موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٦

موسوعة عبد الله بن عبّاس15%

موسوعة عبد الله بن عبّاس مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 509

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠
  • البداية
  • السابق
  • 509 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 80146 / تحميل: 5143
الحجم الحجم الحجم
موسوعة عبد الله بن عبّاس

موسوعة عبد الله بن عبّاس الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الحسن يسأله : من أوّل من جمع الناس في هذا المسجد يوم عرفة؟ فقال : أوّل من جمع ابن عباس ، قال : وكان مثجّة(١) أحسب في الحديث يثير العلم ، قال : وكان يصعد المنبر فيقرأ سورة البقرة فيفسّرها آية آية )(٢) . ورواه ابن سعد ثانية بسند آخر عن الحسن البصري.

ولا غرابة لو فسّر البقرة آية آية وهو الذي روى عنه ابن أبي مليكة ، قال : ( سمعت ابن عباس يقول : سلوني عن سورة البقرة وعن سورة النساء فإنّي قرأت القرآن وأنا صغير )(٣) .

وكان له في البصرة عدّة تلاميذ يُحمل عنهم الحديث أفذاذ ، مثل جابر بن زيد أبو الشعثاء الذي قال في حقه : ( لو نزل أهل البصرة عند قول جابر بن يزيد لأوسعهم عمّا في كتاب الله علماً )(٤) .

ومثل حيّان بن عمير القيسي ، وأبي مدينة السدوسي ، وموسى بن سلمة الهذلي ، والحكم بن الاعرج ، وأبو يزيد المدني ، ويوسف بن مهران ، وغيرهم كثير ، ومن أعيانهم أبو الجوزاء الربعي ، قال : ( جاورت ابن عباس في داره اثنتي عشرة سنة ما في القرآن آية إلاّ وقد سألته عنها )(٥) . وأحسبه

____________________

(١) في النهاية لابن الأثير ( ثج ) ومنه قول الحسن عن ابن عباس ( انه كان مثجا ) أي كان يصب الكلام صبا ، شبّه فصاحته وغزارة منطقه بالماء المثجوج ، والمثج ـ بالكسر ـ من ابنية المبالغة.

(٢) الطبقات لابن سعد ٦ / ٣٣٣ الطبعة الخامسة ط مصر تح الدكتور علي محمّد عمر.

(٣) طبقات ابن سعد ٦ / ٣٣٣ ط مصر تح عمر ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٥٠.

(٤) نفس المصدر ترجمة جابر بن زيد.

(٥) مجاورة أبي الجوزاء كانت بالمدينة أو بمكة لأنّ ابن عباس لم يقم في البصرة مثل تلك المدة.

١٨١

تحوّل من البصرة إلى مكّة مثل طلق بن حبيب وهو ممّن روى عن ابن عباس وقد تحوّل من البصرة إلى مكة(١) .

مدرسته في الكوفة

ليس من شك في أنّ له في الكوفة تأثير قويّ من أيام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حينما كان يأتيها من البصرة فيبقى لغرض مراجعة الإمام عليه السلام في شؤون البلاد أو لأغراض أخرى ويقيم فيها أياماً ، ويبدو أنّه كانت له داراً فيها وكان ينزلها إذا ما جاء الكوفة ، كما في حديث ولادة ابنه عليّ والتي كانت في شهر رمضان الذي قتل فيه الإمام عليه السلام. وقد مرّ الكلام حول تلك الولادة في ( الحلقة الأولى )(٢) ، فراجع.

ومهما يكن فلا شك أنّه كان له دور في تثقيف أهلها لم ينسوه ، بدلالة أنّهم كانوا يراجعونه بعدما إستقرّ في المدينة ، ولا تنس أنّ من أبرز تلامذته النشيطين كان سعيد بن جبير وهو بالكوفة ، وقد كان امتداداً لعلم ابن عباس ، كما أنّ ابن عباس كان يشيد بمكانة تلميذه ويشير على أهل الكوفة بمراجعته ، كما سيأتي في ترجمته.

قال الدكتور جواد علي : ( كان أثر ابن جبير في الكوفة كبيراً

____________________

(١) طبقات ابن سعد ترجمته في التابعين من البصريين.

(٢) موسوعة عبد الله بن عباس / الحلقة الأولى٥ / ٣٩٧.

١٨٢

وكذلك أثر سائر تلامذة ابن عباس ، فأصبحت هذه المدينة التي اشتهرت بالعربية والأخبار والحديث من أشهر المدن بعلم التفسير ، ولا سيما التفسير المتأثر بطريقة ابن عباس ، وقد كان في مقدور تلامذة ابن جبير وحدهم خلق جوّ علمي ، فكيف بتلامذة ابن عباس الآخرين؟ )(١) .

وقال عمر كحالة : ( واستقر سعيد بن جبير بالكوفة وحصل على شهرة كبيرة فيها ، وحمل إليها علم ابن عباس ، وترك ابن جبير عدداً من المشايخ أخذوا العلم منه ، ولا سيما علم التفسير الذي اشتهر به ، وكان أثر ابن جبير في الكوفة كبيراً ، وكذلك أثر سائر تلامذة ابن عباس. فأصبحت الكوفة التي اشتهرت بالعربية والأخبار والحديث من أشهر المدن بعلم التفسير المتأثر بطريقة ابن عباس )(٢) .

مدرسته في مكة المكرمة

روى البسوي في كتابه ( المعرفة والتاريخ ) بسنده عن سفيان : ( قال ابن أبجر ـ عبد الملك بن سعيد ـ : لم يفقّه أهل مكة حتّى أتاهم ابن عباس )(٣) .

____________________

(١) مجلة المجمع العلمي العراقي ١ / ٢١٧ من السنة الأولى.

(٢) التاريخ والجغرافية / ١٩ ـ ٢٠ ط دمشق ١٣٩٢ هـ.

(٣) المعرفة والتاريخ ١ / ٩٤٠.

١٨٣

وقال ابن القيم في ( أعلام الموقعين ) : ( وأمّا أهل مكة فعلمهم عن أصحاب عبد الله بن عباس )(١) .

روى الذهبي عن نافع : ( كان ابن عمر وابن عباس يجلسان للناس عند مقدم الحاج ، فكنت أجلس إلى هذا يوماً ، وإلى هذا يوماً فكان ابن عباس يجيب ويفتي في كلّ ما سئل عنه ، وكان ابن عمر يردّ أكثر ممّا يفتي )(٢) .

ومن أبرز تلامذة مدرسته من أهل مكة : عطاء المكي ، ومجاهد بن جبر ، وعكرمة ، وستأتي تراجمهم ، وما نقلوه من علمه إلى الناس حتّى انتشر في الأقطار.

وقال عطاء بن أبي رباح : ( ما رأيت مجلساً أكرم من مجلس ابن عباس أكثر فقهاً وأعظم جفنة ، إنّ عنده أصحاب القرآن يسألون ، وأصحاب الفقه عنده ، وعنده أصحاب الشعر يسألون ، وعنده أصحاب النحو يسألون كلّهم يصدر من واد واسع )(٣) .

وكان كبار الصحابة يزدحمون في مجلسه ، وفيهم مثل أبي ذر وعمّار ، كما في حديث رواه فرات بن إبراهيم في تفسيره في سورة القيامة ، قال : ( حدّثنا أبو القاسم العلوي معنعناً عن عمار بن ياسر ، قال :

____________________

(١) أعلام الموقعين ١ / ١٦.

(٢) سير أعلام النبلاء ٤ / ٣٥٩ ط دار الفكر.

(٣) المعرفة والتاريخ للبسوي ١ / ٥٢٠ ، التذكرة الحمدونية ٢ / ٩٧.

١٨٤

كنت عند أبي ذر الغفاري رضي الله عنه في مجلس ابن عباس رضي الله عنه وعليه فسطاط وهو يحدّث الناس ، إذ قام أبو ذر حتّى ضرب بيده على عمود الفسطاط ثمّ قال : أيّها الناس مَن عرفني فقد عرفني ومَن لم يعرفني فقد أنبأته باسمي ، أنا جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري ، سألتكم بحق الله وحق رسوله أسمعتم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول : ( ما أقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر )؟ قالوا : اللّهمّ نعم ، قال : أفتعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمعنا يوم غدير خم ألفاً وثلثمائة رجل وجمعنا يوم سمرات خمسمائة رجل كلّ ذلك يقول : ( اللّهمّ من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللّهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ) ، فقام رجل فقال : بخ بخ يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة ، فلمّا سمع ذلك معاوية بن أبي سفيان اتكأ على المغيرة بن شعبة وقام وهو يقول : لا نقرّ لعليّ بولاية ولا نصدّق محمّداً في مقالة ، فأنزل الله تعالى على نبيّه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى ـوَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ـثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ـأَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) (١) تهديداً من الله عزوجل وانتهاراً؟ فقالوا : نعم )(٢) .

