موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ١

موسوعة عبد الله بن عبّاس12%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-501-5
الصفحات: 487

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 487 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 158811 / تحميل: 6182
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٥٠١-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

لزيادة مستوى الانتاج سمي حينئذ برأس المال المنتج، وتخصيص جزء من القيمة الزائدة الناتجة عن تركيب رأس المال الانتاجي مع العمل (كرأسمال انتاجي باعتباره ربحاً ناتجاً عن رأس المال) شيء له ما يبرره تماماً من الناحية الاقتصادية.

١٠ - يمكن للعمل المجمد (المخزون) أن يتحول الى استثمارات (الاشياء التي يمكن الاستفادة منها دون أن تفنى)، والانتفاع والربح الناتج من هذا النوع من رأس المال أمر له ما يبرره أيضاً من الناحية الاقتصادية.

١١ - العمل المجمد (المخزون) في شكل رأس مال تجاري غير منتج، ولهذا يعتبر الربح الناتج عن هذا النوع من رأس المال أمراً ليس له ما يبرِّره من الناحية الاقتصادية بأي شكل من الأشكال، وهو كالربا.

١٢ - الذين يعملون في توزيع البضائع يمكن لثمن بيعهم أن يكون أكثر قليلاً من ثمن شرائهم ولكن يجب أن يكون هذا المبلغ المضاف في مقابل عملهم اليومي في البيع والشراء وباقي مصاريفهم الأخرى، دون التطرف الى الربح الناتج عن رأس المال المتداول، وعمل هؤلاء في هذه الحالة هو من المضاربة أو ما يشبهها.

١٣ - ان طاقة العمل المستهلكة على شكل عمل خدمي يفصل بين الانتاج والاستهلاك يجب أن تبلغ الحد الأدنى من الاستهلاك والطاقة الانسانية (الوسطاء).

١٤ - المزارعة والمساقاة عبارة عن اقتران العمل الانتاجي لشخص معين بالعمل الانتاجي لشخص آخر، أي أن يشترك شخصان في انتاج واحد خلال فترتين من الزمن ويجب - بالطبع - تقسيم حصيلة الانتاج بينهما.

١٥ - المضاربة الحقيقية تعني في الواقع اقتران العمل الانتاجي بالعمل الخدمي (توزيع البضائع)، ولو تم تقسيم حصيلة الأمر بين طرفي المضاربة، فلن يكون ذلك بمعنى الربح الناتج عن رأس المال التجاري غير المنتج، بل يعني تقسيم الأموال الحاصلة بين العمل الانتاجي لصاحب البضاعة وبين العمل الخدمي لبائعها.

١٦ - الايجار والمزارعة والمساقاة والمضاربة التي وردت في الفقه الاسلامي أمور تتوافق مع الأسس التحليلية التي ذكرناها بصدد الملكية، وهي جديرة بالقبول، ولها ما يبررها من ناحية المنطق الفطري.

١٧ - لا يعتبر ايّ من هذه المعاملات استغلالاً في حد ذاته، وهناك

٦١

أسباب للظلم والاجحاف واستغلال أصحاب الدخول الواطئة، وظهور الدخول الفاحشة، يمكن تلخيصها في عاملين أساسيين :

أ - الاجحاف في الأسعار (أسعار أجور الأيدي العاملة، أسعار البضاعة، اسعار اجور النقل والايجار، أسعار توزيع الحاصل بين طرفي المساقاة والمضاربة والمزارعة وأمثال ذلك).

ب - اضطرار من يمتلكون طاقة العمل الى بيع تلك الطاقة لأصحاب رؤوس الأموال ووسائل العمل.

١٨ - يتمثل العلاج الجذري لهذا الأمر في التزام كلٍّ من المجتمع والدولة بإعطاء رأس المال ووسائل العمل لكل من هو قادر ومستعد لإنجاز العمل الانتاجي أو الخدمي ليتمكن من تشغيلها بصورة فردية أو جماعية (شركات مساهمة أو تعاونية) وأمثال ذلك، ويجب على الدولة - اضافة الى ذلك - التدخل في مسألة تحديد الاسعار في الحالات الضرورية.

١٩ - يجب في نظامنا الاقتصادي الاهتمام بالأمور المهمة التالية :

أ - تأمين حرية العاملين الى أقصى حد ممكن لكي لا يفرض عليهم نوع العمل ومكانه وساعاته وكيفيته وامثال ذلك، وأن تجري حقاً وفقاً لاختيارهم وحساباتهم الحرة.

ب - ازدياد دوافع الانسان نحو الانتاج الأكثر يوماً بعد يوم وأن يقوى الدافع الذاتي ويشتد لدى أفراد المجتمع يوماً بعد آخر.

ج - وضع امكانات العمل الاقتصادي تحت تصرف الأفراد. وهذا مما يعد واحداً من طرق ضمان المبدأين السابقين.

وبناءً على ما تقدم فان ما نطرحه كمبادئ عامة لاقتصادنا الذي نصبو الى تحقيقه عبارة عن توفير امكانيات الانتاج والقيم الاستهلاكية المنتجة مع رفع مستوى الدافع الذاتي للانتاج وحرية أصحاب طاقات العمل.

٢٠ - المجتمع والدولة والافراد ملزمون تجاه المستهلكين العاجزين عن الانتاج أو الذين فقدوا قدرتهم عليه أو العاجزين عن انتاج القدر الكافي من المصاريف التي يحتاجون اليها (بتوفير ذلك لهم) وهذا مما يكمل المبادئ التي ذكرت بهذا الشأن ليكون نظامنا الاقتصادي مقترناً الى أبعد حد ممكن بالحرية والوفرة، وبعيداً قدر الامكان عن أعمال التمايز والفوارق في الداخل.

٦٢

٢١ - ينبغي لنظام الضرائب أن يكون على شكل ضرائب مباشرة على الدخل، ونموذج ذلك :الخمس كضريبة على الدخل الصافي في بعض الحالات، وكضريبة على الدخل الاجمالي في حالات أخرى، والزكاة التي هي بشكل عام ضريبة على الدخل الاجمالي. وهذان نموذجان من الضرائب المباشرة.

٢٢ - ان مسائل الأملاك العامة، والانفال، وحدود الحيازة، والاستفادة من المصادر الطبيعية، من العوامل المهمة التي ينبغي الاهتمام بشأنها.

٢٣ - ان المسائل المتعلقة بإحياء الأراضي، ومبدأ ملكية الأرض لمن يحييها، وآثار ذلك من المسائل الدقيقة، وهي الطريقة التي ينبغي الاهتمام بها بدقة، والتي تلعب دوراً مهمّاً في اقتصادنا في مجال المعاملات المتعلقة بالأرض وتحديد كيفيتها.

وبتركيب هذه العوامل تركيباً دقيقاً، وبعد خطط تنفيذية مدروسة ومجربة، يمكننا إيجاد نظام اقتصادي جديد ليس كالاقتصاد الرأسمالي (الذي يطلق العنان عملياً للمنتفعين ويوقع المستغَلين في شراك المستغِلين)، ولا هو كالنظام الاشتراكي الحكومي (الذي يخنق عملياً كثيراً من الحريات أو يبطل مفعولها، ويخلق من الدولة رأسمالياً كبيراً وقوياً).

العمليات المصرفية والقوانين المالية في الاسلام (الربا في الاسلام)

لقد شاركت في عدة محافل دينية طُرِحَت فيها مسألة الربا وحُرمَتِهِ الاسلام، وبُحِثَ فيها هذا الموضوع من مختلف جوانبه.والربا من اكثر المواضيع الاقتصادية والدينية أهمية، ويجب اجراء تحقيقات واسعة بشأنه فهناك مسائل كثيرة تتعلق بموضوع «الربا في الاسلام» يجب بحثها بتعمق وسوف نشير اليها هنا بشكل مجمل :

١ - ما هو الربا ؟ وهل ان العرف الشائع في العالم البوم - بغض النظر عما هو في الاسلام كعرف الشعوب غير الاسلامية مثلاً - يطلق اسم الربا على جميع الموارد التي اعتبرها الشرع ربا ؟ فلو كان مثلاً سعر الكيلوغرام الواحد من القمح يعادل (٦) ريالات، وسعر الكيلوغرام الواحد من الشعر يعادل (٣) ريالات، وقد باع شخص لآخر (٢٠) كغم من القمح في مقابل (٤٠) كغم من الشعير فهل يعتبر هذا آكلاً للربا ؟

٢ - الربا في الشرائع السماوية التي سبقت الاسلام.

٣ - الربا عند قريش والقبائل الأخرى في مكة والمدينة ومدن الحجاز الأخرى من غير اليهود والنصارى.

٦٣

٦٤

٦٥

٦٦

٤ - الربا في الشرع الاسلامي.

٥ - الربا في القروض والبيع والمعاملات الأخرى.

٦ - المكيل (ما يكيلونه عند التعامل به) والموزون (ما يزنونه عند التعامل به) والنقدان (الذهب والفضة المسكوكان).

٧ - ما كان غير هذه الأقسام الثلاثة من قبيل المعدود (ما يعدّونه عند التعامل به).

٨ - هل ان القرض المعدود يخلو من الربا أيضاً ؟ (يجب التنبه هنا الى اطلاق الروايات الواردة حول المعدود).

٩ - هل ان الأوراق النقدية بحكم النقدين أيضاً ؟ أم أنها بحكم البضائع الأخرى ؟

١٠ - وماذا عن الأوراق الرابحة الأخرى ؟

١١ - ألا يفترض تحقق الربا حين التعامل بالأوراق النقدية بشكل عام ؟

١٢ - ماذا يعني الاحتيال من أجل التهرب من الربا ؟

١٣ - الأمور الاعتبارية والفرضية والفرق بينها.

