من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267577 / تحميل: 8506
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

البطالة ينافي ما عليه الإسلام ، وما هو معروف من مبادئه من انه ينكر البطالة ويحث عل العمل وعدم الاتكال على الآخرين.

ويقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ملعون من القى كلّه على الناس »(١) .

ويقول الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

« لنقـل الصخر من قلل الجبال

أعز الي من مـنـن الـرجال

يقول الناس لي في الكسب عار

فقلت العار في ذْل السؤال »(٢)

بهذا الأسلوب يواجه الإسلام الأفراد فهو دين العزة والرفعة ، وهو دين الجد والعمل ، ولا يريد للمجتمع أن يعيش أفراده يتسكعون ويتكففون.

فلماذا اذاً يعودهم على الاتكال على غيرهم ؟.

للإجابة على ذلك نقول :

إن الإسلام بتشريعه الانفاق بنوعيه الالزامي والتبرعي لم يرد للأفراد أن يتكلوا على غيرهم في مجال العيش والعمل بل على العكس نراه يحارب بشدة الاتكالية ، والاعتماد على أيديِ الآخرين.

بل الإسلام يكره للفرد أن يجلس في داره وله طاقة على العمل ، ويطلب الرزق من الله فكيف بالطلب من انسان مثله.

يقول الإمام الصادقعليه‌السلام :

__________________

(١ و ٢) المحجة البيضاء ٧ / ٤٢٠.

٤١

« أربعة لا تستجاب لهم دعوة رجل جالس في بيته يقول : اللهم أرزقني فيقال له : ألم آمرك بالطلب ؟ »(١) .

وفي حديث آخر عنهعليه‌السلام فيمن ترد دعوته :

« ورجل جلس في بيته وقال : يا رب ارزقني »(٢) .

وهناك احاديث أخرى جاءت بهذا المضمون ان الله الذي قال في أكثر من آية( ادعوني أستجب لكم ) ، ووعد بالاستجابة بمجرد دعاء عبده ليكره على لسان هذه الأخبار وغيرها أن يدعوا العبد بالرزق ، وهو جالس لا يبدي أي نشاط وفعالية بالاسباب التي توجب الرزق.

واذاً فالإسلام عندما شرع بنوعية الإلزامي والتبرعي لم يشرعه لمثل هؤلاء المتسولين بل حاربهم ، واظهر غضبه عليهم.

فعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنه قال :

« ثلاثة يبغضهم الله ـ الشيخ الزاني ، والفقير المحتال ، والغني الظلوم »(٣) .

إنما شرع الإنفاق للفقير الذي لا يملك قوت سنته ، وقد اضطره الفقر لأن يجلس في داره.

وقد تضمنت آية الزكاة مصرف الزكاة فحصرت الاصناف الذين يستحقونها في ثمانية اثنان منهم الفقراء ، والمساكين ، وستة أصناف لم يؤخذ الفقر صفة لهم بل لمصالح خاصة استحقوها :

__________________

(١ و ٢) أصول الكافي ٢ / ٥١١ ـ طبعة طهران ـ تصحيح وتعليق الغفاري.

(٣) الدر المنثور في تفسير الآية ٢٧١ من صورة البقرة.

٤٢

يقول سبحانه :

( إنما الصّدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرّقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ) (١) .

وأما مصرف بقية موارد الانفاق الإلزامي من كفارات ، والإنفاق التبرعي فكلفه للفقراء.

والفقراء في المصطلح الشرعي هم الذين يستحقون هذا النوع من المساعدة كلهم اخذ فيهم أن لا يملكوا قوت سنتهم ، أو كان ما عنده من المال لا يكفيه لقوت سنته أما من كان مالكاً لقوت سنته وأخذ منها فهو محتال وسارق لقوت غيره.

ولا يعطى من الصدقات ، وإذا اعطي من الصدقات فمن التبرعية لا الإلزامية وله عند الله حسابه لو عوّد نفسه على التكفف والتسول والأخذ من الصدقات التبرعية ، وبه طاقة على العمل.

__________________

(١) سورة التوبة / آية : ٦٠.

٤٣

الطرق التي سلكها القرآن الكريم

للحث على الإنفاق

وكما قلنا إن الأساليب التي اتخذها القرآن الكريم لحث الفرد على هذه العملية الإنسانية كثيرة وبالامكان بيان ابرز صورها وهي :

١ ـ الترغيب والتشويق إلى الإنفاق.

٢ ـ التنأيب على عدم الإنفاق.

٣ ـ الترهيب والتخويف على عدم الإنفاق.

١ ـ التشويق إلى الإنفاق والبذل والحث عليه :

ولم يقتصر هذا النوع من التشويق على صورة واحدة بل سلك القرآن في هذا المجال مسالك عديدة وصور لتحبيب الإنفاق صوراً مختلفة :

٤٤

الصورة الأولى من التشويق :

الضمان بالجزاء

لقد نوخت الآيات التي تعرضت إلى الإنفاق والتشويق له أن تطمئن المنفق بأن عمله لم يذهب سدى ، ولم يقتصر فيه على كونه عملية تكافلية إنسانية لا ينال الباذل من ورائها من الله شيئاً ، بل على العكس سيجد المنفق أن الله هو الذي يتعهد له بالجزاء على عمله في الدنيا وفي الآخرة.

أما بالنسبة إلى الجزاء وبيان ما يحصله الباذل ازاء هذا العمل فإن الآيات الكريمة تتناول الموضوع على نحوين :

الأول : وقد تعرضت إلى بيان أن المنفق سيجازيه الله على عمله ويوفيه حقه أما ما هو الحزاء ونوعيته فإنها لم تتعرض لذلك ، بل أوكلته إلى النحو الثاني الذي شرح نوعية الجزاء وما يناله المنفق في الدنيا والآخرة.

١ ـ الآيات التي اقتصرت على ذكر الجزاء فقط :

يقول تعالى :

( وما تنفقوا من خير يوفّ إليكم وانتم لا تظلمون ) (١) .

وفي آية أخرى قال سبحانه :

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٢٧٢.

٤٥

( وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفّ إليكم وأنتم تظلمون ) (١) .

ويظهر لنا من مجموع الآيتين أنهما تعرضتا لأمرين :

الأول : اخبار المنفق واعلامه بأن ما ينفقه يوقى إليه ، وكلمة ( وفى ) في اللغة تحمل معنيين :

أحدهما : انه يؤدي الحق تاماً.

ثانيهما : انه يؤدي بأكثر.

وقوله سبحانه :( يُوَفَ إليكُم ) تشتمل بإطلاقها المعنيين أي يعطى جزاءه تاماً بل بأكثر مما يتصوره ويستحقه والمنفق.

الثاني : تطمين المنفق بأنه لا يظلم إذا أقدم على هذه العملية الإنسانية وهذا تأكيد منه سبحانه لعبده وكفى بالله ضامناً ومتعهداً في الدارين ويستفاد ذلك من تكرار الآية الكريمة وبنفس التعبير في الأخبار بالوفاء ، وعدم الظلم وحاشا له وهو الغفور الرحيم أن يظلم عبداً أنفق لوجهه ، وبذل تقرباً إليه.

هذا النوع من الإطمئنان للمنفق بأنه لا يظلم بل يؤدى إليه حقه كاملاً بل بأكثر.

وفي آية أخرى نرى التطمين من الله عز وجل يكون على شكل آخر فيه نوع من الحساب الدقيق مع المنفقين.

( الّذين ينفقون أموالهم باللّيل والنّهار سراً وعلانية فلهم

__________________

(١) سورة الانفال / آية : ٦٠.

٤٦

أجرهم عند ربّهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) (١) .

ولم يتعرض سبحانه لنوعية الجزاء من الأجر بل أخفاه ليواجههم به يوم القيامة فتزيد بذلك فرحتهم.

( ولا خوف عليهم ) من فقرٍ ، أو ملامة لأن الله عز وجل هو الذي يضمن لهم ، ثم ممن الخوف ؟

من اعتراض المعترضين ؟ ، وقد جاء في الحديث ( صانع وجهاً يكفيفك الوجوه ) ، أم من الفقر ، ونفاد المال ؟ وقد صرحت الآيات العديدة بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يقسم بين الناس معايشهم كما ذكرنا ذلك في الآيات السابقة.

( ولا هم يحزنون ) .

وقد ورد في تفسير هذه الآية أنها نزلت في الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنينعليه‌السلام : « كانت عنده أربع دراهم فانفق بالليل درهماً ، وفي النهار درهماً وسراً درهماً وعلانيةً درهماً »(٢) .

وتتفاوت النفوس في الإيمان والثبات فلربما خشي البعض من العطاء فكان في نفسه مثل ما يلقاه المتردد في الاقدام على الشيء.

لذلك نرى القرآن الكريم يحاسب هؤلاء ويدفع بهم إلى الإقدام على الانفاق وعدم التوقف فيقول سبحانه :

( قل إنّ ربّي يبسُطُ الرّزقَ لمن يشاءُ من عبادِهِ ويقدِرُ له وما

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٢٤٧.

(٢) الدر المنثور : في تفسيره لهذه الآية.

٤٧

أنفقتُم من شَيءٍ فهو يخلفُهُ وهو خيرُ الرّازقينَ ) (١) .

ومع الآية الكريمة فإنها تضمنت مقاطع ثلاثة :

١ ـ قوله :( قل أن ربي يبسط الرّزقَ لمن يشاءُ من عبادهِ ويقدِرُ له ) .

٢ ـ قوله :( وما أنفقتُم من شيء فهوَ يخلفْهُ ) .

٣ ـ قوله :( وهو خيرُ الرازقين ) .

أولاً :

( قل إن ربي يبسُطُ الرزق لمن يشاءُ ) .

ولا بد للعبد أن يعلم أن الرازق هو الله وأن بيده جميع المقاييس والضوابط فالبسط منه والتقتير منه أيضاً وفي كلتا الحالتين تتدخل المصالح لتأخذ مجراها في هاتين العمليتين ، وليس في البين أي حيف وميل بل رحمة وعطف على الغني بغناه ، وعلى الفقير بفقره فكلهم عبيده وعباده وحاشا أن يرفع البعض على اكتاف الآخرين.

أما ما هي المصالح ؟.

فإن علمها عند الله وليس الخفاء فيها يوجب القول بعدم وجودها.

