من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه12%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267547 / تحميل: 8506
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ماذا سميتموه ؟ فقلنا : سمّيناه حرباً ، فقال : لا ولكن اسمه محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم ببني هارون : شبّر ، وشبيراً ، يقول : حسن وحسين.

الثاني من المصادر هو مسند أبي داود الطيالسي(1) ( ت 204 ه‍ ) ، فقد ورد فيه الحديث مرّة واحدة كما يلي :

حدّثنا أبو داود قال : حدّثنا قيس عن أبي إسحاق قال : سمعت هانئ بن هانئ يحدّث عن عليّ قال : لما ولد الحسن بن عليّ قلت : سمّوه حرباً ـ وقد كنت أحب أن أكتني بأبي حرب ـ فأتى رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فدعا به ، قلنا : سمّيناه حرباً ، قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : بل هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سمّيناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : هو حسين.

وراجع منحة المعبود في ترتيب مسند أبي داود للساعاتي(2) تجد الحديث أيضاً.

الثالث من المصادر : الطبقات الكبرى لابن سعد(3) ( ت 231 ه‍ ) الطبقة الخامسة ، جاء فيه الحديث بصورتين :

1 ـ قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ، ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ، ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو محسّن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّرا.

__________________

(1) مسند أبي داود الطيالسي 1 : 19 ، ح 129.

(2) منحة المعبود في ترتيب مسند أبي داود للساعاتي 2 : 129 ـ 130.

(3) الطبقات الكبرى لابن سعد 1 : 240.

٢١

2 ـ قال : أخبرنا الحسن بن موسى ، قال : حدّثنا زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق قال : لما ولد الحسن سمّاه عليّ حرباً ، قال : وكان يُعجبه أن يكنّى أبا حرب ، فقال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : وما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، قال : ما شأن حرب وهو حسن.

فلمّا ولد حسين سماه عليّ حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما شأن حرب ؟ بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سمّاه حرباً ، فقال رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميتم ابني ؟ قالوا : حرباً ، فقال : ما شأن حرب هو محسِن أو محسّن.

الرابع من المصادر هو مسند أحمد بن حنبل(1) ( ت241 ه‍ ) ، فقد ورد فيه الحديث كما يلي :

حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا يحيى بن آدم ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وأورده مرّة ثانية وثالثة(2) بسند آخر ، وتفاوت في اللفظ وإليك نصّه :

حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا حجاج ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين قال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد

__________________

(1) مسند أحمد بن حنبل 1 : 98.

(2) المصدر نفسه 1 : 118.

٢٢

الثالث جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وأخرجه عن أحمد الديار بكري في تاريخ الخميس ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب(1) ، وأخرجه أحمد أيضاً في كتاب الفضائل كما في ( الحسين والسنة )(2) .

والغريب أنّ من الشيعة من أخرج ذلك دون التنبيه إلى ما فيه من خفايا البلايا ، كما مرّ في ذكر المصادر الشيعية التي تسرّب إليها الحديث.

الخامس من المصادر هو الأدب المفرد للبخاري(3) ( ت 256 ه‍ ) ، جاء فيه الحديث بصورة واحدة :

حدّثنا أبو نعيم ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسنرضي‌الله‌عنه سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسن.

فلما ولد الحسينرضي‌الله‌عنه سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباًَ ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

وعقّب المحقق على ذلك فقال : ليس في شيء من الكتب الستة ، وجاء في كتاب فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد(4) ، تأليف فضل الله الجيلاني استاذ في الجامعة العثمانية ما يلي : أخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب من طريقين

__________________

(1) تاريخ الخميس 1 : 418 , كفايه الطالب : 352.

(2) الحسين والسنة : 15.

(3) الأدب المفرد للبخاري : 213.

(4) فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد تأليف فضل الله الجيلاني 2 : 288.

٢٣

كلاهما عن إسرائيل إلى آخره ، والحاكم وقال : صحيح الاسناد ، وأحمد ، وقال الحافظ في الإصابة : إسناده صحيح.

السادس من المصادر هو أنساب الأشراف للبلاذري(1) ( ت 279 ه‍ ) ، فقد جاء فيه :

حدّثني أبو عمرو الزيادي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق أنّ علياً قال : لمّا ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، فقال : هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سميناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، فقال : هو الحسين ، فلما ولد الثالث جاء فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً قال : هو محسن ، إنّما سميتهم بأسماء ولد هارون شبر شبير ومشبر.

حدّثنا عبد الله بن صالح ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق بنحوه ، ورواه أيضاً بسندٍ آخر عن ابن سعد ، ذكره في ترجمة الحسينعليه‌السلام (2) .

السابع من المصادر هو المعجم الكبير للطبراني(3) ( ت 360 ه‍ ) ، جاء فيه الحديث بخمسة أسانيد :

1 ـ حدّثنا عثمان بن عمر الضبّي ، حدّثنا عبد الله بن رجاء ، أخبرنا إسرائيل ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين سميناه حرباً ، فأتى رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ائتوني بابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بولد هارون شبر وشبير ومشبّر.

__________________

(1) أنساب الأشراف للبلاذري 1 : 404.

(2) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام 3 : 144.

(3) المعجم الكبير للطبراني 3 : 100 ـ 101.

٢٤

2 ـ حدّثنا محمّد بن يحيى بن سهل بن محمّد العسكري ، ثنا سهل بن عثمان ، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن ابن عليّرضي‌الله‌عنه جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلمّا ولد الحسين بن عليّرضي‌الله‌عنه جاء فقال مثل قوله ، فقلت : سميته حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث جاء فقال مثل قوله ، فقلت : سميته حرباً ، فقال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بولد هارون شبر وشبير ومشبر.

3 ـ حدّثنا محمّد بن أبان الأصبهاني ، حدّثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ، ثنا قيس بن الربيع ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : كنت أحبّ أن أكتني بأبي حرب ، فلمّا ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : ما سميتم ؟ فقلت : سميته حرباً ، فقال : هو الحسن.

4 ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا أبو كريب ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي : لا ولكن سمّه حسناً ، ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ فقلت : حرباً ، قال : بل سمّه حسيناً ، ثم ولد آخر فسميته حرباً ، فقال( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : حرباً ، قال : سمّه محسناً.

5 ـ حدّثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ، ثنا يحيى بن عيسى الرملي التميمي ، ثنا الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد قال : قال عليّرضي‌الله‌عنه : كنت رجلاً أحب الحرب ، فلمّا ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً ، فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسن ، فلما ولد الحسين هممت أن أسميه حرباً فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسين ، وقال( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سميت إبنيّ هذين باسم إبني هارون شبراً وشبيراً.

الثامن من المصادر هو المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري(1) ( ت 405 ه‍ ) ، جاء فيه بصورتين :

__________________

(1) المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 3 : 165.

٢٥

1 ـ أخبرنا أبو العباس محمّد بن أحمد المحبوبي بمرو ، ثنا سعيد بن مسعود ، ثنا عبيد الله بن يونس ، أنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّرضي‌الله‌عنه قال : لما ولدت فاطمة الحسن جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن.

فلمّا ولدت الحسين جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، ثم ولدت الثالث جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) قال : أروني ابني ما سمّيتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : إنّما سميتهم باسم ولد هارون شبر وشبير ومشبر.

وعقّب الحاكم على الحديث بقوله : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، وتبعه الذهبي في التلخيص ، فذكر الحديث مبتدءاً بالسند من هانئ بن هانئ ثم قال في آخره : صحيح ، رواه إسرائيل عن جدّه.

ثم إنّ الحاكم أخرج الحديث مرّة ثانية(1) كما يلي :

2 ـ حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني بالكوفة ، حدّثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري ، ثنا جعفر بن عون ، ثنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما أن ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو الحسن ، فلمّا ولد الحسين سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسين ، فلما ولد محسن قال : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال هو محسن ، ثم قال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سمّيت بَنيّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه شبّراً وشبيراً ومشبّراً.

وعقّب الحاكم على الحديث بقوله : هذا الحديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ، وذكره الذهبي في التلخيص مختصراً وعقب بقوله : قلت مرّ من حديث إسرائيل.

__________________

(1) المصدر نفسه 3 : 168.

٢٦

التاسع من المصادر هو السنن الكبرى للبيهقي(1) ( ت 458 ه‍ ) ، جاء فيه :

أخبرنا أبو عليّ الروذباريّ ، أنبأ عبد الله بن عمر بن أحمد بن شوذب المقري بواسط ، أنبأ شعيب بن أيوب ، ثنا عبيد بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لمّا ولد الحسن سمّيته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسن.

ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ماسميتموه ؟ فقلت : حرباً ، فقال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر وشبير ومشبّر.

ثم قال البيهقي : رواه يونس بن أبي إسحاق عن أبيه ، وقال في الحديث : إنّي سميت بَنيّ هؤلاء بتسمية هارون بنيه ، وروي في هذا المعنى أخبار كثيرة.

وجاء فيه أيضاً(2) : أخبرنا عليّ بن أحمد بن عبدان ، أنبأ أحمد بن عبيد ، ثنا عثمان بن عمر ، ثنا ابن رجا ، ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، ح ( حيلولة ) وحدّثنا أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو الحسن عليّ بن محمّد الشيباني بالكوفة ، ثم ساق الحديث سنداً ومتناً كما مرّ في الحديث الثاني عند الحاكم في المستدرك حرفاً بحرف ، ثم عقّب البيهقي بقوله : لفظ حديث يونس ، وفي رواية إسرائيل : أروني ابني ما سميتموه ؟ والباقي بمعناه.

العاشر من المصادر هوتاريخ دمشق لابن عساكر ( ت 571 ه‍ ) ، ( ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام بتحقيق المحمودي )(3) جاء الحديث فيه بثلاث صور :

__________________

(1) السنن الكبرى للبيهقي 6 : 163.

(2) المصدر نفسه 7 : 63.

(3) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من تاريخ دمشق : 17 ـ 18.

