الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب0%

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب مؤلف:
الناشر: انتشارات دارالتفسير
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 564

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: عبدالباقي قرنة الجزائري
الناشر: انتشارات دارالتفسير
تصنيف: الصفحات: 564
المشاهدات: 83430
تحميل: 6165

توضيحات:

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 564 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 83430 / تحميل: 6165
الحجم الحجم الحجم
الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب

مؤلف:
الناشر: انتشارات دارالتفسير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

حاول أن يجرّ إليها سيّد شباب أهل الجنّة عليه السلام. فلا معنى لمزاحمته قريشا على الدّنيا.

وعن عبيد الله بن عمرو عن نافع قال: قال ابن عمر يا ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر يملؤها عدلا كما ملئت ظلما وجورا(1) .

أقول: لم يقنع ابن عمر أن يكون أحد أولاد عمر خليفة، بل هو يرى أن من ولد عمر من يملأ الأرض عدلا. ومعلوم أن هذا منكلام ابن عمر إن صحّ وليس من كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . والحديث الصحيح المتفق عليه عند الطائفتين هو حديث المهدي عليه السلام وهو من ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأتى رجلان في فتنة ابن الزّبير إلى ابن عمر فقالا: إنّ النّاس قد صنعوا ما ترى وأنت ابن عمر بن الخطّاب، وأنت صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما يمنعك أن تخرج؟ قال: يمنعني الله أن حرّم عليّ دم المسلم قالوا: أو لم يقل الله:( وَقَاتِلُوهُمْ حَتّى‏ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدّينُ للّهِ ) قال: قد قاتلنا حتّى لم تكن فتنة وكان الدّين كله لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدّين لغير الله(2) .

أقول:

لم يقل عبد الله بن عمر هذا الكلام حين خرج يخذّل عن عليّ عليه السلام، ورفض أن يبايع يد علي عليه السلام وبايع رجل الحجّاج بن يوسف الثّقفيّ، أحد أركان الظّلم في دولة بني أميّة!

ولعليّ بن أبي طالب عليه السلام كلمة في عبد الله بن عمر قالها له أمام النّاس يوم تخلف عن بيعته؛ فقد جاؤوا به فقالوا: بايع. قال: لا حتّى يبايع النّاس. قال ائتني بكفيل. قال: لا أرى كفيلا. قال الأشتر: دعني أضرب عنقه. قال عليّ عليه السلام: دعوه أنا كفيله! إنّك ما علمت لسيّء الخلق صغيرا وكبيرا(3) .

____________________

(1) سير أعلام النبلاء، ج 5 ص 116.

(2) مختصر ابن كثير، ج 2 ص 126.

(3) الكامل في التاريخ ابن الأثير ج 3 ص 82.

٤١

هذه إذا شهادة علي بن أبي طالب عليه السلام المطهّر بنصّ القرءان الكريم، يشهد فيها على عبد الله بن عمر أنّه (سيء الخلق صغيرا وكبيرا)، وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على خلق عظيم؛ فلا أدري بأيّ وجه يقال عن ابن عمر متمسّك بالسنّة بينما سيرته وسيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطّان متوزيان لا يلتقيان!

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: قال ابن عمررضي‌الله‌عنه : سافرت مع سعد فبال وتوضّأ ومسح على خفيه، ثمّ أمّ النّاس، فعبت ذلك عليه فقال: أترضى بأبيك؟ قلت: نعم. فاجتمعنا عند أمير المؤمنين فقال له سعد: إنّي بلت ثمّ توضّأت فمسحت على خفّي، ثمّ صلّيت. فقال: أحسنت وأصبت السنّة. قال: إنّ ابنك عبد الله عاب ذلك عليّ! فقال: يا سعد، أنت كنت أكبر منه وأعلم(1) .

وروى مسلم أنّ ابن عمر لقيه رجل بطريق مكّة فسلّم عليه ابن عمر، وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه. قال ابن دينار فقلت له: أصلحك الله تعالى إنّهم الأعراب، وهم يرضون باليسير فقال: إنّ أبا هذا كان ودّا لعمر بن الخطّاب، وإنّي سمعت رسول الله يقول: إنّ أبرّ البرّ صلة الولد أهل ودّ أبيه(2) .

أقول:

لم يلتزم ابن عمر بهذا مع عليّ بن أبي طالب ودّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والتزم به مع بعض الأعراب.

وعن ربيع بن عبد الله أنّه سمع رجلا سأل ابن عمر: إنّ لي جارا يأكل الرّبا أو قال خبيث الكسب وربّما دعاني لطعامه، أفأجيبه؟ قال: نعم(3) !

وفي حديث ابن عمر: أنّه اكتوى من اللّقوة(4) . واللّقوة مرض يعرض للوجه فيميله

____________________

(1) المعجم الكبير، الطبري، ج 1 ص 73 (رقم 86).

(2) روح المعاني، الآلوسي، ج 15 ص 58.

(3) السنن الكبرى، البيهقي، ج 5 ص 335.

(4) موطأ مالك ج 2 ص 944 ج 10 ص 139 وسنن البيهقي الكبرى ج 9 ص 343 ومصنف ابن أبي شيبة ج 5 ص 52 ومصنف عبد الرزاق ج 10 ص 407 والجامع في الحديث ج 2 ص 782 والجامع، ج 10 ص 407

٤٢

إلى أحد جانبيه.

أقول: عاقبة عبد الله بن عمر وعاقبة معاوية واحدة، كلاهما ابتلي باللّقوة.

عن معاوية بن قرة بواسط عن أشياخ الحي قال: صلّى عثمان الظّهر بمنى أربعا فبلغ ذلك عبد الله فعاب عليه ثمّ صلّى بأصحابه العصر في رحله أربعا فقلت (وقال ابن خليد فقيل له): عبت على عثمان وصلّيت أربعا. قال: إنّي أكره الخلاف(1) .

أقول:

إذا كان صادقا في قوله (أكره الخلاف) فلماذا خالف عليّ بن أبي طالب عليه السلام وخرج يخذّل عنه؟! لأنّ الإنسان إمّا أن يكره الخلاف على الجميع وإمّا ألاّ يكرهه ح أمّا إن كان يكرهه مع عمرو ويشجّع عليه مع زيد فإنّ هذا يسمّى ازدواجيّة، وهي ممقوتة شرعا وعقلا وعرفا، وذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها.

