موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ١

موسوعة عبد الله بن عبّاس12%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-501-5
الصفحات: 487

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 487 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 158975 / تحميل: 6193
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٥٠١-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

مع الخطابي :

من المؤسف حقاً تضييع الوقت في رد مزاعمه في الدفاع عن عمه. وما
ذكره من الاحتمالات الواهية فهي على عروشها خاوية. فما ذكره أولا من أن لو
نص النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يزيل الخلاف يبطل فضيلة العلماء ويعدم الاجتهاد ، فليته
أوضح مراده من فائدة بقاء الخلاف؟ وما قيمة فضيلة العلماء إذا هي لم ترفع
الخلاف من بين الأمة؟

وليته استدل لنا على ترجيح الاجتهاد على النص النبوي؟

ما باله يعتذر برمّه وطمّه ، ويجعل من منعه فضيلة تفوق أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ
الّذي لا ينطق عن الهوىـوالّذي يضمن لأمته عدم الضلالة أبداً. فهل بعد هذا
أعظم فائدة وعائدة؟

ما أدري بماذا يجيب الخطابي وأنصاره عن المسائل الآتية :

١ـأليس كتاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يزيل الخلاف أولى بالأعتبار من عدمه وبقاء
الخلاف بين الأمة يخوضون في الجهالة وحيرة الضلالة؟

ماذا يبتغي الخطابي وابن الخطاب من بقاء فضيلة العلماء؟ أليس فضيلتهم
لهداية الأمة؟ فإذا كان كذلك فكتابه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغني وهو أولى بالأتباع فلماذا منع
منه عمر؟

ثمّ هل كان الخطابي يرى في عمه أنّه أعلم من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يصلح الأمة؟
ولا أظن مسلماً يقول بذلك ، فالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أمر بالكتاب هل كان يعلم بذهاب
فضيلة العلماء أوّلاً؟ والثاني باطل ومستلزم للكفر ، وعلى الأوّل فلابدّ من علمه

٣٢١

برجحان مصلحة الكتابة على فضيلة العلماء دون العكس ، لأنّه يستلزم أمر
النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمرجوح وترك الراجح ، وهذا ممنوع من النبيّ لعصمته وتسديده
بالوحي وطلبه الأصلح للأمة.

ثمّ هل كان أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من عند نفسه أو من عند ربّه ، والأوّل مدفوع
بقوله تعالى : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ) (١) ، والثاني مسموع لقوله تعالى :( إِنْ هُوَ إِلَّا
وَحْيٌ يُوحَىٰ
) (٢) ، و( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ ) (٣) ، و( قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا
يُوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي
) (٤) .

وبعد هذا كلّه لو سلّمنا جدلاً أنّ الخطابي علم بمراد عمه عمر من منعه
كتاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّه يلغي فضيلة العلماء ويعدم الاجتهاد ، فمن أين له أنّ
كتابه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سوف يشمل جميع الحوادث والأحكام. لأنّ نص الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على
شيء أو أشياء مخصوصة لا يبطل فضيلة العلماء ولا يعدم الاجتهاد ، لأنّ
الحوادث لا يمكن حصرها ، فليعدم الاجتهاد فيما نص عليه خاصة ، ويبقى
لأجتهادهم سائر المجالات الأخرى. وبهذا كان تعقّب ابن الجوزي
للخطابي فيما حكاه عنه ابن حجر حيث قال : وتعقبه ابن الجوزي : بأنّه لو
نص على شيء وأشياء لم يبطل الإجتهاد ، لأنّ الحوادث لا يمكن حصرها.

هذا كلّه فيما ذكره أوّلاً.

وأمّا ما ذكره ثانياً :

_______________________

(١)النجم / ٣.

(٢)النجم / ٤.

(٣)الكهف / ١١٠ ، فصلت / ٤١.

(٤)الأعراف / ٢٠٣.

٣٢٢

١ـلماذا لا يجوز أن يحمل قول عمر على أنّه توهم الغلط الخ.؟ وقوله
هَجَر أهجر ، يهجر إلى غير ذلك من ألفاظ الهجر الّتي فاه بها عمر ، كلّها أو بعضها
تدل على أنّ مراده ذلك.

٢ـوما المراد من قوله : « لمّا رأى ما غلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »؟ فهل مراده أنّ
الوجع غلب عليه حتى سلبه اختيارهـوالعياذ باللهـفان كان ذلك فهذا ما فرّ منه
واعتذر عنه لكنه وقع فيه. وإن أراد غلبته على جسمه كاصفراره ونحو ذلك ممّا
يورثه المرض في بدن صاحبه ، فليس في ذلك شيء يخشى منه ممّا خاف منه
الخطابي وعمّه. وليس ذلك بمانع من إجراء أيّ حكم من الاحكام ، والّذي يبدو
لي أنّ مراد الخطابي هو الأوّل وشاهد ذلك قوله : « خاف أن يكون ذلك القول
ممّا يقوله المريض ممّا لا عزيمة له فيه » وهل معنى (ما لا عزيمة له فيه) سوى
الهجر والهذيان ويعني صدور ما لم يرد فعله ويعزم عليه. هذا هو المعنى الحرفي
والعرفي للعزيمة ، وهو نفس المعنى اللغوي الّذي يعني لم تكن له الإرادة
المؤكدة المتقدمة لتوطين النفس على ما يرى فعله أو الجد في الأمر. وهذا
الوجه يدفعه ظاهر الأمر في الإلزام ، وما أمره باحضار الدواة والكتف إلّا كسائر
أوامره الوجوبية ، خصوصاً بعد بيان النفع المترتب عليه ، وهو عصمة الأمة من
الضلالة إلى الأبد.

٣ـما معنى قوله : « فيجد المنافقون بذلك سبيلاً الخ » إذ ليس الموجب
لكلام المنافقين هو قرب الوفاة منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا ما أعتراه من الكرب كما يقول
الخطابي ، بل إن حال المنافقين كانت معلومة لديه أيام حياته ، ومعرفته بالكثير
منهم وقد نزل القرآن في التحذير منهم. وقد آذوه يوم رجع من غزاة تبوك

٣٢٣

فآذوه في نفسه وآذوه في أهله ، وتقاعدوا عنه ، وتقاعسوا متخاذلين ومخذلين
كلما أراد الغزو. فهل كان يومئذ قرب وفاة؟ وهل كان مرض؟ أو هل كان
اعتراه كرب؟

٤ـولو سلمنا أنّ المنافقين كانوا يجدون سبيلاً ، فمن أين للخطابي وأضرابه
إثبات علم عمر بذلك ، وإذا قالوا أدركه بفطنته ففي بقية الصحابة الحاضرين
يومئذ من فاقه فطنة وعلماً وحكماً وفهماً ، لماذا يدرك أولئك ما أدركه عمر؟ فإن
هم سكتوا لعلمهم أنّه ليس لهم حقّ الاعتراض فكان على عمر مثل ذلك.

٥ـثمّ يا ترى ما هو موقف الخطابي من اعتراف عمر بمراده ، وهو يدفع ما
قاله هو وغيره من علماء التبرير فانتظر ، وسنوافيك به ، حينئذٍ ستجده يعترف بأنّ
النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما أراد عليّاً للأمر فمنعه هو من ذلك.

ثانياً : ابن حزم الظاهري

ذكر ابن حزم في كتابه الإحكام في أصول الأحكام في جملة كلامه في
إبطال القياس في احكام الدين قارب في بعضه وسدّد ، وشذّ في بعضه وأبعد ،
ومهما يكن فقد ذكر حديث الرزية وعقبه بقوله : « هذه زلة العالم الّتي حذّر منها
الناس قديماً ، وقد كان في سابق علم الله تعالى أن يكون بيننا الاختلاف ، وتضل
طائفة وتهتدي بهدى الله أخرى ، فلذلك نطق عمر ومن وافقه بما نطقوا به ، ممّا
كان سبباً إلى حرمان الخير بالكتاب الّذي لو كتبه لم يُضل بعده. ولم يزل أمر
هذا الحديث مهماً لنا ، وشجىً في نفوسنا ، وغصة نتألم لها وكنا على يقين من أنّ
الله تعالى لا يدع الكتاب الّذي أراد نبيه صلّى الله عليه(وآله)وسلّم أن يكتبه فلن

٣٢٤

يضل من بعده دون بيان ، فيحياـكذاـمن حي عن بيّنة ، إلى أن منّ الله تعالى
بأن أوجدناه فأنجلت الكربة ، والله المحمود.

وهو ما حدّثناه عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن
عيسى ثنا أحمد بن محمّد ثنا أحمد بن عليّ ثنا مسلم بن الحجاج ثنا عبيد الله بن
سعيد ثنا يزيد بن هرون ثنا إبراهيم بن سعد ثنا صالح بن كيسان عن الزهري عن
عروة عن عائشة قالت : « قال لي رسول الله صلّى الله عليه(وآله)وسلّم في مرضه :
ادعي أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتاباً ، فإني أخاف أنّ يتمنى متمنٍ ويقول قائل :
أنا أولى ، ويأبى الله والنبيّون إلّا أبا بكر ».

