من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

من لا يحضره الفقيه9%

من لا يحضره الفقيه مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 640

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 640 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267657 / تحميل: 8508
الحجم الحجم الحجم
من لا يحضره الفقيه

من لا يحضره الفقيه الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

لم يكن جيش فرعون مانعا من العذاب الإلهي ، ولم تكن سعة مملكتهم وأموالهم وثراؤهم سببا لرفع هذا العذاب ، ففي النهاية أغرقوا في أمواج النيل المتلاطمة إذ أنّهم كانوا يتباهون بالنيل ، فبماذا تفكرون لأنفسكم وأنتم أقل عدّة وعددا من فرعون وأتباعه وأضعف؟! وكيف تغترون بأموالكم وأعدادكم القليلة؟!

«الوبيل» : من (الوبل) ويراد به المطر الشديد والثقيل ، وكذا يطلق على كل ما هو شديد وثقيل بالخصوص في العقوبات ، والآية تشير إلى شدّة العذاب النازل كالمطر.

ثمّ وجه الحديث إلى كفّار عصر بنيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويحذرهم بقوله :( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً ) (١) (٢) .

بلى إنّ عذاب ذلك اليوم من الشدّة والثقيل بحيث يجعل الولدان شيبا ، وهذه كناية عن شدّة ذلك اليوم.

هذا بالنسبة لعذاب الآخرة ، وهناك من يقول : إنّ الإنسان يقع أحيانا في شدائد العذاب في الدنيا بحيث يشيب منها الرأس في لحظة واحدة.

على أي حال فإنّ الآية تشير إلى أنّكم على فرض أنّ العذاب الدنيوي لا ينزل عليكم كما حدث للفراعنة؟ فكيف بكم وعذاب يوم القيامة؟

في الآية الاخرى يبيّن وصفا أدقّ لذلك اليوم المهول فيضيف :( السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً ) .

إنّ الكثير من الآيات الخاصّة بالقيامة وأشراط الساعة تتحدث عن

__________________

(١) يوما مفعول به لتتقون ، و «تتقون» ذلك اليوم يراد به تتقون عذاب ذلك اليوم ، وقيل (يوم) ظرف لـ (تتقون) أو مفعول به لـ (كفرتم) والاثنان بعيدان.

(٢) «شيب» جمع (أشيب) ويراد به المسن ، وهي من أصل مادة شيب ـ على وزن عيب ـ والمشيب يعني تغير لون الشعر إلى البياض.

١٤١

انفجارات عظيمة وزلازل شديدة ومتغيرات سريعة ، والآية أعلاه تشير إلى جانب منها.

فما حيلة الإنسان الضعيف العاجز عند ما يرى تفطر السموات بعظمتها لشدّة ذلك اليوم؟!(١)

وفي النّهاية يشير القرآن إلى جميع التحذيرات والإنذارات السابقة فيقول تعالى :( إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ ) .

إنّكم مخيرون في اختيار السبيل ، فمن شاء اتّخذ إلى ربّه سبيلا ، ولا فضيلة في اتّخاذ الطريق إلى الله بالإجبار والإكراه ، بل الفضيلة أن يختار الإنسان السبيل بنفسه وبمحض إرادته.

والخلاصة أنّ الله تعالى هدى الإنسان إلى النجدين ، وجعلهما واضحين كالشمس المضيئة في وضح النهار ، وترك الإختيار للإنسان نفسه حتى يدخل في طاعته سبحانه بمحض إرادته ، وقد احتملت احتمالات متعددة في سبب الإشارة إلى التذكرة ، فقد قيل أنّها إشارة إلى المواعظ التي وردت في الآيات السابقة ، وقيل هي إشارة إلى السورة بكاملها ، أو إشارة إلى القرآن المجيد.

ولعلها إشارة إلى إقامة الصلاة وقيام الليل كما جاء في الآيات من السورة ، والمخاطب هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والآية تدل على توسعة الخطاب وتعميمه لسائر المسلمين ، ولهذا فإنّ المراد من «السبيل» في الآية هو صلاة الليل ، والتي تعتبر سبيل خاصّ ومهمّة تهدي إلى الله تعالى ، كما ذكرت في الآية (٢٦) من سورة الدهر بعد أن أشير إلى صلاة الليل بقوله تعالى :( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ) .

ويقول بعد فاصلة قصيرة :( إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً )

__________________

(١) «المنفطر» : من الانفطار بمعنى الإنشقاق ، والضمير (به) يعود لليوم ، والمعنى السماء منشقة بسبب ذلك اليوم والسماء جائزة للوجهين أي أنّه تذكر وتؤنث.

١٤٢

وهي بعينها الآية التي نحن بصدد البحث فيها(١) .

وبالطبع هذا التّفسير مناسب ، والأنسب منه أن تكون الآية ذات مفهوم أوسع حيث تستوعب هذه السورة جميع مناهج صنع الإنسان وتربيته كما أشرنا إلى ذلك سابقا.

* * *

ملاحظة

المراحل الأربع للعذاب الإلهي

الآيات السابقة تهدد المكذبين المغرورين بأربعة أنواع من العذاب الأليم : النكال ، الجحيم ، الطعام ذو الغصّة ، والعذاب الأليم ، هذه العقوبات في الحقيقة هي تقع في مقابل أحوالهم في هذه الحياة الدنيا.

فمن جهة كانوا يتمتعون بالحرية المطلقة.

الحياة المرفهة ثانيا.

لما لهم من الأطعمة السائغة من جهة ثالثة.

والجهة الرابعة لما لهم من وسائل الراحة ، وهكذا سوف يجزون بهذه العقوبات لما قابلوا هذه النعم بالظلم وسلب الحقوق والكبر والغرور والغفلة عن الله تعالى.

* * *

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ١٤٧.

١٤٣

الآية

( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠) )

التّفسير

فاقرؤوا ما تيسر من القرآن :

هذه الآية هي من أطول آيات هذه السورة وتشتمل على مسائل كثيرة ، وهي مكملة لمحتوى الآيات السابقة ، وهناك أقوال كثيرة للمفسّرين حول ما إذا كانت

١٤٤

هذه الآية ناسخة لحكم صدر السورة أم لا ، وكذلك في مكّيتها أو مدنيتها ، ويتّضح لنا جواب هذه الأسئلة بعد تفسير الآية.

فيقول تعالى :( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ) (١) .

الآية تشير إلى نفس الحكم الذي أمر به الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صدر السورة من قيام الليل والصلاة فيه ، وما أضيف في هذه الآية هو اشتراك المؤمنين في العبادة مع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (بصيغة حكم استحبابي أو باحتمال حكم وجوبي لأنّ ظروف صدر الإسلام كانت تتجاوب مع بناء ذواتهم والاستعداد للتبليغ والدفاع عنه بالدروس العقائدية المقتبسة من القرآن المجيد ، وكذا بالعمل والأخلاق وقيام الليل ، ولكن يستفاد من بعض الرّوايات أنّ المؤمنين كانوا قد وقعوا في إشكالات ضبط الوقت للمدة المذكورة (الثلث والنصف والثلثين) ولذا كانوا يحتاطون في ذلك ، وكان ذلك يستدعي استيقاظهم طول الليل والقيام حتى تتورم أقدامهم ، ولذا بني هذا الحكم على التخفيف ، فقال :( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) .

«لن تحصوه» : من (الإحصاء) وهو عد الشيء ، أي علم أنّكم لا تستطيعون إحصاء مقدار الليل الذي أمرتم بقيامه والإحاطة بالمقادير الثلاثة.

وقال البعض : إنّ معنى الآية أنّكم لا تتمكنون من المداومة على هذا العمل طيلة أيّام السنة ، ولا يتيسر لعامّة المكلّفين إحصاء ذلك لاختلاف الليالي طولا وقصرا ، مع وجود الوسائل التي توقظ الإنسان.

والمراد بـ( فَتابَ عَلَيْكُمْ ) خفف عليكم التكاليف ، وليس التوبة من الذنب ، ويحتمل أنّه في حال رفع الحكم الوجوبي لا يوجد ذنب من الأساس ، والنتيجة

__________________

(١) يجب الالتفات إلى أنّ (نصفه) و (ثلثه) معطوف على أدنى وليس على (ثلثي الليل) فيكون المعنى أنّه يعلم أنّك تقوم بعض الليالي أدنى من ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه ،. كذا الالتفات إلى أن أدنى تقال لما يقرب من الشيء ، وهنا إشارة إلى الزمن التقريبي.

١٤٥

تكون مثل المغفرة الإلهية.

وأمّا عن معنى الآية :( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) فقد قيل في تفسيرها أقوال ، فقال بعضهم : إنّها تعني صلاة الليل التي تتخللها قراءة الآيات القرآنية ، وقال الآخرون : إنّ المراد منها قراءة القرآن ، وإن لم تكن في أثناء الصلاة ، وفسّرها البعض بخمسين آية ، وقيل مائة آية ، وقيل مائتان ، ولا دليل على ذلك ، بل إنّ مفهوم الآية هو قراءة ما يتمكن عليه الإنسان.

وبديهي أنّ المراد من قراءة القرآن هو تعلم الدروس لبناء الذات وتقوية الإيمان والتقوى.

ثمّ يبيّن دليلا آخرا للتخفيف فيضيف تعالى :( عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ، وهذا تخفيف آخر كما قلنا في الحكم ، ولذا يكرر قوله «فاقرؤوا ما تيسر منه» ، والواضح أنّ المرض والأسفار والجهاد في سبيل الله ذكرت بعنوان ثلاثة أمثلة للأعذار الموجهة ولا تعني الحصر ، والمعنى هو أنّ الله يعلم أنّكم سوف تلاقون ، كثيرا من المحن والمشاكل الحياتية ، وبالتالي تؤدي إلى قطع المنهج الذي أمرتم به ، فلذا خفف عليكم الحكم.

وهنا يطرح هذا السؤال ، وهو : هل أنّ هذا الحكم ناسخ للحكم الذي ورد في صدر السورة ، أم هو حكم استثنائي؟ طاهر الآيات يدل على النسخ ، وفي الحقيقة أنّ الغرض من الحكم الأوّل في صدر السورة هو إقامة المنهج العبادي ، وهذا ما حصل لمدّة معينة ثمّ نسخ بعد ذلك بهذه الآية ، وأصبح أخف من ذي قبل ، لأنّ ظاهر الآية يدل على وجود معذورين ، فلذا حفف الحكم على الجميع ، وليس للمعذورين فحسب ، ولذا لا يمكن أن يكون حكما استثنائيا بل هو حكم ناسخ.