قال القرطبيّ: (وقد روى عن الحجّاج أنّه دفع أسيرا إلى عبد الله بن عمر ليقتله فأبى وقال: ليس بهذا أمرنا الله، وقرأ( حَتّى‏ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدّوا الْوَثَاقَ ) . قلنا: قد قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفعله، وليس في تفسير الله للمنّ والفداء منع من غيره، فقد بيّن الله في الزّنا حكم الجلد، وبيّن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكم الرّجم. ولعلّ ابن عمر كره ذلك من يد الحجّاج فاعتذر بما قال، وربّك أعلم)(2) .

وعن حمزة بن عبدالله بن عمر عن ابن عمر قال: (كان عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه يقول وهو في المسجد بأعلى صوته: اجتنبوا اللّغو في المسجد. قال ابن عمر وكنت أبيت في المسجد في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكنت فتى شابّا عزبا، وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشّون من ذلك شيئاً * رواه

____________________

والتمهيد لابن عبد البر ج 5 ص 277 وشرح الزرقاني ج 4 ص 419 وأطراف الغرائب والأفراد ج 3 ص 456 والاستذكار ج 8 ص 415 وشرح معاني الآثار ج 4 ص 323 والآداب الشرعية ج 2 ص 336 والنهاية في غريب الأثر ج 4 ص 268 ولسان العرب ج 15 ص 253.

(1) تاريخ دمشق، ابن عساكر، ج 39 ص 255.

(2) تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)، ج 15 ص 229.

٤٣

البخاريّ في الصحيح. وقال أحمد بن شبيب حدثني أبي فذكر الحديث المسند مختصرا وقال في لفظ الحديث فلم يكونوا يرشّون شيئاً من ذلك، وليس في بعض النّسخ عن أبي عبد الله البخاريّ كلمة البول(1) .

أقول:

هذه روايات ابن عمر، وطالما خطّأته عائشة زوج النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالت بوضوح: (غلط ابن عمر) أو (يرحم الله أبا عبد الرحمن..). ثمّ انظر إلى عمر بن الخطّاب يرفع صوته عاليا في المسجد وينهى الآخرين عن ذلك.

وعن ابن شهاب قال: أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه أنّه طلّق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتغيّظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قال: مره فليراجعها ثمّ ليمسكها حتى تطهر ثمّ تحيض ثمّ تطهر ثمذ تطهر ثمّ إن شاء طلّها طاهرا قبل أن يمسّ، فذلك الطّلاق للعدّة كما أمر الله. فذكر سالم في رواية الزّهري عنه ونافع عن ابن عمر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمره أن يراجعها ثمّ يدعها حتى تطهر ثمّ تحيض ثمّ تطهر ثمّ إن شاء طلّق أو أمسك(2) .

أقول:

تغيّظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من فعل عبد الله بن عمر، وليس من شأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يتغيّظ من أمر بسيط. وقد كان أولى بعبد الله بن عمر أن يستشير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن يقدم على ذلك الطّلاق بتلك الطريقة ويسجّل في سيرته ما بقي يتداوله الفقهاء والمحدّثون.

وعن زيد بن أسلم عن أبيه أنّه قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطّاب في جيش إلى العراق، فلمّا قفلا مرّا على أبي موسى الأشعريّ فرحبّ بهما وسهّل وهو أمير البصرة، فقال: لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت. ثمّ قال: بلى ن ههنا مال من مال لله عزّ وجلّ أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه فتبتاعان به متاعا من متاع

____________________

(1) السنن الكبرى، البيهقي، ج 2 ص 429.

(2) أحكام القرآن للجصاص ج 2، ص 76.

٤٤

العراق فتبيعانه بالمدينة فتؤدّيان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون لكما الرّبح. فقالا: وددنا ذلك، ففعل فكتب إلى عمر أن خذ منهما المال. فلمّا قدما المدينة باعا وربحا، فلمّا رفعا ذلك إلى عمر قال: أكلّ الجيش أسلفه كما أسلفكما؟ فقالا: لا، فقال عمر: أبنا أمير المؤمنين فأسلفكما! أدّيا المال وربحه. فأمّا عبد الله فسكت وأمّا عبيد الله فقال: لا ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا، لو هلك المال أو نقص لضمنّاه. قال: أدّياه؛ فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله فقال رجل من جلساء عمر بن الخطّاب: يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا، قال: قد جعلته قراضا! فأخذ عمر المال ونصف ربحه، وأخذ عبد الله وعبيد الله نصف ربح المال(1) .

أقول: لكن عمر لا يرى بأسا بعمل مشابه لما قام به ولداه. ففي مصنف ابن أبي شيبة عن داود عن الشّعبيّ أنّ عمر بن الخطّاب كان عنده مال يتيم فأعطاه مضاربة في البحر(2) . هذا إضافة إلى أنّ المضاربة في البحر أشبه بالمغامرة لاحتمال الغرق.

وعن ابن شهاب قال: حدّثني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمررضي‌الله‌عنه قال: كان عمررضي‌الله‌عنه إذا نهى النّاس عن أمر دعا أهله فقال: لهم قد نهيت النّاس عن كذا وكذا، وإنّما ينظر النّاس إليكم نظر الطّير إلى اللحم، فإن هبتم هاب النّاس، وإن وقعتم وقع النّاس، وإنّه والله لا يقع أحد منكم في أمر قد نهيت النّاس عنه إلا ضاعفت له العذاب لمكانكم منّي(3) .

أقول:

ليس من حقّ عمر ولا غيره أن يضاعف أيّ شيء، وإنّما ىل عمر من المسلمين، لهم ما لهم، وعليهم ما عليهم، ولا تزر وازرة وزر أخرى، وليس هناك شريعة خاصّة بآل الخطاب. وينبغي على المحقّقين أن ينكبوا على قضيّة إعادة إقامة الحدّ على ابنه عبد الرحمن أبي شحمة الذي مات بعد ذلك. فليس في الإسلام إقامة حدّين على

____________________

(1) السنن الصغرى، البيهقي (نسخة الأعظمى)، ج 5 ص 397.

