من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267730 / تحميل: 8512
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

س: ما هي التغيّرات الإيجابية التي لمستها في حياتك منذ اعتناقك الإِسلام؟

ج: لقد وجدتُ السلام الداخلي.. لقد عشتُ السلام في قلبي وروحي وفي علاقاتي بالآخرين، حتى باتت حياتي مستقرة، وانعكس ذلك على حياة ابنتيّ أيضاً، واندفعت إلى الحياة بقوة وإرادة أكبر، فعدت لمتابعة دراستي في الجامعة.

س: يعني أنك تشعرين الآن براحة أكبر من ذي قبل؟

ج: طبعاً، والحمد لله، أشعر بلذة كبرى أثناء الصلاة وصوم شهر رمضان المبارك، وأعلم أن عليّ أن أتعلم الكثير الكثير عن الإِسلام، فكلما وقعت على معرفة معينة تبيّن لي أن الذي أعرفه لا يوازي ذرة في كتاب هذا الوجود، فعليّ البحث أكثر، علماً أن حياة الفرد قصيرة، قياساً بما يجب أن يتعلّمه الإنسان في هذه الحياة.

س: على ضوء تجربتك، هل تقترحين أساليب معينة لدعوة غير المسلمين للإِسلام؟

ج: أتمنى أن تطابق أقوالنا أفعالنا، فنمارس قولاً وعملاً ما تدعو إليه العقيدة الإِسلامية، وأن نستحضر الله تعالى في كل ما نقوم به، ونسير على هدي النبي محمد (ص) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) ، وأن نحدّث الناس عن الإِسلام باللين والكلمة الحسنى، وألا تزعزع الأزمات والمصاعب إيماننا بالله تعالى.

س: ما هو الدور الذي تقومين به أو تنوين القيام به لخدمة الدعوة الإِسلامية؟

ج: أبذل قصارى جهدي لأتمتع بصفات المرأة المسلمة المتديّنة، وهذا بحد ذاته دعوة إلى الله من خلال أفعالي وسلوكي، وأسأل الله أن أكون عند حسن ظنه تعالى.

س: ما مدى إمكانية الدعوة إلى الدين الحنيف في بلادك؟

ج: يحتاج الإِسلام في بلادي إلى القدوة الحسنة، فبقدر ما يلتزم المسلمون بتعاليم الإِسلام هنا، يسهل تغلغل الإِسلام إلى القلوب والعقول، فالإِسلام يحمل بداخله مقومات قادرة على إنقاذ الناس من التيه والضياع ولجوئهم إلى المخدرات، وبإمكان هذا الدين إنقاذنا من الغرائز المنحطة التي سجن الإنسان نفسه خلف قضبانها.

لقد وضع الإِسلام في أيدينا المفتاح إلى الجنة، وكل ما علينا هو إدارة هذا المفتاح للولوج إلى عالم الآخرة، ولا يكون ذلك إلا باتباع أوامر الله تعالى وسُنَّة نبيه (ص) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) برضىً وطمأنينة.

١٤١

س: كيف ترين أوضاع المسلمين الحالية؟

ج: في الواقع أجد الكثيرين منهم منغمسين في أمور دنياهم دون الالتفات إلى أمر الآخرة، وهؤلاء كسالى عن الدعوة إلى الله، وعن تطبيق الإِسلام في حياتهم الفردية والاجتماعية، همّهم الاستمتاع بهذه الدنيا الفانية التي تعمي بصائرهم عن سعادة الإيمان والتقوى والعمل بما أنزله الله تعالى.

س: كيف ترين أوضاع المرأة المسلمة؟

ج: أعلّم ابنتيّ أنهما غاليتان، وعليهما ألا تفرطا بنفسيهما بثمن بخس، فالفتاة أم المستقبل وعلى الجميع من حولها احترامها. وعلى جميع الرجال المسلمين حماية النساء، وعلى هؤلاء أيضاً حماية أنفسهن.

لقد وُهبنا والحمد لله هذا الإيمان، ولكن هذا الإيمان يجب أن يتسع ويقوى، ويتغلب على جميع الشرور التي تتجه إلى تشويه دور المرأة كواهبة للحياة، ومنارة للحب والراحة والسرور.

١٤٢

الأخت المسلمة السويدية

الدكتورة سمية «بارنيللا» تقول لـ «نور الإِسلام»

· العناية الإلهية شملتني بألطافها ووضعتني على طريق الهداية إلى دين الله تعالى.

· الإِسلام دين المنطق والعدل، يقبل النقاش العقلي الحر. ويضفي التوازن على كل جوانب الحياة الإنسانية.

· أدعو المرأة المسلمة وخاصة في البلاد الإِسلامية. لتعتبر أن حصنها هو حجابها، وأن التزامها بدينها هو طريق تقدّمها ومستقبلها. لا تقليد الحضارة الغربية الزائفة.

السويد كغيرها من الدول الغربية التي نجح الإِسلام، بما يمتلكه من قوة الإقناع، أن يستقطب إلى صفوفه أعداداً متزايدة من أبنائها الذين أتيح لهم أن يطلعوا على أفكاره ونظمه.. فلا أسوار التعصب والجهل التاريخية، ولا حواجز الحضارة المادية بكل بهارجها ومغرياتها، ولا الدعايات المضادة للإِسلام بكل لؤمها وخبثها.. ليس كل هذا بقادر على أن يمنع أنوار الهداية الإلهية، من أن تضيء العقول والنفوس التي تهفو إلى الحق وتبحث عن الحقيقة.

هذه الحقيقة تؤكدّها وتبيّنها بوضوح حكاية الأخت المسلمة السويدية الدكتورة سمية - بارنيللا سابقاً - مع الإِسلام الذي شدّها إليه وضوح عقيدته وعقلانيته وشمولية رسالته، فاستنقذها كما تقول مما كانت تعانيه من فراغ عقائدي وروحي، ومنحها الطمأنينة والدافع لكي تنخرط في نشاطات فكرية واجتماعية عديدة من أجل رعاية المسلمين في منطقتها، وحمل مهمة تبليغ الإِسلام في أنحاء دولة السويد كافة.

في منزلها الزوجي في بلدة «شاملينغ» التابعة لمدينة لوند السويدية، التقتها «نور الإِسلام» بحضور زوجها الأخ جميل الجزائري الجنسية، وأطفالها الأربعة، ومنهم ابنتها التي ذكرت لنا أنها الوحيدة المحجبة في صفها، وهي معتزة بذلك.. وبعد الترحيب كان السؤال الأول:

س: كيف تصفين لنا رحلتك نحو اعتناق الإِسلام؟

ج: في الحقيقة أنا أعتبر أن العناية الإلهية هي التي شملتني بألطافها ووضعتني على طريق الهداية لدين الله تعالى، الذي اختاره وارتضاه ليقود خطى البشرية نحو شاطىء الأمان، وهو الدين الصالح لكل زمان ومكان.

١٤٣

وكانت رحلتي نحو الإِسلام قد بدأت منذ أوائل الثمانينيات، وهي لم تكن سهلة أو سريعة، حيث أخذتُ متسعاً من الوقت للاطلاع والتأمل، قبل أن أتخذ القرار السعيد باعتناق الإِسلام والالتزام بتعاليمه والجهر بذلك، بعدما حصل لديّ الاقتناع واليقين بصحة هذه الخطوة المصيرية بالنسبة إليّ.. وإذا شئتم ذكر بعض التفاصيل حول الكيفية التي تعرّفت فيها إلى الإِسلام والتي قادتني إليه، فإن الفضل في ذلك بعد التوفيق الإلهي يعود إلى أختي مريم، التي نشأتُ معها في قريتنا «سفل - Siffle »، وكانت قد اختارت الدراسة الجامعية في إحدى الجامعات الصينية، وهناك رغبت في الاطلاع على البوذية بحكم الفراغ العقائدي الذي كانت تعيشه، ولكن بحمد الله، فإن الطريق بدلاً من أن يقودها إلى البوذية أوصلها إلى الإِسلام، حيث تعرّفت هناك إلى مجموعة من الطلاب المسلمين الذين كانوا يدرسون في الجامعة نفسها، وبواسطتهم اطلعت على الإِسلام فاقتنعت به وأعلنت إسلامها، وتزوّجت من أحد الطلبة المصريين. وعندما عادت إلى السويد جرى بيني وبينها نقاشات مطوّلة حول الإِسلام، جعلت صدري ينشرح لهذا الدين، وأعادتني إلى التفكير بالحياة الدينية والروحية بعد أن كنت غير مبالية، وهذا ما دفعني إلى مزيد من الاطلاع على الإِسلام، فكان لي لقاءات مع بعض الطلبة المسلمين المثقفين الذين أجلوا لي بعض الغوامض وزودوني بالعديد من الكتب التي استفدت منها كثيراً، حيث بدأتُ أحصل على أجوبة مقنعة على الأسئلة التي كان تحيّرني وتبعث في نفسي الشك، وهكذا وجدت الإِسلام دين العقل والمنطق والعدل، ووجدته يؤمّن التوازن بين العقل والعاطفة، وفي كل جوانب الحياة الإنسانية، ويضع للإنسان منهجاً يؤمّن له السعادة في الحياتين.. الدنيا والآخرة، كما يطرح حلولاً متميزة لكل المشاكل التي تعترض حياة الإنسان، وهذا ما دفعني للتحول نحوه.

س: كيف كان صدى التزامك بالإِسلام بين أهلك وفي محيطك؟

ج: قبل ارتدائي الحجاب والالتزام باللباس الشرعي، اقتصر رد فعل أهلي وأصدقائي على بعض التعجّب والتساؤل عمّا إذا كنت سأثبت على قناعاتي الجديدة، وعمّا إذا كنت سأتعدّى مجرد القناعة إلى الالتزام الظاهري، ولكن بعد زواجي ذهبتُ مع زوجي جميل إلى الجزائر، وهناك التزمتُ بالحجاب واللباس الشرعي، وبعد عودتي إلى السويد واجهتُ الكثير من الاستغراب والأسئلة المعترضة على وضعي الجديد سواءً من الأهل أو الأصدقاء حيث لم يكن أحد يتصوّر أنني سألتزم إلى هذا الحد، وقد عرفوني سابقاً غير مبالية بالدين، ولم يدر في خلدهم أن الإِسلام أمر مختلف وأنه ليس مجرد ديانة تعنى بباطن الفرد فقط، بل هو أسلوب للحياة والتعامل.

١٤٤

وبارتدائي الحجاب في ذلك الوقت، أصبحت في نظرهم أنتمي إلى الأقليات المسلمة التي يتجنبها الإنسان السويدي، الذي هو بطبيعته يعيش العزلة والخوف من الجديد والمختلف، غير أن هذا لم يمنعني من أن أشق طريقي بكل ثقة وصبر، وأن أفرض احترامي واحترام ما التزمت به على الكثيرين ممن تبرموا في البداية.

س: كيف ترين أهمية الحجاب بالنسبة إلى المرأة المسلمة وخصوصاً في الغرب؟

ج: الحجاب بنظري هو حصن تعيش المرأة في داخله بكل طمأنينة، واثقة بالنفس، وهو يفسح المجال أمام المرأة للتفكير بما هو أهم من الملابس والزينة، ويعطيها الفرصة لتصبّ جهودها أكثر على ما يدفعها ويدفع محيطها للتقدّم، لأنها تحرّر نفسها من الاستغلال الرخيص لأنوثتها فتتحرّر من سطوة جشع تجار الأزياء وتفاهاتهم، ومن عبث وفساد وسائل الإعلام والإعلان التي تسيّر النساء الفارغات في عالمنا المعاصر.

س: هل يمكن أن تعطينا صورة عن المستوى العلمي الذي توصّلت إليه وعن مجال عملك؟

ج: لقد تابعتُ دراستي بعد إسلامي حتى نلتُ شهادة الدكتوراه من جامعة لوند، وذلك في قسم البيئة البشرية، وكان موضوع أطروحتي هو «المسلمون في الشرق الأوسط»، الذي هو محل اهتمامي الشخصي، وهذا ما اقتضي مني زيارة عدة دول إسلامية في الشرق الأوسط لاستكمال المعلومات حول هذا الموضوع، وأنا الآن أعمل باحثة في جامعة لوند نفسها.