٢٧

1 ـ أخبرنا أبو العز بن كادش ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، أخبرنا عليّ بن محمّد بن أحمد ابن نصير ، أخبرنا جعفر بن محمّد بن عتيب ، أخبرنا محمّد بن خالد بن خداش ، أخبرنا سالم بن قتيبة ، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسن.

فلما ولد الحسين سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : هو الحسين ، فلما ولد محسن سميته حرباً ، فقال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميت ابني ؟ قلت : حرباً ، قال : فهو محسن ، ثم قال النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) : إنّي سميت بَنيّ هؤلاء تسمية هارون بنيه شبراً وشبيراً ومشبراً.

2 ـ أخبرنا أبو غالب ابن البناء ، أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوس ، أخبرنا أبو الحسن الدارقطني ، أخبرنا محمّد بن القاسم بن زكريا ، أخبرنا أبو كريب ، أخبرنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، أنّه حدّثه عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : لا ولكن اسمه حسن ، ثم ولد لي الحسين سميته حرباً ، فقال لي رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، فقال : لا اسمه حسين ، ثم ولد لي فقال : ما سميته ؟ قلت : سميته حرباً ، فقال : لا اسمه محسن.

قال الدارقطني : تفرد به إبراهيم بن يوسف عن أبيه.

3 ـ أخبرنا أبو عليّ بن السبط ، أخبرنا أبو محمّد الجوهري ، وأخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أخبرنا أبو عليّ ابن المذهب ، قالا : أخبرنا أحمد بن جعفر ، أخبرنا عبد الله ، حدّثني أبي ، أخبرنا يحيى بن آدم ، أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسن.

٢٨

فلما ولد الحسين سمّاه حرباً ، فجاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قال : قلت : حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث سمّيته حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبّر شبير مشبر.

الحادي عشر من المصادر هو أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير(1) ( ت 630 ه‍ ) ، جاء فيه في ترجمة الحسن :

قال عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه : لما ولد الحسن جاء رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسن ، فلما ولد الحسين سمّيناه حرباً ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : سميته حرباً ، قال : بل هو حسين ، فلمّا ولد الثالث جاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلت : حرباً ، قال : بل هو محسن ، ثم قال : سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر.

وجاء أيضاً ثانياً(2) ذكر الحديث الآنف الذكر في ترجمة الحسين مع ذكر اسناده المنتهي إلى أحمد بن حنبل ، وحيث تقدّم في المصدر الثالث فلا حاجة إلى إعادته.

وجاء فيه أيضاً(3) في ترجمة المحسن اعادة الحديث بنفس السند السابق.

الثاني عشر من المصادر هو ( مجمع الزوائد )(4) للهيثمي ( ت 807 ه‍ ) ، جاء فيه ذكر الحديث المروي عن هانئ بن هانئ ، ثم قال الهيثمي : رواه أحمد والبزار إلاّ أنّه قال : سميتهم بأسماء ولد هارون جبر وجبير ومجبّر. والطبراني ، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير هانئ بن هانئ ، وهو ثقة.

__________________

(1) اُسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير 2 : 10 ـ 18.

(2) المصدر نفسه 2 : 18.

(3) المصدر نفسه 4 : 308.

(4) مجمع الزوائد للهيثمي 8 : 52.

٢٩

ثم ورد في المصدر المذكور الحديث الآخر : وعنه ـ عن عليّ ـ قال : لما ولد الحسن سميته حرباً ، وكنت أحب أن أكتني بأبي حرب ، فجاء النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فحنكه ، فقال : ما سميتم ابني ؟ فقلنا : حرباً ، فقال : هو الحسن ، ثم ولد الحسين فسميته حرباً ، فأتى النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) فحنكه فقال : ما سميتم ابني ؟ فقلنا : حرباً ، فقال : هو الحسين.

ثم قال الهيثمي : رواه البزار والطبراني بنحوه بأسانيد ، ورجال أحدهما رجال الصحيح.

الثالث عشر من المصادر هو عيون الأخبار وفنون الآثار(1) للداعي المطلق إدريس عماد الدين القرشي ( ت 872 ه‍ ) ، جاء فيه ما لفظه :

وروي عن أبي غسان بإسناده عن عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : لما ولد الحسن بن عليّ سمته أمّه حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا بل هو حسن.

فلما ولد الحسين سمته أمّه أيضاً حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا بل هو حسين ، فلمّا ولد محسن سمّته أمه حرباً ، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أروني ابني ما سميتموه ؟ قلنا : حرباً ، قال : لا ، بل هو محسن ، ثم قال : إنّي سميتهم بأسماء أولاد هارون شبر وشبير ومشبر.

وعقّب المؤلف على ذلك بقوله : ومن هذه الرواية دليل على أنّ محسن ولد على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأشهر الذي عليه الإجماع أيضاً أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاه وهو في بطن فاطمة ، وأنّها أسقطته حين راعها عمر بن الخطاب ودفع على بطنها الباب ، والله أعلم بالصواب.

تعقيب على صور الحديث :

هذه نماذج من صور الحديث في مختلف المصادر ، وهي من الأمهات التي يرجع إليها المتأخرون وعنها يأخذون ، وحسب القارئ هذه المصادر الإثنى عشر

__________________

(1) عيون الأخبار وفنون الآثار 4 : 6.

٣٠

فهي تُغني عن غيرها ، ولنعد الآن إلى صور الحديث فنُلقي عليها نظرة فاحصة ، لنعرف مدى التفاوت الذي حصل بين ما جاء في أقدم مصدر ، وبين ما جاء بعده ، مع العلم بأنّ الحديث واحد ، وراويه الأول واحد ، ثم الذي رواه عنه أيضاً هو واحد ، فلماذا نجدُ التفاوت ؟

ومهما كان ذلك لفظياً أو بسيطاً ، فهو بالتالي يكشف عن عدم الدقة في النقل ، ويورث ذلك عدم الثقة بالناقل ، وبالتالي إلى عدم اعتبار الحديث ، فخذ أمثلة على ذلك :

1 ـ جاء في ثاني المصادر وهو كتاب ( مسند الطيالسي ) فقد روى حديث أبي إسحاق بن يحيى ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّ ، وقد ورد فيه أنّ علياً كان يحب أن يكتنى بأبي حرب فسمّى ولده حرباً ، فغيّره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمّاه حسناً ، ثم ولد الحسين سماه عليّ حرباً وغيّره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمّاه حسيناً.

وإلى هنا انتهى الحديث ولم يأت عن ولادة الثالث شيئاً ، ولا عن تسمية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لهما باسم ابني هارون ، بينما نجد نفس الحديث بنفس السند في المصادر التالية فيه نقص وفيه زيادة ، ففي بعضها ليس فيه ذكر لمحبة عليّ أن يكتني بأبي حرب ، بينما فيه زيادة ذكر ولادة المحسن وأنّ علياً سمّاه حرباً ، فغيّره النبي( صلّى الله عليه وسلّم ) وسمّاه المحسن ، مضافاً إلى زيادة قوله( صلّى الله عليه وسلّم ) : سميتهم بأسماء ولد هارون الخ. فمن أين جاءت تلك الزيادة ؟ ولماذا طرأ ذلك النقصان ، فاختفت محبة عليّ أن يكتنى بأبي حرب !!

2 ـ وخذ مثالاً ثانياً ما جاء في الحديث الثاني الذي رواه ابن سعد في الطبقات ، وهو الثالث في سُلّم المصادر ، تجد الحديث يرويه أبو إسحاق مرسلاً ليس فيه ذكر عمّن أخذه ، وفيه تجد حبّ عليّ أن يكتني بأبي حرب ، وفيه زيادة أخرى هي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كل ولادة : ( ما شأن حرب وهو حسن ) ( ما شأن حرب وهو حسين ) ( ما شأن حرب وهو محسن أو محسّن ) [ بالتشديد ] وهذه الزيادة

٣١

الأخيرة لم ترد إلاّ في حديث أبي إسحاق المرسل الذي أخرجه ابن سعد في الطبقات ، ولم ترد في بقية المصادر التي أوردت الحديث.

3 ـ وخذ مثالاً ثالثاً حديث هانئ بن هانئ عن عليّ ، وقارن بين ألفاظه في مختلف مصادره تقف على التفاوت فيها ، ولابدّ لنا من الإشارة إلى أنّ هانئ بن هانئ الذي حدّث عن عليّعليه‌السلام لم يروِ عنه غير أبي إسحاق ، كما سيأتي بيان ذلك.

فهذا التفاوت والاختلاف إما أن يكون منه أو من أبي إسحاق ، وفي كلتا الحالتين يتطرق الريب إلى صدقهما في النقل ، أما الحمل على رجال السند من بعد أبي إسحاق حتى أصحاب المصادر ربّما كان فيه تجنٍ عليهم ، لأنّهم رووا ما سمعوا ، وإن كانت المؤاخذة قد ترد عليهم حين رووا ذلك على ما فيه من تفاوتٍ وتهافت.

4 ـ وخذ مثالاً رابعاً ما جاء في المصدر الثاني عشر ، ففيه مضافاً إلى إرساله أنّ الذي سمّى الأبناء بحرب هي أمهم فاطمةعليها‌السلام ، وهذا بخلاف ما مرّ أنّ علياًعليه‌السلام هو الذي سمى أو أحبّ أن يسمّي ، فجميع هذه الملاحظات تسقط الحديث المذكور عن الاعتبار.

والآن لنقرأ شيئاً عن الرواة لنعرف وزنهم في ميزان الجرح والتعديل.

٣٢
٣٣

الفصل الثاني

البحث عن رجال الاسناد

ولنبدأ بهم حسب ذكرهم في المصادر ، فرجال الحديث فيالمصدر الأول ـ وهو سيرة ابن إسحاق ـ قال : أنا ( أخبرنا ) يونس ، عن يونس بن عمرو ، عن أبيه ، عن هانئ بن هانئ.