ويرد سؤال آخر ، هو : هل أنّ الحكم المذكور بقراءة ما تيسّر من القرآن واجب أم مستحب؟ إنّه مستحب ، واحتمل البعض الآخر الوجوب ، لأنّ قراءة القرآن تبعث على معرفة دلائل التوحيد ، وإرسال الرسل ، وواجبات الدين ، وعلى

١٤٦

هذا الأساس تكون القراءة واجبة.

ولكن يجب الالتفات إلى أنّ الإنسان لا يلزم بقراءة القرآن ليلا أثناء صلاة الليل ، بل يجب على المكلّف أن يقرأ بمقدار ما يحتاجه للتعليم والتربية لمعرفة اصول وفروع الإسلام وحفظه وإيصاله إلى الأجيال المقبلة ، ولا يختص ذلك بزمان ومكان معينين ، والحقّ هو وجوب القراءة لما في ظاهر الأمر (فاقرؤا كما هو مبيّن في اصول الفقه) إلّا أن يقال بقيام الإجماع على عدم الوجوب ، فيكون حينها مستحبا ، والنتيجة هي وجوب القراءة في صدر الإسلام لوجود الظروف الخاصّة لذلك ، واعطي التخفيف بالنسبة للمقدار والحكم ، وظهر الاستحباب بالنسبة للمقدار الميسّر ، ولكن صلاة الليل بقيت واجبة على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيلة حياته (بقرينة سائر الآيات والرّوايات).

ونقرأ في حديث ورد عن الإمام الباقرعليه‌السلام حيث يقول : «... متى يكون النصف والثلث نسخت هذه الآية( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) واعلموا أنّه لم يأت نبيّ قط إلّا خلا بصلاة الليل ، ولا جاء نبي قط صلاة الليل في أوّل الليل»(١) .

والملاحظ في الآية ذكر ثلاثة نماذج من الأعذار ، أحدها يتعلق بالجسم (المرض) ، والآخر بالمال (السفر) ، والثالث بالدين (الجهاد في سبيل الله) ، ولذا قال البعض : إنّ المستفاد من الآية هو السعي للعيش بمثابة الجهاد في سبيل الله! وقالوا : إنّ هذه الآية مدنيّة بدليل سياقها في وجوب الجهاد ، إلّا أنّ الجهاد لم يكن في مكّة ، ولكن بالالتفات إلى قوله :( سَيَكُونُ ) يمكن أن تكون الآية مخبرة على تشريع الجهاد في المستقبل ، أي بسبب ما لديكم من الأعذار وما سيكون من الأعذار ، لم يكن هذا الحكم دائميا ، وبهذا الصورة يمكن أن تكون الآية مكّية ولا منافاة في ذلك.

ثمّ يشير إلى أربعة أحكام اخرى ، وبهذه الطريقة يكمل البناء الروحي للإنسان فيقول:( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ٤٥١.

١٤٧

تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

هذه الأوامر الأربعة (الصلاة ، الزكاة ، القروض المستحبة ، الاستغفار) مع الأمر بالقراءة والتدبر في القران الذي ورد من قبل تشكّل بمجموعها منهجا للبناء الروحي ، وهذا مهم للغاية بالخصوص لمن كان في عصر صدر الإسلام.

والمراد من «الصلاة» هنا الصلوات الخمس المفروضة ، والمراد من «الزكاة» الزكاة المفروضة ومن إقراض الله تعالى هو إقراض الناس ، وهذه من أعظم العبارات المتصورة في هذا الباب ، فإنّ مالك الملك يستقرض بمن لا يملك لنفسه شيئا ، ليرغبهم بهذه الطريقة للإنفاق والإيثار واكتساب الفضائل منها وليتربى ويتكامل بهذه الطريقة.

وذكر «الاستغفار» في آخر هذه الأوامر يمكن أن يكون إشارة إلى هذا المعنى وإيّاكم والغرور إذا ما أنجزتم هذه الطاعات ، وبأنّ تتصوروا بأنّ لكم حقّا على الله ، بل اعتبروا أنفسكم مقصرين على الدوام واعتذروا لله.

ويرى البعض أنّ التأكيد على هذه الأوامر هو لئلا يتصور المسلّم أنّ التخفيف سار على جميع المناهج والأوامر الدينية كما هو الحال في التخفيف الذي امر به النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه في قيام وقراءة القرآن ، بل إنّ المناهج والأوامر الدينية باقية على متانتها وقوّتها(١) .

وقيل إنّ ذكر الزكاة المفروضة في هذه الآية هو دليل آخر على مدنيّة هذه الآية ، لأنّ حكم الزكاة نزل بالمدينة وليس في مكّة ، ولكن البعض قال : إنّ حكم الزكاة نزل في مكّة من غير تعيين نصاب ومقدار لها ، والذي فرض بالمدينة تعيين الأنصاب والمقادير.

* * *

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ١٥٦.

١٤٨

ملاحظات

١ ـ ضرورة الاستعداد العقائدي والثقافي

لغرض إيجاد ثورة واسعة في جميع الشؤون الحياتية أو إنجاز عمل اجتماعي ذي أهمية لا بدّ من وجود قوّة عزم بشرية قبل كل شيء ، وذلك مع الإعتقاد الراسخ ، والمعرفة الكاملة ، والتوجيه والفكري والثقافي الضروري والتربوي ، والتربية الأخلاقية ، وهذا ما قام به النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكّة في السنوات الاولى للبعثة ، بل في مدّة حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولوجود هذا الأساس المتين للبناء أخذ الإسلام بالنمو السريع والرشد الواسع من جميع الجهات.

وما جاء في هذه السورة هو نموذج حي ومنطقي لهذا المنهج المدروس ، فقد خلّف القيام لثلثي الليل أو ثلثه وقراءة القرآن والتمعن فيه أثرا بالغا في أرواح المؤمنين ، وهيأهم لقبول القول الثقيل والسبح الطويل ، وتطبيق هذه الأوامر التي هي أشدّ وطأ وأقوم قيلا كما يعبّر عنه القرآن ، هي التي أعطتهم هذه الموفقية ، وجهزت هذه المجموعة المؤمنة القليلة ، والمستضعفة والمحرومة بحيث أهلتهم لإدارة مناطق واسعة من العالم ، وإذا ما أردنا نحن المسلمين إعادة هذه العظمة والقدرة القديمة علينا أن نسلك هذا الطريق وهذا المنهج ، ولا يجب علينا إزالة حكومة الصهاينة بالاعتماد على أناس عاجزين وضعفاء لم يحصلوا على ثقافة أخلاقية.

٢ ـ قراءة القرآن والتفكر

يستفاد من الرّوايات الإسلامية أنّ فضائل قراءة القرآن ليس بكثرة القراءة ، بل في حسن القراءة والتدبر والتفكر فيها ، ومن الطريف أنّ هناك رواية

وردت عن الإمام الرضاعليه‌السلام في تفسير ذيل الآية :( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) رواها عن

١٤٩

جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما تيسّر منه لكم فيه خشوع القلب وصفاء السر»(١) ، لم لا يكون كذلك والهدف الأساس للقراءة هو التعليم والتربية.

والرّوايات في هذا المعنى كثيرة.

٣ ـ السعي للعيش كالجهاد في سبيل الله

كما عرفنا من الآية السابقة فإنّ السعي لطلب الرزق جعل مرادفا للجهاد في سبيل الله ، وهذا يشير إلى أنّ الإسلام يعير أهمية بالغه لهذا الأمر ، ولم لا يكون كذلك فلأمّة الفقيرة والجائعة المحتاجة للأجنبي لا يمكن لها أن تحصل على الاستقلال والرفاه ، والمعروف أنّ الجهاد الاقتصادي هو قسم من الجهاد مع الأعداء ، وقد نقل في هذا الصدد قول عن الصحابي المشهور عبد الله بن مسعود : «أيما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه كان عند الله بمنزلة الشهداء» ثمّ قرأ :( وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ ) (٢) .

اللهم! وفقنا للجهاد بكلّ أبعاده.

ربّنا! وفقنا لقيام الليل وقراءة القرآن الكريم وتهذيب أنفسنا بواسطة هذا النور السماوي.

ربّنا! منّ على مجتمعنا الإسلامي بمقام الرفعة والعظمة بالإلهام من هذه السورة العظيمة.

آمين ربّ العالمين

نهاية سورة المزّمل

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٨٢.

(٢) مجمع البيان ، وتفسير أبي الفتوح ، وتفسير القرطبي ، ذيل الآية مورد البحث وقد نقل القرطبي حديثا عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشابه هذه الحديث ، فيستفاد من ذلك أنّ عبد الله بن مسعود قد ذكر الحديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس هو من قوله.

١٥٠
١٥١

سورة

المدّثّر

مكيّة

وعدد آياتها ستّ وخمسون آية

١٥٢

«سورة المدّثّر»

محتوى السورة :

لا شك أنّ هذه السورة هي من السور المكّية ولكن هناك تساؤل عن أنّ هذه السورة هل هي الاولى النازلة على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم نزلت بعد سورة العلق؟

يتّضح من التمعن في محتوى سورة العلق والمدثر أنّ سورة العلق نزلت في بدء الدعوة ، وأنّ سورة المدثر نزلت في زمن قد امر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه بالدعوة العلنية ، وانتهاء فترة الدعوة السرّية ، لذا قال البعض أنّ سورة العلق هي أوّل سورة نزلت في صدر البعثة ، والمدثر هي السورة الاولى التي نزلت بعد الدعوة العلنية ، وهذا الجمع هو الصحيح.

ومهما يكن فإنّ سياق السور المكّية التي تشير إلى الدعوة وإلى المبدأ والمعاد ومقارعة الشرك وتهديد المخالفين وإنذارهم بالعذاب الإلهي واضح الوضوح في هذه السورة.

