موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ١

موسوعة عبد الله بن عبّاس12%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-501-5
الصفحات: 487

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 487 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 158981 / تحميل: 6194
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٥٠١-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

لمن سمى على طعامه أن لا يشتكي منه » فقال ابن الكوا: لقد أكلت البارحة طعاما فسميت عليه ثم آذاني، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « [ لعلك ](١) أكلت ألوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض يا لكع » قال: كذلك كان والله يا أمير المؤمنين.

ورواه في موضع آخر: عنهعليه‌السلام ، باختلاف يسير، وفي آخره قالعليه‌السلام : « فمن هاهنا(٢) أتيت يا لكع »(٣) .

[١٩٨٨٥] ٢ - الحسن بن فضل الطبرسي في المكارم: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال لابنه الحسنعليه‌السلام : « يا بني، لا تطعمن لقمة من حار ولا بارد، ولا تشربن شربة و [ لا ](١) جرعة، إلا وأنت تقول قبل أن تأكله [ وقبل أن تشربه ](٢) : اللهم إني أسألك في أكلي وشربي السلامة من وعكه، والقوة به على طاعتك وذكرك وشكرك فيما بقيته في بدني، وأن تشجعني بقوته(٣) على عبادتك، وأن تلهمني حسن التحرز من معصيتك، فإنك إن فعلت ذلك آمنت وعثه(٤) وغائلته ».

٥٤ -( باب استحباب أكل كل شئ ولو خبزا وملحا، قبل الخروج من المنزل)

[١٩٨٨٦] ١ - القطب الراوندي في دعواته: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا صليت الفجر فكل كسرة تطيب بها

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة: هناك.

(٣) نفس المصدر ج ٢ ص ١٣٨ ح ٤٨٦.

٢ - مكارم الأخلاق ص ١٤٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في الحجرية: « بقوتها » وما أثبتناه من المصدر.

(٤) الوعث بفتح الواو وسكون العين: الشدة والشر ( لسان العرب ج ٢ ص ٢٠٢ ).

الباب ٥٤

١ - دعوات الراوندي ص ٦١.

٢٨١

نكهتك، وتطفئ بها حرار تك، وتقوم بها أضراسك، وتشد بها لثتك، وتجلب بها رزقك، وتحسن بها خلقك ».

٥٥ -( باب استحباب إطعام جيران صاحب المصيبة عنه، وإرسال الطعام إليه ثلاثة أيام)

[١٩٨٨٧] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن محمد قال: حدثني موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « لما جاء نعي جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهله وابتدأ بعائشة: اصنعوا طعاما واحملوه إليهم، ما كانوا في شغلهم ذلك ».

٥٦ -( باب عدم وجوب غسل اليدين قبل الطعام ولا بعده)

[١٩٨٨٨] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن علياعليهم‌السلام قال: « خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قبل صلاة الغداة، وفي يده كسرة قد غمسها بلبن، وهو يأكل ويمشي، وبلال يقيم لصلاة الغداة، فدخل فصلى بالناس، من غير أن يمس ماء ».

[١٩٨٨٩] ٢ - وبهذا الاسناد: عن علي بن الحسينعليهما‌السلام : « عن أم سلمة زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالت: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فناولته كتف شاة، فبينا هو يتعرقه(١) إذ جاءه بلال

__________________

الباب ٥٥

١ - الجعفريات ص ٢١١.

الباب ٥٦

١ - الجعفريات ص ٢٦.

٢ - الجعفريات ص ٢٥.

(١) تعرق العظم: إذا أخذ ما عليه من اللحم بأسنانه ( النهاية ج ٣ ص ٢٢٠ ).

٢٨٢

يؤذنه بالصلاة(٢) ، فقام وصلى ولم يتوضأ ».

[١٩٨٩٠] ٣ - دعائم الاسلام: روينا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه أتي بكتف جزور مشوية، وقد أذن بلال، فأمره فأمسك هنيئة حتى أكل منها وأكل معه أصحابه، ودعا بلبن فمذق له، فشرب وشربوا، ثم قام فصلى ولم يمس ماء.

٥٧ -( باب كراهة الأكل من رأس الثريد، واستحباب الأكل من جوانبه، وإكثار الطعام وإجادته وإطعامه)

[١٩٨٩١] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى أن يأكل أحد من ذروة(١) الثريد.

[١٩٨٩٢] ٢ - صحيفة الرضا: بإسناده عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أكلتم الثريد فكلوا من جوانبه، فإن الذروة فيها البركة ».

[١٩٨٩٣] ٣ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: « البركة في وسط الطعام، فكلوا من حافتيه، ولا تأكلوا من وسطه ».

٥٨ -( باب استحباب الأكل مما يليه، لا مما قدام غيره)

[١٩٨٩٤] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه

__________________

(٢) في الحجرية: « للصلاة » وما أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٠٢.

الباب ٥٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٩ ح ٤٠٣.

(١) ذروة كل شئ: أعلاه ( مجمع البحرين ج ١ ص ١٥٨ ).

٢ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٤٣ ح ٤٦.

٣ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٠.

الباب ٥٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٩ ح ٤٠٣.

٢٨٣

أمر أن يأكل كل أحد مما يليه.

[١٩٨٩٥] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قدم عليه رجل فاضافه، فادخله بيت أم سلمة، ثم قال: « هل عندكم شئ؟ » قال: فأتونا بجفنة كثيرة الثريد والوذر(١) ، فجعل ذلك الرجل يجيل يده في جوانبها، فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يمينه بيساره ووضعها قدامه، ثم قال: « كل مما يليك، فإنه طعام واحد » فلما رفعت الجفنة اتونا بطبق فيه رطب، فجعل يأكل من بين يديه، وجعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يجول في الطبق، ثم قال للرجل: « كل من حيث شئت، فإنه غير طعام واحد » ثم أتونا بوضوء فغسل يده ثم مسح وجهه وذراعيه، وقال: « هذا الوضوء مما مسته النار ».

[١٩٨٩٦] ٣ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا وضعت المائدة فليأكل أحدكم مما يليه، ولا يناول ذروة الطعام، فإن البركة تأتيها من أعلاها، ولا يقوم أحدكم ولا يرفع يده وإن شبع، حتى يرفع القوم أيديهم، فإن ذلك يحجل جليسه ».

٥٩ -( باب استحباب لطع القصعة، ومص الأصابع بعد الأكل)

[١٩٨٩٧] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان يلعق الصحفة ويقول: « آخر الصحفة أعظمها بركة، وإن الذين يلعقون الصحاف تصلي عليهم الملائكة، وتدعو لهم بسعة الرزق، وللذي

__________________

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٢٦ ح ٦٢.

(١) الوذر بسكون الذال: جمع وذرة وهي القطعة من اللحم وفي الحديث. وساق قريبا مما في المتن ( النهاية ج ٥ ص ١٧٠ ).

٣ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٠.

الباب ٥٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٠ ج ٤٠٥.

٢٨٤

يلعق الصحفة حسنة مضاعفة » وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا أكل لعق أصابعه حتى يسمع لها مصيص(١) .

[١٩٨٩٨] ٢ - الحسن بن فضل الطبرسي في المكارم: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه الثلاث التي أكل بها، فإن بقي فيها شئ عاوده فلعقها حتى تنتظف، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها واحدة واحدة، ويقول: لا يدري في أي الأصابع البركة.

[١٩٨٩٩] ٣ - وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « من لعق قصعة، صلت عليه الملائكة، ودعت له بالسعة في الرزق، ويكتب له حسنات مضاعفة ».

[١٩٩٠٠] ٤ - الصدوق في الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، أنه قال: « إذا أكل أحدكم طعاما، فمص أصابعه التي أكل(١) بها، قال الله عز وجل: بارك الله فيك ».

[١٩٩٠١] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الذي يلعق الصحفة تصلي عليه الملائكة، وتدعو له بالسعة في الرزق ».

__________________

(١) المصيص: الصوت الذي يظهر عند مص الإصبع في الفم ( انظر لسان العرب ج ٧ ص ٩١ ).

٢ - مكارم الأخلاق ص ٣٠.

٣ - مكارم الأخلاق ص ١٤٦.

٤ - الخصال ص ٦١٣.

(١) في نسخة: يأكل.

٥ - الجعفريات ص ١٦٢.

٢٨٥

[١٩٩٠٢] ٦ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من أكل طعاما فليمص أصابعه، فإن في مص إحداها بركة ».

[١٩٩٠٣] ٧ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « القصعة تستغفر لمن يلحسها ».

٦٠ -( باب استحباب الأكل باليد بثلاث أصابع، أو بجميع الأصابع، لا بإصبعين)

[١٩٩٠٤] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول الله ( صلى الله عليه آله )، أنه نهى عن الأكل بثلاث أصابع.

وعن عليعليه‌السلام ، مثل ذلك.

[١٩٩٠٥] ٢ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه كان يأكل بخمس أصابع، ويقول: « هكذا كان يأكل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ليس كما يأكل الجبارون ».

[١٩٩٠٦] ٣ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: « الأكل بإصبع واحد أكل الشيطان، وبالاثنين أكل الجبابرة، وبالثلاث أكل الأنبياءعليهم‌السلام ».

قلت: ويؤيد الأكل بالثلاث جملة من الاخبار، إلا أن خبر الدعائم مؤيد باقتصار العامة، كما في البحار الاستحباب عليه، وفي الدروس(١)

__________________

٦ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

٧ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢١.

الباب ٦٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٩ ح ٤٠١.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٩ ح ٤٠٢.

٣ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٠.

(١) الدروس ص ٢٨٧.

