من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266291 / تحميل: 8469
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

عن أي شيء يكشف هذا؟ انه يكشف عن أن عقل المؤلف قد تكون في مناخ غير عربي، ويبرر لنا القول بأن المؤلف ليس مؤهلاً للكتابة عن نقد الفكر الديني الإسلامي.

وهو غير متمكن من لغة القرآن وأساليبه البلاغية. ودليلي على ذلك كثير من الشواهد الصغيرة التي مرت عليّ في كتابه، ودليلي الكبير على ذلك بحثه عن المكر الإلهي، موضوع حديثنا الآن. إن القرآن ليس كلاماً بسيطاً عادياً ليمكن تناوله وفهمه ببساطة وكأننا نتحدث مع بعضنا، أو كأننا نقرأ جريدة. إن القرآن عند المؤمن به وحي إلهي معجز في بلاغته، وعند غير المؤمن به كلام يعتبر نموذجاً أعلى اللبلاغة العربية، ولذا فلا بد - لأجل فهمه بشكل صحيح - من الاحاطة التامة بقواعد البلاغة العربية، وأساليب البيان العربي. إن أي أُستاذ للأدب لا يجرؤ على تناول نص أدبي عادي بالنقد ما لم يتخذ له أهبته، ويستعد له بما يلزمه من معرفة، فكيف بالمؤلف وهو يتناول النصوص القرآنية دون أن يملك الأداة الي تجعله قادراً على فهمها بصورة صحيحة.

وثمة شيء أساسي اخر يجب أن يتحلى به الباحث - ناقداً كان أو غير ناقد - عندما يتناول نصاً من النصوص، وهو الأمانة الفكرية: يجب أن يعرض النص بتمامه ليحيط بجميع عناصره، ويفهم جميع علاقاته الداخلية، وبذلك يستطيع أن يكوّن عنه فكرة صحيحة أو مقاربة. أما أن يبتر النص، ويختار منه المقطع الذي يؤيد هواه، فهذا ليس من الأمانة الفكرية في شيء. انه أحق أن يسمى تزويراً فكرياً. وسنرى في هذا الحديث أن الأمانة الفكرية كانت عنصراً مفقوداً عند المؤلف - ربما بسبب عدم تمكنه من لغة القرآن وأساليبه البلاغية - فإنه في نقله للآيات

١٢١

القرآنية التي جعلها شواهد على «اكتشافه» للمكر الإلهي، لم ينقل النصوص كاملة، وإنما وقع اختياره منها على مقاطع معينة توهم انها تؤيد هواه ونظريته، وعزلها عن علاقاتها بغيرها من المقاطع الأُخرى في النص الذي تناول الواقعة.

- ٢ -

لقد وردت مشتقات مادة (م ك ر) في ست وعشرين آية من القرآن، وذلك في السور التالية:

«آل عمران. الأنعام. الأعراف. الأنفال. يونس. يوسف. الرعد. إبراهيم. النحل. النمل. المؤمن. نوح. فاطر. سبأ».

ومشتقات هذه المادة ليست مضافة إلى اللّه تعالى في جميع مواردها، وإنما هي مضافة إلى اللّه بشكل أو بآخر في ست آيات فقط، وهي الآيات التالية:

١ - في شأن عيسىعليه‌السلام ، وإرساله إلى بني إسرائيل، ودعوته لهم إلى الايمان، وكفرهم به:( ... وَمَكَرُوا، وَمَكَرَ اللّه، واللّه خَيرُ الماكرِين ) (١) .

٢ - في شأن أهل القرى: ابتداءً من الآية (٥٩ - ٦٤ - أعراف)

____________________

(١) سورة الأعراف ٥٥٤.

١٢٢

ذكر اللّه طرفاً من قصة نوح مع قومه، وكفرهم به وعقابهم. وفي الآيات (٦٥ - ٧٢) ذكر اللّه طرفاً من قصة النبي هود مع قومه عاد، وكفرهم به، وعقابهم وفي الآيات (٧٣ - ٧٩) ذكر اللّه قصة النبي صالح مع قومه ثمود وكفرهم به. وفي الآيات (٨٠ - ٨٤) ذكر اللّه طرفاً من قصة النبي لوط مع قومه وكفرهم به وعقابهم. وفي الآيات (٨٥ - ٩٣) ذكر اللّه طرفاً من قصة النبي شعيب مع قومه، وانقسامهم بين الكفر والايمان، وعقاب الكافرين منهم. وفي الآيتين (٩٤ - ٩٥) ذكر اللّه قاعدة عامة في الرسل والانبياء مع أقوامهم، وكيف يربي اللّه الانسان ليعي ويؤمن، ثم بعد هذا البيان عن أهل القرى، قال اللّه تعالى:

( وَلَوَ أنّ أهلَ القُرى آمَنُوا وَاتقّوا لَفَتَحَنا عَليَهم بَرَكاتٍ منَ السّمَاءِ والأرضِ، وَلكَن كَذّبُوا فَأخذنَاهُم بمَا كَانُوا يَكسبون. أفَأمنَ أهلُ القُرى أن يأتيهُم بأسُنَا بَيَاتاً وَهُم نَائمون؟ أَوَ أمِنَ أهلُ القُرى أن يَأتيَهُم بأسُنا ضُحىً وَهُم يَلعَبُون؟ أفَأمنُوا مَكرَ اللّه؟ فَلا يأمَنُ مَكرَ اللّه إلا القَومُ الخَاسروُن ) (١) .

٣ - في قوم ثمود ونبيهم صالح، ودعوته لهم إلى الايمان وكفرهم به وتآمرهم على قتله:

( ... وَمكرَوُا مَكراً، وَمَكَرنا مَكراً وَهُم

____________________

(١) سورة الاعراف الآية ٩٦ - ٩٩.

١٢٣

لا يَشعُرونَ. فَانظُركَيفَ كَانَ عَاقبةُ مَكرهم أنّا دَمّرناهم وَقَومَهم أجمَعين ) (١) .

٤ - في شأن النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وقريش، وتآمرهم عليه، ونجاته منهم بالهجرة إلى المدينة:( وإذ يمَكُرُ بكَ الّذيِنَ كَفَروا ليثبتُوك أو يَقتُلُوكَ أو يُخرجُوكَ، وَيمَكُرونَ وَيَمكُر اللّه، واللّه خَيرُ المَاكرين ) (٢) .

٥ - ابتداءً من أول سورة يونس يعرض اللّه تعالى صوراً من مواقف المشركين من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والقرآن ويذكِّر المشركين بما حدث لأسلافهم من مكذبي الرسالات، ويسفه وثنيتهم، ويذكر طلبهم للمعجزات، ثم يقول تعالى:( وَإذا أذَقنَا النّاسَ رحمَةً من بَعدِ ضَرّاء مَسّتهُم إذَا لَهُم مَكر في آياتنَا قُلِ اللّه أسرَعُ مَكراً، إنّ رُسُلَنَا يَكتُبُونَ مَا تمكُرون ) (٣) .

٦ - بعد أن ذكر اللّه في اول السورة الدلائل الكونية على وجوده وقدرته، وسَّفه افكار الملحدين للحياة الاخرة، واستعجالهم للعذاب مع علمهم بما حدث لمن قبلهم من الامم المشركة، وطلبهم للمعجزات، ثم يذكر الآيات الكونية الدالة على وجوده وقدرته وحكمته وصوراً عن مواقف المؤمنين باللّه، وصورة عن موقف المشركين وعاقبتهم( أولئِكَ

____________________

(١) سورة النحل الآية ٥٠ - ٥١.

(٢) سورة الانفال الآية ٣٠.

(٣) سورة يونس الآية ٢١.

١٢٤

لَهُمُ اللّعنَةُ وَلَهُم سُوء الدّار ) ثم يذكر طلبهم للمعجزة، ثم يذكر المؤمنين، ويذكر استهزاء الامم السابقة بانبيائها، وكيف «زُيّنَ للّذينَ كَفَرُوا مَكرهُم». والجنة وعد بها المتقون، والقرآن، والرسل السابقين، ثم يقول تعالى:

( وَقَدَ مَكَرَ الذينَ من قبَلهم فَللّهِ المكرُ جَميعاً، يَعلَمُ مَا تَكسِبُ كُلّ نَفسٍ، وَسَيَعلمُ الكُفّار لمن عُقبَى الدّار ) (١) .

***

هذه هي الآيات التي ورد فيها المكر منسوباً إلى اللّه تعالى. أما الآيات الاخرى التي وردت فيها صفة الاستهزاء والمخادعة منسوبتين إلى اللّه فموعدنا معها بعد الحديث عن «المكر الإلهي». فلنحاول الآن أن نفهم كيف ينسب اللّه المكر إلى نفسه، وما المراد من ذلك؟.

- ٣ -

إن المكر من العبد هو الحيلة والخديعة. والمكر من اللّه هو المجازاة والعقوبة على الذنب. والتعبير عن المجازاة والعقوبة على الذنب في هذه الموارد بلفظ «المكر» مظهر من مظاهر البلاغة العربية. وهذا النحو من البيان يسمى في البلاغة العربية «المشاكلة» و«المجانسة» وذلك

____________________

(١) سورة الرعد الآية ٤٢.

١٢٥

بان يذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته. وهو كثير الورود في الشعر الجاهلي من ذلك قول يزيد بن نوفل الكلابي مخاطباً الحارث بن ابي شمر الغساني وكان قد اغتصب ابنة الشاعر فخاطبه بقصيدة منها:

يا حار أيقن أن ملكك زائل

واعلم بأن كما تدين تدان(١)

والدين هنا هو الجزاء، ومعنى البيت (كما تجزي تجزى) مع أن فعل الحارث الغساني مع الشاعر ليس بجزاء، وانما هو عدوان، ولكن الشاعر عبر عن العدوان والجزاء بمادة واحدة. تدين تدان.

ومن ذلك قول المنخل اليشكري:

ألا لا يجهلن أحد علينا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

فعبر عن الجزاء على الجهالة بالجهالة، مع أن مراده من قوله «فنجهل..» ليس جهالة العدوان وإنما الجزاء على العدوان.

وقد ورد كثير من ذلك في شعر ما بعد الاسلام أيضاً.

وورد هذا النحو من البيان في القرآن في عدة مواضع.

