موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٤

موسوعة عبد الله بن عبّاس15%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 381

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 381 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 71508 / تحميل: 5391
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

يفعل يوم دخوله، ويقول كما قال، ويدعو ( ويودع )(١) بما تهيأ من الوداع وينصرف ».

[١١٨٤٧] ٣ - الصدوق في الفقيه: إذا أردت ن تخرج من المدينة فائت موضع رأس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسلم عليه، ثم ائت المنبر وصل عنده على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما استطعت، وداع لنفسك بما أحببت للدين والدنيا، ثم ارجع إلى قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والزق منكبك الأيسر على القبر قريبا من الأسطوانة ( التي دون الأسطوانة )(١) المخلقة عند رأس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصل ست ركعات أو ثمان ركعات واقرأ في كلّ ركعة الحمد وسورة واقنت في كلّ ركعتين، فإذا فرغت منها استقبلت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقلت مودعا له: صلى الله عليك، السلام عليك، لا جعله اله آخر تسليمي عليك، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإن توفيتني قبل ذلك فإني أشهد(٢) أن لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك ».

[١١٨٤٨] ٤ - بعض نسخ الرضوي: « ثم إذا أردت أن تخرج من المدينة تودع قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تفعل مثل ما فعلت في الأول، تسلم وتقول: اللهم لا تجعله آخر العهد مني من زيارة قبر نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله وحرمه فإني أشهد أن لا إله إلا أنت(١) في حياتي إن

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - الفقيه ج ٢ ص ٣٤٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر زيادة: في مماتي على ما أشهد في حياتي.

٤ - بعض نسخ الفقه الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٦.

(١) في المصدر: الله.

٢٠١

توفيتني قبل ذلك، وأن محمدا عبدك ورسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا تودع القبر إلا وأنت قد اغتسلت أو أنت متوضئ إن لم يمكنك الغسل والغسل أفضل ».

١٢ -( باب وجوب احترام مكة والمدينة والكوفة، واستحبابسكناها والصدقة بها، وكثرة الصلاة فيها، والاتمام سفرا بها)

[١١٨٤٩] ١ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن الحسن بن فضال، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن عاصم بن عبد الواحد المدني قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « مكة حرم الله(١) ، والمدينة حرم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والكوفة حرم علي بن أبي طالبعليه‌السلام إن علياعليه‌السلام حرم من الكوفة ما حرم إبراهيمعليه‌السلام من مكة، وما حرم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة ».

[١١٨٥٠] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن عليعليه‌السلام أنه خطب، فقال في خطبته: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثا، أو أوى محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ».

[١١٨٥١] ٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « من أحدث في المدينة

__________________

الباب ١٢

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٤.

(١) في المصدر: إبراهيم.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٥.

٣ - دعائم الاسلام.

٢٠٢

حدثا أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله، قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما الحدث؟ قال: القتل(١) ».

[١١٨٥٢] ٤ - وعن عليعليه‌السلام أنه قال: « من خرج من المدينة رغبة عنها أبدله الله شرا منها ».

[١١٨٥٣] ٥ - السيد الرضي في الخصائص: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في مدح الكوفة: « يا كوفة ما أطيبك وأطيب ريحك! »(١) .

[١١٨٥٤] ٦ - وفي نهج البلاغة: عنهعليه‌السلام قال: « كأني بك يا كوفة تمدين مد الأديم(١) العكاظي، تعركين(٢) بالنوازل، وتركبين الزلازل(٣) ، وإني لأعلم أنه ما أراد بك جبار سوءا إلا ابتلاه الله بشاغل، ورماه بقاتل ».

[١١٨٥٥] ٧ - الصدوق في العيون: عن محمد بن عمر بن سالم(١) ، عن

__________________

(١) سقط هذا الحديث من الطبعة الحجرية.

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٦.

٥ - الخصائص ص ٨٩.

(١) سقط هذا الحديث من الطبعة الحجرية.

٦ - نهج البلاغة ج ١ ص ٩٣ ح ٤٦.

(١) الأديم: هو الجلد المدبوغ ( لسان العرب ج ١٢ ص ٩ ).

(٢) تعركين: عرك البعير جنبه بمرفقه: إذا دلكه فأثر فيه، وكأنه كناية عن التذلل للأعداء وتحمل الأذى من جهتهم ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٢٨٢ ).

(٣) في المصدر: بالزلزال.

٧ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ ص ٢٩١، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٣٩٢ ح ٢٢.

(١) في المخطوط: أسلم، والصواب أثبتناه من المصدر. راجع معجم رجال الحديث ج ١٧ ص ٦٨.

٢٠٣

الحسن بن عبد الله بن محمد الرازي التميمي، عن أبيه، عن الرضا،، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « ذكر عليعليه‌السلام الكوفة فقال: يدفع البلاء عنها كما يدفع عن أخبية(٢) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١١٨٥٦] ٨ - وفي العلل: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الكوفة جمجمة العرب، ورمح الله تبارك وتعالى، وكنز الايمان ».

[١١٨٥٧] ٩ - حسن بن محمد بن الحسن القمي المعاصر للصدوق في تاريخ قم: عن عبد الواحد البصري، عن أبي وائل، عن عبد الله الليثي، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: كنت ذات يوم جالسا عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ دخل عليه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال: « ( إلي يا أبا الحسن ثم اعتنقه، وقبل ما بين عينيه، وقال: يا علي إن الله عز اسمه عرض ولايتك على السماوات فسبقت إليها السماء السابعة فزينها بالعرش، ثم سبقت إليها السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور، ثم سبقت إليها السماء الدنيا فزينها بالكواكب، ( ثم عرضها على الأرضين فسبقت إليه مكة فزينها بالكعبة )(١) ، ثم سبقت إليها المدينة فزينها بي ثم سبقت إليها الكوفة فزينها بك » الخبر.

__________________

(٢) أخبية: جمع خباء، وهو ما يعمل من الوبر أو الصوف أو الشعر، ويراد به مسكن الرجل أو داره ( مجمع البحرين ج ١ ص ١١٩ ).

٨ - علل الشرائع ص ٤٦٠.

٩ - تاريخ قم ص ٩٤.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢٠٤

[١١٨٥٨] ١٠ - وعن محمد بن قتيبة الهمداني والحسن بن علي الكمشارجاني، عن علي بن النعمان، عن أبي الأكراد علي بن ميمون الصائغ(١) : عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد، وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم » الخبر.

[١١٨٥٩] ١١ - وعن الحسن بن يوسف، عن خالد بن أبي يزيد(١) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن الله اختار من جميع البلاد كوفة، وقم، وتفليس ».

[١١٨٦٠] ١٢ - وعن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن سعد بن سعد الأشعري، عن جماعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا عمت البلايا فالأمن في الكوفة ونواحيها من السواد » الخبر.

[١١٨٦١] ١٣ - وعن محمد بن سهل بن اليسع، عن أبيه، عن جده، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا فقد الامن من البلاد، وركب الناس على الخيول، واعتزلوا النساء والطيب، فالهرب الهرب قلت،

__________________

١٠ - تاريخ قم ص ٩٥.

(١) في المخطوط: عن أبي الأكراد عن ميمون الصائغ، وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال. راجع معجم رجال الحديث ج ١٢ ص ٢٠٨.

١١ - تاريخ قم ص ٩٧.

(١) كذا في المخطوط، وفي المصدر: خالد أبي يزيد، والظاهر أن الصحيح: خالد بن يزيد، حيث عده الشيخ من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام .

راجع رجال الطوسي ص ١٨٥ و ١٨٩، ومعجم رجال الحديث ج ٧ ص ٣٩.

١٢ - ١٣ تاريخ قم ص ٩٧.

٢٠٥

جعلت: فداك إلى أين؟ قال: إلى الكوفة ونواحيها » الخبر.

[١١٨٦٢] ١٤ - وعن يعقوب بن يزيد، عن أبي الحسن الكرخي، عن سليمان بن صالح قال: كنا ذات يوم عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فذكر فتن بني عباس وما يصيب الناس منهم، فقلنا: جعلنا فداك فأين المفزع والمفر في ذلك الزمان؟ فقال: « إلى الكوفة وحواليها ».

[١١٨٦٣] ١٥ - وعن جماعة من أهل الري، أنهم دخلوا على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إلى أن قالوا: فقالعليه‌السلام : « إن لله حرما وهو مكة، وإن للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله حرما وهو المدينة، وإن لأمير المؤمنينعليه‌السلام حرما وهو الكوفة، وإن لنا حرما وهو بلدة قم » الخبر.

[١١٨٦٤] ١٦ - السيد الرضي في المجازات النبوية: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أمرت بقرية تأكل القرى، تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد ».

[١١٨٦٥] ١٧ - العياشي في تفسيره: عن بدر بن خليل الأسدي، عن رجل من أهل الشام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أول بقعة عبد الله عليها ظهر الكوفة، لما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لادم سجدوا على ظهر الكوفة ».

[١١٨٦٦] ١٨ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال:

__________________

١٤ - ١٥ - تاريخ قم ص ٩٧.

١٦ - المجازات النبوية ص ٣٣٠.

١٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤ ح ١٨.

١٨ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥٤ ح ١٢٢.