وفي الحديث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إن الله سبحانه يقول :

__________________

(١) سورة سبأ / آية : ٣٩.

٤٨

( عبدي أطعني بما أمرتك ولا تعلمني ما يصلحك ) .

ثانياً :

( وما أنفقتُم من شيءٍ فهو يخلفْهُ ) .

فعن جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله :

« كل معروف صدقة ، وما وقى به الرجل عرضه فهو صدقة ، وما انفق المؤمن من نفقة فعلى الله خلفها ضامناً »(١) .

ثالثاً :

( وهو خير الرازقين ) .

أما أنه خير الرازقين فلأن عطاءه يتميز عن عطاء البشر.

عطاؤه يأتي بلا منة.

وعطاء البشر مقرون بمنة.

وعطاؤه من دون تحديد نابع عن ذاته المقدسة الرحيمة الودودة التي هي على العبد كالأم الرؤوم بل وأكثر من ذلك ، وعطاء البشر محدود.

وكذب من قال انه محدود العطاء :

( بل يداهُ مبسوطتانِ ينفِقُ كيفَ يشاءُ ) (٢) .

وقد جاء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية.

(٢) سورة المائدة / آية : ٦٤.

٤٩

« ان يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سخاء بالليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه »(١) .

وقد جاء الوعد بالجزاء فقط في آيات أخرى فقد قال سبحانه :

( وما تُنفقوا من خيرٍ فأنَّ اللهَ به عليمٌ ) (٢) .

( وما أنفقتُم من نفقةٍ أو نذرتُم من نذرٍ فأنَّ الله يعلَمَهُ ) (٣) .

( وما تُنفقُوا من شيءٍ فإنَّ الله به عليمٌ ) (٤) .

وقد فسر قوله «عليم » أو «يعلمه » بالجزاء لأنه عالم فدل ذكر العلم على تحقيق الجزاء.

وفي تفسير آخر للآيات الكريمة أن معنى عليم أو يعلمه في هذه الآيات أي يجازيكم به قل أو كثر لأنه عليم لا يخفى عليه شيء من كل ما فعلتموه وقدمتموه لوجهه ولمرضاته عز وجل.

٢ ـ الآيات التي تطرقت لنوعية الجزاء :

يختلف لسان الآيات بالنسبة لبيان نوعية الجزاء فهي تارة : تذكر الجزاء ولا ذكر فيه للجنة.

وأخرى : تذكر الجنة وتبشر المنفق بأنها جزاؤه.

وما ذكر فيه الجنة أيضاً جاء على قسمين :

__________________

(١) الدر المنثور في تفسيره لهذه الآية.

(٢) سورة البقرة / آية : ٢٧٣.

(٣) سورة البقرة / آية : ٢٧٠.

(٤) سورة آل عمران / آية : ٩٢.

٥٠

فمرة : نرى الآية تقتصر على ذكر الجنة جزاء.

وثانية : تحبب إلى المنفق عمله فتذكر الجنة وما فيها من مظاهر تشتاق لها النفس كالانهار والاشجار وما شاكل.

ومن الاجمال إلى التفصيل :

يقول سبحانه :

( إنما المؤمنونَ الذينَ إذا ذُكِرَ اللهُ وجلَتْ قلوبُهُم وإذا تليَتْ عليهِم آياتُهُ زادتهُم إيماناً وعلى ربِّهِم يتوكَّلُون *الذينَ يقيمونَ الصَّلاةَ وممّا رزقناهُم يُنفِقون *أولئِكَ هُمُ المؤمنونَ حقّاً لهم درجاتٌ عندَ ربِّهِم ومغفرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ ) (١) .

( إنما المؤمنون ) إنما أداة حصر تفيد أن ما بعدها هم المؤمنون هؤلاء الذين عددت الآية الكريمة صفاتهم وهم الذين جمعوا هذه الصفات.

وكانت صفة الانفاق من جملة مميزات المؤمنين وصفاتهم التي بها نالوا هذا التأكيد من الله سبحانه بقوله :

( أولئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حقّاً ) (٢) .

أما ما أعد لهم من جزاء فهو :

( درجات عند ربهم ) وهي الحسنات التي استحقوا بها تلك المراتب العالية.

__________________

(١) سورة الانفال / آية : ٢ ـ ٤.

(٢) سورة الانفال / آية : ٤ و ٧٤.

٥١

( ومغفرة ) لذنوبهم من غير حساب على ما فعلوه في هذه الدنيا من مخالفات.

( ورزق كريم ) : وهو رزق لا يصيبه ضرر ولا يخاف من نقصانه لأنه من الله جلت عظمته ، وما كان من الله ينمو وتكون فيه البركة فهو رزق طيب ومن كريم.

وفي آية كريمة أخرى يقول عز وجل :

( إنّ المسلمينَ والمسلماتِ والمؤمنينَ والمؤمناتِ والقانتينَ والقانتاتِ والصّادقينَ والصّادقاتِ والصّابرينَ والصّابراتِ والخاشعينَ والخاشعاتِ والمُتصدّقينَ والمُتصدّقاتِ ـ إلى قوله تعالى ـأعدَّ اللهُ لهم مغفرةً وأجراً عظيماً ) (١) .

( والمتصدقين والمتصدقات ) .

هؤلاء من جملة من أعد الله لهم المغفرة والأجر العظيم جزاء على هذه الصفة وهذا الشعور التعاطفي بالنحو على الضعيف.

وأما الأيات التي ذكرت الجنة جزاء للمنفق فمنها قوله تعالى :

( أفمن يعلمُ أنّما أُنزلَ إليكَ من ربّكَ الحقُّ كمن هو أعمَى إنّما يتذكّرُ أولُوا الألبابِ *الّذينَ يُوفُونَ بعهدِ اللهِ ولا يُنقضُونَ الميثاقَ *والّذين يصلُونَ ما أمرَ اللهُ بهِ أنْ يوصَلَ ويخشونَ ربّهم ويَخافونَ سوءَ الحساب *والّذينَ صَبَرُوا ابتغاءَ وجهِ ربّهم وأقامُوا الصّلاة وأنفَقُوا ممّا رزقناهُم سرّاً وعلانِيَةً ويدْرَءُونَ بالحَسَنَةِ السّيِّئَةَ أولئك لهم عقبى الدّارِ *جنّاُت عدنٍ يَدخلونَهَا ) (٢) .

__________________

(١) سورة الأحزاب / آية : ٣٥.

(٢) سورة الرعد / آية : ١٩ ـ ٢٣.

٥٢

يقف الإنسان عند هذه الآيات وهو يرتلها بخشوع ليلحظ من خلالها إنها فرقت بين صنفين من الناس كافر ، ومؤمن ، وقد وصفت الكافر أنه( أعمى ) لا يتذكر ولا ينفع معه شيء.

أما المؤمن ، وهو من يتذكر فأنه ينظر بعين البصيرة ، وقد شرعت ببيان أوصاف هؤلاء المؤمنين ، ومن جملة صفاتهم أنهم الذين ينفقون مما رزقناهم سراً وعلانيةً.

في السر : فإنما هي لرعاية الفقير وحفظ كرامته لئلا يظهر عليه ذل السؤال.

ويحدثنا التاريخ عن أئمة أهل البيتعليهم‌السلام إنهم كانوا إذا أرادوا العطاء أعطوا من وراء ستار حفاظاً منهم على عزة السائل وكرامته ، وتنزيهاً للنفس لئلا يأخذ العجب والزهو فتمن على السائل بهذا العطاء فيذهب الأجر.

أما في العلانية : فإنما هو لتشجيع الأخرين على التسابق على الخير والاحسان أو لدفع التهمة عن النفس لئلا يرمى المنفق بالبخل والامتناع عن هذا النوع من التعاطف الإنساني.

أما جزاؤهم : فهو العاقبة الحسنة ، وأن لهم الجنة جزاء قيامهم بهذه الأعمال وتفقدهم لهؤلاء الضعفاء في جميع الحالات سراً وعلانيةً.

وفي آيات أخرى نرى القرآن لا يقتصر على ذكر الجنة فقط كجزاء للمنفق بل يتطرق لبيان ما فيها وما هي ليكون ذلك مشوقاً للمنفق في أن يقوم بهذه الأعمال الخيرة لينال جزاءه في الآخرة.

٥٣

قال تعالى :

( وسارعُوا إلى مغفرةٍ من ربّكُم وجنّةٍ عرضُهَا السماواتُ والأرضُ أعدَّت للمُتّقينَ *الّذين ينفقونَ في السّرّاءِ والضّرّاءِ والكاظِمِينَ الغيظَ والعافينَ عن النّاسِ واللهُ يحبُّ المُحسنينَ ) (١) .

وقال جلت عظمته :

( قل أؤنبّئكمُ بخيرٍ من ذلكُم للذينَ اتّقَوا عندَ ربّهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهارُ خالدينَ فيها وأزواجٌ مطهّرةٌ ورضوانٌ من اللهِ واللهُ بصيرٌ بالعبادِ *الّذين يقولونّ ربّنا إنّنا آمَنّا فأغفِر لنا ذُنُوبَنَا وقِنا عذابَ النّار *الصّابرينَ والصّادقينَ والقانتينَ والمُنفقينَ والمُستغفرينَ بالأسحارِ ) (٢) .

وقد تضمنت الآيات نحوين من الجزاء :

الأول : جزاء حسي.

الثاني : جزاء روحي.

أما الجزاء الحسي : فيتمثل بقوله تعالى في الآية الأولى :

( جنة عرضُها السماواتُ والأرضُ ) .

وفي الآية الثانية فيتمثل بقوله تعالى :

( جنّاتٌ تجري من تَحتِها الأنهارُ خالدينَ فيها وأزواجٌ مطهرةٌ ) .

وتأتي هذه الصفات أو المشوقات للجنة من كونها بهذا الحجم الواسع عرضاً فكيف بالطول لأن العرض غالباً يكون أقل من الطول ،

__________________

(١) سورة آل عمران / آية : ١٣٣ ـ ١٣٤.

(٢) سورة آل عمران / آية : ١٥ ـ ١٦ ـ ١٧.