يدور البحث في هذه السورة حول سبعة محاور وهي :

١ ـ يأمر الله تعالى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإعلان الدعوة العلنية ، ويأمر أن ينذر المشركين ، وتمسك بالصبر والاستقامة في هذا الطريق والاستعداد الكامل لخوض هذا الطريق.

٢ ـ تشير إلى المعاد وأوصاف أهل النّار الذين واجهوا القرآن بالتكذيب والإعراض عنه.

١٥٣

٣ ـ الإشارة إلى بعض خصوصيات النّار مع إنذار الكافرين.

٤ ـ التأكيد على المعاد بالأقسام المكررة.

٥ ـ ارتباط عاقبة الإنسان بعمله ، ونفي كل أنواع التفكر غير المنطقي في هذا الإطار.

٦ ـ الإشارة إلى قسم من خصوصيات أهل النّار وأهل الجنّة وعواقبهما.

٧ ـ كيفية فرار الجهلة والمغرورين من الحقّ.

فضيلة السورة :

ورد في حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من قرأ سورة المدثر اعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بمحمّد وكذب به بمكّة»(١) .

وورد في حديث آخر عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال : «من قرأ في الفريضة سورة المدثر كان حقّا على الله أن يجعله مع مجمّد في درجته ، ولا يدركه في حياة الدنيا شقاء أبدا»(٢)

وبديهي أنّ هذه النتائج العظيمة لا تتحقق بمجرّد قراءة الألفاظ فحسب ، بل لا بدّ من التمعن في معانيها وتطبيقها حرفيا.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٨٣.

(٢) المصدر السابق.

١٥٤

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (٧) فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠) )

التّفسير

قم وانذر النّاس :

لا شك من أنّ المخاطب في هذه الآيات هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن لم يصرح باسمه ، ولكن القرائن تشير إلى ذلك ، فيقول أوّلا :( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ ) فلقد ولى زمن النوم الاستراحة ، وحان زمن النهوض والتبليغ ، وورد التصريح هنا بالإنذار مع أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبشر ونذير ، لأنّ الإنذار له أثره العميق في إيقاظ الأرواح النائمة خصوصا في بداية العمل.

وأورد المفسّرون احتمالات كثيرة عن سبب تدثرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعوته إلى القيام والنهوض.

١ ـ اجتمع المشركون من قريش في موسم الحج وتشاور الرؤساء منهم

١٥٥

كأبي جهل وأبي سفيان والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وغيرهم في ما يجيبون به عن أسئلة القادمين من خارج مكّة وهم يناقشون أمر النّبي الذي قد ظهر بمكّة ، وفكروا في وأن يسمّي كلّ واحد منهم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسم ، ليصدوا الناس عنه ، لكنّهم رأوا في ذلك فساد الأمر لتشتت أقوالهم ، فاتفقوا في أن يسمّوه ساحرا ، لأنّ أحد آثار السحرة الظاهرة هي التفريق بين الحبيب وحبيبه ، وكانت دعوة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أثّرت هذا الأثر بين الناس! فبلغ ذلك النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتأثر واغتم لذلك ، فأمر بالدثار وتدثر ، فأتاه جبرئيل بهذه الآيات ودعاه إلى النهوض ومقابلة الأعداء.

٢ ـ إنّ هذه الآيات هي الآيات الأولى التي نزلت على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما نقله جابر بن عبد الله قال : جاوزت بحراء فلمّا قضيت جواري نوديت يا محمّد ، أنت رسول الله ، فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ، ونظرت خلفي فلم أر شيئا ، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فملئت منه رعبا ، فرجعت إلى خديجة وقلت : «دثروني دثروني ، واسكبوا عليّ الماء البارد» ، فنزل جبرئيل بسورة :( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) .

ولكن بلحاظ أن آيات هذه السورة نظرت للدعوة العلنية ، فمن المؤكّد أنّها نزلت بعد ثلاث سنوات من الدعوة الخفية ، وهذا لا ينسجم والروية المذكورة ، إلّا أن يقال بأنّ بعض الآيات التي في صدر السورة قد نزلت في بدء الدعوة ، والآيات الأخرى مرتبطة بالسنوات التي تلت الدعوة.

٣ ـ إنّ النّبي كان نائما وهو متدثر بثيابه فنزل عليه جبرائيلعليه‌السلام موقظا إيّاه ، ثمّ قرأ عليه الآيات أن قم واترك النوم واستعد لإبلاغ الرسالة.

٤ ـ ليس المراد بالتدثر التدثر بالثياب الظاهرية ، بل تلبسهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوّة والرسالة كما قيل في لباس التقوى.

١٥٦

٥ ـ المراد به اعتزالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وانزواؤه واستعد لإنذار الخلق وهداية العباد(١) والمعني الأوّل هو الأنسب ظاهرا.

ومن الملاحظ أنّ جملة (فانذر) لم يتعين فيها الموضوع الذي ينذر فيه ، وهذا يدل على العمومية ، يعني إنذار الناس من الشرك وعبادة الأصنام والكفر والظلم والفساد ، وحول العذاب الإلهي والحساب المحشر إلخ (ويصطلح على ذلك بأن حذف المتعلق يدل على العموم). ويشمل ضمن ذلك العذاب الدنيوي والعذاب الاخروي والنتائج السيئة لأعمال الإنسان التي سيبتلى بها في المستقبل.

ثم يعطي للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسة أوامر مهمّة بعد الدعوة إلى القيام والإنذار ، تعتبر منهاجا يحتذي به الآخرون ، والأمر الأوّل هو في التوحيد ، فيقول :( وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ) (٢) .

ذلك الربّ الذي هو مالكك مربيك ، وجميع ما عندك فمنه تعالى ، فعليك أن تضع غيره في زاوية النسيان وتشجب على كلّ الآلهة المصطنعة ، وامح كلّ آثار الشرك وعبادة الأصنام.

ذكر كلمة (ربّ) وتقديمها على (كبّر) الذي هو يدل على الحصر ، فليس المراد من جملة «فكبر» هو (الله أكبر) فقط ، مع أنّ هذا القول هو من مصاديق التكبير كما ورد من الرّوايات ، بل المراد منه أنسب ربّك إلى الكبرياء والعظمة اعتقادا وعملا ، قولا فعلا وهو تنزيهه تعالى من كلّ نقص وعيب ، ووصفه

__________________

(١) أورد الفخر الرازي هذه التفاسير الخمسة بالإضافة إلى احتمالات أخرى في تفسيره الكبير ، واقتبس منه البعض الآخر من المفسّرين (تفسير الفخر الرازي ، ج ٣٠ ، ص ١٨٩ ـ ١٩٠).

(٢) الفاء من (فكبر) زائدة للتأكيد بقول البعض ، وقيل لمعنى الشرط ، والمعنى هو : لا تدع التكبير عند كلّ حادثة تقع ، (يتعلق هذا القول بالآيات الاخرى الآتية أيضا).

١٥٧

بأوصاف الجمال ، بل هو أكبر من أن يوصف ، ولذا ورد في الرّوايات عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام في معنى الله أكبر : «الله أكبر من أن يوصف» ، ولذا فإنّ التكبير له مفهوم أوسع من التسبيح الذي هو تنزيهه من كل عيب ونقص.

ثمّ صدر الأمر الثّاني بعد مسألة التوحيد ، ويدور حول الطهارة من الدنس فيضيف :( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) ، التعبير بالثوب قد يكون كناية عن عمل الإنسان ، لأنّ عمل الإنسان بمنزلة لباسه ، وظاهره مبين لباطنه ، وقيل المراد منه القلب والروح ، أي طهر قلبك وروحك من كلّ الأدران ، فإذا وجب تطهير الثوب فصاحبه اولى بالتطهير.

وقيل هو اللباس الظاهر ، لأنّ نظافة اللباس دليل على حسن التربية والثقافة ، خصوصا في عصر الجاهلية حيث كان الاجتناب من النجاسة قليلا وإن ملابسهم وسخة غالبا ، وكان الشائع عندهم تطويل أطراف الملابس (كما هو شائع في هذا العصر أيضا) بحيث كان يسحل على الأرض ، وما ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام في معنى أنّه : «ثيابك فقصر»(١) ، ناظر إلى هذا المعنى.

وقيل المراد بها الأزواج لقوله تعالى :( هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ ) (٢) ، والجمع بين هذه المعاني ممكن ، والحقيقة أنّ الآية تشير إلى أنّ القادة الإلهيين يمكنهم إبلاغ الرسالة عند طهارة جوانبهم من الأدران وسلامة تقواهم ، ولذا يستتبع أمر إبلاغ الرسالة ولقيام بها أمر آخر ، هو النقاء والطهارة.

ويبيّن تعالى الأمر الثّالث بقوله :( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) المفهوم الواسع للرجز كان سببا لأن تذكر في تفسيره أقوال مختلفة ، فقيل : هو الأصنام ، وقيل : المعاصي ، وقيل : الأخلاق الرّذيلة الذميمة ، وقيل : حبّ الدنيا الذي هو رأس كلّ خطيئة ، وقيل هو العذاب الإلهي النازل بسبب الترك والمعصية ، وقيل : كل ما يلهي

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٨٥.

(٢) البقرة ، ١٨٧.

١٥٨

عن ذكر الله.

والأصل أنّ معنى «الرجز» يطلق على الاضطراب والتزلزل(١) ثمّ اطلق على كل أنواع الشرك ، عبادة الأصنام ، والوساوس الشيطانية والأخلاق الذميمة والعذاب الإلهي التي تسبب اضطراب الإنسان ، فسّره البعض بالعذاب(٢) ، وقد اطلق على الشرك والمعصية والأخلاق السيئة وحبّ الدّنيا تجلبه من العذاب.

وما تجدر الإشارة إليه أنّ القرآن الكريم غالبا ما استعمل لفظ «الرجز» بمعنى العذاب(٣) ، ويعتقد البعض أنّ كلمتي الرجز والرجس مرادفان(٤) .

وهذه المعاني الثلاثة ، وإن كانت متفاوتة ، ولكنّها مرتبطة بعضها بالآخر ، وبالتالي فإنّ للآية مفهوما جامعا ، وهو الانحراف والعمل السيء ، وتشمل الأعمال التي لا ترضي اللهعزوجل ، والباعثة على سخر الله في الدنيا والآخرة ، ومن المؤكّد أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد هجر واتقى ذلك حتى قبل البعثة ، وتاريخه الذي يعترف به العدو والصديق شاهد على ذلك ، وقد جاء هذا الأمر هنا ليكون العنوان الأساس في مسير الدعوة إلى الله ، وليكون للناس أسوة حسنة.