قال أبو محمّدـهو ابن حزمـهكذا في كتابي عن عبد الله بن يوسف ،
وفي أم أخرى (ويأبى الله والمؤمنون).

وهكذا حدّثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمّد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب ثنا
عبد الرحمن بن محمّد بن سلام الطرطوسي ثنا يزيد بن هارونـإلى آخر السند
المتقدمـبمثله وفيه : « إنّ ذلك كان في اليوم الّذي بدئ فيه عليه‌السلام بوجعه الّذي
مات فيه » بأبي هو وأمي.

قال أبو محمّدـهو ابن حزمـفعلمنا انّ الكتاب المراد يوم الخميس قبل
موته صلّى الله عليه(وآله)وسلّم بأربعة أيامـكما روينا عن ابن عباس يوم قال
عمر ما ذكرناـإنّما كان في معنى الكتاب الّذي أراد عليه‌السلام أن يكتبه في أوّل
مرضه قبل يوم الخميس المذكور بسبع ليال ، لأنّه عليه‌السلام ابتدأه وجعه يوم
الخميس في بيت ميمونة أم المؤمنين ، وأراد الكتاب الّذي قال فيه عمر ما قال
يوم الخميس بعد أن أشتد به المرض ، ومات عليه‌السلام يوم الاثنين ، وكانت مدّة

٣٢٥

علته صلّى الله عليه(وآله)وسلّم أثنى عشر يوماً ، فصح أنّ ذلك الكتاب كان في
استخلاف أبي بكر لئلا يقع ضلال في الأمة بعده عليه‌السلام .

فإنّ ذكر ذاكر معنى ما روي عن عائشة إذ سئلت من كان رسول الله
مستخلفاً لو أستخلف؟ فإنّما معناه : لو كتب الكتاب في ذلك » (١) .

أقول : إلى هنا انتهت الحاجة من نقل كلامه الطويل العريض الّذي نفى
فيه تقديم أبي بكر للخلافة قياساً على تقديمه للصلاةـكما يروي القياسيونـ
وقالوا به. حتى قال : فيأبى الله ذلك ، وما قاله أحد قط يومئذ ، وانما تشبث بهذا
القول الساقط المتأخرون من أصحاب القياس ، الّذين لا يبالون بما نصروا به
أقوالهم ، مع أنّه أيضاً في القياس فاسدـلو كان القياس حقاًـلما بينا قبل ،
ولأن الخلافة ليست علتها علة الصلاة ، لأن الصلاة جائز أن يليها العربي
والمولى والعبد والّذي لا يحسن سياسة الجيوش والأموال والأحكام والسير
الفاصلة.

وأمّا الخلافة فلا يجوز أن يتولاها إلّا قرشي صليبة عالم بالسياسة
ووجوهها ، وإن لم يكن محكماً للقراءة(؟)وإنّما الصلاة تبع للإمامة ، وليست
الإمامة تبعاً للصلاة فكيف يجوز عند أحد من أصحاب القياس أن تقاس
الإمامة الّتي هي أصل على الصلاة الّتي هي فرع من فروع الإمامة؟ هذا ما لا
يجوز عند أحد من القائلين بالقياس.

وسيأتي عن ابن حزم أيضاً مثل ما تقدم من الكلام ، وهناك يحاول اثباته
بالقسم والأيمان وهذا من الطرافة بمكان.

_______________________

(١)الإحكام في اُصول الأحكام ٧ / ١٢٢ ط السعادة بمصر.

٣٢٦

وقفة مع ابن حزم :

من المضحكـوشر البلية ما يضحكـأن يكون مثل ابن حزم المتحرر
من كثير الرواسب المقيتة عند قومه ، وهو ينعى عليهم التقليد ، ويعترف صريحاً
بما هو الصحيح في أنّ قول عمر إنّما هو زلة العالم الّتي حُذّر الناس منها قديماً ،
ثمّ هو يكبو كبوة يقع فيها لوجهه حين يحسب أنّه زالت عنه دياجي الظلماء أن
كشف له الغطاء بوجدانه حديث عائشة المزعوم ، ولقد أغرب كثيراً حين زعم
أنّ ذلك نص على خلافة أبي بكر ، فقد قال في كتابه الفِصَل : « فهذا نص جليّ
على استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بكر على ولاية الأمة بعده » (١) . وكأنّه نسي
أو تناسى بأنّ أبا بكر وقومه ، ومن أتى بعده كلّهم لم يقولوا بالنص في أمر
الخلافة ، وإنّما قالوا بالاختيار ، وما دعاهم إلى ذلك إلّا الإضطرار ، حيث لا نص
ثابت عندهم.

وربما يفاجأ القارئ إذا وجد ابن حزم في كتابه جوامع السيرة يدين عملية
المنع من إحضار الدواة والكتف فيقول : « فلمّا كان يوم الخميسـقبل موته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
بأربع ليالِـاجتمع عنده جمع من الصحابة فقال عليه‌السلام : (أئتوني بكتف ودواة
أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي) ، فقال عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه كلمة أراد بها
الخير ، فكانت سبباً لإمتناعه من ذلك الكتاب فقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد غلب
عليه الوجع ، وعندنا كتاب الله ، وحسبنا كتاب الله. وساعده قوم حتى قالوا : أهجر
رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال آخرون : أجيبوا بالكتف والدواة يكتب لكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
كتاباً لا تضلون بعده ، فساء ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمرهم بالخروج من عنده؟
فالرزية كلّ الرزية ما حال بينه وبين ذلك الكتاب ، إلّا أنّه لا شك لو كان من
_______________________

(١)الفِصَل ٤ / ١٠٨.

٣٢٧

واجبات الدين ولوازم الشريعة لم يثنه عنه كلام عمر ولا غيره ا ه‍ ». هذا ما
ذكره ابن حزم في جوامع السيرة (١) ، ومرّ عنه ما ذكره في كتابيه الأحكام والفصل
فبأيّهما يأخذ القارئ؟ وأيهما هو الصحيح؟ وهل ذلك منه إلّا استغفال لعقول
الناس!؟ فالحديث الّذي زعم أنّه وجده فانجلت به الكربة فكأنّه عمي أو تعامى
أنّ الحديث صورة ممسوخة لحديث الرزية ، وليته كان كحديث الرزية في
تظافر نقله لتتكافأ الكفتان ، وينظر عند التعارض لأيهما الرجحان ، وليختر هو
معنى ذلك المزعوم ، ثمّ كيف يخفى هذا على مَن سبقه ممّن خرّج الحديثين مثل
مسلم وغيره؟ وسيأتي الكلام في ذلك مفصّلاً عند حديثنا عن عملية التزوير
والمسخ ، وسيقف القارئ على قول ابن أبي الحديد المعتزلي وضعوهـالبكريةـ
في مقابلة الحديث المروي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه : (إئتوني بدواة وبياض أكتب لكم
ما لا تضلون بعده أبداً) ، فاختلفوا عنده وقال قوم منهم : لقد غلبه الوجع حسبنا
كتاب الله ، وسيعود ابن حزم مرة أخرى إلى الحديث المزعوم يحاول اثباته
بالأيمان؟

ويكفي في تزييفه أنّه لم يظهر يوم السقيفة حين كان أبو بكر أحوج إليه
من كلّ ما احتج به ، فأين كانت عائشة عن رواية ذلك؟ ولماذا لم تناصر أباها به
في أحرج وقت كان محتاجاً لنصرتها بمثله؟

مضافاً إلى ما سيأتي من كشف حال رجاله فانتظر.

ثالثاً : البيهقي

في أواخر كتابه دلائل النبوة بعد ذكره لحديث الرزية بأسانيده إلى عليّ
ابن المديني والحسن بن محمّد الزعفراني عن سفيان بن عيينة عن سليمان عن
_______________________

(١)جوامع السيرة / ٢٦٣.

٣٢٨

سعيد بن جبير قال قال ابن عباس : « يوم الخميس وذكر الحديث إلى قوله
وسكت عن الثالثة أو قالها فنسيتها » ثمّ قال البيهقي : هذا لفظ حديث عليّ بن
المديني وهو أتم ، زاد عليّ قال سفيان : إنّما زعموا أراد أن يكتب فيها استخلاف
أبي بكر. ثمّ قال البيهقي رواه البخاري ومسلم في الصحيح (١) ثمّ ذكر الحديث
بسند آخر وصورة ثانية وفيه قالـابن عباسـ: « لمّا حُضر رسول الله صلّى الله
عليه(وآله)وسلّم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :
(هلموا أكتب لكم لن تضلوا بعده أبداً) فقال عمر : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد غلب
عليه الوجع وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت واختصموا
فمنهم من يقول : قرّبوا يكتب لكم رسول الله ومنهم يقول ما قال عمر فلمّا أكثروا
اللغو والاختلاف عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (قوموا).

