان يزيد بن معاوية أيضا ممّن ولاه الله أمور المسلمين. ومن أعجب ما في هذه المسألة أنّهم من جهة يقولون إن الله تعالى ترك الأمر شورى للمسلمين، ولم يعين شخصا بذاته لا يوم الغدير ولا قبله ولا بعده، وفي نفس الوقت يقولون (من ولاّه الله أمور المسلمين)!

قالوا: وكان عمر بن الخطّاب إذا اجتهد في اليمين قال: والذي تقوم السماء والأرض بأمره أي هي قائمة ثابتة بأمره لها وتسخيره إياها(1) . (من أخبار عمر).

وقال عمر بن الخطّاب للعبّاس: والله لإسلامك يوم أسلمت كان أحبّ إليّ من إسلام الخطاب لو أسلم، لأنّ إسلامك كان أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من إسلام الخطاب(2) . (من أقوال عمر).

أقول: فاطمة أحب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عمّه العبّاس، ومع ذلك فقد هدّد عمر بتحريق البيت عليها!.

وقال قتادة: ذكر لنا أن رجلا قال لعمر بن الخطّاب: يا أمير المؤمنين قحط المطر وقنط النّاس فقال عمر: (مطرتم، ثم قرأ:( أَذْهَبْتُمْ طَيّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا ) (4) . (تناقضات عمر - أليس هو الذي يعزو كثرة احتلامه إلى كثرة أكل الدسم؟!).

____________________

(1) مختصر ابن كثير، ج 3 ص 64.

(2) مختصر ابن كثير، ج 3 ص 321.

(3) مختصر ابن كثير، ج 3 ص 322.

(4) مختصر ابن كثير [ج 3 - ص 366].

٣٤١

وعن عمر بن الخطّاب: (أنه قال: ما عاقبت أحدا عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله تبارك وتعالى وفيه(1) . (من أقوال عمر - لقد أطاع الله تعالى في تهديد فاطمة وأولادها بالتحريق بالنار!).

قال عمر بن الخطاب حين قيل له ألا تستخلف: لو كان أبو عبيدة حياً لاستخلفته ولو كان معاذ حياً لاستخلفته ولو كان سالم حياً لاستخلفته فإني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول أبو عبيدة أمين هذه الأمّة ومعاذ أمّة قانت لله ليس بينه وبين الله يوم الكشاف القيامة إلا المرسلون وسالم شديد الحب لله لو كان لا يخاف الله لم يعصه(2) . (من أقوال عمر).

أقول: ليت عمر بن الخطاب بيّن للمسلمين أمانة أبي عبيدة في أي يوم وفي أية واقعة؟! وأما سالم مولى أبي حذيفة فإنه كان حاضرا يوم خيبر، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يومها (لأعطينّ الرّاية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله.. (ولم يكن ذلك الحبيب غير علي عليه السلام، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي عليه السلام كلاما كثيرا، كما نزل في فضائله أيضا قرآن كثير، ولكن ذلك كلّه لا يعني للخليفة عمر شيئا لأن الأمر كان محسوما، ولم تكن تلك المقالة إلا لذرّ الرماد في العيون، وإلا فأين إنجازات من سمّاهم؟! ولماذا لم يظهر لهم أثر يوم خيبر ولا يوم الخندق ولا غير ذلك من الأيّام التي يتميّز فيها الصّادق بصدقه والأمين بأمانته. ولعلّ الخليفة عمر بن الخطّاب إنّما كان يورد تلك الأسماء وتلك المقالات لينزل من مقام علي عليه السلام في نفوس الأجيال القادمة، لأنّ حسد معاصريه له عليه السلام كان أوضح من نار على علم.

وروي عن عمر بن الخطّاب قوله: لا تظنّنّ بكلمة خرجت من في أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا(3) . (من أقوال عمر).

____________________

(1) مختصر ابن كثير [ج 3 - ص 384].

(2) الكامل في التاريخ ج 2 ص 459 والكشاف ج 2 ص 599 وتاريخ مدينة دمشق ج 58 ص 404 وتخريج الأحاديث والآثار ج 2 ص 250 ومختصر ابن كثير، ج 3 ص 493.

(3) الكشاف، الزمخشري، ج 1 ص 234.

٣٤٢

أقول: لماذا لم يحمل سؤال صبيغ بن عسل التميمي على محمل الخير؟

قال الزمخشري: وروى عن عمر بن الخطّاب أنه قال: والله لو أمرنا ربنا لفعلنا والحمد لله الذي لم يفعل بنا ذلك(1) . (من أقوال عمر).

أقول: لقد أمره الله بمثل ذلك: ألاّ يولّي دبره من الزّحف وألا يرغب بنفسه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومع ذلك ولّى دبره من الزحف وفرّط في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ تركه بين الأعداء.

قال الزمخشري: وروي أن عمر بن الخطّاب كان إذا جاءه ولي اليتيمة نظر فإن كانت جميلة غنيّة قال: زوّجها غيرك والتمس لها من هو خير منك وإن كانت دميمة ولا مال لها قال: تزوّجها فأنت أحقّ بها(2) . (من أقوال عمر).!

أقول: لم لم يقل ذلك لعبد الرحمن بن عوف والمغيرة بن شعبة، وقد فعل كل واحد منهما خلاف ما تشتهي نفس عمر؟!).

وفي صحيح ابن حبان أنّ عمر بن الخطّاب قال كنا معشر المهاجرين قوما نغلب نساءنا فإذا الأنصار قوم تغلبهم نساؤهم فأخذ نساؤنا يتأدّبن بأدب نساء الأنصار..(3) . (أقول لعمر)

أقول: مهاجرون يغلبون نساءهم لكنّهم ساعة الجدّ لا يفكّرون إلاّ في الفرار، بينما الأنصار تغلبهم نساؤهم - على حدّ قول عمر - لكنّهم ساعة الجدّ قلّما يفرّون. وما أسهل أن يغلب المرء زوجته، وليس من شأن أهل المروءة مغالبة النساء.

