من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267594 / تحميل: 8506
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

والمسارعة إلى ما تحب وترضى، اللهم بارك لنا في شهرنا هذا، وارزقنا عونه وخيره واصرف عنا ضره وشره وبلاء‌ه وفتنته ".

١٨٤٧ - وكان من قول أمير المؤمنين عليه السلام عند رؤية الهلال: " أيها الخلق المطيع الدائب السريع(١) المتردد في فلك التدبير، المتصرف في منازل التقدير(٢) ، آمنت بمن نور بك الظلم، وأضاء بك البهم(٣) ، وجعلك آية من آيات سلطانه(٤) و امتهنك بالزيادة والنقصان(٥) والطلوع والافول، والانارة والكسوف، في كل ذلك أنت له مطيع، وإلى إرادته سريع(٦) سبحانه ما أحسن ما دبر وأتقن ما صنع في ملكه وجعلك الله هلال شهر حادث لامر حادث، جعلك الله هلال أمن وإيمان(٧) وسلامة وإسلام، هلال أمنة(٨) من العاهات، وسلامة من السيئات اللهم اجعلنا أهدى من

___________________________________

(١) الخلق بمعنى المخلوق كاللفظ بمعنى الملفوظ، ودأب في عمله من باب منع: جد وتعب، والدؤوب دوام العمل واستمراره على حالة أخذا من الدأب وهو العادة المستمرة كما في كريمة " سخر لكم الشمس والقمر دائبين " أى مستمرين.

(٢) ترددت إلى فلان أى رجعت اليه مرة بعد اخرى. ولعل المراد بالفلك هنا السماء الدنيا.

وفى الصحيفة السجادية " المتردد في منازل التقدير، المتصرف في فلك التدبير " وهو الاوفق بالاية حيث قال: " والقمر قدرناه منازل " ولعله من تصرف النساخ أو الرواة.

(٣) الظلم جمع ظلمة. والبهم جمع بهمة بالضم وهى ما يصعب ادركه على الحاسة ان كان محسوسا وعلى الفهم ان كان معقولا.

(٤) الآية العلامة الظاهرة، والمراد بسلطانه تعالى استيلاؤه وقدرته على التصرف بالامر والنهى وغلبته التامة.

(٥) الامتهان افتعال من المهن، يقال. مهن مهنا من بابى قتل ونفع: خدم غيره وامتهنه امتهانا: استخدمه أو ابتذله واستعمله في الخدمة. والمراد بالزيادة والنقصان زيادة نور القمر ونقصانه في شكل الهلال والبدر بحسب ما يظهر للحس.

(٦) قوله " في كل ذلك ط الخ " تقرير لانقياده وطاعته للمشيئة والارادة الالهية، وايثار الجملة الاسمية للاشعار بدوام الطاعة واستمرار سرعة الانقياد، وتقديم الظرف في الفقرتين للاهتمام ورعاية التقفية كما قاله السيد المدنى رحمه الله في رياض السالكين.

(٧) جملة دعائية أى أسأل الله أن يجعلك هلال أمن وايمان الخ.

(٨) في بعض النسخ " هلال أمن ".

١٠١

طلع عليه وأزكى من نظر إليه، وصلى الله على محمد [النبي] وآله، اللهم افعل بي كذا وكذا يا أرحم الراحمين ".

باب ما يقال في أول يوم من شهر رمضان

١٨٤٨ - روي عن العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام قال: " ادع بهذا الدعاء في شهر رمضان مستقبل دخول السنة(١) وذكر أن من دعا به محتسبا مخلصا لم تصبه في تلك السنة فتنة ولا آفة في دينه ودنياه وبدنه، ووقاه الله شر ما يأتي به في تلك السنة " اللهم إني أسألك باسمك الذي دان له كل شئ(٢) ، وبرحمتك التي وسعت كل شئ، وبعزتك التي قهرت بها كل شئ، وبعظمتك التي تواضع لها كل شئ، وبقوتك التي خضع لها كل شئ، وبجبروتك التي غلبت كل شئ، وبعلمك الذي أحاط بكل شئ، يا نور يا قدوس، يا أول قبل كل شئ، ويا باقي بعد كل شئ، يا الله يا رحمن، صل على محمد وآل محمد واغفر لي الذنوب التي تغير النعم، واغفر لي الذنوب التي تنزل النقم، واغفر لي الذنوب التي تقطع الرجاء، واغفر لي الذنوب التي تديل الاعداء(٣) ، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء، واغفر لي الذنوب التي تحبس غيث السماء(٤) ، واغفر لي الذنوب التي تهتك العصم، وألبسني درعك الحصينة التي لا ترام(٥) ، وعافني من شر

___________________________________

(١) أى حال دخول السنة، فان شهر رمضان أول السنة عند الاكثر.

(٢) أى أطاع وذل له جميع الاشياء.

(٣) الادالة: الغلبة، يقال: اللهم أدلنى على فلان وانصرنى.

(٤) وهى الجور في الحكم كما ورد في الاخبار منها خبر أبى ولاد الحناط المروى في الكافى ج ٥ ص ٢٩٠ حيث قضى أبوحنيفة في قضية بغير الحق فقال الصادق عليه السلام: " في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماء‌ها وتمنع الارض بركتها ".

(٥) " تهتك العصم " المراد اما رفع حفظ الله وعصمته عن الذنوب، أو رفع ستره الذى ستره به عن الملائكة أو الثقلين. و " التى لا ترام " أى لا يقصد الاعادى الظاهرة والباطنة لابسها بالضرر، أو لا تقصد هى بالهتك والرافع وهى عصمته تعالى وحفظه وعونه. (المرآة)

١٠٢

ما أحاذر بالليل والنهار في مستقبل سنتي هذه، اللهم رب السماوات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم، ورب السبع المثاني والقرآن العظيم، ورب إسرافيل وميكائيل وجبرئيل ورب محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين أسألك بك وبما تسميت به يا عظيم(١) أنت الذي تمن بالعظيم، وتدفع كل محذور، وتعطي كل جزيل، وتضاعف من الحسنات الكثير بالقليل(٢) وتفعل ما تشاء يا قدير.

يا الله يا رحمن صل على محمد وآل محمد، وألبسني في مستقبل سنتي هذه سترك، وأضئ وجهي بنورك، وأحيني بمحبتك(٣) ، وبلغ بي رضوانك وشريف كرائمك، وجسيم عطائك من خير ما عندك، ومن خير ما أنت معطيه أحدا من خلقك، وألبسني مع ذلك عافيتك، يا موضع كل شكوى، وشاهد كل نجوى وعالم كل خفية، ويا دافع ما تشاء من بلية، يا كريم العفو، يا حسن التجاوز توفني على ملة إبراهيم وفطرته، وعلى دين محمد وسنته، وعلى خير الوفاة فتوفني مواليا لاوليائك، معاديا لاعدائك، اللهم وجنبني في هذه السنة كل عمل أو قول أو فعل يباعدني منك، واجلبني إلى كل عمل أو فعل أو قول يقربني منك في هذه السنة يا أرحم الراحمين، وامنعني من كل عمل أو فعل أو قول يكون مني أخاف سوء عاقبته ومقتك إياي عليه حذرا أن تصرف وجهك الكريم عني(٤) وأستوجب به نقصا من

___________________________________

(١) في بعض النسخ " سميت " كما في الكافى.

(٢) أى تضاعف أضعافا كثيرة بسبب القليل من الاعمال وفى الكافى " وتضاعف من الحسنات بالقليل والكثير " أى تضاعف الاجر بسبب قليل الحسنات وكثيرها، وفى مصباح المتهجد مثل ما في الكافى.

(٣) في بعض النسخ " وأحبنى بمحبتك " وفى بعضها " واحببنى ".

(٤) " حذرا " مفعول مطلق أى أحذر حذرا، وفى القاموس الحذر بالكسر ويحرك: الاحتراز والفعل كعلم. وفى بعض النسخ " حذرا ". (مراد)

١٠٣

حظ لي عندك يا رؤوف يا رحيم، اللهم اجعلني في مستقبل سنتي هذه في حفظك و جوارك وكنفك، وجللني ستر عافيتك، وهب لي كرامتك، عز جارك، وجل ثناؤك ولا إله غيرك.