٢٨٦

اقتصر على نقل الخبر من دون الحكم بالاستحباب.

٦١ -( باب كراهة رمي الفاكهة قبل استقصاء أكلها، وكراهة رد السائل عند حضور الطعام)

[١٩٩٠٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه نظر إلى فاكهة قد رميت في داره لم يستقص أكلها، فغضب وقال: « ما هذا؟ إن كنتم شبعتم فإن كثيرا من الناس لم يشبعوا، فأطعموه من يحتاج إليه ».

٦٢ -( باب أن الطعام إذا حضر في أول وقت الصلاة، استحب تقديم الأكل، وإلا استحب تقديم الصلاة)

[١٩٩٠٨] ١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء ولا يعجلن حتى يفرغ منه ».

٦٣ -( باب استحباب مناولة المؤمن اللقمة والماء والحلواء)

[١٩٩٠٩] ١ - القطب الراوندي في دعواته: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كان إذا أكل، لقم من بين عينيه، وإذا شرب سقى من عن يمينه.

[١٩٩١٠] ٢ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال: قال

__________________

الباب ٦١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٥ ح ٣٨١.

الباب ٦٢

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٦ ح ٧٧.

الباب ٦٣

١ - دعوات الراوندي ص ٦٠.

٢ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢٦.

٢٨٧

 صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من ألقم في فم أخيه المؤمن لقمة حلو، لا يرجو لها رشوة، ولا يخاف بها من شره، ولا يريد إلا وجهه تعالى، صرف الله عنه بها مرارة(١) الموقف يوم القيامة ».

٦٤ -( باب استحباب ترك ما يسقط من الطعام في الصحراء ولو فخذ شاة، وتناول ما سقط في المنزل)

[١٩٩١١] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام : « كلوا ما يقع من المائدة في الحضر، فإن فيه شفاء من كل داء، ولا تأكلوا ما يقع منها ومن السفرة في الصحاري ».

[١٩٩١٢] ٢ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: بإسناده عن ميسر بن(١) محمد بن الوليد بن يزيد قال: أتيت أبا جعفرعليه‌السلام ، فوجدت في فناء داره قوما كثيرا - إلى أن قال - ثم عدت من الغد، وما معي خلق ولا ورائي(٢) خلق، وأنا أتوقع أن يأتي أحد، فضاق(٣) ذلك علي حتى اشتد الحر، واشتد علي الجوع، ( حتى جعلت اشرب الماء واطفئ به حرما أجد من الحر والجوع )(٤) ، فبينا أنا كذلك إذ أقبل نحوي غلام قد حمل خوانا عليه ألوان طعام، وغلام آخر معه طست وإبريق، حتى وضعه بين يدي،

__________________

(١) في المصدر: حرارة.

الباب ٦٤

١ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

٢ - الهداية للحضيني ص ٦٢ - أ.

(١) في المصدر: عن، والظاهر أن الصواب ما في المصدر، حيث ورد جزءا من الحديث في مكارم الأخلاق ص ١٤١ بإسناده عن محمد بن الوليد، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٣٠ ح ١٤ بنفس الاسناد.

(٢) في المصدر: أرى.

(٣) في المصدر: فطال.

(٤) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢٨٨

فقال لي: مولانا يأمرك أن تغسل يدك وتأكل، فغسلت يدي وأكلت، فإذا أنا بأبي جعفرعليه‌السلام قد أقبل، فقمت إليه، فأمرني بالجلوس والأكل، فجلست وأكلت، فنظر إلى الغلام يرفع ما يسقط من الخوان، فقال له(٥) : « كل معه » حتى إذا فرغت ورفع الخوان، ذهب الغلام يرفع ما سقط من الخوان على الأرض، فقالعليه‌السلام له: « ما كان في الصحراء فدعه ولو فخذ شاة، وما كان في البيت فتتبعه والقطه وكله، فإن فيه رضى الرب، ومجلبة للرزق، وشفاء من كل سقم » الخبر.

٦٥ -( باب استحباب إتيان الفاكهة واللحم للعيال يوم الجمعة)

[١٩٩١٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأروي: أطرفوا(١) أهاليكم في كل جمعة بشئ من الفاكهة واللحم، حتى يفرحوا بالجمعة ».

[١٩٩١٤] ٢ - « وعن بعض أهل الباطن، في قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ادهنوا غبا، بروا أهاليكم وأولادكم جمعة إلى الجمعة بالجماع واللحوم ووسعوا في النفقات، حتى تحبب إليهم الجمعة ».

٦٦ -( باب استحباب الاستلقاء، ووضع الرجل اليمنى على اليسرى بعد الأكل، وكراهة وضع منديل على الثوب وقت الأكل)

[١٩٩١٥] ١ - القطب الراوندي في دعواته: عن الصادقعليه‌السلام ،

__________________

(٥) في المصدر: لي.

الباب ٦٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٨.

(١) في الحجرية والمصدر: « أطرقوا » والظاهر أن ما أثبتناه هو الصواب.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٦.

الباب ٦٦

١ - دعوات الراوندي ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤١٢ ح ٩.

٢٨٩

أنه قال: « الاستلقاء بعد الشبع يسمن البدن، ويمرئ الطعام، ويسل الداء ».

[١٩٩١٦] ٢ - الرسالة الذهبية للرضاعليه‌السلام : « ومن أراد أن يستمرئ طعامه، فليستلق بعد الأكل على شقه الأيمن، ثم ينقلب ذلك على شقه الأيسر حتى ينام ».

٦٧ -( باب استحباب إجابة دعوة المؤمن، والأكل عنده وإن كان المدعو صائما ندبا)

[١٩٩١٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا دخل أحدكم على أخيه وهو صائم، فسأله أن يفطر فليفطر، إلا أن يكون صيامه ذلك قضاء فريضة، أو نذر سماه، أو كان قد زال نصف النهار ».

وقالعليه‌السلام : « إذا قال لك أخوك: كل، فكل ولا تلجئه إلى أن يقسم عليك، فإنه إنما يريد به كرامتك ».

٦٨ -( باب استحباب تتبع ما يسقط من الخوان في البيت، ولو مثل السمسم، وأكله وقصد الاستشفاء به)

[١٩٩١٨] ١ - الحسن بن فضل الطبرسي في المكارم: رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أبا أيوب الأنصاري يلتقط نثار المائدة، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بورك لك، وبورك عليك، وبورك فيك » فقال أبو أيوب: يا رسول الله وغيري، قال: « نعم، من أكل ما أكلت فله ما قلت لك » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من فعل هذا وقاه الله الجنون والجذام والبرص والماء

__________________

٢ - الرسالة الذهبية ص ٤١ باختلاف في اللفظ.

الباب ٦٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠٨ ح ٣٤٨.

الباب ٦٨

١ - مكارم الأخلاق ص ١٤٦.

٢٩٠

الأصفر والحمق ».

القطب الراوندي في دعواته: عنه مثله(١) .

[١٩٩١٩] ٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه قال لعليعليه‌السلام : « كل ما وقع تحت مائدتك، فإنه ينفي عنك الفقر، وهو مهور الحور العين، ومن أكله حشي قلبه علما وحلما وإيمانا ونورا ».

[١٩٩٢٠] ٣ - الصدوق في الخصال: في حديث الأربعمائة: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : كلوا ما يسقط من الخوان، فإنه شفاء من كل داء بإذن الله عز وجل، لم أراد أن يستشفي به ».

[١٩٩٢١] ٤ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بإسناده عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما يسقط من المائدة مهور حور العين ».

[١٩٩٢٢] ٥ - العياشي: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « وإني أجد اليسير يقع من الخوان فأتفقده، فيضحك الخادم » الخبر.

[١٩٩٢٣] ٦ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أن رجلا شكا إليه وجع الخاصرة، فقال: « عليك بما سقط من الخوان فكله » ففعل فعوفي.

[١٩٩٢٤] ٧ - المستغفري في طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أكل ما يسقط من المائدة، عاش ما عاش في سعة من

__________________

(١) دعوات الراوندي ص ٦٠، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٣١ ح ١٥.

٣ - الخصال ص ٦١٣.

٤ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٤٢ ح ٤٣.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٧٣ ح ٧٩.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٧ ح ٥٢٢.

٧ - طب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ص ٢١، وعنه في البحار ج ٦٢ ص ٢٩٢.

٢٩١

رزقه، وعوفي ولده وولده من الحرام ».

٦٩ -( باب أن من وجد كسرة أو تمرة، استحب له رفعها وأكلها، وإن كانت في قذر استحب له غسلها وأكلها)

[١٩٩٢٥] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من وجد كسرة خبز ملقاة على الطريق، فأخذها فمسحها ثم جعلها في كوة، كتب الله له حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فإن أكلها كتب الله له حسنتين مضاعفتين ».

[١٩٩٢٦] ٢ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « كان أبيعليه‌السلام إذا رأى شيئا من الطعام من منزله قد رمي به، نقص من قوتهم مثله، وكان يقول في قول الله عز وجل:( وَضَرَ‌بَ اللَّـهُ مَثَلًا قَرْ‌يَةً ) (١) » الخبر.

[١٩٩٢٧] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « إن التمرة والكسرة تكون في الأرض مطروحة، فيأخذها الانسان فيمسحها ويأكلها، ولا تستقر في جوفه حتى تجب له الجنة ».

[١٩٩٢٨] ٤ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « كان أبي علي بن الحسينعليهما‌السلام ، إذا رأى شيئا من الخبز مطروحا ولو قدر ما تجره النملة، نقص من قوت أهله بقدر ذلك ».