س: علمنا أن لديك نشاطات إسلامية متعددة، فما هي؟

ج: لقد انتخبتُ عضواً في الأكاديمية الإِسلامية، وهي جمعية تضم الجامعيين المسلمين في جميع أنحاء السويد، وتهتم بالتعريف بالإِسلام، وإجلاء صورته في المجتمع السويدي، والدعوة إليه عن طريق المحاضرات والندوات والكتب والمنشورات، وأنا أساهم قدر طاقتي في نشاطات هذه الجمعية.

١٤٥

أمّا نشاطي الإِسلامي الأساسي فيتم من خلال النادي النسائي في مدينة لوند وجمعية الإرشاد الإِسلامية الخاصة بالنساء المسلمات السويديات والمهاجرات، وتهتم الجمعية بالتوعية الثقافية الإِسلامية عن طريق تدريس التربية الدينية والعلوم الإِسلامية واللغة العربية. وتقيم الجمعية الندوات واللقاءات العامة، كما تنظم زيارات للمدارس والجامعات بهدف التبليغ الإِسلامي. إلى جانب ذلك، لدينا اهتمام خاص بالأطفال لتنشئتهم نشأة إسلامية سليمة، وإبعادهم عن المحيط المنحرف.

س: ما رأيك بمستقبل النشء المسلم الجديد في السويد والمجتمعات الغربية؟

ج: برأيي أن الأطفال المسلمين سيواجهون صعوبة أقل لدى انخراطهم بالمجتمعات الغربية، لأنه من الأسهل عليهم فهم تركيبة المجتمع الذي نشأوا فيه والتكيّف معه بمرونة أكثر من كبار السن المهاجرين، سواء في السويد أم في غيرها.

س: ما هي المشكلات التي يعاني منها المسلمون في السويد؟

ج: يعاني المسلمون في السويد من مشاكل عدة، تنعكس سلباً على تحسين أوضاعهم، منها:

- انخفاض المستوى التعليمي، حيث أن الأكثرية منهم جاءوا إلى السويد للاستفادة من الرفاهية المادية الموجودة هنا، وهذا ما يعيقهم عن الحصول على وظائف عالية.

- المشاكل القائمة بين المجموعات المسلمة ذاتها، حيث يختلف بعضهم على المرجعية التي تبتّ في القضايا المهمة التي تهم جميع المسلمين.

س: كيف ينظر السويديون والغربيون عامة إلى المسلمين الموجودين بينهم؟

ج: يصنّف المسلمون في الغرب عادة إلى قسمين: قسم يسمّونهم متطرفين، وهم الذين يتمسّكون بدينهم ويطبقون شعائره ولا يجاملون في ذلك. وقسم آخر يسمّونهم معتدلين، وهم عادة الذين لا يبالون بأمور الدين ويهملون واجباتهم الشرعية، لأنهم متأثرين بالحياة الغربية المادية. ولكن على العموم فإن نظرة الغربيين إلى الإِسلام والمسلمين هي عموماً سلبية، وهي ناشئة عن رؤيتهم الحضارية والدينية المختلفة والاحتكاكات التاريخية، كما أن الإعلام المعادي الموجّه يغذي هذه النظرة السلبية، ويعمل على تضخيم وهم الخطر الإِسلامي على الغرب. كما لا ننسى هنا أخطاء المهاجرين المسلمين وأفعال الكثيرين منهم التي تعطي صورة سيئة عنهم، وعمّا يمثلون.

١٤٦

ولا يعني هذا أن ليس هناك تفهّم للإِسلام وتعاطف مع المسلمين وقضاياهم لدى جهات وأشخاص كثيرين في الغرب، وهنا تأتي مسؤولية المسلمين لكي يبذلوا الجهود المضاعفة كي تتسع هذه النظرة الإيجابية للإِسلام في الغرب.

س: هل من كلمة أخيرة؟

ج: أريد أن أوجّه عبر مجلتكم الموقرة نداءً مختصراً إلى المرأة المسلمة عموماً وإلى النساء في البلاد الإِسلامية بشكل مباشر لأدعوهن إلى مزيد من الوعي والتعقل والتمسك بالإِسلام، هذه الرسالة العظيمة، كي يساهمن بشكل أفضل في تماسك وتطوير وسلامة مجتمعاتهن لإبعادها عن الموبقات والمفاسد التي تعصف بالمجتمعات الغربية، والتي تحطّ من قدر الإنسان، وألا ينخدعن بمظاهر الحياة الغربية ومغرياتها وحرياتها الزائفة، التي تزيّنها لهن وسائل الإعلام المفسدة، فهذه لا تؤدي إلّا إلى سقوطهن وتدمير كل مقومات القوة التي يوفرها لهن الإِسلام في أنفسهن ومجتمعاتهن، وأني آمل من كل اللواتي انبهرن بهذه القشور وتخلين عن مزايا شخصيتهن الإِسلامية الكريمة أن يراجعن أنفسهن ويواجهن الحقيقة بإرادة وصدق.

١٤٧

الأخ المسلم البريطاني جان هانز (محمد علي)

يقول:

· السلوك النظيف والقويم لبعض العمّال المسلمين الملتزمين جعلني أُكبِر الإِسلام وأرغب في اعتناقه.

· في الغرب نحلم بالسعادة ولا نجدها، بل نعيش الحسرة والأسف عند انقضاء كل متعة ننالها.

· تفرّغت لطلب العلوم الدينية الإِسلامية من أجل خلاص نفسي وهداية أهلي ومجتمعي.

· النبي الأعظم (ص) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) هم معلمو البشر وقادتهم، ويجب أن نتخذهم قدوة لنا.

في الوقت الذي تنتشر فيه الفلسفات المادية والتيارات الإلحادية وهي تغزو وسائل الإعلام في كل قطر وبلد، مدعومة بأحدث وسائل الاتصال والنشر. تجد ثلّة من الناس طريقها الواضح المستقيم، وسط الغبار والزحام المتراكم من الأيديولوجيات والأفكار، مهتدية بنور الإِسلام الذي يجذب إلى ساحته كثيراً ممن أنعم الله عليهم بنعمة الدين الحنيف، ومن قلب الغرب الذي أدار ظهره للدين منذ أن أعرض عن النهج الإلهي، في مطلع النهضة العلمية التي حققت له رفاهية مادية ولكنها فشلت في أن توصله إلى رحاب الطمأنينة وواحة السعادة في هذه الدنيا فضلاً عن الآخرة. من بين هؤلاء النخبة المهتدية، نبدأ حديثنا عن إسلام الشاب البريطاني جان هانز «محمد علي» بهذه اللمحة الدالة التي توجز حوار مجلة «نور الإِسلام» مع هذا الشاب المهتدي.

التقيناه في رحاب المقام الشريف للسيدة زينب (عليها السلام) في ضاحية دمشق الشام، هناك ذات مساء، بعد أداء شعائر الزيارة المباركة، وبعد الفراغ من الصلاة، من بين تلك الوجوه الطيبة التي أمّت المقام الشريف، طالعنا بوجهه المشرق وثغره المبتسم، والطريف في هذا الأمر، أن هذا الشاب كان يرتدي الزي الخاص بطلاب العلم الديني، وكان مظهره يحمل أكثر من دلالة.. بعد أن رحبنا به دار بيننا الحوار التالي:

١٤٨

س: هل لك أن تعطينا لمحة عن نشأتك؟

ج: نعم بكل ترحيب، وُلدت في بريطانيا، وعشتُ طفولتي كأي فرد مسيحي، يذهب مع عائلته إلى الكنيسة أيام الآحاد والأعياد، ولم أكن أشعر بأن شيئاً يمكن أن يطرأ على حياتي فيبدلها، ولكني كنت أشعر كأكثر الناس بأن الحياة تمضي بنا حثيثية دون أن تحمل إلينا معنى أو هدفاً نبيلاً، فالناس تعيش دون مُثُل أو قيم، مكتفية بالاستغراق في الحياة المادية العابثة التي تجعل منّا أناساً أشبه بالأنعام التي تعيش ليومها ولا تفكر بغد.

كانت حياتنا رتيبة، نحلم بالسعادة ولا نجدها، فتشنا عنها كثيراً فلم نجدها في حدود متع الدنيا ولذاتها، بل كنا نصاب بالحسرة والأسف عند انقضاء كل متعة ننال منها نصيباً، لهذا كنا نعيش حياة ينتهي وجودنا بانتهائها؛ ولهذا كان الكثير من الشباب يفكرون بالتخلص من هذه الحياة الفارغة، إما بالهروب إلى المخدرات، هروباً آنياً وإمّا بالانتحار. وقد حصل أن أقدم شبان كثر على قتل أنفسهم عندما قرأوا كتاب «آلام فرتر» للكاتب الألماني «غوته» في الحقبة الماضية. في تلك الفترة لم أكن أختلف بشيءٍ عن أقراني، لقد درستُ وتعلمتُ في إنكلترا وتخرجت من الجامعة مهندساً، ثم سافرت للعمل في الخارج.

س: هل لك أن تحدثنا عن تجربتك الجديدة في ظل الإِسلام؟

ج: كانت بداية التحوّل في حياتي الشخصية حينما سافرت إلى الباكستان للعمل هناك، وبعد انقضاء فترة على وجودي في تلك البلاد، كنت خلالها أراقب العمّال البسطاء الذين كانوا يشتغلون تحت إشرافي. وقد لفت نظري إخلاصهم في العمل فضلاً عن صدقهم في المعاملة، وتفانيهم في أداء ما يُطلب منهم بكل أدب واحترام، ولاحظتُ أن السبب في ذلك يعود إلى روح النظام وجو الطهارة الذي اكتسبوه من عادة حسنة، فقد كانوا يقفون بانتظام صفاً للصلاة بضع مرات في اليوم، بعد أن يقوموا بتنظيف أجسامهم في أحواض الماء، ويغسلون بعض أعضائهم أو يمسحونها، وهي دلالة ظاهرة على طهارة الأبدان، ودلالة باطنة على نظافة الروح وتطهير النفس، وقد تعلمت منهم قول الرسول (ص) :

١٤٩

«أفضل الطيب الماء» .. أما عندنا فما نفع العطور التي يضعها الإنسان على جسم تتنازعه الأقذار والنجاسات، من الخمرة إلى الميتة ولحم الخنزير وما أشبه ذلك. ثم تعلمتُ من هؤلاء العمّال، كيف أملأ وقتي بما يفيد، وكيف أنظِّم ساعات يومي، بعد أن أقف مثلهم لحظات بخشوع وأتلفظ بالكلمات ذاتها، التي تشيع الأمن والطمأنينة في نفسي.

وعرفتُ من هنا أن الفرد المسلم يمثّل الطهارة المادية المتجسّدة في نظافة جسمه من الأدران ونظافة روحه من الآثام.

س: هل من سبب آخر دفعك إلى اعتناق الإِسلام؟

ج: لقد كان في حياتنا نحن الغربيين، كما أشرتُ إليك، فراغ هائل، نابع من انتفاء القِيم في واقع الإنسان الغربي، وهذا ما يبعث على القلق المؤدي إلى عذاب الروح، فعندنا كلمة شائعة يتداولها الناس تدلّ على اللامبالاة وعدم الاكتراث مثل «لا يهمني» أو أن يقول قائلنا لكل أمر جديد أو مدهش «حسناً».

والجدة عندنا معيار وقيمة توزن بها الأشياء، فكل شيء إذا مضى عليه وقت يفقد قيمته ويتطلع الإنسان إلى الجديد الذي يبهر ثم سرعان ما يفقد هذا الجديد سحره وتأثيره، وهكذا يظل الإنسان يلهث وراء كل جديد، حتى يتبلد إحساسه فلا يشعر بقيمة الأشياء، فتفقد الأشياء معناها وجوهرها، فيصبح الإنسان عديم الإحساس، من هنا يفكر في الخلاص بأي طريق كان.

بينما يعطي الإِسلام منهجاً وسطاً في المنع والعطاء، في التمنع والحرمان، هذا المنهج الوسط يبقي للأشياء معناها، لأن الحرية المطلقة التي تبلغ الإباحية والإسراف، تستهلك جوهر الأشياء وتبطل معناها، وهنا تكمن الكارثة في الحياة الغربية القائمة على البراغماتية والمتعة الآنيّة.

