من لا يحضره الفقيه الجزء ١

من لا يحضره الفقيه0%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 573

من لا يحضره الفقيه

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف:

الصفحات: 573
المشاهدات: 108432
تحميل: 9377


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 573 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108432 / تحميل: 9377
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء 1

مؤلف:
العربية

صائما عقوبة "(١) .

وإنما وجب ذلك عليه لنومه عنها إلى نصف الليل.

٦٦٠ -وروى محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي المغرب ويصلي معه حي من الانصار يقال لهم: بنو سلمة، منازلهم على نصف ميل فيصلون معه، ثم ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون مواضع سهامهم "(٢) .

٦٦١ -وقال الصادق عليه السلام: " ملعون ملعون من أخر المغرب طلبا لفضلها، وقيل له: إن أهل العراق يؤخرون المغرب حتى تشتبك النجوم، فقال: هذا من عمل عدو الله أبي الخطاب "(٣) .

٦٦٢ -وقال أبو أسامة زيد الشحام: " صعدت مرة جبل أبي قبيس والناس يصلون المغرب فرأيت الشمس لم تغب، إنما توارت خلف الجبل عن الناس، فلقيت

____________________

(١) حمله الاكثر على الاستحباب، وبعضهم على الوجوب وهو ظاهر الصدوق - رحمه الله - والاحوط أن لا يترك، وعلى تقدير الوجوب فلو أفطر هل يجب القضاء فقط أو الكفارة أيضا أولا يجب شئ منهما؟ الكل محتمل والاحتياط القضاء ونهايته في الكفارة أيضا. (م ت)

(٢) أى إذا راموا سهامهم يرون موضعها لبقاء ضوء النهار بعد، والمراد أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعجل صلاة المغرب (سلطان) أقول: في الصحاح سهم البيت: جائزه. وقال في " جوز " الجائز: الجذع الذى يقال له بالفارسية " تير " وهو سهم البيت.

(٣) هو محمد بن مقلاص الاسدى الكوفى غال ملعون ويكنى مقلاص أبا زينب كان محمد في عصر الصادق عليه السلام وكان من أصحابه فكفر وادعى أيضا النبوة وزعم أن جعفرا عليه السلام اله - تعالى الله عزوجل عن قوله - واستحل المحارم كلها، ورخص لاصحابه فيها وكانوا كلما ثقل عليهم أداء فرض أتوه فقالوا: يا أبا الخطاب خفف عنا فيأمرهم بتركه حتى تركوا جميع الفرائض واستحلوا جميع المحارم وأباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور، وقال: من عرف الامام حل له كل شئ كان حرم عليه، فبلغ أمره جعفر بن محمد عليهما السلام فلم يقدر عليه بأكثر من أن لعنوتبرأ منه، وجمع اصحابه فعرفهم ذلك وكتب إلى البلدان بالبراء‌ة منه وباللعنة عليه وعظم أمره على أبى عبدالله عليه السلام واستفظعه واستهاله. انتهى (المستدرك) وقوله " تشتبك النجوم " أى تكثرت حتى تصير كالشبكة بتعانق بعضها بعضا وهو كناية عن ذهاب قدر يعتد به من الليل. (مراد)

٢٢١

أبا عبدالله عليه السلام فأخبرته بذلك، فقال لي: ولم فعلت ذلك؟ بئس ما صنعت إنما تصليها إذا لم ترها خلف الجبل غابت أو غارت ما لم يتجللها(١) سحاب أو ظلمة تظلها فإنما عليك مشرقك ومغربك وليس على الناس أن يبحثوا"(٢) .

٦٦٣ -وقال الصادق عليه السلام: " إذا غابت الشمس فقد حل الافطار ووجبت الصلاة وإذ صليت المغرب فقد دخل وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل ".

٦٦٤ -وقال أبوجعفر عليه السلام: " ملك موكل يقول: من بات عن العشاء الآخرة إلى نصف الليل فلا أنام الله عينيه ".

٦٦٥ -وقال الصادق عليه السلام: " من صلى المغرب ثم عقب ولم يتكلم حتى يصلي ركعتين كتبتا له في عليين، فان صلى أربعا كتبت له حجة مبرورة ". ووقت الفجر حين يعترض الفجر ويضئ حسنا ويتجلل الصبح السماء ويكون

____________________

(١) في بعض النسخ " يتجلاها ". وقال استاذنا الشعرانى - مد ظله - في هامش الوافى: هذه رواية شاذه مخالفة للاخبار الكثيرة الدالة بان غيبوبة الشمس خلف الجبل لا يكفى، فلعله نهى عن التفتيش حين اشتغال الناس بالصلاة لانه يخالف التقية، أو لان الغروب يعرف بزوال الحمرة فلا حاجة إلى صعود الجبل، أو لان الموضع المرتفع يستلزم انحدار الافق الحسى فيرى قرص الشمس فوقه مع أن الذى في أسفل الجبل لو فرض عدم الحاجب بينه وبين الشمس لم يرها لكون الافق أعلى بالنسبة اليه وذلك قال عليه السلام " فانما عليك مشرقك ومغربك " وهذا مبين في علم الهيئة.

(٢) ذم الصادق عليه السلام لاسامة على صعود الجبل كان لاثارة الفساد بأن يقول انهم يفطرون والشمس لم يغب بعد، مع أن العامة قائلون بغيبوبة القرص، أو يقول لهم ويحصل الضرر بسببه اليه عليه السلام والى غيره كما هو الظاهر من الخبر أولا وآخرا، ويمكن أن يكون المراد بقوله عليه السلام " فانما عليك مشرقك ومغربك " أنه لا يحتاج إلى صعود الجبل ويمكن فهم الطلوع والغروب بظهور الحمرة أو ذهابها في المشرق للغروب وعسكه للطلوع، وظاهر الصدوق - رحمه الله - أنه حمل هذه الاخبار كلها على استتار القرص ولو كان خلف الجبل كما هو ظاهرها وان أمكن أن تكون ردا على الخطابية أيضا. (م ت)

٢٢٢

كالقباطي أو مثل نهر سوراء(١) .

ومن صلى الغداة في أول وقتها أثبتت له مرتين، أثبتها ملائكة الليل وملائكة النهار، ومن صلاها في آخر وقتها أثبتت له مرة واحدة، قال الله عزوجل: " وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا " يعني أنه تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.