وعن عبيد بن رفاعة الأنصاري قال تذاكر أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه العزل فاختلفوا فيه فقال عمر رضي الله عنه: قد اختلفتم وأنتم أهل بدر الخيار فكيف بالنّاس بعدكم إذ تناجى رجلان فقال عمر: ما هذه المناجاة؟ قال: إنّ اليهود تزعم أنّها الموءودة الصغرى. فقال عليّ رضي الله عنه: إنّها لا تكون موءودة

____________________

(1) الكشاف، الزمخشري، ج 1 ص 262.

(2) الكشاف، الزمخشري، ج 1 ص 285.

(3) صحيح ابن حبان ج 9 ص 494.

٣٤٣

حتى تمرّ بالتّارات السّبع،( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِن طِينٍ.. ) إلى آخر الآية، فعجب عمررضي‌الله‌عنه من قوله وقال: جزاك الله خيرا(1) . وفي شرح الزرقاني قال عمر لعلي: صدقت أطال الله بقاك، فقيل إنّه أوّل من قالها في الإسلام(2) . وفي الاستذكار فقال له عمر صدقت أطال الله بقاءك، وهذه أيضا رواية زيد بن أبي الورقاء عن ابن لهيعة. وقيل إنّ أوّل من قال في الإسلام أطال الله بقاءك عمر لعلي - رضي الله عنهما - في هذا الخبر، وروى المقرئ عن ابن لهيعة مثله بإسناده وقال في آخره عمر جزاك الله خيرا(3) . (أوائل عمر).

وروى الحاكم من طريق ابن شهاب قال: خرج عمر بن الخطّاب إلى الشّام ومعه أبو عبيدة بن الجراح فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة فنزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة فقال أبو عبيدة: يا أمير المؤمنين! أأنت تفعل هذا؟! تخلع خفيك وتضعهما على عاتقك وتأخذ بزمام ناقتك وتخوض بها المخاضة؟! ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك! فقال عمر: أوه! لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالا لأمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! إنّا كنا أذلّ قوم فأعزّنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزّ بغير ما أعزّنا الله به أذلّنا الله. قال الألباني: (صحيح) وفي رواية له: يا أمير المؤمنين! تلقاك الجنود وبطارقة الشّام وأنت على حالك هذه؟ فقال عمر: إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نبتغي العز بغيره(4) .

أقول: كيف أعزّ الله تعالى العرب بالإسلام؟ ألم يكن ذلك بمحمد وآل بيته عليهم السلام؟ الم يستشهد أبو عبيدة بن الحارث في بدر وحمزة في أحد وجعفر في مؤتة؟ ألم يقض نبي الرحمةصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمره الشريف مجاهدا حتى أتاه اليقين؟ فكيف كان جزاء عمر وحزبه لرسول الله وأهل بيته عليهم السلام؟! أليس هو الذي حمل النّار وهمّ بتحريق بيت كان

____________________

(1) شرح مشكل الآثار ج 5 ص 174 والتحرير والتنوير، ج 1 ص 282.

(2) شرح الزرقاني ج 3 ص 295.

(3) الاستذكار، ج 6 ص 227.

(4) السلسلة الصحيحة، ناصر الدين الألباني، ج 1 ص 117.

٣٤٤

جبريل يستأذن لدخوله؟!

ورووا عن عمر بن الخطّاب أنه قال أشكو إلى الله ضعف الأمين وخيانة القويّ(1) .

يريد أسأله أن يؤيّدني بقويّ امين أستعين به. وفيه شهادة منه على قلّة الأمناء في حاشيته وعمّاله. (من أقوال عمر).

ومُدح رجل عند عمر بن الخطّاب بالخير فقال عمر: هل أريتموه الأبيض والأصفر؟ يعني الدّراهم والدّنانير(2) .

وروى الحسن عن الأحنف بن قيس أنه سمع عمر بن الخطّاب يقول: لأنا أعلم بخفض العيش، ولو شئت لجعلت أكبادا وصلائق وصنابا وكراكر وأسنمة، ولكني رأيت الله نعى على قوم فقال:( أَذْهَبْتُمْ طَيّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا ) . وإنما أراد عمر بذلك الخشية من أن يشغله ذلك عن واجبه من تدبير أمور الأمّة فيقع في التّفريط ويؤاخذ عليه(3) . (من أقوال عمر).

وفي تفسير الصنعاني عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين أن عمر بن الخطّاب قال ليس المسكين بالذي لا مال له ولكن المسكين الأخلق الكسب(4) . (من أقوال عمر).

عبد الرزاق قال أنا ابن عيينة عن رجل عن الحسن في قوله لم يسرفوا ولم يقتروا أن عمر بن الخطّاب قال كفى سرفا ألاّ يشتهي رجل شيئا إلا اشتراه فأكله (من أقوال عمر - قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق(5) .

أقول: إذا كان ماله حلالا وكانت نيته التقوّي على العبادة فما المانع، على أنّ ما عناه لا يكاد يوجد، فمن هذا الذي لا ينفكّ يتشهّى؟!

وسمع عمر بن الخطّاب رجلا يقول اللهمّ اغفر لي خطاياي فقال: استغفر الله للعمد،

____________________

(1) التحرير والتنوير، ابن عاشور، ج 1 ص 3132.

(2) التحرير والتنوير، ج 1 ص 3647.

(3) التحرير والتنوير، ج 1 ص 4011.

(4) تفسير الصنعاني، ج 2 ص 280.

(5) تفسير الصنعاني، ج 3 ص 71.

٣٤٥

فأما الخطأ تجوّز عنه(1) .

القتل الخطأ مثلا في نظر عمر لا يحتاج إلى استغفار، وموسى بن عمران قضى على الذي هو من عدوّه دون تعمّد القتل، ومع ذلك استغفر؟! ولقد رووا أن رسول الله كان يستغفر في اليوم أكثر من سبعين مرة، وهو المعصوم.