قال عبد الله فكان ابن عباس يقول : انّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين
رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم ». ثمّ
ذكر رواية البخاري له في الصحيح عن عليّ بن المديني وغيره. ورواية
مسلم عن محمّد بن رافع وغيره عن عبد الرزاق. ثمّ قال : وإنّما قصد عمر بن
الخطاب بما قال التخفيف على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين رآه قد غلب عليه الوجع ،
ولو كان ما يريد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يكتب لهم شيئاً مفروضاً لا يستغنون عنه لم
يتركهم لاختلافهم ولغطهم لقوله تعالى : ( بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ) (٢) كما لم
يترك تبليغ غيره بمخالفة من خالفه ومعاداة من عاداه ، وإنّما أراد ما حكى
سفيان بن عيينة عن أهل العلم قبله أن يكتب استخلاف أبي بكر ثمّ ترك
_______________________

(١)دلائل النبوة ٧ / ١٨١ ـ ١٨٢ ط بيروت بتحقيق د عبد المعطي قلعجي.

(٢)المائدة / ٦٧.

٣٢٩

كتبته أعتماداً على ما علم من تقدير الله تعالى ذلك ، كما همّ به في ابتداء
مرضه حين قال : وارأساه ، ثمّ بدا له أن لا يكتب وقال : يأبى الله والمؤمنون
إلّا أبا بكر ، ثمّ نبّه أمته على خلافته باستخلافه اياه في الصلاة حين عجز عن
حضورها إلى آخر ما قال (١) ، وكله من الدفع بالصدر.

وقد روى نفسه في سننه الكبرى في كتابة العلم في الصحف ، حديث
جابر : « انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا بصحيفة في مرضه ليكتب فيها كتاباً لأمته لا يَضلون
بعده ولا يُضِلون ، وكان في البيت لغط وتكلم عمر فتركه » (٢) . وهذا الّذي رواه
بتر من آخره ما يدين عمر ، ثمّ ذكر بعده في كتابة العلم في الألواح والأكتاف
بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : « يوم الخميس وما يوم الخميس
قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إئتوني باللوح والدواة والكتف والدواة لأكتب لكم كتاباً لا
تضلوا بعده أبداً) قالوا : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يهجر »(٣) .

مع البيهقي في دعاواه :

وتتلخص دعاواه في الأمور التالية :

١ـزعمه أنّ حديث عليّ بن المديني أتم لأنّه زاد قول سفيان إنّما زعموا
أراد أن يكتب فيها استخلاف أبي بكر.

٢ ـ زعمه أنّ قصد عمر هو التخفيف على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال الّذي قال.

٣ ـ زعمه أّنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد أن يكتب لهم ما هم مستغنون عنه.

_______________________

(١)دلائل النبوة ٧ / ١٨٣.

(٢)السنن الكبرى ٣ / ٤٣٥ ط بيروت سنة ١٤١١ ه‍.

(٣)نفس المصدر.

٣٣٠

٤ ـ زعمه بل كذبه على سفيان في حكايته قوله.

٥ـزعمه تنبيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمته على خلافة أبي بكر استخلافه إياه في
الصلاة.

أمّا زعمه الأوّل أنّ حديث عليّ بن المديني أتم وقال : زاد عليّ قال سفيان :
إنّما زعموا الخ فهذا كذب وهراء ومحض أفتراء ، فحديث سفيان لقد رواه عنه
خمسة عشر إنساناً كما مرّ في الصورة التاسعة ، وكلهم من الحفاظ وأئمة
الحديث ، وكان عليّ بن المديني واحداً منهم. وحديثه لم يقتصر على رواية
البيهقي بأسانيده فقط ، بل رواه عنه البخاري أيضاً وليس فيه هذه الزيادة (١) ،
كما لم ترد في أحاديث الرواة الآخرين عن سفيان فمن أين ألصق البيهقي
بابن المديني هذه الزيادة؟

وأمّا زعمه الثاني أنّ عمر قصد التخفيف على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فينفيه ما
سيأتي عن عمر نفسه من بيان قصده في منعه ، ولو سلمنا جدلاً ، فهل أنّ عمر
كان أبصر بنفس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه بنفسه؟

وأمّا زعمه الثالث أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد أن يكتب لأمته ما هم مستغنون ،
مدفوع للحكمة الّتي بيّنها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتابة ذلك الكتاب وهي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :
(لن تضلوا بعده أبداً) فإنّ ذلك يدل على أحتياجهم إلى عاصم يعصمهم من
الضلالة إلى الأبد ، وليس من تأمين على السلامة والصيانة لهم غير كتابة
ذلك.

ولو سلّمنا جدلاًـولا نسلّمـصواب قول البيهقي أراد أن يكتب لهم
ما هم مستغنون عنه ، فيلزم منه أن ينسب القائل بذلك إلى مقام الرسالة ما لا
_______________________

(١)أنظر صحيح البخاري / ٦ و ٩.

٣٣١

يليق بها من العبث ، حيث أنّ ذلك الكتاب لا يزيدهم فائدة ولا يعود عليهم
بعائدة ، وهو منافٍ للعصمة عند من يقول بها ، ومناف للحكمة عند من لا
يقول بها.

وأمّا ما استدل به على مقالته فهو مردود بعد أن انتفت الفائدة المتوخاة
والّتي كان يعلمها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث فتح عمر باباً واسعاً للطعن فيما يكتبه ، ويدل
على ذلك ما جاء في بعض صور الحديث ممّا رواه ابن سعد وغيره وفيه :
فقال بعض من كان عنده انّ نبيّ الله ليهجر قال فقيل له ألا نأتيك بما طلبت؟ قال : أو
بعد ماذا؟ قال : فلم يدع به (١) .

وأمّا زعمه الرابع أنّ سفيان حكى عن أهل العلم قبله. فهذا كذب على سفيان ،
وما روي عن سفيان على اختلاف صور نسخه الخمس عشرة حسب عدد الرواة عنه
فلم يأت في واحدة منها انّ سفيان حكى ذلك عن أهل العلم قبله. وإنّما الوحيد الّذي
روى ذلك عنه فيما أعلمـهو البيهقيـومهما يكن فان الّذي حاول اثباته من الكتابة
باستخلاف أبي بكر فقد مرّ الجواب عنه في رد ابن حزم فراجع.

وأمّا زعمه الخامس أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نبّه أمته على خلافة أبي بكر باستخلافه إياه في
الصلاة فيكفي في دحض ما زعمه ما قاله ابن حزم في كتابه الإحكام آنفاًـوقد مرّ
نقل ذلك عنه قبل هذا فراجعـمضافاً إلى قوله : واحتجوا باجماع الأمة على تقديم أبي
بكر إلى الخلافة ، وان ذلك قياس على تقديم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له إلى الصلاة وهذا من
الباطل الّذي لا يحل ، ولو لم يكن في تقديم أبي بكر حجة إلّا انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قدّمه
إلى الصلاة لما كان أبو بكر أولى بالخلافة من عليّ. لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد استخلف
_______________________

(١)أنظر الصورة الحادية عشرة من صور الحديث.

٣٣٢

عليّاً على المدينة في غزوة تبوك وهي آخر غزواتهعليه‌السلام فقياس الاستخلاف على
الاستخلاف اللذين يدخل فيهما الصلاة والأحكام أولى من قياس الأستخلاف على
الصلاة وحدها إلى آخر ماذكره من مناقشة (١) .

رابعاً : المازري

قال : إنّما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع صريح أمره لهم
بذلك ، لأن الأوامر قد يقارنها ما ينقلها من الوجوب ، فكأنه ظهرت منه قرينة دلت
على أنّ الأمر ليس على التحتم بل على الإختيار ، فاختلف اجتهادهم ، وصمم
عمر على الإمتناع لمّا قام عنده من القرائن بأنه صلّى الله عليه(وآله)وسلّم
قال ذلك عن غير قصد جازم ، فظهر ذلك لعمر دون غيره.

هكذا حكاه النووي في شرح صحيح مسلم ، وابن حجر في فتح الباري ،
والقسطلاني في المواهب اللدنية ، والبدر العيني في عمدة القارئ (٢) ، وغيرهم.

مع المازري :

يتلخص إعتذار المازري في النقاط التالية :

١ـاختلاف الصحابة في امتثال أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما كان لأنّ الأمر ليس على
التحتم بل على الإختيار.

٢ـتصميم عمر على الامتناع لما قام عنده من القرائن بأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك عن
غير قصد جازم.

_______________________

(١)أُنظر كتابه الإحكام ٧ / ١١٩ ـ ١٢٠.

(٢)شرح صحيح مسلم ١١ / ٩١ ، فتح الباري ٩ / ١٩٨ ، المواهب اللدنية ٢ / ٣٦٧ ، عمدة القارئ
٢ / ١٧١.