(2) مصنف ابن أبي شيبة، ج 4 ص 390 تحت رقم 21369.

(3) أخبار المدينة، ابن شبة النميري، ج 1 ص 399.

٤٥

جريمة واحدة. وأمّا ما ذكره بعضهم من أدب الوالد فإنّما يصلح في حقّ من هو دون سنّ التكليف.

اغتيال عبد الله ابن عمر:

عن إسحاق بن سعيد بن عمرو الأموي عن أبيه عن ابن عمر أنه قام إلى الحجاج وهو يخطب فقال يا عدو الله استحلّ حرم الله وخرّب بيت الله؛ فقال: يا شيخا قد خرف! فلمّا صدر النّاس أمر الحجّاج بعض مسوّدته فأخذ حربة مسمومة وضرب بها رجل ابن عمر فمرض ومات منها؛ ودخل عليه الحجّاج عائدا، فسلّم فلم يردّ عليه، وكلّمه فلم يجبه(1) .

وعن عطيّة قال: ثمّ قلت لمولى لابن عمر كيف كان موت ابن عمر؟ قال: إنّه أنكر على الحجّاج أفاعيله في قتل ابن الزّبير وقام إليه فأسمعه، فقال الحجّاج: اسكت يا شيخ قد خرفت؛ فلما تفرّقوا أمر الحجّاج رجلاً من أهل الشّام فضربه بحربته في رجله ثمّ دخل عليه الحجّاج يعوده فقال: لو أعلم الذي أصابك لضربت عنقه! فقال: أنت الذي أصبتني. قال: كيف؟ قال: يوم أدخلت حرم الله السّلاح. وعن عمارة بن زاذان عن مكحول [..] فأنكر عبد الله بن عمر ذلك وتكلّم بما ساء سماعه، فأمر الحجّاج بقتله فضربه رجل من أهل الشّام في قدمه ضربة، فلما بلغ الحجّاج قصده عائدا فقال له ابن عمر: أنت قتلتني والآن تجيئني عائدا! كف بالله حكما بيني وبينك(2) .

وفي رواية قال له: حملت السلاح في حرم الله فأصابني بعض أصحابك. فلمّا حضرت ابن عمر الوفاة أوصى أن لا يدفن في الحرم وأن يدفن خارجا من الحرم، فغلب، فدفن في الحرم وصلّى عليه الحجّاج(3) .

وعن نافع قال: كان زجّ رمح رجل من أصحاب الحجّاج قد اصاب رجل ابن عمر

____________________

(1) سير أعلام النبلاء، الذهبي ن ج 3 ص 230.

(2) المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري، ج 3 ص 642.

(3) الطبقات الكبرى، محمد بن سعد، ج 4 ص 187.

٤٦

فاندمل الجرح، فلمّا صدر انتقض عليه، فدخل الحجّاج يعوده فقال: من أصابك؟ قال: أنت قتلتني! قال: وفيم؟ قال: حملت السّلاح في حرم الله فأصابني بعض أصحابك(1) .

وقد أثر عن ابن عمر أنّه قوله حين احتضر (ما آسي على شيء إلاّ أنّي لم أقاتل مع عليّرضي‌الله‌عنه الفئة الباغية)(2) .

أقول:

مثل هذا الكلام جوابه في الآية 91 من سورة يونس عليه السلام. وقد كان في وسع عبد الله بن عمر أن يتدارك ذلك ويخرج مع الحسين عليه السلام إلى كربلاء، فإنّه لم يكن أكبر سنّا من حبيب بن مظاهر، ويكفيه أن يختم حياته بالشّهادة التي لا شك فيها ولا تردّد، لكنّه بدل ذلك بايع بن معاوية وهو بحاله عالم، وزعم أنّ الوفاء ببيعة يزيد أمر لازم، فسفّه بذلك سيرة سيد شباب أهل الجنّة وصوّب فعل ابن آكلة الأكباد؛ وختم حياته في غاية الذلّ بعد أن أهانه الحجاج بن يوسف في قصّة بيعته المشهورة.

وعن أبي إسحاق قال سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: كان ابن عمر في زمانه أفضل من عمر في زمانه(3) .

وعن مجاهد قال: ما رأيت ابن عمر يتوضأ من طعام قطّ ن وكان يلعق أصابعه الثّلاث ثمّ يمسح يده بالتّراب(4) .

أقول: هذا شيء لم يفعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنّما كان يفعله عمر بن الخطّاب، وقد أشاعوا عن عبدالله بن عمر أنّه كان دقيقا في التّشبّه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أفعاله، فهل كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلعق أصابعه الثّلاث ثمّ يمسح يده بالتراب؟! وأنت ترى أنّه ترك فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفعل أبيه. وماذا لو تخيّلنا سفير دولة من الدول يحضر مأدبة غداء مع كثير من الوزراء والسفراء والدبلوماسيين، ثمّ يقوم بما قام به عمر وعبدالله بن عمر،

____________________

(1) صفة الصفوة، ج 1 ص 581.

(2) سير أعلام النبلاء، ج 3 ص 232، والمستدرك على الصحيحين، الحاكم، ج 3 ص 643.

(3) المستدرك على الصحيحين، ج 3 ص 644.

(4) مصنف ابن أبي شيبة، ج 5 ص 133 تحت رقم 24452.

٤٧

ما هو موقف دولته الرسميّ منه؟

وفي مستدرك الحاكم عن قتادة عن سعيد بن المسيّب قال: لو شهدت على أحد أنّه من أهل الجنة لشهدت على ابن عمر(1) .

أقول: لكن الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة بشهادة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومع ذلك لا يشهد لهما اب المسيّب بذلك، فإنّه يقول (لو شهدت على أحد) ولا يستثني أحدا!

