موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ١

موسوعة عبد الله بن عبّاس16%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-501-5
الصفحات: 487

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 487 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 159061 / تحميل: 6206
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٥٠١-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

٢٦١

الصورة السادسة :

ما رواه عليّ بن عبد الله بن عباس عن أبيه :

قال : « لمّا حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوفاة وفي البيت رجال منهم عمر بن
الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إيتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لا
تضلوا بعده) ، فقال عمر : كلمة معناها إنّ الوجع قد غلب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ
قال : عندنا القرآن ، حسبنا كتاب الله ، فاختلف مَن في البيت وأختصموا ، فمن قائل
يقول القول ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن قائل يقول : القول ما قال عمر ، فلمّا كثر
اللغَط وَاللغو والاختلاف ، غضب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : (قوموا إنّه لا ينبغي لنبيّ أن
يختلف عنده هكذا) ، فقاموا. فمات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك اليوم.

فكان ابن عباس يقول : الرزية كلّ الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول
الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » يعني الاختلاف واللغط.

أخرج هذه الصورة أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتابه
(السقيفة) عن الحسن بن الربيع عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عليّ
ابن عبد الله بن العباس. ورواها عن كتاب الجوهري ابن أبي الحديد في شرح
النهج.

ثمّ قال ابن أبي الحديد : « قلت : هذا الحديث قد خرّجه الشيخان محمّد بن
إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري في صحيحهما ، واتفق المحدثون
كافة على روايته » (١) .

_______________________

(١)شرح النهج لابن أبي الحديد ٦ / ٥١ ط دار احياء الكتب العربية ، تحقيق محمّد أبو
الفضل إبراهيم.

٢٦٢

أقول : كلام ابن أبي الحديد في هذا المقام تعوزه الدقة. فإن هذه الصورة
من الحديث سنداً ومتناً لم ترد في الصحيحين ، ولم يتفق المحدّثون كافةً على
روايتها بألفاظها. نعم اتفق المحدثون كافة على رواية مضمونها بألفاظ متفاوتة
وأسانيد مختلفة ، كما سنقرؤها في الصور الآتية.

الصورة السابعة :

ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أخرجه أبو محمّد عبد السلام بن
محمّد الخوارزمي في كتابه سير الصحابة والزهاد بسنده عن عبد الرحمن بن أبي
هاشم عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير قال : « كان ابن عباس إذا
ذكر ليلة الخميس بكى ، فقيل له : يابن عباس ما يبكيك؟ قال : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
قال : (يا بني عبد المطلب أجلسوني وسنّدوني أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي
أبداً) ، فقال بعض أصحابه : أنّه يهجرـقال : وأبى أن يسمي الرجلـفجئنا بعد
ذلك ، فأبى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يكتبه لنا ، ثمّ سمعناه يقول : (عدى العدوي وسينكث
البكري) » (١) .

الصورة الثامنة :

ما رواه أيضاً سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أخرجه عنه ابن سعد في
الطبقات بسنده عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن الأعمش عن عبيد الله بن
عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : « اشتكى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الخميس
فجعلـابن عباسـيبكي ويقول : يوم الخميس وما يوم الخميس؟ أشتدّ
_______________________

(١)أنظر غاية المرام / ٥٩٨ ط حجرية سنة ١٢٧٢.

٢٦٣

برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعه فقال : (إيتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا
بعده أبداً؟) قال : فقال بعض من كان عنده : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليهجر ، فقال : فقيل له ألا
نأتيك بما طلبت؟ قال : (أو بعد ماذا؟!) ، قال : فلم يدع به » (١) .

أقول : أخرج هذه الصورة الطبراني في معجمه الكبير بسنده عن عمر بن
حفص السدوسي عن عاصم بن عليّ عن قيس بن الربيع عن الأعمش إلى آخر
السند كما مرّ عن ابن سعد ، ومن دون تفاوت. لكن في المتن إثم وأختلاف كبير
إذ قال : « لمّا كان يوم الخميس ، وما يوم الخميس؟ ثمّ بكى فقال : قال رسول
الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إيتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً) ، فقالوا : يا
رسول الله ألا نأتيك بعد؟ قال : (بعد ما) اه‍ » (٢) .

أقول : فلاحظ حذف جملة : (فقال بعض من كان عنده ان نبيّ الله ليهجر) ،
فمن ابتلعها من رواة السوء حين غصّ بذكرها! ودع عنك من تفاوت دون ذلك.

الصورة التاسعة :

مارواه سفيان بن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.

ويكاد ينعدم وضوح الرؤية في هذه الصورة ، إذ تنبعث منها عدة صور
متشابهة مضموناً ، متفاوتة سنداً ومتناً ، وما ذلك إلّا لأرتعاش أيادي المصورين
ودمدمة المتمتمين ـ وهم المحدّثون والرواة طبعاً ـ.

فقد روى الحديث عن ابن عيينة خمسة عشر علماً من أعلام المحدّثينـ
فيما أحصيتـوربما كانوا أكثر ، ولكن لم نجد رواياتهم كلّها متفقة تماماً ،
_______________________

(١)طبقات ابن سعد ٢ ق ٢ / ٣٦.

(٢)المعجم الكبير ١١ / ٣٥٢ ط الثانية بالموصل.

٢٦٤

وحبذا لو كان الخلاف يسيراً لهان الأمر ، ولكن بين مروياتهم من التفاوت
مايبعث على الشك والريبة.

والآن لنمر عابرين على أسمائهم لنقارن بين مروياتهم ، ولندرك كم جنى
التالون على ما رواه الأولون ، وهم :

١ ـ يحيى بن آدم المتوفى في سنة ٢٠٣ ه‍.

٢ ـ عبد الرزاق بن همام المتوفى سنة ٢١١ ه‍.

٣ ـ قبيصة بن عقبة المتوفى سنة ٢١٥ ه‍.

٤ ـ عبد الله بن الزبير الحَميدي المتوفى سنة ٢١٩ ه‍.

٥ ـ الحسن بن بشر المتوفى سنة ٢٢١ ه‍(١) .

٦ ـ محمّد بن سلام المتوفى سنة ٢٢٥ ه‍.

٧ ـ سعيد بن منصور المتوفى سنة ٢٢٧ ه‍.

٨ ـ محمّد بن سعد المتوفى سنة ٢٣٠ ه‍.

٩ ـ عمرو الناقد المتوفى سنة ٢٣٢ ه‍.

١٠ ـ عليّ بن عبد الله المديني المتوفى سنة ٢٣٤ ه‍.

١١ ـ قتيبة بن سعيد المتوفى سنة ٢٤٠ ه‍.

١٢ ـ أحمد بن حنبل المتوفى سنة ٢٤١ ه‍.

١٣ ـ أبو بكر بن أبي شيبة المتوفى سنة ٢٣٥ ه‍.

١٤ ـ الحسن بن محمّد بن الصباح الزعفراني سنة ٢٥٩ أو سنة ٢٦٠ ه‍.

١٥ ـ أحمد بن حماد الدولابي المتوفى سنة ٢٦٩ ه‍.

_______________________

(١)كما في صحيح مسلم بشرح النووي وط صبيح ، دون ط بولاق فليلاحظ بدقة.

٢٦٥

وإلى القارئ استعراض رواياتهم :

أمّا رواية يحيى بن آدمـأوّل القائمةـفهي تتفق مع رواية أحمد بن
حماد الدولابيـالخامس عشر من القائمةـكما أخرجها الطبري ، وإليك لفظه :
« حدّثنا أبو كريب قال حدّثنا يحيى بن آدم قالـابن عباسـ: يوم
الخميس » قال الطبريـثمّ ذكر نحو حديث أحمد بن حماد الدولابي ،
والحديث المشار إليه كان قد ذكره قبل هذا ولفظهـ: « قالـابن عباسـيوم
الخميس وما يوم الخميس؟! قال : أشتد برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعه فقال : (إيتوني
أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي أبداً) ، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ أن يتنازع ،
فقالوا : ما شأنه؟ أهجر أستفهموه؟ فذهبوا يعيدون عليه ، فقال : (دعوني فما أنا
فيه خير ممّا تدعونني إليه) ، وأوصى بثلاث قال : (أخرجوا المشركين من
جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، وسكت عن الثالثة
عمداً) ، أو قال فنسيتها. قال الطبري : في رواية يحيى بن آدم غير أنّه قال : ولا
ينبغي عند نبيّ أن يُنازع اه‍ » (١) .