فيونس الأول هو : ابن بكير ، قال الآجري عن أبي داود : ليس هو عندي بحجة ، كان يأخذ ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث ، ومع ذلك قالوا عنه : كان صدوقاً إلاّ أنّه كان يتبع السلطان ، وكان مرجّئاً ، ومع ذلك روى له مسلم متابعة !!

ويونس الثاني هو : ابن عمرو ـ أبي إسحاق ـ السبيعي روى عن أبيه ، وقد أثنوا عليه في كتب الرجال ، ومن الثناء عليه : كان يقدم عثمان على عليّ ، ولعل ذلك هو سبب قول أبي حاتم : صدوق لا يحتج به ( خلاصة تهذيب الكمال ).

وفي المصدر الثاني : وهو ( مسند أبي داود الطيالسي ) : حدّثنا قيس ، عن أبي إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن عليّعليه‌السلام .

فأما قيس ـ شيخ أبي داود ـ فقد قال هو نفسه عنه : ما أخرجت له إلاّ ثلاثة أحاديث ، حدّث بأحاديث عن منصور هي عن عبيدة ، وأحاديث عن مغيرة هي

٣٤

عن فراس ، وقال أحمد : روى أحاديث منكرة ، وكان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن قيس ، وكان ابن معين يقول عنه : ليس بشيء ، وقال : ضعيف الحديث لا يساوي شيئاً(1) .

أما باقي رجال السند فستأتي حالهم عند ذكر المصادر التالية حسب تسلسلها.

وفي المصدر الثالث : وهو الطبقات الكبرى فقد روى ابن سعد عن عبيد الله بن موسى ، قالوا عنه : ثقة يتشيع ، عن إسرائيل بن يونس : ثقة تكلّم فيه بلا حجة ، عن أبي إسحاق السبيعي ثقة عابد اختلط بآخره ، عن هانئ بن هانئ الهمداني الكوفي ، قال ابن المديني : مجهول ، وقال الشافعي : لا يُعرف ، وأهل العلم لا ينسبون حديثه لجهالة حاله(2) .

وقال ابن سعد في الطبقات(3) : كان يتشيع وهو منكر الحديث.

وقال الذهبي(4) : ليس بالمعروف ، وقد ورد ذكره في كتب الرجال الشيعية ، ولم يذكر فيه مدح ، نعم روي أنّه كان من آخر رسل أهل الكوفة إلى الحسينعليه‌السلام ، هو وسعيد بن عبد الله الحنفي يطلبون منه القدوم عليهم ، وأنّهم ينتظرونه ولا رأي لهم في غيره ، فأجابهمعليه‌السلام وأرسل الجواب مع الرسولين المذكورين ، كما ذكر ذلك الشيخ المفيد في الإرشاد(5) ، والطبري(6) وغيره ذكروا مثل ذلك.

__________________

(1) تهذيب التهذيب 8 : 393.

(2) المصدر نفسه 11 : 12.

(3) طبقات ابن سعد 6 : 155.

(4) المغني في الضعفاء 2 : 707.

(5) الارشاد : 203.

(6) تاريخ الطبري 6 : 198.

٣٥

ولدى التحقيق في أسماء شهداء الطف لم أقف على ذكر لهانئ بن هانئ المذكور بينهم ، بينما ورد اسم سعيد بن عبد الله الحنفي في عداد الشهداء ، وكان من المفترض فيه أن يكون كزميله الحنفي ولم يذكر أنه كذلك ، ونكتفي بهذا عنه ، ويتضح أنّ الرجل مجهول الحال أو مجروح ، ومَن وثقه لا يقوم بحجة ترفع أقوال الجارحين من أئمة الفن.

وقد قال ابن عبد البر في الاستقصاء ( ترجمة رقم 2182 ) : كل مَن لم يرو عنه إلاّ رجل واحد لا يعرف إلاّ بذلك ، فهو مجهول عندهم لا تقوم به حجة.

فتبيّن أنّ الحديث بهذا السند الضعيف لا يصح أن يحتج به.

أما الحديث الثاني في الطبقات فهو عن الحسن بن موسى ، وهو الأشيب أبو عليّ البغدادي ثقة ، عن زهير بن معاوية أبو خيثمة ثقة ثبت وسماعه عن أبي إسحاق بآخرة ، وقد تقدم أن أبا إسحاق اختلط بآخرة فلاحظ ذلك ، فالحديث مضاف إلى إرساله إذ لم يدرك أبو إسحاق الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ليروي عنه ، فأبو إسحاق في هذا إما مرسِل أو مدلِّس ، لأنّه روى الحديث كما مرّ بالسند الأول عن هانئ بن هانئ وهو هنا لم يذكره.

أما أسانيد المصادر الباقية فحيث أنّها تنتهي إلى إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، وقد عرفنا حال هؤلاء ، فلا حاجة إلى بسط القول في الرجال الّذين رووا الحديث عن إسرائيل ، يبقى لنا و قفة عابرة مع أولئك الّذين اهتموا بتصحيح الاسناد كالبزار والحاكم والهيثمي وغيرهم ممّن سبقت الإشارة إلى أقوالهم ، فإنّ حجتهم ـ الواهية ـ أنّ رجال بعض أسانيده هم رجال الصحيح ، كما مرّ عن رجال أحمد والبزار وحكاه الهيثمي. وكأنّ الصحيح عندهم هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

وأسفي على تلك الجهود المضاعة لإثبات أنّ صحيح البخاري هو أصح كتاب بعد كتاب الله ، مع كثرة ما فيه من هنات وهفوات ، وما أخذ عليه وفيه من مؤاخذات ، يعرفها أولئك المخرفون قبل غيرهم.

٣٦

ومهما يكن حالهم فلسنا بصددهم ، وإنّما الذي يهمنا أن نقوله : إنّ جميع الأسانيد في الحديث في جميع المصادر تنتهي إلى أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، ومرّت بنا كلمة الشافعي وغيره ، فلا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يحتج بالحديث المذكور ، وكذلك بالنسبة إلى الحديث الثاني الذي رواه أبو إسحاق مرسلاً.

بقى هنا شيء يجب أن ننبه عليه ، هو ما جاء مرسلاً عن سالم بن أبي الجعد ، قال عليّ : كنت رجلاً أحبّ الحرب ، فلما ولد الحسن هممت أن أسميه حرباً ، فسمّاه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسن ، قال : فلما ولد الحسين فهممت أن أسميه حرباً لأنّي كنت أحبّ الحرب ، وسماه رسول الله( صلّى الله عليه وسلّم ) الحسين ، وقال : إنّي سميت ابنيّ هذين باسمي ابني هارون شبراً وشبيراً.

وهذا الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات(1) ، والهيثمي في مجمع الزوائد(2) ، والطبراني في المعجم الكبير(3) ، ولمّا كان مرسلاً فلا حاجة إلى عطف النظر إلى رجال السند فيه.

كما لا حاجة إلى البحث عن أبي غسان الراوي للحديث مرسلاً عن عليّعليه‌السلام كما في المصدر الثاني عشر ، فلا تغني معرفة حاله ، مع جهالة الراوي عنهم من رجاله ، وهذا هو المصدر الوحيد الذي ذكرته وصاحبه من غير أهل السنة ، كما أنّه ليس من الشيعة الإمامية ، بل هو من الإسماعيلية ، وإنّما ذكرته للتنبيه على تسرّب حديث الاكتناء بأبي حرب في التراث الإسلامي ، دون الالتفات إلى ما فيه من هناة.

__________________

(1) طبقات ابن سعد : 239.

(2) مجمع الزوائد 8 : 52.

(3) المعجم الكبير 3 : 97.

٣٧

الفصل الثالث

البحث عن متن الحديث

والبحث في هذا المجال يكون من خلال ست نقاط على النحو التالي :

النقطة الأولى : وفيها تحقيق المراد من اسم حرب ، فهل هو اسم المعنى الوصفي ؟ أم اسم العلم الشخصي ؟ وما المراد منهما في الحديث.

النقطة الثانية : هل كان اسم حرب من الأسماء المبغوضة أم المحبوبة ؟

النقطة الثالثة : ماذا كان يعني إصرار الإمام ـ إن صدقت الأحلام ـ في تسمية أبنائه بحرب اسم المعنى الوصفي ، أم اسم العلم الشخصي ؟

النقطة الرابعة : ما هي الدوافع المغرية في شخصية حرب اسم العلم الشخصي ؟ بدءاً من آبائه ، ومروراً به ، وانتهاءاً بأبنائه ؟

النقطة الخامسة : في كنى الإمام وما هي أحبّ كناه إليه ؟

النقطة السادسة : وأخيراً ماذا وراء الأكمة من تعتيم وظلمة لتضليل الأمة ؟

٣٨
٣٩

النقطة الأولى

في تحقيق المراد من اسم حرب

النقطة الأولى : في تحقيق المراد من اسم حرب وهل هو اسم المعنى ؟ أم اسم العلم ؟ ومن المراد منهما في الحديث ؟

إذا رجعنا إلى المصدر الأول والحديث الثالث من المصدر الخامس ، وجدنا قول الإمام ـ فيما نسب إليه ـ : « وقد كنت أحبّ أن أكتني بأبي حرب » وفي مرسل أبي إسحاق كما في المصدر الثاني نقرأ قول أبي إسحاق : « وكان يعجبه أن يكنّى أبا حرب » ، أما في مرسل سالم بن أبي جعد نقرأ قول الإمام : « كنت رجلاً أحبّ الحرب ».

ومهما أغضينا النظر عن الاختلاف في معاني الكلمات الثلاث ، فإنّ هذا إن دل على شيء فيدلّ على أنّ المراد بحرب هو اسم المعنى الوصفي ، ولعله إستناداً إلى ذلك ذهب العقّاد ـ وربما غيره أيضاً ـ إلى أنّ المراد من حب الإمام أن يكتني بأبي حرب ؛ لأنّه رجل شجاع يحب الحرب ، فلنقرأ ما يقوله العقّاد ، وهو يتحدث عن سيرة الإمام مع بنيه ، بعد أن حكى قول الإمام في حق الوالد على الولد ، وحق الولد على الوالد وهو : ( أن يحسّن اسمه ، ويحسّن أدبه ، ويعلّمه القرآن ).

