موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٢

موسوعة عبد الله بن عبّاس0%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: متون حديثية
ISBN: 964-319-502-3
الصفحات: 357

موسوعة عبد الله بن عبّاس

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد حسن الموسوي الخرسان
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: ISBN: 964-319-502-3
الصفحات: 357
المشاهدات: 61169
تحميل: 4136


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 357 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 61169 / تحميل: 4136
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء 2

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: 964-319-502-3
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وأثنى عليه ثم قال : يابني عبد المطلب اتقوا الله واعبدوه واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا ولا تختلفوا ، إن الإسلام بُني على خمس : على الولاية ، والصلاة ، والزكاة ، وصوم رمضان ، والحج.

فأمّا الولاية : فللّه ولرسوله وللمؤمنين الذين يؤتون الزكاة وهم راكعون ، ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون.

قال ابن عباس : فجاء سلمان والمقداد وأبو ذر ، فأذن لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع بني عبد المطلب فقال سلمان : يا رسول الله للمؤمنين عامة أو خاصة لبعضهم؟ ـ يعني الولاية ـ.

قال : بل خاصة لبعضهم الذين قرنهم الله بنفسه ورسوله في غير آية من القرآن.

قال : من هم؟

قال : أولهم وأفضلهم وخيرهم هذا أخي عليّ بن أبي طالب ـ ووضع يده على رأس عليّ ـ ثم ابني هذا من بعده ـ ووضع يده على رأس الحسن بن عليّ ابن أبي طالب ـ ثم ابني هذا من بعده ـ ووضع يده على رأس الحسين ـ والأوصياء تسعة من ولد الحسين واحداً بعد واحد ، حبل الله المتين ، وعروته الوثقى ، هم حجة الله على خلقه ، وشهداؤه في ارضه ، من اطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله وعصاني ، هم مع الكتاب ، والكتاب معهم لا يفارقهم ولا يفارقونه حتى يردوا عليّ الحوض(1) .

__________________

(1) وصايا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كثيرة وردت بالفاظ متفاوتة ومناسبات شتى ، وأحاديثها مروية عند الفريقين ، وحسبك منها حديث الثقلين الّذي قرن فيه بين الكتاب والعترة كما في المتن وحديث الثقلين من الأحاديث المتواترة ، اخرجه من ائمة الصحاح والسنن : مسلم والترمذي وابن ماجه والنسائي والحاكم ورزين العبدي والحميدي وابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن حبان وأحمد وابن سعد والذهبي والسمعاني والطبراني وابن المغازلي والحمويني وأخطب خوارزم والمحب الطبري والسيوطي والسمهودي وابن حجر وغيرهم وغيرهم وقد جمعت مصادره في بعض ما كتبت فنافت على المائة. وقد كتب فيه غير واحد من الاعلام كتاباً خاصاً وأوفى من استوفى الحجة الكبير صاحب كتاب العقبات فقد خصه بمجلد كبير من مؤلّفه القيّم.

٤١

وعلى ضوء ذلك كان ابن عباس يصف عليّاً بأنه سيد الأوصياء(1) كما في كلامه مع معاوية بعد موت الامام الحسنعليه‌السلام كما سيأتي.

وعلى ضوء ذلك أيضاًَ كان يقول : « ولقد عاتب الله أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غير موضع وما ذكر عليّاً إلاّ بخير »(2) ، وفي هذا كناية أبلغ من التصريح بأنّ عليّاً هو لا غير الأحق بالأمر دون غيره ممن تولى وسعى فيها سعيها والقرآن المجيد يقول لإبراهيمعليه‌السلام :( قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) (3) .

__________________

(1) مروج الذهب 3 / 8 ط مصر تح ـ محمّد محي الدين عبد الحميد.

(2) تاريخ الخلفاء للسيوطي / 171.

(3) البقرة / 124.

