من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه0%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

من لا يحضره الفقيه

مؤلف: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (الشيخ الصدوق)
تصنيف:

الصفحات: 640
المشاهدات: 254325
تحميل: 8006


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 254325 / تحميل: 8006
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء 2

مؤلف:
العربية

كتاب من لا يحضره الفقيه - الجزء الثاني

للشيخ الجليل الاقدم الصدوق أبى جعفر محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمى

المتوفى سنة ٣٨١

١

٢

بيان الرموز

نرمز إلى شرح المولى محمد تقي المجلسي - رحمه الله - المسمى بروضة المتقين في شرح أخبار الائمة المعصومين ب‍ (م ت).

وإلى حاشية المولى مراد بن عليخان التفرشي - رحمه الله - ب‍ (مراد).

وإلى حاشية سلطان العلماء: الحسين بن محمد بن محمود الحسيني الآملي - رحمه الله - ب‍ (سلطان).

وإلى حاشية الحكيم الالهي السيد محمد باقر الحسيني المعروف بمير داماد - رحمه الله - ب‍ (م ح ق).

وإلى شرح العلامة المجلسي - قدس سره - على الكافي المعروف بمرآة العقول ب‍ (المرآة).

ونعبر عن المجلسي الاول بالمولى المجلسي وعن الثاني بالعلامة المجلسي.

أبواب الزكاة

باب علة وجوب الزكاة

قال [الشيخ السعيد الفقيه] أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي [مصنف هذا الكتاب] رضي الله عنه وأسكنه جنته:

١٥٧٤ - روى عبدالله بن سنان(١) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن الله عزوجل فرض الزكاة كما فرض الصلاة، فلو أن رجلا حمل الزكاة فأعطاها علانية لم يكن عليه في ذلك عيب(٢) وذلك أن الله عز وجل فرض للفقراء(٣) في أموال الاغنياء ما يكتفون به، ولو علم أن الذي فرض لهم(٤) لا يكفيهم لزادهم، وإنما يؤتى الفقراء فيما أتوا من منع من منعهم(٥) حقوقهم، لا من الفريضة ".

___________________________________

(١) الطريق صحيح، وعبدالله بن سنان ثقة لا يطعن عليه.

(٢) في بعض النسخ " عتب ".

(٣) تعليل لوجوب المقدار المخصوص لا لعدم العيب والاعلان كما توهم.

(٤) أى قدر لهم واوجب.

(٥) في القاموس: أتى عليه الدهر أهلكه.

وقال في الوافى " اتوا " على صيغة المجهول من الاتيان بمعنى المجيئ يعنى أن الفقراء لم يصابوا بالفقر والمسكنة من قلة قدر الفريضة المقدرة لهم في أموال الاغنياء وانما يصابون بالفقر والذلة ويدخل عليهم ذلك في جملة ما دخل عليهم من البلاء من منع الاغنياء عنهم الفريضة المقدرة لهم في أموالهم.

٣

١٥٧٥ - وروى مبارك العقرقوفي(١) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: " إنما وضعت الزكاة قوتا للفقراء وتوفيرا لاموالهم "(٢) .

١٥٧٦ - وروى موسى بن بكر(٣) عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: " حصنوا أموالكم بالزكاة "(٤) .

١٥٧٧ - وروى حريز، عن زرارة، ومحمد بن مسلم أنهما قالا لابي عبدالله عليه السلام: " أرأيت قول الله عزوجل(٥) : " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين، وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله "(٦)

___________________________________

(١) هو مجهول الحال والطريق اليه ضعيف بمحمد بن سنان، ورواه الكلينى - رحمه الله - في الكافى ج ٣ ص ٤٩٨ عن على عن أبيه عن اسماعيل بن مرار عن مبارك.

(٢) أى في أموال الاغنياء، وفى بعض النسخ " في أموالكم " بلفظ الخطاب كما في الكافى.

(٣) في بعض النسخ " محمد بن بكر " والصواب ما اخترناه في المتن طبقا للكافى ج ٤ ص ٦١.

(٤) أى حصنوا أموالكم من السرقة والحرق والغرق باعطاء الزكاة وأدائها إلى مستحقها.

(٥) السند صحيح، وقوله " أرأيت قول الله " أى أخبرنى عن قوله الله تعالى.

(٦) المراد بالصدقات الزكوات، واللام في قوله " للفقراء والمساكين " للتمليك و يشمل من لا يملك مؤونة سنته فعلا وقوة له ولعياله الواجبى النفقة بحسب حاله في الشرف وغيره.

والمراد بالعاملين عليها العاملين في تحصينها بجباية وولاية وكتابة وحفظ وحساب وقسمة بدون شرط الفقر فيهم.

" والمؤلفة قلوبهم " قال العلامة المجلسى رحمه الله: اجمع العلماء كافة على أن للمؤلفة قلوبهم سهما من الزكاة، وانما الخلاف في اختصاص التأليف بالكفار أو شموله للمسلمين أيضا، فقال الشيخ رحمه الله في المبسوط: والمؤلفة قلوبهم عندنا الكفار الذين يستمالون بشئ من مال الصدقات إلى الاسلام ويتألفون ليستعان بهم على قتال اهل الشرك، ولا يعرف اصحابنا مؤلفة أهل الاسلام " واختاره المحقق وجماعة رحمهم الله وقال المفيد قدس سره -: المؤلفة قلوبهم ضربان مسلمون ومشركون وبما ظهر من كلام ابن الجنيد اختصاص التأليف بالمنافقين انتهى.

