من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267576 / تحميل: 8506
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

البطالة ينافي ما عليه الإسلام ، وما هو معروف من مبادئه من انه ينكر البطالة ويحث عل العمل وعدم الاتكال على الآخرين.

ويقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ملعون من القى كلّه على الناس »(١) .

ويقول الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

« لنقـل الصخر من قلل الجبال

أعز الي من مـنـن الـرجال

يقول الناس لي في الكسب عار

فقلت العار في ذْل السؤال »(٢)

بهذا الأسلوب يواجه الإسلام الأفراد فهو دين العزة والرفعة ، وهو دين الجد والعمل ، ولا يريد للمجتمع أن يعيش أفراده يتسكعون ويتكففون.

فلماذا اذاً يعودهم على الاتكال على غيرهم ؟.

للإجابة على ذلك نقول :

إن الإسلام بتشريعه الانفاق بنوعيه الالزامي والتبرعي لم يرد للأفراد أن يتكلوا على غيرهم في مجال العيش والعمل بل على العكس نراه يحارب بشدة الاتكالية ، والاعتماد على أيديِ الآخرين.

بل الإسلام يكره للفرد أن يجلس في داره وله طاقة على العمل ، ويطلب الرزق من الله فكيف بالطلب من انسان مثله.

يقول الإمام الصادقعليه‌السلام :

__________________

(١ و ٢) المحجة البيضاء ٧ / ٤٢٠.

٤١

« أربعة لا تستجاب لهم دعوة رجل جالس في بيته يقول : اللهم أرزقني فيقال له : ألم آمرك بالطلب ؟ »(١) .

وفي حديث آخر عنهعليه‌السلام فيمن ترد دعوته :

« ورجل جلس في بيته وقال : يا رب ارزقني »(٢) .

وهناك احاديث أخرى جاءت بهذا المضمون ان الله الذي قال في أكثر من آية( ادعوني أستجب لكم ) ، ووعد بالاستجابة بمجرد دعاء عبده ليكره على لسان هذه الأخبار وغيرها أن يدعوا العبد بالرزق ، وهو جالس لا يبدي أي نشاط وفعالية بالاسباب التي توجب الرزق.

واذاً فالإسلام عندما شرع بنوعية الإلزامي والتبرعي لم يشرعه لمثل هؤلاء المتسولين بل حاربهم ، واظهر غضبه عليهم.

فعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنه قال :

« ثلاثة يبغضهم الله ـ الشيخ الزاني ، والفقير المحتال ، والغني الظلوم »(٣) .

إنما شرع الإنفاق للفقير الذي لا يملك قوت سنته ، وقد اضطره الفقر لأن يجلس في داره.

وقد تضمنت آية الزكاة مصرف الزكاة فحصرت الاصناف الذين يستحقونها في ثمانية اثنان منهم الفقراء ، والمساكين ، وستة أصناف لم يؤخذ الفقر صفة لهم بل لمصالح خاصة استحقوها :

__________________

(١ و ٢) أصول الكافي ٢ / ٥١١ ـ طبعة طهران ـ تصحيح وتعليق الغفاري.

(٣) الدر المنثور في تفسير الآية ٢٧١ من صورة البقرة.

٤٢

يقول سبحانه :

( إنما الصّدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرّقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ) (١) .

وأما مصرف بقية موارد الانفاق الإلزامي من كفارات ، والإنفاق التبرعي فكلفه للفقراء.

والفقراء في المصطلح الشرعي هم الذين يستحقون هذا النوع من المساعدة كلهم اخذ فيهم أن لا يملكوا قوت سنتهم ، أو كان ما عنده من المال لا يكفيه لقوت سنته أما من كان مالكاً لقوت سنته وأخذ منها فهو محتال وسارق لقوت غيره.

ولا يعطى من الصدقات ، وإذا اعطي من الصدقات فمن التبرعية لا الإلزامية وله عند الله حسابه لو عوّد نفسه على التكفف والتسول والأخذ من الصدقات التبرعية ، وبه طاقة على العمل.

__________________

(١) سورة التوبة / آية : ٦٠.

٤٣

الطرق التي سلكها القرآن الكريم

للحث على الإنفاق

وكما قلنا إن الأساليب التي اتخذها القرآن الكريم لحث الفرد على هذه العملية الإنسانية كثيرة وبالامكان بيان ابرز صورها وهي :

١ ـ الترغيب والتشويق إلى الإنفاق.

٢ ـ التنأيب على عدم الإنفاق.

٣ ـ الترهيب والتخويف على عدم الإنفاق.

١ ـ التشويق إلى الإنفاق والبذل والحث عليه :

ولم يقتصر هذا النوع من التشويق على صورة واحدة بل سلك القرآن في هذا المجال مسالك عديدة وصور لتحبيب الإنفاق صوراً مختلفة :

٤٤

الصورة الأولى من التشويق :

الضمان بالجزاء

لقد نوخت الآيات التي تعرضت إلى الإنفاق والتشويق له أن تطمئن المنفق بأن عمله لم يذهب سدى ، ولم يقتصر فيه على كونه عملية تكافلية إنسانية لا ينال الباذل من ورائها من الله شيئاً ، بل على العكس سيجد المنفق أن الله هو الذي يتعهد له بالجزاء على عمله في الدنيا وفي الآخرة.

أما بالنسبة إلى الجزاء وبيان ما يحصله الباذل ازاء هذا العمل فإن الآيات الكريمة تتناول الموضوع على نحوين :

الأول : وقد تعرضت إلى بيان أن المنفق سيجازيه الله على عمله ويوفيه حقه أما ما هو الحزاء ونوعيته فإنها لم تتعرض لذلك ، بل أوكلته إلى النحو الثاني الذي شرح نوعية الجزاء وما يناله المنفق في الدنيا والآخرة.

١ ـ الآيات التي اقتصرت على ذكر الجزاء فقط :

يقول تعالى :

( وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم وانتم لا تظلمون ) (١) .

وفي آية أخرى قال سبحانه :

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٢٧٢.

٤٥

( وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفّ إليكم وأنتم تظلمون ) (١) .

ويظهر لنا من مجموع الآيتين أنهما تعرضتا لأمرين :

الأول : اخبار المنفق واعلامه بأن ما ينفقه يوقى إليه ، وكلمة ( وفى ) في اللغة تحمل معنيين :

أحدهما : انه يؤدي الحق تاماً.

ثانيهما : انه يؤدي بأكثر.

وقوله سبحانه :( يُوَفَ إليكُم ) تشتمل بإطلاقها المعنيين أي يعطى جزاءه تاماً بل بأكثر مما يتصوره ويستحقه والمنفق.

الثاني : تطمين المنفق بأنه لا يظلم إذا أقدم على هذه العملية الإنسانية وهذا تأكيد منه سبحانه لعبده وكفى بالله ضامناً ومتعهداً في الدارين ويستفاد ذلك من تكرار الآية الكريمة وبنفس التعبير في الأخبار بالوفاء ، وعدم الظلم وحاشا له وهو الغفور الرحيم أن يظلم عبداً أنفق لوجهه ، وبذل تقرباً إليه.

هذا النوع من الإطمئنان للمنفق بأنه لا يظلم بل يؤدى إليه حقه كاملاً بل بأكثر.

وفي آية أخرى نرى التطمين من الله عز وجل يكون على شكل آخر فيه نوع من الحساب الدقيق مع المنفقين.

( الّذين ينفقون أموالهم باللّيل والنّهار سراً وعلانية فلهم

__________________

(١) سورة الانفال / آية : ٦٠.

٤٦

أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) (١) .

ولم يتعرض سبحانه لنوعية الجزاء من الأجر بل أخفاه ليواجههم به يوم القيامة فتزيد بذلك فرحتهم.

( ولا خوف عليهم ) من فقرٍ ، أو ملامة لأن الله عز وجل هو الذي يضمن لهم ، ثم ممن الخوف ؟

من اعتراض المعترضين ؟ ، وقد جاء في الحديث ( صانع وجهاً يكفيفك الوجوه ) ، أم من الفقر ، ونفاد المال ؟ وقد صرحت الآيات العديدة بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يقسم بين الناس معايشهم كما ذكرنا ذلك في الآيات السابقة.

( ولا هم يحزنون ) .

وقد ورد في تفسير هذه الآية أنها نزلت في الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنينعليه‌السلام : « كانت عنده أربع دراهم فانفق بالليل درهماً ، وفي النهار درهماً وسراً درهماً وعلانيةً درهماً »(٢) .

وتتفاوت النفوس في الإيمان والثبات فلربما خشي البعض من العطاء فكان في نفسه مثل ما يلقاه المتردد في الاقدام على الشيء.

لذلك نرى القرآن الكريم يحاسب هؤلاء ويدفع بهم إلى الإقدام على الانفاق وعدم التوقف فيقول سبحانه :

( قل إنّ ربّي يبسُطُ الرّزقَ لمن يشاءُ من عبادِهِ ويقدِرُ له وما

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٢٤٧.

(٢) الدر المنثور : في تفسيره لهذه الآية.