[١٩٩٢٩] ٥ - القطب الراوندي في دعواته: عن النبي ( صلى الله عليه

__________________

الباب ٦٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٤ ح ٨ ٣٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٤ ح ٣٧٩.

(١) النحل ١٦: ١١٢

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٥ ح ٣٨٢.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٥ ح ٣٨٣.

٥ - دعوات الراوندي ص ٦٠ وعنه في البحار ج ٦٦ ص ٤٣١ ح ١٥.

٢٩٢

وآله )، أنه قال: « من وجد لقمة ملقاة، فمسح منها ما مسح وغسل منها ما غسل ثم أكلها، لم تستقر في جوفه حتى يعتقه الله من النار ».

[١٩٩٣٠] ٦ - كتاب التعريف للصفواني: عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من وجد كسرة أو تمرة فأكلها لم تقر في جوفه، حتى يغفر الله له ».

[١٩٩٣١] ٧ - وقال: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من وجد كسرة فأكلها، كانت سبعمائة حسنة ».

٧٠ -( باب استحباب لحس الأصابع من المأدوم، وتحريم الاستنجاء بالخبز ونحوه)

[١٩٩٣٢] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « كان أبيعليه‌السلام ، إذا رأى شيئا من الطعام في منزله قد رمي به، نقص من قوتهم مثله، وكان يقول في قول الله عز وجل:( وَضَرَ‌بَ اللَّـهُ مَثَلًا قَرْ‌يَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِ‌زْقُهَا رَ‌غَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَ‌تْ بِأَنْعُمِ اللَّـهِ فَأَذَاقَهَا اللَّـهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ) (١) قال: هم أهل قرية كان الله عز وجل قد أوسع عليهم في معايشهم، فاستخشنوا الاستنجاء بالحجارة، واستعملوا من الخبز مثل الأفهار(٢) فكانوا يستنجون به، فبعث الله عليهم دوابا أصغر من الجراد، فلم تدع لهم شيئا [ مما ](٣) خلقه الله من شجر ولا نبات إلا أكلته، فبلغ بهم الجهد إلى أن رجعوا إلى الذي كانوا يستنجون به من الخبز فيأكلونه ».

__________________

٦ - كتاب التعريف ص ٦.

٧ - كتاب التعريف ص ٦.

الباب ٧٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٤ ح ٣٧٩.

(١) النحل ١٦: ١١٢.

(٢) الفهر: حجر يملا الكف ( لسان العرب ج ٥ ص ٦٦ ).

(٣) أثبتناه من المصدر.

٢٩٣

٧١ -( باب وجوب إكرام الخبز والحنطة والشعير، وتحريم إهانته ودوسه بالرجل، ووطئ السفرة بها)

[١٩٩٣٣] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن الصلاة على كدس الحنطة، فنهى عن ذلك، فقيل له: فإذا افترش ( وكان على السطح )(١) ، فقال: « لا يصلى على شئ من الطعام، فإنما هو رزق الله لخلقه ونعمته عليهم، فعظموه ولا تطؤوه، ولا تهاونوا به، فإن قوما ممن كان قبلكم، وسع الله عليهم في أرزاقهم، فاتخذوا من الخبز النقي مثل الأفهار، فجعلوا يستنجون به، فابتلاهم الله عز وجل بالسنين والجوع، فجعلوا يتتبعون ما كانوا يستنجون به فيأكلونه، وفيهم نزلت هذه الآية( وَضَرَ‌بَ اللَّـهُ مَثَلًا قَرْ‌يَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِ‌زْقُهَا رَ‌غَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَ‌تْ بِأَنْعُمِ اللَّـهِ فَأَذَاقَهَا اللَّـهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ) (٢) ».

[١٩٩٣٤] ٢ - الصدوق في العيون: عن علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق، عن محمد بن هارون الصوفي، عن محمد بن عبيد الله بن موسى الروياني قال: حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن الإمام محمد بن علي، عن أبيه الرضا علي بن موسى، عن أبيه، موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام ، قال: « دعا سلمان أبا ذر ( رحمة الله عليهما ) إلى منزله، فقدم إليه رغيفين، فأخذ أبو ذر الرغيفين فقلبهما، فقال سلمان: يا أبا ذر لأي شئ تقلب هذين الرغيفين؟ قال: خفت أن لا يكونا نضيجين، فغضب سلمان من ذلك

__________________

الباب ٧١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٧٩.

(١) في المصدر: فكان كالسطح.

(٢) النحل ١٦: ١١٢

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ ص ٥٢ ح ٢٠٣.

٢٩٤

غضبا شديدا، ثم قال: ما أجرأك! حيث تقلب هذين الرغيفين، فوالله لقد عمل في هذا الخبز الماء الذي تحت العرش، عملت فيه الملائكة حتى القوة إلى الريح، وعملت فيه الريح حتى ألقته إلى السحاب، وعمل فيه السحاب حتى أمطر إلى الأرض، وعمل فيه الرعد [ والبرق ](١) والملائكة حتى وضعوه مواضعه، وعملت فيه الأرض والخشب والحديد والبهائم والنار والحطب والملح، وما لا أحصيها لك، فكيف لك أن تقوم بهذا الشكر؟ فقال أبو ذر: إلى الله أتوب، واستغفر الله مما أحدثت، وإليك اعتذر مما كرهت ».

[١٩٩٣٥] ٣ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: في مواعظ المسيحعليه‌السلام ، قال: قال: « يا بني إسرائيل، عليكم بالبقل البري وخبز الشعير، وإياكم وخبز البر فإني أخاف عليكم أن لا تقوموا بشكره ».

٧٢ -( باب استحباب التواضع لله بترك أكل الطيبات، حتى ترك نخل الطحين، والافراط في التنعم بأطعمة العجم ونحوها)

[١٩٩٣٦] ١ - إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات: حدثنا الحكم بن سليمان قال: حدثنا النضر بن منصور، عن عقبة بن علقمة قال: دخلت على عليعليه‌السلام ، فإذا بين يديه لبن حامض أذتني(١) حموضته وكسرة يابسة، فقلت: يا أمير المؤمنين تأكل مثل هذا! قال لي: « يا أبا الجنوب، رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل أيبس من هذا، ويأكل أخشن من هذا، فإن أنا لم آخذ بما أخذ به، خفت أن لا ألحق به ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - تحف العقول ص ٣٨٦.

الباب ٧٢

١ - كتاب الغارات ج ١ ص ٨٤.

(١) في الحجرية: « آذاني » وما أثبتناه من المصدر.

٢٩٥

[١٩٩٣٧] ٢ - قال: وحدثني إبراهيم بن العباس قال: حدثنا ابن المبارك، عن بكر بن [ عيسى ](١) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن علي، عن أبيهعليهم‌السلام ، قال: « كان [ علي ](٢) عليه‌السلام يطعم الناس بالكوفة الخبز واللحم، وكان طعامه على حدة، فقال قائل من الناس: لو نظرنا إلى طعام أمير المؤمنينعليه‌السلام ما هو، فأشرفوا عليه وإذا طعامه ثريدة بزيت مكللة بالعجوة، وكان ذلك طعامه، وكانت العجوة تحمل إليه من المدينة ».

[١٩٩٣٨] ٣ - قال: وأخبرني أحمد بن معمر(١) قال: أخبرني عبد الرحمن بن معزا، عن عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة قال: دخلت على أمير المؤمنينعليه‌السلام القصر، فإذا بين يديه قعب لبن أجد ريحه من شدة حموضته، فإذا في يديه رغيف يرى قشار الشعير على وجهه، وهو يكسره ويستعين أحيانا بركبته، وإذا جارية قائمة فقلت لها: يا فضة، أما تتقون الله في هذا الشيخ؟ لو نخلتم دقيقه، فقالت: إنا نكره أن يؤجر ونأثم، قد أخذ علينا أن لا ننخل دقيقه ما طبخناه(٢) ، فقال عليعليه‌السلام : « ما يقول؟ » قالت: سله، فقلت له: قلت لها: لو ينخلوا دقيقك، فبكى ثم قال: [ بأبي وأمي من لم يشبع ثلاثا متوالية من خبز بر حتى فارق الدنيا ولم ينخل دقيقه « قال: يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ](٣) .

[١٩٩٣٩] ٤ - وعن إبراهيم بن محمد - من ولد عليعليه‌السلام - قال:

__________________

٢ - كتاب الغارات ج ١ ص ٨٥.

(١) في الحجرية بياض وما أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - الغارات ج ١ ص ٨٦.

(١) في الحجرية: « شمر » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع تهذيب التهذيب ج ١ ص ١٦ ).

(٢) في المصدر: ما صحبناه.

(٣) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

٤ - الغارات ج ١ ص ٨٨.

٢٩٦

كان عليعليه‌السلام ، إذا نعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « لم يك بالطويل الممط - إلى أن قال - بأبي من لم يشبع ثلاثا متوالية من خبز بر حتى فارق الدنيا، ولم ينخل دقيقه ».

[١٩٩٤٠] ٥ - وعن عدي بن ثابت قال: أتي عليعليه‌السلام بفالوذج فأبى أن يأكله.

وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، عن أبيه: « أن أمير المؤمنين علياعليه‌السلام ، أتي بخبيص فأبى أن يأكله، قالوا: تحرمه؟ قال: لا، ولكني أخشى أن تتوق إليه نفسي، ثم تلا:( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا ) (١) ».