فهذه رواية الطبري كفتنا مؤنة البحث عن مقارنة حديثين لراويين عن
سفيان وهما يحيى بن آدم وأحمد بن حماد ، وهما أوّل القائمة وآخرها.

وأمّا رواية عبد الرزاقـالثاني من القائمةـفقد أخرجها في كتابه
المصنف عن ابن عيينة بلا واسطة بينهما وهو لا يختلف في حديثه كثيراً عما
أخرجه البخاري عن شيخه قبيصة ، إلّا فيما جاء في آخره قال : « فأمّا أن يكون
_______________________

(١)تاريخ الطبري ٣ / ١٩٣ ط الحسينية بمصر.

٢٦٦

سعيد سكت عن الثالثة عمداً ، وأمّا أن يكون قالها فنسيها »(١) . وهذا مرّ علينا نحوه
في حديث البخاري عن شيخه محمّد بن سلام.

وأمّا رواية قبيصةـوهو الثالث من القائمةـفقد رواها عنه البخاري في
كتاب الجهاد والسير ، في باب هل يستشفع إلى أهل الذمة ومعاملتهم (٢) .

قال : حدّثنا قبيصة حدّثنا ابن عيينة عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما أنّه قال : « يوم الخميس وما يوم الخميس؟ ثمّ بكى حتى
خضب دمعهُ الحصباء فقال : أشتد برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعه يوم الخميس فقال :
(أئتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً) ، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ
تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : (دعوني فالّذي أنا فيه خير ممّا تدعوني
إليه) ، وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا
الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، ونسيت الثالثة » (٣) .

ثمّ حكى البخاري تحديد جزيرة العرب ، وليس ذلك جزءاً من الحديث!

واعلم بأنّ البخاري لم تقتصر روايته لحديث سفيان على شيخه قبيصة عن
سفيان ، بل رواه أيضاً عن شيخه الآخر محمّد بن سلامـوهو السادس
في القائمةـفي كتاب الجزية في باب اخراج اليهود من جزيرة العرب ، ولدى
المقارنة بين الروايتين نجد تفاوتاً في اللفظ وزيادة في رواية محمّد بن سلام لم
ترد في رواية قبيصة.

_______________________

(١)المصنف ٦ / ٥٧ و ١٠ / ٣٦١ ط المكتب الإسلامي.

(٢)عنوان الباب لا يدل عليه حديث الباب الّذي لم يذكر البخاري فيه غيره ، وقد أربك شرآح
صحيحه في توجيه ذلك وأكثرهم جهداً ابن حجر في فتح الباري ٦ / ٥١٠ ط البابي
الحلبي ، فراجع.

(٣)صحيح البخاري ٤ / ٦٩ ط بولاق.

٢٦٧

وإليك اللفظ برواية محمّد بن سلام قالـبعد ذكر السند إلى سعيد بن
جبيرـ: « سمع ابن عباس رضي‌الله‌عنهما يقول : يوم الخميس وما يوم الخميس؟ ثمّ بكى
حتى بلّ دمعه الحصى ، قلت : يا ابن عباس ما يوم الخميس؟ قال : أشتد برسول
الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعه فقال : (ائتوني بكتف أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً) ،
فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا : ما له أهَجَر ، أستفهموه ، فقال : (ذروني
فالّذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه) ، فأمرهم بثلاث : قال : أخرجوا المشركين من
جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، والثالثة خير ، إمّا أن سكت
عنها ، وأمّا أن قالها فنسيتها » (١) .

قال سفيان : هذا من قول سليمان.

وثمة رواية ثالثة للبخاري لحديث سفيان عن شيخه قتيبةـوهو الحادي
عشر في القائمةـذكرها في كتاب المغازي في باب مرض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووفاته ،
وهي تتفاوت مع ما مرّ من روايتي قبيصة ومحمّد بن سلام تفاوتاً جزئياً ، وفيها :
« فقالوا : ما شأنه أهجر أستفهموه فذهبوا يردون عليه » (٢) .

أقول : ومع ذلك فيبقى العجب من البخاري ، إذ هو يروي الحديث عن
سفيان برواية ثلاثة من شيوخه وهم سمعوه من شيخهم سفيان ، ومع ذلك لم تتفق
رواياتهم على نحو الدقة ، بل أنّ في بعضها زيادة على الأخرى كما مرّ في رواية
محمّد بن سلام فراجع.

وفوق ذلك أنّ البخاري لم يعقّب على الإختلاف بشيء ممّا يوهم أنّ ذلك
من الرواة ، مع انّ المتتبع لأحاديث صحيح البخاري يجد كثيراً من نحو هذا ،
_______________________

(١)نفس المصدر ٤ / ٩٩.

(٢)نفس المصدر ٦ / ٩.

٢٦٨

فمثلاً يحسن بالباحث مراجعة فتح الباري في شرح أوّل حديث للبخاري ليقف
على بلبلة العلماء في أوّل حديث في صحيح البخاري وهو (إنّما الأعمال
بالنيات) وما فيه من خرم حتى قال ابن العربي : « لا عذر للبخاري في إسقاطه ،
لأنّ الحميدي شيخه فيه قد رواه في مسنده على التمام وقال الداودي الشارح :
الإسقاط فيه من البخاري ، فوجوده في رواية شيخه وشيخ شيخه يدل على
ذلك » (١) .

وقال ابن حجر : « ولا يوجد فيهـفي الصحيحـحديث واحد مذكور
بتمامه سنداً ومتناً في موضعين أو أكثر إلّا نادراً » ، فقد عنى بعض من لقيته بتتبع
ذلك فحصل منه نحو عشرين موضعاً. وقال : « فلا يوجد في كتابه حديث على
صورة واحدة في موضعين فصاعداً » (٢) .

فبعد شهادة هؤلاء لا يسعنا إدانة وسائط النقل بين البخاري وبين ابن عيينة ،
بل التبعة يتحملها البخاري إذ لم يؤد ما حُمّل من الحديث كما هو.

ثمّ أعلم أنّ الحديث برواية قتيبة رواه عنه أيضاً مسلم في صحيحه في
كتاب الوصية في باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه فقال : « عن
سعيد بن منصور وقتيبة وأبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد ثمّ قال : واللفظ
لسعيد. وفي قوله هذا إيماء إلى أنّ في رواياتهم اختلاف فاختار رواية سعيد ، وما
ذكره يتفق مع ما مرّ عند البخاري عن محمّد بن سلام ، ثمّ رواه عن أبي إسحاق
إبراهيم عن الحسن بن بشر عن ابن عيينة » (٣) .

_______________________

(١)فتح الباري ١ / ١٧ ـ ١٨.

(٢)نفس المصدر ١ / ٩١.

(٣)صحيح مسلم ٥ / ٧٥ ط صبيح بمصر.

٢٦٩

وأمّا رواية عبد الله بن الزبير الحَميديـالرابع من القائمةـفقد أخرجها
في مسنده (١) عن ابن عيينة بلا واسطة ، ولفظه مقارب لما مرّ عن عبد الرزاق.

وأمّا رواية الحسن بن بشرـالخامس في القائمةـفقد أخرجها مسلم في
صحيحه (٢) ، وهي نحو ما مرّ من رواية قتيبة. وكذلك رواية محمّد بن سلام وهو
السادس في القائمة.

وأمّا رواية سعيد بن منصورـالسابع من القائمةـفقد أخرجها في سننه ،
وقد مرّ عن مسلم روايته عنه في صحيحه ، كما أخرجها عنه عبد السلام بن محمّد
الخوارزمي في سير الصحابة عن أبي إسحاق عنه (٣) ، وأخرجها عنه أيضاً أبو داود
في سننه مع شرحه عون المعبود في كتاب الخراج والفيء والإمارة في باب
اخراج اليهود من جزيرة العرب. إلّا أنّه طوى أوّل الحديث جملة وتفصيلاً فقال :
« حدّثنا سعيد بن منصور نا سفيان بن عينية عن سليمان الأحول عن سعيد بن
جبير عن ابن عباس أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصى بثلاثة فقال : أخرجوا المشركين من
جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ، قال ابن عباس : وسكت عن
الثالثة أو قال : فأنسيتها ».