٤٧

أنفقتُم من شَيءٍ فهو يخلفُهُ وهو خيرُ الرّازقينَ ) (١) .

ومع الآية الكريمة فإنها تضمنت مقاطع ثلاثة :

١ ـ قوله :( قل أن ربي يبسط الرّزقَ لمن يشاءُ من عبادهِ ويقدِرُ له ) .

٢ ـ قوله :( وما أنفقتُم من شيء فهوَ يخلفْهُ ) .

٣ ـ قوله :( وهو خيرُ الرازقين ) .

أولاً :

( قل إن ربي يبسُطُ الرزق لمن يشاءُ ) .

ولا بد للعبد أن يعلم أن الرازق هو الله وأن بيده جميع المقاييس والضوابط فالبسط منه والتقتير منه أيضاً وفي كلتا الحالتين تتدخل المصالح لتأخذ مجراها في هاتين العمليتين ، وليس في البين أي حيف وميل بل رحمة وعطف على الغني بغناه ، وعلى الفقير بفقره فكلهم عبيده وعباده وحاشا أن يرفع البعض على اكتاف الآخرين.

أما ما هي المصالح ؟.

فإن علمها عند الله وليس الخفاء فيها يوجب القول بعدم وجودها.

وفي الحديث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن الله سبحانه يقول :

__________________

(١) سورة سبأ / آية : ٣٩.

٤٨

( عبدي أطعني بما أمرتك ولا تعلمني ما يصلحك ) .

ثانياً :

( وما أنفقتُم من شيءٍ فهو يخلفْهُ ) .

فعن جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله :

« كل معروف صدقة ، وما وقى به الرجل عرضه فهو صدقة ، وما انفق المؤمن من نفقة فعلى الله خلفها ضامناً »(١) .

ثالثاً :

( وهو خير الرازقين ) .

أما أنه خير الرازقين فلأن عطاءه يتميز عن عطاء البشر.

عطاؤه يأتي بلا منة.

وعطاء البشر مقرون بمنة.

وعطاؤه من دون تحديد نابع عن ذاته المقدسة الرحيمة الودودة التي هي على العبد كالأم الرؤوم بل وأكثر من ذلك ، وعطاء البشر محدود.

وكذب من قال انه محدود العطاء :

( بل يداهُ مبسوطتانِ ينفِقُ كيفَ يشاءُ ) (٢) .

وقد جاء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية.

(٢) سورة المائدة / آية : ٦٤.

٤٩

« ان يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سخاء بالليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه »(١) .

وقد جاء الوعد بالجزاء فقط في آيات أخرى فقد قال سبحانه :

( وما تُنفقوا من خيرٍ فأنَّ اللهَ به عليمٌ ) (٢) .

( وما أنفقتُم من نفقةٍ أو نذرتُم من نذرٍ فأنَّ الله يعلَمَهُ ) (٣) .

( وما تُنفقُوا من شيءٍ فإنَّ الله به عليمٌ ) (٤) .

وقد فسر قوله «عليم » أو «يعلمه » بالجزاء لأنه عالم فدل ذكر العلم على تحقيق الجزاء.

وفي تفسير آخر للآيات الكريمة أن معنى عليم أو يعلمه في هذه الآيات أي يجازيكم به قل أو كثر لأنه عليم لا يخفى عليه شيء من كل ما فعلتموه وقدمتموه لوجهه ولمرضاته عز وجل.

٢ ـ الآيات التي تطرقت لنوعية الجزاء :

يختلف لسان الآيات بالنسبة لبيان نوعية الجزاء فهي تارة : تذكر الجزاء ولا ذكر فيه للجنة.

وأخرى : تذكر الجنة وتبشر المنفق بأنها جزاؤه.

وما ذكر فيه الجنة أيضاً جاء على قسمين :

__________________

(١) الدر المنثور في تفسيره لهذه الآية.

(٢) سورة البقرة / آية : ٢٧٣.

(٣) سورة البقرة / آية : ٢٧٠.

(٤) سورة آل عمران / آية : ٩٢.

٥٠

فمرة : نرى الآية تقتصر على ذكر الجنة جزاء.

وثانية : تحبب إلى المنفق عمله فتذكر الجنة وما فيها من مظاهر تشتاق لها النفس كالانهار والاشجار وما شاكل.

ومن الاجمال إلى التفصيل :

يقول سبحانه :

( إنما المؤمنونَ الذينَ إذا ذُكِرَ اللهُ وجلَتْ قلوبُهُم وإذا تليَتْ عليهِم آياتُهُ زادتهُم إيماناً وعلى ربِّهِم يتوكَّلُون *الذينَ يقيمونَ الصَّلاةَ وممّا رزقناهُم يُنفِقون *أولئِكَ هُمُ المؤمنونَ حقّاً لهم درجاتٌ عندَ ربِّهِم ومغفرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ ) (١) .

( إنما المؤمنون ) إنما أداة حصر تفيد أن ما بعدها هم المؤمنون هؤلاء الذين عددت الآية الكريمة صفاتهم وهم الذين جمعوا هذه الصفات.

وكانت صفة الانفاق من جملة مميزات المؤمنين وصفاتهم التي بها نالوا هذا التأكيد من الله سبحانه بقوله :

( أولئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حقّاً ) (٢) .

أما ما أعد لهم من جزاء فهو :

( درجات عند ربهم ) وهي الحسنات التي استحقوا بها تلك المراتب العالية.

__________________

(١) سورة الانفال / آية : ٢ ـ ٤.

(٢) سورة الانفال / آية : ٤ و ٧٤.

٥١

( ومغفرة ) لذنوبهم من غير حساب على ما فعلوه في هذه الدنيا من مخالفات.

( ورزق كريم ) : وهو رزق لا يصيبه ضرر ولا يخاف من نقصانه لأنه من الله جلت عظمته ، وما كان من الله ينمو وتكون فيه البركة فهو رزق طيب ومن كريم.

وفي آية كريمة أخرى يقول عز وجل :

( إنّ المسلمينَ والمسلماتِ والمؤمنينَ والمؤمناتِ والقانتينَ والقانتاتِ والصّادقينَ والصّادقاتِ والصّابرينَ والصّابراتِ والخاشعينَ والخاشعاتِ والمُتصدّقينَ والمُتصدّقاتِ ـ إلى قوله تعالى ـأعدَّ اللهُ لهم مغفرةً وأجراً عظيماً ) (١) .

( والمتصدقين والمتصدقات ) .

هؤلاء من جملة من أعد الله لهم المغفرة والأجر العظيم جزاء على هذه الصفة وهذا الشعور التعاطفي بالنحو على الضعيف.

وأما الأيات التي ذكرت الجنة جزاء للمنفق فمنها قوله تعالى :

( أفمن يعلمُ أنّما أُنزلَ إليكَ من ربّكَ الحقُّ كمن هو أعمَى إنّما يتذكّرُ أولُوا الألبابِ *الّذينَ يُوفُونَ بعهدِ اللهِ ولا يُنقضُونَ الميثاقَ *والّذين يصلُونَ ما أمرَ اللهُ بهِ أنْ يوصَلَ ويخشونَ ربّهم ويَخافونَ سوءَ الحساب *والّذينَ صَبَرُوا ابتغاءَ وجهِ ربّهم وأقامُوا الصّلاة وأنفَقُوا ممّا رزقناهُم سرّاً وعلانِيَةً ويدْرَءُونَ بالحَسَنَةِ السّيِّئَةَ أولئك لهم عقبى الدّارِ *جنّاُت عدنٍ يَدخلونَهَا ) (٢) .

__________________

(١) سورة الأحزاب / آية : ٣٥.

(٢) سورة الرعد / آية : ١٩ ـ ٢٣.

٥٢

يقف الإنسان عند هذه الآيات وهو يرتلها بخشوع ليلحظ من خلالها إنها فرقت بين صنفين من الناس كافر ، ومؤمن ، وقد وصفت الكافر أنه( أعمى ) لا يتذكر ولا ينفع معه شيء.

أما المؤمن ، وهو من يتذكر فأنه ينظر بعين البصيرة ، وقد شرعت ببيان أوصاف هؤلاء المؤمنين ، ومن جملة صفاتهم أنهم الذين ينفقون مما رزقناهم سراً وعلانيةً.

في السر : فإنما هي لرعاية الفقير وحفظ كرامته لئلا يظهر عليه ذل السؤال.

ويحدثنا التاريخ عن أئمة أهل البيتعليهم‌السلام إنهم كانوا إذا أرادوا العطاء أعطوا من وراء ستار حفاظاً منهم على عزة السائل وكرامته ، وتنزيهاً للنفس لئلا يأخذ العجب والزهو فتمن على السائل بهذا العطاء فيذهب الأجر.

أما في العلانية : فإنما هو لتشجيع الأخرين على التسابق على الخير والاحسان أو لدفع التهمة عن النفس لئلا يرمى المنفق بالبخل والامتناع عن هذا النوع من التعاطف الإنساني.

أما جزاؤهم : فهو العاقبة الحسنة ، وأن لهم الجنة جزاء قيامهم بهذه الأعمال وتفقدهم لهؤلاء الضعفاء في جميع الحالات سراً وعلانيةً.

