موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٤

موسوعة عبد الله بن عبّاس20%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 381

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71463 / تحميل: 5373
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وكراهيتنا لسلطان بني أمية ، فلعمري لقد أدركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره ، حتى صرتَ إلى ما صرتَ إليه ، وبيني وبينك في ذلك ابن عمك وأخو عثمان الوليد بن عُقبة.

وأمّا طلحة والزبير فإنّهما أجلبا عليه وضيّقا خناقه ، ثمّ خرجا ينقضان البيعة ويطلبان الملك ، فقاتلناهما على النكث ، وقاتلناك على البغي ، وأمّا قولك : إنّه لم يبق من قريش غير ستة ، فما أكثر رجالها وأحسن بقيتها ، وقد قاتلك من خيارها مَن قاتلك ، ولم يخذلنا إلاّ من خذلك.

وأمّا إغراؤك إيانا بعديّ وتيم ، فأبو بكر وعمر خير من عثمان ، كما أنّ عثمان خير منك (وأمّا ذكرك الحرب) فقد بقي لك منا يوم ينسيك ما (كان) قبله ، وتخاف ما (يكون) بعده.

وأمّا قولك : إنّه لو بايع الناس لي لاستقاموا لي (لأسرعت إلى طاعتي) ، فقد بايع الناس عليّاً (وهو أخو رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وابن عمه ووصيه ووزيره) وهو خير مني فلم تستقيموا له ، وإنّما الخلافة لمن كانت له في المشورة ، (وأمّا أنت فليس لك فيها حق) وما أنت يا معاوية والخلافة ، وأنت طليق وابن طليق (رأس الأحزاب وابن آكلة الأكباد) ، والخلافة للمهاجرين الأولين ، وليس الطلقاء منها في شيء »(١) .

قال نصر في روايته : فلمّا انتهى الكتاب إلى معاوية قال : هذا عملي بنفسي ، لا والله لا أكتب إليه كتاباً سنة كاملة. وقال معاوية في ذلك :

دعوت ابن عباس إلى حدّ خطة

وكان امرَأً أهدي إليه رسائلي

____________

(١) نفس المصدر / ٢٧٢.

١٢١

فأخلف ظنّي والحوادثُ جمّةٌ

ولم يك فيما قال مني بواصلي

وما كان فيما جاء ما يستحقه

وما زادَ أن أغلى عليه مراجلي

فقل لابن عباس تراك مفرّقا

بقولك مَن حولي وأنّك آكلي

وقل لابن عباس تُراك مخوّفا

بجهلك حلمي إنّني غير غافل

فأبرق وأرعد ما استطعت فإنّني

إليك بما يشجيك سبط الأنامل(١)

(وصفين داري ما حييت وليس ما

تربّص من ذاك الوعيد بقاتلي)(٢)

قال نصر في روايته : « فلمّا قرأ ابن عباس الشعر قال : لن أشتمك بعدها.

وقال الفضل بن عباس :

ألا يا بن هند إنّني غير غافل

وإنّك ما تسعى له غير نائل

لأنّ الّذي إجتبّت إلى الحرب نابها

عليك وألقت بركها بالكلاكل(٣)

فأصبح أهل الشام (صرعى فكلّهم)

كفقعةُ قاع أو كشحمة آكل(٤)

وأيقنتَ أنا أهل حق وإنّما

دعوتَ لأمر كان أبطل باطل

دعوت ابن عباس إلى السلم خُدعةً

وليس لها حتى تدينَ بقابل

فلا سلم حتى تشجر الخيل بالقنا

وتُضرب هامات الرجال الأماثل

وآليتَ : لا تهدي إليه رسالةٌ

إلى أن يحول الحول من رأس قابل

____________

(١) سبط اليدين ، وسبط الأنامل هو السخي.

(٢) وقعة صفين / ٤٧٣. والفتوح ٣ / ٥٩ ، والبيت ما بين القوسين منه.

(٣) الكلاكل : جمع كلكل.

(٤) الفقعة : الكمآة البيضاء الرخوة ، ويقال للذليل وهو اذل من فقع بقرقرة لأنّه لا يمتنع على من اجتناه ، أو لأنّه يوطأ بالأرجل.

١٢٢

أردتَ به قطع الجواب وإنّما

رماك فلم يخطئ بنانَ المقاتل

وقلتَ له لو بايعوك تبعتهم

فهذا عليّ خير حافٍ وناعل

وصي رسول الله من دون أهله

وفارسه إن قيل هل من منازل

فدونكه إن كنت تبغي مُهاجراً

أشمَّ كنصل السيف غير حُلاحل(١)

فعرض شعره على عليّ فقال : أنت أشعر قريش ، فضرب بها الناس إلى معاوية »(٢) .

قال ابن اعثم : « فوصل الكتاب إلى معاوية فقرأه وفهم الشعر فلم يرد على ذلك إلى أن كتب إلى عليّ »(٣) .

أقول : في صحة نسبة هذه الأبيات إلى الفضل بن عباس عندي توقف ، لأنّ ابن شهر اشوب المتوفى سنة ٥٨٨ هـ ذكر منها البيت الخامس منسوباً إلى عبد الله ابن عباس بتغيير في القافية من (بقائل) إلى (بخادع) واحتمال وهم النساخ جارٍ في المقام ، خصوصاً وقد ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج(٤) البيتين الأخيرين مصرّحاً بنسبتهما إلى عبد الله بن عباس ، وتابعه السيّد شرف الدين في المراجعات(٥) على ذلك وأيضاً خلو ما ذكر من اشعار الفضل بن العباس اللهبي من الأبيات المذكورة ، ولا يبعد أن تكون جميعها لعبد الله بن عباس ووهم

____________

(١) نعل السيف : حديدة في أسفل غمد السيف ، غير حُلاحل ، غير سيّد شجاع أي فدونكه وأنت كنعل السيف غير حُلاحل. وفي الفتوح (أشم بنصل السيف ليس بناكل).

(٢) وقعة صفين / ٤٧٤.

(٣) الفتوح ٣ / ٢٥٩.

(٤) شرح النهج لابن أبي الحيد ١ / ٥٠.

(٥) المراجعات / ٢٨٢.

١٢٣

الراوي أو الناسخ فنسبها إلى الفضل بن عباس لقرب ذكره فيما تقدم له من الشعر في المقام.

ومهما كان الصحيح في نسبة الشعر فإنّه شعر صادق في التعبير عما كان أدخله كتاب ابن عباس والشعر الأوّل في نفس معاوية من انهيار معنوي حتى حلف أن لا يكتب إلى ابن عباس كتاباً سنة كاملة. وأبياته المذكورة تنبئ عن فشله وندامته ولكنه على عادته في المكابرة ختمها بقوله :

فأبرق وأرعد ما استطعت فإنّني إليك بما يشجيك سبط الأنامل

أي سخيّ بما يشجيك ، ولم يكن يتوقع أن يأتيه من قبل ابن عباس ما يشجيه هو أيضاً ، ولقد صدقت فراسة عمر بن الخطاب في ابن عباس ومعاوية وعمرو بن العاص حين ذكر نفر عنده معاوية وابن العاص ، فقال لهم : أين أنتم عن عبد الله بن عباس؟ فقالوا : والله انّه ـ أي كما ذكرت ـ ولكنهما أذكى سنّاً وأطول تجربة. فقال عمر : إنّ هذا لهما عليه ، ولئن بقي يجري في عنانهما ليبرحنّ بهما تبريح الأشقر مقراً وشيحاً(١) .

نعم لقد برّح بهما أيّما تبريح ، حتى قال معاوية بعد وصول الجواب إليه : هذا عملي بنفسي ، لا أكتب والله إليه كتاباً سنة كاملة.

ومرّ بنا قول عمرو بن العاص معانياً ومعاتباً معاوية على حمله أن يكتب إلى ابن عباس وجاءه الجواب المليء تقريعاً وتسفيهاً فقال : أنت دعوتني إلى هذا ، ما كان أغناني وإياك عن بني عبد المطلب.

____________

(١) أنباء نجباء الأبناء لابن ظفر المكي / ٨٠ ط مصر. والمعنى برّح به الأمر تبريحاً أي جهده ، والأشقر مَن الخجل حمرته صافية يحمّر معها العرف والذنب ، والمقر ـ ساكن ـ دقّ العنق ، والشيح ـ في لغة هذيل ـ الجادّ في الأمور.

١٢٤

ليلة الهرير :

ليلة كان الموت أقرب إلى المقاتلين من حبل الوريد ، لم تغمد السيوف ولم تسكن الرجال ـ وكانت تلك ليلة الجمعة ـ اقتتل الناس فيها حتى الصباح ، فتضاربوا بالسيوف حتى أعذرت ، وتطاعنوا بالرماح حتى تقصّفت ، وتراموا بالنبل والحجارة حتى فنيت ، لم يصلّوا لله إلاّ إيماء ـ صلاة الخوف والمطاردة ـ لشدّة الجلاد والمسايفة ، حتى بلغ من قتالهم أن تكادموا بالأفواه والفارس يعتنق الآخر مثله فيقعان معاً إلى الأرض عن فرسيهما. وهذا هو الموقف الّذي توعدّ به ابن عباس معاوية حين هدده فيما كتب به إليه (وقد بقي لك منّا يوم ينسيك ما قبله).

فقد روى السيّد ابن طاووس عن ابن عباس قال : « قلت لأمير المؤمنين (عليه السلام) ليلة صفين : أما ترى الأعداء قد أحدقوا بنا؟ فقال : وقد راعك هذا؟ قلت : نعم. فقال : اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أضام في سلطانك ، اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أضلّ في هداك ، اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أفتقر في غناك ، اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أضيع في سلامتك ، اللّهمّ إنّي أعوذ بك أن أُغلب والأمر إليك (لك) »(١) .