اللهم اجعلني تابعا لصالحي من مضى(١) من أوليائك، وألحقني بهم، واجعلني مسلما لمن قال بالصدق عليك منهم، وأعوذ بك يا إلهي أن تحيط بي خطيئتي وظلمى وإسرافي على نفسي وإتباعي لهواي واشتغالي بشهواتي فيحول ذلك بيني و بين رحمتك ورضوانك فأكون منسيا عندك(٢) متعرضا لسخطك ونقمتك، اللهم وفقني لكل عمل صالح ترضى به عني وقربني إليك زلفى اللهم كما كفيت نبيك محمدا صلواتك عليه وآله هول عدوه، وفرجت همه، وكشفت كربه، وصدقته وعدك(٣) وأنجزت له عهدك، اللهم فبذلك فاكفني(٤) هول هذه السنة وآفاتها وأسقامها وفتنها وشرورها وأحزانها وضيق المعاش فيها، وبلغني برحمتك كمال العافية بتمام دوام النعم عندي إلى منتهى أجلي، أسألك سؤال من أساء وظلم واستكان واعترف أن تغفر لي ما مضى من الذنوب التي حضرتها حفظتك، وأحصتها كرام ملائكتك علي وأن تعصمني اللهم من الذنوب فيما بقي من عمري إلى منتهى أجلي، يا الله يا رحمن صل على محمد وأهل بيت محمد وآتني كلما سألتك ورغبت إليك فيه فإنك أمرتني بالدعاء وتكفلت بالاجابة يا أرحم الراحمين "(٥) .

١٨٤٩ - وكان علي بن الحسين عليهما السلام يدعو بهذا الدعاء في شهر رمضان(٦) " اللهم

___________________________________

(١) في بعض النسخ " صالح من مضى ".

(٢) أى متروكا من رحمتك أو كالمنسى مجازا. (المرآة)

(٣) أى وفيت له بما وعدته من النصر والغلبة على الاعداء.

(٤) أى بمثل ذلك الحفظ والكفاية، أو بحقه.

(٥) في بعض النسخ " يا حميد يا مجيد " مكان " يا أرحم الراحمين ".

(٦) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٢٨٣ والكلينى في الكافى ج ٤ ص ٧٥ بسند فيه ارسال وفيه " اللهم ان هذا شهر رمضان وهذا شهر الصيام " وزاد في بعض نسخه " كان يدعو بهذا الدعاء في كل يوم من شهر رمضان ".

١٠٤

هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن، وهذا شهر الصيام، وهذا شهر الانابة و هذا شهر التوبة، وهذا شهر المغفرة والرحمة، وهذا شهر العتق من النار والفوز بالجنة اللهم فسلمه لي، وتسلمه مني، وأعني عليه بأفضل عونك، ووفقني فيه لطاعتك وفرغني فيه لعبادتك ودعائك وتلاوة كتابك، وأعظم لي فيه البركة، وأحسن لي فيه العافية، وصحح لي فيه بدني(١) وأوسع فيه رزقي، واكفني فيه ما أهمني، واستجب فيه دعائي، وبلغني فيه رجائي، اللهم أذهب عني فيه النعاس والكسل والسأمة والفترة(٢) والقسوة والغفلة والغرة، اللهم جنبني فيه العلل والاسقام والهموم والاحزان، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، واصرف عني فيه السوء والفحشاء، والجهد والبلاء، والتعب والعناء، إنك سميع الدعاء، اللهم أعذني فيه من الشيطان [الرجيم] وهمزه ولمزه ونفثه ونفخه(٣) ووسواسه وكيده ومكره وختله(٤) وأمانيه وخدعه وغروره وفتنته وخيله ورجله(٥) وشركائه [وأحزابه] وأعوانه وأتباعه وأخدانه(٦) وأشياعه وأوليائه وجميع كيدهم، اللهم ارزقني فيه تمام صيامه، وبلوغ الامل في قيامه، واستكمال ما يرضيك عني صبرا وإيمانا ويقينا واحتسابا ثم تقبل ذلك مني بالاضعاف الكثيرة والاجر العظيم، اللهم ارزقني فيه الجد و الاجتهاد، والقوة والنشاط، والانابة والتوبة، والرغبة والرهبة، والجزع والخشوع

___________________________________

(١) في الكافى " وأحسن لى فيه العاقبة وأصح لى فيه بدنى ". وكذا في التهذيب.

(٢) الكسل: التثاقل. والسأمة: الملال. والفترة: الانكسار والضعف.

(٣) الهمز: النحس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم، واللمز: العيب والضرب والدفع وأصله الاشارة بالعين، والمراد بنفثه ما يلقى من الباطل في النفس، والنفخ، ايضا كذلك أو كبره وتعاظمه.

(٤) الختل: الخدعة. وفى بعض النسخ والكافى " وحيله " وفى بعض نسخه " وحبائله ". ولعل ما في متن الكافى أصوب لعدم التكرار.

(٥) الرجل بفتح الراء وكسر الجيم اسم جمع للراجل وهو خلاف الراكب. وفى الكافى " وشركه وأعوانه " والشرك محركة: حبائل الصيد.

(٦) جمع خدين وهو الصديق والمصاحب.

١٠٥

والرقة وصدق اللسان والوجل منك(١) والرجاء لك والتوكل عليك والثقة بك، والورع عن محارمك مع صالح القول ومقبول السعي [واستكمال ما يرضيك فيه عني صبرا ويقينا وإيمانا واحتسابا، ثم تقبل ذلك مني بالاضعاف الكثيرة والاجر العظيم اللهم ارزقني فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط والانابة والتوبة والرغبة والرهبة والجزع والرقة](٢) ومرفوع العمل ومستجاب الدعاء، ولا تحل بيني وبين شئ من ذلك بعرض ولا مرض ولا هم برحمتك يا أرحم الراحمين "(٣) .

باب القول عند الافطار كل ليلة من شهر رمضان من أوله إلى آخره

١٨٥٠ - كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أفطر قال: " اللهم لك صمنا، وعلى رزقك أفطرنا فتقبله منا، ذهب الظمأ، وابتلت العروق وبقي الاجر "(٤) .

١٨٥١ - وروى أبوبصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " تقول كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار إلى آخره: " الحمد لله الذي أعاننا فصمنا ورزقنا فأفطرنا، اللهم تقبل منا وأعنا عليه، وسلمنا فيه، وتسلمه منا في يسر منك وعافية، الحمد الله الذي قضى عنا(٥) يوما من شهر رمضان ".

١٨٥٢ - وقال عليه السلام: " يستجاب دعاء الصائم عند الافطار ".

___________________________________

(١) الجزع إلى الله محمود كالطمع والرغبة والرهبة والخشوع والكل إلى غيره مذموم (الوافى) والوجل محركة: الخوف.

(٢) من قوله " واستكمال ما يرضيك " إلى هنا موجود في جميع النسخ وليس في الكافى والظاهر أن هذه الجملة زيادة من النساخ سهوا وسبقت قبل سطرين.

(٣) وزاد في التهذيب تتمة طويلة مع اختلافه فيما تقدم.

(٤) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٩٥ بسند موثق عن أبى جعفر عن آبائه عليهم السلام.

(٥) أى وفقنا لاداء صومه.

١٠٦

باب آداب الصائم وما ينقض صومه وما لا ينقضه

١٨٥٣ - روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لا يضر الصائم ما صنع إذا أجتنب أربع خصال: الطعام، والشراب، والنساء، والارتماس في الماء "(١) .

١٨٥٤ - وفي رواية منصور بن يونس، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام " إن الكذب على الله وعلى الائمة عليهم السلام يفطر الصائم "(٢) .

___________________________________

(١) قوله: " لا يضر الصائم " هذا عام يخصص بامور يدل دليل على نقضها الصوم، والمضاف في الثلاثة الاول محذوف أى أكل الطعام وشرب الشراب ووطى النساء، ويمكن حمل الحديث على أن تلك الاربعة هى العمدة في نقض الصوم، وأشق الامور اجتنابا وان كان في الارتماس منها مساهلة. (مراد) وفى مفطرية الارتماس اختلاف.

