ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة0%

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة مؤلف:
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 383

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

مؤلف: حسينة حسن الدريب
تصنيف:

الصفحات: 383
المشاهدات: 68350
تحميل: 4620

توضيحات:

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 383 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 68350 / تحميل: 4620
الحجم الحجم الحجم
ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

مؤلف:
العربية

وخليفتي من بعدي ).

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( مكتوب على باب الجنة : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، علي أخو رسول الله قبل أنّ تخلق السماوات والأرض بألفي عام ).

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : طلبني النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجدني في حائط نائماً فضربني برجله وقال : ( قم فوالله لأرضينك ، أنت أخي وأبو ولدي ، تقاتل على سنتي ).

وفي مناقب أحمد قال : ( ثمّ ينادي منادي من تحت العرش : نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك علي ).

وأخرج أبو يعلى في مسنده بإسناده عن علي عليه السلام قال : طلبني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجدني في جدول نائماً فقال : ( قم ما ألوم الناس يسمونك أبا تراب ، فرآني كأنّي وجدت في نفسي من ذلك ، فقال : قم والله لأرضينك ، أنت أخي وأبو ولدي ، تقاتل عن سنتي ، وتبريء عن ذمتّي ، من مات في عهدي فهو كنز الله ، ومن مات في عهدك فقد قضى نحبه ، ومن مات يحبك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت ، ومن مات يبغضك مات ميتة جاهلية ، وحوسب بما عمل في الإسلام ).

وأخرج ابن عساكر بإسناده عن سماك بن حرب قال : قلت لجابر بن عبد الله : إنّ هؤلاء القوم يدعونني إلى شتم علي بن أبي طالب. قال : وما عسيت أنّ تشتمه به؟ قال : أكنيه بأبي تراب ، قال : فوالله ما كانت لعلي كنية أحبّ إليه من أبي تراب ، إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم آخى بين الناس ولم يواخ بينه وبين أحد فخرج مغضباً حتّى أتى كثيباً من رمل فنام عليه فأتاه النبي فقال : ( قم يا أبا

٣٢١

تراب ، أغضبت أنّ آخيت بين الناس ولم أؤاخ بينك وبين أحد؟ قال : نعم ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنت أخي وأنا أخوك ).

وهناك صحيحة أخرجها في مسلم والبخاري في موضعين في باب مناقب أمير المؤمنين ، كتاب الصلاة في باب نوم الرجل في المسجد قلت لسهل بن سعد : إنّ بعض أمراء المدينة يريد أنّ يبعث إليك تسبّ علياً فوق المنبر ، قال : أقول ماذا؟ قال : تقول : لعن الله أبا تراب ، قال : والله ما سماه بذلك إلّا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : قلت : وكيف ذاك يا أبا العباس؟ قال : دخل علي على فاطمة ، ثمّ خرج من عندها فاضطجع في فئ المسجد ، قال : ثمّ دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم على فاطمة فقال لها : أين ابن عمك؟ فقالت : هو ذاك مضطجع في المسجد ، قال : فجاءه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجده قد سقط رداؤه على ظهره وخلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول : اجلس أبا تراب ، فوالله ما سماه به إلّا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ووالله ما كان له اسم أحبّ إليه منه ).

وفي لفظ البيهقي : ( استعمل على المدينة رجل من آل مروان فدعا سهل بن سعد فأمره أنّ يشتم علياً رضي الله عنه قال : فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب ، فقال سهل : ما كان لعلي رضي الله عنه اسم أحبّ إليه من أبي تراب ، وإن كان ليفرح إذا دعي بها ، فقال له : ( أخبرنا ) عن قصّته لم سمي أبا تراب؟ الحديث.

وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري : كان بنو أمية تنقص علياً عليه السلام بهذا الاسم الذي سمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويلعنوه على المنبر بعد

٣٢٢

الخطبة مدّة ولايتهم ، وكانوا يستهزؤون به ، وإنّما استهزؤوا الذي سمّاه به ، وقد قال الله تعالى :( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) الآية.

وقال سبط ابن الجوزي في التذكرة : والذي ذكره الحاكم صحيح ، فإنّهم ما كانوا يتحاشون من ذلك بدليل ما روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص : أنّه دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال : ما منعك أنّ تسب أبا تراب؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فلن أسبّه لأن تكون لى واحدة منهن أحبّ إلي من حمر النعم ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول له خلّفه في بعض مغازيه ، فقال له علي : يارسول الله ، خلّفتني مع النساء والصبيان ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبوّة بعدي.

وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، قال : فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا لي علياً فأتي به أرمد ، فبصق في عينه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : اللهم هؤلاء اهلي

من موبقات معاوية :

ومن سنة معاوية الذي كان يأمر بلعن أهل بيت النبوّة من على المنابر ، ويعمل جاهداً للتزوير والدس ضدّهم ، وتحريف فضائلهم إلى غيرهم كما جاء في الروايات : أنّ معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم ليروي أنّ قوله

٣٢٣

تعالى :( ومن الناس من يشري نفس ابتغاء مرضات الله ) . نزلت في ابن ملجم. وقوله تعالى :( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ) ، نزلت في علي أمير المؤمنين ، فلم يقبل ، فبذل له مائتي ألف درهم ، فلم يقبل ، فبذل له أربعمائة ألف درهم فقبل.

وأخرج الطبري من طريق عمر بن شبة قال : ( مات زياد وعلى البصرة سمرة بن جندب خليفة له ، فأقرّ سمرة على البصرة ثمانية عشر شهراً. قال عمر : وبلغني عن جعفر الضبعي قال : أقرّ معاوية سمرة بعد زياد ستة أشهر ، ثمّ عزله ، فقال سمرة : لعن الله معاوية ، والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذّبني أبداً.

وروي : أنّ معاوية أراد أنّ يلعن علياً على منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقيل له : إنّ ههنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضى بهذا فابعث إليه وخذ رأيه. فأرسل إليه فذكر له ذلك ، فقال : إن فعلت لأخرجن من المسجد ، ثمّ لا أعود إليه. فأمسك معاوية عن لعنه حتّى مات سعد ، فلمّا مات لعنه على المنبر وكتب إلى عمّاله : أنّ يلعنوه على المنابر ، ففعلوا فكتبت أم سلمة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى معاوية : إنّكم تلعنون الله ورسوله على منابركم ، وذلك إنّكم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبّه ، وأنا أشهد أنّ الله أحبّه ورسوله. فلم يلتفت إلى كلامها.

وقال الجاحظ في كتاب الرد على الإمامية : إنّ معاوية كان يقول في آخر خطبته : اللهم إنّ أبا تراب الحد في دينك ، وصدّ عن سبيلك ، فالعنه لعناً وبيلاً ، وعذبه عذاباً أليماً ، وكتب ذلك إلى الآفاق فكانت هذه الكلمات يشاد بها على المنابر إلى أيام عمر بن عبد العزيز ، وإنّ قوماً من بني أمية قالوا لمعاوية : يا أمير

٣٢٤

المؤمنين إنّك قد بلغت ما أملت ، فلو كففت عن هذا الرجل ، فقال : لا والله حتّى يربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير ، ولا يذكرله ذاكر فضلاً.

وقال الزمخشري في ربيع الأبرار : إنّه كان في أيام بني أمية أكثر من سبعين ألف منبر يلعن عليها علي بن أبي طالب بما سنه لهم معاوية من ذلك.

وما فعله معاوية ليس بجديد على أمير المؤمنين فقد أخبر به في نهج البلاغة بقوله : ( أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن ، يأكل ما يجد ، ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ولن تقتلوه ، ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبرائة منّي ).

وفي ذلك يقول العلاّمة الشيخ أحمد الحفظي الشافعي في أرجوزته :

وقد حكى الشيخ السيوطي إنّه

قد كان فيما جعلوه سنّة

سبعون ألف منبر وعشرة

من فوقهن يلعنون حيدره

وهذه في جنبها العظائم

تصغر ، بل توجّه اللوائم

فهل ترى من سنّها يعادي

أم لا وهل يستر أو يهادي؟

أو عالم يقول : عنه نسكت؟

أجب فإنّي للجواب منصت

وليت شعري هل يقال : اجتهدا

كقولهم في بغيه أم ألحدا؟

أليس ذا يؤذيه أم لا؟ فاسمعن

إنّ الذي يؤذيه من ومن ومن؟

بل جاء في حديث أم سلمة

هل فيكم الله يسبّ مه لمه؟

عاون أخا العرفان بالجواب

وعاد من عادى أبا تراب

ومن موبقات معاوية قتله لعظماء الصحابة ، كما روى ابن سعد في طبقاته

٣٢٥

بسنده عن أم سلمة قالت : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : تقتل عماراً الفئة الباغية ، قال عوف ( راوي الحديث ) : ولا أحسبه إلّا قال : وقاتله في النار.