قال أبو مخنف : « فاقتتل الناس تلك الليلة كلّها حتى الصباح ، وهي ليلة الهرير ، حتى تقصّفت الرياح ونفد النبل ، وصار الناس إلى السيوف ، وأخذ عليّ يسير فيما بين الميمنة والميسرة ، ويأمر كلّ كتيبة من القرّاء أن تقدم على الّتي تليها ، فلم يزل يفعل ذلك بالناس ، ويقوم بهم حتى أصبح ، والمعركة كلها خلف

____________

(١) مهج الدعوات / ١٠٣ ط حجرية سنة ١٣٢٣ ، والأمان من أخطار الأسفار والأزمان / ١١٤ط الحيدرية سنة ١٣٧٠.

١٢٥

ظهره ، والأشتر في ميمنة الناس ، وابن عباس في الميسرة ، وعليّ في القلب ، والناس يقتتلون من كلّ جانب وذلك يوم الجمعة ، وأخذ الأشتر يزحف بالميمنة ويقاتل فيها ، وكان قد تولاّها عشية الخميس وليلة الجمعة إلى ارتفاع الضحى ، وأخذ يقول لأصحابه : إزحفوا قيد هذا الرمح ، وهو يزحف بهم نحو أهل الشام »(١) .

قال أبو مخنف : « فلمّا رأى عمرو بن العاص انّ أمر أهل العراق قد اشتدّ ، وخاف في ذلك الهلاك ، قال لمعاوية : هل لك في أمر أعرضه عليك لا يزيدنا إلاّ اجتماعاً ، ولا يزيدهم إلاّ فُرقة؟ قال : نعم ، قال : نرفع المصاحف ثمّ نقول : ما فيها حَكَم بيننا وبينكم ، فإن أبى بعضهم أن يقبلها وجدت فيهم من يقول : بلى ، ينبغي أن نقبل ، فتكون فرقة تقع بينهم ، وإن قالوا بلى ، نقبل ما فيها ، رفعنا هذا القتال عنا وهذه الحرب إلى أجل أو إلى حين »(٢) .

قال نصر بسنده عن تميم بن حذيم : « يقول : لمّا أصبحنا من ليلة الهرير نظرنا فإذا أشباه الرايات أمام صفّ أهل الشام وسط الفيلق من حيال موقف معاوية ، فلمّا أسفرنا إذا هي المصاحف قد رُبطت على أطراف الرماح ، وهي عظام مصاحف العسكر ، وقد شدّوا ثلاثة أرماح جميعاً وقد ربطوا عليها مصحف المسجد الأعظم ، يمسكه عشرة رهط.

وقال أبو جعفر وأبو الطفيل : استقبلوا عليّاً بمائة مصحف ، ووضعوا في كلّ مجنّبة مائتي مصحف ، وكان جميعها خمسمائة مصحف.

____________

(١) أنظر تاريخ الطبري ٥ / ٤٧ ط المعارف.

(٢) نفس المصدر ٥ / ٤٨.

١٢٦

قال أبو جعفر : ثمّ قام الطفيل بن أدهم حيال عليّ ، وقام أبو شريح الجذامي حيال الميمنة ، وقام ورقاء بن المعمر حيال الميسرة ثمّ نادوا : يا معشر العرب الله الله في نسائكم وبناتكم ، فمن للروم والأتراك وأهل فارس غداً إذا فنيتم. الله الله في دينكم. هذا كتاب الله بيننا وبينكم ، فقال عليّ : اللّهمّ إنّك تعلم أنّهم ما الكتاب يريدون ، فاحكم بيننا وبينهم إنك أنت الحكيم الحقّ المبين.

فاختلف أصحاب عليّ في الرأي فطائفة قالت القتال ، وطائفة قالت المحاكمة إلى الكتاب ولا يحل لنا الحرب وقد دعينا إلى حكم الكتاب ، فعند ذلك بطلت الحرب ووضعت أوزارها. فقال محمّد بن عليّ : فعند ذلك حُكّم الحكمان »(١) .

رأي طـه حسين في مكيدة ابن العاص :

قال في كتابه الفتنة الكبرى : « وأكاد أعتقد أن مكيدة عمرو بن العاص تلك الّتي كادها برفع المصاحف لم تكن من عند نفسه ، لا لأنّه قلّد فيها عليّاً فحسب ، بل لشيء آخر سنراه قريباً ، فقد ينبغي أن نذكر أنّ عليّاً إنّما رفع المصاحف بين الصّفين في حرب البصرة قبل أن ينشب القتال ، يريد أن يُعذر إلى خصمه ، وقد ينبغي أن نذكر أيضاً أنّ مكان طلحة والزبير وأم المؤمنين من النبيّ ، كان يدعوه إلى أن يحتاط ويتأنّى ، ويذكّرهم بالقرآن وما فيه ، ولا يقاتلهم حتى يستيئس من إستجابتهم إلى ما دعاهم إليه ، فلمّا رشق أهل البصرة ذلك الفتى الّذي أمره عليّ فرفع المصحف بين الصفّين بالنبل حتى قتلوه ، قال عليّ : الآن طاب الضراب.

____________

(١) وقعة صفين / ٥٤٦.

١٢٧

فلو قد أراد أهل الشام أن يتقوا الفتنة والحرب حقاً لرفعوا المصاحف ودعوا إلى ما فيها قبل بدء القتال ، ولكنهم لم يفعلوا ، وما أكثر ما ذكّروا بالقرآن فلم يذكروه ، وما أكثر ما ردّوا سفراء عليّ دون أن يعطوهم الرضا أو شيئاً يشبه الرضا ، فما كان رفعهم للمصاحف بعد أن اتصلت الحرب أياماً وأسابيع ، وبعد أن توادع الجيشان شهر المحرم كله ، إلاّ كيداً لا يتقون به الفتنة ، وإنّما يتقون به الهزيمة.

وأكبر الظن انّ بعض الرؤساء من أصحاب عليّ لم يكونوا يُخلصون له نفوسهم ولا قلوبهم ، ولم يكونوا ينصحون له ، لأنّهم كانوا أصحاب دنيا لا أصحاب دين ، وكانوا يندمون في دخائل أنفسهم على تلك الأيام الهيّنة الليّنة الّتي قضوها أيام عثمان ينعمون بالصلات والجوائز والإقطاع.

ولست أذكر من هؤلاء إلاّ الأشعث بن قيس الكندي ، ذلك الّذي أسلم أيام النبيّ ثمّ ارتدّ بعد وفاته ، وألّب قومه حتى ورطّهم الحرب ثمّ أسلمهم وأسرع إلى المدينة تائباً ، فلم يعصم دمه من أبي بكر فحسب ، ولكنه أصهر إليه وتزوّج اخته أم فروة ، ثمّ خمل في أيام عمر وظهر في أيام عثمان فتولى له بعض أعماله في فارس ، فلمّا همّ عليّ أن ينهض إلى الشام عزله عن ولايته ، ويقال انّه طالبه بشيء من مال المسلمين ، ثمّ استصحبه واستصلحه ، فلمّا رُفعت المصاحف ودُعي إلى التحكيم كان أشدّ الناس على عليّ في الدعاء إلى قبول التحكيم.

ويجب أن نذكر أيضاً انّ عليّاً لم ينهض إلى الشام بأهل الكوفة وبمن تابعه من أهل الحجاز وحدهم ، وإنّما نهض كذلك بألوف من أهل البصرة كان منهم

١٢٨

من وفى له يوم الجمل ، وكان منهم من اعتزل الناس في ذلك اليوم أيضاً ، وكان منهم مع ذلك كثير من الذين انهزموا بعد مقتل طلحة الزبير.

فهم إذاً كانوا عثمانية ، لا يقاتلون مع عليّ عن رضىً وصدق ، وإنّما يقاتلون معه كارهين ، وهم إذاً كانوا واجدين عليه لأنّه قتل منهم من قتل واضطرهم إلى الهزيمة اضطراراً.

لم يكن أصحاب عليّ إذا كلهم مخلصين له مؤمنين به ، وإنّما كان منهم المخلص والمدخول.

وقد قدّمنا ان الفريقين كانا يلتقيان في أمنٍ ودعة أثناء شهر المحرم الّذي توادعا فيه ، ونضيف الآن أن القتلى كثروا ذات يوم ، فطلب عليّ هدنة موقوتة ليدفن الناس قتلاهم ، وأجيب إلى ما طلب.

وإذاً فقد كان أهل الشام وأهل العراق يلتقون ويختلطون في غير موطن ، ولم يكن من العسير أن يتناجوا ولا أن يأتمروا بينهم بما يشاؤون ، فما استبعد أن يكون الأشعث بن قيس ، وهو ماكر أهل العراق وداهيتهم ، قد اتصل بعمرو بن العاص ، ماكر أهل الشام وداهيتهم ، ودبّروا أن يقتتل القوم فإن ظهر أهل الشام فذاك ، وإن خافوا الهزيمة أو أشرفوا عليها رفعوا المصاحف فأوقعوا الفرقة بين أصحاب عليّ وجعلوا بأسهم بينهم.

وقد تمّ لهم ما دبّروا إن كانوا قد دبّروا شيئاً ، واستكره الأشعث ومن أطاعه عليّاً على كفّ القتال ، فلم ير بُدّاً من الإذعان لما أرادوا.