٢٠٦

« اللهم أنك أخرجوني من أحب البقاع إلي، فأسكني أحب البقاع إليك، فأسكنه المدينة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله في حق المدينة(١) : « لا يصبر على لأوائها(٢) وشدتها أحد الا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) : « إن الايمان لنازل على المدينة كما تنزل الحية إلى حجرها ».

[١١٨٦٧] ١٩ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « اللهم بارك لنا في شامنا، وبارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا، ( فقال: اللهم بارك لنا في شامنا، وبارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا )(١) ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان ».

قال صاحب العوالي في الحاشية: أراد بالشام هنا المدنية، وأراد باليمن مكة.

ومثله قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا جفاك زمنك شامك، شامك أو يمنك يمنك. يعني عليك بالمدينة ومكة. انتهى.

[١١٨٦٨] ٢٠ - وفيه عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال؟: « مكة حرم الله وحرم رسوله، الصلاة فيها بمائة ألف صلاة، والدرهم،

__________________

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٤١٨ ح ١٢١.

(٢) اللاواء: ضيق المعيشة، وقيل: القحط ( لسان العرب ج ١٥ ص ٢٣٨ ).

(٣) نفس المصدر ج ١ ص ٤٢٩ ح ١٢٢.

١٩ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥٤ ح ١٢٢.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٢٨ ح ١١٨.

٢٠٧

وروي بعشرة آلاف ».

[١١٨٦٨] ٢١ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إن المدينة لتنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) في مكة: « ما أطيبك من بلد، وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك ».

[١١٨٧٠] ٢٢ - المسعودي في إثبات الوصية: في سياق قصة نوح، عن العالمعليه‌السلام أنه قال: « وعقد نوح في وسط المسجد قبة، فأدخل إليها أهله وولده و، ( المؤمنين )(١) - إلى أن قال - فسميت الكوفة قبة الاسلام بسبب تلك القبة ».

[١١٨٧١] ٢٣ - حسين بن حمدان في كتابه: في حديث المفضل الطويل، عن الصادقعليه‌السلام قال: « حدثني أبي الباقر عن جدي علي بن الحسين يرفعه إلى جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( طينتنا من المدينة )(١) ، وطينة شيعتنا من الكوفة، وطينة أعدائنا من البصرة » الخبر.

[١١٨٧٢] ٢٤ - وقال الشيخ الطوسي في المصباح: ويستحب أن يقول في السجدة بين الأذان والإقامة: اللهم اجعل قلبي بارا، ( وعملي سارا،

__________________

٢١ - عوالي اللآلي ج ١. ص ٤٢٩ ح ١٢٣.

(١) نفس المصدر. ج ١ ص ١٨٦ ح ٢٦٠.

٢٢ - اثبات الوصية ص ٢٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢٣ - الهداية ص ١١١ أ.

(١) في المصدر: طينة أبي من مدينة.

٢٤ - مصباح المتهجد ٢٨.

٢٠٨

وعيشي قارا(١) ، ورزقي دارا، واجعل لي عند قبر نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله مستقرا وقرارا.

١٣ -( باب أن حرم المدينة من عائر إلى وعير، لا يعضد شجره ولا بأس بصيده، إلا ما صيد بين الحرتين)

[١١٨٧٣] ١ - دعائم الاسلام؟: عن عليعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المدينة حرم ما بين عير إلى ثور. الخبر.

[١١٨٧٤] ٢ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال: « ما بين لابتي المدينة حرم. فقيل له: طيرها كطير مكة؟ قال: « لا ولا يعضد(١) شجرها. قيل له: وما لابتاها؟ قال: « ما أحاطت به الحرة، حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يهاج صيدها، ولا يعضد شجرها ».

[١١٨٧٥] ٣ - بعض نسخ الرضوي: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مكة حرم الله، حرمها إبراهيم، والمدينة حرمي ما بين لابتيها، لا يعضد شجرها، وما بين لابتيها، ما بين ظل عائر إلى ظل وعير، وليس صيدها كصيد مكة، بل يؤكل هذا ولا يؤكل ذاك ».

__________________

(١) ليس في المصدر.

الباب ١٣

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٦.

(١) العضد: القطع، أي لا يقطع شجرها ( مجمع البحرين ج ٣ ص ١٠٢ ).

٣ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام ص ٧٥.

٢٠٩

١٤ -( باب استحباب زيارة فاطمةعليه‌السلام ، وموضع قبرها)

[١١٨٧٦] ١ - السيد علي بن طاووس في الاقبال: عن كتاب المسائل وأجوبتها من الأئمةعليهم‌السلام ، فيما سئل عن مولانا علي بن محمد الهاديعليهما‌السلام ما هذا لفظه: أبو الحسن إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: كتبت إليه: إن رأيت أن تخبرني عن بيت أمك فاطمةعليها‌السلام ، أهي في طيبة أو كما يقول الناس في البقيع؟ فكتب: « هي مع جدي ( صلوات الله عليه ) » قلت: وهذا النص كاف في أنها مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنقول:

السلام عليك يا سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا والدة الحجج على الناس أجمعين، السلام عليك أيتها المظلومة الممنوعة حقها.

ثم قل: اللهم صل على أمتك، وابنه نبيك، وزوجة وصي نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صلاة تزلفها فوق زلفى عبادك المكرمين، من أهل السماوات وأهل الأرضين.

فقد روي أن من زارها بهذه الزيارة، واستغفر الله غفر الله له وأدخله الجنة.

وذكر ولده في كتاب زوائد الفوائد(١) : أن هذه الزيارة مختصة بيوم وفاتها، وهو الثالث من جمادى الآخرة، وقال: تصلي صلاة الزيارة أو صلاتها وهي ركعتان، تقرأ في كلّ ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد

__________________

الباب ١٤

١ - إقبال الاعمال ص ٦٢٣، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ١٨٩.

(١) زوائد الفوائد: مخطوط.

٢١٠

ستين مرة، وإن لم تستطع فصل ركعتين بالحمد والاخلاص، والحمد وقل يا أيها الكافرون، وإذ سلمت تقول: السلام عليك، وساق الزيارة مع اختلاف يسير.

[١١٨٧٧] ٢ - البحار، معن مصباح الأنوار: عن أمير المؤمنين، عن فاطمةعليها‌السلام قالت: « قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة من صلى عليك غفر الله له وألحقه بي حيث كنت من الجنة ».

[١١٨٧٨] ٣ - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد: عن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أي مكان دفنت؟ فقال: « سأل رجل جعفرا عن هذه المسألة وعيسى بن موسى حاضر، فقال له عيسى: دفنت في البقيع، فقال الرجل: ما تقلو؟ فقال: قد قال لك، فقلت له: أصلحك الله وما أنا وعيسى بن موسى، أخبرني عن آبائك، فقالعليه‌السلام : دفنت في بيتها ».

١٥ -( باب استحباب النزول بالمعرس لمن مر به واردا من مكة، والصلاة فيه، والاضطجاع به ليلا كان أو نهارا، وعدم استحباب الغسل له)

[١١٨٧٩] ١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد بن شريح: عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:

__________________

٢ - البحار ج ١٠٠ ص ١٩٤، عن مصباح الأنوار ص ٢٨٦.

٣ - قرب الإسناد ص ١٦١.

الباب ١٥

١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٥

٢١١

سألته عن معرس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذي الحليفة، فقال: « عند المسجد ببطن الوادي، حيث يعرس الناس ».

١٦ -( باب استحباب زيارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وكراهة تركها)

[١١٨٨٠] ١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي، عن أحمد بن محمد بن عقدة، عن الحسن بن علي بن الحسن، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن سنان، عن عبيد الله القصباني، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إن ولايتنا ولاية الله عز وجل التي لم يبعث نبي قط إلا بها، إن الله عز اسمه عرض ولايتنا على السماوات والأرض والجبال والأمصار، فلم تقبلها قبول أهل الكوفة، وإن إلى جانبهم لقبرا ما لقيه مكروب إلا نفس الله كربته، وأجاب دعوته، وقلبه إلى أهله مسرورا ».

[١١٨٨١] ٢ - السيد الرضي في الخصائص: عن الصادقعليه‌السلام عن آبائه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من زار علياعليه‌السلام بعد وفاته فله الجنة ».

[١١٨٨٢] ٣ - وعنهعليه‌السلام قال: « إن أبواب السماء لتفتح عند دعاء الزائر لأمير المؤمنينعليه‌السلام ».

[١١٨٨٣] ٤ - وعنهعليه‌السلام قال: « من ترك زيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام لم ينظر الله إليه، ألا تزورون من تزوره الملائكة

__________________

١ - أمالي المفيد ص ١٤٢.

٢ - ٣ الخائص ص ٥.

٤ - الخصائص ص ٥.

٢١٢

والنبيونعليهم‌السلام ، إن أمير المؤمنينعليه‌السلام أفضل من كلّ الأئمة، وله مثل ثواب أعمالهم، وعلى قدر أعمالهم فضلوا ».

[١١٨٨٤] ٥ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي علي ابن شيخ الطائفة، عن أبيه، عن المفيد، عن جعفر بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة، وأنه لينزل كلّ يوم ( وليلة )(١) سبعون ألف ملك فيأتون البيت المعمور فيطوفون به، فإذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة، فإذا طافوا بها(٢) أتوا قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسلموا عليه، ثم اتوا قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام فسلموا عليه ثم أتوا قبر الحسينعليه‌السلام فسلموا عليه، ثم عرجوا وينزل مثلهم أبدا إلى يوم القيامة ».