١٤ - العمليات المصرفية والقوانين المالية في الاسلام.

هذه هي المسائل الأساس لهذا البحث والتي جرى البحث في بعض منها في عدة محافل دينية أشرت اليها آنفاً ومن هذا القبيل المسألة الأخيرة إذ بحثت في جلسة أو جلستين وستنشر نتيجة ذلك البحث في هذا الكتاب لكي يبحثها ويطلع عليها أصحاب العلاقة فيكملوها بالبحث والتمحيص والانتقاد.

ان دراسة الربا من جميع نواحيه التي أوردناها من الواجبات الاسلامية في مجال العلم والبحث، ونأمل ان تستنفر الهمم من أجل تحقيق كامل وشامل بهذا الصدد مع الأخذ بنظر الاعتبار ما ورد في الآيات والروايات، وما قاله وكتبه في ذلك فقهاء الشيعة والسنة، وكذلك دراسة الابحاث العلمية التي أجراها علماء الاجتماع والحقوقيون، ثم مقارنة تلك الابحاث بالروايات التي وردت بشأن مسألة تحريم الربا، لكي تنجلي على ضوء ذلك جميع الابهامات الموجودة بشأن الربا أو أكثرها.

٦٧

البنك

يمكن تقسيم العمليات المصرفية بصورة عامة الى قسمين :

القسم الأول هو الذي لا يقترن بالفائدة عادة.

والقسم الثاني هو هو ما يقترن عادة بالفائدة.

أما القسم الأول : فيشمل الحوالات والكمبيالات، والحساب الجاري، والصكوك، وحساب التوفير غير المصحوب بالفوائد، وباقي عمليات تبادل العملة والأوراق النقدية.

وأما القسم الثاني فيشمل منح الاعتمادات أو القروض التجارية والصناعية والزراعية والمهنية، وقروض بناء المساكن، وإنشاء المصانع، وأمثالها.

القسم الأول من العلميات المصرفية

يسهم القسم الأول من العمليات المصرفية اسهاماً كبيراً في تسهيل أمور الحياة وعمليات البيع والشراء دون أن يجلب بحد ذاته ضرراً على الفرد أو المجتمع.

لنفترض مثلاً أن هناك شخصاً في مدينة (خوي) أو (عبادان) ينوي أن يرسل شهرياً المصاريف الدراسية لولده الذي يدرس في احد المراكز العلمية كحوزة قم أو جامعة طهران، أو أن هناك تاجراً في (قوجان) أو (زاهدان) يريد إرسال ثمن بضاعة اشتراها بالآجل من صاحب له في أصفهان، فعلى مثل هؤلاء إما أن يتحركوا من أماكنهم ويتحملوا متاعب ومصاريف كثيرة ويبذلوا الكثير من وقتهم لايصال المبالغ الى اصحابها ثم العودة من هناك، وإمّا أن يرسلوها بوساطة شخص أمين وموضع ثقة، وإمّا أن يعثروا بعد جهد جهيد على تاجر في مدينتهم يتعامل مع تاجر آخر في اصفهان فيحوّلوا المبلغ بوساطته، فضلاً عن وجود حالات من القلق والاضطراب في كل من الحالتين الأخيرتين.

أفليس من الافضل - والحال هذه - ايجاد مؤسسة واسعة وجديرة بالثقة لإنجاز هذا العمل بأقل كلفة وأكبر ثقة.

ثم لنفترض أن هناك شخصاً منهمكاً في البيع والشراء منذ الصباح وحتى المساء ويجب أن يأوي الى بيته في المساء ليقضي أوقات استراحته مع زوجته واطفاله مطمئناً مرتاح البال ولكنه يملك في دكانه ألف تومان أو أكثر لو

٦٨

أخذها معه فقد تسرق من جيبه ولو أبقاها في الدكان فقد تكون من نصيب اللصوص، وهكذا نراه منشغل البال في كيفية المحافظة على هذا المبلغ الأمر الذي يسلب النوم من عينيه، فأي شيء أفضل من أن تكون هناك مؤسسة يودع فيها نقوده كل يوم لتحفظها في مكان آمن، مع ما يلزم ذلك من استعدادات، ثم تضعها تحت تصرفه أو تصرف غيره بصك يكتبه.

أو لنفترض أن هناك رجلاً أو امرأة أو طفلاً يقتصد في مصاريفه ويفكر بعاقبة أمره فيوفر مبلغاً من دخله اليومي البسيط لكي يكون له عوناً في يوم قد يحتاج اليه فلا يمد يده لطلب المساعدة من هذا وذاك، وقد أصبحت المحافظة على هذا المبلغ مع تفاهته مشكلة من مشاكله فهو من جهة تخطر على باله كل حين فكرة تشجعه على صرف ما وفره وهو من جهة أخرى يخشى من أن تمتد يد آثمة فتختطف منه (في ثوان) ما ادخره في عدة سنين، ولو جعل هذا المبلغ تحت تصرف هذا الشخص أو ذاك فقد يتبدد أو لا يستطيع الحصول عليه وقت الحاجة، أما لو تحملت مؤسسة جديرة بالثقة مسؤولية الحفاظ على هذا المبلغ واعطائه لاصحابه متى ما طلبوا ذلك فلسوف يكون ذلك نعمة كبيرة بالنسبة لهم.

في عمليات البيع والشراء بالجملة يصعب حساب النقود خاصة اذا كانت تشكل مبلغاً كثيراً يتألف من فئات نقدية صغيرة اذ يستهلك الكثير من الوقت ويؤدي الى جانب ذلك الى الوقوع في الخطأ، فلو انجز هذا النوع من المعاملات بتبادل الصكوك على الحساب الجاري لما استغرق الا القليل من الوقت ولتجنب الوقوع من خطأ يصعب تداركه.

هذه وأمثالها من المزايا الثمينة التي لا يمكن انكارها للمؤسسات المصرفية التي يعتبر غض النظر عنها في أمور الحياة - خاصة حياة هذا العصر المليئة بالعلاقات والأواصر - أمراً غير معقول.

فالبنوك بما تملكه من تشكيلات واسعة ومنظمة، وموقع باعث على الثقة، تصلح كثيراً لتلبية هذا الجزء من حاجات الحياة اليومية، تلك الحاجات التي تكفي لإثبات ضرورة وجود المؤسسات المصرفية.

ولكن تحريم الربا مهما افترضنا له من دائرة واسعة، لا يوجه أقل ضربة الى هذا النوع من الأعمال المصرفية، اذ يمكن - في المجتمع الاسلامي للأفراد أو

٦٩

الدولة على حد سواء - ايجاد المؤسسات اللازمة لانجاز مثل هذه الأعمال واستحصال أجرة كافية، وبنسبة مئوية معينة في مقابل ما ينجزونه من هذه الأعمال.

ولا مانع أبداً من أن تعمد البنوك - بدلاً من انجاز معاملات الحساب الجاري مجاناً واعطاء فوائد لحسابات التوفير اضافة الى ذلك ثم تعويض هذه الفوائد والمصاريف الادارية الأخرى والأرباح الفاحشة لاصحاب البنك عن طريق أكل الربا واستحصال الفوائد من المقترضين - الى استحصال أجور كافية للمعاملات المتعلقة بالحسابات الجارية وحسابات التوفير - كما هو الأمر في الحوالات والكمبيالات - وتأمين المصاريف الادارية وأرباح أصحاب البنك عن هذا الطريق.

وطبيعي أنه لا يمكن مع وجود البنوك الحالية التي تأخذ الربا، وتنجز معاملات الحساب الجاري مجاناً، وتعطي لحساب التوفير بعض الفوائد، إيجاد بنك على أساس هذه الأطروحة، ولكن لو طبقت القوانين الالهية فمنع أكل الربا في كل مكان حتى في البنوك الحكومية فستضطر جميع المؤسسات المصرفية الى استحصال أجور في مقابل الحساب الجاري وحساب التوفير وسيوافق الناس طوعاً أو كرهاً على دفع الأجور اللازمة لغرض تسهيل أعمالهم وارتياح بالهم، فيؤدي ذلك الى ازدهار الأعمال المصرفية دون التلوث بالربا.

وعلى هذا الأساس فإن تحريم الاسلام للربا تحريماً تاماً وشاملاً لا يمنع بأي شكل من الأشكال من انجاز القسم الأول من العمليات المصرفية، ولا يحرم المجتمع الاسلامي من هذا النوع من التسهيلات المربحة والمرفهة.

القسم الثاني من العمليات المصرفية

ان هذا النوع من العمليات بالشكل الذي تنجز به اليوم في أغلب مناطق العالم لا يهدف الى مجرد تحسين الوضع الاقتصادي، بل ان الهدف الأصلي لمثل هذه العمليات المصرفية يتمثل في الاعم الاغلب في أكل الربا ولكن مع شيء من السيطرة والنظام والتشكيلات الظاهرية ذات الجلال والأبهة، فإن كان لها أثر في تحسين الوضع الاقتصادي وتقدم العلم والصناعة فهو من الأمور الفرعية.

ان هذه البنوك سواء أكانت خاصة أم حكومية أم دولية، تسعى دائماً

٧٠

الى ايجاد أفضل الطرق لتشغيل رؤوس أموالها في طريق أكل الربا، ولو وجدنا في بعض المواقع ان أصحاب البنوك هذه يسعون إلى منح فروض أو اعتمادات مصرفية من أجل تثبيت دعائم اقتصاد مؤسسة معينة، أو شعب معين، أو شعوب العالم كافة، فقد رقت قلوبهم لأنفسهم لا لتلك المؤسسة او الشعب أو سكان الارض. إنهم رأسماليون أذكياء يسعون للحفاظ على أرضية حصولهم على الربح على الدوام، فهم كالطفيليات التي فكرت بعاقبة أمرها فاستقرت على جسم معين وأخذت تمتص من دمائه الى درجة لا تجعله يموت بل تبقي على رمق منه ليبقى بين الموت والحياة فيؤمن قوتها.