ويقول تعالى في الأمر الرّابع :( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) .

هنا التعلق محذوف أيضا ، ويدل على سعة المفهوم كليته ، ويشمل المنّة على الله والخلائق ، أي فلا تمنن على الله بسعيك واجتهادك ، لأنّ الله تعالى هو الذي منّ عليك بهذا المقام المنيع.

ولا تستكثر عبادتك وطاعتك وأعمالك الصالحة ، بل عليك أن تعتبر نفسك مقصرا وقاصرا ، واستعظم ما وفقت إليه من العبادة.

__________________

(١) مفردات الراغب.

(٢) الميزان ، في ظلال القرآن.

(٣) راجع الآيات ، ١٣٤ ـ ١٣٥ من سورة الأعراف ، والآية ٥ من سورة سبأ ، والآية ١١ من سورة الجاثية ، والآية ٥٩ من سورة البقرة ، والآية ١٦٢ من سورة الأعراف ، والآية ٣٤ من سورة العنكبوت.

(٤) وذكر ذلك في تفسير الفخر الرازي بصورة احتمال ، ج ٣٠ ، ص ١٩٣.

١٥٩

وبعبارة أخرى : لا تمنن على الله بقيامك بالإنذار ودعوتك إلى التوحيد وتعظيمك لله وتطهيرك ثيابك وهجرك الرجز ، ولا تستعظم كل ذلك ، بل أعلم أنّه لو قدمت خدمة للناس سواء في الجوانب المعنوية كالإرشاد والهداية ، أم في الجوانب المادية كالإنفاق والعطاء فلا ينبغي أن تقدمها مقابل منّة ، أو توقع عوض أكبر ممّا أعطيت ، لأنّ المنّة تحبط الأعمال الصالحة :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ) (١) .

«لا تمنن» من مادة «المنّة» وتعني في هذه الموارد الحديث عن تبيان أهمية النعم المعطاة للغير ، وهنا يتّضح لنا العلاقة بينه وبين الاستكثار ، لأنّ من يستصغر عمله لا ينتظر المكافأة ، فكيف إذن بالاستكثار ، فإنّ الامتنان يؤدي دائما إلى الاستكثار ، وهذا ممّا يزيل قيمة النعم ، وما جاء من الرّوايات يشير لهذا المعنى : «لا تعط تلتمس أكثر منها»(٢) كما جاء في حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير الآية : «لا تستكثر ما عملت من خير لله»(٣) وهذا فرع من ذلك المفهوم.

ويشير في الآية الأخرى إلى الأمر الأخير في هذا المجال فيقول :( وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) ، ونواجه هنا مفهوما واسعا عن الصبر الذي يشمل كلّ شيء ، أي اصبر في طريق أداء الرسالة ، واصبر على أذى المشركين الجهلاء ، واستقم في طريق عبودية الله وطاعته ، واصبر في جهاد النفس وميدان الحرب مع الأعداء.

ومن المؤكّد أنّ الصبر هو ضمان لإجراء المناهج السابقة ، والمعروف أنّ الصبر هو الثروة الحقيقية لطريق الإبلاغ والهداية ، وهذا ما اعتمده القرآن الكريم

__________________

(١) البقرة ، ٢٦٤.

(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٥٤ ، وتفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٤٠٠.

(٣) المصدر السابق.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

فان فضل من ذلك شئ فهو للورثة إن لم يكن عليه دين، قلت: أرأيت إن كانت الحجة تطوعا ثم مات في الطريق قبل أن يحرم لمن يكون جمله ونفقة وما معه؟ قال: يكون جميع ما معه وما ترك للورثة، إلا أن يكون عليه دين فيقضى عنه أو يكون أوصى بوصية فينفذ ذلك لمن أوصى له ويجعل ذلك من ثلثه ".

باب ما يقضى عن الميت من حجة الاسلام، أوصى أو لم يوص

٧ ٢٩١ - روى هارون بن حمزة الغنوي(١) عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل مات ولم يحج حجة الاسلام(٢) ولم يترك إلا قدر نفقة الحج وله ورثة(٣) ، قال: هم أحق بميراثه إن شاؤوا أكلوا وإن شاؤوا حجوا عنه "(٤) .

٢٩١٨ - وروي عن حارث بياع الانماط(٥) أنه سئل أبوعبدالله عليه السلام " عن رجل أوصى بحجة، فقال: إن كان صرورة فهي من صلب ماله إنما هي دين عليه، وإن كان قد حج فهي من الثلث"(٦) .

___________________________________

(١) الطريق اليه صحيح وهو ثقة عين كما في الخلاصة.

(٢) مع عدم وجوبها عليه واستقرارها.

أو لم تستقر بأن يكون الموت في سنة الاستطاعة قبل الاتيان بالحج. (م ت)

(٣) ولم يترك نفقة العيال ولم يكن مستقرا وله ورثة.

(٤) فالحاصل يحمل على سنة الاستطاعة إذا لم تكن له نفقة العيال أو كانت ولم يصر مستطيعا بأن يكون قد مات قبل أوان الحج بمقدار ما يمكن الاتيان به أو قبل دخول الحرم كما قاله بعض. (م ت)

(٥) الطريق اليه ضعيف بمحمد بن سنان وروى نحوه الشيخ في التهذيب في الصحيح عن معاوية بن عمار قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل مات فأوصى أن يحج عنه، قال: ان كان صرورة فمن جميع المال وان كان تطوعا فمن ثلثه ".

(٦) يدل على أن حجة الاسلام من الاصل كسائر الديون المالية، وغيرها من الثلث ويشمل النذر.

والخبر بكتاب الوصية أنسب من هذا الكتاب.

٤٤١

٢٩١٩ - وروي عن الحارث بن المغيرة(١) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إن ابنتي أوصت بحجة ولم تحج، قال: فحج عنها فإنها لك ولها، قلت: إن امي ماتت ولم تحج، قال: حج عنها فإنها لك ولها "(٢) .

٢٩٢٠ - وروي عن معاوية بن عمار قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن امرأة أوصت بمال في الصدقة والحج والعتق، فقال: ابدأ بالحج فإنه مفروض فإن بقي شئ فاجعل في الصدقة طائفة وفي العتق طائفة "(٣) .

٢٩٢١ - وروي عن بشير النبال(٤) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إن والدتي توفيت ولم تحج، قال: يحج عنها رجل أو امرأة، قال: قلت: أيهم أحب إليك؟ قال: رجل أحب إلي "(٥) .

٢٩٢٢ - وروي عن عاصم بن حميد(٦) ، عن محمد بن مسلم قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه؟ قال: نعم "(٧) .

___________________________________

(١) الطريق اليه صحيح على ما في الخلاصة الا أن فيه أحمد بن أبى عبدالله عن أبيه ومحمد بن ماجيلوية وتوثيقه من تصحيح العلامة نحو هذا الطرق (جامع الرواة).

(٢) أى لك ثوابا ولها أصالة ان كانت واجبة عليها دونه وبالعكس لو كان الامر بالعكس أو كان لهما أصالة كما يفهم من اخبار كثيرة وقد تقدم بعضها، وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " حج الصرورة يجزى عنه وعمن حج عنه ".

وحمل على الاجزاء في الثواب حتى يجب عليه الحج ويحج عن نفسه ". (م ت)

(٣) يدل على تقديم الحج لكونه مفروضا والتعليل يشعر بتقديم الفرائض لو وقعت مع غيرها وربما يقيده بالمالية كما في المعلل. (م ت)

(٤) الطريق اليه ضعيف بمحمد بن سنان.

(٥) يدل على جواز نيابة المرأة وأفضلية الرجل. (م ت)

(٦) الطريق اليه حسن كالصحيح وهو ثقة عين.

(٧) يدل على وجوب قضاء الحج عن الميت وان لم يوص، ويؤيده ما في الكافى ج ٤ ص ٢٧٧ في الصحيح عن رفاعة قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها أيقضى عنه؟ قال: نعم ".

٤٤٢

باب الرجل يوصى بحجة فيجعلها وصيه في نسمة

٢٩٢٣ - روى ابن مسكان(١) قال: حدثني أبوسعيد عن أبي عبدالله عليه السلام " أنه سئل عن رجل أوصى بحجة فجعلها وصية في نسمة، قال: يغرمها وصيه ويجعلها في حجة كما أوصى فإن الله عزوجل يقول: " فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه "(٢) .

باب الحج عن أم الولد إذا ماتت

٢٩٢٤ - روى ابن فضال، عن يونس بن يعقوب قال: " أرسلت إلى أبي - عبدالله عليه السلام أن أم امرأة كانت أم ولد فماتت فأرادت المرأة أن تحج عنها، قال: أوليس قد عتقت بولدها(٣) تحج عنها".

باب الرجل يوصى اليه الرجل أن يحج عنه ثلاثة رجال، فيحل له أن يأخذ لنفسه حجة منها

٢٩٢٥ - كتب عمرو بن سعيد الساباطي(٤) إلى أبي جعفر عليه السلام يسأله " عن رجل أوصى إليه رجل أن يحج عنه ثلاثة رجال فيحل له أن يأخذ لنفسه حجة منها؟ فوقع عليه السلام بخطه وقرأته: حج عنه إن شاء الله تعالى فان لك مثل أجره،

___________________________________

(١) الطريق اليه صحيح والظاهر أن أبا سعيد هو القماط الثقة.

(٢) يدل على ضمان الوصى إذا غير الوصية.

(٣) أى بموت مولاها والامر بالحج عنها اما وجوبا مع الاستقرار أو استحبابا مع عدمه، وقال سلطان العلماء: لعله اشارة إلى عدم بقائها على الرقية فينبغى الحج عنها.

(٤) في الطريق اليه أحمد بن الحسن بن على بن فضال وهو فطحى ثقة.

٤٤٣

ولا ينقض من أجره شئ إن شاء الله تعالى "(١) .