(٢) الظاهر أنه نقل بالمعنى فان الحديث رواه الكلينى ج ٤ ص ٨٩ هكذا " قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصائم، قال: قلت: هلكنا، قال: ليس حيث تذهب انما ذلك الكذب على الله عزوجل وعلى رسوله وعلى الائمة عليهم السلام " وقال العلامة المجلسى: اختلف الاصحاب في فساد الصوم بالكذب على الله وعلى رسوله والائمة عليهم السلام بعد اتفاقهم على أن غيره من انواع الكذب لا يفسد الصوم وان كان محرما، فقال الشيخان و المرتضى في الانتصار انه مفسد للصوم ويجب به القضاء والكفارة، وقال السيد في الجمل وابن ادريس لا يفسد، وهو الاقوى اذ الظاهر أن المراد بالافطار في هذا الخبر ابطال كمال الصوم كما يدل عليه ضمه إلى الوضوء وهو غير مبطل له قطعا، فان قلت: مطلق الكذب ينقض ثواب الصوم وكماله فلم خصه بهذا النوع؟ قلت: لان النوع أشد تأثيرا في ذلك والله يعلم ".

أقول: بعد رفع اليد عن الحصر المستفاد من صحيحة محمد بن مسلم المذكور اقتر ان هذا الخبر وامثاله بنقض الكذب للوضوء لا يوهن ظهورها في الافطار اذ ليس الدليل منحصرا بها ففى التهذيب ج ١ ص ٤٠٩ في الموثق عن سماعة قال " سألته عن الرجل كذب في شهر رمضان فقال: قد أفطر وعليه قضاؤه فقلت: فما كذبته؟ قال يكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله " وفى الخصال ص ٢٨٦ عن ابن الوليد عن الصفار عن البرقى عن أبيه رفعه إلى أبى عبدالله عليه السلام قال: " خمسة أشياء تفطر الصائم: الاكل والشرب والجماع والارتماس في الماء والكذب على الله ورسوله وعلى الائمة عليهم السلام ". وكذا رواية المتن وامثالها فكلها متعرض لنقض الصوم فقط، فالقول بالافساد مع اشتهاره بين القدماء موافق للاحتياط.

١٠٧

١٨٥٥ - وروى محمد بن مسلم عنه عليه السلام أنه قال: " إذا صمت فليصم سمعك و بصرك وشعرك وجلدك، وعدد أشياء غير هذا، وقال: لا يكون يوم صومك كيوم فطرك ".

١٨٥٦ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك وتعالى كره لي ست خصال و كرهتهن للاوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي، أحدها الرفث في الصوم "(١) .

١٨٥٧ - وروى أبوبصير عن الصادق عليه السلام(٢) أنه قال: " إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده، إن مريم قالت: " إني نذرت للرحمن صوما " أي صمتا فاحفظوا ألسنتكم، وغضوا أبصاركم، ولا تحاسدوا، ولا تنازعوا، فان الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب ".

١٨٥٨ - وقال أمير المؤمنين عليه السلام(٣) : " عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء، فأما الدعاء فيدفع عنكم البلاء(٤) وأما الاستغفار فتمحى به ذنوبكم "(٥) .

١٨٥٩ - وقال الصادق عليه السلام: " لا تنشد الشعر بليل(٦) ولا تنشده في شهر

___________________________________

(١) الرفث: الجماع والفحش، والمراد هنا الثانى (الوافى) أقول: تمام الرواية في الخصال ص ٣٢٧.

(٢) رواه الكلينى مسندا من حديث جراح المدائنى عنه عليه السلام.

(٣) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٨٨ مسندا عن أبى عبدالله عليه السلام " قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام ".

(٤) أى في جميع السنة لان التقدير فيه (المرآة) وفى بعض النسخ " فيدفع به البلاء عنكم "(٥) في الكافى " فيمحى ذنوبكم ".

(٦) الخبر في الكافى ج ٤ ص ٨ ٨ بسند حسن كالصحيح.

والانشاد قراء‌ة الشعر وهو ما غلب على المنظوم من القول وأصله الكلام التخييلى الذى أحد الصناعات الخمس، نظما كان أو نثرا ولعل المنظوم المشتمل على الحكمة والموعظة والمناجات مع الله سبحانه مما لم يكن فيه تخييل شعرى مستثنى عن هذا الحكم وغير داخل فيه لما ورد أن ما لا بأس به من الشعر فلا بأس به.

كما قاله الفيض رحمه الله في الوافى.

١٠٨

رمضان بليل ولا نهار، فقال له إسماعيل يا أبتاه: وإن كان فينا؟ قال عليه السلام: وإن كان فينا"(١) .

١٨٦٠ - وقال النبي صلى الله عليه وآله(٢) : " ما من عبد صائم يشتم فيقول: إني صائم سلام عليك لا أشتمك كما تشتمني إلا قال الرب تبارك وتعالى: استجار عبدي بالصوم من شر عبدي قد أجرته من النار "(٣) .

١٨٦١ - و " سمع رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة تسب جاريه لها وهي صائمة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بطعام فقال لها: كلي، فقالت: إني صائمة، فقال: كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك إن الصوم ليس من الطعام والشراب فقط "(٤) .

١٨٦٢ - وقال الصادق عليه السلام: " إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح، ودع المراء، وأذى الخادم، وليكن عليك وقار الصائم، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك "(٥) .

ولا بأس أن يحتجم الصائم في شهر رمضان كذلك رواه:

١٨٦٣ - الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إنا إذا أردنا أن نحتجم في شهر

___________________________________

(١) يدل على مرجوحية الشعر في الليل مطلقا وفى شهر رمضان ليلا ونهارا وان كان في مدح الائمة عليهم السلام، ولعله في مدحهم عليهم السلام يرجع إلى كونه أقل ثوابا من سائر الاوقات (المرآة) وقال الفيض رحمه الله: لان كونه في مدحهم عليهم السلام لا يخرجه عن التخييل الشعرى.

(٢) مروى في الكافى بسند ضعيف عن الصادق عن آبائه عليهم السلام.

(٣) المراد بقوله " عبدى " أولا المشتوم وبالثانى الشاتم أى استجار من شر سيئة مشاتمته ووبالها والعقوبة المترتبة عليها أو شر التشاجر والتشائم بينهما بالصوم.

وفى بعض النسخ " من شتم عبدى ".

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٨٧ ذيل حديث جراح المدائنى.

(٥) رواه الكلينى عن أبى بصير ج ٤ ص ٨٩.

١٠٩

رمضان احتجمنا بالليل ".

١٨٦٤ - قال: " وسألته أيحتجم الصائم؟ فقال: إني أتخوف عليه ما يتخوف به على نفسه، قال: قلت: ما [ذا] تتخوف عليه؟ قال: الغشي أن تثور به مرة(١) قلت: أرأيت إن قوي على ذلك ولم يخش شيئا؟ قال: نعم إن شاء ".

١٨٦٥ - و " كان أمير المؤمنين عليه السلام يكره أن يحتجم الصائم خشية أن يغشى عليه فيفطر"(٢) .

ولا بأس أن يكتحل الصائم بكحل فيه مسك(٣) ولا بأس أن يكتحل بالحضض(٤) ولا بأس بأن يستاك بالماء أو بالعود الرطب يجد طعمه، أي النهار شاء "(٥) .

١٨٦٦ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه " سئل عن القلس(٦) أيفطر الصائم؟ فقال لا".

ولا بأس بالمضمضة والاستنشاق للصائم، فإذا تمضمض واستنشق فلا يبلع ريقه

___________________________________

(١) المرة بالكسر: هى الصفراء والسوداء، وقال العلامة المجلسى رحمه الله: الخبر يدل على كراهة الحجامة من خوف ثوران المرة وطريان الغشى، ولا خلاف بين الاصحاب في عدم حرمة اخراج الدم في الصوم ولا في كراهته إذا كان مضعفا.

