من لا يحضره الفقيه الجزء ١

من لا يحضره الفقيه0%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 573

من لا يحضره الفقيه

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف:

الصفحات: 573
المشاهدات: 108416
تحميل: 9377


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 573 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108416 / تحميل: 9377
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء 1

مؤلف:
العربية

إنما هو الشهادتان فجعل شهادتين شهادتين كما جعل في سائر الحقوق شاهدان فإذا أقر العبد لله عزوجل بالوحدانية وأقر للرسول صلى الله عليه وآله بالرسالة فقد أقر بجملة الايمان لان أصل الايمان إنما هو بالله وبرسوله، وإنما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة لان الاذان إنما وضع لموضع الصلاة وإنما هو نداء إلى الصلاة في وسط الاذان ودعاء إلى الفلاح وإلى خير العمل، وجعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه ".

باب وصف الصلاة من فاتحتها إلى خاتمتها

٩١٥ -روي عن حماد بن عيسى(١) أنه قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام يوما: " تحسن أن تصلي يا حماد؟ قال: قلت: يا سيدي أنا أحفظ كتاب حريز(٢) في الصلاة، قال: فقال عليه السلام: لا عليك(٣) قم فصل، قال: فقمت بين يديه متوجها إلى القبلة فاستفتحت الصلاة وركعت وسجدت، فقال: يا حماد لا تحسن أن تصلي، ما أقبح بالرجل(٤) أن تأتي عليه ستون سنة أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامة، قال حماد: فأصابني في نفسي الذل، فقلت: جعلت فداك فعلمني الصلاة، فقام أبوعبدالله عليه السلام مستقبل القبلة منتصبا فأرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه وقرب بين قدميه حتى كان بينهما ثلاث أصابع مفرجات، فاستقبل بأصابع رجليه جميعا لم يحرفهما عن القبلة بخشوع واستكانة(٥) فقال: " الله أكبر " ثم قرأ الحمد بترتيل،

____________________

(١) الطريق صحيح كما في (صه).

(٢) بفتح الحاء كشريف - ثقة كوفى.

(٣) أى لا بأس عليك.

(٤) زاد في الكافى والتهذيب " منكم " أى من الشيعة أو من خواصهم.

(٥) " بخشوع " أى بتذلل وخوف وخضوع. قال الجوهرى: خشع ببصره أى غضه. وقال الفيض - رحمه الله -: الخشوع يكون بالقلب والجوارح فبالقلب أن يجمع الهمة ويفرغ قلبه عن غير العبادة والمعبود، وبالجوارح أن يغض بصره ويقبل على العبادة ولا يلتفت ولا يعبث.

٣٠١

وقل هو الله أحد، ثم صبر هنيئة بقدر ما يتنفس وهو قائم، ثم قال: " الله أكبر " وهو قائم، ثم ركع وملا كفيه من ركبتيه(١) مفرجات، ورد ركبتيه إلى خلفه حتى استوى ظهره حتى لو صب عليه قطرة ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره ورد ركبتيه إلى خلفه ونصب عنقه وغمض عينيه(٢) ، ثم سبح ثلاثا بترتيل(٣) وقال: " سبحان ربي العظيم وبحمده " ثم استوى قائما، فلما استمكن من القيام قال: " سمع الله لمن حمده " ثم كبر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه(٤) وسجد ووضع يديه إلى الارض قبل ركبتيه فقال: " سبحان ربي الاعلى وبحمده " ثلاث مرات، ولم يضع شيئا من بدنه على شئ منه، وسجد على ثمانية أعظم: الجبهة والكفين وعيني الركبتين(٥) وأنامل إبهامي الرجلين الانف.

فهذه السبعة فرض، ووضع الانف على الارض سنة وهو الارغام(٦) ثم رفع رأسه من السجود فلما استوى جالسا قال:

____________________

(١) أى ماسها بكلا كفيه ولم يكتف بوضع أطرافها. (الوافى)

(٢) قوله " غمض عينيه " لا ينافى ما اشتهر بين الاصحاب من استحباب النظر إلى ما بين القدمنى لان التغميض قول حماد لا قول الامام (ع) وحكى مارآه منه وحيث انه (ع) خفض طرفه في حال الركوع زعم حماد أنه غمض عينيه، والناظر إلى ما بين القدمين يقرب صورته من صورة المغمض.

والمصلى إذا خفض طرفه في حال القيام وقع نظره إلى محل سجدته و في حال الركوع إلى ما بين قدميه وفى حال السجود إلى طرفى أنفه وفى حال التشهد إلى حجره وهو من علامات الخشوع وأماراته

(٣) الترتيل: التأنى وتبيين الحروف، وفى رواية عن أمير المؤمنين (ع) في قوله تعالى " ورتل القرأن ترتيلا " أنه حفظ الوقوف وأداء الحروف.

(٤) حيال الوجه محاذاته أى لم يرفع (ع) يديه بالتكبير أزيد من حيال وجهه.

(٥) عين الركبة ما يقال له بالفارسية (كاسه‌ء زانو) والتثنية باعتبار الركبتين وقيل لكل من الركبتين عينان وهما نقرتان مقدمها عند الساق.

(٦) في الكافى ج ٣ ص ٣١٣ " وسجد على ثمانية أعظم: الكفين والركبتين وأنامل ابهامى الرجلين والجبهة والانف وقال: سبعة منها فرض يسجد عليها وهى التى ذكرها الله في كتابه فقال: " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا " وهى الجبهة والكفان والركبتان والابهامان، ووضع الانف على الارض سنة ".

٣٠٢

الله أكبر " ثم قعد على جانبه الايسر ووضع ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسر وقال: " استغفر الله ربي وأتوب إليه " ثم كبر وهو جالس وسجد الثانية، وقال كما قال في الاولى ولم يستعن(١) بشئ من بدنه على شئ منه في ركوع ولا سجود، وكان مجنحا(٢) ولم يضع ذراعيه على الارض، فصلى ركعتين على هذا، ثم قال: يا حماد هكذا صل "(٣) .

ولا تلتف ولا تعبث بيديك وأصابعك، ولا تبزق عن يمينك ولا يسارك ولا بين يديك.