٣٣٣

٣ ـ ظهور ذلك لعمر دون غيره؟

وبين النقطة الأولى والنقطة الثالثة نحو تضاد ، إذ أنّ عمر هو الّذي ظهر له
أنّ الأمر عن غير قصد جازم ، وهذا مختص به دون غيره كما يزعم المازري ،
ويعني ذلك أنّه خفي على الآخرين ، وإذا كانوا كذلك فما بالهم يختلفون في
امتثال الأمر ما دام لم يظهر لهم ما ظهر لعمر دون غيره ، ثمّ إنّ قول المازري :
« عن غير قصد جازم » يعني ترك الباب مفتوحاً أمام الصحابة فمن شاء أن يمتثل
امتثل ومن شاء تخلف ، لأنّ الأمر ليس على التحتم بل على الاختيار وهذا ما
أكده بقوله : « عن غير قصد جازم » والآن لنا أن نسائله.

١ـما معنى بيانهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمصلحة الحكم الشرعي من أمره بقوله : (لا تضلون
بعدي أبداً). فلو كان على سبيل الإختيار فمن شاء فعل ومن شاء ترك ، لما ترتب
أمر العصمة من الضلالة لهم جميعاً ، بل كان يختص ذلك بمن امتثل ويحرم منه
من خالف ، ولما كان الخطاب للجميع فلابدّ أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توخى هداية الجميع وبذلك
تتم فائدة العصمة من الضلالة وإلّا فلا.

٢ـما معنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في آخر الحديث : (قوموا عني) ، وذلك يعني طردهم
عنه ولو كان أمره الأوّل عن غير قصد جازم وليس على التحتم ، بل على الإختيار
لما كان لطردهم عنه معنى ، وان تنطّع متنطع فقال : « انّ طردهم عنه إنّما كان بعد
تنازعهم ولغطهم فتأذى بذلك فقال : (قوموا عني) ». وهذا لا يدل على الوجوب
في الامتثال. هنا نقول له انّ ذلك النزاع هو وحده كاف في الدلالة على لزوم
الأمر ، وإلّا لو كان الأمر اختيارياً لما حدث النزاع ولما أستلزم الطرد.

٣٣٤

٣ـما معنى قول عمر : « حسبنا كتاب الله »؟ أليس يدل على فهمه أمر
النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان للوجوب فأراد دفع من يقوم بالامتثال عنه ، وإسقاط حجة قول
النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالكلية. ولو لم يكن فهم لزوم الأمتثال لما أحتاج إلى قوله : « حسبنا
كتاب الله ».

٤ـما معنى بكاء حبر الأمة عبد الله بن عباسرضي‌الله‌عنه وقوله : « الرزية كلّ الرزية
ما حال بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين كتابة الكتاب »؟ أليس يدل ذلك على فوات أمر
عظيم وخطير ، وله أثر كبير في حياة الأمة فاستدعى فواته ذلك البكاء حتى يبلّ
دمعه الحصى. ولو كان الفائت أمراً أختيارياً لما لزم ذلك البكاء؟ ولما لزم
التعبير عنه ب‍ (الرزية كلّ الرزية) ولعيب عليه ذلك التوجع والتفجع ، فكم
هناك من أمور مندوبة وأحكام مستحبة تركها الناس في أيامه ، بل وحتى
تغيير بعض الفرائض فلم ينعها ولم يذكر عنه أنّه بكى لها ، ولم ينقل التاريخ
عنه أنّه عبّر عن فوت واجب آخر بأنه رزية فضلاً عن المندوب.

٥ـوأخيراً من أين للمازري اثبات فهم عمر دون غيره بأن أمر
النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان عن غير قصد جازم ، وهذا لا يعلم إلّا من قبل عمر نفسه ، ولم
يرد عنه في ذلك شيء.

ثمّ إنّ ما ذهب إليه المازري لم يتابعه عليه أحد يعتد بهـفيما أعلمـ
إلّا رجل واحد من المتأخرين هو السيد عبد الرحيم الطهطاوي (١) .

أمّا باقي أعلام قومه كالقاضي عياض والقرطبي وابن حجر وغيرهم
فقد ذهبوا إلى عكس ما قاله المازري وقالوا بان عمر فهم الوجوب ، وإنّما
_______________________

(١)اُنظر كتابه هداية الباري ١ / ٨.

٣٣٥

قال الّذي قاله إنكاراً على من تخلف عن الإمتثال ، وستأتي مقالاتهم التافهة
وما أسسوه من مقدمات لنتائجهم المردودة وقياساتهم الباطلة ..

خامساً : القاضي عياض

قال : في كتاب الشفاء : فصل : فإن قلت قد تقررت عصمته صلّى الله عليه
(وآله)وسلّم في أقواله في جميع أحواله وأنّه لا يصح منه فيها خُلفٌ ولا
اضطراب في عمد ولا سهو ولا صحة ولا مرض ولا جدّ ولا مزح ولا رضىً ولا
غضب ، ولكن ما معنى الحديث في وصيته صلّى الله عليه(وآله)وسلّم ...

ثمّ ذكر حديث الكتف والدواة بسنده إلى قوله : فقال بعضهم : انّ رسول الله
صلّى الله عليه(وآله)وسلّم قد غلبه الوجع الحديث.

ثمّ قال : وفي رواية : (إئتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعدي أبداً) فتنازعوا
فقالوا : ماله أهجر استفهموه فقال : (دعوني فإنّ الّذي أنا فيه خير).

وفي بعض طرقه : إنّ النبيّ صلّى الله عليه(وآله)وسلّم : يَهجَر.

وفي رواية هجر ، ويُروى : أهُجراً. وفيه فقال عمر : إنّ النبيّ صلّى الله عليه
(وآله)وسلّم قد اشتد به الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا ، وكثر اللغط فقال :
(قوموا عني).

وفي رواية : واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول : قرّبوا يكتب
لكم رسول الله صلّى الله عليه(وآله)وسلّم كتاباً ، ومنهم من يقول ما قال عمر.

قال أئمّتنا : في هذا الحديث النبيّ صلّى الله عليه(وآله)وسلّم غير معصوم
من الأمراض وما يكون من عوارضها من شدة الوجع وغشي ونحوه ممّا يطرأ

٣٣٦

على جسمه ، معصوم أن يكون منه من القول أثناء ذلك ما يطعن في معجزته ،
ويؤدي إلى فساد في شريعته من هذيان واختلال كلام.

وعلى هذا لا يصح ظاهر رواية من روى في الحديث هَجَرَ إذ معناه هذي
يقال هَجَرَ هجراً إذا هذى وأهجر هجراً إذا أفحش وأهجر تعدية هَجَرَ ، وانما
الأصح والأولى أهَجَرَ على طريق الأنكار على من قال لا يكتب ، وهكذا روايتنا
فيه في صحيح البخاري من رواية جميع الرّوات في حديث الزهري المتقدم ،
وفي حديث محمّد بن سلام عن ابن عيينة ، وكذا ضبطه الأصيلي بخطه في كتابه
وغيره من هذا الطريق ، وكذا روينا عن مسلم في حديث سفيان وعن غيره ، وقد
تحمل عليه رواية من رواه هَجَرَ على حذف ألف الأستفهام ، والتقدير أهجر ، أو
أن يحمل قول القائل هجراً أو أهَجَرَ دهشةً من قائل ذلك وحيرة لعظيم ما شاهدا
من حال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشدة وجعه وهو المقام الّذي أختلف فيه عليه ، والأمر الّذي
همّ بالكتاب فيه حتى لم يضبط هذا القائل لفظه وأجرى الهُجر مجرى شدة
الوجع ، لا أنّه أعتقد أنّه يجوز عليه الهجر ، كما حملهم الاشفاق على حراسته والله
يقول : ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (١) ونحو هذا ، وأمّا على رواية أهجُراً وهي
رواية أبي إسحاق المستملي في الصحيح في حديث ابن جبير عن ابن عباس من
رواية قتيبة فقد يكون هذا راجعاً إلى المختلفين عنده صلّى الله عليه(وآله)
وسلّم ومخاطبةً لهم من بعضهم أي جئتم باختلافكم على رسول الله صلّى الله
عليه(وآله)وسلّم وبين يديه هجراً ومنكراً من القول ، والهُجر بضم الهاء الفَحش
في المنطق.

_______________________

(١)المائدة / ٦٧.

٣٣٧

وقد اختلف العلماء في معنى هذا الحديث وكيف أختلفوا بعد أمره لهم
صلّى الله عليه(وآله)وسلّم أن يأتوه بالكتاب فقال بعضهم : أوامر النبيّ صلّى الله
عليه(وآله)وسلّم يفهم أيجابها من ندبها من اباحتها بقرائن فلعل قد ظهر من
قرائن قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبعضهم ما فهموا أنّه لم تكن منه عزمة ، بل أمر ردّه إلى اختيارهم ،
وبعضهم لم يفهم ذلك فقال : أستفهموه ، فلمّا أختلفوا كفّ عنه إذ لم يكن عزمة
ولمّا رأوه من صواب رأي عمر.

ثمّ هؤلاء قالوا ويكون أمتناع عمر إمّا أشفاقاً على النبيّ صلّى الله عليه
(وآله)وسلّم من تكليفه في تلك الحال إملاء الكتاب وأن تدخل عليه مشقة من
ذلك كما قال إنّ النبيّ صلّى الله عليه(وآله)وسلّم أشتد به الوجع.