وقالعليه‌السلام : « من زار أمير المؤمنينعليه‌السلام عارفا بحقه غير متجبر ولا متكبر، كتب الله له أجر مائة ألف شهيد، وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبعث من الآمنين، وهون عليه الحساب، وتستقبله الملائكة، فإذا انصرف شيعوه إلى منزله، فإذا مرض عادوه، وإن مات تبعوه بالاستغفار إلى قبره ».

[١١٨٨٥] ٦ - الشيخ محمد بن المشهدي في مزاره: بإسناده إلى محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن

__________________

٥ - بشارة المصطفى ص ١٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المخطوط: به: وما أثبتناه من المصدر.

٦ - مزار المشهدي ص ١٤، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٢٦٢ ح ١٧

٢١٣

عمار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « أتى أعرابي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله إن منزلي ناء عن منزلك، وإني أشتاقك وأشتاق إلى زيارتك، وأقدم فلا أجدك وأجد علي بن أبي طالبعليه‌السلام فيؤنسني بحديثه ومواعظه، وأرجع وأنا متأسف على رؤيتك.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من زار علياعليه‌السلام فقد زارني، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، أبلغ قومك هذا عني، ومن أتاه زائرا فقد أتاني وأنا المجازي له يوم القيامة، وجبرئيل، وصالح المؤمنين ».

[١١٨٨٦] ٧ - السيد المرتضى في أجوبة المسائل الميافارقيات: وروي أن من زار أمير المؤمنينعليه‌السلام كانت له الجنة.

١٧ -( باب استحباب عمارة مشهد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ومشاهد الأئمةعليهم‌السلام وتعاهدها، وكثرة زيارتها)

[١١٨٨٧] ١ - السيد عبد الكريم بن طاووس في فرحة الغري: عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن أبي البركات بن(١) إبراهيم الصنعاني، عن الحسين بن رطبة، عن أبي علي ابن شيخ الطائفة، عن أبيه، عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن داود، ( عن محمد بن علي بن المفضل،

__________________

٧ - أجوبة المسائل الميافارقيات ص ٥٨.

الباب ١٧

١ - فرحة العزي ص ٧٧.

(١) في المخطوط: عن، وما أثبتناه من المصدر ( راجع رياض العلماء ج ٣ ص ١٧٥ ).

٢١٤

عن الحسين بن محمد بن الفرزدق عن علي )(٢) بن موسى ( بن )(٣) الأحول، عن محمد بن أبي السري، عن عبد الله بن محمد البلوي، عن عمارة بن يزيد، عن أبي عامر التباني واعظ أهل الحجاز قال: اتيت أبا عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام وقلت له(٤) : ما لمن زار قبره - يعني أمير المؤمنينعليه‌السلام - وعمر تربته؟ قال: « يا أبا عامر حدثني أبي، عن أبيه عن جده الحسين بن علي، عن عليعليهم‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له: والله لتقتلن بأرض العراق وتدفن بها، قلت: يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟ فقال لي: يا أبا الحسن إن الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة، وعرصة من عرصاتها، وأن الله جعل قلوب نجباء من خلقه، وصفوة من عباد تحن إليكم، وتحتمل المذلة والأذى فيعمرون قبوركم، يكثرون زيارتها تقربا منهم إلى الله، ومودة منهم لرسوله، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي، الواردون حوضي، هم زواري غدا في الجنة، يا علي من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس، ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجة بعد حجة الاسلام، وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه، فأبشر وبشر أوليائك ومحبيك من النعيم، وقرة العين بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولكن حثالة من الناس يعيرون ( زوار قبوركم )(٥) كما

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر، وهو الموافق لما في الوافي ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٦ ص ٣٣٦ ).

(٣) أثبتناه من معجم رجال الحديث ج ١٦ ص ٣٣٦.

(٤) في المصدر زيادة: يا ابن رسول الله.

(٥) في المصدر: زواركم.

٢١٥

تعير الزانية بزنائها، أولئك شرار أمتي لا ( أنالهم الله )(٦) شفاعتي، ولا يردون حوضي ».

[١١٨٨٨] ٢ - وعن نصير الدين الطوسي، عن والده، عن القطب الراوندي، عن ذي الفقار بن معبد، عن شيخ الطائفة، عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن داود، عن إسحاق بن محمد، عن أحمد بن زكريا بن طهمان، عن الحسن بن عبد الله بن المغيرة، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله.

وبالإسناد عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن علي بن الفضل عن أبي أحمد إسحاق بن محمد المقرئ المنصوري، مولى المنصور عن أحمد بن زكريا بن طهمان، مثله.

[١١٨٨٩] ٣ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن عبد الله بن الفضل بن محمد بن هلال، عن سعيد بن محمد، عن محمد بن سلام الكوفي، عن أحمد بن محمد الواسطي، عن عيسى بن أبي شيبة القاضي، عن نوح بن دراج، عن قدامة بن زائدة عن أبيه، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، عن عمته زينب، عن أم أيمن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث طويل - وفيه: أنه ذكر له جبرئيلعليه‌السلام قصة شهادة أبي عبد اللهعليه‌السلام - إلى أن قال - « ثم يبعث الله قوما من أمتك لا يعرفهم الكفار، ولم يشركوا في تلك الدماء بقول ولا فعل ولا نية، فيوارون أجسامهم، ويقيمون رسما لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء يكون علما

__________________

(٦) في نسخه: نالتهم، ( منه قده ).

٢ - فرحة الغري ص ٧٨.

٣ - كامل الزيارات ص ٢٦٥.

٢١٦

لأهل الحق، وسببا للمؤمنين إلى الفوز » الخبر.

[١١٨٩٠] ٤ - البحار: عن السيد محمد بن أبي طالب قال: قال المفيد بإسناده إلي أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما سار أبو عبد اللهعليه‌السلام من المدينة أتته أفواج من مسلمي الجن، إلى أن قالعليه‌السلام : « وإذا أقمت بمكاني فبماذا يبتلى هذا الخلق المتعوس؟ وبماذا يختبرون؟ ومن ذا يكون ساكن حفرتي بكربلا؟ وقد اختارها الله تعالى يوم دحو الأرض، وجعلها معقلا لشيعتنا، ويكون لهم أمانا في الدنيا والآخرة » الخبر.

ورواه(١) الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية بإسناده، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله.

١٨ -( باب استحباب زيارة آدم ونوح وإبراهيم مع أمير المؤمنينعليهم‌السلام )

[١١٨٩١] ١ - الشيخ المفيد (ره) في مزاره: عن صفوان قال: سألت الصادقعليه‌السلام : كيف نزور أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ فقال: « يا صفوان، إذا أردت ذلك - وذكر -عليه‌السلام كيفية الزيارة وآدابها، إلى أن قالعليه‌السلام -: ثم عد إلى عند الرأس لزيارة آدمعليه‌السلام ، ونوحعليه‌السلام ، وقل في زيارة آدم:

السلام عليك يا صفي الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام

__________________

٤ - البحار ج ٤٤ ص ٣٣٠.

(١) الهداية ص ٤٤ أ.

الباب ١٨

١ - البحار ج ١٠٠ ص ٢٨٧.

٢١٧

عليك يا نبي الله، السلام عليك يا أمين الله، السلام يا خليفة الله في أرضه، السلام عليك يا أبا البشر، السلام عليك(١) وعلى روحك وبدنك، وعلى الطاهرين من ولدك وذريتك، صلاة لا يحصيها إلا هو، ورحمة الله وبركاته.

وقل في زيارة نوحعليه‌السلام :

السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا صفي الله، السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا شيخ المرسلين، السلام عليك يا أمين الله، في أرضه، صلوات الله وسلامه عليك وعلى روحك وبدنك، وعلى الطاهرين من ولدك، ورحمة الله وبركاته.

ثم صل ست ركعات ركعتان منها لزيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام - إلى أن قال - وتهدي الأربع ركعات الأخرى إلى آدم ونوحعليهما‌السلام ».

[١١٨٩٢] ٢ - علي بن الحسين المسعودي في إثبات الوصية: وقد روي الناس مما أوصى - أي عليعليه‌السلام - إلى الحسنعليه‌السلام أن يحمل هو وأخوه الحسينعليهما‌السلام مقدم الجنازة، فإذا وقعت الجنازة حفرا في ذلك الموضع فإنهما يجدان خشبتين(١) كان نوحعليه‌السلام حفر هما(٢) له، فيدفناه فيها.

__________________

(١) في نسخة: سلام الله، ( منه قده ).

٢ - أثبات الوصية ص ١٣٢.

(١) في نسخة: خشبة.

(٢) في نسخة: حفرها.

٢١٨

[١١٨٩٣] ٣ - وروي أن الجنازة حملت إلى مسجد السهلة، ووحدت ناقة باركة هناك فحمل عليها وأقاموها وتبعوها، فلما وقفت بالغري وبركت، حفر في ذلك المكان فوجدت الخشبة المحفورة، فدفن فيها حسب ما أوصى، وأن آدم ونوحا وأمير المؤمنينعليهم‌السلام في قبر واحد.

[١١٨٩٤] ٤ - وروي في سياق قصة نوح ما لفظه: فقبض روحه، وتولى سام ابنه غسله ودفنه والصلاة عليه، وقبره في ظاهر الكوفة بالغري مع آدمعليهما‌السلام .