وأكبر الظن عندي كذلك أن المؤامرة لم تقف عند هذا الحد ، وإنّما تجاوزته إلى ما هو أشد منه خطراً ، وهو اختيار الحكمين فلأمرٍ ما ألحّ الأشعث

١٢٩

ومن تبعه من اليمانية في أن يختار عليّ أبا موسى الأشعري ، ولم يطلقوا له الحرية في اختيار حَكَم يثق به ويطمئن إليه ، وهم يعلمون أن أبا موسى قد خذّل الناس عن عليّ في الكوفة حتى عزله عن عمله ، فقد كان عليّ إذاً مكرهاً على قبول التحكيم ، ومكرهاً على اختيار أحد الحكمين ، ولم تأت الأمور مصادفة ، وإنّما جاءت عن ائتمار وتدبير بين طلاب الدنيا من أصحاب عليّ وأصحاب معاوية جميعاً اهـ »(١) .

أقول : لقد أصاب الدكتور طه حسين وأجاد في تحليله لمكيدة عمرو ابن العاص. فلم يخطيء في ذكره الأشعث نموذجاً للخائنين في صفّ العراقيين. وأنا أضيف إليه تدليلاً على صحة رأيه في النموذجين القذرين عمرو بن العاص والأشعث بن قيس ، أنّ الأشعث كان قد قام في ليلة الهرير يخطب في أصحابه من كندة ويقول لهم : « قد رأيتم يا معشر المسلمين ما قد كان في يومكم هذا الماضي ، وما قد فني فيه من العرب ، فوالله لقد بلغت من السنّ ما شاء الله أن أبلغ فما رأيت مثل هذا اليوم قط ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب ، أنا ان نحن تواقفنا غداً انّه لفناء العرب وضيعة الحرمات ، أما والله ما أقول هذه المقالة جزعاً من الحتف ، ولكني رجل مسنّ أخاف على النساء والذراري غداً إذا فنينا »(٢) .

قال صعصعة ـ الراوي ـ : « فانطلقت عيون معاوية إليه بخطبة الأشعث فقال : أصاب وربّ الكعبة ، لئن نحن التقينا غداً لتميلنّ الروم على ذرارينا ونسائنا ،

____________

(١) الفتنة الكبرى ٢ / ٨٨ ـ ٩٠.

(٢) وقعة صفين / ٥٤٩ ، والأخبار الطوال / ١٨٨.

١٣٠

ولتميلن أهل فارس على نساء أهل العراق وذراريهم ، وإنّما يبصر هذا ذوو الأحلام والنهى ، اربطوا المصاحف على أطراف القنا »(١) .

فلم تكن الصدفة هي الّتي دعت الأشعث إلى خطبته ، ولم تكن الصدفة هي الّتي احضرت عيون معاوية فسمعت الخطبة ثمّ انطلقت إليه بحاجته ، ولم تكن الصدفة هي الّتي جعلت الأشعث من أعظم الناس قولاً في إطفاء الحرب والركون إلى الموادعة ، ولم تكن الصدفة هي الّتي أعجلت الأشعث فبادر أن يذهب إلى معاوية وليسأله ماذا يريد ، بل كلّ ذلك كان عن تدبير وائتمار كما يراه طه حسين ، ولم يكن بدعاً في رأيه ، ولا متجنّ في قوله على الأشعث ، بل ذلك ما ذكره عنه التاريخ.

ففي تاريخ اليعقوبي : « فرفعوا المصاحف ودعوهم إلى التحكيم بما فيها وقالوا ندعوكم إلى كتاب الله.

فقال عليّ (عليه السلام) إنّها مكيدة ، وليسوا بأصحاب قرآن. فاعترض الأشعث ابن قيس الكندي ـ وقد كان معاوية استماله وكتب إليه ودعا إلى نفسه ـ فقال : قد دعوا القوم إلى الحقّ ، فقال عليّ (عليه السلام) إنهم إنّما كادوكم وأرادوا صرفكم عنهم.

فقال الأشعث : والله لئن لم تجبهم انصرفت عنك ، ومالت اليمانية مع الأشعث ، فقال الأشعث والله لتجيبنّهم إلى ما دعوا إليه أو لندفعنّك اليهم برمتّك ، فتنازع الأشتر والأشعث في هذا كلاماً عظيماً حتى كاد أن يكون الحرب بينهم

____________

(١) نفس المصدر / ٥٥٠ و ١٨٩.

١٣١

وحتى خاف عليّ (عليه السلام) أن يفترق عنه أصحابه ، فلمّا رأى ما هو فيه أجابهم إلى الحكومة »(١) .

وقال المسعودي في خدعة رفع المصاحف : « فلمّا رأى كثير من أهل العراق ذلك قالوا نجيب إلى كتاب الله وننيب إليه ، وأحبّ القوم الموادعة ، وقيل لعليّ قد أعطاك معاوية الحقّ ، ودعاك إلى كتاب الله فاقبل منه ، وكان اشدهم في ذلك اليوم الأشعث بن قيس ، فقال عليّ : أيها الناس ، إنّه لم يزل من أمركم ما أحب حتى قرحتكم الحرب ، وقد والله أخذت منكم وتركت ، وإنّي كنت بالأمس أميراً فأصبحت اليوم مأموراً وقد أحببتم البقاء وقال : وما رفعوها لكم إلاّ خديعة ودهاء ومكيدة ويحكم إنّما قاتلتم ليدينوا بحكم الكتاب فقد عصوا الله فيما أمرهم به ، ونبذوا كتابه ، فامضوا على حقكم وقصدكم وخذوا في قتال عدوكم ، فإنّ معاوية وابن العاص وابن أبي مُعيط وحبيب بن مسلمة وعدداً غير هؤلاء ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، وأنا أعرف بهم منكم ، صحبتهم أطفالاً ورجالاً فهم شرّ أطفال ورجال.

قال المسعودي : وجرى له مع القوم خطب طويل قد أتينا ببعضه ، وتهددوه أن يصنع به ما صنع بعثمان ، وقال الأشعث : ان شئت أتيت معاوية فسألته ما يريد »(٢) .

قال نصر بن مزاحم في كلام له عن الأشعث : « فإنّه لم يرض بالسكوت ، بل كان من أعظم الناس قولاً في إطفاء الحرب والركون إلى الموادعة »(٣) .

____________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٦٤ ـ ١٦٥ ط الغري.

(٢) مروج الذهب ٢ / ٤٠٠ ـ ٤٠١.

(٣) وقعة صفين / ٥٥٣.

١٣٢

ابن عباس وابن العاص في كفتـي ميزان :

لست في مقام الموازنة بينهما من جهة السياسة الّتي هي اللف والدوران ، ولا من جهة الأحساب والأنساب ، ولا من جهة الفضائل الخُلقية ، ففي جميع تلك الجهات بينهما البون الشاسع بُعد اليمين من الشمال ، أو قل بُعد المشرقين.

ولكن أردت التنبيه على ما يقتضيه المقام لنعرف لماذا كان يأبى معاوية وعمرو بن العاص أن يكون ابن عباس حَكَماً لأهل العراق؟ ولماذا كان يصرّ الأشعث واليمانية على أن يكون الحَكَم أبا موسى لا سواه؟

وإنّ الّذي يقرأ حقبة تلك الحرب الطاحنة ـ حرب صفين ـ من بدايتها لابدّ وأن يمر بحديث مساومة عمرو بن العاص لمعاوية في مناصرته على حرب الإمام ، ولا يغيب عنه حديث اشتراط مصر طعمة له وبيده صك على ذلك فيما يقولون. فهو من أحرص الناس على إنجاح التحكيم لصالح معاوية ليصيب مصلحته المحققة ويملك مصر طعمة له ، ويزداد من عاجل الدنيا ثمن دينه الّذي باعه لمعاوية بثمن بخس.

أمّا ابن عباس فهو منذ بداية الحرب وحتى منتهاها لم نجد له نبوة أو هفوة في قول أو فعل تنافي الدين. وهو لم يكن يرجو مطمعاً أو مطعماً في شيء يناله أزاء ما كان يبذله من جهد أو عمل ، وحتى لو أدى ذلك إلى ذهاب نفسه طعمة للرماح ودريئة للسيوف في سوح القتال ، وتلك سمة المخلصين من المؤمنين الذين كانوا مع الإمام (عليه السلام) ، فلم يكن أحدهم يبتغي سوى مرضاة الله تعالى والمثوبة منه سبحانه على نصرتهم للحقّ لوجه الحقّ ،

١٣٣

فأين من يعمل بإخلاص ويقين إبتغاء مرضاة الله ممّن يعمل لنيل العاجل من الحطام كابن العاص وأهل الشام؟

إذن فهم إنّما يخشون ابن عباس لو صار حكماً أن يُغِصّ عمراً بريقه ، ويسدّ عليه منافذ رأيه ، وبالتالي يفسد عليه خطته ، ويرد كيده في نحره ، فيخسر بالتالي صفقته الّتي باع بها دينه من معاوية.

فقد روى الشريف المرتضى : « أنّ عتبة بن أبي سفيان قال لعبد الله بن عباس : ما منع عليّاً أن يجعلك أحد الحكَمين؟

فقال : منعه والله من ذلك حاجز القدَر ، وقِصر المدة ، ومحنة الإبتلاء. أما والله لو بعثني مكانه ، لاعترضت لعمرو في مدارج أنفاسه ، ناقضاً ما أبرم ومبرماً ما أنقضه ، اسفّ إذا طار ، وأطير إذا أسفّ ، ولكن مضى قدر وبقي أسف ، ومع اليوم غد ، والآخرة خير لأمير المؤمنين من الأولى »(١) .