ورواه المفيد في الأمالي: عن أبي الحسن علي بن بلال المهلبي، عن عبد الله بن راشد الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن أحمد بن شمر، عن عبد الله بن ميمون المكي - مولى بني مخزوم - عن جعفر الصادقعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٩٩٤١] ٦ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « أوحى الله تبارك وتعالى إلى نبي من الأنبياء، قل: لقومك يا يلبسوا لباس أعدائي، ولا يطعموا مطاعم أعدائي، ولا يتشكلوا مشاكل أعدائي، فيكونوا أعدائي كما هم أعدائي ».

[١٩٩٤٢] ٧ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه أتي بطبق فالوذج فوضع بين يديه، فنظر إليه فرأى صفاءه وحسنه، فوجأ بإصبعه فيه

__________________

٥ - الغارات ج ١ ص ٨٨.

(١) الأحقاف ٤٦: ٢٠.

(٢) أمالي المفيد ص ١٣٤ ح ٢.

٦ - الجعفريات ص ٢٣٤.

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٥ ح ٣٨٤.

٢٩٧

ثم استلها فلم ينزع منه شيئا، فلمظ إصبعه ثم قال: « إن هذا لحلو طيب، ولكن نكره أن نعود أنفسنا ما لم تعود، ارفعوه » فرفعوه.

[١٩٩٤٣] ٨ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه أتى قبا يوم خميس وهو صائم، فلما أمسى قال: « هل عندكم من شراب؟ » فقام رجل من الأنصار فأتاه بقدح لبن مضروب بعسل، فلما طعمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نزعه من فيه، وقال: « إدامان يجتزأ بأحدهما دون صاحبه، لا أشربه ولا أحرمه، ولكني أتواضع لربي، فإنه من تواضع لله رفعه، ومن تكبر خفضه، ومن اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذر حرمه الله، ومن أكثر ذكر الله رزقه الله ».

[١٩٩٤٤] ٩ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه ترصد غداءه عمرو بن حريث، فأتت فضة بجراب مختوم، فأخرج منه خبزا متغبرا خشنا، فقال عمرو: يا فضة لو نخلت هذا الدقيق وطيبته!؟ قالت: كنت أفعل فنهاني، وكنت اصنع في جرابه طعاما طيبا، فختم جرابه، ثم إن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فته في قصعة، وصب عليه الماء، ثم ذر عليه الملح، وحسر عن ذراعة فلما فرغ قال: « يا عمرو، لقد هانت هذه - ومد يده إلى محاسنه - وخسرت هذه، أن أدخلها النار من أجل الطعام، هذا يجزوني ».

[١٩٩٤٥] ١٠ - ورآهعليه‌السلام عدي بن حاتم وبين يديه شنة فيها قراح ماء، وكسرات من خبز شعير وملح، فقال: إني [ لا ](١) أرى لك يا أمير المؤمنين، لتظل نهارك طاويا مجاهدا، وبالليل ساهرا مكابدا، ثم يكون هذا فطورك، فقالعليه‌السلام :

« علل النفس بالقنوع وإلا

طلبت منك فوق ما يكفيها »

__________________

٨ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١١٦ ح ٣٨٥.

٩ - المناقب ج ٢ ص ٩٨.

١٠ - المناقب ج ٢ ص ٩٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢٩٨

[١٩٩٤٦] ١١ - وقال سويد بن غفلة: دخلت عليه يوم عيد، فإذا عنده فاثور(١) عليه خبز السمراء، وصحفة فيها خطيفة(٢) وملبنة فقلت: يا أمير المؤمنين، يوم عيد وخطيفة: فقال: « إنما هذا عيد من غفر له ».

[١٩٩٤٧] ١٢ - وعن العرني: وضع خوان من فالوذج بين يديه، فوجأ بإصبعه حتى بلغ أسفله، ثم سلها ولم يأخذ منه شيئا، وتلمظ بإصبعه وقال: « طيب طيب، وما هو بحرام، ولكن أكره أن أعود نفسي بما لم أعودها ».

وفي خبر عن الصادقعليه‌السلام : « أنهعليه‌السلام مد يده إليه(١) ثم قبضها، فقيل له في ذلك، فقال: ذكرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يأكله قط، فكرهت أن آكله ».

وفي خبر آخر عن الصادقعليه‌السلام : « أنه قال له: تحرمه؟ قال: لا، ولكن أخشى أن تتوق إليه نفسي، ثم تلا:( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا ) (٢) ».

[١٩٩٤٨] ١٣ - وعن الباقرعليه‌السلام ، في خبر: « كانعليه‌السلام ليطعم خبز البر واللحم، وينصرف إلى منزله ويأكل خبز الشعير والزيت والخل ».

[١٩٩٤٩] ١٤ - وعن سويد بن غفلة قال: دخلت على علي بن أبي طالب

__________________

١١ - المناقب ج ٢ ص ٩٩.

(١) الفاثور: المائدة، والطست ( لسان العرب ج ٥ ص ٤٤ ).

(٢) الخطيفة: لبن يطبخ بدقيق ( النهاية ج ٢ ص ٤٩ ).

١٢ - المناقب ج ٢ ص ٩٩.

(١) في الحجرية: « إليها » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الأحقاف ٤٦: ٢٠

١٣ - المناقب ج ٢ ص ٩٩.

١٤ - المناقب ج ٢ ص ٩٩ باختصار، ونقل العلامة المجلسي في البحار ج ٤٠ ص ٣٣١ نص الحديث سندا ومتنا عن كشف الغمة ج ١ ص ١٦٣، ثم قال في آخره: المناقب عن ابن غفلة مثله.

٢٩٩

عليه‌السلام العصر، فوجدته جالسا بين يديه صحفة فيها لبن خاذر(١) أجد ريحه من شدة حموضته، وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه، وهو يكسر بيده أحيانا فإذا غلبه كسره بركبته، وطرحه فيه، فقال: « ادن فأصب من طعامنا هذا » فقلت: إني صائم، فقال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: من منعه الصوم من طعام يشتهيه، كان حقا على الله يطعمه من طعام الجنة، ويسقيه من شرابها » قال: فقلت لجاريته وهي قائمة بقريب منه: ويحك يا فضة، الا تتقين الله في هذا الشيخ، الا تنخلون له طعاما، مما أرى فيه من النخالة!؟ فقالت: لقد تقدم إلينا أن لا ننخل له طعاما، قال: « ما قلت لها » فأخبرته، فقال: « بأبي وأمي من لم ينخل له طعام، ولم يشبع من خبز البر ثلاثة أيام، حتى قبضه الله ».

[١٩٩٥٠] ١٥ - القطب الراوندي في الخرائج: في أعلام أمير المؤمنينعليه‌السلام : ومن أعلامه قوله: « واعلم أن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، يسد فورة جوعه بقرصيه، لا يطعم الفلذة(١) في حوله إلا في سنة أضحية، ولن تقدروا على ذلك، فأعيوني بورع واجتهاد » الخبر.

ورواه ابن شهرآشوب في مناقبه هكذا: وفيما كتب إلى سهل بن حنيف: « أما علمت أن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ويسد فاقة جوعه بقرصيه، ولا يأكل الفلذة في حوليه، إلا في سنة أضحية، يستشرف(٢) الافطار على ادميه، ولقد آثر اليتيمة على سبطيه، ولم تقدروا على ذلك » إلى آخره(٣) .

__________________

(١) كذا في الطبعة الحجرية، وفي المناقب: حاذر، وفي البحار: حازر والظاهر أن الصحيح ما في البحار وهو اللبن إذا اشتدت حموضته ( لسان العرب ج ٤ ص ١٨٥ ).

١٥ - الخرائج والجرائح ج ١ ص ١٤٠.

(١) الفلذة: القطعة من الكبد واللحم ( مجمع البحرين ج ٣ ص ١٨٦ ).

(٢) يستشرف: أي تميل نفسه إلى ادميه وهما القرصان المذكور ان نزلهما منزلة الادام ( انظر لسان العرب ج ٩ ص ١٧٢ ).

(٣) المناقب ج ٢ ص ١٠١.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

واعطف على ذلك ما جاء في الحديث الثاني : (يأبى الله والمؤمنون إلّا أبا
بكر) ، فقد أبى ذلك حين تخلف عنه مَن ذكرنا واختلفوا فيه ، فأين مانسب إلى
النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قوله : (يأبى الله) ، والّذي وقع خارجاً يثبت أنّه تعالى لم يأبَ ذلك ،
وأنّ المؤمنين أيضاً لم يأبوا ذلك حين تخلفوا عنه واختلفوا فيه.

قال الدكتور أحمد محمود صبحي في كتابه : « ولا شك أنّ الوضع ظاهر
في هذا الحديث وانه أريد به معارضته حديث الشيعة في أمر كتاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
الّذي ينسب إلى عمر أنّه منعه ، ولو صح كتاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أبي بكر لكان نصاً
جلياً لأبي بكر ، وهو مالم يقل به جمهور المسلمين ، ثمّ لم يطلب النبيّ أن يكتب
الكتاب ثمّ يعدل عنه؟ ولم يثبت انّ عائشة دعت أباها ولا أخاها وما أحرصها
على دعوتها في أمر جليل كهذا ا ه‍ » (١) .

سبحان الله حديث الدواة والكتف الّذي ترويه كتب الصحاح والمسانيد
والتاريخ والسير من جميع المسلمين ، يقول عنه الدكتور : (حديث الشيعة)؟ وحديث
عائشة الّذي لا يشك هو بوضعه يقول لو صح لكان نصاً جلياً لأبي بكر؟ وهو مالم
يقل به جمهور المسلمين؟ ولعله لم يقف على قول ابن حزم في الفصل : « فهذا نص
جلي على استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بكر على ولاية الأمة بعده » (٢) ، وهكذا
تبقى ازدواجية المعايير عند المحدَثين كما كانت عند السابقين.