[١١٨٩٥] ٥ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: حدثني أحمد بن صالح، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الإمامعليه‌السلام أن الصادقعليه‌السلام قال لشيعته بالكوفة وقد سألوه فضل الغريين، والبقعة التي دفن فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى أن قالعليه‌السلام : « وأما البقعة التي فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فإن نوحا لما طافت السفينة في الطوفان حول الحرم بمكة، وقفت في جانب الركن اليماني، وهبط جبرئيل على نوح وقال: إن الله يأمرك أن تنزل ما بين السفينة والركن اليماني، فإذا استقرت قدماك على الأرض فابحث بيدك هناك، فإنك تستخرج تابوت أبيك آدم، فاحمله معك في السفينة، فإذا غاض الماء فادفنه بظهر النجف في الذكوات البيض من أرض الكوفة، فإنها بقعة له ولك ولعلي بن أبي طالب وصي حبيبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففعل

__________________

٣ - إثبات الوصية ص ١٣٢.

٤ - إثبات الوصية ص ٢٣.

٥ - الهداية ص ١١ ب.

٢١٩

نوح ووصى ابنه أن يدفنه في البقعة مع التابوت الذي كان لآدم، فإذا زرتم مشهد أمير المؤمنينعليه‌السلام فزوروه على أنه مشهد آدم ونوح وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( صلوات الله ) عليهم أجمعين.

١٩ -( باب تأكد استحباب زيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم الغدير، وكثرة الصدقة فيه)

[١١٨٩٦] ١ - السيد علي بن طاووس في الاقبال: روى عدة من شيوخنا، عن أبي عبد الله محمد بن أحمد الصفواني من كتابه بإسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا كنت في يوم الغدير في مشهد مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فادن من قبره بعد الصلاة والدعاء، وإن كنت في بعد منه فأوم إليه بعد الصلاة، وهذا الدعاء:

اللهم صل على وليك، وأخي نبيك ووزيره وحبيبه وخليله، وموضع سره وخيرته من أسرته، ووصيه وصفوته وخالصته وأمينه ووليه، وأشرف عترته الذين آمنوا به، وأبي ذريته، وباب حكمته، والناطق بحجته، والداعي إلى شريعته، والماضي على سنته، وخليفته على أمته، سيد المسلمين، وأمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، أفضل ما صليت على أحد من خلقك وأصفيائك وأوصياء أنبيائك، اللهم إني أشهد أنه قد بلغ عن نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله ما حمل، ورعى ما استحفظ، وحفظ ما استودع، وحلل حلالك، وحرم حرامك، وأقام أحكامك، ودعا إلى سبيلك، ووالى أولياءك، وعادى أعداءك، وجاهد الناكثين عن سبيلك، والقاسطين والمارقين عن أمرك، صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر، لا تأخذه في الله لومة لائم،

__________________

الباب ١٩

١ - الاقبال ص ٤٩٣.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

رجع به ، ولا يسمع لهم صياح ولا لفظ (لغط) وأنتم عندي كلّ يوم تظنون الظنون).

فمن مرّت به هكذا تجربة كيف يُعقل تناسيها ، ولا يحتاط بعدم إثارة الفضول والشكوك؟

وأيضاً كيف لم يثر ذلك المشهد فضول الأصحاب وفيهم أمثال الأشعث ابن قيس الّذي كان يدس أنفه في كلّ شيء ، وتفتح شهيته إثارة الفتنة؟

٩ ـ قال : « إنّ عليّاً قال له : ألا تعينني على قتالهم؟ فقال ابن عباس : لا والله لا أقاتل قوماً قد خصموني في الدنيا وإنّهم يوم القيامة لي أخصم وعليّ أقوى ، إن لم أكن معهم لم أكن عليهم ».

أقول : ما دام الحديث كان سراً ونجوى بين الإمام وابن عباس ولم يكن معهم ثالث ، فمن ذا يا ترى أذاع النجوى؟

هل هو الإمام الّذي حرص على عدم معرفة أصحابه بما جاء به ابن عباس؟ وهذا لا يعقل لأنّ إذاعته على خلاف مصلحته.

أو هو ابن عباس لأنّه الطرف الآخر؟ وهنا سؤال يقفز في الذهن : فإذا كان هو ابن عباس فلابدّ أنّه حدّث به لآخر أو آخرين فسُمع منه وروي عنه ، فمن هو الراوي لذلك؟ لماذا لم يذكر اسمه في المحاورة؟

١٠ ـ قال : « واعتزل ابن عباس (رضي الله عنه) ثمّ فارقه وكتب إليه عليّ يأنّبه (وهذا غلط إملائي وصوابه : يؤنّبه) بمال أخذه من البصرة من بيت المال : فقال له : قد عرفت وجه أخذي المال قد علمت أخذي للمال من قبل قولي في أهل النهروان ».

٢٤١

أقول : وهنا تبدّى الصبح لذي عينين ، وصكّ الحجر العصفورين كما يقول المثل السائر.

فابن عباس اعتزل وفارق ، وأخذ من بيت مال البصرة ، وبرّر أخذه ، وأصرّ مستكبراً بقوله : « ولو كان أخذي المال باطلاً كان أهون من أن أشرك في دم مؤمن فاكفف عن القوم » ، والإمام علم بذلك من قبل قول ابن عباس في أهل النهروان ولم يؤاخذه أو يعاتبه ، وسكت على خيانته ، ليكون شريكاً له في جنايته ، فكلاهما أصابه حظ من ذرو هذا القول في المحاورة.

أليس كذلك؟ وعرفنا منذ الآن أنّ عنصراً رابعاً دسّ أنفه في مسألة مال البصرة ولم أكن قد وقفت عليه من قبل ، فتعاونت تلك العناصر على غير مودّة بينها على تشويه صفحة ابن عباس فهو ضحية : أموية حانقة ، وعباسية بغيضة ، وشيعة موتورة ، وأخيراً خوارج ثائرة.

١١ ـ ولنعد إلى عدم انتظام سياق الكلام في المقام ، فقد قال المؤلف : « وكتب إليه عليّ يأنّبه (؟) » ، وهذا يعني البُعد المكاني ليصح التعبير بقوله : وكتب إليه ولا أقل عن مجلسه إن لم يكن عن بلده كما هو المتعارف.

ثمّ قال المؤلف : « فقال له : قد عرفت وجه أخذي المال » ـ وهذا يعني الحضور ليصح التعبير بقوله : فقال له فكيف التوافق والاتساق بين (كتب) وبين (فقال (؟ » أليس الجمع بين الغائب والحاضر في آن واحد يعني التنافي كما في المثل المعروف (أكوس عريض اللحية).

١٢ ـ وأخيراً ختم المؤلف تلك المحاورة بقول ابن عباس : « فاكفف عن القوم ».

٢٤٢

ولنا أن نسأل : مَن هم القوم الذين يطلب ابن عباس من الإمام الكف عنهم؟

أهم الخوارج ـ كما هو المتبادر للقرينة المقامية ـ؟ فهؤلاء سبق للإمام أن حاربهم بالنهروان واستأصل شأفتهم ولم ينج منهم إلاّ ثمانية فرّوا كما مرّ ذكر ذلك. وابن عباس على علم بذلك ، فأيّ معنى للكف عن أناس انتهى أمرهم وقضي عليهم بالنهروان؟

وإن كان القوم غيرهم فمن هم؟

والّذي يبدو لي أنّ المحاورة من نسج غبّي لم يحسن الصنعة ولا شك أنّه من أولئك الذين إذا هَووُا أمراً صيّروه ديناً كما مرّت الإشارة إليه آنفاً ، ولكنه من قوم لا يفقهون.

ويبدو أنّ المؤلف الأباضي صاحب العقود الفضية لم يقف على ما ذكره البلاذري في الأنساب : « قالوا : وكتب عليّ إلى عبد الله بن عباس بمقتل محمّد ابن أبي بكر وعبد الله بالبصرة ، قبل أن يكتب أبو الأسود الدئلي إلى عليّ فيه ، وقبل أن يقع بينهما المنافرة ، وكان عبد الله قد نافر عليّاً بالنهروان ولحق بمكة »(١) .

قلت : يبدو أنّ الأباضي لم يقف على هذا ، وإلا لجعل منها أساساً يعليّ عليه بنيانه ، ويدعم هذيانه على أنّ ذلك لا يجديه شيئاً ، لأنّ وقعة النهروان ـ فيما رواها البلاذري ـ كانت في ٩ صفر سنة ٣٨ هـ ، وفي قول غيره سنة تسعة وثلاثين ، ومقتل محمّد كان في سنة ٣٩ هـ لكنه لم يكن قبل وقعة النهروان ، فإذا (كان ابن عباس قد نافر عليّاً بالنهروان ولحق بمكة) كيف يصح أنّه كتب إليه بمقتل محمّد وهو بالبصرة ...؟

____________

(١) أنساب الأشراف ٢ / ٤٠٥ تح المحمودي.

٢٤٣

ومهما شككنا في القبلية والبعدية بين النهروان ومقتل محمّد ، فإنّا لا نشك في حضور ابن عباس بالكوفة بعد حرب النهروان وقد أرسله الإمام داعياً بقية الخوارج في النخيلة فأبوا.