منها قوله تعالى:...( تَعلَمُ مَا في نَفسي وَلا أعلَمُ مَا في نَفسك ) (٢) . والمراد: ولا أعلم ما عندك، وعبر بالنفس للمشاكلة، وإلا فليس للّه نفس.

____________________

(١) لسان العرب: مادة «دان».

(٢) سورة المائدة الآية ١٩.

١٢٦

ومنها قوله تعالى:( نَسُوا اللّه فَأنسَاهُم أَنفُسَهم ) (١) . والمراد من «أَنساهم أنفسهم» أهملهم، وعبر عن الاهمال بالانساء لوقوعه في صحبته مراعاة للمشاكلة والمجانسة.

ومنها قوله تعالى:( فَمَنِ اعتَدى عَلَيكُم فَاعتدُوا عَلَيه بمثلِ ما اعتَدى عَلَيكُم ) (٢) . فعبر في هذه الآية بالاعتداء عن الجزاء على الاعتداء مراعاة للمشاكلة.

ومنها قوله تعالى:( وَجَزاءُ سَيّئةٍ سَيّئةٌ مثلُها ) (٣) . فعبر عن جزاء السيئة بالسيئة أيضاً.

ومنها قوله تعالى:( وإن عَاقَبتُم فَعَاقبُوا بمثلِ مَا عُوقبم به ) (٤) فعبر عن الجزاء على الاعتداء بالعقوبة كما عبر عن الاعتداء نفسه بالعقوبة.

ومن ذلك الآيات التي ورد فيها نسبة المكر إلى اللّه تعالى، ففي جميع هذه الآيات يأتي المكر منسوباً إلى اللّه في مقابل مكر الكافرين، وكفرهم وجحودهم، فهو تعبير عن الجزاء والعقاب الذي أنزله اللّه بهم لمكرهم، بل هو النتيجة الطبيعة لمكرهم واحتيالهم وخداعهم، واستعمل في هذه الآيات لفظ المكر للمشاكلة والمجانسة.

والآن نستعرض كل واحدة من الآيات الست التي ذكرناها ونحللها لنكشف بوضوح عن هذا المعني.

____________________

(١) سورة الحشر الآية ١٩ -

(٢) سورة البقرة الآية ١٩٤.

(٣) سورة الشورى الآية ٤٠.

(٤) سورة النحل الآية ١٢٦.

١٢٧

- ٤ -

الآية الأُولى:

( ...وَمَكَروا، وَمَكَرَ اللّه، واللّه خَيرُ المَاكرين )

تتحدث الآية عن اليهود الذين كفروا بعيسىعليه‌السلام ، فقد مكروا على عيسىعليه‌السلام بالحيلة لقتله، وجازاهم اللّه على مكروا بالخيبة والخذلان، إذ خلصه منهم وألقى شبهه على شخص اخر. أو أنهم مكروا بالكفر برسالة عيسى والانكار لنبوته فجازاهم اللّه على ذلك بالعقوبة والخذلان.

الآية الثانية:

بينا انفاً طبيعة الجو الذي وردت فيه الآية ومن الواضح أن اسناد المكر إلى اللّه في الآية الأخيرة هو بمعنى المجازاة لأهل القرى على مكرهم وكفرهم وجحودهم، وليس المكر فيها بالمعنى الذي ينسب إلى البشر، وعلى القارئ أن يرجع إلى عرضنا للآية في نطاق جوَّها القرآني ليتبين هذه الحقيقة بوضوح تام.

الآية الثالثة:

وقعت هذه الآية في عرض القرآن لقصة ثمود، وبغيهم، وكفرهم. فبعد أن بين اللّه في الآيات (٤٥ - ٤٩) انشقاقهم القبلي، ودعوة النبي صالح لهم إلى الايمان، وردهم عليه، ذكر اللّه تعالى أن القوى المسيطرة في ذلك المجتمع تامرت على صالح وأهله:

١٢٨

( ... وَكانِ في المَدينةِ تسعَةُ رَهطٍ يُفسدُون في الأرضِ ولا يُصلحون. قَالُوا تَقَاسَمُوا باللّة لَنُبَيّتَنّهُ وَأهلهُ ثُم لَنَقُولنّ لوَليّه مَا شَهدنا مَهلكَ أهلِه، وإنّا لَصَادِقُون ) .

هذه المؤامرة سماها اللّه «مكراً»، فقال: «ومكروا مكراً..»

وأخبرنا اللّه أنه جزاهم على مكرهم بالمؤمنين بالعذاب والعقوبة، وسمى هذا الجزاء مكراً للمجانسة والمشاكلة فقال تعالى: «... وَمَكَرنا مَكراً وَهُم لا يَشَعُرونَ، فَانظُر كَيفَ كَانَ عَاقبَةُ مَكرهم أنّا دَمّرناهُم وَقومَهم أجمَعين».

الآية الرابعة:

في هذه الآية أخبرنا اللّه تعالى كيف أن مشركي قريش اجتمعوا يتآمرون على النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فمن قائل اقتلوه، ومن قائل اسجنوه، ومن قائل انفوه عن بلادكم(١)

لقد سمى اللّه تعالى هذه المؤامرة «مكراً»: «وَإذ يَمكُرُ بكَ الّذينَ كَفَرُوا ليُثبتُوكَ، أو يَقتُلوكَ، أو يُخرجُوكَ. وِيمكُرُون...».

ولكن اللّه خلصه من كيدهم ومكرهم، ومكنه من الهجرة إلى المدينة دون أن يتمكنوا من قتله، وقد عبر اللّه عن هذا التدبير، وهذا الصنيع

____________________

(١) تفصيل المؤامرة، ومبيت الإمام علي بن ابي طالب على فراش النبي، وهجرة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مذكور في كتب التاريخ من ذلك: سيرة ابن هشام بحقيق السقا والأبياري وشلبي الطبعة الثانية ١٣٦٥ - ١٩٥٥ / ج ١ ص ٤٨٠ - وما بعدها.

١٢٩

الجميل ب«المكر» أيضاً، وذلك للمشاكلة والمجانسة كما قلنا، فقال: «... وَيمكُرُ اللّه واللّه خَيرُ المَاكرين».

الآية الخامسة:

( ...وإذَا أذَقنَا النّاسَ رَحمَة من بَعدِ ضَرّاء مَسّتهُم إذا لَهُم مَكرو في آيَاتنَا. قُلِ اللّه أسَرعُ مَكراً. إنّ رُسُلَنَا يَكتُبُونَ ما تمكُرُون ) .

بينا فيما سبق طبيعة الجو الذي وردت فيه الآية.

إن المراد بالناس في هذه الآية غير المؤمنين منهم. وتبين الآية ظاهرة سلوكية لدى هؤلاء الناس: فحين تتبدل حالهم بعد العسر يسراً، وبعد الضيق سعة وبحبوحة «يمكرون» في آيات اللّه، ويحتالون على تزويرها، ويخادعون فيها، بدل أن يقابلوها بالشكر، إزاء هذا الموقف من هؤلاء الناس يقول اللّه:

«... قُلُ اللّهُ أَسَرُع مكراً» يعني أسرع جزاء على المكر، فالمكر المنسوب إلى اللّه هنا - كما في مواضع أُخر - هو الجزاء على المكر. فهم بدل أن يقابلوا النعمة بالشكر قابلوها بالمكر، وجزاؤهم على مكرهم مرصود لهم «إنّ رُسُلَنَا يَكتُبُونَ مَا تمكُرُون». وسريع الحلول بهم «قل اللّه اسرع مكراً».

واستعمال المكر هنا منسوباً إلى اللّه انما هو للمشاكلة والمجانسة اللفظية كما مثلنا في مواضع أُخر.

١٣٠

الآية السادسة:

(وَقَد مَكَرَ الذينَ من قَبلهم، فللّه المَكرُ جَميعاً، يَعلَمُ مَا تَكسبُ كُلّ نَفس وَسَيَعلمُ الكُفّارُ لمَن عُقبَى الدّار).

بينا فيما سبق الجو العام للآية:

في هذه الآية أخبر اللّه تعالى أن الكفار الذين كانوا قبل هؤلاء الكفار من العرب قد مكروا بالمؤمنين، واحتالوا على خنق الرسالة الإلهية بقتل اتباعها المؤمنين وتعذيبهم وتشريدهم. فبين أن «للّه المكر جميعاً» أي أن بيده الجزاء والعقوبة على هذا المكر الذي يمكره الكافرون بالمؤمنين.

وقوله: «... يَعلَمُ مَا تَكسبُ كُلّ نَفسٍ. وَسَيَعلَمُ الكُفّارُ لمَن عُقبَى الدّار». بيان لطبيعة المراد من المكر المنسوب إلى اللّه تعالى وأنه الجزاء على اضطهاد الكافرين للمؤمنين.

وقد عبر عن الجزاء بالمكر للمجانسة والمشاكلة كما قلنا.

***

ويبدو أن الراغب الإصفهاني (الحسين بن محمد بن المفضل - ت: ٥٦٥ ه‍) قد فهم من استعمال «المكر» تارة في الحيلة والخديعة للتوصل إلى مقاصد شريرة، وأُخرى في الجزاء العادل على الشر، أو في الردع عن فعل الشر، وكشف الاساليب الشريرة للمجرمين - يبدو أن الراغب الإصفهاني قد فهم من تنوع استعمال المكر أن للمكر معنيين، فقد قال في كتابه «المفردات في غريب القرآن»:

١٣١

(المكر صرف الغير عما يقصده بحيلة) وذلك ضربان: ضرب محمود، وذلك أن يتحرى به فعل جميل، وعلى ذلك قال: «واللّه خَيرُ المَاكرين» ومذموم، وهو أن يتحرى به فعل قبيح. قال: «ولا يَحيق المَكرُ السّيّيء إلا بأهلهِ» «وَإذ يَمكُرُ بكَ الذيِنَ كَفَروا» «فانظُر كَيفَ كَانَ عَاقبَدُ مَكرهم» وقال في الأمرين: «وَمَكَروا مَكراً ومَكرنا مَكراً».