قال العقّاد : ومن إحسان التسمية أنّه همّ بتسمية ابنه حرباً ، لأنّه يرشحه للجهاد وهو أشرف صناعاته ، لولا أنّ رسول الله سمّاه الحسن وهو أحسن ، فجرى على

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

باب ابتدا الكعبة وفضلها وفضل الحرم

٢٢٩٦ - قال أبوجعفر عليه السلام: " لما أراد الله عزوجل أن يخلق الارض أمر الرياح (الاربع)(١) فضربن متن الماء حتى صار موجا، ثم أزبد(٢) فصار زبدا واحدا فجمعه في موضع البيت، ثم جعله جبلا من زبد ثم دحا الارض من تحته وهو قول الله عزوجل: " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا "(٣) فأول بقعة خلقت من الارض الكعبة، ثم مدت الارض منها ".

٢٢٩٧ - وقال الصادق عليه السلام: " إن الله تبارك وتعالى دحا الارض من تحت الكعبة إلى منى، ثم دحاها من منى إلى عرفات، ثم دحاها من عرفات إلى منى فالارض من عرفات، وعرفات من منى، ومنى من الكعبة(٤) ، وكذلك علمنا بعضه من بعض ".

٨ ٢٢٩ - و " إن الله عزوجل أنزل البيت من السماء وله أربعة أبواب على كل باب قنديل من ذهب معلق(٥) ".

٢٢٩٩ - وروي عن موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال: " في خمسة وعشرين(٦) من

___________________________________

(١) ما بين القوسين نسخة في جميع النسخ وليس في الكافى.

(٢) أزيد: أخرج الزبد وقذف به.

(٣) الرواية إلى هنا في الكافى ج ٤ ص ١٨٩ مسندا عن أبى حسان عنه عليه السلام وعن سيف بن عميرة عن أبى بكر الحضرمى عن أبى عبدالله عليه السلام، وبكة لغة في مكة وقيل: مكة: البلد، وبكة موضع البيت.

(٤) الخبر في الكافى ج ٤ ص ١٨٩ إلى هنا رواه بسند ضعيف، ويمكن أن يكون المراد به أن ابتداء بسط الارض كان من كعبة إلى منى ومنها إلى عرفات وانتهى إلى ما أراد الله تعالى من فوقها ثم دحاها من تحتها حتى انتهى إلى منى فصارت كرة. (م ت)

(٥) يمكن أن يكون خبرا برأسه ولم أجده أو من تتمة الخبر السابق.

(٦) تقدم تحت رقم ١٨١٥ وفيه " في تسع وعشرين ".

٢٤١

ذي القعدة أنزل الله عزوجل الكعبة البيت الحرام فمن صام ذلك اليوم كان كفارة سبعين سنة، وهو أول يوم انزلت فيه الرحمة من السماء على آدم عليه السلام ".

٢٣٠٠ - وقال الرضا عليه السلام: " ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة دحيت الارض من تحت الكعبة فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهرا(١) ".

٢٣٠١ - وسأل محمد بن عمران العجلي أبا عبدالله عليه السلام " أي شئ كان موضع البيت حيث كان الماء في قول الله تعالى " وكان عرشه على الماء "؟ قال: كانت مهاة بيضاء - يعني درة - ".

٢٣٠٢ - وفي رواية أبي خديجة عن أبي عبدالله عليه السلام " إن الله عزوجل أنزله لآدم عليه السلام من الجنة وكان درة بيضاء(٢) فرفعه الله تعالى إلى السماء وبقي اسه وهو بحيال هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أبدا فأمر الله عز وجل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ببنيان البيت على القواعد ".

٢٣٠٣ - وفي رواية عيسى بن عبدالله الهاشمي، عن أبيه، عن أبي عبدالله عن أبيه عليهما السلام قال: " كان موضع الكعبة ربوة من الارض بيضاء(٣) تضئ كضوء الشمس

___________________________________

(١) تقدم تحت رقم ١٨١٤ بزيادة عن الحسن بن على الوشاء عنه عليه السلام.

(٢) في الكافى ج ٤ ص ١٨٨ باسناده عن أبى خديجة قال: " ان الله عزوجل أنزل الحجر لآدم عليه السلام من الجنة وكان بيت درة بيضاء فرفعه الله الخبر " وقال المولى المجلسى رحمه الله: والتغيير الذى من الصدوق هو التصريح دون الاضمار ويفهم منه أنه فهم أن معنى الخبرين واحد والذى يظهر من الخبرين وباقى الاخبار أنه كان هنا ثلاثة أشياء: موضع البيت حين كان عرشه على الماء وكان منيرا كاللؤلؤة، والبيت الذى أنزله الله لادم عليه السلام وكان من ياقوتة حمراء في الصفاء كالؤلؤة، والظاهر أنه البيت المعمور لقوله عليه السلام " يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك، كما ورد في الاخبار المتواترة ان البيت المعمور في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ولا يرجعون اليه إلى يوم القيامة، والحجر الاسود الذى أنزله الله تعالى أيضا.

(٣) أى موضع أساس الكعبة، والربوة بفتح الراء وكسرها: ما ارتفع من الارض.

٢٤٢

والقمر حتى قتل ابنا آدم أحدهما صاحبه فاسودت، فلما نزل آدم عليه السلام رفع الله عزوجل له الارض كلها حتى رآهائم قال: هذه لك كلها قال: يا رب ما هذه الارض البيضاء المنيرة؟ قال: هي حرمي في أرضي، وقد جعلت عليك أن تطوف بها كل يوم سبعمائة طواف ".

٢٣٠٤ - وروى سعيد بن عبدالله الاعرج عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " أحب الارض إلى الله تعالى مكة، وما تربة أحب إلى الله عزوجل من تربتها، ولا جحر أحب إلى الله عزوجل من حجرها، ولا شجر أحب إلى الله عزوجل من شجرها، ولا جبال أحب إلى الله عزوجل من جبالها، ولا ماء أحب إلى الله عزوجل من مائها ".

٢٣٠٥ - وفي خبر آخر: " ما خلق الله تبارك وتعالى بقعة في الارض أحب إليه منها - وأومأ بيده إلى الكعبة - ولا أكرم على الله عزوجل منها، لها حرم الله الاشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات والارض ".

٢٣٠٦ - وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إن الله عزوجل اختار من كل شئ شيئا [و] اختار من الارض موضع الكعبة ".

٢٣٠٧ - وقال عليه السلام: " لا يزال الدين قائما ما قامت الكعبة ".

٢٣٠٨ - وقال زرارة بن أعين لابي جعفر عليه السلام: " أدركت الحسين عليه السلام؟ قال: نعم أذكر وأنا معه في المسجد الحرام وقد دخل فيه السيل والناس يتخوفون على المقام(١) يخرج الخارج فيقول: قد ذهب به السيل، ويدخل الداخل فيقول: هو مكانه، قال: فقال: يا فلان(٢) ما يصنع هؤلاء؟ فقلت: أصلحك الله(٣) يخافون أن يكون

___________________________________

(١) أى خافوا أن يذهب به السيل. وفى بعض النسخ " يقومون ".

(٢) كذا في جميع النسخ والكافى أيضا كأنه دعا رجلا كان هناك وقوله " فقلت " مصحف " فقال ".

(٣) قال المحقق التسترى صاحب " الاخبار الداخلية " فيما كتب إلى ان فيه سقطا أو تصحيفا فان خطاب الامام عليه السلام ابن ابنه وهو ابن أقل من أربع سنين بيا فلان وجوابه هو أيضا بأصلحك الله في غاية البعد، وفى الكافى " فقال لى: يا فلان " والظاهر أن الاصل " فقال لرجل: يا فلان ما يصنع هؤلاء فقال: أصلحك الله " فصحف.

٢٤٣

السيل قد ذهب بالمقام، قال:(١) إن الله عزوجل قد جعله علما لم يكن ليذهب به، فاستقروا ".

وكان(٢) موضع المقام الذي وضعه إبراهيم عليه السلام عند جدار البيت فلم يزل هناك حتى حوله أهل الجاهلية إلى المكان الذي هو فيه اليوم، فلما فتح النبي صلى الله عليه وآله مكة رده إلى الموضع الذي وضعه إبراهيم عليه السلام، فلم يزل هناك إلى أن ولي عمر فسأل الناس من منكم يعرف المكان الذي كان فيه المقام فقال له رجل(٣) : أنا قد كنت أخذت مقداره بنسع(٤) فهو عندي، فقال: ائتني به، فأتاه فقاسه ثم رده إلى ذلك المكان.

٢٣٠٩ - وروي أنه " قتل الحسين بن علي عليهما السلام ولابي جعفر عليه السلام أربع سنين "(٥) .

٢٣١٠ - وروي " أن الكعبة شكت إلى الله عزوجل في الفترة بين عيسى و محمد صلوات الله عليهما فقالت: يا رب مالي قل زواري، مالي قل عوادي؟ فأوحى الله جل جلاله إليها أني منزل نورا جديدا على قوم يحنون إليك(٦) كما تحن الانعام إلى أولادها ويزفون إليك(٧) كما تزف النسوان إلى أزواجها يعني امة محمد صلى الله عليه وآله ".

٢٣١١ - وروى حريز عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " وجد في حجر: إني أنا

___________________________________

(١) الشراح تكلفوا في معناه وكأن فيه سقطا وفى الكافى " قال: ناد أن الله الخ " فحينئذ يستقيم المعنى بلا تكلف.

(٢) ظاهره من كلام أبى جعفر عليه السلام ويمكن أن يكون من زرارة ذكره بالمناسبة.

(٣) هو المطلب بن أبى وداعة السهمى القرشى سبط حارث بن المطلب وامه أروى، راجع اتحاف الورى باخبار ام القرى حوادث سنة سبع عشرة وفى نسب الرجل جمهرة أنساب العرب لابن حزم الاندلسى ص ١٦٤.