وهذا فيما أراه كان في أيام عثمان ، أيام شدّة الحصار على أبي ذر في أن لا يحدّث.

____________________

(١) القيامة / ٣١ ـ ٣٤.

(٢) تفسير فرات / ٥١٥ ح ٦٧٤ / ١ وشواهد التنزيل ٢ / ٢٩٥.

١٨٥

مدرسته في الطائف

عن عكرمة قال : ( كان ابن عباس في العلم بحراً ينشق له الأمر من الأمور ، وكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( اللّهمّ ألهمه الحكمة وعلّمه التأويل ) ، فلمّا عمي أتاه الناس من أهل الطائف ومعهم علم من علمه ـ أو قال كتب من كتبه ـ فجعلوا يستقرؤونه ، وجعل يقدّم ويؤخر فلمّا رأى ذلك ، قال : إنّي قد تلهت من مصيبتي هذه ، فمن كان عنده علم من علمي ، فليقرأ عليّ ، فإنّ إقراري له كقراءتي عليه. قال : فقرأوا عليه )(١) .

وقد أثار جلوسه لتعليم الناس في الطائف حفيظة ابن الزبير ، حتّى كتب إليه ما مرّ ذكره في الحلقة الأولى وما أجابه به ابن عباس فلا حاجة إلى إعادته. فراجع.

وعن عمرو بن شعيب بن محمّد بن عمرو بن العاص ـ ويقال له أبو عبد الله المدني ويقال الطائفي سكن مكة وكان يخرج إلى الطائف ـ روى عن أبيه شعيب قال : ( كنت عند عبد الله بن عمرو فجاء رجل فاستفتاه في مسألة فقال لي : يا شعيب أمض معه إلى ابن عباس فذكر الحديث )(٢) .

____________________

(١) سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤ ، قال الذهبي : تلهت : تحيّرت ، والأصل ولهت كما قيل في وجاه تجاه.

(٢) تراجع ترجمة شعيب في التهذيب وفي طبقات خليفة ذكره في أول الطبقة الأولى من أهل الطائف.

١٨٦

مدرسته في الشام

لم يكن عبد الله بن عباس حبر الأمّة غريب الشخصية على أهل الشام ، فليس هو كسائر الوافدين الذين عرفوهم أيام ملك معاوية. بل لهم به معرفتهم السابقة ، إن لم يكن كلّهم ولا أقلّ من بعضهم ـ منذ دخوله إلى الشام مع عمر ـ وكان ذلك مكرراً ، فقد رأوه معه وعرفوه كمستشارٍ له ، ثمّ زادت معرفتهم به أيام عثمان حين وفد حاجهم في سنة ٣٥ هـ فرأوه أمير الموسم يقيم للناس حجّهم ويفتيهم فيما يحتاجون إليه من مناسكهم. وقد مرّ الحديث عن كلّ ذلك في ( الحلقة الأولى ) من كتابنا هذا.

ولمّا كانت حرب صفين فقد رأوه مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قائداً لميسرة جيشه ، ومنازلاً في ساحة الحرب ، ثمّ خطيباً منظوراً إليه ، رأساً في الناس بعد الإمام عليه السلام ، على حدّ تعبير صاحبهم معاوية ، وهذا أيضاً مرّ في ( الحلقة الأولى ).

فلا غرابة إذن بعد معرفتهم له في تلك الأيام أن جعلتهم يتزاحمون على الأخذ عنه ـ عندما يحلّ ببلادهم أيام حكم معاوية ـ ليمتاروا ما يحتاجونه في متطلبات الساحة الفكرية والثقافية ، فيحضرون مجالسه ، ويسمعون دروسه ، وكان هو رضي الله عنه من منطلق المسؤولية لا يبخل عليهم برشحات فكره ، فلم يضطغن عليهم ما مرّ منهم في صفين ، ولم ينس أنّهم

١٨٧

ـ أو الكثير منهم ـ قد غرّر بهم معاوية ، والآن وقد حلّ بينهم ، وهم عاكفون على مجلسه لابدّ له أن يؤدي رسالته في هدايتهم ما وسعته الظروف.

ولقد حدّث عن بعض مظاهر تلك المدرسة وتأثيرها في روادها صاحب ( الحدائق الوردية ) في حديث له مرّت الإشارة إليه في ( الحلقة الأولى ) عند الكلام على موت الإمام الحسن الزكي عليه السلام ، وسيأتي بتمامه في إحتجاجاته مع معاوية ، ونقتبس منه ما يتعلق بالمقام :

قال : ( وكان ابن عباس تقشّف وكره أن يتزيّا بزيّه ، فيشهره أهل الشام ، فيضرّ به ذلك عند معاوية. فلمّا رجع إلى منزله قال : يا غلام هات ثيابي فوالله لئن جلست لهذا المنافق ـ يعني معاوية ـ ينعى إليّ أهل بيتي واحداً واحداً إنّي إذن أحمق ، قال : فقال : عليّ بالمقطّعات(١) فلبسها ، قال : ثمّ قال : عليّ بعمامة له اسمها الحوبية فلبسها وكان من أجلّ الناس ، أمدّهم جسماً ، وأحسنهم شعراً ، وأحسنهم وجهاً. قال : ثمّ أتى مسجد دمشق فدخل ، فلمّا نظر إليه أهل الشام قالوا ـ الذين لم يشاهدوه قبل هذا ـ مَن هذا؟ ما يشبه إلاّ الملائكة ما رأينا مثل هذا؟ قالوا ـ الذين يعرفونه ـ هذا ابن عباس هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فجلس إلى سارية وتقوّض إليه الخلق ، فما سئل عن شيء إلاّ أجابهم به من تفسير كتاب الله ولا حلال ولا حرام ولا واقعة كانت في جاهلية ولا إسلام ، ولا شِعر كان في جاهلية

____________________

(١) القصار من الثياب أو برود عليها وشي ، أو شبه الجباب ونحوها من الخز وغيره ( قطر المحيط. قطع ).

١٨٨

ولا إسلام إلاّ أجابهم به. قالوا : ومعاوية لا يشعر بشيء من هذا ، فانتبه فقال للآذن : اءذن لمن بالباب. قال : أو بالباب أحد؟ قال : فأين الناس؟ قال : ذهبوا إلى ابن عباس. قال : هاه قد فعلوها ، نحن والله أظلم منه وأقطع للرحم. اذهب يا غلام فقل له أجب أمير المؤمنين ، فأتاه الرسول. قال : فقال ابن عباس : إنا بنو عبد مناف لا نقوم من عند جليسنا حتّى يكون هو الذي يقوم ، ولكن قد تقاربت الصلاة فإذا صلينا أتينا )(١) .

ولقد جاء في حديث الزبير بن بكار في ( الموفقيات ) فيما حكاه عنه الأربلي في ( كشف الغمة ) : ( قال الراوي ، وافتقد معاوية الناس ، فقيل له إنّهم مشغولون بابن عباس ، ولو شاء أن يضربوا معه بمائة ألف سيف قبل الليل لفعل )(٢) .

ولم ينقطع عطاؤه عن أهل الشام حتّى وهو بعيد عنهم بمكة ، فقد كانوا يرسلون وافدهم فيقصده ويسأل منه ، وسيأتي في إحتجاجاته حديثه مع وافدهم الذي أرسلوه يسألون عن قتال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام لأهل القبلة ، وتلك المسألة شغلت بال الكثيرين ممّن لم يهتدوا بنور الإيمان ،

____________________

(١) الحدائق الوردية ١ / ١٠٩ ـ ١١٠.

(٢) كشف الغمة ١ / ٥٦٣ ط حديثه في ايران ، ص١٢٧ط حجرية سنة ١٢٩٤ هـ.

وهو ممّا سقط من النسخة المطبوعة من الأخبار الموفقيات ولم يستدركه المحقق في الضائع منها ، واستدركته عليه في نسختي.

١٨٩

ولولا سيرته عليه السلام فيهم لم تعرف أحكامهم.

قال الراوي : ( كان عبد الله بن عباس بمكة يحدّث الناس على شفير زمزم ونحن عنده : فلمّا قضى حديثه قام إليه رجل من الملأ فقال : يابن عباس إني امرؤ من أهل الشام. فقال : أعوان كلّ ظالم إلاّ من عصم الله منهم ، فسل عما بدا لك؟ قال : يابن عباس إنّي رجل من أهل حمص ، إنّهم يتبرأون من عليّ بن أبي طالب ويلعنونه.