(٢) في بعض النسخ " ففطر "

(٣) المشهور كراهة الاكتحال بما فيه صبر أو مسك.(المرآة)

(٤) الحضض بضمتين وقد يفتح العين وبالضادين وقيل بالظائين وقيل بضاد ثم ظاء: عصارة شجرة معروفة وهو صنفان مكى وهندى (بحر الجواهر) في الكافى ج ٤ ص ١١١ باسناده عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام " في الصائم يكتحل؟ قال: لا بأس به ليس بطعام ولا شراب ".

(٥) في الكافى ج ٤ ص ١١١ باسناده عن الحسين بن أبى العلاء قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن السواك للصائم: فقال: نعم يستاك أى النهار شاء ".

(٦) القلس: ما خرج من البطن إلى الفم من الطعام أو الشراب فاذا غلب فهو القئ، وقال في النهاية: ما خرج من الجوف مل‌ء الفم أو دونه وليس بقئ فان عاد فهو القئ.

١١٠

حتى يبزق ثلاثا(١) ، وإن تمضمض فدخل الماء حلقه فإن كان ذلك لوضوء الصلاة فلا قضاء عليه(٢) .

١٨٦٧ - وسأل سماعة بن مهران أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه، قال: عليه قضاؤه، فإن كان في وضوء فلا بأس به ".

١٨٦٨ - قال: " وسألته عن القئ في شهر رمضان قال: إن كان شئ يذرعه(٣) فلا بأس، وإن كان شئ يكره عليه نفسه فقد أفطر وعليه القضاء "(٤) .

١٨٦٩ - وسأل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أبا الحسن الرضا عليه السلام " عن الرجل يحتقن تكون به العلة في شهر رمضان، فقال: الصائم لا يجوز له أن يحتقن "(٥) .

___________________________________

(١) كما في مرسل حماد وخبر زيد الشحام المرويين في الكافى ج ٤ ص ١٠٧.

(٢) روى الكلينى ج ٤ ص ١٠٧ باسناد حسن كالصحيح عن حماد عن الصادق عليه السلام " في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه؟ فقال: ان كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شئ وان كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء " وفى رواية اخرى عن يونس " قال: الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء وان تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه فليس عليه شئ وقد تم صومه وان تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة، والافضل للصائم أن لا يتمضمض " وقال العلامة المجلسى رحمه الله: المشهور بين الاصحاب أنه من أدخل فمه الماء فابتلعه سهوا فان كان متبردا فعليه القضاء وان كان للمضمضة به للطهارة فلا شئ عليه.

(٣) في بعض النسخ " يبدره " كما في التهذيب.

(٤) قال في المدارك: اختلف الاصحاب في حكم تعمد القئ بعد اتفاقهم على أنه لو ذرعه اى سبقه بغير اختيار لم يفطر، فذهب الشيخ وأكثر الاصحاب إلى انه موجب للقضاء خاصة، وقال ابن ادريس انه محرم ولا يجب به قضاء ولا كفارة، وحكى المرتضى عن بعض أصحابنا قولا بوجوب القضاء والكفارة والمعتمد الاول.

(٥) حمل على الاحتقان بالمايع.

١١١

ولا يجوز للصائم أن يستعط(١) ولا بأس أن يصب الدواء في أذنه(٢) ، ولا بأس أن يزق الفرخ(٣) ويمضغ الخبز للرضيع من غير أن يبلع شيئا(٤) ولا بأس بأن يشم الطيب إلا المسحوق منه فإنه يصعد إلى دماغه(٥) ، ولا بأس بأن يذوق الطباخ المرق وهو صائم بلسانه من غير أن يبلعه ليعرف حلوه من حامضه(٦) .

١٨٧٠ - وروي عن منصور بن حازم أنه قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " الرجل يجعل النواة في فيه وهو صائم؟ قال: لا، قلت: فيجعل الخاتم؟ قال: نعم ".

ومن احتلم بالنهار في شهر رمضان فليتم صيامه ولا قضاء عليه.

١٨٧١ - وروى عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبدالله عليه السلام " في الصائم ينزع ضرسه؟ قال: لا، ولا يدمي فمه "(٧) .

١٨٧٢ - وروي عن الحسن بن راشد أنه قال: " كان أبوعبدالله عليه السلام إذا صام

___________________________________

(١) كما في موثق ليث المرادى قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الصائم يحتجم ويصب في اذنه الدهن؟ قال: لا بأس الا السعوط فانه يكره " ويدل الخبر على كراهة صب الدواء في الاذن والمشهور كراهة التعسط بما يتعدى إلى الحلق ونقل عن المفيد وسلار رحمهما الله أنهما أوجبا به القضاء والكفارة، واما السعوط بما لا يتعدى إلى الحلق فالمشهور أن تعمده يوجب القضاء والكفارة ويمكن المناقشة بانتفاء ما يدل على كون مطلق الايصال إلى الجوف مفسدا.(المرآة) والسعوط ادخال الدواء في الانف.

(٢) كما في صحيحة حماد بن عثمان عن الصادق عليه السلام المروية في الكافى ج ٤ ص ٠١١.

(٣) زق الطائر فرخه: أطعمه بمنقاره.

(٤) كما رواه الكلينى في الحسن كالصحيح عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام (ج ٤ ص ١١) والمشهور جواز مضغ الطعام للصبى وزق الطائر وذوق المرق مطلقا.

(٥) لما تقدم في السعوط.

والمشهور استحباب التطيب للصائم بأنواع الطيب وانما خصوا الكراهة بشم الرياحين خصوصا النرجس.

(٦) كما في صحيحة الحلبى التى أشرنا اليها سابقا.

(٧) الظاهر الكراهة خوفا من دخول الدم، وقال الفاضل التفرشى: لعله محمول على الاستحباب.

١١٢

تطيب بالطيب ويقول: الطيب تحفة الصائم "(١) .

١٨٧٣ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه " سئل عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم؟ فقال: لا بأس ما لم يخش ضعفا ".

ولا بأس بالقبلة للصائم للشيخ الكبير، فأما الشاب الشبق فلا، فانه لا يؤمن أن تسبقه شهوته(٢) .

١٨٧٤ - وقد سئل النبي صلى الله عليه وآله " عن الرجل يقبل امرأته وهو صائم؟ قال: هل هي إلا ريحانة يشمها "(٣) وأفضل ذلك أن يتنزه الصائم عن القبلة.

١٨٧٥ - فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: " أما يستحيي أحدكم أن لا يصبر يوما إلى الليل، إنه كان يقال: إن بدء القتال اللطام "(٤) .

ولو أن رجلا لصق بأهله في شهر رمضان فأدفق كان عليه عتق رقبة(٥) .

١٨٧٦ - وسأل رفاعة بن موسى أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل لامس جاريته في شهر رمضان فأمذى، قال: إن كان حراما فليستغفر الله استغفار من لا يعود أبدا ويصوم

___________________________________

(١) يدل على عدم كراهة استعمال مطلق الطيب بل يدل على استحبابه.

(المرآة)(٢) كما في صحيحة منصور بن حازم قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام: ما تقول في الصائم يقبل الجارية والمرأة؟ فقال: أما الشيخ الكبير مثلى ومثلك فلا بأس، وأما الشاب الشبق فلا لانه لا يؤمن الحديث " الكافى ج ٤ ص ١٠٤.

والشبق بالكسر مشتق من الشبق محركة اى شدة الشهوة.

وفى صحيحة الحلبى عن الصادق عليه السلام " ان ذلك يكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المنى".

(٣) وشم الريحان للصائم مكروه مع الاسف.

(٤) أى كما أن اللطمة تنجر إلى القتل كذلك القبلة تنجر إلى الجماع.

(م ت)(٥) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٤٢ باسناده عن أبى بصير قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل وضع يده على شئ من جسد امرأته فأدفق، فقال كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة ".

١١٣

يوما مكان يوم "(١) .

١٨٧٧ - وسأله سماعة " عن الرجل يلصق بأهله في شهر رمضان؟ فقال: ما لم يخف على نفسه(٢) فلا بأس ".

١٨٧٨ - وروى محمد بن الفيض التيمي، عن ابن رئاب قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام ينهى عن النرجس للصائم، فقلت: جعلت فداك ولم؟ قال: لانه ريحان الاعاجم ".