٥٤

ومن أن فيها الأشجار ، ومن تحت تلك الأشجار الأنهار الجارية وفيها أزواج ، وتلك الأزواج مطهرة من دم الحيض والنفاس ، ومن كل الأقذار والقبائح وبقية الصفات الذميمة.

تأتي كل هذه الصفات مطابقة لما تشتهيه النفس ، وما اعتادت على تذوقه في الدنيا من مناظر الأشجار والأنهار والنساء وأن ذلك غير زائل بل هو باقٍ وكل هذه الأمور محببة للنفس وقد استحقها المنفق جزاء تعاطفه وإنفاقه في سبيل الله ونيل مرضاته جلت عظمته.

أما الجزاء الروحي : فيتمثل بقوله تعالى في الآية الأولى :

( والله يحبُ المحسنين ) .

( ورضوانٌ من اللهِ ) .

رضا الله ومحبته له والتفاته وعطفه كل هذه غاية يتوخاها الإنسان يبذل بازائها كل غالٍ ونفيس ، وما أسعد الإنسان وهو يرى نفسه محبوباً لله سبحانه راضياً عنه.

على أن في الأخبار بالرضا والمحبة في آيتين تدرجاً ظاهراً وواضحاً فإن المحبة أمر أعمق من مجرد الرضا وواقع في النفس من ذلك.

وصحيح ان الإنسان يسعى جاهداً ويقوم بكل عبادة ليحصل على رضا الله ، ولكن محبة الله له هي معنى له تأثيره الخاص في النفس.

ان عباد الله المؤمنين يشعرون بهذه اللذة وهذه الراحة النفسية عندما يجد الفرد منهم أنه مورد عناية الله في توجهه إليه.

٥٥

الصورة الثانية من التشويق :

جعل المنفقين من المتقين أو المؤمنين

ويتحول القرآن الكريم إلى إعطاء صورة أخرى من صور التشويق للانفاق والبذل والعطاء فنراه يرفع من مكانة هؤلاء المحسنين ، ويجعلهم بمصاف النماذج الرفيعة من الذين اختارهم وهداهم إلى الطريق المستقيم.

ففي آية يعدّهم من أفراد المتقين ، وفي أخرى من المؤمنين ، وفي ثالثة يقرنهم بمقيم الصلاة ، والمواظبين عليها ، وهو تعبير يحمل بين جنباته بأن هؤلاء من المطيعين لله والمواظبين على امتثال أوامره يقول سبحانه عز وجل :

( ذلكَ الكتابُ لا ريبَ فيه هدىً للمُتّقينَ *الذينَ يؤمنونَ بالغيبِ ويقيمونَ الصّلاةَ وممّا رزقناهُم يُنفقونَ ) (١) .

ومن خلال هذه الآية نلمح صفة الإنفاق وما لها من الأهمية بحيث كانت إحدى الركائز الثلاثة التي توجب إطلاق صفة المتقي على الفرد.

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٢ ـ ٣.

٥٦

فمن هم المتقون ؟.

ويأتينا الجواب عبر الآية الكريمة بأنهم :

( الّذين يؤمنونَ بالغيبِ ويُقيمونَ الصلاةَ ومما رزقناهم يُنفقونَ ) .

( يُؤمنونَ بالغيبِ ) :

يؤمنون بما جاء من عند الله من أحكامه وتشريعاته وما يخبر به من المشاهد الآتية من القيامة والحساب والكتاب والجنة والنار وما يتعلق بذلك من مغيبات يؤمنون بها ، ولا يطلبون لمثل هذا الايمان مدركاً يرجع إلى الحس والنظر والمشاهدة بل تكفيهم هذه الثقة بالله وبما يعود له.

( ويقيمونَ الصلاة ) :

فمنهم في مقام اداء فرائضهم مواظبون ولا يتأخرون ويتوجهون بعملهم إلى الله يطلبون رضاه ، ولا يتجهون إلى غيره ، يعبدونه ولا يشركون معه أحداً ، وأداء الصلاة هو مثال الخضوع والعبودية بجميع الأفعال ، والأقوال. يقف الفرد في صلاته خاشعاً بين يدي الله ويركع ويسجد له ، ويضع أهم عضو في البدن وهو الجبهة على الأرض ليكون ذلك دليلاً على منتهى الإطاعة والخضوع ، ويرتل القرآن ليمجده ويحمده ويسبحه ويهلله فهي إذاً مجموعة أفعال وأقوال يرمز إلى الاذعان لعظمته ، والخضوع لقدرته وبذلك تشكل عبادة فريدة من نوعها لا تشبهها بقية العبادات.

( ومما رزقناهم ينفقون ) :

كل ذلك من الجوانب الروحية ، وأما من الجوانب المالية ،

٥٧

فإن المال لا يقف في طريق وصولهم إلى الهدف الذي يقصدونه من الاتصال بالله فهم ينفقون مما رزقناهم غير آبهين به ولا يخافون لومة لائم في السر والعلن ، وفي الليل والنهار كما حدّث القرآن الكريم في آيات أخرى مماثلة.

هؤلاء هم المنفقون الذين كات الإنفاق من جماة مميزاتهم ، وقد مدحهم الله جلت قدرته بقوله :

( أولئكَ على هدىً من ربّهم وأولئكَ هُمُ المُفلحونَ ) (١) .

( هدىً من ربهم ) :

بلى : هدى وبصيرة فلا يضلون ولا يعمهون في كل ما يعود إلى دينهم ودنياهم.( وأولئك هم المفلحون ) :

بكل شيء مفلحون في الدينا بما ينالهم من عزٍ ورفعة لأنهم خرجوا من ذل معصية الله إلى عز طاعته تماماً كما يقول الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام :

« إذا أردت عز بلا عشيرة وهيبةً بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله إلى عز طاعته »(٢) .

ومفلحون في الآخرة التي وعدهم بها كما جاء ذلك في آيات عديدة من كتابه الكريم.

ولم يقتصر الكتاب على هذه الآية في عد الانفاق من جملة صفات المتقين بل درج مع الذين ينفقون من المتقين حيث قال سبحانه :

__________________

(١) سورة البقرة / آية : ٥.

(٢) من كلماتهعليه‌السلام في نهج البلاغة.

٥٨

( وسارعُوا إلى مغفرةٍ مِن ربّكُم وَجنَّةً عرضُهَا السَمَاواتُ و الأرضُ أعِدَّتْ للمتّقينَ *الّذين يُنفقونَ في السّرّاءِ والضّرّاءِ والكاظمينَ الغيظَ والعافينَ عن النّاسِ واللهُ يُحبُّ المُحسنينَ ) (١) .

ومن خلال هذه الآية نرى الأهمية للإنفاق تبرز بتقديم المنفقين على غيرهم من الأصناف الذين ذكرتهم الآية والذين أعدت لهم الجنة من الكاظمين والعافين.

هؤلاء المنفقون الذين لا يفترون عن القيام بواجبهم الإجتماعي في حالتي اليسر والعسر في السراء والضراء يطلبون بذلك وجه الله والتقرب إلى ساحته المقدسة.

وعندما نراجع الآية الكريمة في قوله تعالى :

( الم *تلك آياتُ الكتابِ الحكيمِ *هدىً ورحمةً للمحسنينَ *الذينَ يقيمونَ الصّلاةَ ويؤتونَ الزّكاةَ وهم بالأخرةِ هُم يوقنونَ *أولئكَ على هدىً من ربّهِم وأولئكَ هُمُ المُفلحونَ ) (٢) .

نرى نفس الموضوع تكرره الآية هنا ، ولكن في الآية السابقة قالت عن المنفق بأنه من المتقين ، وهنا من المحسنين.

وفي الآية السابقة الانفاق بكل ما ينفق وهنا عن الانفاق بالزكاة ، فالنتيجة لا تختلف كثيراً ، والصورة هي الصورة نفسها إنفاق من العبد ، وتشويق من الله ، ومدح له بنفس ما مدح المتقي سابقاً.

__________________

(١) سورة آل عمران / آية : ١٣٣ ـ ١٣٤.

(٢) سورة لقمان / آية : ١ ـ ٥.

٥٩

والحديث في الآيتين عن المتقين والمحسنين ، ومن جملة صفاتهم الإنفاق وأداء ما عليهم من الواجب الإجتماعي المتمثل في الإنفاق التبرعي ، أو الإلزامي ، وقد قال عنهم في نهاية المطاف بنفس ما مدح به المتقين في الآية السابقة.

( أولئكَ على هدىً من ربّهم وأولئكَ هُمُ المفلحونَ ) (١) .

وفي وصف جديد في آية كريمة أخرى يصفهم الله بأنهم من المخبتين.

( وبشِّرِ المخبتينَ *الذين إذا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قلوبهم والصّابرينَ على ما أصابَهُم والمُقيمي الصّلاةِ وممّا رزقناهُم يُنفقونَ ) (٢) .

( والمخبتون ) هم المتواضعون لله المطمئنون إليه.

وعندما شرعت الآية بتعدادهم قالت عنهم :

( الذين إذا ذُكِرَ الله وجلتْ قلوبهُمْ ) .

انها النفوس المطمئنة التي إذا ذكر الله ، ـ وذكر الله هنا التخويف من عقابه وقدرته وسطوته ـ وجلت قلوبهم أي دخلها الخوف ولكنه خوف مشوب برجاء عطفه ورحمته.

ولا يأس معه من روح الله لأنه :

( لا يايئسُ من روحِ اللهِ إلا القومُ الكافرونَ ) (٣) .

__________________

(١) سورة لقمان / آية : ٥.

(٢) سورة الحج / آية : ٣٤ ، ٣٥.

(٣) سورة يوسف / آية : ٨٧.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

٢٧٠٧ - وفي رواية حريز عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا اغتسل المحرم من الجنابة صب على رأسه الماء ويميز الشعر بأنامله بعضه من بعض "(١) .

[المحرم يتزوج أو يزوج أو يطلق] (٢)

٢٧٠٨ - وقال عليه السلام " في المحرم يشهد نكاح محلين؟ قال عليه السلام: لا يشهد(٣) ، ثم قال: يحوز للمحرم يشير بصيد على محل؟ "(٤) .

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: وهذا على الانكار لذلك لا على أنه يجوز.

٢٧٠٩ - وروى عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " ليس للمحرم أن يتزوج ولا يزوج محلا، فان تزوج أو زوج فتزويجه باطل ".