ونقل ابن سعد أيضاً قول الإمام عليعليه‌السلام حين قتل عمار : إنّ امرأ من المسلمين لم يعظم عليه قتل ابن ياسر ، وتدخل به عليه المصيبة الموجعة لغير رشيد ، رحم الله عماراً يوم أسلم ، ورحم الله عماراً يوم قتل ، ورحم الله عماراً يوم يبعث حياً ، لقد رأيت عماراً وما يذكر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعة إلّا كان عمار رابعاً ، ولا خمسة إلّا كان خامساً وما كان أحد من قدماء أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يشك أنّ عماراً قد وجبت له الجنّة في غير موطن ولا اثنين ، فهنيئاً لعمار بالجنّة ، ولقد قيل : إنّ عماراً مع الحق ، والحق معه ، يدور عمّار مع الحق أينما دار ، وقاتل عمّار في النار.

وعن جابر عن ابي الزبير قال : أتى حذيفة بن اليمان رهط من جهينة فقالوا : يا أبا عبد الله ، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، استجار من أنّ تصطلم أمته فأجير من ذلك ، واستجار من أنّ يذوق بعضها بأس بعض فمنع من ذلك. قال حذيفة : إنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إنّ ابن سمية لم يخيّر بين أمرين قط إلّا اختار أرشدها ـ يعني عماراً ـ فالزموا سمته.

وأخرج ابن الأثير بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أبشر يا عمار ، تقتلك الفئة الباغية.

وروى ابن سعد في طبقاته بسنده عن عمرو بن ميمون قال : أحرق المشركون عمار بن ياسر بالنار ، قال : فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يمرّ به

٣٢٦

ويمر يده على رأسه فيقول : يا نار كوني برداً وسلاماً على عمار ، كما كنت على إبراهيم ، تقتلك الفئة الباغية.

وروى ابن سعد في طبقاته بسنده عن هنى مولى عمر بن الخطاب قال : كنت أوّل شيء مع معاوية على علي ، فكان أصحاب معاوية يقولون : لا والله لا نقتل عماراً أبداً إن قتلناه فنحن كما يقولون [ أي : الفئة الباغية ] ، فلمّا كان يوم صفين ذهبت أنظر في القتلى ، فإذا عمار بن ياسر مقتول ، فقال هني : فجئت إلى عمرو بن العاص وهو على سريره ، فقلت : أبا عبد الله ، قال : ما تشاء ، قلت : انظر أكلّمك ، فقام إليّ ، فقلت : عمار بن ياسر ما سمعت فيه؟ فقال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : تقتلك الفئة الباغية ، فقلت هوذا والله مقتول ، فقال : هذا باطل ، فقلت : بصر عيني به مقتول ، قال : فانطلق فأرنيه ، فذهبت به فأوقفته عليه ، فساعة رآه امتقع لونه ، ثمّ أعرض في شق ، وقال : إنّما قتله الذي خرج به(1) .

نعم ، إنّ من مشى على سنّة معاوية سيأتي يوماً يتمنى فيه أنّه بعرة تدوسها

__________________

1 ـ تاريخ الخطيب 12 ص 268 ، مسند أحمد 1 ص 230 ، الاستيعاب 2 ص 460 ، كنز العمال 6 ص 391 ، المحاسن والمساوي 1 ص 31 ، مناقب أحمد ، الرياض النضرة 2 ص 168 ، تذكرة السبط 14 ، مجمع الزوائد 9 ص 111 ، مناقب الخوارزمي 87 ، شمس الأخبار ص 35 عن مناقب الفقيه ابن المغازلي ، فيض القدير 4 ص 355 ، مصباح الظلام 2 ص 56 نقلاً عن الطبراني ، الصواعق 75 ، السيوطي في الجامع الكبير 6 ص 404 ، كفاية الطالب ص 82 ، السنن الكبرى 2 ص 446 ، شرح ابن أبي الحديد : 361 ، تاريخ الطبري 6 : 164 وص 132 ، العقد الفريد 2 ص 300.