١٨٧٩ - و " سئل الصادق عليه السلام عن المحرم يشم الريحان، قال: لا، قيل: فالصائم؟ قال: لا، قيل: يشم الصائم الغالية والدخنة؟ قال: نعم، قيل: كيف حل له أن يشم الطيب ولا يشم الريحان(٣) ؟ قال: لان الطيب سنة، والريحان بدعة للصائم "(٤) .

١٨٨٠ - و " كان الصادق عليه السلام إذا صام لا يشم الريحان، فسئل عن ذلك فقال: أكره أن أخلط صومي بلذة ".

١٨٨١ - وروي " أن من تطيب بطيب أول النهار وهو صائم لم يكد يفقد عقله ".

___________________________________

(١) حمله الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٤٢ على الاستحباب لان المذى ليس مما يفسد الصيام.

وعمل بظاهر الحديث ابن الجنيد وأوجب القضاء بالمذى.

ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٢٩ وزاد " وان كان من حلال فليستغفر الله ولا يعود ويصوم يوما مكان يوم ".

وقال: هذا حديث شاذ نادر ومخالف لفتيا مشايخنا كلهم، ولعل الراوى وهم في قوله في آخر الخبر " ويصوم يوما مكان يوم " لان مقتضى الخبر يدل عليه ألا ترى أنه شرع في الفرق بين أن يكون أمذى من مباشرة حرام وبين أن يكون الامذاء من مباشرة حلال وعلى الفتيا التى رواه لا فرق بينهما فعلم أنه وهم من الراوى.

(٢) أى من الانزال أو الجماع أو الاعم (م ت)

(٣) احتمل الشيخ أن يكون المراد به النرجس لما تقدم من الاخبار، والمشهور كراهة مطلق الريحان وتتأكد في النرجس.

(٤) ظاهره التحريم ويحمل على الكراهة لما تعارضه. (سلطان)

١١٤

١٨٨٢ - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه " سأله(١) عن الرجل يجد البرد أيدخل مع أهله في لحاف وهو صائم؟ قال: يجعل بينهما ثوبا ".

وقد روى عبدالله بن سنان عنه عليه السلام(٢) رخصة للشيخ في المباشرة.

١٨٨٣ - وسأل حنان بن سدير أبا عبدالله عليه السلام " عن الصائم يستنقع في الماء، قال: لا بأس ولكن لا يغمس، والمرأة لا تستنقع في الماء لانها تحمل الماء بقبلها "(٣) .

باب ما يجب على من أفطر أو جامع في شهر رمضان متعمدا أو ناسيا

١٨٨٤ - روى الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر، قال: يعتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق ".(٤)

١٨٨٥ - وروى عبدالمؤمن بن القاسم الانصاري(٥) عن أبي جعفر عليه السلام " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: هلكت وأهلكت(٦) فقال: وما أهلكك؟ قال: أتيت

___________________________________

(١) في بعض النسخ " أنه سئل ".

(٢) ظاهره أبوجعفر الباقر (ع) لكن لم يرو عبدالله بن سنان عنه عليه السلام وهو من أصحاب الصادق سلام الله عليه، ولم أجد لفظ الخبر على وجهه فيما عندى من كتب الحديث.

(٣) الظاهر من الاستنقاع الجلوس في الماء من دون أن يخفى رأسه فيه، وبالانغماس اختفاء الرأس فيه. (مراد)

(٤) ظاهره كفاية كفارة واحدة بسبب الافطار في يوم واحد سواء وقع منه الاتيان بمفطر واحد أو مختلف لترك الاستفصال. (مراد)

(٥) في طريق الحكم بن مسكين وأبوكهمس وهما مجهولان.

(٦) يقال لمن ارتكب أمرا عظيما: هلكت وأهلكت من باب التفعيل والافعال.

١١٥

امرأتي في شهر رمضان وأنا صائم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أعتق رقبة، قال: لا أجد، قال: فصم شهرين متتابعين، قال: لا أطيق، قال: تصدق على ستين مسكينا، قال: لا أجد فأتي النبي صلى الله عليه وآله بعذق في مكتل(١) فيه خمسة عشرا صاعا من تمر، فقال النبي صلى الله عليه وآله: خذها فتصدق بها، فقال: والذي بعثك بالحق نبيا ما بين لابتيها(٢) أهل بيت أحوج إليه منا، فقال: خذه فكله أنت وأهلك فإنه كفارة لك "(٣) .

١٨٨٦ - وفي رواية جميل بن دراج عن أبي عبدالله عليه السلام " إن المكتل الذي أتي به النبي صلى الله عليه وآله كان فيه عشرون صاعا من تمر "(٤) .

١٨٨٧ - وروى إدريس بن هلال(٥) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " سئل عن رجل أتى أهله في شهر رمضان، قال: عليه عشرون صاعا من تمر، فبذلك أمر النبي صلى الله عليه وآله الرجل الذي أتاه فسأله عن ذلك ".

١٨٨٨ - وروى محمد بن النعمان عنه عليه السلام أنه " سئل عن رجل أفطر يوما من

___________________________________

(١) العذق بالكسر: عنقود التمر أو العنب، والقنو من النخلة.

والمكتل شبيه الزنبيل تسع خمسة عشر صاعا.

(٢) اللابة: الحرة، ولابتا المدينة حرتان تكتنفانها، والحرة بالفتح والتشديد أرض ذات أحجار سود.

(٣) استدل بهذا الخبر على وجوب الترتيب في الكفارة وحمل على الاستحباب وان كان ظاهره الوجوب جمعا بينه وبين سائر الاخبار الظاهرة في التخيير.

(٤) يمكن تطبيق الروايتين بأن في رواية جميل انه كان في المكتل عشرون صاعا وذلك لا يدل على أنه صلى الله عليه وآله أعطى الرجل مجموع العشرين فجاز أن يكون صلى الله عليه وآله أعطى الرجل منها خمسة عشر صاعا وليس في الرواية الاولى أنه لم يكن في المكتل أزيد من خمسة عشر صاعا لينافى ذلك، وأما رواية ادريس الآتية فينبغى أن يحمل العشرون فيها على الاستحباب، ولعل الرجل الذى أمره النبى صلى الله عليه وآله بالعشرين غير الرجل الذى أعطاه خمسة عشر فيحمل الامر أيضا على الندب دون الوجوب وكذا الكلام في حديث محمد ابن النعمان. (مراد)

(٥) السند ضعيف لمكان محمد بن سنان في الطريق.

١١٦

شهر رمضان، فقال: كفارته جريبان من طعام وهو عشرون صاعا "(١) .

١٨٨٩ - وفي رواية المفضل بن عمر عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة، فقال: إن كان استكرهها فعليه كفارتان، وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وعليها كفارة، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا، وضربت خمسة وعشرين سوطا "(٢) .

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: لم أجد [شيئا في] ذلك في شئ من الاصول وإنما تفرد بروايته علي بن إبراهيم بن هاشم(٣) .

١٨٩٠ - وروى الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن بريد العجلي قال: " سئل أبوجعفر عليه السلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيام قال: يسئل هل عليك في إفطارك في شهر رمضان إثم؟ فإن قال: لا فإن على الامام أن يقتله، وإن قال: نعم فعلى الامام أن ينهكه ضربا "(٤) .

١٨٩١ - وفي رواية سماعة عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن رجل أخذ في شهر رمضان وقد أفطر ثلاث مرات وقد رفع إلى الامام ثلاث مرات، قال: فيقتل في الثالثة "(٥) .

___________________________________

(١) الضمير يرجع إلى الجريبين باعتبار أنهما مقدار من طعام.(مراد)

(٢) قال في المنتهى: الرواية وان كانت ضعيفة السند الا أن الاصحاب ادعوا الاجماع على مضمونها مع ظهور العمل والقول بها.

(٣) هكذا في جميع النسخ التى عندى والصواب " تفرد به على بن محمد بن بندار " كما في الكافى ج ٤ ص ١٠٣ والتهذيب ج ١ ص ٤١٣.

وقال المحقق رحمه الله في المعتبرص ٣٠٩ بعد نقل الرواية وتضعيف السند: " قال ابن بابوية: لم يرو هذه غير المفضل " فيظهر من هذا النقل أن في نسخته بدل على بن ابراهيم بن هاشم " المفضل".

