من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267480 / تحميل: 8503
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

اشتمال مراتب القرآن على المقدّرات الحادثة في كلّ عام:

وقال: (المسألة الثامنة) في تفسير مفردات هذه الألفاظ، أمّا قوله تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ) (1) فقد قيل فيه: إنّه تعالى أنزل كلّية القرآن، يبدأ في استنساخ ذلك من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة، ويقع الفراغ في ليلة القدر، فتُدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل ونسخة الحروب إلى جبرائيل، وكذلك الزلازل والصواعق والخسف، ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا، وهو ملك عظيم، ونسخة المصائب إلى ملك الموت، انتهى كلامه.

وقال القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن: (في تفسير قوله تعالى: ( إنّا أَنْزَلْناهُ ) يعني القرآن، وإن لم يجرِ له ذكر في هذه السورة؛ لأنّ المعنى معلوم، والقرآن كلّه كالسورة الواحدة، وقد قال: ( شَهْرُ رَمَضانُ الَّذي اُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ ) ، وقال: ( حم وَالْكِتابِ الْمُبينِ إنّا أَنْزَلْناهُ في لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ) (2) يريد: في ليلة القدر.

وقال الشعبي: المعنى إنّا ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر. وقيل: بل نزل به جبريل عليه‌السلام جملة واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، إلى بيت العزّة، وأملاه جبريل على السَفَرة، ثمّ كان جبريل ينزّله على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله نُجوماً نُجوماً، وكان بين أوّله وآخره ثلاث وعشرون سنة. قاله ابن عبّاس، وقد تقدّم في سورة البقرة.

وحكى الماوردي عن ابن عبّاس، قال: نزل القرآن في شهر رمضان وفي ليلة القدر، في ليلة مباركة جملة واحدة من عند اللَّه، من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا، فنجّمته السفرة الكرام الكاتبون على جبريل عشرين سنة، ونجّمه جبريل على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عشرين سنة.

قال ابن العربي: وهذا باطل؛ ليس بين جبريل وبين اللَّه واسطة، ولا بين جبريل

____________________

1) سورة الدخان: 3.

2) سورة الدخان: 1 - 3.

٢٨١

ومحمّد عليهما‌السلام واسطة.

قوله تعالى: ( في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، قال مجاهد: في ليلة الحكم، ( وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) ، قال ليلة الحكم. والمعنى ليلة التقدير، سمّيت بذلك لأنّ اللَّه تعالى يقدّر فيها ما يشاء من أمره، إلى مثلها من السنة القابلة، من أمر الموت والأجل والرزق وغيره، ويسلّمه إلى مدبّرات الأُمور، وهم أربعة من الملائكة: إسرافيل، وميكائيل، وعزرائيل، وجبريل عليهم‌السلام .

أُمّ الكتاب في القرآن متضمّنة لتقدير كلّ شي‏ء:

وقال: وعن ابن عبّاس، قال: يكتب من أمّ الكتاب ما يكون في السنة من رزق ومطر، وحياة وموت، حتّى الحاجّ. قال عكرمة: يكتب حجّاج بيت اللَّه تعالى في ليلة القدر بأسمائهم وأسماء آبائهم، ما يغادر منهم أحد ولا يزاد فيهم.

وقاله سعيد بن جُبير، وقد مضى في أوّل سورة الدخان هذا المعنى. وعن ابن عبّاس أيضاً: إنّ اللَّه تعالى يقضي الأقضية في ليلة نصف شعبان، ويسلّمها إلى أربابها في ليلة القدر. وقيل: إنّما سمّيت بذلك لعظمها وقدرها وشرفها، من قولهم: لفلان قدر، أي شرف ومنزلة) (1) .

ليلة القدر عوض للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وآلهعليهم‌السلام عن غصب الخلافة:

وقال: (وفي الترمذي عن الحسن بن علي رضي اللَّه عنهما: أنّ رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى بني أُمية على منبره فساءه ذلك، فنزلت ( إنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) ، يعني نهراً في الجنّة، ونزلت ( إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ

____________________

1) تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن، ج20، ص129 - 130، طبعة القاهرة.

٢٨٢

أَلْفِ شَهْرٍ ) ، يملكها بعدك بنو أُمية. قال القاسم بن الفضل الحدّاني: فعددناها فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوماً ولا تنقص يوماً. قال: حديث غريب.

قوله تعالى: ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكْةُ ) أي تهبط من كلّ سماء، ومن سدرة المنتهى، ومسكن جبريل على وسطها، فينزلون إلى الأرض ويؤمّنون على دعاء الناس إلى وقت طلوع الفجر، فذاك قوله تعالى ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكْةُ ) .

حقيقة الروح النازل ليلة القدر:

وقال: ( وَالرُّوحُ فِيها بِإذْنِ رَبِّهِمْ ) (1) ، أي جبرئيل عليه‌السلام ، وحكى القُشيري: أنّ الروح صنف من الملائكة جُعلوا حفظة على سائرهم، وأنّ الملائكة لا يرونهم كما لا نرى نحن الملائكة. وقال مقاتل: هم أشرف الملائكة وأقربهم من اللَّه تعالى.

وقيل: إنّهم جند من جند اللَّه عزّ وجلّ من غير الملائكة، رواه مجاهد عن ابن عبّاس مرفوعاً، ذكره الماوردي، وحكى القُشيري: قيل هم صنف من خلق اللَّه، يأكلون الطعام، ولهم أيدٍ وأرجل وليسوا ملائكة.

وقيل: (الروح) خلق عظيم يقوم صفّاً، والملائكة كلّهم صفّاً. وقيل: (الروح) الرحمة ينزل بها جبريل عليه‌السلام مع الملائكة في هذه الليلة على أهلها، دليله: ( يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) (2) ، أي بالرحمة، (فِيها) أي في ليلة القدر، ( بِإذْنِ رَبِّهِمْ ) أي بأمره، ( مِن كُلِّ أَمْرٍ ) (3) أمر بكلّ أمر قدّره اللَّه وقضاه في تلك السنة إلى قابل.

وقيل عنه: إنّها رُفعت - يعني ليلة القدر - وإنّها إنّما كانت مرّة واحدة.

____________________

1) سورة القدر: 4.

2) سورة النحل: 2.

3) سورة القدر: 5.

٢٨٣

بقاء ليلة القدر في كلّ عام:

وقال: (والصحيح أنّها باقية... والجمهور على أنّها من كلّ عام من رمضان... وقال الفرّاء: لا يقدّر اللَّه في ليلة القدر إلاّ السعادة والنعم، ويقدّر في غيرها البلايا والنقم) (1) .

وقال الطبري في تفسيره، في ذيل سورة البروج: ( فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ) ، بسنده إلى مجاهد: في لوح، قال: ( فِي أُمِّ الْكِتَابِ ) (2) .

وقال ابن كثير في تفسيره، بعد ما نقل جملة ممّا ذكره عنه الرازي والقرطبي، والذي مرّ نقله، قال: (اختلف العلماء هل كانت ليلة القدر في الأُمم السالفة، أم هي من خصائص هذه الأُمّة؟

فقال الزهري:... وهذا الذي قاله مالك يقتضي تخصيص هذه الأُمّة بليلة القدر. وقيل: إنّها كانت في الأُمم الماضين كما هي في أُمّتنا، ثمّ هي باقية إلى يوم القيامة وفي رمضان خاصّة) (3) .

وقال الزمخشري في الكشّاف، بعد ما ذكره جملة ممّا ذكره عنه الرازي والقرطبي، في ذيل قوله تعالى: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) (4) قال: (وسبب ارتقاء فضلها إلى هذه الغاية ما يوجد فيها من المصالح الدينية التي ذكرها، من تنزّل الملائكة والروح، وفصل كلّ أمر حكيم).

وقال في ذيل قوله تعالى ( مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) (5) : أي تتنزّل من أجل كلّ أمر قضاه اللَّه لتلك السنة إلى قابل... وروي عن رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (من قرأ سورة القدر أُعطي من الأجر كمن صام رمضان وأحيى ليلة القدر)، وذكر في هامش المطبوع: أنّ الحديث أخرجه الثعلبي، والواحدي، وابن مردويه، بسندهم إلى أُبَيّ ابن كعب.

____________________

1) تفسير القرطبي، ج20، ص133 - 137، في تفسير الجامع لأحكام القرآن طبعة القاهرة.

2) جامع البيان، ج30، ص176.

3) تفسير ابن كثير، ج4، ص 568.

4) سورة القدر: 2.

5) سورة القدر: 5.

٢٨٤

ليلة القدر عوض له صلى‌الله‌عليه‌وآله عن غصب بني أُمية خلافته، وتعدد مصادر الحديث لديهم:

وقال الآلوسي في روح المعاني: (ويستدلّ لكونها مدنية بما أخرجه الترمذي، والحاكم، عن الحسن ابن عليّ (رضي اللَّه تعالى عنهما): (أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أُري بني أُمية على منبره فساءه ذلك، فنزلت ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) (1) ، ونزلت: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) (2) .. الحديث). وهو كما قال المزني: حديث منكر، انتهى.

وقد أخرج الجلال هذا الحديث في الدرّ المنثور عن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل أيضاً، من رواية يوسف ابن سعد، وذكر فيه: أنّ الترمذي (3) أخرجه وضعّفه، وأنّ الخطيب أخرج عن ابن عبّاس نحوه، وكذا عن ابن نسيب، بلفظٍ: قال نبي اللَّه: (أُريتُ بني أُمية يصعدون منبري، فشقّ ذلك عليّ فأُنزِلت ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، ففي قول المزني هو منكر تردّد عندي.

وقد ورد في روايات أهل البيت عليهم‌السلام ما رواه الكافي بسنده إلى أبي عبد اللَّه عليه‌السلام ، قال: (أُري رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله في منامه بني أُمية يصعدون على منبره من بعده ويضلّون الناس عن الصراط القهقري، فأصبح كئيباً حزيناً، قال: فهبط عليه جبرئيل فقال: يا رسول اللَّه مالي أراك كئيباً حزيناً؟ قال: يا جبرئيل إنّي رأيت بني أُمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي، يضلّون الناس عن الصراط القهقري. فقال: والذي بعثك بالحقّ نبيّاً إنّي ما اطّلعت عليه. فعرّج إلى السماء فلم يلبث أن نزل بآي من القرآن يُؤنسه بها، قال: ( أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) (4) ، وأُنزل عليه: ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) ، جعل اللَّه ليلة القدر لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

1) سورة الكوثر: 1.

2) سورة القدر: 1.

3) سنن الترمذي، ج5، ص444، ح 3350.

4) سورة الشعراء: 205 - 207.

٢٨٥

خيراً من ألف شهر ملك بني أُمية) (1) .

وروى الكُليني، عن علي بن عيسى القمّاط عن عمّه، قال: (سمعت أبا عبد اللَّه يقول: هبط جبرئيل عليه‌السلام على رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ورسول اللَّه كئيب حزين، فقال: رأيت بني أُمية يصعدون المنابر وينزلون منها. قال: والذي بعثك بالحقّ نبيّاً، ما علمت بشي‏ء من هذا. وصعد جبرئيل إلى السماء، ثمّ أهبطه اللَّه جلّ ذكره بآي من القرآن يعزّيه بها قوله: ( أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) (2) .