وفي آيات أخرى نرى القرآن لا يقتصر على ذكر الجنة فقط كجزاء للمنفق بل يتطرق لبيان ما فيها وما هي ليكون ذلك مشوقاً للمنفق في أن يقوم بهذه الأعمال الخيرة لينال جزاءه في الآخرة.

٥٣

قال تعالى :

( وسارعُوا إلى مغفرةٍ من ربّكُم وجنّةٍ عرضُهَا السماواتُ والأرضُ أعدَّت للمُتّقينَ *الّذين ينفقونَ في السّرّاءِ والضّرّاءِ والكاظِمِينَ الغيظَ والعافينَ عن النّاسِ واللهُ يحبُّ المُحسنينَ ) (١) .

وقال جلت عظمته :

( قل أؤنبّئكمُ بخيرٍ من ذلكُم للذينَ اتّقَوا عندَ ربّهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهارُ خالدينَ فيها وأزواجٌ مطهّرةٌ ورضوانٌ من اللهِ واللهُ بصيرٌ بالعبادِ *الّذين يقولونّ ربّنا إنّنا آمَنّا فأغفِر لنا ذُنُوبَنَا وقِنا عذابَ النّار *الصّابرينَ والصّادقينَ والقانتينَ والمُنفقينَ والمُستغفرينَ بالأسحارِ ) (٢) .

وقد تضمنت الآيات نحوين من الجزاء :

الأول : جزاء حسي.

الثاني : جزاء روحي.

أما الجزاء الحسي : فيتمثل بقوله تعالى في الآية الأولى :

( جنة عرضُها السماواتُ والأرضُ ) .

وفي الآية الثانية فيتمثل بقوله تعالى :

( جنّاتٌ تجري من تَحتِها الأنهارُ خالدينَ فيها وأزواجٌ مطهرةٌ ) .

وتأتي هذه الصفات أو المشوقات للجنة من كونها بهذا الحجم الواسع عرضاً فكيف بالطول لأن العرض غالباً يكون أقل من الطول ،

__________________

(١) سورة آل عمران / آية : ١٣٣ ـ ١٣٤.

(٢) سورة آل عمران / آية : ١٥ ـ ١٦ ـ ١٧.

٥٤

ومن أن فيها الأشجار ، ومن تحت تلك الأشجار الأنهار الجارية وفيها أزواج ، وتلك الأزواج مطهرة من دم الحيض والنفاس ، ومن كل الأقذار والقبائح وبقية الصفات الذميمة.

تأتي كل هذه الصفات مطابقة لما تشتهيه النفس ، وما اعتادت على تذوقه في الدنيا من مناظر الأشجار والأنهار والنساء وأن ذلك غير زائل بل هو باقٍ وكل هذه الأمور محببة للنفس وقد استحقها المنفق جزاء تعاطفه وإنفاقه في سبيل الله ونيل مرضاته جلت عظمته.

أما الجزاء الروحي : فيتمثل بقوله تعالى في الآية الأولى :

( والله يحبُ المحسنين ) .

( ورضوانٌ من اللهِ ) .

رضا الله ومحبته له والتفاته وعطفه كل هذه غاية يتوخاها الإنسان يبذل بازائها كل غالٍ ونفيس ، وما أسعد الإنسان وهو يرى نفسه محبوباً لله سبحانه راضياً عنه.

على أن في الأخبار بالرضا والمحبة في آيتين تدرجاً ظاهراً وواضحاً فإن المحبة أمر أعمق من مجرد الرضا وواقع في النفس من ذلك.

وصحيح ان الإنسان يسعى جاهداً ويقوم بكل عبادة ليحصل على رضا الله ، ولكن محبة الله له هي معنى له تأثيره الخاص في النفس.

ان عباد الله المؤمنين يشعرون بهذه اللذة وهذه الراحة النفسية عندما يجد الفرد منهم أنه مورد عناية الله في توجهه إليه.

٥٥

الصورة الثانية من التشويق :

جعل المنفقين من المتقين أو المؤمنين

ويتحول القرآن الكريم إلى إعطاء صورة أخرى من صور التشويق للانفاق والبذل والعطاء فنراه يرفع من مكانة هؤلاء المحسنين ، ويجعلهم بمصاف النماذج الرفيعة من الذين اختارهم وهداهم إلى الطريق المستقيم.

ففي آية يعدّهم من أفراد المتقين ، وفي أخرى من المؤمنين ، وفي ثالثة يقرنهم بمقيم الصلاة ، والمواظبين عليها ، وهو تعبير يحمل بين جنباته بأن هؤلاء من المطيعين لله والمواظبين على امتثال أوامره يقول سبحانه عز وجل :

( ذلكَ الكتابُ لا ريبَ فيه هدىً للمُتّقينَ *الذينَ يؤمنونَ بالغيبِ ويقيمونَ الصّلاةَ وممّا رزقناهُم يُنفقونَ ) (١) .

ومن خلال هذه الآية نلمح صفة الإنفاق وما لها من الأهمية بحيث كانت إحدى الركائز الثلاثة التي توجب إطلاق صفة المتقي على الفرد.

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٢ ـ ٣.

٥٦

فمن هم المتقون ؟.

ويأتينا الجواب عبر الآية الكريمة بأنهم :

( الّذين يؤمنونَ بالغيبِ ويُقيمونَ الصلاةَ ومما رزقناهم يُنفقونَ ) .

( يُؤمنونَ بالغيبِ ) :

يؤمنون بما جاء من عند الله من أحكامه وتشريعاته وما يخبر به من المشاهد الآتية من القيامة والحساب والكتاب والجنة والنار وما يتعلق بذلك من مغيبات يؤمنون بها ، ولا يطلبون لمثل هذا الايمان مدركاً يرجع إلى الحس والنظر والمشاهدة بل تكفيهم هذه الثقة بالله وبما يعود له.

( ويقيمونَ الصلاة ) :

فمنهم في مقام اداء فرائضهم مواظبون ولا يتأخرون ويتوجهون بعملهم إلى الله يطلبون رضاه ، ولا يتجهون إلى غيره ، يعبدونه ولا يشركون معه أحداً ، وأداء الصلاة هو مثال الخضوع والعبودية بجميع الأفعال ، والأقوال. يقف الفرد في صلاته خاشعاً بين يدي الله ويركع ويسجد له ، ويضع أهم عضو في البدن وهو الجبهة على الأرض ليكون ذلك دليلاً على منتهى الإطاعة والخضوع ، ويرتل القرآن ليمجده ويحمده ويسبحه ويهلله فهي إذاً مجموعة أفعال وأقوال يرمز إلى الاذعان لعظمته ، والخضوع لقدرته وبذلك تشكل عبادة فريدة من نوعها لا تشبهها بقية العبادات.

( ومما رزقناهم ينفقون ) :

كل ذلك من الجوانب الروحية ، وأما من الجوانب المالية ،

٥٧

فإن المال لا يقف في طريق وصولهم إلى الهدف الذي يقصدونه من الاتصال بالله فهم ينفقون مما رزقناهم غير آبهين به ولا يخافون لومة لائم في السر والعلن ، وفي الليل والنهار كما حدّث القرآن الكريم في آيات أخرى مماثلة.

هؤلاء هم المنفقون الذين كات الإنفاق من جماة مميزاتهم ، وقد مدحهم الله جلت قدرته بقوله :

( أولئكَ على هدىً من ربّهم وأولئكَ هُمُ المُفلحونَ ) (١) .

( هدىً من ربهم ) :

بلى : هدى وبصيرة فلا يضلون ولا يعمهون في كل ما يعود إلى دينهم ودنياهم.( وأولئك هم المفلحون ) :

بكل شيء مفلحون في الدينا بما ينالهم من عزٍ ورفعة لأنهم خرجوا من ذل معصية الله إلى عز طاعته تماماً كما يقول الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« إذا أردت عز بلا عشيرة وهيبةً بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته »(٢) .

ومفلحون في الآخرة التي وعدهم بها كما جاء ذلك في آيات عديدة من كتابه الكريم.

ولم يقتصر الكتاب على هذه الآية في عد الانفاق من جملة صفات المتقين بل درج مع الذين ينفقون من المتقين حيث قال سبحانه :

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٥.

(٢) من كلماتهعليه‌السلام في نهج البلاغة.

٥٨

( وسارعُوا إلى مغفرةٍ مِن ربّكُم وَجنَّةً عرضُهَا السَمَاواتُ و الأرضُ أعِدَّتْ للمتّقينَ *الّذين يُنفقونَ في السّرّاءِ والضّرّاءِ والكاظمينَ الغيظَ والعافينَ عن النّاسِ واللهُ يُحبُّ المُحسنينَ ) (١) .

ومن خلال هذه الآية نرى الأهمية للإنفاق تبرز بتقديم المنفقين على غيرهم من الأصناف الذين ذكرتهم الآية والذين أعدت لهم الجنة من الكاظمين والعافين.