(٤) يدل على أن مستحل افطار الصوم كافى يجب قتله، وفى القاموس نهكه السلطان كسمعه نهكا ونهكة بالغ في عقوبته كأنهكه. (المرآة)

(٥) هذه الموثقة تدل على وجوب القتل وذهب اليه جماعة وتدل عليه أخبار أخر، وقيل يقتل في الرابعة احتياطا للدماء، وهذا إذا لم يكن مستحلا والا فالقتل أولا إذا كان فطريا ومع الاستتابة ثلاثا إذا كان مليا. (م ت)

١١٧

١٨٩٢ - وقال الصادق عليه السلام: " من أفطر يوما من شهر رمضان خرج روح الايمان منه، ومن أفطر في شهر رمضان متعمدا فعليه كفارة واحدة وقضاء يوم مكانه وأنى له بمثله ".

وأما الخبر الذي روي فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا أن عليه ثلاث كفارات(١) فإني أفتي به فيمن أفطر بجماع محرم عليه أو بطعام محرم عليه لوجودي ذلك(٢) في روايات أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه(٣) فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه.

١٨٩٣ - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " سئل عن رجل نسي فأكل وشرب، ثم ذكر، قال: لا يفطر إنما هو شئ رزقه الله فليتم صومه ".

١٨٩٤ - وسأله عمار بن موسى " عن الرجل ينسى وهو صائم فجامع أهله قال: يغتسل ولا شئ عليه"(٤) .

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: وذلك في شهر رمضان وغيره ولا يجب فيه القضاء هكذا روي عن الائمة عليهم السلام.

١٨٩٥ - وروى علي بن رئاب، عن إبراهيم بن ميمون قال: " سألت أبا عبدالله

_____________________________

(١) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤١١ في الموثق عن سماعة قال: " سألته عن رجل أتى أهله في رمضان متعمدا، فقال: عليه عتق رقبة واطعام ستين مسكينا وصيام شهرين متتابعين وقضاء ذلك اليوم وأنى له مثل ذلك اليوم".

(٢) أى لوجدانى ذلك، أو لانى قد وجدت ذلك.

(٣) يعد من البواب والوكلاء، قال الشيخ رحمه الله في كتاب الغيبة: " وقد كان في زمن السفراء أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات منهم أبوالحسين محمد بن جعفر الاسدى إلى أن قال: ومات الاسدى على ظاهر العدالة ولم يتغير ولم يطعن عليه، في شهر ربيع الاخر سنة ٣١٢ من الهجرة ".

والظاهر اتصال الرواية بصاحب الامر عليه السلام لاما ظنه بعض أنها لم يعلم أنها من الامام (الشيخ محمد)

(٤) رواه الشيخ رحمه الله في الموثق وحمله على ما إذا جامع ناسيا دون العمد.

١١٨

عليه السلام عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان، ثم ينسى أن يغتسل حتى يمضي لذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان، قال: عليه قضاء الصلاة والصوم "(١) .

١٨٩٦ - وروي في خبر آخر " أن من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه إلا أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنه يقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك "(٢) .

١٨٩٧ - وفي رواية ابن أبي نصر، عن أبي سعيد القماط أنه " سئل أبوعبدالله عليه السلام عمن أجنب في أول الليل في شهر رمضان فنام حتى أصبح(٣) قال: لا شئ عليه وذلك أن جنابته كانت في وقت حلال ".

١٨٩٨ - وروى ابن أبى يعفور عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ، ثم ينام، ثم يستيقظ، ثم ينام حتى يصبح؟ قال: يتم صومه ويقضي يوما آخر، فإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم صومه

___________________________________

(١) أما قضاء الصلاة فلا ريب فيه وانما الخلاف في قضاء الصوم، فذهب الاكثر إلى وجوبه لهذا الخبر ولصحيحة الحلبى عن الصادق عليه السلام " سألته عن الرجل أجنب في شهر رمضان فنسى أن يغتسل حتى خرج رمضان قال: عليه أن يقضى الصلاة والصيام " (التهذيب ج ١ ص ٤٤٠ و ٤٤٣) وقال ابن ادريس رحمه الله: لا يجب قضاء الصوم لانه ليس من شرطه الطهارة في الرجال الا إذا تركها الانسان متعمدا من غير اضطرار، وهذا لم يتعمد تركها ووافقه المحقق في الشرايع والنافع (المرآة) أقول: المراد بالجمعة الاسبوع.

(٢) هذا يؤيد كفاية الغسل المندوب عن الواجب والتداخل مطلقا كما هو قول بعض الاصحاب وعلى قول من خص التداخل بما إذا ضم اليه الواجب، ربما يؤيد وجوب غسل الجمعة كما هو مذهب المصنف (سلطان) وقد يحمل على من اغتسل بنية ما في الذمة وهو بعيد.

(٣) أى في النوم الاول أو الاعم، بل الاعم من أن يكون بنية الغسل أولا، بقرينة التعليل بأن جنابته كانت في وقت أحلها الله تعالى بقوله " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " ونومه أيضا حلال ولكن لا يدل على جواز البقاء عليها عمدا. لكن يحمل على النومة الاولى جمعا بين الاخبار. (م ت)

١١٩

وجاز "(١) .

١٨٩٩ - وسأله عبدالله بن سنان " عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل ولا يغتسل حتى يجئ آخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع، قال: لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره "(٢) .

١٩٠٠ - وسأله العيص بن القاسم " عن الرجل ينام في شهر رمضان فيحتلم، ثم يستيقظ ثم ينام قبل أن يغتسل، قال: لا بأس "(٣) .

١٩٠١ - وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر، ثم

___________________________________

(١) طريق المصنف إلى عبدالله بن أبى يعفور حسن، ورواه الشيخ في الصحيح.

وقوله " يجنب " أى يحتلم كما هو الظاهر ويحتمل أن يكون المراد به يجامع ثم ينام ثم يستيقظ.

وقوله " فان لم يستيقظ " أى من النومة الاولى.

وقوله: " أتم صومه " في بعض النسخ " أتم يومه " (م ت) وقيل قوله " يتم صومه ويقضىيوما آخر " ينافى مذهب من قال بعدم اشتراط الصوم بالطهارة الا أن يحمل على الندب.

(٢) يدل على أن مع أدرك الصبح جنبا لا يصح له قضاء شهر رمضان كما هو مختار أكثر المحققين من المتأخرين، واطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضى عدم الفرق في ذلك بين من أصبح في النومة الاولى أو الثانية ولا في القضاء بين الموسع والمضيق، واحتمل الشهيد الثانى قدس سره جواز القضاء مع التضيق لمن لم يعلم بالجنابة حتى أصبح، ويحتمل مساواته لصوم شهر رمضان فيصح إذا أصبح في النومة الاولى خاصة، وقال السيد المحقق في المدارك: قال المحقق في المعتبر بعد ايراد الروايات المتضمنة لفساد صوم شهر رمضان بتعمد البقاء على الجنابة: ولقائل أن يخص هذا الحكم برمضان دون غيره من الصيام، وأقول: الحق أن قضاء شهر رمضان ملحق بأدائه بل الظاهر عدم وقوعه من الجنب في حال الاختيار مطلقا للاخبار الصحيحة، ويبقى الاشكال فيما عداه من الصوم الواجب والمطابق للاصل عدم اعتبار هذا الشرط انتهى كلامه ولا يخفى متانته. (المرآة)

(٣) يدل على عدم حرمة النوم ثانيا ولا ينافيه وجوب القضاء بالاخبار المتقدمة، وان أمكن حمل أخبار القضاء على الاستحباب. (م ت)

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

قال المصنّف ١(١) :

التاسع : الضرورة قاضية بالفرق بين من أحسن إلينا دائما ، ومن أساء إلينا دائما ، وحسن مدح الأوّل وذمّ الثاني ، وقبح ذمّ الأوّل ومدح الثاني ، ومن شكّ في ذلك فقد كابر مقتضى عقله.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٥.

٤٤١

وقال الفضل(١) :

هذا الحسن وهذا القبح ممّا لا نزاع فيه بأنّهما عقليّان ؛ لأنّهما يرجعان إلى الملاءمة والمنافرة ، أو الكمال والنقص.