ونعود لحديث عائشة وحديث عبد الرحمن فنقول : ولو كان للحديث
أدنى نصيب من الصحة لأظهراه عند حاجة أبيهما إلى أدنى دعم في أحرج
وقت ، فلماذا كتماه وهما ولداه.

_______________________

(١)نظرية الإمامة لدى الشيعة الأثنى عشرية / ٢٣٦ ط دار المعارف بمصر.

(٢)الفصل ٤ / ١٠٨.

٤٤١

ولا يبعدـكما أرىـأنّ الحديثين كانا في بطن الريب ، ولم ينزّلا من
ظهر الغيب. ولم يولدا إلّا بعد حين من الدهر ، ولم يكونا من قبل شيئاً مذكوراً ،
لكنّ صِرار معاوية وتعاون الحاقدين على الإمام معه اختلق كثيراً من نحو ذلك.

محاولات بائسة يائسة :

لقد كان حديث الكتف والدواة واضح الدلالة على المراد كتابته ، وهو
تأكيد النصـتحريرياًـعلى خلافة الإمام عليّ عليه‌السلام وهذا هو الّذي فهمه
الحاضرون ، ومنهم عمر لذلك منع منه ، وقد مرّت بنا في أجوبة التساؤلات الأربعة
إثبات ذلك فلا حاجة إلى إعادته.

ولمّا كان الحديث المذكور أقضّ مضاجع الكثير من القائلين بخلافة أبي
بكر ، فبذلوا جهداً جهيداً وأصروا عناداً على التماس مخرج من المأزق الّذي
أوقعهم فيه الحديث المذكور. فقالوا وقالوا وقد مرّت بنا نماذج من ذلك في
أقوال علماء التبرير.

وأظن انّ القارئ على ذُكر من مقالة ابن حزم الظاهري الّذي ذكر الحديث
ثمّ عقـّب قائلاً : « هذه زلة العالم الّتي حذّر منها الناس قديماً ، وقد كان في سابق
علم الله تعالى أن يكون بيننا الإختلاف وتضل طائفة وتهتدي بهدى الله اُخرى ،
فلذلك وافق عمر ومن وافقه بما نطقوا به ، ممّا كان سبباً إلى حرمان الخير
بالكتاب الّذي لو كتبه لم يُضل بعده.

ولم يزل أمر هذا الحديث مهمّاً لنا ، وشجى في نفوسنا ، وغصة نتألم لها ،
وكنا على يقين من الله تعالى لايدع الكتاب الّذي أراد نبيّه صلّى الله عليه(وآله)

٤٤٢

وسلّم أن يكتبه فلن يُضل من بعده دون بيان ، ليحياـكذاـمن حيّ عن بيّنة
، إلى أن منّ الله تعالى بأن أوجدناه فانجلت الكربة والله المحمود » (١) .

ثمّ ذكر ما انجلت به عنده الكربة وذلك ماروته عائشة وعبد الرحمن ابنا
أبي بكر لصالح أبيهماـوقد مرّ ذكرهما قريباً في التلاعب الرخيص ، كما ذكرنا
أوجه الخلل فيهما في التعقيب على ما قاله ابن حزم ، وفي التلاعب الرخيص ،
وليس يعنينا ذلك.

لكن هلمّ الخطب فيمن زاد على ابن حزم في حزمته ، وأفرغ كلّ ما في
جعبته من سهام مسمومة لأسباب معلومة ، ذلك هو ابن كثير الشامي الّذي أغرب
وأسهب ، وشرّق وغرّب فهو ذكر في سيرته حديث الكتف والدواة نقلاً عن
البخاري ومسلم ثمّ عقّب قائلاً : « وهذا الحديث ممّا قد توهم به بعض الأغبياء
من أهل البدع من الشيعة وغيرهم ، كلٌ مدّعٍ أنّه كان يريد أن يكتب في ذلك
الكتاب ما يرمون إليه من مقالاتهم ، وهذا هو التمسك بالمتشابه وترك المحكم.
وأهل السنّة يأخذون بالمحكم ويردّون المتشابه إليه ، وهذه طريقة الراسخين
في العلم كما وصفهم الله عزوجل في كتابه. وهذا الموضع ممّا زلّ فيه أقدام كثير من
أهل الضلالات ، وأمّا أهل السنّة فليس لهم مذهب إلّا اتباع الحقّ يدورون
معه كيفما دار.

وهذا الّذي كان يريد عليه الصلاة والسلام أن يكتبه قد جاء في الأحاديث
الصحيحة بالتصريح بكشف المراد منه.

فإنّه قد قال الإمام أحمد : ثمّ ذكر حديث عائشة »(٢) .

_______________________

(١)الإحكام في أصول الأحكام ٧ / ١٢٢.

(٢)اُنظر البداية والنهاية ٤ / ٤٥٠ ـ ٤٥١.

٤٤٣

كشف جديد في رواية الحديث عن عكرمة :

لقد مرّ في صور الحديث رواية عكرمة لأربع من صوره ، وهي على مابينها
من تفاوت الألفاظ الّذي قد تحمّل عبئه الرواة عنه ، لكن القاسم المشترك بينها
يوحي بأنّ حديث الكتف والدواة ، كان يوم الاثنين اليوم الّذي مات فيه رسول
الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (الصورة ١٧ و ١٨ و ١٩ و ٢٠).

وهذا كشف جديد لم يسبق إليه غير عكرمة ، ولمّا كان احتمال أن يكون
النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا بكتابة الكتاب مرتين ، مرة في يوم الخميس في مرضه قبل وفاته
بأربعة أيام ، ومرة أخرى في يوم الاثنين يوم وفاته ، احتمال مستبعد جداً ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
لمّا كان في دعوته يوم الخميس لم يلق استجابة مُرضية ، بل سمع كلمة نابية
جافية ، لماذا يكرر الطلب ثانياً وهو القائل لمن سأله في يوم الخميس بعد طرد
المنازعين : أنأتيك بالّذي طلبت فقال أو بعد ماذا؟ (الصورة ١٨).

وفي رواية عكرمة (الصورة ١٨) : ثمّ أتوه بالصحيفة والدواة فقال : (بعد ما
قال قائلكم ما قال؟) فمن أبى أن يكتب بعد الّذي سمعه من عمر ، كيف يستدعي
مرة اخرى باحضار الدواة والكتف ليسمع عين الجواب الأوّل منه أيضاً؟

فما ورد في روايات عكرمة في المقام لايخلو من نظر ، خصوصاً وان
عكرمة كان كذاباً وقد كذب على ابن عباس حتى حبسه عليّ بن عبد الله بن
عباس على باب الكنيف فقيل له فيه : فقال : « أنّه يكذب على أبي » (١) ، وأمره في
الكذب مشهور ، حتى أنّ ابن عمر قال لمولاه سالم : « اياك أن تكذب عليّ كما
كذب عكرمة على ابن عباس » (٢) .

_______________________

(١)سير أعلام النبلاء ٥ / ٥١٢ ط دار الفكر.

(٢)نفس المصدر.

٤٤٤

فالصحيح ما عليه بقية الرواة عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه من انّ الحديث كان يوم
الخميس.

ما هي الوصية الثالثة؟

سؤال فرضته صورة الحديث التاسعة ، المروية عن طريق سفيان بن عيينة
عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه بأشكالها المختلفة.

ولمّا كانت تلك الصورةـكما قلنا عندهاـتكاد ينعدم عندها وضوح
الرؤية ، لاختلاف الرواة عن سفيان إلى نحو من خمس عشرة رواية ، يمكن أن
تكون كلّ رواية صورة بحد ذاتها. ومهما كان الاختلاف بين الرواة عن سفيان ،
فثمة أمر بالغ الأهمية يرويه سفيان عن سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس. وذلك انّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد أن طرد المنازعين له المشاقّين أمره : قال أوصيكم
بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت
أجيزهم. وسكت عن الثالثة عمداً أو قال : فنسيتها؟

هذه الوصايا الثلاث لم ترد مسندة عن غير طريق سفيان بن عيينة ، وإن
وردت مرسلة كما في الصورتين (٢١ ـ ٢٣).

ثمّ ما ورد عن طريق سفيان فيه غمغمة في تعيين الثالثة ، فمن هو الّذي
غصّ بريقه فلم يفصح بها ، ولابدّ من عرض نماذج لما ورد عسى أن نستشف كنه
الوصية الثالثة الّتي شق على الراوي الإفصاح بها لأي غرض كان :

١ـأوصى بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد
وسكت عن الثالثة عمداً ، أو قال فنسيتها (وهذا ما رواه يحيى بن آدم وأحمد بن
حماد عن سفيان).

٤٤٥

فيا ترى من هو الّذي سكت عمداً؟ أهو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـوحاشاهـلماذا
أراد أن يوصي بها؟ ولماذا سكت عنها؟ فإن كان هو لماذا لم يستفهموه عنها؟
أهو ابن عباس؟ فلماذا حدّث بها؟ ولماذا سكت عنها؟ أهو سعيد بن جبير الراوي
عنه؟ أهو ، أهو؟ سؤال بعد سؤال. يطول بذلك المقام والمقال. والجواب على
احتمال أن يكون الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو من ذكرنا أسماءهم هو الّذي سكت عنها يدفعه
ما يأتي من قول سفيان إن هذا من قول سليمان.

إذن لماذا اختلف الرواة في النقل عن سفيان في ذلك ، فقد جاء : « ونسيت
الثالثة » كما في رواية قبيصة عن سفيان.