هؤلاء المنفقون الذين لا يفترون عن القيام بواجبهم الإجتماعي في حالتي اليسر والعسر في السراء والضراء يطلبون بذلك وجه الله والتقرب إلى ساحته المقدسة.

وعندما نراجع الآية الكريمة في قوله تعالى :

( الم *تلك آياتُ الكتابِ الحكيمِ *هدىً ورحمةً للمحسنينَ *الذينَ يقيمونَ الصّلاةَ ويؤتونَ الزّكاةَ وهم بالأخرةِ هُم يوقنونَ *أولئكَ على هدىً من ربّهِم وأولئكَ هُمُ المُفلحونَ ) (٢) .

نرى نفس الموضوع تكرره الآية هنا ، ولكن في الآية السابقة قالت عن المنفق بأنه من المتقين ، وهنا من المحسنين.

وفي الآية السابقة الانفاق بكل ما ينفق وهنا عن الانفاق بالزكاة ، فالنتيجة لا تختلف كثيراً ، والصورة هي الصورة نفسها إنفاق من العبد ، وتشويق من الله ، ومدح له بنفس ما مدح المتقي سابقاً.

__________________

(١) سورة آل عمران / آية : ١٣٣ ـ ١٣٤.

(٢) سورة لقمان / آية : ١ ـ ٥.

٥٩

والحديث في الآيتين عن المتقين والمحسنين ، ومن جملة صفاتهم الإنفاق وأداء ما عليهم من الواجب الإجتماعي المتمثل في الإنفاق التبرعي ، أو الإلزامي ، وقد قال عنهم في نهاية المطاف بنفس ما مدح به المتقين في الآية السابقة.

( أولئكَ على هدىً من ربّهم وأولئكَ هُمُ المفلحونَ ) (١) .

وفي وصف جديد في آية كريمة أخرى يصفهم الله بأنهم من المخبتين.

( وبشِّرِ المخبتينَ *الذين إذا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قلوبهم والصّابرينَ على ما أصابَهُم والمُقيمي الصّلاةِ وممّا رزقناهُم يُنفقونَ ) (٢) .

( والمخبتون ) هم المتواضعون لله المطمئنون إليه.

وعندما شرعت الآية بتعدادهم قالت عنهم :

( الذين إذا ذُكِرَ الله وجلتْ قلوبهُمْ ) .

انها النفوس المطمئنة التي إذا ذكر الله ، ـ وذكر الله هنا التخويف من عقابه وقدرته وسطوته ـ وجلت قلوبهم أي دخلها الخوف ولكنه خوف مشوب برجاء عطفه ورحمته.

ولا يأس معه من روح الله لأنه :

( لا يايئسُ من روحِ اللهِ إلا القومُ الكافرونَ ) (٣) .

__________________

(١) سورة لقمان / آية : ٥.

(٢) سورة الحج / آية : ٣٤ ، ٣٥.

(٣) سورة يوسف / آية : ٨٧.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب، قال: قد تم صومه ولا يقضيه "(١) .

١٩٠٢ - وروى حماد، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبوجعفر عليه السلام: " وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيته بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك، وتكف عن الطعام إن كنت قد أصبت منه شيئا ".

وكذلك روى زيد الشحام عن أبي عبدالله عليه السلام(٢) .

وبهذه الاخبار أفتي، ولا أفتي بالخبر الذي أوجب عليه القضاء لانه رواية سماعة بن مهران وكان واقفيا(٣) .

___________________________________

(١) قال في المدارك ص ٢٧٥: لا خلاف بين علمائنا ظاهرا في جواز الافطار عند ظن الغروب إذا لم يكن للظان طريق إلى العلم، وانما اختلفوا في وجوب القضاء وعدمه إذا انكشف فساد الظن، فذهب الشيخ في جملة من كتبه وابن بابوية في من لا يحضره الفقيه وجمع من الاصحاب إلى أنه غير واجب، وقال المفيد وأبوالصلاح بالوجوب واختاره المحقق في المعتبر والمعتمد الاول، ثم تمسك رحمه الله لمختاره بالروايات الاتية.

(٢) في التهذيب ج ١ ص ٤٢٨ عن أبى جميلة عن الشحام عن أبى عبدالله عليه السلام نحو حديث أبى الصباح الكنانى المتقدم.

(٢) في الكافى ج ٤ ص ١٠٠ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن عثمان ابن عيسى عن سماعة قال: " سألته عن قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فظنوا أنه ليل فأفطروا ثم ان السحاب انجلى فاذا الشمس، فقال: على الذى أفطر صيام ذلك اليوم، ان الله عزوجل يقول: " ثم أتموا الصيام إلى الليل " فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لانه أكل كتعمدا " ورواه العياشى عن أبى بصير في التفسير ج ١ ص ٨٢ فالطريق غير منحصر بسماعة.

وفى الكافى أيضا عن أبى بصير وسماعة.

وعلى أى حال نوقش في السند لاشتماله على محمد بن عيسى عن يونس وباشتراك أبى بصير بين الثقة والضعيف و قول المصنف " لانه رواية سماعة " يعنى من متفرداته أو المراد لا أعمل به عند التعارض والا فهو يروى عنه كثيرا، ويمكن حملها على الاستحباب جمعا وتوفيقا بين الادلة.

١٢١

باب الحد الذي يؤخذ فيه الصبيان بالصوم

١٩٠٣ - قال الصادق عليه السلام: " الصبي يؤخذ بالصيام إذا بلغ تسع سنين على قدر ما يطيقه، فإن أطاق إلى الظهر أو بعده صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع أو العطش أفطر "(١) .

١٩٠٤ - وروى عنه إسماعيل بن مسلم أنه قال: " إذا أطاق الغلام صوم ثلاثة أيام متتابعة فقد وجب عليه صيام شهر رمضان "(٢) .

١٩٠٥ - وسأله سماعة " عن الصبي متى يصوم؟ قال: إذا قوي على الصيام ".

١٩٠٦ - وفي رواية معاوية بن وهب قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام في كم يؤخذ الصبي بالصيام؟ قال: ما بينه وبين خمس عشرة سنة، أو أربع عشرة سنة(٣) ، فإن هو صام قبل ذلك فدعه، ولقد صام ابني فلان قبل ذلك فتركته ".

١٩٠٧ - وفي خبر آخر: " على الصبي إذا احتلم الصيام، وعلى المرأة إذا حاضت الصيام "(٤) .

وهذه الاخبار كلها متفقة المعاني، يؤخذ الصبي بالصيام إذا بلغ تسع سنين إلى أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة وإلى الاحتلام، وكذلك المرأة إلى الحيض، ووجوب الصوم عليهما بعد الاحتلام والحيض، وما قبل ذلك تأديب.

___________________________________

(١) روى نحوه الكلينى في الحسن كالصحيح عن الحلبى عنه عليه السلام.

(٢) حمل على تأكد الاستحباب وكأن المراد أنه يجب على وليه تكليفه بالصوم.

(٣) العائد في " بينه " يرجع إلى الصبى، يعنى وقت مؤاخذته بالصيام ووجوبه عليه بلوغه خمس عشرة سنة وأربع عشرة سنة وانما لم يعين أحدهما لاختلاف الصبيان في الحلم والاحتلام وكان أحدهما أقله والاخر أكثره. (الوافى)

(٤) أى الصيام الواجب الذى يعاقب بتركه. ورواه الشيخ ج ٢ ص ٤٤٤ من التهذيب بزيادة من حديث أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام.

١٢٢

باب الصوم للرؤية والفطر للرؤية

١٩٠٨ - روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا، وليس بالرأي والتظني(١) وليس الرؤية أن يقوم عشرة نفر ينظرون فيقول واحد منهم: هو ذا [هو ذا]، وينظر تسعة فلا يرونه، ولكن إذا رآه واحد رآه ألف ".

١٩٠٩ - وروى الفضل بن عثمان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال: " ليس على أهل القبة إلا الرؤية، [و] ليس على المسلمين إلا الرؤية "(٢) .

١٩١٠ - وفي رواية القاسم بن عروة، عن أبي العباس الفضل بن عبدالملك عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " الصوم للرؤية، والفطر للرؤية، وليس الرؤية أن يراه واحد ولا إثنان ولا خمسون"(٣) .

١٩١١ - وفي رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا رأيتم الهلال فأفطروا، أو شهد عليه عدل من المسلمين(٤) ، وإن لم تروا

___________________________________

(١) في الصحاح التظنى اعمال الظن، وأصله التظنن أبدل احدى النونات ياء.

(٢) الحصر اضافى بالنسبة إلى الجدول والحساب وأمثالها لا حقيقى فان الهلال يثبت بعدلين، ويمكن تصحيح كون الحصر حقيقيا بأن يكون المراد الحصر فيما ينتهى إلى الرؤية وشهادة العدلين انما يعتبر إذا استند إلى الرؤية لا إلى الجدول ومثله، ويحتمل أن المراد بالحصر أن الروية تكفى ولا تتوقف على الثبوت عند الحاكم على ما زعم بعض العامة فحينئذ لا يكون المراد أنه لا يثبت بشئ آخر بل لا يتوقف على شئ آخر فتأمل. (سلطان)

(٣) أى ليس المناط ذلك ولا يكفى مجرد رؤية هؤلاء ان لم يفد علما بالرؤية أو ظنا متآخما للعلم حيث لم يكونوا عدولا.