وقوله تعالى " وفى الرقاب " جعل الرقاب ظرفا للاستحقاق تنبيها على أن استحقاقهم ليس على وجه الملك أو الاختصاص كغيرهم وهم المكاتبون مع قصور كسبهم عن أداء مال الكتابة، والعبيد تحت الشدة عند مولاهم يشترون من مال الزكاة ويعتقون بعد الشراء.

والغارمون هم الذين ركبتهم الديون في غير معصية ولا اسراف ولا يتمكنون من القضاء وعجزوا عن أدائه.

" وفى سبيل الله " كمعونة الحاج وقضاء الديون عن الحى والميت وجميع سبل الخير والمصالح وعمارة المساجد والمشاهد واصلاح القناطر وغير ذلك من القربات. والمراد بابن السبيل المنقطع به في غير بلده، ولا يمنع غناه في بلده مع عدم تمكنه من الاعتياض عنه ببيع أو اقراض

٤

أكل هؤلاء يعطى وإن كان لا يعرف؟ فقال: إن الامام يعطي هؤلاء جميعا لانهم يقرون له بالطاعة، قال زرارة: قلت: فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال: يا زرارة لو كان يعطى من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع(١) ، وإنما يعطى من لا يعرف(٢) ليرغب في الدين فيثبت عليه، فأما اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلا من

___________________________________

(١) المراد بالمعرفة معرفة الامام عليه السلام أى لو كان يعطى من يعرف يعنى في ذلك الزمان لم يوجد لها موضع لقلة العارف يومئذ (الوافى) وقال العلامة المجاسى رحمه الله: لعله اشارة إلى مؤلفة قلوبهم فانهم من أرباب الزكاة وأجمع العلماء كافة على أن للمؤلفة قلوبهم سهما من الزكاة وانما الخلاف في اختصاص التأليف بالكفار أو شموله للمسلمين أيضا.

(٢) يؤيد ذلك أنه ينقل أن أمير المؤمنين عليه السلام فرق في الصدقات بين من قال بخلافته عن رسول الله صلى الله عليه وآله وبين من قال انه عليه السلام رابع الخلفاء (مراد) والمذهب مستقر على أنه لا يعطى الزكاة ألا أهل الولاية الا أن لا يوجدوا فيعطى المستضعفون.

وهذا لا ينافى رواية محمد بن مسلم وزرارة من الامام عليه السلام يعطى من لا يعرف وما روى من فعل أمير المؤمنين عليه السلام لان الامام إذا كان مبسوط اليد يطيعه جميع الناس العارفون وغيرهم، فهم باقرارهم بالطاعة له خارجون عن النصب والبغى بعدم اطاعتهم لغير الامام الحق، لافئة لهم يرجعون اليها، ولا محالة زكاة أموالهم تصل إلى الامام فيعطيها أمثالهم لكونها أكثر من احتياج العارفين، بخلاف ما إذا لم يكن مبسوط اليد، فان زكاة المخالفين له يصل إلى أميرهم ولا يبقى لرفع حاجة العارفين الا زكاة العارفين فيجب تخصيصها بهم الا أن يزيد عن حاجتهم فتعطى المستضعفين الذين لا نصب لهم ولا مخالفة ولا يوالون غير الامام الحق ولا الامام الحق. (قاله الاستاذ في هامش الوافى).

٥

يعرف، فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فأعطه دون الناس، ثم قال: سهم المؤلفة قلوبهم وسهم الرقاب عام والباقي خاص(١) ، قال: قلت: فإن لم يوجدوا؟ قال: لا تكون فريضة فرضها الله عزوجل [و] لا يوجد لها أهل، قال: قلت: فإن لم تسعهم الصدقات؟ قال: فقال: إن الله عزوجل فرض للفقراء في مال الاغنياء ما يسعهم، ولو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم، إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله عز وجل، ولكن أتوا من منع منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم، أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير ".

فأما الفقراء فهم أهل الزمانة والحاجة(٢) ، والمساكين أهل الحاجة من غير أهل الزمانة، والعاملون عليها هم السعاة، وسهم المؤلفة قلوبهم ساقط بعد رسول الله صلى الله عليه وآله(٣) ، وسهم الرقاب يعان به المكاتبون الذين يعجزون عن أداء المكاتبة، والغارمون المستدينون في حق، وسبيل الله الجهاد(٥) ، وابن السبيل

___________________________________

(١) كان المراد بعموم سهم المؤلفة قلوبهم شموله لسائر أصناف الكفار وللمسلمين أيضا." والباقى خاص " يعنى بالعارف.

(٢) من كلام المؤلف رحمه الله وقال الشيخ محمد حفيد الشهيد رحمه الله: لم أقف على دليل ما قاله المصنف (ره).

(٣) قال الشيخ رحمه الله في المبسوط: وللمؤلفة سهم من الصدقات كان ثابتا في عهد النبى صلى الله عليه وآله وكل من قام مقامه عليه السلام جاز له أن يتألفهم لمثل ذلك ويعطيهم السهم الذى سماه الله تعالى لهم ولا يجوز لغير الامام القائم مقام النبى صلى الله عليه وآله ذلك وسهمه مع سهم العامل ساقط اليوم.

(٤) ظاهر كلام المؤلف انحصارهم الرقاب بالمكاتبين، والمشهور أن سهم الرقاب لثلاثة المكاتبين والعبيد الذين تحت الشدة والعبد يشترى ويعتق الا أن يقال غرض المصنف ليس هو الحصر وفيه ما فيه. (الشيخ محمد)

(٥) تصريح بأن سبيل الله الجهاد والمشهور ما تقدم.

٦

الذي لا مأوى له ولا مسكن مثل المسافر الضعيف ومار الطريق.