(وقال الحميدي عن سفيان قال سليمان : لا أدري أذكر سعيد الثالثة فنسيتها
أو سكت عنها) » (٤) .

_______________________

(١)مسند الحميدي ١ / ٢٤١ ط بيروت.

(٢)صحيح مسلم ٥ / ٧٥ ط محمّد عليّ صبيح وط شرح النووي أيضاً (وهي ممّا سقط من
ط بولاق).

(٣)أُنظر غاية المرام / ٥٩٨ ط حجرية.

(٤)سنن أبي داود ٣ / ١٢٨ ط الهند.

٢٧٠

أقول : ما علّمت عليه بين قوسين وضع عليه رمز نسخة ، يعني لم يرد في
جميع نسخ سنن أبي داود.

ونعود إلى ما رواه أبو داود عن سعيد بن منصور ، لماذا قطع من الحديث
رأسه فلم يذكر أوّله ، بل لم يذكر منه إلّا الوصية مع انّ حديث سعيد بن منصور
أخرجه مسلم في صحيحه والخوارزمي في سير الصحابة ولفظهما متقارب ، وقد
مرّ برواية مسلم في هذه الصورة عند ذكر قتيبة شيخ البخاري ، فراجع وقارن
لتعرف مدى أمانة أبي داود ولعله هو الآخر يفتري على سعيد بن منصور بأنّه لم
يذكر أوّل الحديث ، أو ذكره فنسيه هو الآخر ، كما في الوصية الثالثةـوسيأتي
مزيد بيان عنهاـفقال عنها سليمان : لا أدري أذكر سعيد الثالثة فنسيتها أو سكت
عنها. لكن أبا داود أفترى على ابن عباس فنسب إليه أنّه قال : « وسكت عن الثالثة ،
أو قال : فأنسيتها ».

وأمّا رواية محمّد بن سعدـالثامن في القائمةـفقد أخرجها في كتابه ،
ولفظه كما مرّ إلّا في قوله : (أئتوني بدواة وصحيفة) ، وفي آخر الحديث : « أو
سكت عنها عمداً » (١) .

وأمّا رواية عليّ المدينيـالعاشر في القائمةـفقد أخرجها البيهقي(٢) عن
عليّ بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد الصفار عن إسماعيل بن إسحاق
القاضي عنه عن سفيان ، وفي روايته زيادة لم يشاركه فيها أحد ممّن روى عن
سفيان سنأتي على ذكرها عند نقل ما قاله البيهقي ضمن علماء التبرير.

_______________________

(١)طبقات ابن سعد ٢ ق ٢ / ٣٦ ط ليدن عن سفيان بلا واسطة.

(٢)دلائل النبوة ٧ / ١٨١.

٢٧١

وأمّا رواية أحمد بن حنبلـالثاني عشر في القائمةـفقد أخرجها في
مسنده (١) عن ابن عيينة بلا واسطة ويبدو أنّه سمع الحديث من سفيان بن عيينة
أكثر من مرة لقوله : « قال مرة كذا ». فحدث تفاوت لفظي لتكرر سماعه ، وهذا
يسوّغ لنا تحميل سفيان عبء الاختلاف إلّا فيما لا يسع تحميله ، نحو صنيع أبي
داود الّذي أشرنا إليه.

وأمّا رواية أبي بكر بن أبي شيبةـوهو الثالث عشر في القائمةـفقد
أخرجها عنها مسلم (٢) نحو روايته عن سعيد بن منصور.

وأمّا رواية الحسن بن محمّد بن الصباح الزعفرانيـالرابع عشر من
القائمةـفقد أخرجها البيهقي في سننه وهذا لفظه : « حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن
يوسف الأصبهاني املاء ، انبأ أبو سعيد أحمد بن محمّد بن زياد البصري بمكة ثنا
الحسن بن محمّد الزعفراني ثنا سفيان بن عيينة سمعت ابن عباس رضي‌الله‌عنهما يقول :
يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثمّ بكى ، ثمّ قال : أشتد وجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
فقال : (أئتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً) ، فتنازعوا ولا ينبغي عند
نبيّ تنازع ، فقال : (ذروني فالّذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه) ، وأمرهم بثلاث :
فقال : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت
أجيزهم ، والثالثة نسيتها » (٣) ثمّ قال البيهقي عقب ذلك : رواه البخاري في الصحيح
عن قتيبة وغيره عن سفيان ، ورواه مسلم عن سعيد بن منصور وقتيبة وغيرهما عن
سفيان.

_______________________

(١)مسند أحمد ١ / ٢٢٢.

(٢)صحيح مسلم ٥ / ٧٥.

(٣)السنن الكبرى ٩ / ٢٠٧.

٢٧٢

وأمّا رواية أحمد بن حماد الدولابيـالخامس عشر في القائمةـفقد
أخرجها الطبري في تاريخه (١) وقد مرّت الإشارة إليها في رواية يحيى بن آدمـ
أوّل القائمة ـ.

أقول : وعلى القارئ أن يقارن بين ما رواه وبين روايات من أشار إليهم
البيهقي وقد مرّت ليرى مدى التفاوت من حذف وتغيير ، وأربأ بنفسي معه عن
سوء التعبير والتقدير.

والآن ونحن قد طالت مسيرتنا مع الصورة التاسعة الّتي رواها خمسة عشر
من أعلام الحفاظ وأئمّة الحديث كلّهم عن سفيان بن عيينة ، فقد رأينا الاختلاف
بين رواياتهم ، ممّا يجعلنا نشك في دقة سلامتها اللفظية وإذا تجوّزنا لهم الحمل
على الصحة فنقول : إنّهم تجوزوا النقل بالمعنى ، ولكن ليس هذا بجائز دائماً ،
خصوصاً ما دام يغيّر من بُنية الحديث المعنوية.

ومهما كان الاعتذار عنهم ، فكيف الأعتذار عن حديث راو شارك سفيان
ابن عيينة في سماعه الحديث من سليمان الأحول ، وهو شبل بن عباد ، فقد روى
هذا الشبل عن الأحول الحديث ، وأخرجه الطبراني في معجمه بسنده عن عبدان
عن هارون عن أبيه زيد بن أبي الزرقاء عن شبل عن سليمان الأحول عن سعيد
ابن جبير عن ابن عباس قال : « يوم الخميس وما يوم الخميس ، يوم أشتد فيه وجع
النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذكر الحديث » ، هكذا ذكره الطبراني(٢) .

أقول : وإذ لم يسبق من الطبراني أن ذكر قبله حديثاً مشابهاً ، فكيف جاز له
أن يقول : وذكر الحديث ، أي حديث يشير إليه كما تقتضيه الدلالة العهدية. فمن
ذا يا ترى هو الّذي بتر الحديث وأبلس من ذكره.

_______________________

(١)تاريخ الطبري ٣ / ١٩٣.

(٢)المعجم الكبير ١٢ / ٥٦ ط الثانية.

٢٧٣

هل هو شبل؟ أم هم بقية الرواة؟ أم هو الطبراني؟ وهو الأقرب لما سيأتي
عنه من شاهد آخر يدل على ذلك.

ثمّ أخيراً ما بال محقق معجم الطبراني مرّ على الحديث عابراً ، فلم يعلّق
عليه بشيء ، لا تحقيقاً ولا تخريجاً كما هي عادته في سائر أحاديث الكتاب؟

الصورة العاشرة :

ما رواه مالك بن مغول عن طلحة بن مصرّف عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس وقد أخرج حديثه ابن سعد في الطبقات بسنده عن حجاج بن نصير عن
مالك بن مغول إلى آخر السند عن ابن عباس قال : « كان يقول : يوم الخميس وما
يوم الخميس؟ قالـسعيدـوكأنّي أنظر إلى دموع ابن عباس على خده كأنّها
نظام اللؤلؤ ، قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (أئتوني بالكتف والدواة أكتب لكم كتاباً لا
تضلوا بعده أبداً) قال : فقالوا : إنّما يهجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

وأخرج هذه الصورة أيضاً أحمد في مسنده(٢) عن وكيع عن مالك بن
مغول بتفاوت يسير.