وذكر الأبيات ابن أبي الحديد في شرحه ج 1 ص 356 ، طبقات ابن سعد 3 / 180 ـ 187. نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفين ، البداية والنهاية 7 / 291 ـ 297 ، تاريخ الطبري 5 / 38 ـ 42 ، أسد الغابة 4 / 133 ، تحفة الأحوذي 10 / 300 ـ 301 ، الطبقات الكبرى 33 / 177.

٣٢٧

الأقدام وتشيلها الرياح ، كما تمنّى عمرو بن العاص أنّه بعرة أو أنّه مات قبل صفين ، كما في الروايات أنّه لما حضرته الوفاة قال لابنه : لود أبوك أنّه كان مات في غزاة ذات السلاسل ، إنّي قد دخلت في أمور لا أدري ما حجّتي عند الله فيها.

ثمّ نظر إلى ماله فرأى كثرته فقال : يا ليته كان بعراً ، يا ليتني مت قبل هذا اليوم بثلاثين سنة ، أصلحت لمعاوية دنياه وأفسدت ديني ، آثرت دنياي وتركت آخرتي ، عمي علي رشدي حتّى حضرني أجلي ، كأنّي بمعاوية قد حوى مالي وأساء فيكم خلافتي.

وقال ابن عبد البر : دخل ابن عباس على عمرو بن العاص في مرضه فسلّم عليه وقال : كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال : أصبحت وقد أصلحت من دنياي قليلاً ، وأفسدت من ديني كثيراً ، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت والذي أفسدت هو الذي أصلحت لفزت ، ولو كان ينفعني أنّ أطلب طلبت ، ولو كان ينجيني أنّ أهرب هربت ، فصرت كالمنخنق بين السماء والأرض ، لا أرقى بيدين ولا أهبط برجلين.

وقال عبد الرحمن بن شماسة : لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى ، فقال له ابنه عبد الله : لم تبكي؟ أجزعاً من الموت؟ قال : لا والله ولكن لما بعده ، فقال له : قد كنت على خير. فجعل يذكره صحبة رسول الله صلّى الله عليه وآله وفتوحه الشام ، فقال له عمرو : تركت أفضل من ذلك : شهادة أنّ لا إله إلّا الله ، إنّي كنت على ثلاث أطباق ليس منها طبق إلّا عرفت نفسي فيه ، كنت أوّل شيء كافراً فكنت أشد الناس على رسول الله صلّى الله عليه وآله فلو متّ يومئذٍ وجبت لي النار ، فلمّا بايعت رسول الله صلّى الله عليه وآله كنت أشدّ الناس حياء منه فما ملأت عيني من رسول الله صلّى الله عليه وآله حياء منه ، فلو متّ يومئذٍ قال

٣٢٨

الناس : هنيئاً لعمرو أسلم وكان على خير ، ومات على خير أحواله فترجى له الجنّة.

ثمّ بليت بعد ذلك بالسلطان وأشياء فلا أدري أعليّ أم لي؟ فإذا متّ فلا تبكين عليّ باكية ، ولا يتبعني مادح ولا نار ، وشدوا علي إزاري فإنّي مخاصم ، وشنّوا علي التراب فإنّ جنبي الأيمن ليس بأحقّ بالتراب من جنبي الأيسر(1) .

نعم ، هذا هو من يسمّوه الداهية ؛ لأنّه مكر على إمام زمانه ، فكانت عاقبته أنّه تمنى لو أنّه بعرة ؛ وذلك من خوف الورود على الحوض عندما يُسأل ما خلّف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الثقل الثاني؟ فيقول : يا ليتني كنت تراباً :( إنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابا ) (2) .

وهذا هو معاوية الصحابي الذي يعدّه البعض خليفة المسلمين ، ولا يجوز ذكره بسوء ، بل إنّه اجتهد وأخطاء فله أجر(3) !! يعني : من لعن وأمر بلعن من

__________________

1 ـ طبقات ابن سعد 3 / 181 ، تاريخ اليعقوبي ، ج 2 ص 198 ، الاستيعاب 2 ص 436.

2 ـ النبأ : 40.

3 ـ إنّ أهل السنة يتشبّثون بقول : كلّ مجتهد مصيب ، فمن اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطاء فله أجر.