فتبيّن من هذا الكلام ـ الّذي جمع من أسرار البلاغة والفصاحة ما ضمّ المعنى الخطير الكثير في القول اليسير ـ أنّه لو كان حَكَماً لأفشل كلّ خطط عمرو بن العاص وبالتالي هي افشال لخطط معاوية. لذلك كان إصراهم بعناد على رفضه حَكَماً من خلال الأشعث واليمانية الذين سدّوا منافذ الاختيار على الإمام بالوعيد والتهديد. فقال : (فاصنعوا ما أردتم. اللّهمّ إنّي أبرأ إليك من صنيعهم). كما سيأتي عن قريب. كما وسيأتي أيضاً قوله : (ما أصنع أنا مضطهد).

____________

(١) الأمالي للمرتضى ١ / ٢٨٧. وقارن إعجاز القرآن / ١٢٢ ، والعقد الفريد للملك السعيد / ١٤ ، وشرح النهج ابن أبي الحديد ١ / ١٩٥ ، وأسرار البلاغة بذيل المخلاة المنسوبة للبهائي / ٤ وغيرها.

١٣٤

وقد اعترف عمرو بن العاص بخوفه من أن يكون ابن عباس حَكَماً لعجزه وقصوره عن مقابلته حتى كان يقول : « ما اتقيت جواب أحد من الناس غير جواب ابن عباس لبداهته »(١) . وستأتي محاورة جرت بينهما بعد انقضاء أمر صفين وقد جمعهما الموسم جاء فيها : « وذكرت يومك مع أبي موسى فلا أراك فخرت إلاّ بالغدرة ولا منيت إلاّ بالفجور والغش ولعمري ، أنّ من باع دينه بدنيا غيره لحري حزنه على ما باع واشترى ، أمّا إن لك بياناً ولكن فيك خطل ، وإن لك لرأياً ولكن فيك فشل ، وان أصغر عيبك فيك لأعظم عيب في غيرك »(٢) .

والآن إلى قراءة بعض النصوص الدالة على الآثار السيئة الّتي خلفتها خدعة التحكيم :

لقد روى إبراهيم بن ديزيل في كتاب صفين بسنده عن ابن عباس قال : « لقد حدّثني معاوية (بعد حين) انّه كان يومئذ قد قرّب إليه فرساً أنثى بعيدة البطن من الأرض ليهرب عليها حتى أتاه آت من أهل العراق فقال له : إنّي تركت أصحاب عليّ في مثل ليلة الصَدَر من منى فأقمت.

قال (ابن عباس) فقلنا له : فأخبرنا مَن هو ذلك الرجل فأبى وقال : لا أخبركم مَن هو »(٣) .

أقول : لئن لم يخبر عنه معاوية مَن هو ، فقد نمّ على أنّ له في أهل العراق بعض العيون يوافونه بما يحدث ، وهذا يؤكد رواية صعصعة عن أولئك

____________

(١) محاضرات الأدباء للراغب باب ذم المراء في المناظرة مخطوطة الرضوية برقم ٤٤٠٣ ، و / ٣٦ من المطبوع.

(٢) شرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ١٩٦ ط مصر الأولى.

(٣) نفس المصدر ١ / ١٨٨.

١٣٥

الجواسيس ، وقد مرّت نقلاً عن نصر في وقعة صفين وأبي حنيفة في الأخبار الطوال ، ولئن لم يفصح عن اسمه معاوية فقد مرّ ذكر الأشعث وما كان له من مواقف خيانته ، فلم لا كان هو ذلك الآتي بخبر أهل العراق إلى معاوية؟ وستأتي شواهد على تآمر الأشعث ومواقفه الخيانية. وفيما مرّ كفاية حيث رأيناه وجماعة كانوا سفراء بين أهل العراق وأهل الشام ، وانهم تحدثوا إلى أهل الشام في أمر الحَكَم الّذي وقع عليه اختيار الإمام ، وإنّ أهل الشام لم يرضوا بابن عباس ، ومن هم أهل الشام الذين لم يرضوا بابن عباس؟ أليس هم معاوية وعمرو بن العاص؟ ولماذا لم يرضوا بابن عباس؟ أليس لما يعلمان من قوة حجته في بيانه ولسانه؟ ثمّ العجب كلّ العجب أن يعترض أهل الشام وعلى رأسهم معاوية وعمرو بن العاص على اختيار ابن عباس حَكَماً ، ويسمع اعتراضهم الأشعث ويناصره؟ ولا يسمع اعتراض الإمام على اختيار أبي موسى ليكون حَكَماً فضلاً عن عدم اعتراض الأشعث على اختيار عمرو بن العاص! إنّ هذا من المفارقات في المواقف ، ولا تخفى دلالتها على تبييت التآمر على ما يريده معاوية من الأشعث وجماعته اليمانية ، ولننظر لماذا أبى الأشعث وبالأحرى أبى معاوية وعمرو بن العاص ان يكون حَكَم اهل العراق هو ابن عباس؟ والجواب بكل بساطة انّه كان يتمتع بألمعية وذكاء مع تقوى الله سبحانه ، فهو سوف يدفع كيد عمرو وما دبّره ، فلا يغلبه عمرو بدهائه ، ولنضع لهما موازين القسط ، ولننظر أي الكفتين هي الراجحة؟

١٣٦

آثار خدعة التحكيم السيئة :

١ ـ قال الذهبي : « روى أبو عبيد القاسم بن سلام عمّن حدثه عن أبي سنان العجمي قال قال ابن عباس لعليّ : ابعثني إلى معاوية فوالله لأفتلنّ له حبلاً لا ينقطع وسطه ، قال : لست من مكرك ومكره في شيء ، لا أعطيه إلاّ السيف ، حتى يغلب الحقُ الباطلَ.

فقال ابن عباس : أو غير هذا؟ قال : كيف؟ قال : لأنّه يطاع ولا يُعصى ، وأنت عن قليل تعصى ولا تطاع.

قال : فلمّا جعل أهل العراق يختلفون على عليّ (رضي الله عنه) قال : لله درّ ابن عباس إنّه لينظر إلى الغيب من ستر رقيق »(١) .

فهذا الخبر وإن اشتمل على جهالة في السند فلا يجوز الإعتماد عليه فيما انفرد ، لكن مرّ بنا ما يشبهه في أوّل خلافة الإمام وأحسب أنّ هذا هو ذاك حين قال لابن عباس : (دعني من هنيّاتك وهنيّّّات معاوية في شيء) ، كما ورد في حديث عند البلاذري(٢) قول الإمام في ابن عباس : (لله در ابن عباس إن كان لينظر إلى الغيب من ستر رقيق) ، والسند عنده ينتهي إلى محمّد بن السائب والشرقي بن القطامي ، قال : سمعنا الناس يتحدثون.

إذن فالخبر قد شاع وذاع حتى صار يتحدث الناس به ومهما يكن مدى صحته ، فالذي لا شك فيه أنّ ابن عباس كان مستشاراً أميناً عند الإمام ، وكان هو أيضاً مشيراً صادقا ، فلا غضاضة لو أختلفا في الرأي كلّ حسب نظره وتكليفه ،

____________

(١) تاريخ الإسلام ٢ / ١٦٧ط مكتبة القدسي.

(٢) أنساب الأشراف (ترجمة الإمام) ٢ / ٣٤٧ تح ـ المحمودي.

١٣٧

كما لا غضاضة لو قرّظ الإمام ابن عمه عندما تتكشّف الحقيقة للناس كما رآها ابن عباس ، وإن كان هو تلميذه ومن بحره ينزف وهو القائل ما علمي وعلم أصحاب محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في علم عليّ إلاّ كقطرة في سبعة أبحر. وقد دلّت الأحداث الآتية على صحة مضمون الخبر.

قال الدينوري : « وقال الأشعث ومَن كان معه من قرّاء أهل العراق : (قد رضينا نحن بأبي موسى) فقال لهم عليّ : (لست أثق برأي أبي موسى ولا بحزمه ، ولكن أجعل ذلك لعبد الله بن عباس).

قالوا : والله ما نفرّق بينك وبين ابن عباس ، وكأنك تريد أن تكون الحاكم ، بل اجعله رجلاً هو منك ومن معاوية سواء ، ليس إلى أحدٍ منكما بأدنى منه إلى الآخر.

قال عليّ (رضي الله عنه) : (فلم تَرضَون لأهل الشام بابن العاص وليس كذلك؟).

قالوا : أولئك أعلم ، إنّما علينا أنفسنا »(١) .

وفي حديث نصر وقد ذكر رجوع الأشتر عن القتال وكلامه مع القرّاء والأشعث ـ إلى أن قال : « فسبّهم وسبّوه وضربوا بسياطهم وجه دابته وضرب بسوطه وجوه دوابّهم ، فصاح بهم عليّ فكفّوا.

فتصايحوا : إنّ عليّاً أمير المؤمنين قد قبل الحكومة ورضي بحكم القرآن ولم يسعه إلاّ ذلك فأقبل الناس يقولون قد رضي أمير المؤمنين ، وهو ساكت لا يبضّ بكلمة ـ (أي لا يتكلم) ـ مطرق إلى الأرض »(٢) .

____________

(١) الأخبار الطوال / ١٩٢ ط تراثنا.

(٢) وقعة صفين / ٥٦٣.

١٣٨

قال السيّد أمير عليّ الهندي : « ووقع الخيار لسوء الطالع على رجل كبير السن ضعيف الرأي اسمه أبو موسى الأشعري »(١) .

نعم والله ، هو من سوء الطالع عند العراقيين الذين اختاروه حَكَماً وهو من المنافقين الذين اتخذوا القرآن عضين.