وقد حرمت القوانين المالية والتجارية في الاسلام هذا الجانب الذي يدخل ضمن القسم الثاني من العمليات المصرفية بلا شك، وبهذا التحريم لا تبقى رغبة لدى أصحاب رؤوس الاموال الخاصة في تشغيل رؤوس أموالهم في مجال منع الاعتمادات والقروض المصرفية، ومنح القروض عديمة الفائدة، وهنا تطرح المشكلات التالية :

١ - ان الأعمال الصناعية والزراعية الضخمة، والأعمال المتعلقة بالنقل والتجارة، ورؤوس الأموال الكبيرة، تتطلب تأمين القسم الأعظم من رأسمالها عن طريق القروض المصرفية عادة، فلو حرمت القروض ذات الفائدة، لأدى ذلك الى إنزال ضربة بتوسيع هذه العمليات ثم بتقدم العلم والصناعة والاقتصاد نتيجة لذلك.

٢ - يحدث كثيراً ان يقع العامل أو الصانع أو المزارع في ضائقة مالية لا يحلها الا قرض بسيط يكون نعمة كبيرة له مع كونه ذا فائدة (ربا)، ولكن تحريم الفائدة يغلق الطريق أمام مثل هذه الحلول مما يؤدي الى حرمان عائلة كاملة في اكثر الأحيان.

٣ - ان قروض بناء المساكن والقروض المعطاة لفتح مجالات العمل تعتبر - مع كونها مصحوبة بالفائدة - وسيلة لرفاه الطبقات المحرومة، ولا ينبغي بتحريم الفائدة أن تحرم تلك الطبقات من هذه الوسيلة فتظل تحت وطأة الفقر والحرمان.

٧١

حل المشكلة

رأسمال كبير أم رأسمالي كبير ؟

لقد خلط بين هذين الاثنين في المسألة الأولى، فلا ريب في وجود حاجة الى رأسمال كبير من أجل انجاز الأعمال الكبيرة والواسعة في مجال الصناعة والزراعة، والتقدم العلمي والفني، ولكنه لا يشترط أن تكون رؤوس الاموال الكبيرة هنا مرتبطة دوماً بشخص معين، أو عدة أشخاص محددين، ولا تنحصر طريقة ايجاد رؤوس الأموال الكبيرة بهذه الطريقة المعتادة في الدول الرأسمالية وفي الحصول على القروض ذات الفائدة القليلة أو الكثيرة من البنوك.

فهناك طرق كثيرة أخرى لتكوين رؤوس الاموال الكبيرة تحظى باهتمام خبراء العالم الاقتصاديين منذ مدة طويلة، إذ يمكن بانشاء الشركات المساهمة الكبيرة وتعاونيات الانتاج، وتعاونيات الاستهلاك، وتعاونيات الانتاج والاستهلاك، وتكوين رؤوس أموال كبيرة تتعلق برأسماليين صغار وتشغيلها في طريق تقدم الأعمال الاقتصادية وتوسيعها دون أن يكون هناك موضع قدم للرأسماليين والمرابين.

والربح الحاصل من هذا النوع من الشركات يقسم بين اكبر عدد من الأفراد مما يؤدي الى عدم تمركز الثروة عند مجموعة محدودة ويساعد أيضاً على تحقيق العدالة الاجتماعية والتغيير الاقتصادي، وهو من الطرق المؤدية الى منع ظهور رأسماليين كبار مترفين ومنعمين ومسرفين وراكضين وراء الكماليات في المجتمع، ومنع حدوث فوارق اقتصادية كبيرة بين أفراد الأمة.

وعلى هذا الأساس لا يعتبر تحريم الربا مما يمنع ايجاد رؤوس الأموال الكبيرة وحسب، بل ويمنع من ظهور رأسماليين كبار أيضاً، وهو أفضل ما نطمح اليه جميعاً، ويمثل ما أراده الاسلام وأراده عامة خبراء الاجتماع التقدميين في القرون الأخيرة، ولو طبق هذا الأمر لما برزت هذه الأنظمة المتطرفة التي تطالب بالتجديد والتحديث.

وفضلاً عن ذلك يمكن للحكومات الصحيحة والصالحة رصد رؤوس الأموال للأمور المتعلقة بالصناعات الضخمة، ومشاريع الري والزراعة، بصورة أفضل كثيراً مما يفعله الرأسماليون في القطاع الخاص ولأن الحكومة الصالحة

٧٢

تمثل الشعب الذي نصبها لهذه الأمور فان رؤوس الأموال هذه سوف تستثمر حتماً لتحقيق مصالح الشعوب ومنافعها.

ان تأميم الصناعات الضخمة في البلدان الرأسمالية، وقيام الحكومات بإنشاء السدود وشق الطرق ومد السكك الحديد وخطوط ملاحة السفن، والتقدم المدهش في المجالات العلمية والفنية والاقتصادية للبلدان الاشتراكية، من الأمور التي توضح أن طريق تخصيص رؤوس الأموال الكبيرة لا ينحصر في كبار الرأسماليين المرابين فقط.

ولو افترضنا أن الحكومات لا تمثل تجاراً وأرباب عمل جيدين، وانه من الأفضل لنا أن نعطي ادارة الامور الاقتصادية وحتى الثقافية والصحية والعمرانية للافراد، لتكون عرضة للتنافس الحر، وأنه ينبغي على الدولة الامتناع عن التدخل المباشر في هذا النوع من الأعمال لتفتح الطريق بشكل تام أمام استثمار الامكانات الثرَّة للأفراد، ومن ثم توجيه عمليات القطاع الخاص الوجهة الصحيحة وفقاً لمصالح جماهير الشعب الواسعة، ففي هذه الصورة يتوجب على الدولة أن تخصص جزءاً من الميزانية العامة لإنشاء بنوك خاصة بإعطاء هذا النوع من المساعدات الاقتصادية لتتمكن من منح القروض الكبيرة والصغيرة الخالية من الفوائد للافراد أو للمؤسسات الخاصة، فتمسك بهذه الطريقة بشريان اقتصاد البلاد بصورة أفضل، وهذا الوضع يساعد في حد ذاته في سيطرة الدولة على اقتصاد البلاد ويمنحها فرصة مناسبة وحساسة جداً لتقدم في منح القروض مصالح الأمة على المصالح الخاصة بالذين يحصلون على تلك القروض فيشتغل رأس مال الشعب بأيدي الافراد من أجل تحقيق مصالح الشعب نفسه، لا من أجل تراكم الثروات الشخصية واكتناز الأموال. ويمكن للدولة أن تستحصل من الارباح الناتجة عن هذه القروض، ضرائب عالية لصالح الشعب فتصرفها في سبيل رفاهه، وهذا أيضاً طريق لمنع ايجاد أشخاص مترفين وغارقين في اللذائذ والكماليات والأمور التافهة الأخرى، وظهور فوارق طبقية كبيرة داخل الأمة الواحدة، أما فيما يخص المسألتين الثانية والثالثة فهناك طريقان للحل :

١ - مؤسسات قرض الحسنة الفردية والجماعية :

نظراً للثواب العظيم الذي عينه اللّه تعالى لقرض الحسنة حيث فضله حتى

٧٣

على الصدقة والمساعدات بلا عوض، ولو أجري تخطيط صحيح لهذا العمل مع شيء من الدعاية والاعلام فسوف يفتح الطريق أمام ظهور هذا النوع من المؤسسات.

وتستحصل مؤسسات قرض الحسنة أجراً مناسباً وبنسبة مثوية معينة من أجل تأمين مصاريفها الاعتيادية ولكن ليست هناك أية فائدة على أصل القرض، ولا توجد أية أرباح في الميزانية السنوية لهذه المؤسسات.

وهناك مسألة طريفة فيما يخص قرض الحسنة، وقد لم يلتفت اليها أحد حتى الآن، فطبقاً للقوانين الاسلامية تسري على النقد والذهب والفضة (التي تبلغ الحد المقرر وتبقى مجمدة أكثر من أحد عشر شهراً) ضريبة الزكاة، أي تلك الضريبة الاسلامية الخالدة التي تبلغ نسبتها ٥ / ٢ % ولو حصل في أثناء السنة أن أجريت على هذا النقد معاملة ولو لمرة واحدة كأن يعطى كقرض مثلاً فلن تسري عليه هذه الضريبة بعد ذلك.

ولو كان يسري على الأوراق النقدية حكم الذهب والفضة في مسألة الزكاة، وعمل بالاحتياط فيما يخص هذه الأوراق وفرضت الحكومة الاسلامية ضريبة تشبه الزكاة على تلك الأوراق النقدية التي بلغت الحد المقرر، فسوف يؤدي ذلك بحد ذاته الى توفر رؤوس أموال كثيرة لإيجاد مؤسسات فردية، أو جماعية، أو نصف حكومية، لمنح قرض الحسنة، وسوف تسيل رؤوس الأموال الوطنية، ولو تقرر أن يكون الادخار الوطني خالياً من الفائدة أيضاً فسوف يظهر طريق آخر لتأمين رؤوس أموال هذه المؤسسات.

٢ - البنوك الحكومية

لو لم تحصل نتيجة كافية من اتباع الطريقة الأولى، فسوف يصبح على عاتق الدولة تخصيص مبالغ من الميزانية العامة لغرض تأسيس بنوك لمنح القروض المهنية والصناعية والزراعية، وقروض بناء المساكن، وفتح مجالات العمل، على أن تستحصل هذه البنوك أجراً متناسباً مع مصاريفها الجارية دون فرض أية فائدة على القرض نفسه.