باب من يأخذ حجة فلا تكفيه

٦ ٢٩٢ - روى علي بن مهزيار(٢) عن محمد بن إسماعيل قال: أمرت رجلا أن يسأل أبا الحسن عليه السلام " عن الرجل يأخذ من الرجل حجة فلا تكفيه أله أن يأخذ من رجل آخر حجة اخرى فيتسع بها فتجزي عنهما جمعيا أو يتركهما جميعا إن لم تكفه إحدهما؟ فذكر أنه قال: أحب إلي أن تكون خالصة لواحد فان كانت لا تكفيه فلا يأخذها ".

باب من أوصى في الحج بدون الكفاية

٢٩٢٧ - روى ابن مسكان، عن أبي بصير(٣) عمن سأله قال: قلت له: " رجل أو صى بعشرين دينارا في حجة، فقال يحج بها رجل من حيث يبلغه "(٤) .

٢٩٢٨ - وكتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد عليه السلام: " اعلمك يا مولاي أن مولاك علي بن مهزيار أوصى أن يحج عنه من ضيعة - صير ربعها لك - حجة في كل سنة بعشرين دينارا وإنه منذ انقطع طريق البصرة تضاعفت المؤونة على الناس فليس يكتفون بعشرين دينارا، وكذلك أوصى عدة من مواليك في حجتين(٥) فكتب عليه السلام:

___________________________________

(١) مع أن ظاهر الوصية ارسال الغير أو لانه يشترط التعدد في الموجب والقابل ولعل ذلك مبنى على أن العبارة عامة والتغاير الاعتبارى كاف.

(٢) الطريق اليه صحيح وهو ومحمد بن اسماعيل ثقتان.

(٣) كذا في جميع النسخ وفى الكافى ج ٤ ص ٣٠٨ والتهذيب " عن أبى سعيد " و هو الصواب.

(٤) لعل المراد به موضع يفى به ذلك المال وهو أيضا في الوصية. (المرآة)

(٥) في الكافى ج ٤ ص ٣١٠ " وكذلك أوصى عدة من مواليك في حججهم ".

٤٤٤

يجعل ثلاث حجج حجتين إن شاء الله تعالى "(١) .

٢٩٢٩ - وكتب إليه علي بن محمد الحضيني: " أن ابن عمي أوصى أن يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة فليس يكفي فما تأمرني في ذلك؟ فكتب عليه السلام: تجعل حجتين في حجة إن شاء الله، إن الله عالم بذلك ".

باب الحج من الوديعة

٢٩٣٠ - روى سويد القلاء عن أيوب بن حر، عن بريد العجلي(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن رجل استودعني مالا فهلك وليس لولده شئ ولم يحج حجة الاسلام، قال: حج عنه وما فضل فأعطهم "(٣) .

___________________________________

(١) اعلم أن الاصحاب قد قطعوا بأنه إذا أوصى أن يحج عنه سنين متعددة وعين لكل سنة قدرا معينا اما مفصلا كمائة أو مجملا كغلة بستان فقصر عن أجرة الحج جمع مما زاد على السنة ما يكمل به اجرة المثل لسنة ثم يضم الزائد إلى ما بعده وهكذا، واستدلوا بهذه الرواية والرواية الاتية، ولعلهم حملوا هذه الرواية على أنه عليه السلام علم في تلك الواقعة أنه لا تكمل اجرة المثل الا بضم نصف أجر السنة الثانية بقرينة أن حكم في الحديث الاخر بجعل حجتين حجة لعلمه بأنه في تلك الواقعة لا تكمل الاجرة الا بضم مثل ما عين لكل سنة اليه ويظهر منهما أن اجرة الحج في تلك السنين كانت ثلاثين دينارا فلما كان على بن مهريار أوصى لكل سنة بعشرين فبانضمام نصف اجرة السنة الثانية تم الاجرة ولما كان الاخر أوصى بخمسة عشر أمر بتضعيفها لتمام الاجرة فتأمل (المرآة) أقول: ويظهر من هذا الخبر أن وفاة على بن مهزيار الاهوازى في حياة أبى محمد العسكرى عليه السلام فما رواه المصنف رحمه الله في كمال الدين باب من شاهد القائم عليه السلام من ملاقاته اياه عليه السلام في زمان الغيبة ففيه ما فيه وبسطنا الكلام هناك (راجع كمال الدين ص ٤٦٦ طبع مكتبة الصدوق).

(٢) طريق الرواية صحيح ورواه الكلينى أيضا في الصحيح.

(٣) قال في المدارك ص ٣٣٨: اعتبر المحقق وغيره في جواز الاخراج علم المستودع أن الورثة لا يؤدون والا وجب استيذانهم وهو جيد لان مقدار أجرة الحج وان كان خارجا عن ملك الورثة الا أن الوارث مخير في جهات القضاء وله الحج بنفسه والاستقلال بالتركة و الاستيجار بدون اجرة المثل فيقتصر في منعه من التركة على موضع الوفاق، واعتبر في التذكرة مع ذلك أمن الضرر فلو خاف على نفسه أو ماله لم يجز له ذلك وهو حسن، واعتبر أيضا عدم التمكن من الحاكم واثبات الحق عنده والاوجب استيذانه، وحكى الشهيد في اللمعة قولا باعتبار اذن الحاكم في ذلك مطلقا واستبعده، وذكر الشارح أن وجه البعد اطلاق النص الوارد بذلك وهو غير جيد فان الرواية انما تضمنت أمر الصادق عليه السلام لبريد في الحج عمن له عنده الوديعة وهو اذن وزيادة، ولا ريب أن استيذان الحاكم مع امكانه اولى أما مع التعذر فلا يبعد سقوطه حذرا من تعطيل الحق الذى يعلم من بيده المال ثبوته، ومورد الرواية الوديعة وألحق بها غيرها من الحقوق المالية حتى الغصب والدين ويقوى اعتبار استيذان الحاكم في الدين فانه انما يتعين بقبض المالك أو ما في معناه، ومقتضى الرواية أن المستودع يحج لكن جواز الاستيجار ربما كان اولى خصوصا إذا كان الاجير أنسب لذلك من الودعى.

٤٤٥

باب الرجل يموت وما يدرى ابنه هل حج أو لا

٢٩٣١ - سئل أبوعبدالله عليه السلام(١) " عن رجل مات وله ابن فلم يدر حج أبوه أم لا، قال: يحج عنه، فإن كان أبوه قد حج كتب لابيه نافلة وللابن فريضة، وإن لم يكن حج أبوه كتب لابيه فريضة وللابن نافلة "(٢) .

باب المتمتع عن أبيه

٢٩٣٢ - روى جعفر بن بشير(٣) ، عن العلاء، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٤ ص ٢٧٧ بسند مرفوع عنه عليه السلام.

(٢) قال العلامة المجلسى: لعله محمول على أنه لم يترك سوى ما يحج به وليس للولد مال غيره فلو كان الاب قد حج يكون الابن مستطيعا بهذا المال، ولو لم يكن قد حج كان يلزمه صرف هذا المال في حج أبيه فيجب على الولد أن يحج بهذا المال ويردد النية بين والده ونفسه فان لم يكن أبوه حج كان لابيه مكان الفريضة والا فللابن، فلا ينافى هذا وجوب الحج على الابن مع الاستطاعة بمال آخر لتيقن البراء‌ة.

(٣) الطريق اليه صحيح وهو ثقة والمراد بالعلاء العلاء بن رزين القلاء وهو الذى صحب محمد بن مسلم وتفقه عليه وكان ثقة جليلا.

٤٤٦

عليه السلام قال: " سألته عن رجل يحج عن أبيه أيتمتع(١) ؟ قال: نعم، المتعة له والحج عن أبيه"(٢) .

باب تسويف الحج

٢٩٣٣ - روى محمد بن الفضيل قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عزوجل: " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " فقال: نزلت فيمن سوف الحج(٣) - حجة الاسلام - وعنده ما يحج به، فقال: العام أحج، العام أحج حتى يموت قبل أن يحج ".

٢٩٣٤ - وروي عن معاوية بن عمار قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن رجل لم يحج قط وله مال، فقال: هو ممن قال الله عزوجل: " ونحشره يوم القيمة أعمى " فقلت: سبحان الله أعمى؟ ! فقال: أعماه الله عزوجل عن طريق الخير ".

٢٩٣٥ - وروى صفوان بن يحيى(٤) عن ذريح المحاربي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق منه الحج(٥) أو سلطان يمنعه منه، فليمت يهوديا أو نصرانيا ".(٦)

___________________________________

(١) مع أنه لا فائدة للاب في التمتع لانه لا يمكن له التمتع بالنساء والثياب والطيب الذى هو فائدة حج التمتع. (م ت)

(٢) لعله محمول على أنه كان على أبيه حج الافراد والمطلق فاذا تفضل الابن بالتمتع كان الفضيلة له وأصل الحج للاب. (سلطان)

(٣) التسويف: التأخير، يقال: سوفته أى مطلته، فكأن الانسان في تأخير الحج يماطل نفسه فيما ينفعه. (المرآة)

(٤) طريق المصنف إلى صفوان حسن كالصحيح ورواه الكلينى والشيخ في الصحيح.

وصفوان وذريح ثقتان.

(٥) في بعض النسخ " معه الحج ".

(٦) يعنى كان حشره معهم أو يكون مثلهم في ترك الحج.

٤٤٧

٢٩٣٦ - وروى علي بن أبي حمزة عنه عليه السلام أنه قال: " من قدر على ما يحج به وجعل يدفع ذلك وليس له عنه شغل يعذره الله فيه حتى جاء الموت فقد ضيع شريعة من شرايع الاسلام ".

باب العمرة في أشهر الحج

٢٩٣٧ - روى سماعة بن مهران(١) عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: " من حج معتمرا(٢) في شوال ومن نيته أن يعتمر ويرجع إلى بلاده فلا بأس بذلك، وإن هو أقام إلى الحج فهو متمتع لان أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة، فمن اعتمر فيهن وأقام إلى الحج فهي متعة، ومن رجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحج فهي عمرة، فان اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام إلى الحج فليس بمتمتع وإنما هو مجاورا أفرد العمرة، فان هو أحب أن يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق(٣) ، أو يجاوز عسفان(٤) فيدخل متمتعا بعمرة إلى

___________________________________

(١) الطريق اليه حسن قوى وهو واقفى ثقة.