وأنزل اللَّه جلّ ذكره: ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) للقوم، فجعل اللَّه ليلة القدر (لرسوله) خير، من ألف شهر) (3) .

وفي سند الصحيفة السجّادية، عن أبي عبد اللَّه عليه‌السلام ، قال: (إنّ أبي حدّثني عن أبيه عن جدّه عن عليّ عليه‌السلام : إنّ رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذته نَعسةٌ وهو على منبره، فرأى في منامه رجالاً ينزون على منبره نزو القردة، يردّون الناس على أعقابهم القهقري، فاستوى رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله جالساً والحزن يعرف في وجهه، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام بهذه الآية ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إلاّ طُغْيَانًا كَبِيرًا ) ، يعني بني أُمية. قال: يا جبرئيل على عهدي يكونون وفي زمني؟

قال: لا، ولكن تدور رحى الإسلام من مُهاجرك فتلبث بذلك عشراً، ثمّ تدور رحى الإسلام على رأس خمسة وثلاثين من مهاجِرَك فتلبث بذلك خمساً، ثمّ لابدّ من رحى

____________________

1) الكافي، ج4، ص159.

2) سورة الشعراء:205 - 206.

3) الكافي، ج8، ص223.

٢٨٦

ضلاله هي قائمة على قطبها ثمّ ملك الفراعنة. قال: وأنزل اللَّه تعالى في ذلك: ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) يملكها بنو أُمية. فيها ليلة القدر.

قال: فأَطلع اللَّه عزّ وجلّ نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ بني أُمية تملك سلطان هذه الأُمّة وملكها طول هذه المدّة، فلو طاولتهم الجبال لطالوا عليها، حتّى يأذن اللَّه تعالى بزوال ملكهم، وهم في ذلك يستشعرون عداوتنا أهل البيت وبغضنا. أخبر اللَّه نبيّه بما يلقي أهل بيت محمّد وأهل مودّتهم وشيعتهم منهم في أيامهم وملكهم) (1) .

وفي تأويل الآيات: (روي عن أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه‌السلام ، قال: قوله عزّ وجلّ: ( خَيْرٌ مِنْ ألْفِ شَهْرٍ ) هو سلطان بني أُمية.

وقال: ليلة من إمام عادل خير من ألف شهر ملك بني أُمية.

وقال: ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ) أيّ من عند ربّهم على محمّد وآل محمّد، بكلّ أمر سلام) (2) .

وفي تفسير القمّي: بسنده، في معنى سورة: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) فهو القرآن... قوله: ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) .

أقول: تكثر الروايات في غصب الخلافة من بني أُمية، وتأذّي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وتعويضه بليلة القدر، وسيأتي معنى تعويضه بليلة القدر، وتسالم كثير من علماء الجمهور بهذه الروايات، هذا الأمر أحد الأدلّة على أنّ الخلافة في الشريعة الإلهية هي منصب أهل بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فتدبّر تبصُر.

____________________

1) الصحيفة السجّادية الكاملة: 15 - 16.

2) تأويل الآيات، ج2، ص817، ح2.

٢٨٧

حقيقة النازل الذي نزل في ليلة القدر:

وقال في ذيل قوله تعالى ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) : الضمير عند الجمهور للقرآن، وادّعى الإمام فيه إجماع المفسّرين، وكأنّه لم يعتقد بقول من قال منهم برجوعه لجبرئيل عليه‌السلام أو غيره؛ لضعفه. قالوا: وفي التعبير عنه بضمير الغائب مع عدم تقدّم ذكره تعظيم له، أي تعظيم لِما أنّه يشعر بأنّه لعلوّ شأنه كأنّه حاضر عند كلّ أحد.

جهل الخلق بحقيقة ليلة القدر:

وقال في ذيل قوله تعالى ( وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) (1) : لِما فيه من الدلالة على أنّ علوّها خارج عن دائرة دراية الخلق، لا يُعلم ذلك، ولا يَعلم به إلاّ علاّم الغيوب.

حقيقة نزول القرآن جملة واحدة:

ثمّ ذكر جملة في تعدّد نزول القرآن جملةً واحدةً ونجوماً، وذكر في ضمنها هذه الرواية، عن ابن عبّاس: (أُنزل القرآن جملةً واحدة حتّى وضع في بيت العزّة في السماء الدنيا، ونزل به جبريل عليه‌السلام على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بجواب كلام العباد وأعمالهم)... ثمّ نقل الاختلاف بين المفسّرين عندهم في قوله تعالى: ( أَنْزَلْنَاهُ ) من جهة نزول القرآن جملةً واحدة، فهل تضمّن القرآن النازل جملةً واحدة هذه العبارة أم لا؟ فلابدّ من ارتكاب المجاز في الإسناد؛ لأنّه إخبار عمّا وقع فيما مضى، فكيف يكون هذا اللفظ في ضمنه؟

____________________

1) سورة القدر: 2.

٢٨٨

فذكر قولاً للرازي في حلّ الإشكال، وللقرطبي، وابن كثير، وضعّف قولهم. ونقل عن ابن حجر في شرح البخاري أنّه أُنزل جملةً واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة في السماء الدنيا، بل حكى بعضهم الإجماع عليه، ثمّ نقل جواباً لحلّ الإشكال عن السيد عيسى الصفوي، ثمّ الاختلاف بين الدَّواني وغيره، وأنّه ألّف رسالة في ذلك، في الجواب عن مسألة الحذر الأصمّ.

ثمّ نقل عن الإتقان قول أبي شامة: فإن قلت ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ ) إن لم يكن من جملة القرآن الذي نزل جملة، فما نزل جملة؟ وإن كان من الجملة فما وجه هذه العبارة؟

قلت: لها وجهان:

أحدهما: أن يكون المعنى إنّا حكمنا بإنزاله في ليلة القدر، وقضينا به وقدّرناه في الأزل.

والثاني: أنّ لفظ ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ ) ماضٍ ومعناه على الاستقبال، أي تنزّله جملة في ليلة القدر. ثمّ ذكر عدم ارتضائه لهذا القول وعدم حسنه.

ثمّ نقل أقوالاً أُخر، ثمّ قال: والمراد بالإنزال إظهار القرآن من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، أو إثباته لدى السَفَرة هناك، أو نحو ذلك ممّا لا يشكل نسبته إلى القرآن.

تقدير الأُمور في ليلة القدر على من تُنزّل؟

وقال في معنى ليلة القدر: إنّها ليلة التقدير، وسبب تسميتها بذلك لتقدير ما يكون في تلك السنة من أُمور. قال: المراد إظهار تقديره ذلك للملائكة عليهم‌السلام المأمورين بالحوادث الكونية. ثمّ نقل عن بعض تفسير ذلك: هاهنا ثلاثة أشياء:

الأوّل: نفس تقدير الأُمور، أي تعيين مقاديرها وأوقاتها، وذلك في الأزل.

٢٨٩

الثاني: إظهار تلك المقادير للملائكة عليهم‌السلام بأن تكتب في اللوح المحفوظ، وذاك في ليلة النصف من شعبان.

الثالث: إثبات تلك المقادير في نسخ وتسليمها إلى أربابها من المدبّرات، فتدفع نسخة الأرزاق، والنباتات، والأمطار، إلى ميكائيل عليه‌السلام ، ونسخة الحروب والرياح والجنود والزلازل والصواعق والخسف إلى جبرئيل عليه‌السلام ، ونسخة الأعمال إلى إسرافيل عليه‌السلام ، ونسخة المصائب إلى ملك الموت، وذلك في ليلة القدر.

وقيل: يقدّر في ليلة النصف الآجال والأرزاق، وفي ليلة القدر الأُمور التي فيها الخير والبركة والسلامة. وقيل: يقدّر في هذه ما يتعلّق به إعزاز الدين وما فيه النفع العظيم للمسلمين، وفي ليلة النصف يكتب أسماء من يموت ويسلّم إلى ملك الموت، واللَّه تعالى أعلم بحقيقة الحال.

أقول: إنّ المكتوب في ليلة القدر ويقدّر يُفترض أنّ كتابته وتقديره إنّما يُكتب ويقدّر لتسليمه إلى من يوكّل إليه تدبير الأُمور بإذن اللَّه، كالملائكة الموكّلين، فالتنزّل بكلّ هذه التقديرات والكتابة إلى الأرض إلى من يسلّم؟ ومن هو الذي يطّلع على ذلك من أهل الأرض؟ وما هو التناسب بين نزول ما فيه إعزاز الدين والأُمّة، والحديث النبويّ: (إنّ الإسلام لا يزال عزيزاً إلى اثني عشر خليفة... كلّهم من قريش) (1) ؟

أقوال علماء سنّة الجماعة في عِوَضية الليلة له عن غصب الخلافة:

قال في تفسير ( أَلْفِ شَهْرٍ ) : وقد سمعت إلى ما يدلّ أنّ الألف إشارة إلى مُلك بني أُميّة، وكان على ما قال القاسم بن الفضل: ألف شهر، لا يزيد يوماً ولا ينقص

____________________

1) المعجم الكبير للطبراني، ج2، ص232. ولاحظ: إحقاق الحق، ج13، 1 - 49.

٢٩٠

يوماً، على ما قيل: ثمانين سنة، وهي ألف شهر تقريباً؛ لأنّها ثلاثة وثمانون سنة وأربعة أشهر، ولا يعكّر على ذلك ملكُهم في جزيرة الأندلس بعد؛ لأنّه ملك يسير في بعض أطراف الأرض وآخر عمارة العرب، ولذا لا يعدّ من مَلَكَ منهم هناك من خلفائهم، وقالوا بانقراضهم بهلاك مروان الحمار.

وطعن القاضي عبد الجبّار في كون الآية إشارة لما ذُكر؛ بأنّ أيام بني أُمية كانت مذمومة أي باعتبار الغالب، فيبعد أن يقال في شأن تلك الليلة إنّها خير من ألف شهر مذمومة:

ألم ترَ أنّ السيف ينقص قدره

إذا قيل إنّ السيف خيرٌ من العصا

وأُجيب: إنّ تلك الأيام كانت عظيمة بحسب السعادات الدنيوية، فلا يبعد أن يقول اللَّه تعالى: أعطيتك ليلة في السعادات الدينية أفضل من تلك في السعادات الدنيوية، فلا تبقى فائدة.

ليلة القدر مع الأنبياء في ما مضى فهي مع من في ما بقي:

الروح النازل في ليلة القدر قناة غيبية كانت مع الأنبياء، فهي مع من بعد النبيّ الخاتم؟ قال: وما أشير إليه من خصائص هذه الأُمّة هو الذي يقتضيه أكثر الأخبار الواردة في سبب النزول، وصرّح به الهيثمي وغيره.

وقال القسطَلاني: إنّه معترض بحديث أبي ذر عند النسائي، حيث قال فيه: (يا رسول اللَّه، أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رُفعت. قال: بل هي باقية). ثمّ ذكر أنّ عمدة القائلين بذلك الخبر الذي قدّمناه في سبب النزول من رؤيته صلى‌الله‌عليه‌وآله تقاصر أعمار أُمّته عن أعمار الأُمم، وتعقّبه بقوله هذا محتمل للتأويل، فلا يدفع الصريح في حديث أبي ذر كما قاله الحافظان: ابن كثير في تفسيره، وابن حجر في فتح الباري.