٢ ـ قال ابن اعثم الكوفي في الفتوح في ذكر الحكمين : « ثمّ اجتمع قرّّاء أهل العراق وقرّاء أهل الشام بين العسكرين ومعهم المصحف فنظروا فيه وتدارسوه واجتمعوا على ما فيه أن يحيوا ما أحيى القرآن ، وأن يميتوا ما أمات القرآن قال : فرضي الفريقان جميعاً بالحكمين ، وجعلوا المدة فيما بين ذلك إلى سنة كاملة.

فقال أهل الشام : قد رضينا بعمرو بن العاص.

وقال الأشعث بن قيس والذين صاروا خوارج بعد ذلك ، فإننا قد رضينا بأبي موسى الأشعري ، فإنّه وافد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى اليمن ، وصاحب مقاسم أبي بكر ، وعامل عمر بن الخطاب.

فقال عليّ (رضي الله عنه) : ولكني لا أرضى أبا موسى ولا أوليه هذا الأمر.

فقال الأشعث بن قيس وزيد بن حصن ومسعر بن فدكي وعبد الله بن الكوّاء : فإنّنا لا نرضى إلاّ به ، لأنّه قد كان حذّرنا ما وقعنا فيه.

فقال عليّ (رضي الله عنه) : فإنّه ليس لي برضاً ، وقد كان فارقني وخذّل الناس عني ، ثمّ هرب حتى آمنته بعد ستة أشهر ، ولكن هذا عبد الله بن عباس قد جعلته حكماً لي.

____________

(١) مختصر تاريخ العرب والتمدن الإسلامي / ٤٥.

١٣٩

فقال القوم : والله لا نبالي أنت كنت أو ابن عباس ، ألا إنّنا لا نريد رجلاً هو منك وأنت منه.

فقال عليّ (رضي الله عنه) : فأنا أجعل الأشتر حَكَماً.

فقال الأشعث : وهل سعّر الأرض علينا إلاّ الأشتر؟ وهل نحن إلاّ في حكم الأشتر؟

قال عليّ : وما حكمه؟

فقال الأشعث : حكمه أن يضرب الناس بعضهم بعضاً بالسيوف حتى يكون ما أردتَ وما أراد.

فقال له الأشتر : أنت إنّما تقول هذا القول لأنّ أمير المؤمنين عزلك عن الرئاسة ولم يرك أهلاً لها.

فقال الأشعث : والله ما فرحت بتلك الرئاسة ، ولا حزنت لذلك العزل.

فقال عليّ (رضي الله عنه) : ويحكم إنّ معاوية لم يكن ليختار لهذا الأمر أحداً هو أوثق برأيه ونظره إلاّ عمرو بن العاص وانّه لا يصلح للقرشي إلاّ مثله ، وهذا عبد الله بن عباس فارموه به ، فان عمراً لا يعقد عقدة إلاّ حلّها ، ولا يبرم أمراًً إلاّ نقضه ، ولا ينقض أمراً إلاّ أبرمه.

فقال الأشعث ومن معه : لا والله لا يحكم فينا مضريّان أبداً حتى تقوم الساعة ، ولكن يكون رجل من مضر ورجل من اليمن.

فقال عليّ (رضي الله عنه) : إنّي أخاف أن يخدع يمانيكم ، فإنّ عمرو بن العاص ليس من الله في شيء.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

٥٦٩٠ / ٥ - والصدوق في الخصال ومعاني الاخبار: في خبر ابي ذر، انه سأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اي الليل افضل؟ قال: « جوف الليل الغابر(١) ».

٥٦٩١ / ٦ - الجعفريات: اخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا ابي، عن ابيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله عزّوجلّ يبسط يديه عند كل فجر، لمذنب الليل، هل يتوب؟ فيغفر له، ويبسط يديه عند مغرب الشمس، لمذنب النهار، هل يتوب؟ فيغفر له ».

٢٤ -( باب استحباب الدعاء، في السدس الأول، من نصف الليل الثاني)

٥٦٩٢ / ١ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: عن بعض كتب قدماء اصحابنا قال: حدثني أبو علي احمد بن محمد بن الحسين بن اسحاق بن جعفر بن محمد العلوي العريضي، عن محمد بن علي العلوي الحسيني المصري، عن الحجة المؤملعليه‌السلام ، انه علمه دعاء طويلا، وفيه:

« الهي، انت الذي تنادي في انصاف كل ليلة: هل من سائل فاعطيه؟ ام هل من داع فاجيبه؟ ام هل من مستغفر فاغفر له؟ ام هل

____________________________

٥ - الخصال ص ٥٢٣ ح ١٣ ومعاني الاخبار ص ٣٣٣ ح ١.

(١) الغابر: الباقي والجمع الغوابر (مجمع البحرين ج ٣ ص ٤١٩).

٢ - جعفريات ص ٢٢٨.

 الباب - ٢٤

١ - مهج الدعوات ص ٢٨٩.

٢٠١

من راج فأبلغه رجاءه؟ أم هل من مؤمل فأبلغه امله؟ » الدعاء.

٥٦٩٣ / ٢ - ابن ابي جمهور في درر اللآلي: عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: « ما من امرئ مسلم يقعد في جوف الليل، فيقول: الله اكبر، الحمد لله، وسبحان الله، ولا اله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، وهو على كل شئ قدير، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، استغفر الله الغفور الرحيم، الا سلخه الله من خطاياه، كيوم ولدته امه ».

٢٥ -( باب استحباب الدعاء والذكر والاستعاذة، قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها)

٥٦٩٤ / ١ - الجعفريات: اخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا ابي، عن ابيه، عن جده جعفر بن محمد، عن ابيه، عن جده علي بن الحسين، عن ابيه، عن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام : « كان إذا اصبح قال: مرحبا بكما من ملكين حافظين كريمين، املي عليكما ما تحبان ان شاء الله، فلا يزال في التسبيح والتهليل حتى تطلع الشمس، وكذلك بعد العصر حتى تغرب ».

٥٦٩٥ / ٢ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن جابر، عن ابي جعفرعليه‌السلام ، قال: « قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

____________________________

٢ - درر اللالي ج ١ ص ٣٨.

 الباب - ٢٥

١ - الجعفريات ص ٢٣٦.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٦٧ ح ١١٩، وعنه في البرهان ج ١ ص ١٦٦ ح ٢ والبحار ج ٨٦ ص ٢٤٧ ذيل الحديث ٧.

٢٠٢

ان الملك ينزل الصحيفة اول النهار واول الليل، يكتب فيها عمل ابن ادم، فاملوا في اولها خيرا، وفي آخرها خيرا، فان الله يغفر لكم فيما بين ذلك، إن شاء اله، فان الله يقول:( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ) (١) ».

٥٦٩٦ / ٣ - الصدوق في ثواب الاعمال: عن أبيه، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن ابراهيم بن مهزيار، عن اخيه علي بن مهزيار، عن عمرو بن عثمان، عن المفضل، عن جابر، مثله.

وفي الامالي: عن محمد بن الحسن: عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، مثله.

٥٦٩٧ / ٤ - السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: باسناده عن ابي محمد هارون بن موسى، عن محمد بن همام، عن الحسين بن هارون بن حمدون المدائني، عن ابراهيم بن مهزيار، عن أخيره علي بن مهزيار، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن ابي هاشم، عن ابي خديجة، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، سنة واجبة مع(١) طلوع الشمس(٢) والمغرب » الخبر.

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٥٢.

٣ - ثواب ااعمال ص ٢٠٠ ح ١، وعنه في البحار ج ٨٦ ص ٢٤٧ ذيل الحديث ٧.

(١) أمالي الصدوق ص ٤٦٤ ح ١٥، وعنه في البحار ج ٨٦ ص ٢٤٧ ح ٧.

٤ - فلاح السائل ص ٢٢٢

(١) في المصدر: من.

(٢) وفيه: الفجر.

٢٠٣

٥٦٩٨ / ٥ - وفي كتاب محاسبة النفس: ورويت باسنادي إلى محمد بن علي بن محبوب، من كتابه باسناده، إلى جعفر بن محمد الصادق، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: « ما من يوم يأتي على ابن آدم، الا قال ذلك اليوم: يا بن آدم، انا يوم جديد، وانا عليك شهيد، فافعل بي خيرا، أو اعمل(١) خيرا، أشهد لك يوم القيامة، فانك لن تراني ابدا ».

٥٦٩٩ / ٦ - ورأيت في كتاب مسعدة بن زياد الربعي من اصول الشيعة: فيما رواه عن جعفر بن محمد الصادق، عن ابيهعليهما‌السلام ، قال: « ان الليل إذا اقبل، نادى مناد بصوت يسمعه الخلائق الا الثقلين: يا بن ادمم اني خلق جديد، على ما فيّ شهيد، فخذ مني، فاني لو طلعت الشمس لم ارجع إلى الدنيا، ثم لم تزدد في حسنة، ولم تستعتب فيّ من سيئة، وكذلك يقول النهار إذا ادبر الليل ».

وروه في فلاح السائل(١) : عن الاصل المذكور، مثله.

٥٧٠٠ / ٧ - المفيد في مجالسه: عن احمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن ابن حماد، عن أبي جميلة، عن جابر، عن ابي جعفر الباقر، عن ابيهعليهما‌السلام ، قال: « ان الملك الموكل بالعبد، كتب في صحيفته اعماله، فاملوا في اولها خيرا، وفي آخرها خيرا، يغفر لكم ما بين ذلك »

____________________________

٥ - محاسبة النفس ص ١٤ باختلاف، وعته في البحار ج ٧ ص ٣٢٥ ح ٢٠.