٩١٦ -وقال الصادق عليه السلام: " إذا قمت إلى الصلاة فقل: " اللهم إني أقدم إليك محمدا بين يدي حاجتي وأتوجه إليك به فاجعلني به وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين واجعل صلاتي به مقبولة، وذنبي به مغفورا، ودعائي به مستجابا، إنك أنت الغفور الرحيم ".

فإذا قمت إلى الصلاة فلا تأت بها شبعا(٤) ولا متكاسلا ولا متناعسا(٥) ولا

____________________

(١) في بعض النسخ " لم يضع ".

(٢) التجنح: رفع الساعدين من الارض متجافيا عن الجنبين، معتمدا على الكفين، كالجناحين.

(٣) الحديث في الكافى ج ٣ ص ٣١٢ وفى التهذيب ج ١ ص ١٥٧ إلى هنا، و يمكن أن يكون الباقى من كلام المؤلف - رحمه الله - أمن تتمة الخبر ولم يذكراه وقد ذكره المؤلف في العلل.

(٤) الشبع: ضد الجوع. وفى بعض النسخ " سغبا " أى في حالة الجوع، وفى بعضها " شعيا " ولعل المراد بالشعى كونه متفرق الخاطر، وفى الصحاح: جاء‌ت الخيل شواعى وشوايع أى متفرقة.

(٥) الكسل: التثاقل عن الامر، والمتناعس هو الذى يأخذه النعاس وهو مقدمة النوم

٣٠٣

مستعجلا، ولكن على سكون ووقار، فإذا دخلت في صلاتك فعليك بالتخشع والاقبال على صلاتك فإن الله عزوجل يقول " والذين هم في صلوتهم خاشعون " ويقول " وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين " واستقبل القبلة بوجهك، ولا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك، وقم منتصبا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " من لم يقم صلبه فلا صلاة له " واخشع ببصرك ولا ترفعه إلى السماء، وليكن نظرك إلى موضع سجودك، واشغل قلبك بصلاتك فانه لا يقبل من صلاتك إلا ما أقبلت عليه منها بقلبك، حتى أنه ربما قبل من صلاة العبد ربعها أو ثلثها أو نصفها، ولكن الله عزوجل يتمها للمؤمنين بالنوافل، وليكن قيامك في الصلاة قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، واعلم أنك بين يدي من يراك ولا تراه، وصل صلاة مودع كأنك لا تصلي بعدها أبدا، ولا تعبث بلحيتك ولا برأسك ولا بيديك، ولا تفرقع أصابعك، ولا تقدم رجلا على رجل، وزاوج(١) بين قدميك واجعل بينهما قدر ثلاث أصابع إلى شبر، ولا تتمطأ ولا تتثاء‌ب(٢) ولا تضحك فان القهقهة تقطع الصلاة، ولا تتورك فإن الله عزوجل قد عذب قوما على التورك، كان أحدهم يضع يديه على وركيه من ملالة الصلاة، ولا تكفر فإنما يصنع ذلك المجوس(٣) ، وأرسل يديك وضعهما على فخذيك قبالة ركبتيك فإنه أحرى أن تهتم بصلاتك، ولا تشغل عنها نفسك فإنك إذا حركتها كان ذلك يلهيك، ولا تستند إلى جدار إلا أن تكون مريضا، ولا تلتفت عن يمينك ولا عن يسارك، فإن التفت حتى ترى من خلفك فقد وجب عليك إعادة الصلاة، وإن العبد إذا التفت في صلاة ناداه الله عزوجل فقال: عبدي إلى من تلتفت إلى من هو خير لك مني، فإن التفت ثلاث مرات صرف الله عزوجل عنه نظره فلم ينظر إليه بعد ذلك أبدا، ولا تنفخ في موضع سجودك فإذا

____________________

(١) فرقع الاصابع أى نقضها وغمزها حتى يسمع لمفاصلها صوت، وزاوج أى قارن.

(٢) التمطى: مد اليدين، ما يقال له بالفارسية: (خميازه) والتثاؤب: فتح الفم و ما يقال له بالفارسية: (دهان دره).

(٣) التفكير وضع احدى اليدين على الاخرى محاذيا للصدر في حال القيام.

٣٠٤

أردت النفخ فليكن قبل دخولك في الصلاة فإنه يكره ثلاث نفخات(١) في موضع السجود وعلى الرقي وعلى الطعام الحار، ولا تبزق ولا تمخط، فإن من حبس ريقه إجلالا لله تعالى في صلاته أورثه الله عزوجل صحة إلى الممات، وارفع يديك بالتكبير(٢) إلى نحرك ولا تجاوز بكفيك أذنيك حيال خديك ثم ابسطهما بسطا وكبر ثلاث تكبيرات وقل " اللهم أنت الملك الحق المبين، لا إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك، عملت سوء‌ا وظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت "، ثم كبر تكبيرتين في ترسل(٣) ترفع بهما يديك وقل: " لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس إليك، والمهدي من هديت، عبدك وابن عبدك بين يديك، منك وبك ولك وإليك، لا ملجأ ولا منجا ولا مفر منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك وحنانيك(٤) ، سبحانك رب البيت الحرام " ثم كبر تكبيرتين وقل: " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض، على ملة إبراهيم ودين محمد [صلى الله عليه وآله] ومنهاج علي، حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم " وإن شئت كبرت سبع تكبيرات ولاء إلا أن الذي وصفناه

____________________

(١) أى يكره النفخ في ثلاثة مواضع. والرقى بالضم - جمع الرقية وهى معروفة.

(٢) لعل الباء بمعنى " مع " فيدل على أن ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير وانتهاء‌ه مع انتهائه مبسوط اليدين.

(٣) أى بتثبت وتأن وطمأنينة، في النهاية " إذا أذنت فترسل " أى تأن ولا تعجل وترسل الرجل في كلامه ومشيه إذا لم يعجل وهو والترتيل سواء الا أن الاخير مستعمل في القراء‌ة.

(٤) قوله " لبيك وسعديك " أى اقامة على طاعتك بعد اقامة، ومساعدة على امتثال أمرك بعد مساعدة، وقوله " والشر ليس اليك " أى ليس منسوبا اليك ولا صادرا عنك. والحنان بتخفيف النون: الرحمة، و " سبحانك وحنانيك " أى انزهك عما لا يليق بك تنزيها والحال أنى أسألك رحمة بعد رحمة، أو أطلب ترحمك بعد ترحم، وحنانك بعد حنان، أو ترحم على مرة بعد مرة.