(٤) قوله " أو شهد عليه عدل من المسلمين " استدل به على الاكتفاء بالعدل الواحد وأجاب عنه العلامة رحمه الله في التذكرة بان لفظ العدل يصح اطلاقه على الواحد فما زاد لانه مصدر يطلق على القليل والكثير (الشيخ محمد) وقال سلطان العلماء: هذا مؤيد للمستدل على كفاية الواحد اذ صحة الاطلاق على الواحد يكفيه فعلى من ادعى الاثنين اثبات الزائد وكان مراد العلامة أن لنا دليلا على الزائد وهذا طريق الجمع انتهى.

أقول: الخبر في التهذيب ج ١ ص ٣٩٦ كما في المتن لكن رواه في الاستبصار ج ٢ ص ٦٤ وفيه " أو تشهد عليه بينة عدول من المسلمين " وعليه فلا مجال للاستدلال به للواحد.

١٢٣

الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام إلى الليل، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ليلة ثم افطروا ".

١٩١٢ - وفي رواية الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام: " ان عليا عليه السلام كان يقول: لا أجيز في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين ".

١٩١٣ - وسأله سماعة " عن اليوم في شهر رمضان يختلف فيه قال: " إذا اجتمع أهل المصر على صيامه للرؤية فاقضه إذا كان أهل المصر خمسمائة إنسان ".

١٩١٤ - وقال علي عليه السلام: " لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين"(١) .

١٩١٥ - وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام " عن الرجل يرى الهلال(٢) في شهر رمضان وحده لا يبصره غيره أله أن يصوم؟ قال: إذا لم يشك فليفطر(٣) ، وإلا فليصمه مع الناس ".

١٩١٦ - وروى محمد بن مرازم، عن أبيه عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا تطوق الهلال فهو لليلتين(٤) ، وإذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث ليال ".

___________________________________

(١) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٧٧ عن حماد بن عثمان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال على عليه السلام.

(٢) يعنى هلال شوال.

(٣) لانه كثيرا ما يخيل الانسان ورأى شعرة معلقة من حاجبه أو رأى غيمة هلالية محمرة زعم أنها هلال فبعد الدقة والتأمل ينكشف خطأه. وفى التهذيب " إذا لم يشك فليصم " فعليه المراد بالهلال هلال شهر رمضان.

(٤) نقل الاجماع على عدم اعتبار ذلك الا أن الشيخ في كتابى الاخبار حملها على ما إذا كان في السماء علة من غيم.

١٢٤

١٩١٧ - وروى حماد بن عيسى، عن إسماعيل بن الحر، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة، وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين ".

١٩١٨ - وقال الصادق عليه السلام: " إذا صح هلال رجب فعد تسعة وخمسين يوما وصم يوم الستين "(١) .

١٩١٩ - وقال عليه السلام: " إذا صمت شهر رمضان في العام الماضي في يوم معلوم فعد في العام المستقبل من ذلك اليوم خمسة أيام وصم يوم الخامس "(٢) .

١٩٢٠ - وروى أبان بن عثمان، عن عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " رجل أسرته الروم ولم يصح له شهر رمضان ولم يدر أي شهر هو؟ قال: يصوم شهرا يتوخى ويحسب فإن كان الشهر الذي صامه قبل شهر

___________________________________

(١) المشهور عدم اعتبار تلك الامور (المرآة) والخبر في الكافى ج ٣ ص ٧٧ رواه مرفوعا وحمل على ان المراد به استحباب صيام يوم الشك. (م ت)

(٢) مثلا إذا كان أول شهر رمضان يوم الاربعاء في سنة فهو في السنة التى بعدها يوم الاثنين لان السنة القمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وثلث يوم تقريبا أى ثمان ساعات وبضع دقايق فاذا قسمنا عدد الايام على السبعة وهو عدد أيام الاسبوع بقى أربعة فيكون أول شهر رمضان في السنة المتأخرة بعد مضى أربعة أيام من غرة شهد رمضان في السنة الماضية فيكون اليوم الخامس من شهر رمضان مع قطع النظر عن ثلث يوم هو كسر السنة، وهذا حساب صحيح حكى في الجواهر عن عجائب المخلوقات للقزوينى قال: قد امتحنوا ذلك خمسين سنة فكان صحيحا انتهى، وقد عمل بذلك أن غمت شهور السنة الشيخ رحمه الله في المبسوط والفاضل في المحكى عن جملة من كتبه، والشهيدان في الدروس والروضة، وفى المختلف أن المعتمد في ذلك العادة لا الرواية، واعترض عليه بمالا حاجة إلى ذكره هنا ولكن الحق أن العمل بهذا الحديث متعين مع غمة شهور السنة أو أكثرها اذلولا العمل به لزم عد كل شهر ثلاثين وهو مخالف للقطع واليقين، اذ لم يعهد في العادات توالى أكثر من ثلاثة أشهر تامة بل توالى الثلاثة أيضا قليل وأثبت المنجمون بالحساب أن غاية ما يتصور أن يكون تامة أربعة أشهر ولا يمكن أكثر من ذلك، وشرط الاستصحاب وكل حكم ظاهرى أن لا يكون القطع بخلافه واقعا بل الظن المتأخم للعام، وبالجملة فاليوم الخامس بعد السنة الماضية أقرب شئ إلى الحقيقة في الحساب والعادة والتجربة وقد وردت فيه الرواية فلا شبهة فيه ان شاء الله (ذلك من تحقيقات استادنا الشعرانى مد ظله ذكرها في هامش الوافى).

١٢٥

رمضان لم يجزئه، وإن كان بعد شهر رمضان أجزأه "(١) .

١٩٢١ - وسأله العيص بن القاسم " عن الهلال إذا رآه القوم جميعا فاتفقوا على أنه لليلتين أيجوز ذلك؟ قال: نعم "(٢) .

باب صوم يوم الشك

١٩٢٢ - " سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن اليوم المشكوك فيه، فقال: لئن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان "(٣) .

فيجوز أن يصام على أنه من شعبان فإن كان من شهر رمضان أجزأه، وإن كان من شعبان لم يضره، ومن صامه وهو شاك فيه فعليه قضاؤه وإن كان من شهر رمضان لانه لا يقبل شئ من الفرائض إلا باليقين، ولا يجوز أن ينوي من يصوم يوم الشك أنه من شهر رمضان.

١٩٢٣ - لان أمير المؤمنين عليه السلام قال: " لئن أفطر يوما من شهر رمضان

___________________________________

(١) ما تضمنه هذا الخبر من وجوب التوخى أى التحرى والسعى في تحصيل الظن والاجتزاء به مع الموافقة والتأخر ووجوب القضاء مع التقدم مقطوع به في كلام الاصحاب.

(٢) هذه الاخبار حملها في التهذيبين على ما إذا كانت السماء متغيمة ويكون فيها علة مانعة من الرؤية فيعتبر حينئذ في الليلة المستقبلة الغيبوبة والتطوق ورؤية الظل ونحوها دون أن تكون مصحية كما أن الشاهدين من خارج البلد (في خبر حبيب الخزاعى المروى في التهذيب) انما يعتبر مع العلة دون الصحو. (الوافى)

(٣) لعل اسم التفضيل هنا من قبيل قولهم: العسل أحلى من النحل.

والمراد بافطار يوم من شهر رمضان افطار يوم يكون واقعا منه وان لم يكن مكلفا بصومه، ويدل على رجحان صوم يوم الشك والمشهور استحباب صومه بنية الندب مطلقا. (المرآة)

١٢٦

أحب إلي من أن أصوم يوما من شعبان أزيده في شهر رمضان "(١) .

١٩٢٤ - وسأل بشير النبال أبا عبدالله عليه السلام " عن صوم يوم الشك فقال: صمه(٢) فإن كان من شعبان كان تطوعا، وإن كان من شهر رمضان فيوم وفقت له ".

١٩٢٥ - وسأله عبدالكريم بن عمرو فقال: " إني جعلت على نفسي أن أصوم حتى يقوم القائم عليه السلام، فقال: " لا تصم في السفر(٣) ، ولا في العيدين، ولا [في] أيام التشريق(٤) ولا اليوم الذي يشك فيه "(٥) .

ومن كان في بلد فيه سلطان فالصوم معه والفطر معه لان في خلافه دخولا في نهي الله عزوجل حيث يقول: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".

١٩٢٦ - وقد روي عن عيسى بن أبي منصور أنه قال: " كنت عند أبي عبدالله عليه السلام في اليوم الذي يشك فيه الناس فقال: يا غلام اذهب فانظر أصام الامير(٦) أم لا؟ فذهب ثم عاد فقال: لا، فدعا بالغداء فتغدينا معه ".

١٩٢٧ - وقال الصادق عليه السلام: " لو قلت: إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا ".