٦٦٦ -وقال أبو جعفر عليه السلام: " وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس، ووقتها في السفر والحضر واحد(٢) وهو من المضيق، وصلاة العصر يوم الجمعة في وقت الاولى في سائر الايام ".

٦٦٧ -وروى إسماعيل بن رباح(٣) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " إذا صليت وأنت ترى أنك في وقت ولم يدخل الوقت، فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك "(٤) .

٦٦٨ -وسأله سماعة بن مهران(٥) عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم تر الشمس والقمر ولا النجوم، فقال: تجتهد رأيك وتعمد القبلة بجهدك ".

٦٦٩ -وروى أبوعبدالله الفراء(٦) عن الصادق عليه السلام " إنه قال له رجل من

____________________

(١) القباطى - بفتح القاف -: ثياب بيض رقيقة تجلب من مصر، واحدها قبطى - بضم القاف - نسبة إلى قبط - بالكسر -: جيل من النصارى بمصر. وسورى - بالقصر والمد - بلدة بأرض بابل وبها نهر يقال له: سوراء.

(٢) وجه كون وقتها واحدا وهو أول الزوال أن في السفر تسقط النافلة وفى الحضر تقدم نافلتها على الزوال الا ركعتين منها فانهما يصليان في عين الزوال على قول لتحقيق الزوال فلا ينافى هذا القدر كون صلاة الجمعة في أول الزوال المحقق فتأمل. (سلطان)

(٣) " رباح " بالباء الموحدة والطريق إلى اسماعيل بن رباح صحيح عند العلامة (ره) وفيه محمد بن على ما جيلويه أحد مشايخ المؤلف ولم يوجد له توثيق ولا مدح الا الترضى من المؤلف وهو عند جماعة من العلماء يساوق التوثيق.

(٤) يدل على الاجزاء إذا كان بعض الصلاة وقع في الوقت، وعليه عمل المشهور.

(٥) الطريق اليه قوى بعثمان بن عيسى وفيه ابراهيم بن هاشم وهو حسن (صه).

(٦) الطريق اليه صحيح (صه) لكن فيه أحمد بن أبى عبدالله عن أبيه. (جامع الرواة)

٢٢٣

أصحابنا: إنه ربما اشتبه علينا الوقت في يوم غيم، فقال: تعرف هذه الطيور التي تكون عندكم بالعراق يقال لها الديوك؟ فقال: نعم، قال: إذا ارتفعت أصواتها(١ وتجاوبت فعند ذلك فصل ".

٦٧٠ -وروى الحسين بن المختار عنه عليه السلام أنه قال: " إني مؤذن فإذا كان يوم غيم لم أعرف الوقت، فقال: إذا صاح الديك ثلاثة أصوات لاء فقد زالت الشمس ودخل وقت الصلاة ".

ومن صلى لغير القبلة في يوم غيم ثم علم، فإن كان في وقت فليعد، وإن كان قد مضى الوقت فلا إعادة عليه وحسبه اجتهاده.

٦٧١ -وقال أبوجعفر عليه السلام: " لان أصلي بعد ما يمضي الوقت أحب إلي من أن أصلي وأنا في شك من الوقت، وقبل الوقت ".

٦٧٢ -وروى معاوية بن وهب(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " كان المؤذن يأتي النبي صلى الله عليه وآله في الحر في صلاة الظهر فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله: أبرد أبرد ".

 (٣) قال مصنف هذا الكتاب: يعني عجل عجل وأخذ ذلك من التبريد.

باب معرفة زوال الشمس

٦٧٣ -روى عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " تزول الشمس في النصف من " حزيران " على نصف قدم، وفي النصف من " تموز " على قدم ونصف، و

____________________

(١) يعنى عند الزوال إذا ما شككت في زوال الشمس فلا ينافى ارتفاع صوتها في غير الزوال.

وقال استاذنا الشعرانى: متن الحديث مضطرب ويدل على جواز الدخول في الصلاة بصياح الديك فيجوز الاعتماد على الظن عند التعذر.

(٢) الطريق صحيح (صه) وفيه محمد بن على ما جيلويه وتقدم الكلام فيه.

(٣) هو كناية عن الراحة والسرور أو من بر النهار أى أوله.

٢٢٤

في النصف من " آب " على قدمين ونصف، وفي النصف من " إيلول " على ثلاثة أقدام ونصف وفي النصف من " تشرين الاول " على خمسة ونصف، وفي النصف من " تشرين الآخر " على سبعة ونصف، وفي النصف من " كانون الاول " على تسعة ونصف، وفي النصف من " كانون الآخر " على سبعة ونصف، وفي النصف من " شباط " على خمسة ونصف، وفي النصف من آذار " على ثلاثة ونصف وفي النصف من " نيسان " على قدمين ونصف، وفي النصف من " أيار " على قدم ونصف، وفي النصف من " حزيران " على نصف قدم "(١) .

٦٧٤ -وقال الصادق عليه السلام: " تبيان زوال الشمس أن تأخذ عودا طوله ذراع وأربع أصابع(٢) ، فتجعل أربع أصابع في الارض فإذا نقص الظل حتى يبلغ غايته، ثم زاد فقد زالت الشمس، وتفتح أبواب السماء، وتهب الرياح، وتقضى الحوائج العظام ".

____________________

(١) الظاهر أن هذه التحديدات يختص بالمدينة المشرفة وما والاها في العرض وهو عرض " كه "(٢٥٠) فان في أوائل البروج المبتدأ من أول السرطان في هذا العرض أظلال ارتفاعاتها النصف النهارية تقارب بل تساوى الاقدار المذكورة في الحديث الشريف كما يظهر بالرجوع إلى البراهين الهندسية، وان شئت الوقوف على صدق ذلك التخمين فانظر في الاسطرلاب واضعا صفحة عرض " كه " تحت العنكبوت مديرا له حتى تعرف الارتفاعات ثم استعلم اقدار أظلالها من ظهر الاسطرلاب والله أعلم. كذا في هامش نسخة وقال الاستاذ الشعرانى في هاشم الوافى: الظاهر أن هذه الحاشية من الشيخ البهائى - رحمه الله - وهو الحق بالنسبة إلى أكثر التقادير المذكورة، ولا يتوهمن أن بيان المقادير في كلام الامام عليه السلام يجب أن يكون عاما لجميع المكلفين في جميع البلاد لان الاحكام الالهية غير مختصة ببعضها، فان هذا صحيح فيما لم تكن قرينة على الاختصاص.