٢٩١

وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافاً كثيراً، وتحصّل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولاً، كما وقع لنا نظير ذلك في ساعة الجمعة، وقد اشتركتا في إخفاء كلّ منهما ليقع الجدّ في طلبهما:

القول الأوّل: إنّها رُفعت أصلاً ورأساً. حكاه المتولّي في التتمّة عن الروافض، والفاكهاني في شرح العمدة عن الحنفية، وكأنّه خطأ منه، والذي حكاه السروجي أنّه قول الشيعة.

أقول: بل الشيعة الإمامية هم المذهب الوحيد على وجه الأرض القائلون ببقاء الاتّصال بين الأرض والسماء، وأنّ هناك سبب متّصل هو الإمام من عِترة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإن لم يكن هذا الاتّصال وحياً نبويّاً، وهو الذي يتنزّل عليه الروح الأعظم والملائكة كلّ عام بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، بينما المذاهب الإسلامية كلّها حتّى الزيدية، وإن قالوا باستمرار الإمامة السياسية وعدم حصرها بالأئمّة المنصوص عليهم وأنّ الإمامة هي لكلّ من قام بالثورة على الظلم ولا يشترط فيها العصمة، إلاّ أنّهم قائلون بانقطاع الاتّصال أيضاً بين الغيب والشهادة.

وانقطاع الاتّصال ذهبت إليه اليهود بعد النبيّ موسى عليه‌السلام ، كما ذهبت إليه النصارى بعد النبيّ عيسى عليه‌السلام .

وقال: وقد روى عبد الرزّاق من طريق داود بن أبي عاصم، عن عبد اللَّه بن يخنس: قلت لأبي هريرة: زعموا أنّ ليلة القدر رُفعت، قال: كذّب من قال ذلك. ومن طريق عبد اللَّه بن شُريك قال: ذكر الحجاج ليلة القدر فكأنّه أنكرها، فأراد زر بن حُبيش أن يحصبه فمنعه قومه.

الثاني: إنّها خاصّة بسنة واحدة وقعت في زمن رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، حكاه الفاكهاني أيضاً.

الثالث: إنّها خاصّة بهذه الأُمّة، ولم تكن في الأُمم قبلهم، جزم به ابن حبيب وغيره من المالكية ونقله الجمهور، وحكاه صاحب العدّة من الشافعية ورجّحه،

٢٩٢

وهو معترض بحديث أبي ذر عند النسائي، حيث قال فيه: قلت: يا رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت قال: لا، بل هي باقية.

وعمدتهم قول مالك في الموطأ: بلغني أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تقاصر أعمار أمّته عن أعمار الأُمم الماضية، فأعطاه اللَّه ليلة القدر، وهذا يحتمل التأويل، فلا يدفع التصريح في حديث أبي ذر (1) .

ليلة القدر يفصل فيها المقدّرات لأحداث كلّ السنة:

وقال الآلوسي في روح المعاني في تفسير قوله تعالى ( مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) (2) : أي من أجل كلّ أمر تعلّق به التقدير في تلك السنة إلى قابل وأظهره سبحانه وتعالى لهم، قاله غير واحد. ف)من(بمعنى اللام التعليلية متعلّقة بتنزّل، وقال أبو حاتم: (من) بمعنى الباء، أي تنزّل بكلّ أمر، فقيل: أي من الخير والبركة، وقيل: من الخير والشرّ وجعلت الباء عليه للسببية.

والظاهر على ما قالوا إنّ المراد بالملائكة المدبّرات؛ إذ غيرهم لا تعلّق له بالأُمور التي تعلّق بها التقدير ليتنزّلوا لأجلها على المعنى السابق، وهو خلاف ما تدلّ عليه الآثار من عدم اختصاصهم بالمدبّرات (3) .

ليلة القدر يتحقّقها وتتنزّل على من شاء اللَّه تعالى من عباده:

جاء في شرح صحيح مسلم للنووي قوله: (اعلم أنّ ليلة القدر موجودة... وأنّها تُرى ويتحققّها من شاء اللَّه تعالى من بني آدم كلّ سنة في رمضان، كما تظاهرت عليه الأحاديث... وأخبار الصالحين بها، ورؤيتهم لها أكثر من أن تُحصر. وأمّا قول القاضي عيّاض عن المهلّب بن أبي صُفرة: لا يمكن رؤيتها حقيقةً. فغلط فاحش

____________________

1) فتح الباري، ص262 - 263، كتاب فضل ليلة القدر.

2) سورة القدر: 6.

3) روح المعاني، ج30، ص196.

٢٩٣

نبهتُ عليه لئلاّ يُغترّ به) (1) .

وقال في ذيل سورة الدخان، في قوله تعالى ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) (2) : أي الكتاب المبين الذي هو القرآن على القول المعوّل عليه في ( لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ) هي ليلة القدر، على ما روي عن ابن عبّاس وقتادة.

وفي تحفة المحتاج لابن حَجَر الهيتمي: (ليس لرائيها كَتْمها، ولا ينال فضلها - أي كمالها - إلاّ من أطلعه اللَّه عليها)، انتهى.

والظاهر أنّه عَنى برؤيتها: رؤية ما يحصل به العلم له بها، ممّا خُصّت به من الأنوار، وتنزّل الملائكة عليهم‌السلام ، أي: نحوٍ من الكشف ممّا لا يعرف حقيقته إلاّ أهله، وهو كالنصّ في أنّها يراها من شاء اللَّه تعالى من عباده. ثمّ حكى عن ابن شاهين: إنّه لا يراها أحد من الأوّلين والآخرين إلاّ نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثمّ قال: وفي بعض الأخبار ما يدلّ على أنّ رؤيتها مناماً وقعت لغيره صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففي صحيح مسلم وغيره، عن ابن عمر: (إنّ رجالاً من أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحرّياً فليتحرَّها في السبع الأواخر) (3) .

وحُكي نحو قول ابن شاهين عن غيره أيضاً، وغلّط، ففي شرح صحيح مسلم وابن جُبير ومجاهد وابن زيد والحسن، وعليه أكثر المفسّرين والظواهر معهم.. والمراد بإنزاله في تلك الليلة إنزاله فيها جملةً إلى السماء الدنيا من اللوح، فالإنزال المنجّم في ثلاث وعشرين سنة أو أقل كان من السماء الدنيا، وروي هذا عن ابن جرير وغيره، وذكر أنّ المحلّ الذي أُنزل فيه من تلك السماء البيت المعمور، وهو

____________________

1) شرح مسلم، ج8، ص66.

2) سورة الدخان: 3.

3) صحيح مسلم، ج3، ص170.

٢٩٤

مسامِت للكعبة، بحيث لو نزل لنزل عليها.

وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنّه قال: أُنزل القرآن جملةً على جبرئيل عليه‌السلام ، وكان جبرئيل عليه‌السلام يجي‏ء به بعدُ إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ليلة القدر في سورة الشورى والنزول الأول للقرآن:

وقال في ذيل قوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ... ) (1) : وهو ما أُوحي إليه (عليه الصلاة والسلام)، أو القرآن الذي هو للقلوب بمنزلة الروح للأبدان حيث يحييها حياة أبدية. وقيل: أي ومثل الإيحاء المشهود لغيرك، أوحينا أبو القاسم إليك. وقيل: أي مثل ذلك الإيحاء المفصّل، أوحينا إليك، إذ كان عليه الصلاة والسلام اجتمعت له الطرق الثلاث، سواء فُسّر الوحي بالإلقاء، أم فُسّر بالكلام الشفاهي.

وقد ذُكر أنّه (عليه الصلاة والسلام) قد أُلقي إليه في المنام كما أُلقي إلى إبراهيم عليه‌السلام ، وأُلقي إليه عليه الصلاة والسلام في اليقظة على نحو إلقاء الزبور إلى داود عليه‌السلام . ففي (الكبريت الأحمر) للشعراني، نقلاً عن الباب الثاني من (الفتوحات المكّية): أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أُعطي القرآن مجملاً قبل جبرئيل عليه‌السلام ، من غير تفصيل الآيات والسور. وعن ابن عبّاس تفسير الروح بالنبوّة. وقال الربيع: هو جبرئيل عليه‌السلام .

وعليه، فأوحينا مضمّن معنى أرسلنا، والمعنى: أرسلناه بالوحي إليك؛ لأنّه لا يقال: أوحى الملك بل أرسله.

ونقل الطبرسي عن أبي جعفر، وأبي عبد اللَّه (رضي اللَّه تعالى عنهما): أنّ المراد بهذا الروح ملك أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يصعد

____________________

1) سورة الشورى 52: 42.

٢٩٥

إلى السماء. وهذا القول في غاية الغرابة، ولعلّه لا يصحّ عن هذين الإمامين.

وتنوين (روحاً) للتعظيم، أي روحاً عظيماً (1) ... وقال في ذيل قوله تعالى ( وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ ) : أي الروح الذي أوحيناه إليك. وقال ابن عطية: الضمير للكتاب، وقيل للإيمان، ورجّح بالقرب، وقيل للكتاب والإيمان ووحّد؛ لأنّ مقصدهما واحد فهو نظير ( وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ) (2) .

____________________

1) روح المعاني، ج25، ص 80 - 81.

2) سورة التوبة: 62.

٢٩٦

ليلة القدر

في روايات أهل سنّة الخلافة

دوام ليلة القدر في كلّ عام إلى يوم القيامة:

1 - فقد روى عبد الرزّاق الصنعاني في (المصنّف) بسنده، عن مولى معاوية، قال: (قلت لأبي هريرة: زعموا أنّ ليلة القدر قد رُفعت، قال: كذّب من قال كذلك، قلت: فهي كلّ شهر رمضان استقبله؟ قال: نعم... الحديث) (1) ، ورواه عنه بطريق آخر (2) ، ورواه كنز العمّال أيضاً (3) .

2 - وروى عبد الرزّاق الصنعاني في المصنّف بسنده، عن ابن عبّاس، قال: (ليلةٌ في كلّ رمضان يأتي، قال: وحدّثني يزيد بن عبد اللَّه بن الهاد: أنّ رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله سُئِل عن ليلة القدر، فقيل له: كانت مع النبيّين ثمّ رُفعت حين قُبضوا، أو هي في كلّ سنة؟ قال: بل هي في كلّ سنة، بل هي في كلّ سنة) (4) .

3 - وروي عن ابن جرير، قال: (حُدّثت: أنّ شيخاً من أهل المدينة سأل أبا ذر بمنى، فقال: رُفعت ليلة القدر أم هي في كلّ رمضان؟ فقال أبو ذر: سألت رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت: يا رسول اللَّه رُفعت ليلة القدر؟ قال: بل هي كلّ رمضان) (5) .

4 - وروى ابن أبي شيبة الكوفي في المصنّف في باب ليلة القدر، بسنده إلى ابن

____________________

1) المصنّف، ج3، ص216، ح 5586.

2) المصنّف، ج3، ص255، ح 7707.

3) كنز العمّال، ج3، ص634، ح 24490.

4) المصنّف، ج4، ص255، ح 7708.

5) المصنّف، ج4، ص255، ح 7709، وأخرجه هق، ج4، ص307، والطحاوي، ج2، ص50.

٢٩٧

أبي مرثد عن أبيه، قال: (كنت مع أبي ذر عند الجمرة الوسطى، فسألته عن ليلة القدر، فقال: كان أسأل الناس عنها رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنا: ليلة القدر كانت تكون على عهد الأنبياء فإذا ذهبوا رُفعت؟ قال: لا ولكن تكون إلى يوم القيامة) (1) .