___________________________________

(١) قال في الوافى: " معنى الحديث السابق أن صيام يوم الشك بنية شعبان أحب إلى من افطاره وذلك لانه ان صامه بنية شعبان وكان في الواقع من شهر رمضان فكان قد أفطر يوما من شهر رمضان وصيام يوم من شهر شعبان خير من الافطار يوم من شهر رمضان، ومعنى الحديث الاخير أن افطار يوم الشك بنية شعبان إذا لم يعلم أنه من شهر رمضان أحب إلى من صيامه بنية أنه من شهر رمضان وذلك لان افطاره على تلك النية جائز مرخص فيه وصيامه على هذه النية بدعة منهى عنه فلا منافاة بين الحديثين بوجه ".

(٢) أى بنية الندب.

(٣) يدل على مرجوحية صوم النافلة في السفر.

(٤) يعنى إذا كانت بمعنى ناسكا.

(٥) حمل على الصوم بنية أنه من شهر رمضان.

(٦) في بعض النسخ " هل صام الامير ".

١٢٧

١٩٢٨ - وقال عليه السلام: " لا دين لمن لا تقية له "(١) .

١٩٢٩ - وروى عبدالعظيم بن عبدالله الحسني، عن سهل بن سعد قال: " سمعت الرضا عليه السلام يقول: الصوم للرؤية، والفطر للرؤية، وليس منا من صام قبل الرؤية للرؤية وأفطر قبل الرؤية للرؤية(٢) ، قال، قلت له: يا ابن رسول الله فما ترى في صوم يوم الشك؟ فقال: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لئن أصوم يوما من شهر شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من شهر رمضان ".

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: وهذا حديث غريب لا أعرفه إلا من طريق عبدالعظيم بن عبدالله الحسني المدفون بالري في مقابر الشجرة وكان مرضيا رضي الله عنه.

باب الرجل يسلم وقد مضى بعض شهر رمضان

١٩٣٠ - " سئل الصادق عليه السلام عن رجل أسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه من صيامه؟ فقال: ليس عليه أن يصوم إلا ما أسلم فيه، وليس عليه أن يقضي ما قد مضى منه "(٣) .

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٢ ص ٢١٧ في الحسن كالصحيح عن أبى عمر الاعجمى عنه عليه السلام في حديث.

(٢) أى لرؤية من لم يثبت الهلال برؤيته (مراد) وقوله: " للرؤية " في الموضعين ليس في بعض النسخ.

(٣) لا خلاف في سقوط القضاء عن الكافر بعد الاسلام والمراد الكافر الاصلى أما غيره كالمرتد ومن انتحل الاسلام من الفرق المحكوم بكفرها كالخوارج والغلاة فيجب عليهم القضاء قطعا، ولو استبصر المخالف وجب عليه قضاء ما فاته من العبادات دون ما أتى به سوى الزكاة. (المرآة)

١٢٨

١٩٣١ - وروى صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قوم أسلموا في رمضان وقد مضى منه أيام هل عليهم أن يصوموا ما مضى منه أو يومهم الذي أسلموا فيه؟ فقال: ليس عليهم قضاء ولا يومهم الذي أسلموا فيه إلا أن يكونوا أسلموا فيه قبل طلوع الفجر(١) ".

باب الوقت الذي يحل فيه الافطار وتجب فيه الصلاة

١٩٣٢ - روى عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا غاب القرص(٢) أفطر الصائم ودخل وقت الصلاة ".

وقال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي: يحل لك الافطار إذا بدت ثلاثة أنجم وهي تطلع مع غروب الشمس(٣) .

وهي رواية أبان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام(٤) .

١٩٣٣ - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " سئل عن الافطار قبل الصلاة أو بعدها؟ قال: إن كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم(٥) وإن

___________________________________

(١) هذا أحد القولين في المسألة ونقل عن الشيخ (ر ٠) قال في المبسوط: وجوب الصوم إذا كان الاسلام قبل الزوال وقواه في المعتبر (سلطان) وقال العلامة المجلسى: يدل على أنه إذا أسلم في أثناء النهار لا يجب عليه صوم ذلك اليوم وان كان قبل الزوال وهو المشهور بين الاصحاب وقالوا باستحباب الامساك بقية اليوم وقال الشيخ في المبسوط بوجوب الاداء إذا أسلم قبل الزوال ومع الاخلال به فالقضاء، وقواه في المختلف.

(٢) المراد بغيبوبة القرص ذهاب الحمرة.

(٣) الظاهر أنه من كلام المصنف رحمه الله ذكره لتقوية مذهبه.

(٤) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٤٢ باسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسين ابن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن وقت افطار الصائم، قال: حين يبدو ثلاثة أنجم الحديث ".

(٥) العشاء بالفتح الطعام الذى يؤكل في العشاء، يدل على استحباب تقديم الصلاة على الافطار الا مع الانتظار. (م ت)

١٢٩

كان غير ذلك فليصل ثم ليفطر ".

باب الوقت الذي يحرم فيه الاكل والشرب على الصائم وتحل فيه صلاة الغداة

١٩٣٤ - روى عاصم بن حميد، عن أبي بصير ليث المرادي قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام فقلت: متى يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر؟ فقال لي: إذا اعترض الفجر فكان كالقبطية(١) البيضاء فثم يحرم الطعام على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر قلت: أفلسنا في وقت إلى أن يطلع شعاع الشمس؟ قال: هيهات أن تذهب بك تلك صلاة الصبيان ".

١٩٣٥ - وروى أبوبصير(٢) ، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزوجل: " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر(٣) " فقال: نزلت في خوات بن جبير الانصاري(٤) وكان مع النبي صلى الله عليه وآله في الخندق وهو صائم وأمسى على تلك الحال وكانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام

___________________________________

(١) القبطية واحدة القباطى بفتح القاف ثياب رقاق من كتان تتخذ بمصر، وقد يضم لانهم يغيرون في النسبة (الصحاح) وقوله " اعترض الفجر " أى حصل البياض في عرض الافق وهو الصادق لا في طوله فانه الكاذب. (م ت)

(٢) هو أيضا ليث المرادى لما في الكافى عن ابن مسكان عنه.

(٣) مروى في الكافى ج ٤ ص ٩٨ وفيه في قول الله تعالى " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم الآية " فقال: نزلت في خوات بن جبير الانصارى " وهكذا في التهذيب.

(٤) خوات بتشديد الواو عده الشيخ في رجاله منم أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وأنه بدرى.

وفى اسد الغابة: خرج خوات بن جبير مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بدر فلما بلغ الصفراء أصاب ساقه حجر فرجع فضرب له رسول الله بسهمه، وقال ابن اسحاق: لم يشهد خوات بدرا ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله ضرب بسهمه مع أصحاب بدر. ومثله قال ابن الكلبى.

١٣٠

فجاء خوات إلى أهله حين أمسى فقال: عندك طعام؟ فقالوا: لا تنم(١) حتى نصنع لك طعاما فاتكى فنام، قالوا: قد فعلت؟ قال: نعم، فبات على تلك الحال وأصبح ثم غدا إلى الخندق فجعل يغشى عليه، فمر به رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رأى الذي به أخبره كيف كان أمره، فأنزل الله عزوجل: " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ".

١٩٣٦ - وسئل الصادق عليه السلام " عن الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر فقال: بياض النهار من سواد الليل"(٢) .

١٩٣٧ - وقال في خبر آخر: " وهو الفجر الذي لا شك فيه ".

١٩٣٨ - وسأله سماعة بن مهران " عن رجلين قاما فنظرا إلى الفجر فقال: أحدهما هو ذا، وقال الآخر: ما أرى شيئا، قال: فليأكل الذي لم يتبين له الفجر وليشرب لان الله عزوجل يقول: " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل " قال سماعة: وسألته عن رجل أكل وشرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان، فقال: إن كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل، ثم أعاد النظر فرأى الفجر فليتم صومه ولا إعادة عليه، وإن كان قام فأكل وشرب، ثم نظر إلى الفجر فرآه قد طلع فليتم صومه ذلك ويقضي يوما آخر، لانه بدأ بالاكل قبل النظر فعليه الاعادة ".

١٩٣٩ - وروى صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحرون في بيت فنظر إلى الفجر فناداهم أنه قد طلع [الفجر] فكف بعض وظن بعض أنه يسخر فأكل، فقال: يتم ويقضي "(٣) .

١٩٤٠ - وروى محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمار قال: " قلت لابي عبدالله

___________________________________

(١) في الكافى " لا، لا تنم ".

(٢) رواه الشيخ في التهذيب والكلينى ج ٤ ص ٩٨ بسند صحيح عن الحلبى عنه عليه السلام.

(٣) قيده بعض الاصحاب بما إذا لم يكن المخبر عدلين. (سلطان)

١٣١

عليه السلام: آمر الجارية لتنظر إلى الفجر فتقول: لم يطلع بعد، فآكل ثم أنظر فأجده قد كان طلع حين نظرت(١) قال: اقضه أما إنك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شئ".