٢٧١٠ - و " إن رجلا من الانصار تزوج وهو محرم فأبطل رسول الله صلى الله عليه وآله نكاحه"(٥) .

٢٧١١ - وقال عليه السلام(٦) : " من تزوج امرأة في إحرامه فرق بينهما، ولم

___________________________________

(١) يليصل الماء إلى أصول الشعر بالرفق (م ت) ومازه يميزه ميزا: عزله.

(٢) العنوان زيادة منا أضفناه للتسهيل.

(٣) لا خلاف في عدم جواز الشهادة سواء كانت لحمل أو لمحرم وكذا في الاقامة على المشهور، وقيد الشيخ تحريم الاقامة بما إذا تحملها وهو محرم، والمشهور عموم المنع كما في المدارك.

(٤) استفهام انكارى، وليس هذا من القياس بل هو تشبيه حكم بحكم للتفهيم أو للمباحثة مع العامة.(م ت)

(٥) رواه الكلينى ج ٤ ص ٣٧٢ والشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٤١ في الصحيح عن عبدالرحمن بن أبى عبدالله عليه السلام.

(٦) يعنى الصادق عليه السلام كما رواه الكلينى في الموثق عن ابراهيم بن الحسن عنه عليه السلام ج ٤ ص ٣٧٢ وفيه " ثم لا يتعاودان أبدا " ومثله في التهذيب ج ١ ص ٥٤١.

٣٦١

تحل له أبدا "(١) .

٢٧١٢ - وفي رواية سماعة " لها المهر إن كان دخل بها "(٢) .

٢٧١٣ - وفي رواية عاصم بن حميد، عن أبي بصير: قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: المحرم يطلق ولا يتزوج "(٣) .

٢٧١٤ - وسأل سعيد الاعرج أبا عبدالله عليه السلام " عن الرجل ينزل المرأة من المحمل فيضمها إليه وهو محرم؟ فقال: لا بأس إلا أن يتعمد وهو أحق أن ينزلها من غيره "(٤) .

٢٧١٥ - وروي عن محمد بن الحلبي قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " المحرم ينظر إلى إمرأته وهي محرمة؟ قال: لا بأس "(٥) .

___________________________________

(١) قال الشيخ رحمه الله: فان كان غير عالم بتحريم ذلك جاز له العقد عليها بعد الاحلال ويدل على ذلك ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان وابن أبى عمير، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس عن أبى جعفر عليه السلام قال: " قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ملك بضع امرأة وهو محرم قبل أن يحل، فقضى أن يخلى سبيلها ولم يجعل نكاحه شيئا حتى يحل فاذا أحل خطبها ان شاء، فان شاء أهلها زوجوه وان شاؤوا لم يزوجوه ".

وقال في المدارك: مقتضى الرواية انها لا تحرم مؤبدا بالعقد، وحملها الشيخ على الجاهل جمعا بينها وبين خبرين ضعيفين وردا بالتحريم المؤبد بذلك مطلقا وحملا على العالم وهو مشكل.

وفى المدارك ظاهر المنتهى أن الحكم مجمع عليه بين الاصحاب فان تم فهو الحجة والا فللنظر فيه مجال.

(٢) يحمل على جهل المرأة، والظاهر أن المراد بالمهر مهر المثل كما في كل عقد باطل بعد الدخول. (م ت)

(٣) الطريق حسن كالصحيح، ورواه الكلينى في الصحيح، ويدل على جواز الطلاق دون التزويج وعليه فتوى الاصحاب.

(٤) قوله " ينزل المرأة " الظاهر كونها امرأته دون الاجنبية.

وقوله عليه السلام " الا أن يتعمد " أى الا أن يكون ذلك لاجل الشهوة دون الضرورة للنزول.

(٥) يدل باطلاقه على جواز النظر ولو بشهوة، وقيل: حمل على ما إذا كان بغير شهوة.

٣٦٢

٢٧١٦ - وروي عن خالد بياع القلانس قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل أتى أهله وعليه طواف النساء، قال: عليه بدنة، ثم جاء‌ه آخر فسأله عنها فقال: عليه بقرة، ثم جاء‌ه آخر فسأله عنها، فقال: عليه شاة، فقلت: بعد ما قاموا أصطلحك الله كيف قلت عليه بدنة؟ فقال: أنت موسر(١) وعليك بدنة، وعلى الوسط بقرة، وعلى الفقير شاة"(٢) .

[ما يجوز للمحرم قتله] (٣)

٢٧١٧ - وقال عليه السلام: " لا يذبح الصيد في الحرم وإن صيد في الحل "(٤) .

٢٧١٨ - وروى حنان بن سدير(٥) عن أبي جعفر عليه السلام قال: " أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتل الفأرة في الحرم والافعي والعقرب والغراب الابقع ترميه فإن أصبته فأبعده الله عزوجل وكان يسمي الفأرة الفويسقة، وقال: إنها توهي السقا، وتضرم البيت على أهله "(٦) .

___________________________________

(١) لعل الامام عليه السلام علم أن الرجل الذى سأل الرسول عن حاله هو الراوى نفسه فلذا خاطبه بالحكم وقال: أنت موسر.

(٢) المشهور أنه لو جامع قبل الوقوف بالمشعر يفسد على حجه ويلزمه بدنة وان كان بعد الوقوف وقبل طواف النساء لا يفسد حجه ولزمه بدنة وان جامع بعد الوقوف وقبل طواف الزيارة لزمه بدنة فان عجر فبقرة أو شاة.

(٣) العنوان زيادة منا.

(٤) تقدم تحت رقم ٢٣٦٥.

(٥) الظاهر أنه سقط " عن أبيه " فانه لم يدرك أبا جعفر عليه السلام كما نص عليه الكشى.

(٦) يدل على جواز قتل هذه الحيوانات في الحرم كما يجوز قتلها للمحرم.

والغراب الابقع أى الايلق " ترميه " عن ظهر بعيرك لئلا يؤذيه بأكل سنامه المجروح " فان أصبته " بالرمى و قتلته " فأبعده الله " برميك واصابته وان قتلته مع القتل موقعه فلعنه الله.

و " توهى السقاء " أى تخرقه وتشقه أو تضعفه بمضغ حبله ورباطه ويذهب الماء في الموضع الذى هو فيه كالحياة، وتضرم البيت على أهله " بجر فتيلة السراج وكانه وقع مرة أو مرات فاشتهرت بذلك والمراد بالبيت ما فيه أو بيوت العرب فانها من القصب والجلد غالبا، والظاهر استواء حكم المحرم والحرم في ذلك. (م ت)

٣٦٣

٢٧١٩ - وروى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن ألقى المحرم القراد عن بعيره فلا بأس، ولا يلقي الحملة "(١) .

٢٧٢٠ - وفي رواية حريز عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن القراد ليس من البعير، والحلمة من البعير "(٢) .

٢٧٢١ - وفي رواية علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: " سألته عن المحرم ينزع الحلمة عن البعير؟ فقال: لا هي بمنزلة القملة من جسدك "(٣)

٢٧٢٢ - وروى محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سألته عن المحرم وما يقتل من الدواب؟ قال: يقتل الاسود والافعي والفأرة والعقرب وكل حية، وإن أرادك السبع فاقتله، وإن لم يردك فلا تقتله، والكلب العقور إن أرادك فاقتله، ولا بأس للمحرم أن يرمي الحدأة، وإن عرض له اللصوص امتنع منهم "(٤) .

باب ما يجب على المحرم في أنواع ما يصيب من الصيد

٢٧٢٣ - روى جميل، عن محمد بن مسلم: وزرارة عن أبي عبدالله عليه السلام " في محرم

___________________________________

(١) لا بأس بالقاء القراد عن البعير لانه ليس منه ولا يجوز القاء الحملة لانها منه كما في الرواية الاتية وقد أفتى الشيخ في التهذيب بمضمون الرواية وقال في المدارك: ولا يخلو من قوة لصحة المستند.

(٢) و(٣) كأن فيهما خلطا، رواهما الكلينى ج ٤ ص ٣٦٤ باختلاف.

(٤) الظاهر أن من قوله: " والكلب العقور " إلى هنا من تتمة الحديث ويمكن أن يكون من كلام المصنف أخذه من صحيحة معاوية بن عمار في الكافى ج ٤ ص ٣٦٣ حيث قال فيه " والكلب العقور والسبع إذا أراداك فاقتلهما وان لا يريداك فلا تردهما والاسود الغدر فاقتله على كل حال، وارم الغراب رميا، والحدأة على ظهر بعيرك " وفى آخر حسن كالصحيح عن الحلبى " ويرجم الغراب والحدأة رجما فان عرض لك لصوص امنتعت منهم ".

وقال صاحب الوافى ينبغى حمل الامتناع من اللصوص على ما إذا لم يريدوه، أو اريد بالامتناع عدم التمكين ودفع الشر مهما أمكن.

وقال المولى المجلسى: امتنع منهم بالمحاربة والدفع عن النفس والمال للعمومات.

٣٦٤

قتل نعامة، قال: عليه بدنة لم يجد فإطعام ستين مسكينا، فإن كانت قيمة البدنة أكثر من [ا] طعام ستين مسكينا لم يزد على [ا] طعام ستين مسكينا، وإن كانت قيمة البدنة أقل من [ا] طعام ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة "(١) .

٢٧٢٤ - وروى الحسن بن محبوب، عن داود الرقي عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء، فقال: إذا لم يجد فسبع شياة، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزلة "(٢) .

٢٧٢٥ - وروى عبدالله بن مسكان، عن أبي بصير(٣) قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن محرم أصاب نعامة أو حمار وحش، قال: عليه بدنة، قلت: فإن لم يقدر؟ قال: يطعم ستين مسكينا، قلت: فان لم يقدر على ما يتصدق به ما عليه؟ قال: فليصم ثمانية عشر يوما، قلت: فان أصاب بقرة ما عليه؟ قال: عليه بقرة، قلت: فان لم يقدر؟ قال: فليطعم ثلاثين مسكينا، قلت: فان لم يقدر على ما يتصدق به؟ قال: فليصم تسعة أيام، قلت: فإن أصاب ظبيا ما عليه؟ قال: عليه شاة، قلت: فإن لم يجد؟ قال: فعليه إطعام عشرة مساكين، قلت: فإن لم يحد ما يتصدق به؟ قال: فعليه صيام ثلاثة أيام(٤) ".