٤٢

الفصل الثاني :

حبر الأمة في عهد أبي بكر

٤٣
٤٤

حبر الأمة في عهد أبي بكر :

لاشك أنّ ابن عباس وهو الّذي عاش أحداث الفترة بين العهدين ـ عهد الرسالة وقد غربت شمسه بالأمس عن اُفق المسلمين فأخلفهم حلك الظلام في عهد أبي بكر الّذي كثر فيه الخصام ـ قد وعى جميع الملابسات الّتي أحاطت بمسألة الخلافة. بدءاً من حديث الرزية ومقولة : « حسبنا كتاب الله » فكانت الصدمة الّتي لم ينسها طيلة حياته ، وكان يعبّر عنها بالرزية كلّ الرزية ، ويبكي حتى يبل دمعه الحصباء وقد مر بنا تفصيل ذلك. وها هو اليوم في عهد أبي بكر يسمع البيان الخليفي بمنع الحديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وطرح مقولة مشابهة لما مرّ وهي قولوا : « بيننا وبينكم كتاب الله » ولئن تمّ هذا فيعني الحصار التام على السنّة النبوية في أطار ما يراه الحاكم. فلابدّ من مواجهة لتلك المعضلة ، وهذا ما قام به حبر الأمة بكل جرأة فلنقرأ البيان الخليفي أولاً ثم نقرأ ما قام به هذا الحبر. وبالتالي استبعاد الحديث الّذي عند أهل البيت.

روى الذهبي في تذكرة الحفاظ فقال : « ومن مراسيل ابن أبي ملكية أن الصدّيق جمع الناس بعد وفاة نبيّهم فقال : إنّكم تحدّثون عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشدّ اختلافاً ، فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً ، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرّموا حرامه أهـ »(1) .

__________________

(1) تذكرة الحفاظ 1 / 2 ـ 3.

٤٥

ثم قال الذهبي : فهذا المرسل يدلّك انّ مراد الصدّيق التثبت في الأخبار والتحرّي ، لا سدّ باب الرواية.

ونقول له ولغيره من علماء التبرير : النص المنقول لا يحتمل التأويل (فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله) هذا ما قاله أبو بكر للمسلمين بعد وفاة نبيّهم!

فلنقرأ ما قام به ابن عباس لردّ عادية الحصار :

فقد أخرج ابن سعد في طبقاته وفي ترجمة ابن عباس(1) خبراً بسند قال عنه السلمي : « إسناده صحيح » والخبر عن ابن عباس قال : « لمّا قبض رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم قلت لرجل من الأنصار هلمّ فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم إنهم اليوم كثير ، فقال : واعجباً لك يا بن عباس أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم من فيهم؟

قال فتركت الرجل ذاك ، وأقبلت أسأل أصحاب رسول ألله صلى الله عليه (وآله) وسلم عن الحديث ، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل(2) فأتوسّد ردائي على بابه تسفي الريح عليّ من التراب ، فيخرج فيراني فيقول يا بن عم رسول الله ما جاء بك ألاّ أرسلت إليّ فآتيك.

فأقول : لا أنا أحق أن آتيك ، فأسأله عن الحديث.

فعاش ذلك الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألوني ، فيقول : هذا الفتى كان أعقل مني »(3) .

__________________

(1) طبقات ابن سعد 1 / 137 تح ـ محمّد حامد السُلمي الطبعة الخامسة.

(2) في المعرفة والتاريخ للفسوي 1 / 541 : كان ابن عباس يقول لأخ له من الأنصار اذهب بنا إلى أصحابه وقائل يعني نائم القيلولة.

(3) طبقات ابن سعد 2 ق 2 / 121 ط ليدن.

٤٦

وهذا الخبر قبل التعليق عليه ننبّه القارئ إلى أنّه رواه كلّ من أحمد بن حنبل(1) ، والفسوي(2) ، والحاكم(3) وصححه على شرط الشيخين ، وأقره الذهبي في التلخيص ، ورواه الهيثمي(4) وقال رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ، والطبراني(5) ، والدارمي(6) ، والذهبي(7) . وغيرهم وغيرهم. فهذا الخبر عنه مرويّ لاشك فيه.

والآن إلى قراءة متأنية في جملاته لنعرف مغزى ذلك منه :

1 ـ تصريحه بأن بداية نشاطه في طلب الحديث كانت بعدما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا يعني انّه نشط متزامناً مع منع البيان الخليفي من التحديث ، فهل يعني ذلك منه عملية تحدٍ وخوف ضياع الحديث لو كمّت الأفواه خوفاً. فنشط لجمع ما يمكنه جمعه؟ ولم لا يكون ذلك كذلك.