ثم نقل - مد ظله - كلام الفاضل التفرشى واستبعاده، و بعده اشكال الفقيه الهمدانى رضوان الله عليه صاحب مصباح الفقيه حيث قال: ان المقصود بالرواية بحسب الظاهر بيان ما يعرف به الزوال تقريبا والتنبيه على اختلاف الظل في الفصول الاربعة وبيان مقدار التفاوت على سبيل الاجمال.

وقال في جوابهما كلاما طويلا لا يسعنا ذكره. وجملة " وفى النصف من حزيران " الاخيرة زيادة زيدت في الاصل المأخوذة عنه الرواية.

(٢) هذا بطريق التمثيل والا فذلك يستعلم من كل شاخص.

٢٢٥

باب ركود الشمس

٦٧٥ -سأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " عن ركود الشمس(١) فقال: يا محمد ما أصغر جثتك وأعضل مسألتك، وإنك لاهل للجواب: إن الشمس إذا طلعت جذبها سبعون ألف ملك بعد أن أخذ بكل شعاع منها خمسة آلاف من الملائكة من بين جاذب ودافع حتى إذا بلغت الجو وجازت الكو قلبها ملك النور ظهرا لبطن فصار ما يلي الارض إلى السماء وبلغ شعاعها تخوم العرش فعند ذلك نادت الملائكة " سبحان الله ولا إله إلا الله والحمد لله الذى لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا " فقال له: جعلت فداك أحافظ على هذا الكلام عند زوال الشمس، فقال: نعم حافظ عليه كما تحافظ على عينك، فإذا زالت الشمس صارت الملائكة من ورائها يسبحون الله في فلك الجو إلى أن تغيب "(٢) .

٦٧٦ -وسئل الصادق عليه السلام " عن الشمس كيف تركد كل يوم ولا يكون لها يوم الجمعة ركود؟ قال: لان الله عزوجل جعل يوم الجمعة أضيق الايام، فقيل له: ولم جعله أضيق الايام؟ قال: لانه لا يعذب المشركين(٣) في ذلك اليوم لحرمته عنده ".

٦٧٧ -وروي عن حريز بن عبدالله أنه قال: " كنت عند أبي عبدالله عليه السلام

____________________

(١) الركود: السكون الذى يفصل بين الحركات (النهاية) والمراد ركود شعائها وسيأتى بيانه. وفى طريق الرواية مجهولان.

(٢) الملائكة الموكلون بالسماوات والكواكب كثيرة لا يحصيهم كثرة الا الله سبحانه منهم من وكل بالجذب، ومنهم من وكل بالدفع، ومنهم من وكل بالطلوع والافول، ومنهم من وكل بالرد والقبول، ومنهم بواب، ومنهم حجاب، ومنهم راكع، ومنهم ساجد، ومنهم حافون، ومنهم صافون إلى غير ذلك قال الله سبحانه " وما يعلم جنود ربك الا هو " (الوافى).

(٣) في بعض النسخ " لا يعذب المشركون ".

٢٢٦

فسأله رجل فقال له: جعلت فداك إن الشمس تنقض(١) ثم تركد ساعة من قبل أن تزول، فقال إنها تؤامر أتزول أو لا تزول "(٢) .

____________________

(١) من الانقضاض اى يتحرك سريعا من انقض النجم وهو مضاعف من " قض " لا منقوص من قضى. وقال في الوافى. وفى بعض النسخ " تنقضى " من الانقضاء.

(٢) قوله " ثم تركد ساعة " يحتمل أن يكون المراد بركود الشمس حين الزوال عدم ظهور حركتها بقدر يعتد بها عند الزوال وعدم ظهور تزايد الظل حينئذ يخلاف الساعات السابقة واللاحقة، وعبر عن ذلك بالركود بناء على الظاهر وفهم القوم، وجذب الملك عبارة عن ارادة الله تعالى وخلق القوى فيها، وليس الباعث على الخروج من الظاهر الوقوف على قول الحكماء من الاستمرار وضع الفلك وغيره بل الباعث أن كل نقطة من مدار الشمس محاذية لسمت رأس أفق من الافاق فيلزم سكون الشمس دائما لو سكنت حقيقة عند الزوال وتخصيص الركود بأفق خاص كمكة أو المدينة مع بعده يستلزم سكونها في البلاد الاخر بحسبها في اوقات آخر فان ظهر مكة مثلا يكون وقت الضحى في أفق آخر فيلزم ركودها في ضحى ذلك الافق ولا يلتزمه أحد فتأمل. (سلطان) وقال الفيض - رحمه الله - الوجه في ركود الشمس قبل الزوال تزايد شعاعها آنا فآنا وانتقاص الظل إلى حد ما ثم انتقاص اظل إلى حد الشعاع وتزايد الظل وقد ثبت في محله أن كل حركتين مختلفتين لابد بينهما من سكون، فبعد بلوغ نقصان الظل وقد ثبت في وقبل أخذه في الازدياد لابد وأن يركد شعاع الشمس في الارض ساعة ثم يزيد وهذا ركودها في الارض من حيث شعاعها بحسب الواقع وقد حصل بتبعية الظلال كما أن تسخينها واضاء‌تها انما يحصلان بتبعية انعكاس أشعتها من الارض والجبال على ما زعمته جماعة. وهذا لا ينافى استمرار حركتها في الفلك على وتيرة واحدة. والمؤامرة: المشاورة، يعنى أنها تشاور ربها في زوالها وذلك لانها مسخرة بأمر ربها، لا تتحرك ولا تسكن الا باذن منه عزوجل، وزمان هذا السكون وان كان قليلا جدا الا أن الشمس لما لم يحس بحركتها طرفى هذا الركود فهى كأنها راكدة ساعة ما، وما جاء في أن لا يكون للشمس ركود يوم الجمعة معناه انهم لاشتغالهم باستماع الخطبة وتهيئهم للصلاة لا يحسون به بل يسرع مروره عليهم وتقصر مدته لديهم لانهم في رخاء من العبادة وفى سرور من الطاعة ومدة الرخاء تكون قصراء عجلاء (الوافى) أقول: في الكافى ج ٣ ص ٤١٦ عن محمد بن اسماعيل عن الرضا عليه السلام في علة عدم ركودها يوم الجمعة رواية فليراجع.