وأخرجها الطبري في تاريخه(٣) عن أبي كريب وصالح بن سمال عن وكيع
عن مالك بن مغول بتفاوت يسير.

وأخرجها مسلم في صحيحه(٤) عن اسحاق بن إبراهيم عن وكيع عن مالك
ابن مغول بتفاوت يسير.

_______________________

(١)طبقات ابن سعد ٢ ق ٢ / ٣٧ ط ليدن.

(٢)مسند أحمد ١ / ٣٥٥.

(٣)تاريخ الطبري ٣ / ١٩٣ ط الحسينية.

(٤)صحيح مسلم ٥ / ٧٥.

٢٧٤

وأخرجها أبو بكر الخلّال في كتاب السنّة(١) .

وأخرجها أبو نعيم في حلية الأولياء عن الطبراني عن أحمد بن عليّ
البربهاري (٢) عن محمّد بن سابق عن مالك بن مغول إلى آخر السند عن ابن
عباس ولفظه : قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه الّذي توفي فيه : (إيتوني بكتف
ودواة لأكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً). صحيح ثابت من حديث ابن عباس
ا ه‍ » (٣) .

فانظر إلى ما رواه أبو نعيم بسنده عن مالك بن مغول وقارن ما مرّ من
حديثه في المصادر السابقة لنرى كم هو الحذف الّذي طرأ على الحديث ، أليس
هو جملة : « فقالوا : إنّما يهجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » كما في طبقات ابن سعد ، أو
« رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يهجر » كما في مسند أحمد ، أو « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يهجر » كما
في صحيح مسلم وتاريخ الطبري.

وكان هذا هو المقصود من قولنا بتفاوت في مرويات أولئك الثلاثة : أحمد
ومسلم والطبري فهل لنا الآن أن نسأل أبا نعيم عن قوله في تعقيبه : صحيح ثابت
من حديث ابن عباس.

فإذا كان صحيحاً ثابتاً فلماذا لم يذكره بتمامه؟ وإذا لم يكن صحيحاً وثابتاً
لديه فلماذا ذكره في كتابه؟

ولعل الرجل إنّما جاءته الآفة من شيخه سليمان بن أحمدـوهو الطبرانيـ
الّذي سبق أن عرفنا فيه تلك الآفة كما مرّت الاشارة في نهاية الصورة التاسعة ،
_______________________

(١)كتاب السنّة ١ / ٢٧١ ط دار الراية الرياض سنة ١٤١٠ ه‍.

(٢)كذا في المطبوع من الحلية ٥ / ٢٥ ، ولكن ورد في المعجم الصغير للطبراني ١ / ٣٣ :
(البربهار) ولعله الصواب.

(٣)حلية الأولياء ٣ / ١٩٣.

٢٧٥

فرواه أبو نعيم عن شيخه الطبراني كما سمعه مبتوراً. ولعل في تعقيبه أشارة تنبيه
إلى ما في رواية شيخه من خلل.

ثمّ إنّ هذا الحديث أخرجه النويري في نهاية الأرب(١) بلفظ ابن سعد
فراجع. كما رواه البلاذري في جمل أنساب الأشراف ، قال : « حدّثني أحمد بن
إبراهيم ثنا أبو عاصم النبيل ثنا مالك بن مغول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
أنّه قال يوم الخميس وما يوم الخميس؟ أشتد فيه وجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكى ابن
عباس طويلاً ثمّ قال : فلمّا أشتد وجعه قال : ( أئتوني بالدواة والكتف أكتب لكم
كتاباً لا تضلون معه بعدي أبداً) ، فقالوا : أتراه يهجر وتكلموا ولغطوا ، فغمّ ذلك
رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأضجره وقال : (اليكم عني ولم يكتب شيئاً) »(٢) .

الصورة الحادية عشرة :

ما رواه الأعمش عن عبيد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس
وقد أخرجها ابن سعد في طبقاته بسنده عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن
الأعمش إلى آخر السند عن ابن عباس قال : « اشتكى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الخميس ،
فجعلـابن عباسـيبكي ويقول يوم الخميس وما يوم الخميس أشتد
بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعه فقال : (أئتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده
أبداً) ، قال فقال بعض من كان عنده : أنّ نبيّ الله ليهجر ، قال : فقيل له : ألا نأتيك بما
طلبت؟ قال : (أو بعد ماذا) ، قال : فلم يدع به » (٣) .

_______________________

(١)نهاية الأرب ١٨ / ٣٧٤.

(٢)أنساب الأشراف ٢ / ٢٣٦.

(٣)طبقات ابن سعد ٢ ق ٢ / ٣٦.

٢٧٦

إلى هنا تنتهي صور الحديث الّتي تنتهي أسانيدها إلى سعيد بن جبير ، وهي
خمس صور ، وقد رأينا بينها من التفاوت ما رأينا. فهل يعقل أن يكون سعيد بن
جبير هو مصدر ذلك كلّه؟ بعد ما قد مرّ بنا من تعمّد التعتيم من أمثال الطبراني
والبخاري وغيرهما.

الصورة الثانية عشرة :

ما رواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس.

وقد روى الحديث عن الزهري ثلاثة وهم : يونس ، وأسامة ومعمر.

١ـأمّا رواية يونس فقد رواها عنه جرير وعنه أبنه وهب ، وعنه أحمد بن
حنبل وحديثه في المسند وهذا لفظه بعد ذكر سنده عن ابن عباس قال : « لمّا
حضرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوفاة قال : (هلمّ أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده) ، وفي
البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، فقال عمر : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد غلبه الوجع ،
وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله قال : فاختلف أهل البيت فاختصموا فمنهم من
يقول يكتب لكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو قال : قرّبوا يكتب لكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنهم
من يقول ما قال عمر ، فلمّا أكثروا اللغط والأختلاف وغُمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :
(قوموا عني) ، فكان ابن عباس يقول : إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول
الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من أختلافهم ولغطهم ...ا ه‍ »(١) .

وأخرج البخاري في صحيحه بسنده عن يحيى بن سليمان عن ابن وهب
عن يونس إلى آخر السند ولفظه قال : « لمّا أشتد بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعه قال : (أئتوني
بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده) ، قال عمر : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غلبه الوجع
_______________________

(١)مسند أحمد ١ / ٣٢٤ ط مصر الاُولى.

٢٧٧

وعندنا كتاب الله حسبنا ، فاختلفوا وكثر اللغط قال : (قوموا عني ولا ينبغي عندي
التنازع) ، فخرج ابن عباس يقول : أنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
وبين كتابه ا ه‍ » (١) .

فقارن بين ما أخرجه أحمد في مسنده من رواية يونس ، وبين ما أخرجه
البخاري في صحيحه من رواية يونس أيضاً لتدرك التفاوت بين الروايتين في
الكتابين.

٢ـوأمّا رواية أسامةـبن زيد الليثيـعن الزهري فقد رواها الواقدي
عنه ، وأخرجها عنه ابن سعد في الطبقات قال : « لمّا حضرت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الوفاة
وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (هلمّ أكتب لكم
كتاباً لن تضلوا بعده) ، فقال عمر : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد غلبه الوجع وعندكم
القرآن حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل البيت واختصموا ، فمنهم من يقول : قرّبوا
يكتب لكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلمّا كثر اللغط
والاختلاف ، وغموا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : (قوموا عني) »(٢) .

فقال عبيد الله بن عبد الله : فكان ابن عباس يقول : الرزية كلّ الرزية ما حال
بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.

٣ـوأمّا رواية معمر عن الزهري فقد رواها عنه عبد الرزاق في كتابه
المصنف (٣) ، بنحو ما مرّ من حديث يونس برواية أحمد ، وحديث أسامة برواية
ابن سعد ، إلّا أنّ المطبوع من كتاب المصنف وردت جملة : (هل أكتب لكم
_______________________

(١)صحيح البخاري ١ / ٣٤.