2 ـ محاورته الرجل الأنصاري ليشاركه في طلب الحديث وسماعه من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولابد أن يكون ذلك الرجل من أسنانه من صغار الصحابة(8) فدعاه لما يحييه فأبى عليه ساخراً ، فلماذا دعاه؟ ألمجرّد الطلب فحسب؟ أم أنه أراده شريكاً في السماع ليكون معه شاهداً على ذلك في المستقبل المجهول وغير المنظور لو دعت الحاجة إلى الإستشهاد به؟

__________________

(1) فضائل الصحابة / رقم 1925.

(2) المعرفة والتاريخ 1 / 542.

(3) مستدرك الحاكم 3 / 538.

(4) مجمع الزوائد 9 / 277.

(5) المعجم الكبير 10 / 244 ط الثانية بالموصل.

(6) سنن الدارمي 1 / 141.

(7) سير أعلام النبلاء 4 / 446.

(8) جاء في المعرفة للفسوي 1 / 541 : كان ابن عباس يقول لأخ له من الأنصار : اذهب بنا إلى أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٤٧

3 ـ إصراره على المضي في عزمه الّذي لم يثبطه تواني الرجل الأنصاري ولا سخريته ، فأقبل وحده يستقريء من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ممن يبلغه عنه الحديث فيأتي بابه ، ويتوسد رداءه حتى يخرج إليه ، فهل كانت تلك العملية مجرد طلب حديث عند ذلك الصحابي ، ومجرّد أدب من ابن عباس فلم يزعجه ويخرجه بل يتوسد رداءه وتسفي عليه الريح بالتراب؟ إنها لسذاجة في التفسير ، واستغفال في التفكير ، فهو وإن نمّ فعله عن أدب جم وتواضع للعلم ، ولكنه لا يخلو من وسيلة إعلامية نقدية للبيان الخليفي المانع من التحديث ، فمن يراه على باب الصحابي بتلك الصفة يثير تساءله ماذا يصنع هنا؟ ويكون الجواب : لاشك إنه جاء يطلب الحديث عند صاحب الدار ، كيف هذا والخليفة قد جمع الناس ومنعهم من التحديث! إذن فابن عباس وهو في سنّه الفتيّة ، وألمعيته الغنيّة قام بدور مناهض للسلطة من دون أن يثير حوله الشكوك المريبة : وهذا منه عمل يستحق الإمعان فيه.

وليس من المرجوّ للباحث في تاريخ تلك الحقبة أن يجد الشيء الكثير ممّا يخص عبد الله بن عباس حبر الأمة خصوصاً وهو بعد في سنّ الشباب الفتية وثمة من أهل بيته من هم أكبر سناً وأكثر فضلاً وشأناً مثل الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ومثل أبيه العباس بن عبد المطلب الشخصية الثانية بعد الإمام المنظور إليه في أسرته. وهم جميعاً من المعارضة الّتي نقمت تولية أبي بكر ولم تبايعه إلاّ بعد موت السيدة فاطمةعليها‌السلام .

وإذا عرّفنا التاريخ أن ثمة نفثات لبعض بني هاشم أعلنوا فيها سخطهم كما مر عن الإمام عليّعليه‌السلام وعن العباس فليس يعني ذلك أن نجد الكثير لابن عباس وهو في سنّه ممّا يظهر شخصيته ، ويثبت لنا استقلاله وذاتيته في ذلك ويكفي أنا

٤٨

عرفنا كما سبق أنّه كان من أبناء العباس الذين لم يبايعوا إلاّ بعد أن بايع أبوهم العباس ، وأبوهم العباس لم يبايع إلاّ بعد أن بايع الإمامعليه‌السلام ، والإمام لم يبايع إلاّ بعد موت الصديقة فاطمةعليها‌السلام ، وبعد أن انصرفت وجوه الناس عنه(1) .