وقيل : خشي عمر أن يكتب أموراً يعجزون عنها فيحصلون في الحرج
بالمخالفة ورأى أنّ الأرفق بالأمة في تلك الأمور سعة الاجتهاد وحكم النظر
وطلب الصواب ، فيكون المصيب والمخطيء مأجوراً.

وقد علم عمر تقرّر الشرع وتأسيس الملة وان الله تعالى قال :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ
) (١) وقوله صلّى الله عليه(وآله)وسلّم : (أوصيكم بكتاب الله
وعترتي). وقول عمر : حسبنا كتاب الله ، ردٌ على من نازعه لا على أمر النبيّ صلّى
الله عليه(وآله)وسلّم.

وقد قيل : إنّ عمر خشي تطرّق المنافقين ومَن في قلبه مرض ما كتب في
ذلك الكتاب في الخلوة وأن يتقولوا في ذلك الأقاويل ، كادعاء الرافضة الوصية
وغير ذلك.

_______________________

(١)المائدة / ٣.

٣٣٨

وقيل : إنّه كان من النبيّ صلّى الله عليه(وآله)وسلّم لهم على طريق
المشورة والإختبار هل يتفقون على ذلك أم يختلفون فلمّا أختلفوا تركه.

وقالت طائفة أخرى : إن معنى الحديث انّ النبيّ صلّى الله عليه(وآله)
وسلّم كان مجيباً في هذا الكتاب لما طُلب منه ، لا أنّه ابتداء بالأمر ، بل اقتضاه منه
بعض أصحابه فأجاب رغبتهم وكره ذلك غيرهم للعلل الّتي ذكرناها.

واستدل في هذه القصة بقول العباس لعليّ : انطلق بنا إلى رسول الله
صلّى الله عليه(وآله)وسلّم فإن كان الأمر فينا علمناه ، وكراهة عليّ هذا ،
وقوله : والله لا أفعل... الحديث.

واستدل بقوله : (دعوني فإنّ الّذي أنا فيه). أي الّذي أنا فيه خير من
ارسال الأمر وترككم وكتاب الله وأن تدعوني ممّا طلبتم ، وذكر أنّ الّذي
طلب كتابة أمر الخلافة بعده وتعيين ذلك (١) .

أقول : هذا كلّ ما ذكره في هذا الفصل من كتابه الشفاء وليس فيه من
النافع إلّا شفىـالقليلـإذ هو إمّا تكرار للسابقين أو تلفيق المتخرصين.
ولابدّ لنا من محاسبته على بعض ما ذكره ممّا لم يُسبق إليه من وجوه
الأحتمالات والتمحلات وإنّما نقلناه بطوله لأن جماعة ممّن على شاكلته
تبعه على رأيه فإنهم بين من نقل جميع كلامه كما صنع النويري في نهاية
الإرب (٢) ، ومنهم من لخصه كالقرطبي ولخص من تلخيصه ابن حجر في فتح
الباري (٣) كما سيأتي تلخيصه.

_______________________

(١)أنظر الشفاء ٢ / ١٨٥ ـ ١٨٦ ط اسلامبول سنة ١٣٠٤ ه‍.

(٢)نهاية الإرب ١٨ / ٣٧٣ ـ ٣٧٨.

(٣)أنظر فتح الباري الجزء التاسع.

٣٣٩

مع القاضي عياض :

لقد كانت غاية محاولة القاضي هي تبرير ما صدر من عمر بن الخطاب في
ذلك اليوم التعيس ، يوم الخميس ، ولكنها محاولة بائسة ويائسة. فهو استعرض :

أوّلاً : تحقيق الصيغة اللفظية الّتي كانت سبب الإختلاف ، ثمّ التشكيك في
تعيين قائلها وذلك من خلال ما ذكره من سياق الروايات المختلفة. حتى أنهاها
إلى ثماني روايات كما يلي :

١ ـ فقال بعضهم : انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد غلبه الوجع.

٢ ـ وفي رواية : فتنازعوا فقالوا ما له أهجر أستفهموه.

٣ـوفي بعض طرقه : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يَهجَرُـ(بفتحتين هكذا في النسخة
المُعربة المطبوعة باسلامبول سنة ١٣٠٤ ه‍) ـ.

٤ ـ وفي رواية : هَجَر.

٥ ـ ويروى : أهَجرٌ.

٦ ـ ويروى : أهُجراً.

٧ـوفيه فقال عمر : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أشتد به الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا
وكثر اللغط.

٨ـوفي رواية : واختلف أهل البيت وأختصموا فمنهم من يقول قرّبوا
يكتب لكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتاباً ، ومنهم من يقول ما قال عمر.

أقول : وهذه الروايات الّتي أشار إليها تترك القارئ في حيرة من أمر
القاضي ، وكأنه يحاول التعتيم على الحقيقة ، فيعرض لها دون بيان الصحيح منها ،
فهو يترك القارئ في دروب من المتاهات.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

[١٧٢٢٨] ٣ - وعن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن مناكحتهم والصلاة معهم، فقال: « هذا أمر عديد(١) إن يستطيعوا ذاك، قد أنكح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصلى عليعليه‌السلام ورائهم ».

[١٧٢٢٩] ٤ - وعن النضر: عن ابن سنان قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، بكم يكون الرجل مسلما يحل مناكحته وموارثته؟ وبما يحرم دمه؟ فقال: « يحرم دمه بالاسلام إذا أظهره، ويحل مناكحته وموارثته ».

[١٧٢٣٠] ٥ - وعن ابن أبي عمير، عن حماد، عن جميل بن دراج، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : أتخوف أن لا تحل لي أن أتزوج صبية من لم يكن على مذهبي، فقال: « ما يمنعك من البله من النساء اللآتي لا يعرفن ما أنتم عليه ولا ينصبن!؟ ».

[١٧٢٣١] ٦ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أتزوج المرجئة أو الحرورية أو القدرية، قال: « لا، عليك بالبله من النساء » قال زرارة: فقلت: ما هو إلا مؤمنة أو كافرة، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « فأين أهل استثناء الله؟ قول الله أصدق من قولك:( إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّ‌جَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ – إلى قوله - سَبِيلًا ) (١) ».

__________________

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٧٧ ح ١٠.

(١) كذا في الطبعة الحجرية، وفي المصدر والبحار: « تمديد » ولعلها: هذا أمر شديد لن تستطيعوا ذاك، أي: لن تستطيعوا مقاطعتهم.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٧٨ ح ١٣.

٦ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦٩.

(١) النساء ٤: ٩٨.

٤٤١

[١٧٢٣٢] ٧ - وعن سماعة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن قول الله:( إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ ) (١) قال: « هم أهل الولاية » فقلت: أي ولاية؟ فقال: « أما إنها ليست بولاية في الدين، ولكنها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة، وهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكفار، وهم المرجون لامر الله ».

[١٧٢٣٣] ٨ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن امرأة مؤمنة عارفة وليس بالموضع أحد على دينها، هل تزوج(١) منهم؟ ( قال: « لا تزوج إلا من كان على دينها )(٢) ، وأما أنتم فلا بأس أن يتزوج الرجل منكم المستضعفة البلهاء، وأما الناصبة ابنة(٣) الناصبة فلا ولا كرامة، لأن المرأة ( المستضعفة البلهاء )(٤) تأخذ من أدب زوجها، ويردها إلى ما هو عليه، فتزوجوا إن شئتم في الشكاك، ولا تزوجوهم » الخبر.

[١٧٢٣٤] ٩ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن تتزوج في الشكاك، ولا تزوجهم، لأن المرأة تأخذ من أدب زوجها، ويقهرها على دينه.

١٠ -( باب جواز مناكحة الناصب عند الضرورة والتقية)

[١٧٢٣٥] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن أبي عمير، عن

__________________

٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦٩ - ٢٧٠.

(١) النساء ٤: ٩٨.

٨ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩٩.

(١) في المصدر: تتزوج.

(٢) في المصدر: إلا من هو على دينها.

(٣) في الطبعة الحجرية، ابنته، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٩ - المقنع ص ١٠٢.

الباب ١٠

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

٤٤٢

هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لما خطب عمر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال له: إنها صبية، قال: فأتى العباس فقال: ما لي؟ أبي بأس؟ فقال له: وما ذاك؟ قال: خطبت إلى ابن أخيك فردني، أما والله لأغورن زمزم، ولا أدع لكم مكرمة إلا هدمتها، ولأقيمن عليه شاهدين أنه سرق ولأقطعن يمينه، فأتاه العباس فأخبره، وسأله أن يجعل الامر إليه، فجعله إليه ».