وقد كان تأسيس البنوك الزراعية والرهنية وبنوك فتح مجالات العمل في ايران يهدف في البداية الى تحقيق هذا الغرض واتباع هذا الاسلوب، ولم يكن

٧٤

من المقرر أن تجني هذه البنوك أرباحاً للدولة، حتى أن بنوك فتح مجالات العمل لم تكن تؤمِّن مصاريفها الجارية.

ولكنهم وللأسف عمدوا خلال السنوات القليلة الى اضافة رؤوس الأموال الخاصة الى رأسمال الشعب في هذه البنوك بحجة زيادة رأسمالها فتحولت الى مؤسسات مرابية، وفقدت عندئذ خصوصياتها التعاونية والمسهِّلة للأمور.

نتيجة البحث

ان تحريم الربا لا يوجه ضربة الى أيٍّ من المصالح الاجتماعية والاقتصادية الوطنية التي تحققها البنوك.

ان انشاء البنوك بشكل صحيح خال من الفائدة مع استحصال شيء من الأجور من أجل رفاه الشعوب وسعادتها لا يعتبر أمراً غير محرم فحسب، بل هو من الواجبات الكفائية ومن مسؤولية الحكومات.

ان ما حرّم بتحريم الربا هو البنوك ذات الفوائد التي تعمل من أجل أكل الربا، وتحقيق مصالح الرأسماليين المرابين، وايجاد طبقة مترفة مسرفة، تركض وراء الكماليات والتفاهات، وهذا بحد ذاته من أعظم مزايا القوانين المالية والتجارية في الاسلام.

الضرائب في الاسلام

٧٥

٧٦

مقدمة

مع أفضل تحية وسلام الى أولئك الأطهار الذين بذلوا أنفسهم في سبيل اللّه، والذين سطروا المفاخر للاسلام وأمة الاسلام في تلك المحاريب النورانية المتلألئة والمخضبة بالدماء، والذين ارتهن وجود هذه الثورة الاسلامية وتقدمها بأعمالهم العبادية البطولية، وتحية اليكم أيها الاخوة والأخوات إذ تسعون في هذه البحوث والندوات الى توضيح طريقة تطبيق نظام الاسلام النقي والخالص، في المجالات الاجتماعية والادارية والسياسية والقضائية والاقتصادية والثقافية، وآمل أن نكون بكل اخلاص واندفاع سالكين في هذا الطريق، وأسأل اللّه تعالى أن يجعل برامجنا هذه مليئة بالحركة، ومستنيرة بالعشق الالهي، والرغبة في تحقيق الاهداف المقدسة، كي لا تتحول أبداً مساعينا هذه الى مساعٍ أكاديمية عديمة الرونق وقليلة الأهداف.

اننا لو بلغنا ذلك اليوم الذي نجد فيه مداد العلماء ودماء الشهداء تسير معاً في خط واحد ونحو هدف مشترك، ونرى فيه كل من يستقر في مواقع القتال، ومن يطير بنسور الحديد، ومن يعمل في قلب حيتان الحديد التي تمخر عباب البحار، ومن يعمل في وزارة الاقتصاد والمالية للجمهورية الاسلامية، ومن يلقي الدروس

٧٧

٧٨

على طلبته ومن يعمل في الحقول والمزارع قد اشتركوا جميعاً بروح واحدة، ويسعون لتحقيق هدف واحد، فحينئذ نستطيع التأكد من أن الجمهورية الاسلامية بدأت تتجه نحو النمو والتفتح، ومن المؤكد أنه لو حصل غير هذا في يوم من الأيام فان هناك خطراً كبيراً ومرعباً يهدد أصالتنا ووجود حركتنا الثورية المشعة.

شكراً لجميع الإخوة والأخوات أعضاء الجمعية الاسلامية لوزارة الاقتصاد والمالية الذين بذلوا الجهود لاقامة هذه الندوة وهذا الملتقى، وينبغي لهذه الجهود أن تستمر ويجب على العناصر المسلمة والملتزمة في المؤسسات الحكومية أن يشعروا كلما تقدم بنا الزمن أن جميع الأعمال قد تم ترتيبها لتسير نحو تحقيق النظام الاسلامي، وأن يعتبروا أنفسهم مسؤولين ومؤثرين في عمليات التخطيط والمساعي المبذولة بهذا الشأن، ونأمل من الوزراء ومعاونيهم والمسؤولين الذين يتحملون قدراً من المسؤولية أكبر من غيرهم في وزارة الاقتصاد والمالية والمؤسسات التابعة لها وجميع المؤسسات الحكومية في الجمهورية الاسلامية أن يلتفتوا الى ما يبديه المسلمون الملتزمون في هذه المؤسسات من رغبة وشوق لهذا النوع من الخطط والأعمال والبرامج، ويعتبروا ذلك واحداً من الواجبات الملقاة على عواتقهم، ويتحركوا بشكل يجعل هذه الرغبات تزداد يوماً بعد يوم.

أيها الإخوة والأخوات لا ينبغي لأحد أن يتصور أن مرحلة تحمل أحد منا المسؤولية في هذه الثورة الاسلامية العظيمة والنورانية قد انتهت، أو أن مسؤولياتنا قد خَفَّت، يشهد اللّه أن مسؤولياتنا تثقل وتصعب يوماً بعد يوم، ويجب علينا أن نبدي استعداداً أكبر لتحمل هذه المسؤوليات، يجب علينا أن نعتقد جميعاً بوجوب العمل المستمر ليلاً ونهاراً، وأن نحمل في الليل والنهار همَّ تطوير هذه الأمة والمحافظة على أهدافنا واستقلالنا والعودة الى ذواتنا، لأن اعداءً كثيرين قد كمنوا لنا في داخل الحدود وخارجها، أولئك الأعداء الذين لا ينبغي لنا أبداً احتقارهم واستصغار شأنهم، آملين بعون اللّه وهدايته أن تبقى روح السعي وبذل الجهود لدى الجميع يقظة ومثمرة بشكل يجعل أصدقاءنا أكثر رغبة وأملا واندفاعاً يوماً بعد آخر، وأعداءنا أكثر انغماساً في الحسرة واليأس يوماً بعد آخر.

الضرائب في الاسلام

في الاسلام - كما تعلمون - عبادات مالية، فكما أن المسلم يصلي للّه أو

٧٩

يصوم له ويعبده، فانه أيضاً يدفع الزكاة من أجل اللّه، فيعبده عن طريق دفع الزكاة وانفاق الأموال في سبيله، فالذي ينفق ماله في سبيل اللّه يعتبر مجاهداً كالذي يبذل نفسه في سبيله.

( والمجاهدون في سبيل اللّه بأموالهم وأنفسهم ) .(١)

وحين تؤمن نفقات الجهاد والحرب مع العدو فان دفع هذه النفقات مشاركة في الجهاد وهو من العبادات أيضاً، وهناك تصنيف فقهي بهذا الشأن يخصص فصلاً للعبادات المالية اضافة الى العبادات الجسدية، والخمس والزكاة شكلان من أشكال الانفاق المحدد يجب دفعهما من قِبل كل مسلم تتوفر فيه الشروط اللازمة بشأنهما، وقد نُصَّ على الزكاة في تسع حالات،(٢) وفُرض الخمس في حالات منصوص عليها وفي حالات أخرى أيضاً، وتتسع دائرة الخمس لتشمل حالات أخرى غير الحالات المحددة التي منها الغنائم الحربية، كالصيد، والمعادن، والكنوز، والأراضي التي اشتراها الكافر الذمّي، وأمثال ذلك، ويتسع مجال الخمس ليشمل الدخل السنوي، أي فيما يزيد على مصاريفه خلال السنة، وهي حالة تشمل الجميع، وكذلك الحال في المال المختلط بالحرام وهي حالة واسعة أيضاً، تلك هي الضرائب الاسلامية المقدّرة أي الضرائب التي حددت حالاتها ومقاديرها، فمقدار الزكاة يتراوح في جميع الحالات بين ٥ / ٢ % الى ١٠ % ويبلغ مقدار الخمس ٢٠ %

وهناك ضريبة أخرى هي «الخراج» التي تعني في أصلها الضريبة، فما هي الحالات التي يفرض فيها الخراج ؟ هل ان الخراج مجرد ضريبة تتعلق بالأراضي الخراجية ؟(٣) وهناك ضريبة اخرى هي «الجزية»(٤) وهنا يطرح سؤال يقول : هل ان ما يدعى بالضرائب الاسلامية ينحصر في هذه الأنواع التي ذكرت

____________________

(١) النساء : ٩٥.

(٢) وهناك نقاش حول وجوب دفع الزكاة فيما عدا هذه الحالات التسع.

(٣) الأراضي الخراجية : هي تلك الأراضي التي تتعلق بالدولة والأمة وهي تحت تصرف الناس، وتستحصل عنها الحكومة الاسلامية ضرائب بأشكال مختلفة.

(٤) الجزية : ضريبة يدفعها المواطنون غير المسلمين في المجتمع الاسلامي، وطبقاً للروايات فإن هذه الجزية هي بدل الزكاة، ولأن المواطنين غير المسلمين لا يؤمنون بالاسلام فليست لديهم عبادة مالية لذلك فهم يدفعون الجزية بدلاً منها.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

٢٧ـهشام بن سعد يقال له يتيم زيد بن أسلم صحبه وأكثر عنه توفي
سنة ١٦٠ أو قبلها ، روى الحديث عن زيد بن أسلم ، وعنه الواقدي كما في
(الصورة ٣).

٢٨ـشيبان بن عبد الرحمن النحوي المؤدب توفي سنة ١٦٤ ه‍ روى
الحديث عن الليث ، وعنه الحسن بن موسى كما في (الصورة ١٤).