وجاء : « والثالثة خير ، أمّا أنّه سكت عنها ، وامّا ان قال فنسيتها » كما في
رواية محمّد بن سلام عن سفيان ، وجاء في هذه الرواية قال سفيان هذا من قول
سليمان.

وجاء : « فإمّا أن يكون سعيد سكت عن الثالثة عمداً ، وإمّا أن يكون قالها
فنسيتها » كما في رواية عبد الرزاق عن سفيان أنّه قال الخ ...

وجاء : « قال ابن عباس وسكت عن الثالثة أو قال : فأنسيتها » كما في رواية
سعيد بن منصور عن سفيان برواية سنن أبي داود في المتن.

وجاء في رواية في هامش سنن أبي داود : « قال الحميدي عن سفيان قال
سليمان : لاأدري أذكر سعيد الثالثة فنسيتها أو سكت عنها ».

إلى غير ذلك من تهويش وتشويش لتضييع الوصية الثالثة. ولكن الباحث
المجدّ والقارئ الواعي لايخفى عليه ما وراء الأكمة ، فقد ورد في رواية أبان بن
عثمان عن بعض أصحابهـوذكر حديث الدواة والصحيفةـوقد مرّ بلفظه في

٤٤٦

(الصورة ٢١) وفيها فدعا العباس بصحيفة ودواة فقال بعض من حضر : « انّ النبيّ
يهجر » ثمّ أفاق النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له العباس : « هذه صحيفة ودواة قد اتينا بها
يارسول الله » فقال : (بعد ما قال قائلكم ما قال) ثمّ أقبل عليهم وقال : (احفظوني
في أهل بيتي ، واستوصوا بأهل الذمة خيراً ، وأطعموا المساكين ، واكثروا من
الصلاة ، واستوصوا بما ملكت أيمانكمـوجعل يردّد ذلك صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـوإني لأعلم إنّ
منكم ناقض عهدي ، والباغي على أهل بيتي).

فتبيّن أنّ الثالثة هي الوصية بأهل بيته فهي الّتي تغصّ بها النفوس فلا تطيق
ذكرها أمّا لنُصب أو من خوف الحاكمين ، وإذا عرفنا انّ الساكت هو سليمان
الأحولـوهو صاحب القول : « أو فنسيتها »ـعرفنا انّ الرجل كان في أيام
الحجاج الّذي كان يطارد سعيد بن جبير حتى القي القبض عليه وهو عائد بمكة ،
فلعله كان معه بمكة مختفياً ، أمّا الوصايا الاُخرى فليس فيها ما يدعو للسكوت
عنها أو زعم نسيانها.

ولشراح الحديث حول تفسير « ونسيت الثالثة » تشريق وتغريب ، فمنهم من
رأى انّها تجهيز جيش أسامة ، ومنهم من قال : « يحتمل انّها قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لا تتخذوا
قبري وثناً) ».

إلى غير ذلك ممّا لا يقره المنطق ، فإنّ كلّ ماذكروه ليس فيه ما يستدعي
الكتمان ، والتحايل عليه ، وما ذلك إلّا استهجان بالعقول الواعية.

والّذي يؤكد ما نذهب إليه شهادة ثلاثة من الصحابة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان
آخر ما تكلم به هو الوصية بأهل بيته كما قال ابن عمر :

٤٤٧

١ـفقد ذكر ابن حجر في صواعقه نقلاً عن الطبراني عن ابن عمر : « إنّ
آخر ما تكلم به النبيّ صلّى الله عليه(وآله)وسلّم : (اخلفوني في أهل بيتي) » (١) .

٢ ، ٣ـوأخرج التابعي الجليل سليم بن قيس الهلالي في كتابه السقيفة قال :
« قلت : لعبد الله بن العباسـوجابر بن عبد الله الأنصاري إلى جنبهـ: شهدت
النبيّ عند موته؟ قال : نعم ، لمّا ثقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع كلّ محتلم من بني
عبد المطلب وامرأة وصبي قد عقل ، فجمعهم جميعاً فلم يدخل معهم غيرهم إلّا
الزبيرـفإنّما دخل لمكان صفيةـوعمرو بن أبي سلمة (٢) واُسامة بن زيد. ثمّ
قال (٣) : إنّما هؤلاء الثلاثة منا أهل البيت ، اُسامة مولانا ومنا ، وقد كان رسول الله
صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استعمله على جيش وعقد لهـوفي ذلك الجيش أبو بكر وعمر ، فقال كلّ
واحد منهما لا ينتهي أمرهـيعني النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه يستعمل علينا هذا الصبيـ
فاستأذن اُسامة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليودعه ويسلم عليه ، فوافق ذاك اجتماع بني هاشم
فدخل معهم ، واستأذن أبو بكر وعمر وأسامة ليسلّما على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأذن لهما.

فلمّا دخل أسامة معناـوكان من أوسط بني هاشم ، وكان شديد الحبّ
لهـفقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لنسائه : قمن عني فأخلينني وأهل بيتي ، فقمن كلهن إلّا
عائشة وحفصة ، فنظر إليهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : (أخلياني وأهل بيتي) ، فقامت
عائشة آخذة بيد حفصة وهي تذمر غضباً وتقول : قد أخليناك وإياهم ، فدخلتا
بيتاً من خشب.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (يا أخي أقعدني) ، فأقعده عليّعليه‌السلام وأسنده إلى نحره.

_______________________

(١)الصواعق المحرقة / ٨٩ ـ ٩٠.

(٢)أمه أم المؤمنين أم سلمة.

(٣)القائل هو ابن عباس.

٤٤٨

فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : (يا بني عبد المطلب اتقوا الله واعبدوه ،
واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ولا تختلفوا ، انّ الإسلام بني على خمس :
على الولاية ، والصلاة ، والزكاة ، وصوم رمضان ، والحج ، فأمّا الولاية : فللّه ولرسوله
وللمؤمنين الّذين يؤتون الزكاة وهم راكعون ، ( وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ
آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ
) (١) .

قال ابن عباس : فجاء سلمان والمقداد وأبو ذر ، فأذن لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
مع بني عبد المطلب فقال سلمان : يارسول الله للمؤمنين عامة؟ أو خاصة
لبعضهم؟ يعني الولاية. قال : بل خاصة لبعضهم الّذين قرنهم الله بنفسه ورسوله
في غير آية من القرآن. قال : من هم؟ قال : أولهم وأفضلهم وخيرهم هذا أخي
عليّ بن أبي طالبـووضع يده على رأس عليّ عليه‌السلام ـثمّ ابني هذا من بعدهـ
ووضع يده على رأس الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ـثمّ ابني هذا من
بعدهـووضع يده على رأس الحسين عليه‌السلام ـوالأوصياء تسعة من ولد الحسين
واحداً بعد واحد ، حبل الله المتين وعروته الوثقى ، هم حجة الله على خلقه ،
وشهداؤه في أرضه ، من أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله
وعصاني ، هم مع الكتاب ، والكتاب معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه حتى يردوا
عليَّ الحوض) » (٢) .

فهؤلاء الثلاثة من الصحابة شهد اثنان منهمـوهما ابن عباس وابن عمرـ
بالوصية بأهل البيت كانت آخر وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند موته وشهادة الثالثـوهو
جابر بن عبد الله ـ كانت بتقريره صحة شهادة ابن عباس رضي‌الله‌عنهما .

_______________________

(١)المائدة / ٥٦.

(٢)السقيفة / ٩٠٥ ـ ٩٠٦ تح‍ الأنصاري نشر الهادي.

٤٤٩

تدخل العنصر النسوي في النزاع :

لقد مرّت بنا صور الحديث ، وقرأنا فيها ما يشجي النفوس ، وقرأنا في
خمس منها تدخل العنصر النسوي عندما وقع الخلاف على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووقع
التنازع بين الصحابة ، فمنهم القائل قرّبوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكتب ما أراد ، ومنهم
القائل القول ما قال عمر.

فقد جاء في (الصورة ١٤) قال : « فأقبل القوم في لغطهم فقالت المرأة :
ويحكم عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ، ولئن كانت هذه الصورة غير واضحة المعالم ،
فإنّ الّتي بعدها مثلها إلّا أنّها أشمل لبعض ما جرى.

فقد جاء في (الصورة ١٥) : « فأخذ من عنده من الناس في لغط فقالت امرأة
ممّن حضر : ويحكم عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليكم ، فقال بعض القوم : « اسكتي فإنّه
لاعقل لك ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (أنتم لا أحلام لكم) ».

وأوضح منها ما جاء في (الصورة ١٧) : « فقالت زينب زوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :
ألا تسمعون النبيّ يعهد إليكم ، فلغطوا. فقال : (قوموا ...) ».

وإذا بحثنا في ثنايا تلك الصور نجد فيما رواه عمر نفسه ، انّ من استنكر
ذلك من النساء أكثر من واحدة فقد جاء عنه كما في (الصورة ٣) : « فقال النسوة :
ائتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحاجته ، قال عمر فقلت : اسكتنّ فإنكنّ صواحبه إذا مرض
عصرتنّ أعينكنّ ، وإذا صح أخذتنّ بعنقه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (هنّ خير منكم) ».

ونحو ذلك جاء في (الصورة ٤) : « فقال النسوة من وراء الستر : ألا تسمعون
ما يقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقلت : إنكن صواحبات (صواحب) يوسف ، إذا مرض
رسول الله عصرتنّ أعينكنّ ، وإذا صح ركبتنّ عنقه ، فقال رسول الله صلّى الله عليه
(وآله)وسلّم : (دعوهنّ فإنهنّ خير منكم) ».

