من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267668 / تحميل: 8509
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

٢٥١٨ - وروى جعفر بن القاسم(١) عن الصادق عليه السلام قال: " إن على ذروة كل جسر شيطانا(٢) ، فإذا انتهيت إليه فقل: بسم الله، يرحل عنك ".

٢٥١٩ - وقال أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: " أنا ضامن لمن خرج يريد سفرا معتما تحت حنكه ثلاثا ألا يصيبه السرق والغرق والحرق "(٣) .

باب توفير الشعر للحج والعمرة

٢٥٢٠ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة، ومن أراد الحج وفر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة ومن أراد العمرة وفر شعره شهرا "(٤) .

___________________________________

(١) كذا في النسخ والطريق اليه فيه أحمد بن أبى عبدالله عن أبيه عنه كما في المشيخة، وفى الكافى ج ٤ ص ٢٨٧ عن حفص بن القاسم وهكذا في المحاسن ص ٣٧٣.

(٢) في الصحاح " الجسر بكسر الجيم واحد الجسور التى يعبر عليها.

والجسر بالفتح العظيم من الابل وغيرها والانثى جسرة اه‍ " والمراد هنا الاول بقرينة قوله " إذا انتهيت اليه ". ويرحل أى يبعد.

(٣) رواه البرقى في المحاسن ص ٣٧٣ بسند ضعيف.

وقوله " معتما تحت حنكه " أى حين الذهاب إلى السفر لا في جميع السفر كما يفهم من الارادة.

وقوله " ثلاثا " اى أنا ضامن له ثلاثة أمور وهى التى يذكرها بعد.

وفى بعض النسخ " الشرق " بالشين المعجمة وهو الشجى والغصة، وشرق بريقة أى غص.

(٤) قال العلامة المجلسى رحمه الله: استحباب توفير شعر الرأس للمتمتع من أول ذى القعدة وتأكده عند هلال ذى الحجة قول الشيخ في الجمل وابن ادريس وسائر المتأخرين، وقال الشيخ في النهاية: " فاذا أراد الانسان أن يحج متمتعا فعليه أن يوفر شعر رأسه ولحيته من أول ذى القعدة ولا يمس شيئا منهما " وهو يعطى الوجوب.

ونحوه قال في الاستبصار: وقال المفيد في المقنعة إذا أراد الحج فليوفر شعر رأسه في مستهل ذى القعدة فان حلقه في ذى القعدة كان عليه دم يهريقه، وقال السيد في المدارك: لا دلالة لشئ من الروايات على اختصاص الحكم بمن يريد حج التمتع فالتعميم أولى.

٣٠١

وقد يجزي الحاج بالرخص أن يوفر شعره شهرا، روى ذلك هشام بن الحكم وإسماعيل بن جابر عن الصادق عليه السلام(١) .

ورواه إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام(٢) .

٢٥٢١ - وروي عن سماعة قال: " سألته عن الحجامة وحلق القفا في أشهر الحج قال: لا بأس ولا بأس بالنورة والسواك "(٣) .

باب مواقيت الاحرام

٢٥٢٢ - روى عبيدالله بن علي الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " الاحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله، لا ينبغي لحاج ولا معتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها، وقت لاهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة(٤) كان يصلي فيه ويفرض

___________________________________

(١) في التهذيب ج ١ ص ٤٦٠ باسناده الصحيح عن اسماعيل بن جابر قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام: كم أوفر شعرى إذا أردت هذا السفر؟ قال: اعفه شهرا ".

(٢) في التهذيب ج ١ ص ٤٦٠ في الموثق عنه قال: " قلت لابى الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: مرنى كم أوفر شعرى إذا أردت العمرة، فقال: ثلاثين يوما ".

(٣) قال الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ١٦٠: فالوجه في هذا الخبر أن نحمل جواز ذلك على أشهر الحج التى هى شوال قال: لا بأس يأخذ الانسان من شعر رأسه ولحيته في هذا الشهر كله إلى غرة ذى القعدة، ثم استدل بخبر الحسين بن أبى العلاء عن أبى عبدالله عليه السلام حيث قال: " سألته عن الرجل يريد الحج أيأخذ من شعره في شوال كله ما لم ير الهلال؟ قال: نعم لا بأس به ".

وقال المولى المجلسى: في خبر سماعة: ظاهره الضرورة أو يحمل عليها أو على شوال جمعا بين الاخبار.

(٤) ذو الحليفة موضع على ستة أميال من المدينة.

وقال في مرآة العقول: " قال سيد المحققين: ظاهر المحقق والعلامة في كتبه: ان ميقات أهل المدينة نفس مسجد الشجرة، و جعل بعضهم الميقات الموضع المسمى بذى الحليفة ويدل على اطلاق عدة من الاخبار الصحيحة لكن مقتضى صحيحة الحلبى أن ذا الحليفة عبارة عن نفس المسجد، وعلى هذا فتصير الاخبار متفقة ويتعين الاحرام من المسجد انتهى.

ويحتمل أن يكون المراد هو الموضع الذى فيه مسجد الشجرة ولا ريب أن الاحرام من المسجد أولى وأحوط ".

٣٠٢

الحج(١) ، فاذا خرج من المسجد فسار واستوت به البيداء حين يحازي الميل الاول أحرم(٢) .

ووقت لاهل الشام الجحفة(٣) ووقت لاهل نجد العقيق(٤) ووقت لاهل الطائف قرن المنازل(٥) ووقت لاهل اليمن يلملم(٦) ولا ينبغي لاحد أن يرغب عن مواقيت رسول الله صلى الله عليه وآله ".

٢٥٢٣ - وفي رواية رفاعة بن موسى عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " وقت

___________________________________

(١) في الكافى ج ٤ ص ٣١٩ " يفرض فيه الحج " وهكذا في التهذيب وليس فيهما لفظة " كان "(٢) ليس في التهذيب والكافى من قوله " فاذا خرج إلى قوله أحرم ".

ومعنى قوله: " فسارت واستوت به البيداء " أى دخل فيها لان مسجد الشجرة في المنخفضة والبيداء مستعلية عليها فما لم يدخل فيها لم يستويه البيداء كما قاله المولى المجلسى رحمه الله.

(٣) تسمى برابغ وفى المراصد الجحفة بالضم ثم السكون والفاء كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق مكة على أربع مراحل وهى ميقات أهل مصر والشام، ان لم يمروا على المدينة وكان اسمها مهيعة وسميت الجحفة لان السيل جحفها، وبينها وبين البحر ستة أميال، وبينها وبين غدير خم ميلان ".

وفى القاموس الجحفة ميقات أهل الشام وكانت قرية جامعة على اثنين وثمانين ميلا من مكة، وكانت تسمى مهيعة فنزل بها بنو عبيل وهم اخوة عادو كان أخرجهم العماليق من يثرب فجاء‌هم سيل الجحاف فاجتحفهم فسميت الجحفة.

(٤) هو موضع قريب من ذات عرق قبلها بمرحلة أو مرحلتين، وفى بلاد العرب مواضع كثيرة تسمى العقيق، وكل موضع شققته من الارض فهو عقيق. (النهاية)

(٥) في المراصد: قرن المنازل هو ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة.

وقال في القاموس: هو قرية عند الطائف أو اسم الوادى كله.

(٦) في القاموس: يلملم وألملم ميقات اليمن جبل على مرحلتين من مكة.

وفى المراصد: موضع على ليلتين من مكة وفيه مسجد لمعاذ بن جبل.

٣٠٣

رسول الله صلى الله عليه وآله العقيق لاهل نجد، وقال: هو وقت لما أنجدت الارض(١) وأنتم منهم ووقت لاهل الشام الجحفة ويقال لها: مهيعة ".

٢٥٢٤ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " يجزيك إذا لم تعرف العقيق أن تسأل الناس والاعراب عن ذلك "(٢) .

٢٥٢٥ - وقال الصادق عليه السلام: " أول العقيق بريد البعث(٣) وهو بريد من دون بريد غمرة ".

٢٥٢٦ - وقال الصادق عليه السلام: " وقت رسول الله صلى الله عليه وآله لاهل العراق العقيق وأوله المسلخ ووسطه غمرة(٤) وآخره ذات عرق، وأوله

___________________________________

(١) أى هو ميقات لمن أدخلته الارض في نجد وأنتم أهل العراق منهم، وفى القاموس النجد ما أشرف من الارض أعلاه تهامة واليمن وأسفله العراق والشام وأوله من جهة الحجاز ذات عرق.

(٢) يدل على الاعتماد عليهم في تحقيق المواضع والمشاعر، ولعله مع حصول العلم بالتواتر أو الاستفاضة.(م ت)

(٣) قال العلامة المجلسى رحمه الله في المرآة: " في النسخ [يعنى الكافى] بالغين المعجمة وهو غير مذكور في اللغة وصحح بعض الافاضل البعث بالعين المهملة بمعنى الجيش وقال: لعله كان موضع بعث الجيوش انتهى، وقال والده (ر ه): البعث هو أول العقيق.

وفى هامش الفقيه المطبوع بالنجف: " البعث بالعين المهملة والثاء المثلثة وهو مكان دون المسلخ بستة أميال مما يلى العراق " وقال الشيخ حسن في المنتقى: لم أقف على ضبط لغة النغب الا في خط العلامة في المنتهى، فانه ضبطه بالنون ثم الغين المعجمة والباء الموحدة.

وفى القاموس " الثغب: الغدير في ظل جبل ".

وربما يقال يريد النغب بالنون قبل الغين المعجمة والباء الموحدة أخيرا ويحكى الضبط كذلك أيضا بخط العلامة في المنتهى.

وكيف كان في الكافى عن معاوية بن عمار " بريد البعث دون غمرة ببريدين " ولعل رواية المصنف هذا هو رواية معاوية بن عمار والاختلاف من النساخ.

وقيل الغمرة بفتح المعجمة بئر بمكة قديمة.

(٤) قال العلامة المجلسى (ر ه) قال السيد رحمه الله: انا لم نقف على ضبط المسلخ وغمرة على شئ يعتد به وقال في التنقيح: المسلح بالسين والحاء المهملتين واحد المسالح وهى المواضع العالية ; ونقل جدى عن بعض الفقهاء أنه ضبطه بالخاء المعجمة من السلخ وهو نزع الثياب للاحرام، ومقتضى ذلك تأخير التسمية عن وضعه ميقاتا.

وأما ذات عرق ففى القاموس " انها بالبادية ميقات العراقيين " وقيل: انها كانت قرية فخربت.

٣٠٤

أفضل "(١) .

ولا يجوز الاحرام قبل بلوغ الميقات(٢) ، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعلة أو تقية(٣) .

وإذا كان الرجل عليلا أو اتقى فلا بأس بأن يؤخر الاحرام إلى ذات عرق(٤) .

___________________________________

(١) قال المولى المجلسى رحمه الله: لم نجده مسندا ولكنه عمل أكثر الاصحاب عليه وأكثر الاخبار على خلافه كما تقدم، نعم روى الشيخ في الموثق عن أبى بصير قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: حد العقيق أوله مسلخ وآخره ذات عرق " أى في الفضيلة لما رواه الكلينى في الصحيح عن صفوان عن اسحاق بن عمار قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن الاحرام من غمرة، قال: ليس به بأس وكان بريد العقيق أحب إلى " وحملها على التقية أظهر لان ذات عرق ميقات قرره الثانى من الخلفاء.