ولصاحب الزكاة أن يضعها في صنف دون صنف متى لم يجد الاصناف كلها.(١)

١٥٧٨ - وقال الصادق عليه السلام لعمار بن موسى الساباطي: " يا عمار أنت رب مال كثير؟ قال: نعم جعلت فداك، قال: فتؤدي ما افترض الله عليك من الزكاة؟ فقال: نعم، قال: فتخرج الحق المعلوم من مالك(٢) ؟ قال: نعم، قال: فتصل قرابتك؟ قال: نعم، قال: فتصل إخوانك؟ قال: نعم، فقال: يا عمار إن المال يفنى، والبدن يبلى، والعمل يبقى، والديان حي لا يموت(٣) يا عمار أما إنه ما قدمت فلن يسبقك وما أخرت فلن يلحقك "(٤) .

١٥٧٩ - وفي رواية أبي الحسين محمد بن جعفر الاسدي رضي الله عنه عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن عبدالله بن أحمد، عن الفضل بن إسماعيل، عن معتب مولى الصادق عليه السلام قال: قال الصادق عليه السلام: " إنما وضعت الزكاة اختبارا للاغنياء ومعونة للفقراء، ولو أن الناس أدوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيرا محتاجا، و لاستغنى بما فرض الله عزوجل له، وإن الناس ما افتقروا ولا احتاجوا ولا جاعوا ولا عروا إلا بذنوب الاغنياء، وحقيق على الله عزوجل أن يمنع رحمته من منع حق الله في ماله، وأقسم بالذي خلق الخلق وبسط الرزق إنه ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بترك الزكاة، وما صيد صيد في بر ولا بحر إلا بتركه التسبيح في ذلك اليوم وإن أحب الناس إلى الله عزوجل أسخاهم كفا، وأسخى الناس من أدى زكاة

___________________________________

(١) راجع الكافى ج ٣ ص ٥٥٤ والتهذيب ج ١ ص ١٥٧.

(٢) اشارة إلى قوله تعالى " وفى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ".

(٣) الديان: المجازى على الاعمال، وقيل: المراد به القهار والحاكم والقاضى.

(٤) " ما قدمت " أى من الوقف والصدقة وأمثالها " فلن يسبقك " أى لن يفوتك ولا يتجاوز منك إلى غيرك بل يصل ثوابه لا محالة اليك. " وما أخرت " أى ما ترتك بعدك " فلن يلحقك " بل يكون لوارثك يفعل فيه ما يشاء فان صرفه في الخيرات يصل ثوابه اليه دونك.

٧

ماله(١) ولم يبخل على المؤمنين بما افترض الله عزوجل لهم في ماله ".

١٥٨٠ - وكتب الرضا علي بن موسى عليهما السلام إلى محمد بن سنان فيما كتب إليه من جواب مسائله: " إن علة الزكاة من أجل قوت الفقراء، وتحصين أموال الاغنياء لان الله عزوجل كلف أهل الصحة القيام بشأن أهل الزمانة والبلوى(٢) كما قال الله تبارك وتعالى: " لتبلون في أموالكم وأنفسكم " في أموالكم إخراج الزكاة وفي أنفسكم توطين الانفس على الصبر مع ما في ذلك من أداء شكر نعم الله عزوجل والطمع في الزيادة مع ما فيه من الزيادة والرأفة والرحمة لاهل الضعف(٣) ، والعطف على أهل المسكنة، والحث لهم على المواساة، وتقوية الفقراء، والمعونة لهم على أمر الدين، وهو عظة لاهل الغنى وعبرة لهم ليستدلوا على فقراء الآخرة بهم(٤) و مالهم من الحث في ذلك على الشكر لله تبارك وتعالى لما خولهم(٥) وأعطاهم، والدعاء والتضرع والخوف من أن يصيروا مثلهم في أمور كثيرة(٦) في أداء الزكاة

___________________________________

(١) الافضلية اضافية بالنسبة إلى من لم يؤد الزكاة وان أعطى في غيرها كثيرا.

وقال الفاضل التفرشى رحمه الله: لعل المراد بالاسخى من لم يكن فيه شئ من البخل وفى هذا المعنى يستوى جميع من أدى زكاة ماله سواء أتى بالعطايا زائدة على زكاة المال أم لا وان كان الاتى بالعطايا بعد أداء الزكاة أسخى ممن لم يأت بها بمعنى آخر.

(٢) الزمانة: آفة في الحيوانات ورجل زمن أى مبتلى بين الزمانة. (الصحاح)

(٣) أى من حيث الشكر كما قال الله تعالى " لئن شكرتم لازيدنكم " مع ما فيه من الزيادة أيضا من حيث خاصة الزكاة بخصوصها فلا تكرار، ويحتمل أنه اشارة إلى تحقق المطموع قطعا أى في أداء الزكاة طمع الزيادة مع وقوعها البتة لا مجرد رجاء وقوع وان تخلف ويحتمل أن المراد باحديهما الزيادة الدنيوية وبالاخرى الزيادة الاخروية. (سلطان)

(٤) المراد بفقراء الاخرة من ليس له من أعمال صالحه وذخيرة في الاخرة أى عبرة للاغنياء من حيث انهم لما وقفوا من سوء حال الفقراء قاسوا عليهم أحوال فقر الاخرة وسوء أحوالهم وذلك موجب لتحصيل الاعمال والثواب والذخيرة في الاخرة. (سلطان)

(٥) خولهم أى أنعم عليهم.

(٦) ناظر إلى شكر الله تعالى، وفى " أداء الزكاة " بدل منه (مراد) وقال في الوافى: يعنى ما ذكر من الامور في جملة أمور اخر كثيرة هى العلة في ذلك.

٨

والصدقات، وصلة الارحام، واصطناع المعروف ".

١٥٨١ - وقال أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " من أخرج زكاة ماله تامة فوضعها في موضعها لم يسأل من أين اكتسب ماله "(١) .

