الاستغاثة الجزء ٢

الاستغاثة0%

الاستغاثة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
الصفحات: 87

الاستغاثة

مؤلف: أبو القاسم علي بن أحمد الكوفي
تصنيف:

الصفحات: 87
المشاهدات: 6517
تحميل: 5472


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 87 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 6517 / تحميل: 5472
الحجم الحجم الحجم
الاستغاثة

الاستغاثة الجزء 2

مؤلف:
العربية

للحقايق خارج عن العدل والحكمة وذلك ان كان فضلهم من جهة تقديم خلقهم في الازمنة المتقدمة لما بعدها فقد زعموا أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الامم التي مضت قبلها وان محمدا (ص) أفضل الانبياء الذين تقدموا قبل عصره وكان الواجب على طرد هذه العلة أن تكون كل أمه أفضل من التي بعدها فلما أوجبوا ان آخر الامم ممن تقدمه كان لا معنى لهذا الخبر في تفضيل القرن الاول على القرن الثاني من هذه الامة بل يجب في النظر والتمييز ما يلزم من نقل الناس من سيرة من تقدم عصرنا هذا ان يكون من تأخر عنهم أفضل ممن تقدمهم منهم ، وذلك انا وجدنا القرن الذي كانوا في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والقرن الذي كانوا بعدهم والقرن الثالث ممن كانوا في عصر الفراعنة والطواغيت من ملوك بني أمية الذين كانوا يقتلون أهل البيت عليهم السلام ويسبون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ويلعنونه على المنابر وأهل عصرهم من فقهائهم وحكامهم الى غير ذلك منهم لهم متبعون وبأفعالهم مقتدون وبامامتهم قائلون ولهم معينون بوجوه المعونة من حامل سلاح الى حاكم خطيب الى تاجر الى غير ذلك من صنوف الامة واسباب المعونة ، ولسنا نجد في عصرنا هذا من كثير من اهله من ذلك شيبا بل نجد الغالب على عصرنا هذا الرغبة عن ذلك والذم لفاعله والتنزه عن كثير منه الا لمن يظهر لمذهبه بينهم فيجب ان يكونوا في حق النظر افضل من أهل ذلك العصر

__________________

ـ الطبراني والحاكم عن جعدة بن هبيرة وقال حسن (وثالثة) بلفظ خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي من بعدهم قوم يتسنمون ويحبون السمن يعطون الشهادة قبل ان يسألوها ، وقال رواه الترمذي والحاكم عن عمران بن حصين ، وقال صحيح ، انظر شرح هذا الحديث بوجوهه المختلفة والفاظه المتفاوتة في فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي ج 3 ص 479 طبع مصر.

الكاتب

٨١

الذي كانت هذه صفتهم ، فان قالوا ان أهل عصر الرسول صلى الله عليه واله وسلم لاجل مشاهدتهم له ومجاهدتهم معه كذلك سبيل من شاهدهم لاجل مشاهدتهم له ومجاهدتهم معه وكذلك من شاهدهم من بعد الرسول (ص) السائقين الينا العلوم والاخبار عنهم ومنهم قيل لهم اليس كل من تقدم خلقه في ذلك العصر فهو فعل يحمد عليه الا يذم عليه فلابد من قولهم نعم ، فيقال افتقولون ان الله يحمد العباد على افعالهم ويذمهم عليها فان قالوا ذلك جهلوا عند كل ذي فهم وكفى الجهل لصاحبه خزيا وان قالوا لا قيل لهم إذا كان ذلك كذلك وجب في حق النظر ان يكون من شاهد الرسول (ص) ورأى دلائل العلامات والمعجزات وظهر له البرهان واسفر له البيان ونزل بمشهد منه القرآن لا عذر له في تقصير عن حق ولا دخول في باطل فان الحجة في ذلك الزم عليه واوجب وكان من اشكل عليه منهم شئ في تفسير آية وتحقيق معنى في كتاب الله وسنة رسوله رجع في ذلك الى الرسول (ص) فاثبت له الحق فيه واليقين ونفى عنه الشك والزيغ فمن قصد منهم بعد هذه الحالة الى الخلاف الواجب كان حقيقا على الله ان لا يقبل له عذرا ولا يقبل له عثرة ومن كان في مثل عصرنا هذا الذي اختلفت فيه الاقاويل وتضادت المذاهب وتشتت الاراء وتباينت الاهواه وتماحلت المعارف ونقضت البصائر وعدمت التحقيقات إذ ليس من يرجع الله بزعم أهل الغفلة ممن صفته في تحقيق الاشياء صفة الرسول (ص) فيثبت لنا اليقين وينفي عنا الشك ، حقا اقول لو أوجبت ان من ارتكب من أهل هذا العصر مائة ذنب اعذر ممن ارتكب في ذلك العصر ذنبا واحدا أو لو قلت ان من استبصر في هذا العصر في دينه وشغل نفسه بمعرفة بصيرته حتى علم من ذلك ما نجاه بتوفيق الله له فيما ينبغي له من الطلب أفضل من عشرة مستبصرة كانوا في كذلك العصر لقلت حقا ولكان صدقا إذا كان الحال على ما وصفت فيجب على هذه