٣٠٥

تعبد.(١) وإنما جرت السنة في افتتاح الصلاة بسبع تكبيرات لما رواه زرارة:

٩١٧ -عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الصلاة وقد كان الحسين عليه السلام أبطأ عن الكلام حتى تخوفوا أنه لا يتكلم وأن يكون به خرس، فخرج صلى الله عليه وآله به حاملا(٢) على عاتقه وصف الناس خلفه، فأقامه على يمينه فافتتح رسول الله صلى الله عليه وآله الصلاة فكبر الحسين عليه السلام، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله تكبيرهعاد فكبر وكبر الحسين عليه السلام حتى كبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبع تكبيرات وكبر الحسين عليه السلام فجرت السنة بذلك ".

٩١٨ -وقد روى هشام بن الحكم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام لذلك علة أخرى، وهي " أن النبي صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء قطع سبعة حجب فكبر عند كل حجاب تكبيرة فأوصله الله عزوجل بذلك إلى منتهى الكرامة ".

٩١٩ -وذكر الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام علة أخرى، وهي " أنه إنما صارت التكبيرات في أول الصلاة سبعا لان أصل الصلاة ركعتان واستفتاحهما بسبع تكبيرات، تكبيرة الافتتاح، وتكبيرة الركوع، وتكبيرتي السجدتين، وتكبيرة الركوع في الثانية، تكبيرتي السجدتين(٣) ، فإذا كبر الانسان في أول صلاة سبع

____________________

(١) لعل المراد بالتعبد الاقرار بالربوبية. ومن قوله: " فاذا قمت إلى الصلاة فلا تأت بها شبعا " إلى هنا غير معلوم لنا أكله من كلام الصادق (ع) أو جمعه المؤلف من كلماتهم المتفرقة في تضاعيف أخبارهم، والمظنون عندى جدا أنه من كلامه - رحمه الله أخذه من أبخا شتى ولا يسعنا تفكيكها وتخريجها.

(٢) في بعض النسخ " حامله " وهى بالنصب على الحالية حيث ان الاضافة اللفظيه لا تفيد تعريفا ومعنى التعليل هنا أن ذلك صار سببا لشرع التكبيرات باذن الله تعالى. (مراد)

(٣) لعل المراد باستفتاح الركعتين بالسبع التكبيرات التى يستفتح بها كل فعل و لهذا لم يعد منها الاربع التى بعد الرفع من السجدات (الوافى) وقال الفاضل التفرشى: قوله " وتكبيرتى السجدتين " أى التكبيرتين اللتين شرع كل منهما لاجل سجدة وان كان لكل سجدة تكبيرتان، فالمقصود ذكر ما لاجله التكبير وهو سبعة، ويمكن أن يراد باستفتاح الركعتين استفتاح أجزائهما فيكون لكل سجدة تكبيرة واحدة وحينذ يحمل الاستفتاح على ظاهره وان احتيج إلى حذف مضاف.

٣٠٦

تكبيرات ثم نسي شيئا من تكبيرات الافتتاح من بعد أو سهى عنها لم يدخل عليه نقص في صلاته ".

وهذه العلل كلها صحيحة وكثرة العلل للشئ تزيده تأكيدا، ولا يدخل هذا في التناقض، وقد يجزي في الافتتاح تكبيرة واحدة.

٩٢٠ -و " كان رسول الله الله عليه وآله وسلم أتم الناس صلاة وأوجزهم، كان إذا دخل في صلاة قال: الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ".

٩٢١ -و " سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يابن عم خير خلق الله تعالى ما معنى رفع يديك في التكبيرة الاولى؟ فقال عليه السلام: معناه الله أكبر الواحد الاحد الذي ليس كمثله شئ، لا يلمس بالاخماس(١) ولا يدرك بالحواس ".

فإذا كبرت تكبيرة الافتتاح فاقرأ الحمد لله وسورة معها موسع عليك أي السور قرأت في فرائضك إلا أربع سور، وهي سورة والضحى وألم نشرح لانهما جميعا سورة واحدة، ولايلاف وألم تر كيف لانهما جميعا سورة واحدة، فان قرأتهما كان قراء‌ة الضحى وألم نشرح في ركعة واحدة، ولايلاف وألم تر كيف في ركعة، ولا تنفرد بواحدة من هذه الاربع السور في ركعة فريضة، ولا تقرن بين سورتين في فريضة فأما في النافلة فاقرن ما شئت، ولا تقرأ في الفريضة شيئا من العزائم الاربع وهي سورة سجدة لقمان، و حم السجدة، والنجم، وسورة اقرأ باسم ربك. ومن قرأ شيئا من العزائم الاربع(٢) فليسجد وليقل: " إلهي آمنا بما كفروا وعرفنا منك ما أنكروا، وأجبناك إلى ما دعوا، إلهي فالعفو العفو " ثم يرفع رأسه ويكبر.

٩٢٢ -وقد روي أنه يقول في سجدة العزائم " لا إله إلا الله حقا حقا لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا، لا إله إلا الله عبودية ورقا، سجدت لك يارب تعبدا

____________________

(١) المراد بالاخماس الاصابع الخمس لان اختبار الملموسات بها غالبا. (مراد)

(٢) أى في غير الصلاة، أو في الصلاة سهوا. (سلطان).

٣٠٧

ورقا، لا مستنكفا ولا مستكبرا، بل أنا عبد ذليل خائف مستجير " ثم يرفع رأسه ثم يكبر.

ومن سمع رجلا يقرأ العزائم فليسجد وإن كان على غير وضوء، ويستحب أن يسجد الانسان في كل سورة فيها سجدة إلا أن الواجب في هذه العزائم الاربع.

وأفضل ما يقرأ في الصلاة في اليوم والليلة في الركعة الاولى الحمد وإنا أنزلناه وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد إلا في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة، فان الافضل أن يقرأ في الاولى منها الحمد وسور الجمعة، وفي الثانية الحمد وسبح اسم وفي صلاة الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة في الاولى الحمد وسورة الجمعة، وفي الثانية الحمد وسورة المنافقين، وجايز أن يقرأ في العشاء الآخرة ليلة الجمعة وصلاة الغداة والعصر بغير سورة الجمعة والمنافقين، ولا يجوز أن يقرأ في صلاة الظهر يوم الجمعة بغير سورة الجمعة والمنافقين، فإن نسيتهما أو واحدة منهما في صلاة الظهر وقرأت غيرهما ثم ذكرت فارجع إلى سورة الجمعة والمنافقين(١) ما لم تقرأ نصف السورة(٢) فإن قرأت نصف السورة فتمم السورة واجعلهما ركعتي نافلة وسلم فيهما، وأعد صلاتك بسورة الجمعة والمنافقين.