عن هشام بن عروة في قوله تعالى أذهبتم طيبتكم في حياتكم الدنيا أن عمر بن الخطّاب قال لو شئت أن أذهب طيباتي في حياتي الدنيا لأمرت بجدي سمين فطبخ باللبن(2) .

طيباتكم لدى عمر بن الخطاب تنحصر في كبش مطبوخ باللبن!.

وعن زيد بن وهبقال: إني لجالس مع عمر بن الخطّاب إذ جاء ابن مسعود فكان الجلوس يوارونه من قصره فضحك عمر حين رآه فجعل عمر يكلّمه ويهلل وجهه ويضاحكه وهو قائم عليه ثم ولى فأتبعه عمر بصره حتى توارى فقال: كنيف ملئ علما(3) . انظر: سير أعلام النبلاء، ج 1 ص 491 وطبقات ابن سعد، ج 1 ص 110 والحلية، ج 1 ص 129.

وقال السيوطي في الإتقان: أخرج ابو عبيد في فضائله عن عمر بن الخطّاب قال تعلّموا اللّحن والفرائض والسّنن كما تعلّمون القرآن(4) .

أقول: وكيف يتعلّمونها وقد نهى هو نفسه عن روايتها، وضرب بعض الرواة، وجلد بعضا، ونكّل ببعض؟!

قال ابن القاسم وأخبرني مالك أنّ عمر بن الخطّاب نهى عن رطانة الأعاجم وقال: إنها خب أي خبث وغش(5) .

____________________

(1) تفسير الصنعاني، ج 3 ص 111.

(2) تفسير الصنعاني، ج 3 ص 217.

(3) مفردات القرآن، ج 1 ص 175.

(4) الإتقان، ج 1 ص 528.

(5) مناهل العرفان، ج 2 - ص 116.

٣٤٦

أقول:

هذا كلام لا يمت إلى الإسلام بصلة، فإن الله تعالى قد جعل اختلاف الألسنة من آياته في الأرض. وأئمة أهل البيت عليهم السلام كانوا يتحدثون الفارسية مع أبناء فارس وهم مطهّرون بنص الكتاب العزيز، ويصلى عليهم في كل فريضة ونافلة!؛ وإنّما شرفت العربيّة بالقرآن الكريم، وشرف العرب برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكتاب الله الكريم، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.

وقال عمر بن الخطّاب: من خاف الله لم يشف غيظه ومن اتقى الله لم يصنع ما يريد ولولا يوم القيامة لكان غير ما ترون(1) . (من أقوال عمر).

قال السيوطي: وأخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن المغيرة بن شعبة قال كنا في غزاة فتقدّم رجل فقاتل حتّى قتل فقالوا ألقى بيده إلى التّهلكة فكتب فيه إلى عمر فكتب عمر ليس كما قالوا، هو من الذين قال الله فيهم (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله)(2) .

وقال عمر بن الخطّاب ما رأيت مثل من يجلس أيما بعد هذه الآية وأنكحوا الأيامى منكم التسموا الغنى في الباه(3) . (من أقوال عمر - وإنّما أوردت هذا القول لعر تعجبا من ابن تيمية الذي بقي أعزب حتى خرج من الدنيا.

ومن أقوال عمر بن الخطّاب: (تفقهوا قبل أن تسودوا). قال السيوطي: معناه اجتهدوا في كمال أهليتكم وأنتم أتباع قبل أن تصيروا سادة فإنكم إذا صرتم ساد متبوعين امتنعتم من التعلم لارتفاع منزلتكم وكثرة شغلكم(4) . (من أقوال عمر).

وقد حكى أحمد بن محمد بن الحجاج أن أحمد بن صالح سئل عن السّكران فقال أنا آخذ فيه بما رواه ابن جريج عن عمرو بن دينار عن يعلى بن منية عن أبيه قال سألت

____________________

(1) أحكام القرآن للجصاص، ج 2 ص 325.

(2) الدر المنثور، ج 1 ص 576.

(3) أحكام القرآن للجصاص، ج 5 - ص 179.

(4) التبيان في آداب حملة القرآن، ج 1 - ص 13.

٣٤٧

عمر بن الخطّاب عن حدّ السّكران فقال هو الذي إذا استقرأته سورة لم يقرأها وإذا خلطت ثوبه مع ثياب لم يخرجه(1) .

وعن الشعبي عن ابن عمر قال سمعت عمر بن الخطّاب يخطب على منبر المدينة قال أيها الناس ألا إنّه نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة من العنب والتّمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل(2) .

قال النّحاس: وقد يجوز أن يتمنّى الموت من له عمل صالح متخلّصا به من الكبائر، فهذا عمر بن الخطّاب لما استقامت أموره وفتح الله على يديه الفتوح وأسلم ببركته من لا يحصى عدده تمنّى الموت فقال اللهمّ كبرت سنّي ورقّ عظمي وانتشرت رعيّتي فاقبضني إليك غير مفرّط ولا مضيّع(3) . (من أقوال عمر).

يقول النّحّاس: (له عمل صالح متخلصا به من الكبائر). أقول: هيهات! تلك أمانيهم! وتحسبونه هيّنا وهو عند الله عظيم! إذا لم يكن ذلك التّعامل مع فاطمة من الكبائر فليس هناك كبيرة يحاسب عليها إنسان! ومن زعم أنّه يفهم الإسلام أفضل مما تفهمه فاطمة عليها السلام فليراجع نفسه وليتثبت إن كان فعلا على دين أبيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وعن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب أنّ عمر بن الخطّاب قال أيّها الناس قد سننت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتكم على الواضحة أن لا تضلوا بالناس يمينا وشمالا وآية الرجم لا تضلوا عنها فإن رسول الله قد رجم ورجمنا وأنها قد أنزلت وقرأناها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة ولو لا أن يقال زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي(4) .

عمر بن الخطّاب يتحدث عن نفسه ويخبر أنّه هو الذي سن السنن وفرض الفرائض، فماذا فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا؟.

____________________

(1) الناسخ والمنسوخ للنحاس، ج 1 - ص 152.

(2) الناسخ والمنسوخ للحاس، ج 1 - ص 163.