(٤) النسع بالكسر: سير ينسج عريضا على هيئة أعنة النعال تشد به الرحال و القطعة منه نسعة وسمى نسعا لطوله.

(٥) ذكر ذلك للتوجه بسن أبى جعفر عليه السلام.

(٦) أى يشتاقون، والحنين الشوق.

(٧) أى يجيئون اليك في نهاية الشوق.

٢٤٤

الله ذو بكة صنعتها(١) يوم خلقت السماوات والارض، ويوم خلقت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حفا(٢) مبارك لاهلها في الماء واللبن، يأتيها رزقها من سبل من أعلاها وأسفلها والثنية "(٣) .

٢٣١٢ - وروي أنه وجد في حجر آخر مكتوب: " هذا بيت الله الحرام بمكة، تكفل الله عزوجل برزق أهله من ثلاثة سبل، مبارك لاهله في اللحم والماء ".

٢٣١٣ - وروي عن أبي حمزة الثمالي قال: " قال لنا علي بن الحسين عليهما السلام: أي البقاع أفضل؟ فقلنا: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، فقال: أما أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح عليه السلام في قومه - ألف سنة إلا خمسين عاما - يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك المكان ثم لقي الله عزوجل بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا ".(٤)

٢٣١٤ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة: " إن الله تبارك وتعالى حرم مكة يوم خلق السماوات والارض فهي حرام إلى أن تقوم الساعة لم تحل لاحد قبلي

___________________________________

(١) في بعض النسخ " خلقتها ". وفى الكافى في الصحيح عن سعيد الاعرج عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " ان قريشا لما هدموا الكعبة وجدوا في قواعدها حجرا فيه كتاب لم يحسنوا قراء‌ته حتى دعوا رجلا فقرأه فاذا فيه: أنا الله ذو بكة، حرمتها يوم خلقت السماوات والارض ووضعتها بين هذين الجبلين وحففتها بسبعة أملاك حفا " وفى طرق العامة " أملاك حنفاء ".

(٢) أى يحفظونها من الاشرار، وهذه أيضا من آياتها مع كثرة الكفرة المعاندين وفى بعض النسخ " مباركا " والبركة بمعنى الزيادة الصورية والمعنوية.

(٣) فمن طريق الطائف من التمر وسائر الثمار، ومن العراق ونجد من أصناف النعم، ومن طريق الثنية العقبة طريق المدينة المشرفة والشام ومصر من التمر والارز والحنطة وغيرها كما هو المشاهد أنها اكثر بلاد الله نعما وفوائد، وهذه أيضا من آياتها. (م ت)

(٤) يدل على أفضلية الحطيم للعبادة وعلى أن الايمان شرط في جميع العبادات كما هو مذهبنا معاشر الامامية. (م ت)

٢٤٥

ولا تحل لاحد من بعدي، ولم تحل لي إلا ساعة من النهار ".(١)

٢٣١٥ - وروى كليب الاسدي عن أبي عبدالله عليه السلام " أن رسول الله صلى الله عليه وآله استأذن الله عزوجل في مكة(٢) ثلاث مرات من الدهر فأذن الله له فيها ساعة من النهار ثم جعلها حراما ما دامت السماوات والارض ".

٢٣١٦ - وقال عليه السلام: " إن الله عزوجل حرم مكة يوم خلق السماوات والارض ولا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها، ولا يلتقط لقطتها الا لمنشد، فقام إليه العباس بن عبدالمطلب فقال: يا رسول الله إلا الاذخر(٣) فانه للقبر ولسقوف بيوتنا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله ساعة وندم العباس على ما قال، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إلا الاذخر"(٤) .

٢٣١٧ - وقال الصادق عليه السلام: أساس البيت من الارض السابعة السفلى إلى الارض السابعة العليا ".

٢٣١٨ - وروى أبوهمام - إسماعيل بن همام - عن الرضا عليه السلام أنه قال لرجل: " أي شئ السكينة عندكم؟ فلم يدر القوم ما هي، فقالوا: جعلنا الله فداك ما هي؟ قال: ريح تخرج من الجنة طيبة، لها صورة كصورة الانسان تكون مع الانبياء عليهم السلام وهي التي انزلت على إبراهيم عليه السلام حين بنى الكعبة فأخذت تأخذ كذا وكذا وبنى

___________________________________

(١) في يوم الفتح، رواه الكلينى ج ٤ ص ٢١٦ في الصحيح عن معاوية بن عمار.

و قوله: " لا تحل لاحد قبلى " أى الدخول فيه بغير احرام ويظهر من هذه الاخبار أنها فتحت عنوة.

(٢) أى في باب قتال مكة بأن يفتح له صلحا أو الاعم أو قهرا.

(٣) في النهاية في حديث تحريم مكة: " لا يختلى خلاها " الخلا مقصورا النبات الرطب الرقيق ما دام رطبا واختلاه أى قطعه واختلت الارض كثر خلاها فاذا يبس فهو حشيش انتهى " وفى الصحاح: الاذخر بكسر الهمزة وسكون الذال المعجمة وكسر الخاء: نبت، والواحدة اذخرة انتهى.

ويعضده أى يقطعه وعضد الشجرة قطعها بالمعضد وقوله " الا لمنشد " أى لقاصد الانشاد لا للتملك.

والخبر مروى نحوه في الكافى ج ٤ ص ٢٢٥ بزيادة عن حريز وطريق المصنف إلى حريز صحيح.

(٤) كانه سكت صلى الله عليه وآله انتظارا لنزول الوحى كما في بعض الاخبار.

٢٤٦

الاساس عليها ".

٢٣١٩ - وقال الصادق عليه السلام: " كان طول الكعبة تسعة أذرع، ولم يكن لها سقف، فسقفها قريش ثمانية عشر ذراعا، ثم كسرها الحجاج على ابن الزبير فبناها وجعلها سبعة وعشرين ذراعا".(١)

٢٣٢٠ - وروي عن سعيد بن عبدالله الاعرج عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " إن قريشا في الجاهلية هدموا البيت فلما أرادوا بناء‌ه حيل بينه وبينهم والقي في روعهم الرعب(٢) حتى قال قائل منهم: ليأت كل رجل منكم بأطيب ماله ولا تأتوا بمال اكتسبتموه من قطيعة رحم أو حرام ففعلوا، فخلي بينهم وبين بنيانه، فبنوه حتى انتهوا إلى موضع الحجر الاسود فتشاجروا فيه أيهم يضع الحجر في موضعه حتى كاد أن يكون بينهم شر، فحكموا أول من يدخل من باب المسجد، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله فلما أتاهم أمر بثوب فبسط ثم وضع الحجر في وسطه ثم أخذت القبائل بجوانب الثوب فرفعوه، ثم تناوله عليه السلام فوضعه في موضعه فخصه الله عزوجل به ".

٢٣٢١ - وروي " أن الحجاج لما فرغ من بناء الكعبة سأل علي بن الحسين عليهما السلام أن يضع الحجر في موضعه، فأخذه ووضعه في موضعه ".

٢٣٢٢ - وروي أنه " كان بنيان إبراهيم عليه السلام الطول ثلاثين ذراعا، والعرض اثنتين وعشرين ذراعا، والسمك تسعة أذرع، وإن قريشا لما بنوها كسوها الاردية ".

٢٣٢٣ - وروى البزنطي، عن داود بن سرحان عن أبي عبدالله عليه السلام " أن

___________________________________

(١) الظاهر أن المراد ببناء عبدالله بن الزبير تسقيفها وهدم الحجاج الكعبة من قبل عبدالملك بن مروان لما خرج ابن الزبير وادعى الامامة بعد زوال ملك بنى سفيان واستولى على العراقين عشر سنين وخطب باسمه على المنابر فبعث الحجاج بجند عظيم اليه فتحصن ابن الزبير بالمسجد الحرام فوضع المنجنيق عليه حتى هدم الكعبة وغلب الحجاج فأخذه وصلبه سنين حتى شفعت له أمه أسماء ذات النطاقين بنت أبى بكر فأنزله ودفنه وقتل جماعة كثيرة بسبب خروجه. (م ت)

(٢) الروع بالضم: القلب أو موضع الفزع منه أو سواده، والذهن والعقل.

٢٤٧

رسول الله صلى الله عليه وآله ساهم قريشا في بناء البيت فصار لرسول الله صلى الله عليه وآله من باب الكعبة إلى النصف ما بين الركن اليماني إلى الحجر الاسود "(١) .

٢٣٢٤ - وفي رواية اخرى أنه " كان لبني هاشم من الحجر الاسود إلى الركن الشامي ".

[من أراد الكعبة بسوء] (٢)

وما أراد الكعبة أحد بسوء إلا غضب الله عزوجل لها، ونوى يوما تبع الملك أن يقتل مقاتلة أهل الكعبة ويسبي ذريتهم ثم يهدم الكعبة فسالت عيناه حتى وقعتا على خدية فسأل عن ذلك، فقالوا: ما نرى الذي أصابك إلا بما نويت في هذا البيت لان البلد حرم الله والبيت بيت الله، وسكان مكة ذرية إبراهيم خليل الله، فقال: صدقتم فما مخرجى مما وقعت فيه؟ قالوا: تحدث نفسك بغير ذلك فحدث نفسه بخير فرجعت حدقتاه حتى ثبتتا في مكانهما، فدعا القوم الذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم ثم أتى البيت فكساه الانطاع وأطعم الطعام ثلاثين يوما كل يوم مائة جزور حتى حملت الجفان إلى السباع في رؤوس الجبال ونثرت الاعلاف للوحوش، ثم انصرف من مكة إلى المدينة فأنزل بها قوما من أهل اليمن من غسان وهم الانصار(٣) .