(٢)طبقات ابن سعد ٢ ق ٢ / ٣٧.

(٣)المصنف ٥ / ٤٣٨.

٢٧٨

كتاباً) ، بينما مرّت في روايتي يونس وأسامة : (هلمّ أكتب لكم كتاباً) ، فهذا
التفاوت سواء كان من غلط النسخة أو من الرواة ، فهو غير مغتفر ، لأنّه مغيّر
للمعنى كثيراً ، فبعد أن كانت جملة (هلمّ) من أدوات النداء والدعوة وتحمل
على الأمر ، تغيّرت إلى (هل) وهي أداة استفهام ، وعليها لا ضير ولا وزر على من
امتنع وأبى من الصحابة لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استفهم منهم ، فأبى بعضهم حسب رأيه فلا
مؤاخذة عليه إذن.

والّذي يلفت النظر أنّ رواية عبد الرزاق هذه رواها عنه أحمد في مسنده(١)
من دون حرف الاستفهام (هل) فصارت تقرأ (أكتب لكم كتاباً) وهي تقرأ إمّا
على نحو الجملة الخبرية وليس لها معنى في المقام ، فلابدّ إذن تقرأ على نحو
الاستفهام وهذا هو المطلوب لستر العيوب.

وثمة آخرون غير أحمد رووا ذلك عن عبد الرزاق كالبخاري ومسلم وابن
حبّان في صحيحه (٢) وابن أبي الحديد وابن كثير ، وربّما غيرهم.

وأخيراً فقد حذف في المصنّف قول ابن عباس : « وغُمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »
كما مرّ في حديث يونس فراجع.

وهذه الرواية عن طريق عبد الرزاق عن معمر رواها كلّ من البخاري وابن
حبّان ومسلم في صحاحهم وأحمد في مسنده وابن أبي الحديد في شرح النهج
وابن كثير وربّما غيرهم ، ولدى المقارنة بين المصادر المشار إليها نجد التفاوت
كبيراً في اللفظ والمعنى ، وأكثرها تعتيماً على الحقائق ما كان من البخاري الّذي
روى ذلك (٣) بسنده عن عليّ بن عبد الله عن عبد الرزاق فحذف اسم عمر من
_______________________

(١)مسند أحمد ١ / ٣٣٦.

(٢)صحيح ابن حبّان ١٤ / ٥٦٢.

(٣)اُنظر صحيح البخاري ٦ / ٩.

٢٧٩

المواضع الثلاثة الّتي ورد ذكره فيها ، ففي الموضع الأوّل قال : « وفي البيت
رجال » من دون (فيهم عمر بن الخطاب) ، وفي الموضع الثاني : « فقال بعضهم قد
غلبه الوجع » بدل « فقال عمر إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد غلبه الوجع » ، وفي الموضع
الثالث : « ومنهم من يقول غير ذلك » بدل « ومنهم يقول ما قال عمر ».

ثمّ إنّه روى الحديث ثانياً بطريقين : أحدهما عن إبراهيم بن موسى عن
هشام عن معمر (١) ، وثانيهما عن عبد الله بن محمّد عن عبد الرزاق عن معمر ، وفي
هذا المقام لم يحذف اسم عمر ، لكنه لم يسلم من الاختلاف في النقل بل فيه
تفاوت في اللفظ كثير.

وقد روى ابن كثير في تاريخه(٢) هذا الحديث فاختار رواية البخاري الّتي
حذف منها اسم عمر في المواضع الثلاثة فذكرها ، وأشار عابراً إلى بقية روايات
البخاري ، ولعله إنّما اختار ذلك تعتيماً على اسم عمر ، بينما ورد في الباقيات ،
ولنا في الباقيات الصالحات خير عملاً وأبقى.

أمّا رواية مسلم في صحيحه(٣) : فقد رواها عن عبد بن حميد ومحمّد بن
رافع عن عبد الرزاق ، فهي أقرب إلى ما مرّ عن عبد الرزاق.

وأمّا رواية ابن كثير وابن أبي الحديد فقد أعتمدا رواية الشيخين البخاري
ومسلم ، وقد مرّت الإشارة إلى اختيار ابن كثير قريباً ، ورواية ابن أبي الحديد (٤)
فراجع.

_______________________

(١)نفس المصدر ٧ / ١٢٠ ، وكذا في ٩ / ١١١.

(٢)البداية والنهاية ٥ / ٢٢٧.

(٣)صحيح مسلم ٥ / ٧٦ ط صبيح.

(٤)شرح النهج لابن أبي الحديد ٦ / ٥١ ط محققة.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

٤٦

أعظم مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام على لسان أبي ذر والمقداد

أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، قال: قلت لأبي ذر: حدِّثني رحمك الله بأعجب ما سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

طاعة عليعليه‌السلام والبراءة من أعدائه عند الملائكة

قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «إن حول العرش لتسعين ألف ملك ليس لهم تسبيح ولا عبادة إلا الطاعة لعلي بن أبي طالب والبراءة من أعدائه والاستغفار لشيعته ».

قلت: فغير هذا، رحمك الله. قال: سمعته يقول: «إن الله خصَّجبرئيل وميكائيل وإسرافيل بطاعة علي والبراءة من أعدائه والاستغفار لشيعته».

احتجاج الله على الأمم السالفة بعليعليه‌السلام

قلت: فغير هذا رحمك الله. قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «لم يزل الله يحتج بعلي في كل أمة فيها نبي مرسل،وأشدهم معرفة لعلي أعظمهم درجة عند الله ».

عليعليه‌السلام الستر والحجاب بين الله وبين خلقه

قلت: فغير هذا، رحمك الله. قال: نعم، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «لولا أنا وعلي ما عرف الله، ولولا أنا وعلي ما عُبد الله،ولولا أنا وعلي ما كان ثواب ولا عقاب . ولا يستر علياً عن الله ستر، ولا يحجبه عن الله حجاب، وهو الستر والحجاب فيما بين الله وبين خلقه».

٣٨١

ولاية عليعليه‌السلام تطهير للقلب

قال سليم: ثم سألت المقداد فقلت: حدِّثني - رحمك الله - بأفضل ما سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في علي بن أبي طالب.

قال: سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إن الله توحَّد بملكه، فعرف أنواره نفسَه(١) ، ثم فوض إليهم أمره وأباحهم جنته. فمن أراد أن يطهِّر قلبه من الجن والأنسعرفه ولاية علي بن أبي طالب ؛ ومن أراد أن يطمس على قلبه أمسك عنه معرفة علي بن أبي طالب.

منزلة الأنبياءعليهم‌السلام بالإقرار للنبي وعليعليهما‌السلام

والذي نفسي بيده، ما استوجب آدم أن يخلقه الله وينفخ فيه من روحه وأن يتوب عليه ويرده إلى جنته إلا بنبوتي والولاية لعلي بعدي.

والذي نفسي بيده، ما أُريإبراهيم ملكوت السماوات والأرض ولا اتخذه خليلاً إلا بنبوتي والإقرار لعلي بعدي.

والذي نفسي بيده، ما كلم اللهموسى تكليماً ولا أقام عيسى آية للعالمين إلا بنبوتي ومعرفة علي بعدي.

والذي نفسي بيده، ما تنبَّأ نبي قط إلا بمعرفته والإقرار لنا بالولاية، ولا استأهل خلق من الله النظر إليه إلا بالعبودية له والإقرار لعلي بعدي.

ثم سكت، فقلت: فغير هذا رحمك الله.

عليعليه‌السلام الموكل بحساب الأمة

قال: نعم، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «علي ديان هذه الأمة والشاهد عليها

____________________

١. المراد من الأنوار المعصومونعليهم‌السلام ظاهراً أي عرَّفهم الله نفسه.

٣٨٢

والمتولي لحسابها. وهو صاحب السنام الأعظم وطريق الحق الأبهج السبيل، وصراط الله المستقيم. به يُهتدى بعدي من الضلالة ويبصر به من العمى. به ينجو الناجون ويجار من الموت ويؤمن من الخوف، ويمحى به السيئات ويدفع الضيم وينزل الرحمة.