٢٩ـإبراهيم بن اسماعيل بن أبي حبيبة توفي سنة ١٦٥ ه‍ روى الحديث
عن داود بن الحصين ، وعنه الواقدي كما في (الصورة ١٧).

٣٠ـجرير بن حازم بن زيد الأزدي توفي سنة ١٧٠ ه‍ ، أو قبل سنة ١٧٥ ه‍
روى الحديث عن يونس بن يزيد ، وعنه ابنه وهب كما في (الصورة ١٢).

٣١ـابن لهيعة هو عبد الله بن لهيعة الفقيه توفي سنة ٣ـ١٧٤ ه‍ روى
الحديث عن أبي الزبير ، وعنه موسى بن داود كما في (الصورة ٥).

٣٢ـالوضاح بن عبد الله اليشكري الحافظ أبو عوانة توفي سنة ١٧٦ ه‍ روى
الحديث عن الأعمش ، وعنه ختنه يحيى بن حماد الفراء كما في (الصورة ١١).

٣٣ـزيد بن أبي الزرقاء يزيد الثعلبي الموصلي توفي سنة ١٩٤ ه‍ روى
الحديث عن شبل بن عباد ، وعنه ابنه هارون كما في (الصورة ٩).

٣٤ـهشام بن يوسف الصنعاني المتوفى سنة ١٩٧ ه‍ ، روى الحديث عن
معمر ، وعنه إبراهيم بن موسى كما في (الصورة ١٢).

٣٥ـوكيع بن الجراح الرواسي توفي سنة ١٩٢ ه‍ أو سنة ١٩٧ ه‍ روى
الحديث عن مالك بن مغول ، وعنه إسحاق بن إبراهيم أبو كريب ، وصالح بن
سمال ، وأحمد بن حنبل كما في (الصورة ١٠).

٣٠١

٣٦ـعبد الله بن وهب المتوفى سنة ١٩٧ ه‍ روى الحديث عن يونس بن
شهاب ، وعنه يحيى بن سليمان كما في (الصورة ١٢).

٣٧ـسفيان بن عيينة توفي سنة ١٩٨ ه‍ روى الحديث عن سليمان الأحول ،
وعنه ثلاثة عشر راوياً مرّ ذكرهم كما في (الصورة ٩).

٣٨ـعمرو بن الفضل العبدي السلمي من صغار التابعين روى الحديث عن
نعيم بن يزيد ، وعنه حفص بن عمر الحوضي كما في (الصورة ١).

٣٩ـمحمّد بن عبد الله الأنصاري قال ابن حجر من الطبقة الثامنةـأي مات
بعد المائةـجاوز سنه المائة روى الحديث عن قرة بن خالد ، وعنه ابن سعد كما
في (الصورة ٥).

٤٠ـثابت بن هرمزـأبو المقدامـمن صغار التابعين روى الحديث عن
سعيد بن جبير ، وعنه أبنه عمرو بن ثابت كما في (الصورة ٧).

٤١ـعمرو بن ثابت المتوفى سنة ١٧٢ ه‍ روى الحديث عن أبيه ، وعنه عبد
الرحمن بن أبي هاشم كما في (الصورة ٧).

٤٢ـعبد الله بن عبد الله الهاشمي الرازي قاضي الري قال ابن حجر في
التقريب من الرابعة ، روى الحديث عن سعيد بن جبير ، وعنه الأعمش كما
في (الصورة ١١).

٤٣ـأبو إسحاق بن يزيد روى الحديث عن الفضيل بن يسار المتوفى قبل
سنة ١٤٨ وعنه محمّد بن عليّ كما في (الصورة ٢٠).

٤٤ـقيس بن الربيع المتوفى سنة بضع وستين ومائة روى الحديث عن
الأعمش ، وعنه عاصم بن عليّ كما في (الصورة ٨).

إلى غير هؤلاء.

٣٠٢

القرن الثالث :

١ـيحيى بن آدم القرشي توفي سنة ٢٠٣ ه‍ روى الحديث عن ابن عيينة ،
وعنه أبو كريب كما في (الصورة ٩).

٢ـبكر بن عيسى الراسبي المتوفى سنة ٢٠٤ ه‍ روى الحديث عن عمر بن
الفضل ، وعنه أحمد في مسنده كما في (الصورة ١).

٣ـوهب بن جرير توفي سنة ٢٠٦ ه‍ روى الحديث عن أبيه عن جرير بن
حازم ، وعنه أحمد بن حنبل كما في (الصورة ١٢).

٤ـيحيى بن حماد الفراء المتوفى سنة ٢٠٧ ه‍ روى الحديث عن أبي عوانة
وهو ختنه ، وعنه ابن سعد كما في (الصورة ٨ و ١١).

٥ـمحمّد بن عمرو الواقدي المتوفى سنة ٢٠٧ ه‍ روى الحديث عن أسامة
ابن زيد ، وإبراهيم بن يزيد ، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ، ومعمر بن
راشد ، وهشام بن سعد ، وعنه روى ذلك كاتبه محمّد بن سعد في الطبقات الكبير
كما مرّ في (الصور ٣ و ٥ و ١٢ و ١٧).

وممّا ينبغي التنبيه عليه في المقام ، أنّ كتاب المغازيـالمطبوع في أوربا
طبع جامعة أكسفورد ، وكذلك طبعة مصر سنة ١٣٦٧ ه‍ ـخلو من هذا الحديث
مع ذكره بعث أسامة ومرض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !!؟.

٦ـعثمان بن عمر المتوفى سنة ٢٠٩ ه‍ روى الحديث عن قرة بن خالد ،
وعنه عبد بن حميد كما في (الصورة ٥).

٧ـعبد الرزاق بن همّام الصنعاني المتوفى سنة ٢١١ ه‍ روى الحديث عن
معمر ، وعنه الحسن بن الربيع كما في (الصورة ٦) وعن سفيان بن عيينة وأخرجه

٣٠٣

في مصنفه كما في (الصورة ٩) وروى الحديث أيضاً عن معمر ، وعنه عبد الله بن
محمّد وعليّ بن عبد الله كما في (الصورة ١٢).

٨ـعليّ بن الحسن بن شقيق العبدي المتوفى سنة ٢١٥ ه‍ روى الحديث
عن أبي حمزة السكري ، وعنه محمّد بن عبد العزيز بن أبي رزمة كما في
(الصورة ١٥).

٩ـقبيصة بن عقبة السوائي توفي سنة ٢١٥ ه‍ روى الحديث عن ابن عيينة ،
وعنه البخاري في الصحيح كما في (الصورة ٩).

١٠ـيحيى بن حماد الشيباني المتوفى سنة ٢١٥ ه‍ روى الحديث عن أبي
عوانة ، وعنه ابن سعد كما في (الصورة ١١).

١١ـالحجاج بن نصير توفي سنة ٢١٤ ه‍ روى الحديث عن مالك بن مغول ،
وعنه ابن سعد في الطبقات كما في (الصورة ١٠).

١٢ـموسى بن داود الضبي المتوفى ١٤ـ٢١٧ ه‍ روى الحديث عن ابن
لهيعة ، وعنه أحمد في مسنده كما في (الصورة ٥).

١٣ـأبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي المتوفى سنة ٢١٩ ه‍ روى الحديث
عن ابن عيينة ، وأخرج الحديث في مسنده كما في (الصورة ٩).

١٤ـالحسن بن بشر البجلي توفي سنة ٢٢١ ه‍ روى الحديث عن ابن عيينة ،
وعنه أبو إسحاق وإبراهيم بن يزيد كما في (الصورة ٩).

١٥ـالحسن بن الربيع البوراني مولى خالد القسري المتوفى سنة ٢٢١ ه‍
روى الحديث عن الحافظ عبد الرزاق ، وعنه الجوهري في السقيفة كما في
(الصورة ٦).

٣٠٤

١٦ـعاصم بن عليّ الواسطي المتوفى سنة ٢٢١ ه‍ روى الحديث عن قيس
ابن الربيع ، وعنه عمر بن حفص السدوسي كما في (الصورة ٨).

١٧ـمحمّد بن سلام المتوفى سنة ٢٢٥ ه‍ من شيوخ البخاري روى الحديث
عن ابن عيينة ، وعنه البخاري في صحيحه كما في (الصورة ٩).

١٨ـحفص بن عمر الحوضي المتوفى سنة ٢٢٥ ه‍ روى الحديث عن
عمرو بن الفضل وعنه ابن سعد في طبقاته كما في (الصورة ١).

١٩ـسعيد بن منصور صاحب السنن المتوفى سنة ٢٢٧ ه‍ روى الحديث
عن ابن عيينة ، وعنه مسلم في صحيحه كما في (الصورة ٩).

٢٠ـعبد الله بن محمّد الجحفي المتوفى سنة ٢٢٩ ه‍ روى الحديث عن
عبد الرزاق ، وعنه البخاري في صحيحه كما في (الصورة ١٢).

٢١ـمحمّد بن سعد كاتب الواقدي المتوفى سنة ٢٣٠ ه‍ روى الحديث عن
ابن عيينة والواقدي ويحيى بن حماد ومحمّد بن عبد الله الأنصاري وحجاج بن
نصير وحفص بن عمر الحوضي وأخرج أحاديثهم في طبقاته كما في (الصور١
و ٣ و ٥ و ٨ و ٩ و ١٠ و ١١).

٢٢ـعمرو بن محمّد الناقد المتوفى سنة ٢٣٢ ه‍ روى الحديث عن ابن
عيينة ، وعنه مسلم في صحيحه كما في (الصورة ٩).

٢٣ـعليّ بن عبد الله المديني المتوفى سنة ٢٣٤ ه‍ روى الحديث عن عبد
الرزاق ، وعنه البخاري في صحيحه كما في (الصورة ١٢).