٢٢٧

باب معرفة زوال الليل

٨ -٦٧ سأل عمر بن حنظلة(١) أبا عبدالله عليه السلام فقال له: " زوال الشمس نعرفه بالنهار، كيف لنا بالليل؟ فقال: لليل زوال كزوال الشمس، قال: فبأي شئ نعرفه؟ قال: بالنجوم إذا انحدرت "(٢) .

باب صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله التي قبضه الله تعالى عليها

٦٧٩ -قال أبوجعفر عليه السلام: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يصلي من النهار شيئا حتى تزول الشمس، فإذا زالت(٣) صلى ثماني ركعات وهي صلاة الاوابين تفتح في تلك الساعة أبواب السماء ويستجاب الدعاء وتهب الرياح وينظر الله إلى خلقه فإذا فاء الفئ ذراعا صلى الظهر أربعا وصلى بعد الظهر ركعتين ثم صلى ركعتين أخراوين(٤) ثم صلى العصر أربعا إذا فاء الفئ ذراعا، ثم لا يصلي بعد العصر شيئا حتى تؤوب الشمس، فإذا آبت وهو أن تغيب صلى المغرب ثلاثا وبعد المغرب أربعا، ثم لا يصلي شيئا حتى يسقط الشفق، فإذا سقط الشفق صلى العشاء، ثم أوى رسول الله صلى الله عليه وآله

____________________

(١) الطريق قوى بداود بن الحصين وفيه محمد بن عيسى والحسين بن أحمد بن ادريس ولم يوثقا صريحا.

(٢) لعل المراد بالنجوم التى طلعت في أول الليل حين غروب الشمس. (سلطان)

(٣) في بعض النسخ " حتى يزول النهار فان زال ".

(٤) محمول على المؤكد من المستحب ولا ينافى مطلق الاستحباب (الذكرى) أى استحباب الزيادة كما هو المشهور من كون نافلة العصر ثمان ركعات واستحباب الوتيرة بعد العشاء، ويمكن أن يقال: ان هذا بيان صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله في آخر عمره فيحمل على ترك بعض المستحبات لضعف الشيبة. (سلطان)

٢٢٨

إلى فراشه ولم يصل شيئا حتى يزول نصف الليل، فإذا زال نصف الليل صلى ثماني ركعات، وأوتر في الربع الاخير من الليل بثلاث ركعات فقرأ فيهن فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ويفصل بين الثلاث بتسليمة ويتكلم ويأمر بالحاجة، ولا يخرج من مصلاه حتى يصلي الثالثة التي يوتر فيها، ويقنت فيها قبل الركوع، ثم يسلم ويصلي ركعتي الفجر قبيل الفجر وعنده وبعيده، ثم يصلي ركعتي الصبح وهو الفجر إذا اعترض الفجر وأضاء حسنا، فهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله التي قبضه الله عزوجل عليها ".

باب فضل المساجد وحرمتها وثواب من صلى فيها

٦٨٠ -روى خالد بن ماد القلانسي، عن الصادق عليه السلام أنه قال: " مكة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام والصلاة فيها بمائة ألف صلاة، والدرهم فيها بمائة ألف درهم(١) والمدينة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام الصلاة فيها بعشرة آلاف صلاة، والدرهم فيها بعشرة آلاف درهم، والكوفة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليهما السلام والصلاة فيها بألف صلاة، وسكت عن الدرهم ".

٦٨١ -وروى أبوحمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " من صلى في المسجد الحرام صلاة مكتوبة قبل الله بها منه كل صلاة صلاها منذ يوم وجبت عليه الصلاة، وكل صلاة يصليها إلى أن يموت ".

٦٨٢ -وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الصلاة في مسجدي كألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام، فإن الصلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجدي "(٢) .

____________________

(١) أى التصدق فيها.

(٢) المراد كثرة الثواب لا خصوصية المقدار فلا ينافى ما مر.

٢٢٩

٦٨٣ -وسأل عبدالاعلى مولى آل سام أبا عبدالله عليه السلام " كم كان طول مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: كان ثلاثة آلاف وستمائة ذراع مكسرة "(١) .

٦٨٤ -وقال أبوجعفر عليه السلام لابي حمزة الثمالي: " المساجد الاربعة المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله، ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة، يا أبا حمزة الفريضة فيها تعدل حجة، والنافلة تعدل عمرة ".

٦٨٥ -وسئل أبوالحسن الرضا عليه السلام " عن قبر فاطمة عليها السلام فقال: دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت في المسجد ".

٦٨٦ -وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أتى مسجدي مسجد قبا فصلى فيه ركعتين رجع بعمرة ".

وكان عليه السلام يأتيه فيصلي فيه بأذان وإقامة.

ويستحب إتيان المساجد بالمدينة مسجد قبا فإنه المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم، ومشربة أم إبراهيم، ومسجد الفضيخ، وقبور الشهداء بأحد، ومسجد الاحزاب وهو مسجد الفتح(٢) .

ويستحب الصلاة في مسجد الغدير(٣) في ميسرة المسجد، فإن ذلك موضع قدم رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد

____________________

(١) قال في المغرب: الذراع المكسر ست قبضات وهى ذراع العامة وانما وصفت بذلك لانها نقصت عن ذراع الملك بقبضة وهو بعض الاكاسرة وكانت ذراعه سبع قبضات. ولعل المراد بالمكسر المضروب بعضها في بعض أى كان هذا في حاصل ضرب الطول في العرض ويحتمل الاول كما في المرآة.

(٢) بمضمونه بل بلفظه رواية في الكافى ج ٤ ص ٥٦٠ والتهذيب ج ٢ ص ٦.

(٣) في الكافى ج ٤ ص ٥٦٧ باسناده عن أبان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " يستحب الصلاة في مسجد الغدير لان النبى صلى الله عليه وآله أقام فيه أمير المؤمنين عليه السلام، وهو موضع أظهر الله عزوجل فيه الحق ". وبمضمون المتن خبر آخر بسند صحيح.

٢٣٠

من عاداه ".