على إنّه قد يقال : جاز أن يكون هناك عرف عامّ هو مبدأ لذلك الجزم المشترك ، وبالجملة : هو من إقامة الدليل في غير محلّ النزاع ، والله تعالى أعلم.

هذه جملة ما أورده من الدلائل على رأيه العاطل ، وقد وفّقنا الله لأجوبتها كما يرتضيه أولو الآراء الصائبة.

ولنا في هذا المبحث تحقيق نريد أن نذكره في هذا المقام ، فنقول :

اتّفقت كلمة الفريقين من الأشاعرة والمعتزلة على إنّ من أفعال العباد ما يشتمل على المصالح والمفاسد ، وما يشتمل على الصفات الكمالية والنقصانية ، وهذا ممّا لا نزاع فيه.

وبقي النزاع في أنّ الأفعال التي تقتضي الثواب أو العقاب ، هل في ذواتها جهة محسّنة ، صارت تلك الجهة سبب المدح والثواب ، أو جهة مقبّحة ، صارت سببا للذمّ والعقاب ، أو لا؟

فمن نفى وجود هاتين الجهتين في الفعل ، ماذا يريد من هذا النفي؟!

إن أراد عدم هاتين الجهتين في ذوات الأفعال ، فيرد عليه أنّك

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٧٧.

٤٤٢

سلّمت وجود الكمال والنقص والمصلحة والمفسدة في الأفعال ، وهذا عين التسليم بأنّ الأفعال في ذواتها جهة الحسن والقبح ؛ لأنّ المصلحة والكمال حسن ، والمفسدة والنقص قبح.

وإن أراد نفي كون هاتين الجهتين مقتضيتان للمدح والثواب بلا حكم الشرع بأحدهما ؛ لأنّ تعيين الثواب والعقاب للشارع والمصالح والمفاسد في الأفعال التي تدركهما العقول ، لا يقتضي تعيين الثواب والعقاب بحسب العقل ؛ لأنّ العقل عاجز عن إدراك أقسام المصالح والمفاسد في الأفعال ، ومزج بعضها ببعض ، حتّى يعرف الترجيح ويحكم بأنّ هذا الفعل حسن لاشتماله على المصلحة ، أو قبيح لاشتماله على المفسدة ، فهذا الحكم خارج عن طوق العقل فتعيّن تعيّنه للشرع.

فهذا كلام صالح صحيح لا ينبغي أن يردّه المعتزلي.

مثلا : شرب الخمر كان مباحا في بعض الشرائع ، فلو كان شرابه حسنا في ذاته بالحسن العقلي ، كيف صار حراما في بعض الشرائع الأخر؟! هل انقلب حسنه الذاتي قبحا؟!

وهذا ممّا لا يجوز ، فبقي أنّه كان مشتملا على مصلحة ومفسدة ، كلّ واحد منهما بوجه ، والعقل كان عاجزا عن إدراك المصالح والمفاسد بالوجوه المختلفة.

فالشرع صار حاكما بترجيح جهة المصلحة في زمان ، وترجيح جهة المفسدة في زمان آخر ، فصار حلالا في بعض الأزمنة حراما في البعض الآخر.

فعلى الأشعري أن يوافق المعتزلي ؛ لاشتمال ذوات الأفعال على جهة المصالح والمفاسد ، وهذا يدركه العقل ولا يحتاج في إدراكه إلى الشرع.

٤٤٣

وهذا في الحقيقة هو الجهة المحسّنة والمقبّحة في ذوات الأفعال.

وعلى المعتزلي أن يوافق الأشعري أنّ هاتين الجهتين في العقل لا تقتضي حكم الثواب والعقاب والمدح والذمّ باستقلال العقل ؛ لعجزه عن مزج جهات المصالح والمفاسد في الأفعال.

وقد سلّم المعتزلي هذا في ما لا يستقلّ العقل به ، فليسلّم في جميع الأفعال ، فإنّ العقل في الواقع لا يستقلّ في شيء من الأشياء بإدراك تعلّق الثواب.

فإذا كان النزاع بين الفريقين مرتفعا ، تحفّظ بهذا التحقيق ، وبالله التوفيق.

* * *

٤٤٤

وأقول :

قد عرفت في أوّل المطلب أنّ الملاءمة والمنافرة جهتان تقتضيان الحبّ والبغض ، والرضا والسخط ، لا الحسن والقبح العقليّين ، فلا معنى لعدّهما من معاني الحسن والقبح.

وعرفت أنّ كثيرا من صفات الكمال والنقص ، كالإحسان والإساءة أفعال حقيقية ، والحسن والقبح فيها لا يناطان بلحاظ الوصفية ، فإذا أقرّ الخصم بحسن الإحسان وقبح الإساءة فقد تمّ المطلوب.

على إنّه لا ريب بصحّة مدح المحسن وذمّ المسيء ، فيكون الإحسان حسنا والإساءة قبيحة بالمعنى الثالث الذي فيه النزاع ، فلا معنى لإرجاعه إلى أحد المعنيين الأوّلين.

وأمّا ما ذكره في العلاوة المأخوذة من « شرح المواقف »(١)

ففيه : إنّه إذا أريد من العرف العامّ اتّفاق آراء العقلاء على حسن شيء أو قبحه ، فهو الذي تذهب إليه العدلية ، ولكن لا معنى لتسميته بالعرف العامّ ، ولا يتصوّر تحقّق العرف العامّ من دون أن يكون هناك حسن وقبح عقليّان ، فإنّه ليس أمرا اصطلاحيا.

وأمّا ما بيّنه في تحقيقه فهو رجوع إلى قول العدلية بثبوت الحسن والقبح العقليّين ، بسبب جهات محسّنة أو مقبّحة ، ولا نزاع لأهل العدل معهم إلّا بهذا كما سبق.

__________________

(١) شرح المواقف ٨ / ١٩٢.

٤٤٥

كما إنّ ظاهره تسليم اقتضائهما للمدح والذمّ عقلا ، لكنّه قال : « إنّ العقل عاجز عن إدراك أقسام المصالح والمفاسد ، وعاجز عن إدراك استحقاق الثواب والعقاب على الأفعال من حيث هي » وهو مسلّم في الجملة عند العدليّين ، فإنّهم لا يقولون : إنّ جميع الأفعال يدرك العقل حسنها أو قبحها ، بل منها ما هو علّة للحكم بالحسن والقبح ، كالعدل والظلم

ومنها ما هو مقتض للحكم كالصدق أو الكذب

ومنها ما هو يختلف بالوجوه والاعتبارات ، والعقل قد يعجز عن إدراك الوجوه.

وأمّا تمثيله بشرب الخمر ، فغير صحيح عند الإمامية ؛ لما أخبرهم به أهل البيت من أنّ الخمر لم يحلّ في شرع من الشرائع(١) ، وأهل البيت أدرى بما فيه.

* * *

__________________

(١) الكافي ٦ / ٣٩٥ ح ١ ، تهذيب الأحكام ٩ / ١٠٢ ح ٤٤٥.