(١) في المصدر: واعمل في.

٦ - محاسبة النفس ص ١٤ باختلاف، وعنه في البحار ج ٧ ص ٣٢٥ ح ٢٠.

(١) فلاح السائل ص ٢١٥ وفيه: مثل الحديث الخامس.

٧ - أمالي المفيد ص ١ ح ١.

٢٠٤

٢٦ -( باب استحباب الدعاء عند رقة القلب، وحصول الاخلاص، والخوف من الله تعالى)

٥٧٠١ / ١ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الاخلاق: عن ابي جعفرعليه‌السلام ، قال: « اطلب الحاجة(١) عند اقشعرار(٢) الجلد، وعند افاضة العبرة » الخبر.

٥٧٠٢ / ٢ - أبو يعلى الجعفري في نزهة الناظر: عن علي بن الحسين(١) عليهما‌السلام ، انه قال: « اشحنوا قلوبكم من خوف الله، فان لم تسخطوا شيئا من صنع الله يلم بكم، فاسألوا ما شئتم ».

٢٧ -( باب استحباب الدعاء مع حصول البكاء، واستحباب البكاء أو التباكي عنده مع تعذره، ولو بتذكر من مات من اقرابائه)

٥٧٠٣ / ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن محمد بن مروان، عن رجل، عن ابي جعفرعليه‌السلام قال: « ما من شئ الا وله وزن أو ثواب، الا الدموع، فان القطرة تطفئ البحار من النار، فان اغر ورقت عيناه بمائها، حرم الله عزّوجلّ سائر جسده على النار، وان

____________________________

 الباب - ٢٦

١ - مكارم الأخلاق ص ٣١٧، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣٤٦ ح ٩.

(١) في المصدر: الاجابة.

(٢) القشعريرة: الرعدة، ويقال: قد اقشعرّ جلد الرجل اقشعراراً (لسان العرب ج ٥ ص ٩٥).

٢ - نزهة الناظر ص ٤٦.

(١) في المصدر: عن الامام الباقرعليه‌السلام .

 الباب - ٢٧

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٢٢ ح ١٦، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣٣٥ ح ٢٨.

٢٠٥

سالت الدموع على خديه، لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، ولو ان عبدا بكى في امة، لرحمها الله تعالى ».

٥٧٠٤ / ٢ - المفيد في اماليه: عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مروان، عن ابي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: « ما اغر ورقت عين بمائها من خشية الله عزّوجلّ، الا حرم الله جسدها على النار، ولا فاضت دمعة على خدّ صاحبها، فرهق وجهه قتر(١) ولا ذلة يوم القيامة، وما من شئ من اعمال الخير الا وله وزن واجر، الا الدمعة من خشية الله، فان الله تعالى يطفئ بالقطرة منها، بحارا من نار يوم القيامة، وان الباكي ليبكي من خشية الله في امة، فيرحم الله تلك الامة ببكاء ذلك المؤمن فيها ».

٥٧٠٥ / ٣ - الحسن بن الفضل في مكارم الاخلاق: عن ابي جعفرعليه‌السلام : انه قال: « ان التضرع والصلاه من الله تعالى بمكان، إذا كان العبد ساجداً لله، فان سالت دموعه، فهنالك(١) تنزل الرحمة، فاغتنموا [ في ](٢) تلك الساعة المسألة وطلب الحاجة، ولا تستكثروا شيئا مما تطلبون، فما عند الله اكثر مما تقدرون » الخبر.

____________________________

٢ - أمالي المفيد ص ١٤٣ ح ١، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣٣٥ ح ٢٩.

(١) ترهقها قترة: أي تغشاها غبرة (مجمع البحرين ج ٥ ص ١٧٤).

٣ - مكارم الاخلاق ص ٣١٧، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣٤٦ ح ٩.

(١) هذا هو الصحيح، كما في المصدر،. كان في الأصل المخطوط والطبعة الحجرية: فهنيئاً لك، وهو تصحيف ظاهر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٠٦

٥٧٠٦ / ٤ - وعن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، انه قال: « بكاء العيون وخشية القلوب، من رحمة الله تعال ذكره، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء، ولو ان عبدا بكى في امة، لرحم الله تعالى ذكره تلك الامة لبكاء ذلك العبد ».

وقالعليه‌السلام : « إذا لم يجئك البكاء فتباك، فان خرج مثل رأس الذباب فبخ بخ ».

٥٧٠٧ / ٥ - الديلمي في ارشاد القلوب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « البكاء من خشية الله: مفتاح الرحمة، وعلامة القبول، وباب الاجابة ».

وباقي اخبار الباب، تأتي في ابواب جهاد النفس.

٢٨ -( باب استحباب الدعاء في جوف الليل، وخصوصاً ليلة الجمعة، وفي يوم الجمعة)

٥٧٠٨ / ١ - الصدوق في الامالي: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن ابي القاسم، عن محمد بن علي القرشي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد، عن ابيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الله عزّوجلّ، اوحى إلى الدنيا: ان اتعبي من خدمك، واخدمي من رفضك.

____________________________

٤ - المصدر السابق ص ٣١٧، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣٣٦ ح ٣٠.

٥ - إرشاد القلوب ص ٩٨.

 الباب - ٢٨

١ - أمالي الصدوق ص ٢٣٠ ح ٩.

٢٠٧

وان العبد إذا تخلى بسيده في جوف الليل [ المظلم ](١) وناجاه، اثبت الله النور في قلبه، فإذا قال: يا رب يا رب، ناداه الجليل جل جلاله: لبيك عبدي سلني اعطك، وتوكل علي اكفك، ثم يقول جل جلاله لملائكة، يا ملائكتي، انظروا إلى عبدي، فقد تخلى بي في جوف الليل المظلم، والباطلون لا هون، والغافلون نيام، اشهدوا اني قد غفرت له » الخبر.

٥٧٠٩ / ٢ - سبط الطبرسي في مشكاة الانوار: نقلا عن المحاسن، مثله وفيه: نقلاً منه، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « ان الله تبارك وتعالى، اوحى إلى نبي من انبياء بني اسرائيل: ان احببت ان تلقاني [ غداً ](١) في حظيرة القدس، فكن في الدنيا وحيدا غريبا، مهموما محزونا، مستوحشا من الناس، بمنزلة الطير الذي يطير في الأرض القفار، ويأكل من رؤوس الاشجار، ويشرب من ماء العيون، فإذا كان الليل (اوكر وحده)(٢) ، واستأنس بربه، واستوحش من الطيور ».

٥٧١٠ / ٣ - دعائم الاسام: (عن جعفر بن محمد)(١) عليهما‌السلام ، انه قال: « ينادي مناد حين يمضي ثلث الليل: يا باغي الخير اقبل، يا طالب الشر اقصر، هل من تائب يتاب عليه؟

____________________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - مشكاة الانوار ص ٢٥٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: آوى وحده ولم يأو مع الطيور.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢١٠.

(١) في المصدر: عن ابي جعفر محمد بن علي.

٢٠٨

هل من مستغفر يغفر له؟ هل ما سائل يعطى؟ حتى يطلع الفجر ».

٥٧١١ / ٤ - السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: روى صاحب كتاب زهد مولانا علي بن ابي طالبعليه‌السلام قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن ابراهيم بن مهزيار، عن اخيه علي، عن محمد بن سنان، عن صالح بن عقبة، عن عمرو بن ابي المقدام، عن ابيه، عن حبّة العرني قال: بينا انا ونوف نائمين في رحبة القصر، إذ نحن بأميرالمؤمنينعليه‌السلام ، في بقية من الليل، واضعا يده على الحائط شبيه الواله(١) ، وهو يقول:( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (٢) إلى آخر الآية، قال: ثم جعل يقرأ هذه الآيات، ويمر شبه الطائر عقله، فقال لي: « اراقد انت يا حبة ام رامق؟ » قال قلت: رامق، هذا انت تعمل هذا العمل، فكيف نحن؟ قال: فارخى عينيه فبكى، ثم قال لي: « يا حبة، ان لله موقفا ولنا بين يديه موقف، لا يخفى عليه شئ من اعمالنا، يا حبة، ان الله اقرب اليَّ واليك من حبل الوريد، يا حبة انه لا(٣) يحجبني ولا اياك عن الله شئ - قال ثم قال - اراقد انت يا نوف؟ » قال: لا يا أميرالمؤمنين، ما انا براقد، ولقد اطلت بكائي هذه الليلة، فقال: « يا نوف، ان طال بكاؤك في هذا الليل مخافة من الله عزّوجلّ، قرت عيناك غدا بين يدي الله عزّوجلّ، يا نوف انه ليس من قطرة قطرت من عين رجل من خشية الله، الا اطفأت بحاراً من النيران، يا نوف انه ليس من رجل

____________________________

٤ - فلاح السائل ص ٢٦٦.

(١) الوالِه: هو الذاهِب عقله، والوَلَه بالتحريك: ذهاب العقل والتحيّر من شدّة الوجه (مجمع البحرين ج ٦ ص ٣٦٧).

(٢) البقرة ٢: ١٦٤.

(٣) في المصدر: لن.

٢٠٩

اعظم منزلة عند الله، من رجل بكى من خشية الله، واحب في الله، وابغض في الله، يا نوف انه من احب في الله لم يستأثر على محبته، ومن ابغض في الله لم ينل مبغضيه خيرا، عند ذلك استكملتم حقائق الايمان، ثم وعظهما وذكرهما، وقال في أواخره: فكونوا من الله على حذر، فقد انذرتكما، ثم جعل يمر وهو يقول: ليت شعري في غفلاتي، امعرض انت عني؟ ام ناظر اليّ؟ وليت شعري في طول منامي، وقلة شكري في نعمك، على ما حالي؟ » قال: فو الله ما زال في هذا الحال حتى طلع الفجر.