٦٨٧ -وأما الجانب الآخر فذلك موضع فسطاط المنافقين الذين لما رأوه رافعا يده قال بعضهم لبعض انظروا إلى عينيه تدوران كأنهما عينا مجنون، فنزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين ".

أخبر الصادق عليه السلام بذلك حسان الجمال لما حمله من المدينة إلى مكة فقال له: " يا حسان لولا أنك جمالي ما حدثتك بهذا الحديث ".

٦٨٨ -وأما مسجد الخيف بمنى فإنه روى جابر عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " صلى في مسجد الخيف سبعمائة نبي ".

٦٨٩ -وروى أبوحمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " من صلى في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما، ومن سبح الله فيه مائة تسبيحة كتب الله له كأجر عتق رقبة، ومن هلل الله فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة، ومن حمد الله فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به في سبيل الله عزوجل ".

٦٩٠ -وقال الصادق عليه السلام: " كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا، وعن يمنيها وعن يسارها وخلفها نحو [امن] ذلك، فتحر ذلك، وإن استطعت أن يكون مصلاك فيه فافعل فإنه صلى فيه ألف نبي، وإنما سمي الخيف لانه مرتفع عن الوادي، وما ارتفع عنه يسمى خيفا ".

٦٩١ -وقال الصادق عليه السلام: " حد مسجد الكوفة آخر السراجين، خطه آدم عليه السلام، وأنا أكره أن أدخله راكبا، قيل له: فمن غيره عن خطته؟ قال: أما أول ذلك فالطوفان في زمن نوح عليه السلام، ثم غيره أصحاب كسرى والنعمان، ثم غيره زياد بن أبي سفيان ".

٢٣١

٦٩٢ -وقال عليه السلام: " كأني أنظر إلى ديراني في مسجد الكوفة في دير له فيما بين الزاوية والمنبر فيه سبع نخلات وهو مشرف من ديره على نوح يكلمه ".

٦٩٣ -وقال أبوبصير: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: نعم المسجد مسجد الكوفة، صلى فيه ألف نبي والف وصي، ومنه فار التنور، وفيه نجرت السفينة، ميمنته رضوان الله، ووسطه روضة من رياض الجنة، وميسرته مكر يعني منازل الشياطين "(١) .

٦٩٤ -وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومسجد الكوفة ".

٦٩٥ -وقال النبي صلى الله عليه وآله: " لما أسري بي مررت بموضع مسجد الكوفة وأنا على البراق ومعي جبرئيل عليه السلام فقال لي: يا محمد انزل فصل في هذا المكان، قال: فنزلت فصليت فقلت: يا جبرئيل أي شئ هذا الموضع؟ قال: يا محمد هذه كوفان وهذا مسجدها، أما أنا فقد رأيتها عشرين مرة خرابا وعشرين مرة عمرانا، بين كل مرتين خمسمائة سنة ".

٦٩٦ -وروي عن الاصبغ بن نباتة أنه قال: " بينا نحن ذات يوم حول أمير - المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة إذا قال: يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عزوجل بما لم يحب به أحدا من فضل مصلاكم بيت آدم، وبيت نوح، وبيت إدريس، ومصلى إبراهيم الخليل، ومصلى أخي الخضر عليهم السلام، ومصلاي، وإن مسجدكم هذا لاحد الاربعة المساجد التي اختارها الله عزوجل لاهلها، وكأني به قد أتي به يوم القيامة في ثوبين أبيضين يتشبه بالمحرم ويشفع لاهله ولمن يصلي فيه فلا ترد شفاعته، ولا تذهب الايام والليالي حتى ينصب الحجر الاسود فيه، وليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي، ومصلى كل مؤمن، ولا يبقى على الارض مؤمن إلا

____________________

(١) ينبغى أن يراد بالميمنة والميسرة خارج السمجد والوسط داخل المسجد اذ لا ينبغى ان تكون فيه منازل الشياطين، ويحتمل أن يكون المراد بالميسرة بيوت أهل الكوفة الواقعة في ميسرته (مراد) وفى بعض النسخ " مبارك الشياطين ".

٢٣٢

كان به أو حن قلبه إليه، فلا تهجروه، وتقربو إلى الله عزوجل بالصلاة فيه وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم، فلو يعلم لناس ما فيه من البركة لاتوه من أقطار الارض ولو حبوا(١) على الثلج ".

٦٩٧ -وأما مسجد السهلة فقد قال الصادق عليه السلام: " لو استجار عمي زيد به لاجاره الله سنة، ذلك موضع بيت إدريس عليه السلام الذى كان يخيط فيه، وهو الموضع الذي خرج منه إبراهيم عليه السلام إلى العمالقة، وهو الموضع الذي خرج منه داود إلى جالوت، وتحته صخرة خضراء فيها صورة وجه كل نبي(٢) خلقه الله عزوجل، ومن تحته أخذت طينة كل نبي(٣) وهو موضع الراكب، فقيل له: وما الراكب؟ قال الخضر عليه السلام ".

وأما مسجد براثا ببغداد فصلى فيه أمير المؤمنين عليه السلام لما رجع من قتال أهل النهروان.

٦٩٨ -وروي عن جابر بن عبدالله الانصاري أنه قال: " صلى بنا علي عليه السلام ببراثا بعد رجوعه من قتال الشراة(٤) ونحن زهاء مائة ألف رجل، فنزل نصراني من صومعته فقال: من عميد هذا الجيش؟ فقلنا: هذا، فأقبل إليه فسلم عليه فقال: يا سيدي أنت نبي؟ فقال: لا، النبي سيدي قد مات، قال: فأنت وصي نبي؟ قال: نعم، ثم قال له: اجلس كيف سألت عن هذا؟ قال: أنا بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع وهو براثا، وقرأت في الكتب المنزلة أنه لا يصلي في هذا الموضع بهذا الجمع(٥) إلا نبي أو وصي نبي وقد جئت أسلم، فأسلم وخرج معنا إلى الكوفة، فقال

____________________

(١) بفتح الحاء المهملة واسكان الموحدة اما بمعنى المشى أو دب على استه والرجلين والمشى إلى البطن. (م ح ق)

(٢) في بعض النسخ " صورة وجه كل شئ ".

(٣) في بعض النسخ " كل شئ ".

(٤) الشراة - بالضم وتخفيف الراء -: الخوارج، سموا أنفسهم شراة لزعمهم أنهم يشرون أنفسهم ابتغاء مرضات الله.