(٢) أى قصد العمرة، وكونه بمعنى الحج الاصطلاحى بعيد.

قد ذكر سابقا أخبار تدل على وجوب العمرة على الناس مثل الحج كما في قوله تعالى: " وأتموا الحج والعمرة لله ".

ومن تمتع بالعمرة إلى الحج لا يجب عليه عمرة اخرى، ويجب العمرة المفردة على القارن والمفرد مقدما على الحج أو مؤخرا عنه، واستطاعة العمرة مثل استطاعة الحج ومن استطاع العمرة المفردة فقط لا يجب عليه الحج الا أن يستطيع له بعد فيجب عليه الحج متمتعا على قول.

(٣) ذات عرق موضع أول تهامة وآخر عقيق وهو على نحو مرحلتين من مكة.

(٤) وعسفان كعثمان موضع بين مكة والمدينة، بينه وبين مكة مرحلتان.

و قال بعض الشراح: ان لم يكن التجاوز بمعنى الوصول إلى الجحفة يمكن أن يكون الاحرام منه للمحاذاة.

٤٤٨

الحج فإن هو أحب أن يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها "(١) .

٢٩٣٨ - وروى عمر بن يزيد عن أبي عبدالله عليه السلام قال " من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله متى شاء إلا أن يدركه خروج الناس يوم التروية "(٢)

٢٩٣٩ - وفي رواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " العمرة في العشر متعة "(٣) .

___________________________________

(١) قال في المراصد: " الجعرانة " لا خلاف في كسر أوله، وأصحاب الحديث يكسرون عينه ويشددون راء‌ه، وأهل الادب يخطئونهم ويسكنون العين ويخففون الراء، و الصحيح أنهما لغتان جيدتان، قال على بن المدينى: أهل المدينة يثقلون الجعرانة والحديبية وأهل العراق يخففونهما: منزل أوماء بين الطائف ومكة وهى إلى مكة أقرب، نزله النبى عليه السلام وقسم بها غنائم حنين وأحرم منه بالعمرة، وله فيه مسجد وبه بئار متقاربة انتهى وقال سلطان العلماء: لعل المراد أنه أراد افراد الحج عن هذه العمرة التى أراد فعلها فليخرج إلى الجعرانة لاحرام هذه العمرة المفردة فالخروج اليها للعمرة التى أحب افراد الحج عنها لا للحج كما توهم العبارة، فان ميقات حج الافراد اما مكة أو دويرة أهلها ولا دخل للجعرانة فيها هذا على المشهور، وأما على ما في روايتين صحيحتين احديهما عن عبدالرحمن ابن الحجاج عن الصادق عليه السلام والاخرى عن سالم الحناط عنه عليه السلام: ان المجاور إذا أراد الحج فليخرج إلى الجعرانة.

فيمكن حمل هذا أيضا عليهما انتهى، أقول: لعل المراد برواية عبدالرحمن بن الحجاج ما في التهذيب ج ١ ص ٤٥٩ وأما رواية سالم فما عثرت عليها.

(٢) ظاهره أنه يصح له التمتع بتلك العمرة فيشترط وقوعها في أشهر الحج، ولعل المراد بادراكه خروج الناس يوم التروية وقوعه في العشر من ذى الحجة فيكون في معنى ما يجيئ من قوله عليه السلام " وان كان في ذى الحجة فلا يصلح الا الحج " والظاهر أن الاتيان بالحج الذى يفهم من الاستثناء على سبيل الوجوب اما من حيث انه حينئذ يستطيع الحج فيكون داخلا في عموم الاية فيكون ذلك بالنسبة اليه حجة الاسلام ان كان مستطيعا من منزله، ولا ينافى ذلك وجوبه على غير المستطيع مرة أخرى لو استطاع لدليل آخر واما من حيث انه أتى بالعمرة فيكون ذلك حجة الاسلام بالنسبة إلى المستطيع من منزله دون من لا يستطيع منه فلو استطاع بعد ذلك وجب عليه كما هو المشهور. (مراد)

(٣) يدل على تأكد استحباب جعل العمرة في العشر من ذى الحجة تمتعا أو وجوبه إذا قصد بها التمتع سواء كان في العشر أو في أشهر الحج. (م ت)

٤٤٩

٢٩٤٠ - وروى معاوية بن عمار قال: " سئل أبوعبدالله عليه السلام عن رجل أفرد الحج هل له أن يعتمر بعد الحج؟ فقال: نعم إذا أمكن الموسى من رأسه فحسن "(١) .

٢٩٤١ - وروى المفضل بن صالح(٢) عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " العمرة مفروضة مثل الحج، فإذا أدى المتعة فقد أدى العمرة المفروضة ".

٢٩٤٢ - وسأله عبدالله بن سنان " عن المملوك يكون في الظهر يرعى وهو يرضى أن يعتمر ثم يخرج، فقال: إن كان اعتمر في ذي القعدة فحسن، وإن كان في ذي الحجة فلا يصلح إلا الحج "(٣) .

٢٩٤٣ - " واعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث عمر متفرقات كلها في ذي القعدة(٤)

___________________________________

(١) وفى الكافى عن عبدالرحمن بن أبى عبدالله مثله.

ولعله كناية عن الاحلال فينتقل الذهن من تمكينه الموسى من رأسه إلى الحلق ومنه إلى الاحلال (مراد) وقال المولى المجلسى هذا الخبر يدل على عدم الاحتياج إلى الفصل بين العمرة المفردة وحجها بشهر بل يكفى اليومين والثلاثة انتهى، وقال السيد رحمه الله في المدارك: محل العمرة المفردة بعد الفراغ من الحج وذكر جمع من الاصحاب أنه يجب تأخيرها إلى انقضاء أيام التشريق، و نص العلامة وغيره على جواز تأخيرها إلى استقبال المحرم واستشكل جدى رحمه الله هذا الحكم بوجوب ايقاع الحج والعمرة المفردة في عام واحد، قال: الا أن يراد بالعام اثنى عشر شهرا مبدؤها زمان التلبس بالحج، وهو محتمل مع أنه لا دليل على اعتبار هذا الشرط وأوضح ما وقفت عليه صحيحة عبدالرحمن بن أبى عبدالله عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: العمرة بعد الحج؟ قال إذا أمكن الموسى من الرأس ".

(٢) طريق المصنف اليه غير مذكور وهو ضعيف.

(٣) فيه نوع منافاة مع خبر عمر بن يزيد المتقدم تحت رقم ٢٩٣٨ ويمكن الجمع بحمل ذى الحجة وتقييده بادراك يوم التروية والتفصيل في كتاب منتقى الجمان ج ٢ ص ٥٩٧ فلتراجع.

(٤) رواه الكلينى في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام، و ينافى ما تقدم ص ٢٣٨ عن المصنف أن النبى صلى الله عليه وآله اعتمر تسع عمر ولم يحج حجة الوداع الا وقبلها حج.

٤٥٠

عمرة أهل فيها من عسفان وهي عمرة الحديبية، وعمرة القضاء أحرم فيها من الجحفة وعمرة أهل فيها من الجعرانة وهي بعد أن رجع من الطائف من غزوة حنين "(١) .

باب اهلال العمرة المبتولة واحلالها ونسكها

٢٩٤٤ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا دخل المعتمر مكة من غير تمتع وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام وسعى بين الصفا والمروة فليلحق بأهله إن شاء "(٢) .

___________________________________

(١) " أهل " أى رفع صوته بالتلبية، وعسفان كعثمان: موضع على مرحلتين من مكة لقاصد المدينة.

(٢) ظاهره موافق لمذهب الجعفى من عدم وجوب طواف النساء في العمرة المفردة وهو الظاهر من كلام المصنف رحمه الله كما سيأتى خلافا للمشهور بل الاجماع على ما نقل في المنتهى (سلطان) وقال المولى المجلسى قدس سره: " لم يذكر فيه التقصير وطواف النساء لا يدل على عدم الوجوب لانهما للاحلال وليسا من الاركان والنسك مع وجودهما في أخبار أخر والمثبت مقدم إلى آخر ما قال " أقول: روى الكلينى ج ٤ ص ٥٣٨ في الحسن كالصحيح عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابنا عن اسماعيل بن رباح عن أبى الحسن عليه السلام قال: " سألته عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال نعم " ورواه الشيخ في كتابيه.

وفيه عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن اسماعيل، عن ابراهيم ابن عبدالحميد، عن عمر بن يزيد أو غيره عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " المعتمر يطوف ويسعى ويحلق، قال: ولا بد له من بعد الحلق من طواف آخر " ونقله الشيخ في الاستبصار ج ٢ ص ٢٣٢ وقال: أما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى، عن على بن محمد بن عبدالحميد، عن أبى خالد مولى على بن يقطين قال: " سألت أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ فقال: ليس عليه طواف النساء " فلا ينافى ما قدمناه لان هذا الخبر محمول على من دخل معتمرا عمرة مفردة في أشهر الحج، ثم أراد أن يجعلها متعة للحج جاز له ذلك، ولم يلزمه طواف النساء لان طواف النساء انما يلزم المعتمر العمرة المفردة عن الحج، فاذا تمتع بها إلى الحج سقط عنه فرضه.

يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: كتب أبوالقاسم مخلد ابن موسى الرازى إلى الرجل " سأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء، والعمرة التى يتمتع بها إلى الحج؟ فكتب أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء، واما التى يتمتع بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النساء " واما ما رواه محمد بن أحمد، عن محمد بن عبدالحميد، عن سيف، عن يونس عمن رواه قال: " ليس طواف النساء الا على الحاج " فلا ينافى ما ذكرناه لان هذه الرواية موقوفة غير مسندة إلى أحد من الائمة عليهم السلام وإذا لم تكن مسندة لم يجب العمل بها لانه يجوز أن يكون ذلك مذهبا ليونس اختاره على بعض آرائه كما اختار مذاهب كثيرة لا يلزمنا المصير اليها لقيام الدلالة على فسادها.