___________________________________

(١) المساهمة: العمل بالقرعة وصار لرسول الله صلى الله عليه وآله قريبا من ربع البيت (م ت) وقال العلامة المجلسى رحمه الله قوله " من باب الكعبة إلى النصف " أى إلى منتصف الضلع إلى بين اليمانى والحجر، ولا يخفى أنها تنافى الرواية الاخرى الا أن يقال: انهم كانوا أشركوه صلى الله عليه وآله مع بنى هاشم في هذا الضلع وخصوه بالنصف من الضلع الاخر فجعل بنو هاشم له صلى الله عليه وآله ما بين الحجر والباب.

(٢) العنوان زيادة منا وليس في الاصل.

(٣) راجع الكافى ج ٤ ص ٢١٥ روى خبر ذلك على وجهه عن على عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن اسماعيل بن جابر عن أبى عبدالله عليه السلام.

والنطع بساط من الاديم جمعه انطاع ونطوع.

وراجع مفصل تاريخ تبع اخبار مكة الازرقى ج ١ ص ٨٤ ط ١٢٧٥.

٢٤٨

وروي: أنه ذبح له ستة آلاف بقرة بشعب ابن عامر، وكان يقال لها مطابخ تبع(١) حتى نزلها ابن عامر فاضيفت إليه فقيل: شعيب ابن عامر، ولم يكن تبع مؤمنا ولا كافرا ولكنه كان ممن يطلب الدين الحنيف، ولم يملك المشرق إلا تبع وكسرى.

وقصده أصحاب الفيل وملكهم أبو يكسوم: أبرهة بن الصباح الحميري ليهدمه.

فأرسل الله عليهم طيرا ابابيل(٢) ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول.

وإنما لم يجر على الحجاج ما جرى على تبع وأصحاب الفيل لان قصد الحجاج لم يكن إلى هدم الكعبة إنما كان قصده إلى ابن الزبير وكان ضدا لصاحب الحق، فلما استجار بالكعبة أراد الله أن يبين للناس أنه لم يجره فامهل من هدمها عليه.

٢٣٢٥ - وروي عن عيسي بن يونس قال: " كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصري فانصرف عن التوحيد فقيل له: تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة فقال: إن صاحبي كان مخلطا كان يقول طورا بالقدر، وطورا بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه، قال: ودخل مكة تمردا وإنكارا على من يحج وكان يكره العلماء مساء‌لته إياهم ومجالسته لهم لخبث لسانه وفساد ضميره فأتى جعفر بن محمد عليه السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه، ثم قال له: إن المجالس أمانات ولابد لكل من كان به سعال أن يسعل(٣) أفتاذن لي في الكلام؟ فقال: تكلم فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر وتعبدون هذا البيت المرفوع

___________________________________

(١) أى قبل نزول ابن عامر فيها.

(٢) أبابيل جماعات في تفرقة، زمرة زمرة، وقيل: لا واحد لها، وقيل: كعباديد واحدها أبول وزان عجول، وقيل: واحدها ابالة وهى بكسر الهمزة: الجماعة.

(٣) السعال حركة للهواء تحدث في قصبة الرية تدفع الاخلاط المؤذية عنها.

٢٤٩

بالطوب والمدر(١) وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر، من فكر في هذا أو قدر علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر، فقل فانك رأس هذا الامر وسنامه وأبوك اسه ونظامه.

فقال أبو عبدالله عليه السلام: إن من أضله الله وأعمى قلبة، استوخم الحق(٢) فلم يستعذبه، وصار الشيطان وليه يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره، وهذا بيت استعبد الله به خلقه، ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محل أنبيائه وقبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال ومجتمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الارض بألفي عام، وأحق من أطيع فيما أمر وانتهي عما نهى عنه وزجر، الله المنشئ للارواح بالصور.

فقال ابن أبي العوجاء: ذكرت يا أبا عبدالله فأحلت على غائب، فقال أبوعبدالله عليه السلام: ويلك وكيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد، وإليهم أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم ويعلم أسرارهم، وإنما المخلوق(٣) الذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان فانه لا يخلو منه مكان، ولا يشتغل به مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان، والذي بعثه بالآيات المحكمة، والبراهين الواضحة، وأيده بنصره، واختاره لتبليغ رسالته صدقنا قوله بأن ربه بعثه وكلمه.

فقام عنه ابن أبي العوجاء فقال لاصحابه: من ألقاني في بحر هذا، سألتكم

___________________________________

(١) الدوس: الوطأ على الرجل، والبيدر: الموضع الذى يداس فيه الطعام ويدق ليخرج الحب من السنبل، والطوب: الاجر.

(٢) الاستيخام: الاستثقال وعد الشئ غير موافق.

واستوخمه أى وجده وخيما ثقيلا. وقوله " لم يستعذبه " أى لم يجده عذبا.

(٣) أى انما الغائب هو المخلوق الذى كذا أو انما المخلوق هو الذى.

٢٥٠

أن تلتمسوا لي خمرة فألقيتموني على جمرة(١) قالوا له: ما كنت في مجلسه إلا حقيرا فقال: إنه ابن من حلق رؤوس من ترون ".(٢)

٢٣٢٦ - وقال الصادق عليه السلام في خبر آخر حديث يذكر في الاسلام والايمان: " ولو أن رجلا دخل الكعبة فبال فيها معاندا اخرج من الكعبة ومن الحرم، وضربت عنقه ".(٣)

٢٣٢٧ - وسأل عبدالله بن سنان أبا عبدالله عليه السلام " عن قول الله عزوجل: " ومن دخله كان آمنا " قال: من دخل الحرم مستجيرا به فهو آمن من سخط الله عزوجل، وما دخل من الوحش والطير كان آمنا من أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم ".

[الالحاد في الحرم والجنايات] (٤)

ومن أتى بموجب الحد في الحرم اخذ به في الحرم لانه لم ير للحرم حرمة.(٥)

٢٣٢٨ - وروى معاوية بن عمار أنه " اتي أبوعبدالله عليه السلام فقيل له: إن

___________________________________

(١) الخمرة بالفتح بمعنى الخمر، وبالضم ألمها وصداعها، ومراد اللعين أنى سألتكم أن تأتونى إلى من أجادله وألعب وأستهزى به وأضحك عليه لا إلى من يحرقنى ببلاغة بيانه وبرهانه، وقال المولى المجلسى: الخمرة ما يخمر به وعكر النبيذ وحصيرة صغيرة من السعف والورس واشياء من الطيب تطلى به المرأة لتحسن وجهها ولكل مناسبة، والجمرة النار الموقدة، أى كنت أردت منكم أن تحصلوا لى شخصا لاباحث معه وأغلبه وحصلتم لى مباحثا الزمنى وأهلكنى وضيعنى.

(٢) يعنى هذا هو ابن من أمر هذا الخلق الذى ترون بحلق الرأس فأطاعوه مع أن حلق الرأس عندهم عار عظيم وليس العجز لجهلى بل لاحتشامى اياه.

(٣) رواه الكلينى بتمامه في الكافى ج ٢ ص ٢٧ وهذا الكلام في ذيله.

(٤) العنوان زيادة منا.

(٥) كما في صحيحة معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام في الكافى ج ٤ ص ٢٢٨، وحسنة الحلبى عن أبى عبدالله (ع) ص ٢٢٦.

٢٥١

سبعا من سباع الطير على الكعبة ليس يمر به شئ من حمام الحرم إلا ضربه، فقال: انصبوا له واقتلوه فأنه قد ألحد"(١) .

٢٣٢٩ - قال: و " سألته عن قول الله عزوجل: " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقة من عذاب أليم " قال: كل ظلم إلحاد، وضرب الخادم في غير ذنب من ذلك الالحاد "(٢) .

٢٣٣٠ - وفي رواية أبي الصباح الكناني(٣) عنه عليه السلام قال: " كل ظلم يظلمه الرجل نفسه بمكة من سرقة أو ظلم أحد أو شئ من الظلم فإني أراه إلحادا، ولذلك كان يتقي الفقهاء أن يسكنوا مكة".

 [اظهار السلاح بمكة] (٤)

٢٣٣١ - وسأله أبوبصير " عن رجل يريد مكة أو مدينة أيكره أن يخرج منه بالسلاح؟ فقال: لا بأس أن يخرج بالسلاح من بلده ولكن إذا دخل مكة لم يظهره ".

٢٣٣٢ - وفي رواية حريز بن عبدالله عنه عليه السلام قال: " لا ينبغي أن يدخل الحرم بسلاح إلا أن يدخله في جوالق(٥) أو يغيبه - يعني حتى يلف على الحديد شيئا - ".(٦)

 [الانتفاع بثياب الكعبة]

٢٣٣٣ - وسأل عبدالملك بن عتبة أبا عبدالله عليه السلام " عما يصل إلينا من ثياب

___________________________________

(١) و(٢) راجع الكافى ج ٤ ص ٢٢٧.

(٣) لم يذكر المصنف طريقه اليه والظاهر أنه مأخوذ من كتابه فيكون صحيحا ورواه الكلينى عنه أيضا وفى الطريق محمد بن الفضيل الازدى الضعيف، فان كان محمد بن الفضيل الضبى فهو ثقة.

(٤) العنوان زيادة منا هنا وما يأتى.

(٥) الجوالق بالضم والكسر: العدل من صوف أو شعر جمع جالق معرب جوال.

(٦) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٢٨ عن على عن أبيه عن ابن أبى عمير عن حماد عن حريز، قال في المنتقى: الظاهر أن ذكر ابن أبى عمير في هذا السند سهو، و النسخ التى عندى متفقة فيه.

وقوله " يغيبه " أى يجعله غائبا.