ولكنهم يخلطون بين الاجتهاد في حدود الشرع والاجتهاد مقابل الشرع ، فالاجتهاد يعني : أنّ العلماء الذين درسوا الروايات إذا التبست عليهم المسألة مثلاً : وإذا تعارضت روايتان فيحققونها من ناحية السند والمتن ويعطون رأيهم وفق الضوابط الشرعية ، فهو إن اخطاء فله أجر ؛ لأنّه لم يجتهد برأيه مقابل نصّ ، بل يجتهد في النصّ ، وليس له حق أن يجتهد مقابل رأي المعصومعليه‌السلام .

وأمّا معاوية الذي أسلم تحت وطئ السيوف بالإجماع ، وخرج على الخليفة الشرعي الأفضل منه ، والاشرع منه بالإجماع ، وخالف النص الصريح عند أهل السنة أنّه لا يجوز الخروج على الإمام وشقّ صف المسلمين ، والإمام علي

٣٢٩

أوجب الله مودّتهم فله أجر!! يعني : من قاد معركة صفين ، وقتل الصحابة فله أجر ، ومن قتل محمّد بن أبي بكر ( رض ) وحجر بن عدي ( رض ) فله أجر ، بل من قتل فلذة كبد الزهراءعليها‌السلام ، وبضعة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقرة عينه الإمام الحسنعليه‌السلام بالسم فله أجر.

نعم ، قتل الإمام الحسنعليه‌السلام الذي قال فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي أخيه الحسين : ( الحسنان إمامان قاما أو قعدا ، وأبوهما خير منهما ).

وقال : ( من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبّني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني ).

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسن والحسين : ( من أحبّهما أحببته ، ومن أحببته أحبّه الله ، ومن أحبّه الله أدخله جنّات النعيم ، ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله عذاب جهنم ، وله عذاب مقيم ).

ومن موبقاته تولية يزيد الفاسق السكّير على رقاب المسلمين ، الذي قتل الحسين بن علي عليهما السلام ، وأحدث واقعة الحرة ، وغير ذلك من الموبقات. فعن خالد بن عرفطة قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( إنّكم ستبتلون في

__________________

عليه‌السلام الخليفة الرابع الشرعي عندهم ، وهو افضل من معاوية عندهم بغض النظر عن رأي الشيعة في ذلك ، فمعاوية لم يجتهد في شيء غامض عليه ، بل إنّه يعلم علم اليقين أنّ الإمام عليعليه‌السلام هو صاحب المقام والولاية لكنّه تحدّى كلّ الخطوط متجرّياً على الشرع والشارع ، فهذا لا يسمّى مجتهداً ، بل ضال ومضل ، ويحمل وزره ووزر من مشى على سنته إلى يوم القيامة.

٣٣٠

أهل بيتي من بعدي ).

وفي المعجم الكبير في حديث أم الفضل قالت : ( بينا أنا قاعدة عند رأس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مريض فبكيت ، فقال : ما يبكيك؟ فقلت : أخشى عليك ، فلا ندري ما نلقى بعدك من الناس ، قال : أنتم المستضعفون بعدي ).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الحسنان إمامان قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما ).

قال الفخر الرازي : وقول الرسول صلّى الله عليه وآله : ( الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ) ، كما عن ابن عباس وبريدة ، وفي رواية أخرى بزيادة : ( وأبوهما خير منهما ) ، كما عن ابن عمر وابن مسعود. هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بين الأمّة الإسلامية أجمع.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( حسين منّي وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسيناً ، حسين سبط من الأسباط ).

وعندما قتل الإمام الحسين مطرت السماء دماً كما قال ابن عباس : هذه الحمرة التي في السماء ظهرت يوم قتله ، ولم تر قبله.

وفي رواية : لما جيء برأس الحسين بين يدي عبيد الله بن زياد شوهدت حيطان دار الإمارة تسايل دماً. وفي رواية : لما قتل الحسين مكثت السماء أياماً مثل العلقة.

وفي رواية : لما قتل الحسين مكث الناس سبعة أيام إذا صلّوا العصر نظروا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنّها الملاحف المعصفرة ، والكواكب كأنّها تضرب بعضها ببعض.

٣٣١

وفي رواية : لما قتل الحسين عليه السلام مكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنّما لطخت الحيطان بالدم من صلاة الفجر إلى غروب الشمس.

وفي أخرى : لما قتل الحسين صار الورس الذي في العسكر رماداً ، ونحروا ناقة فكانوا يرون في لحمها المرار.

وفي أخرى : أظلمت الدنيا ثلاثة أيام بعد قتل الحسين ، ثمّ ظهرت هذه الحمرة في السماء ، ولم يمس أحد من زعفران قوم الحسين شيئاً فجعله على وجهه إلّا احترق.