ومما يعزز فهم الراغب الاصفهاني لاستعمال «المكر» منسوباً إلى الذات الإلهية بمعنى يختلف عن استعماله منسوباً إلى الكافرين بالأنبياء والرسالات أن مكر اليهود بالنبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وصف في بعض الآيات بأنه مكر سيء، قال تعالى:

( ... وأقسمُوا باللّه جهَدَ أيمَانهم لَئن جاءَهُم نَذير لَيَكُونَنّ أهدَى من إحدى الأُمَمِ، فَلَما جَاءهُم نَذير مَا زَادَهُم إلا نُفُوراً. إستكبَاراً في الأرضِ وَمَكرَ السّيء، ولا يَحيقُ المكر السّيء إلا بأهله فَهَل يَنظُرونَ إلا سُنّةَ الأوّلين؟ فَلَن تَجدَ لسُنة اللّه تَبديِلاً، وَلَن تَجدَ لِسُنّةِ اللّه تَحويلا ) (١) .

***

____________________

(١) سورة فاطر الآية ٤٢ - ٤٣.

١٣٢

من هذا البيان يتضح مدى خطأ المؤلف في فهم «المكر الإلهي» وأسباب هذا الخطأ. ويتضح أن المؤلف فشل في إيجاد «تعليل ديني مقبول» لما فهمه - خطأ - من قصة إبليس. لقد أخطأ في فهم أصل القصة، وأخطأ في فهم «المكر»المنسوب إلى الذات الإلهية في القرآن. وما توهمه المؤلف اكتشافاً كبيراً تبين انه لم يكن شيئاً على الاطلاق. لقد كان خطأ وحسب.

- ٥ -

بقي علينا أن نصحح فهم المؤلف لبعض الآيات الأُخرى التي ذكرها في معرض حديثه عن «المكر الإلهي» والتي رأى أنها تتفق في مدلولها مع الآيات التي نسب فيها المكر إلى الذات الإلهية. وسنرى انه أخطأ في فهم هذه الآيات كما أخطأ في فهم آيات «المكر الإلهي» وسنرى انه بتر بعض الآيات وعزلها عن جوها العام ليتأتى له الاستعانة بها على إثبات دعواه.

قال المؤلف (ص ١٢١):

«نجد أيضاً بعض الآيات تنسب إلى الذات الإلهية صفة مشابهة هي صفة الاستهزاء (...) وأوردت بعض الآيات المعنى نفسه دون ذكر المكر الإلهي وتخصيصه..».

وقد ذكر المؤلف الآيات التي اعتبرها شواهد على دعواه عن المكر الإلهي، وسنذكر الآيات التي ذكرها، ونكشف عن خطأه في فهمه لها.

١٣٣

الآية الاولى:

ذكرها المؤلف هكذا:( اللّه يَسَتهزئُ بهم وَيمُدّهُم في طُغيَانهم يَعمهُون ) (١) .

وهذه الآية من جملة مقطع ورد في بيان حال المنافقين وملامحهم، ومواقفهم المخادعة والمراوغة من المؤمنين، وسخريتهم منهم. وأول المقطع المذكور:( وَمِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ آمَنّا باللّه وَباليومِ الآخر وَما هُم بمؤمنين ) (٢) . ثم يبين اللّه خداعهم، وفساد نواياهم، وافسادهم في الأرض، واستكبارهم عن الايمان الحقيقي، وتسميتهم للمؤمنين سفهاء، ثم يقول تعالى:

( وَإذا لَقُوا الّذيِنَ آمَنُوا قَالوا آمَنّا، وَإذا خَلُوا إلى شَيَاطينهم قَالُوا إنّا مَعَكُم، إنّما نَحنُ مُستَهزؤن. اللّه يَستَهزيء بهم وَيمُدُّهُم في طُغيانهم يَعمهُون. أولئكَ الّذينَ اشتَروا الضّلالَةَ بالهُدى فَمَا رَبحَت تجَارَتُهُم وَمَا كَانوا مُهتَدينَ ) (٣)

هذا هو الجو العام للآية، وهذه هي علاقاتها الداخلية.

وقد سمى اللّه جزاؤهم على نفاقهم، ومواقفهم الملتوية من العقيدة واتباعها، واستهزاءهم بالمؤمنين - سمى اللّه ذلك الجزاء استهزاء مراعاة

____________________

(١) سورة البقرة الآية ١٥.

(٢) سورة البقرة الآية ٨.

(٣) سورة البقرة الآية ١٤ - ١٦.

١٣٤

للمشاكلة والمجانسة، كما تقدم في كلامنا عن المكر الإلهي، وقدمنا الشواهد عليه من القرآن والشعر الجاهلي.

الآية الثانية:

( وَلا يَحسَبَنّ الّذين كَفَروا أنّما نمُلي لَهُم خَيراً لأنفُسهم إنما نمُلي لَهُم ليزدادوا إثماً، وَلَهُم عَذاب مُهين ) (١) .

هذه الآية وردت في شأن المنافقين الذين تخلفوا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في معركة أُحد وغزوة حمراء الأسد. وهي جزء من مقطع يعالج هذا الموقف من مواقف النبي والمسلمين مقابل المشركين.

فقد بين اللّه سبب النكبة في أُحد، وموقف المنافقين حينذاك، (الآيات: ١٦٥ - ١٦٨) ثم بين اللّه منزلة الشهداء العظيمة، ومدح الذين استجابوا لدعوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى غزوة حمراء الأسد على ما بهم من جراح وتعب (الآيات: ١٦٩ - ١٧٤). ثم بين حال المنافقين في هذا الموقف فقال تعالى مخاطباً النبي محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله :

( وَلا يَحزُنكَ الّذينَ يُساَرعُونَ في الكُفرِ إنّهُم لَن يَضُرّوا اللّه شيئاً، يُريدُ اللّه ألا يَجعلَ لَهُم حَظاً في الآخرةِ، وَلَهُم عَذاب عَظيم. إنّ الّذين اشتَروا الكُفر بالإيمان لَن يَضُروا اللّه شيَئاً، وَلُهم

____________________

(١) سورة آل عمران الآية ١٧٨.

١٣٥

عَذَاب أليم. وَلا يَحسَبنّ الذين كَفَروا أنما نملي لَهُم خيَراً لأنفُسهم إنما نُملي لَهُم ليَزدادوا إثماً وَلَهُم عَذَاب مهين. مَا كَان اللّه لِيذرَ المؤمنين عَلى ما أنتم عَليهِ حَتّى يَميزَ الخَبيث منَ الطّيّب.. ) (‍١)

هذا هو الجو العام للآية.

ومنه يتضح أن اللّه تعالى لا يريد أن يملي (يمهل) لغاية أن يزداد الكافرون إثماً بحيث يكون الغرض والعلة في إمهالهم هو أن يزدادوا إثماً، وإنما يملي (يمهل) اللّه الانسان ليتيح له الفرصة التامة لتلقي الهداية والاقرار بالحق، ويعرضه لأنواع التجارب ليعطيه القدرة على الاختيار والحرية. وحينئذٍ، فإذا اختار طريق الهدى فقد فاز، وإذا اختار طريق الضلالة فقد هلك، وحينئذٍ تكون عاقبة امهاله وبالاً عليه، لأنه لم ينتفع من الفرصة التي اتيحت له، كما تكون عاقبة امهاله المؤمن خيراً وبركة عليه لأنه انتفع من الفرصة التي اتيحت له.

فاللام في قوله تعالى: «ليزدادوا إثماً» ليست لام الغاية والغرض والعلة، وإنما هي لام العاقبة، وذلك مثل قوله تعالى في قصة موسى وفرعون،( فَالتَقَطَه آلُ فرعوَن ليَكُون لَهُم عَدُواً وَحَزَناً ) (٢) . فإن التقاط آل فرعون لموسى لم يكن من أجل أن يجعلوا من موسى عدواً لهم، ولكن عاقبة التقاطهم له هي انه كان لهم عدواً وحزناً. ومن ذلك أيضاً قول أحد الشعراء الجاهلين:

____________________

(١) سورة آل عمران الآية ١٧٦ - ١٧٩.

(٢) سورة القصص الآية ٨.

١٣٦

وأم سماك فلا تجزعي

فللموت ما تلد الوالدة

فليس مراده أن الغرض والعلة من الولادة هي الموت، وإنما مراده ان عاقبة كل مولود هي الموت.

وهكذا الحال في الآية الكريمة.

الآية الثالثة:

( وإذا أردَنا أن نُهلكَ قَرية أمَرنا مُترَفيها فَفَسقُوا فيها، فَحَقّ عَلَيهَا العَذابُ، فَدمّرناهَا تَدميرا ) (١) .

إن هذه الآية لا تدل من قريب ولا من بعيد على ما ذهب اليه وهم المؤلف. وإنما هي من جملة الشواهد على المبدأ القرآني: «مبدأ أثر التغيير الداخلي في حركة التاريخ». وقد شرحته في كتاب لي بعنوان «مقدمة لدراسة تاريخ الثورات في الاسلام» آمل ان انجزه قريباً، وأذكر هنا ما تسمح به هذه العجالة.

ان الآية السابقة على هذه الآية هي قوله تعالى:

( مَنِ اهتَدى فَإنما يَهتَدي لنَفسه، وَمَن ضَلّ فَإنما يَضِلّ عَليَها، وَمَا كُنّا مُعَذّبينَ حَتّى نَبعَثَ رَسُولا ) (٢) .

____________________

(١) سورة الاسراء الآية ١٦ -

(٢) سورة الإسراء الآية ١٥.

١٣٧

فهذه الآية تقرر مبدأ الحرية الداخلية: حرية الارادة والاختيار، ومن ثم تقرر مبدأ التبعة الفردية والمسؤولية الشخصية. ودور الرسول هو دور الهادي والمرشد لا غير، واللّه لا يرغم العبد على فعل شيء أو تركه.

على ضوء هذه الآية يجب أن تفهم الآية التالية لها، وهي موضوع البحث، وذلك وفقاً للمبدأ القرآني: «مبدأ أثر التغيير الداخلي في حركة التاريخ»:

يعطي اللّه الفرصة ويهيء الظروف المناسبة للمجتمع، ليحرز المجتمع التقدم المادي والمعنوي، وليحافظ على مستوى هذا التقدم: «.. وَمَا كُنّا مُعَذّبين حَتّى نَبعَثَ رَسُولاً» هذا الرسول يأمر بالاصلاح ويأمر بالنظام العادل، ويخطط الشكل الذي يضمن للمجتمع بقاءه وتقدمه.