5 - أخرج السيوطي في الدرّ المنثور: (عن محمّد بن نصر، عن سعيد بن المسيّب أنّه سُئل عن ليلة القدر، أهي شي‏ء كان فذهب، أم هي في كلّ عام؟ فقال: بل هي لأُمّة محمّد ما بقي منهم اثنان) (2) .

أقول: وفي هذه الرواية - وإن كانت مقطوعة - دلالةٌ على أن لو بقي في الأرض رجلٌ واحد لكان الثاني هو الحجّة وخليفة اللَّه في الأرض، الذي تنزّل عليه ليلة القدر بمقادير الأُمور، وأنّ ليلة القدر هي من حقائق وخصائص روح الحجّة في الأرض.

6 - وروى الطبري بسنده عن ربيعة بن كلثوم، قال: (قال رجل للحسن وأنا أسمع: أرأيت ليلة القدر في كلّ رمضان هي؟ قال: نعم، واللَّه الذي لا إله إلاّ هو إنّها لفي كلّ رمضان، وأنّها ليلة القدر، فيها يُفرق كلّ أمر حكيم، فيها يقضي اللَّه كلّ أجل وعمل ورزق إلى مثلها) (3) .

النزول في ليلة القدر وحي للأنبياء، واستمراره بعد الأنبياء:

قال ابن خزيمة في صحيحه (4) : باب ذكر أبواب ليلة القدر، والتأليف بين الأخبار المأثورة عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيها ما يحسب كثيراً من حملة العلم، ممّن لا يفهم صناعة العلم، أنّها متهاتِرةٌ متنافية، وليس كذلك هي عندنا بحمد اللَّه ونعمته، بل هي

____________________

1) المصنّف لابن أبي شيبة، ج2، ص394، ح 5، باب 341.

2) الدرّ المنثور، ج6، ص371، في ذيل سورة القدر.

3) جامع البيان، ج25، ص139، ح24000.

4) صحيح ابن خزيمة، ج3، ص320.

٢٩٨

مختلفة الألفاظ متّفقة المعنى، على ما سأبيّنه إن شاء اللَّه.

قال أيضاً: باب ذكر دوام ليلة القدر في كلّ رمضان إلى قيام الساعة، ونفي انقطاعها بنفي الأنبياء.

7 - وروى بسنده إلى أبي مرثد، قال: (قال: لقينا أبا ذر وهو عند الجمرة الوسطى، فسألته عن ليلة القدر، فقال: ما كان أحد بأَسأل لها منّي، قلت: يا رسول اللَّه ليلة القدر أُنزلت على الأنبياء بوحي إليهم فيها ثمّ ترجع؟ فقال: بل هي إلى يوم القيامة.. الحديث) (1) ، ورواه بطريق آخر أيضاً، في باب أنّ ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان (2) .

8 - وروى النسائي، والقسطلاني، والهيثمي، وابن حجر في فتح الباري، وابن كثير في تفسيره حديث أبي ذر - في ليلة القدر - قال: (يا رسول اللَّه أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رُفعت؟ قال: بل هي باقية).

9 - وروى أحمد بن محمّد بن سلمة في شرح معاني الآثار، في باب الرجل يقول لامرأته أنت طالق ليلة القدر، متى يقع الطلاق؟ بسنده، إلى مالك ابن مرثد عن أبيه، قال: (سألت أبا ذر فقلت: أسألت رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ليلة القدر؟ قال: نعم، كنت أسأل الناس عنها، قال عكرمة: يعني أشبع سؤلاً، قلت: يا رسول اللَّه، ليلة القدر أفي رمضان هي أم في غيره؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : في رمضان. قلت: وتكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا رُفعوا رُفعت؟ قال: بل هي إلى يوم القيامة) (3) .

10 - وفي صحيح ابن حِبان، قال في باب ذكر البيان بأنّ ليلة القدر تكون في العشر الأواخر كلّ سنة إلى أن تقوم الساعة، ثمّ روى بسند متّصل رواية أبي ذر

____________________

1) صحيح ابن خزيمة، ج3، ص320.

2) صحيح ابن خزيمة، ج3، ص321.

3) شرح معاني الآثار، ج3، ص85.

٢٩٩

المتقدِّمة واللفظ فيها... (تكون في زمان الأنبياء ينزل عليهم الوحي، فإذا قُبضوا رُفعت؟ فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : بل هي إلى يوم القيامة) (1) .

وروى البيهقي في فضائل الأوقات رواية أبي ذر المتقدّمة بإسناده (2) ، وقال - قبل تلك الرواية -: وليلة القدر التي ورد القرآن بفضيلتها إلى يوم القيامة وهي في كلّ رمضان... ثمّ نقل الخبر المزبور. وروى الهيثمي في موارد الظمآن رواية أبي ذر بسنده (3) .

11 - وروى أحمد بن محمّد بن سَلمة في معاني الآثار، في باب الرجل يقول لامرأته أنت طالق ليلة القدر، متى يقع الطلاق؟ بسنده إلى سعيد بن جبير عن ابن عمر، قال: (سُئل رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أسمع عن ليلة القدر؟ فقال: في كلّ رمضان). ففي هذا الحديث أنّها في كلّ رمضان، فقال قوم هذا دليل على أنّها تكون في أوّله وفي وسطه، كما قد تكون في آخره. وقد يحتمل قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : (في كلّ رمضان)، هذا المعنى، ويحتمل أنّها في كلّ رمضان إلى يوم القيامة (4) ، ورواه بطرق أخرى غير مرفوعة.

أقول: هذه الروايات عند العامّة مطابقة لما يأتي من الروايات عند أهل البيت عليهم‌السلام ، من عدّة وجوه، أهمّها:

أوّلاً: ليلة القدر كانت من لَدُن آدم عليه‌السلام ، واستمرّت إلى النبيّ الخاتم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي مستمرّة إلى يوم القيامة نزولاً على خلفاء النبيّ الاثني عشر.

وثانياً: إنّ هذا الروح النازل في ليلة القدر هو قناة ارتباط الأنبياء والأوصياء مع الغيب.

وثالثاً: ممّا يدلّل على عموم الخلافة الإلهية: ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ

____________________

1) صحيح ابن حِبّان، ج8، ص438.

2) البيهقي، ص 219.

3) موارد الظمآن، ص 231.

4) شرح معاني الحديث، ج3، ص84.

٣٠٠

٢٥١٨ - وروى جعفر بن القاسم(١) عن الصادق عليه السلام قال: " إن على ذروة كل جسر شيطانا(٢) ، فإذا انتهيت إليه فقل: بسم الله، يرحل عنك ".

٢٥١٩ - وقال أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " أنا ضامن لمن خرج يريد سفرا معتما تحت حنكه ثلاثا ألا يصيبه السرق والغرق والحرق "(٣) .

باب توفير الشعر للحج والعمرة

٢٥٢٠ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة، ومن أراد الحج وفر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة ومن أراد العمرة وفر شعره شهرا "(٤) .

___________________________________

(١) كذا في النسخ والطريق اليه فيه أحمد بن أبى عبدالله عن أبيه عنه كما في المشيخة، وفى الكافى ج ٤ ص ٢٨٧ عن حفص بن القاسم وهكذا في المحاسن ص ٣٧٣.

(٢) في الصحاح " الجسر بكسر الجيم واحد الجسور التى يعبر عليها.

والجسر بالفتح العظيم من الابل وغيرها والانثى جسرة اه‍ " والمراد هنا الاول بقرينة قوله " إذا انتهيت اليه ". ويرحل أى يبعد.

(٣) رواه البرقى في المحاسن ص ٣٧٣ بسند ضعيف.

وقوله " معتما تحت حنكه " أى حين الذهاب إلى السفر لا في جميع السفر كما يفهم من الارادة.

وقوله " ثلاثا " اى أنا ضامن له ثلاثة أمور وهى التى يذكرها بعد.

وفى بعض النسخ " الشرق " بالشين المعجمة وهو الشجى والغصة، وشرق بريقة أى غص.

(٤) قال العلامة المجلسى رحمه الله: استحباب توفير شعر الرأس للمتمتع من أول ذى القعدة وتأكده عند هلال ذى الحجة قول الشيخ في الجمل وابن ادريس وسائر المتأخرين، وقال الشيخ في النهاية: " فاذا أراد الانسان أن يحج متمتعا فعليه أن يوفر شعر رأسه ولحيته من أول ذى القعدة ولا يمس شيئا منهما " وهو يعطى الوجوب.

ونحوه قال في الاستبصار: وقال المفيد في المقنعة إذا أراد الحج فليوفر شعر رأسه في مستهل ذى القعدة فان حلقه في ذى القعدة كان عليه دم يهريقه، وقال السيد في المدارك: لا دلالة لشئ من الروايات على اختصاص الحكم بمن يريد حج التمتع فالتعميم أولى.

٣٠١

وقد يجزي الحاج بالرخص أن يوفر شعره شهرا، روى ذلك هشام بن الحكم وإسماعيل بن جابر عن الصادق عليه السلام(١) .

ورواه إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام(٢) .

٢٥٢١ - وروي عن سماعة قال: " سألته عن الحجامة وحلق القفا في أشهر الحج قال: لا بأس ولا بأس بالنورة والسواك "(٣) .

باب مواقيت الاحرام

٢٥٢٢ - روى عبيدالله بن علي الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " الاحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله، لا ينبغي لحاج ولا معتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها، وقت لاهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة(٤) كان يصلي فيه ويفرض

___________________________________

(١) في التهذيب ج ١ ص ٤٦٠ باسناده الصحيح عن اسماعيل بن جابر قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام: كم أوفر شعرى إذا أردت هذا السفر؟ قال: اعفه شهرا ".

(٢) في التهذيب ج ١ ص ٤٦٠ في الموثق عنه قال: " قلت لابى الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: مرنى كم أوفر شعرى إذا أردت العمرة، فقال: ثلاثين يوما ".

(٣) قال الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ١٦٠: فالوجه في هذا الخبر أن نحمل جواز ذلك على أشهر الحج التى هى شوال قال: لا بأس يأخذ الانسان من شعر رأسه ولحيته في هذا الشهر كله إلى غرة ذى القعدة، ثم استدل بخبر الحسين بن أبى العلاء عن أبى عبدالله عليه السلام حيث قال: " سألته عن الرجل يريد الحج أيأخذ من شعره في شوال كله ما لم ير الهلال؟ قال: نعم لا بأس به ".

وقال المولى المجلسى: في خبر سماعة: ظاهره الضرورة أو يحمل عليها أو على شوال جمعا بين الاخبار.

(٤) ذو الحليفة موضع على ستة أميال من المدينة.

وقال في مرآة العقول: " قال سيد المحققين: ظاهر المحقق والعلامة في كتبه: ان ميقات أهل المدينة نفس مسجد الشجرة، و جعل بعضهم الميقات الموضع المسمى بذى الحليفة ويدل على اطلاق عدة من الاخبار الصحيحة لكن مقتضى صحيحة الحلبى أن ذا الحليفة عبارة عن نفس المسجد، وعلى هذا فتصير الاخبار متفقة ويتعين الاحرام من المسجد انتهى.