وفي أخرى : لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلّا على الحسين ، وبكاء السماء أنّ تحمر.

وفي أخرى : انكسفت الشمس حين قتل الحسين كسفة بدت الكواكب نصف النهار ، حتّى ظن الناس أنّها هي.

وفي أخرى : ما رفع حجر من الدنيا يوم شهادة الحسين إلّا وتحته دم عبيط.

وفي أخرى : ما رفع حجر بالشام يوم قتل الحسين إلّا عن دم.

وقال فيهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لما غشاهم بالكساء : ( أنا حرب لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم ، وعدو لمن عاداهم ).

وأخذ بيد الحسن والحسين وقال : ( من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة ).

وروى الحاكم عن أبي هريرة قال : خرج علينا رسول الله ومعه الحسن والحسين ، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه ، وهو يلثم هذا مرّة وهذا مرّة ، حتّى انتهى إلينا ، فقال له رجل : يا رسول الله ، إنّك تحبّهما؟ فقال : ( نعم ، من أحبّهما

٣٣٢

فقد أحبّني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني ).

نعم ، هذا هو مقام علي وولديه ، وهذا هو معاوية الملطّخة يده بدماء الأبرياء.

فيا أخوتنا من أهل السنة اقرؤوا كتب وأقوال أئمّتكم وعلمائكم فكلّ ماذكرته فهو من كتبكم(1) .

__________________

1 ـ انظر : الطبراني في الكبير : 3 / 47 ، ورواه ابن ماجة : 1 / 51 في باب : فضل الحسن والحسين ، مستدرك الحاكم : 3 / 166وص 177 ، تاريخ بغداد : 13 / 32 ، الكبير للطبراني : 4 / 192 ، ومجمع الزوائد : 9 / 194 ، الكبير للطبراني : 25 / 23 ، مجمع الزوائد : 9 / 34 ، تفسير الرازي : 25 / 35 ، فرائد السمطين للحمويني ج 2 / 98 ح 409 و 410 و 428 ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة ج 3 / 215 ، الفتح الكبير للنبهاني ج 2 / 80 ، مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 / 92 ، ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساكر ص 79 ح 138 ـ 143 ، أخبار إصبهان ج 2 / 343 ، المسند لأحمد ج 3 / 62 و82 ط 1 ، الخصائص للنسائي ص 118 ط الحيدرية ، كنز العمال ج 6 / 221 ط 1 ، ذخائر العقبى ص 92 و 129 ، الجامع الصغير ح 3822 ، الأحاديث الصحيحة للألباني ح 976 ، سنن ابن ماجة ح 108 ، حلية الأولياء ج 5 / 58 و 71 و ج 4 / 139 و 140 ، الدرر المتناثرة للسيوطي ح 187 ، تاريخ بغداد للخطيب ج 2 / 185 و ج 4 / 207 ، البخاري في التاريخ الكبير 8 : 415 / 3536 ، والترمذي 5 : 658 / 3775 ، وأحمد في المسند 4 : 4 / 172 ، والبغوي في مصابيح السنة 4 : 195 / 4833 ، ذخائر العقبى : 144 ، الصواعق المحرقة : 116 ، الخصائص الكبرى : 126 ، ينابيع المودّة : 220 ، ذخائر العقبى : 144 ، تاريخ دمشق لابن عساكر ، تاريخ الإسلام : 2 / 348 ، سير أعلام النبلاء : 3 / 210 ، تذكرة الخواص : 284 ، الكامل في التاريخ : 3 / 301 ، البداية والنهاية : 8 / 171 ، تاريخ الإسلام : 2 / 348 ، سير أعلام النبلاء : 3 / 311 ، كفاية الطالب 296 ، مقتل الحسين 2 / 89 ، نظم درر السمطين : 220 ، مجمع الزوائد 9 / 197 ، الصواعق المحرقة لابن حجرص 185 ط المحمّدية وص 85 و 112 ط الميمنية بمصر ، الإصابة لابن حجر العسقلاني ج 4 / 378 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 229 و 294 و 309 ط اسلامبول ، مسند ابي يعلي ج 5 / 449.