وهذا الرسول يتوجه بتعاليمه إلى المجتمع كله، إلا أنه يتوجه بصورة خاصة إلى الطبقة المسيطرة في المجتمع «المترفين».

وحين لا يطيع هؤلاء، ويستمرون مغرقين في الترف الذي يقودهم إلى الانحلال، ويستمرون مغرقين في الطغيان الذي يقودهم إلى اذلال الانسان، ولا يتحرك المجتمع ولا يحاول التغيير بل يستمر في رضوخه، وفي خضوعه، حينئذٍ.. حينئذٍ تتوفر الشروط الموضوعية لانحلال المجتمع: من شيوع الترف، وسيادة المترفين المطلقة، والانقسام الطبيعي الحاد، وحينئذٍ يحصل الانحلال والانهيار والهلاك.

وقد ورد هذا القانون في القرآن مطبقاً على حالات تاريخية معينة في أكثر من موضع، منها قوله تعالى:

١٣٨

( ألَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبّكَ بعَادٍ. إرَمَ ذاتِ العمَاد. التّي لَم يُخلق مثلُها في البلادِ. وثمودَ الّذينَ جَابُوا الصّخرَ بالوَاد. وَفرعَونَ ذي الأوتَاد. الذينَ طَغَوا في البلاد. فَأكثروا فيها الفَسَاد. فَصَبّ عَلَيهم رَبّكَ سَوطَ عَذاب. إنّ رَبّك لَبالمرصاد ) (١) .

***

بقي علينا أن نحلل بعض النواحي التعبيرية في الآية موضوع البحث. والذي يسترعي النظر من هذه الجهة أمران.

الأمر الأول: قوله تعالى: «وإذا أرَدنَا أن نُهلكَ..».

فهم المؤلف من «أردنا» الارادة الإلهية الفعلية للاهلاك، وهذا خطأ. الحقيقة هي أن استعمال «أردنا» في الآية موضوع البحث من قبيل قولنا: «إذا أراد المريض أن يموت ظهرت عليه الأعراض الفلانية» و«إذا أرادت السماء أن تمطر انتشر فيها الغيوم» والمراد من الارادة في هذين الموردين هو اجتماع الشروط الموضوعية للموت والمطر. وقد ورد نظير هذا التعبير في القرآن في قصة موسى وصاحبه:( ...فَوَجَدَا فيها جدَاراً يُريدُ أن يَنقَضّ فَأقامه ) (٢) ومن الواضح أنه

____________________

(١) سورد الفجر الاية ٦ - ١٤.

(٢) سورة الكهف الآية ٧٧

١٣٩

لا معنى لنسبة الارادة الفعلية إلي الجدار، وإنما المراد أن الشروط الموضوعية لانقضاض الجدار قد توفرت.

والتعبير ب‍ «أردنا» في الآية موضوع البحث من هذا القبيل، فإن المراد أن الشروط الموضوعية لهلاك القرية قد توفرت، بسبب العصيان والطغيان.

ونسبة الارادة هنا إلى اللّه «أردنا» وليس إلى القرية «ارادت» للاشارة إلى أن هذا القانون هو قانون كوني أوجده اللّه تعالى، فالنسبة إلى اللّه من حيث أنه أوجد النظام الكوني من جملة قوانين الاجتماع الانساني ونمو المجتمعات وانحلالها.

الأمر الثاني: قوله تعالى: «... أمَرنا مُترَفيها فَفَسَقُوا فيها..».

توهم المؤلف أن المراد أن اللّه أمرهم بأن يفسقوا. وهذا خطأ. الحقيقة أن هذا الاستعمال من باب «أمرته فعصاني» أي أمرناهم بواسطة رسلنا بالطاعة والاستقامة «.. وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً» ولكنهم عصوا، واستمروا على غيهم، فتمت بمعصيتهم الشروط الموضوعية للانحلال والدمار.

وإلا فكيف يعقل أن يكون اللّه قد أمرهم بالفسق، وهو القائل:

( قل أنّ اللّه لا يَأمُرُ بالفَحشَاء... ) (١) .

( قُل إنّمَا حَرمّ رَبي الفَواحشَ مَا ظَهَر منهَا

____________________

(١) سورة الاعراف الآية ٢٨.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بعبادة العجل كانوا خمسة أنفس وهم الذين ذبحوا البقرة التي أمر الله تبارك وتعالى بذبحها وهم أذينونة وأخوه ميذونة وابن أخيه وابنته وامرأته.(١) وإنما يجزي الجذع من الضأن في الاضحية ولا يجزي الجذع من المعز لان الجذع من الضأن يلقح والجذع من المعز لا يلقح(٢) .

وإنما يجوز للرجل أن يدفع الضحية إلى من يسلخها بجلدها لان الله عزوجل قال: " فكلوا منها وأطعموا " والجلد لا يؤكل ولا يطعم ولا يجوز ذلك في الهدي(٣) .

ولم يبت أمير المؤمنين عليه السلام بمكة بعد أن هاجر منها حتى قبض لانه كان يكره أن يبيت بأرض قد هاجر منها(٤) [رسول الله صلى الله عليه وآله].

باب فضائل الحج

قال الله تبارك وتعالى: " ففروا إلى الله " يعني حجوا إلى الله(٥) .

٢١٣٧ - و " من اتخذ محملا للحج كان كمن ارتبط فرسا في سبيل الله

___________________________________

(١) راجع الخصال ص ٢٩٢ رواية الحسين بن خالد عن أبى الحسن عليه السلام وفيه " الذين أمروا قوم موسى بعبادة العجل كانوا خمسة " وهو خلاف ما رواه هنا.

ثم الكل خلاف ما في الكتاب.

راجع لتفصيله الاخبار الداخلية ج ٢ ص ٢٥١.

(٢) راجع الكافى ج ٤ ص ٤٨٩ روى ما يدل عليه بسند ضعيف عن حماد بن عثمان عن الصادق (ع) وأورده المصنف في العلل بسند صحيح.

(٣) روى المصنف في العلل ص ٤٣٩ باسناد حسن عن صفوان بن يحيى عن أبى ابراهيم عليه السلام ما يدل على ذلك، والضحية على فعلية والاضحية بمعنى واحد.

(٤) روى ما يدل عليه في العلل ص ٤٥٢ باسناده عن جعفر بن عقبة عن أبى الحسن عليه السلام وزاد " فكان يصلى العصر ويخرج منها ويبيت بغيرها ".

(٥) كما في الكافى ج ٤ ص ٢٥٦ عن الباقر عليه السلام.

٢٠١

عزوجل "(١) .

ويقال: حج فلان أي أفلج(٢) ، والحج القصد إلى بيت الله عزوجل لخدمته على ما أمر به من قضاء المناسك.

٢١٣٨ - وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن قيس قال: " سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدث الناس بمكة قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه الفجر ثم جلس معهم يحدثهم حتى طلعت الشمس فجعل يقوم الرجل بعد الرجل حتى لم يبق معه إلا رجلان أنصاري وثقفي فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله: قد علمت أن لكما حاجة تريدان أن تسألاني عنها فإن شئتما أخبرتكما بحاجتكما قبل أن تسألاني وإن شئتما فاسألاني قالا: بل تخبرنا أنت يا رسول الله، فإن ذلك أجلى للعمى وأبعد من الارتياب وأثبت للايمان، فقال النبي صلى الله عليه وآله (: أما أنت يا أخا الانصار فإنك من قوم يؤثرون على أنفسهم وأنت قروي وهذا الثقفي بدوي أفتؤثره بالمسألة؟ قال: نعم، قال: أما أنت يا أخا ثقيف فإنك جئت تسألني عن وضوئك وصلاتك ومالك فيهما فاعلم أنك إذا ضربت يدك في الماء وقلت: بسم الله الرحمن الرحيم تناثرت الذنوب التي اكتسبتها يداك، فإذا غسلت وجهك تناثرت الذنوب التي اكتسبتها عيناك بنظرهما وفوك بلفظه، فإذا غسلت ذراعيك تناثرت الذنوب عن يمينك وشمالك، فإذا مسحت رأسك وقدميك تناثرت الذنوب التي مشيت إليها على قدميك، فهذا لك في وضوئك(٣) .

فإذا قمت إلى الصلاة وتوجهت وقرأت ام الكتاب وما تيسر لك من السور ثم ركعت فأتممت ركوعها وسجودها وتشهدت وسلمت غفر لك كل ذنب فيما بينك وبين الصلاة التي قدمتها إلى الصلاة المؤخرة فهذا لك في صلاتك.

___________________________________

(١) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٨١ مسندا عن اسحاق بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام.

(٢) في بعض النسخ " أى فلج " أى فاز.

وهذا الكلام مضمون خبر رواه المصنف في العلل ص ٤١١ عن أبى جعفر عليه السلام.

(٣) إلى هنا رواه الكلينى في الكافى ج ٣ ص ٧١.

٢٠٢

وأما أنت يا أخا الانصار فإنك جئت تسألني عن حجك وعمرتك ومالك فيهما من الثواب فاعلم أنك إذا توجهت إلى سبيل الحج ثم ركبت راحلتك وقلت: بسم الله ومضت بك راحلتك لم تضع راحلتك خفا ولم ترفع خفا إلا كتب الله عزوجل لك حسنة، ومحا عنك سيئة، فإذا أحرمت ولبيت كتب الله تعالى لك في كل تلبية عشر حسنات، ومحا عنك عشر سيئات، فإذا طفت بالبيت اسبوعا كان لك بذلك عند الله عهد وذكر يستحيي منك ربك أن يعذبك بعده، فإذا صليت عند المقام ركعتين كتب الله لك بهما ألفي ركعة مقبولة، وإذا سعيت بين الصفا والمروة سبعة أشواط كان لك بذلك عند الله عزوجل مثل أجر من حج ماشيا من بلاده ومثل أجر من أعتق سبعين رقبة مؤمنة، وإذا وقفت بعرفات إلى غروب الشمس فلو كان عليك من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر لغفرها الله لك، فإذا رميت الجمار كتب الله لك بكل حصاة عشر حسنات فيما تستقبل من عمرك، فإذا حلقت رأسك كان لك بعدد كل شعرة حسنة تكتب لك فيما تستقبل من عمرك، فإذا ذبحت هديك أو نحرت بدنتك كان لك بكل قطرة من دمها حسنة تكتب لك فيما تستقبل من عمرك، فإذا طفت بالبيت اسبوعا للزيارة وصليت عند المقام ركعتين ضرب ملك كريم على كتفيك فقال: أما ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بينك وبين عشرين ومائة يوم].