___________________________________

(١) البدنة هى الناقة على ما نص عليه الجوهرى ومقتضاه عدم اجزاء الذكر وقيل بالاجزاء وهو اختيار الشيخ وجماعة نظرا إلى اطلاقه اسم البدنة عليه ولقول الصادق عليه السلام في رواية أبى الصباح " وفى النعامة جزور " وليس في هذه الرواية تعيين المدين لكل مسكين بل ربما ظهر منها الاكتفاء بالمد لانه المتبادر من الاطعام ومن ثم ذهب ابن بابوية وابن أبى عقيل إلى الاكتقاء بذلك، ثم اعلم أنه ليس في الروايات تعيين لاطعام البر ومن ثم اكتفى جماعة بمطلق الطعام وهو غير بعيد الا أن الاقتصار على اطعام البر أولى لانه المتبادر من الطعام. (المدارك)

(٢) قال الشيخ وجماعة من الاصحاب قدس الله أسرارهم: من وجب عليه بدنة في نذر أو كفارة ولم يجد كان عليه سبع شياه، واستدلوا بهذه الرواية مع أنها مختصة بالفداء، وعلى أى حال يجب تخصيصه بما إذا لم يكن للبدنة بدل منصوص كما في النعامة. (المدارك)

(٣) السند صحيح ورواه الشيخ في الموثق والكلينى في الضعيف.

(٤) يشتمل على أحكام كثيرة: الاول في قتل النعامة بدنة وهذا قول علمائنا أجمع و وافقنا عليه أكثر العامة.

الثانى أن مع العجز عن البدنة يتصدق على ستين مسكينا وبه قال ابن بابويه وابن أبى عقيل.

الثالث: أنه يكفى مطلق الاطعام.

الرابع: أنه مع العجز

عن الاطعام يصوم ثمانية عشر يوما.

الخامس: أن حمار الوحش حكمه حكم النعامة والمشهور أن حكمه حكم البقرة. =

٣٦٥

٢٧٢٦ - وروى ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " رجل رمى صيدا وهو محرم فكسر يده أو رجله فذهب على وجهه فلا يدري ما صنع، قال: فداؤه، قلت: فإن رآه بعد ذلك قد رعى ومشى، قال: عليه ربع قيمته ".

٢٧٢٧ - وروى البزنطي عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سألته عن محرم أصاب أرنبا أو ثعلبا، قال: في الارنب دم شاة(١) ".

٢٧٢٨ - وفى رواية ابن مسكان، عن الحلبي قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الارنب يصيبه المحرم، فقال: شاة هديا بالغ الكعبة ".

٢٧٢٩ - وفي رواية البزنطي، عن علي بن أبي حمزة(٢) عن أبي بصير فقال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن محرم قتل ثعلبا، قال: عليه دم، فقلت: فأرنب؟ فقال: مثل ما في الثعلب(٣) ".

___________________________________

= السادس: أن في بقرة الوحش بقرة أهلية وبه قطع الاصحاب.

السابع: أنه مع العجز يطعم ثلاثين مسكينا والمشهور أنه يفض ثمنها على البر.

الثامن: أنه مع العجز يصوم تسعة أيام والمشهور أنه يصوم من كل مدين يوما.

التاسع: في قتل الظبى شاة ولا خلاف فيه بين الاصحاب.

العاشر: أنه مع العجز يطعم عشرة مساكين والمشهور أنه يفض ثمنها على البر لكل مسكين مدان، وقيل: مد كما هو ظاهر الخبر، ولا يلزم ما زاد عن عشرة.

الحادى عشر: أنه مع العجز يصوم ثلاثة أيام وهو مختار الاكثر وذهب المحقق وجماعة إلى أنه مع العجز يصون عن كل مدين يوما فان عجز صام ثلاثة أيام، ويمكن حمله في جميع المراتب على الاستحباب جمعا بين الاخبار.

الثانى عشر: أن الابدال الثلاثة في الاقسام الثلاثة على الترتيب ويظهر من قول الشيخ في الخلاف وابن الدريس التخيير لظاهر الاية، والترتيب أظهر وان أمكن حمل الترتيب على الاستحباب. (المرآة)

(١) لا خلاف في لزوم الشاة في قتل الارنب والثعلب. (المدارك)

(٢) هو البطائنى الضعيف قائد أبى بصير المكفوف.

(٣) لو لم يكن وجوب الشاة في الثعلب اجماعيا لامكن المناقشة لضعف المستند كما ذكره السيد المحقق محمد بن على بن الحسين الجبعى صاحب المدارك رحمه الله.

٣٦٦

٢٧٣٠ - وروى محمد بن الفضيل قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم وهو محرم، فقال: إن قتلها وهو محرم في الحرم فعليه شاة وقيمة الحمامة درهم، وإن قتلها في الحرم وهو غير محرم فعليه قيمتها وهو درهم يتصدق به أو يشتري به طعاما لحمام الحرم، وإن قتلها وهو محرم في غير الحرم فعليه دم شاة(١) .

فإن قتل فرخا وهو محرم في غير الحرم فعليه حمل قد فطم، وليس عليه قيمته لانه ليس في الحرم(٢) .

ويذبح الفداء إن شاء في منزله بمكة وإن شاء بالحزورة(٣) بين الصفا والمروة قريبا من موضع النخاسين وهو معروف(٤) .

___________________________________

(١) رواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٤٦ إلى هنا باختلاف وتغيير.

(٢) من قوله " فان قتل فرخا " إلى هنا يمكن أن يكون تتمة للحديث السابق أعنى خبر أبى الحسن عليه السلام ويمكن أن يكون قول المصنف أخذه من حديث أبى جعفر الجواد مع يحيى بن أكثم بلفظه كما رواه على بن ابراهيم في تفسيره ص ١٧٠ عن محمد بن الحسن عن محمد بن عون النصيبى عنه عليه السلام، ورواه ابن شعبة الحرانى في تحف العقول مرسلا، وفى الصحاح الفرخ ولد الطائر والنثى فرخة وجمع القلة أفرخ وأفراخ والكثير فراخ بالكسر.

و في المصباح: الحمل بفتحتين: ولد الضائنة في السنة الاولى والجمع حملان.

(٣) قال في المراصد: الحزورة بالفتح ثم السكون وفتح الواو وراء وهاء كانت سوق مكة ودخلت في المسجد لما زيد، وباب الحزورة معروف من أبواب المسجد الحرام والعامة تقول: عرورة بالعين.

(٤) روى الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٣٨٤ في الصحيح عن ابن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام " من وجب عليه فداء صيد أصابه وهو محرم فان كان حاجا نحر هديه الذى يجب عليه بمنى وان كان معتمرا نحر بمكة قبالة الكعبة وفى الضعيف عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام أنه قال " في المحرم إذا أصاب صيدا فوجب عليه الفداء فعليه أن ينحره ان كان في الحج بمنى حيث ينحر الناس فان كان في عمرة نحره بمكة وان شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه فانه يجزى عنه " ورواه الشيخ رحمه الله وقال بعد ايراده قوله " وان شاء تركه إلى أن يقدم فيشتريه " رخصة لتأخير شراء الفداء إلى مكة ومنى لان من وجب عليه كفارة الصيد فان الافضل أن يفديه من حيث أصابه.

وقال في المدارك: هذه الروايات كما ترى مختصة بفداء الصيد أما غيره فلم أقف على نص يقتضى تعيين ذبحه في هذين الموضعين انتهى. =

٣٦٧

فإن قتله وهو محرم في الحرم فعليه حمل وقيمة الفرخ نصف درهم، وفي البيضة ربع درهم(١) .

وفي القطاة حمل قد فطم من اللبن ورعي من الشجر(٢) .

وإذا أصاب المحرم بيض نعام ذبح عن كل بيضة شاة بقدر عدد البيض، فإن لم يجد شاة فعليه صيام ثلاثة أيام، فان لم يقدر فإطعام عشرة مساكين(٣) .

___________________________________

= وروى الكلينى ج ٤ ص ٣٨٤ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: " يفدى المحرم فداء الصيد من حيث أصابه " والظاهر أن المراد به شراؤه وسوقه إلى مكة كما يشعر به ظاهر الاية حيث يقول الله تعالى " هديا بالغ الكعبة "، ويؤيده مرسلة أحمد بن محمد البزنطى في الكافى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " من وجب عليه هدى في احرامه فله أن ينحره حيث شاء الافداء الصيد فان الله عزوجل يقول: " هديا بالغ الكعبة " وروى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٥٤ في الموثق كالصحيح عن اسحاق بن عمار " أن عباد البصرى جاء إلى أبى عبدالله عليه السلام وقد دخل (يعنى الامام عليه السلام) مكة بعمرة مبتولة وأهدى هديا، فأمر به فنحر في منزله بمكة، فقال له عباد: نحرت في منزلك و تركت أن تنحره بفناء الكعبة وأنت رجل يؤخذ منك؟ فقال له: ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله نحر هديه بمنى في المنحر وأمر الناس فنحروا في منازلهم، وكان ذلك موسعا عليهم، فكذلك هو موسع على من ينحر الهدى بمكة في منزله إذا كان معتمرا " ويدل على أن الامر بفناء الكعبة للاستحباب وفعله عليه السلام لبيان الجواز.

(١) في حديث أبى جعفر الجواد عليه السلام " في الفرخ نصف درهم وفى البيضة ربع درهم ".

(٢) روى الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " وجدنا في كتاب على عليه السلام في القطاة إذا أصابها المحرم حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجرة " (التهذيب ج ١ ص ٥٤٥) وروى نحوه الكلينى بسند فيه ضعف.

(٣) روى الكلينى ج ٤ ص ٣٨٧ عن البزنطى بسند ضعيف عن على بن أبى حمزة عن أبى الحسن عليه السلام قال: " سألته عن رجل أصاب بيض نعامة وهو محرم، قال: يرسل الفحل في الابل على عدد البيض، قلت: فان البيض يفسد كله ويصلح كله قال: ما ينتج من الهدى فهو هدى بالغ الكعبة وان لم ينتج فليس عليه شئ فمن لم يجد ابلا فعليه لكل بيضة شاة، فان لم يجد فالصدقة على عشرة مساكين لكل مسكين مد، فان لم يقدر فصيام ثلاثة أيام ".