(3) الناسخ والمنسوخ للنحاس، ج 1 - ص 533.

(4) نواسخ القرآن، ج 1 - ص 35.

٣٤٨

وروى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطّاب أنّه قال: (أيّها النّاس، قد سنت لكم السّنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتكم على السّنّة الواضحة ليلها كنهارها إلا أن تضلّوا بالنّاس يمينا وشمالا(1) .

أقول:

عمر يتحدث عن نفسه فيدّعي أنه هو الذي سنّ السّنّن وفرض الفرائض، فماذا فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذاً؟ ثم هو يقول: ليلها كنهارها؟!

عن ابن عباس قال: دخلت على عمر بن الخطّاب حين طعن فقلت أبشر بالجنة يا أمير المؤمنين أسلمت حين كفر الناس وجاهدت مع رسول الله حين خذله الناس وقبض رسول الله وهو عنك راض ولم يختلف في خلافتك اثنان وقتلت شهيدا فقال أعد علي فأعدت عليه فقال والله الذي لا اله غيره لو أن لي ما على الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع!(2)

أقول: فأين قوله أكفيكهما يا رسول الله؟ وأين حديث البشارة بالجنّة؟ وحديث أفضل الأمّة بعد اثنين؟! لقد كان عمر بن الخطّاب أعلم بنفسه من العمريّين حين جاءت سكرة الموت بالحقّ..

وعن مكحول قال: قال عمر بن الخطّاب احضروا موتاكم وذكروهم فإنهم يرون ما لا ترون ولقنوهم شهادة أن لا إله إلا الله(3) .

وعن الأعمش عن أبي الضحى قال حدثني من سمع عمر يقول إذا رأى المغيرة بن شعبة ويحك يا مغيرة والله ما رأيتك قط إلا خشيت أن تنزل علي حجارة من السماء(4) .

نعم، كان عمر يقول هذا القول كلّما رأى المغيرة بن شعبة لأنه هو الذي درأ عنه

____________________

(1) أضواء البيان ج 5 ص 369، وموطأ مالك ج 2 ص 824 وفتح الباري ج 12 ص 143 والتمهيد لابن عبد البر ج 23 ص 92 والتمهيد لابن عبد البر ج 23 ص 92 والاستذكار ج 7 ص 487 والاعتصام ج 1 ص 77 والاعتصام ج 2 ص 155 وجامع بيان العلم وفضله ج 2 ص 187 و

(2) إثبات عذاب القبر، ج 1 ص 131.

(3) كتاب المحتضرين، ابن أبي الدنيا ج 1 ص 22.

(4) مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 201 تحت رقم 30666.

٣٤٩

الحد، وهو أعلم الناس بفسقه، فإنه هو الذي قال له (أنت رجل فاسق)(1) !

وقال المغيرة (لعمر): يا أمير المؤمنين إنك والله ما تدري ما قدر أجلك فلو حددت لناس حدّاً أو علمت لهم علما يبهتون إليه قال فاستوى عمر جالسا ثم قال: هيه! اجتمعتم فقلتم من ترون أمير المؤمنين مستخلفا؟ فقال قائل (عليا) وقال قائل (عبد الله بن عمر فإن فيه خلفا) قال فلا يأمنوا يسأل عنها رجلان من آل عمر؟ فقلت: أنا لا أعلم لك ذلك. قال: قلت فاستخلف. قال: من؟ قلت: عثمان! قال: أخشى عقده وأثرته. قال قلت: عبد الرحمن بن عوف قال مؤمن ضعيف. قال قلت: فالزبير؟ قال: ضرس. قال قلت: طلحة بن عبيد الله قال رضاؤه رضاء مؤمن وغضبه غضب كافر! أما إنّي لو ولّيتها إيّاه لجعل خاتمه في يد امرأته! قال قلت: فعليّ؟ قال: أما إنّه أحراهم إن كان أن يقيمهم على سنّة نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد كنّا نعيب عليه مزاحة كانت فيه(2) .

أقول:

عمر يعترف بأفضليّة عليّ عليه السلام على بقية السّتّة، وإن كان ذلك من تحصيل الحاصل، لكنه يزعم أنّ في عليّ عليه السلام دعابة، فهل منعت الدّعابة عليّا عليه السلام من مواجهة عمرو بن عبد ودّ؟! وهل نفع عمر بن الخطاب جدّه وعبوسه يومها؟!

وعن نافع أنّ عمر قال لرجل من ثقيف قال غير أيّوب وهو المغيرة بن شعبة قال فقال له عمر ما فعل غلامك المولد؟ قال فذلك حين دعاه عمر فسأله عنه فقال: خيرا يا أمير المؤمنين، وقد أنكحته. قال: فلعلّك تخالفه إلى امرأته إذا غاب؟! فقال: لا يا أمير المؤمنين. فقال: لو أخبرتني أنّك تفعل لجعلتك نكالا قال وبلغني أن عليا أشار إليه أن لا يعترف(3) .

____________________

(1) تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 155.

(2) مصنف عبد الرزاق، ج 5 ص 447.

(3) مصنف عبد الرزاق، ج 7 ص 217 تحت رقم 12859.

٣٥٠

أقول:

هذه القصة تحمل في طياتها ما يمكن أن يمثل منطلقا لبحث موضوعي في مسألة أبي لؤلؤة.

وعن سفيان بن عيينة حدثني الصعب بن حكيم بن شريك بن نملة عن أبيه عن جده قال ضفت عمر بن الخطابليلة فأطعمني كسورا من رأس بعير بارد وأطعمنا زيتا وقال هذا الزيت المبارك الذي قال الله عزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (1) .

وعن(2) عن عبد الكريم بن رشيد أنّ عمر بن الخطّاب قال: (يا أصحاب رسول الله، تناصحوا فإنّكم إن لا تفعلوا غلبكم عليها يعني الخلافة مثل عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان (!).