لقد وهبني الإِسلام منهجاً في الحياة قرّت به عيني واطمأنت إليه نفسي، بعد سنوات من الضياع والقلق الذي يغرق فيه مجتمعنا المتردي في دوامة الانحلال على الصعيدين المادي والروحي.

ولم أصدق أن هناك عقيدة تحمل إلى الإنسان السكينة والاستقرار إلّا بعد أن رأت عيناي وسمعت أذناي ولمستُ الحقيقة التي لا ريب فيها أن الإِسلام بصفاته وسماحته هو المنتجع الآمن والواحة التي تستظل بها النفوس التواقة إلى رحاب السعادة. كان ذلك التحوّل الكبير في حياتي حين تعرفت إلى خاتم الديانات وجوهر الرسالات، الإِسلام الحنيف، وكان ذلك بفضل العناية الإلهية.

١٥٠

س: ما هي الأسباب التي دفعتك لتكون طالباً في مدرسة العلوم الدينية؟

ج: عندما اهتديتُ إلى الإِسلام، فكرت بأهلي ومجتمعي، وعرفت أني سأواجه اعتراضاتهم، لذلك شئت أن أتسلح بالحجة والبرهان، وسبيلها العلم والمعرفة، لذا عقدتُ العزم على تلقي العلوم والمعارف الإِسلامية.

س: ألا يسبب لك حرجاً ارتداؤك الزي الخاص برجال الدين؟

ج: في الأساس لم أفكر في خلاص نفسي فحسب، بل فكرت في خلاص الآخرين من أهل وطني، لهذا وطّنت النفس على تجاوز الصعاب، إنني فخور بارتداء العمامة والزي الديني، وهذا يمنحني الحرية في الحركة، بهذه الثياب الفضفاضة، كي يحررني من الزي الغربي الملاصق للجسد، فذاك يضغط عليّ ويرهقني، وهذا يتيح لي التحرك بسهولة، وهو رمز للتجرد عن زيف الحضارة في الزينة والتجمل.

ثم إن المجتمع الغربي يدّعي الحرية والديمقراطية، فأنا من هذا المنطلق يحق لي أن أرتدي ما أشاء.

س: ماذا تنوي أن تفعل عندما تعود إلى وطنك؟

ج: انطلاقاً من قول الإمام علي (ع) : «أحب لغيرك ما تحب لنفسك»، لهذا فإنني أبغي الخير لإخواني في الإنسانية من أبناء وطني كما قال الإمام (ع) : «واعلم أن الناس إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق». فسوف أقوم بواجبي في التبليغ الإِسلامي، وإنني آمل منهم أن يستجيبوا.

س: ما هو مدى اطلاعك على الثقافة الإِسلامية؟

ج: إني سعيت للاطلاع على المعارف والعلوم الإِسلامية بشغف ومحبة، وإنني ملم بحياة النبي (ص) والأئمة (عليهم السلام) ، ومطّلع على الكثير مما قالوه وفعلوه، وإنني أؤمن بعصمتهم وأنهم معلمو البشر وقادتهم، وأتخذهم قدوة وأجعل من أقوالهم شعاراً ومن أفعالهم أمثولة في الحياة.

١٥١

س: هل من كلمة أخيرة تتوجه بها إلى القرّاء؟

ج: إنني أؤكد إنني وجدتُ للحياة قيمة بعد اعتناقي الإِسلام، فنحن لم نخلق عبثاً، بل لغاية سامية، والجدة التي هي معيار كاذب وزائف لم تعد تعني لي شيئاً.

وإنني أردد ما قاله المرجع الكبير الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء «بلّغوا الإِسلام إلى الغرب، فإذا نجحتم في رسالتكم هناك، حققتم أهدافكم في التبليغ هنا»، لأن الشرق مولع بتقليد الغرب، وهو مرض العصر، ولقد كان الغرب الإسباني في عصر الإِسلام، يتوجه بأنظاره قِبَل المشرق، وإنني أدعو جميع الناس إلى قراءة الإِسلام ومعرفته عن كثب ليتسنى لهم الاهتداء ثم هداية الآخرين، لأن الناس أعداء ما جهلوا، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

١٥٢

الأخت الروسية المهتدية، يلينا كوشيليوفا

تقول «لنور الإِسلام»:

- على الرغم من الدعاية الإلحادية التي كان يفرضها النظام التعليمي الشيوعي السابق، كان ينتابني إحساس بوجود إله واحد.

- من خلال كتاب «حياة محمد» لأحد الكتّاب الروس، أعجبت بشخصية الرسول (ص) ثم صرت أبحث عن الكتب الإِسلامية.

- الأسف يعتصر قلبي، كيف لم تهتدِ النسوة السافرات إلى نعمة الحجاب، وما يمثّله من قيم النقاء والطهر.

- إنني أنصح أختي المسلمة أن لا تسير بخطى عشواء على طريق المدنية القادمة من الغرب.

يلينا يورينيفا كوشيليوفا

لم تكن تدري يلينا وهي الفتاة الروسية التي تعيش في مجتمع شيوعي يؤمن بالقيم الماركسية، أنها على موعد مثير، مع صدفة رائعة حملها إليها عيد الأضحى، حينما التقت بمن هيَّأته العناية الإلهية لينقلها من الظلمات إلى النور، ومن الشرك إلى الدين الحنيف، لقد وُلدت من جديد، كما تقول يلينا، وكنت أشعر بإرهاصات تنبئ عن استعداد وتوجه في عمق وجداني. كالظافر بالماء وسط الصحراء، لأجد الحوض الطاهر النقي، الذي ألقيت بنفسي في لجته، لأتطهر من أدران هذا العالم الذي أضاع قيم الروح والإنسانية.

تجربتي مع الإِسلام مثيرة وغنية بالعبر إذا ولجتم إلى أعماقي ستجدون أنني جد سعيدة بهذه المصادفة الرائعة. وكأن القطار الذي كان ينقلني من إحدى المدارس في ضواحي «لاتيا» كان يحملني إلى شاطئ السعادة والأمان وواحة الهداية واليقين.

في مسكنها الزوجي في بيروت وبين عائلتها السعيدة التقت نور الإِسلام السيدة يلينا وكان لنا معها هذه المقابلة:

١٥٣

س: هل لك أن تعطينا لمحة موجزة عن نشأتك وتربيتك الأولى:

ج: وُلدت سنة 1973 في طاجكستان التي كانت واحدة من جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقاً، من أصل روسي، وكان والدي ضابطاً برتبة كولونيل، إلى جانب كونه محامياً، وكانت أمي طبيبة، وقد تعرضت عائلتي للتنقل إلى أكثر من بلد، إذ هاجر أهلي إلى سيبيريا، إلا أنني بقيتُ أعيش مع جدتي في طاجكستان حيث دخلت إلى المدرسة، وعندما سافر أهلي إلى جمهورية لاتيا اصطحبوني معهم إلى مدينة ريفا ثم استقرت بنا السكنى أخيراً في أوكرانيا.

لقد فرضت علينا ظروف عمل والديَّ أن نتنقل بين بلدان الاتحاد السوفياتي سابقاً، مما أتاح لي فرص التعرف إلى هذه البلدان المختلفة، والخروج إلى العالم الأوسع؛ ما أكسبني مرونة في التصرف، ومزيداً من الوعي، وهذا ما أدى إلى أن لا تترسخ في نفسي عادات بلد معين، بل كنت أبحث دائماً عن الأفضل في العادات والسلوك. لقد ترعرعت وسط عائلة مثقفة. فالبيئة التي عرفتها في لاتيا تشبه البيئة الأوروبية من حيث توفر الحرية والمناخ الثقافي والفكري، قياساً على بقية البلدان الروسية.

كانت طفولتي موزعة بين البيت والمدرسة، فلم أكن أهتم بما يوليه أترابي من اهتمام.

ولست أعلم بالتأكيد لماذا كان ينتابني إحساس بوجود إله واحد مع أن التعاليم الإلحادية التي يفرضها النظام التعليمي، كانت لا تعترف بذلك، وربما كان لجدتي أثر في هذا الاستعداد لديَّ.

وكان والدي يشتري لي كتباً علمية حول نشوء العالم، حسب ما يقرره الإنجيل، وكنت أميل كثيراً إلى التأمل. وعندما بلغت السادسة أو السابعة عشرة جربتُ أن أصوم على الطريقة الأرثوذكسية، حيث كنت أمتنع عن تناول اللحوم والمشتقات الحيوانية لمدة أربعين يوماً.

١٥٤

س: هل لك أن توضحي لنا الأسباب التي حملتك على اعتناق الإِسلام:

ج: أجل. حينما كنت في الرابعة عشرة من عمري، كنت أتعلم في مدرسة تضم أولاداً من الطاجيك الذين يعتنقون الإِسلام، ولاحظتُ كيف أن العائلة المسلمة تضم عدداً كبيراً من الأولاد، وفي أثناء ذلك كان يسترعي انتباهي منظر الأولاد المؤثر، وهم يصومون طوال النهار عن الطعام والشراب، وكان بعضهم يصاب بالإعياء آخر النهار، حيث كان شهر حزيران القائظ بنهاره الطويل. وكان ذلك يحملني على التساؤل، لماذا يتحمل هؤلاء هذا العناء كله ومن أجل أي شيء يضحون بالتمتع بما يشتهون من الطعام. كان ذلك بداية التجربة مع الإِسلام بالنسبة إليّ.

وعندما بلغتُ الثامنة عشرة، كنت أدرس الكيمياء في إحدى الكليات، التي تبعد عن منزلنا ثلاثة أرباع الساعة تقريباً، وكان عليّ أن أتنقل بالقطار، وهنا حدثت الصدفة الرائعة، حيث تعرّفت إلى زوجي المهندس اللبناني فهد سويدان، وتجدَّد اللقاء وعرّفني أنه مسلم ملتزم وكان آنذاك لا يحسن اللغة تماماً.

وشاءت الصدف أن ننتقل جميعاً إلى كييف في أوكرانيا للدراسة، فتوثقت علاقتنا، من ذلك الحين بدأ اهتمامي بالإِسلام يتزايد وأخذتُ أتردد على المكتبة، وكان أن اطلّعتُ على كتاب «حياة محمد» وهو لأحد الكتّاب الروس المستشرقين فأعجبتُ بشخصية الرسول (ص) ، ثم صرتُ أبحث عن الكتب الإِسلامية لأطالعها، وتلقيتُ كثيراً من العون. وفي الوسط الطلابي في كييف لمست أن هناك إسلاماً حقيقياً حيث الصفاء الروحي والصدق الذي يتحلى به الطلاب المسلمون القادمون من بلدان المختلفة.

س: ما هو موقف أُسرتك وأصحابك من هذا التحول:

ج: بالنسبة إلى والدتي لم يشكل هذا التحول حرجاً، وأما والدي فقال لي: إنك ستبقين مسيحية، ولو حاولت أن تكوني غير ذلك، أما أنا فقد أصبحتُ مسلمة، في الواقع، ولكنني لن أتنكر للقيم الصحيحة في المسيحية.

والذي سهَّل عليّ هذا التحول هو ما كانت تشهده بلادنا من تحول كبير في بنية النظام في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. فكل شيء كان من حولنا يتغير ويتبدل.

١٥٥

س: ما هي التغيرات الإيجابية التي تمَّت بعد اعتناقك الإِسلام؟

ج: شعرتُ بأنني بلغتُ هدفي، وأنني أدركتُ ما كنت أصبو إليه، من يقين وطمأنينة! فقد كنت متعطشة للوصول إلى الحقيقة، التي كانت ترد بشكل تساؤلات حول العقيدة والسلوك في الحياة، تبحث عن جواب شافٍ.

وما يجدر ذكره أنني لم أجرِّب المحرمات قبل زواجي واعتناقي الإِسلام. إذ كان كلٌّ من روحي وجسدي طاهرين، وبقيا طاهرين، وبكلمة أقول: «كأنني وقعْت في حوض الماء الذي كنت أتوق للسباحة فيه»، كرمز للطهارة التي يمنحها الإِسلام لأتباعه. ولقد استفدتُ في لبنان كثيراً من إحدى المدرِّسات، وأنا مدينة لها بتعلم بعض العربية وقراءة القرآن الكريم وتفسير بعض الأدعية.