(٢) راجع الكافى ج ٤ ص ٣٢١ باب من أحرم دون الميقات، وفيه في الحسن كالصحيح عن ابن أذينة قال قال أبو عبدالله عليه السلام: " من أحرم بالحج في غير أشهر الحج فلا حج له، ومن أحرم دون الميقات فلا احرام له " وفى آخر عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام " مثل ذلك مثل من صلى في السفر أربعا وترك الثنتين ".

(٣) روى الكلينى رحمه الله في الكافى ج ٤ ص ٣٢٣ في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن أبى الحسن الرضا عليه السلام قال: " كتبت اليه أن بعض مواليك بالبصرة يحرمون ببطن العقيق وليس بذلك الموضع ماء ولا منزل وعليهم في ذلك مؤونة شديدة ويعجلهم أصحابهم و جمالهم ومن وراء بطن العقيق بخمسة عشر ميلا منزل فيه ماء وهو منزلهم الذى ينزلون فيه فترى أن يحرموا من موضع الماء لرفقه بهم وخفته عليهم؟ فكتب " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وقت المواقيت لاهلها ولمن أتى عليها من غير أهلها وفيها رخصة لمن كانت به علة فلا يجاوز الميقات الا من علة". والتقية علة بل أعظم العلل.

(٤) كأنه مخالف لما تقدم من جواز تأخير الاحرام إلى ذات عرق الا أن يحمل على الاستحباب أو نفى الكراهة ويشعر بكونها ميقاتا.(م ت)

٣٠٥

٢٥٢٧ - وسأل معاوية بن عمار أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة فقال: لا بأس"(١) .

٢٥٢٨ - وروي عن أبي بصير(٢) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إنا نروى بالكوفة أن عليا عليه السلام قال: إن من تمام حجك إحرامك من دويرة أهلك، فقال: سبحان الله لو كان كما يقولون لما تمتع(٣) رسول الله صلى الله عليه وآله بثيابه إلى الشجرة "(٤) .

٢٥٢٩ - وسأل ميسر الصادق عليه السلام " عن رجل أحرم من العقيق وآخر أحرم من الكوفة أيهما أفضل عملا؟ فقال: يا ميسر تصلي العصر أربعا أفضل(٥) أو تصليها ستا؟ فقلت: أصليها أربعا، قال: فكذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل من غيرها ".

٢٥٣٠ - وسئل [الصادق] عليه السلام " عن رجل منزله خلف الجحفة من أين يحرم؟ قال: من منزله ".

٢٥٣١ - وفي خبر آخر " من كان منزله دون المواقيت ما بينها وبين مكة فعليه أن يحرم من منزله "(٦) .

_________________________________

(١) يدل بظاهره على جواز التأخير اختيارا إلى الجحفة لاهل المدينة ويفهم من المصنف رحمه الله أنه يعمل به كما ظهر سابقا لكنه محمول على الجهل أو النسيان جمعا بين الاخبار.(م ت)

(٢) كذا، وفى الكافى ج ٤ ص ٣٢٢ في الضعيف وفى التهذيب ج ١ ص ٤٦٣ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبى نصر، عن مهران بن أبى نصر، عن رباح بن أبى نصر.

وكأنه كان عن ابن أبى نصر فغيره النساخ تصحيفا ويمكن أن يكون السوأل منهما.

(٣) في الكافى " ما كان يمنع " وفى التهذيب " لم يتمتع ".

(٤) أى إلى المسجد الشجرة، قال في التهذيب، وانما معنى دويرة أهله من كان أهله وراء الميقات إلى مكة.

(٥) الافضل هنا ما يأتى بمعنى الصواب وهو نوع من الموعظة في التخطئة.(م ت)

(٦) روى نحوه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام في التهذيب ج ١ ص ٤٦٣.

٣٠٦

٢٥٣٢ - وروى الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من أقام بالمدينة وهو يريد الحج شهرا أو نحوه ثم بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة فإذا كان حذاء الشجرة والبيداء مسيرة ستة أميال فليحرم منها "(١) .

باب التهيؤ للاحرام

٢٥٣٣ - روى معاوية بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق أو إلى وقت من هذه المواقيت وأنت تريد الاحرام - إن شاء الله - فانتف إبطيك(٢) وقلم أظفارك، واطل عانتك، وخذ من شاربك، ولا يضرك بأي ذلك بدأت، ثم استك واغتسل، والبس ثوبيك(٣) وليكن فراغك من ذلك - أن شاء الله تعالى - عند زوال الشمس، وإن لم يكن ذلك عند زوال الشمس فلا يضرك

___________________________________

(١) قال العلامة المجلسى رحمه الله: إذا حج المكلف على طريق لا يفضى إلى أحد المواقيت فقد ذكر جمع من الاصحاب أنه يجب عليه الاحرام إذا غلب على ظنه محاذاة الميقات لهذا الخبر، فقيل: يحرم على محاذاة أقرب المواقيت إلى طريقه ولو سلك طريقا لم يؤد إلى محاذاة ميقات قيل يحرم من مساواة أقرب الاماكن إلى مكة، واستقرب العلامة رحمه الله وجوب الاحرام من أدنى الحل وهو حسن.

وقال السيد رحمه الله: لولا ورود الرواية بالمحاذاة لامكن المناقشة فيه أيضا مع أن الرواية انما تدل على محاذاة مسجد الشجرة والحاق غيره يحتاج إلى دليل انتهى.

وفىالكافى بعد نقله: وفى رواية اخرى " يحرم من الشجرة يأخذ أى طريق شاء " وظاهرها عدم جواز الاكتفاء بالمحاذاة.

(٢) يمكن أن يكون المراد بالنتف مطلق الازالة فعبر عنه بما هو الشايع، فان الظاهر أن الحلق أفضل من النتف والطلى أفضل من الحلق كما صرح به جماعة من الاصحاب. (المرآة)

(٣) يعنى للاحرام مقدما عليه ويظهر منه ومن غيره من الاخبار أن لبس ثوبى الاحرام واجب فيه لا أنه جزء حقيقة حتى يكون المقارنة مع الاحرام شرطا في صحته. (م ت)

٣٠٧

إلا أن ذلك أحب إلى أن يكون عند زوال الشمس "(١) .

٢٥٣٤ - وروى معاوية بن وهب قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام - ونحن بالمدينة - عن التهيؤ للاحرام، فقال: اطل بالمدينة وتجهز بكل ما تريد، واغتسل إن شئت(٢) ، وإن شئت استمتعت بقميصك حتى تأتي مسجد الشجرة ".

٢٥٣٥ - وسأل(٣) معاوية بن عمار " عن الرجل يطلي قبل أن يأتي الوقت بست ليال؟ قال: لا بأس [به].

وسأله عن الرجل يطلي قبل أن يأتى مكة بسبع ليال او ثمان ليال؟ قال لا بأس به ".

٢٥٣٦ - وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: " سأل رجل أبا عبدالله عليه السلام وأنا حاضر فقال: إذا اطليت للاحرام الاول كيف لي أن أصنع في الطلية الاخيرة وكم حد ما بينهما؟ فقال: إن كان بينهما جمعتان خمسة عشر يوما فاطل "(٤) .

٢٥٣٧ - وروى ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: " ارسلنا إلى أبي - عبدالله عليه السلام ونحن جماعة بالمدينة: إنا نريد أن نودعك، فأرسل إلينا أبوعبدالله عليه السلام أن اغتسلوا بالمدينة فإني أخاف أن يعز الماء عليكم بذي الحليفة، فاغتسلوا بالمدينة(٥) والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها، ثم تعالوا فرادى ومثانى(٦) ،

___________________________________

(١) هذه المقدمات كلها مستحبة كما قطع به الاصحاب الا الغسل فانه ذهب به ابن أبى عقيل إلى الوجوب والمشهور فيه الاستحباب أيضا.(المرآة)

(٣) في التهذيب ج ١ ص ٤٦٤ " واغتسل " بدون قوله " ان شئت ".

(٣) كذا، والظاهر " سأله " والسهو من النساخ بقرينة ما يأتى.

(٤) ظاهر الاكتفاء بأقل من خمسة عشر يوما وعدم استحبابه لاقل من ذلك كما هو ظاهر المحقق وجماعة، وذهب العلامة وجماعة إلى أن المراد به نفى تأكد الاستحباب ويستحب قبل ذلك أيضا لغيره من الاخبار وهو أظهر.(المرآة)

(٥) عز الماء يعز عزازة إذا قل ولا يكاد يوجد فهو عزيز.

ولا خلاف في جواز تقديم الغسل على الميقات مع خوف عوز الماء ويظهر من بعض الاخبار الجواز مطلقا، والمشهور استحباب الاعادة إذا وجد الماء في الميقات وهذا الخبر يدل على الحكمين معا.

(٦) يدل على استحباب لبس ثوبى الاحرام بعد الغسل (م ت) ولعل منعهم عن الاتيان مجتمعين مبنى على التقية والخوف من الاعداء.(مراد)

٣٠٨

قال: فاجتمعنا عنده فقال له ابن أبي يعفور: ما تقول في دهنة(١) بعد الغسل للاحرام فقال: قبل وبعد ومع ليس به بأس، وقال: ثم دعا بقارورة بان سليخة(٢) ليس فيها شئ فأمرنا فادهنا منها، فلما أردنا أن نخرج قال: لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم ماء إذا بلغتم ذا الحليفة "(٣) .

٢٥٣٨ - وسأله محمد الحلبي " عن دهن الخيرى(٤) والبنفسج أندهن به إذا أردنا أن نحرم؟ قال: نعم.

وسأله عن الرجل يغتسل بالمدينة لاحرامه فقال: يجزيه ذلك

___________________________________

(١) " دهنه " اما بتاء الوحدة أو بالضمير الراجع إلى المحرم.

(٢) أى الدهن المتخذ من ثمر البان قبل أن يربب، وقوله " ليس فيها شئ " أى من الطيب الذى تبقى رائحته بعد الاحرام، ولا خلاف بين الاصحاب في حرمة استعمال الدهن المطيب بعد الاحرام، وكذا غير المطيب على المشهور وجوزه جماعة، وأما قبل الاحرام فالمشهور عدم جواز استعمال دهن تبقى رائحته بعد الاحرام.

قال في المدارك: أما تحريم استعمال أدهان الطيبة كدهن الورد والبنفسج والبان في حال الاحرام فقال في المنتهى: انه قول عامة أهل العلم ويجب به الفدية اجماعا، وأما تحريم استعمالها قبل الاحرام إذا كانت رائحته تبقى إلى وقت الاحرام فهو قول الاكثر وجعله ابن حمزة مكروها والاصح التحريم لورود النهى عنه في عدة روايات كحسنة الحلبى [المروية في الكافى ج ٤ ص ٣٢٩]

عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم فاذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل ".

ورواية على بن أبى حمزة [الاتية تحت رقم ٢٥٤٠]

ومقتضى الروايتين جواز التدهن بغير المطيب قبل الاحرام ونقل عليه في التذكرة الاجماع، واطلاق النص وكلام الاصحاب يقتضى عدم الفرق في ذلك بين ما يبقى أثره إلى حال الاحرام وغيره، واحتمل بعض الاصحاب تحريم الادهان مما يبقى أثره بعد الاحرام قياسا على المطيب وهو بعيد، ولا يخفى أن تحريم الادهان بالمطيب قبل الاحرام انما يتحقق مع وجوب الاحرام وتضيق وقته والا لم يكن الادهان محرما وان حرم إنشاء الاحرام قبل زوال أثره كما هو واضح.