قال ابن حجر: ويقال إنّ عمر قال لأهل الشّورى لا تختلفوا فإنّكم إن اختلفتم جاءكم معاوية من الشّام وعبد الله بن أبي ربيعة من اليمن فلا يريان لكم فضلا لسابقتكم؛ وإنّ هذا الأمر لا يصلح للطّلقاء ولا لأبناء الطّلقاء فهذا يقتضي أن يكون عبد الله من مسلمة الفتح (اهـ)(3) . (من أقوال عمر).

عمر بن الخطّاب أيضا كلام في هذا المعنى رواه ابن عساكر (..) عن عثمان بن مقسم قال: قال المغيرة بن شعبة لعمر: أدلّك على القويّ الأمين؟ قال: بلى قال: عبد الله بن عمر! قال: ما أردت بقولك هذا؟ والله لأن يموت فأكفنه بيديّ أحبّ إليّ من أن أوليّه وأنا أعلم أنّ في النّاس من هو خير منه(4) .

لكن ابن حجر يقول في فتح الباري: والذي يظهر من سيرة عمر في أمرائه الذين كان يؤمرهم في البلاد انه كان لا يراعي الأفضل في الدّين فقط، بل يضمّ إليه مزيد المعرفة بالسّياسة مع اجتناب ما يخالف الشّرع منها، فلأجل هذا استخلف معاوية

____________________

(1) المعجم الكبير، ج 1 ص 74 تحت رقم 89.

(2) كتاب الفتن ص 128 تحت رقم 306.

(3) الإصابة، ابن حجر العسقلاني، ج 4 ص 79.

(4) فتح الباري - ابن حجر، ج 13 - ص 198.

٣٥١

والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص مع وجود من هو أفضل من كل منهم في أمر الدين والعلم(1) .

قلت: رووا أن من ولي من أمور المسلمين شيئا فأمّر عليهم رجلا وهو يرى أنّ فيهم من هو خير منه فقد خانهم. وعليه يكون عمر قد خان المسلمين في توليته الطّلقاء وأبناء الطّلقاء على المهاجرين والأنصار.

قالوا: وكان عمر يسمي معاوية (كسرى العرب).(2)

قال رسول الله عن معاوية صعلوك، وقال عنه عمر كسرى العرب، ولا يمكن الجمع بين القولين، والمرء حرّ في اختيار ما يبدو له أصحّ القولين.

وقد سأل عمر أبابكر: أفي كتاب الله هذا؟ وأقول: لعل عمر تشابه عليه ما في القرآن وما في التوراة، والعجيب أن أبابكر قرأ أكثر من آية. ويلاحظ وجود المغيرة دائما إلى جنب أحد الرجلين أو كليهما، وهذا معناه أن المغيرة من أساطين حزب السقيفة.

قال عمر: والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا بكسر أوله أي ما يملؤها ذهبا حتى يطلع ويسيل لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه أي الله أو عذابه وإنما قال ذلك لغلبة الخوف الذي وقع له في ذلك الوقت من خشية التقصير فيما يجب من حقوق الله أو من الفتنة بمدحهم كذا في فتح الباري وقال الطّيبيّ كأنّه رجح جانب الخوف على الرّجاء لما أشعر من فتن تقع بعده في أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجزع جزعا عليهم وترحما لهم ومن استغناء الله تعالى عن العالمين كما قال عيسى عليه السلام( إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنّهُمْ عِبَادُكَ ) (3)

____________________

(1) فتح الباري - ابن حجر، ج 13 - ص 198.

(2) الإصابة في تمييز الصحابة، ج 6 ص 153، والاستيعاب، ج 3 ص 1417 والبداية والنهاية، ج 8 ص 125 وتاريخ الإسلام، ج 4 ص 311 وسير أعلام النبلاء، ج 3 ص 134، وتاريخ الخلفاء، ج 1 ص 195 وشرح الزرقاني ج 2 ص 318 وتاريخ مدينة دمشق، ج 59 ص 114 وجص 115 والفواكه الدواني، ج 1 ص 105 ونزهة الألباب في الألقاب، ج 2 ص 122 وثمار القلوب في المضاف والمنسوب، ج 1 ص 161 وتهذيب الأسماء، ج 2 ص 407 والأمالي في لغة العرب، ج 2 ص 122.

(3) المائدة 118.

٣٥٢

وكان جانب الخوف عليه غالبا فاستمر على ذلك هضما لنفسه وانكسارا ولذلك نسب ما حصل له من الفضيلة إلى منة الله تعالى وإفضاله. وفي الاستيعاب أنّ عمر حين احتضر قال ورأسه في حجر ابنه عبد الله ظلوم لنفسي غير أني مسلم أصلي صلاتي كلها وأصوم.

أقول: تلك أقوال عمر عند الوفاة وهذه تمحّلات المتأوّلين.

وذكر تمام الخبر في الشورى وتقديمه لصهيب في الصلاة وقوله في علي عليه السلام: إن ولّوها الأجلح سلك بهم الطّريق الأجلح المستقيم يعني عليّا. وقوله في عثمان وغيره. فقال له ابن عمر: ما يمنعك أن تقدّم عليا قال: أكره أن أحملها حيا و ميتا(1) .

قلت: إذا كان فعلا يكره أن يتحمّلها حيّا وميتا فلماذا فصّلها على مزاجه وجعل عدد المرشّحين ستة لا أكثر، وأدار إدارتها كما لو كان حيّا بحيث يكون القرار النّهائي بيد عبد الرحمن بن عوف المتزوّج من أربع أمويات؟! أليس قد تحمّلها تمام التحمّل وهو مع ذلك يزعم أنّه لا يتحمّلها؛ هيهات هيهات أن تنفع المغالطات يوم تبلى السرائر. ولو كان عمر يريد للمسلمين الخير لما عدل عن اليقين إلى الظّنّ، ألم يقل أبوبكر ولّيتهم خيرهم في نفسي وقبلها عمر؟! لماذا يقبل نفس المبدأ حينما كان أول منتفع منه ويرفضه حينما يتعلّق بغيره؟ ألا يدخل بذلك في قوله تعالى( وَإِن يَكُن لَهُمُ الْحَقّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ ) .