وقد رويت رخصة في القراء‌ة في صلاة الظهر(٣) بغير سورة الجمعة والمنافقين لا أستعملها ولا أفتي بها إلا في حال السفر والمرض وخيفة فوت حاجة.

وفي صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس في الركعة الاولى الحمد وهل أتى

____________________

(١) هذا إذا أمكن الرجوع كما إذا كان في الركعة الاولى وقد نسى قراء‌ة الجمعة أو كان في الركعة الثانية فنسى قراء‌ة المنافقين وكان قد قرأ في الركعة الاولى سورة الجمعة، اما إذا كان قد نسى قراء‌ة الجمعة في الركعة الاولى وتذكر وهو في الركعة الثانية فلا يمكن الرجوع، فمعنى قوله: " فان نسيتهما " فان نسيت كل واحدة منهما في موضعهما كما إذا نسى الجمعة في الركعة الاولى وتذكر قبل تجاوز النصف فيرجع، ثم نسى المنافقين في الثانية وتذكر قبل تجاوز النصف أيضا. (مراد)

(٢) راجع التهذيب ج ١ ص ٢٢٠.

(٣) يعنى في يوم الجمعة. وراجع التهذيب ج ١ ص ٢٤٧.

٣٠٨

على الانسان، وفي الثانية الحمد وهل أتيك حديث الغاشية، فان من قرأهما في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس وقاه الله شر اليومين.

وحكى من صحب الرضا عليه السلام إلى خراسان لما أشخص إليها أنه كان يقرأ في صلاته بالسور التي ذكرناها فلذلك اخترناها من بين السور بالذكر في هذا الكتاب.

واجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات، واجهر بجميع القراء‌ة في المغرب والعشاء الآخرة والغداة من غير أن تجهد نفسك أو ترفع صوتك شديدا، وليكن ذلك وسطا لان الله عزوجل يقول: " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ".

ولا تجهر بالقراء‌ة في صلاة الظهر والعصر فان من جهر بالقراء‌ة فيهما أو أخفى بالقراء‌ة في المغرب والعشاء والغداة متعمدا فعليه إعادة صلاته فان فعل ذلك ناسيا فلا شئ عليه إلا يوم الجمعة في صلاة الظهر فانه يجهر فيها. وفي الركعتين الاخراوين بالتسبيح.(١)

٣ -٩٢ وقال الرضا عليه السلام: " إنما جعل القراء‌ة في الركعتين الاولتين والتسبيح في الاخيرتين للفرق بين ما مافرضه الله عزوجل من عنده، وبين ما فرضه الله تعالى من عند رسول الله صلى الله عليه وآله "(٢) .

____________________

(١) الظاهر أنه معطوف على قوله: " في الركعة الاولى " في قوله " وأفضل ما يقرأ في الصلاة في اليوم والليلة في الركعه الاولى الحمد ". (سلطان)

(٢) ظاهر الصدوق - رحمه الله - تعين التسبيح مطلقا وذكر الخبر للاستشهاد، و لما كانت الاخبار المتواترة مع الاجماع دالتين على التخيير بينهما فيحمل الخبر على أنه يتعين الحمد فيما فرضه الله، ويجوز التسبيح فيما فرضه رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا القدر كاف للفرق. (م ت) وقال الفاضل التفرشى: يمكن حمله على جواز التفويض أى يفوض الله عزوجل بعض الاحكام إلى نبيه صلى الله عليه وآله وقد دل على ذلك أحاديث نقلت بعضها في اصول الفقه فيكون القسم الاول مما أوجبه الله تعالى والقسم الثانى مما فوض ايجابه إلى النبى صلى الله عليه وآله فخير بين القراء‌ة وبين التسبيح فمعنى جعل القراء‌ة في الركعتين الاولتين تعيينها وجعل التسبيح في الاخيرتين التخيير بينه وبين القراء‌ة فلا منافاة بين هذا الحديث وبين مادل على التخيير.

٣٠٩

٩٢٤ -وسأل محمد بن عمران(١) أبا عبدالله عليه السلام فقال: " لاي علة يجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة وسائر الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما؟ ولاي علة صار التسبيح في الركعتين الاخيرتين أفضل من القراء‌ة؟ قال: لان النبي صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء كان أول صلاة فرض الله عليه الظهر يوم الجمعة فأضاف الله عزوجل إليه الملائكة تصلي خلفه وأمر نبيه عليه السلام أن يجهر بالقراء‌ة ليبين لهم فضله(٢) ، ثم فرض الله عليه العصر ولم يضف إليه أحدا من الملائكة(٣) وأمره أن يخفي القراء‌ة لانه لم يكن وراء‌ه أحد، ثم فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة وأمره بالاجهار، وكذلك العشاء الآخرة، فلما كان قرب الفجر نزل ففرض الله عزوجل عليه الفجر وأمره بالاجهار ليبين للناس فضله كما بين للملائكة، فلهذه العلة يجهر فيها، وصار التسبيح أفضل من القراء‌ة في الاخيرتين لان النبي صلى الله عليه وآله لما كان في الاخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عز وجل فدهش، فقال: " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر "، فلذلك صار التسبيح أفضل من القراء‌ة ".

٩٢٥ -وسأل يحيى بن أكثم القاضي أبا الحسن الاول عليه السلام "(٤) عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراء‌ة وهي من صلوات النهار، وإنما يجهر في صلاة الليل؟

____________________

(١) في بعض النسخ " محمد بن حمران "، وفى علل الشرايع مسندا عن محمد بن حمزة.

(٢) تعليل للاضافة أو للجهر، وقال الفاضل التفرشى: أى بنزول القرآن عليه صلى الله عليه وآله الذى بلغ في البلاغة إلى ما ليس في طوق البشر.