إذن ليس من عجب إذا لم نجد لابن عباس كثيراً ممّا يخصه حول تلك الحوادث سوى ما هو معلوم وثابت لسائر أبناء الهاشميين من إتـّباعهم لآبائهم في آرائهم حول الخليفة والخلافة والتي كانت تحظى بتوجيه أو مباركة من الإمامعليه‌السلام ، وما نجده لغيره من أولئك الأبناء في بعض المواقف ما يظهر ذاتيتهم الشخصية المستقلّة ، كما يروى عن موقف لأخيه الفضل بن العباس حين خرج إلى المسجد بعد بيعة السقيفة وقال : « يا معشر قريش انّه ما حقت لكم الخلافة بالتمويه ، ونحن أهلها دونكم ، وصاحبنا أولى بها منكم ». فهو لم يكن ليتكلم لو لم يأذن له الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكذلك جميع بني هاشم لم يكونوا يتكلمون إلاّ بأمره ، ويسكتون عند نهيه.

وإليك ما يؤكد ذلك :

فقد روى الزبير بن بكار عن ابن إسحاق انّ أبا بكر لمّا بويع افتخرت تيم ابن مرة ، قال : وكان عامة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكون انّ عليّاً هو صاحب

__________________

(1) روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة ـ حديث مطالبة فاطمة الزهراءعليها‌السلام لأبي بكر بميراثها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلى أن قالت عائشة : فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، فهجرته ولم تكلّمه حتى توفيت وعاشت بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ستة أشهر ، فلمّا توفيت دفنها زوجها عليّ ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلمّا توفيت أستنكر عليّ وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته وروى ذلك ابن الديبع الشيباني في تيسير الوصول إلى جامع الأصول 2 / 55 عن الشيخين وفيه فقال رجل للزهري فلم يبايعه عليّ ستة أشهر؟ فقال : والله ولا أحد من بني هاشم.

٤٩

الأمر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال الفضل بن العباس : يامعشر قريش وخصوصاً يا بني تيم انكم إنّما أخذتم الخلافة بالنبوة ونحن أهلها دونكم ، ولو طلبنا هذا الأمر الّذي نحن أهله لكانت كراهية الناس أعظم من كراهتهم لغيرنا ، حسداً منهم لنا وحقداً علينا ، وانا لنعلم انّ عند صاحبنا عهداً هو ينتهي إليه.

وقال بعض ولد أبي لهب بن عبد المطلب شعراً :

ما كنت احسب أنّ الأمر منصرف

عن هاشم ثم منها عن أبي حسن

أليس أول من صلّى لقبلتكم

وأعلم الناس بالقرآن والسنن

وأقرب الناس عهداً بالنبيّ ومَن

جبريل عون له في الغسل والكفن

من فيه ما فيهم لا يمترون به

وليس في القوم ما فيه من الحَسَن

ماذا الذي ردّهم عنه فنعلمه

ها ان ذا غبن من أعظم الَََغَبن

قال الزبير : فبعث إليه عليّ فنهاه وأمره ان لا يعود وقال : سلامة الدين أحب إلينا(1) .

وروى الزبير أيضاً حديث الفتنة الّتي ألقحها عمرو بن العاص بين المهاجرين والأنصار حين نال من الأنصار في المسجد وأفحش القول ، ثم رأى الفضل بن العباس فندم على ما قال للخؤولة الّتي بين ولد عبد المطلب وبين الأنصار ، ولأنّ الأنصار كانت تعظم عليّاً وتهتف بإسمه حينئذٍ ، فقال الفضل : يا عمرو انه ليس لنا أن نكتم ماسمعنا منك ، وليس لنا أن نجيبك وأبو الحسن شاهد بالمدينة ، إلاّ أن يأمرنا فنفعل(2) .

__________________

(1) أنظر شرح النهج لابن أبي الحديد 2 / 8 ـ 9.

(2) نفس المصدر 2 / 14 ، والموفقيات / 595 ـ 598.

٥٠

وروى الزبير أيضاً قال : وقال عليّ للفضل يا فضل انصر الأنصار بلسانك ويدك ، فإنّهم منك وإنّك منهم ، ثم ذكر أشعاراً في مدحهم قالها الفضل ، أعجزت حسان بن ثابت أن يتحرى قوافيه فقال وقد طلبوا منه أن يمدح بني هاشم رداً للإحسان : كيف أصنع بجوابه إن لم أتحرّ قوافيه فضحني فرويداً حتى أقفوا أثره في القوافي(1) .