قالوا: وكان (زياد) أحد الشهود على المغيرة بن شعبة مع أخويه أبي بكرة ونافع وشبل من معبد فلم يقطع بالشّهادة فحدّهم عمر ولم يحدّه وعزله فقال: يا أمير المؤمنين أخبر النّاس أنّك لم تعزلني لخزية. ما عزلتك لخزية ولكن كرهت أن أحمل على النّاس فضل عقلك(2) .

____________________

(1) الاستيعاب، ج 1 ص 357.

(2) أسد الغابة، ج 1 ص 389.

٣٥٣

يريد عمر بقوله هذا أن يوهم النّاس أنّ زيادا كان أعقل أهل زمانه، ولا شكّ أن زيادا كان من الدّهاة لا الأذكياء، فإن الذكاء يعبر به عن القدرات الفكرية المستعملة في الخير وما ينفع، وأما الدهاء فإنه من الشيطنة. وإنما قال عمر ذاك الكلام لزياد لأنّه كان أسرع إلى فهم عبارة عمر من السّيل إلى منتهاه، وبفضله نجا المغيرة بن شعبة في هذه الدنيا؛ وزياد هذا هو الذي شهد على أمّه بالزّنا وعلى أبيه بالدّياثة!

وقال عبد الملك بن عمير عن قبيصة بن جابر أيضا أن عمر بن الخطّاب قال له في قصّة ذكرها: (يا قبيصة، إنّي أراك شابّا فصيح اللّسان فسيح الصّدر وإنّ الرجل قد يكون فيه عشر خصال، تسع منها حسنة وواحدة سيئة فتفسد الواحدة التّسع؛ فإيّاك وعثرات اللّسان). وفي رواية (وعثرات الشباب)(1) . (من أقوال عمر).

وأخرج البخاريّ في تاريخه من طريق الزهري أنّ عمر بن الخطّاب قال: إذا وليت شيئا من أمر النّاس فلا تبال لومة لائم(2) .

قال أبو عبيدة معمر بن المثّنى: قال رجل في مجلس يونس: قال عمر بن الخطّاب ذات يوم: لئن بقيت لأمنعنّ فروج العربيّات إلاّ من الأكفاء. فقال يونس: رحم الله عمر لو أدرك تلاعب زياد وبنيه لساءه ذلك(3) .

قلت: لقد تقدم لخطبة فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو الذي كان ينحني للصنم طيلة ثلاثين سنة، وتكررت منه كبيرة الفرار من الزحف، وكان يضرب بغلظته المثل حتى قيل لا يسلم حتّى يسلم حمار الخطاب، فهل كان يرى نفسه كفؤا لفاطمة عليها السلام. ثم هو نفسه يقول: ما أبالي أي الناس نكحت وأيّهم أنكحت!

وعن عمر قال: ما بلت قائما منذ أسلمت.

أقول: والسياق يدلّ على أنّ عمر يستقبح البول قائما.

____________________

(1) تهذيب الكمال، ج 23 - ص 474.

(2) التاريخ الكبير، البخاريّ، ج 4 ص 19.

(3) مختصر تاريخ دمشق، ج 1 ص 1211.

٣٥٤

وعن أحمد بن بشير عن عوانة قال: ذكر عمر شيئا فقال المغيرة: الرأي فيه كذا وكذا. فقال: وما أنت والرأي؟! إذا جاء الرّأي غلبك عليه عمرو ومعاوية(1) .

وقال أبو سليمان في حديث عمر أن المغيرة بن شعبة ذكر له عثمان للخلافة فقال أخشى حفده وأثرته(2) .

أقول: هذا رأي عمر في عثمان ومع ذلك رشحه للخلافة.

عن سماك قال سمعت بن عباس قال دخلت على عمر حين طعن فجعلت أثني عليه فقال بأي شيء تثني علي بالإمرة أو بغيرها قال قلت بكل قال ليتني أخرج منها كفافا لا أجر ولا وزر. وعن مسعر عن سماك الحنفي قال سمعت بن عباس يقول قلت لعمر مصر الله بك الأمصار وفتح بك الفتوح وفعل بك وفعل فقال لوددت أني أنجو منه لا أجر ولا وزر. وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال لما حضرت عمر بن الخطّاب الوفاة قال بالإمارة تغبطونني فو الله لوددت أني أنجو كفافا لا علي ولا لي(3) .

وعن ابن عباس قال: أنا أول من أتى عمر بن الخطّاب حين طعن فقال احفظ مني ثلاثا فإني أخاف أن لا يدركني الناس. أما أنا فلم أقض في الكلالة قضاء ولم أستخلف على الناس خليفة، وكل مملوك لي عتيق. قال فقال له الناس: استخلف. فقال: أي ذلك ما أفعل فقد فعله من هو خير مني؛ إن أترك للناس أمرهم فقد تركه نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني أبوبكر، فقلت: أبشر بالجنة صاحبت رسول الله فو الله الذي لا إله إلا هو لو أن لي الدنيا وما فيها لافتديت به من هول ما أمامي قبل أن أعلم الخبر! وأما قولك في إمرة المؤمنين فو الله لوددت أن ذلك كفاف لا لي ولا علي وأما ما ذكرت من صحبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذاك(4) .

____________________

(1) تاريخ دمشق، ج 60 ص 49.

(2) غريب الحديث، الخطابي، ج 2 ص 111.

(3) الطبقات الكبرى، ابن سعد، ج 3 ص 351.

(4) الطبقات الكبرى، ابن سعد، ج 3 ص 353.

٣٥٥

أقول:

لو كان حديث العشرة المبشرين بالجنة صحيحا لكان عمر بكلامه هذا مكذبا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وعن أبي هلال عن ابن بريدة أن الذي قتل زيد بن الخطّاب سلمة بن صبيح أخو أبي مريم وكان خالد أوفد عشرة إلى أبي بكر فيهم أبو مريم فحسن إسلامه بعد ذلك ويقال إن عمر قال له أقتلت زيدا لا أحبك حتى تحب الأرض الدم. قال: أو يمنعني ذاك حقي عندك؟ قال لا. قال: فلا ضير إذا(1) .