فقال ابن عباس : بل لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مهيناً ، ألبُعد قرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وأنّه لم يكن أوّل ذكران العالمين إيمانا بالله ورسوله ، وأوّل من صلى وركع وعمل بأعمال البرّ؟!

فقال الشامي : إنّهم والله ما ينكرون قرابته وسابقته ، غير أنّهم يزعمون أنّه قتل الناس ، وإنّما جئتك لأسألك عن عليّ وقتاله أهل لا إله إلاّ الله لم يكفروا بقبلة ولا قرآن ، ولا بحج ولا بصيام رمضان.

فقال ابن عباس : ثكلتك أمك سل عمّا يعنيك ولا تسل عمّا لا يعنيك.

فقال : يابن عباس ما جئت أضرب إليك من حمص لحج ولا لعمرة ، ولكن جئتك لأسألك لتشرح لي من أمر عليّ وقتاله أهل لا إله إلاّ الله.

فقال ابن عباس : ثكلتكم أمهاتكم فلم يقتل إلاّ من استحق القتل.

قال : يابن عباس إنّ قومي جمعوا لي نفقة وأنا رسولهم إليك

١٩٠

وأمينهم ، ولا يسعك أن تردّني بغير حاجتي ، فإنّ القوم هالكون في أمره ، ففرّج عني فرّج الله عنك.

فقال ابن عباس : ويحك إنّ علم العالم صعب ولا يحتمل ولا تقبله القلوب إلاّ قلب من عصمه الله ، يا أخا أهل الشام إنّما مثل عليّ في هذه الأمّة في فضله وعلمه كمثل موسى والعالم

( ثمّ شرع في بيان ما أجمله وبعد ذلك بيّن للشامي فضل الإمام وما جاء فيه من حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مفصلاً كما سيأتي في إحتجاجاته ).

وجاء في آخره : فقال الشامي يابن عباس ملأت صدري نوراً وحكمة ، وفرّجت عني فرّج الله عنك. أشهد أنّ عليّاً رضي الله عنه مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة ومسلم ومسلمة )(١) .

وهكذا كان حبر الأمّة يرفد أهل الشام بعطائه ، ويواصل ذلك حتّى عن طريق المراسلة ، وحسبنا شاهداً كتابه إلى مجبّرة أهل الشام ، وسيأتي بنصه في كتبه ، وفيه من النصح بعد التأنيب ، والدعوة إلى التوبة ، بعد التثريب ومخافة الحوبة ، ما يعدّ روعة في البيان ، فراجع.

مدرسته في مصر

لقد مرّ بنا في الحلقة الأولى من تاريخه ذكر مشاركته في فتح إفريقية بقيادة ابن أبي سرح ، وذكرنا هناك كلامه مع جرجير صاحب

____________________

(١) كتاب ( الهمة في آداب إتّباع الأئمة ) للقاضي النعمان / ٧٥ بتحقيق الدكتور محمّد كامل حسين ، دار الفكر العربي ، سلسلة مخطوطات الفاطميين / ٣.

١٩١

إفريقية ، وهو الذي لقّبه بـ ( حبر العرب ). وفي هذه الغزاة أخذ عنه جماعة من أهل مصر حتّى أنّ الذهبي في كتابه قال : ( وروى عنه من أهل مصر خمسة عشر نفساً )(١) .

فذكر ابن حبّان في كتاب ( الثقات ) منهم : حنش بن عليّ ، وقال : يروي عن ابن عباس عداده في أهل مصر(٢) .

وذكر أيضاً سعيد بن الصلت ،ووصفه ابن حجر في ( تعجيل المنفعة ) بالمصري(٣) .

وذكر أيضاً عبادة بن نشيط الأسدي ، وقال : عداده في أهل مصر(٤) .

وذكر أيضاً مالك بن سعد النجيبي من أهل مصر(٥) .

كما ذكر محمد بن الزبير ، وقال : يروي عن ابن عباس ، وكان على إفريقية(٦) . وهذا يعني أنّه بلغت تعاليمه إلى إفريقية.

وكانت عنده دفاين علم

لمّا كان البشر تتفاوت مداركهم حسب تفاوت استيعاب عقولهم ، فكلُ

____________________

(١) سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٤٢.

(٢) الثقات لابن حبان ٢ / ١٠٥.

(٣) المصدر نفسه ٢ / ١٧٣.

(٤) المصدر نفسه ٢ / ٣٤٩.

(٥) المصدر نفسه ٣ / ٢٧.

(٦) المصدر نفسه ٣ / ١٧.

١٩٢

مبلغ علمه قدر طاقته بعقله ، فإن حُمل على العقل فوق ما يحتمل استحال الحال من الصلاح إلى الفساد ، ومن ثمّ ورد : ( لا تضعوا الحكمة في غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ).

وروى الديلمي عن ابن عباس مرفوعاً : ( يا بن عباس لا تحدّث قوماً حديثاً لا تحتمله عقولهم )(١) .

كما روى أيضاً عن ابن عباس مرفوعاً : ( لا تحدثوا أمتي من أحاديثي إلاّ ما تحتمله عقولهم فيكون فتنة عليهم )(٢) .

وعلى هذا كانت مناهج ابن عباس التربوية مع تلامذته ، لأنّه كانت مناهج تربيته قد تعلّمها من ابني عمّيه وهما خيرة البشر ، فما ظنّك بعدُ فيمن يتربّى على نبيّ ووصي؟ وماذا سيكون منهجه في التعليم ، وهو قد اقتبس العلم من مدينته ومن بابها؟

ومنهما أخذ الأدب في نشر العلم ، فهو لا يضعه عند غير أهله ، وكلمة الإمام عليه السلام نصب عينيه ، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( ما أنت بمحدّث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلاّ كان فتنة لبعضهم )(٣) .

وقال عليه السلام : ( حدّث الناس بما يعرفون أتحبّون أن يكذَّب الله ورسوله )(٤) . وعلى هذا كانت سيرة علماء الصحابة.

وقد روى مسلم في أوّل صحيحه في باب النهي عن الحديث بكلّ

____________________

(١) كشف الخفاء ١ / ٢٢٦ط مؤسسة الرسالة بيروت سنة ١٤٠٥ هـ.

(٢) المصدر السابق.

(٣) تفسير ابن كثير ٤ / ٥٠١ دار الفكر بيروت.

(٤) نفس المصدر السابق.

١٩٣

ما يسمع قول ابن مسعود : ( ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم الاّ كان لبعضهم فتنة )(١) .

وجاء في صحيح البخاري في كتاب العلم في باب من خصّ بالعلم قوماً دون قوم ، حديث أبي الطفيل عن عليّ عليه السلام قال : ( حدّثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله )(٢) .

فكان ابن عباس يخفي أشياء من حديثه ويفشيها إلى أهل العلم ، فقد روى ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج في خبر عن مجالد بن سعيد قول الشعبي في ابن عباس : ( وكان عند ابن عباس دفاين علم يعطيها أهلها ويصرفها عن غيرهم )(٣) .

أنماط من المسائل دلّت على الإحتياط في جواب السائل

١ ـ وكان من مناهجه التربوية لتلاميذه قوله : ( إذا سأل أحدكم فلينظر كيف يسأل ، فإنّه ليس أحد إلاّ وهو أعلم بما سأل عنه من المسؤول )(٤) .

٢ ـ وكانت عنده فراسة يعرف بها قيمة سائله من مسألته ، وهو القائل : ( ما سألني رجل عن مسألة إلاّ عرفت أفقيه هو أو غير فقيه )(٥) .

٣ ـ وكانت شهرته العلمية في البلاد الإسلامية مدعاة لورود المسائل

____________________

(١) صحيح مسلم ١ / ٩ ط صبيح.

(٢) صحيح البخاري ١ / ٣٧ ط بولاق.

(٣) شرح النهج لابن أبي الحديد ، ونحو ذلك في الشافي للمرتضى / ٢٤٢ ط حجرية.

(٤) الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي ٢ / ١٨٣.

(٥) جامع بيان العلم لابن عبد البر ١ / ١٣٩ ط الثانية المحققة سنة ١٣٨٨ هـ.

١٩٤

عليه من شتى الأمصار ، وما أكثر الشواهد على ذلك ، وإليك بعضاً منها :

روى البيهقي : ( عن عبد الله بن أبي الهذيل(١) قال : أمرني ناس من أهلي أن أسأل لهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن أشياء فكتبتها في صحيفة ، فأتيته لأسأله فإذا عنده ناس يسألونه ، فسألوه حتّى سألوه عن جميع ما في صحيفتي ، وما سألته عن شيء ، فسأله رجل أعرابي فقال : أني مملوك أكون في إبل أهلي فيأتيني الرجل يستسقيني فأسقيه؟ )(٢) .