حفصة بنت عمر:

عن محمد بن عمر أن أسامة بن زيد بن أسلم حدّثه عن أبيه عن جده عن عمررضي‌الله‌عنه قال: ولدت حفصة وقريش تبني البيت قبل مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمس سنين قال ابن عمر وحدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن حسن بن أبي حسن قال: تزوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حفصة في شعبان على رأس ثلاثين شهرا قبل أحد. قال ابن عمر حدّثنا معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: توفيت حفصة في شعبان سنة خمس وأربعين فصلى عليها مروان بن الحكم وهو يومئذ عامل بالمدينة. قال ابن عمر: فحدّثني عليّ بن مسلم المقبري عن أبيه قال: رأيت مروان حمل بين عمودي سرير حفصة من عند دار آل حزم إلى دار المغيرة بن شعبة، وحملها أبو هريرة من دار المغيرة إلى قبرها. قال ابن عمر: وحدثني عبد الله بن نافع قال: نزل في قبر حفصة عبد الله وعاصم ابنا عمر وسالم وعبد الله وحمزة بنو عبد الله بن عمر(2) .

أقول:

مروان بن الحكم جرى لعنه على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (3) ، وكان يسمّى خيط باطل،

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين، ج 3 ص 644.

(2) المستدرك على الصحيحين، ج 4 ص 16 تحت رقم 6752.

(3) المستدرك على الصحيحين، ج 4 ص 526، وتاريخ مدينة دمشق، ج 27 ص 430، والطبقات الكبرى ج 5 ص 67، والسّيرة الحلبيّة، ج 1 ص 509، وخزانة الأدب ج 4 ص 62.

٤٨

وكانت أعماله من أهمّ العوامل في اشتعال الفتنة التي انتهت بقتل عثمان، وكان يلعن علي بن أبي طالب عليه السلام بعد أن علم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقّه (يحبّ الله ورسوله ويحبه الله ورسوله)؛ فمن المؤسف حقّا أن يكون مروان هذا هو الذي يصلّي على إحدى أزواج النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّ حفصة زينب بنت مطعون. قال ابن شبّة في أخبار المدينة: خاصم [أبو هريرة] قدامة في بيت عمر، وعند عمررضي‌الله‌عنه زينب بنت مطعون وهي أمّ حفصة وعبد الله ابني عمر، فتراجعا، فكان أبو هريرةرضي‌الله‌عنه أطولهما لسانا، ففزعت بنت مطعون فقالت: لعنك الله من شيخ طويل اللّسان ظالم؛ فقال أبو هريرة: بل لعنك الله من عجوز حمراء رمضاء بذيء لسانها فاحشة في بيتها(1) .

وعن معمر عن الزهري أن حفصة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاءت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكتاب من قصص يوسف في كتف، فجعلت تقرأ عليه والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتلوّن وجهه! فقال: والذي نفسي بيده لو أتاكم يوسف وأنا فيكم فاتّبعتموه وتركتموني لضللتم(2) .

أقول: ما الذي كانت تقصده حفصة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي تقرأ من التّوراة على من أنزل عليه كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟

إن كان فعلها هذا قبل فعل أبيها، فقد أساء عمر الأدب مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قرأ عليه من التّوراة! وإن كان بعده فقد أساءت هي الأدب مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستخفّت بحرمته، باعتبار أنّ نهيه لعمر كان على مرأى ومسمع من الناس وشاع أمره في المدينة. وإن كان في فعلهما في زمن متقارب فهو يدعو إلى العجب!

قال الزهري وأخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر قال: يرحم الله حفصة، إن كانت لممّن شجع عبيد الله عل قتل الهرمان وجفينة(3) . والرواية في المحلى وتاريخ الإسلام

____________________

(1) أخبار المدينة، ابن شبة النميري، ج 2 ص 38.

(2) مصنف عبد الرزاق، ج 6 ص 113 تحت رقم 10165.

(3) مصنف عبد الرزاق، ج 5 ص 480.

٤٩

كالتالي: قال الزهري وأخبرني حمزة بن عبد الله بن عمرو بن الخطاب أن أباه قال: يرحم الله حفصة، إن كانت لمن شيع عبيد الله على قتل الهرمزان وجفينة(1) .

أقول:

نعم، يرحم الله المشجّعين على قتل الأبرياء!

وعن ابن عباس قال: لم أزل حريصا أن أسأل عمر بن الخطّاب عن المرأتين من أزواج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللتين قال الله لهما إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما، وساق الحديث وقال فيه: فاعتزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نساءه من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة تسعا وعشرين ليلة. قالت عائشة وكان قال: ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدّة موجدته عليهنّ حين حدّثه الله عزّ وجلّ حديثهنّ، فلما مضت تسع وعشرون ليلة دخل على عائشة فبدأ بها فقالت له عائشة: إنّك قد كنت آليت يا رسول الله أن لا تدخل علينا شهرا، وإنّا أصبحنا من تسع وعشرين ليلة نعدّها عددا. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الشّهر تسع و عشرون ليلة(2) .

أقول:

هذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صاحب الخلق العظيم والصّبر الجميل، ضاق ببعض نسائه ذرعا، ومنهنّ حفصة بنت عمر، وهي تعلم أنّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم , وأنّ من آذاه فقد آذى الله تعالى.

عن عمر بن رافع مولى عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه قال: كنت أكتب المصاحف في زمان أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاستكتبتني حفصة بنت عمر مصحفا لها فقالت لي: أي بني، إذا انتهيت إلى هذه الآية( حافِظُوا عَلَى الصّلَوَاتِ وَالصّلاَةِ الْوُسْطَى ) فلا تكتبها حتى تأتيني فأمليها عليك كما حفظتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلما انتهيت إليها حملت الورقة والدّواة حتى جئتها فقالت: اكتب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى هي صلاة

____________________

(1) المحلى، ابن حزم، ج 11 ص 115 وتاريخ الإسلام، الذهبي، ج 3 ص 297.

(2) سنن النسائي، ج 4 ص 137 - 138.

٥٠

العصر(1) .

وفي السنن الصغرى للبيهقي: روينا عن عمر بن الخطّاب أنه كتب أن أقتلوا كل ساحر وساحرة. وعن حفصة أنّها سحرتها جارية لها فقتلتها(2) .

أقول: غن كان قتلها من باب إقامة الحدّ فهو من حقّ الإمام (الحاكم) ولا يحقّ لأحد أن يلي إقامة الحدّ بنفسه دون إذن من الإمام.