س: كيف تنظرين إلى ظاهرة السفور المنتشرة في المجتمع الإِسلامي؛ كونك فتاة روسية قادمة من خارج البلاد الإِسلامية؟

ج: إن هؤلاء النسوة يعانين من ضياع، وإنني لأشعر بالأسف يعتصر قلبي كيف لم يهتدين إلى نعمة الحجاب وما يمثِّله من قيم النقاء والطهر. ولكن المرأة المسلمة، وهي ترتدي الحجاب لا بدّ لها من أن تراعي مستلزمات هذا الحجاب، في حديثها وتصرفاتها ومعاملاتها.

وإني أنظر إلى ظاهرة السفور في مجتمعاتنا الحديثة، كظاهرة غير طبيعية، طرأت على المجتمع الإِسلامي والمسيحيي في الشرق والغرب، وكان من أهم الدواعي إليها، نزول المرأة إلى ميدان العمل وما أحدثته الثورة الصناعية من تبدل في القيم الاجتماعية والخلقية.

إذ العودة إلى الحجاب، هي بنظري رجوع إلى الفطرة والأصل.

س: ما هي رؤيتك لواقع المرأة المسلمة اليوم؟

ج: على المرأة المسلمة المحجبة أن تثبت للآخرين أنها ليست متقوقعة في حياتها ومنعزلة عن المجتمع، بل إنها تختزن طاقة يمكن أن تستثمرها في هداية الفتيات الأخريات، مع المحافظة على واجباتها البيتية التي هي أهم من أي نشاط اجتماعي خارج المنزل، وطبعاً مع المحافظة على طبيعتها الأنثوية.

١٥٦

س: ماذا تقترحين لهداية الجيل المعاصر:

ج: في نظري إن الجيل من الأحداث والشباب منجذب بشكلٍ ملفتٍ للنظر، إلى مشاهدة وسائل الإعلام المضرة وخاصة التلفاز، وهذا ما يشكل ظاهرة ذات آثار سلبية كبيرة بالنسبة إلى الأطفال بشكل خاص، فعلى الآباء أن ينتبهوا لتربية أولادهم، فلا يتركوهم فريسة للمسلسلات العبثية الفارغة.

س: هل من كلمة أخيرة توجهينها إلى القرّاء؟

ج: إني أنصح أختي المسلمة أن لا تسير بخطى عشواء على خطى المدنية القادمة من الشرق والغرب، بل تعود إلى أصالتها وأن لا تستورد إلا ما هو الأحسن والأفضل،، ولتستفد من تجربة الغرب الذي نظر في حضارتنا فأخذ بأحسنها، بينما نرى العكس في بلاد المسلمين، حيث ينبهرون بالأمور الخدّاعة والبرَّاقة التي تعبر عن أسوأ ما عند مجتمعات الغرب من خلاعة وسفور وابتعاد عن الدين والفضيلة.

١٥٧

الأخت المهتدية كارمن سركسيان «هدى»

هكذا تعرفت إلى الإِسلام وهكذا اهتديت

تلك الفتاة الأرمنية التي اهتدت إلى نور الإِسلام واعتنقت الدين الضيف بعد رحلة مثيرة، وتجربة غنية في البحث والاستكشاف، هذه الهداية التي كان مفتاحها التعرف على شريك لها في الحياة، ولكن الرحلة الإيمانية لم تقف عند حد، بل إن الفتاة المهتدية سارت يحفِّزها حب المعرفة، إلى أن تنهل من معين الثقافة الإِسلامية لتغترف من المكتبات ما جعلها جديرة بأن تكتب تجربتها في كتاب يمتع القارئ ويفيد في آنٍ معاً، بعنوان «قصة إسلامي» وإليك أيها القارئ مقتطفات مما أوردته في هذا الكتاب.

عن ولادتها ونشأتها تقول:

وُلدت في الكويت عام 1965، نشأتُ وترعرعتُ وقضيتُ أجمل أيام عمري في رحابها، ولا أزال أحلم بالعودة لأعيش على أرضها الطيبة مرة أخرى، حيث ولادتي ونشأتي ودراستي وعملي وزواجي وإنجابي طفلي علي، والأهم من ذلك كله، أن الله هداني للإِسلام على أرضها، فكيف أنساها، إنها نبضة في القلب، وبدون نبضات القلب لا يحيا الإنسان.

كيف تعرفت إلى الإِسلام؟

في صيف «سبتمبر/أيلول» 1985، كنت أعمل كموظفة في شركة كويتية للمشاريع الهندسية، وكنت أنظم الملفات وأقوم بأعمال أمانة السر لذلك الإنسان الذي أصبح زوجي فيما بعد. ومع أنني وافقت على الزواج منه، إلّا أن تلك الموافقة كانت مصحوبة بشيء من الخوف لأنني مسيحية وأرمنية وهو مسلم.

ولا بدّ أن أوضح معنى كلمة أرمنية، إن الكثير من الناس حين يسمع كلمة أرمني أو أرمنية، تتبادر إلى أذهانهم كلمة مرادفة هي مسيحي، وفي الحقيقة هذا خطأ، فكلمة أرمني تعني أن جذور الشخص تعود إلى أرمينيا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقاً، وهي الآن جمهورية مستقلة، ثم إن أرمينيا فيها عدد كبير من المسلمين الأرمن، لذا إن كلمة أرمني هي مثل سوري ولبناني ومصري.

١٥٨

أما سبب مخاوفي فهو أني أعرف بعض المسيحيات اللواتي اقترنَّ بمسلمين، وكان الفشل حليف هذا الزواج فطُلِّقن فيما بعد، أما أنا فكنت واثقة من نجاح زواجنا، فقد تيقنت من صدق زوجي، كما أنه استطاع أن يجذبني إلى اعتناق الإِسلام، إذ كان يمثل لي القدوة الصالحة والأسوة الحسنة في سلوكه وتصرفه معي. وبعد أن أصبحت مسلمة، اخترت لنفسي اسم هدى بدلاً من اسمي السابق «كارمن».

كيف كان تأثير إسلامها وزواجها من مسلم على أقربائها؟

كان زواجنا في البداية غير مُعْلَن، تحاشياً لردود الفعل من قِبَل الأهل والأصحاب، ولكن فوجئت بأن أختي تتصل بي عبر الهاتف وتخبرني بمعرفتها بهذا الزواج وكان ذلك مفاجأة لي، وتذكرت الآية الكريمة﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا یَحِلُّ لَکُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ کَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَیْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ یَأْتِینَ بِفَاحِشَةٍ مُبَیِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ کَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَکْرَهُوا شَیْئًا وَیَجْعَلَ اللَّهُ فِیهِ خَیْرًا کَثِیرًا ﴿19﴾ ﴾ [النساء: 19]، فأخبرتها الحقيقة، وكان أهلي يسكنون في المدينة نفسها، فطلبوا من زوجي الحضور لمناقشة الموضوع.

وتمَّ الاتفاق أن أغادر منزل أهلي لأعيش مع زوجي بعد أن يئس الأهل من التأثير عليّ، وكانت دموع والدتي تنطق بأبلغ الكلام. قاطعني أهلي مدة أسبوعين فقط، بعدها قاموا بزيارتي دون أن يسمحوا لي بأن أزورهم.

ولم تعلم والدة زوجي بأمر زواجنا إلّا حين أُدخل زوجي إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية، وكان قد أخبر أهله حفاظاً عليّ وعلى حصتي في الميراث، إذا حصل القضاء. وقد اصطحبتني والدة زوجي إلى منزلهم للمرة الأولى، فإذا بي أرى مكتبة كبيرة تضم كتباً في مختلف العلوم والآداب والتاريخ الإِسلامي، ومع أننا تأخرنا في السهر ليلاً فقد استيقظ الجميع في ساعة مبكرة من الصباح لأداء صلاة الصبح.

١٥٩

ولكن كيف اعتنقت الإِسلام؟

كانت لقاءاتي بأهله تثير عندي تساؤلات عن الصلاة، وعن الحجاب، وعن الفصل بين مجلس الرجال ومجلس النساء، وهنا بدأت رحلة المعرفة، والاستكشاف حين بدأت بالانصراف إلى مطالعة الكتب، وكانت والدته تدفعني إلى ذلك. قبل ذلك كنت أعيش في صراع، والآن بدأت رحلتي السعيدة مع الدين الحنيف. لم يكن زوجي يحدِّثني كثيراً عن الإِسلام، لأنه لا يريد أن يرغمني على اعتناقه، كما هو الشرط بيننا سابقاً، فكان يجيب باختصار على كل سؤال أطرحه عليه، ويصمت إذا لم أوجه إليه سؤالاً، كان يتألم لكوني غير مسلمة، لا أصلي، ولا أرتدي الحجاب.

كنت غير راغبة في ذلك، كنت أعلم مدى الحرج الذي أسببه لزوجي، بالرغم من ذلك كان له الدور غير المباشر في تقريبي إلى الإِسلام، ومن أجل ذلك كان يكثر من الاستماع إلى برامج القرآن الكريم، والإذاعات التي تبث برامج ثقافية حول الدين الحنيف.

انطباعاتها وشهادتها على أسلوب الحوار

إنني أعترف وأشهد بأن الطريقة التي كان يتم فيها النقاش لم تكن تؤذي مشاعري حول المسيحية - ديني السابق - فلم أتذكر أن المسلمين الذين تحاورت معهم أساءوا إلى المسيح (ع) وأمه أبدأ، بل إنهم يكنون من المحبة والتقديس لهما ما يثير الإعجاب ويؤمنون برسالته، وعندهم أن مَن لا يؤمن برسالة عيسى (ع) فليس بمسلم، وإن آمن برسالة محمد (ص) ، والغريب أنهم يستشهدون لعظمة النبي محمد (ص) بآراء كتّاب ومفكرين مسيحيين أمثال برنارد شو وغوته وكارلايل ولامارتين وجرداق وجبران ونعيمة، وحتى من غير أهل الكتاب أمثال نهرو، كنت ألتزم الصمت خلال مناقشاتهم، لأنهم يعرفون عن المسيحية أكثر مما أعرف.

كيف تم التزامها بالدين الحنيف فكرةً وسلوكاً؟

ولما كنت أتابع القراءة والمطالعة كان زوجي يقوم بشرح ما يصعب عليّ فهمه، واستمر الحال هكذا حتى أواخر عام 1987، وكنت أستمع إلى إحدى الإذاعات التي تنشر رسائل دكتوراه وماجستير يتقدم بها طلاب يرغبون بالتخصص في العلوم الإِسلامية، وقد كانت مناقشات تلك الرسائل ذات فائدة عظيمة بالنسبة إليّ.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

لك إزار ولا خفين إلا أن يكون لك نعلان ".

٢٦١٨ - وروى زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عما يكره للمحرم أن يلبسه، فقال: يلبس كل ثوب إلا ثوبا [واحدا] يتدرعه ".

٢٦١٩ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس بأن يغير المحرم ثيابه، ولكن إذا دخل مكة لبس ثوبي إحرامه اللذين أحرم فيهما، وكره أن يبيعهما ".

وقد رويت رخصة في بيعها(١) .

٢٦٢٠ - وروى أبوبصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " سمعته يقول: أكره أن ينام المحرم على الفراش الاصفر [أ] والمرفقة(٢) ".

٢٦٢١ - وسأل عبدالرحمن بن الحجاج أبا الحسن عليه السلام " عن المحرم يلبس الخز؟ فقال: لا بأس به ".

٢٦٢٢ - وروى عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " المحرم إذا خاف لبس السلاح(٣) ".

٢٦٢٣ - وروى محمد بن مسلم(٤) عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب مختلفة، فقال عليه السلام: عليه كل صنف منها فداء(٥) ".

٤ ٢٦٢ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن المحرم تصيب ثوبه الجنابة، قال: لا يلبسه حتى يغسله وإحرامه تام(٦) ".

___________________________________

(١) لم أجدها في خبر وقد تفهم من ظاهر ما ورد من الاخبار لانها وردت بلفظ الكراهة.