٤ ـ وكان يُعلم السائلين أنّ بعض أجوبته إنّما هي مراعاة لحال السائل ، فقد قال : ( ربما أنبأتكم بالشيء أنهاكم عنه إحتياطاً بكم وإشفاقاً على دينكم ، إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتاه رجل شاب يسأل عن القُبلة للصائم فنهاه عنها ، وسأله شيخ عنها فأمره بها )(٣) .

٥ ـ ( وسأله رجل عن توبة القاتل فقال لا توبة له ) ، وسأله آخر فقال : ( له توبة ، ثمّ قال : أمّا الأوّل فرأيت في عينيه إرادة القتل فمنعته ، وأمّا الثاني فجاء مستكيناً وقد قتل فلم أويأسه )(٤) .

٦ ـ وقال لرجل سأله عن تفسير آية : ( وما يؤمنك أني لو أخبرتك

____________________

(١) من أهل الكوفة من قبيلة عنزة مات في أيام ولاية خالد القسري.

(٢) سنن البيهقي ٩ / ٢٤١.

(٣) الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي ٢ / ١٩٣.

(٤) نفس المصدر ٢ / ١٩٢.

١٩٥

بتفسيرها كفرت به؟ ).

قال ابن القيم تعقيباً على ذلك : ( أي جحدته وأنكرته وكفرت به ، ولم يرد أنك تكفر بالله ورسوله )(١) .

٧ ـ وكان لديه خوف من غوغائية الناس الذين يسمعون ولا يعون ، ثمّ هُم عن ابن عباس يحدثون. فقد حدث أبو السفر فقال : ( سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول : يا أيّها الناس اسمعوا مني ما أقول لكم ، وأسمعوني ما تقولون ، ولا تذهبوا فتقولوا قال ابن عباس قال ابن عباس ، من طاف بالبيت فليطف من وراء الحجر ولا تقولوا الحطيم. فإنّ الرجل في الجاهلية كان يحلف فيلقى سوطه أو نعله أو قوسه )(٢) .

٨ ـ وكان حريصاً على تنبيه الناس وتحذيرهم من خطأ وقعوا فيه ، وهو بشاعة سيرة الشيخين وشناعة الأخذ بها مقابل سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان مبدء استعمال هذه المقولة من عبد الرحمن بن عوف ، فقد استعمل هذا السلاح في إبعاد الإمام عليه السلام عن الخلافة كما مرّ في الحلقة الأولى(٣) ، فكان ابن عباس رضي الله عنه إذا سأله سائل فأجابه بما سمعه من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واعترض عليه أحد الصحابة أو من غيرهم بأنّ هذا مخالف لما قال به أبو بكر وعمر ، فيردّ عليه ابن عباس موبّخاً

____________________

(١) أعلام الموقعين ٤ / ١٣٧.

(٢) صحيح البخاري ٥ / ٤٤ ط بولاق.

(٣) موسوعة عبد الله بن عباس الحلقة الأولى ج٢ ( فيا لله وللشورى ).

١٩٦

ومؤنّباً:( أراهم سيهلكون ، أقول : قال رسول الله ، ويقولون : نهى أبو بكر وعمر )(١) .

٩ ـ وفي حادثة ثانية مشابهة قال ابن عباس : ( يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ، أقول : قال رسول الله ، وتقولون : قال أبو بكر وعمر )(٢) .

١٠ ـ وفي مقام ثالث أيضاً يشبه لما مرّ قال ابن عباس : ( والله ما أراكم منتهين حتّى يعذّبكم الله ، نحدّثكم عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وتحدّثونا عن أبي بكر وعمر )(٣) .

١١ ـ وسئل عن المتعة فقال : ( المتعة حلال ) ، فقال له جبير بن مطعم : كان عمر ينهى عنها ، فقال ابن عباس : ( يا عدي نفسه ، من هنا ضللتم ، أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتحدّثوني عن عمر )(٤) .

وهذا نهجه في التعليم السليم ، كما هو نهجه في مقارعة المخادعين للناس بسيرة الشيخين ، ولم أقف على من يضارعه في هذين النهجين من سائر الصحابة أجمعين.

____________________

(١) مسند أحمد ١ / ٣٣٧ ط الأولى ، الذهبي في تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣٧ ط حيدر آباد ، وابن عبد البر في مختصر العلم / ٢٢٦ ، وابن القيّم في زاد المعاد ١ / ٢١٢ ، والمغني لابن قدامة ٣ / ٢٨١ط الثالثة بالمنار ، وسير أعلام النبلاء ٥ / ٢٤٢ ، وجامع بيان العلم وفضله ٢٣٩ و ٢٤٠ ط مصر١٣٨٨ هـ.

(٢) زاد المعاد لابن القيم الجوزية ١ / ٢٠٩ ط دار الكتاب العربي بيروت ( افست ). وقال ابن القيم : فهذا جواب العلماء

(٣) زاد المعاد ١ / ٢١٣.

(٤) زاد المعاد ١ / ٢١٣.

١٩٧
١٩٨

الفصل الأوّل

في تلاميذه والرواة عنه

١٩٩

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

تحولت نيرانا يوم القيامة، وفي حديث آخر قال: هي منسوخة بقوله:( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) .

١٧٨ ـ حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمر بن شيبة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول ابتداء منه: إنّ الله إذا بدا له ان يبين خلقه ويجمعهم لما لا بد منه امر مناديا فنادى فاجتمع الانس والجن في أسرع من طرفة عين، ثم اذن لسماء الدنيا فتنزل وكان من وراء الناس، واذن للسماء الثانية فتنزل وهي ضعف التي تليها، فاذا رآها أهل سماء الدنيا قالوا: جاء ربنا؟ قالوا: لا وهو آت يعنى امره، حتّى تنزل كل سماء يكون كل واحدة منها من وراء الاخرى وهي ضعف التي تليها، ثم ينزل امر الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضى الأمر والى ربكم ترجع الأمور، ثم يأمر الله مناديا ينادى( يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ ) قال: وبكى حتّى إذا سكت قلت: جعلني الله فداك يا أبا جعفر وأين رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وشيعته؟ فقال أبو جعفر: رسول الله وشيعته على كثبان(١) من المسك الأذفر على منابر من نور، يحزن الناس ولا يحزنون، ويفزع الناس ولا يفزعون، ثم تلا هذه الاية:( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) فالحسنة والله ولاية على، ثم قال:( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) .

١٧٩ ـ في مجمع البيان وروى أبو سعيد الخدري عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ثلاثة على كثبان مسك( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ ) ولا يكترثون للحساب: رجل قرأ القرآن محتسبا ثم أم به قوما محتسبا، ورجل أذن محتسبا، ومملوك ادى حق اللهعزوجل وحق مواليه.

١٨٠ ـ في إرشاد المفيد رحمه‌الله ولما عاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من تبوك إلى المدينة قدم عليه عمرو بن معديكرب الزبيدي فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أسلم يا عمرو يؤمنك الله من

__________________

(١) الكثبان جمع الكثيب: التل من الرمل.

٤٦١

الفزع الأكبر، فقال: يا محمّد وما الفزع الأكبر فانى لا أفزع؟ فقال: إنّه ليس كما تظن وتحسب، ان الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت إلّا نشر، ولا حي إلّا مات إلّا ما شاء الله، ثم يصاح بهم صيحة اخرى فينشر من مات، ويصفون جميعا وتنشق السماء وتهد الأرض وتخر الجبال وتزفر النار بمثل الجبال شررا، فلا يبقى ذو روح إلّا انخلع قلبه وطاش لبه، وذكر ذنبه وشغل بنفسه إلّا ما شاء الله، فأين أنت يا عمرو من هذا؟ قال: ألا أنّي أسمع أمرا عظيما، فآمن بالله ورسوله وآمن معه من قومه ناس، ورجعوا إلى قومهم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨١ ـ في من لا يحضره الفقيه باسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن خرج من الدنيا لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية :

( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) من شيعتك ومحبيك يا عليّ. قال أمير المؤمنينعليه‌السلام فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟ قال: أي وربي إنّه لشيعتك وانهم ليخرجون من قبورهم، وهم يقولون: لا إله إلّا الله محمد رسول الله عليّ بن أبي طالب حجة الله فيؤتون بحلل خضر من الجنة، وتيجان من الجنة، ونجائب من الجنة فيلبس كل واحد منهم حلة خضراء، ويوضع على رأسه تاج الملك، وإكليل الكرامة، ثم يركبون النجائب فتطير بهم إلى الجنة،( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ، وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) .