(٥) في بعض النسخ " بذا الجمع ".

٢٣٣

له علي عليه السلام: فمن صلى ههنا؟ قال: صلى عيسى بن مريم عليه السلام وأمه فقال له علي عليه السلام: أفأخبرك من صلى ههنا؟ قال: نعم، قال: الخليل عليه السلام ".

٦٩٩ -وقال الصادق عليه السلام: " من تنخم(١) في المسجد، ثم ردها في جوفه لم تمر بداء إلا أبرأته ".

٧٠٠ -وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من كنس المسجد يوم الخميس وليلة الجمعة فأخرج منه من التراب ما يذر في العين غفر الله تعالى له ".

٧٠١ -وقال الصادق عليه السلام: " من مشى إلى المسجد لم يضع رجليه على رطب ولا يابس إلا يسبح له إلى الارضين السابعة "(٢) .

وقد أخرجت هذه الاخبار مسندة وما رويت في معناها في كتاب فضل المساجد وحرمتها وماجا فيها.

٧٠٢ -وقال علي عليه السلام(٣) : " صلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة، وصلاة

____________________

(١) تنخم فلان: رمى نخامته أى دفع بشئ من صدره أو أنفه، وفى بعض النسخ " تنخع " أى رمى نخاعته وهى ما يخرج من صدر الانسان أو خيشومه من البلغم والمواد.

(٢) في العبارة مسامحة. وفى بعض النسخ " إلى الارض السابعة فالجمع باعتبار القطعات أو الاطراف، وعلى النسختين يحتمل أن يكون المراد من تحت قدميه في عمق الارض أو من الجوانب الاربع في سطح الارض.

(٣) هذا الخبر رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣٢٧ باب فضل المساجد باسناده عن محمد بن حسان عن النوفلى عن السكونى عن جعفر عن أبيه عن على عليهم السلام. ومحمد ابن حسان الرازى قال النجاشى فيه: يعرف وينكر بين بين يروى عن الضعفاء وضعفه ابن الغضائرى. وأما النوفلى فقيل فيه انه غلا في آخر عمره، وأما السكونى فكان عاميا. وبهذا السند أيضا رواه المؤلف في ثواب الاعمال والبرقى في المحاسن ورواه الشيخ في النهاية أيضا ولم أجد في كتب الخاصة خبرا في فضل مسجد بيت المقدس غير حسنة أبى حمزة الثمالى التى تقدمت تحت رقم ٦٨٤ وهذا الخبر الذى رواه السكونى وهو عامى كما عرفت وان كان موثقا فكل ماروى في فضل بيت المقدس والثواب الكثير للصلاة فيه سوى خبر أبى حمزة فمن طرق العامة وجاء في روايتهم " صلاة في مسجد بيت المقدس أفضل مما سواه من المساجد بخمسمائة صلاة " رواه الطبرانى في الكبير وابن خزيمة في صحيحه والبزار واللفظ له. وروى أحمد بن حنبل في مسند أبى هريرة عنه وكذا في مسند عائشة عنها عن النبى صلى الله عليه وآله =

٢٣٤

في المسجد الاعظم(١) تعدل مائة ألف صلاة، وصلاة في مسجد القبيلة تعدل خمسا

________________________

= قال: " صلاة في مسجدى خير من ألف صلاة فيما سواء من المساجد الا المسجد الاقصى " وروى البيهقى باسناده عن أبى ذر " أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الصلاة في بيت المقدس أفضل أو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: صلاة في مسجدى هذا أفضل من أربع صلوات فيه، ولنعم المصلى، هو أرض المحشر والمنشر، وليأتين على الناس زمان ولقيد سوط - أو قال: قوس الرجل (*) - حيث يرى منه بيت المقدس خير له أو أحب اليه من الدنيا جميعا ".

ولا ريب في فضل بيت المقدس لانه مسجد بناه نبى من أبنياء الله تعالى، ولا شك في كونه قبلة للمسلمين بضعة عشر شهرا وان لم يرضها النبى صلى الله عليه وآله كما يفهم من كريمة " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها " لكن لما كانت هذه الاخبار كلها من طرق العامة وليس في أخبار الامامية من طريقهم منها شئ يعتمد عليه كيف نطمئن إلى ما رووه من هذا الفضل الكبير مع أن الكلينى - رحمه الله - عقد في كتابه الكبير الكافى أبوابا في فضل المساجد وذكر فيها فضل المدينة ومسجد النبى ومسجد قبا ومسجد الفضيخ ومسجد الفتح ومسجد الاحزاب ومشربة ام ابراهيم ومسجد غيدير خم ومسجد الكوفة والمسجد الاعظم ومسجد السهلة ومسجد بالخمراء وغيرها من المساجد (* *) ولم يرو فيها في فضل بيت المقدس شيئا، نعم: روى باسناده عن اسماعيل بن زيد مولى عبدالله بن يحيى الكاهلى عن عبدالله بن يحيى عن أبى عبدالله (ع) قال: " جاء رجل إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فسلم فرد عليه، فقال: جعلت فداك انى أردت المسجد الاقصى فأردت أن أسلم عليك وأودعك، فقال له: وأى شئ أردت بذلك؟ فقال: الفضل، قال: فبع راحلتك وكل زادك وصل في هذا المسجد (مسجد الكوفة) فان الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة والنافلة عمرة مبرورة والبركة فيه على اثنى عشر ميلا - الحديث " ج ٣ ص ٤٩١ وكيف كان قاعدة التسامح في أدلة السنن تسهل الامر.

فمن صلى في بيت المقدس التماس ذلك الثواب يعطيه الله سبحانه إن شاء الله وان لم يكن الحديث كما بلغه.

(*) في النهاية: قد تكرر ذكر القيد في الحديث يقال: بينى وبينه قيد رمح وقاد رمح أى قدر رمح.

(* *) راجع ج ٣ ص ٤٨٩ إلى ٤٩٥ وج ٤ ص ٥٤٠ إلى آخر أبواب كتاب الحج.

(١) لعل المراد بالمسجد الاعظم ههنا المسجد الحرام على طباق سائر الاخبار.

٢٣٥

وعشرين صلاة، وصلاة في مسجد السوق تعدل اثنتي عشرة صلاة، وصلاة الرجل في بيته تعدل صلاة واحدة ".