(٣) يعنى لاجل العصر لم يضف اليه أحدا. وظاهر هذا الحديث يخالف المشهور من أنه (ع) أسرى به ليلة ورجع في تلك الليلة سريعا. وقال سلطان العلماء ما حاصله أن الله أمره صلى الله عليه وآله في الليل أن يعفل الظهر والعصر لاجل أن يعلم كيف يفعلهما من باب التعليم.

(٤) كذافى جميع النسخ وهو وهم ولعل لفظ " الاول " زيد من النساخ فان يحيى ابن أكثم لم يدرك موسى بن جعفر عليهما السلام، والصواب " الثالث " (ع) كما في علل الشرايع. ويحيى هو القاضى المعروف ولاه هارون قضاء البصرة بعد ما عزل محمد بن عبدالله الانصارى.

٣١٠

فقال: لان النبي صلى الله عليه وآله كان يغلس(١) بها فقر بها من الليل ".

٩٢٦ -وفيما ذكره الفضل من العلل عن الرضا عليه السلام أنه قال: " أمر الناس بالقراء‌ة في الصلاة لئلا يكون القرآن مهجورا مضيعا، وليكن محفوظا مدروسا فلا يضمحل ولا يجهل، وإنما بدء بالحمد دون سائر السور لانه ليس شئ من القرآن والكلام جمع فيه من جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد، وذلك أن قوله عزوجل: " الحمد لله " إنما هو أداء لما أوجب الله عزوجل على خلقه من الشكر، وشكر لما وفق عبده من الخير، " رب العالمين " توحيد له وتحميد وإقرار بأنه هو الخالق المالك لا غيره، " الرحمن الرحيم " استعطاف وذكر لآلائه ونعمائه على جميع خلقه، " مالك يوم الدين " إقرار له بالبعث و الحساب والمجازاة وإيجاب ملك الآخرة له كايجاب ملك الدنيا، " إياك نعبد " رغبة وتقرب إلى الله تعالى ذكره وإخلاص له بالعمل دون غيره، " إياك نستعين " استزداة من توفيقه وعبادته، واستدامة لما أنعم الله عليه ونصره " اهدنا الصراط المستقيم " استرشاد لدينه، واعتصام بحبله، واستزادة في المعرفة لربه عزوجل، " صراط الذين أنعمت عليهم " توكيد في السؤال والرغبة، وذكر لما قد تقدم من نعمه على أوليائه، ورغبة في مثل تلك النعم، " غير المغضوب عليهم " استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به وبأمره ونهيه " ولا الضالين " اعتصام من أن يكون من الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، فقد اجتمع فيه من جوامع الخير والحكمة من أمر الآخرة والدنيا ما لا يجمعه شئ من الاشياء ".

وذكر العلة التي(٣) من أجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض، أن الصلوات التي تجهر فيها إنما هي في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها ليعلم المار

____________________

(١) التغليس: السير بغلس، والغلس - بفتحتين -: ظلمة آخر الليل.

(٢) في عيون الاخبار " وذلك أن قوله: الحمد لله ".

(٣) هذا مضمون رواية ابن شاذان لا لفظها.

٣١١

أن هناك جماعة فإن أراد أن يصلي صلى لانه إن لم ير جماعة علم ذلك من جهة السماع، والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما إنما هما بالنهار في أوقات مضيئة فهي من جهة الرؤية لا يحتاج فيهما إلى السماع.

فإذا قرأت(١) الحمد وسورة فكبر واحدة وأنت منتصب ثم اركع وضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى وضع راحتيك على ركبتيك، وألقم أصابعك عين الركبة وفرجها، ومد عنقك ويكون نظرك في الركوع ما بين قدميك(٢) إلى موضع سجودك.

٩٢٧ -و " سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا ابن عم خير خلق الله عزوجل ما معنى مد عنقك في الركوع؟ فقال: تأويله آمنت بالله ولو ضربت عنقي ".

فإذا ركعت فقل " اللهم لك ركعت ولك خشعت ولك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وأنت ربي، خشع لك وجهي وسمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعصبي وعظامي، وما أقلت الارض(٣) مني لله رب العالمين " ثم قل: " سبحان ربي العظيم وبحمده " ثلاث مرات، فإن قلتها خمسا فهو أحسن، وإن قلتها سبعا فهو أفضل، ويجزيك ثلاث تسبيحات تقول: " سبحان الله سبحان الله سبحان الله " وتسبيحة تامة تجزي للمريض والمستعجل(٤) ، ثم ارفع رأسك من الركوع وارفع

____________________

(١) هذا من كلام المؤلف - رحمه الله - وجاء‌ت بمضمونه روايات تقدم بعضها.

(٢) في الكافى ج ٣ ص ٣١٩ هكذا " وليكن نظرك بين قدميك " وهكذا في التهذيب وليس فيهما " إلى موضع سجودك".

(٣) في الكافى " وما أقلته قدماى غير مستنكف ومستكبر ولا مستحسر، سبحان ربى - الخ " وأقله أى حمله ورفعه.

(٤) لعل المراد بالتسبيحة التامة " سبحان الله " فانه تام لا يحتمل غير معناه، بخلاف " سبحان ربى " عند الاكفتاء، لان الرب عند الاضافة يحتمل غير المعنى المقصود، كما يقال: رب الدار، وحينذ يكون موافقا لما في الشرايع من الحكم وان كان مخالفا له في اطلاق التامة، ويحتمل أن يراد بالتامة " سبحان ربى العظيم وبحمده " فيكون مذهبه مخالفا لمذهب المحقق في الشرايع. (مراد)

٣١٢

يديك واستو قائما(١) ثم قل " سمع الله لمن حمده والحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم أهل الجبروت والكبرياء والعظمة " ويجزيك " سمع الله لمن حمده "(٢) ثم كبر واهو إلى السجود، وضع يديك جميعا معا قبل ركبتيك.

٩٢٨ -وسأل طلحة السلمي أبا عبدالله عليه السلام " لاي علة توضع اليدان على الارض في السجود قبل الركبتين؟ فقال: لان اليدين بهما مفتاح الصلاة ".

وإن كان بين يديك وبين الارض ثوب في السجود فلا بأس، وإن أفضيت بهما إلى الارض فهو أفضل.

٩ -٩٢ وروى إسماعيل بن مسلم عن الصادق عن أبيه عليهما السلام أنه قال: " إذا سجد أحدكم فليباشر بكفيه الارض لعل الله يدفع عنه الغل(٤) يوم القيامة ".