١٥٨٢ - وقال الصادق عليه السلام: " إنما جعل الله عزوجل الزكاة في كل ألف خمسة وعشرين درهما لانه عزوجل خلق الخلق فعلم غنيهم وفقيرهم وقويهم وضعيفهم فجعل من كل ألف(٢) خمسة وعشرين مسكينا [و] لولا ذلك لزادهم الله لانه خالقهم وهو أعلم بهم ".

باب ما جاء في مانع الزكاة

١٥٨٣ - روى حريز عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله عزوجل يوم القيامة بقاع قرقر(٣) وسلط عليه شجاعا أقرع يريده وهو يحيد عنه(٤) فإذا رأى أنه لا يتخلص منه أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل(٥) ثم يصير طوقا في عنقه، وذلك قول الله عزوجل

___________________________________

(١) أى يرتفع عنه مؤونة حساب ذلك المال، لا أنه لو لكتسبه من الحرام يرتفع منه اثم ذلك الكسب (مراد) والخبر مروى في الكافى ج ٣ ص ٤. ٥ في الحسن كالصحيح.

(٢) أى من كل ألف انسان كما صرح به في الكافى ج ٣ ص ٥٠٨.

(٣) في الصحاح القاع: المستوى من الارض. والقرقر: القاع الاملس.

ولا يبعد أن يراد به هنا مالا شجر فيه ولا كلاء ولا ماء.

(٤) الشجاع والاشجع ضرب من الحيات أو الذكر منها، والاقرع من الحيات المتمعط شعر رأسه لكثرة سمه يعنى قد تمعط وذهب شعر رأسها لكثرة سمها وطول عمرها " وهو يحيد عنه " أى يميل ويتنفر عنه.

(٥) القضم: كسر الشئ بأطراف الاسنان. وفى بعض النسخ " كما يقضم الفحل " بالحاء المهملة.

٩

" سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة "، وما من ذي مال إبل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قرقر، يطأه كل ذات ظلف بظلفها وينهشه كل ذات ناب بنابها(١) وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاة إلا طوقه الله تعالى ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة "(٢) .

١٥٨٤ - وروى معروف بن خربوذ عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إن الله تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة فقال: " أقيموا الصلوة وآتوا الزكوة " فمن أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فكأنه لم يقم الصلاة "(٣) .

١٥٨٥ - وروى أيوب بن راشد عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء(٤) تأكل من دماغه، وذلك قول الله عزوجل: " سيطوقون ما بخلوا يوم القيامة ".

١٥٨٦ - روى مسعدة عن الصادق عليه السلام أنه قال: " ملعون ملعون مال لا يزكى "(٥) .

١٥٨٧ - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: " ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب، وهو قول الله عزوجل: " سيطوقون ما بخلوا به

___________________________________

(١) ينهشه كيمنعه أى يلسعه وعضه أو أخذه بأضراسه.

(٢) المراد بالريعة ههنا أصل أرضه التى فيها الكرم والنخل والزراعة الواجبة فيها الزكاة.

أى تصير الارض طوقا في عنقه إلى يوم القيامة بان يحشر وفى عنقه الارض " إلى سبع أرضين " أى إلى منتهاها وفى الكافى " قلده الله تربة أرضه ".

(٣) فيه دلالة على اشتراط قبول الصلاة بايتاء الزكاة.

(٤) القرعاء مؤنث الاقرع.

(٥) المراد باللعن هنا عدم البركة والرحمة من الله فيه.

أوليس له بركة بل يذهب بصاحبه إلى النار كما في رواية.

١٠

يوم القيامة " يعنى ما بخلوا به من الزكاة "(١) .

١٥٨٨ - وروى عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " ما من رجل يمنع درهما في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه(٢) ، وما من رجل يمنع حقا في ماله إلا طوقه الله به حية من نار يوم القيامة ".

١٥٨٩ - وروى أبان بن تغلب(٣) عنه عليه السلام أنه قال: " دمان في الاسلام حلال من الله تبارك وتعالى لا يقضي فيهما أحد(٤) حتى يبعث الله عزوجل قائمنا أهل البيت فإذا بعث الله عزوجل قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم الله عزوجل: الزاني المحصن يرجمه، ومانع الزكاة يضرب عنقه "(٥) .

١٥٩٠ - وروى عنه عمرو بن جميع أنه قال(٦) : " ما أدى أحد الزكاة فنقصت من ماله، ولا منعها أحد فزادت في ماله".

١٥٩١ - وفي رواية أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من منع قيراطا من

___________________________________

(١) قوله " يعنى " من كلام لامام عليه السلام كما يظهر من الكافى وفيه " قال: ما بخلوا به من الزكاة " ج ٣ ص ٤. ٥ ويحتمل كونه قول الراوى.

(٢) أى يمنع منه اللطف ويتسلط عليه الشيطان بان ينفقه في الباطل أو بأن يأخذ الظالم منه قهرا.

(٣) في الطريق أبوعلى صاحب الكلل وهو مجهول الحال ورواه الكلينى بسند ضعيف.

(٤) قال المولى المجلسى رحمه الله: قوله " لا يقضى فيهما أحد " أى موافقا للحق والا فأبو بكر قاتل مانع الزكاة ومنعه عمر ولم يسمع قوله.

(٥) في المدارك نقلا عن التذكرة: أجمع المسلمون كافة على وجوب الزكاة في جميع الاعصار وهى أحد أركان الخمسة إذا عرفت هذا فمن أنكر وجوبها ممن ولد على الفطرة ونشأ بين المسلمين فهو مرتد يقتل من غير أن يستتاب وان لم يكن على فطرة بل اسلم عقيب كفر استتيب مع علمه بوجوبها ثلاثا فان تاب والا فهو مرتد وجب قتله وان كان ممن يخفى عليه وجوبها لانه نشأ بالبادية أو كان قريب العهد بالاسلام عرف وجوبها ولم يحكم بكفره هذا كلامه رحمه الله وهو جيد، وعلى ما ذكره تحمل رواية أبان بن تغلب.