وهوعين الله الناظرة، وأذنه السامعة، ولسانه الناطق في خلقه ، ويده المبسوطة على عباده بالرحمة، ووجهه في السماوات والأرض وجنبه الظاهر اليمين، وحبله القوي المتين، وعروته الوثقى التي لا انفصام لها، وبابه الذي يؤتى منه، وبيته الذي من دخله كان آمناً. وعلَمه على الصراط في بعثه. من عرفه نجا إلى الجنة ومن أنكره هوى إلى النار.

٣٨٣

٤٧

ولاية عليعليه‌السلام هي الفارق بين الإيمان والكفر

وعنه عن سليم بن قيس، قال: سمعت سلمان الفارسي يقول:

إن علياً باب فتحه الله ، من دخله كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً.(١)

____________________

١. أورد الطبرسي في الإحتجاج: ج ١ ص ٦٦، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في خطبته يوم الغدير: «قال الله تعالى: جعلت (علياً) عَلَماً بيني وبين خلقي، من عرفه كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً ومن أشرك بيعته كان مشركاً ومن لقيني بولايته دخل الجنة ومن لقيني بعداوته دخل النار».

٣٨٤

٤٨

وقائع السقيفة على لسان ابن عباس

أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، قال: كنت عند عبد الله بن عباس في بيته ومعنا جماعة من شيعة عليعليه‌السلام ، فحدَّثنا فكان فيما حدثنا أن قال:

يا إخوتي، توفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم توفي فلم يوضع في حفرته حتى نكث الناس وارتدوا وأجمعوا على الخلاف. واشتغل علي بن أبي طالبعليه‌السلام برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى فرغ من غسله وتكفينه وتحنيطه ووضعه في حفرته. ثم أقبل على تأليف القرآن وشغل عنهم بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يكن همته الملك لما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبره عن القوم.

١

أخذ البيعة من عليعليه‌السلام بالإكراه

فلما افتتن الناس بالذي افتتنوا به من الرجلين، فلم يبق إلا علي وبنو هاشم وأبو ذر والمقداد وسلمان في أناس معهم يسير،قال عمر لأبي بكر : «يا هذا، إن الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا الرجل وأهل بيته وهؤلاء النفر، فابعث إليه». فبعث إليه ابن عم لعمر يقال له «قنفذ » فقال له: «يا قنفذ، انطلق إلى علي فقل له: أجب خليفة رسول الله».

فانطلق فأبلغه. فقال عليعليه‌السلام : «ما أسرع ما كذبتم على رسول الله، نكثتم وارتددتم.

٣٨٥

والله ما استخلف رسول الله غيري . فارجع يا قنفذ فإنما أنت رسول، فقل له: قال لك علي: والله ما استخلفك رسول الله وإنك لتعلم من خليفة رسول الله».

فأقبل قنفذ إلى أبي بكر فبلغه الرسالة. فقال أبو بكر: «صدق علي، ما استخلفني رسول الله»! فغضب عمر ووثب وقام. فقال أبو بكر: «إجلس». ثم قال لقنفذ: «إذهب إليه فقل له: «أجب أمير المؤمنين أبا بكر»!

فأقبل قنفذ حتى دخل على عليعليه‌السلام فأبلغه الرسالة. فقالعليه‌السلام : «كذب والله، انطلق إليه فقل له: والله لقد تسميت باسم ليس لك،فقد علمت أن أمير المؤمنين غيرك ».

فرجع قنفذ فأخبرهما. فوثب عمر غضبان فقال: «والله إني لعارف بسخفه وضعف رأيه وإنه لا يستقيم لنا أمر حتى نقتله! فخلِّني آتك برأسه»! فقال أبو بكر: «إجلس»؛ فأبى فأقسم عليه فجلس. ثم قال: يا قنفذ، انطلق فقل له: «أجب أبا بكر».

فأقبل قنفذ فقال: «يا علي، أجب أبا بكر». فقال عليعليه‌السلام : «إني لفي شغل عنه، وما كنت بالذي أترك وصية خليلي وأخي، وأنطلق إلى أبي بكر وما اجتمعتم عليه من الجور».

هجومهم على بيت فاطمةعليها‌السلام وإحراقه

فانطلق قنفذ فأخبر أبا بكر. فوثب عمر غضبان، فنادى خالد بن الوليد وقنفذاً فأمرهما أن يحملا حطباً وناراً . ثم أقبل حتى انتهى إلى باب عليعليه‌السلام ، وفاطمةعليها‌السلام قاعدة خلف الباب، قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . فأقبل عمر حتى ضرب الباب، ثم نادى: «يا بن أبي طالب، افتح الباب».

فقالت فاطمةعليها‌السلام : «يا عمر، ما لنا ولك؟ لا تدعنا وما نحن فيه».

قال: «افتحي البابوإلا أحرقناه عليكم »!

٣٨٦

فقال: «يا عمر، أما تتَّقي الله عز وجل، تدخل على بيتي وتهجم على داري»؟ فأبى أن ينصرف.ثم دعا عمر بالنار فأضرمها في الباب فأحرق الباب ؛ ثم دفعه عمر.

ضرب الصديقة الطاهرةعليها‌السلام

فاستقبلته فاطمةعليها‌السلام وصاحت: «يا أبتاه يا رسول الله»! فرفع السيف وهو في غمده فوجأ به جنبها فصرخت. فرفع السوط فضرب به ذراعها فصاحت: «يا أبتاه»!

أمير المؤمنينعليه‌السلام يهمُّ بقتل عمر

فوثب علي بن أبي طالبعليه‌السلام فأخذ بتلابيب عمر ثم هزه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته وهم بقتله ، فذكر قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وما أوصى به من الصبر والطاعة، فقال: «والذي كرم محمداً بالنبوة يا بن صهاك، لولا كتاب من الله سبق لعلمت أنك لا تدخل بيتي».

يريدون قتل الزهراءعليها‌السلام بالسيف!

فأرسل عمر يستغيث. فأقبل الناس حتى دخلوا الدار.وسلَّ خالد بن الوليد السيف ليضرب فاطمة عليها‌السلام ! فحمل عليه بسيفه، فأقسم على عليعليه‌السلام فكف.

إخراج أمير المؤمنينعليه‌السلام من البيت

وأقبل المقداد وسلمان وأبو ذر وعمار وبريدة الأسلمي حتى دخلوا الدار أعواناً لعليعليه‌السلام ، حتى كادت تقع فتنة. فأُخرج عليعليه‌السلام واتبعه الناس واتبعه سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وبريدة الأسلمي رحمهم الله وهم يقولون: «ما أسرع ما خنتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأخرجتم الضغائن التي في صدوركم».

وقال بريدة بن الخصيب الأسلمي: «يا عمر، أتثب على أخي رسول الله ووصيه وعلى ابنتهفتضربها ، وأنت الذي يعرفك قريش بما يعرفك به». فرفع خالد بن الوليد السيف ليضرب به بريدة وهو في غمده، فتعلق به عمر ومنعه من ذلك.

٣٨٧

٢

كيفية البيعة الجبرية

أول ما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام عند البيعة الجبرية

فانتهوا بعليعليه‌السلام إلى أبي بكر ملبباً. فلما بصر به أبو بكر صاح: «خلوا سبيله»! فقال عليعليه‌السلام : «ما أسرع ما توثبتم على أهل بيت نبيكم! يا أبا بكر، بأي حق وبأي ميراث وبأي سابقة تحثُّ الناس إلى بيعتك؟! ألم تبايعني بالأمس بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله »؟!

التهديد الأول لعليعليه‌السلام

فقال عمر: دع عنك هذا يا علي، فوالله إن لم تبايع لنقتلنك! فقال عليعليه‌السلام : «إذاً والله أكون عبد الله وأخا رسول الله المقتول». فقال عمر: «أما عبد الله المقتول فنعم، وأما أخو رسول الله فلا»! فقال عليعليه‌السلام : «أما والله، لولا قضاء من الله سبق وعهد عهده إليَّ خليلي لست أجوزه لعلمت أيُّنا أضعف ناصراً وأقل عدداً»، وأبو بكر ساكت لا يتكلم.