(٣) يدل على جواز الادهان بعد الغسل وعلى استحباب الغسل في الميقات مع التمكن.

(٤) كذا في بعض النسخ، وفى بعضها " دهن الحسنى " وفى أكثرها " دهن الحناء "

كما في التهذيب ج ٢ ص ٥٣٣ والاستبصار ج ٢ ص ١٨٢.

والظاهر أن الصواب ما أخترناه وهو بكسر الخاء المعجمة دهنه معروف ويقال له بالفارسية (شب بو).

٣٠٩

من الغسل بذي الحليفة "(١) .

٢٥٣٩ - وروى معاوية بن عمار عنه عليه السلام قال: " الرجل يدهن بأي دهن شاء إذا لم يكن فيه مسك ولا عنبر ولا زعفران ولا ورس(٢) قبل أن يغتسل للاحرام قال: ولا تجمر ثوبا لاحرامك ".

٢٥٤٠ - وروى القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة قال: " سألته عن الرجل يدهن بدهن فيه طيب وهو يريد أن يحرم؟ فقال: لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك ولا عنبر يبقى ريحه في رأسك بعدما تحرم، وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم قبل الغسل وبعده، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل ".

٢٥٤١ - وروى حماد، عن حريز عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " كان لا يرى بأسا بأن تكتحل المرأة وتدهن وتغتسل بعد هذا كله للاحرام "(٣) .

٢٥٤٢ - وفي رواية جميل أنه قال: " غسل يومك يجزيك لليلتك، وغسل ليلتك يجزيك ليومك "(٤) .

٢٥٤٣ - وسئل أبوجعفر عليه السلام " عن رجل اغتسل لاحرامه ثم قلم أظفاره،

___________________________________

(١) يدل على جواز الادهان بأمثال هذه الادهان وعلى الاكتفاء بغسل المدينة.

(٢) الورس: نبات كالسمسم ليس الا باليمن.

(٣) يحمل على الدهن الذى لا يكون فيه الطيب الذى يبقى ريحه بعد الاحرام وكذا الاكتحال. (م ت)

(٤) هذا الخبر وان لم يذكر فيه أنه للاحرام لكن ذكره المؤلف في هذا الباب كما ذكر الاصحاب نحوه أيضا وذلك اما لعمومه أو معلوم عندهم بالقرائن أن المراد غسل الاحرام ويمكن أن يستنبط منه حكم غسل الزيارات وغيرها.

وروى الكلينى ج ٤ ص ٣٢٧ في الصحيح عن عمر بن يزيد عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " غسل يومك ليومك وغسل ليلتك لليلتك ".

٣١٠

قال: يمسحها بالماء(١) ولا يعيد الغسل ".

ولا بأس أن يغتسل الرجل بكرة ويحرم عشية.

وإن لبست ثوبا من قبل أن تلبي فانزعه من فوق وأعد الغسل ولا شئ عليك وإن لبسته بعد ما لبيت فانزعه من أسفل وعليك دم شاة، وإن كنت جاهلا فلا شئ عليك(٢) .

وإذا اغتسل الرجل للاحرام فلا بأس أن يمسح رأسه بمنديل وإزار(٣) .

وإذا اغتسل الرجل للاحرام ثم نام قبل أن يحرم فعليه إعادة الغسل استحبابا لانه قد:

٢٥٤٤ - روى العيص بن القاسم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يغتسل للاحرام بالمدينة ويلبس ثوبين، ثم ينام قبل أن يحرم؟ قال: ليس عليه غسل "(٤) .

___________________________________

(١) أى استحبابا لكراهة الحديد.

(٢) روى الكلينى في الكافى في الحسن كالصحيح ج ٤ ص ٣٤٨ والشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار وغير واحد عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل أحرم وعليه قميص، قال: ينزعه ولا يشقه وان كان لبسه بعد ما أحرم شقه وأخرجه مما يلى رجليه " والظاهر أنه لئلا يغطى رأسه.

وفى الكافى ج ٤ ص ٣٢٨ باسناده عن على بن أبى حمزة قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل اغتسل للاحرام ثم لبس قميصا قبل أن يحرم قال: قد انتقض غسله ".

والمشهور استحباب اعادة الغسل بعد لبس المحرم ما لا يجوز له.

وفيه أيضا في الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: " من لبس ثوبا لا ينبغى له لبسه وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليه، ومن فعله متعمدا فعليه دم ".

(٣) روى الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٣٢٩ في الحسن كالصحيح عن ابن دراج عن أحدهما عليهما السلام " في الرجل يغتسل للاحرام ثم يمسح رأسه بمنديل؟ قال: لا بأس به ".

(٤) في الكافى ج ٤ ص ٣٢٨ في الصحيح عن النضر بن سويد عن أبى الحسن عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل أن يحرم؟ قال: عليه اعادة الغسل ".

وقال في المدارك: الاصح عدم انتقاض الغسل بالنوم وان استحب الاعادة بل لا يبعد تأكد استحباب الاعادة لصحيحة العيص بن القاسم.

٣١١

ومن اغتسل أول الليل ثم أحرم آخر الليل أجزأه غسله(١) .

باب وجوه الحاج

٢٥٤٥ - روى منصور الصيقل عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " الحاج عندنا على ثلاثة أوجه: حاج متمتع، وحاج مفرد للحج، وسائق للهدي - والسائق هو القارن - "(٢) .

ولا يجوز لاهل مكة ولا حاضريها التمتع بالعمرة إلى الحج، وليس لهم إلا القران أو الافراد لقول الله عزوجل: " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج(٣) فما استيسر من الهدي " ثم قال بعد ذلك: " ذلك لمن يكن أهله حاضري المسجد الحرام " وحد حاضري المسجد الحرام أهل مكة وحواليها على ثمانية وأربعين ميلا، ومن كان خارجا من هذا الحد فلا يحج إلا متمتعا بالعمرة إلى الحج ولا يقبل الله غيره.

٢٥٤٦ - وروى ابن بكير، عن زرارة قال: " سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل إن أحب أو كره(٤) " إلا من اعتمر في عامه ذلك أو

___________________________________

(١) تقدم الكلام فيه وروى الكلينى ج ٤ ص ٣٢٨ عن البطائنى عن أبى بصير قال: " سألته عن الرجل يغتسل بالمدينة لاحرامه أيجزيه ذلك من غسل ذى الحليفة؟ قال: نعم فأتاه رجل وأنا عنده فقال: اغتسل بعض أصحابنا فعرضت له حاجة حتى أمسى، قال: يعيد الغسل، يغتسل نهارا ليومه ذلك وليلا لليلته " ويحمل على ما لو لم ينم.

(٢) ما يدل عليه من انقسام الحج إلى الاقسام الثلاثة وحصره فيها مما أجمع عليه العلماء.

وأما انكار عمر التمتع فقد ذكر المخالفون أيضا أنه قد تحقق الاجماع بعده على جوازه.

(٣) أى تمتع بعد العمرة من النساء والثياب والطيب وغيرها من محرمات الاحرام إلى الاحرام بالحج. (م ت)

(٤) الخبر إلى هنا في الكافى ج ٤ ص ٢٩٩ والتهذيب.وما بعده من كلام الراوى ظاهرا.

٣١٢

ساق الهدي وأشعره وقلده(١) .

٢٥٤٧ - وروى ابن اذينة، عن زرارة قال: " جاء رجل إلى أبي جعفر عليه السلام وهو خلف المقام فقال: إني قرنت بين حجة وعمرة، فقال: هل طفت بالبيت؟ فقال: نعم(٢) قال: هل سقت الهدي؟ قال: لا، فأخذ أبوجعفر عليه السلام بشعره، ثم قال:

___________________________________

(١) لا أعلم له معنى صريحا ويمكن أن يكون فيه سقطا أو تصحيفا، وقال الفيض رحمه الله في الوافى: بناء استثناء المعتمر على عدم جواز عمرتين في عام فانه إذا كان كذلك لم يكن طوافه من عمرة صحيحة فلا عقد لا حل.

ومورد الكلام في هذا الحديث طواف المفردين المقدمين وان عم حكمه في الحج مطلقا.

وقال الشيخ محمد: الغرض رد العامة الذين يدخلون مكة محرما ويطوفون قاصدين طواف القدوم من دون احلال بل يبقون على احرامهم فقال: هم محلون كرهوا او أحبوا الا من اعتمر لعامه ليتمتع فانه يحل باختياره وسائق الهدى إذا قدم الطواف لا يحل فالاستثناء من قوله " أحب أو كره " اه‍.

وقال الفاضل التفرشى مثله.

(٢) اريد بالطواف البيت والمسعى معا (الوافى) وقال المولى المجلسى رحمه الله: قوله " انى قرنت بين حجة وعمرة " أى قلت حين التلبية لبيك بحجة وعمرة، وهذا الكلام لو قاله المتمتع كان معناه أنى أعتمر عمرة أتمتع بعدها إلى الحج، وان قاله القارن الذى ساق الهدى كان معناه أنى أحج ان أمكن ولا أعتمر بعمرة مفردة، وان قاله المفرد فان كان لا يدرى أن التمتع عليه واجب أو لم يجب عليه بان كان من أهل مكة وحواليها فان لم يلب بعد صلاة الطواف ولم يعقد احرامه بالتلبية تصير حجه عمرة أو يمكنه أن يجعله عمرة بالنية بل لو كان عامدا وكان التمتع عليه واجبا يمكنه النقل كما يظهر من الاخبار ويدل عليه اطلاق هذا الخبر أيضا وان كان قصده من الطواف المستحب القدومى لا التقديمى.

وقال استاذنا الشعرانى: يحتمل أن يكون المقصود القران على مذهب العامة بأن ينوى الجمع بين العمرة والحج في احرام واحد وهو غير جائز عندنا، فان خالف ونوى الجمع اختلف الفقهاء فقال بعضهم: لا يقع حجا ولا عمرة، وقال بعضهم: يصح حجا مفردا ويجوز له أن يعدل إلى عمرة التمتع قال الشيخ رحمه الله في الخلاف: إذا قرن بين العمرة والحج في احرامه لم ينعقد احرامه الا بالحج، فان أتى بافعال الحج لم يلزمه دم، وان أراد أن يأتى بأفعال العمرة ويحل ويجعلها متعة جاز ذلك ويلزمه الدم، ومثله في المبسوط، والرواية موافقة لهذا القول وذلك لان احرامهم لو كان باطلا لوجب على الامام ردعهم لاتركهم على الباطل وتقريرهم على ما أتوا به ويحتمل استفادة البطلان كما قاله المراد رحمه الله قوله قال " ثم أحللت " لعله كناية عن بطلان احرامه ولعل السؤال عن الطواف والسياق لبيان الحال لا لان لهما دخلا في الحكم انتهى.

٣١٣

أحللت الله "(١) .

٢٥٤٨ - وروى أبو أيوب بن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن أحدهم(٢) يقرن ويسوق فأدعه عقوبة بما صنع ".

٢٥٤٩ - وروي عن يعقوب بن شعيب(٣) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " الرجل يحرم بحجة وعمرة وينشئ العمرة أيتمتع(٤) ؟ قال: نعم ".