والآن لنقرأ ما قاله أبو العباس المبرّد(١) : « وكان أهل النخيلة جماعة بعد أهل النهروان ممّن فارق عبد الله بن وهب ، وممّن لجأ إلى راية أبي أيوب ، وممّن كان أقام بالكوفة فقال : لا أقاتل عليّاً ولا أقاتل معه ، فتواصوا فيما بينهم وتعاضدوا وتأسّفوا على خذلانهم أصحابَهم ـ ثمّ ذكر قيام المستورد فيهم خاطباً يدعوهم إلى الجهاد ـ فكلٌّ أجاب وبايع.

قال المبرّد : فوجّه إليهم عليّ بن أبي طالب عبد الله بن العباس داعياً ، فأبوا ثمّ قال ثمّ سار إليهم فطحنهم جميعاً لم يفلت منهم إلاّ خمسة

قال المبرّد : وفيهم يقول عمران بن حطان :

إنّي أدين بما دان الشراة به

يوم النخيلة عند الجوسق الخربِ(٢)

وعاد المبرّد فذكر مناظرة أهل النخيلة لابن عباس ، فقال : وكان أصحاب النخيلة قالوا لابن عباس : إن كان عليّ على حق لم يشكك فيه ، وحَكّم مضطراً فما بالُه حيث ظفر لم يسب ، فقال لهم ابن عباس : قد سمعتم الجواب في التحكيم ، فأمّا قولكم في السباء ، أفكنتم سابين أمكم عائشة! فوضعوا أصابعهم في آذانهم وقالوا : أمسك عنا غَرب لسانك فانّه طلق ذلق ، غواصّ على موضع الحجة »(٣) .

____________

(١) الكامل ٣ / ٣٣٦ ط نهضة مصر بتحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم.

(٢) الجوسق الخرب بظاهر الكوفة عند النخيلة ، والبيت في معجم البلدان ٣ / ١٧٠ من أبيات نسبها إلى قيس بن الأصم الضبي.

(٣) الكامل ٣ / ٢٣٨.

٢٤٤

في مقتل محمّد بن أبي بكر :

لمّا انقضى أمر الحكمين ، وعاد أهل الشام مع عمرو بن العاص سلموا على معاوية بالخلافة ، ولم يكونوا بايعوه من قبل إلاّ على الطلب بدم عثمان ، أمّا الآن فقد تصيّدت الدنيا رجالاً بفخّها ، فمعاوية صار نداً لعليّ في دعوى الخلافة ، وعمرو بن العاص يريد طعمته الّتي شايع معاوية عليها وهي مصر ، ومصر لا تزال تحت حكم الإمام ، إذن لابدّ من التحرّك لافتتاحها وما أيسره إذ لا تزال بمصر عثمانية الهوى ، ومهما كان محمّد بن أبي بكر والي الإمام على درجة عالية من الحنكة السياسية فهو بين عدوين لدودين ، من الداخل والخارج وهما أقوى منه لو أراد المجالدة ، لكنه كان يمكنه أن يكون هو الأقوى منهما لو استعمل المجادلة بالحسنى مع العدو الداخلي كما فعل ذلك قيس بن سعد يوم كان عامل الإمام على مصر ، أمّا محمّد بن أبي بكر فلم يهادن العثمانية ولم يهادن أهل خربتا بل قاتلهم في أوّل ولايته فهم ناصبوه العداء كما ناصبهم فأصبحت مصر فريسة مستساغة لمعاوية ، فأرسل إليها عمرو بن العاص مع ستة آلاف لأخذها وطرد محمّد منها ولكن محمّد لم يكن لين العريكة بل كان أقوى شكيمة وعزيمة فلم يكن يتخلى عن مصر ويسلّم أمانته إلى عمرو بن العاص وداهمه الخطر وأحدق به فاستنصر الإمام يطلب منه المدد ، وفي العدة والعدد ، فأمر الإمام بأن ينادى بالصلاة جامعة فاجتمع الناس فخطبهم وحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثمّ قال : (أمّا بعد فان هذا صريخ محمّد بن أبي بكر وإخوانكم من أهل مصر قد سار اليهم ابن النابغة عدو الله وولي من عادى الله ، فلا يكونن اهل الضلال إلى باطلهم والركون إلى سبيل الطاغوت أشد اجتماعاً منكم على حقكم هذا فإنّهم قد بدأوكم وإخوانكم بالغزو فأعجلوا اليهم بالمواساة والنصر ، عباد الله

٢٤٥

إنّ مصر أعظم من الشام أكثر خيراً ، وخير أهلاً ، فلا تغلبوا على مصر ، فان بقاء مصر في أيديكم عزّ لكم وكبت لعدوكم ، اخرجوا إلى الجرعة بين الحيرة والكوفة فوافوني بها هناك غداً إن شاء الله).

وبكّر من الغد إلى الجرعة وأقام بها حتى انتصف النهار فلم يوافه من الناس مائة رجل ، وعلى رواية الطبري فلم يوافه منهم رجل واحد ، فرجع وقد ساءه تخاذل أصحابه وتثاقلهم عن نصرة محمّد. فلمّا كان العشي بعث إلى رؤساء الناس وأشرافهم فدخلوا عليه وهو حزين كئيب فلمّا حضروا خطبهم عاتباً وغاضباً فقال : (الحمد لله على ما قضى من أمري ، وقدّر من فعليّ ، وابتلاني بكم أيّتها الفرقة ممّن لا يطيع إذا أمرتُ ، ولا يجيبُ إذا دعوتُ ، لا أباً لغيركم ، ما تنتظرون بصبركم والجهاد على حقكم! الموت والذل لكم في هذه الدنيا على غير الحقّ ، فوالله لئن جاء الموت ـ وليأتينّ ـ ليفرقنّ بيني وبينكم ، وأنا لصحبتكم قالٍ ، وبكم غير ضنين ، لله أنتم ألا دين يجمعكم! ألا حميّة تغضبكم! ألا تسمعون بعدوكم ينتقص بلادكم! ويشن الغارة عليكم ، أو ليس عجباً أنّ معاوية يدعو الجناة الطغاة الظلمة فيتبعونه على غير عطاء ولا معونة ويجيبونه في السنة المرة والمرتين والثلاث إلى أيّ وجه شاء ، ثمّ أنا أدعوكم وأنتم أولو النهى وبقية الناس على المعونة وطائفة منكم على العطاء فتقومون عني وتعصونني ، وتختلفون عليَّ!)(١) .

فقام إليه مالك بن كعب الهمداني ثمّ الأرحبي فقال : يا أمير المؤمنين اندب الناس فإنّه لا عطر بعد عروس ، لمثل هذا اليوم كنت أدّخر نفسي ، والأجر لا يأتي

____________

(١) أنظر تاريخ الطبري ٥ / ١٠٧ ط دار المعارف.

٢٤٦

إلاّ بالكرة ، اتقوا الله واجيبوا إمامكم وانصروا دعوته ، وقاتلوا عدوه أنا أسير إليها يا أمير المؤمنين.

فأمر الإمام سعداً ـ مولاه ـ فنادى في الناس : ألا فانتدبوا إلى مصر مع مالك ابن كعب.

ثمّ إنّه خرج وخرج معه عليّ ، فنظر فإذا جميع من خرج نحو ألفي رجل ، فقال : سِر ما أخالك تدرك القوم حتى ينقضي أمرهم.

قال : فخرج بهم فسار خمساً.

ثمّ إنّ الحجاج بن غزية الأنصاري قدم على عليّ من مصر ، وقدم عبد الرحمن بن شبيب الفزاري. فأمّا الفزاري فكان عينه بالشام ، وأمّا الأنصاري فكان مع محمّد بن أبي بكر ، فحدّثه الأنصاري بما رأى وعاين وبهلاك محمّد ، وحدّثه الفزاري أنّه لم يخرج من الشام حتى قدمت البُشراء من قبل عمرو بن العاص تترى ، يتبع بعضها بعضاً بفتح مصر وقتل محمّد بن أبي بكر ، وحتى أذّن بقتله على المنبر ، وقال : يا أمير المؤمنين قلّما رأيت قوماً قط أسرّ ، ولا سروراً قط أظهر من سرور رأيته بالشام حين أتاهم هلاك محمّد بن أبي بكر.

فقال عليّ : حزننا عليه على قدر سرورهم به ، لا بل يزيد أضعافاً(١) .

وقد روى الطبري وغيره من المؤرخين كتاب الإمام أمير المؤمنين إلى ابن عباس وهو بالبصرة يخبره بمقتل محمّد بن أبي بكر ويشكو إليه تخاذل أصحابه ، ويبثّه بعض شجونه.

____________

(١) نفس المصدر ٥ / ١٠٨.

٢٤٧

وكان مقتل محمّد من أنكى الرزايا الّتي اقترفها معاوية وأشياعه ، فقد مرّ بنا أن ذكرنا كيفية قتله البشعة ، وذكرنا مدى وقع نبأ الفاجعة على أخته عائشة على ما كان بينهما من نبوة في الرأي حتى صارت تدعو على معاوية وعمرو بن العاص. فما ظنك بمدى حزن الإمام عليه وهو ربيبه ، ومدى حزن ابن عباس عليه وهو ابن خالته وصاحبه ، ولم يكن كتاب الإمام إلى ابن عباس بنبأ الفاجعة لمجرد الإخبار وبث الشكوى فيما أرى ـ بل فيه إيماء إلى اتخإذ ابن عباس الحيطة واليقظة في ضبط البلاد لأنّ البصرة هي ثالث المعسكرات الإسلامية الّتي كانت تضمها حكومة الإمام ، وقد سقطت مصر منها بيد العدو ، فلم يبق إلاّ الكوفة والبصرة ، وهي مطمح نظر معاوية ، لعلمه بأن فيها من العثمانية والموتورين بحرب الجمل ما يكفيه لإثارة الشغب ، وبالتالي الانقضاض عليها ، فهو سوف يتحيّن الفرصة لذلك ، وكما حدث بعدُ في فتنة ابن الحضرمي وسنأتي على ذكرها.