٢١٣٩ - وروي " أن بني إسرائيل كانت إذا قربت القربان تخرج نار فتأكل قربان من قبل منه، وإن الله تبارك وتعالى جعل الاحرام مكان القربان "(١) .

٢١٤٠ - وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " ما من مهل يهل في التلبية إلا أهل من عن يمينه من شئ إلى مقطع التراب، وعن يساره إلى مقطع التراب، وقال له الملكان: أبشر يا عبدالله، وما يبشر الله عبدا إلا بالجنة "(٢) .

___________________________________

(١) رواه في العلل ص ٤١٥ مسندا عن أبى المغرا عن الصادق (ع).

(٢) روى نحوه الترمذى وابن ماجة والبيهقى والحاكم كلهم من رواية سهل بن سعد عن النبى صلى الله عليه وآله.

٢٠٣

٢١٤١ - و " من لبى في إحرامه سبعين مرة إيمانا واحتسابا أشهد الله له ألف ملك ببراء‌ة من النار، وبراء‌ة من النفاق"(١) .

ومن انتهى إلى الحرم فنزل واغتسل وأخذ نعليه بيده ثم دخل الحرم حافيا تواضعا لله عزوجل محا الله عنه مائة ألف سيئة، وكتب الله له مائة ألف حسنة، وبنى [الله] له مائة ألف درجة، وقضى له مائة ألف حاجة(٢) .

ومن دخل مكة بسكينة [ووقار] غفر الله له ذنبه، وهو أن يدخلها غير متكبر ولا متجبر(٣) .

ومن دخل المسجد حافيا على سكينة ووقار وخشوع غفر الله له(٤) .

ومن نظر إلى الكعبة عارفا بحقها غفر الله له ذنوبه وكفى ما أهمه(٥) .

٢١٤٢ - وقال الصادق عليه السلام: " من نظر إلى الكعبة عارفا(٦) فعرف من حقنا وحرمتنا مثل الذي عرف من حقها وحرمتها غفر الله له ذنوبه كلها وكفاه هم الدنيا والآخرة ".

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٤ ص ٣٣٧ مسندا عن أبى جعفر عليه السلام رفعه عن النبى صلى الله عليه وآله وفيه " ألف ألفى ملك ".

(٢) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٣٩٨ باسناده عن أبان بن تغلب قال: " كنت مع أبى عبدالله (ع) مزامله فيما بين مكة والمدينة فلما انتهى إلى الحرم نزل واغتسل وأخذ نعليه بيديه ثم دخل الحرم حافيا فصنعت مثل ما صنع فقال: يا أبان من صنع مثل ما رأيتنى صنعت تواضعا لله محا الله عنه الخ ".

(٣) في الكافى ج ٤ ص ٤٠١ مسندا عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله (ع) أنه قال: " من دخلها بسكينة غفر له ذنبه قلت كيف يدخلها بسكينة؟ قال: يدخل غير متكبر ولا متجبر ".

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٠١ في حديثين عن اسحاق ومعاوية ابنى عمار عن أبى عبدالله (ع).

(٥) راجع الكافى ج ٤ ص ٢٣٩ باب فضل النظر إلى الكعبة.

(٦) مروى في الكافى ج ٤ ص ٢٤١ وفيه " من نظر إلى الكعبة بمعرفة الخ ".

٢٠٤

٢١٤٣ - وروي " أن من نظر إلى الكعبة لم يزل تكتب له حسنة وتمحى عنه سيئة حتى يصرف ببصره عنها "(١) .

٢١٤٤ - وروي " أن النظر إلى الكعبة عبادة، والنظر إلى الوالدين عبادة، والنظر في المصحف من غير قراء‌ة عبادة(٢) والنظر إلى وجه العالم عبادة، والنظر إلى آل محمد صلى الله عليه وآله عبادة".

٢١٤٥ - وقال النبى صلى الله عليه وآله: " النظر إلى علي عليه السلام عبادة ".

٢١٤٦ - وفي خبر آخر قال صلى الله عليه وآله: " ذكر علي عليه السلام عبادة ".

٢١٤٧ - وقال الصادق عليه السلام: " من أم هذا البيت حاجا أو معتمرا مبرء‌ا من الكبر رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته امه، والكبر هو أن يجهل الحق ويطعن على أهله، ومن فعل ذلك فقد نازع الله رداء‌ه "(٣) .

٢١٤٨ - وقال الصادق عليه السلام: " في قول الله عزوجل: " ومن دخله كان آمنا " قال: من أم هذا البيت(٤) وهو يعلم أنه البيت الذي أمر الله به وعرفنا أهل البيت حق معرفتنا كان آمنا في الدينا والآخرة ".

وروي: أن من جنى جناية ثم لجأ إلى الحرم لم يقم عليه الحد، ولا يطعم ولا يشرب ولا يسقى ولا يؤوى(٥) حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد، فإن

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٤ ص ٢٤٠ عن أبى عبدالله عليه السلام.

(٢) راجع الكافى ج ٤ ص ٢٤٠ وفيه " والنظر إلى الامام عبادة ".

(٣) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٥٣ والكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٥٢، و فيهما بعد قوله " ولدته أمه " ثم قرأ " فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى " قلت ما الكبر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان أعظم الكبر غمص الخلق وسفه الحق " قلت: ما غمص الخلق وسفه الحق؟ قال: يجهل الحق ويطعن على أهله الخ ".

(٤) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٥٤٥ باسناده عن عبدالخالق الصيقل.

وقوله " من أم هذا البيت " أى قصده حاجا أو معتمرا مع الايمان.

ولعل ذلك تأويل الاية وما ورد من أن المراد دخول الحرم والبيت فتفسيرها.

(٥) في أكثر النسخ " ولا يؤذى ".

٢٠٥

أتى ما يوجب الحد في الحرم اخذ به في الحرم لانه لم ير للحرم حرمة(١) .

٢١٤٩ - وقال عليه السلام: " دخول الكعبة(٢) دخول في رحمة الله، والخروج منها خروج من الذنوب، معصوم فيما بقي من عمره، مغفور له ما سلف من ذنوبه ".

٢١٥٠ - وقال عليه السلام: " من دخل الكعبة بسكينة وهو أن يدخلها غير متكبر ولا متجبر غفر له ".

٢١٥١ - و " من قدم حاجا فطاف بالبيت وصلى ركعتين كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة، وشفعه في سبعين ألف حاجة، وكتب له عتق سبعين ألف رقبة، قيمة كل رقبتة عشرة آلاف درهم "(٣) .

٢١٥٢ - وفي خبر آخر(٤) هذا الثواب " لمن طاف بالبيت حتى تزول الشمس

___________________________________

(١) روى الكلينى في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: " سألت أبا عبدالله (ع) عن رجل قتل رجلا في الحل ثم دخل الحرم؟ فقال: لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحد، قلت: فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال: يقام عليه الحد في الحرم صاغرا انه لم ير للحرم حرمة الحديث "،(٢) في الكافى ج ٤ ص ٥٢٧ والتهذيب ج ١ ص ٥٣٣ مسندا عن عبدالله القداح عن أبيه قال: " سألته عن دخول الكعبة؟ قال: الدخول فيها دخول في رحمة الله الخبر ".

(٣) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤١١ عن العدة عن البرقى باسناده عن على بن ميمون الصائغ " قال: قدم رجل على على بن الحسين عليهما السلام فقال: قدمت حاجا؟ فقال: نعم، فقال: أتدرى ما للحاج؟ قال: لا، قال من قدم حاجا الحديث ".

ولعل على بن الحسين تصحيف و الصواب أبى الحسن (ع) لكونه في المحاسن عنه (ع) وأيضا رواه المصنف في ثواب الاعمال مسندا عن محمد بن مسلم عن أبى الحسن (ع).

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤١٢ عن أبى الحسن (ع) في حديث قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما من طائف يطوف بهذا البيت حين تزول الشمس حاسرا عن رأسه، حافيا يقارب بين خطاه ويغض بصره ويستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذى أحدا ولا يقطع ذكر الله عزوجلعن لسانه الا كتب الله له بكل خطوة سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة وأعتق عنه سبعين ألف رقبة ثمن كل رقبة عشرة آلافى درهم، وشفع في سبعين من أهل بيته، وقضيت له سبعون ألف حاجة ان شاء فعالجه وان شاء فآجله ".

٢٠٦

حاسرا عن رأسه حافيا، يقارب بين خطاه ويغض بصره ويستلم الحجر في كل طواف من غير أن يؤذي أحدا، ولا يقطع ذكر الله عزوجل عن لسانه ".

٢١٥٣ - وقال الصادق عليه السلام: " إن لله عزوجل حول الكعبة عشرين ومائة رحمة، منها ستون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين "(١) .

٢١٥٤ - وروي " أن من طاف بالبيت خرج من ذنوبه "(٢) .

٢١٥٥ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " من صلى عند المقام ركعتين عدلتا عتق ست نسمات ".

٢١٥٦ - " وطواف قبل الحج أفضل من سبعين طوافا بعد الحج "(٣) .

٢١٥٧ - و " من أقام بمكة سنة فالطواف أفضل له من الصلاة، ومن أقام سنتين خلط من ذا وذا، ومن أقام ثلاث سنين كانت الصلاة أفضل له "(٤) .

٢١٥٨ - وروي أن " الطواف لغير أهل مكة أفضل من الصلاة، والصلاة لاهل مكة أفضل "(٥) .

__________________________________

(١) رواه في ثواب الاعمال مسندا ورواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٤٠.

(٢) روى المؤلف رحمه الله في ثواب الاعمال ص ٧١ باسناده عن جميل عن أبى عبدالله (ع) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه لا كتب الله له عشر حسنات إلى أن قال وإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، وإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه، وإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، وإذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه، وإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه، فعد رسول الله صلى الله عليه وآله كذا كذا موطنا كلها يخرجه من ذنوبه ثم قال: فأنى لك ان تبلغ ما بلغ الحاج ".