وقال العلامة المجلسى: لا خلاف فيه بين الاصحاب غير أنه محمول على ما إذا لم يتحرك الفرخ، فان تحرك فعليه بكارة من الابل وهو أيضا اجماعى انتهى.

وروى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٤٩ بسند فيه ضعف عن ابن مسكان عن أبى بصير عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " في بيضة النعام شاة، فان لم يجد فصيام ثلاثة أيام فمن لم يستطع فكفارته اطعام عشرةمساكين إذا أصابه وهو محرم " وترتيب ما في المتن كترتيب هذا الخبر.

٣٦٨

وإذا وطئ بيض نعام ففدغها وهو محرم وفيها أفراخ تتحرك فعليه أن يرسل فحولة من البدن على الاناث بقدر عدد البيض فما لقح وسلم حتى ينتج فهو هدي لبيت الله الحرام، فإن لم ينتج شيئا فليس عليه شئ(١) .

وإن وطئ بيض قطاة فشدخه فعليه أن يرسل فحولة من الغنم على عددها من الاناث بقدر عدد البيض فما سلم فهو هدي لبيت الله الحرام(٢) .

٢٧٣١ - وقال الصادق عليه السلام: " ما وطئت أو وطئه بعيرك وأنت محرم فعليك فداؤه(٣) ".

وإذا قتل المحرم الصيد فعليه جزاؤه ويتصدق بالصيد على مسكين، فإن عاد

___________________________________

(١) في الكافى ج ٤ ص ٣٨٩ في الصحيح عن أبى الصباح الكنانى عن أبى عبدالله عليه السلام في حديث قال " في رجل وطئ بيض نعامة ففدغها وهو محرم فقال: قضى على عليه السلام أن يرسل الفحل على مثل عدد البيض من الابل فما لقح وسلم حتى ينتج كان النتاج هديا بالغ الكعبة ".

والفدغ كالشدخ: الكسر.

(٢) في الكافى ج ٤ ص ٣٨٩ في الصحيح عن سليمان بن خالد قال: " سألته عن محرم مطئ بيض قطاة فشدخه، قال: يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض من النعام في الابل ".

وروى الشيخ في التهذيب ج ١ ٥٤٩٢ في الصحيح عن سليمان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " في كتاب على عليه السلام: في بيض القطاة كفارة مثل ما في بيض النعام " وأعلم أن الفيض رحمه الله جعل كل هذه الاحكام أعنى من قوله " فان قتل فرخا وهو محرم في غير الحرم " إلى هنا جزء الخبر الذى رواه محمد بن الفضيل عن أبى الحسن عليه السلام.

(٣) مروى في الكافى ج ٤ ص ٣٨٣ بسند حسن كالصحيح، وقال الكلينى بعده: اعلم أنه ليس عليك فداء شئ أتيته وأنت جاهل به وأنت محرم في حجك ولا في عمرتك الا الصيد فان

٣٦٩

فقتل صيدا آخر متعمدا فليس عليه جزاؤه وهو ممن ينتقم الله منه والنقمة في الآخرة وهو قول الله عزوجل: " عفى الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه "، فإذا أصاب الصيد ثم عاد خطأ فعليه كلما عاد كفارة(١) .

وكلما أتاه المحرم بجهالة فليس عليه شئ إلا الصيد فإن عليه فداؤه، فان تعمد كان عليه فداؤه وأثمه(٢) .

ولا بأس أن يصيد المحرم السمك ويأكل طريه ومالحه ويتزوده، فإن قتل

___________________________________

(١) روى الكلينى في الحسن كالصحيح عن الحلبى عن أى عبدالله عليه السلام " في محرم أصاب صيدا، قال: عليه الكفارة، قلت: فان أصاب آخر، قال: إذا أصاب آخر فليس عليه كفارة وهو ممن قال الله عزوجل: " ومن عاد فينتقم الله منه ".

أقول: اتفق الاصحاب في تكرر الكفارة بتكرر الصيد على المحرم إذا كان وقع منه خطأ أو نسيانا، لكن اختلفوا في تكررها مع العمد والقصد، واستدل القائلون بعدم تكرر في العامد بهذه الرواية والاية اذ تدلان على أن ما وقع ابتداء هو حكم المبتدى ولا يشمل العائد فلا يجرى ما ذكر فيه من الجزاء في العائد، وأجاب الآخرون بأن تخصيص العائد بالانتقام لا ينافى ثبوت الكفارة فيه أيضا مع أنه يمكن أن يشمل الانتقام الكفارة أيضا.

وقد روى الكلينى في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام " في المحرم يصيد الطير قال: عليه الكفارة في كل ما أصاب " ويدل على وجوب الكفارة في كل طير وعلى تكرر الكفارة في تكرر الصيد مطلقا.

وقال ابن أبى عمير عن بعض أصحابه " إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه أبدا في كل ما أصاب الكفارة وإذا أصابه متعمدا فان عليه الكفارة، فان عاد فأصاب ثانيا متعمدا فليس عليه الكفارة وهو ممن قال الله عزوجل: ومن عاد فينتقم الله منه ".

وروى الشيخ في التهذيب ج ١ ٥٥٣٢ بسندين صحيحين عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام قال " في المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه ويتصدق بالصيد على مسكين فان عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاؤه وينتقم الله منه والنقمة في الاخرة " ويدل هذا الخبر زائدا على ما مر على أن صيد المحرم لا يصير ميتة بل هو حرام على المحرم.

(٢) تقدم الاخبار فيه.

٣٧٠

جرادة فعليه تمرة، وتمرة خير من جرادة(١) فان كان كثيرا فعليه دم شاة(٢) .

٢٧٣٢ - ومر أبوجعفر عليه السلام على الناس وهم يأكلون جرادا فقال " سبحان الله وأنتم محرمون؟ قالوا: إنما هو من البحر، قال: فارمسوه في الماء إذن(٣) ".

والجراد لا يأكله المحرم(٤) .

ولا يأكله الحلال في الحرم(٥) .

___________________________________

(١) إلى هنا كلام المؤلف أخذه من حديث حريز الذى رواه الكلينى في الحسن كالصحيح عن حماد عن حريز عمن أخبره عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا بأس بأن يصيد المحرم السمك ويأكل مالحه وطريه ويتزوده الخ " وفى آخر بهذا السند أيضا عنه عليه السلام " في محرم قتل جرادة قال: يطعم تمرة والتمرة خير من جرادة " وقوله عليه السلام " والتمرة خير من جرادة " مثل للعرب استعمله عليه السلام هنا.

(٢) روى الكلينى أيضا ج ٤ ص ٣٩٣ عن البزنطى بسند فيه ضعف عن العلاء عن محمد ابن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: " سألته من محرم قتل جرادة قال: كف من طعام وان كان كثيرا فعليه دم شاة " ورواه الشيخ ج ١ ص ٥٥١ من التهذيب بسند صحيح.

(٣) كذا وروى الكلينى ج ٤ ص ٣٩٣ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال: مر على صلوات الله عليه على قوم يأكلون جرادا فقال: سبحان الله وأنتم محرمون؟ فقالوا: انما هو من صيد البحر، فقال لهم: ارمسوه في الماء اذن ".

وروى الشيخ رحمه الله في التهذيب ج ١ ص ١٥١ من كتاب الحسين بن سعيد في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام " أنه مر على ناس وساق مثل ما في المتن " وقال المولى المجلسى رحمه الله: الظاهر أنه كان قبل ذلك الخبر خبر عن أمير المؤمنين عليه السلام ولما ذكر بعده هذا الخبر أضمر فتوهم المصنف أن المار أبوجعفر عليه السلام ويمكن أن يكون وقع منه عليه السلام أيضا لكن الظاهر الاول.

وقوله " فارمسوه في الماء " أى إذا ادخلتموه في الماء يموت فكيف يكون من البحر والبحرى ما يكون عيشه في الماء.

وتؤيد الحرمة أخبار كثيرة وتوهم العامة أنه من صيد البحر لانه يحصل من ذرق السمك أو من الحيتان التى تنبذه الماء على الشط وتتعفن ويخلق منها الجراد وعلى تقدير الصحة لا يصير من البحر لان صيد البحر ما يبيض ويفرخ فيه.

(٤) يدل عليه سوى ما مر ما في التهذيب ج ١ ص ٥٥١ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " ليس للمحرم أن يأكل جرادا ولا يقتله الخ ".

(٥) لانه ثبت بالاخبار أنه صيد وثبت أيضا ان كل صيد دخل الحرم لا يجوز قتله لقوله تعالى " ومن دخله كان آمنا " والظاهر أنه خبر (م ت) أقول: روى الكلينى ج ٤ ص ٣٨١ في الصحيح عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا تستحلن شيئا من الصيد وأنت حرام ولا أنت حلال في الحرم الخ ".

٣٧١

فإن قتل عظاية فعليه أن يتصدق بكف من طعام(١) .

وإن قتل زنبورا خطأ فلا شئ عليه، وإن كان عمدا فعليه أن يتصدق بكف من طعام(٢) .

وإن أصاب المحرم صيدا خارجا من الحرم فذبحه ثم أدخله الحرم مذبوحا وأهدى إلى رجل محل فلا بأس يأكله إنما الفداء على الذي أصابه(٣) .

٢٧٣٣ - وسئل الصادق عليه السلام " عن المحرم يصيب الصيد فيفديه يطعمه أو يطرحه، قال: إذا يكون عليه فداء آخر، قيل: فأي شئ يصنع به؟ قال:

___________________________________

(١) العظاية نوع من الوزغ أكبر منه تمشى مشيا سريعا.

روى الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٤٥ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام: محرم قتل عظاية؟ قال: كف من طعام ":

(٢) روى الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٣٦٤ في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن محرم قتل زنبورا قال: ان كان خطأ فليس عليه شئ قلت: لا بل متعمدا؟ قال.

يطعم شيئا من طعام، قلت: انه أرادنى، قال: كل شئ أرادك فاقتله " ونحوه في التهذيب ج ١ ص ٥٥١.