١٨٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن إسماعيل عن أبي إسماعيل السراج عن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: من دفن في الحرام امن من الفزع الأكبر، فقلت له: من بر الناس وفاجرهم؟ قال: من بر الناس وفاجرهم.

١٨٣ ـ في أصول الكافي باسناده إلى أبي خالد الكابلي عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه: والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتّى يطهر الله قلبه، ولا يطهر الله قلب عبد حتّى يسلم لنا ويكون سلما لنا، فاذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد

٤٦٢

الحساب، وآمنه من فزع يوم القيمة الأكبر.

١٨٤ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عمر بن عبد العزيز عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا على الله أن يكسوه من ثياب الجنة، وأن يهون عليه من سكرات الموت، وأن يوسع عليه في قبره، وان تلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى، وهو قول اللهعزوجل في كتابه:( وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) .

١٨٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم واما قوله:( يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) قال: السجل اسم الملك الذي يطوى الكتب، ومعنى يطويها يفنيها فتتحول دخانا والأرض نيرانا.

١٨٦ ـ في كتاب جعفر بن محمد الدوريستي باسناده إلى ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) غشي عليه وحمل إلى حجرة أم سلمة فانتظره أصحابه وقت الصلوة فلم يخرج، فاجتمع المسلمون فقالوا: ما لنبي الله؟ فقالت أم سلمة: إنّ نبي الله عنكم مشغول ثم خرج بعد ذلك فرقى المنبر، فقال: أيها الناس انكم تحشرون إلى الله كما خلقتم حفاة عراة، ثم قرأ على أصحابه:( وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) ثم قرأ:( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ) .

١٨٧ ـ في نهج البلاغة استبدلوا بظهر الأرض بطنا، وبالسعة ضيقا وبالأهل غربة، وبالنور ظلمة، فجاءوها كما فارقوها حفاة عراة، قد ظعنوا عنها بأعمالهم إلى الحيوة الدائمة، والدار الباقية كما قال سبحانه:( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ) .

١٨٨ ـ في مجمع البيان وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: تحشرون يوم القيامة عراة حفاة غرلا(١) ( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ) .

__________________

(١) الغرل جمع الأغرل: الأقلف وهو الذي لم يختن.

٤٦٣

١٨٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله: و( لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) قال: الكتب كلها ذكر( أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ) قال: القائم وأصحابه قال: والزبور فيه ملاحم وتحميد وتمجيد ودعاء.

١٩٠ ـ وفيه قال: أعطى الله داود وسليمانعليهما‌السلام ما لم يعط أحد من أنبياء الله من الآيات علمهما منطق الطير، وألان الله لهما الحديد، والصفر من غير نار وجعلت الجبال يسبحن مع داودعليه‌السلام ، فأنزل اللهعزوجل إليه الزبور فيه توحيد وتمجيد ودعاء، واخبار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين والائمة صلوات الله عليهم من ذريتهماعليهما‌السلام ، واخبار الرجعة وذكر القائم صلوات الله عليه.

١٩١ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام : فلما دنى عمر آدم هبط عليه ملك الموت ليقبض روحه فقال له آدم: يا ملك الموت قد بقي من عمرى ثلاثون سنة، فقال له ملك الموت: الم تجعلها لابنك داود النبي وطرحتها من عمرك حيث عرض عليك أسماء الأنبياء من ذريتك وعرض عليك أعمارهم وأنت يومئذ بوادي دخنا؟ فقال آدم: يا ملك الموت ما اذكر هذا، فقال له ملك الموت: يا آدم لا تجهل ألم تسأل الله أن يثبتها لداود في الزبور ومحاها من عمرك من الذكر؟

١٩٢ ـ في أصول الكافي محمد عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه سأله عن قول اللهعزوجل :( وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ ) ما الزبور وما الذكر؟ قال: الذكر عند الله والزبور الذي انزل على داود وكل كتاب نزل فهو عند أهل العلم ونحن هم.

١٩٣ ـ في مجمع البيان ( أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ ) وقال أبو جعفرعليه‌السلام : هم أصحاب المهدي في آخر الزمان، ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتّى يبعث رجلا من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، وقد أورد

٤٦٤

الامام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب البعث والنشور أخبارا كثيرة في هذا المعنى حدّثنا بجميعها عنه حافده أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد في شهور سنة ثماني عشرة وخمسمائة، ثم قال في آخر الباب: فأما الحديث الذي أخبرنا به أبو عبد الله الحافظ بالإسناد عن محمد بن خالد الجندي عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لا يزداد الأمر إلّا شدة، ولا الناس إلّا شحا، ولا الدنيا إلّا إدبارا، ولا تقوم الساعة إلّا على شرار الناس، ولا مهدي إلّا عيسى بن مريم، فهذا حديث تفرد به محمد بن خالد الجندي، قال أبو عبد الله الحافظ: ومحمد بن خالد رجل مجهول، واختلف عليه في اسناده فرواه مرة عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مرة، ومرة عن أبان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو منقطع، والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصلح اسنادا، وفيها بيان كونه من عترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . هذا لفظه.

١٩٤ ـ ومن جملتها ما حدّثنا أبو الحسن حافده عنه قال: أخبرنا أبو على الرودبارى قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: حدّثنا أبو داود السجستاني في كتاب السنن عن طرق كثيرة ذكرها ثم قال: كلهم عن عاصم المقري عن زر(١) عن عبد الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم لطول الله ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلا منى أو من أهل بيتي وفي بعضها يواطي اسمه اسمى يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

١٩٥ ـ وبالإسناد قال: حدّثنا أبو داود قال: حدّثنا أحمد بن إبراهيم قال حدّثنا عبد الله بن جعفر الرقى قال: حدثني أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد بن بيان عن علي بن ثقيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة.

١٩٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن أمير المؤمنين حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة: واما قوله لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ )

__________________

(١) وفي المصدر «زيد» بدل «زر».

٤٦٥

وانك ترى أهل الملل المخالفة للايمان ومن يجرى مجراهم من الكفار مقيمين على كفرهم إلى هذه الغاية، وانه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من عذاب السعير، فان الله تبارك اسمه إنّما عنى بذلك أنّه جعله سبيلا لانظار أهل هذه الدار، لان الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم إذا صدع بأمر الله وأجابه قومه سلموا وسلم أهل دارهم من ساير الخليقة، وان خالفوه هلكوا وهلك أهل دارهم بالآفة التي كانت بينهم يتوعدهم بها ويخوفهم حلولها ونزولها بساحتهم، من خسف أو قذف أو رجف أو ريح أو زلزلة وغير ذلك من أصناف العذاب الذي هلكت به الأمم الخالية، ان الله علم من نبينا ومن الحجج في الأرض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم من الأنبياء الصبر على مثله، فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح، وأثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه: من كنت مولاه فهذا مولاه وهو منى بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي، وليس من خليقة النبي ولا من شيمته ان يقول قولا لا معنى له، فلزم الامة ان تعلم أنّه لما كانت النبوة والاخوة موجودتين في خليفة هارون وموسى معدومتين في من جعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلته أنّه قد استخلفه على أمته، كما استخلف موسى هارون حيث قال: اخلفني في قومي، ولو قال لهم: لا تقلدوا الامامة إلّا فلانا بعينه والا نزل بكم العذاب لأتاهم العذاب، وزال باب الانظار والامهال.

١٩٧ ـ في مجمع البيان وروى ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لجبرئيل لما نزلت هذه الآية: هل أصابك من هذه الرحمة شيء؟ قال: نعم إنّي كنت أخشى عاقبة الأمر فآمنت بك لما أثنى الله على بقوله:( ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ) وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّما أنا رحمة مهداة.

١٩٨ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن الاولعليه‌السلام قال: بعث اللهعزوجل محمدا رحمة للعالمين في سبع وعشرين من رجب، فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهرا.

١٩٩ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبد الرحمن القصير قال قال

٤٦٦

لي أبو جعفرعليه‌السلام : اما لو قام قائمنا ردت الحميراء حتّى يجلدها الحد، وحتى ينتقم لابنة محمد فاطمةعليها‌السلام منها، قلت: جعلت فداك ولم يجلدها؟ قال: لفريتها على أم إبراهيم، قلت: فكيف أخره الله للقائم؟ فقال: لان الله تبارك وتعالى بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله رحمة وبعث القائمعليه‌السلام نقمة.