فقام بريدة فقال: يا عمر، ألستما اللذين قال لكما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «انطلقا إلى علي فسلِّما عليه بإمرة المؤمنين»، فقلتما: أعن أمر الله وأمر رسوله؟ فقال: نعم.

فقال أبو بكر: قد كان ذلك يا بريدة، ولكنك غبت وشهدنا، والأمر يحدث بعده الأمر! فقال عمر: وما أنت وهذا يا بريدة؟ وما يدخلك في هذا؟ فقال بريدة: «والله لا سكنت في بلدة أنتم فيها أمراء ». فأمر به عمر فضرب وأخرج.

ثم قام سلمان فقال: «يا أبا بكر، اتق الله وقم عن هذا المجلس، ودَعه لأهله يأكلوا به رغداً إلى يوم القيامة، لا يختلف على هذه الأمة سيفان»، فلم يجبه أبو بكر. فأعاد

٣٨٨

سلمان فقال مثلها. فانتهره عمر وقال: ما لك ولهذا الأمر؟ وما يدخلك فيما هيهنا؟

فقال: مهلاً يا عمر، قم يا أبا بكر عن هذا المجلس،ودَعه لأهله يأكلوا به والله خضراً إلى يوم القيامة ، وإن أبيتم لتحلبنَّ به دماً وليطمعنَّ فيه الطلقاء والطرداء والمنافقون. والله لو أعلم أني أدفع ضيماً أو أعز لله ديناً لوضعت سيفي على عاتقي ثم ضربت به قدماً. أتثِبون على وصي رسول الله؟! فأبشروا بالبلاء وأقنطوا من الرخاء.

ثم قام أبو ذر والمقداد وعمار، فقالوا لعليعليه‌السلام : «ما تأمر؟ والله إن أمرتنا لنضربن بالسيف حتى نقتل». فقال عليعليه‌السلام : «كفُّوا رحمكم الله واذكروا عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وما أوصاكم به»، فكفوا.

التهديد الثاني لعليعليه‌السلام

فقال عمر لأبي بكر - وهو جالس فوق المنبر -: ما يجلسك فوق المنبر وهذا جالس محارب لا يقوم فينا فيبايعك؟أو تأمر به فيضرب عنقه ؟ - والحسن والحسينعليهما‌السلام قائمان على رأس عليعليه‌السلام - فلما سمعا مقالة عمر بكيا ورفعا أصواتهما: «يا جداه! يا رسول الله»! فضمهما عليعليه‌السلام إلى صدره وقال: «لا تبكيا، فوالله لا يقدران على قتل أبيكما، هما أقل وأذل وأدخر(١) من ذلك.

وأقبلت أم أيمن النوبية حاضنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأم سلمة فقالتا: «يا عتيق، ما أسرع ما أبديتمحسدكم لآل محمد». فأمر بهما عمر أن تخرجا من المسجد، وقال: «ما لنا وللنساء»!

____________________

١. أي أصغر وأذل.

٣٨٩

التهديد الثالث لعليعليه‌السلام

ثم قال: يا علي، قم بايع. فقال عليعليه‌السلام : إن لم أفعل؟ قال: إذاً والله نضرب عنقك. قالعليه‌السلام : كذبت والله يا بن صهاك، لا تقدر على ذلك. أنت ألأم وأضعف من ذلك.

التهديد الرابع لعليعليه‌السلام

فوثب خالد بن الوليد واخترط سيفه وقال: «والله إن لم تفعل لأقتلنك ». فقام إليه عليعليه‌السلام وأخذ بمجامع ثوبه ثم دفعه حتى ألقاه على قفاه ووقع السيف من يده!

التهديد الخامس لعليعليه‌السلام

فقال عمر: قم يا علي بن أبي طالب فبايع. قالعليه‌السلام : فإن لم أفعل؟ قال: «إذاً والله نقتلك ». واحتج عليهم عليعليه‌السلام ثلاث مرات، ثم مدَّ يده من غير أن يفتح كفه فضرب عليها أبو بكر ورضي منه بذلك. ثم توجَّه إلى منزله وتبعه الناس.

٣

غصبهم فدكا هدية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للزهراءعليها‌السلام !!

احتجاج الزهراءعليها‌السلام لإعادة فدك

قال: ثم إن فاطمةعليها‌السلام بلغها أنأبا بكر قبض فدك . فخرجت في نساء بني هاشم حتى دخلت على أبي بكر فقالت: يا أبا بكر، تريد أن تأخذ مني أرضاً جعلها لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتصدَّق بها علي من الوجيف الذي لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب؟ أما كان قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «المرء يحفظ في ولده بعده»؟ وقد علمت أنه لم يترك لولده شيئاً غيرها.

٣٩٠

منع عمر من كتاب أبي بكر برد فدك

فلما سمع أبو بكر مقالتها والنسوة معها دعا بدواة ليكتب به لها. فدخل عمر فقال: يا خليفة رسول الله،لا تكتب لها حتى تقيم البينة بما تدَّعي . فقالت فاطمةعليها‌السلام : نعم، أقيم البينة. قال: من؟ قالت: علي وأم أيمن. فقال عمر: «لا تقبل شهادة امرأة عجمية لا تفصح، وأما علي فيحوز النار إلى قرصه». فرجعت فاطمةعليها‌السلام وقد جرَّعها من الغيظ ما لا يوصف، فمرضت.

أبو بكر وعمر يعودان فاطمةعليها‌السلام

وكان عليعليه‌السلام يصلي في المسجد الصلوات الخمس. فكلما صلى قال له أبو بكر وعمر: «كيف بنت رسول الله»؟ إلى أن ثقلت، فسألا عنها وقالا: «قد كان بيننا وبينها ما قد علمت،فإن رأيت أن تأذن لنا فنعتذر إليها من ذنبنا »؟ قالعليه‌السلام : ذاك إليكما.

فقاما فجلسا بالباب، ودخل عليعليه‌السلام على فاطمةعليها‌السلام فقال لها: «أيتها الحرة، فلان وفلان بالباب يريدان أن يسلِّما عليك، فما ترين»؟ قالتعليها‌السلام : البيت بيتك والحرة زوجتك، فافعل ما تشاء. فقال: «شدّي قناعك»، فشدَّت قناعها وحوَّلت وجهها إلى الحائط.

دعاء فاطمةعليها‌السلام على أبي بكر وعمر

فدخلا وسلما وقالا: ارضي عنا رضي الله عنك. فقالت: ما دعاكما إلى هذا؟ فقالا: اعترفنا بالإساءة ورجونا أن تعفي عنا وتخرجي سخيمتك. فقالت: فإن كنتما صادقَين فأخبراني عما أسألكما عنه، فإني لا أسألكما عن أمر إلا وأنا عارفة بأنكما تعلمانه، فإن صدقتما علمت أنكما صادقان في مجيئكما. قالا: سلي عما بدا لك. قالت: نشدتكما بالله هل سمعتما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «فاطمة بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني»؟ قالا: نعم. فرفعت يدها إلى السماء فقالت: «اللهمَّ إنهما قد آذياني، فأنا أشكوهما إليك وإلى

٣٩١

رسولك. لا والله لا أرضى عنكما أبداً حتى ألقى أبي رسول الله وأخبره بما صنعتما، فيكون هو الحاكم فيكما ».

قال: فعند ذلك دعا أبو بكر بالويل والثبور وجزع جزعاً شديداً. فقال عمر: تجزع يا خليفة رسول الله من قول امرأة؟

٤

وصية فاطمة الزهراءعليها‌السلام وشهادتها

قال: فبقيت فاطمةعليها‌السلام بعد وفاة أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعين ليلة. فلما اشتد بها الأمر دعت علياًعليه‌السلام وقالت: «يا بن عم، ما أراني إلا لما بي، وأنا أوصيك أن تتزوج بنت أختي زينب تكون لولدي مثلي؛ وتتخذ لي نعشاً، فإني رأيت الملائكة يصفونه لي. وأن لا يشهد أحد من أعداء الله جنازتي ولا دفني ولا الصلاة عليَّ ».