(٣) تقدم ما فيه دلالة ما على ذلك تحت رقم ٢٣٧٦، وذهب اكثر الاصحاب إلى أن ما قتله المحرم يحرم على المحل والمحرم، بل قال في المنتهى على المحكى أنه قول علمائنا أجمع واستدل عليه برواية وهب واسحاق، والظاهر من كلام المصنف أن مذبوح المحرم في غير الحرم لا يحرم على المحل مطلقا، ويؤيده ما روى الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٣٨٢ في الصحيح عن منصور بن حازم قال: " قلت لابى عبدالله عليه السلام: رجل أصاب من صيد أصابه محرم وهو حلال، قال: فليأكل منه الحلال وليس عليه شئ انما الفداء على المحرم " وما رواه في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم وهو محرم فانه ينبغى أن يدفنه ولا يأكله أحد، وإذا أصابه في الحل فان الحلال يأكله وعليه هو الفداء ".

٣٧٢

يدفنه "(١) .

وكل من وجب عليه فداء شئ أصابه وهو محرم فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى، وإن كان معتمرا نحره بمكة قبالة الكعبة(٢) .

وإذا اضطر المحرم إلى الصيد وميتة فإنه يأكل الصيد ويفدي(٣) ، وإن [كان] أكل الميتة فلا بأس إلا(٤) :

٢٧٣٤ - أن أبا الحسن الثاني عليه السلام قال: " يذبح الصيد ويأكله ويفدي أحب إلي من الميتة "(٥) .

٢٧٣٥ - وروى يوسف الطاطري(٦) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " صيد

___________________________________

(١) تقدم تحت رقم ٢٣٥٦ نحوه ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٥٥٥ في الصحيح و حمل على ما كان في الحرم لرواية معاوية بن عمار التى تقدمت في الهامش آنفا.

(٢) روى الكلينى ج ٤ ص ٣٨٤ في الصحيح عن عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " من وجب عليه فداء صيد أصابه وهو محرم وساق مثل ما في المتن بلفظه " وقد تقدم مثله.

(٣) روى الكلينى ج ٤ ص ٣٨٣ في الصحيح عن أبى عبدالله عليه السلام " في رجل اضطر إلى ميتة وصيد وهو محرم، قال: يأكل الصيد ويفدى " وروى في الحسن كالصحيح عن الحلبى عنه عليه السلام قال: " سألته عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل، قال: يأكل من الصيد، ما يحب أن يأكل من ماله؟ قلت بلى، قال: انما عليه الفداء فليأكل وليفده ".

(٤) قال العلامة المجلسى رحمه الله: لا خلاف بين الاصحاب في أنه لو اضطر المحرم إلى الصيد يأكل ويفدى، واختلف فيما إذا كان عنده صيد وميتة، فذهب جماعة إلى أنه يأكل الصيد ويفدى مطلقا، وأطلق آخرون أكل الميتة، وقيل: يأكل الصيد ان أمكنه الفداء و الا يأكل الميتة.

(٥) روى المؤلف نحوه في العلل ج ٢ ب ١٩٥ عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن.

العمركى، عن على بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام.

(٦) الطريق اليه ضعيف بمحمد بن سنان ورواه الكلينى ج ٤ ص ٣٩١ بسند مجهول.

٣٧٣

أكله قوم محرمون، قال: عليهم شاة شاة، وليس على الذي ذبحه إلا شاة "(١) .

٢٧٣٦ - وروى علي بن رئاب، عن أبان بن تغلب عن أبي عبدالله عليه السلام " في قوم حجاج محرمين أصابوا أفراخ نعام فأكلوا جميعا، قال: عليهم مكان كل فرخ أكلوه بدنة يشتركون فيها جميعا فيشترونها على عدد الفراخ وعلى عدد الرجال "(٢) .

٢٧٣٧ - وروى زرارة: وبكير عن أحدهما عليهما السلام " في محرمين أصابا صيدا فقال عليه السلام: على كل واحد منهما الفداء "(٣) .

٢٧٣٨ - وسأل أبوبصير(٤) أبا عبدالله عليه السلام " عن قوم محرمين اشتروا صيدا فاشتركوا فيه فقالت امرأة لهم: إجعلوا لي منه بدرهم فجعلوا لها، فقال: على كل إنسان منهم شاة "(٥) .

٢٧٣٩ - وقال الله عزوجل: " احل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم و للسيارة " وقال الصادق عليه السلام: " هو مليحه الذي تأكلون، وقال: فصل ما بينهما: كل طير يكون في الآجام يبيض في البر ويفرخ في البر فهو صير البر، وما كان من طير يكون في البر ويبيض في البحر ويفرخ في البحر فهو من صيد البحر(٦) .

___________________________________

(١) يدل على ضمان كل من الشركاء الفداء كاملا وعلى وجوب الفداء بالاكل ويمكن حمله على الاستحباب، واعترض في المدارك بانه انما يدل على وجوب الفداء مع مغايرة الذابح للاكل لا مطلقا.

(٢) الطريق صحيح ورواه الشيخ أيضا في الصحيح وزاد " قلت: فان منهم من لا يقدر على شئ، قال: يقوم بحساب ما يصيبه من البدن ويصوم لكل بدنة ثمانية عشر يوما،.

(٣) الطريق صحيح وعليه فتوى الاصحاب.

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٣٩٢ بسند فيه ضعف عن البزنطى عن البطائنى عن أبى بصير والظاهر أنه يحيى بن القاسم بقرينة رواية البطائنى عنه.

(٥) قال العلامة المجلسى: لعله محمول على أنهم ذبحوه أو حبسوه حتى مات وظاهره أن بمحض الشراء يلزمهم الفداء ولم أر به قائلا.

(٦) لهذا الحديث صدر تقدم ص ٣٧٠ ورواه الكلينى ج ٤ ص ٣٩٢ عن حماد عن حريز عمن أخبره.

ويستفاد منه أن ما كان من طيور يعيش في البر والبحر يعتبر بالبيض فان كان يبض في البر فهو صيد البر وان كان ملازما للماء كالبط ونحوه وان كان مما يبيض في البحر فهو صيد البحر، وقال في المنتهى: لا نعلم فيه خلافا الا من عطاء.

٣٧٤

٢٧٤٠ - و " المحرم لا يدل على الصيد فإن دل عليه فقتل فعليه الفداء "(١) .

باب تقصير المتمتع وحلقه واحلاله ومن نسى التقصير حتى يواقع أو يهل بالحج

٢٧٤١ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصر من شعر رأسك من جوانبه ولحيتك، وخذ من شاربك وقلم أظفارك وابق منها لحجك فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ يحل منه المحرم(٢) فطف بالبيت تطوعا ما شئت "(٣) .

٢٧٤٢ - وروى إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: قلت له: " الرجل يتمتع فينسى أن يقصر حتى يهل بالحج، فقال: عليه دم ".

وفي رواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام " يستغفر الله تعالى ".(٤)

___________________________________

(١) هذا الكلام بلفظه مروى في الكافى ج ٤ ص ٣٨١ في الحسن كالصحيح عن منصور بن حازم عن أبى عبدالله عليه السلام وقال العلامة المجلسى رحمه الله: يشمل باطلاقه ما إذا كان المدلول محلا في الحل كما ذكره الاصحاب.

(٢) زاد هنا في الكافى " وأحرمت منه ".

(٣) يدل على وجوب التقصير وانه يحل له به كل شئ مما حرمه الاحرام، وعلى استحباب الجمع بين أخذ الشعر من الرأس واللحية والشارب وقص الاظفار وعدم المبالغة فيها ليبقى شئ للحج، وعلى مرجوحية الطواف المندوب قبل التقصير (المرآة) أقول: روى الشيخ في التهذيب بسند صحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " لا يطوف المعتمر بالبيت بعد طواف الفريضة حتى يقصر ".

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٤٠ بسند صحيح عنه عن أبى عبدالله عليه السلام " عن رجل متمتع نسى أن يقصر حتى أحرم بالحج قال: يستغفر الله ".

٣٧٥

قال مصنف هذا الكتاب - رحمه الله -: والدم على الاستحباب والاستغفار يجزي عنه، والخبران غير مختلفين(١) .

٢٧٤٣ - وسأل عمران الحلبي أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل طاف بالبيت و بالصفا والمروة وقد تمتع ثم عجل فقبل امرأته قبل أن يقصر من رأسه، قال: عليه دم يهريقه، وإن جامع فعليه جزور أو بقرة "(٢) .

٢٧٤٤ - وسأل عبدالله بن سنان أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل عقص(٣) رأسه وهو متمتع فقدم مكة فقضى نسكه وحل عقاص رأسه وقصر وادهن وأحل، قال:

___________________________________

(١) الظاهر من كلام الشيخ في الاستبصار أنه حمل الخبر الاول على ظاهره والثانى على أنه تمت عمرته ولا شئ عليه من العقاب.

وقال العلامة المجلسى رحمه الله في خبر ابن سنان: لعل الاستغفار للتقصير في مباديه أو للذنوب الاخرى لتدارك ما دخل عليه من النقص بسبب النسيان، ثم ان ظاهر الخبر صحة احرامه وأنه لا يلزمه سوى الاستغفار، ولا خلاف بين الاصحاب على ما ذكر في المنتهى في أنه لا يجوز انشاء احرام آخر قبل أن يفرغ من أفعال ما أحرم له، وأما المتمتع إذا أحرم ناسيا بالحج قبل تقصير العمرة فقد اختلف فيه الاصحاب فذهب ابن ادريس وسلار وأكثر المتأخرين إلى أنه يصح حجه ولا شئ عليه، وقال الشيخ و على بن بابويه: يلزمه بذلك دم، وحكى في المنتهى قولا لبعض أصحابنا ببطلان الاحرام الثانى والبناء على الاول، مع أنه قال في المختلف لو أحل بالتقصير ساهيا وأدخل احرام الحج على العمرة سهوا لم يكن عليه اعادة الاحرام وتمت عمرته اجماعا وصح احرامه ثم نقل الخلاف في وجوب الدم خاصة، والاول أقوى.