٣٣٣

فهل من خطاب أنصف من ذلك؟! وهل من متعقّل للأمور يا أولي الألباب؟! فلا ندري بأيّ لغة كانوا يريدون الله ورسوله أن يخاطبهم ، فالله يقول لنبيه :( بلغ ما أنزل إليك من ربك ) ، والرسول يقول ( علي ولي كلّ مؤمن بعدي ) ، ورواها العام والخاص ، وهي دالة على الولاية ، ولكن جعلوا أبا بكر خليفة!! الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ( علي خير البشر ) ، وهم يقولون : أفضل الصحابة أبو بكر فعمر فعثمان!!

ألا يخافوا من دعاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اللهم عاد من عاداه ، واخذل من خذله )؟! وأيّ خذلان أشدّ من قتاله وقتل ذريّته؟!

أيّها المغرر بك ، فق لنفسك وتمعن النظر في النصوص الصريحة باللغة الفصيحة ، فإنّك إن تأمّلت الروايات بتعقّل وأمانة وإنصاف لا تستمع للقول بعدالة الصحابة ، والتشنيع على الشيعة أنّهم يسبّونهم ، إنّ الشيعة تنقل الآيات فيما حصل للأنبياء من قومهم ونسائهم ، وماحصل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من قومه ، وماحصل لأهل بيته من صحابته ، فهم ينقلون التاريخ لا يدّعون عصمة وعدالة إلّا فمن ثبت بالدليل عصمته وعدالته.

فما عليك حينئذٍ إلّا إعادة النظر والتأمّل في النصوص الواردة في حق أهل البيتعليهم‌السلام .

٣٣٤
٣٣٥

الدليل الواحد والعشرون :
ما قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الغزوات والحروب لعلي عليه‌السلام

إنّ كلّ غزوة وسرية ومعركة تسجّل للإمام عليعليه‌السلام فضيلة أو فضائل ، وتسجّل لمن تقدّموا عليه هزيمة أو رذيلة ، بل رذائل ، وهذا ما أوردته كتب التاريخ والسيرة المعتبرة لدى أهل السنة.

أوّلاً : حديث الراية المشهور :

كما أورده أحمد بن حنبل والبخاري وغيرهما ماهذا نصّه :

فضائل الصحابة للنسائي :

عن عمران بن حصين أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، أو قال : يحبّه الله ورسوله ، فدعا علياً وهو أرمد ، ففتح الله على يعني يديه ).

أخبرنا أحمد بن سليمان ، قال : ثنا يعلى بن عبيد ، قال ثنا يزيد بن جلس ، عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( لأدفعنّ الراية اليوم إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، فتطاول القوم ، فقال : أين علي؟ قالوا يشتكي عينيه ، فدعا به فبزق نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في كفيّه ، ثمّ مسح بهما عيني علي ، ودفع إليه الراية ، ففتح الله عليه يومئذٍ )(1) .

__________________

1 ـ فضائل الصحابة : 16.

٣٣٦

مسند أحمد :

حدّثني أبي ، ثنا وكيع ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : ( كان أبي يسمر مع علي ، وكان علي يلبس ثياب الصيف في الشتاء ، وثياب الشتاء في الصيف ، فقيل له : لو سألته ، فسأله فقال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث إليّ وأنا أرمد العين يوم خيبر ، فقلت : يا رسول الله ، إنّي أرمد العين ، قال : فتفل في عيني ، وقال : اللهم اذهب عنه الحر والبرد ، فما وجدت حراً ولابرداً منذ يومئذٍ ، وقال : لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ليس بفرار ، فتشرّف لها أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأعطانيها )(1) .

حدّثني أبي ، ثنا وكيع ، عن هشام بن سعد ، عن عمر بن أسيد ، عن ابن عمر قال : كنّا نقول في زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم رسول الله خير الناس ، ثمّ أبو بكر ، ثمّ عمر ، ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إلى من حمر النعم ، زوّجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ابنته وولدت له ، وسدّ الأبواب إلّا بابه في المسجد ، وأعطاه الراية يوم خيبر )(2) .

حدّثنا سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم خيبر : ( لأدفعنّ الراية إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، يفتح الله عليه ) قال فقال عمر فما أحببت الإمارة قبل يومئذٍ ، فتطاولت لها واستشرفت رجاء أنّ يدفعها إليّ ، فلمّا كان الغد دعا علياً عليه السلام فدفعها إليه ، فقال : ( قاتل ولا

__________________

1 ـ مسند أحمد 1 : 99 ، 133.