ونعود إلى كتاب الإمام إلى ابن عباس ونذكره برواية الشريف الرضي في نهج البلاغة. قال : « ومن كتاب له (عليه السلام) إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمّد ابن أبي بكر : (أمّا بعدُ فإنّ مصر قد افتتحت ومحمّد بن أبي بكر (رحمه الله) قد استُشهد ، فعند الله نحتسبه ولداً ناصحاً ، وعاملاً كادحاً ، وسيفاً قاطعاً ، وركناً دافعاً. وقد كنتُ حثثت الناس على لحاقه ، وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة ، ودعوتهم سراً وجهراً وعوداً وبدءاً ، فمنهم الآتي كارهاً ، ومنهم المعتلّ كاذباً ، ومنهم القاعد خاذلاً ، أسأل الله أن يجعل لي منهم فرجاً عاجلاً ، فوالله لولا طمعي عند لقائي عدوي في الشهادة ، وتوطيني نفسي على المنيّة لأحببتُ أن لا أبقى مع هؤلاء يوماً واحداً ، ولا ألتقي بهم أبداً) ».

٢٤٨

وهذا الكتاب كما يفيض أسىً ولوعة ، مع حرارة لها لذعة ، هو آية في الفصاحة والبلاغة ، قال ابن أبي الحديد في تعقيبه عليه : « أنظر إلى الفصاحة كيف تعطي هذا الرجل قيادها وتملكه زمامها؟ واعجب لهذه الألفاظ المنصوبة ، يتلو بعضها بعضاً كيف تواتيه وتطاوعه ، سهلة سلسة ، تتدفق من غير تعسّف ولا تكلّف حتى انتهى إلى آخر الفصل ، فقال : يوماً واحداً ، ولا ألتقي بهم أبداً. وأنت وغيرك من الفصحاء إذا شرعوا في كتاب أو خطبة ، جاءت القرائن والفصائل تارة مرفوعة ، وتارة مجرورة ، وتارة منصوبة ، فإن أرادوا قسرها بإعراب واحد ظهر منها في التكلّف أثر بيّن ، وعلامة واضحة ، وهذا الصنف من البيان أحد أنواع الإعجاز في القرآن ، ذكره عبد القاهر قال : « انظر إلى سورة النساء وبعدها سورة المائدة ، الأولى منصوبة الفواصل ، والثانية ليس فيها منصوب أصلاً ، ولو مزجت احدى السورتين بالأخرى لم تمتزجا ، وظهر أثر التركيب والتأليف بينهما.ثمّ انّ فواصل كلّ واحدة منهما تنساق سياقة بمقتضى البيان الطبيعي لا الصناعة التكلفية ».

ثمّ انظر إلى الصفات والموصوفات في هذا الفصل كيف قال : ولداً ناصحاً وعاملاً كادحاً ، وسيفاً قاطعاً ، وركناً دافعاً ، لو قال : ولداً كادحاً ، وعاملاً ناصحاً ، وكذلك ما بعده لما كان صواباً ، ولا في المواقع واقعاً ، فسبحان من منح هذا الرجل بهذه المزايا النفسية ، والخصائص الشريفة ، أن يكون غلام من أبناء مكة ينشأ بين أهله ، لم يخالطه الحكماء وخرج أعرف بالحكمة ودقائق العلوم الآلهية من افلاطون وأرسطو ، ولم يعاشر أرباب الحكم الخلقية والآداب النفسانية ، لأن قريشاً لم يكن أحد منهم مشهوراً بمثل ذلك ، وخرج أعرف بهذا الباب من

٢٤٩

سقراط ، ولم يربّ بين الشجعان لأن أهل مكة كانوا ذوي تجارة ولم يكونوا ذوي حرب ، وخرج أشجع من كلّ بشر مشى على الأرض.

قيل لخلف الأحمر : أيّما أشجع عتيبة وبسطام أم عليّ بن أبي طالب؟ قال : إنّما يذكر عتيبة وبسطام مع البشر والناس ، لا مع من يرتفع عن هذه الطبقة ، فقيل له : فعلى كلّ حال.

قال : والله لو صاح في وجهيهما لماتا قبل أن يحمل عليهما.

وخرج أفصح من سحبان وقسّ ، ولم تكن قريش بأفصح العرب ، كان غيرها أفصح منها. قالوا : أفصح العرب جرهم وإن لم تكن لهم نباهة ، وخرج أزهد الناس ، وأعفّهم مع أنّ قريشاً ذووا حرص ومحبة للدنيا ، ولا غرو فيمن كان محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مربّيه ومخرجّه ، والعناية الآلهية تمدّه وترفده أن يكون منه ما كان »(١) .

قال أبو محنف في كتابيه مقتل محمّد بن أبي بكر والأشتر ، وقد ذكر كتاب الإمام إلى ابن عباس بصورة أوسع ممّا مر وهي : « بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى عبد الله بن عباس ، سلام عليك فإنّي أحمد الله إليك الّذي لا إله إلاّ هو ، أمّا بعد ، فإن مصر قد افتتحت ، ومحمّد بن أبي بكر قد استشهد ، فعند الله نحتسبه وندّخره ، وقد كنت قمت في الناس في بدئه ، وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة ، ودعوتهم سراً وجهراً ، وعَوداً وبدءاً ، فمنهم من أتى كارهاً ، ومنهم من اعتل كاذباً ، ومنهم القاعد حالاً (خاذلاً) ، أسأل الله أن يجعل لي منهم فرجاً ومخرجاً ، وأن يريحني منهم عاجلاً ، والله لولا طمعي عند لقاء

____________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٤ / ٥٤ ـ ٥٥.

٢٥٠

عدوي في الشهادة ، لأحببت ألاّ أبقى مع هؤلاء يوماً واحداً ، عزم الله لنا ولك على الرشد ، وعلى تقواه وهداه ، إنّه على كلّ شيء قدير والسلام ».

وهذا الكتاب كما تضمن إعلام ابن عباس بفتح مصر وقتل محمّد بن أبي بكر ، كذلك تضمّن إعلامه بحال الناس معه في عدم استجابتهم حين يدعوهم لما يحييهم ، فهو يبثّ ابن عمه شكواه منهم ، ومن تمنّيه مفارقتهم يُعلم مبلغ حزنه (عليه السلام) ، ولا ريب أنّ ابن عباس أحزنه جميع ذلك ، فبادر بالجواب معزّياً ومواسياً ، ومخفّفاً بعض ما يجده الإمام من الناس بمداراتهم فكتب إليه :

« بسم الله الرحمن الرحيم ، لعبد الله عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين من عبد الله بن عباس ، سلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، أمّا بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه افتتاح مصر ، وهلاك محمّد بن أبي بكر ، فالله المستعان على كلّ حال ، ورحم الله محمّد بن أبي بكر ، وآجرك يا أمير المؤمنين ، وقد سألت الله أن يجعل لك من رعيّتك الّتي ابتليت بها فرجاً ومخرجاً ، وأن يُعزّك بالملائكة عاجلاً بالنصرة ، فإن الله صانع لك ذلك ، ومعزّك ومجيب دعوتك ، وكابت عدوك ، أخبرك يا أمير المؤمنين أنّ الناس ربّما تثاقلوا ثمّ ينشطون ، فأرفق بهم يا أمير المؤمنين ، وداجنهم ومنّهم ، واستعن بالله عليهم ، كفاك الله المهمّ والسلام »(١) .

ويبدو أنّ حزن الإمام على مقتل محمّد قد ألقى بظلاله الحزينة على ابن عباس من خلال كتابه إليه وجوابه هو الآخر عليه وشقّ على ابن عباس ذلك

____________

(١) أنظر تاريخ الطبري ٥ / ١٠٩ ط دار المعارف.

٢٥١

التشرذم الّذي عرا المجتمع بالكوفة ، فرأى أنّ جوابه على كتاب الإمام وحده لن يخفف من غلواء حزنه ، فصمّم على التوجّه إلى الكوفة بنفسه ليسلّي الإمام عن تلك الفوادح الّتي تضافرت عليه فانتابته غرضاً ، وأورثته حزناً كاد معه أن يكون حَرَضاً.

فقد ذكر الطبري : بسنده عن أبي نعامة قال : « لمّا قتل محمّد بن أبي بكر بمصر ، خرج ابن عباس من البصرة إلى عليّ بالكوفة واستخلف زياداً »(١) .

وقال إبراهيم بن محمّد الثقفي : « في حديثه عن فتنة ابن الحضرمي بالبصرة ـ كما سيأتي ـ وإنّ الأمير بالبصرة يومئذ زياد بن عبيد قد استخلفه عبد الله بن عباس وقدم على عليّ (عليه السلام) إلى الكوفة يعزّيه عن محمّد بن أبي بكر »(٢) .