٢٥٢

الكعبة هل يصلح لنا أن نلبس شيئا منها؟ فقال: يصلح للصبيان والمصاحف والمخدة تبتغي بذلك البركة إن شاء الله تعالى ".(١)

 [كراهية أخذ تراب البيت وحصاه] (٢)

٢٣٣٤ - وروي عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " أخذت سكا(٣) من سك المقام وترابا من تراب البيت وسبع حصيات، فقال: بئس ما صنعت أما التراب والحصى فرده ".(٤)

٢٣٣٥ - وروي محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا ينبغي لاحد أن يأخذ من تربة ما حول البيت وإن أخذ من ذلك شيئا رده ".(٥)

٢٣٣٦ - وقال حذيفة بن منصور لابي عبدالله عليه السلام: " إن عمي كنس الكعبة فأخذ من ترابها فنحن نتداوى به فقال: رده إليها ".(٦)

٢٣٣٧ - وقال له زيد الشحام: " أخرج من المسجد حصاة(٧) ، قال: فردها أو اطراحها في مسجد".(٨)

___________________________________

(١) يدل على جواز الانتفاع واستحباب التبرك بها وعلى جواز الباس الصبيان بها و يحمل على غير المميز جمعا بين الروايات، ولا يرد أنه وقف للكعبة فلا يجوز التصرف فيها لانه هكذا وقف بأن يكون سنة لباس الكعبة وبعدها يكون للخدمة.والابتغاء: الطلب. (م ت)

(٢) العنوان زيادة منا هنا وما يأتى.

(٣) السك بالضم ضرب من الطيب ويطلق على كل طيب، وقيل: هو المسمار.

(٤) يدل على عدم جواز اخراج الحصى من المسجد الحرام وكذا قمامة الكعبة على الظاهر، ويمكن أن يكون المراد ترابة المحكوك.(م ت)

(٥) ظاهره الكراهة والمشهور الحرمة ووجوب الرد اليه مع الامكان.

والخبر رواه الكلينى في الصحيح والشيخ بسندين صحيحين.

(٦) ظاهر هذه الاخبار وجوب الرد إلى الكعبة أو المسجد الحرام.(م ت)

(٧) في الكافى " أخرج من المسجد وفى ثوبى حصاة ".

(٨) يدل على جواز الرد إلى مسجد آخر مع امكان الرد اليه وهو خلاف المشهور.(المرآة)

٢٥٣

[كراهية المقام بمكة]

٢٣٣٨ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة سنة، قلت: كيف يصنع؟ قال: يتحول عنها ولا ينبغي أن يرفع بناء فوق الكعبة ".(١)

٢٣٣٩ - وروي " أن المقام بمكة يقسي القلب ".(٢)

٢٣٤٠ - وروي داود الرقي(٣) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " إذا فرغت من نسكك فارجع فانه أشوق لك إلى الرجوع ".

 [شجر الحرم]

٢٣٤١ - وروي عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " شجرة أصلها في الحل وفرعها في الحرم؟ فقال: حرم أصلها لمكان فرعها، قلت: فان أصلها في الحرم وفرعها في الحل؟ قال: حرم فرعها لمكان أصلها".

٢٣٤٢ - وروى حريز عنه عليه السلام أنه قال: " كل شئ ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا ما أنبته أنت أو غرسته ".(٤)

___________________________________

(١) يدل على كراهة المجاورة ورفع بناء فوق الكعبة بأن يكون سمكه ارفع من سمك الكعبة فلا يكره البناء في الجبال المرتفعة عليها كأبى قبيس مطلقا بل مع زيادة السمك، وروى الشيخ في الصحيح عن على بن مهزيار قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام المقام بمكة أفضل أو الخروج إلى الامصار؟ فكتب عليه السلام: المقام عند بيت الله أفضل " (م ت) أقول: المشهور كراهة المجاورة بمكة وعلل بخوف الملالة وقلة الاحترام أو الخوف من ملامسة الذنب لانه فيها أعظم أو بأن المقام فيها يقسى القلب.

(٢) رواه في الكافى ج ٤ ص ٢٣٠ مرسلا أيضا وفيه بدل القلب " القلوب " وكأنه محمول على الغالب كما هو المشاهد فيها وفى مشاهد الائمة صلوات الله عليهم.

(٣) طريق المصنف اليه غير نقى، لكن رواه الكلينى في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير عمن ذكره عن ذريح المحاربى عنه عليه السلام.

(٤) من قوله " الا ما أنبته " ليس في الكافى وسيأتى تحت رقم ٢٠٤٧ تفصيله.

٢٥٤

٢٣٤٣ - وقال عليه السلام: " يخلى عن البعير في الحرم يأكل ما شاء ".(١)

٢٣٤٤ - و " ما يأكله الابل فليس به بأس أن ينزعه ".(٢)

٢٣٤٥ - وسأله سليمان بن خالد " عن الرجل يقطع من الاراك الذي بمكة قال: عليه ثمنه يتصدق به ولا ينزع من شجر مكة شيئا إلا النخل وشجر الفواكه ".

٢٣٤٦ - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " قلت له: المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم؟ فقال: نعم، قلت: فمن الحرم؟ قال: لا ".(٣)

٢٣٤٧ - وسأل إسحاق بن يزيد أبا جعفر عليه السلام " عن الرجل يدخل مكة فيقطع من شجرها، فقال: اقطع ما كان داخلا عليك ولا تقطع ما لم يدخل منزلك عليك ".(٤)

___________________________________

(١) قال في المدارك: يجوز للمحرم أن يترك ابله لترعى الحشيش وان حرم عليه قطعه، بل لو قيل بجواز نزع الحشيش للابل لم يكن بعيدا لصحيحة جميل ومحمد بن حمران (المشار اليها فيما يأتى).

(٢) كما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل ومحمد بن حمران قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن النبت الذى في أرض الحرم أينزع؟ فقال: أما شئ يأكله الابل فليس به بأس أن تنزعه ".

وحمله الشيخ على نزع الابل والاحوط الترك.

(٣) يدل على أن قطع الحشيش من محرمات الحرم لا الاحرام كما يظهر من الاخبار المتواترة من العامة والخاصة من أنه لا يختلى خلاها وقد تقدم بعضها ويؤيده ما رواه الكلينى ج ٤ ص ٣٦٥ عن عبدالله بن سنان قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام: " المحرم ينحر بعيره أو يذبح شاته قال: نعم، قلت له: يحتش لدابته وبعيره؟ قال: نعم ويقطع ما شاء من الشجر حتى يدخل الحرم فاذا دخل الحرم فلا ".

(٤) " ما كان داخلا " ظاهره جواز قطع أغصان شجر دخل على الانسان في منزلة و ان لم ينبت فيه وهو خلاف المشهور، ويمكن أن يكون المراد جواز قطع ما نبت بعد اتخاذ الموضع منزلا وعدم جواز قطع ما نبت قبله (المرآة) أقول: روى الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٣١ والشيخ في التهذيب بسند ضعيف عن حماد بن عثمان عن أبى عبدالله عليه السلام " في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم، قال: ان بنى المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها وان كانت نبتت في منزله وهو له فليقلعها " ويمكن حمل النهى في غير الداخل على الكراهة كما يظهر من رواية صحيحة رواها الشيخ في التهذيب عن جميل عن الصادق عليه السلام قال: " رآنى على بن الحسين عليهما السلام وأنا أقلع الحشيش من حول الفساطيط بمنى فقال: يا بنى ان هذا لا يقلع ".

٢٥٥

٢٣٤٨ - وسأل منصور بن حازم أبا عبدالله عليه السلام " عن الاراك يكون في الحرم فأقطعه، قال: عليك فداؤه".(١)

 [لقطة الحرم]

٢٣٤٩ - وروى إبراهيم بن عمر عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " اللقطة لقطتان لقطة الحرم تعرف سنة فإن وجدت صاحبها وإلا تصدقت بها، ولقطة غير الحرم تعرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فهي كسبيل مالك ".(٢)

___________________________________

(١) أى ثمنه كما تقدم، والاراك شجر يتخذ ساقه للسواك.

قال في مرآة العقول: اعلم أن تحريم قطع الشجر والحشيش على المحرم مجمع عليه في الجملة وقد استثنى من ذلك أربعة أشياء: الاول ما ينبت في ملك الانسان وفى دليله كلام، ولا ريب في جواز ما أنبته الانسان لصحيحة حريز.

الثانى شجر الفواكه وقد قطع الاصحاب بجواز قلعه مطلقا وظاهر المنتهى أنه موضع وفاق.

الثالث شجر الاذخر ونقل الاجماع على جواز قطعه.

الرابع عودا المحالة وهما اللذان يجعل عليهما المحالة ليستقى بها، ولا بأس بقطع اليابس من الشجر والحشيش، واعلم أن قطع شجر الحرم كما يحرم على المحرم يحرم على المحل أيضا كما صرح به الاصحاب ودلت عليه النصوص.

(٢) الخبر صحيح وظاهره جواز أخذ لقطة الحرم وعدم جواز تملكها بعد التعريف و اختلف الاصحاب في ذلك اختلافا كثيرا فذهب الشيخ في النهاية وجماعة إلى أنه لا تحل لقطة الحرم مطلقا، وذهب المحقق في النافع وجماعة إلى الكراهة مطلقا، وذهب جماعة إلى جواز القليل مطلقا، والكثير على كراهية مع نية التعريف، والقول بالكراهة لا يخلو من قوة، ثم اختلف في حكمها بعد الالتقاط فذهب المحقق وجماعة إلى التخيير بين التصدق ولا ضمان، وبين ابقائها أمانة لانه لا يجوز التملك مطلقا وقال في موضع آخر يجوز تملك ما دون الزائد وخير بين ابقائها أمانة والتصدق ولا ضمان، ونقل عن أبى الصلاح أنه يجوز تملك الكبير أيضا والاظهر والاحوط وجوب التصدق بها بعد التعريف كما دل عليه هذا الخبر. (المرآة)

٢٥٦

وروي أن في أسماء مكة أنها مكة وبكة وأم القرى وأم رجم والباسة كانوا إذا ظلموا بها بستهم - أى أهلكتهم - وكانوا إذا ظلموا رحموا.(١)

باب تحريم صيد الحرم وحكمه

٢٣٥٠ - روى زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إذا أصاب المحرم في الحرم حمامة إلى أن تبلغ الظبي فعليه دم يهريقه، ويتصدق بمثل ثمنه أيضا(٢) فإن أصاب منه وهو حلال فعليه أن يتصدق بمثل ثمنه ".(٣)

٢٣٥١ - وسأل سليمان بن خالد أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل أغلق بابه على طير فمات، فقال: إن كان أغلق الباب عليه بعدما أحرم فعليه دم، وإن كان أغلقه قبل أن يحرم وهو حلال فعليه ثمنه".(٤)

___________________________________

(١) " أم رجم " بالجيم كما في أكثر النسخ والصواب كما في خبر أبى بصير " ام رحم " بالحاء المهملة هكذا " وتسمى أم رحم كانوا إذا لزموها رحموا " والظاهر أن ما ذكره المصنف مضمون هذا الخبر وكان التصحيف من النساخ، أو يكون خبرا آخر ولا منافاة بينهما.