2 ـ مسند أحمد 2 : 26.

٣٣٧

تلتفت حتّى يفتح عليك ، فسار قريباً ، ثمّ نادى يا رسول الله ، أعلام أقاتل؟ قال : حتّى يشهدوا أنّ لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم )(1) .

حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا معصب بن المقدام وحجين بن المثنى ، قالا : ثنا إسرائيل ، ثنا عبد الله بن عصمة العجلي قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : ( إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أخذ الراية فهزّها ، ثمّ قال : من يأخذها بحقّها ، فجاء فلان فقال : أنا ، قال : امط ، ثمّ جاء رجل فقال : امط ، ثمّ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : والذى كرّم وجه محمّد لأعطينّها رجلاً لا يفر ، هاك يا علي ، فانطلق حتّى فتح الله عليه خيبر )(2) .

( قال سلمة : ثمّ إنّ نبى اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلني إلى علي ، فقال لأعطين الراية اليوم رجلاً يحبّ الله ورسوله ، أو يحبّه الله ورسوله ، قال : فجئت به أقوده أرمد ، فبصق نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في عينه ، ثمّ أعطاه الراية ، فخرج مرحب يخطر بسيفه ، فقال :

قد علمت خيبر أنّي مرحب

شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه :

أنا الذي سمتني أمي حيدرة

كليث غابات كريه المنظرة

أوفيهم بالصاع كيل السندرة

__________________

1 ـ مسند أحمد 2 : 384.

2 ـ مسند أحمد 3 : 16.

٣٣٨

ففلق رأس مرحب بالسيف وكان الفتح على يديه )(1) .

أخبرني سهل بن سعد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال يوم خيبر : ( لأعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ) ، قال : فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها ، فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كلّهم يرجو أنّ يعطاها ، قال فقال : أين علي بن أبي طالب؟ فقال : هو يا رسول الله يشتكي عينيه ، قال : فأرسلوا إليه ، فأتي به ، فبصق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في عينيه ، ودعا له فبرأ حتّى كان لم يكن به وجع فأعطاه الراية ، فقال علي : يا رسول الله ، أقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا ، فقال : انفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم ، ثمّ ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله فيه ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أنّ يكون لك حمر النعم(2) .

صحيح البخاري :

حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل بن سعد رضي الله عنه سمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول يوم خيبر : ( لأعطين الراية رجلاً يفتح الله على يديه ، فقاموا يرجون لذلك أيّهم يعطى ، فغدوا وكلّهم يرجو أن يعطى ، فقال : أين علي؟ فقيل : يشتكى عينيه ، فأمر فدعى له ، فبصق في عينيه ، فبرأ مكانه حتّى كأنّه لم يكن به شيء ، فقال : نقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا ، فقال )(3) .

__________________

1 ـ مسند أحمد 4 : 52.

2 ـ مسند أحمد 5 : 333.

3 ـ صحيح البخاري 4 : 5.

٣٣٩

حدّثنا قتيبة ، حدّثنا حاتم بن إسماعيل ، عن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : كان علي رضي الله عنه تخلّف عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم في خيبر ، وكان به رمد ، فقال : أنا أتخلّف عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرج علي فلحق بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلمّا كان مساء الليلة التى فتحها في صباحها ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( لأعطينّ الراية ، أو قال : ليأخذن غداً رجل يحبّه الله ورسوله ، أو قال : يحبّ الله ورسوله ، يفتح الله عليه ، فإذا نحن بعلى وما نرجوه ، فقالوا : هذا علي ، فأعطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ففتح الله عليه )(1) .

أبي حازم ، قال : أخبرني سهل رضي الله عنه قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم خيبر : ( لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، فبات الناس ليلتهم أيّهم يعطى ، فغدوا كلّهم يرجوه ، فقال : أين علي؟ فقيل : يشتكي عينيه ، فبصق في عينيه ، ودعا له ، فبرأ كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية )(2) .

عن سهل بن سعد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال يوم خيبر : ( لأعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، قال : فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها ، فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كلّهم يرجو أن يعطاها ، فقال : أين علي بن أبي طالب؟ فقيل : هو يا رسول الله يشتكى عينيه ، قال : فأرسلوا إليه ،

__________________

1 ـ صحيح البخاري 4 : 12.

2 ـ صحيح البخاري 4 : 20.

٣٤٠