٥٧١٢ / ٥ - وفيه عن نوف، انه قال عند ذكرهعليه‌السلام ، لمعاوية بن ابي سفيان: انه ما فرش له فراش في ليل قط، ولا اكل طعاما في هجير قط.

٥٧١٣ / ٦ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن ابيه، عن حماد، عن حريز، عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: « ان الرب تبارك وتعالى، ينزل امره كل ليلة جمعة إلى السماء الدنيا، من اول الليلة، وفي كل ليلة في الثلث الاخير، وامامه ملك ينادي: هل من تائب يتاب عليه؟ هل من مستغفر يغفر له؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟ اللهم اعط كل منفق خلفا، وكل ممسك تلفا، إلى ان يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر عاد امر الرب إلى عرشه، فيقسم الارزاق بين العباد »، الخبر.

٥٧١٤ / ٧ - نهج البلاغة: في كتابه إلى عثمان بن حنيف: « طوبى لنفس

____________________________

٥ - فلاح السائل ص ٢٦٧.

٦ - تفسير القمي ج ٢ ص ٢٠٤، وعنه في البحار ج ٨٩ ص ٢٧٩ ح ٢٦.

٧ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٨٤ ح ٤٥ - الرسائل.

٢١٠

ادت إلى ربها فرضها، وعركت بجنبها بؤسها(١) ، وهجرت في الليل غمضها، حتى إذا غلب الكرى عليها، افترشت ارضها، وتوسدت كفها، في معشر اسهر عيونهم خوف معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبهم، وهمهمت بذكر ربهم شفاههم، وتقشعت بطول استغفارهم ذنوبهم، اولئك حزب الله، الا ان حزب الله هم الغالبون ».

٢٩ -( باب استحباب تقديم تمجيد الله، والثناء عليه، والإقرار بالدنب، والاستغفار منه، قبل الدعاء، وعدم جواز الدعاء بما لا يحل وما لا يكون)

٥٧١٥ / ١ - السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: باسناده عن الحسين ابن سعيد الاهوازي، عن عبدالله بن بكير، عن محمد بن مسلم، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « في كتاب أميرالمؤمنينعليه‌السلام : ان المدحة قبل المسألة، فإذا دعوت الله عزّوجلّ فمجده، قال قلت: كيف امجده؟ قال تقول: يا من هو اقرب اليّ من حبل الوريد، يا من يحول بين المرء وقلبه، يا من هو بالمنظر الاعلى، يا من ليس كمثله شئ ».

٥٧١٦ / ٢ - وعنه: عن محمد بن سنان، عن معاوية بن عمار، قال: سمعت اباعبداللهعليه‌السلام ، يقول: « انما هي المدحة، ثم الاقرار بالذنب، ثم المسألة، والله ما خرج عبد من الذنوب(١) الا بالاقرار ».

____________________________

(١) عرك بجنبه البؤس: أي أغضى عن الضرّ والأذى التي ينالها وصبر عليه (مصادر نهج البلاغة واسانيده ج ٣ ص ٣٧٣).

 الباب - ٢٩

١ - فلاح السائل ص ٣٥، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣١٥ ذيل الحديث ٢٠.

٢ - فلاح السائل ص ٣٥، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣١٨ ح ٢٣.

(١) في المصدر: ذنب.

٢١١

٥٧١٧ / ٣ - وعنه: عن سعيد بن يسار، قال: قال الحلبي لأبي عبداللهعليه‌السلام : ان لي جارية تعجبني، فليس يكاد يبقى لي منها ولد، ولي منها غلام، وهو يبكي ويفزع بالليل، واتخوف عليه ان لا يبقى، فقال أبو عبداللهعليه‌السلام : « فأين انت من الدعاء؟ قم من آخر الليل، فتوضأ واسبغ الوضوء، وصلّ (ركعتين)(١) واحسن صلاتك، فإذا قضيت صلاتك، فاحمد الله، واياك ان تسأله حتى تمدحه ». وردد ذلك عليه مرارا، يأمره بالمدحة الخبر.

٥٧١٨ / ٤ - وباسناده عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن عثمان بن عيسى، عن بعض اصحابنا، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: آيتان في كتاب الله، لا ادري ما تأويلهما، فقال: « وما هما؟ » قال قلت: قوله تعالى:( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (١) ثم ادعو فلا ارى الاجابة.

قال: فقال لي: « افترى الله تعالى اخلف وعده »؟ قال: قلت: لا فقال: « الآية الأخرى »، قال: قلت: قوله تعالى:( وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) (٢) فانفق فلا ارى خلفا، قال: « افترى الله اخلف وعده »؟ قال: قلت: لا، قال: « فمه؟ » قلت: لا ادري، قال: « لكني اخبرك ان شاء الله تعالى، اما انكم لو

____________________________

٣ - فلاح السائل ص ٣٥، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣١٨ ح ٢٤.

(١) ليس في المصدر.

٤ - فلاح السائل ص ٣٨ وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣١٩ ح ٢٨.

(١) المؤمن (غافر) ٤٠: ٦٠.

(٢) سبأ ٣٤: ٣٩.

٢١٢

اطعتموه فيما امر به، ثم دعوتموه لاجابكم، ولكن تخالفونه وتعصونه فلا يجيبكم، واما قولك: تنفقون فلا ترون خلفا، اما انكم لو كسبتم المال من حله، ثم انفقتموه في حقه، لم ينفق رجل درهما الا اخلفه الله عليه، ولو دعوتموه من جهة الدعاء لاجابكم، وان كنتم عاصين » قال: قلت: وما جهة الدعاء؟ قال: « إذا اديت الفريضة، مجدت الله وعظمته، وتمدحه بكل ما تقدر عليه، وتصلي على النبي، وتجتهد في الصلاة عليه، وتشهد له بتبليغ الرسالة، وتصلي على ائمه الهدىعليهم‌السلام ، ثم تذكر بعد التحميد لله والثناء عليه والصلاة على النبي، ما أبلاك(٣) واولاك، وتذكر نعمه عندك وعليك، وما صنع بك، فتحمده وتشكره على ذلك، ثم تعترف بذنوبك ذنب ذنب، وتقر بها أو بما ذكرت منها، وتجمل ما خفي عليك منها، فتتوب إلى الله من جميع معاصيك، وانت تنوي ان لا تعود، وتستغفر الله منها بندامة، وصدق نية، وخوف ورجاء، ويكون من قولك:

اللهم اني اعتذر اليك من ذنوبي، واستغفرك واتوب اليك، فاعني على طاعتك، ووفقني لما اوجبت علي من كل ما يرضيك، فاني لم أر احدا بلغ شيئا من طاعتك، الا بنعمتك عليه قبل طاعتك، فانعم علي بنعمة انال بها رضوانك والجنة، ثم تسأل بعد ذلك حاجتك، فاني ارجو ان لا يخيبك، إن شاء الله تعالى ».

٥٧١٩ / ٥ - القطب الراوندي في دعواته: روي انه إذا بدأ الرجل بالثناء

____________________________

(٣) أبلاك: أنعم عليك وتفضّل، من الإبلاء الذي هو الاحسان والانعام (مجمع البحرين ج ١ ص ٦١).

٥ - دعوات الراوندي ص ٣، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣١٣ ح ١٧.

٢١٣

قبل الدعاء،، فقد استوجب، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثناء، كان على رجاء، وقد ادبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بقوله: « السلام قبل الكلام ».

٥٧٢٠ / ٦ - الصدوق في ثواب الاعمال: عن ابيه، عن سعد بن عبدالله، عن احمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عبدالله بن بكير، عن زرارة، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « ان الله يمجد نفسه، في كل يوم وليلة ثلاث مرات، فمن مجد الله بما مجد به نفسه، ثم كان في حال شقوة، حوّل إلى السعادة، فقلت له: كيف هو التمجيد؟ قال: تقول:

انت الله لا اله الا انت رب العالمين، انت الله لا اله الا انت الرحمن الرحيم، انت الله لا اله الا انت العلي الكبير، انت الله لا اله الا انت ملك يوم الدين، انت الله لا اله الا انت الغفور الرحيم، انت الله لا اله الا انت العزيز الحكيم، انت الله لا اله الا انت بدأ منك كل شئ واليك يعود، انت الله لا اله الا انت لم تزل ولا تزال، انت الله لا اله الا انت خالق الخير والشر، انت الله لا اله الا انت خالق الجنة والنار، انت الله لا اله الا انت الاحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا احد، انت الله لا اله الا انت الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن، العزيز الجبار المتكبر، سبحان الله عما يشركون، انت الله الخالق البارئ، المصور، لك الاسماء الحسنى، يسبح لك ما في السماوات والارض، وانت العزيز الحكيم، انت الله لا اله الا انت الكبير، والكبرياء رداؤك ».

____________________________

٦ - ثواب الاعمال ص ٢٨ ح ١، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٢٢٠ ح ٢.

٢١٤

ورواه احمد بن محمد البرقي في المحاسن(١) : عن ابن فضال، مثله، وزاد فيه (الواو) في جميع الفقرات، وفي آخره (الكبير المتعال) وفيه (احداً صمداً).