(٦) يعنى أبا عبدالله عليه السلام كما صرح به في الكافى.

١١

الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم، وهو قول الله عزوجل(١) : حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت "(٢) .

وفي رواية أخرى " ولا تقبل له صلاة ".

١٥٩٢ - وروى ابن مسكان(٣) عن أبي جعفر عليه السلام قال: " بينما رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ قال: قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان حتى أخرج خمسة نفر، فقال: أخرجوا من مسجدنا لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكون ".

١٥٩٣ - وروى أبوبصير عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم، وسأل الرجعة عند الموت، وهو قول الله عزوجل: " حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت "(٤) .

١٥٩٤ - وقال الصادق عليه السلام: " صلاة مكتوبة خير من عشرين حجة، وحجة خير من بيت مملوء ذهبا يتصدق به في بر حتى ينفد، ثم قال: ولا أفلح من ضيع عشرين بيتا من ذهب بخمسة وعشرين درهما، فقيل له: وما معنى خمسة وعشرين [درهما]؟ قال: من منع الزكاة وقفت صلاته حتى يزكي ".

١٥٩٥ - وقال عليه السلام: " ما ضاع مال في بر ولا بحر إلا بتضييع الزكاة، ولا يصاد

___________________________________

(١) لعـل الاستشهاد بالاية الشريفة أن مانع الزكاة تتمنى الرجوع إلى الدنيا كالكافر فكان مثله في ذلك. (مراد)

(٢) " رب ارجعون " على صيغة الجمع في قوة تكرير رب ارجعنى، رب ارجعنى على الحاح في سؤال الرجعة. (م ح ق)

(٣) فيه ارسال لان عبدالله بن مسكان لم يلق أبا جعفر عليه السلام بل قيل: انه لم يرو عن أبى عبدالله عليه السلام الا حديث " من أدرك المشعر فقد أدرك الحج " وفى رجال الكشى " زعم ابوالنضر محمد بن مسعود أن ابن مسكان كان لا يدخل على أبى عبدالله (ع) شفقة أن لا يوفيه حق اجلاله فكان يسمع من أصحابه ويأبى أن يدخل عليه اجلالا واعظاما له عليه السلام ".

وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم، والخبر رواه الكلينى في الكافى ج ٣ ص ٥٢٣ باسناده عن ابن مسكان يرفعه عن رجل عن أبى جعفر عليه السلام.

(٤) متحد مع الخبر الاسبق ولعل وجه التكرار اختلاف اللفظ.

١٢

من الطير إلا ما ضيع تسبيحه "(١) .

باب ما جاء في تارك الزكاة وقد وجبت له

١٥٩٦ - روى مروان بن مسلم، عن عبدالله بن هلال قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: تارك الزكاة وقد وجبت له(٢) مثل مانعها وقد وجبت عليه ".

باب الرجل يستحيى من أخذ الزكاة فيعطى على وجه آخر

١٥٩٧ - روى عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: " الرجل من أصحابنا يستحيي أن يأخذ من الزكاة فأعطيه من الزكاة ولا أسمي له أنها من الزكاة؟ فقال: أعطه ولا تسم له ولا تذل المؤمن "(٣) .

باب الاصناف التي تجب عليها الزكاة

١٥٩٨ - روى الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان قال: قال أبوعبدالله عليه السلام " أنزلت إليه(٤) آية الزكاة " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها في شهر رمضان فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله مناديه فنادى في الناس أن الله تبارك وتعالى قد

___________________________________

(١) تقدم في ذيل حديث مسندا وفى الكافى ج ٥٠٥.

(٢) أى صار مستحقا له، أو صار مضطرا إلى أخذه بحيث لم يكن له وجه اخر، والاول أظهر لفظا والثانى معنى.

(٣) يدل على كراهة ذكرها إذا صار سببا لاذلاله.

(٤) يعنى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله.

وفى الكافى ج ٣ ص ٤٩٧ " لما نزلت آية الزكاة: خذ من أموالهم الاية ".

١٣

فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة، ففرض الله عليكم(١) من الذهب والفضة والابل والبقر والغنم ومن الحنطة والشعير والتمر والزبيب، ونادى فيهم بذلك في شهر رمضان وعفا لهم عما سوى ذلك، قال: ثم لم يتعرض لشئ من أموالهم حتى حال عليهم الحول من قابل فصاموا وأفطروا، فأمر عليه السلام مناديه فنادى في المسلمين أيها المسلمون(٢) زكوا أموالكم تقبل صلاتكم، قال: ثم وجه عمال الصدقة وعمال الطسوق "(٣) . فليس(٤) على الذهب شئ حتى يبلغ عشرين مثقالا، فإذا بلغ عشرين مثقالا ففيه نصف دينار إلى أن يبلغ أربعة وعشرين ففيه نصف دينار وعشر دينار، ثم على هذا الحساب متى زاد على عشرين أربعة أربعة(٥) ، ففي كل أربعة عشر إلى أن يبلغ أربعين مثقالا، فإذا بلغ أربعين مثقالا ففيه مثقال(٦) . وليس على الفضة شئ حتى يبلغ مائتي درهم فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم، ومتى زاد عليها أربعون درهما ففيها درهم(٧) ، وليس في النيف

___________________________________

(١) في الكافى " عليهم ".

(٢) في بعض النسخ " أيها الناس ".