٢٥٥٠ - وروى إسحاق بن عمار، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رجل يفرد الحج فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يبدو له أن يجعلها عمرة، فقال: إن كان لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له "(٥) .

___________________________________

(١) الظاهر أن هذا كناية عن التقصير أى قصر أو أخذ عليه السلام من شعره.

وقيل: الضمير راجع اليه عليه السلام تأكيدا للقسم أى أخذ عليه السلام بلحية نفسه وقال: أحللت والله. وهو بعيد. وقال في الوافى اريد بالاخذ بشعره التقصير أو تعليمه اياه.

(٢) من المخالفين ومعنى " أدعه " أى لا ابين لهم أفضلية التمتع عقوبة لترك متابعته امام الحق.

(٣) السند صحيح على ما في الخلاصة.

(٤) يعنى مع أنه قال: لبيك بحجة وعمرة وقدم الحجة في النية ولما قدم مكة قلبها تمتعا أيجوز ذلك، قال: نعم وذلك لان الواو لا يدل على الترتيب.

وقال الفاضل التفرشى المراد أنه نوى في أحرامه الحج والعمرة ثم عدل عنه إلى الاحرام بالعمرة.

وفى بعض النسخ " ينسى " بالسين المهملة فينبغى أن يراد بيحرم يريد الاحرام للحجة المتمتع بها فنسى أن يحرم بالعمرة فمعنى أيتمتع أله أن يعدل عنه إلى العمرة ويتمتع.

وقال استاذنا الشعرانى: الاظهر أن السؤال عن القران على مذهب العامة والجواب أنه صحيح يقع حجا مفردا يجوز له العدول إلى العمرة موافقا لقول الخلاف، ولا يبعد أن يكون " ينسئ " مهموز اللام من الانساء بمعنى التأخير لان العامة يجوزون في القران أن ينوى الحج والعمرة نية واحدة عند الاحرام وأن ينوى الاحرام بالحج أولا، ثم يدخل العمرة في احرامه بعد مضى مدة.

وقال الفيض رحمه الله: اريد بهذه الاخبار جواز العدول عن الافراد إلى التمتع ما لم يسق الهدى فيقصر ويحرم بحج التمتع الا أنه ان كان قد لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له كما يأتى.

(٥) ذلك لانه أبطل عمرته بالتلبية قبل اكمالها. (الوافى)

٣١٤

٢٥٥١ - وكتب علي بن ميسر إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام يسأله " عن رجل اعتمر في شهر رمضان(١) ثم حضر الموسم أيحج مفردا للحج أو يتمتع أيهما أفضل؟ فكتب عليه السلام إليه: يتمتع"(٢) .

٢٥٥٢ - وروى حفص بن البختري عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " المتعة والله أفضل وبها نزل القرآن وجرت السنة إلي يوم القيامة(٣) ".

٢٥٥٣ - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قال ابن عباس: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ".

٢٥٥٤ - وسأل أبوأيوب إبراهيم بن عثمان الخزاز أبا عبدالله عليه السلام " أي أنواع الحج أفضل؟ فقال: المتعة وكيف يكون شئ أفضل منها ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما فعل الناس ".

والمتمتع هو الذي يحج في أشهر الحج ويقطع التلبية إذا نظر إلى بيوت مكة فإذا دخل مكة طاف بالبيت سبعا وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام وسعى بين الصفا والمروة سبعا وقصر وأحل فهذه عمرة يتمتع بها من الثياب والجماع والطيب وكل شئ يحرم على المحرم على إلا الصيد لانه حرام على المحل في الحرم وعلى المحرم في الحل والحرم، ويتمتع بما سوى ذلك إلى الحج.

والحج ما يكون بعد يوم التروية من عقد الاحرام الثاني بالحج المفرد، والخروج إلى منى(٤) ومنها إلى عرفات، وقطع التلبية عند زوال الشمس يوم عرفة(٥) والجمع فيها بين الظهر والعصر(٦) بأذان واحد وإقامتين، والوقوف بها إلى غروب

___________________________________

(١) أى لم يكن من أشهر الحج حتى يتمتع بعمرته. (م ت)

(٢) في الكافى ج ٤ ص ٢٩٢ " يتمتع أفضل ".

(٣) أى لم ينسخ كما قاله بعض المخالفين تقوية لقول عمر.

(٤) للبيتوتة بها استحبابا ومنها إلى عرفات وجوبا.

(٥) ونية الوقوف عنده على المشهور.

(٩) أى استحبابا، و " بأذان واحد " أى للظهر.

٣١٥

الشمس، والافاضة إلى المشعر الحرام(١) والجمع بين المغرب والعشاء بها بأذان واحد وإقامتين، والبيتوتة بها(٢) والوقوف بها بعد الصبح إلى تطلع الشمس على جبل ثبير(٣) والرجوع إلى منى، والذبح والحلق والرمي(٤) ودخول مسجد الحصباء(٥) والاستلقاء فيه على القفا،: وزيارة البيت وطواف الحج وهو طواف الزيارة، وطواف النساء(٦) فهذه صفة المتمتع بالعمرة إلى الحج.

والمتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت: طواف للعمرة، وطواف للحج، وطواف للنساء(٧) وسعيان بين الصفا والمروة(٨) كما ذكرناه.

وعلى القارن والمفرد طوافان بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة(٩) ولا يحلان بعد العمرة، يمضيان على إحرامهما الاول، ولا يقطعان التلبية إذا نظرا إلى بيوت مكة كما يفعل المتمتع بالعمرة ولكنهما يقطعان التلبية يوم عرفة عند زوال الشمس.

والقارن والمفرد صفتهما واحدة إلا أن القارن يفضل على المفرد بسياق الهدي.

___________________________________

(١) أى الذهاب إلى المشعر وهو بين المأزمين.

(٢) اى إلى طلوع الشمس وجوبا تأسيا بالنبى والائمة عليهم السلام أو استحبابا على المشهور والاحتياط تقربا إلى الله تعالى بدون نيتهما. (م ت)

(٣) ثبير كأمير جبل مشرف على مسجد منى وهو مقابل للحاج عند انتظار طلوع الشمس في أول وادى محسر ولا يشاهد الشمس في المشعر للجبال. (م ت)

(٤) يعنى الرجوع إلى منى للمناسك وهو الذبح والحلق والرمى وكأنه لايرى الترتيب وان كان الواو لا تدل عليه لكن يبتدى برمى جمرة العقبة ثم يذبح هديه ويأكل منه ثم يحلق رأسه أو يقصر. (م ت)

(٥) بالابطح لمن نفر في الاخير، والاستلقاء فيه على القفا استحبابا ويأتى الكلام فيه مفصلا.

(٦) لم يذكر المبيت في الليالى الثلاث ورمى الجمار فيها اما لما سيجئ واما لاعتقاده أنها ليست من أجزاء الحج أو لندبها عنده. (م ت)

(٧) أى للحج وليس في العمرة طواف النساء.

(٨) سعى للحج وسعى للعمرة.

(٩) الظاهر أن لفظة " سعيان " من سهو النساخ والصواب سعى كما في الاخبار (م ت) أو كون التثنية باعتبار الصفا والمروة لكنه بعيد.

٣١٦

٢٥٥٥ - وروى درست(١) عن محمد بن الفضل الهاشمي قال: " دخلت مع إخواني علي أبي عبدالله عليه السلام فقلنا له: إنا نريد الحج وبعضنا صرورة، فقال عليه السلام: عليكم بالتمتع فإنا لا نتفي أحدا في التمتع بالعمرة إلى الحج، واجتناب المسكر، والمسح على الخفين ".

باب فرائض الحج

فرائض الحج(٢) سبع: الاحرام، والتلبيات الاربع التي يلبى بها سرا، وهي " لبيك اللهم لبيك لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " والطواف بالبيت، والركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بالمشعر الحرام، والهدي للمتمتع.

٢٥٥٦ - وقال الصادق عليه السلام: " والوقوف بعرفة سنة(٣) وبالمشعر فريضة، وما سوى ذلك من المناسك سنة"(٤) .

باب ما جاء فيمن حج بمال حرام

٢٥٥٧ - روي عن الائمة عليهم السلام أنهم قالوا: " من حج بمال حرام نودي

___________________________________

(١) درست واقفى ولم يوثق وهو من أصحاب أبى الحسن موسى عليه السلام.

(٢) المراد بالفرائض هنا الاركان ظاهرا.

(٣) أى ليس في الكتاب العزيز ما يدل على وجوبه صريحا بل وجوبه انما يستفاد من عمل النبى صلى الله عليه وآله، وأما قوله تبارك وتعالى " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس " وكذا قوله " فاذا أفضتم من عرفات " فانما يدلان على وقوع الافاضة منها ووقوع ما يلزمه من الكون بها دون وجوبه.

وقوله " وبالمشعر فريضة " يعنى وجوبه ثابت بالقرآن صريحا حيث يقول " فاذكروا الله عند المشعر الحرام " والامر ظاهره الوجوب.

(٤) يعنى ما سوى المذكور وان كان بكل اشارة في الكتاب لكن لا يكون بحيث يدل على الوجوب صريحا وانما يستفاد الوجوب من عمل النبى صلى الله عليه وآله.

٣١٧

عند التلبية لا لبيك عبدي ولا سعديك(١) ".

باب عقد الاحرام وشرطه ونقضه والصلاة له

٢٥٥٨ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال " لا يكون إحرام إلا في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة، فإن كانت مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم، وإن كانت نافلة(٢) صليت ركعتين وأحرمت في دبرها، فإذا انفتلت من الصلاة فاحمد الله عزو جل واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله وتقول: " اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك وآمن بوعدك واتبع أمرك، فاني عبدك وفي قبضتك لا اوقي إلا ما وقيت، ولا آخذ إلا ما أعطيت، وقد ذكرت الحج فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك وسنة نبيك [صلى الله عليه وآله] وتقويني على ما ضعفت عنه وتتسلم مني مناسكي في يسر منك و عافية، واجعلني من وفدك الذين رضيت وارتضيت وسميت وكتبت، اللهم إني خرجت من شقة بعيدة، وأنفقت مالي ابتغاء مرضاتك(٣) اللهم فتمم لي حجي، اللهم إني اريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلواتك عليه وآله، فإن عرض لي عارض يحسبني فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة، أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي و عظامي ومخي وعصبي من النساء والثياب والطيب، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة " يجزيك(٤) أن تقول هذا مرة واحدة حين تحرم، ثم قم فامش هنيئة، فإذا

___________________________________

(١) يدل على عدم كمال حجه الا أن يكون ثوبا احرامه مغصوبين أو أحدهما، وكذا الهدى أو اشتراها بعين المال الحرام.(م ت)

(٢) قال الفيض رحمه الله: يعنى وان لم يكن وقت صلاة مكتوبة وتكون صلاتك للاحرام نافلة صليت ركعتين.

(٣) من قوله " اللهم انى خرجت " إلى هنا ليس في الكافى والتهذيب.

(٤) في الكافى والتهذيب " قال: يجزيك الخ ".

٣١٨

استوت بك الارض(١) ماشيا كنت أو راكبا فلب "(٢) .

٢٥٥٩ - وسأل الحلبي أبا عبدالله عليه السلام " أليلا أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله أم نهارا؟ فقال: نهارا فقلت: أي ساعة؟ قال: صلاة الظهر، فسألته متى ترى أن نحرم، قال: سواء عليكم(٣) إنما أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الظهر لان الماء كان قليلا، كان يكون في رؤوس الجبال فيهجر الرجل(٤) إلى مثل ذلك من الغد(٥) فلا يكادون يقدرون على الماء، وإنما احدثت هذه المياه حديثا ".