عن معمر عن الزّهري أنّ حفصة زوج النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاءت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكتاب من قصص يوسف في كتف، فجعلت تقرأ عليه والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتلوّن وجهه فقال: والذي نفسي بيده لو أتاكم يوسف وأنا فيكم فاتبعتموه وتركتموني لضللتم(3) .

أقول:

يبدو أن لآل الخطّاب شغفا بالتّوراة، فهذه حفصة تقوم بنفس ما قام به أبوها عمر بن الخطّاب! إن تكن قد فعلت ذلك قبل أبيها فقد كان في تصرّف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معها رادع، ومع ذلك لم يتّعظ عمر! وإن تكن قد فعلت بعد أبيها فالأمر أصعب. ثمّ هل كان فعلها عن تنسيق من أبيها أم مبادرة منها؟ الله أعلم.

وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طلّق حفصة ثمّ راجعها(4) . وروى قتادة عن أنس قال: طلّق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حفصة فأتت أهلها فأنزل الله تعالى عليه( يَا أَيّهَا النّبِيّ إِذَا طَلّقْتُمُ النّسَاءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ ) وقيل له: راجعها فإنّها قوّامة صوّامة، وهي من أزواجك في الجنّة. ذكره الماوردي والقشيريّ والثعلبي، زاد القشيري: ونزل في خروجها إلى أهلها قوله تعالى( لاَ تُخْرِجُوهُنّ مِن

____________________

(1) السنن الكبرى، البيهقي، ج 1 ص 462 - 463.

(2) سنن البيهقي الصغرى نسخة الأعظمي ج 7 ص 164 تحت رقم 3195.

(3) مصنف عبد الرزاق، ج 6 ص 113 تحت رقم 10165.

(4) صحيح ابن حبان، ج 10 ص 100 وموارد الظمآن ج 1 ص 321 وسنن النسائي الكبرى ج 3 ص 403 وسنن أبي داود ج 2 ص 285 وسنن ابن ماجه ج 1 ص 650 وسنن البيهقي الكبرى ج 7 ص 32 وسنن الدارمي ج 2 ص 214 وسنن النسائي (المجتبى) ج 6 ص 213 والسنن الصغرى للبيهقي (نسخة الأعظمي) ج 6 ص 314 والآحاد والمثاني ج 5 ص 408 والمعجم الكبير ج 23 ص 187 ومسند أبي يعلى ج 1 ص 160 ومسند البزار ج 1 ص 294 ومسند عبد بن حميد ج 1 ص 45.

٥١

بُيُوتِهِنّ ) . وقال الكلبيّ: سبب نزول هذه الآية غضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حفصة لما أسرّ إليها حديثا فأظهرته لعائشة فطلّقها تطليقة فنزلت الآية(1) .

وعن أبي عمران الجوني عن قيس بن زيد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طلّق حفصة فجاء خالاها قدامة وعثمان ابنا مظعون فبكت وقالت: أما والله ما طلّقني عن شبع، فجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتجلببت فقال: إنّ جبريل قال لي راجع حفصة فإنّها صوّامة قوّامة وإنّها زوجتك في الجنّة(2) .

أقول: طلّقها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو صاحب الخلق العظيم، والطّلاق أبغض الحلال إلى الله تعالى. وانظر إلى قولهم صوّامة، وهي التي جمعت الجواري في بيت من بيوت رسول الله يضر بن الدفّ ويغنّين بخصوص واقعة الجمل، ظنّا منها أنّ الغلبة تكو لحليفتها! نقل ابن أبي الحديد عن أبي مخنف قصّة تشمئزّ لها نفس كلّ مسلم غيور على حرمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحرمة بيوته أن تكون فيها مجالس غناء لبنات الطّلقاء، تحت إشراف حفصة بنت عمر إحدى أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: لمّا نزل عليّ عليه السلام ذا قار، كتبت عائشة إلى حفصة بنت عمر، أمّا بعد فإنّي أخبرك أنّ عليّا قد نزل ذا قار، وأقام بها مرعوبا خائفا لما بلغه من عدّتنا وجماعتنا [!] فهو بمنزلة الأشقر، إن تقدّم عقر، وإن تأخّر نحر؛ فدعت حفصة جواري لها يتغنّين ويضر بن بالدّفوف، فأمرتهنّ أن يقلن في غنائهنّ: ما الخبر، ما الخبر، على في السّفر كالفرس الأشقر، إن تقدّم عقر، وإن تأخّر نحر. وجعلت بنات الطّلقاء يدخلن على حفصة ويجتمعن لسماع ذلك الغناء. فبلغ أمّ كلثوم بنت عليّ عليه السلام، فلبست جلابيبها، ودخلت عليهنّ في نسوة متنكّرات، ثمّ أسفرت عن وجهها، فلما عرفتها حفصة خجلت واسترجعت(3) ، فقالت أمّ كلثوم: لئن تظاهرتما عليه منذ اليوم، لقد تظاهرتما على أخيه من قبل، فأنزل الله فيكما ما أنزل. فقالت حفصة:

____________________

(1) تفسير القرطبي، ج 18 ص 132.

(2) بغية الباحث، الحارث بن أبي أسامة ص 299 تحت رقم 1004.

(3) الصّوّامة القوّامة تخجل لرؤية امرأة مسلمة، أمّا رؤية الله تعالى إيّاها فليست بذلك القدر من الأهمية!

٥٢

كفى رحمك الله! وأمرت بالكتاب فمزّق، واستغفرت الله. قال أبو مخنف: روى هذا جرير بن يزيد عن الحكم، ورواه الحسن بن دينار عن الحسن البصري. وذكر الواقدي مثل ذلك وذكر المدائني أيضاً مثله(1) .

أقول:

أليس قبيحا أن يقولوا بعد هذا: (إنّ آية التّطهير نزلت في نساء النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيا له من تطهير!

قال الفاضل ابن عاشور: الحديث هو ما حصل من اختلاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بجاريته مارية، وما دار بينه وبين حفصة، وقوله لحفصة (هي عليّ حرام ولا تخبري عائشة)، وكانتا متصافيتين(2) ؛ وأطلع الله نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أنّ حفصة أخبرت عائشة بما أسرّ إليها(3) .