[١٧٢٣٦] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الاستغاثة قال: حدثنا جماعة من مشايخنا الثقات، منهم جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، عن أحمد بن المفضل، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، قال: سألت جعفر بن محمد ( صلوات الله عليهما )، عن تزويج عمر [ من ](١) أم كلثوم، فقال: « ذلك فرج غصبنا عليه » وهذا الخبر مشاكل لما رواه مشايخنا(٢) ، أن عمر بعث العباس إلى علي ( صلوات الله عليه )، فسأله أن يزوجه أم كلثوم، فامتنع عليعليه‌السلام من ذلك، فلما رجع العباس إلى عمر يخبره بامتناع عليعليه‌السلام فأعلمه بذلك، قال: يا عباس، أيأنف من تزويجي! ( والله لئن لم يزوجني )(٣) لأقتلنه، فرجع العباس إلى عليعليه‌السلام فأعلمه بذلك، فأقام عليعليه‌السلام على الامتناع، فأخبر العباس عمر، فقال له: يا عباس احضر يوم الجمعة في المسجد، وكن قريبا مني لتعلم أني قادر على قتله، فحضر العباس المسجد، فلما فرغ عمر من الخطبة، فقال: أيها الناس إن ها هنا رجلا من علية أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قد زنى وهو محصن، وقد اطلع عليه أمير المؤمنين وحده، فما أنتم قائلون؟ فقال الناس من كل جانب: إذا

__________________

٢ - الاستغاثة ص ٩٠ - ٩٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر زيادة: عامة في تزويجه منها وذلك في الخبر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٤٤٣

كان أمير المؤمنين قد اطلع عليه فما حاجته أن يطلع عليه غيره، فلما انصرف عمر قال للعباس: امض إليه فأعلمه ما قد سمعت، فوالله لئن لم يفعل لأفعلن، فصار العباس إلى عليعليه‌السلام فعرفه ذلك، فقال علي ( صلوات الله عليه ): « أنا أعلم أن ذلك مما يهون عليه، وما كنت بالذي أفعل ما تلتمسه أبدا » فقال العباس: إن لم تفعل أنت فأنا أهله، وأقسمت عليك إن خالفت قولي وفعلي، فمضى العباس إلى عمر فأعلمه أن يفعل ما يريد من ذلك، فجمع عمر الناس، فقال: إن هذا العباس عم عليعليه‌السلام ، وقد جعل إليه أمر ابنته أم كلثوم، وقد أمره أن يزوجني منها، فزوجه العباس، وبعث بعد مدة يسيرة فحولها إليه.

١١ -( باب حكم تزويج المنافقة على المؤمنة، وبالعكس، وتزويج المنافق)

[١٧٢٣٧] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن معمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « زوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منافقين معروفي(١) النفاق، ثم قال: أبو العاص بن الربيع » وسكت عن الآخر.

١٢ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب ما يحرم بالكفر)

[١٧٢٣٨] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « أقروا أهل الجاهلية على ما أسلموا عليه، من نكاح أو طلاق أو ميراث » يعنيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا وافق ذلك حكم الاسلام، فأما إن أسلم المشرك وعنده ذات محرم منه، فرق بينهما.

__________________

الباب ١١

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

(١) في الطبعة الحجرية: معروف، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥١.

٤٤٤

[١٧٢٣٩] ٢ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا ارتد الرجل بانت منه امرأته، فإن استتيب فتاب قبل أن تنقضي عدتها فهما على النكاح، وإن انقضت العدة ثم تاب فهو خاطب من الخطاب، ( فإن )(١) لحقا بدار الحرب ثم أسلما أو استتيبا فتابا فهما على النكاح ».

[١٧٢٤٠] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إن خرجت امرأة من أهل الحرب إلى دار الاسلام مستأمنة، ولها زوج تخلف في دار الحرب، فليس له عليها سبيل، وتتزوج إن شاءت، ولا عدة عليها، وإن أسلم زوجها فهو خاطب من الخطاب ».

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥١.

(١) في المصدر: وإن لحق بدار الحرب انقطعت عصمته عنها، وإن ارتدا جميعا أو.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٥١.

٤٤٥

٤٤٦

أبواب المتعة

١ -( باب إباحتها)

[١٧٢٤١] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ، يقول: « قال عليعليه‌السلام : لولا ما سبقني به ابن الخطاب ما زنى إلا شقي، قال ثم قرأ هذه الآية( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ) (١) - إلى أجل مسمى -( فَآتُوهُنَّ أُجُورَ‌هُنَّ فَرِ‌يضَةً ) (٢) » الخبر.

[١٧٢٤٢] ٢ - وعن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ، يقول، « حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنهم غزوا معه فأحل لهم المتعة ولم يحرمها، قال أبو جعفرعليه‌السلام : وكان عليعليه‌السلام يقول: لولا ما سبقني ابن الخطاب - يعني عمر - ما زنى إلا شقي، ثم قال أبو جعفرعليه‌السلام : وكان ابن عباس يقول: لا جناح عليكم فيما استمتعتم به منهن فآتوهن(١) أجورهن، وهؤلاء يكفرون بها اليوم، وهي حلال وأحلها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يحرمها ».

[١٧٢٤٣] ٣ - أحمد بن محمد السياري في كتاب التنزيل والتحريف ويعرف

__________________

أبواب المتعة

الباب ١

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٤.

(١) النساء ٤: ٢٤.

(٢) النساء ٤: ٢٤.

٢ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٣١.

(١) في المصدر: إذا آتيتموهن.

٣ - كتاب التنزيل والتحريف ص ١٨.

٤٤٧

بكتاب القراءات: عن البرقي، عن علي بن النعمان، عن داود بن فرقد، عن عامر بن سعيد الجهني(١) ، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال:( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ - إلى أجل مسمى -فَآتُوهُنَّ أُجُورَ‌هُنَّ فَرِ‌يضَةً ) (٢) ».

[١٧٢٤٤] ٤ - وعن محمد بن جمهور، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( مَّا يَفْتَحِ اللَّـهُ لِلنَّاسِ مِن رَّ‌حْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ) (١) قالعليه‌السلام : « منه المتعة ».

[١٧٢٤٥] ٥ - وعن حماد، عن حريز، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قرأ:( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا - بالمتعة -حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ ) (١) هكذا التنزيل.

[١٧٢٤٦] ٦ - سعد بن عبد الله القمي في كتاب ناسخ القرآن ومنسوخه: قال: قرأ أبو جعفر وأبو عبد اللهعليهما‌السلام :( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ـ إلى أجل مسمى -فَآتُوهُنَّ أُجُورَ‌هُنَّ ) إلى آخره.

[١٧٢٤٧] ٧ - العياشي في تفسيره: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: كان يقرأ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ - إلى أجل مسمى -فَآتُوهُنَّ أُجُورَ‌هُنَّ ) إلى آخره.

[١٧٢٤٨] وعن عبد السلام، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:

__________________

(١) في المصدر زيادة: عن أبيه.

(٢) النساء ٤: ٢٤.

٤ - كتاب التنزيل والتحريف ص ٤٨.

(١) فاطر ٣٥: ٢.

٥ - التنزيل والتحريف ص ٣٩.

(١) النور ٢٤: ٣٣.

٦ - كتاب ناسخ القرآن ومنسوخه: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٥ ح ١٢.

٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٣٤ ح ٨٧.

٦ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٣٤ ح ٨٨.

٤٤٨

قلت له: ما تقول في المتعة؟ قال: « قول الله تعالى:( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ) (١) » الخبر.

[١٧٢٤٩] ٩ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن المتعة، فقال: « نزلت في القرآن، وهو قول الله:( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَ‌هُنَّ فَرِ‌يضَةً ) (١) » الخبر.

[١٧٢٥٠] ١٠ - وعن النضر، عن عاصم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « حدثني جابر عن عبد الله، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنهم غزوا معه فأحل لهم المتعة ولم يحرمه، قال: وكان عليعليه‌السلام يقول: لولا ما سبقني به ابن الخطاب، ما زنى إلا الشقي، قال: وكان ابن عباس يرى المتعة ».

[١٧٢٥١] ١١ - وعن محمد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة قال: جاء عبد الله بن عمير إلى أبي جعفرعليه‌السلام فقال: ما تقول في متعة النساء؟ فقال: « أحلها الله في كتابه، وعلى لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهي حلال إلى يوم القيامة » فقال: يا أبا جعفر، مثلك يقول هذا، وقد حرمها أمير المؤمنين عمر، فقال: « وإن كان فعل » فقال: إني أعيذك أن تحل شيئا حرمه عمر، فقال: « فأنت على قول صاحبك، وأنا على قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهلم ألاعنك أن القول ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله )، وأن الباطل ما قال صاحبك » قال: فأقبل عليه عبد الله بن عمير، فقال: يسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمك

__________________

(١) النساء ٤: ٢٤.

٩ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٥.

(١) النساء ٤: ٢٤.

١٠ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٥.

١١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٦.

٤٤٩

يفعلن، فأعرض عنه أبو جعفرعليه‌السلام وعن مقالته، حين ذكر نساءه وبنات عمه.

[١٧٢٥٢] ١٢ - وعن القاسم، عن أبان، عن إسحاق، عن الفضل قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « بلغ عمر أن أهل العراق يزعمون أن عمر حرم المتعة، فأرسل فلانا سماه، فقال: أخبرهم أني لم أحرمها، ليس لعمر أن يحرم ما أحل الله، ولكن عمر قد نهى عنها ».