وعلى ضوء هذا النمط من الالتزام ، وعدم جواز الكلام ، إلاّ بموافقة من الإمام. يمكننا تفسير ما نجده عن حبر الأمة عبد الله بن عباسرضي‌الله‌عنهما من حضور منظور ، ومقام ٍ له فيه مقال ، ورأي تستتبعه فعال.

وهذا كما يدل على أنّ لعبد الله بن عباسرضي‌الله‌عنهما كانت مواقف مشهودة وان كانت محدودة فهو يدل على قوة شخصية ذلك الغلام ، في ثبات جنانه وقوة إيمانه ، ممّا ميّزه على الكثير ممن هم اكبر منه سناً من سائر الصحابة ، ويكشف عن جرأة في إسماع كلمة الحق مع ما أوتي من فهم وعلم.

وهلمّ فأقـرأ مـا رواه كـل مـن ابن دريـد(2) ، والمـقـري الكبيـر(3) ، والـفتـوني العـامـلـي(4) ، وابـن شـاذان(5) ، والديلمي(6) ، والبياضي(7) ، والمجلسي(8) ، وابن بابويه(9) ، والعاصمي(10) .

__________________

(1) نفس المصدر.

(2) المجتنى / 35 ط حيدر اباد.

(3) نفح الطيب 7 / 212 ط مصر نقلاً عن محاضرات المقري الكبير.

(4) ضياء العالمين للفتوني (نسخة مصورة) بمكتبتي.

(5) الفضائل / 122 ط حجرية.

(6) إرشاد القلوب 2 / 118 ط النجف.

(7) الصراط المستقيم 2 / 14 مط الحيدري بايران.

(8) بحار الأنوار 8 / 191 ط الكمباني حجرية؟

(9) التوحيد / 385 ط الحجرية سنة 1321 بسنده عن الإمام الحسينعليه‌السلام .

(10) زين الفتى للعاصمي بمكتبة المرحوم الشيخ الأمينيقدس‌سره .

٥١

واللفظ للأول برواية أنس بن مالك قال : « أقبل يهودي بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى دخل المسجد فقال : أين وصي رسول الله؟ فأشار القوم إلى أبي بكر ، فوقف عليه فقال له أريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلاّ نبي أو وصي نبي؟

قال أبو بكر : سل عما بدا لك.

قال اليهودي : اخبرني عما ليس لله ، وعما ليس عند الله ، وعما لا يعلمه الله.

فقال أبو بكر : هذه مسائل الزنادقة يا يهودي ، وهمّ أبو بكر والمسلمونرضي‌الله‌عنهم باليهودي.

فقال ابن عباسرضي‌الله‌عنهما : ما أنصفتم الرجل.

فقال أبو بكر : أما سمعت ما تكلّم به؟

فقال ابن عباس : إن كان عندكم جوابه وإلا فاذهبوا به إلى عليّرضي‌الله‌عنه يجيبه ، فإنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعليّ بن أبي طالب : اللّهم اهد قلبه ، وثبّت لسانه.

قال : فقام أبو بكر ومن حضره حتى أتوا عليّ بن أبي طالب فاستأذنوا عليه. فقال أبو بكر : يا أبا الحسن إنّ هذا اليهودي سألني مسائل الزنادقة. فقال عليّ : ما تقول يا يهودي؟ قال أسألك عن أشياء لا يعلمها إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ ، فقال له : قل ، فردّ اليهودي المسائل.

فقال عليّرضي‌الله‌عنه : أمّا ما لا يعلمه الله ، فذلك قولكم يا معشر اليهود : إنّ العزير ابن الله ، والله لا يعلم أنّ له ولداً. وأمّا قولك : اخبرني بما ليس عند الله ، فليس عنده ظلم للعباد. وأمّا قولك : اخبرني بما ليس لله فليس له شريك.

فقال اليهودي : أشهد أن لا اله إلاّ الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، وأنك وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال أبو بكر والمسلمون لعليّعليه‌السلام : يا مفرّج الكرب ».