ورواه ثقة الإسلام في الكافي(٢) عن عدة من اصحابنا، عن احمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عبدالله بن بكير، عن عبدالله بن اعين، عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: « ان الله تبارك وتعالى - إلى قوله - إلى سعادة، يقول: انت الله » وذكر مثله، وفيه:

العزيز بدل العلي، ومالك بدل ملك، وبدأ الخلق بدل منك بدأ كل شئ، وفيه: احد صمد، وفيه: هو الخالق بدل انت الله الخالق، وكذا ما بعده في كل فقرة (هو) بدل (انت) وزاد فيه: إلى آخر السورة، بعد قوله: وهو العزيز الحكيم، وفيه (له) بدل (لك) في هذه المواضع.

٥٧٢١ / ٧ - وعن ابيه، عن الحميري، عن احمد بن محمد، عن ابيه، عن فضالة، عن ابي عميرة، عن محمد بن مروان، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: « أن يمجد »(١) .

٥٧٢٢ / ٨ - احمد بن محمد بن فهد في عدة الداعي: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : « من سأل فوق قدره، استحق الحرمان ».

____________________________

(١) المحاسن ص ٣٨ ح ٤١.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٣٧٤ ح ٢.

٧ - ثواب الاعمال ص ٢٨ ح ١، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٢٢٠ ح ١.

(١) في المصدر زيادة: الله.

٨ - عدة الداعي ص ١٤٠، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣٢٧ ح ١١.

٢١٥

٥٧٢٣ / ٩ - القطب الراوندي في لب اللباب: روي ان من اشتغل بالثناء على الله في الدعاء، اعطاه الله حاجته من غير سؤال.

٥٧٢٤ / ١٠ - وعن الصادقعليه‌السلام ، انه قال: « ان العبد لتكون له الحاجة إلى الله، فيبدأ بالثناء على الله، والصلاة على محمد وآله، حتى ينسى حاجته، فيقضيها من غير ان يسأله اياها ».

٥٧٢٥ / ١١ - وقال: « اياكم أن يسأل احد منكم ربه شيئاً من حوائج الدنيا والاخرة حتى يبدأ بالثناء على الله، والمدحة له، والصلاة على النبي وآله ثم الاعتراف بالذنب، والتوبة(١) ، ثم المسألة ».

٥٧٢٦ / ١٢ - ابن ابي جمهور في درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه قال: « من شغله الثناء عن المسألة لنفسه، قال الله تعالى: اعطيه افضل ما اعطي السائلين ».

٣٠ -( باب استحباب ملازمة الداعي: للصبر، وطلب الحلال، وطيب المكسب، وصلة الرحم، والعمل الصالح)

٥٧٢٧ / ١ - الجعفريات: اخبرنا عبدالله بن محمد قال: اخبرنا محمد بن

____________________________

٩ - لب الباب: مخطوط.

١٠ - لب الباب: مخطوط، وأخرجه في البحار ج ٩٣ ص ٣١٢ ح ١٧ عن دعوات الراوندي.

١١ - لب الباب: مخطوط، وأخرجه في البحار ج ٩٣ ص ٣١٢ ح ١٧ عن دعوات الراوندي.

(١) ليست في المصدر.

١٢ - درر اللآلي ج ١ ص ٣٨.

 الباب - ٣٠

١ - الجعفريات ص ٢٢٤.

٢١٦

محمد قال: حدثني موسى بن اسماعيل قال: حدثنا أبي، عن ابيه، عن جده جعفر بن محمد، عن ابيه، عن جده علي بن الحسين، عن ابيه، عن علي بن ابي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الداعي بلا عمل، كالرامي بلا وتر ».

٥٧٢٨ / ٢ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انه قال: « اطب كسبك(١) تستجاب(٢) دعوتك، فان الرجل يرفع اللقمة إلى فيه حرام، فما تستجاب له دعوة اربعين يوما ».

٥٧٢٩ / ٣ - الراوندي في دعواته: روي ان رجلا اتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ادع الله ان يستجيب دعائي، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا اردت، ذلك فاطب كسبك ».

٥٧٣٠ / ٤ - وروي ان موسىعليه‌السلام ، رأى رجلا يتضرع تضرعا عظيما، ويدعو رافعا يديه، ويبتهل، فأوحى الله إلى موسىعليه‌السلام : « لو فعل كذا وكذا لما استجبت دعاءه، لان في بطنه حراما، وعلى ظهره حراما، وفي بيته حراماً ».

٥٧٣١ / ٥ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: عن ابراهيم بن

____________________________

٢ - مكارم الأخلاق ص ٢٧٥، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣٥٨ ح ١٦.

(١) كذا في المصدر، وكان في الأصل المخطوط: نفسك.

(٢) في المصدر: تستحب.

٣ - دعوات الراوندي ص ٤، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٣٧١ ح ١٤.

٤ - دعوات الراوندي ص ٤، ونعه في البحار ج ٩٣ ص ٣٧٢.

٥ - بشارة المصطفى ص ٢٨.

٢١٧

الحسين البصري، عن محمد بن الحسن بن عتبة، عن محمد بن الحسين بن احمد، عن محمد بن وهبان، عن علي بن احمد العسكري، عن احمد بن الفضل(١) عن راشد بن علي القرشي، عن عبدالله بن حفص، عن محمد بن اسحاق، عن سعد(٢) بن زيد بن ارطاة، عن كميل قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : « ان اللسان ينزح من القلب، والقلب يقوم بالغذاء، فانظر(٣) فيما تغذي قلبك وجسمك، فان لم يكن ذلك حلالا، لم يقبل الله تعالى تسبيح ولا شكرك ».

٥٧٣٢ / ٦ - القطب الراوندي في لب اللباب: ونزل فيه يعني علياعليه‌السلام :( إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ) (١) ولم يعمل بها غير عليعليه‌السلام ، كان معه دينار فباعه بعشرة دراهم، واعطاه المساكين، وسأل منهصلى‌الله‌عليه‌وآله عشر مسائل، اولها: قال: « يا رسول الله، كيف ادعو الله؟ قال: بالصدق والوفاء، الثاني: قال: ما اسأل الله؟ قال: العافية، الثالث: ما اصنع لنجاتي؟ قال: كل حلالا، وقل صدقا » الخبر.

____________________________

(١) في المصدر: المفضل.

(٢) وفيه: سعيد.

(٣) في نسخة النهج: بأي شي (منه، قده).

٦ - لب الباب: مخطوط.

(١) المجادلة ٥٨: ١٢.

٢١٨

٣١ -( باب انه يستحب أن يقال في الدعاء، قبل تسمية الحاجة: يا الله عشراً، ويا رب عشراً، ويا الله يا رب، حتى ينقطع النفس، أو عشراً، وأي رب ثلاثاً، ويا أرحم الراحمين سبعاً)

٥٧٣٣ / ١ - القطب الراوندي في دعواته: قال الصادقعليه‌السلام : « اشتكيت فمر بي ابيعليه‌السلام ، فقال:(١) قل عشر مرات: يا الله، فانه لم يقلها عبد الا قال: لبيك، ومن قال: يا ربي يا الله، يا ربي يا الله، حتى ينقطع النفس، اجيب فقيل له: لبيك، ما حاجتك(٢) ؟ ومن قال عشر مرات: يا رب يا رب، قيل له: لبيك، ما حاجتك؟ ».

٥٧٣٤ / ٢ - ومر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، برجل يقول: يا ارحم الراحمين، فقال له: « سل، فقد نظر الله اليك ».

٥٧٣٥ / ٣ - الشيخ أبوالفتوح الرازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه قال: « من قال: يا الله يا رب، سبع مرات، ثم سأل ما شاء، استجيب له ».

٥٧٣٦ / ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من كان له إلى الله تعالى

____________________________

 الباب - ٣١

١ و ٢ - دعوات الراوندي ص ١٢، وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٢٣٥ ذيل الحديث ٧.

(١) في المصدر زيادة: يا بني.

(٢) ليس في المصدر.

٣ - تفسير ابي الفتوح الرازي ج ١ ص ٧٠٥.

٤ - تفسير ابي الفتوح الرازي ج ١ ص ٧٠٥.

٢١٩

حاجة، فليقل خمس مرات: ربنا، بعطى حاجته، ومصداق ذلك في كلام الله، في قوله تعالى:( رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا ) (١) إلى آخر الآيات، فيها( رَبَّنَا ) خمس مرات، ثم قال تعالى:( فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ) (٢) ».

٥٧٣٧ / ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من رفع يديه إلى الله تعالى، ويقول متضرعا: يا رب ثلاث مرات، ملأ الله تعالى يديه من الرحمة ».

٥٧٣٨ / ٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، « إذا قال العبد: يا رب، يقول الله تعالى: لبيك، وإذا قالها ثانيا وثالثا، قال الله تعالى: لبيك عبدي، سل تعط ».

٥٧٣٩ / ٧ - وعن الصادقعليه‌السلام ، ان رجلا اتاه، فقال: يا ابن رسول الله، اخبرني عن اعظم اسماء الله تعالى، وكان بين يديه حوض، وكان يوما باردا، فقالعليه‌السلام للرجل: « ادخل في هذا الحوض، واغتسل حتى اخبرك به »، فدخل الرجل في الحوض، واغتسل فبقي فيه ساعة، فلما اراد الخروج، امرعليه‌السلام غلمانه ان يمنعوه من الخروج، فبقي فهه ساعة، فتألم من البرد، فقال: رب أغثني، فقال الصادقعليه‌السلام : « هذا ما سألت عنه، فإن العبد إذا اضطر، يدعو الله بهذا الإسم، فيغيثه الله تعالى ».

____________________________

(١) آل عمران ٣: ١٩١ - ١٩٤.

(٢) آل عمران ٣: ١٩٥.

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٧.

٦ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٧.

٧ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381