(٢) المرفقة بتقديم الموحدة على المثناة المخدة، وقد حمل على ما إذا كان مسبوقا بالزعفران أو بغيره من الطيب. (المرآة)

(٣) المشهور بين الاصحاب حرمة لبس السلاح للمحرم بغير الضرورة، وذهب جماعة إلى الكراهة.

(٤) تقدم ضعف الطريق اليه ورواه الكلينى في الحسن كالصحيح.

(٥) هذا أحد الاقوال في المسألة وذهب جماعة إلى أن مع اتحاد المجلس لا يتكرر و مع الاختلاف يتكرر، وقيل يتكرر بتكرر اللبس.

(٦) يدل على لزوم الطهارة دائما في الثوبين، وقوله " واحرامه تام " أى لا يصير الاحتلام سببا لبطلان الاحرام أو النزع للغسل، أو لو لم يغسل وفعل حراما لا يبطل احرامه. (م ت)

٣٤١

٢٦٢٥ - وفي رواية حماد [بن عثمان] عن حريز قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: المحرمة تسدل الثوب(١) على وجهها إلى الذقن(٢) ".

٢٦٢٦ - وفي رواية معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه قال: " تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة ".

٢٦٢٧ - وروى عبدالله بن ميمون عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال: " المحرمة لا تتنقب لان إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه ".

٢٦٢٨ - و " مر(٣) أبوجعفر عليه السلام بامرأة محرمة قد استترت بمروحة فأماط المروحة بقضيبه عن وجهها(٤) ".

___________________________________

(١) سدل ثوبه يسدله بالضم سدلا أى أرخاه. (الصحاح)

(٢) لما كان احرام الرجل في رأسه واحرام المرأة في وجهها بمعنى لزوم كشفها حالة الاحرام، رخص للمرأة سدل قناعها إلى أنفها والى ذقنها والى نحرها، وحمل على الراجلة وعلى الراكبة على الحمار وشبهه وعلى راكبة البعير بالترتيب، أو على مراتب الفضل على الترتيب فانه كلما كان وجهها مكشوفة كان أحسن في احرامها فان أمكنها ما يسترها كالمحمل فتكشف وجهها فيه وان لم يتيسر لها فالكشف أفضل (م ت) وقال الفاضل التفرشى: لا منافاة بينه وبين المنع عن التنقب والاستتار بالمروحة فيما يأتى اذ لا اسدال في شئ منهما.

(٣) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٣٤٦ عن البزنطى عن أبى الحسن الرضا عليه السلام و في طريقه سهل بن زياد.

(٤) أجمع الاصحاب على أن احرام المرأة في وجهها فلا يجوز لها تغطيته بل قال في المنتهى انه قول علماء الامصار والاصل فيه قول النبى صلى الله عليه وآله " احرام الرجل في رأسه واحرام المرأة في وجهها " وما رواه الكلينى (في الكافى ج ٤ ص ٣٤٤) في الحسن (كالصحيح) عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " مر أبوجعفر عليه السلام بامرأة متنقبة وهى محرمة فقال: أحرمى واسفرى وأرخى ثوبك من فوق رأسك فانك ان تنقبت لم يتغير لونك، فقال رجل إلى أين ترخيه؟ فقال تغطى عينيها، قال: قلت: يبلغ فمها؟ قال: نعم " وذكر جمع من الاصحاب أنه لا فرق في التحريم بين أن تغطيه بثوب وغيره وهو مشكل وينبغى القطع بجواز وضع اليدين عليه وجواز نومها على وجهها لعدم تناول الاخبار المانعة لذلك، ويستثنى من الوجه ما يتوقف عليه ستر الرأس فيجب ستره في الصلاة تمسكا بمقتضى العمومات المتضمنة لوجوب ستره، السالمة عما يصلح للتخصيص.

وقد أجمع الاصحاب وغيرهم على أنه يجوز للمحرمة سدل ثوبها فوق رأسها على وجهها إلى طرف أنفها قاله في التذكرة.

وقال في المنتهى: لو احتاجت على ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها سدلت ثوبها من فوق رأسها على وجهها. =

٣٤٢

٢٦٢٩ - وروى عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " تلبس المرأة

___________________________________

= ولا نعلم فيه خلافا ويستفاد من الروايات جواز سدل الثوب إلى النحر، واعلم أن اطلاق الروايات يقتضى عدم اعتبار مجافاة الثواب عن الوجه وبه قطع في المنتهى واستدل عليه بأنه ليس بمذكور في الخبر مع أن الظاهر خلافه فان سدل الثوب لا يكاد يسلم معه البشرة من الاصابة فلو كان شرطا لبين لانه موضع الحاجة، ونقل عن الشيخ أنه أوجب عليها مجافاة الثوب عن وجهها بخشبة وشبهها بحيث لا يصيب البشرة وحكم بلزوم الدم إذا أصاب الثوب وجهها ولم يزله بسرعة وكلا الحكمين مشكل لانتفاء الدليل عليه، ثم ان قلنا بعدم انتفاء المجافاة فيكون المراد بتغطية الوجه المحرمة تغطيته بالنقاب خاصة اذ لا يستفاد من الاخبارأزيد منه أو تغطيته بغير السدل وكيف كان فاطلاق الحكم بتحريم تغطية الوجه مع الحكم بجواز سدل الثوب عليه وان أصاب البشرة غير جيد والامر في ذلك هين بعد وضوح المأخذ (المدارك) وقال فقيه عصرنا مد ظله العالى في شرحه على المختصر النافع المسمى بجامع المدارك ج ٢ ص ٤١٠: قد يقع الاشكال في كيفية الجمع بين الحكمين (جواز السدل أو وجوبه بناء على وجوب ستر المرأة وجهها) من جهة أن السدل خصوصا إلى النحر مناف للسفور الواجب عليها وقد يجمع بأن المحرم هو تغطية الوجه بحيث يكون الغطاء مباشرة الوجه، والسدل الجائز أو الواجب ما كان غير مباشرة له، واستشكل عليه بأن الدليل خال عن ذكر التغطية وانما فيه الاحرام بالوجه والامر بالاسفار عن الوجه، والسدل سواء كان بالمباشرة أو بغيرها تغطية عرفا فالجمع باخراج السدل بقسمية وغير السدل أعم من أن يكون بالنقاب أو المروحة أو غيرهما محرم عليها، ويشكل بأنه علل الامام عليه السلام في حسن الحلبى عدم جواز التنقيب بعدم تغير اللون وعلى هذا فالسدال الذى يكون بنحو المباشرة مسا وللتنقب في عدم حصول تغير اللون فاللازم على هذا اختياره بالنحو الآخر كما هو الغالب ولعل الغلبة صارت باعثة لعدم ذكر الخصوصية انتهى.

٣٤٣

المحرمة الحائض تحت ثيابها غلالة "(١) .

٢٦٣٠ - وروى يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبدالله، عن أبيه عليهما السلام " أنه كره للمحرمة البرقع والقفازين(٢) ".

٢٦٣١ - وسأله محمد بن علي الحلبي " عن المرأة إذا أحرمت أتلبس السراويل؟ فقال: نعم إنما تريد بذلك الستر(٣) ".

٢٦٣٢ - وروى الكاهلي عنه عليه السلام أنه قال: " تلبس المرأة المحرمة الحلي كله إلا القرط المشهور والقلادة المشهورة(٤) ".

٢٦٣٣ - وسأله عامر بن جذاعة " عن مصبغات الثياب تلبسها المرأة المحرمة، فقال: لا بأس إلا المفدم المشهور(٥) ".

٢٦٣٤ - وروى محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام " في المحرمة أنها تلبس الحلي كله إلا حليا مشهورا لزينة(٦) ".

٢٦٣٥ - وسأله سماعة " عن المحرمة تلبس الحرير فقال: لا يصلح لها أن تلبس حريرا محضا لا خلط فيه، فأما الخز والعلم في الثوب فلا بأس بأن تلبسه وهي محرمة وإن مر بها رجل استترت منه بثوبها، ولا تستر بيدها من الشمس، وتلبس الخز،

___________________________________

(١) الغلالة بالكسر ثوب يلبس تحت الثياب لمنع الحيض عن التعدى، واختلف الاصحاب في وجوب اجتناب المرأة عن المخيط أما الغلالة فلا خلاف بينهم في جواز لبسها للنص والضرورة (م ت) بل ادعى عليه الاجماع.

(٢) القفاز كرمان شئ يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسه المرأة للبرد، أو ضرب من الحلى اليدين والرجلين (الوافى) وقال المولى المجلسى رحمه الله قوله " كره " أى حرم أو الاعم فان البرقع بضمتين أعم من النقاب والسدل.

(٣) يدل على جواز لبس السراويل لها بدون الكراهة كالغلالة. (م ت)

(٤) القرط بالضم: ما يعلق في أعلى الاذن أو شحمتها، والمشهورة: الظاهرة بأن تظهرها لزوجها أو غيره، والقلادة بالكسر مشهورة (م ت)

(٥) ثوب مفدم ساكنة الفاء إذا كان مصبوغا بحمرة مشبعا، وصبغ مفدم أيضا أى خاثر مشبع (الصحاح) والخبر رواه الكلينى ج ٤ ص ٣٤٦ في الصحيح.

(٦) كذا وفى التهذيب " للزينة " أى تلبسه للزينة أى غير المعتادة أو مع اظهارها. (م ت)

٣٤٤

أما إنهم سيقولون: إن في الخز حريرا [و] إنما يكره الحرير المبهم ".

٢٦٣٦ - وسأله أبوبصير المرادي " عن القز تلبسه المرأة في الاحرام؟ قال: لا بأس إنما يكره الحرير المبهم(١) ".

٢٦٣٧ - وسأله يعقوب بن شعيب(٢) " عن المرأة تلبس الحلي؟ قال: تلبس المسك والخلخالين(٣) ".

٢٦٣٨ - وروى الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس أن تحرم المرأة في الذهب والخز، وليس يكره إلا الحرير المحض(٤) ".

٢٦٣٩ - وفي رواية حريز قال: " إذا كان للمرأة حلي لم تحدثه للاحرام لم تنزع حليها ".

٢٦٤٠ - وروي عن أبي الحسن النهدي(٥) قال: " سئل أبوعبدالله عليه السلام وأنا حاضر عن المرأة تحرم في العمامة ولها علم؟ قال: لا بأس(٦) ".

٢٦٤١ - وسأله سعيد الاعرج(٧) " عن المحرم يعقد إزاره في عتقه(٨) ؟ قال: لا ".

___________________________________

(١) أى الخالص، ويدل على مغايرة حكم القز لحكم الحرير الخالص.

(٢) الطريق اليه صحيح كما في الخلاصة وهو ثقة.

(٣) المسك بفتحتين السوار أو الاعم منه ومن الخلخال أو السوار من قرون تيس الجبل والعاج، وقيل: جلود دابة بحرية. (م ت)

(٤) يدل على جواز احرامهن في الذهب والخز، وعلى كراهة الحرير. (م ت)

(٥) الطريق اليه صحيح كما في الخلاصة.

وهو لم يوثق صريحا وله كتاب عنه ابن محبوب كما في الفهرست للشيخ رحمه الله.

(٦) يظهر منه ومن غيره من الاخبار اطلاق العمامة على اليسير مثل ثلاثة أذرع ونحوها ويفهم منه أن المعلم بمعنى ذو اللونين كما يكون الغالب فيها وان احتمل الملون أيضا. (م ت)

(٧) ثقة والطريق اليه فيه عبدالكريم بن عمرو وفيه كلام.

(٨) المراد به عقد الرداء في عنقه اختيارا، ويدل على جوازه ان كان قصيرا.

وفى بعض النسخ " أزراره " أى أزرار قباه أو قميصه في صورة جواز لبسهما.

ويؤيد ما في المتن ما رواه الكلينى ج ٤ ص ٣٤٧ بسند فيه سهل بن زياد عن القداح عن جعفر عليه السلام " أن عليا عليه السلام كان لا يرى بأسا بعقد الثوب إذا قصر ثم يصلى [فيه] وان كان محرما " وقد ذكر العلامة وغيره أنه يحرم على المحرم عقد الرداء وزره وتخليله، واستدلوا عليه بهذه الرواية أعنى صحيح الاعرج وحملها في المدارك على الكراهة لقصورها من حيث السند على اثبات التحريم والاحتياط في الترك الا مع الضرورة.