٢٥٦٠ - وروى ابن عمير، عن حماد بن عثمان قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إني اريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج فكيف أقول؟ فقال: " اللهم

___________________________________

(١) أى سلكت فيها ودخلت في الطريق.

(٢) قال في المدارك: التلبيات الاربع وعدم انعقاد الاحرام للتمتع الا بها فقال العلامة في التذكرة والمنتهى: انه قول علمائنا أجمع والاخبار فيه مستفيضة، وانما الكلام في اشتراط مقارنتها للنية كمقارنة التحريم لنية الصلاة وبه قطع الشهيد في اللمعة لكن ظاهر كلامه في الدروس التوقف وكلام باقى الاصحاب خال من الاشتراط بل صرح كثير منهم بعدمه، وينبغى الجزم بجواز تأخير التلبية عن نية الاحرام للاخبار الكثيرة الدالة عليه كصحيحة معاوية بن عمار (يعنى هذا الخبر) وغيرها، بل يظهر من صحيحة معاوية تعين ذلك لكن الظاهر أنه للاستحباب والذى يقتضيه الجمع بين الاخبار التخيير بين التلبية في موضع عقد الاحرام وبعد المشى هنيئة، وبعد الوصول إلى البيداء وان كان الاولى العمل بما تضمنه صحيحة معاوية بن عمار.

(٣) أى مثل ذلك الوقت إلى نصف النهار.

وقال العلامة المجلسى: لعله محمول على التقية أو على عدم تأكد الاستحباب.

(٤) في المغرب: هجر: إذا سار في الهاجرة وهى نصف النهار في القيظ خاصة ثم قال: قيل هجر إلى الصلاة: إذا بكر ومضى اليها في أول وقتها.

(٥) يعنى يذهب في طلب الماء اليوم فلا يأتى به الا أن يمضى به من الغد مقدار ما مضى من اليوم.

والمراد أن السبب في احرام النبى صلى الله عليه وآله وقت الظهر انما كان حصول الماء في ذلك الوقت.(الوافى)

٣١٩

أني اريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك " وإن شئت أضمرت الذي تريد ".

٢٥٦١ - وسأله حمران بن أعين(١) " عن الرجل يقول: حلني حيث حبستني قال: هو حل حيث حبسه الله عزوجل، قال أو لم يقل ".

٢٥٦٢ - وروى حفص بن البختري: ومعاوية بن عمار: وعبدالرحمن بن الحجاج والحلبي جميعا عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا صليت في مسجد الشجرة فقل وأنت قاعد في دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم، ثم قم فامش حتى تبلغ الميل وتستوي بك البيداء، فإذا استوت بك البيداء فلب"(٢) .

وإن أهللت(٣) من المسجد الحرام للحج فإن شئت لبيت خلف المقام، وأفضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء(٤) وتلبي قبل أن تصير إلي الابطح.

___________________________________

(١) طريق المؤلف اليه غير مذكور في المشيخة والخبر في الكافى والتهذيب عن حمزة ابن حمران وسيأتى من المؤلف بعينه في باب الحصر عن حمزة بن حمران ولعل السهو من النساخ.

وطريق الصدوق إلى حمزة صحيح.

(٢) يدل على استحباب تأخير التلبية إلى البيداء لمن أحرم من الشجرة كما يدل عليه غيره من الاخبار الكثيرة. (م ت)

(٣) لما ذكر موضع الاحرام بالعمرة ذكر هنا موضع الاحرام بالحج.

(٤) الرقطاء موضع دون الردم، والردم هو الحاجز الذى يمنع السيل عن البيت المحرم ويسمى المدعى، ويظهر من بعض الاخبار أنه ملتقى طريق الجبل وطريق العام إلى منى.

وقال الفاضل الاسترآبادى: قد فتشنا تواريخ مكة فلم نجد فيها ان يكون الرقطاء اسم موضع بمكة.

واما الردم فالمراد منه المدعا بفتح الميم وسكون الدال المهملة والعين المهملة بعدها ألف والعلة في التعبير عن المدعا بالردم أن الجائى من الابطح إلى المسجد الحرام كان يشرف الكعبة من موضع مخصوص وكان يدعو هناك وكانت هناك عمارة ثم طاحت وصار موضعها تلا، والظاهر عندى " الرمضاء " بالراء المفتوحة والميم الساكنة والضاد المعجمة بعدها الف انتهى كلامه رفع مقامه.

وفى الكافى " الرفضاء " وفى بعض نسخة " الروحاء ".

(٥) روى الكلينى ج ٤ ص ٤٥٤ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " إذا كان يوم التروية ان شاء الله فاغتسل، وألبس ثوبيك وادخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار، ثم صل ركعتين عند مقام ابراهيم عليه السلام أو في الحجر، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، وأحرم بالحح، ثم امض وعليك السكينة والوقار فاذا انتهيت إلى الرفضاء دون الردم فلب، فاذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الابطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتى منى".

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

النقص الحادث في المبيع ، فكذلك عدم المشروط. ولأنّ الإعسار يثبت به فسخ البيع بغير شرطٍ ، ولا يثبت مثل ذلك في الحوالة ، فاختلفا(١) .

ونمنع كون الإعسار لا يردّ الحوالة إذا لم يشترط ، وقد سبق. ونمنع الملازمة بين ثبوته بالشرط وبعدمه ، ونحن لا ندّعي مساواة الحوالة للبيع في جميع أحكامه.

تذنيب : لو كان المحال عليه معسراً ولم يعلم المحتال ثمّ تجدّد اليسار وعلم سبق الفقر ، احتُمل ثبوت الخيار ؛ للاستصحاب‌. وعدمُه ؛ لزوال المقتضي.

مسألة ٦٠٢ : إذا حصلت الحوالة مستجمعة الشرائط ، انتقل المال إلى ذمّة المحال عليه ، وبرئ المحيل‌ ، سواء أبرأه المحتال أو لا - وهو قول عامّة الفقهاء(٢) - لأنّ الحوالة مأخوذة من التحويل للحقّ ، وإنّما يتحقّق هذا المعنى لو انتقل المال من ذمّةٍ إلى أُخرى ، وليس هنا إلّا ذمّة المحيل والمحال عليه ، فإذا تحوّل الحقّ من ذمّة أحدهما إلى الآخَر مع اليسار أو علم الإعسار ، لم يعد الحقّ إليه ؛ لعدم المقتضي.

وقال شيخنارحمه‌الله في النهاية : ومَنْ كان له على غيره مالٌ فأحال به على غيره ، وكان الـمُحال عليه مليّاً به في الحال وقَبِل الحوالة وأبرأه منه ، لم يكن له الرجوعُ عليه ، ضمن ذلك المـُحال به عليه أو لم يضمن بعد أن يكون قد قَبِل الحوالة ، فإن لم يقبل الحوالة إلاّ بعد ضمان المـُحال عليه ولم يضمن مَنْ أُحيل عليه ذلك ، كان له مطالبة الـمُحيل ، ولم تبرأ ذمّته بالحوالة ، فإن انكشف لصاحب المال أنّ الذي أُحيل به عليه غير ملي بالمال ، بطلت‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٣ ، المغني ٥ : ٦٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٦٢.

(٢) المغني ٥ : ٥٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

٤٤١

الحوالة ، وكان له الرجوعُ على المديون بحقّه عليه ، ومتى لم يُبرئ الـمُحال له بالمال الـمُحيل في حال ما يُحيله ، كان له أيضاً الرجوعُ عليه في أيّ وقت شاء(١) .

وكان الحسن البصري أيضاً لا يرى الحوالة مبرئةً إلّا أن يُبرئه(٢) .

واحتجّ الشيخرحمه‌الله بما رواه زرارة - في الحسن - عن الصادق أو الباقرعليهما‌السلام : في الرجل يحيل الرجل بمالٍ كان له على رجلٍ [ آخَر ] ، فيقول له الذي احتال : برئت ممّا لي عليك ، قال : « إذا أبرأه فليس له أن يرجع عليه ، وإن لم يُبرئه فله أن يرجع على الذي أحاله »(٣) .

وهذه الرواية لا بأس بها ؛ لصحّة السند ، لكنّ المشهور عند الأصحاب والعامّة البراءة بمجرّد الحوالة ، فلابدَّ من حمل الرواية على شي‌ء ، وليس ببعيدٍ من الصواب حملها على ما إذا شرط المحيل البراءة ، فإنّه يستفيد بذلك عدم الرجوع لو ظهر إفلاس المحال عليه ، أو نقول : إذا لم يُبرئه ، فله أن يرجع على الذي أحاله إذا تبيّن له إعساره وقت الحوالة.

النظر الثاني : في الرضا بالحوالة.

مسألة ٦٠٣ : يشترط في الحوالة رضا المحيل - وهو الذي عليه الحقّ - إجماعاً‌ ، فلو أُكره على أن يحيل فأحال بالإكراه ، لم تصحّ الحوالة ، ولا نعرف فيه خلافاً ؛ لأنّ مَنْ عليه الحقّ مخيَّر في جهات القضاء ، فله أن يقضي من أيّ جهة شاء ، فلا يُعيَّن عليه بعض الجهات قهراً ، فلا يلزمه‌

____________________

(١) النهاية : ٣١٦.

(٢) المغني ٥ : ٥٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٥.

(٣) الكافي ٥ : ١٠٤ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٢١١ - ٢١٢ / ٤٩٦ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

٤٤٢

أداؤه من جهة الدَّيْن الذي له على المحال عليه ، إلّا في صورةٍ واحدة لا يُعتبر فيها رضا المحيل ، وهي ما إذا جوّزنا الحوالة على مَنْ لا دَيْن عليه لو قال للمستحقّ : أحلت بالدَّيْن الذي لك على فلان على نفسي ، فقَبِل ، صحّت الحوالة ، فإذَنْ لا يشترط هنا رضا المحيل ، بل رضا المحتال والمحال عليه خاصّةً.

مسألة ٦٠٤ : يشترط رضا المحتال عند علمائنا أجمع‌ - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(١) - لأنّ حقّه ثابت في ذمّة المحيل ، فلا يلزمه نقله إلى ذمّةٍ أُخرى ، إلّا برضاه ، كما أنّه لا يجوز أن يُجبر على أن يأخذ بالدَّيْن عوضاً ، وكما إذا ثبت حقّه في عينٍ ، لا يملك نقله إلى غيرها بغير رضاه. وقال داوُد وأحمد : لا يعتبر رضاه إذا كان المحال عليه مليّاً ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَنْ أُحيل على ملي‌ء فليحتل »(٢) والأمر للوجوب(٣) .

ونحن نمنع الوجوب ، بل المراد به الإرشاد.

مسألة ٦٠٥ : يشترط عندنا رضا المحال عليه‌ ، فلو لم يرض المحال عليه أو لم يُعلم هل رضي أم لا؟ لم تصحّ الحوالة ، وبه قال أبو حنيفة والزهري والمزني(٤) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٩٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٥ ، الذخيرة ٩ : ٢٤٣ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٦١.

(٢) مسند أحمد ٣ : ٢٢٥ ، ضمن ح ٩٦٥٥.

(٣) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٩ ، الذخيرة ٩ : ٢٤٣ ، المعونة ٢ : ١٢٢٨ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٦١.