ويحتمل أن يكون المراد هو الموضع الذى فيه مسجد الشجرة ولا ريب أن الاحرام من المسجد أولى وأحوط ".

٣٠٢

الحج(١) ، فاذا خرج من المسجد فسار واستوت به البيداء حين يحازي الميل الاول أحرم(٢) .

ووقت لاهل الشام الجحفة(٣) ووقت لاهل نجد العقيق(٤) ووقت لاهل الطائف قرن المنازل(٥) ووقت لاهل اليمن يلملم(٦) ولا ينبغي لاحد أن يرغب عن مواقيت رسول الله صلى الله عليه وآله ".

٢٥٢٣ - وفي رواية رفاعة بن موسى عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " وقت

___________________________________

(١) في الكافى ج ٤ ص ٣١٩ " يفرض فيه الحج " وهكذا في التهذيب وليس فيهما لفظة " كان "(٢) ليس في التهذيب والكافى من قوله " فاذا خرج إلى قوله أحرم ".

ومعنى قوله: " فسارت واستوت به البيداء " أى دخل فيها لان مسجد الشجرة في المنخفضة والبيداء مستعلية عليها فما لم يدخل فيها لم يستويه البيداء كما قاله المولى المجلسى رحمه الله.

(٣) تسمى برابغ وفى المراصد الجحفة بالضم ثم السكون والفاء كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق مكة على أربع مراحل وهى ميقات أهل مصر والشام، ان لم يمروا على المدينة وكان اسمها مهيعة وسميت الجحفة لان السيل جحفها، وبينها وبين البحر ستة أميال، وبينها وبين غدير خم ميلان ".

وفى القاموس الجحفة ميقات أهل الشام وكانت قرية جامعة على اثنين وثمانين ميلا من مكة، وكانت تسمى مهيعة فنزل بها بنو عبيل وهم اخوة عادو كان أخرجهم العماليق من يثرب فجاء‌هم سيل الجحاف فاجتحفهم فسميت الجحفة.

(٤) هو موضع قريب من ذات عرق قبلها بمرحلة أو مرحلتين، وفى بلاد العرب مواضع كثيرة تسمى العقيق، وكل موضع شققته من الارض فهو عقيق. (النهاية)

(٥) في المراصد: قرن المنازل هو ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة.

وقال في القاموس: هو قرية عند الطائف أو اسم الوادى كله.

(٦) في القاموس: يلملم وألملم ميقات اليمن جبل على مرحلتين من مكة.

وفى المراصد: موضع على ليلتين من مكة وفيه مسجد لمعاذ بن جبل.

٣٠٣

رسول الله صلى الله عليه وآله العقيق لاهل نجد، وقال: هو وقت لما أنجدت الارض(١) وأنتم منهم ووقت لاهل الشام الجحفة ويقال لها: مهيعة ".

٢٥٢٤ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " يجزيك إذا لم تعرف العقيق أن تسأل الناس والاعراب عن ذلك "(٢) .

٢٥٢٥ - وقال الصادق عليه السلام: " أول العقيق بريد البعث(٣) وهو بريد من دون بريد غمرة ".

٢٥٢٦ - وقال الصادق عليه السلام: " وقت رسول الله صلى الله عليه وآله لاهل العراق العقيق وأوله المسلخ ووسطه غمرة(٤) وآخره ذات عرق، وأوله

___________________________________

(١) أى هو ميقات لمن أدخلته الارض في نجد وأنتم أهل العراق منهم، وفى القاموس النجد ما أشرف من الارض أعلاه تهامة واليمن وأسفله العراق والشام وأوله من جهة الحجاز ذات عرق.

(٢) يدل على الاعتماد عليهم في تحقيق المواضع والمشاعر، ولعله مع حصول العلم بالتواتر أو الاستفاضة.(م ت)

(٣) قال العلامة المجلسى رحمه الله في المرآة: " في النسخ [يعنى الكافى] بالغين المعجمة وهو غير مذكور في اللغة وصحح بعض الافاضل البعث بالعين المهملة بمعنى الجيش وقال: لعله كان موضع بعث الجيوش انتهى، وقال والده (ر ه): البعث هو أول العقيق.

وفى هامش الفقيه المطبوع بالنجف: " البعث بالعين المهملة والثاء المثلثة وهو مكان دون المسلخ بستة أميال مما يلى العراق " وقال الشيخ حسن في المنتقى: لم أقف على ضبط لغة النغب الا في خط العلامة في المنتهى، فانه ضبطه بالنون ثم الغين المعجمة والباء الموحدة.

وفى القاموس " الثغب: الغدير في ظل جبل ".

وربما يقال يريد النغب بالنون قبل الغين المعجمة والباء الموحدة أخيرا ويحكى الضبط كذلك أيضا بخط العلامة في المنتهى.

وكيف كان في الكافى عن معاوية بن عمار " بريد البعث دون غمرة ببريدين " ولعل رواية المصنف هذا هو رواية معاوية بن عمار والاختلاف من النساخ.

وقيل الغمرة بفتح المعجمة بئر بمكة قديمة.

(٤) قال العلامة المجلسى (ر ه) قال السيد رحمه الله: انا لم نقف على ضبط المسلخ وغمرة على شئ يعتد به وقال في التنقيح: المسلح بالسين والحاء المهملتين واحد المسالح وهى المواضع العالية ; ونقل جدى عن بعض الفقهاء أنه ضبطه بالخاء المعجمة من السلخ وهو نزع الثياب للاحرام، ومقتضى ذلك تأخير التسمية عن وضعه ميقاتا.

وأما ذات عرق ففى القاموس " انها بالبادية ميقات العراقيين " وقيل: انها كانت قرية فخربت.

٣٠٤

أفضل "(١) .

ولا يجوز الاحرام قبل بلوغ الميقات(٢) ، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعلة أو تقية(٣) .

وإذا كان الرجل عليلا أو اتقى فلا بأس بأن يؤخر الاحرام إلى ذات عرق(٤) .

___________________________________

(١) قال المولى المجلسى رحمه الله: لم نجده مسندا ولكنه عمل أكثر الاصحاب عليه وأكثر الاخبار على خلافه كما تقدم، نعم روى الشيخ في الموثق عن أبى بصير قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: حد العقيق أوله مسلخ وآخره ذات عرق " أى في الفضيلة لما رواه الكلينى في الصحيح عن صفوان عن اسحاق بن عمار قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن الاحرام من غمرة، قال: ليس به بأس وكان بريد العقيق أحب إلى " وحملها على التقية أظهر لان ذات عرق ميقات قرره الثانى من الخلفاء.

(٢) راجع الكافى ج ٤ ص ٣٢١ باب من أحرم دون الميقات، وفيه في الحسن كالصحيح عن ابن أذينة قال قال أبو عبدالله عليه السلام: " من أحرم بالحج في غير أشهر الحج فلا حج له، ومن أحرم دون الميقات فلا احرام له " وفى آخر عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام " مثل ذلك مثل من صلى في السفر أربعا وترك الثنتين ".

(٣) روى الكلينى رحمه الله في الكافى ج ٤ ص ٣٢٣ في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال: " كتبت اليه أن بعض مواليك بالبصرة يحرمون ببطن العقيق وليس بذلك الموضع ماء ولا منزل وعليهم في ذلك مؤونة شديدة ويعجلهم أصحابهم و جمالهم ومن وراء بطن العقيق بخمسة عشر ميلا منزل فيه ماء وهو منزلهم الذى ينزلون فيه فترى أن يحرموا من موضع الماء لرفقه بهم وخفته عليهم؟ فكتب " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وقت المواقيت لاهلها ولمن أتى عليها من غير أهلها وفيها رخصة لمن كانت به علة فلا يجاوز الميقات الا من علة". والتقية علة بل أعظم العلل.

(٤) كأنه مخالف لما تقدم من جواز تأخير الاحرام إلى ذات عرق الا أن يحمل على الاستحباب أو نفى الكراهة ويشعر بكونها ميقاتا.(م ت)

٣٠٥

٢٥٢٧ - وسأل معاوية بن عمار أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة فقال: لا بأس"(١) .

٢٥٢٨ - وروي عن أبي بصير(٢) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إنا نروى بالكوفة أن عليا عليه السلام قال: إن من تمام حجك إحرامك من دويرة أهلك، فقال: سبحان الله لو كان كما يقولون لما تمتع(٣) رسول الله صلى الله عليه وآله بثيابه إلى الشجرة "(٤) .

٢٥٢٩ - وسأل ميسر الصادق عليه السلام " عن رجل أحرم من العقيق وآخر أحرم من الكوفة أيهما أفضل عملا؟ فقال: يا ميسر تصلي العصر أربعا أفضل(٥) أو تصليها ستا؟ فقلت: أصليها أربعا، قال: فكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل من غيرها ".

٢٥٣٠ - وسئل [الصادق] عليه السلام " عن رجل منزله خلف الجحفة من أين يحرم؟ قال: من منزله ".

٢٥٣١ - وفي خبر آخر " من كان منزله دون المواقيت ما بينها وبين مكة فعليه أن يحرم من منزله "(٦) .

_________________________________

(١) يدل بظاهره على جواز التأخير اختيارا إلى الجحفة لاهل المدينة ويفهم من المصنف رحمه الله أنه يعمل به كما ظهر سابقا لكنه محمول على الجهل أو النسيان جمعا بين الاخبار.(م ت)

(٢) كذا، وفى الكافى ج ٤ ص ٣٢٢ في الضعيف وفى التهذيب ج ١ ص ٤٦٣ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبى نصر، عن مهران بن أبى نصر، عن رباح بن أبى نصر.

وكأنه كان عن ابن أبى نصر فغيره النساخ تصحيفا ويمكن أن يكون السوأل منهما.

(٣) في الكافى " ما كان يمنع " وفى التهذيب " لم يتمتع ".

(٤) أى إلى المسجد الشجرة، قال في التهذيب، وانما معنى دويرة أهله من كان أهله وراء الميقات إلى مكة.

(٥) الافضل هنا ما يأتى بمعنى الصواب وهو نوع من الموعظة في التخطئة.(م ت)

(٦) روى نحوه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام في التهذيب ج ١ ص ٤٦٣.

٣٠٦

٢٥٣٢ - وروى الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من أقام بالمدينة وهو يريد الحج شهرا أو نحوه ثم بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة فإذا كان حذاء الشجرة والبيداء مسيرة ستة أميال فليحرم منها "(١) .

باب التهيؤ للاحرام

٢٥٣٣ - روى معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق أو إلى وقت من هذه المواقيت وأنت تريد الاحرام - إن شاء الله - فانتف إبطيك(٢) وقلم أظفارك، واطل عانتك، وخذ من شاربك، ولا يضرك بأي ذلك بدأت، ثم استك واغتسل، والبس ثوبيك(٣) وليكن فراغك من ذلك - أن شاء الله تعالى - عند زوال الشمس، وإن لم يكن ذلك عند زوال الشمس فلا يضرك

___________________________________

(١) قال العلامة المجلسى رحمه الله: إذا حج المكلف على طريق لا يفضى إلى أحد المواقيت فقد ذكر جمع من الاصحاب أنه يجب عليه الاحرام إذا غلب على ظنه محاذاة الميقات لهذا الخبر، فقيل: يحرم على محاذاة أقرب المواقيت إلى طريقه ولو سلك طريقا لم يؤد إلى محاذاة ميقات قيل يحرم من مساواة أقرب الاماكن إلى مكة، واستقرب العلامة رحمه الله وجوب الاحرام من أدنى الحل وهو حسن.