٢٠٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهرآشوب أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى:( قُلْ إنّما يُوحى إِلَيَّ إنّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ ) مسلمون الوصية بعدي نزلت مشددة.

٢٠١ ـ في عيون الاخبار في باب جمل من أخبار موسى بن جعفرعليه‌السلام مع هارون الرشيد ومع موسى بن المهدي حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : رأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الأربعاء في النوم فقال لي: يا موسى أنت محبوس مظلوم؟ فقلت: نعم يا رسول الله محبوس مظلوم، فكرر ذلك على ثلاثا ثم قال: و( إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إلى حِينٍ ) .

٢٠٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله وروى أنّه لما قدم معاوية إلى الكوفة قيل له: إنّ الحسن بن عليّعليهما‌السلام يرتفع على أنفس الناس فلو أمرته أن يقوم دون مقامك على المنبر فتدركه الحداثة والعي فيسقط من أعين الناس، فأبى عليهم وأبوا عليه إلّا أن يأمره بذلك، فأمره فقام دون مقامه في المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اما بعد فانكم لو طلبتم ما بين كذا وكذا لتجدوا رجلا جده نبي لم تجدوه غيري وغير أخي، وانا أعطينا صفقتنا هذه الطاغية وأشار بيده إلى أعلى المنبر إلى معاوية وهو في مقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورأينا حقن دماء المسلمين أفضل من إهراقها( وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إلى حِينٍ ) وأشار بيده إلى معاوية، فقال له معاوية: ما أردت بقولك هذا؟ فقال: أردت به ما أراد اللهعزوجل .

٢٠٣ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وروى أنّه قال الحسنعليه‌السلام في صلح معاوية: أيها الناس لو طلبتم ما بين جابلق وجابرس رجلا جده رسول الله

٤٦٧

ما وجدتموه غيري وغير أخى، وان معاوية نازعنى حقا هو لي فتركته لصلاح الامة وحقن دمائها، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت، وقد رأيت ان أسالمه وان يكون ما صنعته حجة على من كان يتمنى هذا الأمر( وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إلى حِينٍ ) .

٢٠٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ ) قال: معناه لا تدع للكفار الحق الانتقام من الظالمين، ومثله في سورة آل عمران( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ ) .

٤٦٨

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: من قرأ سورة الحج في كل ثلاثة أيام لم تخرج سنة حتّى يخرج إلى بيت الله الحرام وان مات في سفره دخل الجنة قلت: فان كان مخالفا؟ قال: يخفف عنه بعض ما هو فيه.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قرأ سورة الحج أعطى من الأجر كحجة حجها وعمرة اعتمرها بعدد من حج واعتمر فيما مضى وفيما بقي.

٣ ـ وفيه قال عمران بن الحصين وأبو سعيد الخدري: نزلت الآيتان من أول السورة ليلا في غزاة بنى المصطلق وهم حي من خزاعة، والناس يسيرون فنادى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فحثوا المطى حتّى كانوا حول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقرأها عليهم فلم ير أكثر باكيا من تلك الليلة، فلما أصبحوا لم يحطوا السرج عن الدواب ولم يضربوا الخيام والناس بين باك أو جالس حزين متفكر، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتدرون أي يوم ذاك؟ قالوا: الله ورسوله اعلم، قال: ذلك يوم يقول الله لادم: ابعث بعث النار من ولدك، فيقول آدم: من كم كم؟ فيقولعزوجل : من كل الف تسعمأة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا إلى الجنة، فكبر ذلك على المسلمين وبكوا فقالوا: فمن ينجو يا رسول الله؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أبشروا فان معكم خليقتين: يأجوج ومأجوج ما كانتا في شيء إلّا كثرتاه، ما أنتم في الناس إلّا كشعرة بيضاء في الثور الأسود، أو كرقم في ذراع البكر، أو كشامة في جنب البعير، ثم قال: إنّي لأرجو ان تكونوا ربع أهل الجنة فكبروا، ثم قال: إنّي لأرجو ان تكونوا ثلث أهل الجنة ثم قال: إنّي لأرجو ان تكونوا ثلثي أهل الجنة فان أهل الجنة مأة وعشرون صفا ثمانون منها أمتي ثم قال: ويدخل من أمتي سبعون ألفا الجنة بغير حساب، وفي بعض الروايات ان عمر بن

٤٦٩

الخطاب قال: يا رسول الله سبعون ألفا؟ قال: نعم ومع كل واحد سبعون ألفا، فقام عكاشة بن محصن فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أللهمّ اجعله منهم، فقام رجل من الأنصار فقال: ادع الله ان يجعلني منهم، فقالعليه‌السلام سبقك بها عكاشة، قال ابن عباس: كان الأنصاري منافقا فلذلك لم يدع له.

٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( يا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) قال: مخاطبة للناس عامة وقوله:( وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها ) قال: كل امرأة تموت حاملة عند زلزلة الساعة تضع حملها يوم القيامة.

٥ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه معاشر الناس. التقوى التقوى احذروا الساعة كما قال اللهعزوجل ( إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ) .

٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن سلام مولى رسول الله عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : فيأمر اللهعزوجل نارا يقال لها الفلق أشد شيء في جهنم عذابا، فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل والأغلال، فيأمر اللهعزوجل أن تنفخ في وجوه الخلائق نفخة، فمن شدة نفختها تنقطع السماء وتنطمس النجوم وتخمد البحار، وتزول الجبال وتظلم الأبصار، وتضع الحوامل حملها، ويشيب الولدان من هولها يوم القيامة.

٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله: وترى الناس سكارى قال: يعنى ذاهبة عقولهم من الحزن والفزع متحيرين.

٨ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام باسناده إلى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: إنّي لأعرف آيتين من كتاب الله المنزل تكتبان للمرأة إذا عسر عليها، تكتبان في ورق ظبي وتعلقه عليها في حقويها(١) : بسم الله وبالله ان مع العسر يسرا سبع مرات( يا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ

__________________

(١) الحقو: الخصر.

٤٧٠

يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ ) مرة واحدة.

٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) أي يخاصم( وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ ) قال: المريد الخبيث، ثم خاطب اللهعزوجل الدهرية واحتج عليهم فقال:( يا أيها النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ ) أي في شك( فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) قال: المخلقة إذا صارت تاما، وغير مخلقة قال: السقط.

١٠ ـ وقال في رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام لنبين لكم انكم كنتم كذلك في الأرحام ونقر في الأرحام ما نشاء فلا يخرج سقطا.

١١ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن الحسن بن محبوب عن محمد بن النعمان عن سلام بن المستنير قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) قال: المخلقة هم الذر الذين خلقهم الله في صلب آدم صلى الله عليه، أخذ عليهم الميثاق ثم أجراهم في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وهم الذين يخرجون إلى الدنيا حتّى يسألوا عن الميثاق، واما قوله: «وغير مخلقة» فهم كل نسمة لم يخلقهم اللهعزوجل في صلب آدم حين خلق الذر، وأخذ عليهم الميثاق وهم النطف من العزل والسقط قبل أن ينفخ فيه الروح والحياة والبقاء.

١٢ ـ في قرب الاسناد للحميري أحمد بن محمد عن أحمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: سألته ان يدعو اللهعزوجل لامرأة من أهلنا لها حمل، فقال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : الدعا ما لم تمض أربعة أشهر فقلت له: إنّما لها أقل من هذا فدعا لها ثم قال: إنّ النطفة تكون في الرحم ثلاثين يوما، ويكون علقة ثلاثين يوما، ويكون مضغة ثلاثين يوما، ويكون( مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) ثلاثين يوما، فاذا تمت الاربعة الأشهر بعث الله تبارك وتعالى إليها ملكين خلاقين يصورانه ويكتبان رزقه وأجله وشقيا أو سعيدا.

٤٧١

١٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا محمد بن جعفر قال حدّثنا محمد بن أحمد عن العباس عن ابن أبي نجران عن محمد بن أبي القاسم عن علي بن المغيرة عن أبي عبد الله عن أبيه صلوات الله عليهما قال: إذا بلغ العبد مأة سنة فذلك أرذل العمر.

قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: قد ذكرنا طرفا من الاخبار في النحل عند قولهعزوجل : «أرذل العمر» فمن أراد الوقوف عليها فليطلبها ثمة.