فتنة ابن الحضرمي بالبصرة :

لقد ذكر المؤرخون أنّ معاوية بعد أن افتتحت له مصر ، صوّب نظره إلى العراق والحجاز واليمن وهي البلاد الّتي كانت تتبع في حكوماتها إلى الإمام ، والّذي لا شك فيه أن كان قد نفذ إلى تلك الولايات من خلال بقايا العثمانية ، فكان همه الأوّل بعد مصر أن يفتح البصرة ، وهي أقرب منالاً لطبيعة تركيبها السكانية ، ففيها قبائل بني تميم وهم من العناصر الّتي لم تخف تذمّرها من الحكم العلوي ، إلاّ أنفار وقليل ما هم ، وقد مرّ بنا تنمّر ابن عباس معهم لولا كتاب الإمام إليه ، ولم تكن بقية مضر دونهم ، وحتى الأزد كانوا كذلك إلاّ قليلاً منهم ، وهذا ما كان يعرفه معاوية معرفة تامة ، وله فيها مَن يوإليه. لذلك صمّم على قطعها عن

____________

(١) نفس المصدر ٥ / ١١٠ ط دار المعارف.

(٢) الغارات / ٣٨٧ تح ـ الأرموي.

٢٥٢

مركز الخلافة بكل حول وطول ، والعقبة الكأداء في طريقه وجود عبد الله بن عباس فيها وهو العامل اليقظ الّذي لم يترك بحزمه وعزمه مجالاً ينفذ فيه معاوية ، فكان عليه أن يتربص خلوّ البلاد منه ، وهذا ما حدث ويترقب ما يأتيه من عيونه ، حتى إذا كتب إليه صحار بن عباس العبدي ـ وهو ممّن كان يرى رأي العثمانية ويخالف قومه في حبهم عليّاً (عليه السلام) ونصرتهم إياه ـ « أمّا بعد : فقد بلغنا وقعتك بأهل مصر الذين بغوا على امامهم ، وقتلوا خليفتهم ظلماً وبغياً ، فقرّت بذلك العيون فإن رأيت أن تبعث إلينا أميراً طيباً ذكياً ذا عفاف ودين يدعو إلى الطلب بدم عثمان فعلت ، فإنّي لا أخال الناس إلاّ مجتمعين عليك ، فإنّ ابن عباس غائب عن الناس (المصر) والسلام.

فلمّا قرأ معاوية كتابه قال : « لا عزمت رأياً سوى ما كتب به إليّ هذا ، وكتب إليه جوابه »(١) .

قال ابن الأثير : « سيّر معاوية عبد الله بن الحضرمي إلى البصرة وقال له : إنّ جلّ أهلها يرون رأينا في عثمان ، وقد قتلوا في الطلب بدمه ، فهم لذلك حنقون يودّون أن يأتيهم من يجمعهم وينهض بهم في الطلب بثأرهم ودم إمامهم ، فانزل في مضر ، وتودّد الأزد فإنّهم كلّهم معك ، ودع ربيعة فلن ينحرف عنك أحد سواهم ، لأنّهم كلّهم ترابية فاحذرهم ».

فسار ابن الحضرمي حتى قدم البصرة ، وكان ابن عباس قد خرج إلى عليّ بالكوفة واستخلف زياد بن أبيه على البصرة فلمّا وصل ابن الحضرمي إلى البصرة

____________

(١) الغارات / ٣٨٥ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ٣٥٠ ، وجمهرة رسائل العرب / ٥٧٥ ـ ٥٧٦ نقلاً عن شرح النهج.

٢٥٣

نزل في بني تميم ، فأتاه العثمانية مسلّمين عليه ، وحضره غيرهم فخطبهم وقال : إنّ عثمان إمامكم إمام الهدى قتل مظلوماً قتله عليّ فطلبتم بدمه فجزاكم الله خيراً.

فقام الضحاك بن قيس الهلالي ـ وكان على شرطة ابن عباس ـ فقال : قبّح الله ما جئتنا به وما تدعونا إليه ، أتيتنا والله بمثل ما أتانا به طلحة والزبير أتيانا وقد بايعنا عليّاً واستقامت أمورنا فحملانا على الفرقة حتى ضرب بعضنا بعضاً ، ونحن الآن مجتمعون على بيعته ، وقد أقال العثرة وعفا عن المسيء ، أفتأمرنا أن ننتضي أسيافنا ويضرب بعضنا بعضاً ليكون معاوية أميراً ، والله ليوم من أيام عليّ خير من معاوية وآل معاوية.

فقام عبد الله بن خازم الأسدي فقال للضحاك : أسكت فلست بأهل أن تتكلم ، ثمّ أقبل على ابن الحضرمي فقال : نحن أنصارك ويدك والقول قولك فاقرأ كتابك ، فأخرج كتاب معاوية إليهم يذكرهم فيه آثار عثمان فيهم وحبه العافية وسدّه ثغورهم ، ويذكر قتله ويدعوهم إلى الطلب بدمه ، ويضمن أنّه يعمل فيهم بالسنّة ويعطيهم عطاءين في السنّة. فلمّا فرغ من قراءته قام الأحنف بن قيس فقال : لا ناقتي في هذا ولا جملي واعتزل القوم.

وقام عمرو بن مرجوم العبدي فقال : أيها الناس الزموا طاعتكم وجماعتكم ولا تنكثوا بيعتكم فتقع بكم الواقعة. وكان عباس(١) بن صحار العبدي مخالفاً لقومه في حب عليّ ، فقام وقال : لننصرنك بأيدينا وألسنتنا.

فقال له المثنى بن مخربة العبدي : والله لئن لم ترجع إلى مكانك الّذي جئتنا منه لنجاهدنك بأسيافنا ورماحنا ، ولا يغرنّك هذا الّذي يتكلم ـ يعني ابن صحار ـ

____________

(١) هكذا في تاريخ ابن الأثير وقد مر أن اسمه صحار بن عباس ، ولعل سهواً في أحد النقلين.

٢٥٤

فقال ابن الحضرمي لصبرة بن شيمان : أنت نابٌ من أنياب العرب فانصرني ، فقال : لو نزلت في داري لنصرتك. فلمّا رأى زياد ذلك خاف فاستدعى حضين ابن المنذر ومالك بن مسمع فقال : أنتم يا معشر بكر بن وائل أنصار أمير المؤمنين وثقاته ، وقد كان من ابن الحضرمي ما ترون وأتاه من أتاه فامنعوني حتى يأتيني أمر أمير المؤمنين.

فقال حضين بن المنذر : نعم ، وقال مالك ـ وكان رأيه مائلاً إلى بني أمية ـ هذا أمر لي فيه شركاء استشير فيه وأنظر. فلمّا رأى زياد تثاقل مالك خاف أن تختلف عليه ربيعة ، فأرسل إلى صبرة بن شيمان الحدّاني الأزدي يطلب أن يجيره وبيت مال المسلمين ، فقال : إن حملته إلى داري أجرتكما ، فنقله إلى داره بالحدّان ، ونقل المنبر أيضاً ، فكان يصلي الجمعة بمسجد الحدّان ويطعم الطعام »(١) .

قال إبراهيم بن محمّد الثقفي : « وكتب إلى عبد الله بن عباس

للأمير عبد الله بن عباس من زياد بن عبيد سلام عليك أمّا بعد فإنّ عبد الله ابن عامر الحضرمي أقبل من قبل معاوية حتى نزل في بني تميم ونعى ابن عفان ودعا إلى الحرب ، فبايعه جلّ أهل البصرة ، فلمّا رأيت ذلك استجرت بالأزد بصبرة بن شيمان وقومه ، لنفسي ولبيت مال المسلمين ، فرحلت من قصر الإمارة فنزلت فيهم وإنّ الأزد معي ، وشيعة أمير المؤمنين من سائر القبائل تختلف إليَّ ، وشيعة عثمان تختلف إلى ابن الحضرمي ، والقصر خالٍ منّا ومنهم ، فارفع ذلك

____________

(١) الكامل ٣ / ١٥٦ ط بولاق.

٢٥٥

إلى أمير المؤمنين ليرى فيه رأيه واعجّل عليّ بالّذي ترى أن يكون فيه منه والسلام.

قال : فرفع ذلك ابن عباس إلى عليّ (عليه السلام) فشاع في الناس بالكوفة ما كان من ذلك »(١) .

قال ابن أبي الحديد : « وروى الواقدي : أنّ عليّاً (عليه السلام) استنفر بني تميم أياماً لينهض منهم إلى البصرة مَن يكفيه أمر ابن الحضرمي ويرد عادية بني تميم الذين أجاروه بها ، فلم يجبه أحد ، فخطبهم وقال : (أليس من العجب أن ينصرني الأزد وتخذلني مضر ، وأعجب من ذلك تقاعد تميم الكوفة بي وخلاف تميم البصرة عليَّ وأن استنجد بطائفة منها تشخص إلى إخوانها فيدعوهم إلى الرشاد فإن أجابت وإلاّ فالمنابذة والحرب ، فكأنّي أخاطب صمّاً بكماً لا يفقهون حواراً ولا يجيبون نداءاً ، كلّ هذا جبناً عن البأس وحباً للحياة لقد كنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نقتل آباءنا وأبناءنا واخواننا وأعمامنا ، ما يزيدنا ذلك إلاّ إيماناً وتسليماً إلى أن قال : وأيم الله لتحتلبنّها دماً ولتتبعنّها ندماً).