قالوا: كان الترجمان يوم الهرمزان المغيرة بن شعبة إلى أن جاء المترجم وكان المغيرة يفقه شيئا من الفارسية فقال عمر للمغيرة: قل له من أي أرض أنت فقال المغيرة: أز كدام أرضي فقال: مهرجاني فقال: تكلم بحجتك قال: كلام حي أو ميت قال بل كلام حي: قال قد آمنتني قال: خدعتني إن للمخدوع في الحرب حكمه لا والله لا أؤمنك حتى تسلم فأيقن أنه القتل أو الإسلام فأسلم ففرض له على ألفين وأنزله المدينة وقال للمغيرة ما أراك بها حاذقا ما أحسنها منكم أحد إلا خبّ وما خبّ إلا دقّ، إيّاكم وإيّاها فإنّها تنقض الإعراب(2) .

وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: رأيت عمر بن الخطّاب أخذ تبنة من الأرض فقال: (ليتني كنت هذه التبنة ليتني لم أخلق ليت أمي لم تلدني ليتني لم أك شيئا ليتني كنت نسيا منسيا(3) .

عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال كان عمر بن الخطّاب يدنى ابن عباس فقال له عبد الرحمن بن عوف إن لنا أبناء مثله فقال إنه من حيث تعلم فسأل عمر ابن عباس عن هذه الآية إذا جاء نصر الله والفتح فقال أجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اعلمه إياه قال ما اعلم منها إلا ما تعلم(4) .

____________________

(1) أخبار القضاة ن ج 1 ص 271.

(2) تاريخ الطبري، ج 2 ص 502.

(3) الطبقات الكبرى، محمد بن سعد، ج 3 ص 360.

(4) صحيح البخاري، ج 4 ص 183 - 184.

٣٥٦

عن الحسن بن الخليل أن عمر بن الخطّاب قال لو يعلم أحدكم في قوله لأخيه جزاك الله خيرا لاستكثر منها(1) .

وعن عبد الرحمن الحجري المصري أن عمر بن الخطّاب كان يقول يصفي لك ود أخيك ثلاث أن تبدأه بالسلام وأن تدعوه بأحب أسمائه إليه وأن توسع له في المجلس وكفى بالمرء عيا أن يجد على الناس فيما يأتي وأن يبدوا لهم فيهم ما يخفى عليه من نفسه وأن يؤذيه في المجلس بما لا يعنيه(2) .

وعن عمر بن عبد الرحمن بن عطية أبي دلاف عن عمر بن الخطّاب أنه قال: لا تنظروا إلى صوم امرئ ولا إلى صلاته ولكن انظروا إلى من إذا حدث صدق وإذا أؤتمن أدى وإذا أشفى ورع(3) .

وعن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب قال سمعت عمر بن الخطّاب يقول النساء ثلاثة امرأة هينة لينة عفيفة مسلمة ودود ولود تعين أهلها على الدهر ولا تعين الدهر على أهلها وقل ما تجدها. والثانية امرأة عفيفة مسلمة إنما هي وعاء للولد ليس عندها غير ذلك. والثالثة غل قمل يجعلها الله في عنق من يشاء ولا ينزعها غيره. والرجال ثلاثة: رجل عفيف مسلم عاقل يأتمر في الأمور إذا أقبلت ويسهب فإذا وقعت يخرج منها برأيه. ورجل عفيف مسلم ليس له رأي فإذا وقع الأمر أتى ذا الرأي والمشورة فشاوره واستأمره ثم نزل عند أمره. ورجل جائر حائر لا يأتمر رشدا ولا يطيع مرشدا(2) .

وعن محمد بن سيرين قال: قال عمر بن الخطّاب ما بقي من أخلاق الجاهلية شيء ألا إني لست أبالي أي المسلمين نكحت وأيهم أنكحت(4) .

عن ابن عمر قال: قال عمر بن الخطّاب أو قال أبي: لقد أوتي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم زوجه ابنته فولدت

____________________

(1) الجامع في الحديث، ج 1 ص 260 تحت رقم 174.

(2) الجامع في الحديث، ج 1 ص 324 تحت رقم 222.

(3) الجامع في الحديث، ج 2 ص 623 تحت رقم 526.

(4) مصنف ابن أبي شيبة ج 3 ص 559 تحت رقم 17147.

(5) مصنف ابن أبي شيبة، ج 4 ص 26 تحت رقم 17435.

٣٥٧

له وسدّ الأبواب إلا بابه وأعطاه الحربة يوم خيبر(1) .

وعن حصين المزني قال: قال عمر بن الخطّاب إنما مثل العرب مثل جمل أنف اتبع قائده فلينظر قائده حيث يقود فأما أنا فورب الكعبة لأحملنّهم على الطريق(2) .

عمر يزكّي نفسه والقرآن الكريم يقول: ( لاَ تُزَكّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتّقَى)(3) .

عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر قال رأيت عمر بن الخطّاب أخذ تبنة من الأرض فقال ليتني هذه التبنة ليتني لم أك شيئا ليت أمي لم تلدني ليتني كنت نسيا منسيا(4) .

رأي عمر في علي عليه السلام

قال عمر بن الخطاب بعد أن عين أصحاب الشورى: إن ولّوها الأجلح سلك بهم الطّريق الأجلح المستقيم يعني عليّا. وقوله في عثمان وغيره. فقال له ابن عمر: ما يمنعك أن تقدّم عليا قال: أكره أن أحملها حيا وميتا(5) .

وعن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن القارئ عن أبيه أن عمر بن الخطّاب ورجلا من الأنصار كانا جالسين فجاء عبد الرحمن بن عبد القارئ فجلس إليهما فقال عمر: إنّا لا نحب أن يجالسنا من يرفع حديثنا! فقال له عبد الرحمن: لست أجالس أولئك يا أمير المؤمنين. فقال عمر: بلى، فجالس هؤلاء وهؤلاء ولا ترفع حديثنا. ثم قال عمر للأنصاري: من ترى النّاس يقولون يكون الخليفة بعدي؟ قال فعدّد رجالا من المهاجرين ولم يسمّ عليا! فقال عمر: فما لهم من أبي الحسن، فو الله إنّه لأحراهم إن كان عليهم أن يقيهم على طريقة من الحق(6) ..