٣٤٥

٢٦٤٢ - وسأله محمد بن مسلم " عن المحرم يضع عصام القربة(١) على رأسه إذا استقى؟ فقال: نعم ".

٢٦٤٣ - وسأله يعقوب بن شعيب " عن الرجل المحرم يكون به القرحة يربطها أو يعصبها بخرقة؟ فقال: نعم(٢) ".

٢٦٤٤ - وروى عمران الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " المحرم يشد على بطنه العمامة وإن شاء يعصبها على موضع الازار، ولا يرفعها إلى صدره(٣) ".

٢٦٤٥ - وروى ابن فضال، عن يونس بن يعقوب قال: قلت لاي عبدالله عليه السلام: " عن [الرجل] المحرم يشد الهميان في وسطه(٤) ؟ فقال: نعم وما خيره بعد نقفته؟(٥) ".

٢٦٤٦ - وفي رواية أبي بصير عنه عليه السلام أنه قال: " كان أبي عليه السلام يشد على بطنه نفقته يستوثق بها فإنها تمام حجة(٦) ".

___________________________________

(١) أى رباطها وسيرها الذى تحمل به وهو مستثنى من ستر الرأس للضرورة. (م ت)

(٢) الظاهر ان المراد بها القرحة في الرأس بقرينة العصابة، وعلى العموم فيشمل الرأس أيضا وهذا مستثنى أيضا للضرورة (م ت)

(٣) يدل على جواز شد الحيزوم في الاحرام ولا يرفع إلى الصدر والظاهر أنه على الاستحباب كما ذكره الاصحاب والاحتياط ظاهر. (م ت)

(٤) الهميان بالكسر كيس للنفقة يشد في الوسط.

(٥) يدل على جواز شد الهميان في الوسط، وبعمومه على جواز الصلاة معه وان كان فيه الدينار والذهب، وما يدل على النهى على تقدير صحته فالظاهر التزين به " وما خيره " أى أى خير أو مال له بعد ذهاب نفقته فانه يحتاج إلى السؤال.(م ت)

(٦) رواه الكلينى ج ٤ ص ٣٤٤ في ذيل خبر عنه عليه السلام.

٣٤٦

باب ما يجوز للمحرم اتيانه واستعماله ومالا يجوزمن جميع الانواع

٢٦٤٧ - روى أبوبصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس للمحرم أن يكتحل بكحل ليس فيه مسك ولا كافور إذا اشتكى عينيه، وتكتحل المرأة المحرمة بالكحل كله إلا كحلا أسود لزينة(١) ".

٢٦٤٨ - وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " يكتحل المحرم عينيه إن شاء بصبر ليس فيه زعفران ولا ورس(٢) ".

٢٦٤٩ - وروى حريز عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا تنظر في المرآة وأنت محرم من الزينة(٣) ".

٢٦٥٠ - وروي عن معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " في المحرم يستاك؟ قال: نعم، قال: قلت: فإن أدمى يستاك(٤) ؟ قال: نعم هو من السنة ".

___________________________________

(١) يدل على جواز الاكتحال بما ليس فيه المسك والكافور مع الضرورة، والظاهر أن مطلق الطيب المحرم مضر وتخصيصهما لكثرة وقوعهما، ويدل أيضا على جواز اكتحال المرأة بجميع أنواع الكحل وما يذر في العين الا الكحل الاسود للزينة لا للسنة أو لانه زينة فلا يكتحل مطلقا والاكتحال أعم من أن يكون بالسواد وغيره لغة وشرعا.(م ت)

(٢) الصبر ككتف دواء معروف مبرد هو عصارة جامدة من نبات، والورس نبات كالسمسم ليس الا باليمن يزرع فيبقى عشرين سنة.

(٣) يدل على عدم جواز نظر المحرم في المرآة، وقد اختلف الاصحاب فيه فذهب الاكثر إلى التحريم وقال الشيخ في الخلاف: انه مكروه والاصح التحريم، ولا فرق فيه بين الرجل والمرأة كما يقتضيه اطلاق الخبر.(المرآة)

(٤) يدل على مذهب من قال بعدم تحريم الادماء مطلقا، ومن قال بالتحريم حمله على حال الضرورة، وقال الشهيد في الدروس بكراهة المبالغة في السواك إذا لم يفض إلى الادماء (المرآة) ويدل على جواز السواك بل استحبابه.

٣٤٧

٢٦٥١ - وروى حماد، عن حريز عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقلع الشعر(١) ".

واحتجم الحسن بن علي عليهما السلام وهو محرم(٢) .

٢٦٥٢ - وسأل ذريح أبا عبدالله عليه السلام " عن المحرم يحتجم؟ فقال: نعم إذا خشي.

الدم ".

٢٦٥٣ - وسأل الحسن الصيقل أبا عبدالله عليه السلام " عن المحرم يؤذيه ضرسه أيقلعه؟ قال: نعم لا بأس به(٣) ".

___________________________________

(١) حمله الشيخ رحمه الله على حال الضرورة لورود النهى فيه ففى الكافى ج ٤ ص ٣٦٠ في الحسن كالصحيح عن الحلبى قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن المحرم يحتجم؟ قال: لا الا أن لا يجد بدا فليحتجم ولا يلحق مكان المحاجم ".

وفى الموثق عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال " لا يحتجم المحرم الا أن يخاف على نفسه أن لا يستطيع الصلاة ".

وقال في المرآة: ذهب جماعة من الاصحاب إلى حرمة اخراج الدم سواء كان بالحجامة أو بالحك أو بالسواك، وقيل بالكراهة مطلقا جمعا بين الاصحاب، واختلف في الفداء، فقيل: لا فدية، وقيل: شاة، وعن الحلبى أنه قال في الادماء بالحك اطعام مسكين، هذا كله مع انتفاء الضرورة وأما معها فقال في التذكرة: انه جائز بلا خلاف ولا فدية فيه اجماعا.

أقول: في التهذيب ج ١ ص ٥٣٤ عن الحسن الصقيل عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " فاذا اضطر إلى حلق القفا للحجامة فليحلق وليس عليه شئ ".

واما في حال الاختيار فلا يجوز له ذلك، وروى عن موسى بن القاسم باسناده عن مهران بن أبى نصرو على بن اسماعيل بن عمار عن أبى الحسن عليه السلام قالا: " سألناه فقال في حلق القفا للمحرم ان كان أحد منكم يحتاج إلى الحجامة فلا بأس به والا فليزم ما جرى عليه الموسى إذا حلق "

(٢) الظاهر أنه من كلام المصنف ويمكن أن يكون من تتمة الخبر وان لم يذكره غيره لكن روى في العلل عن مقاتل قال: " رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام في يوم جمعة في وقت الزوال على ظهر الطريق يحتجم وهو محرم " وروى في القوى عن الرضا عن آبائه عليهم السلام عن على عليه السلام " أن رسول الله صلى الله عليه وآله يحتجم وهو صائم محرم ".(م ت)

(٣) يدل على جواز القلع مع الضرر ولا ينافيه ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن عيسى عن عدة من أصحابنا عن رجل من أهل خراسان " أن مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شئ محرم قلع ضرسه فكتب صلوات الله عليه أى الرضا عليه السلام يهريق دما " لانه لا ينافى الجواز كما في كثير من محرمات الاحرام، مع امكان حمله على الاستحباب لقصور السند عن افادة الوجوب.

٣٤٨

٢٦٥٤ - وروى عمران الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " سئل عن المحرم يكون به الجرح فيتداوى بدواء زعفران؟ فقال: إن كان الزعفران غالبا على الدواء فلا، وإن كانت الادوية غالبة عليه فلا بأس ".

٢٦٥٥ - وسأله معاوية بن عمار " عن المحرم يعصر الدمل ويربط عليه الخرقة؟ فقال: لا بأس ".

٢٦٥٦ - وقال عليه السلام: " إذا اشتكى المحرم فليتداوى بما يحل له أن يأكل و هو محرم(١) ".

٢٦٥٧ - وروى هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا خرج بالمحرم الخراج والدمل فليبطه(٢) وليداويه بزيت أو سمن ".

٢٦٥٨ - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام " في المحرم تشقق يداه، فقال: يدهنهما بزيت أو سمن أو إهالة(٣) ".

٢٦٥٩ - وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن امرأة أرادت أن تحرم فتخوفت الشقاق(٤) تخصب بالحناء قبل ذلك؟

___________________________________

(١) رواه الكلينى بسند فيه جهالة عن أبى الصباح الكنانى عنه عليه السلام وقال العلامة المجلسى رحمه الله قوله " وهو محرم " الظاهر أنه حال عن فاعل " يأكل " أى يتداوى بما يجوز له أكله في حال الاحرام، هذا إذا لم ينحصر الدواء في غيره، ويحتمل أن يكون حالا عن فاعل " فليتداو " أى يجوز له أكل أى دواء كان في حال الاحرام، والاول أظهر بل يتعين.

(٢) أى يشقه، والبط: شق الجرح والدمل ونحوها، والخراج بضم الخاء المعجمة والجيم في آخره كل ما يخرج بالبدن كالدمل، الواحدة خراجة جمعها خراجات.

وفى الكافى " فليربطه ".

(٣) في بحر الجواهر: قال أبوزيد: الاهالة بكسر الهمزة: كل دهن من الادهان مما يؤتدم به وقيل: الشحم وما اذيب منه، وقيل: الدسم الجامد.

(٤) الشقاق بالضم هنا بمعنى الداء الذى يتناثر منه الشعر، وقد يأتى بمعنى تشقق الجلد من برد وغيره في اليدين والوجه كما في بحر الجواهر.

٣٤٩

قال: ما يعجبني أن تفعل(١) ".

 [الطيب للمحرم] (٢)

٢٦٦٠ - و " كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا تجهز إلى مكة قال لاهله: إياكم أن تجعلوا في زادنا شيئا من الطيب ولا الزعفران نأكله(٣) أو نطعمه(٤) ".

٢٦٦١ - وقال الصادق عليه السلام: " يكره من الطيب أربعة أشياء للمحرم: المسك والعنبر والزعفران والورس، وكان يكره من الادهان الطيبة الريح(٥) ".

٢٦٦٢ - وروي عن الحسن بن هارون قال: " قلت لابي عبدالله عليه السلام: أكلت خبيصا فيه زعفران(٦) حتى شبعت منه وأنا محرم، فقال: إذا فرغت من مناسكك وأردت الخروج من مكة فابتع بدرهم تمرا وتصدق به(٧) فيكون كفارة لذلك ولما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم ".

٢٦٦٣ - وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم، وإن كان ناسيا فلا شئ عليه ويستغفر الله ويتوب إليه ".

٢٦٦٤ - وروي عن الحسين بن زياد(٨) قال: " قلت لابي عبدالله عليه السلام: وضأني

___________________________________

(١) يمكن أن يكون الكراهة مخصوصة بها لئلا يفتتن الرجل بزينتها والا فلا بأس به لصحيحة عبدالله بن سنان عن الصادق عليه السلام المروية في الكافى ج ٤ ص ٣٥٦ وسيأتى تحت رقم ٢٦٣٨.

(٢) العنوان زائد منا.

(٣) في بعض النسخ " بآكله ".

(٤) أى لئلا نأكله نسيانا أو نطعمه غيرنا، وذلك بالنظر إلى أعوانه وأنصاره وأصحابه والا فهو عليه السلام في عصمة عن النسيان والخطأ من جانب الله.

(٥) رواه الشيخ بسند موثق عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام

(٦) الخبيص: طعام يعمل من التمر والسمن وقد تقدم.

(٧) محمول على الاستحباب للاخبار الكثيرة المتضمنة لسقوط الكفارة عن الناسى والجاهل الا في الصيد.

(٨) في طريقه من لم يوثق صريحا.

٣٥٠

الغلام وأنا لا أعلم بدستشان(١) فيه طيب فغسلت يدي وأنا محرم، فقال: تصدق بشئ لذلك "(٢) .

٢٦٦٥ - وكتب إبراهيم بن سفيان إلى أبي الحسن عليه السلام: " المحرم يغسل يده باشنان فيه الاذخر؟ فكتب: لا أحبه لك "(٣) .