٤٥١

٢٩٤٥ - وروى عنه عليه السلام أنه قال: " من ساق هديا في عمرة فلينحر قبل أن يحلق رأسه، قال: ومن ساق هديا وهو معتمر نحر هديه عند المنحر وهو بين الصفا والمروة وهي الحزورة "(١) .

٢٩٤٦ - وروى علي بن رئاب، عن مسمع بن عبدالملك عن أبي عبدالله عليه السلام " في الرجل يعتمر عمرة مفردة ثم يطوف بالبيت طواف الفريضة، ثم يغشى امرأته قبل أن يسعى بين الصفا والمروة، قال: قد أفسد عمرته وعليه بدنة ويقيم بمكة حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه(٢) ، ثم يخرج إلى الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله

___________________________________

(١) ما اشتمل عليه من ذبح ما ساقه في العمرة بالحزورة محمول على الاستحباب كما هو المشهور بين الاصحاب.

والحزورة كقسورة موضع بمكة عند باب الحناطين بين الصفا والمروة.

(٢) المنع فيه من الاتيان بالعمرة التى للافساد في الشهر الاول لا ينافى ما يجيئ من تجويز الاتيان بالعمرة بعد مضى عشرة أيام من العمرة الاولى لان ذلك لعل بطريق الاستحباب أو بخصوص صورة الافساد.

٤٥٢

لاهله فيحرم منه ويعتمر ".

٢٩٤٧ - وقد روى علي بن رئاب، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام " أنه يخرج إلى بعض المواقيت فيحرم منه ويعتمر ".

ولا يجب طواف النساء إلا على الحاج(١) والمعتمر عمرة مفردة يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم(٢) .

٢٩٤٨ - وروى صفوان بن يحيى، عن سالم بن الفضيل(٣) قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " دخلنا بعمرة فنقصر أو نحلق؟ فقال: احلق(٤) فإن رسول الله صلى الله عليه وآله ترحم على المحلقين ثلاث مرات وعلى المقصرين مرة ".

فإن أحل رجل من عمرته فقصر من شعره ونسي أظفاره فإنه يجز به ذلك وإن تعمد ذلك أو هو جاهل فليس عليه شئ(٥) .

باب العمرة في شهر رمضان ورجب وغيرهما

٢٩٤٩ - روى معاوية بن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام أنه " سئل أي العمرة

___________________________________

(١) تقدم الكلام فيه آنفا من أنه مذهب المؤلف خلافا للمشهور وظاهر أكثر النصوص ويمكن أن نقول بان الحصر اضافى بالنسبة إلى عمرة التمتع بها إلى الحج كما هو المشهور.

(٢) ستجيئ الاخبار في هذا الحكم عن قريب.

(٣) هكذا في النسخ التى بأيدينا وسالم بن الفضيل مجهول وعد صاحب المدارك هذه الرواية من الصحاح، ولعل في نسخته سالم أبى الفضل وهو الصواب والمراد سالم الحناط وكنيته أبوالفضل ورواية صفوان عنه كثيرة في التهذيب والاستبصار والفقيه.

(٤) لعل المراد العمرة المفردة فان فيها التخيير بين الحلق والتقصير، والحلق فيها أفضل على المشهور بخلاف عمرة التمتع فان التقصير فيها متعين. (سلطان)

(٥) سيجئ أن الواجب فيها الحلق أو التقصير ويكفى في التقصير مسماه، فلو اكتفى بقلم الاظفار أو بتقصير الشعر جاز والجمع أفضل ومع الحلق أكمل. (م ت)

٤٥٣

أفضل: عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان؟ فقال: لا بل عمرة في شهر رجب أفضل ".

٢٩٥٠ - وروى عنه عليه السلام عبدالرحمن بن الحجاج " في رجل أحرم في شهر وأحل في آخر، قال: يكتب له في الذي نوى، وقال(١) : يكتب له في أفضلهما ".

٢٩٥١ - وفي رواية عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا أحرمت وعليك من رجب يوم وليلة فعمرتك رجبية ".

باب مواقيت العمرة من مكة وقطع تلبية المعتمر

٢٠٥٢ - روى عمر يزيد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة والحديبية وما أشبههما، ومن خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة "(٢) .

___________________________________

(١) في الكافى " أو يكتب له في أفضلهما " فان كان هو الصواب بالترديد من الراوى، أو المراد أنه ان لم يكن في أحدهما فضل على الاخر يكتب في الذى نوى والا ففى الافضل.

وقال الفاضل التفرشى: قوله " في الذى نوى " ظاهره أن عمرته يحسب في الفضل من عمرة الشهر الذى نوى وأهل فيه، ولعل مقصود السائل أن يسأل عمن أحرم في رجب وأحل في شعبان وقد علم عليه السلام ذلك من قصده فأجاب بأن عمرته هذه رجبية ثم ذكر لتتميم الافادة أن تلك العمرة وان اختلف احرامها واحلالها بحسب الشهر تحسب من أفضل الشهرين عمرة فلا منافاة بين القولين، ويمكن أن يراد بالقول الاول أنها معدودة من عمرة الشهر الذى أهل فيه وبالقول الثانى أنه يثاب بثواب أفضل الشهرين، وأن يراد بقوله عليه السلام " في الذى نوى " في الشهر الذى هو المقصود بالذات من تلك العمرة.

(٢) قال الشيخ بعد نقله في التهذيب ج ١ ص ٤٧٤: يجوز أن تكون هذه الرواية مخصوصة بمن خرج من مكة للعمرة دون من سواه.

٤٥٤

٢٩٥٣ - وروي أنه " يقطع التلبية إذا نظر إلى المسجد الحرام "(١) .

٢٩٥٤ - وروي أنه " يقطع التلبية إذا دخل أول الحرم "(٢) .

٢٩٥٥ - وفي رواية الفضيل(٣) قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام قلت: دخلت بعمرة فأين أقطع التلبية؟ فقال: بحيال العقبة - عقبة المدنيين -، قلت: أين عقبة المدنيين؟ قال: بحيال القصارين "(٤) .

٢٩٥٦ - وروي عن يونس بن يعقوب(٥) قال: " سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة، فقال: إذا رأيت ذا طوى فاقطع التلبية "(٦) .

٢٩٥٧ - وفي رواية مرازم(٧) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " يقطع صاحب العمرة

___________________________________

(١) روى الكلينى ج ٤ ص ٥٣٧ في الحسن كالصحيح عن معاوية بن عمار عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية حتى ينظر إلى المسجد " والتنعيم موضع بمكة خارج الحرم وهو أدنى الحل اليها على طريق المدينة.

(٢) روى الكلينى ج ٤ ص ٥٣٧ في الموثق عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: " يقطع تلبية المعتمر إذا دخل الحرم ".

(٣) المراد بالفضيل الفضيل بن يسار كما صرح به في التهذيب ج ١ ص ٤٧٣، وفى طريقه على بن الحسين السعد آبادى وهو قوى.

(٤) خص ذلك بمن جاء من المدينة كما قال الشيخ رحمه الله وقال المولى المجلسى: ويمكن القول بالتخيير بينه وبين دخول الحرم وهو مشترك بين الجانبين، ويمكن حمله على عمرة التمتع كما سيجئ أنه موضع قطعها من طريق المدينة وان كان الاظهر المفردة.

(٥) في الطريق اليه الحكم بن مسكين ولم يوثق ورواه الشيخ في الاستبصار والتهذيب عنه بسند حسن، ويونس بن يعقوب كوفى ثقة له كتب.

(٦) ذوطوى موضع بمكة داخل الحرم على نحو فرسخ من مكة ترى منه بيوت مكة، وحمل الشيخ الخبر على من جاء من طريق العراق.

(٧) طريق المصنف اليه حسن بابراهيم بن هاشم وهو كالصحيح وفى الكافى ج ٤ ص ٥٣٧ أيضا في الحسن كالصحيح، ومرازم بن حكيم ثقة.

٤٥٥

المفردة التلبية إذا وضعت الابل أخفافها في الحرم "(١) .

٢٩٥٨ - وروي أنه " يقطع التلبية إذا نظر إلى بيوت مكة "(٢) .

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: هذه الاخبار كلها صحيحة متفقة ليست بمختلفة والمعتمر عمرة مفردة في ذلك بالخيار يحرم من أي ميقات من هذه المواقيت شاء(٣) ، ويقطع التلبية في أي موضع من هذه المواضع شاء، وهو موسع عليه، ولا قوة إلا بالله [العلي العظيم] ".

باب أشهر الحج وأشهر السياحة والاشهر الحرم

٢٩٥٩ - روى زرارة(٤) عن أبي جعفر عليه السلام " في قول الله عزوجل: " الحج

_____________________________

(١) محمول على من أحرم من المواقيت الخمسة لعمرة التمتع أو من دويرة الاهل غير خارج الحرم من التنعيم والحديبية والجعرانة. (م ت)

(٢) روى الكلينى في الحسن كالصحيح ج ٤ ص ٣٩٩ عن الحلبى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " المتمتع إذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية ".

وفى خبر آخر عن سدير قال: قال أبوجعفر وأبوعبدالله عليهما السلام: " إذا رأيت أبيات مكة فاقطع التلبية ".

(٣) حمله على التخيير باعتبار فهم المنافاة في الجميع ولا منافاة بينها على ما ذكرنا ولا تفهم منها الا في بعضها، مع أنه لا معنى للتخيير للمحرم من خارج الحرم كالتنعيم فانه أول الحرم بين القطع ومن دخول الحرم وبين النظر إلى المسجد والى الكعبة لان ظاهر الابتداء والقطع يقتضى الفصل ولا فاصلة هنا وكذا ما ذكره الشيخ رحمه الله من عدم المنافاة بين الجميع أيضا بحمل القطع عند دخول الحرم لمن أحرم من خارجه، والقطع عند النظر إلى المسجد والى الكعبة لمن أحرم من أول الحرم، والقطع عند العقبة لمن جاء من طريق المدينة.