(٤) الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٩٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٥ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤١٨ ، الوسيط ٣ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، المغني ٥ : ٦١ ، الشرح الكبير ٥ : ٦١ - ٦٢.

٤٤٣

وقال أبو العبّاس ابن القاص : نصّ الشافعي في الإملاء على أنّها تفتقر إلى رضا المحال عليه - وإليه ذهب أبو سعيد الاصطخري من الشافعيّة - لأنّه أحد مَنْ تتمّ به الحوالة ، فأشبه المحتال والمحيل. ولأنّ الناس يختلفون في الاقتضاء والاستيفاء سهولةً وصعوبةً. ولأنّ الأصل بقاء الحقّ في ذمّة المحال عليه للمحيل ، فيستصحب إلى أن يظهر المعارض.

وأصحّ القولين عند الشافعي : أنّه لا يعتبر رضا المحال عليه إذا كانت الحوالة على مَنْ عليه دَيْنٌ للمحيل - وبه قال مالك وأحمد - لأنّ المحيل أقام المحتال مقام نفسه في القبض بالحوالة ، فلم يفتقر إلى رضا مَنْ عليه الحقّ ، كما لو كان وكيلاً في قبضه ، بخلاف المحتال ، فإنّه ينتقل حقّه ، وتبرأ ذمّته منه. ولأنّ المحال عليه محلّ الحقّ والتصرّف ، فلا يعتبر رضاه ، كما لو باع عبداً ، لا يعتبر رضاه(١) .

وبنوا الوجهين على أنّ الحوالة اعتياض أو استيفاء؟ إن قلنا بالأوّل ، فلا يشترط ؛ لأنّه حقٌّ للمحيل ، فلا يحتاج فيه إلى رضا الغير. وإن قلنا بالثاني ، يشترط ؛ لتعذّر إقراضه من غير رضاه(٢) .

وإن كانت الحوالة على مَنْ لا دَيْن عليه ، لم تصحّ عند الشافعي إلّا برضا المحال عليه ؛ لأنّا لو صحّحناه ، لألزمناه قضاء دَيْن الغير قهراً. وإن رضي ، ففي صحّة الحوالة وجهان بناهما الجمهور على الأصل المذكور(٣)

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٨ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٥ ، الوسيط ٣ : ٢٢١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٩٩ ، التلقين ٢ : ٤٤٣ ، الذخيرة ٩ : ٢٤٣ ، المعونة ٢ : ١٢٢٩ ، المغني ٥ : ٦١ ، الشرح الكبير ٥ : ٦١ - ٦٢.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

٤٤٤

وسيأتي(١) .

فقد ظهر من هذا الإجماعُ على اعتبار رضا المحيل إلّا في الصورة التي ذكرناها في أوّل النظر ، وأنّ أصحابنا اشترطوا رضا الثلاثة : المحيل والمحتال والمحال عليه.

النظر الثالث : في الدَّيْن.

مسألة ٦٠٦ : إذا أحال زيد عمراً على بكر بألف ، فلا يخلو إمّا أن تكون ذمّة زيدٍ(٢) مشغولةً بالألف لعمرو ، أو لا‌ ، وعلى كلا التقديرين فإمّا أن يكون بكر بري‌ء الذمّة منها أو مشغولها ، فالأقسام أربعة :

أ - أن تكون ذمّة زيدٍ وبكرٍ مشغولتين ، ولا خلاف هنا في صحّة الحوالة.

ب - قسيم هذا ، وهو أن تكون ذمّتهما بريئةً ، فإذا أحال زيد - وهو بري‌ء الذمّة - عمراً - ولا دَيْن له عليه - على بكر ، وهو بري الذمّة ، لم يكن ذلك إحالةً صحيحة ؛ لأنّ الحوالة إنّما تكون بدَيْنٍ ، وهنا لم يوجد ، بل يكون ذلك وكالةً في اقتراضٍ ، وإنّما جازت الوكالة هنا بلفظ الحوالة ؛ لاشتراكهما في المعنى ، وهو استحقاق الوكيل أن يفعل ما أمره الموكّل من الاقتراض ، وأن يطالبه من المحال عليه ، كما يستحقّ المحتال مطالبة المحال عليه.

ج - أن يكون المحيلُ بري‌ءَ الذمّة والمحالُ عليه مشغولَها ، ( فيحيل‌

____________________

(١) في ص ٤٤٥ ، القسم « د » من الأقسام المذكورة في المسألة ٦٠٦.

(٢) في « ج » : « ذمّته » بدل « ذمّة زيد ».

٤٤٥

مَنْ لا دَيْن عليه مَنْ لا دَيْن له على مَنْ للمحيل عليه دَيْنٌ )(١) بقبضه ، فلا يكون ذلك أيضاً حوالةً ؛ لأنّ الحوالة مأخوذة من تحوّل الحقّ وانتقاله ، ولا حقّ [ هاهنا ](٢) ينتقل ويتحوّل ، بل يكون ذلك في الحقيقة وكالةً في الاستيفاء ؛ لاشتراكهما في استحقاق الوكيل مطالبة مَنْ عليه الدَّيْن ، كاستحقاق المحتال مطالبة المحال عليه ، وتحوّل ذلك إلى الوكيل كتحوّله إلى المحيل.

د - أن يكون المحيل مشغولَ الذمّة والمحالُ عليه برئَ الذمّة.

وفي صحّة هذه الحوالة إشكال أقربه : الصحّة - وبه قال أبو حنيفة وأصحابه(٣) - لأنّ المحال عليه إذا قَبِلها ، صار كأنّه قضى دَيْن غيره بذمّته ؛ لأنّ الحوالة بمنزلة الحقّ المقبوض ، وإذا قبض حقّاً من غيره ، صحّ وسقط عن غيره ، كذا هنا ، لكن يكون ذلك بالضمان أشبه.

وللشافعيّة وجهان مبنيّان على أنّ الحوالة اعتياض أو استيفاء؟ فإن قلنا : إنّها اعتياض ، لم تصحّ ؛ لأنّه ليس له على المحال عليه شي‌ء نجعله عوضاً عن حقّ المحتال. وإن قلنا : إنّها استيفاء حقٍّ ، صحّت(٤) ، كأنّه أخذ المحتال حقّه وأقرضه من المحال عليه(٥) .

قال الجويني : الصحيح عندي تخريج الخلاف على الخلاف في أنّه‌

____________________

(١) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجريّة : « فيحيل مَنْ لا دَيْن له عليه على مَنْ للمحيل عليه دَيْنٌ ». وكذا في « ر » بإسقاط « له » من « لا دَيْن له عليه ».

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فيها ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) راجع : فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٧٣ و ٧٤ ، وبدائع الصنائع ٦ : ١٦.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « صحّ ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

٤٤٦

هل يصحّ الضمان بشرط براءة الأصيل؟ بل هذه(١) الصورة غير(٢) تلك الصورة ؛ فإنّ الحوالة تقتضي براءة المحيل ، فإذا قَبِل الحوالة ، فقد التزم على أن يُبرئ المحيل(٣) .

وهذا ذهابٌ منه إلى براءة المحيل وجَعْلها أصلاً مفروغاً عنه.

لكن للشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّه يبرأ على قياس الحوالات.

والثاني - وبه قال أكثرهم - : أنّه لا يبرأ ، وقبول الحوالة ممّن لا دَيْن عليه ضمانٌ مجرّد(٤) .

ثمّ فرّعوا فقالوا : إن قلنا : لا تصحّ هذه الحوالة ، فلا شي‌ء على المحال عليه ، فإن تطوّع وأدّاه ، كان كما لو قضى دَيْنَ الغير. وإن قلنا : تصحّ ، فهو كما لو ضمنه ، فيرجع على المحيل إن أدّى بإذنه(٥) .

وكذا إن أدّى بغير إذنه عندنا وعلى أظهر الوجهين عند الشافعيّة(٦) ؛ لجريان الحوالة بإذنه.

وللمحال عليه الرجوع على المحيل هنا قبل الأداء - وهو أحد وجهي الشافعيّة(٧) - لأنّ المحيل يبرأ ، فينتقل الحقّ إلى ذمّة المحال عليه بمجرّد الحوالة.

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « هنا » بدل « هذه ». والمثبت كما في المصدر.

(٢) كذا في النسخ الخطّيّة والحجريّة ، وفي المصدر « عين » بدل « غير ». وفي « ر » : « على غير ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٧ - ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٢.

(٦ و ٧) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٣.

٤٤٧

والثاني : ليس له ذلك بناءً على أنّ المحيل لا يبرأ ، كما أنّ الضامن لا يرجع على المضمون عنه قبل الأداء(١) .

وإذا طالبه المحتال بالأداء ، فله مطالبة المحيل بتخليصه.

وهل له ذلك قبل مطالبة المحتال؟ الأقوى عندي : ذلك.

وللشافعيّة وجهان كالوجهين في مطالبة الضامن(٢) .

ولو أبرأه المحتال ، لم يرجع على المحيل بشي‌ء.

ولو قبضه المحتال ثمّ وهبه منه ، فالأقوى : الرجوع ؛ لأنّه قد غرم عنه ، وإنّما عاد المال إليه بعقدٍ مستأنف.

وللشافعيّة وجهان يُنظر في أحدهما إلى أنّ الغُرْم لم يستقر عليه ، فلم يغرم عنه في الحقيقة شيئاً. وفي الثاني إلى أنّه عاد إليه بتصرّفٍ مبتدأ(٣) .

وهُما مأخوذان من القولين فيما إذا وهبت منه الصداق بعد القبض ثمّ طلّقها قبل الدخول.

ولو ضمن عنه ضامنٌ ، لم يرجع على المحيل حتى يأخذ المحتال المالَ منه أو من ضامنه.

ولو أحال المحتال على غيره ، نُظر إن أحاله على مَنْ عليه دَينٌ ، رجع على محيله بنفس الحوالة ؛ لحصول الأداء بها. وإن أحال على مَنْ لا دَيْن عليه ، لم يرجع عليه الذي أحاله عليه.

مسألة ٦٠٧ : الأقوى عندي أنّه لا يشترط في الدَّيْن المحال به اللزومُ‌

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٣.

٤٤٨

- وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(١) - كما لو أحال بالثمن في مدّة الخيار بأن يحيل المشتري البائعَ على رجلٍ أو يحيل البائع رجلاً على المشتري. ولأنّه صائرٌ إلى اللزوم ، والخيار عارضٌ فيه ، فيعطى حكم اللازم.

والثاني لهم : المنع ؛ لأنّه ليس بلازم(٢) .

وهو مصادرة على المطلوب.

قال بعض الشافعيّة : هذا الخلاف مبنيّ على أنّ الحوالة معاوضة أو استيفاء؟ إن قلنا معاوضة ، فهي كالتصرّف في المبيع في زمان الخيار. وإن قلنا : استيفاء ، فتجوز(٣) .

قالوا : فإن قلنا بالمنع ، ففي انقطاع الخيار وجهان :

أحدهما : أنّه لا ينقطع ؛ لحكمنا ببطلانه ، وتنزيلنا إيّاه منزلة العدم.

والثاني : نعم ؛ لأنّ التصرّف في عوض العقد يتضمّن الرضا بإبطال الخيار(٤) .

وإن قلنا بالجواز ، لم يبطل الخيار عند بعضهم(٥) .