٤٤٦

فهرس المحتويات

من هم الفرة الناجية؟من هم الفرقة الناجية؟ ٥

من هم الفرقة الناجية؟ ٧

وبعد ، ٧

وقال الفضل(١) : ١١

أقول : ٢٥

المحسوسات أصل الاعتقادات ٤١

المسألة الأولى ٤١

في الإدراك ٤١

[ المبحث ] الأوّل ٤١

[ الإدراك أعرف الأشياء ] ٤١

وقال الفضل : ٤٤

وأقول : ٤٧

المبحث الثاني ٥١

في شرائط الرؤية ٥١

وقال الفضل : ٥٣

وأقول : ٥٥

المبحث الثالث ٦١

في وجوب الرؤية عند حصول هذه الشرائط ٦١

وقال الفضل : ٦٣

وأقول : ٦٦

المبحث الرابع ٧١

في امتناع الإدراك مع فقد الشرائط ٧١

٤٤٧

وقال الفضل : ٧٥

وأقول : ٧٨

المبحث الخامس ٨١

في أنّ الوجود ليس علّة تامّة في الرؤية ٨١

وقال الفضل : ٨٣

وأقول : ٨٦

المبحث السادس ٩٣

في أنّ الإدراك ليس لمعنى ٩٣

وقال الفضل : ٩٥

وأقول : ٩٧

المبحث السابع ١٠١

في أنّه تعالى يستحيل أن يرى ١٠١

وقال الفضل : ١٠٥

وأقول : ١١٠

المسألة الثانية ١٣٣

في النظر وفيه مباحث : ١٣٣

[ المبحث ] الأوّل ١٣٣

إنّ النظر الصحيح يستلزم العلم ١٣٣

وقال الفضل : ١٣٥

وأقول : ١٣٧

المبحث الثاني ١٤١

في أنّ النظر واجب بالعقل ١٤١

وقال الفضل : ١٤٣

وأقول : ١٤٨

٤٤٨

المبحث الثالث ١٥٣

في أنّ معرفة الله تعالى واجبة بالعقل ١٥٣

وقال الفضل : ١٥٥

وأقول : ١٥٨

المسألة الثالثة ١٦٥

في صفاته تعالى ١٦٥

[ المبحث ] الأوّل ١٦٥

إنّه تعالى قادر على كلّ مقدور ١٦٥

وقال الفضل : ١٦٧

وأقول : ١٦٩

المبحث الثاني ١٧٣

في أنّه تعالى مخالف لغيره ١٧٣

وقال الفضل : ١٧٥

وأقول : ١٧٦

المبحث الثالث ١٧٩

في أنّه تعالى ليس بجسم ١٧٩

وقال الفضل : ١٨٢

وأقول : ١٨٣

المبحث الرابع ١٨٩

في أنّه تعالى ليس في جهة ١٨٩

وقال الفضل : ١٩٠

وأقول : ١٩٢

المبحث الخامس ١٩٥

في أنّه تعالى لا يتّحد بغيره ١٩٥

٤٤٩

وقال الفضل : ١٩٦

وأقول : ٢٠٠

المبحث السادس ٢٠٣

في أنّه تعالى لا يحلّ في غيره ٢٠٣

وقال الفضل : ٢٠٥

وأقول : ٢١٠

في حقيقة الكلام ٢٢٣

المبحث السابع ٢٢٣

في أنّه تعالى متكلّم ٢٢٣

[ المطلب ] الأوّل ٢٢٣

في حقيقة الكلام ٢٢٣

وقال الفضل : ٢٢٥

وأقول : ٢٢٩

كلامه تعالى متعدّد ٢٣٥

[ المطلب ] الثاني ٢٣٥

في أنّ كلامه تعالى متعدّد ٢٣٥

وقال الفضل : ٢٣٧

وأقول : ٢٣٨

حدوث الكلام ٢٤١

المطلب الثالث ٢٤١

في حدوثه ٢٤١

وقال الفضل : ٢٤٤

وأقول : ٢٤٦

٤٥٠

استلزام الأمر للإرادة والنهي للكراهة ٢٥١

المطلب الرابع ٢٥١

في استلزام الأمر والنهي : الإرادة والكراهة ٢٥١

وقال الفضل : ٢٥٢

وأقول : ٢٥٤

كلامه تعالى صدق ٢٥٧

المطلب الخامس ٢٥٧

في أنّ كلامه تعالى صدق ٢٥٧

وقال الفضل : ٢٥٩

وأقول : ٢٦١

صفاته عين ذاته ٢٦٧

المبحث الثامن ٢٦٧

في أنّه تعالى لا يشاركه شيء في القدم ٢٦٧

وقال الفضل : ٢٧٠

وأقول : ٢٧٤

البقاء ليس زائدا على الذات ٢٨٥

المبحث التاسع ٢٨٥

في البقاء ٢٨٥

المطلب الأوّل ٢٨٥

إنّه ليس زائدا على الذات ٢٨٥

وقال الفضل : ٢٨٨

وأقول : ٢٩١

إنّه تعالى باق لذاته ٢٩٥

المطلب الثاني ٢٩٥

٤٥١

في أنّ الله تعالى باق لذاته ٢٩٥

وقال الفضل : ٢٩٧

وأقول : ٢٩٩

البقاء يصحّ على الأجسام ٣٠٣

خاتمة ٣٠٣

[ الحكم ] الأوّل ٣٠٣

البقاء يصحّ على الأجسام [ بأسرها ] ٣٠٣

وقال الفضل : ٣٠٥

وأقول : ٣٠٦

البقاء يصحّ على الأعراض ٣٠٧

الحكم الثاني ٣٠٧

في صحّة بقاء الأعراض ٣٠٧

وقال الفضل : ٣١١

وأقول : ٣١٦

القدم والحدوث اعتباريّان ٣٢١

المبحث العاشر ٣٢١

في أنّ القدم والحدوث اعتباريّان ٣٢١

وقال الفضل : ٣٢٣

وأقول : ٣٢٤

نقل الخلاف في مسائل العدل ٣٢٥

المبحث الحادي عشر ٣٢٥

في العدل ٣٢٥

[ المطلب ] الأوّل ٣٢٥

في نقل الخلاف في مسائل هذا الباب ٣٢٥

٤٥٢

وقال الفضل : ٣٢٧

وأقول : ٣٢٨

قال المصنّف ٣٢٩

وقال الفضل : ٣٣٠

وأقول : ٣٣٢

قال المصنّف ٣٣٤

وقال الفضل : ٣٣٥

وأقول : ٣٣٦

قال المصنّف ٣٣٧

وقال الفضل : ٣٣٨

وأقول : ٣٣٩

قال المصنّف ٣٤٠

وقال الفضل : ٣٤١

وأقول : ٣٤٢

قال المصنّف ٣٤٥

وقال الفضل : ٣٤٦

وأقول : ٣٤٧

قال المصنّف ٣٤٨

وقال الفضل : ٣٤٩

وأقول : ٣٥٠

قال المصنّف ٣٥١

وقال الفضل : ٣٥٢

وأقول : ٣٥٣

قال المصنّف ٣٥٦

٤٥٣

وقال الفضل : ٣٥٧

وأقول : ٣٥٨

قال المصنّف ٣٦٢

وقال الفضل : ٣٦٣

وأقول : ٣٦٤

قال المصنّف ٣٦٥

وقال الفضل : ٣٦٦

وأقول : ٣٦٧

قال المصنّف ٣٦٨

وقال الفضل : ٣٦٩

وأقول : ٣٧٠

قال المصنّف ٣٧١

وقال الفضل : ٣٧٢

وأقول : ٣٧٣

قال المصنّف ٣٧٤

وقال الفضل : ٣٧٦

وأقول : ٣٧٧

قال المصنّف ١ : ٣٧٨

وقال الفضل : ٣٧٩

وأقول : ٣٨١

ترجيح أحد المذهبين ٣٨٥

وقال الفضل : ٣٨٩

وأقول : ٣٩٤

٤٥٤

إثبات الحسن والقبح العقليّين ٤٠٩

المطلب الثاني ٤٠٩

في إثبات الحسن والقبح العقليّين ٤٠٩

وقال الفضل : ٤١١

وأقول : ٤١٣

قال المصنّف ٤١٥

وقال الفضل : ٤١٦

وأقول : ٤١٧

قال المصنّف ٤١٨

وقال الفضل : ٤١٩

وأقول : ٤٢٠

قال المصنّف ٤٢١

وقال الفضل : ٤٢٢

وأقول : ٤٢٣

قال المصنّف ٤٢٤

وقال الفضل : ٤٢٥

وأقول : ٤٢٦

قال المصنّف ٤٢٧

وقال الفضل : ٤٢٨

وأقول : ٤٢٩

قال المصنّف ١ : ٤٣٠

وقال الفضل : ٤٣١

وأقول : ٤٣٢

قال المصنّف ٤٣٥

٤٥٥

وقال الفضل : ٤٣٦

وأقول : ٤٣٧

قال المصنّف ٤٣٨

وقال الفضل : ٤٣٩

وأقول : ٤٤٠

قال المصنّف ١ : ٤٤١

وقال الفضل : ٤٤٢

وأقول : ٤٤٥

فهرس المحتويات ٤٤٧

٤٥٦

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640