٢٤ـأبو بكر بن أبي شيبة المتوفى سنة ٢٣٥ ه‍ روى الحديث عن ابن عيينة
وأخرجه في مصنفه ، ورواه عنه مسلم في صحيحه كما في (الصورة ٩).

٣٠٥

٢٥ـيحيى بن سليمان الجعفي المتوفى سنة ٢٣٧ ه‍ روى الحديث عن ابن
وهب ، وعنه البخاري كما في (الصورة ١٢).

٢٦ـإسحاق بن إبراهيم ابن راهويه المتوفى سنة ٢٣٨ ه‍ من شيوخ البخاري
ومسلم ، روى الحديث عن ابن عيينة ، وعنه مسلم في صحيحه كما في
(الصورة ١٠).

٢٧ـعثمان بن أبي شيبة المتوفى سنة ٢٣٩ ه‍ روى الحديث عن يحيى بن
زكريا النخعي ، وعنه الحسين بن اسحاق التستري كما في (الصورة ١٦).

٢٨ـقتيبة بن سعيد توفي سنة ٢٤٠ ه‍ من شيوخ البخاري ومسلم ، روى
الحديث عن ابن عيينة ، وعنه البخاري ومسلم في صحيحيهما كما في (الصورة
٩).

٢٩ـأحمد بن حنبل توفي سنة ٢٤١ ه‍ روى الحديث عن وهب والحسن
وبكر بن عيسى الراسبي وعبد الرزاق ووكيع وابن عيينة ، وعنه ابنه عبد الله
وأخرج أحاديثهم في مسنده كما في (الصور ١ و ٩ و ١٠ و ١٢ و ١٤).

٣٠ـقتيبة بن سعيد توفي سنة ٢٤٠ ه‍ من شيوخ البخاري ومسلم ، روى
الحديث عن ابن عيينة ، وعنه البخاري ومسلم في صحيحهما كما في
(الصورة٩).

٣١ـمحمّد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المتوفى سنة ٢٤١ ه‍ روى الحديث
عن عليّ بن الحسن بن شقيق ، وعنه محمّد بن يحيى بن مالك الضبي الاصبهاني
كما في (الصورة ١٥).

٣٢ـمحمّد بن رافع توفي سنة ٢٤٥ ه‍ روى الحديث عن عبد الرزاق ، وعنه
مسلم في صحيحه كما في (الصورة ١٢).

٣٠٦

٣٣ـمحمّد بن العلاء أبو كريب الهمداني توفي سنة ٢٤٨ ه‍ روى الحديث
عن وكيع ويحيى بن آدم ، وعنه الطبري في تاريخه وغيره كما في (الصورة ٩
و ١٠).

٣٤ـعبد بن حميد توفي سنة ٢٤٩ ه‍ روى الحديث عن عبد الرزاق
وعثمان بن عمر ، وعنه مسلم في صحيحه وإبراهيم بن خزيم كما في (الصورتين
٥ و ١٢).

٣٥ـمحمّد بن منصور توفي سنة ٤ـ٢٥٦ ه‍ روى الحديث عن سفيان
الثوري ، وعنه النسائي كما في (الصورة ٢٤).

٣٦ـمحمّد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح توفي سنة ٢٥٦ ه‍ روى
الحديث عن عبد الله بن محمّد وعليّ بن عبد الله ويحيى بن سليمان وقتيبة
وإبراهيم بن موسى وقبيصة ومحمّد بن سلام ، وأخرج أحاديثهم في سبعة مواضع
من صحيحه كما في (الصور ٩ و ١٢).

٣٧ـالحسن بن محمّد بن الصباح الزعفراني المتوفى سنة ٢٥٩ ه‍ أو سنة
٢٦٠ ه‍ أخرج حديثه البيهقي في سننه عن أحمد بن محمّد بن زياد البصري كما
في (الصورة ٩).

٣٨ـهارون بن زيد بن أبي الزرقاء المتوفى بعد سنة ٢٥٠ ه‍ روى الحديث
عن أبيه ، وعنه عبدان كما في (الصورة ٩).

٣٩ـمسلم بن الحجاج صاحب الصحيح توفي سنة ٢٦١ ه‍ روى الحديث
عن عبد بن حميد ومحمّد بن رافع وقتيبة وعمرو الناقد وسعيد بن منصور ،
وأخرج أحاديثهم في صحيحه كما في (الصور ٩ و ١٢).

٣٠٧

٤٠ـأحمد بن حماد الدولابي توفي سنة ٢٦٩ ه‍ روى الحديث عن ابن
عيينة ، وعنه الطبري في تاريخه كما في (الصورة ٩).

٤١ـأبو داود سليمان بن الأشعث صاحب السنن توفي سنة ٢٧٥ ه‍ ـ روى
الحديث عن سعيد بن منصور كما في (الصورة ٩).

٤٢ـحمّاد بن شاكر النسوي المتوفى حدود سنة ٢٩٠ ه‍ من رواة صحيح
البخاري (١) .

٤٣ـإبراهيم بن معقل النسفي المتوفى سنة ٢٩٤ ه‍ من رواة صحيح
البخاري فاته من الجامع أوراق رواها بالإجازة عن البخاري (٢) .

٤٤ـعبدان بن محمّد المروزي سمع منه الطبراني بمكة سنة ٢٨٧ ه‍(٣)
روى الحديث عن هارون بن زيد بن أبي الزرقاء ، وعنه الطبراني في معجمه
الكبير كما في (الصورة ٩).

إلى غير هؤلاء ، وكان حسبنا أن نكتفي بذكر البخاري الّذي أخرج الحديث
في صحيحه في سبعة مواضع وقد سمعه منه تسعون ألفاً ، فيما ذكره الفربري وأنّه لم
يبق من يرويه غيره (٤) غير أنا ذكرنا غيره ممّن روى ذلك سواء من شرّاح صحيحه
ومن غيرهم لنخرج الحديث من حيّز الآحاد إلى حظيرة التواتر. وسأقتصر في رواة
القرون التالية بما يغني ويقني ، والله الهادي إلى سواء السبيل.

_______________________

(١)أنظر فتح الباري ١ / ٥.

(٢)نفس المصدر.

(٣)المعجم الصغير للطبراني ١ / ٢٣٤.

(٤)لقد ناقش ابن حجر العسقلاني في ذلك فقال : وأطلق ذلك بناء على ما في علمه ، وقد
تأخر بعده بتسع سنين أبو طلحة منصور بن محمّد بن عليّ بن قريبة البزدوي ، وكانت
وفاته سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، ذكر ذلك من كونه روى الجامع الصحيح عن البخاري
أبو نصر بن ماكولا وغيره.

٣٠٨

القرن الرابع :

١ـأحمد بن شعيب الحافظ النسائي المتوفى سنة ٣٠٣ ه‍ روى الحديث عن
محمّد بن منصور ، وعنه محمّد بن معاوية كما في (الصورة ٢٤).

٢ـمحمّد بن جرير الطبري المتوفى سنة ٣١٠ ه‍ روى الحديث عن صالح
ابن سمال وأبي كريب وأحمد بن حمّاد الدولابي ، وأخرج أحاديثهم في تاريخه
كما في (الصورة ٩ و ١٠).

٣ـأحمد بن محمّد بن هارون بن يزيد أبو بكر الخلال المتوفى سنة ٣١١ ه‍
في كتاب السنّة (١) ولفظه كما في (الصورة ١٠).

٤ـمحمّد بن يوسف الفربري المتوفى سنة ٣٢٠ ه‍ من رواة صحيح
البخاري ، وتفضل روايته على غيره بالضبط لسماعه الصحيح من مؤلّفه مرتين ،
مرة بفربر سنة ٢٤٨ ه‍ ، ومرة ببخارى سنة ٢٥٢ ه‍. وسيأتي ما يشير إلى ذلك.

٥ـأبو طلحة منصور بن محمّد بن عليّ بن قرينة البزدوي المتوفى سنة ٣٢٩ ه‍
وهو آخر من حدّث عن البخاري بصحيحه كما جزم به ابن ماكولا وغيره (٢) .

٦ـأبو سعيد أحمد بن محمّد بن زياد البصري شيخ الحرم المعروف بابن
الأعرابي المتوفى سنة ٣٤٠ ه‍ روى الحديث عن الحسن بن محمّد الزعفراني ،
وعنه عبد الله بن يوسف الاصبهاني (٣) .

٧ـسليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة ٣٦٠ ه‍ أخرج الحديث بأسانيده
في معجمه الأوسط كما في كنز العمال (٤) ومرت بعض الصور عنه وما فيها من
تلاعب وسيأتي مزيد في ذلك.

_______________________

(١)كتاب السنّة ١ / ٢٧١ طبع أخيراً طبعته دار الراية الرياض سنة ١٤١٠ ه‍.

(٢)فتح الباري ١ / ٥.

(٣)سنن البيهقي ٩ / ٢٠٧.

(٤)كنز العمال ٣ / ١٣٨ ، والمعجم الكبير ١١ / ٣٠ و ٣٥٢ و ١٢ / ٥٦.

٣٠٩

٨ـعبد بن أحمد بن حمويه السرخسي المتوفى سنة ٣٨١ ه‍ راوي
صحيح البخاري ، وكان مسند خراسان.

٩ـعبيد الله بن محمّد بن محمّد بن حمدان بن بطة العكبري الحنبلي
المتوفى سنة ٣٨٧ ه‍ ، أخرج الحديث عنه ابن شهر اشوب في المناقب.

١٠ـمحمّد بن مكي بن ذراع الكشميهني المروزي أبو الهيثم المتوفى سنة
٣٨٩ ه‍ يوم عرفة راوية الصحيح عن البخاري.

١١ـأبو حاتم محمّد بن حِبّان بن أحمد التميمي البستي المتوفى سنة
٣٥٤ ه‍ روى الحديث في كتاب الثقات (١) .