____________________

(1) مصنف ابن أبي شيبة، ج 6 ص 369 تحت رقم 32099.

(2) مصنف ابن أبي شيبة، ج 6 ص 410 تحت رقم 32473.

(3) النجم: 32.

(4) مصنف ابن أبي شيبة، ج 7 ص 98 تحت رقم 34480.

(5) الاستيعاب، ج 1 ص 357.

(6) مصنف عبد الرزاق، ج 5 ص 446 تحت رقم 8761.

٣٥٨

وعن البراء بن عازب وزيد بن أرقم أنّ رسول الله لمّا نزل بغدير خمّ أخذ بيد عليّ فقال ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا بلى قال ألستم تعلمون أني أولى بكلّ مؤمن من نفسه قالوا بلى قال اللهمّ من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه فلقيه عمر بعد ذلك فقالك له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة(1) . رواه أحمد.

قالوا: قال عمر بن الخطّاب (ردوا الجهالات إلى السنة)(2) .

وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال عمر أقرؤنا أبيّ وأقضانا علي وإنا لندع من قول أبي.. (أقول هذا القول من عمر وإن كان فيه اعتراف بأعلمية علي عليه السلام فإنه يوهم أن أبيا أقرأ من علي عليه السلام، والحال أن أبيّا فاته كثير من القرآن المكي وأسباب نزوله. وكيف يكون علي عليه السلام أقضاهم إذا لم يكن أعلمهم بالنّاسخ والمنسوخ والمطلق والمقيّد والعامّ والخاصّ؟!).

قال عمر: (حصير في البيت خير من امرأة لا تلد)(3) .

(أقول: ولم يستثن عمر ابنته حفصة بنت عمر ولا ابنة حليفه عائشة بنت أبي بكر) ولا ندري ما كان ردّ كل واحدة منهما عندما سمعتا هذا عن عمر.

حدثنا علي بن محمد وأبو بكر بن أبي شيبة قالا ثنا وكيع ثنا سفيان ثنا عمرو بن مرة

____________________

(1) مصنف ابن أبي شيبة ج 6 ص 372 وذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ج 1 ص 67 وكنز العمال ج 13 ص 58 ومشكاة المصابيح ج 3 ص 1723 ومرقاة المفاتيح ج 11 ص 258 وقول عمر لعلي مذكور في تحفة الأحوذي ج 10 ص 148 وتحفة الأحوذي ج 10 ص 148 وتاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 238 وتاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 238 وسير أعلام النبلاء ج 19 ص 328 والنهاية في غريب الأثر ج 5 ص 227 والنهاية في غريب الأثر ج 5 ص 227.

(2) أضواء البيان، ج 1 ص 172 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج 1 ص 318 وتفسير القرطبي ج 3 ص 195 وسنن البيهقي الكبرى ج 7 ص 442 وسنن سعيد بن منصور 1) ج 1 ص 355 والسنن الصغرى للبيهقي نسخة الأعظمي) ج 6 ص 477 والتمهيد لابن عبد البر ج 9 ص 91 والكافي في فقه ابن حنبل ج 3 ص 318 والكافي في فقه ابن حنبل ج 4 ص 451 والمغني ج 8 ص 102 وكتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج 31 ص 39 ومنار السبيل ج 2 ص 253 وشرح الزركشي ج 3 ص 373 والمهذب ج 2 ص 151.

والمبسوط للسرخسي ج 16 ص 84 والاستذكار ج 5 ص 476 وذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ج 1 ص 81 وجامع بيان العلم وفضله ج 2 ص 187.

(3) سنن النسائي الكبرى ج 6 ص 289 تحت رقم 10995.

٣٥٩

عن مرة بن شراحيل قال: قال عمر بن الخطّاب ثلاث لأن يكون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينهن أحب إلي من الدنيا وما فيها الكلالة والربا والخلافة(1) .

(وهذا القول ينطبق على ابن تيمية تمام الانطباق).

أقول: فمن الذي منعه أن يسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وعن إبراهيم بن ميسرة قال قال لي طاوس لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور(2) .

وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال عمر لا تكرهوا فتياتكم على الرجل الدّميم فإنهن يحببن من ذلك ما تحبون(4) .

(للتذكير فإنّ عمر كان آدم أحول أعسر أروح.).

حدثنا أبوبكر قال حدثنا وكيع عن مطيع بن عبد الله قال سمعت الشعبي يحدث عن بن عمر قال: قال عمر لعن اله فلانا فإنه أول من أذن في بيع الخمر فإن التجارة لا تصلح فيما لا يحل أكله وشربه(3) .

أقول من هو فلان؟! ولماذا لم يصرّحوا باسمه؟!).

وعن إسماعيل عن قيس قال: قال عمر لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام(2) .

عن أبي عثمان قال: قال عمر إن في المعاريض ما يكف أو يعف الرجل عن الكذب(3) .

(أقوال نسبت إلى عمر).

____________________

(1) سنن ابن ماجه ج 2 ص 911 تحت رقم 2727.

(2) مصنف ابن أبي شيبة ج 3 ص 453 تحت رقم 15910.

(2) مصنف ابن أبي شيبة ج 3 ص 550 تحت رقم 17054.

(2)مصنف ابن أبي شيبة ج 4 ص 196 تحت رقم 19262.

(3) مصنف ابن أبي شيبة، ج 4 ص 412 تحت رقم 21620.

(2) مصنف ابن أبي شيبة ج 5 ص 216 تحت رقم 25376.

(3) مصنف ابن أبي شيبة ج 5 ص 282 تحت رقم 26095.

(4) مصنف ابن أبي شيبة ج 5 ص 299 تحت رقم 26280.

٣٦٠