٥٢

وممّا يدل على نحو ما سبق أيضاً ما أخرجه الشيخ ابن بابويه الصدوق في كتابه الخصال(1) ، والديلمي في الإرشاد(2) واللفظ لهما معاً وباسناد الأوّل عن ابن عباس قال : « قدم يهوديان أخوان من رؤساء اليهود بالمدينة فقالا : يا قوم إنّ نبينا حُدّثنا عنه انه يظهر نبي بتهامة يسفـّه احلام اليهود ، ويطعن في دينهم ، ونحن نخاف أن يزيلنا عما كان عليه آباؤنا ، فأيكم هذا النبيّ؟ فإن يكن الّذي بشّر به داود آمنّا به وأتبعناه ، وإن لم يكن وكان يورد الكلام على ائتلافه ويقول الشعر ، ويقهرنا بلسانه ، جاهدناه بأنفسنا وأموالنا ، فأيكم هذا النبيّ؟

فقال المهاجرون والأنصار : إنّ نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قبض.

فقالا : الحمد لله ، فأيكم وصيّه؟ فما بعث (عزّ وجلّ) نبيّاً إلى قوم إلاّ وله وصيّ يؤدي عنه من بعده ، ويحكي عنه ما أمره ربّه.

فأومأ المهاجرون والانصار إلى أبي بكر فقالوا : هو وصيه.

فقالا لأبي بكر : إنا نلقي عليك من المسائل ما يلقى على الأوصياء ، ونسألك عما تسأل الأوصياء عنه.

فقال لهما أبو بكر : ألقيا ما شئتما أخبركما بجوابه إن شاء الله.

فقال أحدهما : ما أنا وأنت عند الله (عزّ وجلّ)؟

وما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة؟

وما قبر سار بصاحبه؟

ومن أين تطلع الشمس وفي أين تغرب؟

وأين طلعت الشمس ثم لم تطلع فيه بعد ذلك؟

__________________

(1) الخصال / 560 باب الواحد إلى المائة ط الحيدرية.

(2) إرشاد القلوب 2 / 119 ط الحيدرية ط الاولى.

٥٣

وأين تكون الجنة؟

وأين تكون النار؟

وربك يَحمل أو يُحمل؟

وأين يكون وجه ربك؟

وما اثنان شاهدان؟

وما اثنان غائبان؟

وما اثنان متباغضان؟

وما الواحد؟ وما الاثنان؟ وما الثلاثة؟ وما الأربعة؟ وما الخمسة؟ وما الستة؟ وما السبعة؟ وما الثمانية؟ وما التسعة؟ وما العشرة؟ وما الأحد عشر؟ وما الاثنا عشر؟ وما العشرون؟ وما الثلاثون؟ وما الأربعون؟ وما الخمسون؟ وما الستون؟ وما الستون؟ وما السبعون؟ وما الثمانون؟ وما التسعون؟ وما المائة؟

قال ابن عباس : فبقى أبو بكر لا يرد جواباً ، فتخوّفنا أن يرتد القوم عن الإسلام ، فأتيت منزل عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام ، فقلت له : يا عليّ أن رؤساء اليهود قد قدموا المدينة وألقوا على أبي بكر مسائل فبقي أبو بكر لا يرد جواباً. فتبسم عليّعليه‌السلام ضاحكاً ، ثم قال : هو اليوم الّذي وعدني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأقبل يمشي أمامي وما أخطأت مشيتُه من مشية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئأ حتى قعد في الموضع الّذي كان يقعد فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم التفت إلى اليهوديين فقال : يا يهوديان أدنوا مني وألقيا عليَّ ما ألقيتماه على الشيخ.

فقالا : ومن أنت؟ فقال لهما : أنا عليّ ابن أبي طالب بن عبد المطلب أخو النبيّ وزوج ابنته فاطمة وأبو الحسن والحسين ، ووصيه في حالاته كلها ، وصاحب كلّ منقبة وعز ، وموضع سر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥٤

فقال له أحد اليهوديين : ما أنا وأنت عند الله؟

قال : أنا مؤمن منذ عرفتُ نفسي ، وأنت كافر منذ عرفتَ نفسك ، فما أدري ما يحدث الله فيك يا يهودي بعد ذلك.

فقال اليهودي : فما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة؟

قال : ذاك يونسعليه‌السلام في بطن الحوت.

قال فما قبر سار بصاحبه؟

قال : يونس حين طاف به الحوت في سبعة أبحر.