وقال السيد رحمه الله: لولا ورود الرواية بالمحاذاة لامكن المناقشة فيه أيضا مع أن الرواية انما تدل على محاذاة مسجد الشجرة والحاق غيره يحتاج إلى دليل انتهى.

وفىالكافى بعد نقله: وفى رواية اخرى " يحرم من الشجرة يأخذ أى طريق شاء " وظاهرها عدم جواز الاكتفاء بالمحاذاة.

(٢) يمكن أن يكون المراد بالنتف مطلق الازالة فعبر عنه بما هو الشايع، فان الظاهر أن الحلق أفضل من النتف والطلى أفضل من الحلق كما صرح به جماعة من الاصحاب. (المرآة)

(٣) يعنى للاحرام مقدما عليه ويظهر منه ومن غيره من الاخبار أن لبس ثوبى الاحرام واجب فيه لا أنه جزء حقيقة حتى يكون المقارنة مع الاحرام شرطا في صحته. (م ت)

٣٠٧

إلا أن ذلك أحب إلى أن يكون عند زوال الشمس "(١) .

٢٥٣٤ - وروى معاوية بن وهب قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام - ونحن بالمدينة - عن التهيؤ للاحرام، فقال: اطل بالمدينة وتجهز بكل ما تريد، واغتسل إن شئت(٢) ، وإن شئت استمتعت بقميصك حتى تأتي مسجد الشجرة ".

٢٥٣٥ - وسأل(٣) معاوية بن عمار " عن الرجل يطلي قبل أن يأتي الوقت بست ليال؟ قال: لا بأس [به].

وسأله عن الرجل يطلي قبل أن يأتى مكة بسبع ليال او ثمان ليال؟ قال لا بأس به ".

٢٥٣٦ - وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: " سأل رجل أبا عبدالله عليه السلام وأنا حاضر فقال: إذا اطليت للاحرام الاول كيف لي أن أصنع في الطلية الاخيرة وكم حد ما بينهما؟ فقال: إن كان بينهما جمعتان خمسة عشر يوما فاطل "(٤) .

٢٥٣٧ - وروى ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: " ارسلنا إلى أبي - عبدالله عليه السلام ونحن جماعة بالمدينة: إنا نريد أن نودعك، فأرسل إلينا أبوعبدالله عليه السلام أن اغتسلوا بالمدينة فإني أخاف أن يعز الماء عليكم بذي الحليفة، فاغتسلوا بالمدينة(٥) والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها، ثم تعالوا فرادى ومثانى(٦) ،

___________________________________

(١) هذه المقدمات كلها مستحبة كما قطع به الاصحاب الا الغسل فانه ذهب به ابن أبى عقيل إلى الوجوب والمشهور فيه الاستحباب أيضا.(المرآة)

(٣) في التهذيب ج ١ ص ٤٦٤ " واغتسل " بدون قوله " ان شئت ".

(٣) كذا، والظاهر " سأله " والسهو من النساخ بقرينة ما يأتى.

(٤) ظاهر الاكتفاء بأقل من خمسة عشر يوما وعدم استحبابه لاقل من ذلك كما هو ظاهر المحقق وجماعة، وذهب العلامة وجماعة إلى أن المراد به نفى تأكد الاستحباب ويستحب قبل ذلك أيضا لغيره من الاخبار وهو أظهر.(المرآة)

(٥) عز الماء يعز عزازة إذا قل ولا يكاد يوجد فهو عزيز.

ولا خلاف في جواز تقديم الغسل على الميقات مع خوف عوز الماء ويظهر من بعض الاخبار الجواز مطلقا، والمشهور استحباب الاعادة إذا وجد الماء في الميقات وهذا الخبر يدل على الحكمين معا.

(٦) يدل على استحباب لبس ثوبى الاحرام بعد الغسل (م ت) ولعل منعهم عن الاتيان مجتمعين مبنى على التقية والخوف من الاعداء.(مراد)

٣٠٨

قال: فاجتمعنا عنده فقال له ابن أبي يعفور: ما تقول في دهنة(١) بعد الغسل للاحرام فقال: قبل وبعد ومع ليس به بأس، وقال: ثم دعا بقارورة بان سليخة(٢) ليس فيها شئ فأمرنا فادهنا منها، فلما أردنا أن نخرج قال: لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماء إذا بلغتم ذا الحليفة "(٣) .

٢٥٣٨ - وسأله محمد الحلبي " عن دهن الخيرى(٤) والبنفسج أندهن به إذا أردنا أن نحرم؟ قال: نعم.

وسأله عن الرجل يغتسل بالمدينة لاحرامه فقال: يجزيه ذلك

___________________________________

(١) " دهنه " اما بتاء الوحدة أو بالضمير الراجع إلى المحرم.

(٢) أى الدهن المتخذ من ثمر البان قبل أن يربب، وقوله " ليس فيها شئ " أى من الطيب الذى تبقى رائحته بعد الاحرام، ولا خلاف بين الاصحاب في حرمة استعمال الدهن المطيب بعد الاحرام، وكذا غير المطيب على المشهور وجوزه جماعة، وأما قبل الاحرام فالمشهور عدم جواز استعمال دهن تبقى رائحته بعد الاحرام.

قال في المدارك: أما تحريم استعمال أدهان الطيبة كدهن الورد والبنفسج والبان في حال الاحرام فقال في المنتهى: انه قول عامة أهل العلم ويجب به الفدية اجماعا، وأما تحريم استعمالها قبل الاحرام إذا كانت رائحته تبقى إلى وقت الاحرام فهو قول الاكثر وجعله ابن حمزة مكروها والاصح التحريم لورود النهى عنه في عدة روايات كحسنة الحلبى [المروية في الكافى ج ٤ ص ٣٢٩]

عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم فاذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل ".

ورواية على بن أبى حمزة [الاتية تحت رقم ٢٥٤٠]

ومقتضى الروايتين جواز التدهن بغير المطيب قبل الاحرام ونقل عليه في التذكرة الاجماع، واطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضى عدم الفرق في ذلك بين ما يبقى أثره إلى حال الاحرام وغيره، واحتمل بعض الاصحاب تحريم الادهان مما يبقى أثره بعد الاحرام قياسا على المطيب وهو بعيد، ولا يخفى أن تحريم الادهان بالمطيب قبل الاحرام انما يتحقق مع وجوب الاحرام وتضيق وقته والا لم يكن الادهان محرما وان حرم إنشاء الاحرام قبل زوال أثره كما هو واضح.

(٣) يدل على جواز الادهان بعد الغسل وعلى استحباب الغسل في الميقات مع التمكن.

(٤) كذا في بعض النسخ، وفى بعضها " دهن الحسنى " وفى أكثرها " دهن الحناء "

كما في التهذيب ج ٢ ص ٥٣٣ والاستبصار ج ٢ ص ١٨٢.

والظاهر أن الصواب ما أخترناه وهو بكسر الخاء المعجمة دهنه معروف ويقال له بالفارسية (شب بو).

٣٠٩

من الغسل بذي الحليفة "(١) .

٢٥٣٩ - وروى معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال: " الرجل يدهن بأي دهن شاء إذا لم يكن فيه مسك ولا عنبر ولا زعفران ولا ورس(٢) قبل أن يغتسل للاحرام قال: ولا تجمر ثوبا لاحرامك ".

٢٥٤٠ - وروى القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة قال: " سألته عن الرجل يدهن بدهن فيه طيب وهو يريد أن يحرم؟ فقال: لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر يبقى ريحه في رأسك بعدما تحرم، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم قبل الغسل وبعده، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل ".

٢٥٤١ - وروى حماد، عن حريز عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " كان لا يرى بأسا بأن تكتحل المرأة وتدهن وتغتسل بعد هذا كله للاحرام "(٣) .

٢٥٤٢ - وفي رواية جميل أنه قال: " غسل يومك يجزيك لليلتك، وغسل ليلتك يجزيك ليومك "(٤) .

٢٥٤٣ - وسئل أبوجعفر عليه السلام " عن رجل اغتسل لاحرامه ثم قلم أظفاره،

___________________________________

(١) يدل على جواز الادهان بأمثال هذه الادهان وعلى الاكتفاء بغسل المدينة.

(٢) الورس: نبات كالسمسم ليس الا باليمن.

(٣) يحمل على الدهن الذى لا يكون فيه الطيب الذى يبقى ريحه بعد الاحرام وكذا الاكتحال. (م ت)

(٤) هذا الخبر وان لم يذكر فيه أنه للاحرام لكن ذكره المؤلف في هذا الباب كما ذكر الاصحاب نحوه أيضا وذلك اما لعمومه أو معلوم عندهم بالقرائن أن المراد غسل الاحرام ويمكن أن يستنبط منه حكم غسل الزيارات وغيرها.

وروى الكلينى ج ٤ ص ٣٢٧ في الصحيح عن عمر بن يزيد عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " غسل يومك ليومك وغسل ليلتك لليلتك ".

٣١٠

قال: يمسحها بالماء(١) ولا يعيد الغسل ".

ولا بأس أن يغتسل الرجل بكرة ويحرم عشية.

وإن لبست ثوبا من قبل أن تلبي فانزعه من فوق وأعد الغسل ولا شئ عليك وإن لبسته بعد ما لبيت فانزعه من أسفل وعليك دم شاة، وإن كنت جاهلا فلا شئ عليك(٢) .

وإذا اغتسل الرجل للاحرام فلا بأس أن يمسح رأسه بمنديل وإزار(٣) .

وإذا اغتسل الرجل للاحرام ثم نام قبل أن يحرم فعليه إعادة الغسل استحبابا لانه قد:

٢٥٤٤ - روى العيص بن القاسم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يغتسل للاحرام بالمدينة ويلبس ثوبين، ثم ينام قبل أن يحرم؟ قال: ليس عليه غسل "(٤) .

___________________________________

(١) أى استحبابا لكراهة الحديد.

(٢) روى الكلينى في الكافى في الحسن كالصحيح ج ٤ ص ٣٤٨ والشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار وغير واحد عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل أحرم وعليه قميص، قال: ينزعه ولا يشقه وان كان لبسه بعد ما أحرم شقه وأخرجه مما يلى رجليه " والظاهر أنه لئلا يغطى رأسه.

وفى الكافى ج ٤ ص ٣٢٨ باسناده عن على بن أبى حمزة قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل اغتسل للاحرام ثم لبس قميصا قبل أن يحرم قال: قد انتقض غسله ".

والمشهور استحباب اعادة الغسل بعد لبس المحرم ما لا يجوز له.

وفيه أيضا في الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: " من لبس ثوبا لا ينبغى له لبسه وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليه، ومن فعله متعمدا فعليه دم ".

(٣) روى الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٣٢٩ في الحسن كالصحيح عن ابن دراج عن أحدهما عليهما السلام " في الرجل يغتسل للاحرام ثم يمسح رأسه بمنديل؟ قال: لا بأس به ".

(٤) في الكافى ج ٤ ص ٣٢٨ في الصحيح عن النضر بن سويد عن أبى الحسن عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل أن يحرم؟ قال: عليه اعادة الغسل ".