(٣) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤١٢ بهذا اللفظ مسندا عن ابن القداح عن أبى عبدالله (ع).

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤١٢ في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبى عبدالله (ع).

(٥) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤١٢ بسند حسن كالصحيح عن حريز بن عبدالله عن أبى عبدالله عليه السلام.

٢٠٧

ومن كان مع قوم وحفظ عليهم رحلهم حتى يطوفوا أو يسعوا كان أعظمهم أجرا(١) .

٢١٥٩ - وقال الصادق عليه السلام: " قضاء حاجة المؤمن أفضل من الطواف وطواف وطواف - حتى عد عشرا -"(٢) .

٢١٦٠ - وقال الصادق عليه السلام: " الركن اليماني بابنا الذي ندخل منه الجنة "(٣) .

٢١٦١ - وقال عليه السلام: " فيه باب من أبواب الجنة لم يغلق منذ فتح.(٤)

٢١٦٢ - و " فيه نهر من الجنة يلقى فيه أعمال العباد "(٥) .

٢١٦٣ - وروي أنه " يمين الله في أرضه يصافح بها خلقه "(٦) .

٢١٦٤ - وقال الصادق عليه السلام: " ماء زمزم شفاء لما شرب له ".

٢١٦٥ - وروي " أنه من روي من ماء زمزم أحدث له به شفاء، وصرف عنه داء ".

٢١٦٦ - و " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يستهدي ماء زمزم وهو بالمدينة "(٧) .

٢١٦٧ - وروي " أن الحاج إذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه ".

٢١٦٨ - وقال علي بن الحسين عليه السلام: " الساعي بين الصفا والمروة تشفع له

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٤٥ في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير عن اسماعيل الخثعمى قال.

" قلت لابى عبدالله (ع): انا إذا قدمنا مكة ذهب أصحابنا يطوفون ويتركونى احفظ متاعهم قال: أنت أعظمهم أجرا ".

(٢) رواه الكلينى ج ٢ ص ١٩٤ ذيل حديث مسند عن اسحاق بن عمار، وفى حديث آخر عن أبان بن تغلب عنه عليه السلام.

(٣) مروى مسندا في الكافى ج ٤ ص ٤٠٩.

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٠٩.

(٥) رواه المصنف في العلل ص ٤٢٤.

(٦) رواه المصنف في العلل ص ٤٢٤ في حديث.

(٧) استهدى الشئ أى طلب أن يهدى اليه.

٢٠٨

الملائكة فتشفع فيه بالايجاب ".

٢١٦٩ - وروي أن " من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف على الصفا و المروة "(١) .

٢١٧٠ - وقال الصادق عليه السلام: " إن تهيأ لك أن تصلي صلواتك كلها الفرائض وغيرها عند الحطيم فافعل فإنه أفضل بقعة على وجه الارض ".

والحطيم ما بين باب البيت والحجر الاسود وهو الموضع الذي فيه تاب الله عزوجل على آدم عليه السلام، وبعده الصلاة في الحجر أفضل، وبعد الحجر ما بين الركن العراقي وباب البيت وهو الموضع الذي كان فيه المقام، وبعده خلف المقام حيث هو الساعة، وما قرب من البيت فهو أفضل(٢) إلا أنه لا يجوز لك أن تصلي ركعتي طواف النساء وغيره إلا خلف المقام حيث هو الساعة.

٢١٧١ - و " من صلى في المسجد الحرام صلاة واحدة قبل الله عزوجل منه كل صلاة صلاها وكل صلاة يصليها إلى أن يموت "(٣) .

٢١٧٢ - و " الصلاه فيه بمائة ألف صلاة ".(٤)

٢١٧٣ - و " إذا أخذ الناس مواطنهم بمنى نادى مناد من قبل الله عزوجل إن أرادتم أن أرضى فقد رضيت ".(٥)

٢١٧٤ - وروي أنه " إذا أخذ الناس منازلهم بمنى ناداهم مناد: لو تعلمون بفناء من حللتم لا يقنتم بالخلف بعد المغفرة".(٦)

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٣٣ بسند مرفوع عن أبى عبدالله (ع).

(٢) راجع الكافى ج ٤ ص ٥٢٥ باب الصلاة في المسجد الحرام وأفضل بقعة فيه.

(٣) تقدم تحت رقم ٦٨١ في خبر أبى حمزة الثمالى عن أبى جعفر (ع).

(٤) تقدم تحت رقم ٦٨٠ في خبر خالد بن ماد عن الصادق (ع).

(٥) رواه الكلينى بلفظه باسناده عن داود بن أبى يزيد عن أبى عبدالله عليه السلام ج ٤ ص ٢٦٢.

(٦) في الكافى ج ٤ ص ٢٦٣ في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام، والخلف محركة: العوض يعنى عوض ما أنفقتم وهو ناظر إلى قوله تعالى " وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه".

٢٠٩

٢١٧٥ - وروي " أن الجبار جل جلاله يقول: إن عبدا أحسنت إليه وأجملت اليه فلم يزرني في هذا المكان في كل خمس سنين لمحروم ".(١)

٢١٧٦ - وقد " صلى في مسجد الخيف بمنى سبعمائة نبي."(٢)

٢١٧٧ - و " كان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحو ثلاثين ذراعا، [و] عن يمينها وعن يسارها وخلفها نحو ذلك ".(٣)

٢١٧٨ - و " من صلى في مسجد منى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما، ومن سبح الله في مسجد منى مائة تسبيحة كتب الله عزوجل له أجر عتق رقبة، ومن هلل الله فيه مائة مرة عدلت إحياء نسمة، ومن حمد الله عزوجل فيه مائة مرة عدلت أجر خراج العراقين في سبيل الله عزوجل "(٤) .

٢١٧٩ - و " الحاج إذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه "(٥) .

٢١٨٠ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " ما يقف أحد على تلك الجبال بر ولا فاجر إلا استجاب الله له، فأما البر فيستحاب له في آخرته ودنياه، وأما الفاجر فيستجاب له في دنياه ".

___________________________________

(١) في الكافى ج ٤ ص ٢٧٨ عن ذريح المحاربى عن الصادق (ع) قال: " من مضت له خمس سنين فلم يفد إلى ربه وهو موسر انه لمحروم "، ورواية حمران عن الباقر (ع) قال: " ان لله مناديا ينادى أى عبد أحسن الله اليه وأوسع عليه في رزقه فلم يفد اليه في كل خمسة أعوام مرة ليطلب نوافله ان ذلك لمحروم " والمراد بالنوافل زوائد رحمته وعطاياه سبحانه.

(٢) تقدم بلفظه تحت رقم ٦٨٨ في حديث جابر عن أبى جعفر (ع).

(٣) تقدم تحت رقم ٦٩٠، ورواه الكلينى ج ٤ ص ٥١٩ باسناده عن معاوية بن عمار عن الصادق(ع).

(٤) تقدم نحوه تحت رقم ٦٨٩ عن أبى حمزة عن أبى جعفر عليه السلام.

(٥) رواه جميل عن الصادق عليه السلام وتقدم جزء منه تحت رقم ٢١٥٤ وسيأتى بعضه.

٢١٠

٢١٨١ - وقال الصادق عليه السلام: " ما من رجل من أهل كورة وقف بعرفة من المؤمنين إلا غفر الله لاهل تلك الكورة من المؤمنين(١) وما من رجل وقف بعرفة من أهل بيت من المؤمنين إلا غفر الله لاهل ذلك البيت من المؤمنين ".

٢١٨٢ - و " سمع علي بن الحسين عليه السلام يوم عرفة سائلا يسأل الناس فقال له: ويحك أغير الله تسأل في هذا اليوم؟ إنه ليرجى لما في بطون الحبالى في هذا اليوم أن يكون سعيدا "(٢) .

٢١٨٣ - و " كان أبوجعفر عليه السلام إذا كان يوم عرفة لم يرد سائلا ".(٣) ومن أعتق عبدا له عشية يوم عرفة فإنه يجزي عن العبد حجة الاسلام(٤) ، ويكتب للسيد أجران ثواب العتق وثواب الحج.

وروي في العبد إذا اعتق يوم عرفة أنه إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك الحج.(٥)

وأعظم الناس جرما من أهل عرفات الذي ينصرف من عرفات وهو يظن أنه لم يغفر له(٦) يعني الذي يقنط من رحمة الله عزوجل.

___________________________________

(١) الكورة بالضم المدينة والناحية.

(٢) أى يرجى من فضل الله لمن يكون حملا في هذا اليوم في هذا الموضع أن يجعل سعيدا وان كتب عليه شقاوته كما سيجئ أنه يكتب عليه في بطن أمه سعيد أو شقى فكيف تسأل من الناس شيئا ولك لسان يمكنك الطلب من الله تعالى.

(٣) وان كان الاولى بالنظر إلى السائل أن لا يسأل فالاولى بالنظر إلى المسئول ان لا يرده لكراهة الرد مطلقا لاسيما في ذلك اليوم.(م ت)

(٤) مضمون ما رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٧٦ باسناده عن السراد عن شهاب عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل أعتق عشية عرفه عبدا له أيجزى عن العبد حجة الاسلام قال: نعم الحديث " وسيجيئ إن شاء الله.

(٥) سيجيئ خبره على وجهه ان شاء الله تعالى.

(٦) روى الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٥٤١ في الحسن كالصحيح عن بعض الاصحاب عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سأله رجل في المسجد الحرام من أعظم الناس وزرا فقال من يقف بهذين الموقفين عرفة والمزدلفة وسعى بين هذين الجبلين ثم طاف بهذا البيت وصلى خلف مقام ابراهيم (ع) ثم قال في نفسه أو ظن ان الله لا يغفر له فهو من أعظم الناس وزرا ".

وقوله " يعنى " تفسير الصدوق رحمه الله لا مضمون الرواية.

٢١١

٢١٨٤ - وقال الصادق عليه السلام: " إذا كان عشية عرفة بعث الله عزوجل ملكين يتصفحان وجوه الناس فإذا فقدا رجلا قد عود نفسه الحج، قال أحدهما لصاحبه: يا فلان ما فعل فلان؟ قال: فيقول: الله أعلم، قال: فيقول أحدهما: اللهم إن كان حبسه عن الحج فقر فأغنه، وإن كان حبسه دين فاقض عنه دينه، وإن كان حبسه مرض فاشفه، وإن كان حبسه موت فاغفر له وارحمه ".