وقال آخَرون : يبطل ؛ لأنّ قضيّة الحوالة اللزوم ، ولو بقي الخيار لما صادفت الحوالة مقتضاها ، وكانت هذه الحوالة كالحوالة على النجوم(٦) .

والأقوى : بقاء الخيار.

مسألة ٦٠٨ : إذا وقعت الحوالة بالثمن المتزلزل بالخيار ثمّ انفسخ البيع‌

____________________

(١ و ٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤١٩ ، الوسيط ٣ : ٢٢٢ - ٢٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٩.

(٤ - ٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

٤٤٩

بفسخ صاحب الخيار ، بطل الثمن ، وبطلت الحوالة المترتّبة عليه ، فلو أحال البائع على المشتري بالثمن رجلاً له عليه دَيْنٌ ثمّ فسخ المشتري بالخيار ، بطلت الحوالة ؛ لأنّها فرع البيع ، والبيع قد بطل.

وعندي فيه نظر ؛ لأنّ البيع لم يبطل من أصله ، وإنّما تجدّد له البطلان ، فلا يؤثّر في الحوالة التي جرت منهما.

ولو أحال المشتري البائعَ على غيره ثمّ فسخ البيع بالخيار ، بطلت الحوالة ؛ لترتّبها على البيع ، والبيع قد بطل.

ويُحتمل قويّاً عدم بطلان الحوالة.

وعلى قول الشافعيّة ببطلان الخيار لو أحال المشتري البائعَ على ثالثٍ ، يبطل خيارهما جميعاً ؛ لتراضيهما. ولو أحال البائع رجلاً على المشتري ، لم يبطل خيار المشتري ، إلاّ أن يقبل ويرضى بالحوالة(١) .

مسألة ٦٠٩ : لو أحال زيد على عمرو بكراً بمالٍ فأدّاه عمرو - بعد قبول الثلاثة الحوالة - إلى بكر‌ ، ثمّ جاء عمرو يطالب زيداً بما أدّاه بحوالته إلى بكر ، فادّعى زيد أنّه إنّما أحال بما لَه عليه ، وأنكر عمرو ذلك وأنّه احتال ولا شي‌ء لزيد عليه ، كان القولُ قولَ عمرو ؛ لأصالة براءة ذمّته.

ويُحتمل أن يقال : إن قلنا بصحّة الحوالة على مَنْ لا مال عليه ، كان القولُ قولَ المحال عليه قطعاً. وإن قلنا : إنّها لا تصحّ ، كان القولُ قولَ المحيل ؛ لاعترافهما بالحوالة ، وادّعاء المحال عليه بطلانها ، والأصل الصحّة.

مسألة ٦١٠ : لو أحال السيّد على مكاتَبه بمال النجوم‌ ، فإن كان بعد‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

٤٥٠

حلوله ، صحّ ؛ لثبوته في ذمّة المكاتَب. وإن كان قبل الحلول ، فكذلك على الأقوى.

ويجي‌ء على قول الشيخرحمه‌الله المنع(١) ؛ لأنّ مال الكتابة غير واجبٍ - عنده(٢) - على المكاتَب ؛ إذ له أن يُعجّز نفسه ، فله أن يمتنع من أدائه.

وللشافعيّة وجهان فيما إذا أحال السيّد غيره على مكاتَبه بالنجوم.

أحدهما : الجواز - كما قلناه - لأنّ النجوم دَيْنٌ ثابت على المكاتَب ، فأشبه سائر الديون.

وأصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّ النجوم غير لازمة على المكاتَب ، وله إسقاطها متى شاء ، فلا يمكن إلزامه الدفع إلى المحتال(٣) .

وعلى ما اخترناه - من صحّة الحوالة - لو أعتق السيّد عبده المكاتَب ، بطلت الكتابة ، ولم يسقط عن المكاتَب مال الحوالة ؛ لأنّ المال بقبوله الحوالة صار لازماً له للمحتال ، ولا يضمن السيّد ما يغرمه من مال الحوالة.

ولو كان للسيّد عليه دَيْنُ معاملةٍ غير مال الكتابة ، صحّت الحوالة به قطعاً ؛ لأنّ حكمه حكم الأحرار في المداينات.

وقال بعض الشافعيّة : إنّه مبنيّ على أنّ المكاتَب لو عجّز نفسه ، هل يسقط ذلك الدَّيْن؟ إن قلنا : نعم ، لم تصح الحوالة ، وإلّا صحّت(٤) .

والمعتمد ما قلناه ، وهو قول أكثر الشافعيّة وقول أكثر العامّة(٥) .

ولو أحال المكاتَبُ السيّدَ على إنسانٍ بمال الكتابة ، صحّت الحوالة‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٣٢١.

(٢) الخلاف ٦ : ٣٩٣ ، المسألة ١٧ ، المبسوط - للطوسي - ٦ : ٧٣ و ٨٢.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٩ - ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٥) روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤ ، المغني ٥ : ٥٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٧.

٤٥١

عندنا وعند أكثر الشافعيّة وأكثر المانعين من حوالة السيّد عليه بالنجوم(١) ، وتبرأ ذمّة المكاتَب من مال الكتابة ، ويتحرّر ، ويكون ذلك بمنزلة الأداء ، سواء أدّى المحال عليه أو مات مفلساً ؛ لأنّ ما أحاله عليه مستقرّ ، والكتابة لازمة من جهة السيّد ، فمتى أدّى المحال عليه وجب على السيّد القبول أو الإبراء.

وقال بعض الشافعيّة : لا تصحّ هذه الحوالة أيضاً(٢) .

فللشافعيّة إذَنْ ثلاثة أقوال في الجمع بين الصورتين :

أحدها : جواز إحالة المكاتَب بالنجوم ، وإحالة السيّد على النجوم ، وهو قول ابن سريج.

والثاني : منعهما جميعاً.

والثالث : أظهرها عندهم ، وهو : جواز إحالة المكاتَب بها ، ومنع إحالة السيّد عليها(٣) .

ولو أحال السيّد بأكثر مال الكتابة ثمّ أعتقه ، سقط عن المكاتَب الباقي ، ولم تبطل الحوالة.

مسألة ٦١١ : مال الجُعْل في الجُعالة إن استحقّ بالعمل ، صحّت الحوالة به إجماعاً.

وإن لم يشرع في العمل ، فالأقرب : الجواز ؛ لأنّا نجوّز الحوالة على بري‌ء الذمّة.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤ ، المغني ٥ : ٥٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٣) الوسيط ٣ : ٢٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠.

٤٥٢

وقياس الشافعيّة أنّه يجي‌ء في الحوالة به وعليه الخلافُ المذكور في الرهن به وفي ضمانه(١) .

وقال بعض الشافعيّة : تجوز الحوالة به وعليه بعد العمل ، لا قبله(٢) .

ولو أحال مَنْ عليه الزكاة الساعيَ على إنسانٍ بالزكاة ، جاز ، سواء قلنا : إنّ الحوالة استيفاء أو اعتياض ؛ لأنّه دَيْنٌ ثابت في الذمّة ، فجازت الحوالة.

وعندنا يجوز دفع قيمة الزكاة عن عينها ، فجاز الاعتياض فيها.

أمّا الشافعيّة فإنّهم منعوا من دفع القيمة في الزكاة ومن الاعتياض عنها(٣) ، فهنا قالوا : إن قلنا : إنّ الحوالة استيفاء ، صحّت الحوالة هنا. وإن قلنا : إنّها اعتياض ، لم تجز ؛ لامتناع أخذ العوض عن الزكاة(٤) .

ولو أحال الفقير المديون صاحبَ دَيْنه بالزكاة على مَنْ وجبت عليه ، لم تصح ؛ لأنّها لم تتعيّن له إلّا بالدفع إليه.

ولو قَبِل مَنْ وجبت عليه ، صحّ ، ولزمه الدفع إلى المحتال.

مسألة ٦١٢ : تجوز الحوالة بكلّ مالٍ لازمٍ ثابتٍ في الذمّة معلومٍ‌ ؛ لأنّها إمّا اعتياض ، فلا تصحّ على المجهول ، كما لا يصحّ بيعه ، وإمّا استيفاء ، وإنّما يمكن استيفاء المعلوم ، أمّا المجهول فلا. ولاشتماله على الغرر.

فلو قال : أحلتك بكلّ ما لك عَلَيَّ ، فقَبِل ، لم تصح.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٢) روضة الطالبين ٣ : ٤٦٤.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ١٥٧ ، المجموع ٥ : ٤٢٨ - ٤٢٩ ، و ٦ : ١٣٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٧ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٦٥ ، المغني ٢ : ٦٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٢١.

(٤) روضة الطالبين ٣ : ٤٦٥.

٤٥٣

ويحتمل الصحّة ، ويكون على المحال عليه للمحتال كلّ ما تقوم به البيّنة ، كما قلناه في الضمان.

ولا يشترط اتّفاق الدَّيْنين في سبب الوجوب ، فلو كان أحدهما ثمناً والآخَر أُجرةً أو قرضاً أو بدلَ متلفٍ أو أرشَ جنايةٍ وما أشبهه ، جازت الحوالة ، ولا نعلم فيه خلافاً.

مسألة ٦١٣ : تصحّ الحوالة بكلّ دَيْنٍ ثابتٍ في الذمّة‌ ، سواء كان مثليّاً ، كالذهب والفضّة والحبوب والأدهان ، أو من ذوات القِيَم ، كالثياب والحيوان وغيرهما - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة(١) - لأنّه حقٌّ لازمٌ ثابتٌ في الذمّة ، فأشبه ما لَه مِثْلٌ.

والثاني : المنع ؛ لأنّ الغرض من الحوالة إيصال الحقّ إلى مستحقّه من غير تفاوتٍ ، وهذا الغرض لا يتحقّق فيما لا مِثْل له ؛ لأنّ المثل لا يتحرّز(٢) ، ولهذا لا يضمن بمثله في الإتلاف(٣) .

والأوّل أصحّ. والوصول إلى الحقّ قد يكون بالمثل ، وقد يكون بالقيمة ، وكما يجوز إبراء المديون منه بالأداء ، كذا المحال عليه.

ولو كان المال ممّا لا يصحّ السَّلَم فيه ، ففي جواز الحوالة به إشكال أقربه : الجواز ؛ لأنّ الواجب في الذمّة حينئذٍ القيمة ، وتلك العين لا تثبت في الذمّة ، فلا تقع الحوالة بها ولا بمثلها ؛ لعدمه ، بل بالقيمة.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٤ ، حلية العلماء ٥ : ٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٥.

(٢) في النسخ الخطّيّة : « لا يتحرّر » بالراءين المهملتين.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٤ ، حلية العلماء ٥ : ٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٥.

٤٥٤

ولو كان عليه خمس من الإبل أرش الموضحة مثلاً ، وله على آخَر مثلها ، فأحاله بها ، فالأقرب : الصحّة ؛ لأنّها تنحصر بأقلّ ما يقع عليه الاسم في السنّ والقيمة وسائر الصفات ، وهو أحد قولَي الشافعي(١) .

والثاني : لا تجوز ؛ لأنّ صفاتها مجهولة(٢) .

وهو ممنوع.

وقال بعض الشافعيّة : إذا أحال بإبل الدية وعليها وفرّعنا على جواز الحوالة في المتقوّمات ، فوجهان أو قولان مبنيّان على جواز المصالحة والاعتياض عنها.

والأصحّ عندهم : المنع ؛ للجهل بصفاتها(٣) .