قال : فقام إليه أعين بن ضبيعة المجاشعي فقال : إنّا إن شاء الله أكفيك يا أمير المؤمنين هذا الخطب ، وأتكفّل لك بقتل ابن الحضرمي أو إخراجه عن البصرة ، فأمره بالتهيّوء للشخوص فشخص حتى قدم البصرة ـ ثمّ ساق حديثه إلى أن ذكر تبييت نفر من المارقة الخارجة له في بيته وقتله (رحمه الله) ، فكتب زياد بذلك إلى الإمام (عليه السلام) ، فدعا جارية بن قدامة السعدي وكلّمه في ذلك ثمّ بعثه إلى البصرة ومعه خمسين رجلاً ، وكتب معه كتاباً إلى أهل البصرة يوبّخهم على النكث

____________

(١) الغارات / ٣٩٠.

٢٥٦

والتخاذل ، ويتوعدهم إن أصروا على ذلك بوقعة لا يكون يوم الجمل عندها إلاّ كلعقة لاعق. وورد جارية البصرة ونهض معه جماعة من الأزد ، وانتهى أمر ابن الحضرمي إلى أن حصر ومعه جماعة وأبى أن يستسلم فأحرق جارية عليهم البيت ، فهلك ابن الحضرمي وسبعون من أتباعه ، وسمي جارية من ذلك اليوم محرّقا. وانتهت فتنة ابن الحضرمي ، وخاب سعي معاوية ، وبلغ الإمام الخبر فأثنى على جارية ومن ناصره وقال في البصرة : (أوّل القرى خراباً إمّا غرقاً أو حرقاً حتى يبقى مسجدها كجؤجؤ سفينة) »(١) .

وهنا نقف قليلاً لنتساءل : لماذا لم يرجع ابن عباس إلى البصرة ـ مقر عمله ـ فيتولى هو معالجة الموقف بنفسه حسب ما يقتضي به الحال ، وهو الخبير به لسابق معرفته مع حنكته وتجربته؟

وهذا سؤال يبدو وجيهاً ، ولابدّ له من جواب.

وإذا تلمسنا الجواب نعرفه من خلال ما مرّ بنا من مجريات الأحداث بدءاً من أوّل أيام ولايته على البصرة وانتهاءً به إلى حادثة فتنة ابن الحضرمي.

فإنّه لا يخفى على من استذكر ما مرّ بنا من تاريخ حياته بالبصرة ، وأعدنا قراءة نشاطه الإداري والسياسي ، وعرفنا كيف كان يتعامل مع أهل البصرة على ضوء التركيبة السكانية ، ولا يهمل جانب الموالاة للحكم ـ بل لم يتسامح ـ مع الذين كانوا في حرب الجمل قد وقفوا ضدّه. فهو قد تنمّر لبني تميم ، وهم أيضاً قد تنمّروا له ، وقد كتب إليه الإمام (عليه السلام) في ذلك ليخفّف من شدّته وتغيير موقفه معهم.

____________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ٣٥٢.

٢٥٧

ثمّ لو أعدنا قراءة ما خطب به في الأمس القريب حين استنهضهم إلى الخروج لمعاودة حرب أهل الشام ، فرأى التقاعس والتخاذل فأعاد الخطبة ثانية مع وعيد وتهديد.

أقول : فإذا استذكرنا ذلك كلّه من موقف ابن عباس بالبصرة ، وأضفنا إليه ما جرى أمامه مع إمامه بالكوفة حيث استنفر الإمام تميم الكوفة لرد عادية تميم البصرة في فتنة ابن الحضرمي حين أجاروه وأجابوه وناصروه. فلم يجب الإمام من تميم الكوفة أحد ، وهو يستنهضهم أياماً ولا من مجيب حتى خطبهم بما مرّت روايته عن الواقدي.

فكان هذا كلّه بمرأى ومسمع من ابن عباس ، ولا شك كانت تجري مشاورات بينه وبين الإمام في كيفية معالجة الموقف المتأزم ، وما يدرينا لعل من رأيه كانت العودة وتولي حسم الموقف حسب نظره إلاّ ان الإمام لم يأذن له بذلك. وهذا لئن كان مجرد احتمال من دون استدلال. فإن الّذي لا شك فيه أنّه لو عاد لزاد الموقف حراجة ، فالبصرة حين يغلي مرجلها لا يصلح لها من يزيدها غلياناً ، وربّما تزهق نفسه ، كما زهقت نفس محمّد بن أبي بكر. وتذهب البصرة كما ذهبت مصر بالأمس القريب.

فإنّ ابن عباس وما يجد في نفسه على بني تميم سابقاً قد زاده الموقف الحاضر عليهم حنقاً ، ولا ريب لو رجع إلى البصرة فلسوف يستعمل معهم أقسى العقوبات فيضع السيف أمام السوط ، ولا يبقي ولا يذر ، وهذا ما سيزيد النار أواراً ، ويفسد تميم الكوفة ، ويزيد في حنقهم عليه وعلى الإمام ، ولا تؤمن عاديتهم ، وربّما ثارت ثائرتهم وحينئذ يتسع الخرق ، فلا يرتق الفتق. خصوصاً مع

٢٥٨

تربّص ذوي الإحن والأحقاد لمثل ذلك الإنشقاق ، فيدسّوا آنافهم ، ويزيدوا خلافهم ليصطادوا في الماء العكر ، لأنّ إحن الترات القديم بين القبائل في المجتمع العربي لا تزال آثاره في النفوس.

وإلى القارئ رواية مشهد واحد جرى في الكوفة في تلك القضية أمام الإمام وأمام ابن عباس ، وكادت الفتنة تنغض برأسها ، لولا أن تداركها الإمام بحكمته وحنكته فأخمد جذوتها :

فقد روى أبو الكنود : « أنّ شبث بن ربعي قال لعليّ (عليه السلام) : يا أمير المؤمنين ابعث إلى هذا الحي من تميم فادعهم إلى طاعتك ولزوم بيعتك ، ولا تسلّط عليهم أزد عُمان البُعداء البُغضاء ، فإنّ واحداً من قومك خير لك من عشرة غيرهم.

فقال له مخنف بن سليم الأزدي : إنّ البعيد البغيض من عصى الله وخالف أمير المؤمنين وهم قومك ، وإنّ الحبيب القريب من أطاع الله ونصر أمير المؤمنين وهم قومي ، وأحدهم خير لأمير المؤمنين من عشرة من قومك.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : مَه تناهوا ، أيّها الناس وليردعكم الإسلام ووقاره عن التباغي والتهاذي ، ولتجتمع كلمتكم والزموا دين الله الّذي لا يقبل من أحد غيره ، وكلمة الإخلاص الّتي هي قوام الدين ، وحجة الله على الكافرين ، واذكروا إذ كنتم قليلاً مشركين متباغضين متفرقين ، فألّف بينكم بالإسلام فكثرتم واجتمعتم وتحاببتم فلا تفرّقوا بعد إذ اجتمعتم ولا تتباغضوا بعد إذ تحاببتم ، وإذا رأيتم الناس بينهم النائرة وقد تداعوا إلى العشائر والقبائل ، فاقصدوا لهامهم ووجوههم بالسيف حتى يفزعوا إلى الله وإلى كتابه وسنّة نبيّه.

٢٥٩

فأمّا تلك الحميّة من خطرات الشياطين ، فانتهوا عنها لا أباً لكم تفلحوا وتنجحوا »(١) .

فهذا الخبر الّذي نتعامل معه كوثيقة تاريخية له دلالته الحقيقية المؤسفة ، فلا نهدر مدلوله ، فإنّه كما يتسق مع مجرى الأحداث ، فهو يلتقي مع الواقع المرير الّذي يعيشه المجتمع الإسلامي العربي يومئذ ، فإحن الأضغان لا تزال كامنة في النفوس المرضى من تلك القبائل الّتي يتألف منها المجتمع سواء في الكوفة أو البصرة أو غيرهما من البلاد. ومتى أهيجت هاجت ، وثارت الفتنة وماجت.

فإذن لم يكن من المصلحة أن يُرجَع الإمام ابن عمه إلى مقر عمله في ذلك الجو الملتهب الصاخب وهو يعرفه ذلك الحازم الغاضب. ولكنه أعاده بعد إخماد فتنة ابن الحضرمي.

ولم تقف محنة الإمام عند هذا الحد ، بل تجاوزته إلى شرّ منه ، فقد بدأت عشائر الخوارج تنغض إليه رؤوسها ، فيقطعون عليه خطبته ، ويردّون عليه دعوته ، ويثبّطون الناس عن نصرته. ولم يتحرّجوا حتى عن مواجهته ، لأنّهم أمنوا سطوته ، ولا أدل على ذلك من خبر الخريت بن راشد السامي ـ من ولد سامة بن لوي ـ كما سيأتي :

روى الطبري عن عمر بن شبة بسنده عن الشعبي قال : « لمّا قتل عليّ (عليه السلام) أهل النهروان خالفه قوم كثير ، وانقضت عليه أطرافه ، وخالفه بنو ناجية ، وقدم ابن الحضرمي البصرة ، وانتقض أهل الأهواز ، وطمع أهل الخراج في كسره ، ثمّ أخرجوا سهل بن حنيف من فارس ـ وكان عامل عليّ عليها ـ

____________

(١) شرح النهج لابن أ [ ي الحديد ١ / ٣٥٢.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381