٢١٨٥ - وقال عليه السلام: " أذا دعا الرجل لاخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف مثله. وإذا دعا لنفسه كانت له واحدة، فمائة ألف مضمونة خير من واحدة لا يدرى يستجاب له أم لا "(١) .

٢١٨٦ - و " من دعا لاربعين رجلا من إخوانه قبل أن يدعو لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه ".(٢)

٢١٨٧ - و " من مر بين مأزمي منى غير مستكبر غفر الله له ذنوبه ".(٣)

٢١٨٨ - و " إن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لاصوات المؤمنين، لهم دوي كدوي النحل يقول الله عزوجل: أنا ربكم وأنتم عبادي أديتم حقي وحق علي أن أستجيب لكم فيحط تلك الليلة عمن أراد أن يحط عنه ذنوبه ويغفر لمن أراد

___________________________________

(١) روى الكلينى ج ٢ ص ٥٠٨ نحوه عن عبدالله بن جندب عن موسى بن جعفر عليها السلام في حديث.

(٢) روى المؤلف في الصحيح أيضا عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " من قدم أربعين رجلا من اخوانه فدعا لهم ثم دعا لنفسه استجيب له فيهم وفى نفسه ".

(٣) الظاهر أن المراد بهما مضيق مكة إلى منى ومضيق منى إلى عرفات وهو المزدلفة ويحتمل أن يكون المراد به المشعر فقط كما فهمه الاصحاب ويطلقون عليه في كتبهم، والاول أوفق بكلام أهل اللغة (م ت) أقول: في القاموس المأزم ويقال له: المأزمان: مضيق بين جمع وعرفة، وآخر بين مكة ومنى.

٢١٢

أن يعفر له "(١) .

فاذا ازدحم الناس فلم يقدروا على أن يتقدموا ولا يتأخروا كبروا فإن التكبير يذهب بالضغاط(٢) .

٢١٨٩ - و " الحاج إذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه "(٣) .

والوقوف بعرفة سنة، وبالمشعر فريضة.(٤)

وما من عمل أفضل يوم النحر من دم مسفوك، أو مشي في بر الوالدين أو ذي رحم قاطع يأخذ عليه بالفضل ويبدأه بالسلام، أو رجل أطعم من صالح نسكه ثم دعا إلى بقيته جيرانه من اليتامى وأهل المسكنة والمملوك وتعاهد الاسراء.(٥)

٢١٩٠ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " استفرهوا ضحاياكم فإنها مطاياكم على الصراط".(٦)

٢١٩١ - وجاء‌ت ام سلمة رضى الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت: " يا رسول الله يحضر الاضحى وليس عندي ثمن الاضحية فأستقرض وأضحي؟ فقال: استقرضي [وضحي] فإنه دين مقضي ".(٧)

___________________________________

(١) روى الكلينى في باب ليلة المزدلفة والوقوف بالمشعر في الحسن كالصحيح عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام في حديث أنه قال: " ان استطعت أن تحيى تلك الليلة فافعل فانه بلغنا أن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لاصوات المؤمنين، لهم دوى كدوى النحل يقول الله تعالى أنا ربكم إلى قوله. يغفر له ".

(٢) سيأتى الكلام فيه.

(٣) جزء من خبر جميل بن دراج الذى تقدم في الهامش.

(٤) الوقوف بعرفة ظهر وجوبه من السنة، وبالمشعر من الكتاب قوله تعالى " فاذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ".

(٥) هذه الاعمال مطلوبة يوم النحر مطلقا وان لم يكن بمنى. (م ت)

(٦) أى اختاروا الفارهة الجيدة منها غير المعيوبة، ورواه المؤلف في العلل ص ٨ ٤٣ بسند قوى عن موسى بن جعفر عليه السلام رفعه عن النبى صلى الله عليه وآله.

(٧) رواه في العلل ص ٤٤٠ بالسند الذى تقدم للخبر السابق.

٢١٣

٢١٩٢ - و " يغفر لصاحب الاضحية عند أول قطرة تقطر من دمها ".(١)

٢١٩٣ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " إنما استحسنوا إشعار البدن لان أول قطرة تقطر من دمها يغفر الله له على ذلك".(٢)

٢١٩٤ - و " من كف بصره ولسانه ويده أيام التشريق كتب الله عزوجل له مثل حج [من] قابل".(٣)

٢١٩٥ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " رمي الجمار ذخر يوم القيامة ".(٤)

٢١٩٦ - وقال صلى الله عليه وآله: " الحاج إذا رمى الجمار خرج من ذنوبه ".

٢١٩٧ - وقال الصادق عليه السلام: " من رمى الجمار يحط عنه بكل حصاة كبيرة موبقة، وإذا رماها المؤمن التقفها الملك(٥) ، وإذا رماها الكافر قال الشيطان: بإستك ما رميت ".(٦)

٢١٩٨ - وقال الصادق عليه السلام: " إن المؤمن إذا حلق رأسه بمنى ثم دفنه جاء يوم القيامة وكل شعرة لها لسان طلق تلبي باسم صاحبها ".

٢١٩٩ - و " استغفر رسول الله صلى الله عليه وآله للمحلقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة ".(٧)

___________________________________

(١) رواه في العلل ص ٤٤٠ مسندا عن شريح بن هانى، عن أمير المؤمنين (ع).

(٢) رواه باسناده عن جابر الجعفى عنه عليه السلام في العلل ص ٤٣٤.

(٣) يشبه أن يكون خبرا مأثورا بلفظه ولم أجده، نعم روى ابن حبان في الثواب و البيهقى في شعب الايمان عن الفضل بن العباس عن النبى صلى الله عليه وآله قال: من " حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة " كما في الجامع الصغير.

(٤) كما في رواية معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام في الكافى ج ٤ ص ٢٦١.

(٥) في المحاسن ص ٦٧ مسندا والتقف الشئ: تناولها بسرعة. والموبقة: المهلكة.

(٦) أى أنت من حزبى ومع ذلك ترمانى بالجمرة. والخبر رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٨٠ مسندا عن حريز عن أبى عبدالله عليه السلام إلى قوله " موبقة".

(٧) روى الشيخ رحمه الله في التهذيب ج ١ ص ٥١٦ في الصحيح عن حريز عن الصادق عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الحديبية: اللهم اغفر للمحلقين مرتين، قيل: وللمقصرين؟ قال: للمقصرين، وفى الصحيح عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " استغفر رسول الله صلى الله عليه وآله للمحلقين ثلاث مرات".

وروى مثله مسلم في صحيحه.

٢١٤

٢٢٠٠ - وروي " أن من حلق رأسه بمنى كان له بكل شعرة نور يوم القيامة ".(١)

ولا يجوز للصرورة أن يقصر، وعليه الحلق.(٢)

٢٢٠١ -وسئل الصادق عليه السلام " عن قول الله عزوجل: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه " قال: يرجع مغفورا لا ذنب له ".

٢٢٠٢ - وروي " يخرج من ذنوبه كنحو ما ولدته امه ".(٣)

٢٢٠٣ - وقال عليه السلام: " لا يزال العبد في حد الطائف بالكعبة ما دام شعر الحلق عليه ".(٤)

٢٢٠٤ - وروي " أن الحاج من حين يخرج من منزله حتى يرجع بمنزلة الطائف بالكعبة ".(٥)

___________________________________

(١) في الكافى ج ٤ ص ٢٦١ مسندا عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله " وحلق الرأس لك بكل شعرة نور يوم القيامة ".

(٢) سيجيئ أخباره وحكمه ان شاء الله تعالى.

(٣) روى الكلينى ج ٤ ص ٢٥٢ في الصحيح عن عبدالاعلى قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " كان أبى يقول: من أم هذا البيت حاجا أو معتمرا مبرء‌ا من الكبر رجع من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه ثم قرأ " فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى " قلت ما الكبر الحديث ".

(٤) أى عليه الشعر الذى نبت بعد الحلق بمنى، وروى الكلينى في الحسن كالصحيح عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا يزال العبد في حد الطواف بالكعبة ما دام حلق الرأس عليه " أى إذا حلق رأسه بمنى فان له ثواب الطائف بالكعبة إلى حلق أخر:.

(٥) يمكن أن يكون مأخوذا مما رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٢٨ في الحسن كالصحيح عن زياد القندى قال: " قلت لابى الحسن عليه السلام جعلت فداك انى أكون في المسجد الحرام وأنظر إلى الناس يطوفون بالبيت وأنا قاعد فأغتم لذلك، فقال: يا زياد لا عليك، فان المؤمن إذا خرج من بيته يؤم الحج لا يزال في طواف وسعى حتى يرجع ".

٢١٥

٢٢٠٥ - وقال الصادق عليه السلام: " من حج حجة الاسلام فقد حل عقدة من النار من عنقه، ومن حج حجتين لم يزل في خير حتى يموت، ومن حج ثلاث حجج متوالية، ثم حج أو لم يحج فهو بمنزلة مدمن الحج "(١) .

٢٢٠٦ - وروى " أن من حج ثلاث حجج لم يصبه فقر أبدا "(٢) .

٢٢٠٧ - و " أيما بعير حج عليه ثلاث سنين جعل من نعم الجنة ". وروي " سبع سنين ".(٣)

٢٢٠٨ - وقال الرضا عليه السلام: " من حج بثلاثة من المؤمنين فقد اشترى نفسه من الله عزوجل بالثمن، ولم يسأله من أين اكتسب ماله من حلال أو حرام "(٤) .

___________________________________

(١) مدمن الحج هو الذى إذا وجد سبيلا إلى الحج حج كما أن مدمن الخمر هو الذى إذا وجد الخمر شربه، رواه الكلينى باسناده عن فضيل بن يسار عن أحدهما عليهما السلام في ج ٤ ص ٥٤٢، ومن قوله " ومن حج حجتين إلى قوله " مدمن الحج " رواه المصنف مسندا في الخصال ص ٦٠ وص ١١٧ من حديث صفوان بن مهران وحريز بن عبدالله.