قال ابن عاشور: وقال: (بعض أزواجه) هي حفصة بنت عمر بن الخطّاب. وعدل عن ذكر اسمها ترفّها عن أن يكون القصد معرفة الأعيان، وإنّما المراد العلم بمغزى القصّة وما فيها مما يجتنب مثله أو يقتدى به. وكذلك طيّ تعيين المنبّأة بالحديث وهي عائشة، وذكرت حفصة بعنوان أزواجه للإشارة إلى أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وضع سرّه في موضعه، لأنّ أولى النّاس بمعرفة سرّ الرجل زوجه. وفي ذلك تعريض بملامها على إفشاء سرّه لأنّ واجب المرأة أن تحفظ سرّ زوجها إذا أمرها بحفظه أو كان مثله مما يحبّ حفظه، وهذا المعنى الأول من المعاني التهذيبية التي ذكرناها آنفا(4) .

أقول:

في قول ابن عاشور (أولى النّاس بمعرفة سرّ الرجل زوجه) مبالغة، فإنّ الله تعالى يقول:( إِنّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) ، ولا يودع العاقل أسراره عند من يحتمل أن يكون عدوّه يوما من الأيتام.

____________________

(1) شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد، ج 14 ص 13 - 14.

(2) ما معنى متصافيتين؟ وما هي حال الباقيات من أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ هل هنّ غير متصافيات؟

(3) التحرير والتنوير، ج 1، ص 4475.

(4) التحرير والتنوير، ج 1 ص 4476.

٥٣

عن زيد بن أسلم عن عمرو بن رافع أنه قال: كنت أكتب مصحفا لحفصة أمّ المؤمنين فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذنّي( حافِظُوا عَلَى الصّلَوَاتِ وَالصّلاَةِ الْوُسْطَى ) قال فلما بلغتها آذنتها قالت حافظوا على الصّلوات والصّلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين(1) .

عبيد الله بن عمر:

قال ابن كثير: وفي هذه السّنة ضرب عمر بن الخطّاب ابنه عبيد الله في الشّراب هو وجماعة معه، وفيها ضرب أبا محجن الثّقفي في الشّراب أيضا سبع مرات وضرب معه ربيعة بن أمية بن خلف(2) .

وعبيد الله هذا هو الذي قتل الهرمزان متوهّما أنّه بذلك ينتقم من قاتل أبيه، وقد كان في فعله ذاك ظالما قاتلا متعمّدا ح ولذلك قال علي بن أبي طالب عليه السلام: إن وليت من هذا الأمر شيئا قتلت عبيد الله بالهرمزان(3) .

قال (عمار بن ياسر) لعبيد الله بن عمر بن الخطّاب (في صفين): صرعك الله، بعت دينك من عدوّ الإسلام وابن عدوّه، قال: لا، ولكن أطلب بدم عثمان بن عفانرضي‌الله‌عنه ! قال له: أشهد على علمي فيك أنّك لا تطلب بشيء من فعلك وجه الله عزّ وجل، وأنّك إن لم تقتل اليوم تمت غدا، فانظر إذا أعطي النّاس على قدر نيّاتهم ما نيّتك(4) .

أقول: هذا رأي عمار بن ياسر في عبيد الله بن عمر بن الخطاب، وهذه شهادته عليه صريحة لا تقبل التّأويل، يقول له: (لا تطلب بشيء من فعلك وجه الله عزوجل)، فإذا كان لا يطلب وجه الله تعالى فماذا يطلب؟

قالوا: وأما أوّل حكومة حكم فيها فقضية عبيد الله بن عمر وذلك أنّه غدا على ابنة

____________________

(1) تهذيب الكمال، المزي، ج 22 ص 22.

(2) البداية والنهاية، ج 7 ص 48.

(3) الثقات، ابن حبان، ج 2 ص 240.

(4) تاريخ الطبري، ج 4 ص 27 - 28.

٥٤

أبي لؤلؤة قاتل عمر فقتلها، وضرب رجلا نصرانيّا يقال له جفينة بالسيف فقتله، وضرب الهرمزان الذي كان صاحب تستر فقتله، وكان قد قيل إنهما مالآ أبا لؤلؤة على قتل عمر، فالله اعلم. وكان عمر قد أمر بسجنه ليحكم فيه الخليفة من بعده، فلمّا ولي عثمان وجلس للناس كان أوّل ما تحوكم إليه في شأن عبيد الله فقال عليّ: ما من العدل تركه، وأمر بقتله. وقال بعض المهاجرين: أيقتل أبوه بالأمس ويقتل هو اليوم؟ فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين قد برأك الله من ذلك(1) .

أقول:

ما علاقة قتل الوالد بالحدود؟ وليتهم بيّنوا من هو هذا الـ بعض المهاجرين ومدى فهمه للشّريعة ليهلك من هلك عن بيّنة. فإنّ مستحق الحدّ لا يشفع له أن يموت أحد أفراد أسرته أو تموت الأسرة كلّها، إذ لا دخل لذلك في الحدّ.. وهؤلاء الذين يلهجون بمثل هذه المغالطات هم أنفسهم لا يرون بأسا بقتل أولاد فاطمة وعلي عليهما السلام جميعا في يوم واحد هو أشدّ يوم على قلب رسول الله، وترى صدورهم تزورّ وأعينهم تحولّ وأوجههم تغشاها تغشاها ظلل من الليل إذا ذكر ذاكر أمامهم يوم كربلاء. يستعظمون قتل رجلين من آل الخطاب في أسبوع واحد، ولا يستعظمون قتل سيّد شباب أهل الجنّة وإخوته وأولاده وأولاد أخيه وأولاد أخته وأصحابه جميعا في ضحوة واحدة! ولم يوافقهم علي بن أبي طالب عليه السلام وهو باب مدينة العلم وأقضاهم جميعا، بل حكم بوجوب إقامة الحدّ على عبيد الله بن عمر لأنّه قاتل النفس البريئة، ولا علاقة للؤلؤة بما جرى يومها وهي صبيّة صغيرة لا تعرف شيئاً ممّا يجري بين الرجال. وهذه وصية عمر لم يحترموها في إقامة الحدّ لكنهم احترموها في مسألة الخلافة: عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال لما طعن عمررضي‌الله‌عنه وثب عبيد الله بن عمر على الهرمزان فقتله فقيل لعمر إن عبيد الله بن عمر قتل الهرمزان قال: ولم

____________________

(1) البداية والنهاية، ابن كثير، ج 7 ص 148.