قال له : فالشمس من أين تطلع؟

قال : من بين قرني الشيطان.

قال : فأين تغرب؟

قال : في عين حمئة ، وقال لي حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (لا تصل في إقبالها ولا في إدبارها حتى تصير مقدار رمح أو رمحين).

قال : فأين طلعت الشمس لم تطلع في ذلك الموضع؟

قال : في البحر حين فلقه الله تعالى لبني اسرائيل لقوم موسىعليه‌السلام .

قال : فربك يَحمل؟ أو يُحمل؟

قال : إنّ ربي (عزّ وجلّ) يحمل كلّ شيء بقدرته ولا يحمله شيء.

قال : فكيف قوله (عزّ وجلّ)( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَة ) (1) ؟

قال : يا يهودي ألم تعلم أنّ لله ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، فكل شيء على الثرى ، والثرى على القدرة ، والقدرة تحمل كلّ شيء.

__________________

(1) الحاقة / 17.

٥٥

قال : فأين تكون الجنة؟ وأين تكون النار؟

قال : أمّا الجنة ففي السماء وأمّا النار ففي الأرض.

قال : فأين يكون وجه ربك؟

فقال عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام لي : يا بن عباس إئتني بنار وحطب ، فأتيته بنار وحطب فأضرمهما ثم قال : يا يهودي أين يكون وجه هذه النار؟

قال : لا أقف لها على وجه.

قال : فان ربّي (عزّ وجلّ) عن هذا المثل ، وله المشرق والمغرب ، فأينما تولوا فثمّ وجه الله.

فقال له : ما اثنان شاهدان؟

قال : السماوات والأرض لا يغيبان ساعة.

قال : فما اثنان غائبان؟

قال : الموت والحياة لا يوقف عليهما.

قال : فما اثنان متباغضان؟

قال : الليل والنهار.

قال : فما الواحد؟

قال : الله (عزّ وجلّ).

قال : فما الاثنان؟

قال : آدم وحواء.

قال : فما الثلاثة؟

٥٦

قال : كذبت النصارى على الله (عزّ وجلّ) فقالوا :( ثَالِثُ ثَلاثَةٍ ) (1) عيسى ابن مريم ابن الله ، والله لم يتخذ صاحبة ولا ولداً.

قال : فما الأربعة؟

قال : التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم.

قال : فما الخمسة؟

قال : خمس صلوات مفترضات.

قال : فما الستة؟

قال : خلق الله السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش.

قال : فما السبعة؟

قال : سبعة أبواب النار متطابقات.

قال : فما الثمانية؟

قال : ثمانية أبواب الجنة.

قال : فما التسعة؟

قال : تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون.

قال : فما العشرة؟

قال : عشرة أيام العشر.

قال : فما الأحد عشر؟

قال : قول يوسف لأبيه( يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ) (2) .

__________________

(1) المائدة / 73.

(2) يوسف / 4.

٥٧

قال : فما الاثنا عشر؟

قال : شهور السنة.

قال : فما العشرون؟

قال : بيع يوسف بعشرين درهماً.

قال : فما الثلاثون؟

قال : ثلاثون يوماً شهر رمضان ، وصيامه فرض واجب على كلّ مؤمن إلاّ من كان مريضاً أو على سفر.

قال : فما الأربعون؟

قال : كان ميقات موسىعليه‌السلام ثلاثون ليلة فأتمها الله (عزّ وجلّ) بعشرٍ ، فتمّ ميقات ربه أربعين ليلة.

قال : فما الخمسون؟

قال : دعا نوح قومه لبث ألف سنة إلاّ خمسين عاماً.

قال : فما الستون؟

قال : قول الله (عزّ وجلّ) في كفارة الظهارَ (فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكيناً إذا لم يقدر على صيام شهرين متتابعين).

قال : فما السبعون؟

قال : اختار موسى من قومه سبعين رجلاً لميقات ربّه (عزّ وجلّ).

قال : فما الثمانين؟

قال : قرية بالجزيرة يقال لها ثمانون ، منها قعد نوحعليه‌السلام في السفينة واستوت على الجودي ، وأغرق الله القوم.