وعند ذى طوى لمن جاء من قبل العراق فانه يبقى المنافاة بين النظر إلى المسجد والى الكعبة وبين القطع عند أول الحرم والقطع عند ذى طوى والعقبة فالاولى الجمع بالتخيير في موضع المنافاة كما ذكرنا والله تعالى يعلم. (م ت)

(٤) كذا في بعض النسخ وفى بعضها " أبان " ولعل المراد ابن تغلب لعدم رواية أبان بن عثمان عن أبى جعفر عليه السلام ولكن الصواب النسخة التى جعلناها في المتن يعنى " زرارة " لما في الكافى ج ٤ ص ٢٨٩ ومعانى الاخبار ص ٢٩٤ طبع مكتبة الصدوق مروى عنه.

٤٥٦

أشهر معلومات "(١) قال: شوال وذو القعدة وذو الحجة، ليس لاحد أن يحرم بالحج فيما سواهن ".

٢٩٦٠ - وفي رواية اخرى " وشهر مفرد لعمرة رجب "(٢) .

٢٩٦١ - وقال عليه السلام: " ما خلق الله عزوجل في الارض بقعة أحب اليه من الكعبة ولا أكرم عليه منها ولها حرم الله عزوجل الاشهر الحرم الاربعة في كتابه يوم خلق السماوات والارض ثلاثة منها متوالية للحج وشهر مفرد للعمرة رجب "(٣) .

٢٩٦٢ - وقال عليه السلام: " في قول الله عزوجل: " فسيحوا في الارض أربعة أشهر " قال: عشرين من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الاول وعشرة أيام من شهر

___________________________________

(١) قال الطبرسى في المجمع: يعنى وقت الحج أشهر معلومات لا يجوز فيها التبديل والتغيير بالتقديم والتأخير كما يفعلهما النساء الذين انزل فيهم " انما النسئ الاية " وأشهر الحج عندنا شوال وذو القعدة وعشر من ذى الحجة على ما روى عن أبى جعفر عليه السلام وبه قال ابن عباس وانما صارت هذه الاشهر أشهر الحج لانه لا يصح الاحرام بالحج الا فيها.

(٢) الظاهر أنه تتمة خبر مثل الخبر المتقدم [أو ما يأتى] ويكون فيه هذه الزيادة فتصير المعنى أن أشهر الحج ثلاثة وشهر مفرد قرره الله تعالى لعمرة رجب، ويمكن أن يكون من كلام المعصوم تتمة لقول الله تعالى (م ت) وقال الفاضل التفرشى: ينبغى أن يقرأ " رجب " بالرفع على أن يكون بيانا لشهر ويجعل تنوين عمرة للتنظيم، ويؤيده ما يجيئ من قوله عليه السلام " وشهر مفرد للعمرة رجب".

(٣) رواه الكلينى في الكافى ج ٤ ص ٢٣٩ في الصحيح عن زرارة عن أبى جعفر عليه السلام في ذيل حديث، وأما الاشهر الحرم فهى الاشهر الذى حدم الله تعالى فيها القتال والجهاد وهى ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، وقد يخطر بالبال اشكال في الكلام حيث قال " ولها حرم الله الاشهر الحرم " يعنى لحرمة الكعبة والحج فان اريد بالاشهر المتوالية شوال وتالياه فليس شوال من الاشهر الذى حرم فيه القتال وعلى تقديره كانت الاربعة متوالية لاثلاثة منها ولم يكن رجب منها، وان اريد ذو القعدة وتالياه فليس للمحرم دخل في الحج فلم يكن تحريم القتال فيه للحج، ويمكن رفع الاشكال بأن يقال: لما كان الحج في ذى الحجة حرم الله قبله شهر للمجيئ وبعده شهر لعود الحاج إلى أوطانهم حتى لا يكون حرب في الطريق ويأمن السبل.

٤٥٧

ربيع الآخر، ولا يحسب في الاربعة الاشهر عشرة أيام من أول ذي الحجة "(١) .

٣ ٢٩٦ - وروي أبوجعفر الاحول عن أبي عبدالله عليه السلام " في رجل فرض الحج في غير أشهر الحج، قال: يجعلها عمرة(٢) ".

باب العمرة في كل شهر وفى أقل ما يكون

٢٩٦٤ - روي إسحاق بن عمار(٣) قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " السنة اثنا عشر شهرا يعتمر لكل شهر عمرة(٤) ".

٢٩٦٥ - وروى علي بن أبي حمزة(٥) عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: " لكل شهر عمرة، قال: فقلت له: أيكون أقل من ذلك؟ قال: لكل عشرة أيام عمرة(٦) ".

___________________________________

(١) لا مناسبة بين الحديث والباب لان الاية نزلت في أمر آخر لا صلة له بأشهر الحج وهو امهال المشركين الناكثين أربعة أشهر من يوم الابلاغ كما في الخبر غير الاشهر الحرم المشهورة.

(٢) الطريق حسن كالصحيح بابراهيم بن هاشم.

وقوله: " فرض الحج " أى أحرم وقيل: أى أراد، وقوله " يجعلها عمرة " أى أحرم بالعمرة دون الحج.

(٣) الطريق اليه صحيح وهو ثقة على المشهور.

(٤) يدل على استحباب العمرة في كل شهر ويشعر بكراهة الاقل.

(٥) الظاهر أنه البطائنى الواقفى وهو ضعيف.

(٦) اختلف الاصحاب في حد الفصل بين العمرتين فقال ابن أبى عقيل: لا يجوز عمرتان في عام واحد، وقال أبوالصلاح وابن حمزة والمحقق في النافع والعلامة في المختلف: أقله شهر، وقال الشيخ في المبسوط: أقل ما بين العمرتين عشرة أيام، وقال السيد المرتضى وابن ادريس وجماعة إلى جواز الاتباع بين العمرتين مطلقا، وأما القول بأنه " لا يجوز عمرتان في عام واحد " فلعله لصحيح الحلبى في التهذيب ج ١ ص ٥٧١ عن الصادق عليه السلام " والعمرة في كل سنة مرة " وقول أبى جعفر عليه السلام في صحيح حريز وزرارة " لا يكون عمرتان في سنة " وقد حملا على خصوص عمرة التمتع للاخبار المستفيضة بجواز الاكثر بل استحبابها.

وأما القول بأن أقل الفصل شهر فلرواية اسحاق بن عمار وما رواه الكلينى ج ٤ ص ٥٣٤ في الحسن عن يونس بن يعقوب قال: " سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ان عليا عليه السلام كان يقول: في كل شهر عمرة " ويمكن المناقشة بعدم صراحتها في المنع من تكرر العمرة في الشهر الواحد اذ من الجائز أن يكون الوجه في تخصيص الشهر تأكد الاستحباب، وأما القول بعدم الحد فلعله من جهة الاطلاق مع أنه يشكل استفادته من الاخبار أو النبوى المشهور " والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما " وهو كما ترى لا يستفاد منه عدم الحد، غير أنه من طرق العامة ورواه أحمد ابن حنبل في مسنده ج ٣ ص ٤٤٧ وج ٢ ص ٢٤٦ و ٤٦٢ من حديث عامر بن ربيعة.

٤٥٨

٢٩٦٦ - وروى أبان، عن أبي الجارود(١) عن أحدهما عليهما السلام قال: " سألته عن العمرة بعد الحج في ذي الحجة، قال: حسن(٢) ".

باب يقول الرجل إذا حج عن غيره أو طاف عنه

٢٩٦٧ - روى ابن مسكان، عن الحلبي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " سألته عن الرجل يقضي عن أخيه أو عن أبيه أو عن رجل من الناس الحج هل ينبغي له أن يتكلم بشئ؟ قال: نعم يقول عند إحرامه بعد ما يحرم: " اللهم ما أصابني في سفري هذا من نصب أو شدة أو بال‌ء أو شعث(٣) فأجر فلانا فيه وأجرني في قضائي عنه(٤) ".

___________________________________

(١) الطريق إلى أبان بن عثمان صحيح وهو الذى روى كثيرا في الكافى والتهذيب والاستبصار عن أبى الجارود زياد بن المنذر الضعيف.

(٢) يدل على جواز العمرة في ذى الحجة بعد الحج وقد تقدمت الاخبار الصحيحة في ذلك.

(٣) الشعث محركة: انتشار الامر، وقد يطلق على ما يعرض للشعر من ترك الترجيل والتدهين.

وفى بعض النسخ " أو شغب " أى جوع.

(٤) المشهور بين الاصحاب أنه انما يجب تعيين المنوب عنه عند الافعال قصدا، وحملوا التكلم به لاسيما الالفاظ المخصوصة على الاستحباب.

٤٥٩

٨ ٢٩٦ - وفي رواية معاوية بن عمار قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: " إذا أردت أن تطوف بالبيت عن أحد من إخوانك فائت الحجر الاسود وقل: بسم الله، اللهم تقبل من فلان(١) ".

٩ ٢٩٦ - وروي عن البزنطي أنه قال: " سأل رجل أبا الحسن الاول عليه السلام عن الرجل يحج عن الرجل يسميه باسمه؟ قال: الله عزوجل لا تخفى عليه خافية(٢) ".

٢٩٧٠ - وروى مثنى بن عبدالسلام(٣) عن أبي عبدالله عليه السلام " في الرجل يحج عن الانسان يذكره في المواطن كلها؟ قال: إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، الله يعلم أنه قد حج عنه ولكن يذكره عند الاضحية إذا هو ذبحها(٤) ".

باب الرجل يحج عن الرجل أو يشركه في حجة أو يطوف عنه

٢٩٧١ - روى معاوية بن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: " إن أبي قد حج ووالدتي قد حجت، وإن أخوي قد حجا، وقد أردت أن ادخلهم في حجتي كأني قد أحببت أن يكونوا معي، فقال: اجعلهم معك فإن الله عزوجل جاعل لهم حجا ولك حجا، ولك أجرا بصلتك إياهم(٥) ".

٢٩٧٢ - وقال عليه السلام: " يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج

___________________________________

(١) أى يسمى المنوب.

(٢) يدل على عدم وجوب التلفظ والاجتزاء بالقصد الذى هو لازم لفعل المختار.

(٣) الطريق اليه قوى بمعاوية بن حكيم، والمثنى لا بأس به.

(٤) يدل على عدم الاستحباب الا عند الذبح، وتحمل الاخبار الاولة على الادعية لا النية. (م ت)

(٥) يدل على عدم استحباب تشريك ذوى القرابة في ثواب الحج والاولى أن يكون بعد الحج لو كان واجبا. (م ت)

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640