وفى النهاية " الرحم " بالضم الرحمة ومنه حديث مكة " هى ام رحم " أى أصل الرحمة وفى حديث مجاهد: من أسماء مكة الباسة سميت بها لانها تحطم من أخطا فيها.

والبس: الحطم ويروى بالنون من النس أى الطرد (م ت) أقول روى الازرقى في أخبار مكة ج١ص١٩٧ عن جده عن داود بن عبدالرحمن عن ابن جريج عن مجاهد قال: من أسماء مكة هى مكه وهى بكة وهى أم رحم وهى أم القرى وهى صلاح وهى كوثا وهى الباسة.

وفى آخر عن ابن أبى يحيى قال: بلغنى أن أسماء مكة مكة وبكة وأم رحم وأم القرى والباسة والبيت العتيق والحاطمة تحطم من استخف بها، والباسة تبسهم بسا أى تخرجهم اخراجا إذا غشموا وظلموا.

(٢) " إلى أن تبلغ الظبى " أى في الجثة، من الطيور وغيرها " فعليه دم يهريقه " أى باعتبار كونه محرما " ويتصدق بمثل ثمنه " باعتبار كونه في الحرم. (م ت)

(٣) " فان أصاب منه " أى من الصيد في الحرم أو من الحرم تجوزا " وهو حلال " أى غير محرم فعليه أن يتصدق بمثل ثمنه والحاصل أن الفداء للاحرام والقيمة للحرم.

(٤) الطريق حسن بابراهيم بن هاشم وسليمان ثقة وهو الذى خرج مع زيد بن على بن الحسين عليهما السلام وقطع اصبعه، والخبر رواه الشيخ في الصحيح ويدل على أن الحكم في المحرم الفداء وفى الحرم القيمة، وعلى أن السبب كالمباشر في الضمان، والظاهر أن الضمان للموت لا بمجرد الاغلاق وان ورد الجواب بالاعم لان الظاهر انصراف الجواب إلى السؤال ولو لم يكن ظاهرا فيه فليس بظاهر في العموم فلا يمكن الاستدلال به للاجمال (م ت) وقال سلطان العلماء قوله عليه السلام " فعليه دم " أى من حيث الاحرام فلا ينافى وجوب شئ آخر عليه لو كان في الحرم.

٢٥٧

٢٣٥٢ - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل أغلق باب بيت على طير من حمام الحرم فمات، قال: يتصدق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم ".(١)

٢٣٥٣ - وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم وهو في الحرم غير محرم، فقال: عليه قيمتها وهو درهم يتصدق به أو يشتري به طعاما لحمام الحرم، فإن قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة ".(٢)

٢٣٥٤ - وروى حفص بن البختري(٣) عن أبي عبدالله عليه السلام " فيمن أصاب طيرا في الحرم، قال: إن كان مستوي الجناح فليخل عنه، وإن كان غير مستو [ي الجناح] نتفه وأطعمه وأسقاه، فإذا استوى جناحاه خلى عنه ".(٤)

___________________________________

(١) الظاهر أنه للمحرم وان وقع السؤال بالاعم، ويدل على أن الدرهم قيمة الحمامة شرعا وعلى التخيير بين الصدقة والعلف لحمام الحرم. (م ت)

(٢) الطريق ضعيف وفى الكافى ج ٤ ص ٢٣٣ في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال: " من أصاب طيرا في الحرم وهو محل فعليه القيمة، والقيمة درهم يشترى به علفا لحمام الحرم ".

(٣) الطريق اليه صحيح وهو ثقة.

(٤) " نتفه " أى نزع ريشه. والغرض من النتف أن يسرع نبات الريش وظاهره الوجوب لانه في المعنى فلينتف. وفى معنى الخبر ما رواه الكلينى ج ٤ ص ٢٣٧ في الصحيح عن داود بن فرقد قال: كنا عند أبى عبدالله عليه السلام بمكة وداود بن على بها، فقال لى أبوعبدالله عليه السلام قال لى داود بن على: ما تقول يا أبا عبدالله في قمارى اصطدناها وقصيناها؟

فقلت: تنتف فاذا استوت خلى سبيلها " واصل قصيناها ابدلت الثانية تاء و المراد بداود حاكم المدينة وهو عباسى.

٢٥٨

٢٣٥٥ - وروى العلاء، عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يحرم وعنده في أهله صيد إما وحش وإما طير، قال: لا بأس ".(١)

٢٣٥٦ - وروى ابن أبي عمير، عن خلاد عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل ذبح حمامة من حمام الحرم، قال: عليه الفداء، قال: قلت: فيأكله؟ قال لا، قلت: فيطرحه؟ قال: إذا يكون عليه فداء آخر قال: قلت: فما يصنع به؟ قال: يدفنه ".(٢)

٢٣٥٧ - وروى ابن فضال، عن يونس بن يعقوب قال: " أرسلت إلى أبي الحسن عليه السلام " إن أخا لي اشترى حماما من المدينة فذهبنا بها معنا إلى مكة فاعتمرنا وأقمنا إلى الحج، ثم أخرجنا الحمام معنا من مكة إلى الكوفة هل علينا في ذلك شئ فقال للرسول: إني أظنهن كن فرهة(٣) قل له: يذبح مكان كل طير شاة ".(٤)

٢٣٥٨ - وروى صفوان، عن العيص بن القاسم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام

___________________________________

(١) يدل على أن الصيد لا يخرج عن ملك صاحبه بالاحرام، ويؤيده صحيح جميل المروى في الكافى [ج ٤ ص ٣٨٢] قال: " قلت لابى عبدالله (ع) الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله أو من الطير يحرم وهو في منزله؟ قال: لا بأس لا يضره " ولا مناسبة لهذا الخبر في هذا الباب لانه من أحكام المحرم لا الحرم. (م ت)

(٢) عمل به جماعة من الاصحاب وقال الشهيد رحمه الله في الدروس: يدفن المحرم الصيد إذا قتله، فان أكله أو طرحه فعليه فداء آخر على الرواية. (المرآة)

(٣) جملة معترضة أى أظن نقلهن إلى بلده لكونهن حاذقة سريعة السير (سلطان) " فرهة " جمع فاره التى لا عيب فيها، وفى القاموس فره ككرم فراهة وفراهية: حذق فهو فاره بين الفروهة والجمع فره كركع وسكرة وسفرة، وغرضه عليه السلام أن سبب اخراجهن من مكة إلى الكوفة لعله كان حذاقتهن في ايصال الكتب ونحو ذلك. (المرآة)

(٤) لعله محمول على ما إذا لم يمكن اعادتها وظاهر كلام الشيخ في التهذيب أن بمجرد الاخراج يلزمه الدم، وظاهر الاكثر انه انما يلزم إذا تلفت (المرآة) والامر بوجوب الفداء لانها وان كانت من المدينة لكن بادخالها الحرم صارت من الحرم ويحرم اخراجها منه. (م ت)

٢٥٩

عن شراء القماري(١) بمكة والمدينة فقال: ما احب أن يخرج منها شئ ".(٢)

٢٣٥٩ - وروى حريز، عن زرارة " أن الحكم سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل اهدي له في الحرم حمامة مقصوصة " فقال: انتفها وأحسن علفها(٣) حتى إذا استوى ريشها فخل سبيلها ".

٢٣٦٠ - وروى حريز، عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل اهدي له حمام أهلي وجئ به وهو في الحرم محل، قال: إن أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه".(٤)

٢٣٦١ - وروى صفوان بن يحيى، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: " سألت أبا - عبدالله عليه السلام(٥) عن رجل رمى صيدا في الحل وهو يؤم الحرم فيما بين البريد والمسجد فأصابه في الحل فمضى برميته حتى دخل الحرم فمات من رميته هل عليه جزاء؟ فقال: ليس عليه جزاء إنما مثل ذلك مثل من نصب شركا في الحل إلى جانب الحرم فوقع فيه صيد فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فليس عليه جزاؤه لانه نصب حيث نصب وهو له حلال، ورمى حيث رمى وهو له حلال فليس عليه فيما كان بعد ذلك شئ فقلت: هذا القياس عند الناس، فقال: إنما شبهت لك الشئ بالشئ لتعرفه ".

٢٣٦٢ - وروى المثنى، عن كرب الصيرفي قال: " كنا جميعا فاشترينا طيرا فقصصناه فدخلنا به مكة فعاب ذلك أهل مكة فأرسل كرب إلى أبي عبدالله عليه السلام فسأله فقال: استودعوه رجلا من أهل مكة مسلما أو امرأة [مسلمة] فإذا استوى

___________________________________

(١) القمارى: طائر معروف حسن الصوت أصغر من الحمام، واحده قمرى.

(٢) ظاهره جواز اخراج القمارى مع كراهة وهو مشكل والحرام غير محبوب و اطلاقه على الحرام غير عزيز في الاخبار والاحتياط في الترك. (م ت)

(٣) لا خلاف فيه ولو أخرجه فتلف فعليه ضمانة اجماعا. (م ت)

(٤) يظهر منه وجوب القيمة ولو أتلفه بغير رضا صاحبه لزمه قيمته أيضا فانه لا منافاة بينهما. (م ت)

(٥) في الكافى " سألت أبا الحسن موسى عليه السلام، ويمكن أن يكون وقع سؤاله منهما.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640