٥٥

قتله؟ قيل: قال إنه قتل أبي. قيل: وكيف ذاك؟ قال رأيته قبل ذلك مستخليا بأبي لؤلؤة وهو أمره بقتل أبي. قال عمر: ما أدري ما هذا انظروا إذا أنا مت فاسألوا عبيد الله البينة على الهرمزان هو قتلني، فإن أقام البيّنة فدمه بدمي وإن لم يقم البيّنة فأقيدوا عبيد الله من الهرمزان. فلمّا ولي عثمانرضي‌الله‌عنه قيل له ألا تمضي وصية عمررضي‌الله‌عنه في عبيد الله قال ومن وليّ الهرمزان؟ قالوا: أنت يا أمير المؤمنين فقال فقد عفوت عن عبيد الله بن عمر(1) . أقول: ولو أنّ الهرمزان كان من بني أميّة أو بني مخزوم لقطّعه عثمان إربا إربا، لكنّه رجل فارسي ليس له قبيلة في المدينة تطالب بدمه، وإنّما طالب بدمه المؤمنون الذين لا يفرقون بين العربي والأعجمي. وعلى فرض صحّة ما ادعاه عبيد الله بن عمر، ما دخل ابنة أبي لؤلؤة في قضية القتل؟ هل شاركت هي أيضا في المؤامرة المزعومة؟ فقد ذكروا أن عبيد الله بن عمر (أتى ابنة أبي لؤلؤة جارية صغيرة تدعي بالإسلام فقتلها، فأظلمت المدينة يومئذ على أهلها ثلاثا)(2) .

وعن الحسن بن محمد بن علي عن أبيه قال: قيل لعلي هذا عبيد الله بن عمر عليه جبة خز وفي يده سواك وهو يقول سيعلم غدا علي إذا التقينا فقال عليّ: دعوه فإنّما دمه دم عصفور(3) .

عن زيد بن أسلم أنّ عبيد الله بن عمر بن الخطابرضي‌الله‌عنه قتل بصفّين وأنّ رجلا ضرب أطناب فسطاطه بأوتاد فعجز منها وتد، فأخذ رجل عبيد الله بن عمر فربطه حتى أصبح(4) .

____________________

(1) سنن البيهقي الكبرى، ج 8 ص 61.

(2) مصنف عبد الرزاق، ج 5 ص 479 والإصابة في تمييز الصحابة ج 5 ص 54 وتاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، ج 38 ص 62.

(3) الاستيعاب، ابن عبد البر، ج 3 ص 1011 والوافي بالوفيات، ج 19 ص 261.

(4) الاستيعاب، ابن عبد البر، ج 3 ص 1012.

٥٦

عبد الرحمن بن عمر:

قال ابن الأثير: عبد الرحمن الأكبر بن عمر بن الخطّاب. أخو عبد الله وحفصة أمّهم زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون الجمحي. أدرك النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يحفظ عنه، وعبد الرحمن بن عمر الأوسط أبو شحمة وهو الذي ضربه عمرو بن العاص بمصر في الخمر.. ثمّ حمله إلى المدينة فضربه أبوه عمر بن الخطّاب أدب الوالد ثمّ مرض فمات بعد شهر. كذا يرويه معمر عن الزّهري عن سالم عن أبيه. أما أهل العراق فيقولون: (إنّه مات تحت السّياط)، وذلك غلط(1) .

أقول:

أوّلا: لا معنى لأدب الوالد ولده بعد البلوغ بالضّرب، فإنّ دخول عالم التّكليف يشعر الإنسان بالمسؤوليّة فيغدو يعدّ نفسه من الكبار، ويطالب ضمنا بمعاملته كما يعامل الكبار. والضّرب يستبطن خلاف ذلك، فيكون فيه نقض للغرض؛ وسواء كان الضّرب خاليا أم أمام الملإ فإنّ ضرره أكبر من نفعه.

ثم إنّ ممّا يلاحظ أنّ عمر بن الخطاب لم يكتف بـ عبد الرّحمن واحد، بل سمّى ثلاثة من أولاده بهذا الاسم، وأحد أحفاده أيضا اسمه عبد الرّحمن بن عبد الرّحمن، فما أشدّ شغف عمر بن الخطّاب باسم عبد الرّحمن وإن كان الاسم في نفسه جميلا. وليس في ولد عمر بن الخطّاب من اسمه محمّد أو عليّ أو حسن أو حسين، مع أنّهم سادة أهل الجنّة بلا ريب! وقد كان لعمر من الولد ثمانية ذكور وأربع بنات. وممّا يصادفه الباحث أنّ عددا ممن أبغضوا عليّا عليه السلام اسم كل واحد منهم عبد الرّحمن، منهم عبد الرّحمن بن ملجم، وعبد الرّحمن بن عوف، وعبد الرّحمن بن أبي بكر، وعبد الرّحمن بن خلدون، وفي زماننا أيضا آخرون.

وبخصوص ابنه أبي شحمة الذي حدّه في شرب الخمر قال ابن حجر العسقلاني:

____________________

(1) أسد الغابة، ابن الأثير، ج 1 ص 707.

٥٧

وقد ورد عن عمر في قصة ولده أبي شحمة لما شرب بمصر فحدّه عمرو بن العاص في البيت أنّ عمر أنكر عليه وأحضره إلى المدينة وضربه الحدّ جهرا. روى ذلك ابن سعد، واشار إليه الزّبير، وأخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن عمر مطوّلا؛ وجمهور أهل العلم على الاكتفاء(1) ، وحملوا صنيع عمر على المبالغة في تأديب ولده لا أنّ إقامة الحدّ لا تصحّ إلاّ جهرا(2) .