٢٦٦٦ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن رجل مس الطيب ناسيا وهو محرم، قال: يغسل يديه ويلبي عليه شئ ".

وفي خبر آخر: " ويستغفر ربه "(٤) .

٢٦٦٧ - وروى حمران عن أبي جعفر عليه السلام " في قول الله عزوجل: " ثم ليقضوا تفثهم [وليوفوا نذورهم] " قال: التفث حفوف الرجل من الطيب(٥) فإذا قضى نسكه حل له الطيب ".

٢٦٦٨ - وسأل عبدالله بن سنان أبا عبدالله عليه السلام " عن الحناء، فقال: إن المحرم ليمسه ويداوي به بعيره وما هو بطيب وما به بأس ".

٢٦٦٩ - وقال عليه السلام: " لا بأس أن يغسل الرجل الخلوق عن ثوبه وهو محرم ".

وإذا اضطر المحرم إلى سعوط فيه مسك من ريح يعرض له في وجهه وعلة تصيبه فلا بأس بأن يستعط به فقد سأل إسماعيل بن جابر أبا عبدالله عليه السلام عن ذلك فقال: استعط به(٦) .

__________________________________

(١) معرب دستشو، ويمكن أن يكون مصحف " باشنان " كما في نسخة ويظهر من الكافى.

(٢) محمول على الاستحباب للتصريح بعدم العلم.

(٣) الاذخر بكسر الهمزة والخاء: نبات معروف، ذكى الرائحة وإذا جف ابيض، ويدل الخبر على استحباب الاجتناب من غسل اليد بالاذخر.

(٤) يمكن أن يكون المراد بهذا الخبر ما رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٣٥٤ عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام.

(٥) حف رأسه يحف حفوفا بالمهملة والفاء بعد عهده بالدهن. (القاموس)

(٦) رواه الشيخ في الصحيح في الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن اسماعيل ابن جابر وكانت عرضت له ريح في وجهه من علة أصابته وهو محرم " قال: فقلت لابى عبدالله عليه السلام: ان الطبيب الذى يعالجنى وصف لى سعوطا فيه مسك فقال: استعط به ".

٣٥١

٢٦٧٠ - وروى الحلبي: ومحمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " المحرم يمسك على أنفه من الريح الطيبة، ولا يمسك على أنفه من الريح الخبيثة ".

٢٦٧١ - وروى هشام بن الحكم عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس بالريح الطيبة فيما بين الصفا والمروة من ريح العطارين ولا يمسك على أنفه "(١) .

٢٦٧٢ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " لا بأس أن تشم الاذخر والقيصوم والخزامى والشيح(٢) وأشباهه وأنت محرم ".

وروى على بن مهزيار قال: " سألت ابن أبي عمير عن التفاح والاترج والنبق وما طاب من ريحه، فقال: تمسك عن شمه وأكمله "(٣) ولم يرو فيه شيئا.

 [الظلال للمحرم] (٤)

٢٦٧٣ - وروي عن عبدالله بن المغيرة قال: " قلت لابي الحسن الاول عليه السلام:

___________________________________

(١) " لا يمسك " أى لا يجب، أو يجب أن لا يمسك وهو أظهر. (م ت)

(٢) قد مر معنى الاذخر آنفا، والقيصوم فيعول من نبات البادية معروف، والخزامى بألف التأنيث من نبات البادية، قال الفارانى هو خيرى البرى، وقال الازهرى: بقلة طيبة الرائحة لها نور كنور البنفسج (المصباح) وقال الجوهرى: الشيح بكسر المعجمة: نبت.

وقال في بحر الجواهر: هو ضرب من الحشايش وهو تركى وأرمنى حار يابس.

(٣) كذا وهكذا في الكافى ج ٤ ص ٣٥٦ ولكن رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٣٤ والاستبصار ج ٢ ص ١٨٣ عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبى عمير، عن بعض أصحابنا عن أبى عبدالله عليه السلام.

وقال العلامة المجلسى رحمه الله: ولعله من اشتباه الشيخ.

ويؤيده قول المصنف رحمه الله: " ولم يرو فيه شيئا ".

ويمكن أن يكون مرويا لابن أبى عمير لكن أفتى بالمروى وهو الاظهر لما هو المعهود من دأبهم، والاترج بضم الهمزة وتشديد الجيم فاكهة معروفة، الواحدة أترجة، وفى لغة ضعيفة " ترنج "، وقال الازهرى الاولى هى التى تكلم بها الفصحاء وارتضاها النحويون (المصباح) والنبق بفتح النون وكسر الباء الموحدة وقد يسكن: ثمر السدر.

وفيه دلالة على عدم البأس بأكل ما لم يتخذ لطيب وان كان له رائحة طيبة.

(٤) العنوان زيادة منا وليس في الاصل أضفناه للتسهيل.

٣٥٢

اظلل وأنا محرم(١) ؟ قال: لا، قلت: فاظلل واكفر(٢) ؟ قال: لا، قلت: فإن مرضت؟ قال: ظلل وكفر(٣) ، ثم قال: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما من حاج يضحى ملبيا(٤) حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه معها".

٢٦٧٤ - وروي عن الحسين بن مسلم(٥) عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أنه " سئل ما فرق ما بين الفسطاط وبين ظل المحمل، قال: لا ينبغي أن يستظل في المحمل، والفرق بينهما أن المرأة تطمث في شهر رمضان فتقضي الصيام ولا تقضي الصلاة، قال: صدقت جعلت فداك ".

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: معنى هذا الحديث أن السنة لا تقاس.

٢٦٧٥ - وروى علي بن مهزيار، عن بكر بن صالح(٦) قال: " كتبت إلى

___________________________________

(١) أى بالهودج ونحوه. (م ت)

(٢) أى أيجوز لى أن أظلل اختيارا وأكفر عنه؟.

(٣) يدل على جواز التظليل للمضطر والعليل بشرط التزام الكفارة.

(٤) أى يبرز للشمس في حال التلبية.

وقال العلامة المجلسى رحمه الله: المشهور بين الاصحاب عدم جواز تظليل المحرم عليه سائرا بل قال في التذكرة: يحرم على المحرم الاستظلال حالة السير فلا يجوز الركوب في المحمل وما في معناه كالهودج وأشباه ذلك عند علمائنا أجمع، وقال في المنتهى يجوز للمحرم الاستظلال بالسقف والشجر والخباء وغيرها حالة النزول اجماعا، ويجوز للمحرم المشى تحت الظلال كما نص عليه الشيخ وغيره وقال في المدارك: مقتضى كلام العلامة تحريم الاستظلال في حالة المشى بالثوب إذا جعله فوق رأسه لكن الاقتصار في المنع على حالة الركوب لا يخلو من قوة، وعلى التقادير الحكم مختص بالرجال، أما المرأة فيجوز لها ذلك اجماعا.

(٥) كذا في أكثر النسخ وفى الرجال أيضا وقالوا هو من أصحاب الجواد عليه السلام وفى بعض النسخ " الحسين بن سالم " ولعله هو الصواب لما كان في المشيخة من عنوانه وعدم عنوان الاول وفى طريقه أبوعبدالله الخراسانى وهو مجهول واسمه غير معلوم، وفيه عبدالله ابن جبلة وهو واقفى موثق.

(٦) بكر بن صالح الرازى الضبى مولى بنى ضبة ضعيف جدا من أصحاب الكاظم عليه السلام كثير التفرد بالغرائب (صه، جش)

٣٥٣

أبي جعفر الثاني عليه السلام: إن عمتي معي وهي زميلتي(١) ويشتد عليها الحر إذا أحرمت فترى أن اظلل علي وعليها؟ فكتب عليه السلام: ظلل عليها وحدها ".

٢٦٧٦ - وروى البزنطي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: " سألته عن المرأة تضرب عليها الظلال وهي محرمة؟ فقال: نعم، قلت: فالرجل يضرب عليه الظلال وهو محرم؟ قال: نعم إذا كانت به شقيقة(٢) ويتصدق بمد لكل يوم ".

٢٦٧٧ - وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع أنه " سئل أبوالحسن عليه السلام وأنا أسمع(٣) عن الظل للمحرم في أذى من مطر أو شمس - أو قال: من علة - فأمر بفداء شاة يذبحها بمنى(٤) ، وقال: نحن إذا أردنا ذلك ظللنا وفدينا".

٢٦٧٨ - وفي رواية حريز قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " لا بأس بالقبة على النساء والصبيان وهم محرمون، ولا يرتمس المحرم في الماء ولا الصائم "(٥) .

٢٦٧٩ - وروي عن منصور بن حازم قال: " رأيت أبا عبدالله عليه السلام وقد توضأ وهو محرم ثم أخذ منديلا فمسح به وجهه "(٦) .

٢٦٨٠ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " يكره للمحرم أن يجوز بثوبه فوق أنفه، ولا بأس أن يمد المحرم ثوبه حتى يبلغ أنفه "(٧) يعني

___________________________________

(١) الزميل: الرفيق والعديل والذى يعادلك في المحمل.

(٢) في النهاية: الشقيقة: نوع من الصداع يعرض في مقدم الرأس والى جانبيه، وفى الصحاح: وجع يأخذ في نصف الرأس والوجه.

(٣) في بعض النسخ " سأل محمد بن اسماعيل بن بزيع أبا الحسن عليه السلام وأنا أسمع " والظاهر أنه تصحيف لموافقة ما في المتن مع الكافى والتهذيبين، وعدم مرجع للضمير.

(٤) إلى هنا في الكافى والتهذيبين وليس الباقى فيها.

(٥) يدل على أن حكم الصبيان في التظليل حكم النساء، وعدم جواز الارتماس مقطوع به في كلام الاصحاب.

(٦) الطريق صحيح كما في الخلاصة، ويدل على جواز ستر الوجه بمقدار مسح المنديل عليه (م ت) وقد يحمل على ما إذا لم يصل إلى رأسه أو يقال: هذا القدر معفو عنه.

(٧) في ستر الانف كراهة وتتأكد في التجاوز عنه. (م ت)

٣٥٤

من أسفل(١) ، وذلك:

٢٦٨١ - أن حفص بن البختري: وهشام بن الحكم رويا عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " يكره للمحرم أن بجوز ثوبه أنفه من أسفل وقال: أضح لمن احرمت له "(٢)

٢٦٨٢ - وروي عن عبدالله بن سنان قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول لابي - وشكى إليه حر الشمس وهو محرم وهو يتأذى به - وقال: ترى أن أستتر بطرف ثوبي؟ قال: لا بأس بذلك ما لم يصب رأسك "(٣) .

٢٦٨٣ - وسأله سعيد الاعرج " عن المحرم يستتر من الشمس بعود أو بيده، فقال: لا إلا من علة ".

٢٦٨٤ - وسأله الحلبي " عن المحرم يغطي رأسه ناسيا أو نائما، فقال: يلبي إذا ذكر "(٤) .

٢٦٨٥ - وفي رواية حريز " يلقي القناع ويلبي وليس عليه شئ "(٥) .

___________________________________

(١) فانه إذا كان من الاعلى فاما أن يستر الرأس فهو حرام واما أن يستر الوجه فهو مناف للبروز للشمس المندوب اليه في الاخبار وقد تقدم بعضهما.(م ت)

(٢) أى ابرز للشمس لمن أحرمت له وهو الله تعالى.

والخبر المطلق يحمل على المقيد (م ت) وفى المدارك: اختلف الاصحاب في جواز تغطية الرجل المحرم وجهه فذهب الاكثر إلى جواز بل قال في التذكرة: انه قول علمائنا أجمع، ومنعه ابن أبى عقيل وجعل كفارته اطعام مسكين في يده، وقال الشيخ في التهذيب ص ٥٣٤ وأما تغطية الوجه فيجوز مع الاختيار غير أنه يلزمه الكفارة ومتى لم ينو الكفارة لم يجز له ذلك، وقد وردت بالجواز مطلقا روايات كثيرة.

(٣) في بعض النسخ " ما لم يصبك رأسك " بدل البعض من الكل.

(٤) حمل التلبية على الاستحباب لعدم القائل بالوجوب، وقال المولى المجلسى: هذا الحمل بلا وجه والاحتياط ظاهر.