باب حد المرض الذي يفطر صاحبه

١٩٤١ - روى ابن بكير، عن زرارة قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام ما حد المرض الذي يفطر فيه الصائم ويدع الصلاة من قيام؟ فقال: بل الانسان على نفسه بصيرة [و] هو أعلم بما يطيقه ".

١٩٤٢ - وروى جميل بن دراج(٢) ، عن الوليد بن صبيح قال: " حممت بالمدينة يوما في شهر رمضان، فبعث الي أبوعبدالله عليه السلام بقصعة فيها خل وزيت، وقال لي: أفطر وصل وأنت قاعد ".

١٩٤٣ - وروى بكر بن محمد الازدي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سأله أبي و أنا أسمع عن حد المرض الذي يترك الانسان فيه الصوم، قال: إذا لم يستطع أن يتسحر "(٣) .

١٩٤٤ - وروى سليمان بن عمرو عن أبي عبدالله عليه السالم قال: " اشتكت أم سلمة رضي الله عنها عينها في شهر رمضان فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تفطر وقال: عشاء الليل لعينيك ردي "(٤) .

١٩٤٥ - وفي رواية حريز عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " الصائم إذا خاف على

___________________________________

(١) يعنى حين نظرت الجارية.

(٢) الطريق اليه صحيح، وفى الكافى حسن كالصحيح.

(٣) أى من شدة المرض، ونقل العلامة المجلسى عن والده رحمهما الله قال: المراد به انه لم يستطع أن يشرب الدواء في السحر ويصوم فليفطر.

(٤) أى مضر.

١٣٢

عينيه من الرمد أفطر ".

١٩٤٦ - وقال عليه السلام: " كلما أضر به الصوم فالافطار له واجب ".

باب ما جاء فيمن يضعف عن الصيام من شيخ أو شاب أو حامل أو مرضع

١٩٤٧ - روى العلاء، عن محمد بن مسلم قال: " سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الشيخ الكبير والذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام ولا قضاء عليهما، فإن لم يقدرا فلا شئ شئ عليهما "(١) .

١٩٤٨ - وروى عمار بن موسى عن أبي عبدالله عليه السلام " في الرجل يصيبه العطش حتى يخاف على نفسه، قال: يشرب بقدر ما يمسك رمقه، ولا يشرب حتى يروي "(٢) .

١٩٤٩ - وفي رواية ابن بكير أنه " سئل الصادق عليه السلام عن قول الله عزوجل:

___________________________________

(١) أى لم يقدرا على التصدق.

ويحتمل أن المراد أنه ان لم يقدرا على الصوم أى أصلا حتى مع المشقة فلا شئ عليهما من الكفارة والاثم بترك الصوم، فيكون المراد في أول الكلام من يقدر على الصوم لكن بمشقة ويؤيده لفظة " لا حرج " فانه مع عدم القدرة أصلا يجب الافطار فلا يلائمه نفى الحرج (سلطان) وظاهر الحديث الاكتفاء بالمد كما ذهب اليه جماعة، وذهب الشيخ في النهاية على المحكى إلى وجوب مدين فان لم يقدر فمد لما في بعض الاخبار، وربما حمل المدين على الاستحباب.

(٢) قال في المدارك: هل يجب على ذى العطاش الاقتصار من الشرب على ما تندفع به الضرورة أم يجوز له التملى من الشراب وغيره؟ قيل بالاول لرواية عمار وقيل بالثانى وهو خيرة الاكثر لاطلاق سائر الاخبار، ولا ريب أن الاول أحوط انتهى.

وقال العلامة المجلسى رحمه الله ظاهر رواية عمار أنها فيمن أصابه العطش اتفاقا من غير أن تكون له علة مقتضية له مستمرة وظاهر أخبار الفدية أنها وردت في صاحب العلة فلا يبعد أن يكون حكم الاول جواز الشرب بقدر سد الرمق والقضاء بدون فدية، وحكم الثانى وجوب الفدية وسقوط القضاء وعدم وجوب الاقتصار على سد الرمق.

١٣٣

" وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " قال: على الذين كانوا يطيقون الصوم ثم أصابهم كبر أو عطاش أو شبه ذلك فعليهم لكل يوم مد ".

١٩٥٠ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سمعته يقول: الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان لانهما لا تطيقان الصوم، وعليهما أن تتصدق كل واحدة منهما في كل يوم تفطر فيه بمد من طعام وعليهما قضاء كل يوم أفطرا فيه ثم تقضيانه بعد ".

١٩٥١ - وسأل عبدالملك بن عتبة الهاشمي أبا الحسن عليه السلام " عن الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة التي تضعف عن الصوم في شهر رمضان، قال: يتصدق عن كل يوم بمد من حنطة ".

باب ثواب من فطر صائما

١٩٥٢ - روى أبوالصباح الكناني عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من فطر صائما فله أجر مثله".

١٩٥٣ - وقال الصادق عليه السلام: " دخل سدير على أبي عليه السلام في شهر رمضان فقال له: يا سدير هل تدري أي ليال هذه؟ فقال له: نعم جعلت فداك إن هذه ليالي شهر رمضان فما ذاك؟ فقال له أبي: أتقدر على أن تعتق كل ليلة من هذه الليالي عشر رقاب من ولد إسماعيل؟ فقال له سدير: بأبي أنت وأمي لا يبلغ مالي ذاك، فما زال ينقص حتى بلغ به رقبة واحدة، في كل ذلك يقول: لا أقدر عليه، فقال له: أفما تقدر أن تفطر في كل ليلة رجلا مسلما؟ فقال له: بلى وعشرة، فقال له أبي عليه السلام: فذاك الذي أردت، يا سدير إن إفطارك أخاك المسلم يعدل عتق رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام ".

١٩٥٤ - وروى موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: " تفطيرك أخاك الصائم أفضل من صيامك ".

١٩٥٥ - و " كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة

١٣٤

فتذبح وتقطع أعضاؤه وتطبخ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق وهو صائم، ثم يقول: هاتوا القصاع(١) اغرفوا لآل فلان، اغرفوا لآل فلان، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاؤه "(٢) .

١٩٥٦ - وقال النبي صلى الله عليه وآله(٣) " من فطر في هذا الشهر مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عزوجل عتق رقبة ومغفرة لما مضى من ذنوبه، فقيل له: يا رسول الله ليس كلنا نقدر على أن نفطر صائما، فقال: إن الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثواب منكم من لم يقدر إلا على مذقة(٤) من لبن يفطر بها صائما، أو شربة من ماء عذب، أو تميرات لا يقدر على أكثر من ذلك ".

باب ثواب السحور

١٩٥٧ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " السحور بركة، وقال صلى الله عليه وآله: لا تدع أمتي السحور ولو على حشفة تمر "(٥)

١٩٥٨ - وسأل سماعة أبا عبدالله عليه السلام " عن السحور لمن أراد الصوم، فقال: أما في شهر رمضان فإن الفضل في السحور ولو بشربة من ماء، وأما في التطوع فمن أحب أن يتسحر فليفعل: ومن لم يفعل فلا بأس ".

___________________________________

(١) القصاع: جمع قصعة وهى الظرف الذى يؤكل فيه.

(٢) العشاء بالفتح والمد الطعام الذى يؤكل بالعشى.

(٣) جزء من الخطبة التى خطبها صلى الله عليه وآله في آخر جمعة من شعبان.

(٤) المذق: اللبن الممزوج بالماء ومميه أصلية.

(٥) السحور بالفتح: ما يتسحر به من الطعام والشراب. وفى الكافى عن على عن أبيه، عن النوفلى عن السكونى، عن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: " قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: السحور بركة، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تدع أمتى السحور ولو على حشفة ".

والتاء للوحدة. والحشف: أردى التمر واليابس الفاسد منه. (النهاية)

١٣٥

١٩٥٩ - وسأله أبوبصير " عن السحور لمن أراد الصوم(١) أواجب هو عليه؟ فقال: لا بأس بأن لا يتسحر إن شاء، فأما في شهر رمضان فإنه أفضل أن يتسحر، أحب(٢) أن لا يترك في شهر رمضان ".

١٩٦٠ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " تعاونوا بأكل السحور على صيام النهار، وبالنوم عند القيلولة على قيام الليل".

١٩٦١ - وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إن الله تبارك وتعالى وملائكته يصلون على المستغفرين والمتسحرين بالاسحار فليتسحر أحدكم ولو بشربة من ماء ".

وأفضل السحور السويق والتمر(٣) ، ومطلق لك الطعام والشراب إلى أن تستيقن طلوع الفجر(٥) .

١٩٦٢ - وسأل رجل الصادق عليه السلام فقال: " آكل وأنا أشك في الفجر؟ فقال: كل حتى لا تشك ".

١٩٦٣ - وقال عليه السلام: " لو أن الناس تسحروا ثم لم يفطروا إلا على الماء لقدروا على أن يصوموا الدهر ".

باب الرجل يتطوع بالصيام وعليه شئ من الفرض

وردت الاخبار والآثار عن الائمة عليهم السلام أنه لا يجوز أن يتطوع الرجل بالصيام وعليه شئ من الفرض، وممن روى ذلك الحلبي وأبوالصباح الكناني عن أبي عبدالله عليه السلام(٥) .