قال ابن عباس: وهو قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : «أشياء لم أجد إلى تركهن سبيلاً، لأن القرآن بها أنزل على قلب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : قتال الناكثين والقاسطين والمارقين الذي أوصاني وعهد إلي خليلي رسول الله بقتالهم، وتزويج أمامة بنت زينب أوصتني بها فاطمةعليها‌السلام ».

قال ابن عباس: فقبضت فاطمةعليها‌السلام من يومها، فارتجت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء،ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . فأقبل أبو بكر وعمر يعزِّيان علياًعليه‌السلام ويقولان له: «يا أبا الحسن، لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله».

٣٩٢

فلما كان في الليل دعا عليعليه‌السلام العباس والفضل والمقداد وسلمان وأبا ذر وعماراً، فقدَّم العباس فصلى عليها ودفنوها.

أراد عمر نبش قبر الزهراءعليها‌السلام فواجهه أمير المؤمنينعليه‌السلام

فلما أصبح الناس أقبل أبو بكر وعمر والناس يريدون الصلاة على فاطمةعليها‌السلام . فقال المقداد: قد دفنا فاطمة البارحة. فالتفت عمر إلى أبي بكر فقال: ألم أقل لك إنهم سيفعلون؟! قال العباس:إنها أوصت أن لا تصلِّيا عليها .

فقال عمر: والله لا تتركون - يا بني هاشم - حسدكم القديم لنا أبداً. إن هذه الضغائن التي في صدوركم لن تذهب! والله لقد هممت أن أنبشها فأصلي عليها.

فقال عليعليه‌السلام : «والله لو رمت ذلك يا بن صهاك لأرجعت إليك يمينك . والله لئن سللت سيفي لا غمدتُه دون إزهاق نفسك، فرُم ذلك».(١) فانكسَر عمر وسكت، وعلم أن علياًعليه‌السلام إذا حلف صدق.

ثم قال عليعليه‌السلام : يا عمر، ألست الذي همَّ بك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأرسل إليَّ، فجئت متقلداً بسيفي، ثم أقبلت نحوك لأقتلك، فأنزل الله عز وجل:( فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ) (٢) ، فانصرفوا.

____________________

١. أي اقصد نحوه إن قدرت عليه.

٢. سورة مريم: الآية ٨٤.

٣٩٣

٥

مؤامرتهم لقتل أمير المؤمنينعليه‌السلام

قال ابن عباس: ثم إنهم تآمروا وتذاكروا فقالوا: «لا يستقيم لنا أمر ما دام هذا الرجل حياً»! فقال أبو بكر: من لنا بقتله؟ فقال عمر: «خالد بن الوليد»! فأرسلا إليه فقالا: «يا خالد، ما رأيك في أمر نحملك عليه؟ قال: احملاني على ما شئتما،فوالله إن حملتماني على قتل ابن أبي طالب لفعلت . فقالا: والله ما نريد غيره. قال: فإني له!

فقال أبو بكر: إذا قمنا في الصلاة صلاة الفجر فقم إلى جانبه ومعك السيف. فإذا سلَّمت فاضرب عنقه. قال: نعم. فافترقوا على ذلك.

ندامة أبي بكر عند إجراء المؤامرة

ثم إن أبا بكر تفكَّر فيما أمر به من قتل عليعليه‌السلام وعرف أنه إن فعل ذلك وقعت حرب شديدة وبلاء طويل، فندم على ما أمره به. فلم ينم ليلته تلك حتى أصبح ثم أتى المسجد وقد أقيمت الصلاة. فتقدَّم فصلى بالناس مفكراً لا يدري ما يقول.

وأقبل خالد بن الوليد متقلداً بالسيف حتى قام إلى جانب عليعليه‌السلام ، وقد فطن عليعليه‌السلام ببعض ذلك. فلما فرغ أبو بكر من تشهده صاح قبل أن يسلِّم: «يا خالد لا تفعل ما أمرتك، فإن فعلت قتلتك »! ثم سلَّم عن يمينه وشماله.

المواجهة لمؤامرة القتل

فوثب عليعليه‌السلام فأخذ بتلابيب خالد وانتزع السيف من يده، ثم صرعه وجلس على صدره وأخذ سيفه ليقتله، واجتمع عليه أهل المسجد ليخلصوا خالداً فما قدروا عليه.

٣٩٤

فقال العباس: حلِّفوه بحق القبر «لـمّا كففت». فحلَّفوه بالقبر فتركه، وقام فانطلق إلى منزله.

وجاء الزبير والعباس وأبو ذر والمقداد وبنو هاشم، واخترطوا السيوف وقالوا: «والله لا تنتهون حتى يتكلم ويفعل »! واختلف الناس وماجوا واضطربوا.

وخرجت نسوة بني هاشم فصرخن وقلن: «يا أعداء الله، ما أسرع ما أبديتم العداوة لرسول الله وأهل بيته! لطالما أردتم هذا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم تقدروا عليه،فقتلتم ابنته بالأمس ، ثم أنتم تريدون اليوم أن تقتلوا أخاه وابن عمه ووصيه وأبا ولده؟ كذبتم وربِّ الكعبة. ما كنتم تصلون إلى قتله».

حتى تخوَّف الناس أن تقع فتنة عظيمة.

٣٩٥

٣٩٦

تتمة متن كتاب سليم

نذكر في هذا الفصل ٢٢ حديثاً جاء في نسخة «ج» من كتاب سليم

٣٩٧

٣٩٨

٤٩

ما كتبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الكتف

وعن سليم بن قيس، قال: سمعت سلمان يقول: سمعت علياًعليه‌السلام - بعد ما قال ذلك الرجل ما قال وغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ودفع الكتف -: ألا نسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الذي كان أراد أن يكتب في الكتف مما لو كتبه لم يضلَّ أحد ولم يختلف اثنان؟

كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد قول عمر

فسكتُّ حتى إذا قام من في البيت وبقي علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام وذهبنا نقوم أنا وصاحبَيَّ أبو ذر والمقداد، قال لنا عليعليه‌السلام : إجلسوا.

فأراد أن يسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن نسمع، فابتدأه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: «يا أخي، أما سمعت ما قال عدو الله ؟! أتاني جبرئيل قبلُ فأخبرني أنه سامريُّ هذه الأمة وأن صاحبه عجلها، وأن الله قد قضى الفرقة والاختلاف على أمتي من بعدي، فأمرني أن أكتب ذلك الكتاب الذي أردت أن أكتبه في الكتف لك وأشهد هؤلاء الثلاثة عليه، ادع لي بصحيفة».

أسماء الأئمة الاثني عشرعليهم‌السلام في الكتف

فأتى بها؛ فأملى عليهأسماء الأئمة الهداة من بعده رجلاً رجلاً وعليعليه‌السلام يخطه بيده. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إني أشهدكم إن أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي علي بن أبي طالب، ثم الحسن ثم الحسين ثم من بعدهم تسعة من ولد الحسين.

٣٩٩

ثم لم أحفظ منهم غير رجلين علي ومحمد، ثم اشتبه الآخرون(١) من أسماء الأئمةعليهم‌السلام ، غير أني سمعت صفةالمهدي وعدله وعمله وأن الله يملأ به الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

ثم قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إني أردت أن أكتب هذا ثم أخرج به إلى المسجد ثمأدعو العامة فأقرأه عليهم وأُشهدهم عليه. فأبى الله وقضى ما أراد.

ثم قال سليم: فلقيت أبا ذر والمقداد في إمارة عثمان فحدَّثاني. ثم لقيت علياًعليه‌السلام بالكوفة والحسن والحسينعليهما‌السلام فحدَّثاني به سراً ما زادوا ولا نقصوا كأنما ينطقون بلسان واحد.

____________________

١. «ج» خ ل: «ثم اشتبه عليه الآخرون». ثم إنه لا مجال لوقوع هذا الاشتباه من سلمان ولا من سليم ولا من أبان، وذلك لما نراه في سائر أحاديث هذا الكتاب وكتب أخرى من تصريح سلمان وسليم وأبان بأسماء الأئمة فرداً فرداً، فالاشتباه عليهم في مثل هذا المورد عجيب؛ ولا شك في استعمالهم التقيّة في هذا الكلام لئلا يعرف الظالمون أشخاص الأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487