(٢) رواه المصنف في الخصال ص ١١٧ باسناده عن صفوان بن مهران عن الصادق عليه السلام.

(٣) روى المؤلف في ثواب الاعمال ص ٧٤ في حديث عن يونس بن يعقوب عن على ابن الحسين عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله " ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج الا جعله الله من نعم الجنة وبارك في نسله ".

(٤) نقله المؤلف مسندا في العيون وقال: يعنى بذلك أنه لم يسأله عما وقع في ماله من الشبهة، ويرضى عنه خصماء‌ه بالعوض، ونقل الفيض رحمه الله هذا الكلام في الوافى وقال: لعل ذلك بشرط التوبة وعدم معرفة أصحاب المال بأعيانهم ليرده عليهم انتهى.

أقول: في طريق الرواية سلمة بن الخطاب وهو ضعيف، وأحمد بن على وهو مجهول والديلمى أعنى الحسن بن على وهو مهمل ولقد روى المؤلف رحمه الله في الفقيه كما سيجيئ وقال: روى عن الائمة عليهم السلام انهم قالوا: " من حج بمال حرام نودى عند التلبية: لالبيك عبدى ولا سعديك ".

وروى الطبرانى في الاوسط عن أبى هريرة والاصبهانى في الترغيب عن أسلم العدوى عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور ; وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوصع رجله في الغرز فنادى لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، وحجك مأزور غير مبرور ".

٢١٦

٢٢٠٩ - و " من حج أربع حجج لم تصبه ضغطة القبر أبدا، وإذا مات صور الله عزوجل الحجج التى حج في صورة حسنة أحسن ما يكون من الصور بين عينيه تصلي في جوف قبره حتى يبعثه الله عزوجل من قبره ويكون ثواب تلك الصلاة له واعلم أن الركعة من تلك الصلاة تعدل ألف ركعة من صلاة الآدميين "(١) .

٢٢١٠ - و " من حج خمس حجج لم يعذبه الله أبدا، ومن حج عشر حجج لم يحاسبه الله أبدا، ومن حج عشرين حجة لم ير جهنم ولم يسمع شهيقها ولا زفيرها "(٢) .

٢٢١١ - ومن حج أربعين حجة قيل له: اشفع فيمن أحببت ويفتح له باب من أبواب الجنة يدخل منه هو ومن يشفع له".(٣)

٢٢١٢ - و " من حج خمسين حجة بنى له مدينة في جنة عدن فيها ألف قصر، في كل قصر ألف حوراء من حور العين، وألف زوجة، ويجعل من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله في الجنة ".(٤)

٢٢١٣ - و " من حج أكثر من خمسين حجة كان كمن حج خمسين حجة مع محمد والاوصياء صلوات الله عليهم، وكان ممن يزوره الله عزوجل كل جمعة

___________________________________

(١) رواه في الخصال ص ٢١٥ من حديث منصور بن حازم عن أبى عبدالله (ع).

(٢) رواه أيضا في الخصال ص ٢٨٣ و ٤٤٥ و ٥١٦ من حديث أبى بكر الحضرمى عن الصادق عليه السلام.

(٣) رواه في الخصال ص ٥٤٨ من حديث أبى يحيى زكريا الموصلى كوكب الدم عن موسى بن جعفر عليهما السلام.

(٤) رواه في الخصال ص ٥٧١ من حديث هارون بن خارجة عن أبى عبدالله (ع).

٢١٧

وهو من يدخل جنة عدن التي خلقها الله عزوجل بيده ولم ترها عين، ولم يطلع عليها مخلوق، وما من أحد يكثر الحج إلا بنى الله عزوجل له بكل حجة مدينة في الجنة فيها غرف، في كل غرفة منها حوراء من حور العين، مع كل حوراء ثلاثمائة جارية، لم ينظر الناس إلى مثلهن حسنا وجمالا "(١) .

٢٢١٤ - وقال الصادق عليه السلام: " من حج سنة وسنة لا فهو ممن أدمن الحج ".

٢٢١٥ - وقال إسحاق بن عمار قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إني قد وطنت نفسي على لزوم الحج كل عام بنفسي أو برجل من أهل بيتي بمالي فقال: وقد عزمت على ذلك؟ قلت: نعم [قد عزمت على ذلك] فقال: إن فعلت ذلك فأيقن بكثرة المال - أو أبشر بكثرة المال - ".

٢٢١٦ - وروي أنه " ما تقرب عبد إلى الله عزوجل بشئ أحب إليه من المشي إلى بيته الحرام على القدمين، وإن الحجة الواحدة تعدل سبعين حجة، و من مشى عن جمله كتب الله له ثواب ما بين مشيه وركوبه، والحاج إذا انقطع شسع نعله كتب الله له ثواب ما بين مشيه حافيا إلى متنعل "(٢) .

٢٢١٧ - " والحج راكبا أفضل منه ماشيا، لان رسول الله صلى الله عليه وآله حج راكبا "(٣) .

___________________________________

(١) لم أجده في مظانه والظاهر أنه خبر مأثور بلفظه مثل ما تقدم.

(٢) الظاهر إلى هنا خبر واحد كما في الوسائل ولم أجده مسنده في المصادر التى عندى.

(٣) روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٨٣ في الموثق عن رفاعة وابن بكير جميعا عن أبى عبدالله عليه السلام أنه " سئل عن الحج ماشيا أفضل أو راكبا، فقال: بل راكبا، فان رسول الله صلى الله عليه وآله حج راكبا " ورواه الكلينى ج ٤ ص ٤٥٦.

ويمكن الجمع بوجوه الاول أن يحمل أخبار المشى من مكة لافعال الحج كما يظهر من صحيحة رفاعة قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن مشى الحسن عليه السلام من مكة أو المدينة قال: من مكة، وسألته إذا زرت البيت أركب أو أمشى فقال: كان الحسن عليه السلام يزور راكبا " (الكافى ج ٤ ص ٤٥٦).

الثانى أن يحمل أخبار المشى على من لم يضعفه عن الدعاء والعبادة والركوب على غيره كما يظهر من صحيحة سيف التمار قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام: انا كنا نحج مشاة فبلغنا عنك شئ فما ترى؟ قال: ان الناس ليحجون مشاة ويركبون، قلت: ليس عن ذلك أسألك، قال: فعن أى شئ سألت؟ قلت: أيهما أحب اليك أن نصنع؟ قال: تركبون أحب إلى، فان ذلك أقوى لكم على الدعاء والعبادة " الكافى ج ٤ ص ٤٥٦.

الثالث أن يحمل أخبار الركوب على ما إذا أخذ معه مركبا يتخذه لحاجته وضرورته والمشى على المشى معه كما يظهر من قوله عليه السلام فيما يأتى رقم ٢٢١٩.

٢١٨

والجمع ما بين الخبرين في هذا المعنى:

٢٠١٨ - ما رواه أبوبصير عن الصادق عليه السلام أنه سأله " عن المشي أفضل أو الركوب؟ فقال: إذا كان الرجل موسرا فمشى ليكون أقل لنفقته فالركوب أفضل ".

٢٢١٩ - و " كان الحسين بن علي عليهما السلام يمشي وتساق معه المحامل و الرحال ".

٢٢٢٠ - و " جاء رجل(١) إلى علي بن الحسين عليهما السلام فقال: قد آثرت الحج على الجهاد، وقد قال الله عزوجل: " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة - إلى آخرها " فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: فاقرأ ما بعدها فقال: " التائبون العابدون الحامدون - إلى أن بلغ آخر الآية " فقال: إذا رأيت هولاء فالجهاد معهم يؤمئذ أفضل من الحج ".

وروي أنه عليه السلام: قرأ " التائبين العابدين - إلى آخر الآية ".

٢٢٢١ - و " من حج يريد به وجه الله عزوجل لا يريد به رياء ولا سمعة غفر الله له البتة ".(٢)

٢٢٢٢ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أراد دنيا وآخرة فليؤم هذا البيت ".

___________________________________

(١) الرجل هو عباد البصرى الصوفى والخبر رواه الكلينى والشيخ رحمهما الله.

(٢) رواه المصنف في ثواب الاعمال ص ٧٤ من حديث سيف التمار عن أبى عبدالله عليه السلام.

٢١٩

٢٢٢٣ - و " من رجع من مكة وهو ينوي الحج من قابل زيد في عمره "(١) .

٢٢٢٤ - و " من خرج من مكة وهو لا ينوي العود إليها فقد قرب أجله ودنا عذابه ".(٢)

٢٢٢٥ - وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " ترون هذا الجبل - ثافلا - إن يزيد ابن معاوية لما رجع من حجه مرتحلا إلى الشام أنشأ يقول: إذا تركنا ثافلا يمينا * فلن نعود بعده سنينا للحج والعمرة ما بقينا فأماته الله عزوجل قبل اجله "(٣) .

٢٢٢٦ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " ما من عبد يؤثر على الحج حاجة من حوائج الدنيا إلا نظر إلى المحلقين قد انصرفوا قبل أن تقضى له تلك الحاجة ".(٤)

٢٢٢٧ - وقال الصادق عليه السلام: " ما تخلف رجل من الحج إلا بذنب(٥) وما يعفو الله عزوجل أكثر ".

٢٢٢٨ - و " سئل " عن قول الله عزوجل: فأصدق وأكن من الصالحين " قال: أصدق من الصدقة، وأكن من الصالحين أي أحج ".

٢٢٢٩ - قال الرضا عليه السلام: العمرة إلى العمرة كفارة ما بينهما ".

٢٢٣٠ - وروي عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " الحجة ثوابها الجنة، والعمرة كفارة كل ذنب " وأفضل العمرة رجب(٦) .

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٤ ص ٢٨١ باسناده عن عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام.

(٢) رواه الكلينى أيضا ج ٤ ص ٢٧٠ باسناده عن الحسين الاحمسى عن أبى عبدالله عليه السلام وفيه " لا يريد العود".

(٣) ذكر هذا الخبر لبيان الشاهد على تعجيل عذاب من لا ينوى العود.

(٤) " على الحج " أى حجة الاسلام. وهذا مجرب.

(٥) أى ذلك التخلف بسبب ذنب اكتسبه.

(٦) ستجيئ الاخبار في ذلك ان شاء الله.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640