١٤ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى صفوان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيل: يا جبرئيل أرنى كيف يبعث الله تبارك وتعالى العباد يوم القيامة، قال: نعم فخرج إلى مقبرة بنى ساعدة فأتى قبرا فقال له: اخرج بإذن الله فخرج رجل ينفض رأسه من التراب وهو يقول: وا لهفاه، واللهف هو الثبور ثم قال: ادخل فدخل، ثم قصد به إلى قبر آخر فقال: اخرج بإذن الله، فخرج شاب ينفض رأسه من التراب وهو يقول: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله، وأشهد( أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) ثم قال: هكذا يبعثون يوم القيمة يا محمّد.

١٥ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إذا أراد الله ان يبعث الخلق أمطر السماء على الأرض أربعين صباحا فاجتمعت الأوصال ونبتت اللحوم. وفي أمالى الصدوقرحمه‌الله مثله سواء.

١٦ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام : ومن خاصم الخلق في غير ما يؤمر فقد نازع الخالقية والربوبية، قال الله تعالى: و( مِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ ) وليس أحد أشد عقابا ممن لبس قميص النسك بالدعوى بلا حقيقة ولا معنى.

١٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ ) قال: نزلت هذه الآية في أبي جهل ثانى عطفه قال :

٤٧٢

تولى عن الحق ليضل عن سبيل الله قال: عن طريق اللهعزوجل بالايمان.

١٨ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن بكير عن ضريس عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ) قال: إنّ الآية تنزل في الرجل، ثم يكون في أتباعه، ثم قلت: كل من نصب دونكم شيئا فهو ممن عبد الله على حرف؟ فقال: نعم وقد يكون محضا.

١٩ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن الفضيل وزرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ) قال زرارة: سألت عنها أبا جعفرعليه‌السلام فقال هؤلاء قوم عبدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله وشكوا في محمد وما جاء به، فتكلموا بالإسلام وشهدوا أن لا إله إلّا الله وان محمدا رسول الله، وأقروا بالقرآن وهم في ذلك شاكون في محمد وما جاء به، وليسوا شكاكا في الله قال اللهعزوجل :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ) يعنى على شك في محمد وما جاء به فان أصابه خير يعنى عافية في نفسه وماله وولده اطمأن به ورضى به وان اصابته فتنة بلاء في جسده أو ماله تطير وكره المقام على الإقرار بالنبي، فرجع إلى الوقف والشك فنصب العداوة لله ولرسوله والجحود بالنبي وما جاء به.

٢٠ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ ) قال: هم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله، فخرجوا من الشرك ولم يعرفوا ان محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله رسول الله، فهم يعبدون الله على شك في محمد وما جاء به، فأتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقالوا: ننظر فان كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا وأولادنا علمنا أنّه صادق وانه رسول الله، وان كان غير ذلك نظرنا، قال اللهعزوجل :( فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ) يعنى عافية في الدنيا( وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ )

٤٧٣

يعنى بلاء في نفسه( انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ ) انقلب على شكه إلى الشرك خسر الدنيا والاخرة( ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ) قال ينقلب مشركا يدعو غير الله ويعبد غيره، فمنهم من يعرف فيدخل الايمان قلبه فيؤمن ويصدق ويزول عن منزلته من الشك إلى الايمان، ومنهم من يثبت على شكه ومنهم من ينقلب إلى الشرك. عليّ بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن رجل عن زرارة مثله.

٢١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه‌الله عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : فان في الناس من خسر الدنيا والاخرة بترك الدنيا للدنيا، ويرى ان لذة الرياسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة فيترك ذلك أجمع طلبا للرياسة الباطلة.

٢٢ ـ في مصباح الشريعة قال الصادقعليه‌السلام في كلام طويل: واما السائر في مفاوز الاعتداء، والخائض في مراتع الغى وترك الحيا باستحباب السمعة والريا والشهوة والتصنع إلى الخلق المتزيي بزي الصالحين، المظهر بكلامه عمارة باطنه وهو في الحقيقة خال عنها، قد غمرتها وحشة حب المحمدة وغشيتها ظلمة الطمع فما افتنه بهواه، وأضل الناس بمقالته، قال اللهعزوجل :( لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) .

٢٣ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم واما قولهعزوجل :( مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ) فان الظن في كتاب اللهعزوجل على وجهين: ظن يقين علم وظن شك فهذا ظن شك قال: من شك ان اللهعزوجل لن يثيبه في الدنيا ولا في الآخرة فليمدد بسبب إلى السماء أي يجعل بينه وبين الله دليلا، والدليل على ان السبب هو الدليل قول اللهعزوجل في سورة الكهف:( وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً ) أي دليلا وقال: ثم ليقطع أي تميز والدليل على ان القطع هو التميز قوله تعالى:( وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ) امما أسباطا» أي ميزنا هم فقولهعزوجل :( ثُمَّ لْيَقْطَعْ ) أي يميز( فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ ) أي حيلته والدليل على ان الكيد هو الحيلة قوله

٤٧٤

تعالى:( كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ) أي احتلنا له حتّى حبس أخاه وقوله تعالى يحكى قول فرعون:( فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ) أي حيلتكم قال: فاذا وضع لنفسه سببا ومميزا دله على الحق، واما العامة فإنهم رووا في ذلك أنّه من لم يصدق بما قال اللهعزوجل فليلق حبلا إلى سقف البيت فليختنق. قال عز من قائل: إنّ الذين آمنوا إلى قوله: والمجوس.

٢٤ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل وفيه قالعليه‌السلام : سلوني قبل أن تفقدوني، فقام إليه الأشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل إليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي؟ قال: بلى يا أشعث قد أنزل الله إليهم كتابا وبعث إليهم رسولا حتّى كان لهم ملك سكر ذات ليلة، فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها، فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه فقالوا: أيها الملك دنست علينا ديننا وأهلكته فاخرج نطهرك ونقيم عليك الحد، فقال لهم: اجتمعوا واسمعوا قولي فان يكن لي مخرج مما ارتكبت والا فشأنكم، فاجتمعوا فقال لهم: هل علمتم ان الله لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وامنا حوا؟

قالوا: صدقت أيها الملك قال: أو ليس قد زوج بنيه بناته وبناته من بنيه؟ قالوا: صدقت هذا هو الدين، فتعاقدوا على ذلك فمحا الله ما في صدورهم من العلم، ورفع عنهم الكتاب فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب والمنافقون أشد حالا منهم قال الأشعث: والله ما سمعت بمثل هذا الجواب والله لاعدت إلى مثلها أبدا.

٢٥ ـ في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم وعدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الصباح الكناني عن الأصبغ بن نباته قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنّ للشمس ثلاثمائة وستين برجا كل برج منها مثل جزيرة من جزائر العرب، وتنزل كل يوم على برج منها، فاذا غابت انتهت إلى حد بطنان العرش، فلم تزل ساجدة إلى الغد ثم ترد إلى موضع مطلعها، ومعها ملكان معها! وان وجهها لأهل السماء وقفا ها لأهل الأرض، ولو كان وجهها لأهل الأرض لاحترقت الأرض ومن

٤٧٥

عليها من شدة حرها، ومعنى سجودها ما قال سبحانه وتعالى:( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ) .

٢٦ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام قال: قيل لعليٍّعليه‌السلام : إنّ رجلا يتكلم في المشية، فقال: ادعه لي، قال: فدعاه له فقال له: يا عبد الله خلقك الله لما شاء أو لما شئت؟ قال: لما شاء قال: فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت قال: إذا شاء. قال: فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت قال: إذا شاء قال: فيدخلك حيث يشاء أو حيث شئت؟ قال: حيث يشاء قال: فقال له عليعليه‌السلام : لو قلت غير هذا لضربت الذي فيه عيناك.

٢٧ ـ وباسناده إلى سليمان بن جعفر الجعفري قال: قال الرضاعليه‌السلام : المشية من صفات الأفعال، فمن زعم ان الله لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد. قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: استقصاء الكلام في تحقيق المشية والارادة يحتاج إلى بسط وبيان، والشافي في ذلك الكافي.

٢٨ ـ في كتاب الخصال عن النضر بن مالك قال: قلت للحسين بن عليّعليهما‌السلام : يا أبا عبد الله حدثني عن قوله تعالى:( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) فقال: نحن وبنو امية اختصمنا في الله تعالى قلنا صدق الله وقالوا كذب، فنحن الخصمان يوم القيامة.

٢٩ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه عن محمد بن الفضيل عن ابن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى:( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا ) بولاية عليٍّعليه‌السلام ( قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ) .