إلى غير هؤلاء.

القرن الخامس :

١ـأبو محمّد عبد الله بن يوسف الأصبهاني الصوفي مسند خراسان مات
سنة ٤٠٩ ه‍ روى الحديث عن أحمد بن محمّد بن زياد البصري بمكة ، وعنه
البيهقي في السنن الكبرى.

٢ـالحافظ أبو نعيم الأصبهاني المتوفى سنة ٤٣٠ ه‍ أخرج الحديث في
كتاب الحلية عن شيخه الطبراني بسنده عن طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه الّذي توفي فيه : (أيتوني بكتف
ودواة لأكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبدا) ثمّ قال صحيح ثابت من حديث
سعيد عن ابن عباس ، غريب من حديث طلحة رواه ادريس الأودي عن طلحة
نحوه » (٢) .

_______________________

(١)كتاب الثقات ٤ / ٢١٢ ط دار الكتب العلمية بيروت.

(٢)حلية الأولياء ٥ / ٢٥.

٣١٠

٣ـأبو ذر الهروي المتوفى سنة ٤٣٤ ه‍ روى الحديث عن محمّد بن
حمويه السرخسي ، وعنه أبو الوليد الباجي (١) .

٤ـأبو بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي الشافعي المتوفى سنة ٤٥٨ ه‍
أخرج الحديث في كتابه السنن (٢) وقد مرّ ذكره في الصورة التاسعة.

٥ ـ أبو حفص الاشبيلي الهوزني ٤٦٠ ه‍ روى الحديث في شرحه.

٦ـأبو الوليد الباجي سليمان بن خلف المتوفى سنة ٤٧٤ ه‍ روى الحديث
عن أبي ذر الهروي وعنه أبو عليّ بن سكرة كما في الشفاء للقاضي عياض (٣)
وهو صاحب التجريح لرجال الصحيح.

٧ـأبو الاصبع الكواكبي المتوفى سنة ٤٨٦ ه‍ روى الحديث في شرحه
على الصحيح.

إلى غير هؤلاء.

القرن السادس :

١ـأبو عليّ بن سكرة الصدفي الأندلسي المتوفى سنة ٥١٤ ه‍ روى
الحديث عن أبي الوليد الباجي وعنه القاضي عَياض كما في الشفاء.

٢ـالقاضي عَياض المالكي المتوفى سنة ٥٤٤ ه‍ أخرج الحديث في كتابه
الشفاء (٤) بروايته عن أبي عليّ بن سكرة.

_______________________

(١)شرح الشفاء (نسيم الرياض) ٤ / ٢٧٦.

(٢)السنن الكبرى ٩ / ٢٠٧.

(٣)الشفاء ٢ / ١٨٥ ط اسلامبول سنة ١٣٠٤ ه‍.

(٤)نفس المصدر ٢ / ١٨٥ ـ ١٨٦.

٣١١

٣ـأبو عبد الله محمّد بن حسين بن أحمد بن محمّد الأنصاري المرّيـ
نسبة إلى المرّيةـالمتوفى سنة ٥٨٢ ه‍ أخرجه في كتابه (الجمع بين الصحيحين).

٤ـأبو محمّد عبد الحقّ الاشبيلي المتوفى سنة ٥٨٢ ه‍ صاحب كتاب
(الأحكام الشرعية الكبرى) أخرجه في كتابه (الجمع بين الصحيحين).

إلى غير هؤلاء

القرن السابع :

١ـالحافظ أبو العباس الاشبيلي المعروف بابن الرومية المتوفى سنة ٦٣٧ ه‍
روى الحديث في كتابه المعلم بما رواه البخاري على شرط مسلم.

٢ـابن أبي حجة الأندلسي المالكي سنة ٦٤٢ ه‍ روى الحديث في كتابه
الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم.

٣ـالحافظ شرف الدين أبو الحسن عليّ بن تقي الدين اليونيني الحنبلي
المتوفى سنة ٦٥٨ ه‍ فقد روى الحديث ضمن روايته لصحيح البخاري الّتي
ضبطها وقابل أصله على أصل مسموع على أبي ذر الهروي وعلى الاصيلي وابن
عساكر وأبي الوقت وتعدّ نسخته من أضبط النسخ (١) .

٤ـالقاضي ناصر الدين أحمد بن محمّد المالكي المعروف بابن المنير
الاسكندراني المتوفى سنة ٦٨٣ ه‍ روى الحديث في كتابه مناسبات تراجم
البخاري.

إلى غير هؤلاء

_______________________

(١)اُنظر نيل الأماني في توضيح مقدمة القسطلاني للأبياري / ٢٠٧ ط دار الكتب العلمية.

٣١٢

القرن الثامن :

١ـابن تيمية الحراني المتوفى سنة ٧٢٨ ه‍ ذكر الحديث في منهاج السنّة(١) ،
وسيأتي كلامه في ذلك مع علماء التبرير.

٢ـشهاب الدين النويري المتوفى سنة ٧٣٣ ه‍ ذكر الحديث في نهاية
الارب كما في الصورة الخامسة.

٣ـجمال الدين عبد الله بن يوسف الحنفي الزيلعي المتوفى سنة
٧٦٢ ه‍ أخرج الحديث في كتابه وقال : أخرجه البخاري في الجزية ، ومسلم
في آخر الوصايا كلاهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : « لمّا اشتد
برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعه ، قال : (إئتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي
فتنازعوا) وقالوا : ما شأنه أهجر؟ استفهموه ، فقال : دعوني أوصيكم بثلاث :
أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ،
قال : وسكت عن الثالثة » (٢) ، أنتهى.

٤ـالقريمي المعروف بقاضي قرم المتوفى سنة ٧٨٣ ه‍ في شرحه
لصحيح البخاري.

٥ـمحمّد بن يوسف بن عليّ الكرماني المتوفى سنة ٧٨٦ ه‍ له الكواكب
الدراري في شرح صحيح البخاري وهو مطبوع.

٦ـإبراهيم بن موسى بن محمّد اللخمي الشاطبي الغرناطي المالكي
المتوفى سنة ٧٩٠ ه‍ أخرج الحديث في كتابه (٣) .

_______________________

(١)منهاج السنّة ٦ / ٣١٥ ـ ٣١٦ تح‍ محمّد رشاد سالم ط مؤسية قرطبة سنة ١٤٠٦.

(٢)نصب الراية لأحاديث الهداية ٣ / ٤٥٥ ط المجلس العلمي سنة ١٣٥٧.

(٣)الاعتصام ٣ / ١٢.

٣١٣

٧ـالحافظ علاء الدين مغلطاي الحنفي المتوفى سنة ٧٩٢ ه‍ في شرحه
التلويح.

إلى غير هؤلاء.

القرن التاسع :

١ـسراج الدين عمر بن عليّ المعروف بابن الملقـّن الشافعي المتوفى سنة
٨٠٤ ه‍ في شرحه لصحيح البخاري.

٢ـالمجد الفيروز أبادي المتوفى سنة ٨١٧ ه‍ صاحب القاموس في اللغة وله
كتاب سفر السعادة وهو كتاب قيّم في خاتمته وله مصنفات عديدة منها (فتح
الباري في شرح صحيح البخاري) كما في التاج المكلل لصدّيق حسن خان (١) .

٣ـشمس الدين البرماوي الشافعي المتوفى سنة ٨٣١ ه‍ في شرحه اللامع
الصبيح.

٤ـمحمود بن أحمد الحنفي العيني المتوفى سنة ٨٥٥ ه‍ له عمدة القارئ
في شرح صحيح البخاري وهو كتاب مطبوع متداول.

٥ـشهاب الدين أبو الفضل أحمد ابن حجر الشافعي العسقلاني في فتح
الباري المتوفى سنة ٨٥٢ ه‍ وهو من خيرة شروح صحيح البخاري في نظري.

٦ـشهاب الدين أحمد بن أحمد الشرجي اليمني الحنفي سنة ٨٩٣ ه‍ في
كتابه التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح البخاري.

إلى غير هؤلاء.

_______________________

(١)التاج المكلل / ٤٦٧.

٣١٤

القرن العاشر :

١ـجلال الدين السيوطي المتوفى سنة ٩١١ ه‍ في الديباج على صحيح
مسلم بن الحجاج (١) .

٢ـشهاب الدين أحمد بن محمّد القسطلاني المتوفى سنة ٩٢٣ ه‍ في ارشاد
الساري في شرح صحيح البخاري (٢) .

إلى غير هؤلاء.

لماذا الإطالة مع الإسناد؟

لم تكن إطالة البحث عن الإسناد مجرّد صيغة أدبية ، وترف ولهو يرتاح
إليها الباحث في ثبوت الحدَث ، بل هي كصمّام أمان يقي الباحث من إصر
المسؤولية عن الأمانة الّتي يحملها ، فهو حين يذكر الإسناد برواته ومصادره يلقي
ـمعذوراًـبثقل المسؤولية على الرواة. وهو بقدر ما يبذله من تحقيق في التماس
حقيقة الواقع يدفع عنه ذلك الإصر.

لذلك كلّما قرب العهد بالحَدَث كان العناء أقل ، وكانت التبعة أخفّ لقصر
الإسناد أوّلاً ، وعدم أو قلة تدخّل الشيَع والأهواء في رجاله ثانياً. وتعدد الإسناد
كما يكون مدعاة لقوّة الإعتماد حيناً ما. كذلك يكون أيضاً مدعاة لزيادة العناء
أحياناً كثيرة. لكنه يبقى تعدد الإسناد في الروايات ، وتنوع مصادرها مادة غنيّة
للباحث يستجلي من خلاله واقع الحَدَث باطمئنان ، بشرط أن يكون موضوعياً
ودقيقاً في الملاحظة ، خصوصاً في مذاهب الرواة وميولهم ، ليميز الغثّ من
_______________________

(١)طبع أخيراً في دار ابن عفان ، الخُبَر ، السعودية سنة ١٤١٦ ه‍.