ويكون سجودك كما يتخوى البعير الضامر عند بروكه(٥) وتكون شبه المعلق

____________________

(١) يمكن أن يكون المراد رفع اليدين من الركبتين (سلطان) واستحباب الرفع لصحيحى ابن مسكان ومعاوية بن عمار المرويين في التهذيب ج ١ ص ١٥٥ قال معاوية: " رأيت ابا عبدالله عليه السلام يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع - الحديث " والاخر عن أبى عبدالله (ع) قال: " في الرجل يرفع يده كلما أهوى للركوع والسجود وكلما رفع رأسه من ركوع أو سجود قال:هى العبودية ".

(٢) ضمن " سمع " معنى استجاب (مراد).

(٣) كذا في جميع النسخ التى عندى والظاهر تصحيفه للتشابه الخطى والصواب طلحة الشامى فان الالف إذا وصل بالميم يشبه " السلمى " وهو طلحة بن زيد الشامى بترى عامى له كتاب معتمد كما يظهر من فهرست الشيخ - رحمه الله - وطريق المؤلف اليه صحيح كما في الخلاصة.

(٤) في بعض النسخ " الغلل " ويمكن أن يكون المراد بالغل الجامعة التى تكون من الحديد، أو العطش ففى القاموس: الغل والغلة - بضمهما - والغلل - محركة وكأمر -: العطش أو شدته أو حرارة الجوف.

(٥) خوى في سجوده تخوية: تجافى وفرج ما بين عضديه وجنبيه. وضمر الفرس من باب قعد: دق وقل لحمه. (المصباح المنير). وفى الكافى باسناده عن الصادق (ع) قال: " كان على صلوات الله عليه إذا سجد يتخوى كما يتخوى البعير الضامر - يعنى بروكه - ".

٣١٣

لا يكون شئ من جسدك على شئ منه، ويكون نظرك في السجود إلى طرف أنفك، ولا تفترش ذراعيك كافتراش السبع، ولكن اجنح بهما(١) ، وترغم بأنفك، ويجزيك في موضع الجبهة من قصاص الشعر إلى الحاجبين مقدار درهم، ومن لا يرغم بأنفه فلا صلاة له(٢) ، وتقول في سجودك: " اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، سجد لك وجهي وسمعي وبصري وشعري وبشري ومخي وعصبي وعظامي، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله رب العالمين " ثم تقول: " سبحان ربي الاعلى وبحمده " ثلاث مرات فان قلتها خمسا فهو أحسن وإن قلتها سبعا فهو أفضل، ويجزيك ثلاث تسبيحات تقول: " سبحان الله سبحان الله سبحان الله " وتسبيحة تامة تجزي للمريض والمستعجل، ثم ارفع رأسك من السجود واقبض يديك إليك قبضا، فإذا تمكنت من الجلوس فارفع يديك بالتكبير وقل بين السجدتين: " اللهم اغفر لي وارحمني وأجرني(٣) واهدني وعافني واعف عني " ويجزيك " اللهم اغفر لي وارحمني " وارفع يديك وكبر(٤) و اسجد الثانية وقل فيها ما قلت في الاولى، ولا بأس بالاقعاء(٥) فيما بين السجدتين،

____________________

(١) الاصح " اجتنح بهما " على صيغة الامر من باب الافتعال، قال في المغرب: التجنح والاجتناح هو أن يعتمد على راحتيه في السجود مجافيا لذراعيه غير مفترشهما.

(٢) ظاهره الوجوب وان أمكن حمله على نفى الكمال كما تقدم في خبر حماد " أن وضع الانف على الارض سنة ".

(٣) يمكن أن يكون من الاجر من الاجارة بمعنى الحفظ في الكنف، وفى بعض النسخ " واجبرنى " (مراد).

(٤) في بعض النسخ " وارفع يديك مكبرا ".

(٥) لا ينافى الكراهة وقد روى الكلينى في الكافى ج ٣ ص ٣٢٦ باسناده عن أبى بصير عن الصادق (ع) قال: " لا تقع بين السجدتين اقعاء ".

٣١٤

ولا بأس به بين الاولى والثانية وبين الثالثة والرابعة(١) ولا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين(٢) لان المقعي ليس بجالس إنما يكون بعضه قد جلس على بعضه فلا يصبر للدعاء والتشهد، ومن أجلسه الامام في موضع يجب أن يقوم فيه فليتجاف(٣) .

والسجود منتهى العبادة من ابن آدم لله تعالى ذكره وأقرب ما يكون العبد إلى الله عزوجل إذا كان في سجوده وذلك قوله عزوجل: " واسجد واقترب ".

٩٣٠ -و " سأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال: له يا ابن عم خير خلق الله ما معنى السجدة الاولى؟ فقال: تأويلها " اللهم إنك منها خلقتنا " يعني من الارض وتأويل رفع رأسك " ومنها أخرجتنا " و [تأويل] السجدة الثانية " وإليها تعيدنا " ورفع رأسك " ومنها تخرجنا تارة أخرى ".

٩٣١ -وسأل أبوبصير أبا عبدالله عليه السلام " عن علة الصلاة كيف صارت ركعتين

____________________

(١) أي يجوز الاقعاء بين الركعتين اللتين ليس بينهما التشهد (مراد) أقول: الاقعاء في الصلاة هو أن يضع أليتيه على عقبيه وجلس على باطن أصابع رجليه بين السجدتين أو في حال التشهد وهذا تفسير الفقهاء. وفى اللغة أن يلصق الرجل أليتيه بالارض وينصب ساقيه ويتساند إلى ظهره.

(٢) لما ورد النهى عنه في خبر زرارة عن أبى جعفر (ع) في الوسائل نقلا عن السرائر وفيه لفظة " لا ينبغى " المشعر بالكراهة، وظاهر المؤلف الحرمة وان أمكن حمله على الكراهة الشديدة أو على صورة عدم الاستقرار. وكلام المؤلف مضمون خبر رواه في معانى الاخبار ص ٣٠٠ باسناده عن الصادق (ع) قال: " لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين وبين الركعة الاولى والثانية وبين الركعة الثالثة والرابعة وإذا أجلسك الامام في موضع يجب أن تقوم فيه فتجافى، ولا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين الا من علة، لان المقعى ليس بجالس انما جلس بعضه على بعض".