[١٧٢٥٣] ١٣ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الاستغاثة قال: ومن ذلك أن علماء أهل البيتعليهم‌السلام ، ذكروا عن ابن عباس أنه(١) دخل مكة وعبد الله بن الزبير على المنبر يخطب، فوقع نظره على ابن عباس وكان قد أضر(٢) ، فقال: معاشر الناس، قد أتاكم أعمى، أعمى الله قلبه، يسب عائشة أم المؤمنين، ويلعن حواري رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويحل المتعة وهي الزنى المحض، فوقع كلامه في أذن عبد الله بن عباس، وكان متوكئا على يد غلام له، يقال له: عكرمة، فقال له: ويلك أدنني منه، فأدناه حتى وقف بإزائه، فقال:

إنا إذا ما فئة نلقاها

نرد أولاها على أخراها

قد أنصف الفأرة من راماها(٣)

ـ إلى أن قال -: وأما قولك: يحل لمتعة وهي الزنى المحض، فوالله لقد عمل بها على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يأت بعده [ رسول ](٤)

__________________

١٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٦.

١٣ - كتاب الاستغاثة ص ٤٥.

(١) في المصدر زيادة: لما.

(٢) الضرارة: العمى، وأضر: عمى ( لسان العرب ج ٤ ص ٤٨٣ ).

(٣) في الحجرية: « زواها » وما أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٤٥٠

لا يحرم ولا يحلل، والدليل على ذلك قول ابن صهاك: متعتان كانتا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأنا أمنع عنهما وأعقاب عليهما، فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه، وانك من متعة، فإذا نزلت عن عودك هذا، فاسأل أمك عن بردي عوسجة، ومضى عبد الله بن عباس ونزل عبد الله بن الزبير مهرولا إلى أمه، فقال: أخبرني عن بردي عوسجة وألح عليها مغضبا، فقالت له: إن أباك كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد أهدى له رجل يقال له: عوسجة بردين، فشكا أبوك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العزبة، فأعطاه بردا منها، فجاء فتمتعني به ومضى، فمكث عني برهة وإذا به قد أتاني ببردتين فتمتعني بهما، فعلقت بك وإنك من متعة، فمن أين وصلك هذا؟ قال: من ابن عباس، فقالت: ألم أنهك عن بني هاشم، وأقل لك إن لهم ألسنة لا تطاق!؟

[١٧٢٥٤] ١٤ - الصدوق في الهداية: أما المتعة لان رسول الله ) صلى الله عليه وآله )، أحلها ولم يحرمها حتى قبض.

وقال الصادقعليه‌السلام : « ليس منا من لم يؤمن برجعتنا، ولم يستحل متعتنا ».

٢ -( باب استحباب المتعة، وما ينبغي قصده بها)

[١٧٢٥٥] ١ - الشيخ المفيد في رسالة المتعة: عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ع بكر بن محمد، عن الصادقعليه‌السلام ، حيث قال: سئل عن المتعة، فقال: « أكره للرجل أن يخرج من الدنيا، وقد بقيت خلة من خلال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم تقض ».

__________________

١٤ - الهداية ص ٦٩.

الباب ٢

١ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٥ ح ١٤.

٤٥١

[١٧٢٥٦] ٢ - وبهذا الاسناد: عن أحمد بن محمد، عن ابن أشيم، عن مروان بن مسلم، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : « تمتعت منذ خرجت من أهلك؟ » قلت: لكثرة من معي من الطروقة أغناني الله عنها، قال: « وإن كنت مستغنيا، فإني أحب أن تحيي سنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٧٢٥٧] ٣ - وبهذا الاسناد: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عبد الله، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن الباقرعليه‌السلام ، قال: قلت: للمتمتع ثواب؟ قال: « إن كان يريد بذلك الله عز وجل، وخلافا لفلان، لم يكلمها كلمة إلا كتب الله له حسنة، وإذا دنا منها غفر الله له بذلك ذنبا، فإذا اغتسل غفر الله له بعدد ما مر الماء على شعره » قال: قلت: بعدد الشعر! قال: « نعم، بعدد الشعر ».

[١٧٢٥٨] ٤ - وبهذا الاسناد: عن أحمد بن محمد، عن الحسن، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « إن الله عز وجل حرم على شيعتنا المسكر من كل شراب، وعوضهم عن ذلك المتعة ».

[١٧٢٥٩] ٥ - وبهذا الاسناد: عن أحمد بن محمد، عن(١) علي، عن الباقرعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لما أسري بي إلى السماء لحقني جبرئيل، فقال: يا محمد، إن الله عز وجل يقول: إني غفرت للمتمتعين من النساء ».

__________________

٢ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٦ ح ١٦.

٣ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٦ ح ١٩.

٤ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٦ ح ٢٠.

٥ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٦ ح ٢١.

(١) بياض في الأصل.

٤٥٢

٣ -( باب استحباب المتعة، وإن عاهد الله على تركها، أو جعل عليه نذرا)

[١٧٢٦٠] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن علي السائي قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : جعلت فداك إني كنت أتزوج المتعة فكرهتها وتشاءمت بها، فأعطيت الله عهدا بين المقام والركن، وجعلت علي في ذلك نذورا وصياما أن لا أتزوجها، ثم إن ذلك شق علي وندمت على يميني، ولم يكن بيدي من القوة ما أتزوج به في العلانية، فقال: « عاهدت الله أن لا تطيعه، والله لئن لم تطعه لتعصينه ».

٤ -( باب أنه يجوز أن يتمتع بأكثر من أربع نساء، وإن كان عنده أربع زوجات بالدائم)

[١٧٢٦١] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: سألته عن المتعة، فقال: « الق عبد الملك بن جريح، فاسأله عنها فإن عنده منها علما » فلقيته فأملى علي منها شيئا كثيرا، فكان فيما روى لي قال: ليس فيها وقت ولا عدد، إنما هي بمنزلة الإماء، يتزوج منهن كم شاء، بغير ولي ولا شهود، وإذا انقضى الاجل بانت منه بغير طلاق، وعدتها حيضة إن كانت تحيض، وإن كانت لا تحيض شهر، فانطلقت بالكتاب إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فعرضته عليه، فقال: « صدق » وأقر به. قال عمر بن أذينة: وكان زرارة يقول هذا، ويحلف بالله أنه الحق، إلا أنه كان يقول: إن كانت تحيض فحيضة، وأن كانت لا تحيض فشهر ونصف.

__________________

الباب ٣

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

الباب ٤

١ نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٦ وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣١٧ ح ٣٠.

٤٥٣

[١٧٢٦٢] ٢ - وعن القاسم بن عروة، عن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في المتعة، قال: « إنها ليست من الأربع ».

[١٧٢٦٣] ٣ - وعن القاسم، عن علي، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولا يجتمع ماؤه في خمس » قلت: وإن كانت متعة، قال: « وإن كانت متعة ».

قلت: وحمل على الاحتياط من إنكار العامة، كما في الأصل.

[١٧٢٦٤] ٤ - الشيخ المفيد في رسالة المتعة: عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن عبد الحميد، عن محمد بن مسلم، ( عن أبي جعفرعليه‌السلام )(١) في المتعة: « ليس من الأربع، لأنها لا تطلق ولا تورث ».

[١٧٢٦٥] ٥ - وعن حماد بن عثمان قال: سئل الصادقعليه‌السلام ، في المتعة: هي من الأربع؟ قال: « لا، ولا من السبعين ».

[١٧٢٦٦] ٦ - وعن أبي بصير، أنه ذكر للصادقعليه‌السلام ، وهل هي من الأربع؟ فقال: « تزوج منهن ألفا ».

[١٧٢٦٧] ٧ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وسبيل المتعة سبيل الإماء، له أن يتمتع منهن بما شاء وأراد ».

__________________

٢ - نوادر أحمد بن عيسى ص ٦٦ وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣١٩ ح ٤٢.

٣ - نوادر أحمد بن عيسى ص ٧٠ وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٨٦ ح ١٤.

٤ - رسالة المتعة: وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٩ ح ٣٦.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٥ - رسالة المتعة: وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٩ ح ٣٧.

٦ - رسالة المتعة:، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٩ ح ٣٨.

٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٠.

٤٥٤

٥ -( باب كراهة المتعة مع الغنى عنها، واستلزامها الشنعة، أو فساد النساء)

[١٧٢٦٨] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: قال: قال لي محمد بن أبي عمير: عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن المتعة، فقال: « لا تدنس نفسك بها ».

[١٧٢٦٩] ٢ - قال: وسمعت ابن أبي عمير، عن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن المتعة، قال: « ما أنت وذاك! وقد أغناك الله عنها » قلت: إنما أردت أن أعلمها، قال: « هي في كتاب عليعليه‌السلام ، قد تزيدها وتزداد، وقال: وهل يطيبه إلا ذاك ».

[١٧٢٧٠] ٣ - وعن النضر، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وله أن يتمتع وله امرأة إن شاء، وإن كان مقيما معها في مصره ».

الشيخ المفيد في رسالة المتعة: عن علي بن يقطين، مثله(١) .