(٣) الطسوق بالفتح: الوظيفة من الخراج أو ما يوضع من الخراج على الجربان جمع جريب، وقيل: الظاهر أن المراد بها الخراج المأخوذ من الارض المفتوح عنوة أجرة للارض.

(٤) من هنا كلام المصنف وليس من تتمة الخبر كما يظهر من الكافى والتهذيب ونص عليه الشراح لكن جعله العلامة رحمه الله في المختلف من تتمة الخبر.

(٥) كما في صحيح ابن بشار المدائنى عن أبى الحسن الاول عليه السلام المروية في الكافى ج ٣ ص ٥١٦. وموثقة على بن عقبة عن الصادقين عليهما السلام.

(٦) كما في حسنة الفضلاء المروية في التهذيب ج ١ ص ٣٥٠ والاستبصار ج ٢ ص ٢٣ على بيان الشيخ رحمه الله.

(٧) كما في موثقة زرارة وابن بكير عن أبى جعفر عليه السلام المروية في التهذيب ج ١ ص ٣٥٢.

١٤

شئ حتى يبلغ أربعين(١) .وليس في القطن والزعفران والخضر والثمار والحبوب زكاة حتى تباع و يحول على ثمنها الحول(٢) . فإذا اجتمعت للرجل مائتا درهم فحال عليها الحول فأخرج لزكاتها خمسة دراهم فدفعها إلى الرجل فرد درهما منها وذكر أنه شبه أو زيف(٣) فليسترجع منه الاربعة الدارهم أيضا لان هذه لم تجب عليها الزكاة لانه كان عنده مائتا درهم إلا درهم، وليس على ما دون مائتي درهم زكاة. وليس على السبائك زكاة إلا أن تفر بها من الزكاة فإن فررت بها فعليك الزكاة(٤) . وليس على الحلي زكاة وإن بلغ مائة ألف(٥) ولكن تعيره مؤمنا إذا استعاره

___________________________________

(١) النيف بالتشديد والتخفيف: ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الثانى.

(٢) كما في حسنة الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام وصحيحة عبدالعزيز بن المهتدى عن أبى الحسن عليه السلام المرويتين في الكافى ج ٣ ص ٥١٢.

وصحيحه محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام ج ٣ ص ٥١١.

(٣) الشبه ضرب من الدراهم المغشوش بالنحاس. وفى الصحاح: الشبه بكسر الشين المعجمة: ضرب من النحاس. وفى القاموس الشبه محركة: النحاس الاصفر ويكسر. وفيه زاف الدراهم زيوفا أى صارت مردودة".

(٤) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣٥٠ باسناده عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: الرجل يجعل لاهله الحلى من مائة دينار والمائتى دينار وأرانى قد قلت: ثلاثمائة دينار فعليه الزكاة؟ قال: ليس فيه الزكاة، قال: قلت فانه فربه من الزكاة؟ فقال: ان فربه من الزكاة فعليه الزكاة، وان كان انما فعله ليتجمل به فليس عليه زكاة ".

(٥) كما في حسنة رفاعة المروية في الكافى ج ٣ ص ٥١٨ قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام وسأله بعضهم عن الحلى فيه زكاة؟ فقال: لا ولو بلغ مائة ألف ".

١٥

منك فهذه زكاته(١) . وليس في النقير(٢) زكاة إنما هي على الدنانير والدراهم(٣) .

١٥٩٩ - وروى زرارة، وبكير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " ليس في الجوهر وأشباهه زكاة وإن كثر ". وليس في نقر الفضة زكاة(٤) وليس على مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به، فإن اتجر به ففيه الزكاة(٥) والربح لليتيم وعلى التاجر ضمان المال(٦) . وقد رويت رخصة في ان يجعل الربح بينهما(٧) .

___________________________________

(١) كما في مرسلة ابن أبى عمير عن الصادق عليه السلام قال: " زكاة الحلى عاريته ".

(٢) كذا في بعض النسخ، وفى بعضها " وليس في التبر زكاة " والفقير على ما في هامش بعض الخطية: القطعة الماذبة من الذهب والفضة.

والتبر بالكسر: الذهب والفضة أو فتاتهما قبل أن يصاغا فاذا صيغا فذهب وفضة.

(٣) لما روى الكلينى في الكافى ج ٣ ص ٥١٨ باسناده عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا مقطوعا أنه قال: " ليس في التبر زكاة، انما هى على الدنانير والدراهم ".

(٤) النقر جمع النقرة: السبيكة.

(٥) في الكافى ج ٣ ص ٥٤٠ في الصحيح عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام " في مال اليتيم عليه زكاة؟ فقال إذا كان موضوعا فليس عليه زكاة وإذا عملت به فأنت له ضامن والربح لليتيم ".

وفى الحسن عن محمد بن مسلم قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام: هل على مال اليتيم زكاة؟ قال: لا الا أن يتجر به أو يعمل به " وحمل على النقدين يعنى ما لم يتجر بهما ليس فيهما زكاة فان اتجر بهما فعلى الولى اخراج الزكاة من مال اليتيم تولية كما قال الشيخ رحمه الله في كتابيه.

(٦) الظاهر أن المشهور إذا اتجر الولى أو الوصى لليتيم فالربح لليتيم والزكاة على الولى في المال اليتيم وان لم يكن مليا فالضمان على التاجر والربح لليتيم ولا زكاة فيه، أما إذا ضمن الولى المال بأن يقترضه وكان مليا فالزكاة عليه، والا فالربح لليتيم والضمان على التاجر ولا زكاة.