(٣) يعنى أن المأموم إذا أدرك الامام في الركعة الثانية فيلزمه إذا جلس الامام للتشهد أن يتجافى عن الارض بأن يجلس مقعيا لانه أقرب إلى القيام.

٣١٥

وأربع سجدات(١) ؟ قال: لان ركعة من قيام بركعتين من جلوس "(٢) .

وإنما يقال في الركوع " سبحان ربي العظيم وبحمده " وفي السجود " سبحان ربي الاعلى وبحمده " لانه:

٩٣٢ -" لما أنزل الله تبارك وتعالى: " فسبح باسم ربك العظيم قال النبي صلى الله عليه وآله: اجعلوها في ركوعكم، فلما أنزل الله عزوجل " سبح اسم ربك الاعلى " قال النبي صلى الله عليه وآله: اجعلوها في سجودكم "(٣) .

ثم ارفع رأسك من السجدة الثانية وتمكن من الارض وارفع يديك وكبر، ثم قم إلى الثانية فإذا اتكيت على يديك للقيام قلت " بحول الله وقوته أقوم وأقعد " فإذا قمت إلى الثانية قرأت الحمد وسورة وقنت بعد القراء‌ة وقبل الركوع، وإنما يستحب أن يقرأ في الاولى الحمد وإنا أنزلناه، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد لان إنا أنزلناه سورة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين(٤) فيجعلهم المصلي وسيلة إلى الله تعالى ذكره لانه بهم وصل إلى معرفة الله تعالى.

ويقرأ في الثانية سورة التوحيد لان الدعاء على أثره مستجاب فيستجاب بعده القنوت(٥)

____________________

(١) المراد بالركعتين الركوعين على الظاهر.

(٢) أى ثواب ركعة من قيام مثل ثواب ركعتين من جلوس فيكون الانحناء للعبادة قائما مثل انحنائين جالسا في الثواب، وهذا ليس بقياس بل بيان للحكمين والتناسب (مراد) وقال سلطان العلماء: لعل السؤال عن علة زيادة عدد السجدة عن عدد الركعة فالجواب أن القيام يقوم مقام تكرارها، ويشكل هذا في الصلاة جالسا الا أن يقال: انه لما كان الاصل في الصلاة القيام صار كيفيتها جالسا تابعا لها قائما.

(٣) روى نحوه الشيخه في التهذيب ج ١ ص ٢٢٥ والمصنف في العلل.

(٤) باعتبار أنهم أكثر الاوقات يقرؤونها. ولا يخفى أن رواية حماد السابقة تدل على استحباب قراء‌ة التوحيد في الاولى أيضا.

(٥) في بعض النسخ " فيستجاب على اثره القنوت ".

٣١٦

والقنوت سنة واجبة من تركها متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له قال الله عزوجل: " وقوموا لله قانتين " يعني مطيعين داعين(١) .

وأدنى ما يجزي من القنوت أنواع منها أن تقول: " رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الاعز(٢) الاكرم " ومنها أن تقول: " سبحان من دانت له السماوات والارض بالعبودية " ومنها أن تسبح ثلاث تسبيحات، ولا بأس أن تدعو في قنوتك وركوعك وسجودك وقيامك وقعودك للدنيا والآخرة وتسمي حاجتك إن شئت.

٩٣٣ -وسأل الحلبي أبا عبدالله عليه السلام " عن القنوت فيه قول معلوم؟ فقال: أثن على ربك وصل على نبيك واستغفر لذنبك ".

٩٣٤ -وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " القنوت في كل ركعتين في التطوع والفريضة ".

٩٣٥ -وروى عنه زرارة أنه قال: " القنوت في كل الصلوات ".

وذكر شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه عن سعد بن عبدالله أنه كان يقول: لا يجوز الدعاء في القنوت بالفارسية، وكان محمد بن الحسن الصفار يقول: إنه يجوز، والذي أقول به إنه يجوز:

٩٣٦ -لقول أبي جعفر الثاني عليه السلام " لا بأس أن يتكلم الرجل في صلاة الفريضة بكل شئ يناجي به ربه عزوجل".

____________________

(١) في المختلف: المشهور استحباب القنوت، وقال ابن أبى عقيل من تركه عامدا بطلب صلاته وعليه الاعادة، ومن تركه ساهيا لم يكن عليه شئ وقال أبوجعفر بن بابويه: " القنوت سنة واجبة من تركها متعمدا في كل صلاة فلا صلاة له " ثم قال بعد كلام طويل: احتج ابن بابويه بقوله تعالى: " وقوموا لله قانتين " والجواب المنع من ارادة صورة النزاع اذ ليس فيه دلالة على وجوب القنوت في الصلاة، أقصى ما في الباب وجوب الامر بالقيام لله ان قلنا بوجوب المأمور به وكما يتناول الصلاة فكذا غيرها، سلمنا وجوب القيام في الصلاة لكنها كما يحتمل وجوب القنوت يحتمل وجوب القيام حالة القنوت وهو الظاهر من مفهوم الآية وليست دلالة الآية على وجوب القيام الموصوف بالقنوت بأولى من دلالتها على تخصيص الوجوب بحالة القيام، بل دلالتها على الثانى أولى لموافقته البراء‌ة الاصيلة.

(٢) " أنت الاجل " خ ل.

٣١٧

ولو لم يرد هذا الخبر لكنت أجيزه بالخبر الذي روي:

٩٣٧ -عن الصادق عليه السلام أنه قال: " كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي "(١) .

والنهي عن الدعاء بالفارسية في الصلاة غير موجود، والحمد لله رب العالمين.

٩٣٨ -وقال الحلبي له: " أسمي الائمة عليهم السلام في الصلاة؟ قال: أجملهم "(٢) .

٩٣٩ -وقال الصادق عليه السلام: " كل ما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام "(٣) .

٩٤٠ -وسأله منصور بن يونس بزرج " عن الرجل يتباكى في الصلاة المفروضة حتى يبكي، فقال: قرة عين والله، وقال عليه السلام: إذا كان ذلك فاذكرني عنده "(٤) .

٩٤١ -وروي " أن البكاء على الميت يقطع الصلاة، والبكاء لذكر الجنة والنار من أفضل الاعمال في الصلاة ".