وفي الإصابة: قال أبو عمر: كان لعمر ثلاثة كلّهم عبد الرحمن هذا أكبرهم لا تحفظ له رواية، كذا قال. والثاني يكنى أبا شحمة، وهو الذي ضربه أبوه الحدّ في الخمر لما شرب بمصر، والثّالث والد المجبر بالجيم والموحدة المثقلة وقال ابن منده كناه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا عيسى فأراد عمر أن يغيّرها فقال والله إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كنّاني بها. وتعقّبه أبو نعيم بأنّ الذي قال لعمر ذلك إنّما هو المغيرة بن شعبة، وأمّا عبد الرّحمن فقال لأبيه: قد اكتنى بها المغيرة، فقال المغيرة: كناني بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (3) .

أقول: غيّر عمر كنية الرّجل، وكان المفروض أن يكون فعل عمر تابعا لفعل النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليكون على هداه، لكنّه أبى إلاّ مخالفته، وزعم أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد غفر له، وهو بقوله (إنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد غفر له) يوهم أنّ فعل النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس حجّة ولا أسوة حسنة! فهل كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفعل ما لا يجوز؟

قال ابن كثير: قلت: وقد حسن إسلام الهرمزان وكان لا يفارق عمر حتى قتل عمر، فاتّهمه بعض النّاس بمملاة أبي لؤلؤة هو وجفينة، فقتله عبيد الله على ما سيأتي تفصيله. وقد روينا أن الهرمزان لما علاه عبيد الله بالسيف قال لا إله إلا الله، وأمّا جفينة فصلب على وجهه(4) .

____________________

(1) أي بالحدّ الأوّل الذي أقامه عمرو بن العاص.

(2) فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، ج 12 ص 65. دار المعرفة بيروت 1379.

(3) الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، ج 4 ص 339.

(4) البداية والنهاية، ج 7 ص 88.

٥٨

وباختصار، لم يبارك لعمر في أولاده.

من صفات وأذواق عمر

قالوا في وصف عمر:

كان طويلا آدم، أصلع، أعسر، يسر يعني يعمل بيديه، وكان لطوله كأنه راكب، وقيل: كان أبيض أبهق يعني شديد البياض تعلوه حمرة طوالا أصلع أشيب وكان يصفر لحيته ويرجل رأسه وكان مولده قبل الفجار بأربع سنين؛ وكان عمره خمسا وخمسين سنة، وقيل: ابن ستين سنة، وقيل: ابن ثلاث وستين سنة وأشهر. وهو الصحيح، وقيل: ابن إحدى وستين(1) .

وفي تاريخ دمشق: كان رجلا طوالا أصلع آدم أعسر يسرا ومات حين شارف الستين وقد اختلفوا في سنه(2) .

وقال الزمخشري: كان عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه أضبط يعمل بكلتا يديه، وكان يخرج الضّاد من جانبي لسانه وهي أحد الأحرف الشجرية أخت الجيم والشين(3) .

أقول:

ماذا كان عمر يعمل بكلتا يديه؟ هل كان حدّادا أو نجّارا أو ملاّحا؟! إنّما كان دلاّلا يجمع بين من يريد أن يبيع جملا ومن يريد أن يشتري جملا، وهذا عمل لا حاجة فيه لليدين! بل في تسميته عملا تجوّز.

وقال ابن حبيب البغدادي في تسمية الحول(4) من قريش: عمر بن الخطّاب، الفاروقرضي‌الله‌عنه ، وأبو لهب بن عبد المطلب، وأبو جهل بن هشام وزياد بن أبيه، وهشام بن عبد الملك بن مروان، وأبان بن عثمان بن عفان، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد

____________________

(1) الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج 3 ص 53.

(2) تاريخ مدينة ج 44 ص 478.

(3) الكشاف، الزمخشري، ج 1 ص 1345.

(4) الحول جمع أحول وهو من مالت إحدى عينيه، وهذا يعني أن عمر بن الخطّاب كان أحول.

٥٩

شمس،..(1) .

وعن عاصم عن زرّ قال: خرجت مع أهل المدينة في يوم عيد فرأيت عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه يمشي حافيا شيخ أصلع آدم أعسر يسر طوالا مشرفا على الناس كأنه على دابة ببرد قطري يقول: عباد الله هاجروا ولا تهجروا وليتّق أحدكم الأرنب يخذفها بالحصى أو يرميها بالحجر فيأكلها، ولكن ليذك لكم الأسل الرّماح والنبل(2) .

وفي مصنف عبد الرزاق عن الثوري عن أبي نهيك عن زياد بن حدير الأسدي قال: ما رأيت رجلا أدأب للسّواك من عمر بن الخطّاب وهو صائم، ولكن بعود قد ذوي يعني يابس(3) .

قال السيوطي: وأخرج ابن عساكر عن أبي رجاء العطاردي قال: كان عمر رجلا طويلا، جسيما، أصلع شديد الصلع، أبيض شديد الحمرة، في عارضيه خفة سبلته كبيرة وفي أطرافها صهبة(4) .

يحب الإمرة

ومن صفات عمر أنّه كان يحبّ الإمرة، ويحرص على الظّهور في كلّ مواطن الاختلاف!

قال ابن كثير في المختصر: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوفد نجران: (ائتوني العشيّة أبعث معكم القوي الأمين) فكان عمر بن الخطّابرضي‌الله‌عنه يقول: ما أحببت الإمارة قطّ حبّي إيّاها يومئذ، رجاء أن أكون صاحبها. فرحت إلى الظّهر مهجّرا، فلمّا صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الظّهر سلّم ثمّ نظر عن يمينه وشماله، فجعلت أتطاول له ليراني [!] فلم يزل يلتمسببصره حتى رأى أبا عبيدة بن الجرّاح فدعاه فقال: (أخرج معهم فاقض بينهم

____________________

(1) المنمق، محمد بن حبيب البغدادي، ص 405.

(2) المستدرك، الحاكم النيسابوري، ج 3 ص 81.

(3) مصنف عبد الرزاق ج 4 ص 201 تحت رقم 7485.

(4) تاريخ الخلفاء، السيوطي، ج 1 ص 118.

٦٠