وقال في المدارك: الاصح عدم انتقاض الغسل بالنوم وان استحب الاعادة بل لا يبعد تأكد استحباب الاعادة لصحيحة العيص بن القاسم.

٣١١

ومن اغتسل أول الليل ثم أحرم آخر الليل أجزأه غسله(١) .

باب وجوه الحاج

٢٥٤٥ - روى منصور الصيقل عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " الحاج عندنا على ثلاثة أوجه: حاج متمتع، وحاج مفرد للحج، وسائق للهدي - والسائق هو القارن - "(٢) .

ولا يجوز لاهل مكة ولا حاضريها التمتع بالعمرة إلى الحج، وليس لهم إلا القران أو الافراد لقول الله عزوجل: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج(٣) فما استيسر من الهدي " ثم قال بعد ذلك: " ذلك لمن يكن أهله حاضري المسجد الحرام " وحد حاضري المسجد الحرام أهل مكة وحواليها على ثمانية وأربعين ميلا، ومن كان خارجا من هذا الحد فلا يحج إلا متمتعا بالعمرة إلى الحج ولا يقبل الله غيره.

٢٥٤٦ - وروى ابن بكير، عن زرارة قال: " سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل إن أحب أو كره(٤) " إلا من اعتمر في عامه ذلك أو

___________________________________

(١) تقدم الكلام فيه وروى الكلينى ج ٤ ص ٣٢٨ عن البطائنى عن أبى بصير قال: " سألته عن الرجل يغتسل بالمدينة لاحرامه أيجزيه ذلك من غسل ذى الحليفة؟ قال: نعم فأتاه رجل وأنا عنده فقال: اغتسل بعض أصحابنا فعرضت له حاجة حتى أمسى، قال: يعيد الغسل، يغتسل نهارا ليومه ذلك وليلا لليلته " ويحمل على ما لو لم ينم.

(٢) ما يدل عليه من انقسام الحج إلى الاقسام الثلاثة وحصره فيها مما أجمع عليه العلماء.

وأما انكار عمر التمتع فقد ذكر المخالفون أيضا أنه قد تحقق الاجماع بعده على جوازه.

(٣) أى تمتع بعد العمرة من النساء والثياب والطيب وغيرها من محرمات الاحرام إلى الاحرام بالحج. (م ت)

(٤) الخبر إلى هنا في الكافى ج ٤ ص ٢٩٩ والتهذيب.وما بعده من كلام الراوى ظاهرا.

٣١٢

ساق الهدي وأشعره وقلده(١) .

٢٥٤٧ - وروى ابن اذينة، عن زرارة قال: " جاء رجل إلى أبي جعفر عليه السلام وهو خلف المقام فقال: إني قرنت بين حجة وعمرة، فقال: هل طفت بالبيت؟ فقال: نعم(٢) قال: هل سقت الهدي؟ قال: لا، فأخذ أبوجعفر عليه السلام بشعره، ثم قال:

___________________________________

(١) لا أعلم له معنى صريحا ويمكن أن يكون فيه سقطا أو تصحيفا، وقال الفيض رحمه الله في الوافى: بناء استثناء المعتمر على عدم جواز عمرتين في عام فانه إذا كان كذلك لم يكن طوافه من عمرة صحيحة فلا عقد لا حل.

ومورد الكلام في هذا الحديث طواف المفردين المقدمين وان عم حكمه في الحج مطلقا.

وقال الشيخ محمد: الغرض رد العامة الذين يدخلون مكة محرما ويطوفون قاصدين طواف القدوم من دون احلال بل يبقون على احرامهم فقال: هم محلون كرهوا او أحبوا الا من اعتمر لعامه ليتمتع فانه يحل باختياره وسائق الهدى إذا قدم الطواف لا يحل فالاستثناء من قوله " أحب أو كره " اه‍.

وقال الفاضل التفرشى مثله.

(٢) اريد بالطواف البيت والمسعى معا (الوافى) وقال المولى المجلسى رحمه الله: قوله " انى قرنت بين حجة وعمرة " أى قلت حين التلبية لبيك بحجة وعمرة، وهذا الكلام لو قاله المتمتع كان معناه أنى أعتمر عمرة أتمتع بعدها إلى الحج، وان قاله القارن الذى ساق الهدى كان معناه أنى أحج ان أمكن ولا أعتمر بعمرة مفردة، وان قاله المفرد فان كان لا يدرى أن التمتع عليه واجب أو لم يجب عليه بان كان من أهل مكة وحواليها فان لم يلب بعد صلاة الطواف ولم يعقد احرامه بالتلبية تصير حجه عمرة أو يمكنه أن يجعله عمرة بالنية بل لو كان عامدا وكان التمتع عليه واجبا يمكنه النقل كما يظهر من الاخبار ويدل عليه اطلاق هذا الخبر أيضا وان كان قصده من الطواف المستحب القدومى لا التقديمى.

وقال استاذنا الشعرانى: يحتمل أن يكون المقصود القران على مذهب العامة بأن ينوى الجمع بين العمرة والحج في احرام واحد وهو غير جائز عندنا، فان خالف ونوى الجمع اختلف الفقهاء فقال بعضهم: لا يقع حجا ولا عمرة، وقال بعضهم: يصح حجا مفردا ويجوز له أن يعدل إلى عمرة التمتع قال الشيخ رحمه الله في الخلاف: إذا قرن بين العمرة والحج في احرامه لم ينعقد احرامه الا بالحج، فان أتى بافعال الحج لم يلزمه دم، وان أراد أن يأتى بأفعال العمرة ويحل ويجعلها متعة جاز ذلك ويلزمه الدم، ومثله في المبسوط، والرواية موافقة لهذا القول وذلك لان احرامهم لو كان باطلا لوجب على الامام ردعهم لاتركهم على الباطل وتقريرهم على ما أتوا به ويحتمل استفادة البطلان كما قاله المراد رحمه الله قوله قال " ثم أحللت " لعله كناية عن بطلان احرامه ولعل السؤال عن الطواف والسياق لبيان الحال لا لان لهما دخلا في الحكم انتهى.

٣١٣

أحللت الله "(١) .

٢٥٤٨ - وروى أبو أيوب بن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن أحدهم(٢) يقرن ويسوق فأدعه عقوبة بما صنع ".

٢٥٤٩ - وروي عن يعقوب بن شعيب(٣) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " الرجل يحرم بحجة وعمرة وينشئ العمرة أيتمتع(٤) ؟ قال: نعم ".

٢٥٥٠ - وروى إسحاق بن عمار، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رجل يفرد الحج فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يبدو له أن يجعلها عمرة، فقال: إن كان لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له "(٥) .

___________________________________

(١) الظاهر أن هذا كناية عن التقصير أى قصر أو أخذ عليه السلام من شعره.

وقيل: الضمير راجع اليه عليه السلام تأكيدا للقسم أى أخذ عليه السلام بلحية نفسه وقال: أحللت والله. وهو بعيد. وقال في الوافى اريد بالاخذ بشعره التقصير أو تعليمه اياه.

(٢) من المخالفين ومعنى " أدعه " أى لا ابين لهم أفضلية التمتع عقوبة لترك متابعته امام الحق.

(٣) السند صحيح على ما في الخلاصة.

(٤) يعنى مع أنه قال: لبيك بحجة وعمرة وقدم الحجة في النية ولما قدم مكة قلبها تمتعا أيجوز ذلك، قال: نعم وذلك لان الواو لا يدل على الترتيب.

وقال الفاضل التفرشى المراد أنه نوى في أحرامه الحج والعمرة ثم عدل عنه إلى الاحرام بالعمرة.

وفى بعض النسخ " ينسى " بالسين المهملة فينبغى أن يراد بيحرم يريد الاحرام للحجة المتمتع بها فنسى أن يحرم بالعمرة فمعنى أيتمتع أله أن يعدل عنه إلى العمرة ويتمتع.

وقال استاذنا الشعرانى: الاظهر أن السؤال عن القران على مذهب العامة والجواب أنه صحيح يقع حجا مفردا يجوز له العدول إلى العمرة موافقا لقول الخلاف، ولا يبعد أن يكون " ينسئ " مهموز اللام من الانساء بمعنى التأخير لان العامة يجوزون في القران أن ينوى الحج والعمرة نية واحدة عند الاحرام وأن ينوى الاحرام بالحج أولا، ثم يدخل العمرة في احرامه بعد مضى مدة.

وقال الفيض رحمه الله: اريد بهذه الاخبار جواز العدول عن الافراد إلى التمتع ما لم يسق الهدى فيقصر ويحرم بحج التمتع الا أنه ان كان قد لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له كما يأتى.

(٥) ذلك لانه أبطل عمرته بالتلبية قبل اكمالها. (الوافى)

٣١٤

٢٥٥١ - وكتب علي بن ميسر إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام يسأله " عن رجل اعتمر في شهر رمضان(١) ثم حضر الموسم أيحج مفردا للحج أو يتمتع أيهما أفضل؟ فكتب عليه السلام إليه: يتمتع"(٢) .

٢٥٥٢ - وروى حفص بن البختري عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " المتعة والله أفضل وبها نزل القرآن وجرت السنة إلي يوم القيامة(٣) ".

٢٥٥٣ - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قال ابن عباس: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ".

٢٥٥٤ - وسأل أبوأيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز أبا عبدالله عليه السلام " أي أنواع الحج أفضل؟ فقال: المتعة وكيف يكون شئ أفضل منها ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما فعل الناس ".

والمتمتع هو الذي يحج في أشهر الحج ويقطع التلبية إذا نظر إلى بيوت مكة فإذا دخل مكة طاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام وسعى بين الصفا والمروة سبعا وقصر وأحل فهذه عمرة يتمتع بها من الثياب والجماع والطيب وكل شئ يحرم على المحرم على إلا الصيد لانه حرام على المحل في الحرم وعلى المحرم في الحل والحرم، ويتمتع بما سوى ذلك إلى الحج.

والحج ما يكون بعد يوم التروية من عقد الاحرام الثاني بالحج المفرد، والخروج إلى منى(٤) ومنها إلى عرفات، وقطع التلبية عند زوال الشمس يوم عرفة(٥) والجمع فيها بين الظهر والعصر(٦) بأذان واحد وإقامتين، والوقوف بها إلى غروب

___________________________________

(١) أى لم يكن من أشهر الحج حتى يتمتع بعمرته. (م ت)

(٢) في الكافى ج ٤ ص ٢٩٢ " يتمتع أفضل ".

(٣) أى لم ينسخ كما قاله بعض المخالفين تقوية لقول عمر.

(٤) للبيتوتة بها استحبابا ومنها إلى عرفات وجوبا.

(٥) ونية الوقوف عنده على المشهور.

(٩) أى استحبابا، و " بأذان واحد " أى للظهر.

٣١٥

الشمس، والافاضة إلى المشعر الحرام(١) والجمع بين المغرب والعشاء بها بأذان واحد وإقامتين، والبيتوتة بها(٢) والوقوف بها بعد الصبح إلى تطلع الشمس على جبل ثبير(٣) والرجوع إلى منى، والذبح والحلق والرمي(٤) ودخول مسجد الحصباء(٥) والاستلقاء فيه على القفا،: وزيارة البيت وطواف الحج وهو طواف الزيارة، وطواف النساء(٦) فهذه صفة المتمتع بالعمرة إلى الحج.

والمتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت: طواف للعمرة، وطواف للحج، وطواف للنساء(٧) وسعيان بين الصفا والمروة(٨) كما ذكرناه.

وعلى القارن والمفرد طوافان بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة(٩) ولا يحلان بعد العمرة، يمضيان على إحرامهما الاول، ولا يقطعان التلبية إذا نظرا إلى بيوت مكة كما يفعل المتمتع بالعمرة ولكنهما يقطعان التلبية يوم عرفة عند زوال الشمس.

والقارن والمفرد صفتهما واحدة إلا أن القارن يفضل على المفرد بسياق الهدي.

___________________________________

(١) أى الذهاب إلى المشعر وهو بين المأزمين.

(٢) اى إلى طلوع الشمس وجوبا تأسيا بالنبى والائمة عليهم السلام أو استحبابا على المشهور والاحتياط تقربا إلى الله تعالى بدون نيتهما. (م ت)

(٣) ثبير كأمير جبل مشرف على مسجد منى وهو مقابل للحاج عند انتظار طلوع الشمس في أول وادى محسر ولا يشاهد الشمس في المشعر للجبال. (م ت)

(٤) يعنى الرجوع إلى منى للمناسك وهو الذبح والحلق والرمى وكأنه لايرى الترتيب وان كان الواو لا تدل عليه لكن يبتدى برمى جمرة العقبة ثم يذبح هديه ويأكل منه ثم يحلق رأسه أو يقصر. (م ت)

(٥) بالابطح لمن نفر في الاخير، والاستلقاء فيه على القفا استحبابا ويأتى الكلام فيه مفصلا.

(٦) لم يذكر المبيت في الليالى الثلاث ورمى الجمار فيها اما لما سيجئ واما لاعتقاده أنها ليست من أجزاء الحج أو لندبها عنده. (م ت)

(٧) أى للحج وليس في العمرة طواف النساء.

(٨) سعى للحج وسعى للعمرة.

(٩) الظاهر أن لفظة " سعيان " من سهو النساخ والصواب سعى كما في الاخبار (م ت) أو كون التثنية باعتبار الصفا والمروة لكنه بعيد.

٣١٦

٢٥٥٥ - وروى درست(١) عن محمد بن الفضل الهاشمي قال: " دخلت مع إخواني علي أبي عبدالله عليه السلام فقلنا له: إنا نريد الحج وبعضنا صرورة، فقال عليه السلام: عليكم بالتمتع فإنا لا نتفي أحدا في التمتع بالعمرة إلى الحج، واجتناب المسكر، والمسح على الخفين ".

باب فرائض الحج

فرائض الحج(٢) سبع: الاحرام، والتلبيات الاربع التي يلبى بها سرا، وهي " لبيك اللهم لبيك لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " والطواف بالبيت، والركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بالمشعر الحرام، والهدي للمتمتع.

٢٥٥٦ - وقال الصادق عليه السلام: " والوقوف بعرفة سنة(٣) وبالمشعر فريضة، وما سوى ذلك من المناسك سنة"(٤) .

باب ما جاء فيمن حج بمال حرام

٢٥٥٧ - روي عن الائمة عليهم السلام أنهم قالوا: " من حج بمال حرام نودي

___________________________________

(١) درست واقفى ولم يوثق وهو من أصحاب أبى الحسن موسى عليه السلام.

(٢) المراد بالفرائض هنا الاركان ظاهرا.

(٣) أى ليس في الكتاب العزيز ما يدل على وجوبه صريحا بل وجوبه انما يستفاد من عمل النبى صلى الله عليه وآله، وأما قوله تبارك وتعالى " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " وكذا قوله " فاذا أفضتم من عرفات " فانما يدلان على وقوع الافاضة منها ووقوع ما يلزمه من الكون بها دون وجوبه.

وقوله " وبالمشعر فريضة " يعنى وجوبه ثابت بالقرآن صريحا حيث يقول " فاذكروا الله عند المشعر الحرام " والامر ظاهره الوجوب.

(٤) يعنى ما سوى المذكور وان كان بكل اشارة في الكتاب لكن لا يكون بحيث يدل على الوجوب صريحا وانما يستفاد الوجوب من عمل النبى صلى الله عليه وآله.

٣١٧

عند التلبية لا لبيك عبدي ولا سعديك(١) ".

باب عقد الاحرام وشرطه ونقضه والصلاة له

٢٥٥٨ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال " لا يكون إحرام إلا في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة، فإن كانت مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم، وإن كانت نافلة(٢) صليت ركعتين وأحرمت في دبرها، فإذا انفتلت من الصلاة فاحمد الله عزو جل واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله وتقول: " اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك، فاني عبدك وفي قبضتك لا اوقي إلا ما وقيت، ولا آخذ إلا ما أعطيت، وقد ذكرت الحج فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك وسنة نبيك [صلى الله عليه وآله] وتقويني على ما ضعفت عنه وتتسلم مني مناسكي في يسر منك و عافية، واجعلني من وفدك الذين رضيت وارتضيت وسميت وكتبت، اللهم إني خرجت من شقة بعيدة، وأنفقت مالي ابتغاء مرضاتك(٣) اللهم فتمم لي حجي، اللهم إني اريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله، فإن عرض لي عارض يحسبني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة، أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي و عظامي ومخي وعصبي من النساء والثياب والطيب، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة " يجزيك(٤) أن تقول هذا مرة واحدة حين تحرم، ثم قم فامش هنيئة، فإذا

___________________________________

(١) يدل على عدم كمال حجه الا أن يكون ثوبا احرامه مغصوبين أو أحدهما، وكذا الهدى أو اشتراها بعين المال الحرام.(م ت)

(٢) قال الفيض رحمه الله: يعنى وان لم يكن وقت صلاة مكتوبة وتكون صلاتك للاحرام نافلة صليت ركعتين.

(٣) من قوله " اللهم انى خرجت " إلى هنا ليس في الكافى والتهذيب.

(٤) في الكافى والتهذيب " قال: يجزيك الخ ".

٣١٨

استوت بك الارض(١) ماشيا كنت أو راكبا فلب "(٢) .

٢٥٥٩ - وسأل الحلبي أبا عبدالله عليه السلام " أليلا أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله أم نهارا؟ فقال: نهارا فقلت: أي ساعة؟ قال: صلاة الظهر، فسألته متى ترى أن نحرم، قال: سواء عليكم(٣) إنما أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الظهر لان الماء كان قليلا، كان يكون في رؤوس الجبال فيهجر الرجل(٤) إلى مثل ذلك من الغد(٥) فلا يكادون يقدرون على الماء، وإنما احدثت هذه المياه حديثا ".

٢٥٦٠ - وروى ابن عمير، عن حماد بن عثمان قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إني اريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج فكيف أقول؟ فقال: " اللهم

___________________________________

(١) أى سلكت فيها ودخلت في الطريق.

(٢) قال في المدارك: التلبيات الاربع وعدم انعقاد الاحرام للتمتع الا بها فقال العلامة في التذكرة والمنتهى: انه قول علمائنا أجمع والاخبار فيه مستفيضة، وانما الكلام في اشتراط مقارنتها للنية كمقارنة التحريم لنية الصلاة وبه قطع الشهيد في اللمعة لكن ظاهر كلامه في الدروس التوقف وكلام باقى الاصحاب خال من الاشتراط بل صرح كثير منهم بعدمه، وينبغى الجزم بجواز تأخير التلبية عن نية الاحرام للاخبار الكثيرة الدالة عليه كصحيحة معاوية بن عمار (يعنى هذا الخبر) وغيرها، بل يظهر من صحيحة معاوية تعين ذلك لكن الظاهر أنه للاستحباب والذى يقتضيه الجمع بين الاخبار التخيير بين التلبية في موضع عقد الاحرام وبعد المشى هنيئة، وبعد الوصول إلى البيداء وان كان الاولى العمل بما تضمنه صحيحة معاوية بن عمار.

(٣) أى مثل ذلك الوقت إلى نصف النهار.

وقال العلامة المجلسى: لعله محمول على التقية أو على عدم تأكد الاستحباب.

(٤) في المغرب: هجر: إذا سار في الهاجرة وهى نصف النهار في القيظ خاصة ثم قال: قيل هجر إلى الصلاة: إذا بكر ومضى اليها في أول وقتها.

(٥) يعنى يذهب في طلب الماء اليوم فلا يأتى به الا أن يمضى به من الغد مقدار ما مضى من اليوم.

والمراد أن السبب في احرام النبى صلى الله عليه وآله وقت الظهر انما كان حصول الماء في ذلك الوقت.(الوافى)

٣١٩

أني اريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك " وإن شئت أضمرت الذي تريد ".

٢٥٦١ - وسأله حمران بن أعين(١) " عن الرجل يقول: حلني حيث حبستني قال: هو حل حيث حبسه الله عزوجل، قال أو لم يقل ".

٢٥٦٢ - وروى حفص بن البختري: ومعاوية بن عمار: وعبدالرحمن بن الحجاج والحلبي جميعا عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا صليت في مسجد الشجرة فقل وأنت قاعد في دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم، ثم قم فامش حتى تبلغ الميل وتستوي بك البيداء، فإذا استوت بك البيداء فلب"(٢) .

وإن أهللت(٣) من المسجد الحرام للحج فإن شئت لبيت خلف المقام، وأفضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء(٤) وتلبي قبل أن تصير إلي الابطح.

___________________________________

(١) طريق المؤلف اليه غير مذكور في المشيخة والخبر في الكافى والتهذيب عن حمزة ابن حمران وسيأتى من المؤلف بعينه في باب الحصر عن حمزة بن حمران ولعل السهو من النساخ.

وطريق الصدوق إلى حمزة صحيح.

(٢) يدل على استحباب تأخير التلبية إلى البيداء لمن أحرم من الشجرة كما يدل عليه غيره من الاخبار الكثيرة. (م ت)

(٣) لما ذكر موضع الاحرام بالعمرة ذكر هنا موضع الاحرام بالحج.

(٤) الرقطاء موضع دون الردم، والردم هو الحاجز الذى يمنع السيل عن البيت المحرم ويسمى المدعى، ويظهر من بعض الاخبار أنه ملتقى طريق الجبل وطريق العام إلى منى.

وقال الفاضل الاسترآبادى: قد فتشنا تواريخ مكة فلم نجد فيها ان يكون الرقطاء اسم موضع بمكة.

واما الردم فالمراد منه المدعا بفتح الميم وسكون الدال المهملة والعين المهملة بعدها ألف والعلة في التعبير عن المدعا بالردم أن الجائى من الابطح إلى المسجد الحرام كان يشرف الكعبة من موضع مخصوص وكان يدعو هناك وكانت هناك عمارة ثم طاحت وصار موضعها تلا، والظاهر عندى " الرمضاء " بالراء المفتوحة والميم الساكنة والضاد المعجمة بعدها الف انتهى كلامه رفع مقامه.

وفى الكافى " الرفضاء " وفى بعض نسخة " الروحاء ".

(٥) روى الكلينى ج ٤ ص ٤٥٤ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " إذا كان يوم التروية ان شاء الله فاغتسل، وألبس ثوبيك وادخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار، ثم صل ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السلام أو في الحجر، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، وأحرم بالحح، ثم امض وعليك السكينة والوقار فاذا انتهيت إلى الرفضاء دون الردم فلب، فاذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الابطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتى منى".

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640