[١٧٢٧١] ٤ - وبإسناد عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون قال: كتب أبو الحسنعليه‌السلام إلى بعض مواليه: « لا تلحوا في المتعة، إنما عليكم إقامة السنة، ولا تشغلوا بها عن فرشكم وحلائلكم، فيكفرن ويدعين على الآمرين لكم بذلك، ويلعنونا ».

[١٧٢٧٢] ٥ - وعن الفضل، أنه سمع أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في

__________________

الباب ٥

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٦.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٦.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٥.

(١) رسالة المتعة.

٤ - رسالة المتعة:، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣١٠ ح ٥١.

٥ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣١١ ح ٥٣.

٤٥٥

المتعة: « دعوها، أما يستحيي أحدكم أن يرى في موضع العورة فيدخل بذلك على صالح إخوانه وأصحابه!؟ ».

[١٧٢٧٣] ٦ - وعن سهل بن زياد، عن عدة من أصحابنا، أن أبا عبد اللهعليه‌السلام قال لأصحابه: « هبوا لي المتعة في الحرمين، وذلك أنكم تكثرون الدخول علي، فلا آمن من أن تؤخذوا، فيقال: هؤلاء من أصحاب جعفر ».

قال جماعة من أصحابنا: العلة في نهي أبي عبد اللهعليه‌السلام عنها في الحرمين، أن أبان بن تغلب كان أحد رجال أبي عبد اللهعليه‌السلام والمروي عنهم، فتزوج امرأة بمكة وكان كثير المال، فخدعته المرأة حتى أدخلته صندوقا لها، ثم بعثت إلى الحمالين فحملوه إلى باب الصفا، ثم قالوا: يا أبان هذا باب الصفا، إنا نريد أن ننادي عليك: هذا أبان بن تغلب يريد أن يفجر بامرأة، فافتدى نفسه بعشرة آلاف درهم، فبلغ ذلك أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال لهم: « هبوها لي في الحرمين ».

[١٧٢٧٤] ٧ - وروى أصحابنا، من غير واحد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال لإسماعيل الجعفي ولعمار الساباطي: « حرمت عليكما المتعة ما دمتما تدخلان علي، ذلك لأني أخاف أن تؤخذا وتضربا وتشهرا، فيقال: هؤلاء أصحاب جعفر ».

٦ -( باب استحباب اختيار المأمونة العفيفة للمتعة)

[١٧٢٧٥] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال: سأل رجل أبا الحسنعليه‌السلام وأنا أسمع، عن رجل

__________________

٦ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣١١ ح ٥٤.

٧ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣١١ ح ٥٥.

الباب ٦

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٦.

٤٥٦

يتزوج المرأة متعة - إلى أن قال - فقالعليه‌السلام : « لا ينبغي لك إلا أن تتزوج مؤمنة أو مسلمة، إن الله يقول: ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين )(١) ».

[١٧٢٧٦] ٢ - الصدوق في المقنع: ولا تتمتع الا بعارفة، فإن لم تكن عارفة فأعرض عليها، فإن قبلت فتزوجها، وإن أبت أن ترضى بقولك فدعها.

٧ -( باب كراهة التمتع بالزانية المشهورة بالزنى، وتحريم التمتع بذات البعل، والعدة، والمطلقة على غير السنة)

[١٧٢٧٧] ١ - الشيخ المفيد في رسالة المتعة: عن محمد بن الفضل، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، في المرأة الحسناء الفاجرة، هل يجوز للرجل أن يتمتع، بها يوما أو أكثر؟ قال: « إذا كانت مشهورة بالزنى، فلا يتمتع بها ولا ينكحها ».

[١٧٢٨٧] ٢ - الصدوق في المقنع: وإياكم والكواشف والدواعي والبغايا وذوات الأزواج، فالكواشف: هن اللآتي يكاشفن وبيوتهن معلومة ويؤتين، والدواعي: اللواتي يدعون إلى أنفسهن وقد عرفن بالفساد، والبغايا: المعروفات بالزنى، وذوات الأزواج: المطلقات على غير السنة.

واعلم أن من تمتع بزانية فهو زان، لان الله عز وجل يقول:( الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِ‌كَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِ‌كٌ وَحُرِّ‌مَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) (١) .

__________________

(١) النور ٢٤: ٣.

٢ - المقنع ص ١١٣.

الباب ٧

١ - رسالة المتعة: وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٩ ح ٤٠.

٢ - المقنع ص ١١٣.

(١) النور ٢٤: ٣.

٤٥٧

[١٧٢٧٩] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وروي لا تمتع بلصة ولا مشهورة بالفجور، وادع المرأة قبل المتعة إلى ما لا يحل، فإن أجابت فلا تمتع بها، وروي أيضا رخصة في هذا الباب ».

[١٧٢٨٠] ٤ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن محمد بن الفضل، عن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: سألته عن المرأة اللخناء(١) الفاجرة، أتحل للرجل إن يتمتع بها يوما أو أكثر؟ فقال: « إذا كانت مشهورة بالزنى، فلا ينكحها ولا يتمتع بها ».

٨ -( باب عدم تحريم التمتع بالزانية وإن أصرت)

[١٧٢٨١] ١ - الشيخ المفيد في رسالة المتعة: عن الحسن بن حريز قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، في المرأة تزني عليها أيتمتع بها؟ قال: « أرأيت ذلك؟ » قلت: لا، ولكنها ترمى به، قال: « نعم، تمتع بها على أنك تغادر وتغلق بابك ».

٩ -( باب تصديق المرأة في نفي الزوج والعدة ونحوهما، وعدم وجوب التفتيش والسؤال ولا منها)

[١٧٢٨٢] ١ - الشيخ المفيد في رسالة المتعة: عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في المرأة الحسناء ترى في الطريق، ولا يعرف أن تكون ذات بعل أو عاهرة، فقال: « ليس هذا عليك، إنما عليك أن تصديقها ».

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٠.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

(١) اللخناء: هي الأمة التي لم تختن ( القاموس المحيط ج ٤ ص ٢٦٨ ).

الباب ٨

١ - رسالة المتعة: وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٩ ح ٤١.

الباب ٩

١ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣١٠ ح ٤٩.

٤٥٨

[١٧٢٨٣] ٢ - وعن جعفر بن محمد بن عبيد الله الأشعري، قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام ، عن تزويج المتعة، وقلت: أتهمها بأن لها زوجا، يحل لي الدخول بها، قالعليه‌السلام : « أرأيتك إن سألتها البينة على أن ليس لها زوج، هل تقدر على ذلك؟ ».

١٠ -( باب حكم التمتع بالبكر بغير أذن أبيها)

[١٧٢٨٤] ١ - الشيخ المفيد في رسالة المتعة: بإسناده المتقدم، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن رجاله، مرفوعا إلى الأئمةعليهم‌السلام منهم محمد بن مسلم، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت، من غير إذن أبيها ».

وجميل بن دراج، حيث سئل الصادقعليه‌السلام ، عن التمتع بالبكر، قال: « لا بأس أن يتمتع بالبكر، ما لم يفض إليها، كراهية العيب إلى أهلها ».

[١٧٢٨٥] ٢ - الصدوق في المقنع: ولا تمتع بذوات الآباء من الابكار، إلا بإذن آبائهن.

[١٧٢٨٦] ٣ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن فضالة بن أيوب، عن العلاء، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : يتزوج الرجل بالجارية متعة؟ فقال: « نعم، إلا أن يكون لها أب، والجارية يستأمرها كل أحد إلا أبوها ».

__________________

٢ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣١٠ ح ٥٠.

الباب ١٠

١ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٨ ح ٢٦.

٢ - المقنع ص ١١٣.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٥.

٤٥٩

[١٧٢٨٧] ٤ - وعن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمزة قال: قال بعض أصحابنا لأبي عبد اللهعليه‌السلام : البكر يتزوجها متعة، قال: « لا بأس، ما لم يستفضها ».

١١ -( باب حكم التمتع بالكتابية)

[١٧٢٨٨] ١ - الصدوق في المقنع: ولا تتزوج اليهودية والنصرانية على حرة، متعة وغيرها.

١٢ -( باب عدم جواز التمتع بالأمة على الحرة إلا بإذنها)

[١٧٢٨٩] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام : هل يجوز للرجل أن يتمتع من المملوكة بإذن أهلها، وله امرأة حرة؟ قال: « نعم، إذا رضيت الحرة ».

١٣ -( باب اشتراط تعيين المدة والمهر في المتعة)

[١٧٢٩٠] ١ - الشيخ المفيد في رسالة المتعة: بالاسناد المتقدم، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن دراج، عمن رواه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا يكون متعة إلا بأمرين: أجل مسمى، وأجر مسمى ».

[١٧٢٩١] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام في كلام له: « فإذا كانت خالية من

__________________

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٦.

الباب ١١

١ - المقنع ص ١١٣.

الباب ١٢

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٦.

الباب ١٣

١ - رسالة المتعة: عنه في البحار ج ١٠٣ ص ٣٠٨ ح ٢٧.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٠.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487