وروي أنه ما من شئ إلا وله كيل أو وزن إلا البكاء من خشيه الله عزوجل فان القطرة منه تطفي بحارا من النيران، ولو أن باكيا بكى في أمة لرحموا.(٥)

____________________

(١) هذا الخبر يدل على أن الاصل في الاشياء الاباحة وينافى القول بأن الاصل في الصلاة الحرمة.

(٢) ظاهره أنى أسميهم بأساميهم في الصلاة عليهم في التشهد كما اسمى النبى صلى الله عليه وآله ومعنى " أجملهم " أى اذكرهم بأمر شامل لهم مثل " آل محمد " فيمكن أن يفهم منه وجوب الصلاة على آل محمد (ع). (مراد)

(٣) اى فليس بكلام مخل بالصلاة. (مراد)

(٤) " قرة عين " كناية عن السرور والفرح أى يوجبهما في الاخرة، ويمكن أن يكون ذلك اشارة إلى قول النبى صلى الله عليه وآله " قرة عينى في الصلاة " أى التباكى الذى يترتب عليه البكاء ينبغى أن يكون في الصلاة فيفهم منه معنى آخر لقول النبى صلى الله عليه وآله غير ما هو المشهور (مراد) أقول: الطريق صحيح، وهو منصور بن يونس القرشى مولاهم يكنى أبا يحيى من أصحاب الكاظم عليه السلام واقفى.

(٥) مضمون مأخوذ من الخبر الذى في ثواب الاعمال ص ٢٠٠ باسناده عن محمد ابن مروان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " ما من شئ الا وله كيل ووزن الا الدموع فان القطرة منها تطفئ بحارا من نار، وإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة فاذا فاضت حرمه الله على النار، ولو أن باكيا بكى في امة لرحموا ".

٣١٨

٩٤٢ -و " كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاث أعين، عين بكت من خشية الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين باتت ساهرة في سبيل الله ".(١)

٩٤٣ -وروي عن صفوان الجمال أنه قال: " صليت خلف أبي عبدالله عليه السلام أياما فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها أو لا يجهر "(٢) .

٩٤٤ -وروي عن زرارة أنه قال: قال أبوجعفر عليه السلام: " القنوت كله جهار ".

والقول(٣) في قنوت الفريضة في الايام كلها إلا في الجمعة " اللهم إني أسألك لي ولوالدي ولولدى ولاهل بيتي وإخواني المؤمنين فيك اليقين والعفو والمعافاة و الرحمة والمغفرة والعافية في الدنيا والآخرة " فإذا فرغت من القنوت فركع واسجد فإذا رفعت رأسك من السجدة الثانية فتشهد وقل: " بسم الله وبالله والحمد لله والاسماء الحسنى كلها لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده و رسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة "(٤) ثم انهض إلى الثالثة(٥) وقل

____________________

(١) رواه في الخصال ص ٩٨ باسناده عن السكونى عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام رفعه عن النبى صلى الله عليه وآله.

(٢) أى سواء كانت الصلاة جهرية أو اخفاتية، وفى بعض النسخ " يجهر فيها ولا يجهر فيها " وحينئذ ينبغى أن يقرء الفعلان على صيغة المعلوم أى يجهر أبوعبدالله (ع) في بعض تلك الصلوات ولا يجهر في بعضها، ورد الجهر وعدمه إلى القنوت يحتاج إلى تأويل بعيد في ضمير " فيها " ويدفعه الحديث الآتى. (مراد)

(٣) أى القول الكافى وهو اللهم - الخ، اذ لا مانع لهذا القول في الجمعة، وفيه انه قد مر في رواية الحلبى " اثن على ربك وصل على نبيك واستغفر لذنبك " وليس هذا القنوت جامعا لتلك الثلاثة. (مراد)

(٤) المراد بين يدى الساعة كون تلك البشارة والانذار قريبا من القيامة. (مراد)

(٥) ظاهره يدل على القول بعدم وجوب الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله كما نسب ذلك إلى المؤلف - رحمه الله - ونقل عن المعتبر دعوى الاجماع على وجوبها ويجئ في آخر باب الفطرة في حديث أبى بصير وزرارة عن أبى عبدالله عليه السلام " ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله " وقد يتسدل بصحيحة زرارة المتقدمة في باب الاذان عن أبى جعفر عليه السلام. (مراد) أقول: ما قاله - رحمه الله - في حديث زرارة " وصل - الخ " كونه من كلام الامام عليه السلام نوقش فيه كما أشرنا اليه وعلى فرض أنه من كلام الامام عليه السلام كما هو مسلم عندنا لا يدل على جزئيتها للتشهد. ويحتمل أنه - رحمه الله - اكتفى بشهرتها عن ذكرها لكن ينافى ما سيأتى من قوله " ويجزيك في التشهد الشهادتان ".

٣١٩

إذا اتكيت على يديك للقيام: " بحول الله وقوته أقوم وأقعد " وقل فالركعتين الاخيرتين إماما كنت أو غير إمام " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " ثلاث مرات وإن شئت قرأت في كل ركعة منها الحمد إلا أن التسبيح أفضل، فإذا صليت الركعة الرابعة فتشهد وقل في تشهدك " بسم الله وبالله والحمد لله والاسماء الحسنى كلها لله، اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، التحيات لله والصلوات الطيبات الطاهرات الزاكيات الناميات(١) الغاديات الرائحات المباركات الحسنات لله، ماطاب وطهر وزكى وخلص ونمى فلله وما خبث فلغيره، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة.

وأشهد أن الجنة حق وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأشهد أن ربي نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول أرسل، وأشهد أن ما على الرسول إلا البلاغ المبين، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام على محمد بن عبدالله خاتم النبيين، السلام على الائمة الراشدين المهديين، السلام على جميع أنبياء الله ورسله وملائكته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ".

ويجزيك في التشهد الشهادتان، وهذا أفضل لانها العبادة ثم تسلم وأنت مستقبل القبلة وتميل بعينك إلى يمينك إن كنت إماما، وإن صليت وحدك قلت: " السلام عليكم " مرة واحدة وأنت مستقبل القبلة، وتميل بأنفك إلى يمينك، وإن كنت خلف إمام تأتم به فسلم تجاه القبلة واحدة ردا على الامام، وتسلم على يمينك واحدة وعلى يسارك واحدة إلا أن لا يكون على يسارك إنسان فلا تسلم على يسارك إلا أن تكون

____________________

(١) في بعض النسخ " الناعمات ".

٣٢٠