٣٠ ـ في مجمع البيان قيل: نزلت الآية( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا ) في ستة نفر من المؤمنين والكفار تبادروا يوم بدر، وهم حمزة بن عبد المطلب قتل عتبة بن ربيعة، وعلى بن أبي طالب قتل الوليد بن عتبة وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب قتل شيبة بن ربيعة عن أبي ذر الغفاري وعطاء وكان أبو ذر يقسم بالله تعالى انها نزلت فيهم، ورواه البخاري في الصحيح.

٤٧٦

٣١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقولهعزوجل :( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ) قال: نحن وبنو امية، نحن قلنا: صدق الله ورسوله، وقالت بنو امية: كذب الله ورسوله فالذين كفروا يعنى بني أميّة قطعت لهم ثياب من النار إلى قوله تعالى حديد وقال: تشوية النار فتسترخى شفته حتّى تبلغ سرته، وتتقلص شفته العليا حتّى تبلغ وسط رأسه( وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ) قال: الاعمدة التي يضربون بها.

٣٢ ـ وقولهعزوجل :( كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها ) ضربا بتلك الاعمدة( وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ) فانه حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له: يا ابن رسول الله خوفني فان قلبي قد قسى، فقال: يا أبا محمد استعد للحيوة الطويلة فان جبرئيل جاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو قاطب(١) وقد كان قبل ذلك يجيء متبسما، فقال رسول الله: يا جبرئيل جئتني اليوم قاطبا فقال: يا محمّد قد وضعت منافخ النار، فقال: وما منافخ النار يا جبرئيل؟ فقال: يا محمّد ان اللهعزوجل أمر بالنار فنفخ عليها ألف عام حتّى ابيضت، ثم نفخ عليها ألف عام حتّى احمرت، ثم نفخ عليها ألف عام حتّى اسودت، فهي سوداء مظلمة لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها، ولو ان حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها، ولو ان سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء والأرض لمات أهل الأرض من ريحه ووهجه(٢) قال: فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبكى جبرئيل فبعث الله إليهما ملكا فقال لهما: إنّ ربكما يقرئكما السلام ويقول: قد امنتكما ان تذنبا ذنبا أعذبكما عليه، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : فما رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متبسما بعد ذلك ثم قال: إنّ أهل النار يعظمون النار، وان أهل الجنة يعظمون الجنة والنعيم، وان جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما، فاذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد، وأعيدوا في دركها، هذه حالهم وهو قول اللهعزوجل :( كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ )

__________________

(١) قطب: زوي ما بين عينيه وعبس.

(٢) الوهج ـ متحركة ـ: حر النار.

٤٧٧

ثم تبدل جلودهم غير الجلود التي كانت عليهم فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : حسبك يا أبا محمد؟ قلت: حسبي حسبي.

٣٣ ـ في مجمع البيان وقد روى ان الله تعالى يجوعهم حتّى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع، فيصرخون إلى مالك فيحملهم إلى تلك الشجرة وفيهم أبو جهل فيأكلون منها فتغلى بطونهم كغلى الحميم، فيسقون شربة من الماء الحار الذي بلغ نهايته في الحرارة، فاذا قربوها من وجوههم شوت وجوههم، فذلك قوله،( يَشْوِي الْوُجُوهَ ) فاذا وصل إلى بطونهم صهر ما في بطونهم كما قال سبحانه( يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ) وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من شرب الخمر لم يقبل له صلوة أربعين يوما. فان مات وفي بطنه شيء من ذلك كان حقا على اللهعزوجل أن يسقيه من طينة خبال وهو صديد أهل النار، وما يخرج من فروج الزناة، فتجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار، فيصهر به ما في بطونهم والجلود، رواه شبيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣٤ ـ وروى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ) لو وضع مقمع(١) من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما اقلوه في الأرض.

٣٥ ـ وعن العلا بن سيابة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قلت له: إنّ الناس يتعجبون منا إذا قلنا: يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة، فيقولون لنا فيكونون مع أولياء الله في الجنة فقال: يا علا ان الله يقول:( وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ ) لا والله ما يكونون مع أولياء الله، قلت: كانوا كافرين؟ قال: لا والله لو كانوا كافرين ما دخلوا الجنة، قلت: كانوا مؤمنين؟ قال: لا والله لو كانوا مؤمنين ما دخلوا النار، ولكن بين ذلك، وتأويل هذا لو صح الخبر: انهم لم يكونوا من أفاضل المؤمنين وخيارهم «انتهى».

٣٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ثم ذكر سبحانه ما أعده للمؤمنين فقال جل ذكره :

__________________

(١) المقمع: العمود من حديد.

٤٧٨

( إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) إلى قوله تعالى( وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ ) حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : جعلت فداك شوقني فقال: يا أبا محمد ان من أدنى نعيم الجنة أن يوجد ريحها من مسيرة ألف عام من مسافة الدنيا، وأن ادنى أهل الجنة منزلا لو نزل به الثقلان الجن والانس لوسعهم طعاما وشرابا، ولا ينقص مما عنده شيئا، وان أيسر أهل الجنة منزلة من يدخل الجنة فيرفع له ثلاث حدائق، فاذا دخل أدناهن راى فيها من الأزواج والخدم والأنهار والثمار ما شاء الله مما يملأ عينه قرة وقلبه مسرة، فاذا شكر الله وحمده قيل له: ارفع رأسك إلى الحديقة الثانية ففيها ما ليس في الاولى، فيقول: يا رب أعطني هذه، فيقول الله تعالى: إنّ أعطيتكها سألتنى غيرها، فيقول: رب هذه هذه فاذا هو دخلها شكر الله وحمده، قال: فيقال: افتحوا له بابا إلى الجنة ويقال له: ارفع رأسك فاذا قد فتح له باب من الخلد ويرى أضعاف ما كان فيما قبل فيقول عند مضاعف مسراته: رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت على بالجنان، وأنجيتنى من النيران، قال أبو بصير: فبكيت وقلت له: جعلت فداك زدني قال: يا أبا محمد ان في الجنة نهرا في حافتيه جوارنا بتات، إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت اللهعزوجل مكانها اخرى، قلت: جعلت فداك زدني قال: يا أبا محمد المؤمن يزوج ثمانمأة عذراء، واربعة آلاف ثيب، وزوجتين من الحور العين، قلت: جعلت فداك من أي شيء خلقن الحور العين؟ قال: من تربة الجنة النورانية ويرى مخ ساقها من وراء سبعين حلة كبدها مراته وكبده مراتها، قلت: جعلت فداك ألهن كلام يتكلمن به في الجنة قال: نعم كلام لم يسمع الخلايق اعذب منه، قلت: ما هو؟ قال يقلن بأصوات رحيمة: نحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبؤس، ونحن المقيمات فلا نظعن، ونحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن خلق لنا، وطوبى لمن خلقنا له، ونحن اللواتي لو أن قرن أحد بنا، علق في جو السماء لأغشى نوره الأبصار، فهاتان الآيتان وتفسيرهما رد على من أنكر خلق الجنة والنار.

٤٧٩

قولهعزوجل :( وَهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) قال: التوحيد والإخلاص( وَهُدُوا إلى صِراطِ الْحَمِيدِ ) قال: الولاية.

٣٧ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عمن ذكره عن حنان أبي على عن ضريس الكناسي قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله: و( هُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إلى صِراطِ الْحَمِيدِ ) فقال: هو والله هذا الأمر الذي أنتم عليه.

٣٨ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن اورمة عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَهُدُوا إلى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إلى صِراطِ الْحَمِيدِ ) قال: ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسلمان وأبو ذر والمقداد بن الأسود وعمار، هدوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣٩ ـ في مجمع البيان وروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: ما أحد أحب إليه الحمد من الله عز ذكره.

٤٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) قال: نزلت في قريش حين صدوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن مكة وقوله:( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) قال: أهل مكة ومن جاء من البلدان، فهم سواء لا يمنع من النزول ودخول الحرم.

٤١ ـ في نهج البلاغة من كتبه إلى قثم بن العباسرحمهما‌الله وهو عامله على مكة وأمر أهل مكة ان لا يأخذوا من ساكن أجرا، فان الله سبحانه يقول:( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) والعاكف المقيم به، والبادي الذي يحج إليه من غير أهله.

٤٢ ـ في قرب الاسناد للحميري باسناده إلى أبي جعفر عن أبيه عن عليّعليهم‌السلام كره إجارة بيوت مكّة، وقرء( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) .

٤٣ ـ في تهذيب الأحكام موسى بن القاسم عن صفوان بن يحيى عن حسين بن أبي العلا قال: ذكر أبو عبد اللهعليه‌السلام هذه الآية( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) فقال: كانت مكّة ليس على شيء منها باب، وكان أوّل من علّق على بابه المصراعين معاوية بن

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509