(٢)وهو كتاب مطبوع متداول.

٣١٥

السمين ، والتافه من الثمين ، وإن استوجب ذلك منه الأناة ، بل البطء في المسيرة.
حتى يتوصل إلى النتائج المرجوّة القريبة من تصوير واقع الحَدَث إن لم تكن
هي الواقع بعينه ، وعلى ضوء تلك النتائج سيعلم فلسفة كثير من الأحداث
التاريخية الّتي توالت بعد ذلك الحَدَث.

والآن هلمّ بنا لننظر إلى حديث الرزية كلّ الرزية ، هل يستحق منا أن نقف
عنده هكذا طويلاً ، ونقرأه ملياً ، ونستجلي فيه ما تضمّه الكلمات ، دون أسراف في
التفسير ، أو تحميل اللفظ ما لا يعنيه في التعبير؟ أو نمرّ عليه كحَدَث عابر ، حدث
في الغابر ، ورواه لنا الرواة ، وفيه أسراف وفيه مغالاة؟

لا أظن إنساناً واعياً لديه مسكة من دين ، وأثارة من علم يرضى بأن تمرّ
روايات هذا الحديث كما تمر روايات العابثين ، في أقاصيص الأغاني وحكايات
ألف ليلة وليلة ، وحتى تلكم فقد أوليت من العناية قدر ما تستحق.

وقفة عند الحديث :

لابدّ لنا من وقفة عند ذلك الحَدَث والحديث ، لأنّه كان بداية تحوّل في
تاريخ المسلمين ، أسهم صنّاعه في زرع الفتنة والشقاق ، فكان بمثابة رأس الحربة
في إعلان تمرّد من بعض المسلمين على الإسلام ونبيّه. ولا زالت الأمة تعاني من
آثار ذلك التمرد ، وتكتوي بناره ، وحتى في تمحيص أخباره.

فبدلاً من أن تكون سيرة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هي المثلى يهتدي بها المسلمون ،
ولهم في سنّته قولاً وعملاً وتقريراً خير معين لكن بعضهم وللأسف تغلّبت
عليهم رواسب جُبلوا عليها ، ولم يقووا على التخلي عنها ، حتى كانوا يقولون

٣١٦

للرسول بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، كما جاء التنزيل مندّداً بهم ، ثمّ طغت تلك
الرواسب فصاروا يفصحون عنها حين يلقون إليه بقوارص الكلم.

فبدلاً من( أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١) . فإذا هم
يردّون عليه بوقاحة ( وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا
بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا
لَّهُمْ
) (٢) .

والآن وقد سبق السيفُ العذَل ، فما هو حقيقة موقف أولئك السادة القادة ،
هل كان ما صدر منهم عفوياً؟ أم عن سابق عنادٍ وتدبير؟ أم كان حدثاً عابراً
فتزيّد فيه الرواة؟ أم كان عظيماً فلفّه الضَباب فلم يستبن منه إلّا وجهه الباهت؟
وذلك ما أجرى دموع ابن عباس حتى بلّ الحصباء.

ولكي نتلمس الإجابة الصحيحة على تلك التساؤلات (بنعم ، أو لا) لابدّ من
عرض شامل لمواقف فقهاء الحديث عن حَديث الرزية ، خاصة منهم علماء
التبرير ، بدقة في الأستقراء ، وأناة في الرويّة للمدارسة ، وبمنتهى التجرّد
والموضوعية ، وبالتالي نعرف الجواب (بنعم ، أو لا) فإنّ تلك اللفظتين
المختصرتين تقتضيان كثيراً من البحث والتفكير قبل الإجابة لتلمس الحقيقة
الثابتة الّتي لا لبس عليها ولا غبار ، وعلى ضوئها توزن القيم والأقدار.

فلنقرأ ما قاله العلماء في ذلك الحديث :


_______________________

(١)النور / ٥١.

(٢)النساء / ٤٦.

٣١٧

مع علماء التبرير وقراءة بين السطور :

أقض حديث الرزية مضاجع العلماء بدءاً منذ عهد الرواة ، وانتهاءاً
بأصحاب الصحاح والسنن وسائر المصنفات ، وإذا كان ابن عباس قال عنه الرزية
كلّ الرزية ، فإنّ كلمته تركت العلماء يخوضون كلّ مخاضة في سبيل تبرير ما
صدر من بعض الصحابة ، الّذين جعلوا لهم من الحصانة ما يرفعهم عن الإدانة ،
فنسج كلٌ على نوله بقوله : وأتى بما عنده مكابرةً بحَوله وطَوله.

ولابدّ لنا من وقفة مع أولئك الّذين أشتدوا مكابرة ومصادرة ليعرف القارئ
مبلغ جهاد ابن عباس ، وهو أشدّ الرواة أمراً ، وأكثرهم ذكراً لحديث الرزية ، نصرة
لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما ينبغي به أن يعرف مَن هم أولئك النمط الّذين جاهدوه في
الطريق المعاكس ، فناصروا من عارض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولو على حسابه برد أمره في
كتابه.

من هم علماء التبرير؟

أنّهم كثيرون جداً ، ولا يسع المقام استيفاء جميع ما قالوه ، لكنا سنختار
الواحد والاثنين نماذج من كلّ قرن ، بدءاً من القرن الرابع ثمّ القرون الّتي بعده
حتى القرن العاشر. ونترك الباقين وتركاضهم فهم من عاقلتهم ، وعلى شاكلتهم ،
وفي سابلتهم.

فمن القرن الرابع : أبو سليمان حمد بن محمّد بن إبراهيم الخطابي البستي
المتوفى سنة ٣٨٨ ه‍ وهو من ذرية زيد بن الخطابـفيما يزعمونـوزيد هذا
أخ لعمر بن الخطاب رجل المعارضة ولا تخفى حمية النسب في أقواله ، له

٣١٨

تصانيف منها اعلام السنن في شرح صحيح البخاري ، ومعالم السنن في شرح
سنن أبي داود وكتب أخرى.

ومن القرن الخامس : أبو محمّد عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري
الأندلسي المتوفى سنة ٤٥٦ ه‍ صاحب التصانيف الكثيرة كالمحلى والإحكام
والفصل في الملل والنحل ، ولسانه الجارح على حدّ سيف الحجاج كما وصفوه :
يقال أنّ جده يزيد كان من موالي يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي
وأيضاً : أبو بكر أحمد بن الحسين بن عليّ البيهقي الشافعي المتوفى سنة ٤٥٨ ه‍
صاحب السنن الثلاث ودلائل النبوة وغير ذلك.

ومن القرن السادس : محمّد بن عليّ بن عمر المالكي المازري المتوفى سنة
٥٣٦ ه‍ له عدة كتب منها المعلم بفوائد كتاب مسلم.

وأيضاً : القاضي عياض المالكي المتوفى سنة ٥٤٤ ه‍ مؤلف كتاب الشفاء
وغيره.

ومن القرن السابع : ابن الأثير الجزري المتوفى سنة ٦٠٦ ه‍ صاحب كتاب
النهاية في غريب الحديث وغيره.

وأيضاً : محي الدين النووي الشافعي المتوفى سنة ٦٧٧ ه‍ صاحب المنهاج
بشرح صحيح مسلم بن الحجاج وكتاب الأذكار والأربعين حديثاً وغيرها.

ومن القرن الثامن : ابن تيمية الحراني المتوفى سنة ٧٢٨ ه‍ محبوساً بقلعة
دمشق بأمر من علماء وحكام الوقت.

وأيضاً : إبراهيم بن موسى بن محمّد الغرناطي الشاطبي المتوفى سنة ٧٩٠ ه‍
له كتاب الإحكام والموافقات والإعتصام.

٣١٩

ومن القرن التاسع : شهاب الدين ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة ٨٥٢ ه‍ له
فتح الباري في شرح صحيح البخاري وغيره.

ومن القرن العاشر : شهاب الدين أحمد بن محمّد القسطلاني المتوفى
سنة ٩٢٣ ه‍ له إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري وغيره. وأخيراً من
القرون المتأخرة نذكر ما قاله الدهلوي واللاهوري ومن المعاصرين العقاد
والريّس.

ماذا قال علماء التبرير؟

أوّلاً : الخطابي

قال : إنّما ذهب عمر إلى أنّه لو نصّ بما يزيل الخلاف لبطلت فضيلة العلماء
وعدم الإجتهاد ، حكاه عنه ابن حجر في فتح الباري (١) .

وقال أيضاً : ولا يجوز أن يحمل قول عمر على أنّه توهم الغلط على رسول
الله صلّى الله عليه(وآله)وسلّم أو ظن له غير ذلك ممّا لا يليق به بحال. لكنه لمّا
رأى ما غلب على رسول الله صلّى الله عليه(وآله)وسلّم من الوجع وقرب الوفاة
مع ما أعتراه من الكرب ، خاف أن يكون ذلك القول ممّا يقوله المريض ممّا لا
عزيمة له فيه ، فتجد المنافقون بذلك سبيلاً إلى الكلام في الدين.

كذا حكاه النووي عنه في شرح صحيح مسلم(٢) ، وحكاه بلفظ آخر
وتفاوت يسير في فتح الباري (٣) ، فراجع.

_______________________

(١)فتح الباري ١ / ٢١٩ ط مصطفى البابي الحلبي سنة ١٣٧٨ ه‍.

(٢)شرح صحيح مسلم للنووي ١١ / ٩١ ط مصطفى الحلبي.

(٣)فتح الباري ٩ / ١٩٨ ـ ١٩٩.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487