ولو كان الحيوان صداقاً ودخل بها ، جازت الحوالة عند بعض الشافعيّة ؛ لأنّه لا يكون مجهولاً(٤) .

ومَنَعه بعضهم ؛ لأنّه لا تجوز المعاوضة معها(٥) .

النظر الرابع : في تساوي الجنسين.

مسألة ٦١٤ : من مشاهير الفقهاء(٦) وجوب تساوي الدَّيْنين‌ - أعني الدَّيْن الذي للمحتال على المحيل ، والذي للمحيل على المحال عليه - جنساً ووصفاً ، فلو كان له دنانير على شخصٍ فأحال عليه بدراهم ، لم تصحّ ؛ لأنّ الحوالة إن جعلناها استيفاءً ، فلأنّ مستحقّ الدراهم إذا‌

____________________

(١ و ٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢ ، ولاحظ : حلية العلماء ٥ : ٣٣.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٥.

(٤ و ٥) راجع : التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٦٢.

(٦) بداية المجتهد ٢ : ٣٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦ ، المغني ٥ : ٥٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٩.

٤٥٥

استوفاها وأقرضها فمحال أن ينتقل حقّه إلى الدنانير.

وإن جعلناها معاوضةً ، فلأنّها وإن كانت معاوضةً فليست هي على حقيقة المعاوضات التي يقصد بها تحصيل ما ليس بحاصل من جنس مالٍ أو زيادة قدرٍ أو صفة ، وإنّما هي معاوضة إرفاقٍ ومسامحة للحاجة ، فاشترط فيها التجانس والتساوي في القدر والصفة ؛ لئلّا يتسلّط على المحال عليه ، كما في القرض.

ولأنّا نجبر المحال عليه عند مَنْ لا يشترط رضاه ، ولا يمكن إجباره مع الاختلاف.

ولأنّ الحوالة لا يُطلب بها الفضل ، ولهذا جازت دَيْناً بدَيْن ، ألا ترى أنّه لا يجوز بيع الدَّيْن بالدَّيْن ، فلو جوّزنا الإحالة مع الاختلاف في الجنس أو الوصف ، لكان بيعَ الدَّيْن بالدَّيْن.

ومع هذا فقد قال المشترطون للتساوي : إنّه تصحّ الحوالة على مَنْ لا دَيْن عليه ، والأحرى جواز الإحالة على مَنْ عليه دَيْن مخالف. لكنّ الغرض بقولهم : « إذا تغاير الدَّيْنان جنساً أو وصفاً أو قدراً ، لم تصحّ الحوالة » أنّ الحقّ لا يتحوّل بها من الدنانير إلى الدراهم وبالعكس ، لكنّها إذا جرت فهي حوالة على مَنْ لا دَيْن له عليه ، وحكمه ما تقدّم(١) .

مسألة ٦١٥ : لو كان عليه إبل من الدية وله على آخَر مثلها قرضاً ، فأحاله صاحب القرض على المقترض بإبل الدية‌ ، فإن قلنا : يردّ في القرض مثلها ، صحّت الحوالة ؛ لأنّه يمكن استيفاء الحقّ على صفته من المحال عليه. ولأنّ الخيرة في التسليم إلى مَنْ عليه الدَّيْن ، وقد رضي بتسليم ما لَه‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦.

٤٥٦

في ذمّة المقترض ، وهو مثل الحقّ ، فكانت الحوالة صحيحةً.

وإن قلنا : إنّه يردّ في القرض القيمة ، لم تصحّ الحوالة ؛ لاختلاف الجنس.

وكذا ما يثبت في الذمّة قيمته في القرض - كالجواهر واللآلئ وغيرهما ممّا لا يصحّ السَّلَم فيه - لا تصحّ الحوالة به.

ولو احتال المقرض بإبل الدية ، لم تصح ؛ لأنّا إن قلنا : تجب القيمة في القرض ، فقد اختلف الجنس. وإن قلنا : يجب المثل ، فللمقرض مثل ما أقرض في صفاته ، والذي عليه الدية لا يلزمه ذلك.

مسألة ٦١٦ : يجب تساوي الدَّيْنين في القدر‌ ، فلا يحال بخمسة على عشرة ، ولا بعشرة على خمسة ؛ لما قلنا من أنّ هذا العقد للإرفاق ، ولإيصال كلّ حقٍّ إلى مستحقّه ، ولم يوضع لتحصيل زيادة أو حطّ شي‌ء.

والمراد بذلك وقوع المعاوضة بالقليل عن الكثير وبالعكس ، وإلّا فلو كان له عشرة فأحال بخمسة منها ، أو كان له خمسة فأحال بها وبخمسةٍ أُخرى ، فإنّه تصحّ.

وللشافعيّة وجهٌ في الإحالة بالقليل على الكثير : أنّها جائزة ، وكأنّ المحيل تبرّع بالزيادة(١) .

وقال أبو العباس ابن سريج : الحوالة بيع إلّا أنّه غير مبنيّ على المكايسة والمغابنة وطلب الربح والفضل ، بل جُعل رفقاً ، كالقرض ، وإن كان نوعَ معاوضةٍ ، فلا تجوز إلّا مع اتّفاق الجنس جنساً وقدراً وصفةً ، وقد قال الشافعي في كتاب البيوع في باب الطعام قبل أن يستوفى : وإن حلّ عليه‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦.

٤٥٧

طعام فأحال به على رجل له عليه طعام أسلفه إيّاه ، لم تجز من قِبَل أنّ هذا الطعام لـمّا لم يجز بيعه لم تجز الحوالة به ؛ لأنّه بيع ، وهذا نصٌّ منه(١) .

وقيل : ليست بيعاً(٢) - وهو ما اخترناه نحن أوّلاً - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ندب إليها ، فقال : « مَنْ أُحيل على ملي‌ء فليحتل »(٣) . ولأنّها لا تصحّ بلفظ البيع ، ولا تجوز الزيادة فيها ولا النقصان ، ولما جازت في النقود إلّا مع التقابض في المجلس ، إلّا أنّ هذا القائل لا يجوّز الحوالة بالـمُسْلَم فيه ، وهذا تشمير(٤) لقول مَنْ قال : إنّه بيع.

لا يقال : لو كان بيعاً ، لكان على المحيل تسليمه إلى المحال عليه ؛ لأنّه عوض من جهته ، كما إذا باع شيئاً في يد غيره ، فإنّه يطالبهما به المشتري.

لأنّا نقول : أجاب مَنْ قال : « إنّه بيع » : بأنّه لـمّا استحقّ مطالبة المحال عليه به لم يستحقّ مطالبة المحيل ؛ لأنّه لو استحقّ مطالبتهما ، لكان قد حصل له بالحوالة زيادة في حقّ المطالبة ، وقد ثبت أنّ الحوالة مبنيّة على أنّه لا يستحقّ بها إلّا مثل ما كان يستحقّه ، بخلاف البيع ؛ لأنّه تجوز فيه الزيادة.

وفائدة الاختلاف : ثبوت خيار المجلس إن قلنا : إنّها بيع.

والحقّ ما تقدّم ، والاعتذار باطل ؛ لأنّ تخلّف لازم البيع يقضي بانتفائه.

____________________

(١) انظر : الحاوي الكبير ٦ : ٤١٩ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٦ ، وراجع : الأُم ٣ : ٧٣.

(٢) انظر : الحاوي الكبير ٦ : ٤١٩ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ١٢٦.

(٣) المصنّف - لابن أبي شيبة - ٧ : ٧٩ / ٢٤٤٥.

(٤) التشمير : التقليص والإرسال. لسان العرب ٤ : ٤٢٨ « شمر ».

٤٥٨

مسألة ٦١٧ : الأقرب : أنّه لا يشترط تساوي المالَيْن في الحلول والتأجيل‌ ، فيجوز أن يحيل بالمؤجَّل على الحالّ ؛ لأنّ للمحيل أن يُعجّل ما عليه ، فإذا أحال به على الحالّ فقد عجّل.

وكذا يجوز أن يحيل بالحالّ على المؤجَّل.

ثمّ إن رضي المحال عليه بالدفع معجَّلاً ، جاز ، وإلاّ لم يجز ، ووجب على المحتال الصبر ، كما لو احتال مؤجّلاً.

وللشافعيّة قولان :

أصحّهما عندهم : أنّه يشترط التساوي في الحلول والتأجيل ؛ إلحاقاً للوصف بالقدر.

والثاني : أنّه يجوز أن يحيل بالمؤجَّل على الحالّ ؛ لأنّه تعجيل ، ولا يجوز العكس ؛ لأنّ حقّ المحتال حالٌّ ، وتأجيل الحالّ لا يلزم(١) .

ونحن نمنع عدم اللزوم مطلقاً ، بل إذا تبرّع به ، لم يلزم ، أمّا إذا شرطه في عقدٍ لازم ، فإنّه يلزم ، والحوالة عقد لازم ، والمحيل إنّما أحال بالمؤجَّل ، والمحال عليه إنّما قَبِل على ذلك ، فلم يكن للمحتال الطلبُ معجَّلاً.

فروع :

أ - لو كان الدَّيْنان مؤجَّلين ، فإن تساويا في الأجل ، صحّت الحوالة قطعاً.

وإن اختلفا ، صحّت عندنا أيضاً.

وللشافعيّة وجهان بناءً على الوجهين في الحالّ والمؤجَّل ، فإن منعناه هناك ، منعناه هنا. وإن جوّزناه هناك ، جاز هنا على حدّ ما جاز هناك على معنى أنّه يجوز أن يحال بالأبعد على الأقرب ؛ لأنّه تعجيل ، ولا يجوز‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦.

٤٥٩

العكس ؛ لأنّه تأجيل الحالّ(١) .

ب - لو كان أحدهما صحيحاً والآخَر مكسَّراً‌ ، قالت الشافعيّة : لم تجز الحوالة بينهما على الوجه الأوّل ، وعلى الثاني يحال بالمكسَّر على الصحيح ، ويكون المحيل متبرّعاً بصفة الصحّة ، ولا يحال بالصحيح على المكسَّر ، إلَّا إذا كان المحتال تاركاً لصفة الصحّة ، ويرضى بالمكسَّرة رشوةً ليحيله المحيل.

ج - يُخرّج على هذا الخلاف عندهم حوالة الأردأ على الأجود في كلّ جنسٍ ، وبالعكس‌(٢) .

والأقرب عندي : جواز ذلك كلّه.

د - لو أدّى المحال عليه الأجود إلى المحتال ، وجب القبول‌. وكذا الصحيح عوض المكسَّر.

أمّا تعجيل المؤجَّل فلا يُجبر عليه ، خلافاً للشافعيّة ، فإنّهم أوجبوه(٣) ، حيث يجبر المستحقّ على القبول(٤) .

وهذا يتفرّع على الصحيح في أنّ المديون إذا جاء بأجود ممّا عليه من ذلك النوع ، يُجبر المستحقّ على قبوله ، ولا يكون ذلك معاوضةً؟(٥) .

ه- لو كان الدَّيْنان حالَّيْن فشرط في الحوالة أنّ المحتال يقبض حقّه أو بعضه بعد شهرٍ ، صحّ عندنا‌ - خلافاً لأحمد(٦) - لعموم قولهعليه‌السلام :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣١ - ١٣٢.

(٣) في النسخ الخطّيّة : « جوّزوه » بدل « أوجبوه ».

(٤ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٣٢.

(٦) المغني ٥ : ٥٦ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٩.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640