قال : فما التسعون؟

٥٨

قال : الفلك المشحون اتخذ نوحعليه‌السلام تسعين بيتاً للبهائم.

قال : فما المائة؟

قال : كان أجل داودعليه‌السلام ستين سنة فوهب له آدمعليه‌السلام أربعين عاماً سنة من عمره ، فلمّا حضرت آدمعليه‌السلام الوفاة جحد ، فجحد ذريته.

فقال له : يا شاب صف لي محمّداً كأني أنظر إليه ، حتى أومن به الساعة.

فبكى أمير المؤمنينعليه‌السلام ثم قال : يا يهودي هيّجت أحزاني ، كان حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلت الجبين ، مقرون الحاجبين ، أدعج العينين ، سهل الخدين ، أقنى الأنف ، دقيق المسربة ، كث اللحية ، برّاق الثنايا ، كأن عنقه ابريق فضة ، كان له شعيرات من لبتـّه إلى سرّته ملفوفة كأنها قضيب كافور ، لم يكن في بدنه شعيرات غيرها ، لم يكن بالطويل الذاهب ولا بالقصير النزر ، كان إذا مشى مع الناس غمرهم بنوره وكان إذا مشى كأنه يتقلع من صخر أو ينحدر من صبب ، كان مدور الكعبين ، لطيف القدمين ، دقيق الخصر ، عمامته السحاب ، وسيفه ذوالفقار ، وبغلته دلدل ، وحماره اليعفور ، وناقته العضباء ، وفرسه لزاز ، وقضيبه الممشوق. وكانعليه‌السلام أشفق الناس على الناس ، وأرأف الناس بالناس ، كان بين كتفيه خاتم النبوة ، مكتوب على الخاتم سطران : أمّا أول سطر فلا إله إلاّ الله ، وأمّا الثاني فمحمد رسول الله. هذه صفته يا يهودي.

فقال اليهوديان : نشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله ، وأنك وصي محمّد حقاً فأسلما وحسن إسلامهما ولزما أمير المؤمنينعليه‌السلام فكانا معه حتى كان من أمر الجمل ما كان فخرجا معه إلى البصرة ، فقتل أحدهما في وقعة الجمل وبقي الآخر حتى خرج معه إلى صفين فقتل بصفين أهـ ».

٥٩

فظهر لنا بوضوح أنّ حبر الأمة عبد الله بن عباس كان في فترة حكم أبي بكر ممن يحضر المسجد مع علية الصحابة ، ويرى ما يحدث ، ويسمع ما يقال ، وربما شارك عند الحاجة على صغر سنه في قولٍ كما في الشاهد الأوّل ، أو عمل كما في الشاهد الثاني. ومن خلال ذلك نعرف معنى قوله لابن الزبير بعد ما يقرب من نصف قرن : « والله مانطقت عند وال قط من الولاة أخسّ عندي ولا أصغر حظاً منك ، قد والله نطقت غلاماً عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعند أبي بكر وهو يتعجب لتوفيق الله إياي »(1) .

إذن فمن يتكلم عند أبي بكر فيعجبه ويتعجب منه كيف كان نطقه وهو غلام؟ وعلى ضوء هذا نستطيع أن نحدد أولى نشاطاته السياسية بتلك الفترة. وهذا يدل على ما تمتع به من حصافة الرأي وتمام الوعي وتكامل الشخصية. ولا يفوتنا أن نشير إلى ما يدل على نحو استقلال مكانته بشكل وبآخر. وذلك نحو ما ورد في وصية الصديقة فاطمة الزهراءعليها‌السلام عند وفاتها. فقد أوصت الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بعدة وصايا ومنها ما يتعلق بمن يشهد جنازتها ومن لا يشهد. وكان من بين الذين سمتهم بأن يحضروا هو الحبر عبد الله بن عباس كما روى ذلك الطبري الإمامي(2) ، وورد نحو ذلك في ناسخ التواريخ(3) .

__________________

(1) أخبار الدولة العباسية / 116 ، وأنساب الأشراف 3 / 199 ـ 200 ط القاهرة وسيأتي الحوار في صفحة احتجاجاته.

(2) دلائل الإمامة / 14 ط النجف 124.

(3) ناسخ التواريخ 4 / 192 في أحوال الزهراءعليها‌السلام .

٦٠