(٥) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٣٤ مسندا عن حريز قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن محرم غطى رأسه ناسيا، قال: يلقى القناع والحديث ".

٣٥٥

٢٦٨٦ - وسأله(١) " عن المحرم ينام على وجهه وهو على راحلته، فقال: لا بأس بذلك ".

٢٦٨٧ - وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام " عن المحرم يقع الذباب على وجهه حين يريد النوم فيمنعه من النوم أيغطي وجهه إذا أراد أن ينام؟ قال: نعم ".

٢٦٨٨ - وروى زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام " أن المحرمة تسدل ثوبها إلى نحرها "(٢) .

[المحرم يقص ظفرا أو شعرا] (٣)

٢٦٨٩ - وروى الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل قلم ظفرا من أظافيره وهو محرم، قال: عليه مد من طعام حتى يبلغ عشرة، فإن قلم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة، قلت: فإن قلم أظافير يديه ورجليه جميعا؟ فقال: إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم، وإن كان فعله متفرقا في مجلسين فعليه دمان "(٤) .

٢٦٩٠ - وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام " أن من فعل ذلك ناسيا أو ساهيا(٥) أو جاهلا فلا شئ عليه".

___________________________________

(١) يعنى الحلبى كما هو الظاهر من الكتاب وتصريح الكلينى في الكافى.

(٢) تقدم تحت رقم ٢٦٢٦ في صحيحة معاوية بن عمار اشتراط ركوبها.

(٣) العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل وليس في الاصل.

(٤) قال في المدارك ما حاصله: أفتى بمضمون هذه الرواية الاصحاب الامن شذ، وقال ابن الجنيد في الظفر مد أو قيمته حتى تبلغ خمسة فصاعدا فدم ان كان في مجلس واحد فان فرق بين يديه ورجليه فليديه دم ولرجليه دم، وقال الحلبى في قص ظفر كف من طعام وفى أظفار احدى يديه صاع وفى أظفار كلتيهما شاة، وكذا حكم أظفار رجليه وان كان الجميع في مجلس فدم.

ولم نقف لهذين القولين على مستند.

(٥) قيل: الفرق بين الناسى والساهى بحمل أحدهما على المسألة والاخر على الاحرام أو أحدهما على الشك.

٣٥٦

٢٦٩١ - وسأل معاوية بن عمار أبا عبدالله عليه السلام " عن المحرم تطول أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه ذلك، قال: لا يقص منها شيئا إن استطاع فإن كانت تؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام "(١) .

٢٦٩٢ - وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام " عن رجل نسي أن يقلم أظافيره عند الاحرام حتى أحرم، قال: يدعها، قلت: فإن رجلا من أصحابنا أفتاه أن يقلم أظافيره ويعيد إحرامه ففعل، فقال: عليه دم "(٢) .

٢٦٩٣ - وروى حريز عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا نتف الرجل إبطه(٣) بعد الاحرام فعليه دم ".

٢٦٩٤ - وفي خبر آخر: " من حلق رأسه أو نتف إبطه ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليه "(٤) .

٢٦٩٥ - وقال عليه السلام: " لا بأس أن يدخل المحرم الحمام ولكن لا يتدلك "(٥)

٢٦٩٦ - وقال عليه السلام: " لا يأخذ الحرام من شعر الحلال "(٦) .

__________________________________

(١) المشهور بين الاصحاب أن في كل ظفر مدا من طعام وفى أظفار اليدين والرجلين في مجلس واحد دم ولو كان كل وحد منهما في مجلس لزمه دمان (المرآة) وقال المولى المجلسى: يدل الخبر على لزوم القبضة مع الضرورة فيحمل المد على غيرها.

(٢) الظاهر ارجاع ضمير " عليه " إلى المقلم وأرجعه الاكثر إلى المفتى، وعمل به الشيخ وجماعة، وصرح في الدروس بعدم اشتراط احرام المفتى ولا كونه من أهل الاجتهاد واعتبر الشهيد الثانى صلاحية الافتاء بزعم المستفتى.

(٣) في التهذيب " ابطيه " والمشهور أن في نتف الابطين معا شاة وفى أحدهما اطعام ثلاثة مساكين، وظاهر بعض الاصحاب أن فيه مطلقا شاة.

(٤) رواه الشيخ والكلينى ج ٤ ص ٣٦١ في الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام وزادا " ومن فعله متعمدا فعليه دم ".

(٥) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٣٧ في الصحيح عن معاوية بن عمار، وحمل على الكراهة.

(٦) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٤٤ ورواه الكلينى ج ٤ ص ٣٦١ في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عنه عليه السلام والمراد بالحرام المحرم، وفى الكافى " لا يأخذ المحرم الخ " أى لا يلحق المحرم رأس المحل.

٣٥٧

٢٦٩٧ - و " مر النبي صلى الله عليه وآله على كعب بن عجرة الانصاري(١) وهو محرم وقد أكل القمل رأسه وحاجبيه وعينيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كنت أرى أن الامر يبلغ ما أرى فأمره فنسك عنه نسكا(٢) وحلق رأسه بقول الله عزوجل: " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " فالصيام ثلاثة أيام، والصدقة على ستة مساكين لكل مسكين صاع من تمر (وروي مد من تمر(٣] والنسك شاة، لا يطعم منها أحد إلا المساكين "(٤) .

٢٦٩٨ - وقال عبدالله بن سنان لابي عبدالله عليه السلام: " أرأيت إن وجدت علي

___________________________________

(١) كنيته أبومحمد كان من بنى سالم بن عوف حليف بنى الخزرج قال الواقدى: استأخر اسلامه ثم أسلم وشهد المشاهد وهو الذى نزلت فيه بالحديبية الرخصة في حلق رأس المحرم والفدية.

وتوفى سنة ٥١ أو ٥٢ كما في تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلانى.

وعجرة بضم العين المهملة وفتح الراء كما في القاموس.

(٢) النسك بالضم وبضمتين وكسفينة الذبيحة.(القاموس)

(٣) ما بين القوسين لم أجده في مظانه والبقية تتمة الخبر.

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٣٥٨ والشيخ في التهذيبين باختلاف في اللفظ وزيادة وفيها " لكل مسكين مدان " وسند الكافى حسن كالصحيح وفى التهذيبين حسن.

ولعل ما نقله المصنف غيره وما ذكره من الصاع محمول على الاستحباب ويدل الخبر على أحكام منها: جواز الخلق في حال الاضطرار مع الالتزام بالكفارة والعلماء أجمعوا على وجوب الكفارة وهى الفدية على المحرم إذا حلق رأسه سواء كان متعمدا او لاذى أو غيره كما في المنتهى، والآية وكذا الرواية علقتا الحكم على الحلق للاذى الا أن ذلك تقتضى وجوب الكفارة على غيره بطريق أولى، ومنها أن الصدقة اطعام ستة مساكين وهو المشهور بين الاصحاب، وذهب بعض الاصحاب إلى وجوب اطعام عشرة لكل مسكين مد لرواية عمر بن يزيد المروية في التهذيب ج ١ ص ٥٤٢، ومنها أن النسك المذكور في الاية شاة وهو المقطوع به في كلام الاصحاب.

٣٥٨

قرادا أو حملة(١) أطرحها عني وأنا محرم؟ قال: نعم وصغارا لهما إنهما رقيا في غير مرقاهما "(٢) .

٢٦٩٩ - وقال: له معاوية بن عمار: " المحرم يحك رأسه فتسقط القملة والثنتان(٣) فقال: لا شئ عليه ولا يعيدها(٤) ، قال: كيف يحك المحرم؟ قال: بأظفاره ما لم يدم ولا يقطع شعره ".

٢٧٠٠ - وسأله " عن المحرم يبعث بلحيته فيسقط منها الشعرة والثنتان؟ قال: يطعم شيئا ".

٢٧٠١ - وفي خبر آخر: " مدا من طعام أو كفين "(٥) .

والاولى أن لا يحك المحرم رأسه إلا حكا رفيقا بأطراف الاصابع(٦) .

___________________________________

(١) قيل: القراد كغراب: دويبة تلصق بجسم البعير، والحلمة محركة: الدودة الصغيرة تقع في الجلد فتأكله.

(٢) " وصغار لهما " أى ذل يعنى لا بأس باذلا لهما بالطرح فانهما فعلا ما ليس لهما لانهما يكونان في الابل لا في الانسان (الوافى).

وقال في المدارك: قطع أكثر الاصحاب بجواز القاء القراد والحلم عن نفسه وعن بعيره ولادلالة في الروايات على جواز القاء الحلم عن البعير، وقال الشيخ في التهذيب: ولا بأس أن يلقى المحرم القراد عن بعيره وليس له أن يلقى الحلمة وهو لا يخلو من قوة.

(٣) كذا في النسخ، وقيل الصواب " قملة وثنتان " كما لا يخفى.

(٤) كذا في جميع النسخ ولكن في التهذيب " ولا يعود " وهو تصحيف لما روى فيه ج ١ ص ٥٤٣ عن الحلبى قال: " حككت رأسى وأنا محرم فوقع منه قملات فأردت ردهن فنهانى (يعنى أبا عبدالله عليه السلام) وقال: تصدق بكف من طعام ".

(٥) روى الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ١٩٨ في القوى كالصحيح عن منصور عن أبى عبدالله عليه السلام " في المحرم إذا مس لحيته فوقع منها شعرة، قال: يطعم كفا من طعام أو كفين " والظاهر أن هذا هو الخبر الذى أشار اليه المصنف لكن صحف فيه " كفا " وصار " مدا " ولا مناسبة بين المد والكفين ظاهرا.

(٦) في الكافى ج ٤ ص ٣٦٥ باسناد ضعيف عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " إذا حككت رأسك فحكه رفيقا ولا تحكن بالاظفار ولكن باطراف الاصابع " وحمل على الاستحباب لما رواه ذيل عنوان أدب المحرم والظاهر كونه في المستحبات والمكروهات.

٣٥٩

٢٧٠٢ - وفي رواية هشام بن سالم قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " إذا وضع أحدكم يده على رأسه وعلى لحيته وهو محرم فسقط شئ من الشعر فليتصدق بكف من كعك أو سويق "(١) .

٢٧٠٣ - وروى أبان، عن أبي الجارود(٢) قال: " سأل رجل أبا جعفر عليه السلام عن رجل قتل قملة وهو محرم، قال: بئس ما صنع، قال: فما فداؤها؟ قال: لا فداء لها ".

٢٧٠٤ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " المحرم يلقي عنه الدواب كلها إلا القملة من جسده، فإذا أراد أن يحول قملة من مكان إلى مكان فلا يضره ".

٢٧٠٥ - وروى أبان، عن زرارة قال: " سألته عن المحرم هل يحك رأسه أو يغسل بالماء؟ فقال: يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة، ولا بأس بأن يغتسل بالماء ويصب على رأسه ما لم يكن ملبدا، فإن كان ملبدا(٣) فلا يفيض على رأسه الماء إلا من احتلام ".

٢٧٠٦ - وسأل يعقوب بن شعيب أبا عبدالله عليه السلام " عن المحرم يغتسل؟ فقال: نعم ويفيض الماء على رأسه ولا يدلكه "(٤) .

___________________________________

(١) الكعك: خبز معروف، معرب كاك.

والسويق طعام معروف وهو الدقيق المشوى من أصناف الحبوب.

ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٤٤ والاستبصار ج ٢ ص ١٩٩ وفيهما " فليتصدق بكف من طعام أو كف من سويق ".

(٢) ضعيف جدا.

وروى الكلينى في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام: " ما تقول في محرم قتل قملة، قال: لا شئ عليه في القمل ولا ينبغى أن يتعمد قتلها ".

والمشهور في القاء القملة أو قتلها كفا من الطعام وربما قيل بالاستحباب كما هو ظاهر الكلينى ولعله أقوى وحمله بعضهم على الضرورة. (المرآة)

(٣) في النهاية الاثيرية: تلبيد الشعر: أن يجعل فيه شئ من صمغ عند الاحرام لئلا يشعث ويقمل ابقاء على الشعر، وانما يلبد من يطول مكثه في الاحرام.

(٤) ولا يدلكه لرفع الوسخ لئلا يسقط الشعر ولا يدمى. (م ت)

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640