(٢) ظاهره التخيير والمشهور أنه يجب عليه بدنة فان عجز فشاة، وهو اختيار ابن ادريس، وقال ابن أبى عقيل: عليه بدنة، وقال سلار: عليه بقرة، والمعتمد الاول، قال في التحرير: ولو جامع امرأته عامدا قبل التقصير وجب عليه جزور ان كان موسرا وان كان متوسطا فبقرة وان كان فقيرا فشاة ولا تبطل عمرته والمرأة ان طاوعته وجب عليها مثل ذلك ولو أكرهها تحمل عنها الكفارة ولو كان جاهلا لم يكن عليه شئ، ولو قبل امرأته قبل التقصير وجب عليه دم شاة (المرآة)

(٣) العقص: جمع الشعر وجعله في وسط الرأس وشده.

٣٧٦

عليه دم شاة ".

٢٧٤٥ - وسأله معاوية بن عمار " عن رجل متمتع وقع على امرأته ولم يقصر، قال: ينحر جزورا وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما، وإن كان جاهلا فلا شئ عليه، قال: وقلت له: متمتع قرض من أظفاره بأسنانه وأخذ من شعره بمشقص، فقال: لا بأس به ليس كل أحد يجد الجلم "(١) .

٢٧٤٦ - وروى أبوبصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن متمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه، قال: عليه دم يهريقه، فإذا كان يوم النحر أمر الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق(٢) ".

٢٧٤٧ - وروى أبوالمغرا(٣) عن أبي بصير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: " رجل أحل من إحرامه ولم تحل امرأته فوقع عليها، قال: عليها بدنة يغرمها زوجها ".

٢٧٤٨ - وقال الصادق عليه السلام: " ينبغي للمتمتع بالعمرة إلى الحج إذا أحل أن لا يلبس قميصا وأن يتشبه بالمحرمين "(٤) .

___________________________________

(١) المشقص كمنبر: نصل عريض، والجلم بالتحريك: الذى يجز به الشعر و الصوف وما يقال له المقراض

(٢) ظاهره أن حلق الرأس وقع نسيانا فيحمل الدم على الاستحباب والاحوط الدم مطلقا أما وجوب التقصير وعدم جواز الحلق فلا ريب فيه للاخبار المتواترة بالامر بالتقصير، والاحوط امرار الموسى على رأسه يوم النحر فان كان عليه شعر فيكفى عن التقصير وان لم يكن فليقصر معه، وظاهر الخبر الاكتفاء بالحلق الذى وقع منه نسيانا لانه مشتمل على التقصير والاحوط أن يقصر معه سيما إذا وقع منه عمدا. (م ت)

(٣) في الطريق عثمان بن عيسى وهو واقفى من المستبدين بمال موسى بن جعفر عليهما السلام.

ورواه الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٤٩٢ بسند صحيح عنه، وأبوالمغرا هو حميد بن المثنى العجلى الصيرفى كان ثقة له أصل كما في الخلاصة.

(٤) رواه الكلينى ج ٤ ص ٤٤١ بسند قوى عنه عليه السلام والمراد بالتشبه بالمحرمين عدم لبس المخيط كما في الدروس أو مطلقا كما قال الشهيد الثانى قدس سره.

٣٧٧

٢٧٤٩ - وروى حفص وجميل وغيرهما عن أبي عبدالله عليه السلام " في يحرم يقصر من بعض ولا يقصر من بعض، قال: يجزيه "(١) .

٢٧٥٠ - وسأله جميل بن دراج " عن متمتع حلق رأسه بمكة، فقال: إن كان جاهلا فليس عليه شئ(٢) فإن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شئ، وان تعمد ذلك بعد الثلاثين التي يوفي فيها الشعر(٣) للحج فإن عليه دما يهريقه "(٤) .

٢٧٥١ - وروي عن حماد بن عثمان قال: قال رجل لابي عبدالله عليه السلام: " جعلت فداك إني لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم اقصر، قال: عليك بدنة قال: فاني لما أردت ذلك منها ولم تكن قصرت امتنعت فلما غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها قال: رحمها الله إنها كانت أفقه منك، عليك بدنة وليس عليها شئ "(٥)

باب المتمتع يخرج من مكة ويرجع

٢٧٥٢ - قال الصادق عليه السلام: إذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض

___________________________________

(١) يدل على عدم وجوب التقصير من كل شعر.

(٢) تحريم الحلق على من اعتمر عمرة التمتع ووجوب الدم بذلك هو المشهور بين الاصحاب ونقل عن الشيخ في الخلاف أنه قال: الحلق مجز والتقصير أفضل وهو ضعيف، وذكر العلامة في المنتهى أن الحلق مجز وان قلنا انه محرم وهو ضعيف. (المرآة)

(٣) قوله " التى يوفر فيها " صفة لقوله " بعد " ظاهرا بتأويل الازمنة أو الاشهر، و يحتمل أن يكون صفة للثلاثين بأن يكون توفير الشعر في شوال مستحبا (المرآة)

(٤) المشهور بين الاصحاب استحباب توفير الشعر من أول ذى القعدة للتمتع فان حلقة يستحب له اهراق دم، وذهب المفيد وبعض الاصحاب إلى وجوبهما واستدل له بهذا الخبر لانه عليه السلام حكم بجواز ذلك في أول أشهر الحج إلى ثلاثين وحكم بلزوم الكفارة بعد الثلاثين كما في المرآة

(٥) يدل كالاسبق على جواز الاكتفاء بالمسمى لاسيما مع الضرورة. (م ت)

٣٧٨

المواضع فليس له ذلك لانه مرتبط بالحج حتى يقضيه إلا أن يعلم أنه لا يفوته الحج، فإذا علم وخرج وعاد في الشهر الذي خرج فيه دخل مكة محلا، وإن دخلها في غير ذلك الشهر دخلها محرما "(١) .

٢٧٥٣ - وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه السلام " هل يدخل الرجل مكة بغير إحرام؟ قال: لا، إلا مريض أو من به بطن "(٢) .

٢٧٥٤ - وروى القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة قال: " سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل يدخل مكة في السنة المرة والمرتين والثلاث كيف يصنع؟ قال: إذا دخل فليدخل ملبيا، وإذا خرج فليخرج محلا ".

___________________________________

(١) قال في الشرايع " لا يجوز للمتمتع الخروج من مكة حتى يأتى بالحج لانه صار مرتبطا به الا على وجه لا يفتقر إلى تجديد عمرة ".

وقال استاذنا في هامش الوافى: المتمتع إذا أراد الخروج من مكة يجب عليه إما أن يحرم بالحج فيخرج ويبقى على احرامه إلى موسم الحج وإما أن يخرج محلا ويرجع محلا قبل أن يمضى شهر من عمرته السابقة وأنكر صاحب الجواهر الوجه الثانى وقال: على كل حال فالمتجه الاقتصار في الخروج على الضرورة وأن لا يخرج منها الا محرما، وأما النصوص الفارقة بين ما إذا رجع قبل مضى الشهر أو بعده فقال ان هذه النصوص غير جامعة لشرايط الحجية ولا شهرة محققة جابرة لها، بل لم نعرف ذلك الا للمحقق والفاضل انتهى.

أقول: استشكل العلامة في القواعد احتساب الشهر من حين الاحرام أو الاحلال وقال المحقق في النافع: ولو خرج بعد احرامه ثم عاد في شهر خروجه أجزأه وان عاد في غيره أحرم ثانيا.

ومقتضى ذلك عدم اعتبار مضى الشهر من حين الاحرام أو الاحلال بل الاكتفاء في سقوط الاحرام بعوده في شهر خروجه إذا وقع بعد احرام متقدم كما في المدارك وظاهر هذا الخبر وما رواه الشيخ في الصحيح عن أبان بن عثمان عن رجل عن أبى عبدالله عليه السلام " في الرجل يخرج في الحاجة من الحرم قال: ان رجع في الشهر الذى خرج فيه دخل بغير احرام وان دخل في غيره دخل باحرام " صريح في اعتبار الدخول في شهر الخروج وما يفهم من بعض الاخبار من اعتبار مضى الشهر فقاصر من حيث السند.

(٢) ادعى الاجماع على عدم جواز دخول مكة بغير احرام الا في موارد الاستثناء فان تم الاجماع على لزوم الاحرام فهو والا فالنصوص قاصرة اما من حيث الدلالة واما من حيث السند راجع جامع المدارك ج ٢ ص ٤٢١ إلى ص ٤٢٤.

٣٧٩

باب احرام الحائض والمستحاضة

٢٧٥٥ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر بالبيداء لاربع بقين من ذي القعدة في حجة الوداع فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله فاغتسلت واحتشت وأحرمت ولبت مع النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه فلما قدموا مكة لم تطهر حتى نفروا من منى وقد شهدت الموقف كلها: عرفات وجمعا ورمت الجمار ولكن لم تطف بالبيت ولم تسع بين الصفا والمروة، فلما نفروا من منى أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله فاغتسلت وطافت بالبيت وبالصفا والمروة(١) وكان جلوسها في أربع بقين من ذي القعدة وعشر من ذي الحجة وثلاثة أيام التشريق ".

٢٧٥٦ - وروي عن درست(٢) عن عجلان أبي صالح قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن متمتعة دخلت مكة فحاضت، فقال: تسعى بين الصفا والمروة، ثم تخرج مع الناس حتى تقضي طوفها بعد ".

٢٧٥٧ - وسأله معاوية بن عمار " عن امرأة طافت بين الصفا والمروة فحاضت بينهما فقال: تتم سعيها(٣) ، وسأله عن امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تسعى، قال: تسعى ".

٢٧٥٨ - وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن المحرمة إذا

___________________________________

(١) ظاهره أنها حجت التمتع وقضت الطواف والسعى مع احتمال الافراد. (م ت)

(٢) الطريق اليه صحيح وهو ابن أبى منصور الواسطى وهو واقفى ولم يوثق صريحا.

و عجلان أبوصالح مشترك والظاهر هو الواسطى الخباز ولم يوثق كما في جامع الرواة وقد عنون الكشى عجلان أبا صالح ونقل عن محمد بن مسعود أنه قال: سمعت على بن الحسن بن على ابن فضال يقول: عجلان أبوصالح ثقة.

(٣) يدل على أنها إذا حاضت بعد الطواف ولو لم تصل سواء كان قبل السعى أو في أثنائه تتم عمرتها ولا ريب فيه.(م ت)

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640