٨٢

الصفة أن يكون مستبصرنا افضل من مستبصرهم إذ كان البرهان قد قطع عذرهم والبيان قد ازاح علتهم بقرعه اسماعهم صباحا ومساء ومشاهدتهم اياه بابصارهم من غير تكلف منهم في طلبه ، وذلك كله معدوم في عصرنا بل نشاهد من الجهل ونباشر من وجوه الباطل ما يضل فيه ذهن الحكيم ويطيش فيه قلب العليم ويذهل معه قلوبهم وتزول منه أفهافهم حتى يسعى المساعي منا دهرا طويلا يقطع المسافة البعيدة والبلدان النائية يتذلل للرجال ويخضع لكل صاحب مقال فاما ان يهلك ولم يدرك البغية واما ان يمن الله عليه بالبصيرة بعد جهد جهيد وعناء شديد وتعب كديد بقية المستبصرين وحرب العارفين من اظهر ذلك الظالمين وكشفه المراغين ، فأي ظلم أم أي جور أبين من تفضيل اولئك بما وصفناه من حالهم وحالنا وجور من يوجب عذر اولئك فيما ارتكبوه دوننا ، وكم بين من استبصر في دينه ببصيرة يزول معها كل شك ويثبت معها كل يقين من بيان النبي صلى الله عليه وآله وسلم المرسل وبرهان الكتاب المنزل وبين من استبصر في دينه باخبار متضادة وأقاويل مختلفة وبيان غير شاف وبرهان غير كاف حتى يطلب ويميز وينظر ويعتبر ويختبر سهر ليله وضمان نهاره وتعب بدنه وتصاغر نفسه وتذلل قدره فهل هذا الا جور من قائله وظلم ظاهر من موجبه حقيق على الله ان يوجب لمستبصري أهل هذا العصر بما وصفناه من احوالهم ، فلا يبعد الله الا من ظلم وقال بما لا يعلم فان قالوا ان الله عز وجل قال في كتابه (والسابقون السابقون اولئك المقربون) فقيل لهم قد قال الله ذلك وصدق عز وجل والامر في ذلك بين واضح والحكمة فيه مستقيمة وذلك ان السابق فيه لا يجوز في الحكمة ان يقع في الايمان الا بين اهل العصر الحاضر اين الشاهدين لندب الداعي لهم الى التسابق ومحال في الحكمة وفي العدل ان يسابق الله وبين قوم لم يخلقهم ، هذا ظاهر الفساد بين من الرشادين المحال فظيع المقال لكنه سبحانه وتعالى سابق بين الحاضرين من اهل عصر الرسول

٨٣

(ص) ولعمري ان من سبق منهم الى الايمان أفضل وأجل وأقرب منزلة وأعلى درجة ممن لحق من تقدمهم وما ينكر هذا ذو فهم ولكن المنكر قول من زعم ان الله سابق بين من خلق وبين من لم يخلق فمن قال ان الصحابة سبقونا بالايمان يريد بذلك تقدمهم في عصرهم وتأخر عصرنا عن عصرهم فما قدم الله من خلقهم وآخر من خلقنا فذلك كلام صحيح وقول فصيح كما ان من تقدم ايضا من الامم في الاعصار التي كانت قبل الصحابة كانوا متقدمين على الصحابة باعصارهم سابق من آمن منهم لمؤمنين للصحابة وتقدم خلقهم عليهم وليس في ذلك فضل لهم على من جاء بعدهم ومن قال ان الصحابة سبقونا بالايمان بمعنى التسابق بيننا وبينهم الى الايمان وكان لهم بسبقهم ذلك فضل علينا لاجل تأخرنا عنهم كان هذا قولا محالا شنيعا لان تأخرنا عن عصرهم من فعل الله لا من فعلنا والله لا يذمنا الا على أفعالنا ، ولو كان للصحابة علينا فضل في ايمانهم بتقدمهم علينا في الاعصار والخلق لوجب على هذه القصة ان يكون ايمانهم من تقدمهم من الامم السابقة أفضل من ايمانهم بتقدمهم عليهم في الاعصار فلم كانوا يمنعون ذلك ويحبون الفضل لامة محمد صلى الله عليه وآله وسلم على من تقدمهم ولو كان فاسدا ايجابهم تفضيل اوائل الامة على أواخرها وهذا مما لانطلقه في مذهبنا لكنا نقول ان أهل كل عصر يتفاضلون بينهم فمن سبق منهم الى الايمان فهو أفضل ممن تأخر عنه ثم لحق بالسابق فيه من أهل مصره ولسنا نفضل أهل كل عصر على من جاء بعدهم في الاعصار المتأخرة عمن تقدمهم لكنا نفضل بين أهل كل عصر بعضهم على بعض فمن سبق منهم الى الايمان كان ايضا نقول في عصر الصحابة ان أهله كانوا متفاضلين بعضهم على بعض بما وصفناه من السبق الى الايمان دون ان يكونوا فاضلين على من تقدمهم ولا على من تأخر منهم.