(٧) روى الشيخ رحمه الله في التهذيب ج ١ ص ٣٥٦ في الموثق عن أبى الربيع قال: " سئل أبوعبدالله عليه السلام عن الرجل في يده مال لاخ له يتيم وهو وصيه أيصلح له أن يعمل به؟ قال: نعم يعمل به كما يعمل بمال غيره والربح بينهما، قال: قلت: فهل عليه ضمان؟ قال: لا إذا كان ناظرا له ".

١٦

وقال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي: لا يجزي في الزكاة أن يعطى أقل من نصف دينار(١) .

١٦٠٠ - وقد روى محمد بن عبدالجبار " أن بعض أصحابنا كتب على يدي أحمد بن إسحاق(٢) إلى علي بن محمد العسكري عليهما السلام: أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة؟ فكتب: إفعل إن شاء الله "(٣) .

وقد روي في تقديم الزكاة وتأخيرها أربعة أشهر وستة أشهر(٤) إلا أن المقصود

___________________________________

(١) في التهذيب ج ١ ص ٣٦٦ عن معاوية بن عمار وعبدالله بن بكير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا يجوز أن يدفع الزكاة أقل من خمسة دراهم فانها أقل الزكاة ".

وروى الكلينى ج ٣ ص ٥٤٨ في الصحيح عن أبي ولاد عنه عليه السلام " لا يعطى أحد من الزكاة أقل من خمسة دراهم وهو أقل ما فرض الله عز وجل من الزكاة في أموال المسلمين فلا يعطوا أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم فصاعدا ".

(٢) أى دفع المكتوب إلى أحمد ليوصل إلى الهادى عليه السلام.

(٣) رواه نحوه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣٦٦ وقال: محمول على النصاب الذى يلى النصاب الاول، لان النصاب الثانى والثالث وما فوق ذلك ربما كان الدرهمين والثلاثة حسب تزايد الامول فلا بأس باعطاء ذلك لواحد، فاما النصاب الاول فلا يجوز ذلك فيه.

(٤) في الكافى باسناد حسن كالصحيح عن عمر بن يزيد قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام الرجل يكون عنده المال أيزكيه إذا مضى نصف السنة؟ قال: لا ولكن حتى يحول عليه الحول ويحل عليه، انه ليس لاحد أن يصلى صلاة الا لوقتها وكذلك الزكاة، ولا يصوم أحد شهر رمضان الا في شهره الا قضاء، وكل فريضة انما تؤدى إذا حلت ". ج ٣ ص ٥٢٤ و روى الشيخ رحمه الله في الاستبصار ج ٢ ص ٣٢ باسناد صحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخرها إلى محرم؟ قال: لا بأس، قال: قلت: فانها لا تحل عليه الا في المحرم فيعجلها في شهر رمضان؟ قال لا بأس ".

وباسناده عن حماد بن عثمان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين " وقال الشيخ رحمه الله: فالوجه في الجميع بين هذه الاخبار أن نحمل جواز تقديم الزكاة قبل حلول وقتها على أنه يجعلها قرضا على المعطى، فاذا جاء وقت الزكاة وهو على الحد الذى تحل له الزكاة وصاحبها على الحد الذى يجب عليه الزكاة احتسب به منها، وان تغير أحدهما عن صفته لم يحتسب بذلك، ولو كان التقديم جائزا على كل حال لما وجب عليه الاعادة إذا أيسر المعطى عند حلول الوقت، والذى يدل على ما قلناه ما رواه محمد بن على بن محبوب عن أحمد عن ابن أبى عمير عن ابن مسكان عن الاحول، عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل عجل زكاة ماله ثم أيسر المعطى قبل رأس السنة؟ قال: قال: يعيد المعطى الزكاة " انتهى، أقول: هذا الحمل وكذا حمل المصنف رحمه الله انما كان في وجه جواز التقديم وأما وجه جواز التأخير فلم يتعرضا له فلعله محمول على جواز تأخير التسليم بعد العزل أو لمانع كعدم حضور المستحق وأمثاله، وقال في المدارك: اختلف الاصحاب في هذه المسألة فأطلق الاكثر عدم جواز التأخير من وقت التسليم الا لمانع لان =

١٧

منهما أن تدفعها إذا وجبت عليك، ولا يجوز لك تقديمها ولا تأخيرها لانها مقرونة بالصلاة ولا يجوز تقديم الصلاة قبل وقتها ولا تأخيرها إلا أن تكون قضاء، وكذلك الزكاة فإن أحببت أن تقدم من زكاة مالك شيئا تفرج به عن مؤمن فاجعله دينا عليه، فإذا حلت عليك فاحسبها له زكاة ليحسب لك من زكاة مالك ويكتب لك أجر القرض.

١٦٠١ - وقد روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " نعم الشئ القرض إن أيسر قضاك وإن أعسر حسبته من الزكاة".

١٦٠٢ - وروي " أن القرض حمى للزكاة "(١) .

___________________________________

= المستحق مطالب بشاهد الحال فيجب التعجيل كالوديعة والدين، وقال الشيخ في النهاية: فاذا حال الحول فعلى الانسان أن يخرج ما يجب عليه على الفور ولا يؤخره، ثم قال: وإذا عزل ما يجب عليه فلا بأس أن يفرقه ما بين شهر وشهرين ولا يجعل ذلك أكثر منه.

وقال ابن ادريس في سرائره: وإذا حال الحول فعلى الانسان أن يخرج ما يجب عليه إذا حضر المستحق فان أخر ذلك ايثارا به مستحقا غير من حضره فلا اثم عليه بغير خلاف الا أنه ان هلك قبل وصوله إلى من يريد اعطاء‌ه اياه فيجب على رب المال الضمان.