٤٥٠

ولئن كان عمر لم يفصح عن أسماء تلكم النساء الّتي دخلن المعركة
الكلامية من وراء الستر ، فليس يعسر على الباحث معرفتهن ، خصوصاً وقد عرفنا
اسم واحدة منهنّ وهي أم المؤمنين زينب بنت جحش. ولما كنّ نساء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
حزبين كما في حديث عائشة وقد أخرجه البخاري في صحيحه (١) : قالت : ان
نساء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كنّ حزبين ، فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة ،
والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...(٢) وإذ لا يعقل أن تكون
عائشة وحزبها هنّ اللائي أنكرن الاختلاف.

ولمّا كانت أم المؤمنين زينب بنت جحش من سائر نساء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
اللاتي لم تذكرهن عائشة باسمائهن عرفنا أنّها هي ومن كان معها من حزبها هن
اللائي أنكرن على عمر ومن معه امتناعهم من امتثال أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفيهنّ ممّن
يوالين أهل بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلى القارئ أسماؤهن.

١ ـ أم المؤمنين أم سلمة.

٢ ـ أم المؤمنين زينب بنت جحش.

٣ ـ أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث.

٤ ـ أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان.

٥ـأم ألمؤمنين جويرية بنت الحارث : فهذه هي النسوة اللائي أدركن
مايريده النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو العهد بالأمر إلى ولي الأمر من بعده لكن عمر يجبههن
وينتصر لهن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول له : (أنتم لا أحلام لكم ، دعوهن فإنّهن خير منكم).

_______________________

(١)أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الهبة باب قبول الهدية ٣ / ١٥٦ ط بولاق.

(٢)اُنظر معجم الطبراني ٢٣ / ٤١ ط الثانية بالموصل.

٤٥١

عمر يقول بالغيبة ويقول بالرجعة فماذا يقول العمريون؟

لقد مرّت في بعض صور الحديث لمحات عابرة ، ذات دلالة معينة ، وهي
تكفي لإدانة منكري الغيبة والرجعة ، والذين كثر منهم الهرج والمرج على الشيعة
لقولهم بالغيبة وبالرجعة ، فنسبوا اليهم كلّ قبيح ، وأكثروا التشنيع والتبديع ، ولسنا
في مقام اثبات صحة عقيدة الغيبة والرجعة ، وامكان وقوعها ، ومن نافلة القول
الخوض فيما أثبته الله سبحانه في كتابه بقوله تعالى : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ
أُمَّةٍ فَوْجًا
) (١) وليس يعني ذلك الحشر يوم القيامة ، لأن ذلك قال فيه :
( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ) (٢) فإذن هو حشر خاص(٣) . كما قال في
الغيبة في موسى عليه‌السلام واستدل بذلك عمر نفسه لقوله تعالى :( وَوَاعَدْنَا
مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ
لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ
) (٤) .

_______________________

(١)النمل / ٨٣.

(٢)الكهف / ٤٧.

(٣)يستدل القائلون بالرجعة على إثباتها بآيات من القرآن المجيد مثل قوله تعالى :( قَالُوا
رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ
) المؤمن
/ ١١. وقوله تعالى : ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ
اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ
) البقرة / ٢٥٩. وقوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ
) البقرة
/ ٢٤٣. وقوله تعالى : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ
الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ
* ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) . وقوله تعالى في
أصحاب الكهف في الآية / ٢٥ ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ) فقال
فيهم ( ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا ) الكهف / ١٢.

(٤)الأعراف / ١٤٢.

٤٥٢

ولسنا بصدد البحث عن ذلك ، لكن وجدنا لعمر بن الخطاب مقالة على نحو ما
قاله يوم وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أوعد وتوعّد من قال مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومقالته في ذلك
اليوم لايخفى غرضه منها فقد كان منتظراً مجيء أبي بكر من السُنح. أمّا يوم حديث
الرزية فلماذا قال : « من لفلانة وفلانةـمدائن الرومـإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس بميت
حتى نفتحها ، ولو مات لأنتظرناه ، كما انتظرت بنو إسرائيل موسى »؟

وليس من شك انّ ذلك كان لبلبلة الأفكار ، وهو في نفس الحال كان
تمهيداً لما سيحدث ممّا دُبّر أمره. ومهما يكن الغرض فإنّ عمر قائل بالرجعة
فماذا يقول العمريون؟

صور من مسخ الحديث :

لقد جرت على حديث الكتف والدواة عمليات مسخ وتحريف ، بل
وتقطيع أوصال ، كلّ ذلك لتضييع معالم الحقّ وتشويه الحقيقة.

وإلى القارئ بعض النماذج من تلك الصوَر :

١ـفمنها ما أخرجه البخاري بسنده إلى نعيم بن زيد قال : « حدّثنا عليّ بن
أبي طالب صلوات الله عليه أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمّا ثقل قال : (ياعليّ إئتني بطبق أكتب
فيه ما لاتضل أمتي) ، فخشيت أن يسبقني فقلت : إني لاحفظ من ذراعي
الصحيفة ، وكان رأسه بين ذراعي وعضدي ، يوصي بالصلاة وبالزكاة وما ملكت

٤٥٣

أيمانكم ، وقال : كذلك حتى فاضت نفسه ، وأمره بشهادة أن لا إله إلّا الله وان
محمّداً عبده ورسوله من شهد بها حرّم على النار ا ه‍ » (١) .

فهذا الحديث الّذي رواه البخاري صريح في أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصى عليّاً
والمسلمين بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانهم ، حتى فاضت نفسه بين ذراع عليّ
وعضده.

بينما روى البخاري نفسه في صحيحه « عن عائشة : انّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات بين
سحرها ونحرها وقالت : متى أوصى إليه » (٢) .

فيا تُرى أيّ الحديثين أولى بالاعتبار؟ على أنّه قد ورد في صحاح الآثار
والأخبار ما يدل على وصاية عليّ عليه‌السلام عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما ورد أيضاً ما يدل على
موته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مستند إلى صدر عليّعليه‌السلام (٣) .

لكن الّذي يستريب الباحث فيه هو ما ورد في حديث البخاري في الأدب
المفرد من تقاعس الإمام عن إحضار الطبَقَ ، وبذلك يكون شأنه شأن من لم يحضر
الدواة والكتف ، فالكلّ لم يمتثل أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإن كان في حديث البخاري في
الأدب المفرد ما ينمّ عن جهل واضعه حين ذكر الطبَقَ ، ولم يعهد الكتابة عليه ولم
يرد في شيء من النصوص ما يدل على انّ الطبَقَ من الأدوات الكتابية ، ودون
القارئ المعاجم اللغوية ليرى معاني الطبق فليس بينها ما يشير إلى ذلك.


_______________________

(١)الأدب المفرد / ٥٠ تحق‍ محمّد فؤاد عبد الباقي المطبعة السلفية سنة ١٣٧٥ ه‍ ، ولقد مرّ
هذا في الصورة الاُولى من صور الحديث مروياً عن ابن سعد في الطبقات وأحمد بن
حنبل في المسند. فراجع.

(٢)راجع كتاب الوصايا من صحيح البخاري ٤ / ٣ ، وصحيح مسلم ٥ / ٧٥.

(٣)أنظر ما رواه ابن سعد في الطبقات ٢ ق ٢ / ٥١.

٤٥٤

٢ـومنها ماجاء من تزيّد فاضح لراويه ، وذلك نحو ما قاله ابن أبي الحديد
المعتزلي معقباً على ما رواه عن أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في
كتاب السقيفة من حديث الكتف والدواة فقال : « هذا الحديث قد خرّجه
الشيخان محمّد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج القشيري في صحيحهما. واتفق
المحدّثون كافة على روايته ».

ولدى مقابلة ما رواه عن الجوهري بما خرّجه الشيخان وغيرهما نجد حشواً
زائداً فيه وهو قول الراوي : « فمات رسول الله صلّى الله عليه(وآله)وسلّم في
ذلك اليوم » وهذا مثل ما قد مرّ في (الصورة ١٦) من صور الحديث رواية هلال
ابن مقلاص وفي آخرها : « فأبطأوا بالكتف والدواة فقبضه الله ». وهذا أيضاً من
التزيد الفاضح إذ ليست هذه الزيادة جزءاً من الحديث ، ولا يصح أن تكون
جزءاً ، لأنّ الحديث كان يوم الخميس كما هو صريح قول ابن عباس رضي‌الله‌عنه حين
كان يقول : « يوم الخميس وما يوم الخميس ». ومن المعلوم والمتيقن انّ وفاة
الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت يوم الاثنين ، فتكون وفاته بعد يوم الحديث بأربعة أيام ، فكيف
يصح قول الراوي : « فمات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك اليوم ». وقد صرّح شرّاح
الصحيحين وغيرهم بذلك (١) .

٣ـومنها النقص الواضح من أصل الحديث. كما صنع السمهودي في
كتابه وفاء الوفا فإنّه ذكر الحديث من آخره ولم يذكر أوله تحاشياً من ذكر ما
جرى من عمر ومن شايعه في ذلك اليوم (٢) .


_______________________

(١)راجع فتح الباري لابن حجر ١ / ١٦٨ ، والأحكام لابن حزم ٧ / ١٢٤.

(٢)اُنظر وفاء الوفا ١ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.

٤٥٥

٤ـومنها ما هو أقبح فعلاً من صورتي التزيد السابق والتنقص اللاحق في
الحديث ، وذلك كما أجهز عليه جماعة ، فألغوا حديث الكتف الدواة جملة
وتفصيلاً ، ولم يذكروا منه سوى وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في آخره كما مرّ في رواية أبي
داود في سننه (١) فلا بكاء ابن عباس وتلهفه وأسفه على ما فات الأمة من الخير
في الأمن من الضلالة. ولا دعوة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالدواة والكتف. ولا قول عمر : « إنّ
النبيّ ليهجر ». ولا قوله : « حسبنا كتاب الله ». ولا وقوع النزاع والتخاصم بين
الحاضرين. ولا طرد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمن شاقّه في أمره وقوله : (لا ينبغي عندي تنازع).