٧٠٣ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " من بنى مسجدا كمفحص قطاة(١) بنى الله له بيتا في الجنة ".

٧٠٤ - وقال أبوعبيدة الحذاء: " ومر بي [أبوعبدالله عليه السلام] وأنا بين مكة والمدينة أضع الاحجار(٢) ، فقلت: هذا من ذاك؟ فقال: نعم ".

٧٠٥ - وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبدالله عليه السلام " عن المساجد المظللة(٣) يكره القيام فيها(٤) ؟ قال: نعم ولكن لا تضركم الصلاة فيها ".

____________________

(١) القطاة: طائر في حجم الحمام له طوق يشبه الفاختة والقمارى.

(٢) في بعض النسخ " وأنا أصنع الاحجار " وفى بعضها " وأنا أجمع الاحجار " وقوله " هذا من ذاك " روى الكلينى - رحمه الله - في الكافى ج ٣ ص ٣٦٨ عن أبى عبيدة الحذاء قال: " سمعت أبا عبدالله (ع) يقول: " من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة، قال: أبوعبيدة: فمر بى أبوعبدالله (ع) في طريق مكة وقد سويت بأحجار مسجدا، فقلت له: جعلت فداك نرجو أن يكون هذا من ذاك؟ فقال: نعم ".

(٣) لعل المراد بالمظللة المسقفة باللبن والاجر بقرينة المقام والا فمسجد الرسول صلى الله عليه وآله صار مظللا في حياته بالسعف. (م ت)

(٤) قوله " يكره القيام فيها " عبر عن الصلاة فيها بالقيام وذلك شايع كما في التنز " لمسجد اسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ". وقال الشيخ في النهاية ص ١٠٨ " بناء المسجد فيه فضل كبير وثواب جزيل، ويستحب أن لا تعلى المساجد بل تكن وسطا، ويستحب أن لا تكون مظللة ولا يجوز ان تكون مزخرفة او مذهبة او فيها شى من التصاوير، ولا يجوز ان تكون مشرفة بل تبنى جما - بضم الجيم وشد الميم - أى لا شرف لها - نتهى. واعلم أن كراهة الصلاة في المظللة أو المصورة أو المزخرفة من المساجد مخصوصة بزمان يكون الامام المعصوم (ع) حاضرا متمكنا ففى الكافى بسند حسن كالصحيح عن الحلبى قال: " سئل أبوعبدالله عليه السلام عن المساجد المظللة أيكره الصلاة فيها؟ قال: نعم ولكن لا يضركم اليوم ولو قد كان العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك - الحديث "

وروى أيضا عن عمرو بن جميع قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة في المساجد المصورة فقال: أكره ذلك ولكن لا يضركم ذلك اليوم ولو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك " وأما زخرفة المساجد فلا شك في عدم جوازه عند أكثر فقهائنا فيكف برجحانه، وهكذا التصوير.

٢٣٦

٧٠٦ -وقال أبوجعفر عليه السلام: " أول ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فيكسرها، ويأمر بها فيجعل عريشا كعريش موسى "(١) .

٧٠٧ -و " كان علي عليه السلام إذا رأى المحاريب في المساجد كسرها ويقول: كأنها مذابح اليهود ".

٧٠٨ - و " رأى علي عليه السلام مسجدا بالكوفة قد شرف قال: كأنه بيعة إن المساجد لا تشرف، تبنى جما ".

٧٠٩ -وسئل أبوالحسن الاول عليه السلام " عن الطين فيه التبن يطين به المسجد أو البيت الذي يصلي فيه، فقال: لا بأس ".

٧١٠ -وسئل " عن بيت قد كان الجص يطبخ بالعذرة أيصلح أن يجصص به المسجد؟ فقال: لا بأس ".

٧١١ -وسئل " عن بيت قد كان حشا زمانا(٢) هل يصلح أن يجعل مسجدا؟ فقال: إذا نظف وأصلح فلا باس ".

٧١٢ - وسأل عبيد الله بن علي الحلبي أبا عبدالله عليه السلام " في مسجد يكون في الدار فيبدو لاهله أن يتوسعوا بطائفة منه أو يحولوه عن مكانه، فقال: لا بأس بذلك، قال: فقلت: فيصلح المكان الذي كان حشا زمانا أن ينظف ويتخذ مسجدا؟

____________________

(١) العريش ما يستظل به، فلعل المراد أنه يجعل بدل السقف عريشا من وضع الاخشاب ووضع الحشيش ونحوه عليها بحيث يندفع به حر الشمس عن أهل السمجد.

(٢) في النهاية في الحديث " ان هذه الحشوس محتضرة " يعنى الكنف ومواضع قضاء الحاجة، والواحد حش - بالفتح - وأصله من الحش: البستان لانهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين.

٢٣٧

قال: نعم(١) إذا ألقي عليه من التراب ما يواريه فإن ذلك ينظفه و يطهره ".

٧١٣ -وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: " من اختلف إلى المساجد أصاب إحدى الثمان: أخا مستفادا في الله عزوجل(٢) ، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة رده عن ردى، أو يسمع كلمة تدله على هدى، أو يترك ذنبا خشية أو حياء "(٣) .

٧١٤ -و " سمع النبي صلى الله عليه وآله رجلا ينشد ضالة في المسجد، فقال: قولوا له: لا رد الله عليك [ضالتك] فإنها(٤) لغير هذا بنيت ".

٧١٥ -وقال عليه السلام: " جنبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، ورفع أصواتكم وشراء‌كم، وبيعكم، والضالة، والحدود، والاحكام "(٥) .

وينبغي أن تجنب المساجد إنشاد الشعر فيها وجلوس المعلم للتأديب فيها، وجلوس الخياط فيها للخياطة.

٧١٦ -وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من السراج ".

٧١٧ -وقال أبوجعفر عليه السلام: " إذا أخرج أحدكم الحصاة من المسجد فليردها

____________________

(١) " مسجد يكون في الدار " أى مكان يتخذ للصلاة فيه وذلك لا يستلزم كونه مسجدا حقيقة وقف للصلاة فيه لئلا يمكن توسيع الدار بأخذ بعضه فيها أو جعله كله فيها وجعل مكان آخر بدله. (مراد).

(٢) أى استفادة اخوته وتحصيلها لله، لا لاغراض الدنيا.