___________________________________

(١) كذا في بعض النسخ والكافى وفى أكثرها " في أداء الصوم ".

(٢) في الكافى ج ٤ ص ٨٦ " نحب " كما هو نسخة في بعض النسخ.

(٣) رواه حفص بن البخترى عن الصادق عليه السلام في التهذيب ج ١ ص ٤٠٨.

(٤) كما في قوله تعالى " فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر".

(٥) في الكافى ج ٤ ص ١٢٥ عن على بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن حماد، عن الحلبى، قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أيتطوع؟ فقال: لا حتى يقضى ما عليه من شهر رمضان ".

وعن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد، عن محمد بن اسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن أبى الصباح الكنانى قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل عليه من شهر رمضان أيام أيتطوع؟ فقال: لا حتى يقضى ما عليه من شهر رمضان " ورواهما الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٣٠.

١٣٦

باب الصلاة في شهر رمضان

١٩٦٤ - سأل زرارة، ومحمد بن مسلم، والفضيل أبا جعفر الباقر وأبا عبدالله الصادق عليهما السلام " عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل جماعة، فقالا:(١) إن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله ثم يخرج من آخر الليل إلى المسجد فيقوم فيصلي، فخرج في أول ليلة من شهر رمضان ليصلي كما كان يصلي فاصطف الناس خلفه فهرب منهم إلى بيته وتركهم ففعلوا ذلك ثلاث ليال، فقام صلى الله عليه وآله في اليوم الثالث(٢) على منبره فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة، وصلاة الضحى بدعة، ألا فلا تجتمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل، ولا تصلوا صلاة الضحى فإن تلك معصية، ألا فإن كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة سبيلها إلى النار، ثم نزل صلى الله عليه وآله وهو يقول: قليل في سنة خير من كثير في بدعة ".

١٩٦٥ - وروى ابن مسكان، عن الحلبي قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الصلاة في شهر رمضان، فقال: ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الصبح قبل الفجر كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي، وأنا كذلك أصلي، ولو كان خيرا لم يتركه رسول الله صلى لله عليه وآله ".

١٩٦٦ - وروى عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن الصلاة في شهر رمضان فقال: ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتان

___________________________________

(١) في بعض النسخ " فقالا: لا " وجعل " لا " نسخة.

(٢) في بعض النسخ " في اليوم الرابع ".

١٣٧

قبل صلاة الفجر ولو كان فضلا كان رسول الله صلى الله عليه وآله أعمل به وأحق ".(١) وممن روى الزيادة في التطوع في شهر رمضان زرعة عن سماعة وهما واقفيان(٢) .

١٩٦٧ - قال(٣) : " سألته عن شهر رمضان كم يصلى فيه؟ قال: كما يصلى في غيره إلا أن لشهر رمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي للعبد أن يزيد في تطوعه، فإن أحب وقوي على ذلك أن يزيد في أول الشهر إلى عشرين ليلة كل ليلة عشرين ركعة سوى ما كان يصلي قبل ذلك، يصلي من هذه العشرين اثنتي عشرة ركعة بين المغرب والعتمة، وثمان ركعات بعد العتمة، ثم يصلي صلاة الليل التي كان يصليها قبل ذلك ثمان والوتر ثلاث يصلي ركعتين ويسلم فيهما ثم يقوم فيصلي واحدة، فيقنت فيها فهذا الوتر، ثم يصلي ركعتي الفجر حتى ينشق الفجر فهذه ثلاث عشرة ركعة، فإذا بقي من شهر رمضان عشر ليال فليصل ثلاثين ركعة في كل ليلة سوى هذه الثلاث عشرة يصلي منها بين المغرب والعشاء اثنتين وعشرين ركعة وثمان ركعات بعد العتمة، ثم يصلي صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة كما وصفت لك.

وفي ليلة إحدى و عشرين وثلاث وعشرين يصلي في كل واحدة منهما إذا قوي على ذلك مائة ركعة سوى هذه الثلاث عشرة ركعة، وليسهر فيهما حتى يصبح فإن ذلك يستحب أن يكون في

___________________________________

(١) ظاهر هذه الاخبار نفى الصلاة رأسا وحملت على الجماعة للخبر المتقدم وأمثاله ولوجودها في الاخبار الكثيرة البالغة حد التواتر، ويمكن حمل أخبار النفى اما على نفى السنة وأخبار الاثبات على التطوع فان السنة لا تترك من النبى والائمة عليهم السلام والتطوع قد يترك، كما قاله المولى المجلسى رحمه الله وأما احاديث الاثبات فتحمل على التقية كما قاله بعض المحققين.

واجيب عن رواية عبدالله بن سنان بتجوير أن يكون السؤال وقع عن النوافل الراتبة هل تزيد في شهر رمضان أم لا.

(٢) في شرعية الزيادة روايات كثيرة كرواية أبى خديجة، ومحمد بن يحيى، وأبى بصير، وعبيد بن زرارة وجميل بن صالح جميعا عن أبى عبدالله عليه السلام. (الذكرى)

(٣) يعنى سماعة كما هو الظاهر.

١٣٨

صلاة ودعاء وتضرع فإنه يرجى أن يكون ليلة القدر في إحديهما ".

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: إنما أوردت هذا الخبر في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله ليعلم الناظر في كتابي هذا كيف يروي ومن رواه وليعلم من اعتقادي فيه أني لا أرى بأسا باستعماله.

باب ما جاء في كراهية السفر في شهر رمضان

١٩٦٨ - روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الخروج إذا دخل شهر رمضان، فقال: لا إلا فيما اخبرك به: خروج إلى مكة، أو غزو في سبيل الله عزوجل، أو مال تخاف هلاكه، أو أخ تخاف هلاكه وإنه ليس بأخ من الاب والام "(١) .

١٩٦٩ - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحا(٢) ثم يبدو له بعد ما يدخل شهر رمضان أن يسافر فسكت، فسألته غير مرة، فقال: يقيم أفضل إلا أن يكون له حاجة لابد له من الخروج فيها، أو يتخوف على ماله ".

قال مصنف هذا الكتاب أسكنه الله جنته: فالنهي عن الخروج في السفر في شهر رمضان نهي كراهية لا نهي تحريم، والفضل في المقام لئلا يقصر في الصيام.

١٩٧٠ - وقد روى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل " عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم وقد مضى منه أيام، فقال: لا بأس

___________________________________

(١) يعنى أن مرادى من الاخ من كان مؤمنا لا الاخ النسبى.

(٢) البراح بالفتح: المتسع من الارض التى لا زرع فيها ولا نبات، والبراح أيضا مصدر قولك: برح مكانه أى زال عنه وصار في البراح (الصحاح) ويمكن أن يقرأ " نزاحا " بالنون والزاى المعجمة كما في بعض نسخ الكافى من قولهم نزح بفلان إذا بعد عن دياره غيبة بعيدة.

١٣٩

بأن يسافر ويفطر ولا يصوم(١) ".

وقد روى ذلك أبان بن عثمان عن الصادق عليه السلام.

١٩٧١ - وسئل الصادق عليه السلام(٢) " عن الرجل يخرج يشيع أخاه مسيرة يومين أو ثلاثة، فقال: إن كان في شهر رمضان فليفطر، فسئل أيهما أفضل [يقيم و] يصوم أو يشيعه؟ قال: يشيعه إن الله عزوجل وضع الصوم عنه إذا شيعه".

١٩٧٢ - وروى الوشاء، عن حماد بن عثمان قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رجل من أصحابي قد جاء‌ني خبره من الاعوص(٣) وذلك في شهر رمضان أتلقاه(٤) وأفطر؟ قال: نعم، قلت: أتلقاه وأفطر او أقيم وأصوم؟ قال: تلقاه وأفطر ".

باب وجوب التقصير في الصوم في السفر

١٩٧٣ - روى يحيى بن أبي العلاء عن عبدالله عليه السلام قال: " الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر، ثم قال: إن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أصوم شهر رمضان في السفر؟ فقال: لا، فقال: يا رسول الله إنه علي يسير، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى تصدق على مرضى أمتي ومسافريها بالافطار في شهر رمضان، أيحب أحدكم إذا تصدق بصدقة أن ترد عليه ".

___________________________________

(١) يمكن الجواب عنه بأنه يشعر بضرورة السفر ومحل الخلاف السفر الاختيارى.(سلطان)

(٢) الظاهر أن السائل محمد بن مسلم كما يظهر من الكافى ج ٤ ص ١٢٩.

(٣) في المراصد: " أعوص بفتح الواو والصاد المهملة: موضع قرب المدينة على أميال منها يسيرة، وأعوص واد في ديار باهلة لبنى حصن ويقال الاعوصين ": ونسخة في الجميع " الاعراض" وأعراض الحجاز: رساتيقة.

(٤) الهمزة للمتكلم والاصل " تتلقاه " فحذفت احدى التائين والكلام مسوق على وجه الاستفهام.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640