٨٤

وقد احتج المجادلون بقول الله تعالى( والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ) فيقال اليس قد أوجب على من جاؤا من بعدهم الاستغفار لمن تقدمهم. قيل لهم ضل عنكم معرفة مواطن التنزيل ومعالمه فضللتم أيضا عن معرفة التأويل وحقائقه(1) وهذا اخبار من الله عز وجل لا ايجاب وذلك انه وصف الصحابة على منازل ثلاث منهم المهاجرون والانصار ، ثم الذين اسلموا ولم يكونوا من المهاجرين ولا من الانصار من أهل البوادي والبلدان الذين اسلموا واقاموا في بلدانهم كما قال الله عز وجل (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وانفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا اولئك بعضهم اولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم في ولايتهم من شي حتى يهاجروا وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر الا على قوم بينكم وبينهم ميثاق) كذلك ايضا قال في الاية الاولى يخبر عن الذين اسلموا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعل لهم حظوظهم في الفئ والصدقات فبدأ بذكر المهاجرين ثم ثنى بالانصار ثم ثلث بذكر الذين ليسوا من المهاجرين ولا من الانصار فقال عز وجل (للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله اولئك هم الصادقون والذين تبوؤا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون

__________________

(1) قال السيد الشريف المرتضى علم الهدى رحمه الله في الشافي ص 220 وتلميذه شيخ الطائفة الطوسي الغروي رحمه الله في تلخيص الشافي ص 426 والعبارتان متحدتان (ونصهما) أما قوله تعالى والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان فلا حجة فيه لهم لانه علق المغفرة بالسبق الى الايمان وهذا شرط يحتاج الى دليل في اثباته للجماعة ومع هذا فهو سؤال وليس كل سؤال يقتضي الاجابة.

(الكاتب)

٨٥

في صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون) ثم ذكر الذين ليسوا من المهاجرين ولا من الانصار فقال عز وجل (والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان) فهذا كله لاهل العصر من عصر الصحابة كما قال عز وجل في ذكرهم ايضا في سورة التوبة (والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار) يعني الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الشعب والذين تابعوهم من الانصار في العقبة. ثم ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون) ثم ذكر الذين ليسوا من المهاجرين ولا من الانصار فقال عز وجل (والذين جاؤا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان) فهذا كله لاهل العصر من عصر الصحابة كما قال عز وجل في ذكرهم ايضا في سورة التوبة (والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار) يعني الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الشعب والذين تابعوهم من الانصار في العقبة. ثم قال عز وجل (والذين اتبعوهم باحسان) يعني الذين اتبعوا من المهاجرين والانصار ومن أسلم من سائر البلدان من جميع أهل ذلك العصر لانه خلط معهم أهل عصر آخر ولم يكونوا بعد خلقوا لان هذا حال لا يجوز ان يقع فيه التساوي بين السابق والمسبوق ممن خلق ممن لم يخلق على ما بينا من الشرح والبيان.

فهذا ما يتعلق به أهل الغفلة ويحتج به أهل الضلالة والجهالة من

تخرصهم وافترائهم وكذبهم على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم

وقد شرحنا من فساده واوضحنا من بطلانه ما فيه كفاية ومقنع

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

تم كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة

وقد كتب على نسخة كتبها بخطه

اسفنديار بن سلام الله

الحسني الحسيني الطباطبائي

رحمه الله في شهر رمضان

سنة 1048

هجرية

٨٦

فهرست مواضيع الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم 2

فهرست مواضيع الكتاب 87

٨٧