(٣) المستطرف من الطرفة وهى النفيس والجديد، والمحكم ما استقل بالدلالة من غير توقف على قرينة، والردى: الهلاك، الخشية والحياء اما من الله أو من الملائكة أو من الناس (الوافى) وترك الذنب خشية هو السابع وتركه حياء هو الثامن والترديد بين الامور الثانية على سبيل منع الخلو، دون منع الجمع. (مراد)

(٤) يعنى المساجد فالضمير باعتبار الجمع.

(٥) أى جعلها عادة أو لغير الامام، فلا ينافى ما نقل من قضاء أمير المؤمين عليه السلام في مسجد الكوفة في بعض الاوقات. (سلطان)

٢٣٨

في مكانها أو في مسجد آخر فإنها تسبح "(١) .

ولا يجوز للحائض والجنب أن يدخلا المسجد إلا مجتازين(٢) .

٧١٨ -وقال الصادق عليه السلام: " خير مساجد نسائكم البيوت ".

٧١٩ -وسئل " عن الوقوف على المساجد، فقال: لا يجوز فإن المجوس أوقفوا على بيوت النار "(٣) .

____________________

(١) المشهور بين الاصحاب حرمة اخراج الحصى من المسجد ووجوب الرد اليه أو إلى غيره. (م ت)

(٢) واستثنى منه مسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله زادهما الله شرفا وتعظيما فليس للجنب والحائض الاجتياز فيهما

(٣) روى المؤلف في آخر كتاب الوقف، والشيخ في التهذيب ج ٢ ص ٣٧٦ عن العباس بن عامر عن أبى الصحارى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: رجل اشترى دارا فبقيت عرصة فبناها بيت غلة أتوقف على المسجد؟ فقال: ان المجوس أقفوا على بيت النار ". والمحكى عن الشهيد - رحمه الله - أنه قال في الذكرى: يستحب الوقف على المساجد بل هو من أعطم المثوبات لتوقف بقاء عمارتها عليه التى هى من أعظم مراد الشارع، ثم ذكر - رحمه الله - خبر أبى الصحارى وقال: أجاب عنه بعض الاصحاب بان الرواية مرسلة، وبامكان الحمل على ما هو محرم فيها كالزخرفة والتصوير - انتهى. أقول: قوله - قدس سره -: " يستحب الوقف على المساجد " ليس له دليل شرعى الا العمومات ولا تشمله بعد ورود المنع، وأما توقف بقائها عليه فغير معلوم فان المساجد التى ليس لها موقوف في عصرنا هذا كلها عامرة بل أشد عمرانا من المساجد التى لها موقوفات، وان سلمنا ليس هو دليل شرعى يؤخذ به بل هو من قبيل الاستحسانات. وأما ارسال السند فمدفوع لان طريق الصدوق إلى العباس بن عامر القصبانى معلوم في المشيخة، وأما الحمل على ما هو محرم فيها فلا وجه له. وقال الفيض - رحمه الله - " المستفاد من الخبر تعليل المنع بالتشبه بالمجوس ولعل الاصل فيه خفة مؤونة المساجد وعدم افتقارها إلى الوقف إذا بنيت كما ينبغى، وانما افتقرت اليه للتعدى عن حدها ". وقال المولى المجلسى - رحمه الله -: " عبارة الخبر محتمل للجواز بأن يكون المراد أنه إذا كان المجوس أوقفوا عن بيت النار الباطل فانهم أولى بأن يوقفوا على المسجد الحق " أقول: هذا الاحتمال في غاية البعد كما ترى. والحق أن عبارة الخبر لا تدل على النهى التحريمى بل غاية ما يستفاد منه الكراهة ووجهها معلوم عند ذوى البصائر، فان المسجد إذا لم يكن له موقوف لا مطمع لاحد فيه ولا يتخذ دكانا يتنازع في امامته وتوليته وغير ذلك، وقال سلطان العلماء: " يحتمل أن يكون مراده بالسؤال عن الوقوف على المساجد وقوف الاولاد عليها للخدمة وجوابه عليه السلام والتعليل بان المجوس اوقفوا على بيوت النار يشعر ان بهذا الحمل وما في القاموس من " وقف يقف وقوفا أى دام قائما، والنصرانى وقيفى - بكسر القاف المشددة كخليقى -: خدم البيعة " يعضده كما لا يخفى على من له ذوق سليم " انتهى. وهو كما ترى مخالف لصريح الخبر الذى نقلناه عن العباس بن عامر.

٢٣٩

٧٢٠ -وروي أن في التوراة مكتوبا " إن بيوتي في الارض المساجد، فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، ألا إن على المزور كرامة الزائر(١) ، ألا بشر المشائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة ".

٧٢١ -وروي " أن البيوت التي يصلى فيها بالليل يضئ نورها لاهل السماء كما يضئ نور الكواكب لاهل الارض ".

٧٢٢ -وروي " أن عليا عليه السلام مر على منارة طويلة فأمر بهدمها، ثم قال: لا ترفع المنارة إلا مع سطح المسجد"(٢) .

٧٢٣ -" وإن الله تبارك وعالى ليريد عذاب أهل الارض جميعا حتى لا يحاشي منهم أحدا فإذا نظر إلى الشيب(٣) ناقلي أقدامهم إلى الصلوات والولدان يتعلمون القرآن رحمهم الله فأخر ذلك عنهم "(٤) .

_________________________

(١) روى المؤلف صدر هذا الخبر في ثواب لاعمال ص ٤٥ في حديث وذيله في آخر.

(٢) يفهم منه حرمة بناء المنارات العالية لحمرة الاشراف على بيوت المسلمين، وحمله الاكثر على الكراهة وان حكموا بحرمة الاشراف.

(٣) قوله " ليريد " اللام دخلت على خبر " ان " للتأكيد. وقوله: " لا حاشى " أى لا يستثنى. والشيب اما - بسكر الشين - فجمع أشيب على القياس، واما بضم الشين وشد الياء فجمع شائب. وهو المبيض الرأس.

(٤) رواه المصنف في ثواب الاعمال باسناده، عن الاصبغ بن بناته، عن أمير المؤمنين عليه السلام وفيه " ان الله عزوجل ليهم بعذاب أهل الارض جميعا، لا يحاشى منهم أحدا - "

٢٤٠