(١) لانه يدفع الفوت والتضييع عنها ويحفظها، أو يوفق لادائها، والخبر في الكافى ج ٣ ص ٥٥٨ عن الصادق عليه السلام، وفيه في ج ٤ ص ٣٤ خبر آخر يقول: " قرض المؤمن غنيمة وتعجيل خير ان أيسر أداه وإن مات قبل ذلك احتسب به من الزكاة ".

١٨

وإن كان لك على رجل مال ولم يتهيأ لك(١) قضاؤه فاحسبه من الزكاة إن شئت(٢) . ولا بأس أن يشتري الرجل مملوكا مؤمنا من زكاة ماله فيعتقه، فإن استفاد المعتوق مالا ومات فماله لاهل الزكاة لانه اشتري بمالهم(٣) . وإن اشترى رجل أباه من زكاة ماله فأعتقه فهو جائز(٤) . وإذا مات رجل مؤمن وأحببت أن تكفنه من زكاة مالك فأعطها ورثته يكفنونه بها، فان لم يكن له ورثة فكفنه واحسبه من الزكاة، فإن أعطى ورثته قوم آخرون ثمن كفن فكفنه أنت واحسبه من الزكاة إن شئت ويكون ما أعطاهم

___________________________________

(١) في بعض النسخ " ولم يتهيأ له ".

(٢) كما في صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج عن أبى الحسن الاول عليه السلام المروية في الكافى ج ٣ ص ٥٥٨.

(٣) حمل على ما إذا لم يجد موضعا يدفع اليه.

روى الكلينى ج ٣ ص ٥٥٨ في الحسن عن عبيد بن زرارة قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد موضعا يدفع ذلك اليه فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريده فاشتراه بتلك الالف درهم التى اخرجها من زكاته فأعتقه هل يجوز له ذلك؟ قال: نعم لا بأس بذلك، قلت: فانه لما أن اعتق وصار حرا اتجر واحترف وأصاب مالا ثم مات وليس له وارث فمن يرثه إذا لم يكن له وارث؟ قال: يرثه الفقراء المؤمنون الذى يستحقون الزكاة لانه انما اشترى بمالهم ".

(٤) في الكافى ج ٣ ص ٥٥٢ عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبى محمد الوابشى عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " سأله بعض أصحابنا عن رجل اشترى أباه من الزكاة؟ زكاة ماله قال: اشترى خير رقبة، لا بأس بذلك " وهذا الصحيح بعمومه يدل على جواز اعتاق الاب وان لم يكن مكاتبا ولا تحت شدة وان وجد المستحق.

وفى المدارك: أما جواز شراء العبد من الزكاة وعتقه وان لم يكن في شدة بشرط عدم المستحق فقال في المعتبر ان عليه فقهاء الاصحاب، وجوز العلامة في القواعد الاعتاق من الزكاة مطلقا وشراء الاب منها وقواه ولده في الايضاح ونقله عن المفيد وابن ادريس، وهو جيد لاطلاق الآية الشريفة وخبر الوابشى هذا.

١٩

القوم لهم يصلحون به شؤونهم، وإن كان على الميت دين لم يلزم ورثته قضاؤه مما أعطيتهم ولا مما أعطاهم القوم لانه ليس بميراث وإنما هو شئ صار لورثته بعد موته(١) .

وإذا كان مالك في تجارة وطلب منك المتاع برأس مالك ولم تبعه تبتغي بذلك الفضل فعليك زكاته إذا حال عليه الحول، وإن لم يطلب منك المتاع برأس مالك فليس عليك زكاته(٢) .

وإن غاب عنك مالك فليس عليك زكاته إلى أن يرجع إليك مالك ويحول عليه الحول وهو في يدك، إلا أن يكون مالك على رجل متى أردت أخذه منه تهيأ لك فإن

___________________________________

(١) روى الشيخ في التهذيب في باب زيادات أحكام الاموات ج ١ ص ١٢٤ في الصحيح عن الفضل بن يونس الكاتب قال: " سألت أبا الحسن موسى عليه السلام فقلت له: ما ترى في رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به أشترى له كفن من الزكاة؟ فقال: اعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه، قلت: فان لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فأجهزه أنا من الزكاة؟ قال: كان أبي عليه السلام يقول: ان حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته حيا، فوار بدنه وعورته وجهزه وكفنه وحنطه واحتسب بذلك من الزكاة، وشيع جنازته، قلت: فان اتجر عليه (*) بعض اخوانه بكفن آخر وكان عليه دين أيكفن بواحد ويقضى دينه بالآخر؟ قال: لا، ليس هذا ميراثا تركه، انما هذا شئ صار اليه بعد وفاته فليكفنوه بالذى اتجر عليه ويكون الاخر لهم يصلحون به شأنهم ".

(٢) اختلف الاصحاب في الزكاة التجارة فالاكثرون كما قيل على الاستحباب، والبعض على الوجوب وكلام المصنف رحمه الله يقتضيه (الشيخ محمد) وفى الكافى ج ٣ ص ٥٢٨ في الحسن كالصحيح عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل اشترى متاعا وكسد عليه وقد زكى ماله قبل أن يشترى المتاع، متى يزكيه؟ فقال: ان كان أمسك متاعه يبتغى به رأس ماله فليس عليه زكاة، وان كان حبسه بعد ما يجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما أمسكه بعد رأس المال، قال: وسألته عن الرجل يوضع عنده الاموال يعمل بها، فقال إذا حال الحول فليزكها ".

أقول: اعتبر الفقهاء في زكاة المال التجارة مضى الحول من حين التجارة، وأن يطلب برأس المال أو الزيادة، وبقاء قصد الاكتساب طول الحول، وأن تكون قيمته نصابا فصاعدا.

(*) كذا، وفى بعض النسخ " اتجر به ".

٢٠