٥ـومنها ما صنعه كثيرون ممّن كتبوا في السيرة النبوية من الغاء الحديث
من صفحة السيرة بالمرّة حتى ولم يشيروا إليه بأدنى إشارة ، كما صنع محمّد بن
عبد الوهاب. إمام الوهابيةـفي كتاب مختصر سيرة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكما فعل مثل
ذلك أمين الدويدار في كتابه صور من حياة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . إلى غيرهما من الكتّاب
المحدَثين.

فهكذا تعرّض الحديث لعمليات كثيرة من ابتزاز إلى تحريف إلى إجهاز عليه
وإلى إهمال. كلّ ذلك إخفاء للحقيقة ، وفات المغرضون أنّ الحقّ أقوى منهم ، ولا
يقهر بتلك الأساليب ، ولا تخفى الشمس وإن جلّلها السحاب ، أو لفّها الضباب.

كيف؟ وأنّى؟ والحديثـكما يقول المثلـسارت بذكره الركبان ،
فتناقله الرواة قرناً بعد قرنـكما مرّ عليكـوأخرجه الحفاظ وأئمّة الحديث من
أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد ومعاجم اللغة وأسفار التاريخ والسيرة فراجع
ما مرّ من ذكر مصادر الحديث.

_______________________

(١)راجع الصورة(٩)من صور الحديث.

٤٥٦

الحديث في الشعر العربي :

لم أبحث كثيراً عن الشعراء الّذي أشاروا إلى الحديث ، وليس ذلك من
غرض كتابي هذا ، ولكني وقفت على شعر شاعر مؤمن ممّن لم يتبع الغاوين ،
لهج به فنظم مشيراً إليه بقوله :

وصىّ النبيّ فقال قائلهم

قد ظل يهجر سيد البشر

ورووا أبا بكر أصاب ولم

يهجر وقد وصّى إلى عمر(١)

ومن النظم في ذلك قول الشاعر :

وما رأيت من الآيات معتبرا

إن كنت مِدّكرا أكنت معتبرا

أوصى النبيّ أمير النحل دونهما

وخالفاه لأمرعنده اشتورا

وقال هاتوا كتاباً لا تضلوا به

بعدي فقالوا رسول الله قد هجرا

تعصباً لأبي بكر فحين ثوى

وفّى فوصّى به من بعده عمرا

تحمّل العبء فيها ميتاً عجبا

وقال حياًأقيلوني بها ضَجِرا

إن قال ان رسول الله غادرها

شورى فهلا اقتفى من بعده الأثرا

أو قال أوصى فلم تقبل وصيته

يوم الغديرفلاتعجل فسوف ترى(٢)



_______________________

(١)مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ١ / ٢٠٢ ، وكشف الغمة للأربلي ١ / ١٦٥ منشورات
الشريف الرضي ، والصراط المستقيم للبياضي ٣ / ٧.

(٢)اثبات الهداة للحر العاملي ٤ / ٤٢٤ ، والصراط المسقيم للبياضي ٣ / ٧. ووردت هذه الأبيات
في أوّل الحجة الخامسة من كتاب الوصية لأحد معاصري الشيخ الصدوق المتوفى سنة
٣٨١ ه‍. والكتاب في مجموعة برقم / ١٣مجاميع خطية بمكتبة المرحوم الحجة المغفور
له الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء.

٤٥٧

نهاية البحث عن المأساة في حديث الرزية :

لقد طالت مسيرتنا مع حديث الكتف والدواة ، والّذي سميناه حديث
الرزية ، لأنّه كان حديث مأساة وهو كذلك حديث رزية وزريّة.

ولئن طالت المسيرة ، فلا ضير ما دامت تكشف العمى عن البصيرة ، وما دمنا
أنا قرأنا جوانب في الحديث فيها مآسي مريرة.

١ـفلقد قرأنا صور الحديث المتفاوتة ، وذكرنا منها (٢٥) صورة لا تتفق
صورة منها مع اُخرى. بل لقد قرأنا في الصورة التاسعة عدة صور ، ممّا زادت
العدد ، وذلك يكشف لنا مدى الدور الّذي قام به الرواة في إخفاء معالم الإدانة.

٢ـولقد قرأنا ذكر رواة الحديث جمهرة كثيرة مرتّبين حسب القرون ،
حتى لا يرقى الشك إلى أصل الحديث ، وبذلك يثبت التواتر.

٣ـوقرأنا أيضاً مصادر الحديث منبثة في ثنايا أسماء الرواة ، وكلها من
كتب الصحاح والسنن والمسانيد واُمهات كتب التاريخ والتراجم ، ممّا لا يرقى
الشك إليها.

٤ـوقرأنا السبب في إطالة البحث في الأسانيد ، لإلقاء تبعة التضبيب على
الرواة فهم الّذين يحملون إصر ذلك.

٥ـوقرأنا موقف المعارضة المحمومة ضد أمر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وتبيّنا من كان
هو أبرز رموزها في وقفة مع الحديث.

٦ـوقرأنا ماذا كان عند علماء التبرير أزاء موقف الردّ والإباء ، وعرفنا من
هم؟

٧ـوقرأنا ماذا قال كلّ واحد من علماء التبرير؟ وماذا كان عند كلّ واحد
من هنات؟ كما قرأنا الرد على ما قالوه هم دفعاً بالصدر.

٤٥٨

٨ ـ وقرأنا ماذا قاله العمريون وعرفناهم في عمريّتهم اكثر من عمر.

٩ـوقرأنا تحقيق ماذا قال عمر؟ واثبات رواية كلمته النابية ، الجافية : « انّ
النبيّ ليهجر ».

١٠ـوقرأنا الجواب على التساؤلات الأربعة الّتي فرضتها حادثة الرزية ،
وتبيّنا أخيراً لماذا أراد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً دون غيره.

١١ـوقرأنا سرّ المنع وتصميم عمر عليه ، لأنّه علم مراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما
عرفنا من أين علم عمر مراد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١٢ـوقرأنا انّ عمر نبذ السنّة نبذ الحصاة وراء ظهره حين قال : « حسبنا
كتاب الله ». و « عندكم القرآن » ، وهو بذلك يحتجز الإحتجاج بالقرآن للقرآن
وحده فقط وفقط ، وليس للسنّة عنده أي دور أو كرامة.

١٣ـوقرأنا آراء علماء السنّة وأئمتهم في الرد على من يرى مثل رأي عمر
في ذلك الاحتجان والاحتجاج.

١٤ ـ وقرأنا بعد ذلك آراء عمرية خطيرة ويأباها العمريون.

١٥ ـ وقرأنا الموازنة بين شفقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أمته وبين شفقة عمر.

١٦ ـ وقرأنا ما جرى على الحديث من تلاعب رخيص لصالح أبي بكر؟

١٧ـوقرأنا كشفاً جديداً في رواية عكرمة. وهو من رواة الحديث. حين
سرّب الشك إلى يوم الحديث.

١٨ـوقرأنا تحقيقاً حول تعيين الوصية الثالثة الّتي في آخر الحديث والّتي
لفّها الغموض ، وحشرجت في فم الرواة فغصوا بها ، فلا هم ابتلعوها ولم يذكروها
بالمرة ، ولاهم صرّحوا بها. فقالوا عنها : إمّا نسيها أوسكت عنها.

٤٥٩

١٩ـوقرأنا كيف اشتدت الأزمة ذلك اليوم حتى تدخل العنصر النسوي
في النزاع ، وقرأنا من كان يمثل ذلك العنصر من نساء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنهنّ كن
حزبين.

٢٠ـوقرأنا انّ عمر ممّن كان يقول بالرجعة ، ولا غضاضة في ذلك ، ولكن
لتنبيه العمريين الّذين يشهّرون بالقائلين بها من بقية فرق المسلمين.

٢١ـوقرأنا صوراً من مسخ الحديث ، ممّا دلنا على تظافر الجهود المتوالية
في القرون المتتالية لطمس معالمه.

٢٢ ـ وأخيراً قرأنا الحديث في الشعر العربي في نموذج منه.

كلّ ذلك قرأناه ، وأحسب أنّ هناك جوانب لم نشبع البحث فيها ، فعسى أن
يتهيأ لها من يشبعها بحثاً وتدقيقاً ، كما أحسب أنّ هناك جوانب لم نبحثها ، فعسى
أن يذكرها من يلتفت إليها.

وبعد كلّ تلك القراءات الفاحصة المتأنية ، تبين لنا :

أنّ ابن عباسرضي‌الله‌عنه كان على حقّ لو أبدى أسفه وتلهفه حين قال : « يوم
الخميس وما يوم الخميس ».

وأنّه كان على حقّ لو بكى وجرى دمعه مثل نظام اللؤلؤ على خديه.

وأنّه كان على حقّ لو بكى حتى يبل دمعه الحصباء.

وأنّه كان على حقّ لو قال : « الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
وبين أن يكتب لنا ذلك الكتاب ».

لقد كان على حقّ في جميع ذلك.

وإنّا على حقّ كذلك إن طالت بنا مسيرتنا مع ذلك الحديث ، فهو حديث
الرزية ، ولولاها لما حدثت في المسلمين بلية ، إنّها لرزية ما مثلها رزية ، لن تمحى

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487